رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

طارق الهاشمي

● سياسي من العراق

مساحة إعلانية

مقالات

156

طارق الهاشمي

قطر تُعيد الروح لقضايا «الإنسان» في قمة التنمية الاجتماعية

05 نوفمبر 2025 , 04:22ص

بعد ثلاثة عقود على انعقاد المؤتمر العالمي الأول للتنمية الاجتماعية في «كوبنهاغن « عام 1995، الذي أسّس لإعلان تاريخي تعهّد فيه قادة العالم: 

«بمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية « 

تعود دولة قطر اليوم لتُعيد الحياة إلى هذه المبادرة الأممية الإنسانية باستضافتها القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، بعد مضي ثلاثين عامًا على مؤتمر كوبنهاغن، في لحظةٍ تتقاطع فيها الأزمات الاقتصادية مع الصراعات والنزاعات المسلحة، ويُهدَّد فيها الاستقرار والأمن الإنساني على نحو غير مسبوق.

لقد شكّل إعلان كوبنهاغن وبرنامج عمل القمة الأولى خريطة طريق للبشرية نحو العدالة الاجتماعية، غير أن العقود الثلاثة الماضية كشفت أن العالم لا يزال بعيدًا عن تحقيق تلك الأهداف النبيلة، ما يؤكد ان الجهود التي بذلت في هذا المجال لم ترق إلى مستوى وخطورة التحديات، ما يقتضي المراجعة واعتماد آليات ومقاربات فعالة تقربنا من الاهداف النبيلة لإنقاذ البشرية وقد أنهكتها الحروب والظلم والفقر وتردي الخدمات. 

فمن بين أكثر من 8.2 مليار إنسان حجم سكان العالم يعيش نحو 10% منهم في فقر مدقع، كما يفتقر ثلث سكان الأرض إلى سكن ملائم، فيما يُحرم أكثر من 250 مليون طفل وشاب من التعليم، ويُعاني ما يقرب من نصف سكان العالم – نحو 4 مليارات شخص – من حرمانٍ جزئي أو كامل من خدمات صحية متطورة وآمنة وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، سواء بسبب ضعف البنية التحتية أو عجز الأنظمة الصحية في البلدان النامية.

كما يظلّ ملايين آخرون عاجزين عن الوصول إلى العدالة !!! والخدمات الأساسية، ما يجعل هذه الأوضاع قنبلة اجتماعية تهدد الأمن والسلم الدوليين.

ولا ننسى فان نسبة عالية من هؤلاء البشر المفجوعين بالحرمان والقهر يعيشون بيننا وفي بلداننا …ان اوطاننا العربية والاسلامية تعاني …كما تعاني البشرية في مناطق اخرى من العالم. 

من هنا، تبرز أهمية انعقاد القمة في الدوحة، إذ لا يمكن مواجهة هذه التحديات الخطيرة إلا عبر ديمومة الحوار الدولي، عبر لقاءات دورية وسنوية منتظمة على مستوى القمة، تتابع الالتزامات وتقوّم الأداء وتفعّل آليات المساءلة، ولا تكتفي بإصدار بيانات ختامية يطويها النسيان مع انتهاء المؤتمر.

فغياب آليات التنفيذ والمتابعة الدقيقة هو ما عطّل تنفيذ بيان كوبنهاجن وأفقده أثره العملي وانعكاساته في حياة الناس.

وفي هذا السياق، جاء خطاب سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، ليعكس رؤية إنسانية راشدة ومسؤولة، إذ نبّه سموّه إلى خطورة استمرار الأزمات الاجتماعية والإنسانية، محذرًا من كارثة عالمية إذا لم تتضافر الجهود لإرساء تنمية عادلة وشاملة، ومؤكدًا أن السلام الحقيقي لا يتحقق دون العدالة الاجتماعية.

كما دان سموّه النزعة المتزايدة للعنف والحروب والنزاعات الدولية التي تستنزف موارد الشعوب وتقوّض التنمية، وأكّد في الوقت نفسه إدانته الصريحة للعدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة والضفة وما خلّفه من مآسٍ إنسانية مروعة، مجددًا حرص دولة قطر على دعم إعادة إعمار غزة وتخفيف معاناة شعبها، وداعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته إزاء ما يجري.

كما استنكر سموّه المجازر المروّعة التي ارتكبتها المليشيات في مدينة الفاشر بالسودان، مؤكّدًا أن السكوت عن مثل هذه الجرائم يُقوّض الضمير الإنساني ويهدد أسس العدالة الاجتماعية التي تقوم عليها التنمية المستدامة.

إن القمة الثانية في الدوحة لا تُعيد فقط التذكير بمضامين إعلان كوبنهاغن، بل تمنحها روحًا جديدة وواقعية معاصرة، وتؤكد أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالناتج المحلي ولا بمعدلات النمو، بل بمدى احترام الكرامة الإنسانية وقدرة الدول على حماية الإنسان من الفقر والجهل والحرمان.

ومن هنا، تستحق دولة قطر كل التقدير على مبادرتها الكريمة بإحياء هذا المسار الأممي النبيل، واهتمامها بالإنسان وإصرارها على ان الإنسان ولا شيء غيره هو جوهر التنمية وغايتها القصوى، ما يقتضي العيش بكرامة، وتحصينه من الحرمان والقهر.

مساحة إعلانية