رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التأصيل إحكام فهم النص بعقل واع بالأصول الشرعية والعقلية والعلمية معا! والتنزيل أن نسقط بهذا التأصيل على الواقع لنغيره ونصلحه ونلحقه بهذا المستوى الرفيع من المكارم الأخلاقية والعقيدة الصافية والشريعة العادلة.واليوم وما أدراك ما اليوم! يندر أن تجد من يملك ناصية فقه التأصيل، فإن مَلَكُه فيظل بعض هؤلاء يعيشون في عالم التأصيل دون التنزيل بهذه الأدلة النقلية والعقلية على أرض الواقع ليظل الوضع مثل سحاب كثيف يتحرك بشكل عنيف في سماء أرض جرداء صحراء، لا كلأ ولا ماء وتجأر كل الأحياء إلى السماء أن تحظى بشربة ماء فهل في هذا السحاب الكثيف فوقها من غناء؟!ومثل هذا الجائع الذي يرى ألوان الطعام شهية على الجانب الآخر من النهر وهو لا يحسن السباحة لكي يعبر إليها، ولا يأتي أحد بالطعام إليه، مثل"عزومة المراكبية" وهم أصحاب المراكب في عرض البحر أو النهر يأكلون ما لذ وطاب فإذا مروا على الشاطئ قالوا: "تفضل لتأكل معنا".هذه العزلة بين التأصيل إذا افترضنا دقته وصحته، والتنزيل على واقع مر يصدق فيه قول الله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الروم:41)، والفساد اليوم في البر والبحر والجو، لكن بعض شيوخنا آثر أن يعيش في فقه التأصيل دون التنزيل، وأن يذكر النصوص في خطب الجمعة أو الدروس أو الكتب والمقالات والأبحاث والدراسات دون أن ينزل إلى الواقع ليحقق رسالة الله من خلق الإنسان وإنزال القرآن، حيث قال تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (الإسراء: 9-10) وقد فهمت الجن أن القرآن هداية وليس ثقافة، كما قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إلى أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالوا إنا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا" (الجن:1-2)، والهداية أن نجمع بين التأصيل الصحيح والتنزيل الدقيق على أرض الواقع لإصلاحه وفق النموذج الرباني، وهو يحتاج إلى علم يزيل الشبهات ومجاهدة تعالج الشهوات، وإذا بقي التأصيل ثقافة، وتحولت العبادات إلى عادات والعادات الرديئة إلى أعراف وقوانين، فسيبقى القرآن والسنة في الجوامع دون الشوارع، وفي الكليات الشرعية دون المؤسسات السياسية والشركات التجارية والعلاقات الدولية، وهذا من أكبر أمراض أمتنا الإسلامية في أيامنا الحالية!يا قومي ليس مسوغًا للجائع أن يأكل طعاما قذرًا، ولا للعطشان أن يشرب ماء نجسًا والنهر العذب منه قريب والطيبات حوله في كل مكان، كما لا يجوز أن تعرض النصوص في سماء المنابر بأعلى الحناجر دون أن تجيب أسئلة كل حائر.إن لم نجد الجمع بين التأصيل والتنزيل فالصمت أولى من التضليل.
5276
| 12 فبراير 2014
الأشواق الربانية تُشدي، والأشواك الأرضية ُتشجي، الأشواق الربانية ُترضي، والأشواك الأرضية تُردي، الأشواق إلى الله تُبكي من فرط الحب والهدي، والأشواك الأرضية تُدمي من فيض الألم والنوى، الأشواق الربانية تجعل النوم غمضا، والطعام قوتا، والنطق ذكرا، والصمت فكرا، والنظر عبرا، والأشواك الأرضية تُحيل النوم فَرَقا، والنطق شكوى، والصمت ضجرا، الأشواق الربانية تنير الليل تبتلا ورقا، والأشواك الأرضية تظلم الليل سهرا وأرقا، الأشواق الربانية تسخي اليد عطاء وبذلا، والأشواك الأرضية تجعل اليد مغلولة قبضا وبسطا، الأشواق الربانية تجعل المسافات نزهة وطربا، والأشواك الأرضية تجعل السير إدبارا وهربا، الأشواق الربانية جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يبتسم للموت ويستعذب سكراته؛ لأنه مَعبر إلى الرفيق الأعلى، والأشواك الأرضية سحبت الفرعون إلى السحيق الأدنى، الأشواق الربانية جعلت بلالا يشدو عند الموت: "عجلوني عجلوني غدا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه"، والأشواك الرضية تجعل صاحبها ينعى: "أخروني أخروني.. لا تعجلوا بي إلى أبي جهل وحزبه"، الأشواق الربانية جعلت حنظلة غسيل الملائكة ينزع نفسه ليلة عرسه من زوجته وحبة قلبه ليجاهد إرضاء لربه، والأشواك الأرضية عطلت ابن سلول أن يسعى نحو عزه ومجده وارتد على عقبه، الأشواق الربانية جعلت زيد بن الدثنة يفرح لمَّا طعن غدرا ويقول: "فزت ورب الكعبة"، والأشواك الأرضية جعلت أبا لهب يهرب من القتال في بدر خشية أن يقتل بيد فارس، فقتل في مكة بيد امرأة من قومه، الأشواق الربانية تجعل أرواح المحبين في عناق وتلاق، والأشواك الأرضية تحيل حياة المتنابذين إلى شقاق وطلاق، الأشواق الربانية تحرك نحو المعالي، والأشواك الأرضية تحرِّق كل نفيس وغال.الأشواق في الدنيا لا تخلو من أشواك "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ" (البلد:4)، والأشواق في الجنة بلا أشواك؛ "بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" (آل عمران:169- 170) فطوبى لمن آثر الآجلة على العاجلة، ويا بؤس من عاش في أشواك الدنيا والآخرة "خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (الحج:11)، ويا نِعم من قادته أشواقه إلى المعالي، ويا بؤس من حاطته أشواكه بالمعاصي.الأشواق الربانية نغم يشبع النفس أمنا: (أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: 82)، والأشواك ألم يملأ النفس حزنا، الأشواق مشاعر تضيء المشاعل، والأشواك متاعب تضاعف المشاغل، الأشواق أنوار في القلب تهيجه نحو المكارم، الأشواك ظلمات في القلب تجره نحو المغارم، الأشواق إلى الله تحوِّل الصلاة خشوعا، والصوم احتسابا، والصدقة إحسانا، والذكر طوعا، والعفو طبعا، والخير وفيرا، والقليل كثيرا، والرضا بما قسمه الله أصيلا، والسخط دخيلا، والأشواك في الطريق إلى الله تقطع الصلاة بالشواغل، والصيام بالغيبة والنميمة، والحج بالرفث والفسوق والجدال، وتجعل الزكاة مغرما، والذكر نادرا، والعفو مستحيلا، والكثير قليلا، الأشواق إلى رسول الله تجعلنا ندرِّس سيرته، ونعرف مناقبه، ونتأسى بسنته، ونكثر من الصلاة عليه، ونسارع إلى حماية دينه وحمل رسالته، وتبليغ دعوته والتمكين لملته، والتضرع لله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى في جنته، والأشواك في طريقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعلنا ننسى سيرته، وننكر مناقبه، ونتأسى بأعدائه، ونلهث وراء كل ناعق، ونزحف وراء كل فاجر، الأشواق إلى الأحباب في الله تدفع إلى التزاور والتجاور، والتحاور والتشاور، والتناصح والتذاكر، والبذل والعطاء، والإيثار والإحسان، والعفو والصفح، والإحساس بهم في الأفراح والأتراح، كما قال الشاعر:أخي إن بَسِمت فمن مبْسَمي وإن أنت نُحْتَ فمن أضلعيلغة المتحابين في الله الشعور بالغنى والقوة والحماية والعناية من خلال كلمة "نحن"، وسمتهم رحماء بينهم، أذلة على بعضهم، لا يكاد يعرف قائدهم من جنودهم، يتسابقون إلى المغارم ويقلون عند المغانم، والأشواك في طريق الإخاء تحاسد وتحاقد، وتباغض وتباعد، وشقاق ونفاق، وتنافس على عرض زائل، وتسابق إلى منصب زائف، تعلو معها الأنانية، وتزداد الكراهية، حوارهم عتاب، ووجوههم أنياب، وقلوبهم سراب وأفئدتهم هواء، لغتهم "أنا أو الطوفان"، وسمتهم أشبه بغابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويمكر الضعيف بالقوي، يكثرون عند الطمع، ويقلون عند الفزع، الأشواق تدفع صاحبها إلى بذل الفرض قبل الفضل، ويستفرغ غاية وسعه للوصول إلى رضا الحبيب، والأشواك تجعل صاحبها مغلول اليدين، ضعيف الحيلة، خبيث النفس كسلان، الأشواق نعمة، والأشواك نقمة، الأشواق رحمة، والأشواك قسوة، الأشواق ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات، والأشواك تنزل بصاحبها إلى أسفل الدركات، عنوان الأشواق: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) (التوبة:59)، وعنوان الأشواك: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (المؤمنون:37).يا قوم هيِّجوا الأشواق إلى الله ثم إلى رسول الله ثم إلى الصالحين من عباد الله ثم إلى فعل الخير ونفع الغير، وكفكفوا الأشواك التي تُظلم الصدور، وتُقسِّي القلوب، وتُحجّر العقول، وتُغلُّ اليدين، وتعمي العينين أن تبصر الطريق إلى الرفيق الأعلى. يا قوم رددوا معي أنشودة الأشواق إلى رب العباد:تكون معي فيزداد اشتياقي وتنساب السكينة في سكونيفإلى معية دائمة مع الله تعلو فيها الأشواق، لا معية دائبة مع الشيطان تتقاصفنا فيها الأشواك!واشوقاه للقاء ربي، واشوكاه مما ألقى في طريقي ودربي، واشوقاه إلى صحبة نبيي، واشوكاه من آلام ذنبي، واشوقاه إلى خلوة أناجي فيها ربي، وجولة مع أحبابي في دربي إلى مرضاة ربي.
1455
| 05 فبراير 2014
يكفي في سجود القلب خشوعا وسجود العقل انصياعا وسجود الجسم اتباعا أن يقترب العبد من ربه سبحانه وتعالى، وأن ينال صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، أما الأولى فلقوله تعالى: "وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ" (العلق: من الآية19)، وأما الثانية لما رواه مسلم بسنده عن ربيعة الأسلمي أنه قال: "كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: "سل" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أو غير ذلك؟" قلت: هو ذاك، قال "فأعني على نفسك بكثرة السجود"، وهي منزلة لا تعلوها منزلة أن تكون قريبا من الله في الدنيا والآخرة في رحلة معراج إلى الله تعالى مرات كل يوم، وفي صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وقد ذكر الشاطبي في كتابه "الاعتصام بالكتاب والسنة" أن الله تعالى لما علم حب نبيه صلى الله عليه وسلم لأمته منح أمته مما أعطى نبيه، فلما "دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ" (النجم: من الآية8و9)، جعل الله تعالى هدية سيدنا محمد لأمته هي الصلاة، ويُعَنون لها بالركوع والسجود كما قال تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ" (الفتح: من الآية29)، وعليه فليس الركوع والسجود فريضة ثقيلة إلا على قلب أصحاب الشمال أو المنافقين، أما السجود لدى أصحاب اليمين فهو عبادة حسنة، أما المقربون فالصلاة هي قرة العين، وهي الحديقة الغناء، والواحة الفيحاء، والأمان الجليل، والنور الكبير، وهي الملاذ في الشدة، والهدوء في الحدة، فلو حدث خطب جلل فليل العابدين محراب القانتين، والسجود في السحر قمة الاقتراب من رب العالمين؛ حيث ينزل ربنا سبحانه وتعالى ويدنو من عباده – من غير تجسيد ولا تشبيه – وينادي هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من سائل فأعطيه؟ فإذا اجتبى الله عبدا هداه وقواه وأعانه وذكَّره، وهذَّبه وقوَّمه ليكون أهلا لقيام الليل فيفيض عليه من رحماته وبركاته وأرزاقه ونفحاته، كما قال تعالى : "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" (الزمر:9)، و قد قال الشاعر العابد محمد إقبال:يارجال الليل جِدُّوا رب صوتٍ لا يردلا يقوم الليل إلا من له عزم وجدلكن هذا السجود لابد فيه من الانتقال ثلاث نقلات: من غفلة القلب إلى استحضاره، ومنه إلى حضوره، وهذا لا يحدث فجأة بل رزق يحتاج إلى طول دربة، وصدق نية، وقوة مجاهدة، ودقة رقابة للقلب في خشوعه وخضوعه، وذلته ومسكنته بين يدي ربه، ومدى فرحه بالبر والطاعات، والصالحين والصالحات، وهنا تحدث هذه النقلات من الاجتباء والاصطفاء لينال ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس" (الجامع الصحيح للسيوطي، حديث صحيح)، وهما أمران مرتبطان ببعضهما؛ فمن سجد فاقترب ورأى من آيات ربه الكبرى، وأيقن بغنى الملك وعزته وقوته لم يحتج إلى غير الله تعالى، خاصة إذا كان ربنا سبحانه قد جعل السجود هو المعيار الأول لعبادة الرحمن وطاعته سبحانه والاقتراب منه جل وعلا، فكان أول تكليف للملائكة بعد أن خلق الله تعالى آدم أن يسجدوا لآدم عليه السلام كما قال سبحانه: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)، وتميز ذلك بهذه السجدة بين عابد وفاسق حيث قال تعالى عن إبليس لما رفض السجود : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (الكهف: من الآية 50)، وجعل الله معيار العبادة والإيمان حتى يشتري الله هذه النفس ويورثها أعلى الجنان أن نكون من الساجدين كما قال تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة:112)، وقد أخبرنا الله تعالى أن الكون كله ساجد لله تعالى ما عدا فريق من الناس قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18)، وفي سورة الرحمن يذكر ربنا : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (الرحمن:6)، فالسجود عبادة الإنسان صاحب الإيمان وعبادة الملائكة والكون كله ليس منه شيء إلا وهو ساجد للرحمن، فإذا سجد الإنسان فقد عبد الرحمن، وتوافق مع الأكوان، وانخنس الشيطان، ويولي حاقدا على الإنسان، قائلا : "تبًا لي أُمرت بالسجود فلم أسجد، وأمر ابن آدم بالسجود فسجد"، أما سجدة الاغتراب في جسد يهوي إلى الأرض، والقلب مشغول عن ذكر الله وعن الصلاة، بل له قلب لاهٍ عن مقام الله، وعقل يستكبر عن حكم الله، خاصة إذا خالف هواه، وله أخلاق السفهاء بعد الصلاة، وأخلاق الأنعام عند الطعام، والثيران عند الخصام، فجسده في الأرض رأسًا وكفين وركبتين وقدمين، فاستوفى الشكل الفقهي واستبعد الاستحضار أو الحضور القلبي فصار سجوده اغترابا عن الله لا اقترابا، وكم من ساجد تُلفُّ صلواته وسجداته في خرقة وتضرب في وجهه وتقول له: ضيعك الله كما ضيعتني، ولذا أنصح نفسي أن نستعد لسجود الاقتراب بكثرة الذكر والشكر والبذل والعطاء و الصدق والأمانة قبل الصلاة، فإذا صليت ووصلت إلى السجود فابك أو تباكى حتى تبكي، وتذكر وأنت تقول سبحان ربي الأعلى أنك الصغير والله هو العلي الكبير، وأن الله أسبغ نعمه علينا ظاهرة وباطنة، وقابلها العبد كما قال تعالى : "إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ" (العاديات:6)، وقد سترنا ربنا وجاهرناه بالمعاصي، وغفر لنا وزلت بنا قدم بعد ثبوتها، وبهذه الدُّربة يصل الإنسان إلى قلب يخشع وعين تدمع وعمل يرفع ودعوة يستجاب لها؛ للحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء).أدعو نفسي وإخواني وأخواتي أن نتدرب على لذة سجدة الاقتراب، وأن نجافي سجدات الاغتراب؛ فنحن أحوج ما نكون - في هذه الأيام العصيبة التي تمر على مصرنا الحبيبة- إلى رب الأرباب، وحبله المتين الذي نقترب به إليه سبحانه هو سجود القلب خشوعا، والعقل اتباعا، "وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ" (النساء: من الآية 32).
1566
| 29 يناير 2014
لم أحب في حياتي جيلا حبي للشباب، فلو دعيت لمائة من الشباب وألف من الكبار لما ترددت في تلبية المائة من الشباب، لأنهم هم سر قوة الأمة أو ضعفها، ولهذا جاءت سورة الكهف في عنوانها ومضمونها تستدعي صورة الشباب في أحسن هيئته وصورته في المبنى والمعنى والشكل والمضمون، قال تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) (الكهف: من الآية 13و14)، ولقد ورد ذكر الفتيان والفتيات في القرآن عشر مرات، فسيدنا إبراهيم أبو الشباب بدأ دعوته وهو شاب صغير مواجها الشرك في تخصصاته الثلاثة: عبادة الحكام والأصنام والكواكب، فواجه الحكام بالحجاج كما حاجج النمرود، وواجه عبدة الأصنام بالتجربة العملية، وعبدة الكواكب بمشهد تمثيلي رائع، وسيدنا يوسف يتعرض في صغره لفتنة الإيذاء من إخوانه فلا يرد الإيذاء وهو شاب، وتعرض لفتنة الإغواء من امرأة العزيز فتمسك بالمكارم الأخلاقية خوفا من الله، وتعفف لأمرين: إيماني وأخلاقي، خشية من الله ووفاء لمن قال: "أكرمي مثواه"، واصطحب سيدنا موسى فتاه في رحلة التعلم من الخضر، وتلحظ لغة الشباب بينهما في الإصرار على بلوغ الأهداف النبيلة فتبدأ قصته بهذه الإرادة القوية: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (الكهف:60)، وتبِعَ الإرادة القوية بالإدارة السوية ثم بالانطلاقة الفتية، فليس من الديباجة أن تبدأ قصصه الثلاث مع الخضر بقوله تعالى: (فانطلقا) وإنما هي حركة الشباب في الانطلاق إلى فعل الخير ونفع الغير، وصورة الشباب في سيرتنا النبوية تستحق وقفة علمية تربوية تعيد برمجة كل الاهتمامات لتكون أعظمها للشباب، حيث كان الكبار أسرع الناس كفرا ومعارضة، وكان الشباب أسرع الناس إيمانا ومؤازرة، فكان أول من أسلم الشاب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فناصر وضحى وآزر، وصار الخليفة الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أسلم عمر بعد أن شج أخته وزوجها كان إسلامه فتحا مبينا؛ حيث خرجت الدعوة من السرية في دار الأرقم إلى العلانية في مكة كلها، وسار في صفين يتقدم الشاب عمر صفا ويتقدم الشاب أسد الله الحمزة بن عبد المطلب صفا آخر، وطافوا حول الكعبة، أما الشاب عثمان بن عفان الحييّ السخيّ النديّ فقد خصه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن زوّجه ابنتيه واحدة بعد الآخرى، والشاب علي بن أبي طالب الفارس المغوار والعالم المدرار الذي كان أول من أسلم صغيرا وهو ابن ثمان، ونام ليلة الهجرة في أخطر مكان، وهو ابن العشرين، وبارز صناديد قريش مرارا وهو تحت الخامسة والعشرين، وصار من الخلفاء الراشدين وهو ابن الأربعين، وأنجب الحسن والحسين وهما شباب أهل الجنة من فاطمة الزهراء وهي أحب بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه وأم أبيها، وروى الألباني في صحيح الجامع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ابناي هذان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما".والشباب هم الذين هاجروا إلى الحبشة وكان قائدهم جعفر بن أبي طالب أحسن سفير تمسك بالثوابت العقيدية مع إخوانه الشباب من الصحابة والصحابيات، كما روى البخاري بسنده عن أم سلمة (فأجمعنا على الصدق لما سئلوا عن قولهم في عيسى بن مريم)، فلم يجاملوا وقالوا الحق في أدب رفيع هدى الله به النجاشي ومن معه إلى الإسلام، والشباب الستة هم أول من أسلموا من أهل يثرب، وعادوا في العام التالي 12 شابا فأرسل معهم شابا نشأ في النعيم الدنيوي وضحى بكل شيء من أجل النعيم الأخروي وهو مصعب بن عمير الذي تعاون مع الشاب أسعد بن زرارة، وزاروا رؤساء وقادة القبائل والعشائر، وكانوا سببا في إسلامهم وهم شباب أيضا منهم أسيد بن خضير وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وانطلق كل شاب إلى قبيلته، حتى لم يبق بيت بيثرب إلا دخل في الإسلام، وهم الذين سعوا إلى مبادرة حررت الدعوة في مكة من سلطة وبطش وظلم واستبداد أكابر كفار قريش، فذهب الشباب للقاء النبي صلى الله عليه وسلم ودعَوه إلى المدينة لينتقل من الدعوة إلى الدولة، ومن العبادة إلى القيادة، ومن الحق المستضعف إلى الحق المستخلف، تصحبه قوة سواعد الشباب وسلاحهم، وما أعظم كلماتهم قبل غزوة بدر حمية ورجولة وتجردا لله تعالى.وإذا قفزنا من السلف إلى الخلف ومن الماضي إلى الحاضر، فإن الشباب هم الذين قادوا الحركة الإسلامية في الجامعات والمصانع، وانتشروا في العالم كله يؤسسون في كل دولة مراكز ومدارس ومؤسسات إسلامية، ولا شك أن حكمة الشيوخ جعلتهم يترددون في إنهاء عصور الاستبداد والفساد، فصار التحرير بالشباب في الماضي والحاضر مثل الكواكب والنجوم في أفلاكها، وقد قال تعالى: (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16)، وصار الشيوخ بحكمتهم كالشمس والقمر، والشباب في همتهم كالنجوم والكواكب، ولا تستغني الدنيا عنهم جميعا، ومن ثم فنحن ننادي بأعلى صوت نريد بحق أن نثق في الشباب، وأن نحسن احتضانهم، وأن نفجر كوامن الخير فيهم، مذاكرة وتفوقا، وإبداعا واختراعا، وثورة على الباطل وتحريرًا للأسرى والأقصى والقدس وفلسطين، وليس اتهاما أو تهميشا لهؤلاء الشباب الذين ظلموا مرتين قبل الثورة إهمالا، لا علما ولا عملا، وبعد الثورة استغلالا وتحريضا وتحريشا.
440
| 22 يناير 2014
جوهر الإسلام هو صناعة الطيبات في الأٌقوال والأفعال، وقد وردت في القرآن مادة "طيب" ومشتقاتها 46 مرة، ومنهج الباطل هو تبني الخبيثات في الأقوال والأفعال وقد ورد ذم الخبيث بمشتقاته في القرآن 15 مرة، ونجد هذه الطيبات تتخلل كل مناهج الحياة في الإسلام سواء كان قولا أو فعلا، في الرضا والغضب، والعسر واليسر، والفقر والغنى، والصحة والمرض، والسفر والحضر، والصغر والكبر، فإذا تكلم المسلم فمنهاجه: (وهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) (الحج: من الآية24)، ويُتبع الكلمات الطيبات بالأفعال الصالحات كما قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر: من الآية10)، وإذا تيمم المسلم عمد إلى الصعيد الطيب لقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) (النساء: من الآية43)، وإذا أكل فلا يجوز أن يذهب إلى الخبيثات من المطعومات، بل يبحث عن أحسن الطيبات لقوله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) (الأعراف: من الآية 157)، حتى لو كان الإنسان في ظرف صعب مثل أصحاب الكهف حيث طلبوا أطيب الطعام كما قال تعالى على لسانه: (فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) (الكهف: من الآية19)، فإذا أراد أن يتزوج بحث الرجل عن زوجة بين النساء الطيبات، وبحثت البنت عن الطيبين من الرجال، مبتعدين عن الخبيثين والخبيثات، لقوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) (النور: من الآية26)، فإذا بحث عن مسكن لزوجته ثم لأولاده سيبحث عن مساكن طيبة، في بلدة طيبة، كما قال تعالى: (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ: من الآية15)، فإذا رفع يديه إلى السماء سائلا الله البنين والبنات فالأصل أن يكون ذلك مشفوعا بطلب الطيبين والطيبات، لقوله تعالى: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) (آل عمران: من الآية38)، ولا ينشد المسلم شيئا في حياته ويقلب وجهه في السماء داعيا ربه مثل أن يعيش حياة طيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)، وإذا ألقى الإنسان السلام فإنما لنشر الطيب والخير والسلم في كل مكان لقوله تعالى: (فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) (النور: من الآية 61)، وإذا أنفق عمد إلى الطيب من المال، وتنحى عن الخبيث لقوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )(البقرة: من الآية 267)، أما المناهج الأرضية فتعمد إلى الخبيث ويتجمع ويتزاوج كما أخبرنا الله تعالى عنهم: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ) (النور: من الآية26)، ثم يتكاثر فإذا أخذت الكثرة بقلوب الطيبين انتشلهم الله تبارك وتعالى من هذه الدهشة، كما قال سبحانه: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) (المائدة: من الآية 100)، وأن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يهلك الخبيثين والخبيثات جمعهم رغم شتات الأهواء والأفكار والأيديوليجيات ليكون مآلهم جميعا الهلاك والبوار، بل إنهم يبالغون في جمع المال بينهم ورصده في مواجهة الطيبين والطيبات، من الرجال والنساء، والأقوال والأفعال، كما قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال: 36-37)، ويستمر وعد الله للطيبين بالنجاة والنصر والتمكين من كيد الخبيثات والخبيثين، كما قال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) (الأنبياء: من الآية 74).وإنني هنا أرفع صوتي صارخا في قومي من المصريين والعرب والمسلمين والمسيحيين الذين يشاهدون إعلاما فاسدا لا يعمد إلا إلى الخبيث من الأقوال والأفعال فينثره وينشره، ويعيده ويزيده، ويجمع له كل حاذق من المذيعين والمذيعات، والصحفيين والصحفيات الذين جعلوا شعارهم إشاعة الخبث والسخرية والاستهزاء، وكلما زاد سخرية في برامج "التوك شو" أو "اليوتيوبز" أو على "التويتر" أو "الفيس بوك" واستعمل الغمز والهمز واللمز تضاعف المشاهدون وزاد المعلقون، وارتفعت تسعيرته في القنوات والصفحات، وكأنما يريدون أن يصنعوا مجتمعا تفوح فيه الخبيثات لا الطيبات، وتعلو صورهم في الطرقات، وتتوسع برامجهم في الشاشات، وتتضاعف "الكومنتات واللايكات"، ولله در عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: (لولا ثلاث ما أحببت المقام في هذه الدنيا: مكابدة الساعات – القيام والتهجد لله تعالى- ، وصوم الهواجر – في الحر- ، ومخالطة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقي الآكل أطايب الثمر)، نريد أن نقول ونستمع فقط إلى الطيبات، وأن تصدر عنا الأعمال والأفعال الطيبات، وأن نقاوم بالحكمة الخبيثين والخبيثات من الأقوال والأفعال وذلك حتى نضمن أن نحتفظ بصفة الطيبين والطيبات في الحياة وحتى الممات، كما قال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) النحل: 32)، ونصيحتي هذه لأمتي عامة وللشباب والفتيات خاصة.
2974
| 15 يناير 2014
محاكمات العدل والإحسان عنوانها قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، ومحاكمات الظلم والطغيان عنوانها: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) (غافر:26)، محاكمات العدل والإحسان فيها قضاة لا يخافون إلا الله، ويرتعشون وهم يكتبون الأحكام لأن هناك وقفة أمام الملك سبحانه وتعالى يوم القيامة كما يقول الله تبارك وتعالى: (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ) (ص: من الآية26)، وبين ناظريهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أورده الهيثمي بسنده عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (القضاة ثلاثة: واحد ناج، واثنان في النار، قاض قضى بالهوى فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة)1، ومحاكمات الظلم والطغيان في صدر الإسلام إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا فيه الحد، لكن في مصر وعالمنا العربي ذهبنا مشوارا أبعد من هذا، إذا سرق فيهم الشريف أكرموه، وإذا لم يسرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، محاكمات العدل والإحسان بكى فيها القاضي أبو يوسف الحنفي الذي ولي القضاء مكرها فلما أتته المنية بكى، قالوا: ما يبكيك وقد كنت أعدل القضاة، فقال: أقسم بالله ثلاثا ما حكمت في قضية إلا بالعدل ما عدا قضية واحدة كانت بين الخليفة ونصراني، وكان الحق للخليفة، وقضيت فيها للنصراني مخافة أن يقال: حَكَم للخليفة تزلفا، وظل يبكي لأنه ظلم الخليفة لحساب نصراني، أما محاكمة الظلم والطغيان فقد حكمت على الشعب المصري الثائر كله لحساب الانقلابيين، فهؤلاء سلبوا الشعب المصري حرياتهم وصوبوا الرصاص الحي إلى صدورهم، وبالغوا ودققوا التصويب إلى عيونهم ورؤوسهم، ودهسوا الشعب بسياراتهم وبأقدامهم، وأجهزوا على كثير من جرحاهم، ونهبوا النقير والقطمير من أموالهم، واحتقروا واعتقلوا علماءهم وعامتهم، وقهروا رجالهم ونساءهم، وتم سحل المتظاهرين سلميا وضربهم وسبهم ولعنهم بأمهاتهم وأهلهم وذبح الكثير منهم، مما لا يتصور أن يفعله غير الصهاينة بالمصريين أو الفلسطينيين أو الأردنيين أو السوريين، أو ما يفعله شيعة العراق بأهل السنة، أو ما فعله ولا يزال جزار الأسد بشعبه المسكين، قال ابن قيم الجوزية: "أحكام الدنيا تجري على الإسلام، وأحكام الآخرة تجري على الإيمان"، فإذا حوكم الرئيس مرسي والشرفاء محاكمات شكلية فيها أبشع أنواع الظلم والطغيان فإن المحكمة الربانية معقودة، يقول فيها ربنا سبحانه: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) (طه: من الآية111)، وفي الحديث الذي رواه المنذري في الترغيب والترهيب بسند صحيح أن الله تعالى يقول لكل نفس مظلومة: "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين". حقا يجب على الشعب المصري أن يستمر في مظاهراته السلمية في جميع ميادين مصر، بل واجبهم أن يكملوا مشوارهم "الشعب يريد عودة الشرعية".فيا دماء الشهداء ويا أمهاتنا الثكالى ويا آباءنا الموتورين وشعبنا المظلومين لابد من إكمال الثورة السلمية على الظالمين مع اليقين أن عين الله لا تنام وبطشه شديد، وعذابه أليم، والميزان في الآخرة ينتظر الناس جميعا.قال هاشم الرفاعي: وإلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.
1065
| 09 يناير 2014
في الخبر تُذكر الحقائق كما هي، كما قال الله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق:1)، وفي الإثارة تقلب الحقائق على رأسها كما يقال في الصحف والجرائد "لا تقرأ هذا الخبر" وهم يقصدون أن يكون أول خبر يُقرأ، في الخبر يذكر أن "الكلب قد عض الإنسان"، وفي الإثارة يذكر "الإنسان قد عض الكلب"، ونحن في حاجة ماسة إلى ثورة في عالم الأخبار بتغيير رؤساء التحرير للأخبار في عالمنا العربي وأذنابهم الذين لا يعرفون إلا شيئين: التسبيح بحمد الطغاة، والتسبيح بحمد الشهوات، فالأخبار كلها معكوسة، والأنباء مقلوبة، لأنهم تربَّوا في مدرسة الكذب والإثارة والثرثرة، وتعلموا على أيدي سدنة صناعة الأخبار من الصهاينة الذين يدرِّسون لطلاب الصحافة أن من أبجديات صناعة الأخبار كما يذكر الدكتور سليمان صالح في كتابه "صناعة الأخبار" على لسان أحد الأساتذة اليهود المتخصصين في الصحافة حيث يقول: "إذا عض الكلب إنسانا فلا يمكن أن يُنشر الخبر كما هو، بل يجب أن يُنشر على أن الإنسان هو الذي قد عض الكلب، ليكون صحفيا صاحب إثارة وليس مجرد كاتب"، وها هو الكيان الصهيوني يقتل كل يوم أبناءنا في غزة، ويعيش هوس الاستيطان الظالم، ويطرد أبناء الوطن، ثم يذهب إلى الخارج يبكي من إرهاب الفلسطينيين ورعب المقاومين، وقد صار أكثر رؤساء التحرير في الصحف والتلفزيونات على هذا المنهاج المضلل الذي يعتمد الإثارة لا الحقيقة، مخالفا أبسط درجات الصدق والأمانة، ولم يستطيعوا أن يقتدوا بالهدهد الأمين الذي جاء إلى سيدنا سليمان وقال: "وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ" (النمل من الآية:22)، وقد قام جهاز أمن الدولة بأعلى درجات الإثارة وقلب الحقائق، ليجعلوا السُلطة ترتعش من "الإرهابيين" الذين يختبئون في المساجد، فكان يُكتب في جريدة الأخبار المصرية في الخبر الأول في الصفحة الرئيسية: (وراء كل مسجد إرهابي) ثم صارت (إرهابيين) ثم اقتحموا المساجد على العاكفين والدارسين والمصلين، واعتبروا أن وراء كل مصلي الفجر جماعة إرهابية تزعزع الأمن والاستقرار في البلاد، وأذكر أنني ألقيت محاضرة في مسجد المدينة الجامعية بجامعة القاهرة وكنت أتحدث عن منهجية التغيير من خلال القاعدة الشعبية وليس الانقضاض على السلطة، وفنَّدتُ يومها أدلة بعض الجماعات التي تتبنى قتل الوزراء وضباط الشرطة، وقلت يومها: "إن المعارك داخل الوطن الواحد ليس فيها منتصر ومنهزم، بل الكل منهزم، وأننا يجب أن نسعى إلى التغيير السلمي الشعبي والتعايش الوطني مع غير المسلمين، وتخزين كل طاقات الغضب لتتفجر في العدو الخارجي من الصهاينة المعتدين، والصليبيين الظالمين، والصرب الملاعين"، وفي اليوم التالي كان د.علي السلمي نائب رئيس الجامعة يدعوني للمساءلة: "كيف تدعو لاغتيال وزراء وقيادات الشرطة؟"، قلت له: "أولا: اطلب الشريط واسمعه، ثانيا: إذا جُنَّ الإنسان يكون ذلك على مراحل ولم أصب بالجنون الكلي فجأة، وثالثا: إن من نقل الخبر لو كان عنده حَوَل في مخِّه ما قلب الحقائق إلى هذا الحد"، ثم تبيَّن لي أن كاتب التقرير من هؤلاء الأذناب في أمن الدولة الذين تعودوا وترَبَّوا على الإثارة وقلب الحقائق لا الخبر اليقين.يا قوم استمروا في الثورة على كتاب الإثارة حتى يأتينا قوم مثل الهدهد منهاجهم: "وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ" (النمل من الآية:22).
657
| 02 يناير 2014
امتحانات الدنيا يجريها العباد للعباد، وامتحانات الآخرة يجريها رب العباد للعباد، امتحانات الدنيا في مادة واحدة، وامتحانات الآخرة تشمل كل شيء: شبابا وعمْرا ومالا وعلما، لقوله تعالى: (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف:49)، امتحانات الدنيا كل عدة أشهر، وتتدرج من الامتحانات في الابتدائية حتى امتحانات الماجستير والأستاذية، وامتحانات شغل الوظائف القيادية، لكن امتحانات الآخرة فتكون مرة واحدة؛ يعقبها جنة أبدا أو نار أبدا، امتحانات الدنيا تنقل الإنسان من فصل إلى آخر، ومن درجة وظيفية إلى أعلى، وامتحانات الآخرة إما درجات في الجنة: (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) (آل عمران: 163) أو دركات في النار والعياذ بالله: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (الحجر:44)، امتحانات الدنيا فيها مراقبون من البشر وأساتذة ومشرفون، وامتحانات الآخرة يديرها الحسيب الرقيب الواحد الأحد فإن أنكر العبد شيئا تشهد عليه ملائكته الكرام، واللحم والعظام، والأرض والأنام، امتحانات الدنيا تطول وتطول، ويصول فيها الإنسان ويجول، أما امتحانات الآخرة فالله سريع الحساب، ويحاسب العباد جميعا في لحظة واحدة كما يرزقهم في لحظة واحدة، امتحانات الدنيا فيها الوساطات والأخطاء في تقدير الدرجات، والمظالم في وضع العلامات، أما امتحانات الآخرة فشعارها: (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (غافر:17)، امتحانات الدنيا يُشغل بها الممتحَن وأمه وأبوه وأخته وأخوه، أما امتحانات الآخرة: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (مريم:95)، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس: 35-37)، امتحانات الدنيا فيها الرأفة لمن لم يصل لدرجة النجاح في حد لا يزيد على 20% من الدرجة الكلية للنجاح، وامتحانات الآخرة فيها الشفاعة لمن لم يصل إلى الفلاح، يقودها النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً بين يدي ربِّه، متبتلا إليه (رب أمتي) حتى يرضيه الله في أمته فيخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. امتحانات الدنيا حصادها فانٍ، وامتحانات الآخرة حصادها باقٍ، فلنؤثر ما يبقى على ما يفنى: (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى) (الضحى:7).
1269
| 25 ديسمبر 2013
الثائر للحق لا يغضب لنفسه ولا لحزبه ولا لجماعته بل للقيم والمبادئ والوطن، والثائر للباطل تضعف عنده القيم وينتصر للقمم، ويثور ويفور ويرغي ويزبد من أجل شخصه وحاجاته هو وفئته أو جماعته أو حزبه مهما أضر ذلك بالقيم والمثل والوطن، إن الثائر للحق يصطف مع غير المسلم لو كان الحق معه، والثائر للباطل لا يصطف مع المسلم إن كان الباطل معه، الثائر للحق من القوامين للحق ولو على الوالدين أو الأقربين، والثائر للباطل من القوامين للظلم ولو أضر بالوالدين والأقربين، الثائر للحق ينصف خصمه في مكارمه ومحامده، والثائر للباطل ينتقص من خصمه حتى في مكارمه ومحامده، ويجيد تأويلها نحو سوء النية وخبث الطوية؛ وكأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور مما اختص الله به نفسه ولم يعطه لملك مقرب ولا نبي مرسل، الثائر للحق لا يثور وحده بل يثور مع الربانيين الكثر كما قال الله تعالى: "وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" (آل عمران:146)، فلا يعتصم أو يثور سلميا إلا من خلال الشورى مع الأكثرية من ذوي الإخلاص لله تعالى والحمية الصادقة للوطن، والثائر للباطل عنده استعداد للخروج مع كل ناعق، ومخالفة الأغلبية، والمهم "خالف تعرف" أو كما قال الشاعر العربي: إذا أنت لم تنفع فضر فإنما يراد الفتى كيما يضر وينفع الثورة للحق تحافظ على الحرث والنسل والحجر والشجر والمساجد والكنائس، والآثار والوثائق، والطرق والجسور، والبحار والأنهار، لأن الله تعالى قال: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" (هود:61)، وقال عن حفظ النفس: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (المائدة:32)، فلا يرضى أن يلغ في دماء الناس ولو أكره من قيادته العسكرية أو الشرطية أو رؤساء عصابات البلطجية، ولا يلقى الله بحبس هرة فيدخل بها النار كما جاء في الحديث الصحيح، ولا يكسر غصن شجرة، بل لو قامت القيامة وفي يده فسيلة فسوف يغرسها رجاء ثواب اتباع الأمر النبوي الشريف، والثائر للباطل لا يبالي بالأرواح ولو سالت الدماء على يديه بل يستعذب تعذيب الناس، ويطرب للتكسير والتحريق والتدمير ولو كان في هذا هدم بيته هو، وشقاؤه في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" (البقرة:204-205)، وهؤلاء الذين دبروا فض اعتصام رابعة والمنصة والاتحادية و..... من الثوار للباطل المكابرين في الشر، الكارهين لمصر، الراغبين في إعادة عقارب الساعة للوراء، والتاريخ القهقرى، ودم الشهداء يصير هدراً. نريد أن نحافظ على سلمية ثورتنا على الانقلاب والاستبداد والفساد والتحلل والتخلف، ونهدأ بعد استرداد الشرعية لنفكر ونخطط ونبتكر ونصنع ونزرع ونصدر وآنئذ ستعود مصرنا ودولنا العربية والإسلامية قادة العالم بلا منازع، وهو قادم لكن السنن الربانية تقضي بأن الزمن جزء من العلاج فلا نستعجل شيئا قبل أوانه فنعاقب بحرمانه.
1200
| 18 ديسمبر 2013
الديمقراطية الحقيقية تبدأ من الحرية الراشدة في الشارع والمهن، والدساتير والقوانين ثم تظهر صورتها الحية في خمس مراحل تبدأ بالمحليات "البلديات" ثم النقابات ثم مجلس النواب ثم الشورى ثم أخيرا رئاسة وقيادة البلد كله، أما الديمقراطية "المنزوعة" فليس فيها هذه الحريات ولا هذه الخطوات، وإنما تُختصر البلد كلها في شخص "الزعيم" الانقلابي، ويبدو أن اشتقاقها صار في دولنا العربية حديثا من قول العرب: "الزعم مطية الكذب" فيغنِّي الجميع للزعيم: "أنا الشعب أنا الشعب"، أو كما قال تعالى في بيان الظاهرة الفرعونية: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي) (القصص: من الآية 38)، وقوله تعالى: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر: من الآية 29)، في الديمقراطية الحقيقية الشعب هو السيد وأعضاؤه المنتخبون في المحليات "البلديات" والنقابات ومجالس النواب والشورى ورئيس البلاد كلهم خادمون للشعب؛ ولذا لم يندهش معاوية بن أبي سفيان عندما دخل عليه أحد الرعية فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالت الحاشية: بل الأمير، فقال: بل الأجير، لأنه متفرغ لخدمة الأمة كما يتفرغ الأجير لخدمة من استأجره، أما الديمقراطية المزعومة فالشعب كله أجير لدى الزعيم أو الرئيس أو الأمير أو الملك أو السلطان، وهم يكدحون لتصب أموال الدولة في جيب هؤلاء الزعماء وعائلاتهم وحاشيتهم وزبانيتهم، الديمقراطية الحقيقية هناك علاقة تراحم وتوادد وتعاون بين الشعب والسلطة لأنهم جميعا يسعون إلى خدمة الوطن وفق هذه المنظومة الرباعية: للأرض عمارة، وللشعب رعاية، وللقانون طاعة، وللسلطة معاونة فيما لم يخالف شرعا، فإذا انحرفت السلطة أو كان القانون الموروث بعيدا عن الحق والعدل فلا يجوز أن ينقلب أحدٌ فردا أو جماعة على الشعب قتلا وإرهابا، أو الأرض تخريبا وإفسادا، وإنما يستمر الجميع في المنهج الديمقراطي للشعب رعاية، وللأرض عمارة، ويُذهب إلى الصندوق لتغيير القانون والسلطة معا، أما في الديمقراطية المزعومة فإن الحاكم "الانقلابي" يبقى والشعب يذهب إلى الجحيم. الديمقراطية الحقيقية تكثر فيها الأطياف والألوان وتتعدد الأحزاب والهيئات والمؤسسات والجامعات، والديمقراطية المزعومة الطيف فيها واحد لدرجة أن كل المساجد الكبرى في مدن إحدى الدول العربية لابد أن تحمل اسم "الزعيم"، والحياة كلها ليل دامس ليس فيه ليل ونهار، شمس وقمر، حر وبرد، أبيض وأسود، فإذا أحب "الزعيم" لونا تتحول الألوان كلها وفق مزاج "الزعيم"، وتتحول الألوان الأخرى إلى ألوان باهتة في الطيف الاجتماعي. الديمقراطية الحقيقية هناك إقرار ذمة مالية يقدَّم مع الخطوة الأولى في الترشيح للمحليات أو النقابات أو مجالس النواب والشورى والرئاسة، ويُساءل أمام القاصي والداني من أين لك هذا؟ وقد استقال مسؤولون في الغرب لأنهم حوسبوا على ملاليم أنفقوها في غير وجهها، وفي الديمقراطيات المزعومة لا توجد ذمة أصلا، ولا ضمير، ولا خلق، وينفق "الزعيم" المال كيفما شاء، ويدخر منه لنفسه وعائلته وزبانيته وحاشيته كما يريد، ولو فكر أحد أن ينبس ببنت شفة أو يكتب كلمة فإنه يتعرض لما قاله الشاعر محمود عمر حيث قال: إن قلت بعض حقيقة قطع اللسان ولقد علمت مصير من شذَّ عن قانون ممنوع الكلام فسيلحقون بجرمه مليون اتهام ومع كثرة القهر والاستبداد تخرج بعض الأصوات من الشعوب تؤسس لهذا الجبن والهلع، والخوف والفزع، ويسود منطق الشاعر: كن دائماً بين الخراف مع الجميع طأطئ وسر في درب ذلتك الوضيع أطع الذئاب يعيش منا من يطيع إياك يا ولدي مفارقة القطـيع أما الديمقراطية الحقيقية فمنطق كل فرد في الشعب هو قول الشاعر: لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل أو كما قال الشاعر: كل الذي أدريه أن تجرعي كأس المذلة ليس في إمكاني أهوى الحياة كريمة لا قيد لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي يغلي دم الأحرار في شرياني الديمقراطية الحقيقية ترى طوابير الانتخابات مبهجة مهما كان حر الصيف أو برد الشتاء، يقفون في أمن بلا خوف من أكابر البلاطجة في الخارج والمزورين في الداخل، أما في الديمقراطية المزعومة فإنهم يقتلون الأحياء الذين يريدون أن يصوتوا لغير "الزعيم" وحزبه، ويحيون الأموات الذين تصوروا أنهم في عنقهم بيعة إلى "الزعيم" إلى يوم الدين!. وهنيئا لأعراس الحرية والديمقراطية الحقيقية التي حلَّت بتونس ثم المغرب ثم مصر زمن الرئيس المنتخب، وعقبال فرحة عودة الشرعية، وكله يفرح ويتهنَّى. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم: من الآية 4 و5).
1406
| 11 ديسمبر 2013
محمد مرسي سجينا صاحب صمود ودعوة يهابه أصحاب الانقلاب، ومحمد مرسي رئيسا صاحب دعوة ودولة يحبه الأصحاب، محمد مرسي سجينا يؤخذ من بين أحضان أهله وأحبابه ظلما وعدوانا ليودع في السجن ليالي وأياما طوالا لا يدري متى يخرج وتهمته الكبرى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (البروج:8)، ومحمد مرسي رئيسا يقف على الأشهاد يُسمع العالم كله كلمات أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "وليِّت عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم"، محمد مرسي سجينا يؤمر "بمهانة" من صغار الضباط والجنود وكل من هبَّ ودبَّ فيطيع في غير معصية، ومحمد مرسي رئيسا يأمر "بتواضع" فيطاع من الوزير إلى الغفير، ومن الكبير إلى الصغير، محمد مرسي سجينا يبيت أهله وأولاده وأحبابه يدعون على الظالمين ويتضرعون إلى الله أن ينتقم من المفسدين وأن يفرِّج كرب المكروبين وأن يرد محمد مرسي وإخوانه المظلومين إلى أهلهم وأولادهم وإخوانهم ودعوتهم سالمين غانمين غير خزايا ولا مبدلين، ومحمد مرسي رئيسا يرتعش قلبه مثل جنَاحيْ طائر أن يكون سببا في ظلم إنسان أو طير أو حيوان أو نبات أو جماد متأسيا بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي اشتد نحيبه وعلا بكاؤه بصراخ طفل بكَّرت أمه بالفطام حتى تحظى بعطايا بيت المال، فبكى وقال: ويحك يا عمر كم قتلت من أطفال المسلمين، وذهب ليحمل لهم من بيت المال الدقيق والزيت وغيره من الطعام ولما سأله غلامه أن يحمل عنه قال: وهل تحمل أوزاري يوم القيامة؟!، بل إن عمر بن الخطاب كان يشفق على نفسه يوم القيامة أن يسأله تعالى عن الدواب فقال: إذا زلت دابة في العراق فإني أخشى أن يسألني الله عنها لما لم تسوِّ لها الطريق يا عمر؟!، محمد مرسي سجينا عبادته تدبر القرآن والقيام، والذكر والدعاء، والشكر والثناء على رب العباد سبحانه، والصبر الجميل على فتنة الإيذاء، ومحمد مرسي رئيسا عبادته مع الصيام والقيام والذكر والدعاء وقراءة القرآن أن يتدبر أمر رعيته، وأن يتفكر في نهضة أمته، وأن يقرر - بالشورى - مسارات التنمية ومجالات البناء، وأساليب وقف الفساد، ومحاصرة الاستبداد، وعلاج التخلف، ومقاومة التحلل، والارتقاء بمصر محليا بمشروع النهضة، ودوليا بأن تتولى مصر مكانها القيادي في الأمة العربية والإسلامية بعد سنين طويلة من التأزيم الداخلي والتقزيم الخارجي. محمد مرسي سجينا يعدِّه الله في السجن كما أعد يوسف عليه السلام عندما أُدخل السجن لأنه استعصم بالله، واستمسك بالفضيلة، وأبى أن يُلبي فتنة الإغواء من امرأة العزيز ونساء القصر كما قال سبحانه: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلى مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (يوسف:33)، ومحمد مرسي رئيسا من أكثر الناس إحساسا بآلام المظلومين، وصرخات المنكوبين، ودعوات المقهورين، وأنَّات الموتورين، فدعوات المظلوم ترفع إلى سبع سماوات ولو كانت من غير مسلم، وقد قال تعالى: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) (طه: من الآية 111)، وجاء في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام وتُفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي لأنصرنَّك ولو بعد حين"، محمد مرسي سجينا مسؤول أمام الله عن أهله وشعبه وأمته، لكن سلبت منه الصلاحية أن يقوم بواجبه لإصلاح بلده وأمته، ومحمد مرسي رئيسا كان يسعى أمام الله مع الصلاحيات الموكلة له لحمل مسؤوليته عن الأرملة والمطلقة، والمتزوجة والعانس، والمتعلم والجاهل، والوزير والغفير، والكبير والصغير، محمد مرسي سجينا لم يكن مسؤولا عن حماية زنزانته حيث يوجد زبانية يحرسونها أن يتسرب منها أحد، لكن محمد مرسي رئيسا مسؤول عن ثغور مصر المترامية الأطراف في مساحة شاسعة من البحار والأنهار والسهول والوديان، والجبال والتلال، والمزارع والشوارع، والصحارى والقفار، خاصة أن بجوارنا عدوا مغتصبا قال الله فيه: (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) (آل عمران: من الآية 118)، محمد مرسي سجينا أقرب إلى الله بصبره وجلده، لقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر: من الآية 10)، وقال الشاعر أبو ذؤيب الهذلي: وتجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع ومحمد مرسي رئيسا نحسبه أقرب إلى الله إذ وفى مع شعبه وأمته وعالمه، وينتظره ظل الله إن وفى بالعدل والفضل كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم بسندهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل....). لك الله يا محمد مرسي سجينا مختطفا وأعادك لنا رئيسا منتخبا.
446
| 30 نوفمبر 2013
هناك هيبة شكلية تأتي من خلال المواقع واللوائح، وهناك هيبة حقيقية تأتي من خلال المواقع والمبادئ، وهناك من لا يحتاج إلى مواقع أو لوائح لكنه صاحب هيبة كبيرة بين الناس، ومن هؤلاء بعد أنبياء ورسل الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي قبل الخلافة وبعدها، وهيبة الأحنف بن قيس وهو أحلم العرب حتى قيل ما رآه أحد إلا استقبله واقفًا، وهيبة ابن تيمية الذي لم يكن قاضيًا ولا وزيرًا ولا أميرًا، لكنه كان يرهب أعداء الله من الفرنجة ويخاطب قادتهم لفك أسرى المسلمين والمسيحيين، فيوافق الفرنجة على إطلاق سراح المسلمين دون المسيحيين، فيرفض إخراج المسلمين حتى يكون معهم كل رعايا أمة الإسلام من المسيحيين وغيرهم، ومنهم العز بن عبد السلام حتى سمي سلطان العلماء، وقد رأيت الشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله تعالى قبل أن يكون عضوًا لمجلس الشعب المصري وبعده مهابًا في كل مكان حلّ فيه، مطاعًا من الوزراء والمدراء في شفاعته لذوي الحاجات، حيث كان يدخل عليهم بقامته الكبيرة وعمامته العظيمة، وابتسامته الواسعة، فيجاب في شفاعته لكل ذي حاجة. ولا شك أن هيبة القضاء جزء من الثقافة الإسلامية حتى إن الفقهاء نصوا على أن بغلة القاضي يجب أن تكون سليمة من كل العيوب، فمن اعتدى على بغلة أحد من الناس بقطع ذنبها يغرم بقدر ما نقص من ثمنها، أما من قطع ذنب بغلة القاضي فيغرم ثمنها كلها، وعللوا أن القاضي لا يجوز له أن يركب بغلة مقطوعة الذَنَب، بينما يجوز لغيره ذلك. وقد خشي الأئمة الأربعة على أنفسهم أن يكونوا قضاة حتى وشي بهم الواشون لدى الخلفاء أنهم لا يقبلون منصب القضاء دليلاً على عدم تسليمهم بالبيعة للخليفة، فعذب بعضهم، وما قبل أحدهم أن يكون قاضيًا إلا خشية من الحديث الذي ورد عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار" رواه الأربعة وصححه الحاكم. حتى إن أبا حنيفة النعمان على علمه وفضله ومكانته يرفض أن يكون قاضيًا متعللاً للخليفة قائلاً: لست مأمونًا في الرضا فكيف آمن على نفسي في الغضب، فقال الخليفة: كذبت، بل أنت مأمون في الرضا والغضب، فقال أبو حنيفة في ذكاء نادر: حكمت على نفسك يا أمير المؤمنين كيف تولي قاضيًا كذابًا. لكنا اليوم أمام عدد ليس بالقليل من القضاة، لا يمثلون جمهورهم، هم غير مأمونين لا في الرضا ولا في الغضب، ويتمسكون بالقضاء حتى حافة القبر، ولو علموا أن تراب ونخاع مصر يبغضهم لأنهم بقايا النظام السابق، وهم من كانوا "ترزية" القوانين الجائرة والأحكام الظالمة، وهم قضاة النظام لا العدالة، وهم أساطين تزوير الانتخابات في سبق لا يعرفه ولا يقدر عليه حتى الشيطان، وهم من يأكلون أكثر من عشرة مليارات من الميزانية من أجل نزاهة القاضي، ثم فاحت روائح الرشاوى والمنح بالترقيات بعد كل دبلجة لقانون أو تزوير لانتخابات أو محاكمات للأبرار من خيرة أبناء مصر، كيف يطلب منا هذا القطاع من القضاة أن نحفظ هيبتهم وهم لم يحترموا مكانتهم ومقامهم؟ يا قوم إن علماء الحديث ينقلون الحديث من الصحيح إلى الحسن لمجرد حدوث وهم من الراوي مرة واحدة، فإذا كذب مرة لا يكون الحديث ضعيفًا بل موضوعًا، والحديث الموضوع لا تجوز روايته إلا لبيان وضعه كما قال جهابذة علم الحديث، فكيف إذا صارت غوغاء وضوضاء، وكذب بالجملة لا القطاعي.
2616
| 20 نوفمبر 2013
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
16926
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
7890
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...
5871
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
5538
| 13 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3546
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
2949
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
2073
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1563
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1131
| 09 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1080
| 12 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
1026
| 09 نوفمبر 2025
يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...
894
| 10 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية