رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة

تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025، وسط مشهد سياسي لا يمكن وصفه إلا بأنه خليط من الإنهاك الشعبي، والتموضع الخارجي، ورغم كثافة المرشحين وتعدد القوائم، فإن القصة لا تبدأ من الأرقام ولا تنتهي عندها؛ فصناديق الاقتراع في العراق لا تُقرأ بما تفرزه، بل بما يختبئ خلفها. منذ عام 2003، لم تكن الانتخابات في العراق حدثًا ديمقراطيًا محضًا بقدر ما كانت آلية لإعادة إنتاج النفوذ وتدوير مراكز القوة بأدوات مختلفة، فكل دورة انتخابية تأتي تحت شعار «الإصلاح»، لكنها تنتهي إلى ذات المأزق: بنية دولة ممزقة بين ولاءات ما قبل الوطنية، ونظام سياسي يفتقر إلى القدرة على صناعة القرار المستقل، والمشكلة لا تكمن في شكل الانتخابات بل في جوهر السلطة التي تظل خاضعة لتوازنات لا علاقة لها بالصندوق ولا بإرادة الناخب. المعضلة المركزية التي تظلل المشهد ليست في من يترشح أو يفوز، بل في من يثق ومن يعزف، فالعراقي الذي أنهكته الوعود يدرك أن الاقتراع لا يغير قواعد اللعبة، لأن هذه القواعد نُفذت بأيدي الطبقة نفسها التي راكمت السلطة والثروة منذ الاحتلال الأمريكي، وعليه، فإن انخفاض نسبة المشاركة لن يكون مجرد رقم في سجلات المفوضية، بل استفتاء غير معلن على مشروعية النظام بأكمله. أما الولايات المتحدة، من جانبها، لا تريد عراقًا مستقلاً بقدر ما تريد عراقًا مستقِرًّا، والفارق كبير بين الاستقلال والاستقرار؛ الأول يعني أن القرار في العراق يُصنع في بغداد، والثاني يعني أن البلد يبقى هادئًا بما يكفي ليمر النفط بسلام، ولهذا، تمارس واشنطن نفوذها بوسائل مالية ودبلوماسية دقيقة: «الدولار كسلاح سياسي، والمساعدات الأمنية كأداة ابتزاز ناعمة»، فهي لا تبحث عن نصر في العراق، بل عن عدم خسارة جديدة بعد أفغانستان. وأما إيران، فهي لم تعد تراهن على ضجيج المليشيات ولا على الشعارات العقائدية، بل على تثبيت حضور مؤسسي هادئ داخل بنية الدولة العراقية نفسها، فهي تدير التوازن لا الصدام، وتراهن على الزمن أكثر مما تراهن على من يتزعّم مقاليد الحكم في العراق. وبين هذين القطبين، يطلّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في امتحان دقيق: يريد أن يقدّم نفسه كزعيم إصلاحي قادر على ترميم هيبة الدولة، لكنه مكبل بتوازنات داخلية وخارجية معقدة، ويحاول الإمساك بالعصا من الوسط، وهو يدرك أن الولاية الثانية تمر عبر الكهرباء والرواتب والخدمات أكثر مما تمر عبر الخطابات الرنانة. غير أن الخطر الأكبر في الانتخابات المقبلة لا يأتي من الخارج وحده، بل من الداخل؛ من الكيانات التي وُلدت من رحم الفوضى، تراكمت قوتها بالاقتصاد والولاء العابر للحدود، فإن هي اندمجت، استقرت الدولة، وإن تمردت، تهاوت أركانها، لذلك، فإن معركة الشرعية الحقيقية ليست بين القوائم الانتخابية، بل بين الدولة الحكيمة والدولة العميقة. وفي مقابل هذه التعقيدات، يطلّ الفاعل الإقليمي العربي والتركي بدور أكثر براغماتية، فأنقرة تتعامل مع بغداد من بوابة الأمن والاقتصاد والمياه، وتسعى إلى شريك يضمن حدودًا آمنة وممرات تجارية نحو المتوسط، بينما تنتهج العواصم الخليجية «سياسة الاقتصاد الناعم»، عبر الاستثمار والطاقة والربط الكهربائي، ومحاولة استعادة العراق إلى فضائه العربي دون صدام، وهذه مقاربة هادئة تعوّل على المصالح لا على الشعارات. ويبقى المشهد برمته أقرب إلى رقعة شطرنج معقدة؛ فيها من يريد الاستقرار، ومن يريد النفوذ، ومن يبحث عن التوازن، والعراقي الذي يبحث عن دولة، أما الصندوق الانتخابي فليس إلا ساحة اختبار لهذا الصراع المركب، الذي يُدار بعقول خارجية وأيادٍ محلية. ومن هنا تكون السيناريوهات المحتملة بعد الانتخابات ثلاثة: الأول: إعادة إنتاج الوضع القائم بشكل محسّن؛ أي حكومة توافقية جديدة تُعيد توزيع المقاعد بلا تغيير جوهري في قواعد اللعبة. الثاني: توازن جديد قد يفرز قوى إصلاحية أو مستقلة تفرض حوكمة أكثر صرامة على المال والسلاح، وهذا احتمال ضعيف لكنه ليس مستحيلاً. الثالث: اهتزاز سياسي وأمني ناتج عن مشاركة هزيلة وصراع على رئاسة البرلمان والحكومة، ما يفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية لضبط الإيقاع ومنع الانفجار. ومهما كان السيناريو، فإن الحقيقة الجوهرية تبقى واحدة: لا يمكن بناء دولة بعقلية المكونات، ولا بسياسة الترضيات، فالعراق، بحضارته العميقة وذاكرته التاريخية، لا يمكن أن يدار كإقطاعية مصالح، بل يحتاج إلى عقد اجتماعي جديد يعيد تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع، ويضع السلاح والثروة والسيادة تحت مظلة واحدة هي الدولة الوطنية المستقلة العادلة. فالرهان الحقيقي على من يعيد للعراقي ثقته بنفسه، وإيمانه بقدرته على بناء وطن يُدار بالعقل لا بالولاء، وبالمصلحة العامة لا بالمحاصصة، عندها فقط، تتحول الانتخابات من مشهد شكلي إلى مفتاحٍ لنهضة مؤجلة، وتصبح الانتخابات العراقية أداة وعي لا طقسًا موسمياً.

669

| 04 نوفمبر 2025

قراءة في التحولات القادمة للقضية الفلسطينية

لم تعد الحرب الصهيونية على غزة مجرد جولة عسكرية بين مقاومةٍ محاصَرة وجيشٍ متغطرس، بل تحوّلت إلى مرآةٍ كبرى تعكس وجه العالم بأسره، وتفضح معاييره المزدوجة في تعريف الحرية وحقوق الإنسان، وتغيّر شيءٌ عميق في الوعي العالمي خلال الشهور الماضية، ليس على مستوى الشعوب فقط، بل حتى داخل النخب الفكرية والإعلامية في الغرب، حيث بدأ الخطاب الفلسطيني يستعيد صداه الأخلاقي والتاريخي الذي حُجِب لعقودٍ طويلة تحت ضجيج الدعاية الصهيونية. في المقابل، تسير حكومة الاحتلال في طريقٍ مغاير تماماً، محكومةٍ بعقيدةٍ يمينيةٍ متطرفة لا تؤمن إلا بالإلغاء، ومع كل قصفٍ لحيٍّ سكني، ومع كل طفلٍ يُنتشل من تحت الأنقاض، يتّضح أن تل أبيب لم تعد تفكر بمنطق «الأمن»، بل بمنطق «الاستبدال»: استبدال الأرض وأصحابها، والذاكرة وسردها، هذه هي فلسفة الحرب الحالية، التي تخفي وراءها مخططاً أوسع لإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني برمّته، من الجغرافيا إلى الديموغرافيا إلى الشرعية السياسية. أولاً: ما وراء الحرب كل الحروب تنتهي في النهاية، لكن هذه الحرب تحديداً تمهّد لبدايةٍ جديدة لا تشبه ما قبلها، وما نراه اليوم هو إرهاصات مشروع صهيوني متكامل لتفكيك المجتمع الفلسطيني من الداخل، يبدأ في غزة عبر التهجير القسري تحت عنوان «الممرات الإنسانية»، وينتهي في الضفة الغربية بمخططات الضمّ والاستيطان وتفريغ الأرض من أيّ وجود سياسي فعّال. أما نتنياهو فهو المحاصر بملفات الفساد والضغوط الداخلية، يرى في هذه الحرب فرصةً نادرة لتثبيت إرثه السياسي، ولذلك يمضي بلا تردد نحو ما يسميه «الحسم التاريخي»، معتمداً على الدعم الأمريكي غير المشروط، ومراهناً على تعب العالم من طول المأساة، لكنّ ما لا يدركه هو أن كل صاروخ يسقط على غزة يُعيد تشكيل الوعي الدولي من جديد، ويُرسّخ رواية المظلوم في مواجهة المتغطرس، وهي معركةٌ لا ينتصر فيها السلاح، بل الضمير. ثانياً: التهجير كأداة سياسية ليس صدفةً أن تُستهدَف الأبراج السكنية الكبرى والمراكز الحيوية في غزة، والتي تهدف الى خلق فراغٍ جغرافيٍّ يُجبر السكان على النزوح تمهيداً لطردٍ دائم، إنها إعادة إنتاجٍ لمخطط قديم يتجدّد كل جيل، لفصل غزة عن هويتها، وتحويلها إلى كيانٍ سكاني بلا عنوان. لكنّ هذا المسار، رغم بشاعته، يواجه مقاومةً من نوعٍ آخر: (مقاومة البقاء) فكل بيتٍ يُقصف، يتحول إلى شاهدٍ إضافي على جريمةٍ تُلاحق الاحتلال في الذاكرة الإنسانية، ولذا خسر الفلسطينيون مراتٍ كثيرة، لكنهم لم يخسروا الذاكرة يوماً، وهذا ما يجعل مخططات التهجير تفشل في تحقيق هدفها الحقيقي: (النسيان). ثالثاً: انكشاف الرواية الصهيونية أخطر ما خسره الصهاينة خلال هذه الحرب ليس موقعاً عسكرياً، بل موقعهم الأخلاقي أمام العالم، ولعقودٍ طويلة كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم «الضحية الأبدية»، لكن مشاهد الدمار والقتل الجماعي في غزة كشفت وجه الجلاد الذي يحتمي بخطاب الضحية، أما اليوم، تتراجع الرواية الصهيونية في الوعي الغربي لصالح الرواية الفلسطينية التي استعادت حقها في الوجود بعد تغييبٍ طويل. أما تنامي المظاهرات في العواصم الغربية خلال السنتين الماضيتين، والبيانات الصادرة عن جامعات ومؤسساتٍ فكرية، والقرارات الأممية المتلاحقة، كلها مؤشرات على اهتزاز الصورة التي طالما روّجت لها آلة الدعاية الصهيونية، ومع أن هذه التحولات لم تترجم بعد إلى مواقف سياسية حاسمة، فإنها تشكل بدايةً لمسارٍ قد يُغيّر قواعد اللعبة في المستقبل القريب، لا سيما وأن العالم الغربي وبالخصوص أمريكا تتعامل مع الواقع ومع القوي وغير مستعدين لمزيد من العبء الذي تحملوه نتيجة دعم هذا الكيان المهزوز. رابعاً: أفق ما بعد الحرب إن أغلب التحليلات لما بعد الحرب تتراوح بين هدنةٍ هشة ومسار تهجيرٍ منظم، أما الحلول السياسية فمؤجلة إلى أجلٍ غير مسمى، ومع ذلك، يمكن القول إن الحرب أحدثت شرخاً في النظام الدولي نفسه، إذ لم تعد واشنطن وحدها تتحكم بمفاتيح القرار، بل ظهرت قوى إقليمية ودولية جديدة تحاول صياغة توازنٍ بديل، من بينها السعودية وتركيا وقطر، التي تلعب أدواراً متزايدة في صياغة المرحلة المقبلة. وإن وقف الحرب لن يكون نهاية للصراع، بل بداية لمرحلةٍ أشدّ تعقيداً، حيث ينقسم الصراع على ثلاثة محاور: محور الوجود في الداخل، ومحور الشرعية في الوعي الدولي، ومحور المشروع الوطني الذي ما زال يبحث عن صيغةٍ جامعةٍ تُعيد للفلسطينيين وحدتهم السياسية وهويتهم الوطنية الجامعة. خامساً: بين التصفية والنهضة قد تبدو المعادلة اليوم قاتمة، لكنّ التاريخ أثبت أن كل محاولةٍ لتصفية القضية الفلسطينية كانت بدايةً لمرحلة نهوضٍ جديدة، فمن النكبة إلى الانتفاضة، ومن أوسلو إلى غزة، تتكرر القاعدة ذاتها: كلما ضاقت الخيارات أمام الفلسطينيين، اتسع أفق الصمود، فالقضية ليست مجرد ملفٍ سياسي، بل منظومة إيمانٍ بالحقّ التاريخي، وهذا ما يجعلها عصية على الإلغاء. أما أخطر ما يواجهه الفلسطينيون اليوم ليس فقط الاحتلال، بل الإحباط والعجز والانكسار واليأس، فالحروب لا تُهزم بالسلاح وحده، بل تُهزم – لا سمح الله - حين ينهار الإيمان ويهتز الصمود، ومن هنا تأتي أهمية استثمار الزخم الشعبي الدولي لبناء مشروعٍ وطنيٍّ جديد، يزاوج بين المقاومة الميدانية والدبلوماسية الذكية الواعية، ويحوّل التعاطف العالمي من مشاعر إلى مواقف، ومن بيانات إلى سياسات، وقد أثبت الفلسطينيون أنهم على مستوى عال من الوعي والصمود والمطاولة التي تستعصي على الانكسار أم الكيان الصهيوني. ختاماً: ربما يكون العالم قد تأخر كثيراً في فهم حقيقة الصراع، لكنّ الحرب الأخيرة جعلته يرى ما كان غائباً، وتحولت غزة من مساحةٍ جغرافية الى ضمير العالم النابض، ونحن بانتظار لحظة ميلادٍ وعيٍ جديد، يعيد صياغة المعادلة بأكملها، ويجعل من كل ركامٍ في غزة لبنةً في بناء الدولة التي طال انتظارها.

318

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3546

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2154

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2070

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1266

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

921

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

897

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

876

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

876

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

831

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
التعلم بالقيم قبل الكتب: التجربة اليابانية نموذجًا

لفت انتباهي مؤخرًا فيديو عن طريقة التعليم في...

672

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة

تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025،...

669

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
المزعجون في الأرض 1-3

وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...

642

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية