رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بين سماحة المعتصمين وسفاهة الانقلابيين (1)

كتبت في الأسبوع الماضي هذه المقدمة، واليوم أرويها لكن الوقائع جديدة "سيكتب التاريخ مرحمة المعتصمين السلميين وسماحتهم وثباتهم بحروف من نور يضيئ للأجيال التالية، كما سيسجِّل بحروف من نار الرَصاص ملحمة الانقلابيين الدمويين بأشكال من الخسة والسفاهة والنذالة غير مسبوقة لطَّخت تاريخ الجيش والشرطة بدماء وشواء أجساد المصريين، سيخجل منها كل مصري حر، بل كل إنسان في العالم".  وإليكم اليوم أمثلة جديدة من نبل وسماحة أولئك المعتصمين السلميين، وسفاهة ووضاعة وخسة هؤلاء الانقلابيين الدمويين: 1. ذهبتُ في الأسبوع الأول لتولي د.مرسي إلى قصر الرئاسة مع وفد من مجلس أمناء الاتحاد العالمي، برئاسة العلامة د.القرضاوي وحضور الشيخ الددو من موريتانيا، ود.خالد المذكور من الكويت، ود.عبد اللطيف المحمود من البحرين، والشيخ فريد واصل مفتي الديار المصرية سابقا، و..... بهدف نصح الرئيس، ومما دار في الحوار الموقف من تهديدات إيران للخليج فرد فخامة الرئيس: أول لقاء للمجلس العسكري طلبتُ إعادة تحديد مجال الأمن القومي المصري ليكون من المحيط إلى الخليج ، وأن أي اعتداء على دولة خليجية أو مغربية نعتبرها اعتداء كاملا على مصر، فقال أحد العلماء: حتى مع تصريحات ضاحي خلفان، فرد الرئيس فورا: هل من المعقول أن أضيٍّع بلدّا وشعبا بسبب تصريح واحد، مصر أكبر من كده" هذه هي سماحة وكياسة وعروبة ورجولة الرئيس ومن يعتصم لأجله اليوم الملايين، لكن أكثر دول الخليج انغمست يدها في الانقلاب والدم والتآمر على قوت الشعب المصري بتدمير مشروع مستقبل مصر كلها "محور قناة السويس" الذي سيدِّر على مصر كل عام 100مليار دولار ليُغنيَها عن التسول، ويحرر قرارها من التبعية للخارج، ومع مرارة الدماء والخنق والحرق الذي تم بيد مصرية، وتمويل ومؤامرات صهيوأمريكيليجية، سفاهة وخسة، لكننا نفتدي أرض الخليج وشعبها الطيب الحر بأرواحنا، ونقدر الفرق بين القشرة الظالمة والمجتمع المقهور. 2. عندما يخرج عشرات الملايين في مصر كلها يوم 30/8/2013م حتى ازدحمت 5 كيلو في شاطئ الإسكندرية بأكثر من مليون مصري بهروا العالم، بما يزيد عن كل ما جمعته حركة المخابرات "تمرد"، التي صنعها، وامتلأت شوارع مصر كلها من الصعيد إلى محافظات الدلتا والإسكندرية، ومن سيوه ومرسى مطروح إلى كل سيناء ، فعلى الأقل كانت هناك 400 مظاهرة في وقت واحد، وكأن اعتصام رابعة كان قد حبس الناس عن إقناع بعض ذويهم وأسرهم وجيرانهم، فانتشروا في كل شبر بمصر انتشارا أذهل العالم ما عدا تليفزيون مصر وقادة الانقلاب: عسكريين وشرطة وإعلاميين فقد قالوا: "انحسار تيار الإخوان، والشعب تنكر لهم، وقال أحدهم على قناة الجزيرة كلهم 30 ألفا، وهؤلاء تعداد مسيرة في حارة من حارات مصر، وماذا عن مسيرات واعتصامات ضد الانقلاب في تركيا وواشنطن واليابان وفرنسا ولندن وإيطاليا واستراليا، وألمانيا، وأفغانستان والباكستان، وماليزيا و.... وصار اعتصام رابعة ورمزها بالكف أشهر رمز على مستوى العالم كله، وهذه كلها لم تحدث فيها حالة إخلال بأمن المواطنين أو المنشآت، ولم يستجب المواطنون الواعون في بورسعيد وغيرها لرجال أمن الدولة باللبس المدني في تحريض المعتصمين على ضرب المنشآت، فرفضوا جميعا حبًا لبلدهم وإخوانهم وسماحة في أخلاقهم، وأؤكد أن كل مواطن مُس بسوء أو منشأة مصرية هو من سفاهة وخسة بعض كتائب الجيش والشرطة والبلطجية. 3. لم يشهد كبار الضباط في جيشنا حربًا مع الصهاينة منذ تخرجوا لأن حرب أكتوبر مر عليها أربعون عاما، فهم حكموا مصر ولم يحاربوا، وشهوة الحكم تخللت كل ذراتهم، وكل المصاريف التي أنهكت وأرهقت الاقتصاد المصري والمنح الأمريكية التي أذلونا بها وخطفوا جيشنا، الآن تحمي بني صهيون، ويُقتل من أبناء مصر ويُحرق في50 يوما ويُخنق 6000، ويُجرح 25000، ويُعتقل 12000 على يد جيش الانقلابيين، وهو ما لم يفعله شرفاء الجيش في كل حروبه مع الصهاينة، لكنه اليوم يحكم ويحاربنا، ويقتلنا مرة بيده، ومرة بيد شرطته، ومرة بطائرات صهيونية وبتنسيق مباشر مع السيسي، وأخيرا يقتل أبناء سيناء بإخراجهم فجأة من ديارهم في رفح كي يهدم بيوتهم، في مناظر بشعة للجيش، أراها الآن وهي تدك بالطائرات وبالقنابل بيوتا في العريش، ليقيم منطقة عازلة بين غزة هاشم ومصر، فأهلنا في مصر قرابين من أجل عيون بني صهيون، ويريد أن يكمل دور سيده المخلوع في خنق قطاع غزة رمز العزة، وبوابة الحماية لمصر من خطر الصهاينة، ولو شاءوا لدخلوا غزة بدباتهم يحملون معهم أمثالهم في حب الصهاينة عباس ودحلان وعزام الذي تمنّى أن يدخل غزة على دبابة الجيش المصري وعلّقتُ على التويتر عندي: "عزام الأحمق يريد أن يدخل غزة على متن جيش مصر والدبابة، مرحبا بك أولا لتلعق البيادة، ثم يكون مآلكم الهزيمة والخيابة يا من خسرتم الصناديق وأدنى صفات الرجولة والقيادة". نحن إذن أمام خطف حقيقي من الانقلابيين لجيشنا المصري ليتحول إلى غول على الشعب المصري يحكمه بالحديد والنار والسيف البتار، وفي الوقت نفسه حَمَلٌ وديعٌ مع الصهاينة، وهو تحول خطير لا يرضاه الكثير من شرفاء الجيش، لأنه قد يؤدي لكارثة  ونكسة كبرى تماما كما فعل الصهاينة بعد الانقلاب العسكري من عبد الناصر، فحدث العدوان الثلاثي سنة 1956م، ونكسة 1967م، وكان الجيش آنئذ لا مهمة له سوى ملاحقة الإخوان المسلمين، فالتهَمنا الصهاينة وهم لا يبالون بأي عميل، المهم هو مشروعهم الجهنمي الذي ستحبطه إن شاء الله شعوب الأمة كلها، وعذرا شيخنا "رائد صلاح" لاعتقالك اليوم؛ لأنك تقف اليوم وحدك تدافع عن حرمة المسجد الأقصى من قطعان الصهاينة. 4. أليس من السفاهة ما قالته المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق، خلال لقائها ببرنامج "بيتنا الكبير" على التلفزيون المصري، عن الأسباب الرئيسية لعدم محاربة الولايات المتحدة الأمريكية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، حيث قالت: "إن أمريكا التى تحرك المجتمع الدولى ضد مصر، متهمة بوثائق لدى أجهزة الأمن القومى المصري، ولابد وأن تظهر للنور، لتؤكد بأن هذا التنظيم الدولي صُرف عليه من المخابرات الأمريكية حتى يصل إلى سدة الحكم!!!" وأضافت: "نحن نهدي للشعب الأمريكي معلومة أن شقيق رئيسهم الإفريقي هو أحد مهندسي الاستثمارات للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، وعندما طلب منها مقدم البرنامج إعادة تصريحها مرة أخرى قالت: "شقيق أوباما هو أحد مهندسي الاستثمارات للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، ولذلك فهم لا يريدون محاربة قيادة التنظيم حتى الآن بسبب ذلك، على حد قولها، فهل نتصور سفاهة تفوق ذلك، وهم يدركون جيدا أن السيسي قد صرح أنه كان على تواصل يومي مع وزير الدفاع الأمريكي قبل وبعد الانقلاب، وكانت السفيرة الأمريكية بالقاهرة "آن باترسون" مهندسة الانقلاب، وقد صرح على التليفزيون عضو كبير بحزب النور أن السفيرة اتصلت به وطلبت منهم الموافقة على أن يكون البرادعي رئيسا للوزراء مقابل أن يُختارمنهم 4 وزراء في حكومته، فيتعجب الإنسان من حجم الكذب والافتراء والاستخفاف بعقول الناس. 5. عندما تحمل لنا الكاميرات والصور التي لا تخطئ أن هناك شابا أحسن الظن في أخيه الذي يركب دبابة جيشنا، ودخل على الدبابة رافعا يديه - يعني لا شوكة معه - فعاجله الضابط أو الجندي المصري برصاصة مباشرة في الصدر فأرداه قتيلا، وعندما يخرج أعداد من اعتصام رابعة رافعين أيديهم أمام قادة حرب الإبادة من الجيش والشرطة لكن ضباطنا الأشاوس صوَّبوا الرصاص إلى إخوانهم الخارجين من الميدان رافعي أيديهم! ومن يحمل جريحا فيصوب إليه جنود مصر لا الصهاينة الرصاص فيرتمي مع الجريح قتيلان؟ فهل هناك سفاهة أحط من هذا في الوقت الذي ظللنا 47 يوما بين الجنود والمباني التابعة للشرطة والجيش دون أن نؤذيهم بكلمة أو حجر. 6. عندما نحمي الكنائس إلى اليوم بصدور مصرية، وتوضأ المسلم بماء المسيحي، فهذه سماحة مصرية من عبير ثورة25 يناير واعتصامات ومسيرات دعم الشرعية ورفض الانقلاب، لكن عندما يقود تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذوكسية التمرد المسيحي، ويجلس على بركة من دماء المصريين، ويدفع بأعداد هائلة من البلطجية لقتل إخواننا وقد رأيت بعيني بعض نصارى الدويقة من البلطجية وعلى يدهم نقش الصليب، في أحداث المنصة التي راح ضحيتها 300 شهيد و4500 جريح، وقد قال وزير الداخلية إن أهالي الدويقة - وأكثرهم مسيحيون – هم الذين واجهوا معتصمي رابعة طبعا تحت رعاية منه كاملة مرئية غير مسموعة فقط، فهل من سماحة أكثر منا؟ وسفاهة قادة يحرقون مصر حاضرا ومستقبلا بوهم أنهم منتصرون ووراءهم سند صليبي قوي. 7. عندما يُقبض على د.محمد البلتاجي وهو كما كتبتُ عنه في التويتر:" لك الله د.بلتاجي: أشهد ربي أنك أرق الناس قلبًا، وأعفهم لسانًا، وأصدقهم حديثًا، وأوسعهم صدرًا، وألينهم عريكة، وأنشطهم حركة، و...." سيجعل الله بعد عسر يسرا"، ويُضرب ويُهان، ويسجن في زنزانة انفرادية لمن يحكم عليه بالإعدام، قبل صدور أي حكم عليه وفقا للقاعدة الأصيلة في كل القوانين والدساتير "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، و"الشك يفسر لصالح المتهم"،  لكن الإعلام المصري والداخلية كانوا في غاية الخسة والسفاهة عندما يقول وزير داخلية الانقلاب: إن نخنوخ كلمه وطلب منه أن يسلمه البلتاجي، فهذا قمة الإسفاف بقيمة الإنسان، ويؤكد على لسان أعلى سلطة في شرطة الانقلاب أن هناك تواصلا وتنسيقا بين البلطجية والداخلية، ويؤكد ذلك رواية المقدم محمد كمال التى نشرها عبر حسابه على "فيس بوك" وهو مسئول تأمين المستشارين المسئولين عن التحقيق مع البلتاجي والتي بثها مساء الجمعة، وقال فيها: "بتوع الجيزه شغالين" تعذيب" من 9 مساء ومكملين ولسه القاهره ما بدأتش، أحب اطمنكوا إننا قايمين بالواجب وزياده مع البلتاجي من بعد التصوير ما خلص وشرب الكابي والميه، وتم تطبيق نظرية الضرب عالقفا شفا …. أما نخنوخ بئه اللي هيموت ويبات الليلادي مع البلتاجي عشان يوريه نكاح الجهاد المعتاد في السجون وأحب أوجه الشكر لإخواتنا في العمليات الخاصة علي جهودهم"، ولا أدري في أي عالم نعيش؟!!! وعندما يتسفل الإعلام في اللعب والشماتة في قتل أسماء البلتاجي، فيقول أحد الإعلاميين: هم يتاجرون بأبنائهم، ويفقد هؤلاء المصداقية المهنية فيقول أحدهم : بلتاجي معندوش بنات أصلا، بينما يفبرك آخر - دون تنسيق – اتصالا من واحدة مأجورة، وتقول: أنا أسماء البلتاجي، وبابا حابسني عشان يتاجر بيَّ، وأنا ماموتش ولا حاجة"!!! ولا يوجد واحد عنده أدنى درجة من الإنسانية يمكن أن يشمت أو ينكر الموت مثل هؤلاء، ومع هذا يقيني أن سماحة د.بلتاجي - بعد أن يفك الله أسره بإذن الله - ستكون مصلحة مصر وشعبها فوق جراحه في ابنته، وضربه وإهانته، وتهديد أمه ومساومتها، واعتقال ولده، ثم زوج أخته وهو معصوب العينين من عملية جراحية قبل 3 ساعات من اقتحام بيته وسحبه  وسحله من رجله على الأرض واعتقاله. 8. أليس من السماحة أن يتغاضى الإخوان عن مظالم بالجملة لمصلحة مصر وشعبها وقد حُكم بالسجن ظلما في عهد المخلوع مبارك على أعضاء الإخوان بما مجموعه 15ألف سنة، وتجاوزا كل الإسفاف في الإعلام، وكان أول ممارسة لصلاحيات الرئيس إصدار قانون يمنع حبس الصحفيين، وهو أول رئيس في العالم كان يُشتم ويُهان جهارا نهارا، ويقتل أبناء جماعته، وتحرق مقرات جماعته وحزبه، ولم يُقدِم أحدا للجنايات، واليوم يحال د.مرسي سفاهة وخسة إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل أنصاره!!! بينما تم الإفراج عن المخلوع مبارك مع كل الجرائم التي فعلها أثناء حكمه وثورة الشعب عليه، فضلا عن 1400 قتلى العبارة المصرية، و130 من كبار ضباط الجيش المصري، وملايين ماتوا صبرا بأمراض الكبد والسرطان بسبب الأغذية الملوثة التي باعها حاشية مبارك، وأترك بقية الكلام للكاتب العالمي "روبرت فيسك" "بالاندبندنت" بعنوان: "سري للغاية": "علم من عدة  مصادر أن السيسي أخرج مبارك من محبسه؛ ليجرى له عدة اتصالات مع قادة دول الخليج لإقناعهم بضرورة مساندة مصر حتى نهاية المطاف رغم خطورة ذلك على انقلابه العسكري إلا أنه اضطر إلى ذلك اضطرارا، وقد أجرى مبارك عدة مكالمات مع بعض القاده بمساعدة السيسي أخبرهم فيها بحقيقة الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يهدد نظام الحكم بالسقوط المدوي في حالة استمرار التظاهرات الكبيرة التى لا زالت تخرج بشكل يومي". ليست المأساه أن يخرج مبارك من محبسه فقط، إن الجريمة الكبرى أن يعود مبارك إلى ممارسة شئون رئاسية من وراء ستار أسود حتى بدون علم أغلب قادة الجيش المصري. من المكالمات التى أجراها مبارك هي مكالمة مع "بنيامين بن أليعازر" وزير الدفاع الإسرائيلي السابق الذي تربطه بمبارك علاقه شخصيه وطيدة رغم أنه الضابط الذي قتل مئات الأسرى المصريين سنة 1967م وطمأنه "أليعازر" بأن إسرائيل لا تمل من محاولات إقناع الغرب بضرورة إعطاء فرصة أكبر للجنرال السيسي حتى يستعيد السيطرة على مفاصل الدولة، وأخبره مبارك أنه لن يعود للسجن مرة أخرى إلا إذا عاد الإخوان للحكم مرة أخرى، وتم تجهيز جناح مبارك في مستشفى المعادي العسكري بأحدث الأجهزة الطبية وأثمنها كما زوِّد الجناح الملكي الفخم بكل أجهزة الاتصال....، وفي المقابل يتعرض المرشد العام للضرب من قِبل رجال الأمن ويتعرض الرئيس د.محمد مرسي الرئيس المنتخب لمعاملة لا تليق برجل تولى رئاسة مصر" هذه شهادة لرجل من غير العرب من كبار الكتاب في العالم كله وهو يتوقع انهيار الانقلاب.  9. ليس أشد سفاهة ولا أعظم خسة من موقف الانقلابيين من البنات والنساء، فالرصاص المصوب بعناية إلى الرأس والصدر طال الكثير أمثال هالة شعيشع، ثم اعتقال والدها م. محمد شعيشع، وأسماء البلتاجي، وحبيبة أحمد عبد العزيز وتصويب بلطجية الشرطة الرصاص على الطفلة أثناء السحور في اعتصام النهضة، ودفنت الأم طفلتها ولبست الكفن هي وأولادها وجاءت من القبر على المنصة وقالت يا سيسي قتلت طفلتي بنت السادسة من العمر، والآن أنا جاهزة للشهادة مع كل أولادي، اقتلنا جميعا لنلحق بطفلتنا، وتكرر دخول البيوت في الاعتقال بعد كسر الباب وعدم السماح للنساء بالحجاب، وضربهن وإهانتهن وتوجيه أحط الألفاظ للنساء والأطفال والأمهات العفيفات، واعتقال 300 أخت منهن الدكتورة حنان أمين الأستاذة بكلية طب الزقازيق التي اعتًقلت من مسجد الفتح برمسيس وهي تقوم بدورها الإنساني مع أخواتها في الجانب الطبي الإغاثي لضحايا الجيش والشرطة والبلطجية، واعتًقلت بنت السابعة عشرة شروق شواف بنت طبيب المستشفى الميداني، وحفصة أحمد وعفت البحيرى و... وندع لصحفي ألماني اسمه "سباستيان باكوس" اعتًقل ورأى بعينيه كل صنوف الخسة والسفاهة والسفالة والتعذيب والتحرش بأخواتنا من أخساء الشرطة والبلطجية داخل سيارات نقل المعتقلين ناهيك عما يحدث داخل الأقسام والزنازين، يقول "سباستيان باكوس": " بعد يوم من الاعتقال والتعذيب شهدنا فيه محاولة اغتصاب بعد أن كدنا أن نُقتل، أفرجوا عنا، لم يكن لنا أن نخرج من دون تدخل السفارة الألمانية، أما بالنسبة للمساجين الباقين فلا أعرف عنهم أي شيء، فهم لم يكونوا من ألمانيا!. وأضاف: "العبء يزول عن كاهلك عندما تدرك أنك لن تُحترق حتى الموت في سيارة ترحيلات تابعة للشرطة المصرية، لكن على الرغم من ذلك، مشاهدة محاولة اغتصاب بعد ذلك بلحظات يريك مباشرة حقيقة الوضع الذي تعيشه، وهو - في حالتي- أنك سجين في القاهرة أثناء أكثر الاشتباكات دموية في تاريخ مصر الحديث، تحركنا في سيارة أخرى مع تسعة سجناء، وعندما ركبنا في السيارة كانت هناك امرأة شابة معنا، وبعد دقائق من تحركنا بدأ الرجل الجالس أمامها بالتحرش بها جسديا، بدأتُ وصديقي بالصراخ محتجين، لكنه لم يلتفت إلينا، ظل الرجل يحاول أن يمسك بقدميها، وبعدها أمسك بصدرها، ثم حاول أن ينزع عنها حجابها، ثم أمسك برأسها بعنف صادما إياه بجدار السيارة، وبعد أن أدرك أنه لن يستطيع أن يحصل منها على ما يريد، بدأ يضربها بشكل عنيف ويائس، لاحظت عندها أن الرجل كان يرتدي ضمادات على يديه وقدميه، لكنه لم يكن مُقيدا مثل الباقين، كما أنه كان الشخص الوحيد الذي من المسموح له أن يتكلم مع الضباط من غير أن يعاقبوه لاحقا. حاول الشخص الجالس بجوار الفتاة أن يساعدها، إلا أن الرجل المهاجم أزاح ضمادته عن سكين أخفاها، ثم طعن الشخص الذي حاول مساعدة الفتاة مخترقا يده، بدأ الجريح في الصراخ مع مشهد الدماء تغرق السيارة، ولم يهدأ إلا بعد أن حاول أحد المسجونين الأكبر سنا تهدئته". هذه بعض صور تستنفر كل إنسان حر في العالم لا زالت فيه إنسانية وكرامة وغيرة على الأعراض، وخوف على مصر حاضرا ومستقبلا أن ينفض عنه غبار الكسل، وقيود الخوف، وحدود المكان، أن يخرج ثائرا سلميا ضد هذا الانقلاب مع اليقين بأن الله تعالى في عليائه لن يدع هؤلاء السفهاء طويلا، قال تعالى: "وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا" (طه: من الآية111)، وللكون إله واحد يحكم ما يريد، و"سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا " (الطلاق: من الآية7).

458

| 06 سبتمبر 2013

بين الآلام والآمال والأعمال في المشهد المصري

أكتب اليوم في أصعب وأرقى ذكرى ميلادي وميلاد د. محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية في ٢٠ /٨ / ٢٠١٣م لآلام بلدي مصر الغفيرة ومنها مايلي:  1-  أن مصرنا الحبيبة تعيش مخاضا عسيرا في بحر من الدماء الزكية، والأرواح النقية، التي أزهقت وأحرقت وشوهت جسديا بالحرق والتعذيب بعد القتل، ومعنويا بإكراه أهلهم على التوقيع على ورق رسمي زورا بأن أبناءهم قتلوا أنفسهم منتحرين، ثم أحرقوا أنفسهم بعد  قتلهم برابعة والنهضة والفتح وأبي زعبل وسيناء و... وقتل أمس ٢٥ جنديا من أبنائنا الغلابة الذين رفضوا إطلاق النار على أهلهم المصريين بدلا من الصهاينة، فأكرهوهم على إجازة اضطرارية ليكون ذبحهم تغطية على جرائم رابعة والنهضة والفتح وأبي زعبل و... وليتم الاقتداء ببني إسرائيل، في قتل الأبرياء واتهام البرآء، وقد نزلت أطول سورة في القرآن باسم "سورة البقرة" تنبيها على قوم من بني إسرائيل قتلوا ابن العم؛ ليرثوا العم الغني، ثم لم يكتفوا بالجريمة البسيطة، بل اتهموا الجيران زورا بقتله، ثم طالبوا الجيران البرآء بدفع الدية والفاتورة على ذنب لم يفعلوه، وهذا بعض ما يقوم به تلاميذ وعبيد الصهيوأمريكان من الانقلابيين. 2-  آلام مصر اليوم بالجملة عندما أرى دبابتي وطائرتي ورصاصتي التي دفعت من عرقي لتحمي حدود مصرنا الغالية في مهمة الجيش، أو ترعى الأمن للمصريين داخليا من الشرطة وتقاوم المجرمين والبلطجية، فإذا بهم يشتركان معا جيشا وشرطة مع البلطجية في حرب إبادة لفض اعتصام لأبناء مصر السلميين، الذين دخلوا الانتخابات سبع مرات فاختارهم الشعب ليعبر عن أصالته الإسلامية، ولم يختر أحدا من مجرمي الدولة العميقة، ونجح القليل من العلمانيين فتحالف العاطل مع الباطل، والمتمرد مع الفلول، والعلماني مع العسكر، في تضاد سافر سافل فقط ليدوسوا بالدبابة والبيادة على صوت الشعب الانتخابي، تحت مؤامرة سميت ٣٠ يونيو. 3-  آلام تؤرق مضجعي وتسيل مدمعي، وتنفر مسمعي عندما تقضي أم ثكلى أياما عديدة في البحث عن جثة ابنها وبعد عناء تجده محروقا وتسأل الضابط الهمام: يابني إكرام الميت دفنه، سلم لي ولدي فيرد الضابط: إكرام الميت منكم حرقه!!! وضابط آخر في مشرحة زينهم يسخر من الله والثكالى واليتامى قائلا: "مش إنتو بتوع ربنا، وبتقولوا: هي لله ،هي لله، خلوه ينزل ويحميكوا مننا". وكم رأيت الجثث القتلى والحرقى مع المصاحف، قد أحرقت ثم أهينت من ضباط الجيش والشرطة، وإذا قدر أن بعض ضمير العالم قد صحا واستيقظ، وأنهى إجازته الطويلة ريثما يجرح صهيوني أو صليبي أو بوذي أو كلب أو قرد في حديقة حيوان، فلو شكلت لجنة دولية للتحقيق النزيه لوجدوا في القمامة التي رفعت في نفس يوم الأربعاء الأسود ١٤/ ٨ / ٢٠١٣م  خليطا من بقايا أجساد محروقة، قد عجنها بلدوزر الجيش والشرطة مع أوراق المصاحف، مع الخيام والحجر والشجر والوبر، ولن يجدوا رائحة لسلاح نووي أو كيماوي أو غيرها من دعاوى الأفاقين. 4-  في بلدي مصر ألوان من المرارة من تزعزع وتزحزح عقلية الجيش من حماية الحدود، ومقاومة عدونا اللدود من الصهاينة اليهود، الذين حرفوا التوراة وقدسوا التلمود، وذكرنا الله بفسادهم ونزقهم وقتلهم وسفكهم في خمسين سورة من القرآن، ومع هذا يلبي قادة الجيش الأوامر الصهيوأمريكية؛ بتفعيل ما قاله البرادعي مدمر العراق ومصر لحساب الصهيوأمريكان: "لابد من تغيير العقيدة العسكرية للقوات المسلحة لتكون مهمة الجيش هي الحرب على الإرهاب"، والواقع أن الجيش والشرطة معا تتم عملية غسيل مخ لهم من خلال سلاح التوجيه المعنوي ليكونا معا صفا واحدا ضد الإرهاب بالمفهوم العائم الأمريكي، وقد رفضت تعريفه منذ حملتها الكبرى على الإرهاب منذ بوش الصغير، لتكتمل المصيبة في سرقة جيشنا العظيم من أحضان مصر لخدمة أمريكا وإسرائيل وتحقيق منافع رخيصة لصالح المفسدين من قيادات الجيش والشرطة، ويكون دورهم كما قال المثل العربي: سأل الجدار المسمار: لم تشقني؟!! قال: سل من يدقني. 5-  في مصر آلام جسام عندما يغدق المال لتمويل الانقلاب الدكتاتوري ومنع كل شيء عن مصر برئيسها المنتخب ويصدر العاهل السعودي تأييدا - وربما مكافأة - للجيش والشرطة لأنهم قتلوا وحرقوا أبناء مصر ورموا مع بلطجيتهم المساجد بالقنابل والرصاص وأحرقوا مساجد رابعة والفتح والقائد إبراهيم وأهانوا المصاحف وسخروا من الله، ويشترك مع الإمارات والكويت في دفع مكافآت وفواتير وبنزين الطائرات والدبابات والمركبات التي قتلت وأحرقت البرآء، حتى خجلت الشيخة الأميرة مهرة بنت محمد بن راشد آل مكتوم من أبيها نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي فقالت على صفحتها على التويتر: عذرا أبي لكن أموالنا هي السبب في هذا الدمار بمصر، ثم يدعي السيسي بعد شكره لهذه الدول أن مصر صاحبة سيادة لا يتدخل أحد في قرارها، ولا نستشير أحدا، وهو الذي صرح  للواشنطن بوست بأنه زعلان من عدم مكالمة أوباما له مع أنه يوميا يتكلم ويتشاور مع وزير الدفاع الأمريكى. 6-  أتألم كثيرا لبلدي مصر عندما يحرق طيران الجيش شركة "المقاولون العرب" وهي التي عمرت وشيدت نصف مصر ودول الخليج، ويطلب من رئيس الشركة م. أسامة الحسيني أن يقول زوراً: الإخوان أحرقوا الشركة، فخاف الله، وذكر جناية طائرات الجيش ليس فقط على الإنسان بل البنيان؛ فعزلوه في نفس اليوم، "وليس بعيدا أن يلفقوا له قضية حرق الإنسان والبنيان؛ ليكون عبرة لكل من يتردد أن يعيش تحت سقف البيادة، وعجل الدبابة. ومع هذا فما كنت يوما قريبا إلى الله من هذه الأيام خاصة أيام وليالي رابعة، وما كان الأمل واسعا في نصر قريب من هذه الأيام وذلك لما يلي: ١- قال تعالى: "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21). ٢- قال تعالى: "فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: 47). ٣- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك" رواه أحمد و الطبراني، وبعد: ٤- نجأر إلى الله تعالى بالدعاء بالرحمة والمغفرة وأعلى الجنات للشهداء والجرحى والمعتصمين جميعا الذين أثبتوا مروءة نادرة، وشجاعة باهرة، في الصمود بقوة الإيمان في قلوبهم، وقداسة المصاحف في أيديهم، طوال إحدى عشرة ساعة أمام جحافل وخونة الجيش والشرطة في رابعة، وأكثر من ٢٤ ساعة في مسجد الفتح برمسيس"فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب: 23)، ولا يزالون مستمرين في جهادهم ورباطهم السلمي في مواجهة سدنة الانقلاب جميعا. وأشهد أني قد تعمق عندي الأمل واتسع مما رأت عيناي وسمعت أذناي من تضحيات رائعة ولاتزال لا تقل عن عصور الصحابة بحال. ٥- ثبات ورسوخ أسر الشهداء، في إكمال مشوار الرباط حتى يسقط الانقلاب، وأبشركم بتاج الكرامة على رؤوسكم في الدنيا والآخرة بأن اختار الله لفلذات أكبادكم مقام الشهادة ليكونوا في أعلى الجنات، "مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا"(النساء: 69) ويشفع لسبعين من أهله كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومع الألم الشديد لحرق جثامين الكثير من الشهداء لكن لا تقلقوا فإن الله تعالى سيجعل هذا بردا وسلاما على الشهداء، أما القتلة الأخساء فستلاحقهم لعنة الله تعالى، وشقاء الدارين، وخسة في العالمين، وغضبة من أحرار المصريين والعالم، وعذاب أليم في قعر جهنم للمجرمين من القتلة في الجيش والشرطة لأنهم ينازعون الله تعالى حقه كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النار لا يعذب بها إلا الله". وكم من شهيد ودعناه فجاءت عائلته كاملة ترابط معنا في سبيل الله. ٦- يخسر كل يوم الجيش والشرطة والمتمردون كل ذي عقل وبصيرة وقلب وفكر من فجاجة التزوير والكذب المفضوح بأن هناك سلاحا؛ وقتلوا العساكر والضباط، و.... وقد مكثنا ٤٨ يوما برابعة لم نكسر شباكا لمؤسسات الشرطة والجيش الملاصقة للاعتصام، وظلت تعمل حتى استعملتموها في القنص وحرب الإبادة للسلميين، وقد دعوناكم وتحديناكم أن ترسلوا فجأة أي أحد أو أية جهة أو صحافة أو إعلام مرئي ليصور شيئا مما تدعون، لكن العالم لن يصدق التلفيق الذي أخرجه خالد يوسف بعد القتل بالدبابات والطائرات والبلدوزرات والقناصين تأتي صناديق السلاح لتوضع وتصور وتحبك التهم كما تعودتم وتعمد أسلافكم، فقد اتهمتم مفجر ثورة ٢٥ يناير "خالد سعيد" أنه كان مجرما مسلحا يتعاطى المخدرات وقتل نفسه في تقارير الشرطة وأمن الدولة، وثبت بالتحقيق التعذيب الرهيب حتى قتل، وقد تم قتل الملايين من الشعب العراقي  وتدمير البلد بدعوى أمريكية برادعية أن هناك سلاحا نوويا، فما الجديد لدى الشرطة المغموصة في الدم المصري، والسيسي عميل الأمريكان والمنسق مع الصهاينة لقتل المصريين. فلأجل رضا الله والجنة ، وإزاحة الهم والغمة، عن مصرنا والأمة نرجو ما يلي من الأعمال بعد إزاحة الآلام واليقين بالآمال: ١- ندعو كل أحرار مصر والعالم الحر، بل ندعو الذين غرر بهم المتمردون والإعلاميون الفسدة أن ينتفضوا جميعا في كل الميادين المصرية، وأن يستمروا حتى يسقط الانقلاب أولا، وممارساته ثانيا؛ لنعيد معا السيادة لصوتك الانتخابي الذي داسته الدبابة والبيادة، ولنوقف معا المجازر وحرب الإبادة، وننقذ مستقبل مصر من الفشل الذريع أمنيا بالقتل والسحل، وسياسيا بالاستبداد والتبعية لأمريكا وبني صهيون، واقتصاديا بالسلب والنهب، وإنسانيا بحرق جثث الشهداء من أبنائكم وبناتكم وإخوانكم، مما لا يرضاه ضميركم ولا عروبتكم ولا إنسانيتكم، مهما كنت معارضا لأي فصيل وطني، لكنك لن ترضى الحرق والقتل من رابعة لأبي زعبل وسيناء بهذا الإسفاف والإسراف الرهيب، الذي تشيب له الرؤوس، وزاد الطين بلة رفض تسليم الجثث وتعمد إخفائها لمحو أو تقليل أدلة جرائمهم، وإجبار الكثير على عدم تسليم الجثث إلا بتقرير أنهم انتحروا، ويبدو - في فقه الانقلابيين- أنهم أحبوا أن ينالوا ثواب الانتحار الجماعي بجوار مسجد رابعة العدوية. ٢- ندعو المحامين وهيئات حقوق الإنسان في العالم لرفع قضايا دولية على قادة الانقلاب: السيسي ومحمد إبراهيم وعدلي منصور والببلاوي وكل من ساهم في القتل مباشرة بالإسناد الديني كشيخ الأزهر وتواضروس، أو سياسيا مثل قادة الأحزاب المحرضة، أو الإعلاميين الذين نشروا الأكاذيب وحرضوا على القتل؛ وذلك بتهمة ارتكاب جنايات حرب الإبادة ضد الشعب المصري. ٣- نرجو ألا يفوت علماء الأمة جميعا في مصر وغيرها شرف وجوب الدفاع عن الحق، واستعادة الشرعية لصندوق الانتخاب ونتائجه بعد ثورتنا المجيدة في ٢٥ يناير، وفاء لدماء الشهداء والجرحى، ونصرة للمظلومين، وإنصافا لمحروقين، وإعلانا لكلمة الحق في وجه المجرمين؛ فإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. ٤- نؤكد لجميع المرابطين في رابعة والنهضة وميادين مصر على ضرورة الاستمرار في رفضنا ورباطنا في كل الميادين كفريضة شرعية وضرورة واقعية عملا بقوله تعالى: "الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ" (آل عمران: 172)، وثقوا في نصر الله تعالى القائل: "فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: 47)، "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء: 227)، ولن نخون دماء آلاف الشهداء والجرحى، بل ستبقى وقودا قويا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وما نحن إلا كما قال الشاعر عبد الرحيم محمود: سأحمل روحي على راحتي         وأهوي بها في مهاوي الردى فإما حياة تسر الصديق               وإما ممات يغيظ العدا ونفس الشريف لها غايتان           بلوغ المنايا ونيل المنى أرى مقتلي دون حقي السليب       ودون بلادي هو المبتغى وأيقنوا أن النصر قريب، لكن سلعة الله غالية.

378

| 23 أغسطس 2013

بين ثبات المعتصمين السلميين وخسة الانقلابيين الدمويين

سيكتب التاريخ مرحمة المعتصمين السلميين وثباتهم بحروف من نور يضيئ للأجيال التالية، كما سيسجل بحروف من نار الرَصاص ملحمة الانقلابيين الدمويين بأشكال من الخسة والنذالة غير مسبوقة لطَّخت تاريخ الجيش والشرطة بدماء وشواء أجساد المصريين، سيخجل منها كل مصري حر، بل كل إنسان في العالم، وإليكم أمثلة من نبل وثبات أولئك المعتصمين السلميين ووضاعة وخسة هؤلاء الانقلابيين الدمويين: 1.     عندما يجلس عشرات الملايين خمسين يوما، أي 1200 ساعة، في رابعة والنهضة والميادين في كل محافظات مصر ال27 ، ولا يزالون رغم الجراح، ولا يستجيب لهم الجيش وينحاز قادة الانقلابيين للتمرد لبضعة ملايين على رواية الفنان خالد يوسف حيث وقفوا ست ساعات فقط، وأعدته مخابراتهم بتآمر خارجي صهيوأمريكي خليجي ، فهذا مجانبة الحقيقة والعدالة وانحياز للخسة والنذالة، ويُتهم الجيش بأنه جيش المؤامرات ردة على ثورة 25 يناير. 2.     عندما يجلس المعتصمون خمسين يوما، ونَعِم موظفو ومباني وزارتي الداخلية والدفاع في سلمية وأمان المعتصمين، دون كسر شباك واحد، أو إيذاء جندي من رجال الداخلية والدفاع الذين ظلوا بيننا وسط الميدان في رابعة، يعملون دون تعطيل مصالحهم، فهذا قمة النبل الخلقي في السلمية، ثم تستخدم المباني نفسها كلها في القنص والضرب وتخزين الأسلحة والقنابل والجرافات والدبابات والمصفحات، فهذه قمة السفاهة والخسة معا. 3.     عندما يُضبط بلطجية وضباط وجنود الشرطة في المسيرات ومجزرة المنصة ورمسيس ومسجد الفتح وهم يقتلوننا فيعالجون ويسلّمون للجيش أو الشرطة، فهذا قمة النبل والمسئولية، على حين رأيت بعيني الوحوش البشرية تضرب بكل حماقة الرجال والنساء والأطفال في الحرس ورمسيس والمنصة ورابعة والفتح، وعندما يتقدم الأطباء للإسعاف، أو ذوو المروءات لحمل الجرحى أو الشهداء كان القناصون من الجيش والشرطة والبطجية يصطادونهم، ورأيت بعيني القناصة يضربوننا ونحن نصلي الظهر داخل مستشفى رابعة فيسقط خمسة فهذا قمة الوضاعة والانحطاط. 4.     عندما كنا نعلن استغاثة عبر القنوات من منصة رابعة أو منبر مسجد الفتح نريد أطباء جراحين أو مواد طبية للعمليات الجراحية في المستشفيات الميدانية التي صارت أهم من الهواء والماء والغذاء في كل مسيرة أو اعتصام، فيأتي أطباء من كل جانب، ونضطر بعد فترة أن نطلب من الأطباء غير المتخصصين أن يعطوا فرصة للمتخصصين، حتى لوحظ أن طبيبا داخل المستشفي الميداني بمسجد السلام بجوار رابعة لم يصل الظهر، فقالت له الطبيبة التي كانت تجري العمليات الجراحية: لماذا لم تصل؟ "مش ضامنين عمرنا" فقال: أنا مسيحي!  فها هو نبل المصريين نفسه قد عاد للمعتصمين برابعة والنهضة من ثورة 25 يناير، يوم توضأ المسلم من ماء المسيحي، ولا يزال الإسلاميون يحمون الكنائس إلى اليوم نُبلاً وخُلقًا إسلاميا أصيلا، لكن علماء السلطة وعملاء الشرطة يفتون بدم بارد بقتل المعتصميين على أنهم "خوارج"! وهم هم من أفتوا بأن الخروج على نظام مبارك حرام حرام حرام، ويُقتل فاعله وهو ملعون، ثم أجازوا الخروج على الرئيس المنتخب د.مرسي، ويُفتون اليوم أن الخروج على الدبابة والبيادة يستحقون القتل لأنهم "خوارج" وينفذ الجيش والشرطة والبلطجية ذلك بقلب ميت، ويقتلون البرآء، ثم يحرقونهم ويجرفونهم، وفي اليوم نفسه يجرفون منطقتي النهضة ورابعة، والقمامة مليئة بالمصاحف والأجساد المحترقة، ولم يسمح للنيابة أن تزور المكان، ولا أن يكتب أحد تقريرا، ولا يسمح -إلى اليوم - لأحد أن يقترب من مخلفات موقعتي رابعة والنهضة، وإلا صارت هولوكوست شارون مصر" السيسي"، ويكتمل مشهد الخسة بتعذيب وحرق المعتقلين في أبو زعبل، ومؤامرة قتل جنودنا في سيناء، وتُلصق - إعلاميا - زورُا وبهتانا بالإسلاميين كي تغطي على هذه المذابح، وتصل النذالة والخسة ذروتها في منع الأُسر من استلام الجثث المقتولة والممزقة والمحروقة إلا بعد التوقيع أن أبناءهم انتحروا قتلا وحرقوا أنفسهم على أساس أن الشهيد - رغم قتله - حي لم يمت فيستطيع "أنه يولع في نفسه"!. 5.     عندما يُقتل 6000 ظلمًا في خمسين يوما، ويجرح 25000، ويسجن ظلمًا 12000، من هؤلاء خيرة المعتصمين سلميًا باعتراف المستشار الديني للسيسي الشيخ سالم عبد الجليل، ثم يظلون على سلميتهم فيُعتقل أ.د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، وقادة الجماعة الإسلامية دون طلقة واحدة ممن قالوا هم قادة الإرهاب في العالم، ويظلون يخرجون كل يوم وليلة متحَدِّين حظر التجول، في مسيرات على الأقدام أو بالسيارات أو الموتوسيكلات أو السلاسل البشرية أو.... لدرجة خروج الملايين في 300 مسيرة يوم جمعة الشهداء يوم 16/10/ 1434هـ الموافق 23/8/2013م فهذا قمة الثبات والرجولة والقوة والطاعة لله ورسوله وللعلماء الأثبات والرجال الأحرار في قيادة التحالف الوطني لدعم الشرعية، وفي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وهيئة العلماء، وجبهة علماء ضد الانقلاب، وجبهة علماء الأزهر، و56 من كبار علماء السعودية وآخرين في دول العالم، بل تحولت رابعة إلى رمز في ميادين تركيا وماليزيا واستراليا وفرنسا وواشنطن وبرلين وإيطاليا وإيرلندا والهند واليابان وفرنسا ولندن و.....، وعندما يواجه هؤلاء من فم الرصاص وبالحرق بما يزيد عما أنجزه الجيش المصري في 3 حروب ضد الصهاينة في 1956/1967/1973م فلم يقتلوا أو يجرحوا أو يأسروا ربع هذا العدد من الصهاينة المحتلين الذين احتلوا سيناء ودخلوا لعمق المجتمع المصري في نكسة 67 فصاروا كما قال الشاعر عمران بن حطان: أسد علي وفي الحروب نعامة    فتخاء تنفر من صفير الصافر حتى قال المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق على قناة الجزيرة يوم 19/10/1434هـ الموافق 26/8/2013م لقد بلغت بشاعة وفظاعة الجيش المصري فوق الكارثة التي يأنف الصهاينة أن يقوموا بها، فصار انقلابهم "سرقة بالإكراه لصوت الشعب مقرونة بالقتل البشع"، فهل هناك خسة تاريخيا تفوق ذلك أمام نبل المعتصمين السلميين وثباتهم، وقد صار حلمنا ونٌبلنا وثباتنا أمام خستهم ووضاعتهم كما قال الشاعر ابن الصيفي: حَكَمنا فكان العفو منا سجيةً           فلمَّا حَكمتم سال بالدم أبطح  فحسبكم هذا التفاوت بيننا           وكل إناء بالذي فيه ينضح   يا إخواني لا تهنوا ولا تحزنوا ولا تستكينوا؛ فاستمروا على سلميتكم ورباطكم حتى " يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" (يونس: من الآية109)، لأن هنا إلهًا واحدًا لهذا الكون والأمر كله بيده، وليس من الكنيست أو البيت الأسود أو المجلس العسكري، بل القانون الإلهي هو الحكم كما قال تعالى: 1. "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " ( الروم : 47). 2. "وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ" (غافر: من الآية5). 3. "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" (القمر:45-46). 4. "قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ" (النحل:26). فانتظروا إنا منتظرون..

401

| 18 أغسطس 2013

بين صراحة الصهاينة ووقاحة الانقلابيين

قامت القوات الصهيونية يوم الجمعة ٢ شوال سنة ١٤٣٤هـ الموافق 7/8/2013م وهو يوم عيد المسلمين الأسبوعي لا يوم السبت حتى لا يخلوا بتعاليم التلمود يوم السبت، قاموا بضرب كرامة مصر كلها في مقتل بقتل خمسة مصريين بطائرة من دون طيار "الزنانة " في منطقة العريش المصرية، وسارعت عدة جهات وقنوات وصحف صهيونية بالإعلان أن الجيش الصهيوني قد نفذ عملية ناجحة ضد من يسمونهم "الإرهابيين" في سيناء، وزاد الطين بلة بإعلان صريح على القناة الأولى الصهيونية، أن ذلك قد تم بالتنسيق الكامل مع الجيش المصري خاصة جهاز المخابرات والسيسي، وقامت التحليلات الصهيونية بأن الأسباب في القتل هو مقاومة الجماعات الإرهابية، وأن السيسي وافق على التعاون العلني مع الكيان الصهيوني، وهو يزيد عما كان يفعله مبارك الذي كان ينفذ كل شيء سرا، ونقل موقع "ميدل إيست مونيتور" عن السفير الصهيوني بالقاهرة "يعقوب أميتاي" قوله: "السيسي ليس بطلا قوميا في مصر، لكنه بطل قومي لليهود في إسرائيل وحول العالم"، وأن ما تم من انقلاب عسكري على مرسي هو أهم لدى دولة الكيان الصهيوني من الانتصار الصهيوني على العرب جميعا خاصة مصر وسوريا والأردن سنة ١٩٦٧م، وهو ما سُجل في تاريخ القائد العسكري عبدالناصر أنه نكسة مصر والأمة العربية والإسلامية لولا وقاحة العسكر وخدامهم في كل عصر حيث خرج يومئذ المدلس الأكبر في الأمة العربية بامتياز: محمد حسنين هيكل فقال: "لا توجد نكسة ولا شيء، فنحن لم نخسر الزعيم جمال عبدالناصر، وهذا مكسب يكفي، واليهود أخذوا سيناء وهي أرض خراب وصحراء وكانت عبئا على مصر في حراستها وحمايتها، وانتقل العبء على الصهاينة، والرئيس جمال مثل الفرس أو الحصان الذي يرجع للوراء كثيرا كي يعطي لنفسه الفرصة للقفز على تل أبيب، مرة واحدة"، وقد مات ولم يقفز قفزة الماعز وليس الحصان، والآن نحن نستغرب من صراحة الصهاينة ووقاحة الانقلابيين حيث صار اللعب عندهم على المكشوف ولا مانع من إعلان كل شيء كما فضحوا مرارا عميلهم أبو مازن الذي لم يطلق رصاصة واحدة على الصهاينة مثل السيسي تماما، وأطلق كلابه وعساكره ورشاشاته على المقاومين في فلسطين بكل فصائلهم، ولا يزال يُنكِّل بأحرار فلسطين أكثر من الصهاينة، وقد فاق السيسي الجميع ولعب على المكشوف، حيث نسق مع أسياده الصهيوأمريكان حول الانقلاب، وكان ولا يزال يتواصل يوميا مع وزير الدفاع الأمريكي، وقطعا مع نظيره أوباما لكن وقاحة الانقلابيين لا تعلن كل ولا بعض التفاصيل، فيبادر العقيد أحمد محمد علي المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري في نفي وقوع أي عمل عسكري في العريش، وأنهم يقومون بتمشيط المنطقة لمعرفة الأمر، ويبدو أن صحراء سيناء كسرت الأمشاط كلها، فنفى وقوع أي عمل عسكري من أي نوع، ثم لما صارت المسائل داخلة في الخيانة العظمي في التنسيق مع الصهاينة أعداء الله والأمة والحضارات الإنسانية كلها، نفى المدلس الرسمي أن يكون هناك تنسيق مع السيسي أو الجيش، وأن حدودنا خط أحمر، ويبدو أن الحقيقة مع الانقلابيين أن حدودنا خط أخضر لعبث الصهاينة، والمصريين دم أحمر لقيادات الجيش والشرطة والبلطجية والحصيلة في أيام الانقلابيين السوداء الأولى هي ٥٠٠ شهيد و٩٠٠٠ جريح، ولا يزال الجيش والشرطة ينفون في وقاحة نادرة، واستخفاف بعقول المصريين والعالم لدرجة أن وزير الخارجية السويدي لما تعجب من استهانة الانقلابيين العسكريين بأرواح وحياة المصريين، فرد عليه سفير مصر بالسويد أن المعتصمين هم الذين قتلوا أنفسهم، فضحك وزير خارجية السويد ضاحكا من وقاحة السفير المصري، وقال: "العب غيرها"، وكتب الكاتب العملاق فهمي هويدي: اكذبوا لكن احبكوها شوية؛ احتراما لبقية من عقل لدى القراء أو السامعين، وكأني بالمثل الشعبي المصري: "كذب مساوي، ولا صدق منحكش" لكن وقاحة الانقلابيين عسكريين وعلمانيين وصلت لدرجة "الكذب المنحكش"، "فالرسول صلى الله عليه وسلم عندهم أول فاشي" كما قال حامد عبدالصمد، والإخوان سبب سقوط الأندلس كما قال الغيطي، ولن يدخل الجيش في السياسة ليتفرغ لمهمته الكبرى في حماية الحدود، وتقطع يدي لو امتدت على مصري كما قال السيسي يوما ما، ولن يترشح السيسي ولا أي عسكري لانتخابات الرئاسة، وسنرى كذبهم غداً، ولابد من موقف من كل مصري أو إنسان أمام جملة الأكاذيب وليس بالقطاعي، أما وقاحة الكذب عندهم فهو كما قال صلى الله عليه وسلم: (وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا) (رواه مسلم)، وهؤلاء يكذبون بالجملة وليس بالقطاعي، ويكذبون بشكل مؤسسي وليس فرديا، فما يقوله كبير الانقلابيين أو ممثله من أكاذيب أو يشير به يصبح أغنية الفنانين، ومقالات الصحفين، وأخبار المذيعين، وتحليلات السياسيين، وحلول المبدعين، ومحلول الشاربين، وهواء المتنفسين، ويا ليتنا نتعامل مع رجال الجاهلية الذين كانوا يستنكفون من الكذب ولو فلتة واحدة في تاريخ حياتهم، ومن ذلك الواقعة المشهورة التي طلب فيها ملك الفرس وجهاء العرب ليسألهم عن محمد النبي الجديد في جزيرة العرب، وبعد أسئلة كثيرة سأل: "أيغدر محمد؟ فقال أبو سفيان فهممت أن أكذب، ولكني خشيت أن تؤثر عني العرب أني كذبت مرة"، يااااااه كافر صادق في حديثه يخشى من عار الكذب ولو مرة في تاريخه الحياتي، ونحن عندنا منهج عكسي لدى المنتسبين للإسلام من الانقلابيين العسكريين والعلمانيين، وهو: "أخشى أن تؤثر عني العرب والغرب أني صدقت مرة"، ولهذا قال الله تعالى: "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ" (المرسلات:15و19و24و28و34و37و40و45و47و49) عشر مرات في سورة من قصار المفصل "المرسلات" فضلا عن تكرارها الوفير في القرآن الكريم. يا قوم: إن سيدنا يعقوب كذب أولاده في أخذ بنيامين أخي يوسف، وقال: "بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا" (يوسف: من الآية83)، وكانوا صادقين في المرة الثانية لأنهم كذبوا منذ أكثر من أربعين عاما مرة، فمتى يتوقف العقلاء عن تصديق من يكذبون كل يوم بل كل ساعة، ويبالغون في الكذب "المنحكش" ويمضون بقلب بارد كأنهم تنفسوا هواء أو شربوا ماء أو تناولوا غذاء، وهم بحق كما قال الله تعالى: "وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ" (إبراهيم: من الآية43). فيا شعب مصر العظيم: توقفوا عن تصديق الكذابين، بل الوقحين في الكذب، فمن رحمة الله بالأمة أن من كذب مرة واحدة في حياته من خيرة الحفاظ للحديث النبوي ينقلب الأمر عليه في كل حديث يرويه بعده من الصحيح والحسن والضعيف إلى الحديث الموضوع الذي لا تجوز روايته شرعا إلا لبيان وضعه، فمتى يا قوم تأخذون بمنهج العرب أو المسلمين، أو بعض نبلاء الغرب الذين يفضلون الموت على الكذب، لكن قادة الانقلابيين أصبحوا أساتذة التدليس والكذب فأهدروا كل ما جاء من ناحيتهم ولو أقسموا بالأيمان المغلظة لقوله تعالى: "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ * أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ" (القلم: 10-16)، وهذا أصدق وصف للانقلابيين اليوم، صحيح أن صراحة الصهاينة لا تنفعهم في الآخرة، بل المصيبة فينا عندما نمتطي الكذب مطية في كل شارع ودار، فيا رب أعد لنا رئيسنا محمد مرسي الصادق قولا، الصابر فعلا، القائد حقًاً، المعزول ظلمًا، العائد أملا في رب العزة سبحانه، "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا" (الإسراء: من الآية51).

445

| 16 أغسطس 2013

بين اعتكاف المساجد ورباط رابعة العدوية

اعتكاف المساجد سنة عند بعض العلماء تحفيزا لقلوب المؤمنين، وتلمسا لليلة القدر كما قال تعالى : "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" (القدر:3)، أما الرباط في رابعة العدوية  فهو فرض على كل مسلم ومسلمة، مصري ومصرية، من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، حماية للشريعة الإسلامية عقيدة وأخلاقا وعبادة، ودفاعا عن الضرورات الست: الدين والنفس والعرض والنسل والعقل والمال، وتخليصا لمصر من انقلاب دموي سرق مصر من أحضان الثوار إلى العسكر، ومن تحكم صندوق الانتخاب دعما للمسار الديمقراطي إلى تحكم الدبابة والبيادة دعما للمسار الدكتاتوري، مما ينذر بعواقب بدت ملامحها الأولى دماء وأشلاء لثمانية آلاف من الجرحى والشهداء، فانهار أمن المواطن، وزاد حصار المساجد، وتوالى قتل الساجدين في العريش والحرس الجمهوري ورمسيس، وعادت السرقات بالجملة، وعادت رموز مبارك وعلى رأسهم أحمد عز وأنس الفقي بكل وقاحة، في شكل براءات قضائية، وحقائب وزارية، وصارت تهاني الجبالي والنمنم وآخرون يجهرون بعلمانية مصر لا إسلاميتها، وأن الديقراطية -عندهم- لابد أن تسبح في بحر من الدم، وصار لواء الداخلية على الملأ يطالب بوقف صلاة الفجر، وحوصر مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية ، واعتلى القناصة من الجيش والشرطة مئذنة مسجد فاطمة  داخل جامعة الأزهر، وصوبوا الرصاص الحي على رؤوس وصدور الأبرياء فقتلوا فوق المائة والخمسين، وصار البابا تواضروس يهنئ نفسه ومصر على صفحته على التويتر بقدرة الجيش والشرطة على قتل وجرح ٤٥٠٠ متظاهر في غداة واحدة عند النصب التذكاري بشارع النصر ليلة وصباح السبت 18 من رمضان 1434هـ الموافق  ٢٨/٧/ ٢٠١٣ م وهو رقم يفوق كل من قتلوا وجرحوا في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وإنني والله أشهد ربي لقد خرجنا من رابعة في شارع النصر لا نريد سوى تخفيف الضغط الشعبي الهائل الذي فاق الملايين الثلاثة، وكنا نخاف من الزحام أن يقتل الناس اختناقا في ميدان رابعة،  وتحركنا سلميين، ووجدنا أعدادا هائلة من قوات الشرطة وسيارات مصفحة كثيرة وبلطجية بأعداد غفيرة، وباغتوا المسيرة السلمية بوابل من القنابل المسيلة للدموع، المفضية إلى التوتر والتشنج العصبي والإغماء والرغاء والقيء من الأنواع المحرمة والمجرمة دوليا، ثم انطلقت البلطجية بحماقة نادرة وحراسة الشرطة، بقتل وضرب وسحل رهيب للسلميين في وقت السحر فاضطروا للدفاع بالحجر، ولما أصابوا بعضا من البلطجية وجدنا كثيرا منهم منقوشا الصليب على أيديهم، بل شاهد عدد من المعتصمين ضابط شرطة يقوم بعمل القداس الصليبي ثم يطلق النار مرارا تنشينا على صدور المتظاهرين، واكتمل المشهد الدموي بقناصة من الجيش من مئذنة مسجد فاطمة الزهراء وكلية الدعوة بجامعة الأزهر والمنصة وصار المشهد كله أصعب من وصف الكلمات فقد رأيت دماء الشهداء والجرحى، في المستشفى الميداني فاقت يوم مذبحة الساجدين بالحرس الجمهوري، وعدت بالذاكرة للاعتكاف في المساجد لكنه صار ممنوعا في مصر، ملاحقا من أمن الدولة، فيباح لك الآن في مصر أن تقضي ليالي رمضان في الفنادق والصالات رقصا وعريا وسكرا وفجورا، وتكون محروسا مرضيا عنك من قادة ومطبلي الانقلاب العسكري، بينما الاعتكاف تلمسا لليلة القدر، وتضرعا لله أن ينقذ مصر مما حل بها جريمة كاملة يعاقب عليها أمن الدولة بالاعتقال والتعذيب وتفاجأ أنك إرهابي ويلبسونك تهمة حيازة أسلحة متنوعة، وخطة كاملة لقلب نظام الحكم، ونية قتل المسؤولين، وهدم المنشآت والتخابر مع جهات خارجية خاصة حماس، والتآمر ضد مصر كلها، وأنت لم تزد على حيازة مصحف في بيت من بيوت الله تعالى، تصلى فتخشع، وتتدبرالقرآن فتخضع، وتدعو بحرقة وتضرع، وتخشى مع هذا على عملك ألا يرفع، كما قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون: 60-61)، فلم يعد للمتدينين  والأحرار الأبرار الأطهار سوى ميدان رابعة العدوية والنهضة ملاذا، يرابطون ويعتكفون منذ أكثر من شهر يتوسلون إلى الله أن يجعل مصر بلدا آمنا، وصرت أهتف بعلمائنا الذين آثروا العزلة والاعتكاف في مساجد مصر أو الخليج وغيره: تعالوا: هنا الرباط، وهو أعلى درجة من الاعتكاف في الحرمين، ولعلنا هنا نستحضر ما قاله عبد الله بن المبارك يعظ معتكفي الحرمين من أمثال الفضيل بن عياض بكلمات خلدها التاريخ أهمها: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب جيده بدموعه *** فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل *** فخيولنا يوم الكريهة تتعب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا *** رهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا عن مقال نبينا *** قول صحيح صادق لا يكذب لا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امرىء ودخان نار تلهب ومن هنا أنادي معتكفي المساجد تحت رقابة وتهديدات أمن الدولة، فروا إلى الله في ميدان رابعة العدوية والنهضة لاستعادة أكبر بلد عربي من مغتصبيها الحقيقيين الصهيوأمريكان، وعملائهم من بعض العمائم الخليجية، والرتب العسكرية، والجيف الإعلامية، والهبيشة للكعكة المصرية الثرية، لكنك تدهش حقا عندما تجد ثبات المرابطين في رابعة العدوية، من أمهات وآباء فقدوا أولادهم شهداء فيأتون بالعائلة كلها رباطا في رابعة العدوية ووفاء لدم الشهيد، فتعجب من مروءات المصريين البسطاء، فضلا عن الأعداد الهائلة من العلماء والدعاة الذين تقدموا الصفوف في الشهادة والجراح وكل المغارم كما قال الشاعر:  كلانا إلى الهول بارى أخاه          وخلف أخيه لدى المطمع نحن أمام صور نادرة من الإيمان والشهامة والمروءة والصبر والجلد والقوة والعزة تدهش كل المعتكفين في المساجد والكارهين للساجد فهذا أب بسيط ثقافة ومدخن عادة يقول على منصة رابعة العدوية: لقد نجح ولدي محمود ب ٩٧٪ في الثانوية العامة وأبلغني من ميدان رابعة وأنا في القطار بهذا النجاح الباهر فسجدت لله شكرًا على أرض القطار فكافأني الله بالزيادة بأن أكرمه بالشهادة ليكون من أهل الجنة كما قال تعالى: "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " (إبراهيم: من الآية7)، وجاء بعد دفن ولده بكل أسرته من كفر الزيات معتكفا في رابعة العدوية، أتحسبون أن الله يضيع بذل وثبات ومروءة هذا الأب وغيره، والله يقول : "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" (البقرة: من الآية143)، "فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ" (الصافات:87)، إنه سبحانه يمهل ولا يهمل، "وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ" (الأنعام: من الآية147)، وعلى الجانب الآخر، "إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (التوبة: من الآية:120)، وسينفذ وعده للمؤمنين المرابطين المضحِّين، بالعز والتمكين، ولكنكم قوم تستعجلون.

622

| 30 يوليو 2013

بين علماء الانقلاب وعلماء ضد الانقلاب

علماء الانقلاب هم من سوَّغوا للانقلابيين من العسكريين جريمتهم وألبسوا الانقلاب ثوبا قال فيه الشاعر أبو ذؤيب: ثوب الرياء يشفُّ عما تحته    فإذا التحفت به فإنك عار فهم ليسوا في العير ولا في النفير في تحديد المصير، بل يستدعون في الحلقة الأخيرة من التمثيلية ليقوموا بدور استغفال البسطاء عقلا وفكرا أن هناك عمائم تجيز الانقلاب على إرادة الشعب، وصندوق الانتخاب، وهؤلاء لا تعرف لهم مواقف حاسمة في السخرية من الله علنًا في الفضائيات والمطبوعات، ولا من هتك الأعراض أمام الكاميرات في ميدان التحرير لما احتلوه بلطجة، ولم تتحرك الدماء في عروقهم حمية على جرائم سفاح سوريا من هتك الأعراض علانية وبالجملة، وسلخ الأطفال وتقطيع أوصال الشباب، وهدم المساجد وآخره قبر سيف الله المسلول خالد بن الوليد، ولم تشغلهم قضية فلسطين، أسرى ولاجئين، وقتلى وجرحى على مر السنين، ومسجدنا الأقصى الأسير الذي حُفرت تحته ٩٠ مترا من الأنفاق، ويُدنس بقطعان اليهود، ولا معاناة أهلنا في بورما والصومال، وزيادة القروش لدى أصحاب العروش والكروش مع وفاة طفل كل خمس ثوان بسبب الفقر والمرض، ولم يثوروا يوما لانهيار الأخلاق والقيم والعفة والمروءة في الفضائيات، بل الأهم عند علماء الانقلاب هو الوصول إلى المناصب، والاستماتة أن يأتي ملك الموت وهم يفترشون الكرسي، وجمع مالا وعدده من المكافآت المادية التي تتوازى مع حجم التدليس والتلبيس والتسويغ والتحريف في دين الله تعالى، وقد وُجد عبر التاريخ من أمثال هؤلاء الكثير، ويُذكرون في هوامش كتب التاريخ كنخالة للأمة، ونفاية للحق، وزراية بالرجال، ولكن الأئمة الأربعة أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وابن حزم وابن تيمية والعز بن عبد السلام و..... قد سجنوا وعذبوا لكي يسوغوا باطلا لا يساوي مثقال ذرة من جرائم الانقلابيين في تاريخنا المعاصر، فهذا أبو حنيفة يُعذب كي يكون قاضي القضاة فيرفض لأن هناك تدخلا في عدالة القضاء فيعذب ويسجن، وهذا مالك قد وشى به الواشون أنه ما أفتى ببطلان طلاق المكره إلا إشارة وقصدا لبطلان بيعة المكره فجيء به وعُذب حتى فقد تحريك ذراعيه، وكذا الشافعي وابن حنبل وشهرة ابتلائه في قول الحق يعرفها القاصي والداني في فتنة خلق القرآن، ولا يخفى على أنصاف المثقفين ما نال ابن حزم الأندلسي وابن رشد القرطبي والعز بن عبدالسلام الدمشقي وابن تيمية وانتهاء بالشهداء عمر المختار وحسن البنا وسيد قطب والسباعي و.... مكانا في قلوب الأمة إلا بقول الحق ومواجهة الباطل وحزبه، وأصر هؤلاء الأعلام على بيان الأحكام، ولو أغضبت الحكام، طالما يرضون الرحمن، كما قال الله تعالى: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ" (الأحزاب: من الآية39)، وهؤلاء جميعا تعرضوا لفتنة الإغواء فلما رفضوا تعرضوا لفتنة الإيذاء فما وهنوا في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، بل ظلوا قامات عالية لا تنحني رؤوسهم إلا تعبدا ورقا وذلا واستكانة لله وحده، فإذا رفعوا رؤوسهم مع الخلق فهم العزة والعفة، والصبر والجلد، والشهامة والكرامة، وهاهم اليوم يخرج أمثال هؤلاء كما قال السموأل:   إذا سيد منا خلا قام سيد   قؤول لما قال الكرام فعول هؤلاء في مصر والأمة العربية والإسلامية علماء ضد الانقلاب العسكري في مصر الذي يخدم المصالح الصهيو أمريكية وأذيالهم في دولنا العربية كي تركع مصر ركوعا لا قيامة ولا كرامة بعده لكن العلماء تقدموا المشهد في الميادين والمدونات والمنابر والمخاطر، وقدموا الجرحى والشهداء، والمعتقلين في مصر والخليج، ولم يبخلوا على مصر بفلذات أكبادهم واحتسبوا عند الله أخواتهم وبناتهم، وهاهم اليوم يكونون جبهة جديدة تخوض معارك سلمية تحت عنوان "علماء ضد الانقلاب" وهذا بيانهم الذي أذاعوه أمس على منصة رابعة العدوية أمام ملايين الشرفاء من الأحرار الثوار على الانقلابيين، وأنقل نص البيان لنُعذر عند الله ولتستبين سبيل المجرمين: "الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فإن جبهة "علماء ضد الانقلاب" التي انطلقت من الجامع الأزهر يوم أن مُنع رفع الأذان فيه لأول مرة في تاريخه، وحوصر العلماء فيه، وهي تتابع ما يجري في مصرنا الحبيبة، واستشعارًا منها بمسؤولية العلماء نحو الأمة، تعلن الآتي: أولا: تتبنى الجبهةُ كلَّ ما أعلنته الهيئاتُ والاتحادات والتحالفات الشرعية والشخصيات الشرعية المعتبرة من بيانات ومطالب مبنية على أدلة شرعية قوية، مثل: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء أهل السنة، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، ومجلس شورى العلماء، وجبهة علماء الأزهر، والتحالف الوطني لدعم الشرعية، وبياناتِ ومواقفَ كلٍّ من: العلامة د. يوسف القرضاوي، والعلامة د. حسن الشافعي، والعلامة د. محمد عمارة، والعلامة المستشار طارق البشري. ثانيًا: تطالب الجبهةُ الانقلابيين في مصر بالكشف الفوري عن مكان الرئيس الشرعي المنتخب الأستاذ الدكتور محمد مرسي، والسماح بزيارته، وأن يمارس حياته بشكل طبيعي، وعودتِه لمنصبه الشرعي، وتحذر من أن يمسه أيُّ سوء، وترى الجبهة حرمة الوضع الذي يعيش فيه الرئيس المنتخب الآن، شرعا وقانونا، ومروءة ورجولة: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" (الإسراء: 70). ثالثًا: تشير الجبهة إلى أنه من العار في تاريخ الجيش المصري – "خير أجناد الأرض" (ابن عبد الحكم في فتوح مصر، والمتقي الهندي في كنز العمال رقم: (38262))، أن توجَّه رصاصاتُه لأول مرة في تاريخه إلى الصدور السلمية للشعب المصري وهو راكع وساجد؛ وفي العريش والحرس الجمهوري ورمسيس، ذلك الجيش الذي بناه الشعب بعرقه وماله؛ ليوجه رصاصاتِه إلى العدو الصهيوني وأعداء الأمة على حدود الوطن، لا إلى إخوانه وأبنائه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" (الأنفال: 27). رابعًا: تُدين الجبهة بأقصى عبارات الإدانة، وتحرم أشد أنواع التحريم، ما وقع على أيدي البلطجية ورجال الشرطة تحت رعاية الانقلابيين الدمويين من قتل لنساء المنصورة والاعتداء عليهن في المسيرات السلمية بصورة لا يقبلها شرع ولا قانون ولا عقل ولا رجولة، ولن يفلتوا من عقاب الدنيا، كما لن يفلتوا من عقاب الله: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" (النساء: 93). خامسًا: تدعو الجبهة شيخ الأزهر أن يرجع للحق أو يقدم استقالته بعد أن تورط في تأييد الانقلاب وما تبعه من أهوال دون استشارة أحد من هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية قبل تسويغ الانقلاب، وهو ما يعتبر جريمة في الدنيا وإثما في الآخرة. سادسا: تهيب الجبهة بأبناء وشرفاء مصر الأحرار أن يشاركوا المعتصمين الأبطال: رجالا ونساء، شيبا وشبابا، في كل ربوع مصر وميادين محافظاتها، أن يستمروا في اعتصامهم السلمي، وأن يصمدوا ويثبتوا، فإن صمودهم هو الأمل الوحيد – بعد الله تعالى – في إنهاء الانقلاب قريبًا إن شاء الله، وهو الضمانة الحقيقية لمنع عودة الوجه القبيح للدولة البوليسية، والرهان الأوحد لبقاء الربيع العربي، وتحريرِ المستضعفين في الأرض، وعودة مصر إلى القيادة والريادة والاستقلال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران: 200)، "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ" (الشعراء: 227).  صدر عن جبهة "علماء ضد الانقلاب" في القاهرة، ميدان رابعة العدوية يوم الإثنين ١٣رمضان ١٤٣٤هـ، الموافق ٢٢/٧/ ٢٠١٣م. علماء ضد الانقلاب تجدهم في المنابر والساحات لأنه لا رهبانية في الإسلام كما يفعل بعض علماء الانقلاب، وأيقنوا أن النصر قادم من الله يقوده علماء ضد الانقلاب وليس علماء الانقلاب.  

786

| 24 يوليو 2013

بين إرهاب الانقلابيين وثبات المعتصمين

أتعجب كثيرا من قسوة الانقلابيين وقتلهم المصريين بدم بارد خاصة وهم ساجدون، لكن المثير للإعجاب أكثر هو ثبات الجرحى والمصابين والمعتصمين، ثباتا يجعلك تظن أنك في عهد الصحابة والتابعين، ونحن اليوم دخلنا في اليوم العشرين اعتصاما سلميًا مستمرا في الميادين سواء في المحافظات أو نهضة مصر أو رابعة العدوية، ومازلنا بكامل ثقتنا بالله القوي المتين، إرهاب الانقلابين وهم خليط من العسكريين والمخابرات والشرطة والشيوخ والبابوات وأمن الدولة والإعلاميين والبلطجية، فيقسم بالله شهود عيان وأنا منهم أننا ذهبنا للحرس الجمهوري رافعين المصاحف مفتوحة بأعداد غفيرة من العلماء بالعمائم الأزهرية الناصعة فأمطرونا بجرعات كثيفة من الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والقيئ؛ فقتل خمسة وجرح أكثر من ٣٠ يوم الجمعة ٥ يوليو 2013م، وما بقي أحد إلا كاد أن يموت من الاختناق، ولم تمر عشر دقائق حتى تجمعنا وبقينا ثلاثة أيام نخاطب جيشنا وحرسنا الجمهوري بأرقى وأرفع أسلوب - رغم مجزرتهم - ولنا مطلب واحد هو الإفراج عن الدكتور مرسي حتى قال لي العميد أركان حرب مجدي أبو المجد قائد وحدة المظلات: لم أجد قوما أرفع أخلاقا منكم، ومع هذا لما جاءتهم الأوامر ترقبوا ساعة صلاة الفجر، وقتلوا عند السجود بكل ما نتخيله من إمكانات حربية في معارك شيطانية اشتركت الشرطة مع الجيش، وهما لا يجتمعان في الحروب الخارجية كحرب الصهاينة معا لكن غرفة عمليات يقودها السيسي وصبحي صدقي رئيس الأركان ووزير الداخلية لقتل الساجدين حتى فاق الشهداء المائة منهم سبعة أطفال وخمسة من النساء وفوق الألف من الجرحى بالرصاص الحي مكتوب عليه الوحدة العسكرية التي تمتلك هذا الرصاص في تحد سافر للشعب الأعزل ولم أرَ في حياتي دما يهرق كما رأيت في الأثواب والأرض كما رأيت في مذبحة الساجدين في الحرس الجمهوري، ولم أرَ جريحا بين المئات إلا وهو ثابت قوي أبي يقول بصوت لا يضعفه إلا آلام الجراح النازفة: نحن فداء لديننا ومصرنا ودستورنا ورئيسنا ويقسمون علينا: لا تعطوا الدنية في ديننا، ولا تتراجعوا عن حماية مصرنا من الانقلابيين على ثورة ٢٥ يناير، لا أحد يوصي بالزوجة والعيال أو الأب والأم، بل كل الوصايا لمصر والمصريين الذين يستحقون حياة كريمة يختار كل مصري بصوته الانتخابي دستوره ورئيسه وممثليه وحكومته ولا تفرض بالإملاءات الصهيوأمريكية، لهذا فرح بنو صهيون بالسيسي الذي أمَّن الصهاينة من حكم المصريين الأحرار لبلدهم وهم موقنون أن نهضة مصر هي نهضة العرب والمسلمين والأمة كلها، وقديما قيل: لو فتحت مصر فلن تقوم لدولة الرومان قائمة إلى يوم الدين، فلما دخل الإسلام مصر فاتحا على يد عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي السرح بعد أربع سنوات من الجهاد وهي أطول بلد استغرقت وقتا طويلا لفتحها لكن لما فتحت مصر انتهى الرومان تماماً بعد عشرة قرون، ويقيني أن الصهيوأمريكان يدركون هذا جيدا من قديم ويعملون على تركيع مصر وجعلها ذيلا لهم كما كان نظام مبارك وعمر سليمان، لكن الشعب الذي وفقه الله لثورة ٢٥ يناير صار يؤثر الموت عزيزا على حياة الذل والعار، يا قوم هناك أسود بالميدان من الأخوات قبل الإخوة، فهذه أم قتل ولدها فدفنته وجاءت بزوجها وأولادها جميعا للميدان وهذه أخت أخرى تبكي حرقة أنها لم تنل الشهادة، وهذا الأستاذ الجامعي العملاق د محمد وهدان يمسك الميكرفون أثناء الضرب الكثيف يثبت الناس حتى اعتقله الحرس الجمهوري وهو تحت سياطهم ورشاشاتهم وقد أمروا الجميع في نذالة نادرة أن يزحفوا على الأرض ووضعوا أرجلهم على رؤوس المصريين وطلبوا منهم سب الدكتور محمد مرسي بشتائم لا يمكن روايتها فلم يسبه واحد من السبعمائة بل هتفوا جميعا وراء العالم الجامعي د.وهدان هتافا لله ثم لمصر وللدكتور مرسي، وهذا تلميذي النجيب الشجاع أبو بكر خضر يعتقل في الحرس وقام ضابط بتوجيه الرشاش لصدره وهو ثابت لا يهاب الموت ولا يخاف الضابط ورشاشه، لكن خزنة الرصاص كانت قد فرغت من قتل سابق فانهال عليه بأسفل بندقيته على رأسه وهو يهتف: "يارب" بقوة أذهلت المجرمين، أما مذبحة الساجدين رقم ٣ في رمسيس بعد الحرس الجمهوري والعريش فأقسم بالله أن الشباب الذين اخترق الرصاص الحي أجسادهم كانوا ذاكرين شاكرين ويمسك أحدهم بيدي يعتصرها بقوة الرجال قائلا: أرجوكم يا دكتور لا تتراجعوا أو تهنوا بسبب دمائنا فنحن وهبنا حياتنا لله، ثم لتحرير مصر من الانقلابيين.

392

| 18 يوليو 2013

بين رمضان الصالحين والطالحين

رمضان الصالحين صيام بالنهار وقيام بالليل، وغايتهم الله رقا وتعبدا وذلا وتهجدا، للحديث الذي رواه البخاري أن النبي صلى عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه: "قال الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به"، وروى البخاري ومسلم بسندهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"، فهم بين سباق إلى الله وسعي لتبييض صفحاتهم بإزالة سواد السيئات بأنوار الحسنات، ورمضان الطالحين كبائر بالنهار وموبقات بالليل، عبادة للهوى والشيطان كما قال الله تعالى: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" (الجاثية:23)، وقال تعالى: "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (يس:60)، فهو يهوى إلى دركات الشقاء في قعر جهنم، وكان ابن عباس يرى أن المعاصي في الأماكن والأزمنة الشريفة مضاعفة كما تتضاعف فيها السيئات مستدلا بقوله تعالى عن الحرم المكي: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" (الحج: من الآية25). رمضان الصالحين التحام مع القرآن بالعقل تدبرا، وبالقلب تأثرا، وبالنفس تغيرا، لأن شرف رمضان لبدء نزول القرآن فيه وارتباط القرآن بالصيام جلي في القرآن والسنة حيث قال تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر"، وأورد السيوطي في الجامع الصحيح حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنِّي منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفعْنِي فيهِ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعْنِي فيهِ، فيُشَفَّعَانِ"، ورمضان الطالحين مع النت صفحات عاهرات، وأخبار كاذبات، وحوارات فارغات من اللغو، وكم من شباب أدمن النت فأسرف فعينه منكسرة مع "الآي باد" و "الجالكسي" و "الآي فون" أكثر من نظره في الكتاب المسطور، والكون المنظور ليعمق حبه لله الغفور فتراه لاهيا مدمنا مسرفا مع الفاضحات والفارغات والإسراف في المباح حرام فكيف بالإسراف في الحرام البين؟! رمضان الصالحين جهاد الظالمين، ومقاومة المستبدين، وانتصار للمستضعفين وقد أدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في رمضان ٢٢ سرية وغزوة بالتوالي في ٨ سنوات بعد نزول الإذن بالقتال فصار رمضان علامة بارزة للانتصار على الهوى والشيطان داخليا وانتصار على المعتدين في الميدان كما قال الشاعر:  قالوا نزال فكنت أول نازل  وعلام أركبه إذا لم أنزل وقد كانت المعارك والانتصارات الكبرى في رمضان منها بدر والأحزاب وفتح مكة والزلاقة وحطين وعين جالوت ونصر العاشر من رمضان فصار رمضان رمزا وحقيقة معا في الأمل العميق العريض في الانتصار على المشركين والصليبيين والمغول والصهاينة ويقينا سيكون بإذن الله رمضان شهر الانتصار على المجرمين المغتصبين في أي زمان أو مكان "فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" (فاطر: من الآية43)، ورمضان الطالحين انقلابات على ثورات الشعوب ومكتسبات الثورة في مصر من دستور للبلاد صوَّت عليه ثلث الشعب المصري، ورئيس شرعي انتخبه الشعب انتخابا حرا نزيها من شبهات التزييف، ومشاريع انطلقت لصناعة أول سيارة مصرية ١٠٠٪، وجهاز "آي باد" مصري، ومشاريع قناة السويس، والاستغناء بالقمح المصري عن الأمريكي الملوث بالإملاءات الصهيوأمريكية لتبقى مصر قزما لا هرما، وطفلا لا شابة، وراكدة لا رائدة، وراكعة لا شامخة، وتبقى سوريا ممزقة يرتع كبير مجرميها جزار الأسد في دماء وأعراض شعبه دون رادع أو وازع، وتمدد الكيان الصهيوني في كل شبر من فلسطين، ويهدم الأقصى، ويبتلع ما بين النيل والفرات أرضًا، ومن المحيط إلى الخليج غربا، وشرقا سياسة وتجارة وثقافة، وتبقى أمة الإسلام تقرأ في الصلوات آيات لا تتجاوز الحناجر والمساجد إلى إصلاح السياسة والاقتصاد والتعليم والأمن والقضاء والإعلام والعلاقات الدولية ويقيننا الذي لا يخالجنا فيه أدنى شك أن الله ناصرنا في رمضان بدعوات الصالحين ورباط المجاهدين وقبل ذلك وبعده رحمات رب العالمين التي تفيض أنهارا في رمضان على الصالحين، ولعناته غضبة على الفاجرين الظالمين و "للَّهِ الأمر مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الروم: من 4و5).

597

| 10 يوليو 2013

بين الحلم والحزم في إدارة الأزمة المصرية

من حق الرئيس أن يتنازل عن كل حقوقه الشخصية، لكن لا يجوز له أن يفرِّط في ذرة من حق مصر عليه أرضًا وشعبًا وتاريخًا وحضارة، وأمنا واستقرارا، فالحلم في حقوقه الشخصية يزيده رفعة ورقيا لقول الله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199)، وقوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت: من الآية34و35)، ويقول الإمام الشافعي: يزيد سفاهة وأزيد حلمًا كعود زاده الإحراق طيبا ويقول الشاعر شمر بن عمرو الحنفي: ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني لكن حق مصر يوجب الحزم لا الحلم لأن الله تعالى الذي أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: من الآية88)، هو الله الذي أمره أن يتعامل مع الكافرين والمنافقين بالحزم والقوة، فقال تعالى مرتين في التوبة والتحريم بلفظ واحد تأكيدا على أهمية الأمر: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (التوبة:73) ولا يجوز ديانة ولا سياسة أن يعامل اللئام بما يعامل به الكرام، وقد قال المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا الشعب المصري مليئ بالكرام من المؤيدين والمعارضين، ممن انتخبوك وممن انتخبوا غيرك، من الإيجابيين في كل المواقف ومن الذين ينتظرون ماذا ستُسفر عنه التجربة الجديدة لحكم الإسلاميين، وهم على استعداد أن يغيروا مواقفهم من المتفرجين إلى الفاعلين، إذا وجدوا قوة في إدارة الدولة تعصمهم من المرَّوعين والبلطجية من القلة في المجتمع، والمسعورين في الشاشات الذين لم ينبس أحدهم ببنت شفة أيام الاستبداد والفساد، والآن يسيئون إليك - وحقك أن تعفو - لكنهم سعَّروا الحرب، وحرضوا على العنف، وحوَّلوا الشعب إلى الترقب والترصد، والخوف والفزع، والجبن والهلع، والسب والشتم، والجحود والإنكار، والجدال والإصرار، والثورة على كل شيء، ولم يسبق أن حوصر المشايخ في المساجد وأُلقيت عليهم وعلى بيوت الله الحجارة، وتم نزع حجاب الفتيات في الشوارع، وقتل أبرياء بيد مجرمين صغار يدفعهم أكابر مجرميها في (تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) (النمل: من الآية48)، وبيع السولار والبنزين المسروق من بقايا النظام السابق في دول الجوار بأسعار مخصوصة، وعمدوا إلى الفضيحة لا النصيحة، والتجريح لا التصحيح، وحرقوا كابلات الكهرباء وتفننوا في تهريب الأموال المنهوبة للخارج، وأدخلوا الأموال القذرة من أسيادهم للانقلاب على الشرعية بغير ما أقره الدستور، وجرائم من العيار الثقيل، وقد أغراهم حلمك فمالوا عن الحق، وعاثوا في مصر قتلا وفسادا، وإرعادا وإرهابا، وأصابوا من عقول الناس حيرة واضطرابا، ومن أهوائهم تحللا وتمردا، وصار نخاع الشعب المصري يصرخ في كل مكان داخل وخارج مصر قوم محبون لك ولمصر يقولون يا سيادة الرئيس: افعل شيئا قويا يتوازى مع إفسادهم وعنادهم وافترائهم وتضليلهم، كفى حلما على المجرمين، كفى عفوا عن الفاسدين، كفى صبرا على العتاة المجرمين، كفى تراخيا مع الخونة المأجورين، كفى تهديدا شفويا دون سيف السلطة (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (الأنفال: من الآية60)، كفى تشويها لمصر في العالمين، كفى تطفيشا للسائحين والمستثمرين، لقد كانت الشرطة التركية أسبق من وعيد أردوغان، وفي مصر لم يجد المجرمون من السلطة ما يرد إليهم صوابهم فتمادوا في شرورهم، ويهددون البلد كلها بحرب داخلية لا يعلم إلا الله مدى خطرها. يا فخامة الرئيس - الذي نحسبه من أتقى عباد الله ولا أزكي على الله أحدا- لقد كان مشهورا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه أحلم وأرق الناس، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حزم النبي صلى الله عليه وسلم ، ووقف أمام تهديد عمر بقتل من يزعم أن محمدا قد مات، فبين الحق في قوة نادرة، ولم يصغِ لكبار الصحابة الذين يريدون عزل أسامة بن زيد وإيقاف جيشه فقال حازما عازما: "لأنفذن جيش أسامة أو تنفرد سالفي (تُقطع رقبتي)" ، وسيَّر أحد عشر جيشًا بالتوازي لا التوالي في وقت عصيب لحرب المرتدين، وقال لعمر لما تردد في الأمر خوفا من انتشار الردة في معظم القبائل، وقلة الثابتين على الحق فأمسكه أبو بكر قائلا: "أجبَّار في الجاهلية خوَّار في الإسلام يا عمر؟!!! والله لو منعوني عقالا (حبل ماعز) كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه"، وانتصر أبو بكر في كل المعارك في ١٢ جيشًا وذلك باعتماده على الله، ثم حزمه مع المنافقين والمرتدين والمحاربين، وهناك ملايين من الشعب المصري تنتظر قرارات حازمة، وستكون الأغلبية معك حرسًا وجيشا وشرطة وشعبًا وقوة رادعة تُنسي هؤلاء وساوس الشيطان، كما قال سيدنا أبو بكر لما تعددت المعارك دون حزم مع الرومان: "والله لأبعثن على الرومان من يُنسي الرومان وساوس الشيطان"، وأرسل خالد بن الوليد فأنهى الاحتلال الروماني إلى يوم الدين. يا فخامة الرئيس لا يخفي عليكم أن منهج القرآن يوجب التحرك قبل الحدث لمجرد أخبار ظنية أن هناك خيانات دون انتظار لأمور يقينية، ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال:58)، وعليه فلا يجوز الانتظار حتى يكون الشك يقينا والظن حقيقة، بل تجب المبادرة القوية فإن الدفع أهون من الرفع، كما يقول إمام الحرمين الجويني، والوقاية خير من العلاج كما يقول الحكماء، فنسألك بالله الذي بوأك هذا المقام، وولاَّك قيادة مصر في أحرج فترة أن تتقدم بقرارات رادعة للقلة من دعاة العنف والتضليل والانقلاب على الشريعة والشرعية، وليس للمعارضين السلميين. يا فخامة الرئيس معك قوة الله، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية21)، ومعك ملايين الأحرار الأبرار ومصرون أن يكملوا معك المشوار، وما يوم رابعة العدوية وجامعة القاهرة منا ببعيد، فاضرب بيد من حديد حزما مع المجرمين، ووفر حلمك لمن يستحقه من جماهير كرام المصريين، والله معك كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال: من الآية 62).

535

| 27 يونيو 2013

بين الاستعداد لرمضان إيمانيا وسياسيا

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل شهر شعبان بالفرح والسرور ويدعو الله فيقول: "اللهم بلغنا رمضان"، لأن شعبان يقربنا من شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، ويكثر من الصيام في شعبان بما لا يكثر في غيره من شهور العام، حتى روى البخاري ومسلم بسندهما عن عائشة رضي الله عنها واللفظ لمسلم: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصوم حتى نقول: لا يُفطرُ، ويفطرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استكمل صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ منه صيامًا في شعبانَ". وهي تهيئة إيمانية قلبية للاستعداد لشهر رمضان، فصار شعبان كأنه نافلة رمضان، كما يتهيأ المسلمون بالنوافل لصلاة الفريضة، أما إخواننا في جبهة الخراب فهم يستعدون في آخر شعبان بحملة اسمها "تمرد"، ولعل أحسن ما كُتب عن هذه الحملة على "الفيس بوك: " إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا". والآن كيف نستعد لرمضان في أنفسنا إيمانيا لمواجهة الهوى والشيطان، وسياسيا لمواجهة التمرد والعصيان، أما الاستعداد إيمانيا فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ثم رده إلى أسفل سافلين، ووضع الإنسان في اختبار قال عنه سبحانه: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (الإنسان:2)، وقال سبحانه: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد:10)، فالإنسان خلقه الله من طين، ونفخ فيه الروح، وميزه عن سائر المخلوقات بالعقل، فمثَّل الطينَ الهوى، ومثلت الفطرة الروح، وصار الإنسان بين هوى يشده إلى الأرض بطينها ووحلها: (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) (الأعراف: من الآية 176)، وصارت الفطرة تشده إلى أعلى: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم: من الآية 30)، والعقل يفكر ويقدر، وينظر ويدبر، ويختار ما بين إجابة الهوى، أو الاستجابة لنداء الفطرة، وليس كل الهوى حراما، فهوى الإنسان أن يأكل ليعيش ويقوى للعبادة، لا ليأكل مال اليتيم وكسرة الفقير، وهوى الإنسان في النكاح أن يتناسل ويبقى النوع الإنساني على الأرض، لا ليهتك الأعراض وتختلط الأنساب، وهوى الإنسان أن يتكلم الكلام ليقول الحق، ويصلح بين الناس لا الكذب والبهتان، وهوى الإنسان أن يغضب لنصرة الحق لا اندفاعا نحو الظلم والطغيان، وجاء الشيطان ليلتحم بالهوى فيزيده إسرافا وبدارا نحو الشر من الإنسان إضرارا بنفسه قبل أسرته ومجتمعه وعالمه، فأدركته عناية الرحمن، وأنزل الله القرآن وفرض شعيرة الصيام، ليعود للإنسان الميزان، ويعين عقله على الترجيح بين نداء الفطرة وأوامر الرحمن، في مواجهة إغواء الهوى والشيطان، فصار الصيام ركنا أساسيا في توازن الإنسان، وتغيير ما بالنفس أولا، ثم الأسرة والمجتمع والأمة بعدها ومعها؛ كي يصدر الإنسان في أفكاره وأفعاله وأقواله عن عابد لله عز وجل، خليفة لله في أرضه، داعيا إلى الحق، آمرا بالعدل، ناشرا للبر، متحركا بنور الله، كما قال سبحانه: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 122)، وهنا يجب أن نتوقف أمام خصائص أنفسنا التي خلقها الله تعالى وركَّب فيها شهوات أربعة قوية هي: "البطن والفرج والكلام والغضب"، وفرض الله الصيام ليكون - مع بقية العبادات - آلية التغيير الإيمانية العملية في الفرد والأسرة والمجتمع والأمة، ووضع ربنا لذلك سننًا وفرائض عملية؛ لتعين الإنسان على نفسه إصلاحا وتغييرا، وتقويما وتحسينا، فإذا ما جد بالإنسان السير إلى الله، واعتبر الصيام شعيرة تحبها النفس، ويعظمها القلب كما قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32)، فإن الإنسان من أول شعبان سوف يهرع إلى الصيام بالنهار، والقيام بالليل نافلة قبل رمضان، ويضاعف ذلك الإيمان في رمضان ارتقاء طبيعيا، ويستمر بعد رمضان في برامجه الإيمانية من صيام وقيام، وذكر وقراءة للقرآن، وبذل وإنفاق في سبيل الله، وعمارة لبيوت الله، ويظل هذا أدبه ودأبه حتى يأتي قدر الله كما قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر: 99)، فإذا جاء اليقين فإما باب الريان لا يدخله إلا أصحاب الإيمان من الصائمين، وتلك منازل أصحاب اليمين، أما منازل الصديقين والمقربين فلهم مقامات أعلى وأرقى وأسنى نستشف ذلك من دليل الإشارة في الحديث النبوي الذي رواه البخاري بسنده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه: "الصوم لي وأنا أجزي به"، فإن كان الصوم له سبحانه، وهو يجزي به فهناك حقا ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ومن هنا وجب الاستعداد من شعبان، قبل الميعاد في رمضان، فلا ندع القلوب في صدأ وغفلة، وقسوة وظلمة، فيأتي رمضان وقد صعب على صفحاته أن تستقبل نفحات الرحمة والمغفرة والعتق من النيران. على أهل العلم في جميع أنحاء العالم الإسلامي في كافة المؤسسات الرسمية والهيئات الرسمية والأهلية والمجامع الفقهية والشخصيات الاعتبارية وغيرها أن يقوموا بواجبهم في التحذير ممن يسعون إلى إثارة الفتنة والداعين إليها، والتحذير من إعانتهم بأي وسيلة سواء إعلامية أو غير ذلك ولو بكلمة، وأن كل قطرة دم أو إفساد ينشأ عنها؛ فإنهم يتحملون جميعًا وزرها وإثمها هم ومن أعانهم بأي وسيلة، وأن يكون ذلك من خلال جميع المناشط الدعوية والمنابر ووسائل الإعلام المختلفة.

495

| 13 يونيو 2013

بين تركيا أتاتورك وأردوغان

قام أتاتورك بمعاونة من شياطين العالم وخاصة الصهاينة بسلخ تركيا عن دينها وتاريخها وحضارتها وقيادتها سنة 1923م، حتى وصلت إلى مستنقع اقتصادي دنيء جعلها تستجدي وتستدين من دول العالم، وتعيش عالة على القروض والمساعدات، فاستلمها أردوغان وعليها 23 مليارا من الدولارات، ودخْل الفرد لم يزد في العام على ثلاثة آلاف دولار، فصعد بها أردوغان لكي تكون الدولة الثامنة في العالم اقتصاديا، وتخلص تماما من ديونها المرهقة المذلة، فالدين هم في الليل وذل في النهار، وجعلها في الصدارة "الثامنة" من دول العالم اقتصاديا، حيث زاد الرصيد الاحتياطي في البنك المركزي على 130 مليارا، بعد أن كان 27 مليارا فقط عام 2002م، ووصل دخل الفرد في المتوسط إلى أحد عشر ألف دولار، وانتقل حجم التجارة من 250 مليارا سنة 2002م إلى 900 مليار دولار الآن؛ في مشوار من الإرادة والتحدي والعمل الدءوب من أجل تركيا المسلمة، لقد أنهى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية التي رفض قائدها السلطان عبد الحميد وعد بلفور وضغوط الصهاينة أن يسمح بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين قائلا: "إن أرض فلسطين أرض وقف لا يجوز لأحد أن يتنازل عن شبر منها"، فلما هُدد قال: "لن أتنازل عن شبر من أرض فلسطين حتى لو خسرت كرسي الخلافة وقطعت إربا"، واستُعمل أتاتورك لهدم الخلافة، وتحطيم التاريخ، وتحول المسار من الحضارة الإسلامية إلى الحضارة الطورانية، ومن عبادة الله إلى عبادة الدب الأبيض، ومن ساحات المساجد إلى حانات الخمور، فسعى إلى تغيير الشكل والمضمون لتركيا، حيث مَنع الأذان والقرآن والسنة والمدارس الدينية وألغى المحاكم الشرعية، ومَنع لبس الطربوش والعمامة، وروَّج للباس الغربي، وألغى الألقاب الدينية، وتبنى التقويم الدولي، وكتب قوانين مستوحاة من الدستور السويسري، وفي عام 1928م ألغى استخدام الحرف العربي في الكتابة، وأمر باستخدام الحرف اللاتيني في محاولة لقطع ارتباط تركيا بالشرق والعالم الإسلامي، وقد سار في هذا المشوار من الضلال إلى الدرجة التي سمعت فيها أذناي ورأت عيناي لأول مرة رجب الطيب أردوغان في سنة 1992م في مدينة إسطنبول وكان يومئذ يسعى إلى أن يكون عمدة إسطنبول، حيث قال الطيب أردوغان: "عندما نصل إلى الحكم لن نطبق الشريعة الإسلامية فأثار اندهاش كل الحاضرين في المؤتمر، وكانت الإجابة أكثر اندهاشا، وأوسع نظرا، وأعمق حكمة، حيث قال يومها إن النظام العلماني قد خلف في إسطنبول وحدها 300 ألف امرأة مسلمة عندها ترخيص رسمي من الحكومة بممارسة الدعارة والزنا، ولها ملف في هيئة الضرائب، لقد قال: لقد أعددنا عددا كبيرا من الداعيات المسلمات لإقناعهن بترك الرذيلة، وأقنعنا رجال الأعمال بقبولهن في الوظائف حتى لا يضطرها الفقر إلى الزنا، وألقى قنبلة أخرى فقال: عندما قام حزبنا بدأنا باستبيان على مُصلِّي الجمعة وليس لمرتادي الفنادق: هل تريدون إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية في تركيا، فكانت الإجابة من مصلي الجمعة بنسبة 95 % لا نريد تطبيق الشريعة بسبب التشويه الإعلامي والتعليمي لتاريخ وأصالة تركيا الإسلامية، يقول: عندما نحكم سنجعل الناس يطالبوننا بتطبيق الشريعة، ولن نفرضها عليهم، لقد صارت تركيا في منهج أتاتورك أن تتجرد من ثيابها وعفتها مكرمة، وممن تتشبث بحجابها وعفتها مجرمة، فسجنت وفصلت طالبات ومدرسات من المدارس والجامعات فقط لارتداء الحجاب، حتى جاء أردوغان يناقش الأمر من باب الحرية الشخصية، فعاد الشعب التركي فيما يزيد على 65% الآن إلى الحجاب، ونظفت المدن التركية من كثير من هذا العهر الذي أدخلته علمانية أتاتورك، ومحته إسلامية أردوغان وحزبه.  لقد زرت تركيا أكثر من عشرين مرة، وكانت في ظل علمنة أتاتورك قذرة بالقمامة التي تفاجئك أحجامها في أفخم الأماكن السياحية، فضلا عن غيرها، وكانت تنقطع المياه والكهرباء في أفخم الفنادق، فضلا عن البيوتات، ولم يكن أحد يجرؤ في ظل النظام العسكري الأتاتوركي أن ينبس ببنت شفة، ولا أن يتكلم بكلمة، على حين إذا أراد أردوغان أن يستعيد ما هدمه أتاتورك من معالم إسلامية ومساجد ربانية، فإذا بفلول العلمانيين وأصابع الصهيوأمريكان بنفس الأسلوب الذي يحركون به أذنابهم ضد الثورات العربية فيجمعون الناس، ولا حرج في المظاهرات السلمية، لكن إذا لبس بعضهم الأقنعة تماما مثل "البلاك لوك" والبلطجية في مصر، والشبيحة في سوريا، والبلاطجة في اليمن، والعصابات المسلحة في ليبيا وتونس، فلابد من القوة في مواجهة إرهابهم لا مظاهراتهم، ولا توجد دولة في العالم ترى الحناجر قد تحولت إلى خناجر، والكلمات إلى رصاصات، والزئير إلى النيران والنفير، ثم تقف تتفرج على الخراب والدمار والقتل والإرهاب.  إنه مصنع واحد من عدو لدود يسعى إلى تفخيخ المجتمعات إذا فكرت أن يكون الإسلام هو النظام العام وهؤلاء يتناسون أنه من يغالب الله يُغلب، وأن الله تعالى كما قال سبحانه: "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: من الآية21)، وأنه تعالى كما قال: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 257)، أما الذين يخافون ويشيعون الذعر والخوف من أسلمة تركيا – عودة إلى الأصل – فأقول ما قاله تعالى: "إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران: 175)، وقد ازداد يقيني بأن تركيا سوف تكون مع مصر عملاقين في قيادة الأمة الإسلامية بعد الزيارة التي تمت إلى أنقرة وإسطنبول منذ عشرة أيام بدعوة من نائب رئيس الوزراء التركي أ. بكير دوزداغ، والمدير العام للمديرية العامة للمؤسسات الوقفية أ.د. محمد أكوس، و د.سيردار كام رئيس الوكالة التركية للتعاون والتنسيق التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وزرنا مؤسسة وقف الخيرات، والمؤسسة التي أدارت قافلة الحرية "مرمرة"، والمعهد الثقافي للتاريخ والفنون، ومكتبات ومؤسسات تحقيق المخطوطات وبعض الجامعات، ووجدت أكبر إنجاز حصل في تركيا ليس فقط في البنيان وإنما في الإنسان، حيث وجدت شبابا يقودون الدولة ومؤسساتها الكبرى بقلوب امتلأت بالإيمان بالله، واليقين بنصر الله، والعزم على نفع عباد الله في تركيا وفي أكثر من 200 دولة في العالم تمتد المشاريع الوقفية الإسلامية الإغاثية، ليس للمسلمين فقط، وإنما للمحتاجين في العالم.  

502

| 07 يونيو 2013

بين حب مصر والوطن ديانة أو علمنة (3)

يقول الشاعر اللبناني رشيد سليم الخوري:بلادَك قدِّمها على كـلِّ ملَّـة        ومن أجلها أفطر، ومن أجلها صم!هبوني دينا يمنح العرب وحدة    وسيروا بجثماني على دين برهم! سـلام على كفـر يوحِّد بيننا        وأهـلا وسـهلا بعـده بجهنـمنحن إذن ندعو إلى الولاء للوطن ولاء راشدا يجعل الولاء للدين فوق الولاء للأوطان، والولاء للوطن فوق الولاء للأحزاب والجماعات، والولاء للجماعات مرهون بالحدود الشرعية ومدى خدمة المقاصد العليا لعمارة وحضارة الإنسان والأوطان.وفي هذا يقول د. محمد عمارة: "وفي مواجهة المضمون الغربي، الضيق الأفق والانعزالي، لكل من (الوطنية) و(القومية)، والذي وجد له دعاة وأحزاباً تخندق بعضها عند (الوطنية الإقليمية)، وتخندق بعضها الآخر عند (القومية العنصرية)، وافتعل آخرون- كرد فعل- التناقضات بين الإسلام وبين الوطنية والقومية في مواجهة هذا الغلو، رأينا الأستاذ البنا يبعث - بالتجديد - المنهج الإسلامي الذي يؤلف بين جميع دوائر الانتماء – الوطني والإسلامي والإنساني، فيسلكها جميعا في سٌلَّم واحد 2" وقد اقتبس مما قاله الإمام البنا عن وطنية الحنين للوطن، ووطنية الحرية والعزة لتحرير الأوطان، ووطنية المجتمع لتحقيق الترابط والتكافل والسلم الاجتماعي، ووطنية الفتح لسيادة الأرض وقيادتها بالإسلام، ووطنية الولاء للأرض كلها لهداية الإنسان إلى منهج الرحمن.نحن ندعو إلى ترسيخ الولاء لمصر ولاء راشدا يجذره الولاء للدين، ولا يجوز إهمال الولاء للوطن كما لا يجوز بحال إحلال الولاء لمصر أو أي وطن مكان الولاء للدين كما يُروِّج غلاة العلمانيين. وأرجو من وزارة التعليم أن تجعل مقررا في جميع المدارس المصرية العامة والخاصة، كما أتمنى على الجماعات والتيارات والأحزاب أن تجعل هذا الكتاب جزءا من مقرراتها التي تُدرس بين أبنائها حتى نُسهم في صناعة المصري الذي يجمع بين شعوره القوي بالانتماء لمصر تشريفا والقيام بحق هذه المواطنة قولا وعملا، بناء وعمارة، دفاعا ومرابطة؛ حتى نصل بمصرنا أن تقود أمتنا لتحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين، وقيادة الأمة والعالم نحو التمكين للإسلام والمسلمين، والإحسان إلى الناس أجمعين.1 صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، رقم: 111.2 من أعلام الإحياء الإٍسلامي، للدكتور عمارة، ص 103.

2171

| 30 مايو 2013

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6600

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6480

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3189

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2418

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1884

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1683

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1428

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1047

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

999

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

984

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

921

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
توطين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي القطري

يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...

906

| 23 أكتوبر 2025

أخبار محلية