رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد ثلاثة عقود على انعقاد المؤتمر العالمي الأول للتنمية الاجتماعية في «كوبنهاغن « عام 1995، الذي أسّس لإعلان تاريخي تعهّد فيه قادة العالم: «بمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية « تعود دولة قطر اليوم لتُعيد الحياة إلى هذه المبادرة الأممية الإنسانية باستضافتها القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، بعد مضي ثلاثين عامًا على مؤتمر كوبنهاغن، في لحظةٍ تتقاطع فيها الأزمات الاقتصادية مع الصراعات والنزاعات المسلحة، ويُهدَّد فيها الاستقرار والأمن الإنساني على نحو غير مسبوق. لقد شكّل إعلان كوبنهاغن وبرنامج عمل القمة الأولى خريطة طريق للبشرية نحو العدالة الاجتماعية، غير أن العقود الثلاثة الماضية كشفت أن العالم لا يزال بعيدًا عن تحقيق تلك الأهداف النبيلة، ما يؤكد ان الجهود التي بذلت في هذا المجال لم ترق إلى مستوى وخطورة التحديات، ما يقتضي المراجعة واعتماد آليات ومقاربات فعالة تقربنا من الاهداف النبيلة لإنقاذ البشرية وقد أنهكتها الحروب والظلم والفقر وتردي الخدمات. فمن بين أكثر من 8.2 مليار إنسان حجم سكان العالم يعيش نحو 10% منهم في فقر مدقع، كما يفتقر ثلث سكان الأرض إلى سكن ملائم، فيما يُحرم أكثر من 250 مليون طفل وشاب من التعليم، ويُعاني ما يقرب من نصف سكان العالم – نحو 4 مليارات شخص – من حرمانٍ جزئي أو كامل من خدمات صحية متطورة وآمنة وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، سواء بسبب ضعف البنية التحتية أو عجز الأنظمة الصحية في البلدان النامية. كما يظلّ ملايين آخرون عاجزين عن الوصول إلى العدالة !!! والخدمات الأساسية، ما يجعل هذه الأوضاع قنبلة اجتماعية تهدد الأمن والسلم الدوليين. ولا ننسى فان نسبة عالية من هؤلاء البشر المفجوعين بالحرمان والقهر يعيشون بيننا وفي بلداننا …ان اوطاننا العربية والاسلامية تعاني …كما تعاني البشرية في مناطق اخرى من العالم. من هنا، تبرز أهمية انعقاد القمة في الدوحة، إذ لا يمكن مواجهة هذه التحديات الخطيرة إلا عبر ديمومة الحوار الدولي، عبر لقاءات دورية وسنوية منتظمة على مستوى القمة، تتابع الالتزامات وتقوّم الأداء وتفعّل آليات المساءلة، ولا تكتفي بإصدار بيانات ختامية يطويها النسيان مع انتهاء المؤتمر. فغياب آليات التنفيذ والمتابعة الدقيقة هو ما عطّل تنفيذ بيان كوبنهاجن وأفقده أثره العملي وانعكاساته في حياة الناس. وفي هذا السياق، جاء خطاب سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، ليعكس رؤية إنسانية راشدة ومسؤولة، إذ نبّه سموّه إلى خطورة استمرار الأزمات الاجتماعية والإنسانية، محذرًا من كارثة عالمية إذا لم تتضافر الجهود لإرساء تنمية عادلة وشاملة، ومؤكدًا أن السلام الحقيقي لا يتحقق دون العدالة الاجتماعية. كما دان سموّه النزعة المتزايدة للعنف والحروب والنزاعات الدولية التي تستنزف موارد الشعوب وتقوّض التنمية، وأكّد في الوقت نفسه إدانته الصريحة للعدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة والضفة وما خلّفه من مآسٍ إنسانية مروعة، مجددًا حرص دولة قطر على دعم إعادة إعمار غزة وتخفيف معاناة شعبها، وداعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته إزاء ما يجري. كما استنكر سموّه المجازر المروّعة التي ارتكبتها المليشيات في مدينة الفاشر بالسودان، مؤكّدًا أن السكوت عن مثل هذه الجرائم يُقوّض الضمير الإنساني ويهدد أسس العدالة الاجتماعية التي تقوم عليها التنمية المستدامة. إن القمة الثانية في الدوحة لا تُعيد فقط التذكير بمضامين إعلان كوبنهاغن، بل تمنحها روحًا جديدة وواقعية معاصرة، وتؤكد أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالناتج المحلي ولا بمعدلات النمو، بل بمدى احترام الكرامة الإنسانية وقدرة الدول على حماية الإنسان من الفقر والجهل والحرمان. ومن هنا، تستحق دولة قطر كل التقدير على مبادرتها الكريمة بإحياء هذا المسار الأممي النبيل، واهتمامها بالإنسان وإصرارها على ان الإنسان ولا شيء غيره هو جوهر التنمية وغايتها القصوى، ما يقتضي العيش بكرامة، وتحصينه من الحرمان والقهر.
201
| 05 نوفمبر 2025
تتعهد حركة حماس، بموجب اتفاق وقف العدوان على غزة، بتسليم جميع الأسرى — الأحياء منهم (20 أسيرًا) — وقد أوفت بالتزامها بالكامل، كما تعهدت بتسليم 19 جثمانًا من الإسرائيليين الذين قتلهم قصف الكيان المحتل نفسه بمقاتلاته ومدفعيته ومسيراته !! و هي تحقق تقدماً وان كان بطيئاً لأن جهود الإنقاذ المطلوبة شاقة وتستغرق وقتًا، والأسباب موضوعية معروفة: أولًا، لأن الاحتلال دمّر 90% من عمران غزة فوق الأرض وتحتها، مما جعل مواقع الدفن مجهولة أو مطمورة تحت الأنقاض. ثانيًا، لندرة المعدات الثقيلة المطلوبة للحفر والنقل بعد أن حوّل الاحتلال معظم آليات البلديات إلى خردة. وثالثًا، لأن نقص الكوادر والخبرات الفنية بات فادحًا بعد استهداف فرق الإنقاذ والطوارئ والمسعفين والأطباء، في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والقوانين الدولية. رابعاً. ظروف عامة صعبة للغاية لقطاع خرج لتوه من الابادة. ورغم ذلك، تواصل فرق التحري عن الجثامين في بلدية غزة العمل ليلًا ونهارًا بحثًا عن الجثث وتسليمها للصليب الأحمر، وقد أحرزت تقدمًا ملموسًا يومًا بعد يوم. ومع أن هذا الملف يحظى بأولوية على ملف 9,500 مفقود فلسطيني يُعتقد أن غالبيتهم استُشهدوا، فإن هذا الموقف ليس فقط لا يحظى باهتمام الكيان المحتل بل كالعادة لا يتورع عن كيل الاتهامات والتهديد بخرق وقف إطلاق النار بذريعة أن “حماس تخرق الاتفاق”! وتبقى الحقيقة مختلفة تمامًا: تأخر التسليم سببه القهر والدمار والعوز، لا النية أو المراوغة. فهل يعقل أن ترفض الحركة تسليم الجثامين، وهي التي سارعت إلى تسليم الأحياء العشرين فورًا؟ وما المصلحة التي تجنيها من إبقاء الملف مفتوحًا؟ وأين الأدلة على مزاعم نتنياهو بأن الحركة “تعلم بمواقع الجثامين” وتخفيها عمدًا؟ إذا كان مجرم الحرب نتنياهو حريصًا فعلًا على استعادة الجثامين، فلماذا قتلهم أصلاً !! ولماذا رفض صفقة تبادل كاملة بعد ايام من 7 اكتوبر ؟؟ ولماذا لم يدعم الجهود الدولية للمساعدة في جهود البحث الجارية حالياً ؟ ولماذا منع دخول فريق تركي متخصص في الإنقاذ؟ ولماذا يتلاعب بإدخال المساعدات إلى غزة بطريقة انتقائية تحرم البلديات من المعدات اللازمة؟ بل لماذا يُصرّ على البقاء داخل الخط الأصفر خلافًا للاتفاق، مانعًا فرق الإنقاذ من الوصول إلى مناطق واسعة قد تحتوي على جثامين مفقودين؟ الجواب واضح: يريد نتنياهو أن يبقي الملف مفتوحًا لاسباب سياسية داخلية تتيح له الافلات من المحاسبة اولاً، وليبتزّ حماس سياسيًا ثانياً، و هاهو يتخذ من ذريعة “الجثامين” ستارًا لاستئناف الإبادة الجماعية في غزة، هو لم يخرج من العدوان على غزة منتصراً، لم يحقق اغراضه، بل فرض الاتفاق عليه فرضاً، لذا لن يتردد في تمزيقه في اول فرصة. أما عن خرق اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الأرقام لا تكذب: فقد سجّلت المنظمات الحقوقية 35 خرقًا إسرائيليًا حتى الآن، أبرزها: • عدم انسحاب الجيش من الخط الأصفر بعد التزام حماس بالمرحلة الأولى. • إطلاق النار على مدنيين عائدين إلى منازلهم في الشجاعية وقتل سبعة منهم. • مجزرة حي الجعبري في غزة قبل يومين، التي أسفرت عن استشهاد 11 من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال و3 نساء. • فضلًا عن استهدافات متفرقة أسفرت عن عشرات الشهداء بحجج واهية. • واستمرار إغلاق معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية رغم نص الاتفاق على فتح جميع المعابر. ٠ التلاعب بقائمة 250 أسيرا فلسطينيا من ذوي الاحكام الثقيلة، حيث استبعد العديد من المرشحين، إلى جانب حرمان آخرين من المطلق سراحهم الالتحاق بعوائلهم في غزة او الضفة. وغير ذلك من الخروقات كثير … بهذا، يصبح الحديث عن “التزام الاحتلال بوقف إطلاق النار” محض وهم. فنتنياهو، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف الحرب في غزة، يتصرف كما لو أنه في حالة حرب دائمة — لا في غزة فقط بل أيضًا في لبنان. إنها عربدة بلا قيود ولا ضوابط، تُحرج حتى حلفاءه، وتضع الدول الضامنة للاتفاق أمام مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية. وربما لهذا السبب، سارع الرئيس ترامب إلى إيفاد نائبه فانس ومبعوثه للشرق الأوسط في زيارة عاجلة إلى الأراضي المحتلة يوم الاثنين، في محاولة لاحتواء تصرفات نتنياهو التي باتت تهدد مصداقية الإدارة الأمريكية، خصوصًا بعد العدوان الغادر على دولة قطر في التاسع من أيلول الماضي والذي وجدت فيه الادارة الأمريكية تجاوزاً لا يمكن السكوت عليه.
693
| 19 أكتوبر 2025
من النادر أن يُقدِم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، المعروف بعناده وصلفه السياسي، على خطوة تُحسب في خانة التراجع. لكن ما جرى في 29 أيلول الماضي شكّل استثناءً لافتًا. ففي مكالمة مشتركة جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى جانب نتنياهو نفسه، قدّم الأخير اعتذاره الرسمي لدولة قطر عن الغارة الجوية التي استهدفت منزلًا في الدوحة بتاريخ 9 أيلول 2025، وأودت بحياة ستة أشخاص، بينهم عنصر من جهاز أمن الدولة القطري الشهيد بدر الدوسري، وفوق الاعتذار قدّم نتنياهو تأكيدات بأن الخطأ لن يتكرر مستقبلاً. الاعتذار لم يكن مجاملة دبلوماسية باردة، بل جاء ثمرة موقف قطري حازم ادارته الدولة بحصافة وحنكة: تعليق وساطتها بين إسرائيل وحركة حماس بعد استهداف الدوحة، وربط استئناف جهودها بضمانات بعدم انتهاك سيادتها مستقبلًا. بهذا، أثبتت قطر أن الاحترام يُنتزع انتزاعًا حين يُبنى على الموقف والمصلحة الوطنية، لا على المجاملة. ### هل هي المرة الأولى؟ إسرائيل كثيرة التجاوزات والانتهاكات، هي اليوم من الزاوية القانونية دولة مارقة، لانها ما أبقت على قانون او عرف او معاهدة او اتفاقية إلا وخرقتها، بصلف وغطرسة قلّ مثيلها. إلى جانب ذلك قد يظن البعض أنها لا تعتذر أبدًا، وأن الغطرسة جزء ثابت من عقيدتها السياسية والعسكرية. لكن التاريخ يُسجّل لحظات نادرة أخرى اضطرت فيها القيادة الإسرائيلية إلى تقديم اعتذار أو توضيح بعض أفعالها المشينة وخطاياها:- *حادثة سفينة «يو إس إس ليبرتي» (USS Liberty) – حزيران 1967: خلال حرب الأيام الستة، قصفت القوات الجوية والبحرية الإسرائيلية سفينة التجسس الأمريكية «ليبرتي» في المياه الدولية / البحر المتوسط، ما أسفر عن مقتل 34 بحارًا أمريكيًا وإصابة أكثر من 170. إسرائيل ادعت أنه «خطأ في تحديد الهوية»، وسارعت لتقديم اعتذار رسمي لواشنطن، ودفع تعويضات مالية لعائلات الضحايا. - **اعتذار لإحدى الدول الإفريقية (كينيا – 2002): بعد الهجوم على فندق في مومباسا، وإسقاط صواريخ على طائرة إسرائيلية، تحركت وحدات إسرائيلية خاصة على الأرض في كينيا دون تنسيق مسبق كامل مع الحكومة. ورغم أن العملية عُدّت دفاعية، إلا أن إسرائيل قدّمت توضيحات واعتذارات للحكومة الكينية عن خرقها لسيادة كينيا. - **حادثة جوازات السفر في دبي (2010)*: عقب اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، كُشف عن استخدام الموساد جوازات سفر بريطانية وأوروبية مزورة. بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا احتجّت رسميًا بشدة، ما اضطر المسؤولين الإسرائيليين إلى تقديم أسف واعتذارات دبلوماسية لتخفيف الأزمة. ## مغزى الاعتذار لقطر لكن أن يأتي الاعتذار هذه المرة لدولة عربية، وفي ذروة حرب ابادة كالتي تشهدها غزة، فهذا يحمل دلالات عميقة: 1. اعتراف ضمني بمكانة قطر كوسيط لا يمكن تجاوزه في الملفات الحساسة. 2. إقرار بوزن السيادة القطرية سياسيًا وأمنيًا، حتى أمام دولة اعتادت انتهاك سيادة الدول بلا حساب. 3. رسالة للعالم العربي بأن المواقف الحكيمة و الثابتة تُجبر حتى المتعجرفين على التراجع. إن حادثة الاعتذار الإسرائيلي لقطر ليست مجرد سطر في سجل الدبلوماسية، بل هي حادثة نادرة وعلامة فارقة: دولة صغيرة بحجمها الجغرافي، كبيرة بثقلها السياسي إقليمياً وعالمياً، ماهرة في توظيف قوتها الناعمة …جريئة في الانخراط في ملفات حساسة، فرضت كلمتها على طرف لم يعرف التواضع يوماً، وأكدت أن السيادة يمكن ان تصان بالقوة الناعمة حين تُدار بثبات وحكمة. وهذه فضيلة تضاف إلى فضائل القيادة القطرية الحكيمة والمقتدرة.
354
| 01 أكتوبر 2025
شارك في مؤتمر القمة الطارئ في الدوحة الأسبوع الماضي، ممثلو ثمانين دولة بين عربية وإسلامية، نفوسها تزيد على 2.5 مليار إنسان، يملكون ثروات هائلة، ويقيمون على جغرافيا مترامية الأطراف، ولهم علاقات دولية واسعة، منها روابط وثيقة مع قوى وازنة، هذه الدول تمتلك المال والبشر والأرض، وتمثل أمة ذات تاريخ وحضارة ومصالح راسخة، فضلًا عن موقع فريد على خريطة العالم، لو وحّدوا مواقفهم – حتى دون وحدة جغرافية – لأصبحوا قوة ردع حقيقية يُحسب لها ألف حساب، وقد وفّر المؤتمر فرصة. الدول تمتلك جيوشاً جرارة، ومع ذلك، لم يتوقع أحد إعلان “النفير العام” ردًّا على العدوان الغادر على دولة قطر في التاسع من أيلول/سبتمبر، أو نصرةً لغزة حيث يُباد المدنيون منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023 قتلاً وتهجيرًا وتجويعًا. ورغم أن النصرة واجب الوقت، فإننا لم نر موقفًا بحجم التحدي، والأسباب معروفة والذرائع جاهزة. مع ذلك، فإن هذه الهبّة التضامنية مع قطر، والمصحوبة بإدانة غاضبة للعدوان، كانت مطلوبة لإيصال رسالة واضحة للمعتدي ومن آزره أو صمت عنه: قطر ليست وحدها. وقد افترض أن الرسالة وصلت. ودولة قطر تستحق هذا الموقف عن جدارة؛ فالعالم لا يتفضل عليها، بل يرد الجميل ويعترف بفضل دولة قدمت الكثير: مبادرات للسلام، جهودًا لحل أزمات شائكة، ودفاعًا متواصلًا عن العدالة ونصرة المستضعفين والمحرومين أينما كانوا. غير أن العدوان الصهيوني على غزة ومن بعده على قطر، ما هو نهاية المطاف بل ثلاثي الأبعاد: 1.عدوان عاجل على غزة. 2.عدوان ممتد على قطر. 3.عدوان مؤجَّل قد يطال أي دولة. حيث يمكن أن تصلها مقاتلات إسرائيل وصواريخها ومسيراتها، وفق عقيدة التوسع والتي كان أعلنها عام 1948 رئيس الوزراء في حينه بن غوريون، وكرسها من بعده نتنياهو وكاتس وزير الدفاع. لقد شجع صمتنا الكيان الصهيوني على استهداف قطر. ولو نجحنا في وقف الإبادة في غزة وإجبار العدو على التراجع، لما تجرأ على توسيع العدوان نحو قطر. لكن يبدو أنه لا قتل الأطفال ولا التهجير ولا التجويع والتعذيب الوحشي كان كافيًا ليدفع بعض الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ موقف صارم، بل ولا حتى الهجوم على دولة عربية مسالمة بعيدة لا تشكل خطراً على إسرائيل كدولة قطر، بل ولا حتى تهديد نتنياهو بأنه سيعيد تشكيل الشرق الأوسط بالقوة! يبدو كل ذلك لم يكن سبباً كافياً ومبرراً كي تستعيد تلك الدول إرادتها وتتحرك دفاعاً عن نفسها هي وليس غيرها!. للأسف، لم يُعالج مؤتمر قمة الدوحة هذه المسألة كما ينبغي، رغم الحشد الكبير واللغة الغاضبة. إذ جاء البيان الختامي خاليًا من أي إجراءات جماعية رادعة تُجبر إسرائيل على مراجعة حساباتها، تاركًا الأمر لكل دولة لتقرر منفردة وفق ظروفها ومصالحها! (المواد 15 و16 و24 من البيان) ما يمكنها القيام به من إجراءات وبدائل: كالانضمام الجماعي إلى دعوى جنوب أفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية، المطالبة بمراجعة عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، قطع العلاقات الدبلوماسية، وقف التطبيع، إلغاء “الاتفاقيات الإبراهيمية”، وقف التعامل التجاري، إغلاق الأجواء والمياه أمام الملاحة الإسرائيلية. وحتى اللحظة، لا معلومات عن الدول التي قررت أن تمضي وتعمل بالتوصيات التي وردت في البيان، وحتى لو حصل فلن يكون بديلاً لقرار جماعي وملزم إذ سيكون عصيًّا مواجهته حتى من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة. وهنا تكون الفرصة الذهبية قد ضاعت؛ إذ كان على الدول المشاركة أن تغادر الدوحة بضمانات جماعية لأمنها (هي) مستقبلاً في مواجهة كيان استثنائي في توحشه وعربدته، وفي اطار نظام دولي يتشكل حالياً لا شرعية فيه إلا للقوة الطاغية. والمفارقة المخزية أن دولًا وشعوبًا غربية بادرت باتخاذ مواقف حازمة ضد العدوان على غزة، رغم تعارض ذلك مع مصالحها. على سبيل المثال لا الحصر، هذه إسبانيا ألغت صفقة بمليار دولار لشراء أجهزة أمنية من إسرائيل، وجامعات غربية شهدت طلابًا ضحوا بمستقبلهم الدراسي نصرة لغزة، فيما لا زالت بعض العواصم العربية تفتح أبوابها للعلاقات الدبلوماسية والسياحية والتجارية مع العدو الصهيوني. أما قطر فكان لها شأن آخر، إذ تحركت منذ اليوم الاول في اجراءات عملية، سياسية ودبلوماسية وقانونية، تستهدف ملاحقة الكيان الصهيوني وتحميله تبعات جريمته وعدوانه على دولة ذات سيادة. نجحت في بلورة موقف رافض للعدوان صدر عن مجلس الأمن بالإجماع، دعت إلى مؤتمر طارئ للدول العربية والإسلامية، تتابع ملف العدوان مع المحكمة الجنائية الدولية، رفضت الابتزاز، واكدت التزامها المبدئي بمواصلة جهودها في وقف الابادة في غزة. صحيح أن مؤتمر الدوحة أخفق في فرض إجراءات رادعة، لكنه شكل جرس إنذار. كما لا ينبغي إغفال التطور المهم في مخرجات مؤتمر قادة دول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد على هامش القمة الطارئة، وأقر تفعيل مجلس الدفاع المشترك. وقد صدر في اليوم التالي قرار بتعزيز الاتفاقية الدفاعية من خلال: •زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية عبر القيادة العسكرية الموحدة. •تسريع منظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية. •تحديث الخط الدفاعي المشترك وتنفيذ تمارين مشتركة خلال ثلاثة أشهر. هذه خطوات إيجابية لكنها غير كافية؛ فالمطلوب رسالة ردع واضحة: “أمن الخليج واحد”. ولا أمن إلا بإنشاء “ناتو خليجي”، يكون بمثابة قاطرة تقود نحو «ناتو عربي – إسلامي” يكرس الاعتماد على النفس، يوحد العقيدة العسكرية وقواعد الاشتباك، إضافة إلى سياقات التدريب والتجهيز والتسليح. وقد أحسنت السعودية بتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع باكستان، وقطر من قبلها مع تركيا، وهذه اتفاقيات من شأنها تعزيز الدفاع الخليجي المشترك من جهة كما انها تمهد لتأسيس حلف عربي – إسلامي قادر على الردع. خاتمة: إذا كان الاعتقاد السائد الآن أن “الأوضاع بعد الهجوم على قطر ليست كما كانت قبله”، فإن العلاقات البينية الخليجية على تنوعها، وفي المقدمة منها ملفات الأمن والدفاع يجب أن تُراجع على وجه السرعة، من زاوية الأخطار الداهمة ومتطلبات الأمن والمصالح المشتركة، من أجل توحيد الرؤى والوسائل والغايات، والمضي على أساس الحكمة الشائعة: (ما حكّ جلدك مثل ظفرك، فتولّ أنت جميع أمرك) أي أن الاعتماد على الذات، بعد التوكل على الله، هو السبيل إلى الأمن والاستقرار.
492
| 23 سبتمبر 2025
في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان إلا للأقوياء، تبرز الحاجة الملحة إلى قوة جماعية تصون الوجود، وتحمي المصالح، وتواجه التحديات الكبرى. هذه القوة، في سياقنا العربي والإسلامي، لا يمكن أن تنبع من الكيانات المجزأة، بل من الأمة بمفهومها الواسع: أمة تجمعها اللغة، ويشدّها الدين، وتوحدها المصالح، ويربطها التاريخ والمصير. لقد كانت هذه الأمة، في لحظات نادرة من وعيها، قادرة على أن تهز أركان الطغيان وتلهم الشعوب. لكنها سرعان ما تراجعت وتبعثرت في زحام ما سُمي بـ”الأوطان”، حتى أصبحت الفواصل السياسية والجغرافية حاجزاً دون أبسط أشكال التضامن. فالوطنية، التي كان يمكن أن تكون ركيزة للبناء الداخلي، تحولت في التجربة العربية إلى أداة لتفكيك الأمة لا لتعزيزها. وبدلاً من أن تكون خطوة في طريق نهضة الأمة، أصبحت نقيضاً لها.لقد طُبِّع هذا الواقع في الثقافة والإعلام والسياسات، فصار كل شعب ينظر إلى قضاياه وكأنها تخصه وحده، وتحوّل الألم الجماعي إلى صدى خافت لا يتجاوز حدود الوطن. حتى القضايا الكبرى التي تمس الكل، كالقضية الفلسطينية والعدوان على غزة، لم تعد قادرة على استنهاض الجماهير كما كانت من قبل، ولا على تحريك أنظمة سُجنت داخل حدودها، واكتفت بالبيانات والمناشدات. وربما لا يمكن إنكار أن جزءاً من فقدان الثقة بمفهوم الأمة يعود إلى التجارب المريرة التي خضناها مع أنظمة رفعت شعار (الأمة)! من قادة أو أحزاب أو تجمعات. لكنها استخدمت الشعار، في كثير من الأحيان، كأداة للتعبئة العاطفية، لا كمرجعية فعلية لبناء مشروع حضاري جامع. بل تم توظيفه لخدمة أجندات سلطوية وتطلعات شخصية، أو أيديولوجيات ضيقة، أو مغامرات سياسية غير محسوبة، دفعت الأمة ثمناً باهظاً لها من حاضرها ومستقبلها. وهكذا، تآكل المفهوم في الوعي الشعبي، وصار يُنظر إليه بريبة أو سخرية، بعد أن أفرغته الممارسة من مضمونه، واستُخدم كغطاء للهزائم بدل أن يكون منارة للنهضة!. لكن فشل الأشخاص لا يعني فشل الفكرة، كما ان الخذلان الذي أصابنا من تجارب مشوهة لا يجب أن يدفعنا لدفن المعنى النبيل للأمة، بل لإعادة بنائه على أسس صلبة: من الصدق، والمسؤولية، والتكامل، والتشاركية، لا على الشعارات الجوفاء والولاءات الشخصية.وما يغيب عن كثيرين أن العالم لا يحترم إلا القوي، والقوة لا تصنعها الصدفة ولا الشعارات، بل تصنعها العصبة، والتكتل، والتحالف، والشعور بالانتماء إلى كيان أكبر من حدود رسمها الاستعمار وقنّنها الواقع المفروض. والغرب، الذي يتقن أدوات الهيمنة، يعرف ذلك جيداً، فيصنع تكتلاته (كالناتو، والاتحاد الأوروبي)، بينما نحن لازلنا نحتفظ بالجامعة العربية، وحتى بمنظمة التعاون الإسلامي وغيرها ونحتفي عادة بالقمم العربية او الإسلامية، لكن دون فعالية أو أثر. إن ضياع الأمة لم يكن قدراً، بل نتيجة خيارات سياسية وثقافية وتربوية، ربما حان وقت مراجعتها، في زمن تعاظمت فيه التحديات وانحسرت فيه خيارات التصدي والمواجهة، فما أحوجنا اليوم إلى صحوة تعيد للأمة مكانتها وسط هذا الضجيج، لا لتذيب الأوطان فيها، بل لتجعل من كل وطن لبنة معتبرة في صرح الأمة القوية. لقد آن الأوان لنُعيد تعريف مفهوم الانتماء، فالوطن عزيز، نعم، لكن الوطن بلا أمة، بلا سند أوسع، بلا عمق استراتيجي في الأرض والوجدان، يظل مكشوف الظهر ويغري المهووسين بالقوة إلى التعدي والارهاب. أما الأمة، فهي الحضن الذي يعطي للوطن قيمة ومعنى وقدرة على البقاء، ببساطة الأمة هي الرؤية، أما الوطن فهو الموقع، ولا قيمة بالطبع للموقع إن لم يتصل برؤية في افقها الواسع الرحيب. لاشك المخاطر الداهمة تتخطى الأوطان إلى الأمة ووجودها، وبضمنها الاقليم والمنطقة العربية الخليجية، لهذا اصبح كل بيت وكل فرد فينا سواء كان في القاهرة، او بغداد، والرياض، والجزائر، او دمشق، والرباط معنياً بهذا التهديد، كما لو أن الصواريخ تسقط على جدرانه، والحال بعد العدوان على قطر في التاسع من ايلول سبتمبر ليس كما كان قبله، وقد برهن مجرم الحرب نتنياهو الفالت من العقوبة عملياً على مدى جديته وبكل صلافة في رسم الشرق الأوسط وفق رؤيته التوراتية! بل واصل تهديداته حتى بعد فشل الغارة الغادرة بقوله «رسالتي إلى الدول التي تؤوي (من وصفهم بالإرهابيين) أن يطردوا هؤلاء او يقدموهم للمحاكمة او سنفعل ذلك بأنفسنا»، ليس هذا فحسب، بل إن رئيس الكنيست الاسرائيلي أمير روحانا لم يتردد هو الآخر في إطلاق تصريح مشابه على العدوان الغادر على قطر بقوله «إنه يحمل رسالة للشرق الأوسط بأسره»!، لهذا ليس مقبولاً عد العدوان الهمجي على غزة كأنه قضية تخص الفلسطينيين، ولا العدوان الإرهابي على قطر يخص القطريين وحدهم، وهذا الناطق الرسمي باسم مجرم الحرب نتنياهو يؤكد ذلك وهو يسخر من الانتقادات التي وجهت إلى العدوان «الفاشل» بقوله «إن إسرائيل استعادت قوتها وقدرتها على الردع وإن جميع جيراننا في الشرق الأوسط يراقبون المشهد بخوف بالغ». غدا وبعد غد يلتقي القادة في العالمين العربي والإسلامي في الدوحة في مؤتمر طارئ للتشاور في الرد المناسب على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على دولة قطر وهي ليست مناسبة بروتوكولية او احتفالية عادية، بل فرصة واعدة للاتفاق على مسار جديد يردع الكيان الغاصب من التمادي في صلفه واستهتاره، وهو المطلوب الذي افتقدته القمم العربية الإسلامية سابقا. أيها القادة والزعماء شعوبكم تنتظر منكم موقفاً صلباً موحداً، يعيد الثقة بمؤتمرات القمة، يتضمن رسالة واضحة لا لبس فيها أن: * دولة قطر ليست وحدها بل نحن معها في المنشط والمكره. * لا نتخلى عن ثوابت الأمة ولا نساوم على أرض الرباط (فلسطين). * لا تراجع عن مطلبنا في وقف العدوان على غزة فوراً. * لابد أن يدفع المعتدي الإسرائيلي ثمن عدوانه وإرهابه. فلا تخذلوهم.... فلا تخذلوهم …..
591
| 14 سبتمبر 2025
لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة أول أمس، التاسع من أيلول/ سبتمبر مجرّد عملية عسكرية عابرة، لدولة مارقة، بل كانت رسالة صاخبة مغزاها: «لا حدود لعربدة تل أبيب، ولا حصانة لأحد والكل مستهدف، ولا احترام لقانون ولا التزام بعهد، حتى وإن اصطدمت المصالح بمصالح أقرب الحلفاء»… 12 صاروخاً أطلقته 15 طائرة إسرائيلية مقاتلة استهدفت موقعاً مدنيا معروفاً في وسط الدوحة، يلتقي فيه فريق تفاوضي أبدى موافقة مبدئية على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإطلاق سراح الأسرى، كان يفترض أن يكون بارقة أمل يقود إلى إغلاق ملف إنساني شائك، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، بخطوة طائشة، وصفها معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بأنها «غادرة» نسف تلك المساعي، بما يؤكد الشكوك بحقيقة الأهداف التي كان يسعى لتحقيقها خلال السنتين الماضيتين من إطالة أمد الحرب على غزة. من الواضح الآن أنه لم يكن يهدف إلى تحرير الأسرى ولا الوصول إلى تسوية، بل العكس هو الصحيح: إبقاء الجرح مفتوحًا، وإطالة أمد الحرب إلى أطول فترة ممكنة، طالما كانت الحرب هي وسيلته الوحيدة وملاذه الأخير لتأجيل ساعة الحساب، والهرب من شبح السجن الذي يطارده بتهم الفساد. إن دولة قطر وقد تصدّرت مشهد الوساطة منذ البداية وما زالت، تجد نفسها في موقف حرج. فكيف يمكنها الاستمرار كوسيط «موثوق» بينما تُستهدف أراضيها بهذا الشكل الفج؟ الغارة لم تستهدف حركة حماس وحدها، بل أصابت قلب الجهد الدبلوماسي، وأحرجت كل دولة خليجية كانت تراهن على التحالف مع الولايات المتحدة، كحصانة يمكن أن تردع دولة مارقة كإسرائيل من مجرد التفكير بالعدوان عليها، لكن ذلك لم يحصل، فأي قيمة بقيت لهذا التحالف في ظل العجز الأمريكي، لا نقول التماهي أو التواطؤ، آخذين بنظر الاعتبار ضبابية وعدم تماسك السردية الأمريكية للحدث !! لقد برهنت إسرائيل مرة أخرى أنها دولة مارقة، يقودها متطرفون مهووسون بالقوة المفرطة! لا حدود لغطرستهم وجنونهم، لا يعترفون بقانون ولا يلتزمون بعهد، فمن غزة إلى الضفة، إلى لبنان، ومن سوريا إلى اليمن، وصولًا إلى إيران وقطر، امتدّت ذراع إسرائيل في المنطقة لتنشر الفوضى بلا رادع. والقائمة مرشحة للزيادة، في إشارة صريحة إلى أن المستهدف هو الكل الخليجي بل والعربي وبلا استثناء. هذه ليست أزمة عابرة، بل ناقوس خطر. والتاريخ أمامنا شاهد: في الحرب العالمية الثانية، استطاع الألمان أن يستفردوا بكل دولة أوروبية على حدة وينتصروا. لكنهم انهزموا عندما اجتمع المستهدفون في جبهة واحدة. السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: متى يستدرك العرب بل دول الخليج العربي وحدتهم، وقد وصلت النيران إلى عتبات بيوتهم؟ … أما آن الأوان لإعادة النظر بالأسبقيات وإعلاء شأن المصلحة المشتركة والتسامي عن الخلافات البينية في وجهات النظر في هذه المسألة أو تلك؟ أليس من الضروري أن ترسل الدول الست وعلى الفور رسائل غضب مشتركة، تقطع فيها جميع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية مع إسرائيل، وتوقف على الفور مساعي التطبيع … لابد أن يدفع المعتدي ثمن عدوانه الغادر، ولابد أن يدرك العالم أجمع حقيقة أنّ الخليج العربي كتلة متراصة، وأن دولة قطر ليست وحدها. إن الغارة على قطر ليست مجرد عدوان، بل اختبار لوعي الأمة بأسرها. فإما أن نستفيق ونتدبر، أو نظل متفرقين نُستنزف تباعًا حتى النهاية. الاعتداء لن يثني قطر عن الالتزام بمبادئها السياسية بوصفها كعبة المضيوم، ولن يغير موقفها الثابت من دعم القضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية بما تمثله من أولوية لدى القيادة السياسية. وهذا ما أكده أمير قطر بقوله «إن قطر ستواصل نهجها البنَّاء في الوقوف مع الأشقاء والقضايا الإنسانية العادلة بما يوطد دعائم الأمن والسلم الدوليين». مرة أخرى تثبت دولة قطر أنها لن تخضع للابتزاز، ولن تحيد عن المبادئ والمسلمات والقيم، بل هي أقوى من التحديات وقادرة على تجاوز كل الأزمات بعزيمة وحكمة سياسية وإرادة وثبات. رحم الله من ارتقى شهيداً في هذا العدوان الغادر، رحم الله شهداء غزة والضفة، وحفظ الله قطر، وأوطاننا من كل سوء.. اللهم آمين.
1584
| 11 سبتمبر 2025
أيها الغرب… سقط القناع !! لطالما تغنّت العواصم الغربية بإسرائيل باعتبارها “واحة الديمقراطية” في الشرق الأوسط !!!!!! تلمع من صورتها باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في الحرية وحقوق الإنسان!! لكن مشاهد الهمجية من دماء وتخريب ودمار التي يمارسها جيش الاحتلال في عدوانه السافر على غزة تهدم هذه الأسطورة، وتكشف عن (نسخة مشوهة من الديمقراطية) لا تقل في وحشيتها عن ممارسات أبشع الأنظمة الشمولية التي عرفها التاريخ — من النازية إلى الشوفينية والفاشية إلى الاستبداد الستاليني — في استباحة الإنسان بلا رحمة. “في غزة، لا فرق بين رضيع في حاضنته أو عجوز على كرسيها، أو مراسل يصف المأساة كما هي أو مصور ينقل الحقائق الماثلة على الأرض.. الجميع أهداف مشروعة لآلة القتل الإسرائيلية». الفلاسفة.. والوجه المشرق للديمقراطية منذ أرسطو الذي رأى أن الديمقراطية الحقيقية تقوم على (العدل والمساواة) إلى جان جاك روسو الذي ربطها بـ (العقد الاجتماعي) الذي يصون كرامة الإنسان، مرورًا بجون لوك الذي جعلها ضمانة لـ (الحقوق الطبيعية في الحياة والحرية) ظلّت الديمقراطية مرادفًا للسلام، العدالة، والتداول السلمي للسلطة، وصيانة الحريات. أما في حالة إسرائيل، فقد تحولت الكلمة إلى قناع دموي يخفي خلفه ممارسة منظمة لجيش فاشي، وهو ينتهك كل المحرمات دون تردد، من إبادة جماعية، إلى تجويع، إلى تهجير …، وهو بذلك يعيد تعريف الديمقراطية على أنها “حق الأقوى في سحق الأضعف” !!!! ديمقراطية على مقياس الجزار نتنياهو، سموتريش، وهذا المعتوه بن غفير …وغيرهم من الشاذين فكراً وممارسة. الصحفي.. هدف على قائمة الإعدام ليس طفل غزة، ولا المرأة ولا العاجز، بل حتى الصحفي، الذي تحميه كل القوانين والأعراف الدولية، لم يسلم من آلة القتل الإسرائيلية. جريمته الوحيدة أنه ينقل الحقيقة كما هي، بلا رتوش ولا تزييف. منذ بداية العدوان، استشهد 238 صحفيًا، في سجل أسود غير مسبوق في تاريخ الحروب الحديثة. وآخر الجرائم، غارة واحدة أبادت سبعة إعلاميين دفعة واحدة، كان من بينهم مراسلا قناة الجزيرة الشهيدان أنس الشريف ومحمد قريقع، إضافة إلى اثنين من المصورين الصحفيين الآخرين. حرب على الحقيقة إسرائيل اليوم لا تكتفي بإبادة الأحياء والمباني، بل تشن حربًا شاملة على العيون التي ترى، والأصوات التي توثق، والعقول التي تكتب. كل ساكن أو متحرك في غزة أصبح ضمن بنك أهداف الطائرات والمدفعية. ديمقراطية ملطخة بالدماء هذه ليست الديمقراطية التي نعرف والتي ترفع غصن الزيتون، بل ديمقراطية ابتكرها عقل وحشي سادي، استبدل قيم الحرية بعدّاد للضحايا، وصاغ مبادئه بمداد الدماء …وحتى الآن ارتقى 61599 شهيدا في غزة فقط منهم 18582 طفلا و12400 امرأة … منهم 238 شهيدا إعلاميا، وضعف العدد من المصابين والجرحى ناهيك عن ضحايا استهداف الضفة …إنها محرقة !! انها هولوكوست حقيقية ترتكبها إسرائيل باسم الديمقراطية!. الخاتمة… تحذيرات من الماضي حذّر أفلاطون في “الجمهورية” من أن الديمقراطية إذا انحرفت عن مسار العدل تحولت إلى (فوضى) تؤدي حتمًا إلى استبداد أسوأ من الطغيان نفسه. كما حذّر المفكر توكفيل (من أن أعظم خطر يتهدد الديمقراطيات هو حين تستخدم لشرعنة القمع، وتمنح الغطاء القانوني للظلم)!. اليوم، ما نشهده في غزة هو تجسيد حي لهذا الانحراف: ديمقراطية مزيّفة، تستعير قاموس الحرية لتبرير الإبادة، وتعيد إنتاج أبشع صور الظلم التي حذّر منها الفلاسفة عبر العصور. “ترى من سينبري للكتابة عن هذا النوع الدموي غير المسبوق من الديمقراطية؟
801
| 14 أغسطس 2025
في تاريخ العلاقات الدولية، تتكرّر ظاهرة خطيرة تُصيب بعض الدول أو القوى العظمى حين تمتلك فائضًا من القوة العسكرية أو الاقتصادية أو التقنية؛ ظاهرة تُعرف بــ “سكر القوة” أو «وهم التفوق المطلق». حين تشعر دولة ما بأنها تتفوق على الآخرين، ينشأ لديها ميلٌ إلى الاعتقاد بأن القواعد التي تنطبق على غيرها لا تنطبق عليها، وأن القوة المفرطة قادرة على حمايتها من أي اعتراض أو مساءلة، بل وحتى من أحكام القانون الدولي. لكن القارئ لا يحتاج إلى الذهاب بعيدًا في كتب التاريخ ليجد مثالًا حيًا على مخاطر القوة المفرطة؛ يكفي أن يتابع المشهد في الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة الماضية. فبذريعة “الدفاع عن الدروز” شنّت دولة الاحتلال إسرائيل عدوانًا جديدًا على الأراضي السورية، متجاهلةً أبسط قواعد السيادة، ومستخفةً بالقانون الدولي. وفي الوقت نفسه لم تتردد في انتهاك سيادة لبنان وخرق اتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ سنوات، وكأن هذه الاتفاقات لا قيمة لها أمام إرادة القوة. هذا السلوك ليس حادثة عابرة، بل هو تجسيد حيّ لسياسة يترجمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بكل وضوح؛ سياسة تقوم على قناعة خطيرة بأن التفوق العسكري المطلق مضمون النتائج وأنه علاوة على ذلك يوفر حصانة من المحاسبة الدولية، وأن بإمكان إسرائيل ليس فقط إبادة الغزاويين وتجويعهم حتى الموت وتهجيرهم، بل حتى إعادة رسم الشرق الأوسط وفق رؤيتها، ولو كان ذلك عبر تجاوز حدود الدول وقواعد القانون الدولي، حيث تبرر القيادة المتغطرسة تدخلاتها وتجاوزاتها على سيادة دول اخرى، بذرائع “أمن قومي” أو “نظام إقليمي جديد” … المخاطر الذاتية لثقة مفرطة بالنفس حين تُصاب دولة أو قيادة بهذا الشعور، تتراكم لديها أخطاء قاتلة على المستوى الداخلي: 1. تراجع العقلانية في تشخيص مصالح الوطن أمام علو صوت القوة الفائقة والغطرسة. 2. تآكل الحس النقدي: تغيب المراجعة الذاتية وتُهمّش الأصوات التي تحذّر من المغامرة، فيسود الرأي الواحد. 3. الاستنزاف الاقتصادي: الإفراط في التسلّح والإنفاق العسكري يؤدي إلى إرهاق الاقتصاد وتراجع التنمية. 4. الانفصال عن الواقع، بين الآنيّ والاستراتيجي، وان ما يمكن تحقيقه في الأمد القريب قد لايمكن الحفاظ عليه في الأمد البعيد عندما يتغير ميزان القوة. وان التفوق ليس امراً مسلماً به على الدوام. 5. استدراج الخصوم إلى سباق تسلّح: يؤدي سلوكها المتفوق ظاهريًا إلى ردود فعل حادة من دول أخرى، فتبدأ سباقات تسلح، وتنتشر الفوضى. زرع الخوف لدى الدول الاخرى وبالتالي دفعها لاتخاذ مواقف مضادة، ربما جماعية، واعادة النظر بتسليح جيشها وتجهيزه بهدف معالجة التفوق العسكري المقابل. 6. تراكم الأعداء في الداخل: يتزايد الاحتقان الشعبي والرفض لأي مغامرة جديدة حين يرى المواطن أن رفاهيته تُضحى بها لصالح أوهام العظمة. وهْم الحصانة من العقاب القوة المفرطة لا تعني الحصانة الأبدية. حيث يؤكد التاريخ بأن الدول التي اعتمدت على شعور التفوق المطلق وانطلقت إلى المغامرات الخارجية، انتهت إلى مصير مأساوي. أبرز الأمثلة على ذلك: ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. حين صعد هتلر، هو لم يكتف بإعادة بناء الجيش الألماني بل اندفع إلى أقصى درجات التمدد العسكري على الارض معتقدا أن التفوق التكنولوجي والتنظيمي كفيلان بإخضاع أوروبا كلها، اجتاحت الجيوش النازية بولندا وفرنسا والاتحاد السوفيتي وتجاوزت القوانين والمعاهدات الدولية ….لكن هذا الشعور بالتفوق كان سرابا فقد تحول الجيش النازي إلى آلة استنزاف دمرت موارد ألمانيا واستدرجت تحالفا عالميا أطاح به في النهاية، انتهت ألمانيا بهزيمة ساحقة، بينما أكدت محاكمات نورمبرغ فيما بعد أن الجرائم لا تسقط بالتقادم كما ان القوة المفرطة مهما بلغت لن تعلو على سيادة القوانين الدولية، وان طال الزمن. العبرة للدول المعاصرة إن الإغراء الذي تمارسه القوة المفرطة على صاحب القرار لا يختلف كثيرًا عبر العصور عن أي دولة معاصرة تتصور أن تفوقها العسكري أو الاقتصادي قد يوفر لها حصانة من الاعتراض أو المساءلة، انها ببساطة تغامر باستعادتها أخطاء الماضي. قد تتمكن هذه الدولة من فرض إرادتها مؤقتًا، لكنها ستدفع لاحقًا أثمانًا باهظة: من سمعتها الدولية، مقبوليتها عالمياً وإقليمياً، من أمنها الداخلي، من تغيّر موازين القوى مستقبلا لغير صالحها، ومن اقتصادها الذي يتآكل تحت ضغط سباق الهيمنة. نحو توازن واستدامة القوة ليست مذمومة بحد ذاتها، لكن خطورتها تكمن في الغطرسة المصاحبة لها. الدولة الرشيدة هي التي: 1. توظف قوتها في حماية مصالحها دون انتهاك سيادة الآخرين. 2. تدرك أن القانون الدولي ليس قيدًا بل ضمانة لسلام مستدام. 3. تراجع سياساتها بانتظام وتستمع إلى الأصوات الناقدة. استدراك …! لايمكن الحديث بالطبع عن القوة الفائقة لدولة الاحتلال اسرائيل ولا عن غطرستها دون ربطها بالترسانة العسكرية للغرب، أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، والرابطة العضوية بين الأطراف لازالت في اعلى مناسيبها، لكن متى قطعت سلاسل الامداد، بتغير الموقف السياسي، وهو ممكن، عندها ستحرم إسرائيل من ميزة التفوق المطلق، إذاً عليها لا تباهي بقوتها وتفوقها ….فهي ليست ذاتية انما مستوردة ! من جهة اخرى، القوة ليست ترسانة عسكرية فحسب، بل هي حصيلة ثلاثة عوامل أساسية: السلاح، المقاتل، القيادة. ويفترض ان تتمتع العناصر الثلاثة بأعلى درجات الاهلية المطلوبة لتحقيق التفوق اللازم على العدو. وبإجراء حسبة بسيطة يمكن الاستنتاج إلى ان دولة الاحتلال لا تتمتع بتفوق عسكري حقيقي على العرب، بل وهمي، ذلك لان قوة العدو لا يقابلها سوى ضعف عربي، ورغم اننا نملك السلاح التكنولوجي المتقدم كماً ونوعاً، كما يتوفر للسلاح مقاتل ماهر عزوم، فإن ما ينقصنا ويضعفنا هو غياب وحدة المؤسسة العسكرية العربية رغم وجود اتفاقية الدفاع العربي المشترك، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية …..حيث يبقى القرار العسكري معلقاً الى إشعار آخر ! غطرسة الكيان المحتل تشكل استفزازاً لا سابق له في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، والمفروض ان نعمل على عجل، نراجع، نعالج الخلل، ونصوّب المسار ….وها هي المنازلة في غزة قد منحتنا جرعة هائلة من الثقة بالنفس …فكيف لو اقترنت بسلاح متقدم، وقيادة عزومة أعدّت للأمر عدته وأحسنت التوكل على الله هنا يكمن التفوق.…
525
| 31 يوليو 2025
*هذه وثيقة دفاع عن المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز في وجه الابتزاز السياسي. في زمنٍ تتواطأ فيه القوة مع الصمت، ويُجرَّم فيه قول الحقيقة، وقفت امرأة واحدة، باسم الإنسانية، في وجه آلة القتل والتضليل، لتقول ما يجب أن يُقال، وتضع النقاط على حروفٍ أُريد لها أن تُمحى. إنها فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث أشهرت صوت العدالة، لا خافت ولا متردد ولا مائع، بل بتقرير أممي نادر في جرأته، صريح في لغته، واضح في اتهاماته، سمّى فيه الأشياء بأسمائها: (إبادة جماعية ) … تُرتكب في غزة. *من تقرير إلى تهمة: حين يصبح إشهار الحقيقة جريمة. في تقريرها المقدم لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2024، استخدمت ألبانيز مصطلح “الإبادة الجماعية” بدلالته القانونية، مستندة في ذلك الى وثائق وشهادات وتحقيقات موثقة تُدين سلوك إسرائيل في قطاع غزة، وتحمّل أيضًا الولايات المتحدة مسؤولية مباشرة، بوصفها شريكًا في الجرائم عبر التواطؤ والدعم العسكري والسياسي …وهي حقائق لا لبس فيها و لا ينكرها اصحاب العلاقة. ما كان يُفترض أن يُقابل بتقدير واهتمام أممي، قُوبل بحملة عدائية شرسة، لم تبدأ بالتشكيك المهني فحسب، بل انزلقت إلى أسلوب الابتزاز السياسي الفج، حين قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات شخصية على ألبانيز، متذرعة بما أسمته “التحيّز المنهجي” ضد إسرائيل !!!! لكنّ الحقيقة واضحة لكل ذي ضمير: هذه العقوبات ليست سوى محاولة لتكميم الأفواه، ومعاقبة من تجرأ على فضح جرائم أصبحت يومية وموثقة على مرأى من العالم. هي رسالة رادعة لكل مسؤول أممي يفكّر في أداء واجبه بنزاهة وجرأة. والنتيجة؟ مكافأة المجرم، ومعاقبة من يكشف جريمته. ليس هذا فحسب بل هو تعبير عن منهجية صادمة في مساعدة مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية بالإفلات من العقاب !!! *رفضت الخنوع… وثبتت. أمام هذه الضغوط، لم تساوم ألبانيز على قناعاتها، ولم تُخفف من لهجتها أو تعتذر عن الحقيقة. في تصريحاتها بعد ان صدرت العقوبات الجائرة بحقها، أكدت أن الخطوة الأمريكية “ليست فقط هجومًا شخصيًا، بل اعتداء على ولاية المقررين الأمميين المستقلين”، وأضافت: “لن أتراجع عن أداء مهمتي. الحقيقة أثمن من كل المناصب، والعدالة لا تساوم بالعقوبات.” كان موقفها هذا صرخة في وجه منطق القوة الذي يحكم العالم، ورسالة إلى كل المدافعين عن حقوق الإنسان أن الاستقلالية ثمنها غالٍ، لكن لا بد من دفعه. *العدالة ليست انتقائية… وجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم. إن موقف فرانشيسكا ألبانيز يُعيد إلى الواجهة سؤالًا مؤرقًا: إلى متى ستظل الدول الكبرى تحمي المجرمين وتعرقل عمل العدالة الدولية؟ هل أصبح الدفاع عن الضحايا جريمة؟ وهل بات إدانة القصف والتجويع والتشريد والمجازر تُعد “انحيازًا”؟ العدالة التي يُراد لها أن تكون صورية، مجتزأة، خاضعة لمصالح الأقوياء، ليست عدالة. ومؤسسات الأمم المتحدة، إن لم تحمِ من يعمل فيها بضمير ومهنية، فإنها تفقد شرعيتها الأخلاقية. *ألبانيز لجائزة نوبل للسلام: صوت يستحق التكريم لا الإقصاء والملاحقة !! في وقت تتضاءل فيه الأصوات الحرة، وتُبتلع المبادئ في دهاليز المصالح، برز اسم فرانشيسكا ألبانيز رمزًا للشجاعة الأخلاقية والمهنية النزيهة. لهذا، فإن الدعوات لترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام ليست فقط مستحقة، هي ليست ترفاً، بل ضرورية. هي رسالة إلى العالم بأن الشجاعة في قول الحقيقة يجب أن تُكافأ، لا أن تُعاقب. وأن الدفاع عن ضحايا الإبادة ليس تحيّزًا، بل هي مهمة كل من يزعم الوقوف إلى جانب العدالة والكرامة الإنسانية. نعم، أضم صوتي بقوة لمن رشّحها. وأدعو جميع الأحرار، المنظمات الحقوقية، الشخصيات الأكاديمية، وأصوات الشعوب الحرة، أن يقفوا معها، ويطالبوا بتكريمها لا محاسبتها،. *ماذا عن دولة قطر … مركز التميّز …؟؟ وهنا كيف أنسى دولة قطر ! بعد ان تحولت إلى مركز عالمي للتميّز والجودة … هل من جائزة سنوية تخصص للشخصيات العالمية المتميزة بموقف يخدم الإنسانية ويكرس قيم الحق والعدالة ؟ مقترحي أضعه امام المسؤولين وأقول لنبدأ من هنا من موقف فرانشيسكا البانيز فهو جدير ومعتبر. *معركة الإنسانية أمام مفترق طرق … إن الوقوف مع ألبانيز اليوم، هو وقوف مع قيم العدالة الأممية في وجه تغول القوة المفرطة وتفردها بالقرار الأممي، هو موقف أخلاقي بامتياز، يتجاوز السياسة، وينتمي إلى إنسانيتنا المشتركة. لسنا مخيّرين بين التزام الصمت أو الكلام. نحن أمام معركة مفصلية، عنوانها: هل ستصمد الحقيقة في وجه الطغيان؟ هل ستنتصر الإنسانية على آلة القتل والتضليل؟ فرانشيسكا ألبانيز أجابت بعملها، بثباتها، برفضها الانحناء. سكتت البشرية وخذلت اعضاء المحكمة الجنائية الدولية والنائب العام فيها عندما انحازوا للحق وعوقبوا بنفس الطريقة !! لم يتحرك حينها احد، وها هي العدالة تحاصر ويعاقب روادها من جديد …!!! الكرة الآن في ملعبنا
327
| 15 يوليو 2025
مقال (لابوبو وعقلية القطيع) للكاتبة المبدعة سعدية مفرح المنشور على صفحات (الشرق) الغراء قبل أيام، حفزني ان ادلو بدلوي في ظاهرة مجتمعية مزعجة لم تزل تتنامى حتى باتت تهدد تميزنا وخصوصيتنا، تحول الفرد فينا إلى مجرد إمعّة، يعجبه ما يعجب الآخرين ويرفض ما يرفضونه، حيث يميل الناس إلى تقليد السائد والشائع واتباع الجماعة دون تمحيص أو تفكير نقدي. ظاهرة أصبحت أحد أبرز معوقات النهوض الحضاري، لأنها تقتل روح الابتكار والتميز في المجتمعات المعاصرة، في زمن يُفترض أن يكون الانفتاح والتنوع والإبداع سمته الأساسية، لا التقليد والاستنساخ دون وعي او ادراك. جون ستيوارت ميل (فيلسوف بريطاني) انتقد الظاهرة بقوله «إن التقليد هو العدو الأكبر للحرية العقلية، وما يُسمى بالرأي العام ليس إلا سلطة القطيع». ما ثقافة القطيع؟ مصطلح “ثقافة القطيع” يُستخدم مجازًا لوصف سلوك الأفراد الذين يندمجون في تيار عام أو توجه جماعي، ليس عن قناعة أو فهم، بل بدافع الانتماء، الخوف من العزلة، أو السعي وراء القبول الاجتماعي. يشبه هذا السلوك تصرفات الحيوانات التي تتحرك كجماعة دون وعي فردي، ويظهر في مجالات متعددة: من الموضة إلى الآراء والمواقف السياسية، ومن الخيارات المهنية إلى أنماط الاستهلاك، المحاكاة دون وعي او ادراك. لماذا يعزف الناس عن التميز؟ التميز يتطلب شجاعة، تفكيرًا مستقلًا، ومجهودًا مستمرًا. في المقابل، التقليد يمنح شعورًا بالأمان والانتماء، ويُجنب الفرد مشقة اتخاذ القرار أو احتمال الوقوع في الخطأ. وهنا تكمن جذور المشكلة: المجتمع أحيانًا يُكافئ الطاعة و”السير مع التيار” بينما يُعاقب المختلف أو المتميّز بتهم “الغرور” أو حتى «التمرد” او « الانغلاق». هنا تذكرت مقولة منسوبة إلى سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه «طريق الحق موحش لقلة سالكيه». كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في تكريس ثقافة القطيع؛ حيث تُضخّم الاتجاهات السطحية والتافهة وتحولها إلى “ترندات” يتسابق الجميع لموكبتها ومحاكاتها والانخراط فيها، حتى وإن كانت خاوية لا دسم فيها من مغزى، أو قيمة أو معنى!. لكن ما آثار ثقافة القطيع على المجتمع؟ 1. قتل الإبداع: عندما يصبح التقليد هو القاعدة، يُهمّش كل ما هو جديد أو مختلف. 2. فقدان الهوية: يُصبح الفرد نسخة مكرّرة من الآخرين، ويفقد شخصيته ورأيه الخاص. 3. الجمود الثقافي والفكري: المجتمعات التي تتبنى “ثقافة القطيع” تتأخر في التقدم لأنها تعادي التغيير والابتكار. يقول مالك بن نبي (مفكر جزائري): «إن الجهل بالذات يُنتج عقلية التبعية، ويحول الفرد إلى نسخة مكررة من غيره». ويبقى السؤال كيف نواجه ثقافة القطيع؟ • تعزيز التفكير النقدي منذ الصغر، وتربية الأجيال على السؤال والتأمل والتقييم بدل الحفظ والتلقين. •تفهم “المختلف“ وربما الاحتفاء به بدل تسفيهه والتنمر عليه، سواء كان في الرأي، أو الذوق، أو نمط الحياة. •إعادة تعريف النجاح كمفهوم مرتبط «بالأصالة والإبداع» لا باستنساخ النموذج الدارج، •الوعي بدور الإعلام في تشكيل القناعات، والتمييز بين التأثير الإيجابي والتسويق الجماهيري المضلل. * اهمية التربية على صناعة القدوة في جميع مجالات الحياة. بسبب تخلفنا الحضاري، وتعرض أوطاننا للاستعمار، فُرضت علينا عادات وتقاليد ومفاهيم وأفكار وحتى مصطلحات وأسلوب حياة، ورغم اختلاف الكثير منها مع ما نملك من ثقافة او ارث او دين، وفيها الغث والسمين، فقد اعتبرناها، ودون تأمل او تمحيص. وكأنها مسلمات يقتدي بها فكرنا، ويهتدي بها اجتهادنا، ويستدل بها منطقنا، وينطبق عليها موقفنا. وتبقى الظاهرة ليست بالضرورة قدرًا محتومًا، بل هي نتيجة تربية ومجتمع ومؤسسات تفضّل الراحة على المغامرة، والمألوف الدارج على المختلف المتميز، ورغم أن الطريق إلى التميز ليس سهلًا، فهو يبقى السبيل الوحيد لنهضة فردية وجماعية حقيقية، آن الأوان أن نتحرر من الخوف، ونجرؤ على أن نكون ذواتنا، ولا نكن إمعّة، وقد حذرنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه بقوله «لا تَكُونُوا إِمَّعَةً»، تَقولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تحْسِنُوا، وَإنْ أَسَاءُوا فَلا تَظْلِمُوا». رواه الترمذي
1128
| 11 يونيو 2025
سؤال يطرحه النخبوي كما يطرحه رجل الشارع البسيط، يلتمس في العتمة ضوءاً في نهاية النفق، ويبحث بين الركام عن بصيص أمل، بينما العيون شاخصة والقلوب واجفة تراقب وتتابع عظم البلاء الذي حل بأهلنا في غزة. كما في الضفة، والأقصى بل في كل فلسطين، والكل بات يترقب معجزة، نصرا تكتحل به العيون، وفرجاً تستقر له النفوس. وفي خضم عجز غير مسبوق، أصاب امة العرب كما أصاب امة المليار ونصف المليار مسلم، انعقد مؤتمر القمة العربي في دورته 34 في بغداد واصدر بيانه (إعلان بغداد)، وكان موفقا في تغطية التحديات التي تواجه الأمة في وجودها، حيث استحوذت القضية الفلسطينية جل الاهتمام اذ خصصت لها 12 مادة، من مجموع مواد البيان البالغة 32، وتضمن البيان (إدانة واضحة للعدوان الاسرائيلي وطالب بوقفه فوراً، كما رفض رفضاً قاطعاً خطط ونوايا تهجير الشعب الفلسطيني، وأكد على مركزية القضية الفلسطينية، وحقوق شعب فلسطين في العودة والحرية وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ورفض سياسات الاحتلال من تهويد واستيطان وتجويع…. الخ". اللافت ان اللغة التي كتب بها البيان - كسابقاتها، لم تتجاوز عبارات: "يناشد، يؤكد، يثمن، يعرب، يطالب، يرحب، يدعو، يجدد …." عبارات تصلح لعرض الواقع، وبيان الموقف، اما اللافت فهو خلو البيان عن خطة للعمل، او بدائل فيما لو فشلت الخطةأ، كما لم ترد إشارة إلى آليات للتنفيذ والمتابعة، أو تشكيل فريق عمل من الدول الاعضاء تتكفل بالمهمة، ولا جدول زمني، ولا اشارة لأية اجراءات تعنى بتنفيذ مخرجات القمم العربية السابقة وعلى وجه الخصوص مقررات القمة العربية الإسلامية في الرياض (نوفمبر 2023) التي دعت إلى كسر الحصار وإدخال المساعدات فوراً. صحيح أن بيان الموقف مهم، صحيح أن وحدة الموقف العربي ضرورية وحيوية، لكن الأهم هو تنفيذ ما هو مقدور عليه والا باتت المقررات حبراً على ورق، لا قيمة لها على ارض الواقع. * والأمور انما تقاس بخواتيمها، ولا ادري ونحن نواجه ابادةً جماعية غير مسبوقة ومذابح وتجويعا حتى الموت، وتهجيرا، وحرمانا من جميع مقومات العيش، والمواطن الغزي بات لا يحتاج اكثر من ملاذ آمن داخل حدود القطاع، إلى لقمة عيش وشربة ماء وحبة دواء. فهل حقق البيان مطلباً واحداً فقط من هذه المطالب؟ بالتأكيد لا! إذا ما قيمة البيان؟ بل ما قيمة القمة نفسها؟ وهل من مبرر لعقد مؤتمر أقصى ما يمكن ان يذهب اليه هو اصدار بيان يكتفي بشرح الحالة ويحدد الموقف، لكنه يتغافل عن علاجها او تداركها؟، هو ببساطة بيان لا يغني ولا يسمن من جوع!. الذي حصل في مؤتمر قمة بغداد تجاوز هذه الظاهرة وهي مزمنة، إلى ما هو أسوأ ويتمثل في غياب اغلب قادة الدول العربية، وتكليف شخصيات بمستويات وظيفية أدنى لتمثيل بلدانهم وهذا ما حصل في تمثيل 15 دولة عربية، بينما شارك قادة خمس دول عربية بأنفسهم، إيماناً منهم بأهمية العمل العربي المشترك، على الرغم من تحفظات كثيرة. ليس فقط المواطن العربي هو من فقد الثقة بمؤتمرات القمة، بل يبدو حتى الزعماء العرب فقدوا الحماس في المشاركة. وضع مؤسف ينبغي تداركه في إطار خطط لإصلاح الجامعة العربية، وإحياء فاعليتها وقد كتب الكثير عن هذا الموضوع. * في هذا الصدد كتبت في صفحتي على الفيس بوك الرسالة التالية: "في الأزمات والكوارث كالتي نعيشها اليوم لا أقل من أن يظهر القادة العرب وهم موحدون أمام شعوبهم في الموقف والقرار، يلتقون، يتحاورون، يتعاتبون، لكنهم لا يقاطعون ولا يهجرون، عملا بالحكمة القائلة: "نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه". مصائبنا لا تحل بالجفاء والقطيعة، بل بالمكاشفة والمصارحة. بالنصيحة والتذكرة. ويفترض بالمصائب أنها جامعة. نعم البيان الختامي لا يقدم حلولا كافية لأزماتنا المستعصية، كما يفتقر إلى آليات التنفيذ، ولا يقدم ضمانات! مع ذلك "ما لا يدرك كله لا يترك جله". * من جهة أخرى، الملاحظ أن تمثيل الدول العربية المشاركة لم تكن بالمستوى المطلوب، وهذه رسالة للأطراف النافذة أن تفهم نظرة العرب للعراق، وعليها أن تدرك أن #العراق ما كان يوماً في تاريخه الحديث هكذا، بل كان قبلة الأنظار. من باب المقارنة، شارك رئيس الوزراء الإسباني السيد بيدرو سانشيز في أعمال القمة، ووجه خطابا تضمن إدانة للوحشية الاسرائيلية، واستنكارا للحصار والتجويع، وطالب بإيقاف دوامة العنف ولم يكتف بذلك بل قدم اربعة حلول ينوي العمل بموجبها: تبدأ من تصويت الأمم المتحدة على مشروع قرار جديد يطالب بوقف الهجمات وإنهاء الحصار، إلى تفعيل قرارات المحكمة الجنائية الدولية، واخيراً البحث عن حل دائم يستند إلى حل الدولتين في اطار منتدى دولي اقترحته فرنسا. ** ورغم ذلك، يبقى العمل العربي المشترك مطلوبا، كما تبقى الحاجة قائمة لمنظمة الجامعة العربية، حيث لا يسع الشعوب العربية الاستغناء عنها أبداً، وكل المطلوب هو تفعيل دور الجامعة، من خلال عملية إصلاح جذرية، كي يرتقي أداؤها ويتناسب وعظم التحديات التي تواجهنا في الحاضر والمستقبل، وتتحول الجامعة إلى ملاذ آمن تلجأ إليها الشعوب في ازماتها وتطلعاتها.
747
| 20 مايو 2025
"الانتصار مهم … لكن الأهم المحافظة عليه" ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بـ "النجاح" ولا نجاح دون تحول مؤسسي منهجي، حثيث، من ثقافة "الثورة" إلى إطار "الدولة"… وقد تحقق ذلك على الصعيد المؤسسي، وحديثي اليوم عن تشكيل حكومة سورية جديدة بعد أربعة أشهر فقط من يوم "الفتح" في 8 كانون أول / ديسمبر 2024. تشكلت الحكومة في ظل تحديات هائلة، بعضها تركة ثقيلة للغاية من تراكمات دولة قمعية فاشلة، والأخرى ردات فعل أطراف خارجية انتهازية مارقة تحسست من التغيير الحاصل، وبعضها يعنى بالخبرة والتجربة، وبعضها يعنى بالجانب النفسي ووعي المواطن …. وأخرى تعنى بالموقف الدولي… كل ذلك في ظل أوضاع معيشية خانقة، تحديات متنوعة تضع الحكومة الوليدة أمام امتحان عسير! حيث تتجه الأنظار إلى الفريق الوزاري ومدى قدرته على مواجهة تلك التحديات، ونظام الحكم ناشئ وهو بحاجة إلى سنوات من الخبرة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والعمرانية والسياسية والاجتماعية وغيرها، فإن التساؤلات تُطرح حول مدى قدرة الحكومة على تحقيق أي تقدم فعلي. لا شك أن النظام الجديد حريص جداً على تحقيق فارق ملموس وعلى جناح السرعة في الخدمات ومستوى المعيشة، وسوف يسعى جاهداً إلى عدم تضييع أية فرصة يمكن من خلالها استقطاب أية وسائل أو موارد متاحة لتحقيق هذا الغرض… أما المواطن على الجانب الآخر،، وبعد أن تمتع بالحرية واستعاد الكرامة لأول مرة بعد عقود من القمع والتمييز والنهب المنظم، ووضع ثقته بالنظام الجديد، فإنه يترقب اليوم التالي وقد أشرق على وضع جديد، لا تنقطع فيه الكهرباء، ولا يتوقف تدفق ماء الشرب، لقمة العيش كافية، وحبة الدواء متيسرة، وخدمات التعليم والصحة والبلديات متاحة، وهو لم يعد مضطراً للقلق على معيشته، صحته وأمنه، بل بات معنيا بالمشاركة في تحسين جودة الحياة، والانخراط في برامج العصرنة والتحديث…. آمال مشروعة، لكنها في حسابات الميدان يستحيل تحقيقها بين عشية وضحاها، ليس لقصور في الرؤى بل لسبب النقص الحاد في الإمكانيات، في الوسائل والأدوات…. دعونا نحلل التحديات ذات الصلة بهذا الحديث. * اقتصاد مدمر وشح في الموارد: • غلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم. • ضعف الإنتاج المحلي، وعدم سيطرة الحكومة على عوائد النفط الخام. • الاعتماد على الحلفاء الخارجيين في ظل تراجع الدعم الدولي. • ازدياد الاعتماد على الأسواق السوداء. • انتشار الفساد الاقتصادي. • أما ما يتعلق بالخدمات الأساسية: • تفاقم أزمة الكهرباء والمياه والوقود. • انهيار النظام الصحي ونقص الأدوية والمعدات الطبية. • انهيار النظام التعليمي. ولنا أن نتصور عظم التحدي الذي يواجه الحكومة الوليدة، وقد وجدت نفسها في بحر من الأزمات والمشاكل، ومطلوب منها أن تجد لها الحلول وتحدث الفارق في اليوم التالي!! وهي بذات الوقت تواجه رزمة من عقوبات اقتصادية قاسية ورثتها من النظام البائد! بالطبع هذا غير ممكن، إن لم يكن مستحيلا. لكني أقول إن الأزمات الحادة، عادة ما تصنع المعجزات، بالركون إلى وسائل مبتكرة وغير تقليدية، رؤية ثاقبة، إرادة صلبة، وقرارات صعبة، ونفس طويل، ومرونة عالية، يرافقها تفهم شعبي، لا ينتظر عصا موسى، ولا ملك سليمان، بل تدبير يوسف حيث نجح في الإفلات من سنوات القحط السبع، بحسن تدبيره، وجودة تخطيطه، ونظافة يده، بعد أن خزن حاصل سنوات الرخاء، واعتنى بالاستهلاك ورشّده، وعبر المرحلة، على قاعدة القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود. من الضروري أن تصل الصورة الحقيقية المجردة إلى الناس بكل شفافية وبلا رتوش، المواطن ليس بحاجة إلى شعارات رنانّة ولا وعود وردية زائفة، وفي هذا الوقت بالذات، حيث الـظرف حرج والزمن محدود لا نوظفه للتثقيف بالأيدولوجيات، لن يقتنع به الفقير المعدم ولا المريض ولا الطفل المشرد ولا العاطل عن العمل ولا المرأة الثكلى… (باختصار اعتماد مقاربة المفكر مهاتير محمد). * الواقع هو الذي يتكلم ومن غير الممكن حجب الشمس بغربال أمّا البديل؟ فالمصارحة ومشاركة الناس بالحقائق، في خطاب عقلاني لا مبالغة فيه ولا تهويل… إن إدراك المواطن لواقع الحال، وتفهمه لعظم التحديات، وتقديره للجهود المبذولة، من شأنه أن يعمق الصلة بالنظام، وهذا مطلوب لمسألتين، الأولى ترتبط بالوضع الأمني والحاجة الماسة إلى تعاون المواطن مع السلطة، والثانية بالمشاركة الطوعية مع الحكومة في تفكيك وحل الأزمات، وترميم وإعادة بناء الوطن لاحقاً. ندرة الموارد والإمكانيات تفاقمها العقوبات الاقتصادية، وعلى الرغم من أنها فقدت جدواها ومبرراتها بتغيير النظام، إلا أن الأطراف الدولية ذات الصلة ما زالت تصر على ديمومتها وتوظفها كورقة ضغط وابتزاز، وتحاول أن تقايض رفعها بتنازلات ربما مؤلمة من جانب النظام الجديد، والمطلوب ممارسة الحكمة وإستراتيجية النفس الطويل، والبحث عن أساليب وطرق مبتكرة يمكن من خلالها التخفيف عن آثارها، ولدينا في هذا المجال تجارب دول عديدة استطاعت بذكائها وصبرها ومثابرتها الالتفاف على عقوبات مشابهة أو حتى أقسى منها، لكني هنا لا أعفي الدول الحليفة لسوريا الجديدة أن تساهم بقوة في رفع هذه العقوبات بأسرع وقت ممكن. * لن تنجح الحكومة الجديدة، حتى تثبت لشعبها فعلاً أنها قادرة على المهمة، كما أنها تتمتع بسجل نزاهة نظيف، وهنا أوصي أن يشهر الرئيس وأعضاء الحكومة ذمتهم المالية أمام الشعب السوري، بحيث يجري تحديثها بإقرار سنوي، كما أوصي بإخضاع الأداء للرقابة والحوكمة، وقد تشكلت الحكومة في غياب مجلس نيابي منتخب، لهذا لابد من دعم تأسيس أجهزة فعّالة للرقابة، كالصحافة الحرة، منظمات مجتمع مدني، مراكز بحثية تعنى بالرأي العام، تجري استفتاء دوريا لقياس مدى رضا الناس وقناعتهم بإجراءات الحكومة، لكن المهم في تصوري هو تأسيس جهاز مستقل للرقابة يشكل من خارج الصندوق من حكماء ومفكرين وقامات متنوعة معروفة من المعارضة لم يشاركوا في الحكومة، لماذا لا يكون لهم موقع في الرقابة وممارسة الحوكمة باسم: (المنتدى الوطني السوري) …!! * ملاحظات آمل الإفادة منها، والحكومة الجديدة كما أعتقد ستبقى بحاجة للاستماع إلى تجاربي وتجارب غيري من أصحاب الخبرة في مختلف التخصصات والشعب السوري زاخر في هذا المجال، والأمل أن تنهض الحكومة بمهماتها على الوجه الأمثل، متوكلة على الله، ولا تستمع لمقولة (اتسع الفتق على الراتق) كذريعة للعجز أو الفشل. مرحلة صعبة، لكني على يقين بأن من صنع النصر يوم الثامن من كانون ثاني/ ديسمبر قادر على تطويره والمحافظة عليه.
1419
| 08 أبريل 2025
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3828
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2196
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2121
| 04 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1308
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
954
| 04 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
951
| 05 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
942
| 05 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
879
| 02 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
879
| 03 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
816
| 06 نوفمبر 2025
الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...
816
| 07 نوفمبر 2025
وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...
741
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية