رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
السياسة هي فن الممكن، والخساسة فن المجرم، السياسة كما يسميها أبو حنيفة هي أحسن ما قدرنا عليه، والخساسة هي "هبش " كل ما قدروا عليه، السياسة الشرعية تعني عند الماوردي الشافعي والفراء الحنبلي: "القيام بواجب الخلافة عن النبوة في حفظ الدين وسياسة الدنيا"، والخساسة هي خلافة عن شياطين الإنس أو الجن أو كلاهما في هدم الدين وتخريب الدنيا، السياسة الشرعية عند الجويني إمام الحرمين هي: "حفظ ما حصل، وتحصيل ما لم يحصل"، يعني الحفاظ على المكتسبات وتشجيع الإبداع والابتكارات؛ لتظل أمة الإسلام في تطور مستمر، أما الخساسة فهي ضياع المكتسبات ووأد الابتكارات لتعيش أمتنا في تأخر مستمر، السياسة هي أن ينوب الحاكم عن الأمة، حتى ناداه بعض علمائنا: السلام عليك أيها الأجير، ولم يمتعض الأمير حيث يقوم بخدمة أُمته و"خادم القوم سيدهم"، أما الخساسة فتجعل من الحاكم وكيلا عن أعداء الأمة في النقير والقطمير، ويعامل الأمة كأنهم خدم عنده، السياسة أن تراعي الأصول العقدية والأخلاقية والتشريعية والأعراف الاجتماعية، والخساسة هي إهمال كل الثوابت الدينية، والجري وراء الفلسفات العالمية والانحرافات الخارجية وجلبها إلى المجتمع بعد ليِّ عنقه كي يقبل بالطبخة الأجنبية، السياسة هي استيعاب كل الطاقات الوطنية وتوظيفها في أحسن المواقع القيادية، والخساسة هي اعتقال و"تطفيش" الطاقات الوطنية، وزجِّها في السجون والمعتقلات أو طردها إلى الدول الخارجية كي تريِّح البلاد والعباد من مشاريعهم القوية، السياسة تعتمد الوضوح مع الشعوب والمجتمعات، والصراحة في المُلمات، والخساسة التواء وكذب وخداع للشعوب، واللعب بالعواطف والأرقام، حتى تفيق الشعوب على خراب مالطة، ويبقى أقطاب الخساسة يكذبون ويدلسون، السياسة أن يُكرم أهل العلم والفضل والخبرة والحنكة، والخساسة أن يهان ذوو العلم والفضل والخبرة، السياسة أن تصان النساء عن الامتهان، وتتفرغ لتربية الرجال، وتساهم في بناء مجتمعها دون سفور وابتذال، والسياسة العربية حتى لو طغت تبقى محافظة على حرمة البيوت، حتى إن أبا جهل يستغرب طلب أحد "فتواته" ليلة الهجرة: لِم ننتظر محمدا حتى يخرج من بيته فتقتله؟، فلندخل عليه بيته، فغضب أبو جهل وقال: أتحبون أن تتحدث العرب أننا فزَّعنا بنات محمد؟!، أما الخساسة فقد أنتجت قوما يقتحمون البيوت على النساء والفتيات والأطفال ويعتقلون الحرائر والقاصرات، بل يهتكون الأعراض للضغط على الدعاة الأحرار. السياسة هي قيادة راشدة لشعوب واعية، والخساسة هي قيادة طائشة لشعوب مستعبدة، السياسة هي احترام لآدمية الإنسان وتقدير لحق الحياة ولو كانت لحيوان "لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لم تسوِ لها الطريق يا عمر؟"، والخساسة يرى الحاكم أنه يملك رقاب الناس، كما قال النمرود: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) (البقرة: 258)، أو كما قال الفرعون: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف: 127)، ويجلدون ظهور الناس، كما قال عمر رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!". السياسة أن يُحترم حق الناس في التفكير والإبداع والتصحيح والنقد والتقويم، والخساسة فلسفة فرعونية قوامها: (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر: 29)، فليس من حق أحد أن يفكر أو يبتكر، السياسة صداقة وشراكة بين الحكام والمحكومين.
1980
| 14 نوفمبر 2013
الدعاة يهاجرون من أرضهم ليعمروا أرضًا أخرى بنور الله تعالى، يحركهم قوله تعالى: "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ.."(الأنعام: 122)، أما البغاة فيهاجرون من أرضهم كي يلتهموا أرضًا أخرى يحركهم الشيطان والهوى، كما قال تعالى: "إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ..."(ص:23-24)، الدعاة أينما تحركوا يخافون الله ويلتزمون الأخلاق الراقية، عاملين بقوله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) (إسناده صحيح أو حسن)، أما البغاة فيلتزمون قِيم مجتمعهم فإذا خرجوا لغيره عاثوا في الأرض فسادًا مثل "الفويسقة" تضرم على أهل البيت بيتهم وهي الفأرة لا تخرج من جحرها إلا للإفساد، هجرة الدعاة هي لترويض عباد الله ليعبدوا ربهم ويُحسنوا إلى خلقه ويعمروا دنياهم ويصلحوا آخرتهم، أما هجرة البغاة فهي لإذلال عباد الله تعالى، وتخريب أخلاقهم، وتدمير منشآتهم، وإفساد آخرتهم، هجرة الدعاة رحمة للعالمين: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء:107)، وهجرة البغاة لعنة على أهل الأرض أجمعين: "وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ.."(البقرة: 205)، هجرة الدعاة إحياء لموات القلوب: "اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ.."(الأنفال:24)، وهجرة البغاة قتل الشرفاء، وهتك الأعراض، وسلب الأراضي، هجرة الدعاة قيادة الناس من عقولهم وقلوبهم نحو الهداية والرشاد، أما هجرة البغاة فقيادة الناس بالسلاسل والحديد والنار والسيف البتار نحو الغواية والفساد والقهر والاستعباد. أرقى مثال لهجرة الدعاة ما تحرك به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى المدينة ثم إلى الشام ومصر والعراق والهند والسند وبلاد ما وراء النهر وبلاد المغرب العربي والأندلس والقسطنطينية، حتى أن عمر رضي الله عنه يأتيه القبطي راكبا حمارًا من مصر إلى المدينة يشكو حاكم مصر وولده وهو مطمئن أنه لن يُخطف في الطريق، أو يُغتال في الصحراء، أو يُحبس في سجن الطور في سيناء، أو يَلقى من حجبة الخليفة عنتًا حتى يظفر بلقاء يحكي مظلمته دون رجفة الوجل من احتمال ردِّه كسيفًا ذليلاً، أما هجرة الأمريكان فهي قمة البغي والظلم والعدوان على الأبرياء، حيث جاء آباؤهم من أوروبا ليقتلوا أكثر من 150 مليون هندي من الهنود الحمر، ويُبيدوا سكان أمريكا الأصليين، والآن تتحرك في العالم كأنه "عزبتها" الخاصة؛ تأمر وتنهي والعبيد يبادرون للاسترضاء أيهم ألين وأسرع للسيد المطاع، وينهبون البترول والمعادن النفيسة والعقول الفذة ويسيطرون على منافذ الدول، ويُلقون الحِمم على المساجد وأبرياء أفغانستان والباكستان والعراق و..، ويدعمون فريقي الصراع في اليمن والصومال، كما دعما إيران والعراق معا في حرب السنوات الثماني. ولو وقفنا أمام هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وتقديره لأبناء يثرب بكل طوائفهم فآخى بين الأوس والخزرج والمهاجرين والأنصار وعاهد يهود بني قينقاع والنضير وقريظة، فلما نقضت بنو قينقاع عهدها حاربها وحدها لبغيها ولم يمس بقية قبائل اليهود، حتى إذا عاود يهود بني النضير نزقهم وبغيهم، وهمَّوا باغتيال النبي صلى الله عليه وسلم حاربهم وحدهم دون مساس ببني قريظة أبناء ملتهم، فلما غدرت بنو قريظة بالمسلمين وتحالفوا مع المشركين قتلهم عن بكرة أبيهم، فكان العدل ميزان الحكم، والفضل خُلق الدولة الإسلامية، أما صهاينة اليهود فقد قذف بهم الغرب بين أحشاء العرب ليصنعوا مغصًا دائمًا، وسرطانًا قاتلاً، ووباءً ماحقًا، وسيطروا على 96% من أرض فلسطين وطردوا 6 ملايين فلسطيني، ويسعون بكل حماقة وجدية إلى تهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى، دون استجابة لأي نداء حقيقي أو وهمي، وآخرها بناء المستوطنات، وطرد العائلات من بيوتهم في وضح النهار وظلمة الليل في بغي منقطع النظير، ومساندة مفتوحة ومفضوحة، وصمت مشوب بالعمالة من أنظمة عديدة، وخيانات بالجملة ممن باعوا الأوطان للبغاة وحاربوا الأبطال الدعاة. وأمام هذا البغي بالجملة لا بد من اليقين أن للبغاة جميعا يوما ينزل فيه سوط عذاب، وأشد عقاب وسيبقى الدعاة في حفظ من الله كما حفظ نوحًا ولوطًا وموسى ومحمدًا ومن آمن وهاجر معهم: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء:227). فلا ييأسن مسلم أو مسلمة أبدا من انتقام الله تعالى من هؤلاء البغاة ونصرة الدعاة، فلنكن بحق دعاة ولننتظر وعيد الله في البغاة: "وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ" (الأعراف:183).
402
| 07 نوفمبر 2013
الأمل من فِعل الإنسان توفيقا من الرحمن، والأجل كله بقبضة الملك العلاَّم، الأمل حبل ممدود ليس له حدود، والأجل حبل محدود خيوطه بيد ربنا المعبود، الأمل يدفع إلى العمل، والأجل يقطع العمل، الأمل يجعل أضعف الناس يتحدى الأزمات ويغالب الصعاب، والأجل يجعل أقوى الناس أسيرا لما قدّر في الكتاب، الأمل عند المؤمن يمتد من الدنيا إلى الآخرة، وعند غير المؤمن أمل في إصلاح دنياه فقط: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم:7)، أما الأجل فثابت للصالح والطالح، والبَر والفاجر، الأمل يتنوع إلى أمل في شفاء بعد مرض، ونجاح بعد فشل، وهداية بعد غواية، وحرية بعد كبت، وعزة بعد ذل، وغنى بعد فقر، وصحة بعد مرض، واجتماع بعد فرقة، وعودة بعد غيبة، وسعادة بعد شقاء، وزواج بعد عزوبة، وإنجاب بعد عقم، وتوبة بعد معصية، ويعبر الشاعر عن الأمل مع الضجر في قوله: صغير يبتغي الكبرا وشيخ ودَّ لو صغُرا وخالٍ يشتهي عملا وذو عمل به ضجرا ورب المال في تعب وفي تعب من افتقرا فهل حاروا مع الأقدار أم هم قد حيَّروا القدرا أما الأجل فيتنوع إلى أجل الحمل: (وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) (الحج:5)، وأجل الرضاعة: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) (البقرة:233)، وأجل الطفولة حتى البلوغ: (والصبي حتى يحتلم)، وأجل الدين موعد الوفاء: (إنما جزاء الدين الحمد والوفاء)، وأجل المطلقة انتهاء عدتها: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة:234)، وأجل الإنسان إلى انتهاء عمره، وأجل الأمم انتهاء قوتها وهيبتها: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) (يونس:49)، وأجل الكواكب مداراتها المحددة: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى) (الزمر:5)، أما الأمل فيزيد حتى يصير أمنا من مكر الله، وينقص حتى يصير قنوطا ويأسا من روْح الله، أما الأجل فلا يزيد ولا ينقص: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34). أدعو إلى إحياء وتجديد عقيدة الأمل في الله تعالى - رغم شدة الألم - إنه غالب على أمره وبطشه شديد وأخذه أليم ونصره للمؤمنين يقين، لقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ) (محمد: 11)، وبث روح الأمل واليقين في النصر، وإرسال رسائل تأييد للشرعية عبر القنوات الفضائية والرسائل الإلكترونية والهاتفية، والإعلانات في الشوارع والطرق، وبطاقات التهنئة لا التعازي في الشهداء فهم بإذن الله: { أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 169-170]. ولنستصحب دائما الأمل أن اليوم أفضل من الأمس، والغد أفضل من اليوم مادمنا على طريق الإيمان: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (البقرة:257)، وليكن العمل مشفوعا بالأمل قبل أن يباغتنا الأجل فيكون الندم، وينقطع الأمل في إصلاح الخلل.
1671
| 01 نوفمبر 2013
الحزن الإيجابي عاطفة راقية من ألم الفراق لإنسان أو شيء عزيز مع التسليم لأمر الله، والحزن السلبي عاطفة مشبوبة مع سخط على الله في قضائه وقدره، الحزن الإيجابي آلام في الأعماق، مع صبر في الآفاق، ورضا عن الله الواحد الخلاق، الحزن السلبي آلام في الأعماق، مع ضيق في الأخلاق، ونفور من أمر الله مقدِّر الأرزاق، الحزن الإيجابي ذكر يملأ القلب ويعطر اللسان "إنا لله وإنا إليه راجعون"، والحزن السلبي تذكر لخصائص من وما فات، وحسرة وندم وخوف مما هو آت، وترديد في النفس أو أمام الناس "لماذا ابتليتنا دون الناس؟!"، الحزن الإيجابي يجعل صاحبه يتذكر أن العطاء من العباد حرمان والمنع من الله إحسان، والحزن السلبي يرى أن العطاء وحده من العباد هو الفرحة والنشوة والأمان، والحرمان هو الذلة والمهانة والنكران: (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) (الفجر:16)، الحزن الإيجابي لا يخالف الإنسان عوائده من ثبات وجَلَد وابتسامة وإنتاج وعمل بجد وإتقان، والحزن السلبي ركود وصراخ وعويل وكسل واجترار للأحزان وضيق وضجر وتوقف العوائد الحسان، الحزن الإيجابي يصاحبه إحساس بالنعم الكبرى التي تنزل تترى من رب العزة سبحانه، فإن ذهب سمْع الإنسان يذكر أنه ما زال مبصرًا، وإن أخذ الله بصره يذكر أنه ما زال قادرًا على الكلام والسمع والفهم والحركة، وإن قبض الله روح أحد فقد أبقى له آخرين، وسيلتقي به يوم الدين، والحزن السلبي لا ينظر إلى شيء من النِعم التي بقيت وإنما تذهب نفسه وراء النِعم التي ذهبت، وينسى يوم يقوم الناس لرب العالمين. من صور الحزن الإيجابي امرأة عاشت 12 سنة لا تنجب ثم رزقت بتوأم فقالت لها امرأة حاسدة حاقدة: "ولدان في بطن واحدة؟!" فعميت الأم، ولما زرناها مواسين بادرتنا بقولها: "كانت لي عينان فصار لي الآن أربعة عيون!"، فلم تنظر لما أُخذ منها بل لما أُعطي لها، فعلمتنا درسًا رائعًا للصبر الجميل. ومن صور السخط على الله هذا الصحابي الذي قاتل بكل شجاعة ثم أصيب بسهم فلم يحتمله فوضع دؤابة سيفه على صدره ثم استلقى عليه فقتل نفسه وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار. ألا فلنتدرب في الأزمات على الحزن الإيجابي المنتج رضًا وسعادة في الدارين لنصل إلى نداء الملك الرحمن الرحيم: (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (الأعراف: 49)، وإلا فالحزن السلبي ينتج الهم والغم والحزن والكمد في الدنيا إلى يوم الدين.
3106
| 23 أكتوبر 2013
يقول بعض الفقهاء: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث"، فماذا فعل الإخوان من جرائم حتى يقتّلوا ويخنقوا ويحرقوا ويجرفوا ويطاردوا، ويعتقلوا ويشيطنوا ويحاكموا محاكمات عسكرية؟ وهم المعتدى عليهم! ألم يعرفهم القاصي والداني أنهم أذلُّ الناس لربهم، وأكرمهم لجارهم وأرحامهم وأبناء بلدهم، وأشدُّهم على عدو الله وعدوهم، وأرقى الناس خُلقا، وأرقهم طبعًا، وأوسطهم فهمًا، وأوسعهم حركة، وأكثرهم تضحية، وأسرعهم نجدة، وأجودهم بذلا، وأوفاهم وعدًا، وأضبطهم إدارة، وأصلبهم عفة عن المال والسلطة، ولا نزكيهم على الله، وإن كان لا يخلو بعضهم - كحالات لا ظاهرة - من هفوات بل جرائم يحاسبون عليها، ولم يخلُ مجتمع الصحابة الذين تربَّوا في حضن النبوة الطاهرة من منافقين، وبعضهم ارتكب ما وصل لحد الجرائم مثل حادثة الرماة في أُحد، وحاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة، والتخلف عن القتال في تبوك و.... وعولجت كل حالة بقدرها، وكان النظر لمجموع الحسنات مع بعض السيئات، ولم يقل واحد ذو فهم أو شأن في الإخوان: إنهم وحدهم هم المسلمون أو أصحاب المكارم بل المجتمع مليء بالأخيار الأبرار خيرًا من بعض أعضاء الإخوان، وعند الله يكون الحساب فنحن "دعاة لا قضاة" كما عنْون المرشد العام الثاني الأستاذ حسن الهضيبي في كتابه رغم التعذيب، لكنه لله ثم لمصر كتب يواجه خطورة التكفير، ولم يعهد التاريخ أن جماعة بحجم الإخوان قد ابتُلوا مثلهم، فلما تمكّنوا لم يثأروا ممن قتل ونهب وسجن منهم الكثير، بل عفوا من أجل بلدهم، وأُخرجوا من الحكم فخُطف رئيس الدولة منهم، وقُتل منهم من قُتل وحُرق من حُرق، وجُرف من جُرف، واعتُقل من اعتُقل، ولا تبيت كل نسائهم إلا محجبات في قعر بيوتهن توقعًا لغدرات الانقلابيين، ومع ذلك يقولون بالسلمية، ويضغطون على الشباب الثائر بل الساخر من السلمية في مواجهة غدرات الانقلابيين، خوفا على مصرهم، وأملا في ربهم أن ينصرهم على الغادرين المنافقين من قومهم. ولو جمعنا كل الأخطاء السياسية للإخوان ومن معهم فهل تساوي كلها مثقال ذرة في جرائم الانقلابيين؟! ومنها: - لم يقتل الجيش المصري عبر تاريخه منذ ثورة 23 يوليو 1952م من الصهاينة المحتلين خلال 61 عاما نصف من قتلهم من المصريين عمدا وخسة ونذالة في 60 يوما. - لم نرَ بشاعة الصهاينة في فلسطين عامة أو غزة خاصة مثلما فعل الجيش والشرطة في المصريين قتلا وخنقًا وحرقًا ثم تجريفًا لإخفاء آثار الجريمة، التي لن تخفيها كل أدواتهم لأن الله تعالى يقول: (وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة: من الآية72)، وقال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) (محمد:29). - حرب الإبادة في سيناء وقتل النساء والأطفال وحرق المنازل وقتل الأبرياء ظلما وعدوانا من أبناء سيناء بالتنسيق الكامل مع الصهاينة، وهي من جرائم الخيانة الكبرى. - أن يدخل الطيران الصهيوني مرات منها 2/10/1434 هـ الموافق 17/8/2013م فيقتل خمسة من أبناء سيناء بتنسيق كامل مع السيسي وجهاز المخابرات فتلكم جناية تستحق الإعدام لكل من شارك فيها. - أن تحاصر 70 مدرعة عسكرية وعدد من الطائرات وآلاف الجنود قرية دلجا بالمنيا لأن ضابطا من الشرطة لطم مواطنا من القرية فرد له المواطن الصعيدي الأبي اللطمة، فجاء الضابط بجنوده وبلطجيته لضرب هذا المواطن فغضبت عائلته فردُّوهم فحرق البلطجية الكنيسة وأتوا كي يلصقوا التهمة بأهل القرية رغم اعتراف القسيس أن الكنيسة قد أُحرقت من بلطجية الداخلية لا المسلمين ولا الإسلاميين، ثم تُزَّيف وتُقلب الحقائق، وتحت مسمى "حرب الإرهاب" تقوم الدولة بما يزيد عن حالات الاحتلال فهذا من الجرائم المركبة. - أن يقوم ضابط في الكمين رقم 3 على الطريق الدائري في القاهرة، بإنزال صاحب السيارة إلى سيارة الشرطة، ويأخذ الفتاة الموظفة معه، في سيارة مديرها إلى طريق مقطوع بالعين السخنة فيهتك عرضها تحت تهديد السلاح، ثم تشتكي الفتاة وتقوم النيابة بطلب تحديد الضباط والعرض فترسل الداخلية ضباطا آخرين ليحموا الضابط الخسيس المجرم، فهذا من جهد البلاء وقمة الخسة، وتعجز الكلمات عن وصف خسة الانقلابيين في التعامل مع أبسط قواعد الرجولة، لا الأديان أو العروبة، بل الإنسانية. - أن يقوم الجيش والشرطة باعتقال 300 فتاة ويتعرضن للتحرش، حتى كتب الصحفي الألماني "سباستيان باكوس" فضائح رآها رأي العين وهي جزء من مقالي بعنوان: "مفارقات بين سماحة المعتصمين وسفاهة الانقلابيين"2، ثم يُلصق بالفتيات تحت العشرين حيازة واستعمال "الأربيجيه" في وجه الجيش والشرطة، واعتقال كفيف وتلصق به التهمة ذاتها، ويعتقل بعض ذوي الاحتياجات الخاصة لأنه خرج في مظاهرة سلمية، فهذه جرائم رديئة دنيئة الشكل والمضمون. - لن نتحدث عن القضاء المسيَّس ومهرجان البراءة لجميع المجرمين في حق شهداء ثورة 25 يناير وأولهم المخلوع وضباط السويس، ولن نتحدث عن حجم السلب لمئات المليارات، أو لجنة "الأشقياء" الذين وجهت لهم رجائي: "لاتقربوا الدستور وأنتم سكارى"، واليوم يقول د. السلماوي مقرر لجنة "المبادئ" : لا يجوز للدستور أن يعترف بأي دين"، ويقول غيره يجب حذف انتماء مصر للأمة الإسلامية! ولن أتحدث عن التقسيم العمد لبنية المجتمع: "إحنا شعب وانتو شعب، ليكو رب ولينا رب"، ولن أتحدث عن الجثث المحترقة المتفحمة منذ شهر ولم يستدل حتى بال DNA على أصحابها، ولا يزال فوق الألف من المفقودين داخ أهلهم ليعرفوا هل أبناؤهم ضمن من حُرِّقوا وجُرِّفوا ورُموا في قمامة قوات الجيش والشرطة أم في المشارح، أم سلخانات التعذيب! ولن نتحدث عن إغلاق كل القنوات التي لا تسبِّح بحمد الطغاة أو الشهوات، ومحاكمة الصحفيين عسكريا حتى لو كان "أبو دراع" واحدا فلا بد من كسر دماغه، مش ذراعه! آه تعبت ومرضت من ذكر بعض الجرائم الكبرى للانقلابيين، فما بال أصاحبها؟: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (المطففين:4-5)، (أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (آل عمران: من الآية178). إن جرائم الانقلابيين في يوم واحد لو وُزنت بميزان العدل فلن تساوي معشار كل الأخطاء السياسية وغيرها من الإخوان والإسلاميين خلال ثمانين عاما، ولكنكم قوم لا تعدلون، وقلَّ الإنصاف في الناس، وعند الله تجتمع الخصوم، ويقول الشاعر بديع الزمان الهمذاني: ستعلم حين ينجلي الغبارُ أفرسٌ تحتكَ أم حمار والعبرة بمن يضحك ليس آخرا بل في الآخرة.
420
| 18 أكتوبر 2013
أعيادنا ترتبط بالطاعة للرحمن، وأعياد غيرنا ترتبط بالطاعة للهوى والشيطان، أعيادنا كما قال سبحانه: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا" (يونس: 58)، وأعياد غيرنا ترتبط بمكاسب أرضية، وشهوات سفلية، وليس أدل على ذلك من شهادة أحدهم، في القصة التي حدثت سنة2000م في شيكاغو عندما دعيتُ من الجالية المسلمة لإلقاء خطبة عيد الفطر وأثناء الخطبة وجدت في آخر الصفوف رجلا يرفع يديه كأنه يريد سؤالا، ولم أستوضحه لأن العدد كان غفيرا، فإذا به أمريكي يريد أن يسلم؛ ولما سألته قال: أنا باحث في الدكتوراه عن عادات الشعوب في أعيادهم، وألحقت القراءات النظرية بزيارات ميدانية، فلم أجد قوما يبدؤون أعيادهم بالتكبير والصلاة والحب والمصافحة بحرارة مثلكم، الجميع يبدأ المراسم بالمعازف والغناء والرقص والخمر، وأدرك الآن أنكم في الفرح لا تنسون الله بل تضاعفون العبادة، وصار العيد عيدين بإسلامه بعد فهمه للإسلام، وقلت له نحن عندنا عيدان كبيران يرتبطان بالحج والصيام؛ فيمن الله تعالى علينا بعد هذا الاجتهاد في الطاعة قبل العيدين، ونبدأ كل عيد بطاعات جديدة من التكبير حمدا لله على نعمة توفيقه والتوسعة على جميع المحتاجين " أغنوهم عن ذل السؤال في هذا اليوم" سواء بصدقات الفطر أو الأضاحي، ونتزاور ونتحابب فيزداد الإيمان " وهل الإيمان إلا الحب في الله والبغض في الله"، ونوسع على الأولاد والأهل والأصدقاء ونُدخل البسمة في كل بيت؛ فنقترب من الجنة أكثر"من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم يرض الله له جزاء إلا الجنة" فحي هلا لعيد الأضحى بعد طاعات الصيام والقيام والقرآن والبذل والإنفاق والإطعام؛ عسى أن ننال جميعا رضا الرحمن، ولا ننسى أن ندعو لغيرنا أن يفرحوا معنا بأن يهتدوا إلى نور الإسلام، تأسيا بهذا المسلم الأصيل الذي مر على قوم يسكرون ويرقصون ويغنون في عيد لهم فرفع يديه إلى السماء فقال: "اللهم كما فرحتهم في الدنيا فرحهم في الآخرة"،فالفرح الإيجابي فرح المؤمنين بفضل الله عليهم أن جعلهم مسلمين وحبَّب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، واستعملهم لطاعته وجنَّدهم لخدمة دعوته، لقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:85)، أما الفرح السلبي فهو فرح من تستغرقه وتستعبده النِعم فينسى المنعم سبحانه ولسان حاله مثل قارون: (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) (القصص: 77-78). الفرح الإيجابي فرح المؤمن بتوفيق الله أن يكون ليله ونهاره في فعل الخيرات وترك المنكرات وحراسة الحق والعدل: (إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن) (السلسلة الصحيحة للألباني)، أما الفرح السلبي فانبهار بعَرَض الدنيا، وركون إلى سعة الرزق، وفرح بتوسع السُلطات والصلاحيات، وتورم في النفس استكبارًا وعلوًا في الأرض "يا أرض انهدي ما عليك أدِي"، وهو الفرح الفرعوني: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الزخرف:51)، وشأنهم كما قال تعالى: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ) (الرعد:26)، الفرح الإيجابي أن يكثر حولك الصالحون، ويطرق بابك المحتاجون، ويكثر على موائدك الفقراء والمساكين لنكون مثل جعفر الطيار أبي المساكين: (اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين) (الترغيب والترهيب للمنذري)، أما الفرح السلبي فبقدوم الكبار وعلية القوم والضجر من نظرات وملاحقات الفقراء والمساكين: (كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) (الفجر:17-18)، الفرح الإيجابي يملأ جوانح ذوي المروءات عندما يحلِّون معضلة، ويغيثون ملهوفًا، ويقدمون معروفًا لذوي القربى والأرحام والجيران والخلان مسلمين أو غير مسلمين، (خير الناس أنفعهم للناس) (صحيح الجامع للألباني)، والفرح السلبي عند المنافقين المتخاذلين بقدر الهروب من المعونة والنصرة والمساعدة لدينهم وأمتهم وأهلهم وأوطانهم، كما قال تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ) (التوبة:81). يا إخواني وأخواتي فلتكن أفراحنا إيجابية بمزيد من الذكر والشكر القولي والعملي، وبدعوة العصاة من عباد الله إلى طاعة الله رب العالمين، ولا نفرح فرح الكافرين والمنافقين بعرض فان وعزٍ لا يدوم.
1231
| 16 أكتوبر 2013
ما كل ما يتمناه الإنسان يدركه، فهناك القليل الذي يستطيعه الطغاة، والكثير الغفير مما لا يستطيعونه؛ لأنه ببساطة بيد الله الواحد القهار، ومن ذلك ما يلي: 1. استطاع السيسي أن يقول بلسان الحال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات: من الآية24)، فخطف رئيسا، وعين آخر، وأوقف الدستور، وأعلن الطوارئ، واختار الوزراء، وأغلق القنوات، وأطلق جنوده لقتل الأبرياء، ويستطيع أن يفتخر بأن سفيهات مصر يقلن له: اغمز بعينك نكن عندك سبايا، وآخرين يقولون لك: تسلم الأيادي، وكمِّل جميلك، لكنك قطعا لن تستطيع قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى) ((النازعات:25)، وقوله تعالى: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُملي للظَّالمِ، فإذا أخذه لم يُفلِتْه، ثمَّ قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (11 / هود / 102). 2. استطاع محمد إبراهيم وبعض كتائب الجيش والشرطة والمخابرات وأمن الدولة غزو البر اقتحاما في رابعة والنهضة وسيناء ودلجا وكرداسة و.... وغزو الجو قصفا في رابعة وسيناء، وإرهابا في دلجا وكرداسة، وغزو البحر خطفا للصيادين المحاصرين الغلابة في غزة لكنهم جميعا لا يستطيعون قوله تعالى: (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: من الآية168)، وقوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (آل عمران: من الآية154). 3. تستطيعون قتل المعتصمين والمتظاهرين لكن كسر إرادة الشعب المصري مستحيل، ولن تمنعوهم يوم القيامة أن يأخذ كل قتيل بتلابيبكم يوم القيامة ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، لما أورده ابن حجر بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عمن قتل مؤمنا متعمدا، فقال: (جزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه ولعنه) قال: أرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: وأنى له الهدى وقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ثكلته أمه قاتل مؤمنٍ متعمدا، يجيء المقتول يوم القيامة وأوداجه تشخب دما آخذا رأسه بيده وصاحبه باليد الأخرى يقول: يا رب سل عبدك هذا فيم قتلني؟ 4. تستطيعون حرق جثث الأبرياء بعد قتلهم، لكنكم لن تستطيعوا توقي حريق جهنم يوم يقال لكم: "وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ" (الحج: من الآية 22). 5. تستطيعون جرح الآلاف لكن لا تستطيعون: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء:80)، ولن تستطيعوا أن تمنعوا أن تكون دماؤهم لعنة عليكم في الدنيا والآخرة. 6. تستطيعون إخفاء الجريمة وكل أسبابها حتى لا يصل إليها الجن الأزرق، ولا العفاريت السوداء، لكنكم لن تستطيعوا أن تتحدُّوا قدر الله حيث قال سبحانه: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72).
382
| 03 أكتوبر 2013
الواجب عليكم إخواني وأخواتي ما يلي: 1- أن تدافعوا عن الإسلام وكرامة وطننا مصر، لا أن تدافعوا عنا لأننا فوضنا أمرنا لله تعالى وحده الذي قال: «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»23، وقال تعالى: «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ»24، فاملأوا فراغنا، وسدوا ثغورنا، كما قال السموأل: إذا سيدٌ منا خلا قام سيدٌ قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ ودافعوا عن ديننا ومصرنا بسلمية وحيوية، وهمة وعزيمة، وإخلاص وتجرد لله تعالى حتى يأذن الله بالفرج: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا «25، أو يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين. 2- اطمئنوا علينا وادعوا الله لنا أن يذيقنا حلاوة قوله تعالى: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا «26 وما أجمل وأطيب، وأروع وأينع، وأرقى وأنقى، وأسمى وأسنى أن تكون في عين الله تعالى رعاية وعناية، وأن يعدَّنا الله تعالى لمرحلة التمكين كما قال تعالى: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ»27، وقد قال الشاعر: عرفنا الليالي قبل ما نزلت بنا فلما دهتنا لم تزدنا بها علما وقال الشاعر عبد العزيز جمعة من سجن طرة: سلام الله يا قومي صباح الأجر والمغنم طريق الحق محفوف بأشواك كما نعلم وهذه سنة الرحمن في كل الأناسي وما شذَّت لكفار ولا حتى لمهديِّ لذا أرضى وأسترضى بمقدور ومقضي 3- لا تنشغلوا بمصر عن فلسطين وسوريا والعراق والسودان، والخليج والمغرب العربي وتركيا وتركستان، وماليزيا وألبانيا والهند والصين وأذربيجان، وأفغانستان وقارقيزيا وباكستان وأزباكستان، والأقليات المسلمة في أوروبا وأمريكا وأستراليا واليابان، وكل موضع فيه موحد لله أو إنسان نرجو أن يهديه الله بدعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة إلى الإيمان، فنحن أمة واحدة بنص القرآن، وبنص السنة النبوية: «كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى»28، ولا يجوز شرعا أن يقسم الأعداء حدودنا ومشاعرنا واهتماماتنا فنستجيب لهم ونفرق جمعنا، ويأكل كلَّ فريسة وراء الأخرى، فنهلك جميعا كما قال تعالى: «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»29. 4- لا يصب منكم الألم مهما تضاعف نفوسَنا بالوهن والضعف والاستكانة لقوله تعالى: «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ»30، ولا يتسرب إلينا اليأس لقوله تعالى: «وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»31، «ومن يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ»32، وثقوا في النصر مع لحظة الحيرة والتساؤل: «مَتَى نَصْرُ اللَّهِ «؟33، كما قال تعالى: «حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ»34. 5- لا تخرجوا عن سلميتكم كما قال تعالى: «وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ «35 ولا تهرولوا وراء المتعجلين وفي حديث البخاري: «ولكنكم تستعجلون»36 ولا ننسى وصية الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية قبل اختطافه: «إوعوا تُستدرَجوا لحرب أهلية وتحاربوا جيشكم، جيشنا نحافظ عليه» ووصية أ.د محمد بديع: «سلميتنا أقوى من رصاصهم» واصبروا فالله في عليائه وعَدَ ولا مُخْلِف لوعده فقال: «فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»37، «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»38، و»اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»39 وقد كلَّفنا الله تعالى أن نأخذ بأعظم الأسباب وندع النتائج على رب الأرباب. وقريبا - بإذن الله - سنخرج معكم أعزَّاء سعداء، أو نسبقكم إلى دار الكرامة شهداء، وهي نعمت الخاتمة من دار الفناء، والفاتحة إلى دار البقاء، والسلام على الأتقياء الأوفياء، المرابطين الأنقياء، بكم يباهي ربنا ملائكة الأرض والسماء، وبعد ظلمة الليل سيطلع نور الفجر، وعند الصباح يحمد القوم السُرى.
564
| 27 سبتمبر 2013
إخواني وأخواتي في الله تعالى، عشاق السعادة والشهادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن اعتقالي اليوم هو سيرٌ في طريق الأنبياء والرسل الذي أحببناه وارتضيناه لقوله تعالى:"وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ"1، ألم يُلق المجرمون بسيدنا إبراهيم في النار وهم يتنادون: " قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ"2؟!، وكان الله معه فقال: "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ"3، ألم نقرأ طويلا قصة سيدنا يوسف وهو يتعفف عن الحرام و الخيانة فأدخلوه السجن كما قال تعالى: "ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ"4؟! وشاءت عناية الله أن يجعل من سجنوه يطلبونه لحكم البلاد بعد أزماتها فتقدم ليحمل الأمانة كما قال تعالى:"اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"5، ألم يَضِقْ قوم سيدنا لوط به فقرروا:"أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ"6؟! ألم يطارد الملك الظالم الفتية الذين آمنوا بربهم: "إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا"7؟! لكنهم قرروا الثبات على الحق كما قال تعالى: "وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ"8، وكانت النتيجة هي العناية الربانية: "وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ "9، "وَزِدْنَاهُمْ هُدًى"10، "يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا"11، وهو سبحانه الذي تولى أمرهم كله: "وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ "12، "وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ"13، والأمثلة كثيرة ولم يسلم منها النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"14، وقد أخبرنا القرآن أن مستوى مكرهم قد تزول منه الجبال لا الإخوان أو غيرهم فقط لكن مكرهم آل إلى البوار، قال تعالى: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ"15، بل ذكرنا القرآن أن الباطل سوف يُنفق ما لا يحصى من المال ليصدوا عن سبيل الله، وتوعدهم سبحانه بأن يُغلبوا ويُصابوا بالحسرة كما قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"16، وإجمالا هناك قوانين للأنبياء والرسل وأتباعهم أهمها: 1- "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا"17. 2- "وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ"18. 3- "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ"19. 4- "قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ"20. 5- "فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "21. 6- "فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ"22. 7- ما رواه البخاري ومسلم أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ : "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنما أنَا قاسِمٌ واللهُ يُعْطِي، ولن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمرِ اللهِ، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتى يأتيَ أمرُ اللهِ". وهذا ما رأيناه في صدر الدعوة مع خير الخلق وحبيب الحق وأصحابه في مكة، ودهرا من المدينة بعد قيام الدولة، حتى جاء وعد الله بالنصر والفتح.
437
| 25 سبتمبر 2013
نجدد لأهلنا جميعا بمصر هذه الكلمات صادقة مخلصة: "يا قومنا وكل المصريين قومنا، نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء.. وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بمصرنا وأمتنا، ثم نستسلم للذلة، أو نرضى بالهوان، أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب من أبناء مصرنا، ولن نكون عليكم يوما من الأيام، وسوف تدركون هذه الحقيقة اليوم أو الغد و"سوف ترى إذا انجلى لك الغبار" أفرسان نحن أم أشرار، و"عند الصباح يحمد القوم السرى". نكتب بكل شجاعة " والشجاع من انتصف من نفسه " إعذارا إلى الله تعالى، واعتذارا إلى شعبنا المصري عن أخطاء في الاجتهاد السياسي، لا القصد الجنائي – لا قدر الله - ضد مصرنا؛ لأننا جزء منكم، ونتعبد لله بحب وخدمة ترابها وشعبها كما قال الشاعر: بلادي وإن جارت عليَ عزيزة أهلي وإن ضنوا علي كرام ونحن نعتذر عن أخطاء في الاجتهاد السياسي في أمور أهمها ما يلي: 1. قبولنا – كما فعل الكثير – الحوار مع عمر سليمان والمجلس العسكري لقيادة مصر فترة مؤقتة، أملا في التدرج في الإصلاح والتغيير، وندرك الآن أن المسار الثوري باستمرار الحشد الشعبي في الميادين كان أنفع لتحقيق مقاصد ثورة 25 يناير. 2. قبولنا الاستمرار في تحمل المسؤولية في هذا الوقت العصيب رغم العرض والرفض من الكثير من شركاء الثورة أو الوطنيين المستقلين، مع استمرار قوى الفلول والمنتفعين والمتخوفين من العدالة في هدم أي مشروع إصلاحي، وكان يجب مصارحة ومشاركة الشعب المصري كله ليحمل معنا أعباء المعوقات والمؤامرات. 3. تقديم التحاور الإصلاحي على العلاج الثوري الناجع مع قوى التآمر التي ظلت تعمل جاهدة لإفشال المسار الديمقراطي، والمكتسبات الثورية، والصناديق الانتخابية، وخاصة الحملات الإعلامية التي شيطنت الثورة وفرقت وحدتها، وخوّنت قادتها، وهيأت للانقلاب العسكري الدموي، والاحتقان والتمزق الشعبي. 4. عدم الاستيعاب الكافي لقطاعين عظيمين الشباب والنساء، وقد كانوا ولا يزالون الوقود الأول والأقوى في ثورة يناير وما بعدها حتى اليوم، مما دفع كثيرا من المخلصين منهما أن يبحثوا عن منافذ وآفاق أخرى لتحقيق آمالهم، فشاركوا فيما لم يحسبوا مآله على مصرنا، مما يأسى له كل محب لمصر وأهلها الآن. ونفتح قلوبنا قبل أبوابنا لكل القوى الوطنية أن نتحاور معا - خاصة الشباب والنساء - لرسم معالم مرحلة جديدة لاستكمال مقاصد ومكتسبات ثورتنا الكبرى 25 يناير، واستعادة الشرعية بأركانها جميعا. ومهما قيل في تفسير هذا الاعتذار فتقدير مصلحة مصرنا فوق تكدير وتشويه سمعتنا، فلسنا نقوم بذلك ضعفا أو وَهَنا مما أصابنا فنحن نحتسب تضحياتنا قبل وبعد الثورة عند الله الحسيب الرقيب سبحانه وتعالى، ثم فداء لبناء مصرنا المستقلة الحديثة، لينعم أهلنا بالعيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والنهضة الحضارية. أكتب لكم هذه الكلمات – بشكل شخصي – من باب الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "..... ويسعى بذمتهم أدناهم" وقد عشت طول اعتصام رابعة داخل الميدان، بين خيرة أبناء مصر من العلماء والرجال والنساء، والشباب والفتيات، ووافقني الكثير من هؤلاء على هذه المعاني، وكدنا أن نرفعها للنقاش في التحالف الوطني وجماعة الإخوان لولا مجزرة رابعة، ومضى شهر على المأساة ولا يزال همي على بلدي وأهلي شاغلي بالليل والنهار وهذه رسالتي، أرجو أن يتقبلها الجميع بقبول حسن، وهي مني لأهلي المصريين، بكل تياراتهم وأديانهم بلا استثناء، كما أرجو أن تناقش في قيادة التحالف والإخوان، والقوى الوطنية الراغبة في إنقاذ مصر، وتخرج في معناها وفحواها – مع الحق في التعديل والتبديل – إلى شعبنا المصري العظيم، "رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا" (الكهف: من الآية10). والله من وراء القصد، وهو نعم المولى ونعم النصير
621
| 18 سبتمبر 2013
نحن أمام خيارين أحلاهما مرُّ، الدفع والرفع للانقلاب العسكري، وهي نظرية تبدو كأنها هندسية ميكانيكية لكننا نعجب عندما نجدها من روائع الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين الذي ولد سنة 419 هـ وصار الإمام الأول في المذهب الشافعي، وقد كتب كتبًا كثيرة أهمها "البرهان في أصول الفقه"، و"نهاية المطلب في الفقه"، وهو أعمق من "المجموع" للنووي، لكن أفضل ما كتب هو كتاب الغياثي "غياث الأمم في التياث الظلم"، وكل كتبه الثمينة حققها العالم المدقق المحقق البحر الرائق في العلم والفضل أ.د. عبد العظيم الديب عضو جماعة الإخوان المسلمين، رحمه الله تعالى، أما نظرية الدفع والرفع التي ابتكرها إمام الحرمين الجويني تتلخص في قوله: "إذا هجم على أي بقعة من أرض الإسلام عدو من الأعداء فيجب دفعه فور مجيئه، ولا يترك حتى يتمكن من حكم البلاد ورقاب العباد، وتصعب إزالته ورفعه؛ فإن الدفع أهون من الرفع"، ومن الناحية الهندسية الميكانيكية يستطيع أي إنسان قوي أن يدفع سيارة للأمام أو الخلف، بينما لا يستطيع هو نفسه أن يرفع دراجة نارية لأعلى، وبالتالي تجب مقاومة هذا الانقلاب سلميًا، مهما كانت التضحيات، فإن فاتورة عام واحد مهما ارتفعت، فإنها ستحول إلى أضعاف ما ستجلبه سياسة الرضا بالأمر الواقع قهرًا أو ما يسميه البعض حكم المتغلب، ولا يجوز ديانة أو سياسة أن ندعه يستقر يوما واحدا في حكم البلاد وفقا لنظرية "الدفع أهون من الرفع" التي ساقها الجويني في سياق هجوم أعداء الإسلام من الخارج، لكنا مضطرون أن نستعملها في هجوم أعداء البلاد والعباد من الداخل، وتحديدا هذا الانقلاب العسكري الدموي، لأن بني صهيون لم يفعلوا في المصريين والسوريين والفلسطينيين مثلما فعله الانقلاب العسكري في مصر خلال الستين يوما الماضية، ولن أدلل على هذا إلا بجملة مركزة أهمها ما أنجزه الانقلاب العسكري خلال شهرين: خطفوا الرئيس المنتخب، أوقفوا دستورا صوَّت عليه 65%، أوقفوا الشورى، قتلوا وخنقوا وحرقوا 6000، وجرحوا 25000، واعتقلوا 12000، مفقودين 4000، خلّفوا أحزانا في كل شارع، خسّروا اقتصادنا 205 مليارات جنيه، أشاعوا الغلاء الفاحش، فرَّخوا بطالة كبرى، أحدثوا ركودا صناعيا وتجاريا واستثماريا وسياحيا، تحالف الجيش والشرطة مع البلطجية لإرهاب الناس، سيَّسوا القضاء واستخدموه مطرقة على رأس كل المخالفين، لفَّقوا آلاف القضايا للشرفاء، تجاوز إعلامهم كل الأُطر الأخلاقية والإنسانية فضاعفوا الاحتقان المجتمعي، واعتمدوا التلفيق والكذب بالجملة مع صفاقة رديئة، أغلقوا كل القنوات الإسلامية وموّلوا الإباحية، استصدروا فتاوى بقتل المتظاهرين، وحكموا لأول مرة من 1965م بالمؤبد لـ11 إسلاميا، مارسوا حرب إبادة لكل المخالفين وأولهم التيار الإسلامي، عسكروا كل مفاصل الدولة من الوزارات والمحافظات والشركات، انتشر العزاء في الشهداء والمواساة في الجرحى في كل عائلة في مصر، وهذا يدل على حالة ضعف ونزق حاد لدى الانقلابيين، فالرئيس مرسي من قوته أن أحد المواطنين ذهب أمام بيته، وهتف ضده بعبارات غير لائقة، فنزل له ومسح على رأسه، وقال له: من حقك أن تعترض على رئيسك، وسمع شكواه، لكن الآن لا مجال لمثل هذا، لدرجة أن شرطة الانقلاب ذهبت منذ يومين للقبض على أحد الإسلاميين بمدينة دمياط فلم يجدوه فاعتقلوا زوجته، ومن قبل ذهبوا ليعتقلوا الطبيب عبد الرحمن الشواف، فلم يجدوه فاعتقلوا ابنته بنت الـ17 ربيعا، ولفّقوا لها تهمة حيازة واستعمال "الأربيجيه"!، وبالقطع هذا جزء من ركام السفاهات الدنيئة للانقلاب، ومن ضعفهم وهوانهم وهوسهم ما أعلنه أمس اللواء صلاح مزيد مساعد وزير الداخلية لقطاع شمال الصعيد: "ما حدش هيقدر علينا"، الضرب في العين والصدر مباشرة لأي واحد يعارضنا، والجزء الأول: "ما حدش هيقدر علينا"، متعلق برب العزة سبحانه الذي قال عن قانونه الدائم من خلال قوم عاد: "فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ" (فصلت:15- 16)، أما الجزء المتعلق بضربنا في العين والصدر وقد فعلوا فلن يرهبنا، ولكنهم لن يحكموا أبداً على بركة الدماء المصرية، والدماء ليست إلا وقودا لثورتنا على الانقلاب، ونعتبر من الخيانة لدماء آلاف الشهداء والجرحى أن نرتد على أعقابنا ونرضى بهذا الانقلاب جزئيا أو كليا فلئن تركنا دفعه الآن، فلن نستطيع رفعه وفقا للنظرية الهندسية للإمام الجويني، وإذا كان هؤلاء لا يبالون بحرمة الدماء فلن يفلتوا من عدالة السماء، فإن حرمة قتل نفس واحدة تساوي عند الله قتل الناس جميعا، لقوله تعالى: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة: من الآية 32)، بل القتل أشد عند الله تعالى من نقض الكعبة حجرًا حجرًا، وقد أورد السيوطي في الجامع الصغير بسنده عن أبي بريدة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَتْلُ المؤمنِ أعظمُ عندَ اللهِ منْ زوالِ الدنيا"، ومع كل الإنهاك للاقتصاد المصري منذ ثورة 1952م، فلم ينجز الجيش المصري من القتل في الصهاينة المحتلين الفجرة المعتدين عُشر ما قام به منذ الانقلاب على سبع وليس خمس انتخابات هي: الإعلان الدستوري 76%، مجلس الشعب 76%، الشورى 85%، الرئاسة الأولى د.مرسي أعلى الأصوات، الرئاسة الثانية 51.5%، الدستور 64.5%، النقابات 85%، وقد أشرف عليها الجيش بنفسه مع القضاء وقالوا الانتخابات الأولى في الحضور الشعبي، والنزاهة الانتخابية معا، ولما فاز الإسلاميون فيها كلها داس العسكر على صوت الناخب بالبيادة والدبابة، ثم استهانوا بأرواح البشر قتلا وخنقا وحرقًا، ولم يسلم منهم الأطفال ولا النساء، وهناك أكثر من 300 فتاة وسيدة معتقلات، وتعرض بعضهن لما يخدش العرض والكرامة، وهو ما كان يستنكف منه أبو جهل، بل صهاينة اليوم لا يفعلون فعلهم، وقد كتبت حتى مرضت عن مستوى السفاهة التي يتعامل بها الانقلابيون مع المعارضين، نحن إذن أمام ردة كاملة على ثورة 25 يناير، بل ذهبنا إلى أسوأ من حقبة جمال ومبارك، في امتهان الإنسان والشره في سرقة المال، وهذا كله خلال شهرين، والمعروف أن الانقلابات العسكرية تنجح إذا استقر لها حكم البلاد خلال 3-7 أيام، والآن لها سبعون يوما، ولن أستصحب هنا شهادة من عالَمنا العربي، بل للعالِم الأمريكي النحرير الموضوعي السياسي "نعوم تشومسكي"2 حيث وصف ما جرى في مصر بما يلي: 1- كل قيادات المجلس العسكري غرقوا اليوم في وحل الانقلاب وتلطخت أياديهم بدماء مدنيين عزل في أكثر من مجزرة. 2- الإخوان أرادوا أن تكون المميزات والهيبة للجيش المصري، وأراد الجنرالات المميزات والهيبة للمجلس العسكري والفرق واضح. 3- مسلسل الأزمات المفتعلة لا يوجد أي شك في أنها مفتعلة واشتركت فيها منظمات ولوبي مبارك وخليجيون وو و.... 4- هذا الانقلاب لم يكن ليحدث دون موافقة البيت الأبيض لأن الخلافات بين مرسي وأوباما أثبتت لأمريكا أن مصر لم تعد منطقة نفوذ أمريكي..... ومما ذكر من أدلة على ذلك أن د.مرسي لم يوافق على الجملة التي عرضت عليه ليقولها أثناء المؤتمر الذي كان سيعقد بينه وبين أوباما أثناء زيارته لأمريكا وهي (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكي ينعم الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي بالأمن الدائم والسلام الشامل)، والهدف من الجملة هو الضغط على مرسي فقط لذكر كلمة إسرائيل والتلفظ بها ولو مرة واحدة لتكون اعترافا منه بدولة إسرائيل، وهو الذي ذكرهم بالقردة والخنازير في عهد مبارك. 5- ويكفي أن يقول وزير خارجية أمريكا لنظيره الخليجي إن الإخوان خطر عليكم كعائلة مالكة ليعلن الخليج عداءه لمصر سرًا وعلنًا. 6- وفي النهاية لم يخسر الإخوان ومن معهم كل شيء، ولم يكسب الانقلابيون بعدُ أي شيء.. هذا هو الواقع، ما زال الإسلاميون قادرين على الحشد بأعداد كبيرة، وفي أماكن تغطي مصر، والعالم يرى ما يحدث لا ما يفرضه الانقلابيون على مؤيديهم كأمر واقع. 7- لن يصمد الانقلاب أمام عزلة دولية ولا أمام أزمة اقتصادية ولو بألف كذبة إعلامية والمهم هنا هل سيصمد الإسلاميون على حشودهم ومطالبهم؟! هنا فقط يمكن أن نقول إن عودة مرسي ليست أمرا مستبعدا. هذه المقالة التي شرَّقت وغرَّبت وسمّعت وأقلقت من خبير عريق في التاريخ السياسي، والتحليل العميق للأحداث يؤكد أن الدفع أهون من الرفع، وأن استمرارنا في الاعتصامات والمسيرات والوقفات هي فريضة شرعية وضرورة واقعية لمواجهة الانقلابات الدموية التي استهانت بأرواح المصريين، ونهبت عصارة عرقهم ولذا لم يعد هناك أدنى مبرر شرعي أو خُلقي أو قانوني أن نذهب للعمل وندفع الفواتير لقوم يشترون بعرقنا وأموالنا رصاصًا وقنابل لقتلنا وهتك عرضنا، ويعتقل أستاذي وأخي وأبي وجاري، بل بنتي وزوجتي، ويستمتع الانقلابيون بالمكافآت في القصور الفارهة، وأكثر الشعب يلحس التراب، ونصفه يعاني منذ حكم المخلوع من الثلاثي الرهيب الفقر والجهل والمرض، ومن هنا فإن المشاركة في العصيان المدني - وهو تعبير سلمي قانوني عن رفض النظام الجائر – من واجبات الدفع قبل أن يستحيل الرفع. وحتى لا يظن أحد أننا نضرب "دماغنا في الحيطة" كما يدعي البعض ويتحسّب آخرون فيظلون كما وصفهم القرآن الكريم: "وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا" (الأحزاب: من الآية 20)، فإنني مضطر أن أسوق ما يدل على أن الصبر في مرحلة الدفع للانقلاب سيؤدي إلى رفعه من كاهل مصر، فإن هناك نماذج معاصرة عديدة من الثورات تم التحايل والالتفات عليها وخطفها فصابر الشعب ورابط حتى حقق مقاصده من العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، واحترام الصناديق الانتخابية ورفض فرض البيادة والدبابة على رؤوس الجميع، من هذه النماذج التي ألخصها من مقال طويل بعنوان: "نضال الشعوب الثائرة.. نماذج حول العالم" لغادة غالب وأماني عبد الغني في المصريون اليوم 3: 1. الثورة الفرنسية.. محاولات اختطاف لم تستمر طويلاً: بدأت الثورة الفرنسية 14 يوليو 1789م، وبعد أشهر تولى أحد قادة الثورة وهو المحامي "ماكسمليان روبسبير" رئاسة الحكومة، وانفرد بالحكم بنفسه، حتى أصبح إعدام المعارضين لروبسبير بالمقصلة يوميًا من المشاهد المألوفة في باريس. وبعد مقاومة وتضحيات خمسة أعوام قتل الشعب الدكتاتور، وعادت السلطة للشعب. 2. الثورة البرازيلية نحو حلم الحكم المدني: اندلعت الثورة الشعبية في البرازيل يوم 24 أكتوبر 1930م، وكان أبرز نتائجها الإطاحة بالرئيس "واشنطن لويس"، وقد قام الجنرال "جيتيولو فاغاس" بانقلاب عسكري وظل الحراك الشعبي مع المجازر حتى شهدت البلاد عام 1983م حراكا مجتمعيا حاشدا لمدة عامين وفرضوا الانتخابات الرئاسية وفاز "خوسيه سارني" برئاسة الدولة عام 1985م ومنذ ذلك التاريخ تعاقب على حكم البرازيل حكام مدنيون. 3. كوريا الجنوبية من هيمنة العسكر إلى الرسوخ الديمقراطي: اندلعت في كويا الجنوبية يوم 19/4/1960م ثورة شعبية بقيادة مجموعة من طلاب المدارس والجامعات والعمال وأساتذة الجامعات أطاحت بحكم "سينغمان ري"، وعقب ذلك أجريت انتخابات برلمانية فاز فيها الحزب الديمقراطي المعارض بالأغلبية، وتم وضع الدستور الذي غير نظام الحكم إلى نظام برلماني، وقام البرلمان بانتخاب "يون بو سون" لمنصب الرئيس في أغسطس عام 1960م. غير أن الحكومة الكورية واجهت العديد من الأزمات الاقتصادية بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد، بجانب حاجة الجيش والشرطة للتطهير، فسادت حالة من المظاهرات والاحتجاجات في الشارع بشكل يومي للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وهو الأمر الذي لم تقوَ عليه الحكومة، وبالتالي لم تستطع فرض القانون والنظام، واستغل العسكريون هذا الوضع وقاموا بانقلاب عسكري يوم 16/5/1961م بقيادة الجنرال "بارك تشونج" الذي فرض نظاما ديكتاتوريا من خلال حل مجلس الشعب وإحلال ضباط الجيش محل المسؤولين المدنيين، وقام بوضع دستور جديد يمنحه سلطات واسعة، ثم رشح نفسه في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 1963م، وفي 1965م خرجت مظاهرات حاشدة من الطلاب واستمرت 18 سنة، حتى عام 1992م عندما أجريت انتخابات رئاسية فاز بها "كيم يونغ سام" كأول رئيس مدني. 4. ثورة تشيلي.. عشر سنوات للتخلص من النظام السابق: حكم ديكتاتور تشيلي "أوغستو بينويه" الذي حكم تشيلي خلال الفترة بين (1973-1989م) نهاية دراماتيكية غير متوقعة، حيث خلعه شعبه بعد أن عدل الدستور ليحكم تشيلي طوال حياته، فثار الشعب وظل ينافح حتى تم إجراء انتخابات رئاسية مباشرة، فاز فيها "باتريشيو أيلوين"، ليصبح أول رئيس ديمقراطي منتخب بعد حقبة من الاستبداد والعنف. 5. رومانيا.. إعادة إنتاج النظام السابق متدثرًا بالثورة: اندلعت الثورة الشعبية، في ديسمبر 1989م، والتي أسفرت عن إسقاط نظام "نيكولاي تشاوشيسكو" وإعدامه هو وزوجته في محاكمة تاريخية علنية، وعقب الإطاحة به تولت جبهة الإنقاذ الوطني التي كونتها جماعة من الحزب الشيوعي السابق سدة الحكم، وأصبح "إيون إيليسكو" أحد أعمدة الحزب الشيوعي السابق رئيسًا بالإنابة لرومانيا. وسعى "إليسكو" لتحجيم الثورة وحصارها وإطلاق العنان لأتباع النظام السابق، وبدأ بالجيش، وعقد صفقات مع جنرالاته الكبار، وقام بمحاكمة المعارضين لممارساته من القوى السياسية والحركات الطلابية، بتهم التجسس والعمالة، وتلقى التمويل من جهات خارجية، وتطبيق أجندات أجنبية. وظل الشعب الروماني في سجال ومقاومة مع بقايا وفلول شاوشيسكو حتى فرضوا الانتخابات النزيهة، ليفوز جناح المعارضة في الانتخابات البرلمانية، مما أنهى أي وجود للشيوعيين بعد عقود من الإلحاد والقهر والفساد. 6. الثورة البرتقالية.. من حلم الثورة إلى سراب الواقع: اشتعلت في أوكرانيا 2004م بعد عملية تزوير انتخابي فاضح اقترفها نظام "ليونيد كوتشما"، مما أثار غضب المعارضة التي حشدت مناصريها ودعتهم للخروج إلى الشارع بـــالعاصمة "كييف" والتنديد بفساد النظام الحاكم. وبالفعل نجح "يوتشينكو" المعارض، وتم تنصيبه رئيسًا للبلاد عام 2005م. 7. ثورة التوليب.. ثورة جديدة على الثائر المستبد: قامت ثورة التوليب في "قيرغيزستان"، يوم 27/2/2004م حيث أطاحت برئيس الدولة "عسكر أكاييف"، وقام الفلول باستنساخ النظام الماضي فشهدت فترة حكمه مقتل العديد من السياسيين البارزين، وأعمال شغب في السجون، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والمعارك من أجل السيطرة على الشركات المربحة. وفي مارس 2010م، شهدت "قيرغيزستان" احتجاجات واسعة وتم فرض حالة الطوارئ لاحتواء الاحتجاجات، لكن غضبة الشعب لم تتوقف مما اضطر "باكييف" إلى الهروب في أبريل 2010م. إلى أن قامت الانتخابات الرئاسية أكتوبر 2011م، والتي أسفرت عن فوز زعيم المعارضة "ألمظ بك أتامباييف" برئاسة الجمهورية. ويبدو أن الانقلابيين درسوا هذه التجارب ويحاولون تطبيق النموذج الروماني، لكننا لن نتركهم يعبثون بمصرنا، ويسلمونها للأمريكان والصهاينة، وسنظل سلميين مهما كانت التضحيات حتى ينصرنا الله تعالى. وأخيرا أؤكد أن فاتورة الدفع للانقلاب الآن لا تساوي معشار فاتورة الرفع في المستقبل البعيد، فاخرجوا للميادين والطرقات وشاركوا في العصيان المدني يا محبي الحرية والكرامة في مصر، قبل أن يصلكم سيف الانقلاب ومحارقه ومخازيه من الاعتداء على عرضكم؛ ليسلِّم العسكر مصر "مفروشة ومفروسة" للصهاينة، لكن الغد مع الصبر الجميل والاعتماد على الله القوي المتين سوف يقلب كل الموازين، إن شاء الله تعالى.
548
| 11 سبتمبر 2013
8. أليس من السماحة أن يتغاضى الإخوان عن مظالم بالجملة لمصلحة مصر وشعبها وقد حُكم بالسجن ظلما في عهد المخلوع مبارك على أعضاء الإخوان بما مجموعه 15ألف سنة، وتجاوزا كل الإسفاف في الإعلام، وكان أول ممارسة لصلاحيات الرئيس إصدار قانون يمنع حبس الصحفيين، وهو أول رئيس في العالم كان يُشتم ويُهان جهارا نهارا، ويقتل أبناء جماعته، وتحرق مقرات جماعته وحزبه، ولم يُقدِم أحدا للجنايات، واليوم يحال د.مرسي سفاهة وخسة إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل أنصاره!!! بينما تم الإفراج عن المخلوع مبارك مع كل الجرائم التي فعلها أثناء حكمه وثورة الشعب عليه، فضلا عن 1400 قتلى العبارة المصرية، و130 من كبار ضباط الجيش المصري، وملايين ماتوا صبرا بأمراض الكبد والسرطان بسبب الأغذية الملوثة التي باعها حاشية مبارك، وأترك بقية الكلام للكاتب العالمي «روبرت فيسك» «بالاندبندنت» بعنوان: «سري للغاية»: «علم من عدة مصادر أن السيسي أخرج مبارك من محبسه؛ ليجرى له عدة اتصالات مع قادة دول الخليج لإقناعهم بضرورة مساندة مصر حتى نهاية المطاف رغم خطورة ذلك على انقلابه العسكري إلا أنه اضطر إلى ذلك اضطرارا، وقد أجرى مبارك عدة مكالمات مع بعض القاده بمساعدة السيسي أخبرهم فيها بحقيقة الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يهدد نظام الحكم بالسقوط المدوي في حالة استمرار التظاهرات الكبيرة التى لا زالت تخرج بشكل يومي». ليست المأساه أن يخرج مبارك من محبسه فقط، إن الجريمة الكبرى أن يعود مبارك إلى ممارسة شئون رئاسية من وراء ستار أسود حتى بدون علم أغلب قادة الجيش المصري. من المكالمات التى أجراها مبارك هي مكالمة مع «بنيامين بن أليعازر» وزير الدفاع الإسرائيلي السابق الذي تربطه بمبارك علاقه شخصيه وطيدة رغم أنه الضابط الذي قتل مئات الأسرى المصريين سنة 1967م وطمأنه «أليعازر» بأن إسرائيل لا تمل من محاولات إقناع الغرب بضرورة إعطاء فرصة أكبر للجنرال السيسي حتى يستعيد السيطرة على مفاصل الدولة، وأخبره مبارك أنه لن يعود للسجن مرة أخرى إلا إذا عاد الإخوان للحكم مرة أخرى، وتم تجهيز جناح مبارك في مستشفى المعادي العسكري بأحدث الأجهزة الطبية وأثمنها كما زوِّد الجناح الملكي الفخم بكل أجهزة الاتصال....، وفي المقابل يتعرض المرشد العام للضرب من قِبل رجال الأمن ويتعرض الرئيس د.محمد مرسي الرئيس المنتخب لمعاملة لا تليق برجل تولى رئاسة مصر» هذه شهادة لرجل من غير العرب من كبار الكتاب في العالم كله وهو يتوقع انهيار الانقلاب. 9. ليس أشد سفاهة ولا أعظم خسة من موقف الانقلابيين من البنات والنساء، فالرصاص المصوب بعناية إلى الرأس والصدر طال الكثير أمثال هالة شعيشع، ثم اعتقال والدها م. محمد شعيشع، وأسماء البلتاجي، وحبيبة أحمد عبد العزيز وتصويب بلطجية الشرطة الرصاص على الطفلة أثناء السحور في اعتصام النهضة، ودفنت الأم طفلتها ولبست الكفن هي وأولادها وجاءت من القبر على المنصة وقالت يا سيسي قتلت طفلتي بنت السادسة من العمر، والآن أنا جاهزة للشهادة مع كل أولادي، اقتلنا جميعا لنلحق بطفلتنا، وتكرر دخول البيوت في الاعتقال بعد كسر الباب وعدم السماح للنساء بالحجاب، وضربهن وإهانتهن وتوجيه أحط الألفاظ للنساء والأطفال والأمهات العفيفات، واعتقال 300 أخت منهن الدكتورة حنان أمين الأستاذة بكلية طب الزقازيق التي اعتًقلت من مسجد الفتح برمسيس وهي تقوم بدورها الإنساني مع أخواتها في الجانب الطبي الإغاثي لضحايا الجيش والشرطة والبلطجية، واعتًقلت بنت السابعة عشرة شروق شواف بنت طبيب المستشفى الميداني، وحفصة أحمد وعفت البحيرى و... وندع لصحفي ألماني اسمه «سباستيان باكوس» اعتًقل ورأى بعينيه كل صنوف الخسة والسفاهة والسفالة والتعذيب والتحرش بأخواتنا من أخساء الشرطة والبلطجية داخل سيارات نقل المعتقلين ناهيك عما يحدث داخل الأقسام والزنازين، يقول «سباستيان باكوس»: « بعد يوم من الاعتقال والتعذيب شهدنا فيه محاولة اغتصاب بعد أن كدنا أن نُقتل، أفرجوا عنا، لم يكن لنا أن نخرج من دون تدخل السفارة الألمانية، أما بالنسبة للمساجين الباقين فلا أعرف عنهم أي شيء، فهم لم يكونوا من ألمانيا!. وأضاف: «العبء يزول عن كاهلك عندما تدرك أنك لن تُحترق حتى الموت في سيارة ترحيلات تابعة للشرطة المصرية، لكن على الرغم من ذلك، مشاهدة محاولة اغتصاب بعد ذلك بلحظات يريك مباشرة حقيقة الوضع الذي تعيشه، وهو - في حالتي- أنك سجين في القاهرة أثناء أكثر الاشتباكات دموية في تاريخ مصر الحديث، تحركنا في سيارة أخرى مع تسعة سجناء، وعندما ركبنا في السيارة كانت هناك امرأة شابة معنا، وبعد دقائق من تحركنا بدأ الرجل الجالس أمامها بالتحرش بها جسديا، بدأتُ وصديقي بالصراخ محتجين، لكنه لم يلتفت إلينا، ظل الرجل يحاول أن يمسك بقدميها، وبعدها أمسك بصدرها، ثم حاول أن ينزع عنها حجابها، ثم أمسك برأسها بعنف صادما إياه بجدار السيارة، وبعد أن أدرك أنه لن يستطيع أن يحصل منها على ما يريد، بدأ يضربها بشكل عنيف ويائس، لاحظت عندها أن الرجل كان يرتدي ضمادات على يديه وقدميه، لكنه لم يكن مُقيدا مثل الباقين، كما أنه كان الشخص الوحيد الذي من المسموح له أن يتكلم مع الضباط من غير أن يعاقبوه لاحقا. حاول الشخص الجالس بجوار الفتاة أن يساعدها، إلا أن الرجل المهاجم أزاح ضمادته عن سكين أخفاها، ثم طعن الشخص الذي حاول مساعدة الفتاة مخترقا يده، بدأ الجريح في الصراخ مع مشهد الدماء تغرق السيارة، ولم يهدأ إلا بعد أن حاول أحد المسجونين الأكبر سنا تهدئته». هذه بعض صور تستنفر كل إنسان حر في العالم لا زالت فيه إنسانية وكرامة وغيرة على الأعراض، وخوف على مصر حاضرا ومستقبلا أن ينفض عنه غبار الكسل، وقيود الخوف، وحدود المكان، أن يخرج ثائرا سلميا ضد هذا الانقلاب مع اليقين بأن الله تعالى في عليائه لن يدع هؤلاء السفهاء طويلا، قال تعالى: «وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا» (طه: من الآية111)، وللكون إله واحد يحكم ما يريد، و»سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا « (الطلاق: من الآية7).
318
| 07 سبتمبر 2013
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3783
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2196
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2097
| 04 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1302
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
942
| 04 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
939
| 05 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
933
| 05 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
876
| 03 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
867
| 02 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
786
| 06 نوفمبر 2025
تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025،...
705
| 04 نوفمبر 2025
وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...
705
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية