رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

السياسة.. مفاهيم شعبية ونخبوية

للسّياسة بمعناها "الرفيع" علاقة جوهرية بالإعلام لا تنفصم عروتها ومن الصعب تصّور أحدهما دون الآخر، أو قيامه بوظائفه بمعزلٍ عنه.. السياسيون ينظرون إلى الإعلام من زاويتين مختلفتين: الأولى تقوم على رسالية الإعلام أي اعتماد أسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة حيث خطاب العقل الذي يقوم على أساس الحقيقة، ورفض الكذب والتشويه والسعي للحقيقة بمنطق المناقشة الذي يؤدي إلى الاقتناع حيث تقرع الحجة بالحجة بحرية كاملة.. أما الزاوية الثانية على غير ذلك حيث الاستغلال (البشع) للإعلام كما هو الحال في أمريكا والغرب.. فها هو المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي يشير إلى تلك الحقيقة فهو يرى أن الإعلام يخدم مصالح الدولة وسلطان المؤسسات الكبرى، ويؤكد أنها مصالح ترتبط معا برباط وثيق، ويقول إن الإعلام يؤطر تقاريره وتحليلاته بطريقة تدعم الامتيازات القائمة وتحد من النقاش والبحث تبعا لذلك. العلاقة بين الإعلام والفعاليات السّياسية والديمقراطية تتصف بالتكامل والتفاعل المستمر والتأثير المتبادل، مما يجعلها تشكّل فيما ما بينها مثلثاً متساوي الأضلاع والأهمية. فالإعلام جزءٌ لا يتجزأ من العملية الديمقراطية، وضمانة أساسية لقيام وحيوية النهج الديمقراطي واستمراره في المجتمع. والنظم السّياسية أو الحزبية تعتبر الوسيلة الأهم لتنظيم الجماهير وحشدها لاتخاذ مواقف محددة تجاه قضايا مجتمعية مشتركة. مما يجعل عملية تكوين الأحزاب ونشاطها السّياسي ومشاركتها في العملية الانتخابية من صلب العملية الديمقراطية ومن أهم مظاهرها على أرض الواقع.. في ظل التقدم الهائل في ثورة الاتصال قام الإعلام بالاستيلاء على الدور التقليدي للحزب في المجتمع بعد أن كانت وسائل الإعلام أداة طيعة في أيادي السلطات السّياسية. عُلماء السّياسة والاتصال السّياسي والاجتماع السّياسي اهتموا بدراسة التفاعل بين الاتصال والنظام السّياسي والعملية السّياسية بصفة عامة، وأكدوا على العلاقة الجوهرية بينهما، بل إنهم نادوا بإعادة دراسة وتحليل العلوم السّياسية بالاعتماد على نظريات الاتصال.. عندما تركّز وسائل الإعلام على حدثٍ معين فإنها تدفع الجمهور للنظر إلى هذا الحدث باعتباره حدثًا مهماً. وبذلك فإن وسائل الإعلام تُخبر الجمهور بالشؤون السّياسية وتؤثر في إدراكه للأهمية النسبية التي تمُنح لهذه القضايا. من جهة أخرى يعتقد البعض يقينا أن لا فرق بين السياسة والنفاق؛ فالاثنان وجهان لعملة واحدة، بل إن النفاق مرتكز أساس تقوم عليه السياسة.. ثقافة النفاق السياسي تنتشر في المجتمعات التي تدعي الحضارة والتمدن رغم مستوى التعليم في تلك المجتمعات بيد أن التعليم ليس بالضرورة أن يقود إلى ثقافة حضارية.. عموما فإن النظام السياسي مسؤول عن الثقافة السائدة في المجتمع، فهو على الأقل الذي يدير العملية التعليمية والثقافية الرسمية في مجتمع من المجتمعات. صديق عزيز بعث إلى برسالة ساخرة يشرح فيها معنى السياسة ويبدو أنها رسالة يتم تداولها بشكل واسع.. ولخص صديقي الأمر في حوار جرى بين ابن وأبيه.. والأبناء في مرحلة عمرية معينة تزداد التساؤلات لديهم في محاولة لاستكشاف ومعرفة ما يدور حولهم.. ذلك الولد الشقي سأل أباه قائلا: ما معنى السياسة يا أبي؟. فأجابه: لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك في هذا السن.. لكن دعني أقرب لك الموضوع.. أنا أصرف على البيت لذلك فلنطلق علي (أنا) اسم الرأسمالية.. وأمك تنظم شؤون البيت سنطلق عليها اسم الحكومة.. وأنت تحت تصرفها لذلك فسنطلق عليك اسم الشعب.. أما أخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم المستقبل.. أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة.. اذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة.. في الليل لم يستطع الولد الشقي أن ينام.. فنهض من نومه قلقاً وسمع صوت أخيه الصغير يبكي فذهب إليه فوجده قد بال في سريره.. فذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ وتعجب أن والده ليس نائما في نفس الغرفة كما جرت العادة.. فذهب باحثاً عن أبيه.. فاقترب من غرفة الخادمة فسمع أباه يتبادل معها أطراف الحديث.. بالطبع لا يهم الولد إن كان الحديث بريئا أم غير ذلك، لكنه في أحسن الأحوال أمر غريب وغير طبيعي. في صبيحة اليوم التالي قال الولد الشقي لأبيه: لقد عرفت يا أبي معنى السياسة.. فقال الوالد: وماذا عرفت يا بُني؟. فقال الولد: عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة تكون الحكومة نائمة في سُبات عميق فيصبح الشعب مُهملا تماما ويصبح المستقبل في خبر كان.

434

| 14 يناير 2013

الخرطوم وجوبا.. اتفاق على تنفيذ الاتفاق!!

(اتفق الجانبان على تنفيذ الاتفاق)!! كان أطرف عنوان رئيس في الصحافة السودانية حاول وصف نتائج القمة التي التأمت بداية الأسبوع الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين الرئيس عمر البشير وسلفا كير.. رغم نبرة التفاؤل التي تحدث بها وفد التفاوض السوداني بعد عودته إلى الخرطوم إلا أن النتيجة كانت صفراً كبيراً، بل إنها كانت معروفة سلفاً حتى قبل انعقاد القمة.. هناك من يعتقد أن الخرطوم السودان جادة في إقامة سلام مع جوبا على قاعدة علاقة استراتيجية ومصالح مشتركة، مصالح تستوعب ما بين البلدين من روابط وتداخل وجوار أبدي، ولذلك يرون أنه لا يمكن أن تُفكّر الخرطوم في غير ذلك إطلاقا، فلا المنطق السديد ولا العقل الرشيد ينسجمان مع موافقة الخرطوم من قبل على حق تقرير المصير وتسهيل إجراءات الاستفتاء وهي تعلم بحجم التزوير الخطير الذي تمّ، لتنشأ دولة معادية ومناكفة لها.. سنتحاشى الدخول في جدل حول ما إذا كانت الخرطوم (ساذجة) وتعاملت مع أمر الانفصال الذي رعته أطراف دولية مؤثرة مثل طفل غرير.. قلنا إن البعض يعتقد أن الخرطوم جادة في السلام، لكن جوبا تتجاذبها (الأرواح الشريرة)، فهي تريد أن يمر نفطها عبر أراضي السودان للتصدير عبر البحر الأحمر في أقصى الشمال الشرقي وفي الوقت نفسه تريد الاستمرار في دعم الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين عبر ارتباطها بما يسمى بالحركة الشعبية - قطاع الشمال. جوبا تماطل في تنفيذ اتفاق التعاون المشترك الذي وقّع في سبتمبر الماضي لأن عينها على نقل الملفات العالقة إلى مجلس الأمن حيث الملاذ الآمن وحيث المؤازرة الأمريكية.. ثابو أمبيكي ورئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى، والوسيط الذي تصفه أوساط سودانية في الخرطوم بغير المحايد، كان قد لوّح عقب القمة بعصا مجلس الأمن قائلا: (يجب مراقبة أعمال التطبيق عبر مراقبين دوليين، وربما نلجأ لمجلس الأمن الدولي في هذا الشأن)؟! تمخضت قمة الرئيس الأخيرة فولدت فأراً، فتحدث عن (الاتفاق على مبادئ عامة) لتنفيذ اتفاق التعاون المشترك الراقد في غرفة العناية المركزة تحيط به أجهزة التنفس الصناعي والتغذية الوريدية، وينتظر الرئيسان كتابة ممثليهما مصفوفة التنفيذ ثم ترفع لهما لاحقاً لإجازتها؟! هل اللجنة السياسية الأمنية المشتركة التي فشلت في (3) اجتماعات بمعدل اجتماع واحد كل شهر قادرة على إعداد تلك المصفوفة أم أن القصة كلها محاولة من جوبا بمساعدة إفريقية وأميركية لشراء الوقت حتى تصل الملفات المختلف عليها إلى مجلس الأمن.. يشار إلى أن "سلفا" أمر قبيل حضوره إلى القمة التي تأجلت يوم بسبب الأجندة، قوات الأمن والشرطة والقوات العسكرية بالبقاء على أهبة الاستعداد من أجل الدفاع عما اسماه بـ (العدوان السوداني)!! داخلياً تموج الساحة السياسية باتهامات متبادلة بين الحكومة والمعارضة وصلت إلى حد اتهام المعارضة بالخيانة ويبدو أن هذا الاضطراب هو الذي يغري جوبا باتخاذ مواقف متصلبة تجاه الخرطوم رغم أنها ليست أحسن حال إن لم يكن أسوأ.. من الحقائق التي لا يمكن إغفالها، أن العطب الذي يصيب الحياة السياسية في السودان ليس بسبب اعتلالات السلطة الحاكمة فحسب وإنما بسبب المعارضة المتخبطة، فبعضها يرتمي في حضن الأجنبي ويرفع السلاح في وجه الوطن.. بعض أحزاب المعارضة تدرك ماذا تريد وتستخدم ما تراه مناسبا من وسائل غير مناسبة لإسقاط النظام والبعض الآخر تتلاطمه أمواج بحر المعارضة، لا يدري أين ستلقي به تلك الأمواج.. النوع الأول لا يبالي بأي دعوة أو خطوة إيجابية من جانب الحكومة للحوار الوطني، فهو يريد إسقاطها بأي ثمن وبأي وسيلة ولو استدعى ذلك التعاون مع نظام الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني الذي يناصب الخرطوم العداء.. حتى لو خالف حزب المؤتمر الوطني الحاكم مبادئه وتبنى دستوراً علمانياً فلن تستجيب معارضة النوع الأول لأي دعوة للمشاركة في وضع الدستور على سبيل المثال.. النوع الثاني من المعارضة قسمين أحدهما ساذج حيث يأخذه موج المعارضة حيثما يكون وكيفما يكون، أما القسم الثاني فهو وطني التوجه ولديه رؤية سياسية تختلف عن رؤية الحزب الحاكم المسيطر على كل مفاصل الدولة لكنه ليس في حساباته إسقاط النظام بالقوة أو التخابر مع الأجنبي، وفي مسألة الدستور مثلا لديه هواجس موضوعية، وخشية من أن يتبنى المؤتمر الوطني دستوراً مفصلا عليه مستخدما آلياته السياسية وأغلبيته الطاغية في البرلمان لتمرير ذلك الدستور ويستخدم القوى المعارضة كـ(ديكور) و(كمبارس) ليعطي شرعية سياسية لذلك الدستور المفصل.. وثيقة (الفجر الجديد)، مغامرة جديدة من جانب معارضة النوع الأول.. هناك في العاصمة الأوغندية كمبالا وقع ممثلو المعارضة على تلك (المغامرة) التي تضمنت (إسقاط النظام بالوسائل السياسية والعسكرية).. الوثيقة حصلت على مباركة وتأييد الحركة الشعبية التي قالت عن تلك الوثيقة أنها (قفزة نوعية في السياسية السودانية).. لم تستطع النخب السياسية في السودان (حاكمة ومعارضة) احتراف العمل السياسي لكنها احتكرت لنفسها حق امتلاك الحقيقة، بينما الحقيقة نسبية ومتداولة بين الناس.. ليس مطلوبا البتة أن يكون هناك إجماع في أمور السياسة، فهذا أمر لا يقره المنطق.. يقول الإمام أحمد بن حنبل: الإجماع من الأمور العسيرة الحدوث في شؤون الفروع الدينية فضلا عن شؤون السياسة والمتغيرات الدنيوية.

429

| 12 يناير 2013

سدود السودان تستبق حرب المياه

مع الارتفاع المتصاعد لأصوات طبول حرب المياه، يلاحظ المرء مضي السودان في تنفيذ مشاريع سدود استراتيجية في البلاد.. هل هذا يعني أن لدى الخرطوم خططا بعيدة المدى للتزود بأهم وسائل وأدوات حرب المياه القادمة؟. الواقع يقول إن جهوداً سودانية حثيثة في هذا الإطار تجري، فقد افتتح الرئيس السوداني الأسبوع الماضي مشروع تعلية سد الروصيرص بوسط البلاد وسبق افتتاح مشروع سد مروي شمال البلاد.. أرشيف الإذاعة الوطنية في أمدرمان يحفظ لأول رئيس سوداني بعد الاستقلال في 1956م، تسجيلاً يشتمل على خطاب يقول فيه في افتتاح سد الروصيرص المرحلة الأولى في العام 1966م إنه خلال أعوام سيتم البدء في المرحلة الثانية أي رفع منسوب البحيرة من (480) متراً فوق سطح البحر إلى (490) متراً.. بيد أن المرحلة الثانية لم تنجز وتفتتح إلا في بداية هذا العام 2013م أي بعد حوالي (47) عاماً.. لم تكن فائدة المشروع في زيادة الرقعة الزراعية فحسب، بل إن إعادة توطين المواطنين أحدثت (ثورة) ونقلة نوعية في حياتهم.. (12) مدينة سكنية على ضفتي النيل الأزرق ضمت (22) ألف منزل كل منزل بمساحة (400) متر مربع.. هذه المدن الحديثة ملحق بها محطات مياه وشبكات كهرباء وطرق تربطها بمدينتي الدمازين والروصيرص.. (28) مدرسة أساسي، (4) مدارس ثانوية، (10) مراكز صحية، مستشفيان، و(12) ناديا.. حتى أسطوانات الغاز المنزلية قد وزعت على المواطنين. يشار إلى أنه في العام 1929 أبرمت مشروعات جديدة على النهر وروافده، وتبع هذا اتفاقية مصرية سودانية عام 1959 تعطي لمصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليارا مترا مكعبا تصل إلى السودان ليتبقى للخرطوم 18 مليار متر مكعب من مياه النيل.. لقد ظلت هناك مطالبات متزايدة منذ تحرر دول حوض النيل من نير الاستعمار بإعادة النظر في الاتفاقيات القديمة، فقد هددت دول منابع النيل (خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا) بتنفيذ مشروعات سدود على نهر النيل تقلل من كميات المياه التي ترد إلى مصر ما لم يتم تعديل الاتفاقية، لكن من حسن الطالع أن هذه التهديدات لم ينفذ أغلبها، وقابلتها القاهرة بمحاولات تهدئة وتعاون فني واقتصادي وأحيانًا تقديم مساعدات لهذه الدول.. من جانبها أعلنت تنزانيا منذ استقلالها أنها ترفض هذه الاتفاقية من الأصل، ولا تعترف بها. مشاريع السدود في السودان لا تقف أمامها عقبات التمويل فقد وجد السودان تعاونا كبيراً من صناديق التمويل العربية، ولكن التحدي الأكبر هو اعتراضات السكان المحليين فضلا عن تحول مواقفهم إلى برامج سياسية تستثمر فيها أحزاب المعارضة الأمر الذي يزعج كثيراً حكومة الرئيس عمر البشير.. في آخر مؤتمر صحفي للوزير المسؤول عن تنفيذ السدود وهو أحد أصحاب النفوذ في حكومة البشير، قال بحسرة شديدة إن البعض أضاع فرصة ثمينة لإقامة سدي الشريك وكجبار، بيد أن خطاب البشير الأسبوع الماضي في حفل افتتاح تعلية سد الروصيرص تضمن توجيها لا لبث فيه بالمضي قدما في هذين المشروعين.. وصاحبت سد الشريك شمال البلاد قصة حزينة التي راح ضحيتها أحد المواطنين.. شهيد التنمية لبث في أهل الباوقة (65) عاما لم يعرفوا عنه سوى تقديم هموم الجماعة على همومه الخاصة فقد كان رجلا حاتمياً مقداماً في ساحات الخير والعطاء حتى عاجلته أيد آثمة بسبب موقفه المؤيد لقيام السد.. قطعاً لم تكن الضجة حول سد الشريك موضوعية، كثيرون لهم قناعة راسخة بأن قيام السد فرصة للمنطقة ومواطنيها بأن يجدوا مشروعاً يقدم بدائل لمعالجة الاختناقات الماثلة في مشاريعهم الزراعية.. عدد المزارعين في تزايد مستمر وفقا للزيادة الطبيعية في عدد السكان فضلا عن عوامل الطبيعة التي تتسبب في تآكل بنيات الري.. سد الشريك فرصة لإحداث تغيير كلي في المنطقة من خلال إعادة التخطيط وتكامل الخدمات في المواقع السكنية هذا أسوة بما تم في تجربة سد مروي من خلال المراكز الخدمية من مدارس ومساجد ومراكز صحية ووحدات إدارية، وفتح فرص للعمالة في مرحلة التنفيذ وتحريك الأسواق المحلية، وجذب الاستثمارات، وإيجاد مصدر للطاقة في المنطقة يسهم في تشجيع الاستثمار. الشأن الداخلي في كل من مصر والسودان يستغرقهما في معارك لا طائل منها.. ففي الوقت الذي اكتملت فيه خطط سرقة مياه النيل وأينعت واستعد الإسرائيليون لقطافها، تنشغل الحكومتان في مدافعة المعارضة.. في الوقت نفسه تقول صحيفة جيروزاليم الإسرائيلية إن إسرائيل وقعت أول اتفاقية دولية مع دولة جنوب السودان.. الاتفاقية لاستغلال مياه النيل ومشروعات تحلية ونقل المياه.. حصة مصر من مياه النيل في خطر داهم وأمن حدود السودان مع الدولة الجديدة تعبث به المخابرات الإسرائيلية.

1076

| 04 يناير 2013

الخرطوم.. سلاح النفط في وجه جوبا

خلال أقل من أسبوعين دشن السودان حقلين بتروليين، ليضيفا ما يقارب (20%) من إنتاج السودان الحالي عقب الانفصال البالغ (120) ألف برميل في اليوم، وكان الإنتاج قبل الانفصال حوالي (500) ألف برميل حيث كان إنتاج الجنوب يمثل حوالي (75%) من الإنتاج الكلي.. يبلغ إنتاج الحقل الأول (البرصاية)، حوالي (6) آلاف برميل يومياً في المرحلة الأولى والوصول إلى (30) ألف برميل يومياً كمرحلة ثانية، بينما يبلغ إنتاج الحقل الثاني حوالي (10) آلاف برميل.. هذان الحقلان تأمل الخرطوم في أن يكونا قوة (ردع) في إطار نزاعها مع الدولة الوليد في جنوب السودان.. وسبق لجوبا أن أوقفت تصدير نفطها عبر الأنبوب الذي يمر عبر أراضي السودان ليتم تصديره عبر ميناء بشائر على البحر الأحمر في أقصى شمال شرق السودان.. وقيل إن جوبا أرادت أن تحرم الخرطوم من رسوم عبور نفطها بيد أن موازنة العام الماضي (2012م) تم تعديلها مرتين بسبب الإرباك الذي سببه الإجراء الجنوبي بوقف تصدير النفط عبر الأراضي السودانية.. بذلك الإجراء هدفت جوبا إلى الضغط على الخرطوم اقتصاديا لتجبرها على تقديم تنازلات في القضايا العالقة خاصة قضايا الحدود التي من أبرزها الخلاف المعقد بين الجانبين في منطقة أبيي. الإعلان عن دخول حقول جديدة دائرة الإنتاج في السودان يبعث رسائل قوية إلى جوبا بأن (الكرت) الذي تستخدمه للضغط على السودان لن يكون ذا جدوى في المستقبل القريب.. وأعلنت الخرطوم أن إنشاء الحقلين تم بكوادر سودانية (100%)، وكلف الحقل الأول حوالي (70) مليون دولار، وفي ذلك إشارة إلى جوبا التي تعاني من مشكلة حقيقية في الكوادر المؤهلة ليس في قطاع النفط فحسب وإنما في سائر المجالات الحيوية.. يقول محمد صالح عثمان مدير مشروع حقل البرصاية إن الحقل اكتشف فيه البترول عام 2011م، وبدأت الدراسات للاستفادة من البترول المنتج وتم حفر (6) آبار مربوطة بخطوط نقل، كما توجد (3) محطات للضخ، وتم العمل في المنشآت البترولية خلال (9) شهور، وأشار إلى أن الأنابيب مصممة لنقل (60) ألف برميل يومياً.. يشار إلى أن اتفاق التعاون المشترك بين البلدين الذي وُقّع في نهاية سبتمبر الماضي بحضور الرئيسين عمر البشير وسلفا كير، يعاني من حالة جمود بسبب جدل (البيضة أم الدجاجة أولا)، فالخرطوم تصر على تسوية الملف الأمني باعتباره أولية بينما تصر جوبا على الملف الاقتصادي أولا والأولية بالتالي لاستئناف ضخ نفطها الذي تشكل عائداته (95%) من موارد خزينتها. لكن من يريد سبر غور طبيعة الصراع النفطي في المنطقة إجمالا؛ يجد أنه صراع الكبار في ملاعب الصغار، الولايات المتحدة الأمريكية والصين على نفط إفريقيا ويعنينا هنا نفط السودان جنوبه وشماله.. وعلى ما يبدو فإن ضغط واشنطن على بكين يتمدد إلى فضاءات عديدة في السياسة والإعلام عبر محاولات تأليب الدول الأخرى ضد سعي الصين لشراء حصة أكبر من نفط إفريقيا، هذا في الوقت الذي تعمل فيه العديد من وسائل إعلام المنظومة الغربية على خلق صورة ذهنية سالبة تصور الصين باعتبارها مستعمرا جديدا للدول الإفريقية.. ونجد بالفعل أن لتلك العمليات العسكرية أشكالا غير مباشرة وغير نمطية مثل حروب الوكالة؛ فالصراع المرير بين دولتي السودان وجنوب السودان حول النفط ليس ما يبرره، إلا أن تكون حربا يديرها الكبار من خلف الكواليس، وهي حرب تحكمها معادلات معقدة. فالمراقبون يشيرون إلى أسلوب الصين والولايات المتحدة في الحصول على النفط في العالم؛ ففي حين يقوم الأسلوب الصيني على الاتفاقيات الاقتصادية الندية التي تحفظ للدول كرامتها وسيادتها فإن الأسلوب الأمريكي قائم على افتعال الحروب لإفساح المجال أمام الشركات الأمريكية النفطية كي تعقد اتفاقيات استثمارية غالبا ما تكون مجحفة بحق الدول التي تفرض واشنطن عليها سيطرتها العسكرية والسياسية كما الحال مع العراق الذي احتلته وليبيا التي فرضت عليها تدخل حلف الناتو العسكري أو الخليج الذي تربط اقتصاداته بها عبر اتفاقيات غير منصفة. وفي حالة السودان وغيرها من النماذج نجد أن الصين والولايات المتحدة غير راغبتين البتة في مواجهة عسكرية مباشرة، فضلا عن أن الصين لا تقف خلف السودان مثلما تقف الولايات المتحدة مع جنوب السودان، بيد أن الخرطوم في إطار دفاعها عن مصالحها تقدم خدمة للصين، فلا خيار للخرطوم في حليف اقتصادي مثل الصين، بينما جوبا لها فرصة التحالف عسكريا واقتصاديا مع واشنطن فضلا عن فرصة التحالف اقتصاديا مع الصين نفسها، لأن المصلحة الاقتصادية للصين هي التي تحدد حلفاءها وليس شيئا آخر.. السودان وجنوب السودان نموذج ماثل للدول الإفريقية التي تنهك مواردها في حروب لا طائل منها.. الحرب المتطاولة بين الجانبين لها أسبابها ومسبباتها الداخلية والخارجية، أما آخر معركة بين البلدين في منطقة هجليج النفطية في يونيو الماضي وهي الأعنف؛ فقد تركزت بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي متمثلا في حقول النفط ومكامنه، ورسوم تصديره. تاريخياً، وبعد توقيع اتفاقية أديس أبابا (1972م) في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، والتي أوقف الحرب بين شمال السودان وجنوبه حينا من الدهر، انفتح المجال للاستثمارات البترولية في السودان، وتولت المهمة شركة شفرون الأمريكية في العام 1974م. وقامت شفرون باستثمار مليار دولار أمريكي، وأكملت حفر 52 بئرا، منها 34 بئرا جاهزة تقريباً للتشغيل. وفي العام 1981م، أعلنت شيفرون اكتشافها حوض هجليج حيث يدور الصراع حوله بتقديرات مخزون تجاري من البترول في حدود 236 مليون برميل.. لكن في العام 1984م وبدون مبررات مقنعة أوقفت شيفرون أعمالها في السودان بعد عشرين عاماً من النشاط. وقيل إن السبب الحقيقي أن حسابات واشنطن استغلال نفط السودان بعد العام 2020م، ولا داعي لاستغلاله حينئذ طالما نفط الخليج يتدفق. لم يكن في تقديرات واشنطن أن تقوم شراكة إستراتيجية بين السودان والصين تربك حساباتها النفطية وترتيباتها لاستغلال مخزونات النفط العالمية وفقا لمصالحها وحسب.

578

| 29 ديسمبر 2012

سلفاكير في إسرائيل.. تحصيل حاصل

ضجة كبيرة وجدل مرير أثارته زيارة سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان إلى إسرائيل، وكأن في الأمر جديدا أو مستحدثا.. هذه الزيارة التي تمت في نهاية الأسبوع الماضي، ليست إلا تحصيل حاصل، فقد رعت إسرائيل التمرد في الجنوب من البداية، فقد تدرب كل القادة العسكريين الجنوبيين في إسرائيل كما أن الخبراء الإسرائيليين منتشرون في مختلف المرافق والأجهزة الحكومية بدولة الجنوب الوليدة، والشركات الإسرائيلية تهيمن بالكامل على صناعة الفنادق وبعض المشروعات الإنشائية الأخرى.. ما يميز هذه الزيارة أنها أول زيارة رسمية ومعلنة إلى إسرائيل.. سلفاكير قال بحضور الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز: (لقد وقفتم إلى جانبنا طوال الوقت، ولولا الدعم الذي قدمتموه لنا لما قامت لنا قائمة)!!. كلام سلفاكير كان تعليقا على قول بيريز إن علاقة بلاده بقادة انفصال الجنوب بدأت أثناء حكومة ليفي اشكول في منتصف ستينيات القرن الماضي عندما كان بيريز نائبا لوزير الدفاع.. سبقت زيارة سلفاكير وعقب إعلان الانفصال مباشرة زيارة قام بها وفد إسرائيلي برئاسة نائب رئيس الكنيست داني دانون إلى جوبا.. لقد كان سلفاكير منشرحا على غير العادة، فهو رجل يحب الميل إلى العزلة والغموض، ولا يمكن لأي شخص مهما أوتي من فراسة أن يخرج بأي انطباع في حالة تعمّد قراءة تقاسيم وجهه الجامدة والصارمة فهو بخيل بإبداء أي مشاعر لمحدثه فلا يمكن أن تعرف ما إذا كان سعيدا أو غاضبا، يوافقك القول أو يعارضك. التغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية سياسة تهدف إلى إحداث فجوة في العلاقات العربية - الإفريقية، وذلك من خلال استغلال بعض الدول الإفريقية التي لها حدود مع أخرى عربية.. قبل عدة سنوات أعلن متحف ما يسمى بمحرقة ضحايا النازية (الهولوكوست) في نيويورك تضامنه مع الجنوبيين المسيحيين، وكون لجنة تعرف بـ(لجنة الضمير)، ترأسها اليهودي "جيري فاولر" لهذا الغرض، وأقامت اللجنة معرضاً ملحقاً بالمتحف يصور "مآسي حرب الجنوب".. في كتاب وثائقي صدر عام 2002 عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب للعميد في المخابرات الإسرائيلية (موشي فرجي) بعنوان "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان"، يوضح الكاتب أن (بن جوريون) أسس الانطلاقة لفرضية رئيسية أقام عليها الإسرائيليون تعاونهم ودعمهم غير المحدود للأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي، وأصدر ابن جوريون أوامره إلى أجهزة الأمن للاتصال بزعامات الأقليات في العراق والسودان وإقامة علاقات مختلفة معها!!. العميد فرجي يؤكد أيضا أن دور إسرائيل بعد انفصال الجنوب وتحويل جيشه إلى جيش نظامي سيكون رئيسيا وكبيرا، ويكاد يكون تكوينه وتدريبه وإعداده صناعة كاملة من قبل الإسرائيليين!! هناك من يفسر مواقف سفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية من دعمه للانفصال، بأنه (طموح) شخصي، لكن الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها إسرائيل كانت تقول للرجل أيضا: (ستكون شانانا غوسماو الذي تسبب بدعم أمريكي صريح في فصل تيمور الشرقية عن جسدها الجغرافي والسياسي والحضاري وهو إندونيسيا في مايو من العام 2002م.. دون عناء وتفكير نجد أن نموذج تيمور قد ألقى ضوءا كاشفا على الخطة الأمريكية الإسرائيلية المعتمدة كسياسة كونية تستهدف تفتيت الدول الأخرى.. الأهمية الإستراتيجية لتيمور الشرقية كـ(شوكة حوت) لإندونيسيا أكبر الدول الإسلامية سكانا، فسّر الجهود الغربية الكثيفة لفصلها عن إندونيسيا وجعلها دولة تحت السيطرة الغربية الكاملة.. سلفاكير ودولته الوليدة كذلك (شوكة حوت) تخنق العالم العربي. شكلت الزيارة التي قام بها سلفاكير رئيس جنوب السودان إلى تل أبيب حدثاً مهماً فقد جاءت في توقيت استباقي لزيارة منتظرة لرئيس وزراء إسرائيل للجمهورية، وكل ذلك يكشف سر العلاقة الطويلة التي كانت مغلفة بالأسرار حول إستراتيجية إسرائيل التي عملت لفصل جنوب السودان. قلنا إن الزيارة تحصيل حاصل نعم بيد أنها مثلت نقلة جديدة تعكس بوضوح حالة التوافق المتقدم بين دولة الجنوب وإسرائيل في وقت ظلت إسرائيل عدواً للسودان الكبير ما يجعل الحديث الذي كان يدور في أروقة مراكز صنع القرار ودوائر رصد العمل المضاد في تلك الدولة الذي ظل يربط الجهوية التي وقفت أمام تماسك الدولة السودانية وأوقعها في دائرة الصراع.

644

| 24 ديسمبر 2012

الخرطوم وجوبا.. كل يبكي على ليلاه

(كل يبكي على ليلاه) أبلغ تلخيص لما انتهى إليه آخر اجتماع للجنة الأمنية السياسية المشتركة بين السودان ودولة جنوب السودان الأسبوع الماضي.. فقد انتهى إلى "لاشيء" في نظر جوبا، وإلى "تقدم معتبر" في نظر الخرطوم، وإلى "تقدم جزئي" في نظر الاتحاد الإفريقي الذي يرعى مفاوضات البلدين من خلال الوساطة الإفريقية برئاسة ثابو أمبيكي رئيس جنوب إفريفيا السابق.. جوبا تنظر إلى نجاح وفشل أي محادثات من خلال موضوع النفط، بينما تنظر الخرطوم إلى أي نجاح أو فشل من خلال المسألة الأمنية.. الاجتماع الأخير لم يتطرق لموضوع استئناف تصدير نفط الجنوب عبر السودان، ولذلك رأت جوبا أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.. كذلك أرجأ الاجتماع البت في قضية فك ارتباط جوبا بما يعرف بالحركة الشعبية قطاع الشمال، لكن في الوقت نفسه حدث تفاهم بين الجانبين بشأن المنطقة منزوعة السلاح وهي (20) كيلو مترا، منها (10) كيلو مترات جنوب الحدود الفاصلة بين البلدين وكذلك (10) كيلو مترات شمال الحدود الفاصلة، وهذا يعني انسحاب جيش جنوب السودان من (4) مناطق تتهم الخرطوم جوبا باحتلالها، ولذلك كان تقييم الخرطوم لمخرجات الاجتماع الأخير إيجابياً حيث تماهت مع مطالب الخرطوم الأمنية.. أما الاتحاد الإفريقي الذي عاد وأشرف على الاجتماع الأخير، ينظر إلى محصلة الاجتماع رغم تواضعها من خلال فشل الاجتماعين السابقين؛ الأول في جوبا والثاني في الخرطوم حيث لم تكن الوساطة موجودة باعتبار أن اللجنة مهمتها بسيطة وهي إنزال الاتفاق الذي وقعه الرئيسان عمر البشير وسلفا كير في أديس أبابا نهاية سبتمبر الماضي وأن الجانبين لا يحتاجان لوساطة بينهما في مسائل فنية، لكن فشل الاجتماعين (الأول والثاني) أدى لتدخل الوساطة ونقل الاجتماع الثالث المشار إليه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. الإنجاز الوحيد لذلك الاجتماع في نظر المحللين الصحفيين هو الاتفاق على تحديد اجتماع رابع للجنة في 13 يناير القادم، لأنه حتى ذلك"التقدم الجزئي" ستواجهه عقبات تفاصيل التنفيذ وكما يقولون فإن الشيطان يكمن في التفاصيل.. كان باقان أموم كبير مفاوضي الجانب الجنوبي محبطٌ جداً فالرجل يريد أن يمر نفط الجنوب عبر السودان دون أن يفك الجنوب ارتباطه بالحركة الشعبية (قطاع الشمال).. موقف الخرطوم في المحادثات من فك الارتباط وصفه باقان بقوله: (أرى أن هذه المحادثات انهارت لأن السودان اتخذ موقفاً استراتيجياً جديداً يعارض تطوير التعاون بين الدولتين)!!. في الوقت نفسه قال العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث باسم الجيش السوداني: (إن الطرفين في أديس تجاوزوا كل العقبات التي واجهتهم في الخرطوم وجوبا)!! قصة بني إسرائيل والبقرة هي القصة التي تشبه قصة التفاوض بين جوبا والخرطوم، فقد شرح القرآن الكريم كيف أن بني إسرائيل تعنتوا وعقدوا الأمور، وهم يماطلون في تنفيذ الأمر الرباني.. عندما زار جون كونق وزير الدفاع في دولة الجنوب ورئيس الجانب الجنوبي في اللجنة الخرطوم لعقد اجتماع اللجنة الثاني، أعلن أنه سينخرط مباشرة في الاجتماع فليس هناك ما يستدعي التأخير أو الجدل، لكن الاجتماع تأجل لأكثر من يوم كانل بسبب رأي جوبا في أجندة الاجتماع وكأنما وجدوا فيها بندا يبحث ثقب الأوزون لا الترتيبات الأمنية والشريط العازل منزوع السلاح.. الوفد الجنوبي الذي قالت عنه سفارة جنوب السودان في الخرطوم أنه وفد رفيع يضم خبراء وفنيين لم يضم أي قيادات من جيش جنوب السودان وكان ذلك مؤشراً كافياً لعدم رغبة جوبا في بحث المسائل الأمنية خاصة معضلة فك الارتباط التي "تتمترس" الخرطوم خلفها. حتى ولو تجاوز الجانبان مسألة إنفاذ الاتفاق الذي مرت عليه أربعة أشهر فإن مشكلة أبيي التي لم يشملها ذلك الاتفاق ستظل ماثلة وقنبلة موقوتة.. وزارة الخارجية السودانية قالت إنها تمكنت من إحباط محاولات نقل ملف أبيي إلى مجلس الأمن عبر تحركات محمومة في الفضاء الإفريقي قادها نائب الرئيس السوداني.. معلوم أن الآلية الإفريقية رفيعة المستوى والولايات المتحدة الأمريكية يتبنيان رؤية جنوب السودان لحل القضية وفق تناغم وتنسيق بديعين.. مقترح ثابو أمبيكي، أعتبرته قبائل المسيرية العربية السودانية التي تشارك قبيلة الدينكا الجنوبية في العيش بمنطقة أبيي (إعلان حرب).. بيد أن جوبا هلّلت للمقترح، وفي الوقت نفسه مضت واشنطن تسوّق له وتدعي أنه يلبي مطالب المسيرية.. المبعوث الأمريكي لدى السودان وجنوب السودان برنستون ليمان قال: (إن مقترح أمبيكي بخصوص أبيي عادل ويلبي مطالب المسيرية والدينكا وسنكون سعداء إن قبل مجلس السلم بالمقترح)!!. قبول مجلس السلم الإفريقي للمقترح وتبنيه يمثل خطوة خطيرة في نظر الخرطوم وقبائل المسيرية إذ ستمهد بالضرورة ليتلقفه مجلس الأمن الدولي ويصدر بشأنه قراراً ملزماً للسودان.. الخرطوم صرحت غير مرة أن مثل ذلك القرار قد يشعل حرباً بين البلدين.

554

| 21 ديسمبر 2012

هل يلجأ البشير لتشكيل حكومة أزمة؟

الشُعب الثلاث التي تقوم عليها خيمة الدولة السودانية؛ تهتز وتبدو للناظر أنها آيلة إلى السقوط الوشيك.. الوضع الاقتصادي أهم ملامحه موازنة عليلة صممت على عجز يمثل أكثر من (30%) من حجمها، حوالي (10) مليارات جنيه سوداني ونسبة تضخم تجاوزت (30%) حسب مصادر حكومية في الوقت الذي تقول مصادر غير حكومية أنه أكثر من ذلك بكثير.. الوضع الأمني والعسكري أهم ملامحه تدهور في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان المحاذيتين لدولة جنوب السودان فضلا عن تراجع أمني ملحوظ في دارفور.. أما الوضع السياسي فإن أهم ملامحه جمود كبير في اتفاقية التعاون المشترك مع جوبا التي وقعت أواخر سبتمبر الماضي في أديس أبابا العاصمة الإثيوبية بحضور الرئيسين عمر البشير وسلفا كير.. في دارفور أضاء رئيس السلطة الإقليمية لدارفور الدكتور تيجاني سيسي الإشارة الحمراء بعد أن أضاء قبل عدة أشهر الإشارة البرتقالية عندما انتقد عدم إيفاء الحكومة السودانية بالتزاماتها تجاه صندوق إعمار دارفور البالغة (200) مليون دولار؛ واليوم يشكو الرجل من (اعتداء) يرى أن القوات الحكومية متورطة فيه.. السيسي قال إن قوات حكومية شنت هجوماً على سيارتين تتبعان لحركته بالقرب من مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور.. والي الولاية حيث أيضاً مقر سلطة السيسي حذر في الوقت نفسه من أن البطء في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية مع حركة التحرير والعدالة التي يرأسها السيسي نفسه، يعدّ مشكلة إدارية داخلية تحتاج إلى ضرورة تسريع الخطى فيها.. بالنظر إلى هذه المعطيات الأمنية والعسكرية في الولاية، يمكن توقع حدوث أخطاء عسكرية وسوء فهم يعتري العلاقة بين القوات الحكومية وقوات حركة التحرير والعدالة.. لكن لا يمكن عقلا أن نتوقع أي مصلحة حكومية للاعتداء على قوات حركة السيسي، وأن احتمال الخطأ غير المقصود هو الاحتمال الغالب.. لكن صمت الحكومة وتأخرها في الرد على احتجاجات الحركة لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال.. صحيح من حق الحركة إبلاغ بعثة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور (اليوناميد) للشروع في تقصي الحقائق طبقاً لاتفاق مع الحكومة حال ظهور أي حوادث من هذا النوع، لكن حالة التفاهم التي ترسخت خلال الفترة الماضية بين الحركة والحكومة جدير بها ألا تحوج الطرفان إلى اللجوء إلى ذلك الخيار.. من مؤشرات ارتباك الأوضاع الأمنية مداهمة مجموعة مسلحة تستقل مقر محكمة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وقامت باختطاف (3) من المتهمين ولاذت بالفرار دون أن تتمكن قوات الشرطة السودانية التي كانت تحرس المحكمة من التعامل معها؟! الخبر الغريب يقول إن المجموعة أطلقت أعيرة نارية داخل ساحة المحكمة التي أصدرت حكماً بالإعدام على أحد المتهمين؟! كذلك كان العنف الطلابي في الجامعات السودانية أحد مؤشرات تراجع الوضع الأمني في السودان؛ حيث قتل (4) طلاب بجامعة الجزيرة، واختطف عدد مماثل من الطلاب في جامعة أم درمان الإسلامية في حادث منفصل، أما في جامعة الإمام المهدي بوسط البلاد، فقد نجا عميد كلية الآداب من الموت حرقاً أو اختناقاً بعد أن أغلق عليه طالبان أو أكثر مكتبه بعدما أضرموا النار التي أتت على كل أثاث المكتب قبل أن يكسر بعض زملائه الأساتذة الباب وينقذوا حياته؟! لقد كان للطلاب السودانيين عبر تاريخ البلاد الوطني مواقف ومحطات مشهودة وكانت الأحزاب تهرب من حصار المستعمر والأنظمة الديكتاتورية إلى فضاء الجامعات والمعاهد العليا وقد قاد الطلاب حركة التحرر الوطني بوعي كبير بيد أن الفارق بين أعمار الطلاب في ذلك الوقت وأعمار طلاب اليوم ربما يتجاوز (10) أعوام.. اليوم اختلفت دواعي العمل السياسي داخل الجامعات حيث يمارس بجرعات زائدة وبتحريض من الأحزاب العاجزة عن العمل السياسي المحترف.. يجب أن ترفع الأحزاب السياسية السودانية يدها عن الجامعات وتترك الطلاب يتنافسون في ساحات العلم لا ساحات العمل السياسي المأزوم.. قال لي أحد المعارف من قبل إنه حريص على أن يدخل أبناءه جامعة الرباط الوطني وهي جامعة أسستها وترعاها وزارة الداخلية بسبب أنها تحظر على طلابها العمل السياسي، وبالفعل فإن الاستقرار في تلك الجامعة هو سيد الموقف فلماذا لا يتم تعميم تجربة جامعة الرباط الوطني؟ على الصعيد السياسي فشلت اللجنة الأمنية السياسية المشتركة بين الخرطوم وجوبا في اجتماعها الثاني بالخرطوم وأنيط بهذه اللجنة إنفاذ اتفاقية التعاون المشترك بين البلدين.. الأسبوع الماضي جاء "جون كونق"وزير الدفاع في دولة الجنوب ورئيس الجانب الجنوبي في اللجنة، وقيل إنه سينخرط مباشرة في الاجتماع فليس هناك ما يستدعي المماطلة، لكن الاجتماع تأجل بسبب رأيهم في أجندة الاجتماع وكأنما وجدوا في الأجندة بحث ثقب الأوزون لا الترتيبات الأمنية والشريط العازل منزوع السلاح.. حتى بعد تأكد الوفد الجنوبي من عدم إدراج ثقب الأوزون في أجندة الاجتماع ظلت قضايا فك الارتباط بين جوبا والفرقتين التاسعة والعاشرة (قطاع الشمال)، وإيقاف دعم المتمردين حجر عثرة أمام أعمال اللجنة.. كل المؤشرات تستبعد قبول جوبا إدراج مسألة فك الارتباط مع الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بنداً رسمياً، فالوفد الذي قالت عنه سفارة جنوب السودان في الخرطوم إنه وفد رفيع يضم خبراء وفنيين لا يضم أي قيادات بالجيش الشعبي. إنها حالة من الشلل العام تضرب بخناق الحكومة السودانية لا تناسبها إلا تشكيل حكومة أزمة تكون قادرة على اقتراح حلولاً ذكية لهذه المعضلات حتى تجتاز البلاد هذه المرحلة العصيبة.

422

| 15 ديسمبر 2012

الخرطوم.. موازنة جديدة لا تروي الظمأ

أودع وزير المالية السوداني علي محمود البرلمان أول موازنة للسودان خالية من إيرادات النفط للعام 2013م، وفي ذلك رسالة قوية لدولة الجنوب بأن إصرار الخرطوم على تصفية الملف الأمني أولاً تسنده استعدادات تجعلها أطول نفساً في سياسة عض الأصابع حيث من يتألم أولاً سوف يتراجع. معلوم أن الإشكاليات الاقتصادية التي تعاني منها الخرطوم ناتجة بشكل كبير عن ذهاب (75%) من إيرادات النفط بسبب انفصال جنوب السودان، بيد أنه في الوقت نفسه أن جوبا اليوم تبدو أكثر تأثراً بسبب الوقف الكامل لتصدير نفطها عبر أراضي السودان إذ إن إيرادات النفط تشكل (98%) من مجمل الإيرادات.. ومعلوم أنه بعد حوالي (7) أشهر من سريان الانفصال تأزمت علاقات البلدين ووصلت حد المواجهة العسكرية بسبب مطالبة الخرطوم برسوم عبور نفط الجنوب، وفي الوقت نفسه اتهمت جوبا الخرطوم بسرقة نفطها عندما بدأت الخرطوم في تحصيل تلك الرسوم عيناً فعمدت جوبا إلى إغلاق آبار نفطها.. وبعد توقيع الاتفاق الأخير بين البلدين في أديس أبابا بحضور رئيس البلدين في نهاية سبتمبر الماضي الذي قضى بأن يتم حل القضايا العسكرية والاقتصادية بالتزامن.. الموقف اليوم هو محاولة جوبا التنصل من الجانب العسكري وهو فك ارتباطها بالفرقتين التاسعة والعاشرة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ودعم حركات التمرد المسلحة في دارفور، بينما تشترط الخرطوم الموافقة على مرور نفط الجنوب أن يتم تسوية الملف الأمني. وكيل وزارة المالية شدد على أن الموازنة الجديدة بُنيت على موارد حقيقية لم تحسب فيها الإيرادات المترتبة على إيرادات عبور نفط جنوب السودان، ملمحاً لإمكانية إعادة الميزانية لقبة البرلمان مجدداً في حال الحصول على إيرادات جديدة في حال إنفاذ وتطبيق اتفاقية التعاون المشترك مع جوبا.. العجز المعترف به والمعلن في الموازنة بلغ (10) مليارات جنيه سوداني أي ما يعادل مليار ونصف المليار دولار أمريكي.. حتى تأكيدات وزير المالية بأن موازنته خالية من أي ضرائب ورسوم جديدة، لم تكن دقيقة إذ تم فرض رسوم جديدة ستمس المواطن العادي بطريقة غير مباشرة.. صحيح أن رفع الدعم عن المحروقات نهائياً لم يتم كما كان من المخطط له خوفاً من ربيع سوداني، إلا هذه الموازنة تضمنت (تحصيل رسم اتحادي على ترخيص المركبات للمساهمة في تغطية جزء من دعم المواد البترولية).. أصحاب مركبات وحافلات النقل العام سوف يعوضون هذه الزيادات ويحملونها المواطن.. عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان بابكر محمد توم قال إن مشروع قانون ضريبة الرسم الاتحادي على ترخيص السيارات "ازدواج ضريبي" وهو أمر غير مقبول في رأيه.. بابكر رأي أيضاً أن تُحمّل هذه الضريبة على الاتصالات، في حين يرى البعض أن تُحمّل على تجارة التبغ بأنواعه، وفي ذلك محاولة للحد من آثار التبغ السالبة، فضلا عن أن الضريبة ستقتصر على شريحة محدودة، ليس كما هو الحال في السيارات أو الاتصالات.. لكن لم تكن هذه الرسوم الإشكالية الوحيدة إذ إن الاتحاد العام لعمال السودان ضغط كثيرا في اتجاه زيادة الأجور لكن وزير المالية اشترط رفع الدعم نهائياً عن المحروقات إلا أن الاتحاد يرفض رفع الدعم وفي الوقت نفسه يطالب بزيادة الأجور وهي معادلة لا تتحملها هذه الموازنة العليلة.. قبيل إعلان الموازنة شن رئيس الاتحاد إبراهيم غندور هجوما كاسحاً على وزير المالية مؤكداً أن الاتحاد لديه مشكلة مع وزير المالية الذي ظل لا يرد على خطابات الاتحاد.. في محاولة من الرئيس عمر البشير لإرضاء العمال شكل أمس الأول لجنة لدراسة هياكل الأجور على أن ترفع تقريرها في مارس القادم ويفهم من ذلك أن تمضي موازنة الوزير دون زيادة الأجور.. زعيم المعارضة البرلمانية ورئيس الكتلة البرلمانية لنواب حزب المؤتمر الشعبي إسماعيل حسين انتقد بيان وزير المالية أمام البرلمان بتخفيض التضخم إلى 22% خلال العام القادم رغم أنه أشار في موازنته المعدلة منتصف العام الحالي لاعتزامه جعله في حدود 17% فيما أقر في بيانه بلوغه 30%، وقال: "لو دخل الوزير للسوق الآن لوجد أن التضخم وصل لأكثر من 50% مضيفاً أن ما يقوله الوزير "حديث غير واقعي". أخيراً وفي ظل وضع سياسي مُعقّد يبدو أن هدف موازنة العام 2013م الوصول إلى معدل نمو 3.6% فضلا عن خفض معدل التضخم من 30% إلى 22% أمر يبدو غير سهل إن لم يكن مستحيلاً.. لكن حتى المتفائلين يرون أن الموازنة تقف في نقطة وسطى بين التفاؤل والتشاؤم.

459

| 07 ديسمبر 2012

سُلطة (رام الله).. خاب ظني

ما يحزن حقاً ليس التكالب الإسرائيلي على غزة فحسب فذاك ديدن الغاصب المسنود بالإمبريالية الأمريكية الغاشمة، ولكن الأمر الأكثر إيلاماً، غياب المواجهة الحقيقية في ظل داخل فلسطيني مأزوم بالصراع والتشرذم وخارج عربي حاله يغني عن سؤاله.. هل (إسرائيل) بالغباء الذي لا يجعلها تستثمر في الواقع العربي سواء داخل فلسطين المحتلة أو خارجها؟! وكيف يأمل بعض السذج منا في دعم دولي لصالح الحق الفلسطيني المهدور ونحن على تلكم الحالة عاكفون؟! سألت صحيفة الأسبوع المصرية رئيس السلطة الفلسطينية منزوعة السلطة "محمود عباس أبو مازن" ضمن حوار أجرته معه مؤخراً سؤالا فحواه أنهم تخلوا عن الكفاح المسلح الذي هو اللغة الوحيدة التي يعرفها العدو الإسرائيلي؟ فأجاب الرجل من دون تردد: (لقد قلت قبل ذلك منذ عام 2000، لن نعود للاحتكام إلى السلاح، فالعنف يقود إلى الدمار الكامل ونحن لسنا بقادرين على ذلك والظروف حولنا تتحدث عن نفسها).. هذا هو (القائد) الذي يتطلع إليه الشعب الفلسطيني والقذائف الإسرائيلية تمطره في غزة بلا هوادة.. "ملكة أحمد الشريف" أم فلسطينية صابرة ومكلومة كتبت مقالاً مؤثراً وجهته إلى "أبي مازن" هذا، تقول "ملكة": (انتظرت خطاب الرئيس أبو مازن على أحر من الجمر، وتركت خوفي وذعر أطفالي، واهتزاز بيتي كما بيوت القطاع وكأنها على فوهة بركان من القصف، وانتظاري للموت الذي لم يعد يميز بين بيوت المواطنين الآمنين وبين المواقع المطلوبة التي يدَعي العدو الصهيوني بضربها).. وتمضي "ملكة" قائلة: (لقد دعوت الله ألا يؤثر القصف على خطوط الكهرباء حتى أسمع الخطاب الفاصل لسيادة الرئيس وهذا كان أضعف الإيمان.. لقد انتظرت رئيسنا أن يهب لنجدتنا وتوقعنا أن يزورنا في غزة لتفقد أبنائه الجرحى ويمسح دمعة المكلومين ويمد يد العطاء والعون.. ولكني كما غيري فوجئت بخطاب بارد، لا روح فيه.. وكأن الأمر مجرد رفع عتب عن أناس لا يمتون للرئيس بصلة.. اتصلنا – والحديث لأبي مازن في خطابه- على الرئيس "مرسي" ليرسل وزير الخارجية.. واتصلنا بالإدارة الأمريكية.. وطلبنا من الأمين العام للجامعة العربية).. وختمت "ملكة" بقولها: (بلغتي البسيطة شبهت كل هذا باتصال أخي بجاره ليحل مشاكلي في بيتي.. مع أن أخي غير مغترب.. فإلى متى سيظل حالك يا سيادة الرئيس كأخي الذي يرسل جاره للإطلاع على أحوالي؟. أنا لا أريد جاري.. أنا أريد أخي!!. لذا اعذرني سيادة الرئيس...لقد خاب ظني!!). بعد (4) سنوات من وفاة الرئيس "ياسر عرفات" في العام (2004م) مغدوراً فجر "فاروق القدومي"، رئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية قنبلة مدوية.. قال الرجل إن الاغتيال تم باتفاق شمل رئيس السلطة الفلسطينية "أبومازن" و"محمد دحلان"، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "شارون".. "القدومي" قال وقتها في مؤتمر صحفي بالأردن: إن "عرفات" أودع لديه قبل وفاته محضرا لاجتماع سري جمع عباس والمسؤول السابق في الأمن الوقائي الفلسطيني "محمد دحلان" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "أرييل شارون" وضباط من الاستخبارات الأمريكية، وتم التخطيط فيه لاغتيال عرفات؟! يقول "شارون" –حسب ذلك المحضر- (يجب أن تكون الخطوة الأولى هي قتل عرفات مسموما، فأنا لا أريد إبعاده إلا إذا كانت هناك ضمانات من الدولة المعنية أن تضعه في الإقامة الجبرية، وإلا فإن "عرفات" سيعود ليعيش في الطائرة) في إشارة إلى تنقلاته الكثيرة عبر دول العالم.. نفس الاتهام أفاد به من قبل "بسام أبو شريف" مستشار "عرفات". قيل إن وفدا عربياً برئاسة "نبيل العربي" الأمين العام للجامعة العربية زار غزة للتضامن مع أهلها وهو يواجهون عدواناً إسرائيلياً شرساً.. ما قصّرت الجامعة العربية وأمينها لأن ممارسة العلاقات العامة في زمن التصاغر العربي أضحى إنجازاً لا يضاهيه إنجاز.. فكرة الجامعة العربية فكرة حالمة تتأسس على أشواق تعتمل في نفس كل عربي.. معظم الأنظمة العربية الحالية من عبدة أصنام (الواقعية السياسية) فلم تعد تلك الأنظمة كما كانت عشية انعقاد القمة العربية في السودان في العام 1967م وحينها عرفت الخرطوم بعاصمة اللاءات الثلاث: لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل. في ظل هذا الواقع المظلم غير المتناهي تبدو بعض الإضاءات مثل نجوم خافتة تقاوم العتمة، قبل أسابيع مضت زار سمو أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني" غزة في رحلة جريئة تحمل رمزية عميقة الدلالة.. أول رئيس عربي ومسلم يزور غزة ويكسر الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) على غزة فضلا عن الحصار الذي تمارسه حكومة "محمود عباس أبومازن" في الضفة الغربية انطلاقاً من (رام الله).. جزء من حصار الإخوة رفض "أبو مازن" مرافقة أمير قطر رغم الدعوة التي قدمها له "إسماعيل هنية" رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة التي تتخذ من غزة مقراً لها.. من قبل دعت قطر لقمة عربية عقب أحداث غزة الشهيرة قبل (3) سنوات ورفض "أبومازن" حضورها زاعماً أن (إسرائيل) منعته من مغادرة رام الله!!. تلك القمة قال عنها سمو أمير قطر: (إن عقد القمة هو أقل ما تتوقعه الشعوب منا، وكان رأينا ومازال أنه بوسعنا أن نفعل شيئا وأن الإشكال لا يكمن في القمة بل في إرادتنا التي نأتي بها إلى القمة).

498

| 24 نوفمبر 2012

مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية.. قراءة أولية

حتى لحظة كتابة هذا المقال تبدو بداية المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية السودانية الذي يختتم أعماله اليوم السبت هادئة، لكنه هدوء يتوجس منه البعض أن تعقبه (عاصفة).. المتخوفون والمتشككون يخشون من أمرين يريد لهما المنتفذون في السلطة أن يكونا متلازمين؛ قصر اختيار الأمين العام على مجلس شورى الحركة وهو الدائرة الأضيق من المؤتمر العام، والأمر الآخر إقرار مبدأ قيادة عليا للحركة.. معروف أن المؤتمر العام هو السلطة الأعلى في الحركة وتبلغ عضويته (4) آلاف عضو وهو الذي يختار أعضاء مجلس الشورى بيد أن البعض وبناءً على تجارب سابقة يرى أنه من السهل السيطرة على مجلس الشورى من قبل التيارات المتنافسة داخل الحركة وبالتالي فإن اختيار الأمين العام لابد أن يقوم به المؤتمر العام.. كذلك يرى أولئك المتشككون أن إقرار قيادة عليا يعني تفريغ منصب الأمين العام الجديد من محتواه ليغدو مجرد (سكرتير) وفي أحسن الأحوال مقرراً للقيادة العليا الجديدة. ومما أثار بعض الارتباك حضور الرئيس "عمر البشير" متأخراً بعد بدء فعاليات المؤتمر بحوالي ساعتين خاصة أن هناك (70) رمزاً من رموز الحركات الإسلامية حول العالم كانوا حضوراً من أبرزهم المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين في مصر "محمد بديع"، و "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) الفلسطينية، و "راشد الغنوشي" رئيس حركة النهضة في تونس.. لكن بعد ذلك أضفى حضور "البشير" المتأخر جواً من الطمأنينة والسكينة وأزال حالات التوتر والتوجس وتأويل عدم الحضور على أنه (موقف) سالب من الحركة الإسلامية السودانية التي أصبح العسكر ينظرون إلى دورها بريبة بعد ما عرف بالمفاصلة حين انشقت الحركة إلى جناحين الأول انحاز إلى "البشير" والثاني انحاز إلى الدكتور "حسن الترابي" الأمين العام الأسبق.. تأخر الرئيس لم يعرف سببه لكن البعض يشير إلى أنه (موقف) سلبي تراجع عنه في آخر لحظة بعد نصيحة من مستشاريه وخاصته.. غير أن خطاب "البشير" أمام المؤتمر كان هادئاً وخالٍ تماماً من التوتر حدد فيه إطارا لعمل الحركة في الفترة القادمة، الإطار حصر عمل الحركة في مجال الدعوة والصلاح الاجتماعي، أي أن "البشير" دعا الحركة بوضوح للبعد عن السياسة، وطالبها بتقوية نسيج المجتمع السوداني بتعميق قيم الدين وتحصين الشباب ضد الثقافات الغربية ومواجهة الصراع الهدام الذي يسعي إلى زرع القبلية والجهوية.. "البشير"لم ينس أن يُحييّ وينوه مشيداً بطرح الحركة للبديل المرتكز على الشريعة وقال إنها غيرت ثقافة أهل السودان من التبعية والاندفاع نحو الغرب.. مضيفاً أنها تميزت بمبادراتها القوية في الحياة العامة ومقاومة التيارات العلمانية والشيوعية. كانت المنافسة القوية بين المرشحين لرئاسة المؤتمر الدكتور "الطيب إبراهيم محمد خير" والبروفيسور"عبد الرحيم علي" في مستهل الجلسة الإجرائية كشفت عن بعض اتجاهات المؤتمرين.. ربما كان البروفيسور "عبد الرحيم" الأنسب لرئاسة المؤتمر من منطلقات موضوعية لكن فوز "الطيب" وهو وزير سابق وأحد الفاعلين في نظام الحكم، كان مؤشراً لرغبة المؤتمرين في نفض الغبار عن القيادات المنسية أو المبعدة لسبب أو آخر ولولا ذلك السبب لحصل "عبد الرحيم" على أغلبية مطلقة.. بروفيسور "سعاد الفاتح" القيادية الإسلامية المعروفة ثنت ترشيح "عبد الرحيم" ولم تغفل أن تقوم (بدعاية) انتخابية لصالحه معددة مناقبه.. أثناء التصويت للبرفيسور "عبد الرحيم" برفع الأيدي، أظهرت شاشات العرض الكبيرة الدكتور "نافع علي نافع" نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الجناح السياسي للحركة رافعاً يده مصوتا لصالح "عبد الرحيم" فارتفعت أصوات البعض مبدين فرحتهم واعتبر ذلك أيضاً (دعاية) لصالح "عبد الرحيم" الذي بدا واضحاً يمثل رغبة السلطة التنفيذية.. رغم كل ذلك فاز "الطيب" بأغلبية كبيرة ولم تشأ المنصة أن تعلن عدد أصوات كل منهما ولم يطالبها أي عضو بذلك.. إذن رغم أن رئاسة المؤتمر تنتهي بالطبع بانتهاء المؤتمر اليوم السبت لكن فوز "الطيب" له أكثر من دلالة مهمة منها رفض (إملاءات) السلطة التنفيذية. هناك بالفعل إحباطات وأخطاء جعلت بعض (الخُلصاء) البحث عن طريق ثالث بين حزبي المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني جناحا الحركة بعد المفاصلة.. الطريق الثالث محاولة لإنشاء حزب يتجاوز حالة القطيعة المستعصية بين الجناحين.. سبق ذلك ما عرف بمذكرة الألف أخ.. المذكرة كانت نوعا من أنواع التظاهر ضد راهن الحركة السياسي.. المذكرة تناولت انتقادات (مؤلمة) لمآلات الوضع السياسي في السودان، أهمها ما أسمته المذكرة (انحراف عن جادة الطريق) أو على ما يبدو لهم تخلياً عن الأهداف (السامية) التي من أجلها صعدت الحركة الإسلامية وجناحها السياسي (المؤتمر الوطني) لسدة الحكم في السودان. ليس إسلاميو السودان وحدهم تنالهم أقلام النقد ولكن الإسلاميين عبر التاريخ ومنذ الخلافة الإسلامية متهمون بالجموح المتزايد إلى الدفاع عن ممارستين شاذتين: (ممارسة السياسة في الدين)، بإخضاع الإسلام إلى مطالب السياسة والمصلحة والصراع، و(ممارسة الدين في السياسة)، من خلال بناء موقع قوي فيها باسم المقدس.. هل ينزع الإسلاميون سواء في السودان أو غيره إلى استثمار المقدس الديني وتوظيفه في المعارك الاجتماعية المختلفة، خاصة في المعركة السياسية من أجل السلطة، حيث إنهم يحاولون رد الاتهام عنهم بأنهم مجرد (تجار) سياسيين بالدين بقولهم (الإسلام دين ودولة).

1569

| 17 نوفمبر 2012

قصف (اليرموك) يفضح اعتلالات السلطة

أحداث متلاحقة وتعقيدات متزايدة تمور بها الساحة السودانية.. فمن قصف (إسرائيل) لمصنع (اليرموك) الحربي، الذي كشف عن اختلالات سياسية وعسكرية وهيكلية تنفيذية، إلى مرض الرئيس "عمر البشير"، مروراً بفشل أول اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان، وانتهاءً بتغير موقف والي ولاية جنوب كردفان (180) درجة من الحوار مع ما يعرف بالحركة الشعبية (قطاع الشمال).. لقد أقر اتفاق التعاون المشترك الذي وقعه الرئيسان "البشير" و "سلفا كير" في أديس أبابا نهاية سبتمبر الماضي قيام لجنة السياسة الأمنية المشتركة لإنفاذ الاتفاق خاصة في جانبه الأمني والعسكري.. أول اجتماع للجنة انتهى الأربعاء الماضي بالفشل وعاد وزير الدفاع السوداني "عبد الرحيم محمد حسين" من جوبا بخفي حنين وبدون نتائج ولم يفلح الجانبان حتى في تحديد موعد للاجتماع القادم في الخرطوم.. السودان يتهم جوبا بعدم الجدية في فك ارتباطها بالمعارضة المسلحة خاصة ما يسمى بـ(قطاع الشمال).. البعض يعتقد أن الحركة الشعبية الحاكمة في جوبا غير راغبة في التوصل لأي اتفاق مع الخرطوم بشأن الملف الأمني وقد قاربت (طبخة) منطقة أبيي المتنازع عليها على النضج ومن المنتظر أن يدفع بها مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى مجلس الأمن الدولي المتهم بالوقوف بجانب جوبا.. مجلس السلم والأمن الإفريقي (تآمر) من قبل ونقل ملف الصراع بين البلدين إلى مجلس الأمن الذي أصدر أخطر قرار ضد السودان وهو القرار رقم 2046 الذي يتم التفاوض اليوم تحت سيفه المشرع. الحركة الشعبية منذ أن بدأت نشاطها العسكري والسياسي قبل أكثر من عقدين من الزمان كانت تتأبط خطة سياسية وعسكرية من قسمين (أ)، (ب).. تحقيق القسم (أ) يغني بالضرورة عن القسم (ب)، بينما يتم اللجوء إلى الفرع (ب) في حال فشل الفرع (أ).. المآل النهائي لهدف الحركة استقر على الفرع (ب) وهو فصل جنوب السودان وتأسيس دولة تتبنى نهجاً وسياسة على النقيض مما تتبناه حكومة الخرطوم.. الخطة في قسمها (أ) تبنت شعار تحرير السودان وصولاً إلى (سودان جديد) يتم فيه طمس الهوية العربية الإسلامية وإزاحتها من الحياة العامة وإرساء قواعد نظام حكم علماني بملامح زنجية إفريقية خالصة.. فشل الخطة (أ) لا يعني التخلي تماماً عن هدف (السودان الجديد)، ولكن يتم تحقيقه بوسائل وطرق سياسية وعسكرية جديدة، فإن لم يكن (سوداناً جديداً موحداً)، فيكن (سودانين) متماثلين ثقافياً وسياسياً وفقا لرؤية الحركة الشعبية التي تتماها مع الرغبات الإسرائيلية والاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. تزامن كل ذلك مع تصعيد كبير لمتمردي قطاع الشمال في ولاية جنوب كردفان المتاخمة لدولة الجنوب.. القصف العنيف لحاضرة الولاية جعلت والي الولاية المعروف بحماسه للحوار مع القطاع أن يتبنى موقفاً جديداً تماماً.. بكلمات قوية وصاعقة عبّر " أحمد هارون" عن موقفه الجديد قائلاً لدى مخاطبته وحدة عسكرية: (لا حوار مع الحركة الشعبية، والعمل العسكري الميداني سيمضي حتى تعلم الحركة وقادتها أن التصعيد العسكري لا يفيد).. موقف "هارون" الجديد ربما كان راجعاً لسببين لا ثالث لهما؛ إما أن الوالي قطع الشك باليقين من عدم جدوى الحوار مع قطاع الشمال أو أن تقدماً كبيراً حققه الجيش السوداني، حيث نفذ عمليات تمشيط ومداهمات واسعة شرقي عاصمة الولاية وكبد المتمردين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات العسكرية.. لكن على "هارون" وطاقمه السياسي والتنفيذي تصويب النظر بإمعان نحو منطقة جبال النوبة المتاخمة لدولة الجنوب لأنها منطقة بمواصفات خاصة.. المنطقة تتميز بجغرافيا وعرة تلائم حرب العصابات.. مساحتها تعادل مساحة أسكتلندا، أي حوالي ثلاثين ألف ميل مربع، وهي منطقة سافانا غنية تهطل عليها أمطار صيفية غزيرة تكفي لإنتاج محاصيل زراعية مهمة خلال موسم الخريف.. يبلغ سكان منطقة جبال النوبة حوالي (3) ملايين نسمة. من تداعيات القصف الإسرائيلي النقد الذي وجهته وزيرة الخارجية علنا لأطراف في السلطة الحاكمة.. في برنامج تليفزيوني كشف الوزير "علي كرتي" عن حصولهم في الوزارة على معلومة وصول البوارج الإيرانية ميناء بورتسودان من أجهزة الإعلام؟!، مضيفاً (الخارجية آخر من يعلم).. "كرتي" بث شكواه على الهواء مباشرة ممتعضاً من (ضعف التنسيق ما بين أجهزة الدولة المختصة ووزارة الخارجية فيما يختص بشأن القصف).. كلام الوزير أمر خطير يشير إلى أن مؤسسات الدولة لا تعمل كمنظومة متماسكة وإنما تعمل كجزر معزولة.

407

| 10 نوفمبر 2012

غارات (إسرائيل) على السودان.. أسئلة تتجدد

حالة من العجز التام انتابت الجهاز التنفيذي للدولة في السودان إثر الغارة الإسرائيلية على مجمع اليرموك للتصنيع الحربي ليلة الأربعاء الماضي.. هول المفاجأة وحجم الدمار الكبير الذي أصاب المجمع الذي قدر بنسبة (60%) بشكل كلي و(40%) بشكل جزئي أحدث شللا في تفكير كابينة قيادة الدولة امتد لحوالي (18) ساعة من وقوع الهجوم حين صوّبت أصابع الاتهام مباشرة نحو (إسرائيل) التي التزمت سياسة الغموض فلم تنف التهمة أو تؤكدها.. رغم أن هذا الاعتداء الإسرائيلي كان الثامن من نوعه ضمن سلسلة أخذت تترى منذ العام 2009م.. إمعاناً في سياسة الغموض الإسرائيلية قال الصحفي والمحلل السياسي "روني شاكيد":) إنه لا توجد أي معلومات في تل أبيب حول ما حدث لمصنع اليرموك بالخرطوم باستثناء اتهامات الخرطوم، وأضاف شاكيد في حديث لـ(B.B.C) أن عدم حديث السلطات الرسمية يجعل الباب مفتوحا أمام كافة الاحتمالات فهو قد يكون بسبب أن إسرائيل لا علاقة لها بما حدث في السودان، أو أنها فعلت وانسحبت بهدوء(.. بيد أن تطوراً نوعياً طرأ على طريقة التعاطي مع الاعتداء الأخير، إذ درجت الخرطوم على التكتم على الاعتداءات السابقة ومحاصرتها إعلامياً، مما أثار الدهشة فلم يكن هناك أي مبرر أو مسوغ لذلك التعتيم بل كان من الأجدى أن تستثمر الخرطوم تلك الاعتداءات داخلياً خاصة على المستوى الخارجي لاستقطاب الدعم الدولي في ظل شبه عزلة تعاني منها الخرطوم رغم كل ما أوفت به من تعاهدات أفضت إلى تقسيم البلاد إلى شطرين.. في مايو الماضي لف صمت القبور حادثة القصف الذي تعرضت له سيارة (برادو) في قلب ثاني أكبر المدن السودانية والميناء البحري الرئيس في البلاد.. كانت التقنية المستخدمة ودقة التصويب قرينتان تؤكدان هوية الجهة المعتدية لكن الخرطوم لم تتهم إسرائيل رسميا، عدا تصريح يتيم لوزير الخارجية السوداني عقب الحادث مباشرة.. في تلك الحادثة لقي مواطن سوداني (65) عاما مصرعه داخل سيارته التي تفحمت تماما بسبب صاروخ موجه. بعض التحليلات تذهب بعيداً وترى أن قصف اليرموك بمثابة نقل للصراع بين الخرطوم وتل أبيب لمربع جديد، يتجاوز صراعات الأطراف عبر عمليات نوعية في عمق العاصمة الخرطوم.. لهذا يرى الخبير الاستراتيجي "محمد حسين أبوصالح" إن الصراع بين السودان وإسرائيل تغير منذ دعم الأخيرة لعملية (الذراع الطويل) والتي دخلت بموجبها حركة العدل والمساواة العاصمة من جهة الغرب.. على السودان أن يعيد النظر في طريقة تعامله مع (إسرائيل)، فالطريقة القديمة تجاوزتها كثير من الأحداث، كما الجامعة العربية لم تعد هي الجامعة العربية.. طريقة تعامل السودان مع (الواقع) الإسرائيلي هي نفس طريقة الرئيس المصري الأسبق "جمال عبد الناصر".. متغيرات كثيرة فرضت نفسها على مسرح الأحداث السياسية والعسكرية.. الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا وسوريا أذهب (وقار) الدولة العبرية، هذا من جانب، ومن جانب آخر قامت دولة حليفة لإسرائيل على امتداد حدود السودان الجنوبية.. لقد كانت أول زيارة يقوم بها "سلفا كير" رئيس حكومة جنوب السودان بعد الانفصال إلى (إسرائيل).. لقد رعت إسرائيل التمرد في الجنوب منذ البداية، فقد تدرب كل القادة العسكريين الجنوبيين في إسرائيل كما أن الخبراء الإسرائيليين منتشرون في مختلف المرافق والأجهزة الحكومية بدولة الجنوب الوليدة، والشركات الإسرائيلية تهيمن بالكامل على صناعة الفنادق وبعض المشروعات الإنشائية الأخرى.. كانت الزيارة أنها أول زيارة معلنة إلى (إسرائيل).. سلفاكير قال بحضور الرئيس الإسرائيلى شيمعون بيريز: (لقد وقفتم إلى جانبنا طوال الوقت، ولولا الدعم الذي قدمتموه لنا لما قامت لنا قائمة)!! السؤال هل تعيد الخرطوم النظر في استراتيجياتها السياسية والأمنية والعسكرية؟.

482

| 27 أكتوبر 2012

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6663

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2742

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2340

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1710

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1518

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1362

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1050

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

1038

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

969

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
بين العلم والضمير

عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...

867

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر

بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...

861

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

693

| 30 أكتوبر 2025

أخبار محلية