رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كنا قد تناولنا الأسبوع الماضى فى مقالنا السابق عن التعليم والذى جاء تحت عنوان " معضلة تطوير التعليم " .. تلك المشكلة التى تؤرقنا جميعا فى بلادنا العربية .. حيث كان لها أبلغ الأثر فى مشكلاتنا فى الوقت الراهن وسوف تؤثر على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة .. وتوصلنا فى نهاية المقال إلى أن التعليم صناعة يجب أن تتناسب مع إحتياجات المجتمع والمستهلك .. كما حددنا مخرجات التعليم والتى تشمل ثلاثة عناوين أساسية هى :
- المعرفة knowledge
- المهارات skills
- التوجهات attitudes
وكنا قد وعدنا القارئ الكريم بتناول الموضوع من هذه الزاوية .. والبداية تكون بأن نجعل تطوير التعليم مشروعنا القومى وموضع إهتمام جميع طوائف المجتمع واضعين الآتى نصب أعيننا :
أولا : أن يتفق جميع أطراف العملية التعليمية على أن التعليم " صناعة " .
ثانيا : فى الصناعة تكون أول وأهم خطوة على الإطلاق هى تحديد مواصفات " المُنتَج " .
ثالثا : يجب بطبيعة الحال أن يتناسب هذا المنتج مع احتياجات المجتمع أو " المستهلك " .
رابعا : تأسيسا على هذا يتم تحديد وسائل تصنيع هذا المُنتَج المحددة مواصفاته بكل دقة .
وفى مجال التربية والتعليم فإن " المُنتَج " هو الطالب .. و" المستهلك " أو " المستفيد " هو المجتمع .
وعند تحديد مواصفات المُنتَج " الطالب " يجب أن تتحدد المخرجات التى يجب أن يكتسبها الطالب فى نهاية كل مرحلة تعليمية ( الإبتدائية .. الإعدادية .. الثانوية .. الجامعية ) .. ولعل هذه هى أصعب وأدق الخطوات لأنها الأساس الذى سيُبنى عليه ما بعدها على نحو ما سيأتى لاحقا فى هذا المقال .
كما ينبغى علينا أن نحدد وبكل دقة ودون أى تساهل الحد الأدنى للمُخرجات التعليمية لطلاب كل مرحلة .
ملحوظة فى غاية الأهمية .. عدم دمج المرحلتين الإبتدائية والإعدادية معا حيث أن بعض الدول تدمجهما تحت مسمى مرحلة التعليم الأساسى .. وهناك من خبراء التربية والتعليم من يفضل تقسيم المرحلة الإبتدائية إلى قسمين ليكون تحديد المُخرجات التى يكتسبها الطالب أكثر دقة .
وبناء على ما سبق نتحول للخطوات التالية والمتمثلة فى :
1- وضع المناهج .. وهنا يجب أن يشترك فى تلك المهمة خبراء تعليم وأساتذة جامعات ومدرسين للمواد المختلفة فى المدارس الحكومية والخاصة مع مندوبين أو ممثلين لطوائف أو شرائح المجتمع المختلفة ( بإعتبار أن المجتمع هنا هو المستهلك ) .
2- وضع أحسن الطرق لتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج .. وفى هذه النقطة يجب التوصية بتحديد الإمكانيات المطلوبة للتطبيق مثل ( معامل علوم ومعامل لغويات ومكتبات وغرف للوسائط المتعددة الأغراض ومسجد وغرف للأنشطة المتنوعة وملاعب رياضية مختلفة .. وخلافه ) .
3- الإهتمام بحصص التربية الدينية وتعليم الطلاب أصول ومبادئ دينهم ( إضافة لما هو موجود فى المناهج والكتب المدرسية ).
4- الحرص على حصص التربية الرياضة والإنخراط فى طابور الصباح بما يمثله ذلك من انضباط ومنافسات شريفة فى الخطابة والشعر والموسيقى .
5- العمل على ترسيخ مبادئ وأصول التربية القومية والإحتفال بالمناسبات الوطنية المختلفة .
6- وضع وتحديد طرق تقييم الطالب مثل أنظمة الإختبارات القصيرة والإمتحانات .. وتحديد عدد الأسابيع والفصول الدراسية .
7- الإتفاق على من سيقوم بتطبيق ( تدريس ) هذه المناهج ومستواه العلمى والتربوى والدورات التدريبية الحاصل عليها أو التى يجب أن يحصل عليها للنجاح فى الطرق المُثلى لمهمته الشديدة الصعوبة .. ونقصد بذلك المعلم ومن يعاونه فى أداء مهمته .. وأستأذن القارئ الكريم أن يكون لذلك مقال خاص .
8- تقييم مخرجات العملية التعليمية بالكامل .. وتلك بدورها يجب أن تخضع للمراجعة المستمرة للعمل على مواكبة تطورات العلوم المختلفة .. وأيضا ما قد يطرأ على المجتمع من إحتياجات .
9- توحيد " الحد الأدنى " لمخرجات التعليم لطلاب المدارس المختلفة من حكومية وخاصة ودولية وخلافه .. وهذا التباين والإختلاف فى أنواع المدارس نشأ وتزايد فى العقود الأخيرة نتيجة للتقدم التكنولوجى الهائل الذى جعل العالم كله قرية صغيرة .
والخلاصة أننا لسنا مع إقامة مبانِ جديدة وحديثة ينقش عليها أسماء العلماء أو الأبطال أو المناسبات الإجتماعية والتاريخية فقط .. برغم الأهمية القصوى لذلك .. ولكننا أيضا يجب أن نهتم بالبشر .. سواء من يتعلم أو من يقوم بالعملية التعليمية أو من يتابع ذلك ويضبط إيقاعه .. مما يعنى أننا نهتم بالبشر أكثر من إهتمامنا بالحجر .. وسيكون هذا هو موضوع مقالنا القادم بحول الله .
بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين
أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل منبراً دولياً لتجديد المواقف وتثبيت المبادئ، وقد كانت فرصة لدولة قطر لتؤكد... اقرأ المزيد
93
| 26 سبتمبر 2025
لم تكن كلمة سموّ الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة، في الأمم المتحدة يوم... اقرأ المزيد
468
| 26 سبتمبر 2025
أجمعت المحافل الدبلوماسية وقادة معظم الدول وعديد المراقبين للشأن الأممي على أن الخطاب الذي ألقاه حضرة صاحب السمو... اقرأ المزيد
192
| 26 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
2403
| 26 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2304
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2301
| 25 سبتمبر 2025