رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رغم إنتاج العالم العربي حوالي 31 % من الإنتاج العالمي لخام البترول، وحوالي 14% من إنتاج الغاز الطبيعي المسوق بالعالم، وبلوغ قوة العمل العربية أكثر 122 مليون عامل تمثل نسبة 16 % من قوة العمل الدولية، إلا أن النصيب النسبي للصادرات السلعية العربية يصل إلى حوالي 7 % من الصادرات السلعية الدولية. حيث بلغت قيمة الصادرات السلعية العربية العام الماضي 1 تريليون و335 مليار دولار، من إجمالي عالمي بلغ 18 تريليون و325 مليار دولار، وهكذا نجد أن قيمة الصادرات السلعية العربية مجتمعة لا تصل لصادرات ألمانيا البالغة 1 تريليون و407 مليارات دولار. وهكذا لم تعد حسابات المقارنة هنا ترتبط بعامل عدد السكان، فسكان ألمانيا يبلغون 81 مليون نسمة، مقابل أكثر من 362 مليون نسمة بالعالم العربي، ونفس المقارنة لقوة العمل التي تبلغ 44 مليون عامل بألمانيا، مما يعنى ارتباط الأمر بإنتاجية العامل وقدر إسهامه في الناتج المحلى الإجمالي لاقتصاد بلاده. كذلك لم تعد المساحة الجغرافية عاملا فاصلا في المقارنة، فمساحة ألمانيا البالغة 357 ألف كيلو متر مربع، لا تقارن بمساحة العالم العربي التي تزيد على 14 مليون كيلو متر مربع، بل إن مساحة بلد عربي كالجزائر تمثل حوالي سبعة أضعاف مساحة ألمانيا. كما أن ألمانيا دولة مستوردة للطاقة حيث تستورد 1 مليون و961 ألف برميل بترول يومي، كما تستورد أكثر من 87 مليار متر غاز طبيعي سنويا، بل تستورد 43 مليار كيلو وات ساعة من الكهرباء سنويا، إلا أنها في ذات الوقت تصدر كميات ضخمة من المنتجات بترولية. وكانت إحصاءات الصادرات السلعية الدولية تهتم بالرقم الإجمالي لصادرات الدول، إلا أن ذلك الرقم أصبح لا يعبر عن نوعية تلك الصادرات، فأصبحت المقارنة بين صادرات الدول تهتم بنسبة الصادرات المصنعة من إجمالي صادرات الدولة، ثم تطور الأمر وأصبح الاهتمام بنسبة الصادرات عالية التكنولوجيا من الصادرات الصناعية للدول. وبالتطبيق على الصادرات السلعية العربية خلال العام الماضي نجد استحواذ المواد الأولية على حوالي ثلثي الصادرات السلعية العربية، حيث تمثل منتجات الوقود والتعدين حوالي 64 %، والمنتجات الزراعية نسبة 2.2 % والمنتجات الصناعية العربية حوالي 15 %. والمعروف أنه على خريطة تصدير البترول الخام الدولية، تحتل السعودية المركز الأول والعراق المركز الثالث، والإمارات العربية المركز السادس والكويت المركز العاشر، وليبيا المركز الرابع عشر وقطر المركز الثامن عشر والجزائر المركز التاسع عشر. بينما كان موقف الدول العربية على خريطة صادرات منتجات البترول المكررة، مجيء السعودية بالمركز الخامس دوليا والكويت بالمركز الثامن، والإمارات بالمركز الخامس عشر والجزائر بالمركز السادس عشر والبحرين بالمركز التاسع والعشرين. وعلى خريطة صادرات الغاز الطبيعي احتلت قطر المركز الثاني دوليا والجزائر المركز الخامس، ومصر السابع عشر وسلطنة عمان التاسع عشر وليبيا المركز العشرين، وهكذا فالأهم هو المركز على خريطة الصادرات من البتروكيماويات، فكلما زادت درجة التصنيع المحلى كما كانت القيمة المضافة أعلى. وهكذا فإن تصدير القطن الخام كما يحدث في مصر يعد أدنى مراتب استفادة المجتمع من تلك السلعة، بينما تزيد القيمة المضافة في حالة تحويل القطن إلى غزل، وتزداد القيمة المضافة أكثر في حالة تحويل الغزل إلى نسيج، كما تزداد القيمة مع تحويل النسيج إلى أقمشة، وتزداد القيمة المضافة أكثر بتحويل القماش إلى ملابس جاهزة، مع زيادة عمليات التشغيل. وعندما تتخصص الدول العربية في تصدير المواد الخام، فإن ذلك يعني على الجانب الآخر تخصص الدول المستقبلة لصادراتها في عمليات التصنيع، لتعود نفس السلع للعالم العربي في شكل منتجات تامة الصنع بأسعار مضاعفة، مما أدى لوجود عجز بالميزان التجاري لكل الدول العربية غير البترولية، ولو تم استبعاد صادرات البترول لتحولت كلها للعجز التجاري.
7069
| 16 أكتوبر 2013
بلغ نصيب دواوين عموم المحافظات المصرية السبعة والعشرين، من الموازنة الحكومية للعام المالي الحالي 3ر15 مليار جنيه، من إجمالي الإنفاق بالموازنة البالغ 635 مليار جنيه بنسبة 4ر2 % من الإجمالي. وكان النصيب الأكبر لمحافظة البحيرة من الإنفاق بالموازنة بنحو 2ر1 مليار جنيه والتي يبلغ عدد سكانها 3ر5 مليون نسمة ببداية العام الحالي، تليها محافظة الدقهلية والبالغ عدد سكانها 6ر5 مليون نسمة بنحو 976 مليون جنيه، فمحافظة الشرقية 912 مليون جنيه، والقاهرة 882 مليون جنيه وفي المركز الخامس محافظة الغربية 855 مليون جنيه. وتوزعت مخصصات المحافظات ما بين: سبعة مليارات جنيه لأجور الموظفين بالمحافظات، و3ر4 مليار لشراء مستلزمات الجهاز الحكومي من أوراق ومطبوعات ووقود ومياه وكهرباء وصيانة، بينما يخص الاستثمارات 5ر3 مليار جنيه، وهي التي تتوجه لتحسين حياة السكان من خلال إقامة الطرق والكباري والمرافق والمستشفيات والمدارس. وهكذا يصل نصيب المواطن من مخصصات الاستثمارات خلال العام المالي الممتد ما بين شهر يوليو الماضي وحتى يونيو من العام القادم 5ر42 جنيه، وزاد متوسط نصيب المواطن بالمحافظات الصغيرة سكانيا ليصل إلى 454 جنيها بجنوب سيناء، و305 جنيهات بالأقصر و209 جنيهات بالوادي الجديد و195 جنيها بالبحر الأحمر. بينما تدنى متوسط نصيب المواطن من الاستثمارات بالمحافظات الكبيرة السكان، ليصل إلى 25 جنيها بالدقهلية و26 جنيها بكل من محافظتي القليوبية والغربية، و27 جنيها بالجيزة و30 جنيها بكل من القاهرة والشرقية و32 جنيها بالمنوفية، الأمر الذي يؤدي إلى طول فترة إنهاء مشروعات الخدمات بتلك المحافظات. وهكذا تحتاج المحافظات إلى ضخ مالي إضافي إلى جانب الاعتمادات الحكومية لسرعة إنجاز مشروعات الخدمات والمرافق بها، سواء التي بدأ العمل بها أو الجديدة، ورغم أن هناك أحد عشر نوعا من مديريات الخدمات بالمحافظات لها مخصصات أخرى، ما بين مديريات التعليم والصحة والزراعة والقوى العاملة والتموين والطب البيطري والطرق والنقل والإسكان المرافق والشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية والتنظيم والإدارة. وهي المديريات التي تصل مخصصاتها لنحو 61 مليار جنيه، إلا أن نسبة 93 %من تلك المخصصات تتجه لأجور العاملين بتلك المديريات، والباقي لمستلزمات الجهاز الإداري بالمديريات، من أدوات مكتبية ووقود وصيانة، بينما تخلو مصروفات المديريات من أي مخصصات للاستثمارات بالمحافظات. وحتى تتبدد الدهشة من ضخامة مخصصات مديريات الخدمات بالمحافظات، فإن معظمها يخص مديريات التعليم بالمحافظات بنحو 43 مليار جنيه، ومديريات الصحة بنحو 11 مليارا ومديريات الزارعة 3ر3 مليار جنيه. ومن ناحية أخرى تصل نسبة مخصصات الأجور من إجمالي مصروفات تلك المديريات 98 % بمديريات الزارعة، و97 % بمديريات التموين و96 % بمديريات الطب البيطري و95 % لنسبة مخصصات الأجور لإجمالي الإنفاق بكل من مديريات التنظيم والإدارة والتعليم. وهكذا نجد محافظة الشرقية البالغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة والبالغ نصيبها 8ر5 مليار جنيه، منها 1ر5 مليار جنيه كأجور سنوية للعاملين بديوان المحافظة وفي مديريات الخدمات الإحدى عشر الأخرى بها، لتقتصر مخصصات الاستثمارات بها على 179 مليون جنيه فقط، تمثل نسبة 3 % من إجمالي نصيب المحافظة من الإنفاق العام. ورغم أن هناك موارد أخرى تجلبها الصناديق الخاصة بالمحافظات من الرسوم التي تفرضها داخل المحافظة، وتقوم بإنفاقها على مشروعات بالمحافظة، لكنها نفقات غير محصورة بدقة سواء على المستوى القومي أو الإقليمي، ولا يتم إعلانها رسميا. كما يتجه إنفاق جانب كبير من تلك الإيرادات على مكافآت القيادات المحلية واحتفالات الأعياد القومية، والنشر والدعاية بوسائل الإعلام لتجميل صورة المسؤولين المحليين إلى جانب استقبال الوفود. وترتبط ضخامة الاحتياجات المحلية من الاستثمارات بالنظر إلى الكتل السكانية الضخمة في كثير من المحافظات، والتي وصلت إلى حوالي 9 ملايين نسمة بالقاهرة، وسبعة ملايين بمحافظة الجيزة وستة ملايين بالشرقية، وزيادة عدد السكان عن ثلاثة ملايين نسمة في 12 محافظة مصرية. وإذا كان بعض المحافظين قد لجأوا للمزيد من فرض الرسوم لتدبير الموارد أو لبيع أراضي الدولة، فإن الأمر يتطلب تنوعا في أساليب التمويل بداية من التمويل بالأسهم أو السندات والصكوك إلى رأس المال المخاطر، وإقامة صناديق الاستثمار المباشر المخصصة لإقامة المشروعات. خاصة أن موازنة الحكومة لن تستطيع تلبية احتياجات المحافظات من الاستثمارات في ظل العجز المزمن بالموازنة والبالغ بالموازنة الحالية 228 مليار جنيه، وها هي موازنة العام المالي الحالي التي خصصت 3ر15 مليار لدواوين عموم المحافظات، تشير إلى وجود عجز مالي بموازنات تلك المحافظات بلغ 8ر10 مليار جنيه، تمثل الفرق بين إنفاقها وإيراداتها، والذي ستقوم الموازنة العامة بتحمله.
457
| 12 سبتمبر 2013
جرت العادة بالمنطقة العربية الإشادة بتدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر، والمتمثل في مشتريات الأجانب للأوراق المالية بالبورصات العربية، إلى جانب السندات والأذونات الحكومية، باعتباره يمثل إشارة إلى جاذبية الاستثمار بتلك البورصات، كما يمتد الأمر أحيانا إلى اعتبار ذلك برهانا على جودة اقتصادات الدول التي تجتذب تلك الاستثمارات غير المباشرة. وتمثل تلك التدفقات الأجنبية مزيدا من السيولة والعمق للأسواق العربية، كما توفر تمويلا لعجز الموازنات في كثير من الدول العربية، إلا أنه لا يتم التعرض للنواحي السلبية لتلك الاستثمارات التي أسماها بعض الخبراء بالعصفور الطائر، حيث تنتقل تلك الاستثمارات من سوق إلى آخر سعيا وراء الفرص الاستثمارية بحيث لا تكاد تستقر في بلد واحد. بما يكاد يلغي ميزة إسهامها في زيادة السيولة بالأسواق، الأمر الذي دفع كثيرا من الدول لفرض ضرائب على أرباحها، ترتفع نسبتها كلما قصرت مدة مكثها بالسوق، وتقل نسبتها كلما طالت تلك المدة، تشجيعا لإطالة فترة بقائها والاستفادة من وجودها. الأمر الآخر هو ما تقوم به تلك الاستثمارات من نزح الثروات المحلية إلى الخارج، نتيجة ما تحققه من أرباح يتحمل تكلفتها المستثمرين المحليين، مع الأخذ في الاعتبار ما تتميز به الاستثمارات الأجنبية من استنادها إلى قاعدة أكثر خبرة في التحليل المالي والفني، بما يساهم في رشد قراراتها الاستثمارية، إلى جانب توافر سيولة أكثر لديها بما يمكنها من تنويع استثماراتها، وذلك بالمقارنة بالمستثمرين المحليين الأقل خبرة فنية والأقل سيولة. وحسب بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار فقد أشارت بيانات موازين المدفوعات، لنحو 11 دولة عربية، إلى بلوغ صافي التدفقات للاستثمار الأجنبي غير المباشر خلال العام الماضي 12 مليار دولار، كفارق بين صافي تدفقات إيجابية إلى ست دول عربية هي: الإمارات والمغرب والبحرين وتونس والسودان والأردن بلغت 7ر1 مليار دولار، مقابل صافي خروج من خمس دول بلغ 7ر13 مليار دولار. ويتوقع أن يزيد صافي التدفقات للخارج عن ذلك خلال العام الماضي، في ضوء غياب بيانات دول مثل سوريا وليبيا واليمن وسلطنة عمان والتي شهدت حالة من عدم الاستقرار، وبما يدفع للخروج منها سواء من جانب المستثمرين الأجانب أو حتى المستثمرين المحليين. وخلال العام الماضي بلغ الصافي السلبي لتدفقات الاستثمارات الواردة لمحفظة الأوراق المالية، نحو 4ر10 مليار دولار في مصر و75ر1 مليار دولار بقطر، و732 مليون دولار بالسعودية و694 مليونا بلبنان و80 مليون دولار بالكويت. بينما كانت التدفقات الصافية الموجبة في الإمارات بنحو 681 مليون دولار، وفي المغرب 438 مليونا والبحرين 419 مليون دولار وتونس 144 مليونا، والسودان 13 مليونا والأردن 11 مليون دولار. ومن المهم أن نشير إلى الفرق بين الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر من حيث الإفادة للاقتصادات العربية، حيث يميل الاستثمار المباشر لإقامة مشروعات جديدة أساسا، بما يضيف إلى الطاقة الإنتاجية ولفرص العمل، بينما يتجه الاستثمار غير المباشر لشراء أسهم في شركات قائمة بالفعل، أو تمويل عجز بالموازنات غالبا ما يكون قصير الأجل. للاستفادة من ارتفاع نسبة الفائدة على الأذون والسندات الحكومية في دول عربية تعاني العجز بالموازنات الحكومية ومن تدني تصنيفها الائتماني، وهكذا تحقق تلك الاستثمارات الأجنبية أرباحا رأسمالية تمثل الفرق بين سعر الشراء والبيع للأسهم، وأرباحا تمثل توزيعات الأسهم وفوائد السندات. وهي أموال يتم تحويلها إلى الخارج، بما يؤثر على سعر الصرف في حالة كبر حجمها مثلما حدث في مصر، عكس الحال بالنسبة للأرباح التي يحققها المستثمرون المحليون والتي تبقى غالبا بالداخل. وكانت بيانات صندوق النقد الدولي الخاصة باستثمارات محفظة الأوراق المالية والخاصة بعام 2010 للاستثمارات الأجنبية والعربية، في أسواق المال العربية قد أشارت إلى بلوغ تلك الاستثمارات خاصة الأسهم 3ر110 مليار دولار، منها 47 مليار دولار تمثل الاستثمارات العربية في البورصات العربية، و65 مليار دولار تمثل الاستثمارات غير العربية في البورصات العربية، وبما يعني أن النصيب الأكبر للأرصدة للاستثمارات المحلية. وكانت أبرز الدول الأجنبية المستثمرة بالبورصات العربية بنهاية العام الأسبق، بريطانيا بقيمة 20 مليار دولار بنسبة 18 % من الإجمالي، والولايات المتحدة بقيمة 12 مليار دولار بنسبة 11 %، ولوكسمبورج 11 %، وكلا من ألمانيا وفرنسا بنسبة 3 % لكل منهما، وكلا من اليابان وأيرلندا بنسبة 2 %، وكلا من هولندا وهونج كونج وسويسرا والنمسا وتشيلي بنسبة 1 % من الإجمالي لكلا منهما.
805
| 05 سبتمبر 2013
يسمونها في مصر يابان مصر، نظرا لتشابه ملامحها الاقتصادية والاجتماعية مع اليابان، كما أنها تشبه اليابان في قلة الموارد، واعتمادها على الثروة البشرية المدربة تدريبا جيدا لتوليد قيمة مضافة، مما تستورده من خامات من الخارج والداخل. فهي مشهورة بصناعة الأثاث وصناعة الأحذية وصناعة الحلويات وصناعة الغزل والنسيج، وتصدير تلك المنتجات للخارج بينما لا تتوافر بها خامات تلك الصناعات، فهي تستورد الأخشاب من السويد وغيرها لتقوم بتصنيعها غرف نوم وسفرة وصالونات وأنتريهات ومطابخ وأبواب، ثم إعادة تصدير تلك المنتجات إلى المحافظات المصرية وإلى دول الخليج العربي. كما أنها تستورد الدقيق والسكر والمكسرات، لتعيد تصنيعها في نوعيات متعددة من الحلويات أشهرها: المشبك الدمياطي والهريسة والبسبوسة والبقلاوة والبغاشة والجزارية، والفولية والحمصية والحمام والسمسمية واللديدة والكنافة، إلى جانب الفطائر المتنوعة والكعك المتنوع الحشو. كما تستورد دمياط الجلود لتصنيعها أحذية، والأمر نفسه مع القطن الذي يعاد تصنيعه في شكل أقمشة وبياضات وملابس جاهزة، وهكذا تحولت محافظة دمياط الواقعة في أقصى شمال مصر على ساحل البحر المتوسط والتي يسكنها واحد ونصف مليون نسمة، إلى خلية نحل تكاد تنعدم بها معدلات البطالة، بل إنها جذابة للعمالة المعاونة من المحافظات المجاورة. وتعود شهرة دمياط إلى نوعية العمالة بها حيث التخصص الشديد في العمل، فصناعة الأثاث بما أكثر من خمسة عشر تخصصا، فالنجار يختلف عن الدهان وعن الأشرجي الذي يقوم بلصق طبقة من القشرة على سطح الخشب، والأويمجي الذي يتخصص في حفر أشكال الزخرفة على الخشب. وفي كل حرفة هناك تخصص داخلي، فالنجار المتخصص في صناعة حجرات الأثاث يختلف عن النجار المتخصص في صناعة الأبواب والشبابيك، بل لقد وصل الأمر إلى التخصص في صناعة نوعيات معينة من حجرات الأثاث، حيث يطلقون على التصميمات المختلفة لحجرات النوم أو الصالونات أو السفرة أسماء معينة معروفة مثلما يحدث في طرازات السيارات. وهكذا تجد ورشا متخصصة في صناعة حجرات النوم، ولكن هذه متخصصة في صناعة الحجرة المسماة كليوباترا، والأخرى في الحجرة المسماة نفرتيتي وأخرى في حجرة رقبة الجمل، بحيث تجد نفس الطراز هو هو في أي معرض للموبيليات، مما يسهل مهمة زائري المحافظة الذين يحضرون لشراء طراز معين، قد يكونون قد شاهدوه في أحد معارض الأثاث بالقاهرة أو الإسكندرية. ويعد ابتكار التصميمات الجديدة لأشكال الحجرات الأثاث أحد عوامل الاستثمار بالسوق وزيادة المبيعات، كما يعد الحفاظ على تلك التصميمات نوعا من الحفاظ على الملكية الفكرية للتصميم الجديد، ولهذا يتم منع صناع الأثاث من الدخول للمعارض بصحبة الزبائن، خشية تقليد التصميم في ورشهم بعد رؤيتهم له. وتلك مهارة أخرى حيث يتعامل صانع الأثاث الدمياطي مع الخشب، مثلما يتعامل البعض مع طين الصلصال بتحويله إلى أي شكل مطلوب، وهكذا يمكنه تنفيذ أي تصميم موجود في أي كتالوج للأثاث أو مجلة للديكور، بل تصل المهارة إلى تنفيذ التصميم الذي يقترحه الزبون بالجمع بين مواصفات عدة تصميمات لابتكار نمط جديد. ويصل الأمر بالتخصص إلى وجود حرفة للتنجيد وحرفة لدهان الأستر وحرفة لدهان اللاكيه أو البوية، وحرفة لمن يلصقون الذهب الخالص على قطع الأثاث، بل وحرفة لمن يقومون بنقل قطع الأثاث داخل الشقق، وهنا تظهر مهارة هؤلاء في إدخال قطع النيش الضخمة من أبواب الشقق الضيقة. كذلك حرفة رص قطع الأثاث في سيارات نقل الأثاث إلى المحافظات أو البلاد الأخرى، فلا يمكن أن يتخيل أحد أن سيارة نقل الأثاث، يمكنها أن تحمل أربع عشرة حجرة أثاث بداخلها، وتزداد المهارة أن هناك خط سير لتلك السيارة حيث يكون مطلوبا منها نقل حجرات أثاث إلى عدة مدن ولهذا يتم التحميل بترتيب عكسي، والإنزال دون اختلاط قطعة أثاث واحدة. والصانع الدمياطي يعتمد على دقة الصناعة في ترويج منتجاته، حيث تؤدي جودة المنتج المباع لأحد الزبائن في قيام المشتري بعمل دعاية للبائع، مما يجلب له زبائن آخرين من أسرة المشتري أو معارفه وجيرانه لسنوات طويلة، ولهذا تقل بشكل كبير أشكال الإعلان عن معارض الأثاث الدمياطي في الصحف والمجلات والتلفزيون. ولم تكتف دمياط بنقل التخصص الشديد عن اليابان ولكنها أخذت منها الطابع المحافظ حيث التمسك بالقيم والتدين، واحترام خصوصية المنزل حيث يحرص الدمياطي على استقبال أصدقائه خارج المنزل، كما يشتري بنفسه مستلزمات الطعام اليومي لمنزله كي لا تنزل زوجته إلى الأسواق. ولقد بادلت الدمياطية زوجها وفاءا بوفاء، حيث تضع زوجها في المرتبة الأولى من اهتمامها، وتدبر له نفقات البيت بحيث لا يتم الإنفاق إلا في شيء نافع، وعندما تذهب المرأة الدمياطية لشراء ملابس، فإنها تشتري أولا ملابس لزوجها، فإذا تبقى لديها مال اشترت ملابس لأولادها، فإذا تبقى معها مال بعد ذلك اشترت ملابس لنفسها!.
3007
| 28 أغسطس 2013
رغم تسبب أحداث الربيع العربي في تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة في عدد من الدول العربية المتأثرة بالأحداث خلال العام الماضي، إلا أن تحويلات العمالة العربية في الخارج قد شهدت في مجملها ارتفاعا، ارتبط جانب منها بمشاعر الوفاء والرغبة في مساندة الاقتصادات المتضررة في دول الربيع العربي. وخلال العام الماضي بلغ إجمالي تحويلات العمالة 42 مليار و874 مليون دولار، بزيادة 2ر2 مليار دولار عن العام الأسبق بنمو 4ر5 %، حيث زادت التحويلات الواردة إلى سبع دول عربية هي: مصر والمغرب واليمن والسودان بالإضافة إلى السعودية والعراق وجيبوتي، بينما انخفضت قيمة تحويلات العمالة الواردة إلى: الأردن وسوريا وتونس والجزائر. وتصدرت مصر قيمة تحويلات العمالة الواردة عربيا بنحو 2ر14 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في ضوء سعى كثير من المصريين العاملين بدول الخليج لمساندة اقتصاد بلادهم، من خلال إيداع مبالغ بالبنوك المصرية في محاولة لإيقاف نزيف الاحتياطي من العملات الأجنبية، مع الاستفادة من ارتفاع فائدة الإيداع بالبنوك المصرية بالمقارنة لأسعار فائدة أقل على الودائع في دول عملهم. وجاءت لبنان في المركز الثاني عربيا بنحو 6ر7 مليار دولار، في ضوء كبر حجم الجاليات اللبنانية بالخارج ومد يد العون إلى أسرهم بالداخل اللبناني، وفي المركز الثالث المغرب بنحو 7 مليارات دولار، ثم الأردن 6ر3 مليار دولار وكل من سوريا وتونس والجزائر بنحو 2 مليار دولار لكل منهم، ثم اليمن 6ر1 مليار والسودان 5ر1 مليار وفلسطين 1ر1 مليار دولار. وترتبط تلك التحويلات بوجود عمالة عربية بالخارج منها العمالة المصرية التي تتراوح تقديراتها ما بين 7ر3 مليون شخص إلى ما يقرب من ثمانية ملايين حسب تقديرات جهات حكومية، وهناك أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر مغربي في أنحاء العالم خاصة في دول غرب أوروبا ومثل ذلك بالنسبة للمهاجرين الفلسطينيين. وتسهم تحويلات العمالة العربية في إعالة آلاف الأسر بالدول العربية، وإمكانية استمرار أبنائها في التعليم والحصول على الخدمات الصحية الخاصة، كما تسهم في توفير المأوى السكني وفي إقامة مشروعات صغيرة تستوعب جانبا من البطالة. إلا أن الجانب الأكبر من تلك التحويلات يتجه إلى الجوانب الاستهلاكية، سواء في المجالات التي تتجه إليها تلك التحويلات كشراء الغذاء والكساء ونفقات التعليم والصحة، أو من خلال الهدايا والسلع الاستهلاكية التي تقوم العمالة العربية بشرائها لإرسالها إلى ذويهم، ومازالت التحويلات تفتقد إلى وجود مشروعات تنمية وطنية تستوعب جانبا منها، خاصة مع حدوث تجارب فاشلة لاستثمار جانب من تلك الأموال في بعض الدول العربية. وعلى المستوى الدولي بلغت تحويلات العمالة خلال العام الماضي 501 مليار دولار، مقابل 453 مليار بالعام الأسبق بنمو 6ر10 %، وتصدرت الهند دول العالم كأعلى قيمة للتحويلات الواردة بنحو 7ر63 مليار دولار، في ضوء وجود أكثر من 11 مليون مهاجر هندي بالخارج، وفي المركز الثاني جاءت الصين بنحو 5ر62 مليار دولار مع وجود أكثر من ثمانية ملايين مهاجر صيني بالخارج. وفي المركز الثالث المكسيك بنحو 6ر23 مليار دولار مع وجود حوالي 12 مليون مهاجر مكسيكي بالخارج، وفي المركز الرابع الفلبين بنحو 23 مليار دولار مع وجود أكثر من أربعة ملايين مهاجر فلبيني بالخارج، وفي المركز الخامس فرنسا بنحو 4ر16 مليار دولار مع وجود حوالي 2 مليون مهاجر فرنسي بالخارج. وفي المركز السادس مصر ثم باكستان وألمانيا وبنجلاديش وبلجيكا بالمركز العاشر، يليها إسبانيا ونيجيريا وكوريا الجنوبية وفيتنام وإنجلترا ولبنان وبولندا وإيطاليا والمغرب وإندونيسيا في المركز العشرين، وهكذا تصدرت مصر المركز الأول بين الدول العربية والإسلامية، واحتلت باكستان المركز السابع وبنجلاديش المركز التاسع دوليا. وترتبط تحويلات العمالة بالخارج بوجود أكثر من 215 مليون شخص، يعيشون خارج بلدان مولدهم يمثلون نسبة 3 % من سكان العالم، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر بلد مستقبل للمهاجرين، يليها الاتحاد الروسي ثم ألمانيا والسعودية وكندا، ولهذا تعد تلك الدول من أكثر الدول المرسلة للتحويلات المالية من قبل العمالة الأجنبية العاملة بها. ويواكب كثرة عدد العمالة الوافدة في بلدان العالم ارتفاع نسب السكان الوافدين إلى إجمالي السكان في بعض البلدان، وهي النسبة التي تصل إلى87 % لنسبة المهاجرين إلى إجمالي السكان في قطر، و70 % بدولة الإمارات العربية و69 % بالكويت، وهكذا مما يجعل لتلك البلدان نصيبا ملحوظا في قيمة تحويلات العمالة الخارجة منها إلى بلدان العالم.
1167
| 22 أغسطس 2013
تسببت أضرار الجفاف الواسع النطاق بالولايات المتحدة، وهي الدولة التي تعد أكبر منتج بالعالم في الذرة وفول الصويا والقمح وتنتج ثلث الحبوب المتداولة عالميا، في تحرك أسعار الحبوب خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي انعكس على ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء الخاص بمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 6 % خلال شهر يوليو الماضي. وكانت الحرارة الشديدة قد دمرت مناطق شاسعة في الوسط الغربي وجنوب الولايات المتحدة، في واحدة من أسوأ موجات الجفاف التي شهدتها البلاد منذ عام 1934، مما دعا وزارة الزراعة الأمريكية إلى خفض توقعاتها لإنتاج الذرة وفول الصويا أكثر من مرة. وواكب ذلك أن شبح الجفاف أيضا قد خيم على حزام الحبوب في جنوب روسيا، والتي تعد ثالث أكبر مصدر للقمح بالعالم، مما دفع وزير الزراعة الروسي إلى توقع انخفاض إنتاج روسيا من القمح بنسبة 22 % سنويا خلال السنوات القليلة القادمة. وانعكس ذلك على ارتفع أسعار الحبوب عالميا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث زاد متوسط سعر طن الذرة من 249 دولارا للطن بالأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي، إلى 345 دولارا خلال الأسبوع الأخير من يوليو، وهكذا زاد متوسط سعر طن الذرة إلى 333 دولارا خلال شهر يوليو الماضي مقابل 267 دولارا لمتوسط السعر خلال شهر يونيو الماضي. وتكرر الأمر نفسه لأسعار فول الصويا التي زادت من 509 دولارات للطن بالأسبوع الأول من يونيو، إلى 633 دولارا بالأسبوع الأخير من شهر يوليو، وواكب ذلك زيادة أسعار القمح من 264 دولارا للطن بالأسبوع الثاني من يونيو إلى 358 دولارا بالأسبوع الأخير من يوليو. ومع قيام المستهلكين بإحلال بعض نوعيات الحبوب مكان الأخرى التي يرتفع سعرها، فقد أدى ذلك وفي ضوء زيادة الطلب على الحبوب الأخرى إلى زيادة أسعار الشعير، بينما تسببت وفرة إنتاج الأزر إلى انخفاض أسعاره في يوليو إلى 578 دولارا مقابل 606 دولارات في يونيو، وإن كانت الأسعار أعلى عما كان عليه متوسط سعر الأزر خلال العام الماضي حين بلغ 552 دولارا للطن. ونظرا لكون محاصيل الذرة وفول الصويا تدخل كمكون رئيسي في علف الحيوان وزيوت الطبخ والعديد من المنتجات الأخرى، فقد انعكست ارتفاعات أسعارها على ارتفاع أسعار الزيوت وأعلاف الحيوان وغيرها من نوعيات الغذاء مثل مصنعات اللحوم. ومن هنا فقد زادت أسعار زيت فول الصويا من 1098 دولارا للطن في يونيو الماضي إلى 1175 دولارا في يوليو الماضي، وواكب ذلك ارتفاع سعر طن زيت عباد الشمس ما بين الشهرين من 928 دولارا إلى 953 دولارا، وارتفع طن زيت عباد الشمس من 1441 دولارا إلى 1506 دولارات، بينما انفرد سعر زيت الزيتون بالانخفاض من 2781 دولارا إلى 2747 دولارا للطن. وانعكس ارتفاع أسعار مكونات الأعلاف على ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان خلال شهر يوليو بالمقارنة لأسعارها خلال شهر يونيو. والأمر نفسه لزيادة أسعار البرتقال والموز والصوف. وقد تدفع زيادة أسعار الأعلاف بعض المزارعين للإقلال من الإنتاج الحيواني مما ينعكس على قلة العرض وبالتالي زيادة السعر. خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود حيث زاد متوسط سعر خام برنت إلى 103 دولارات للبرميل خلال شهر يوليو، مقابل 96 دولارا للبرميل خلال شهر يونيو الماضي. ولم يقتصر أثر الجفاف في الولايات المتحدة على نقص إنتاج الذرة وفول الصويا وارتفاع أسعارها، وإنما تسبب الجفاف أيضا في انخفاض مستويات المياه الجوفية في خزانات المدن وفي المجاري المائية الكبيرة مثل نهر المسيسبي وأوهايو، مما جعل القائمين على تشغيل السفن يقومون بتقليل أحجام حمولاتهم بسبب انخفاض مستويات المياه، مما يتطلب القيام بالمزيد من الرحلات لنقل نفس الكمية من المحاصيل الأمر الذي يزيد من تكلفة الشحن وينعكس على سعر الحبوب. وهكذا تزيد فاتورة الاستيراد للدول المستوردة للحبوب والغذاء بشكل عام، خاصة مع تحذير منظمة الفاو من احتمالات المزيد من الارتفاعات السعرية لأسعار الغذاء، واحتمالات حدوث أزمة غذاء مشابهة لما حدث عامي 2007 و2008. ولكون المنطقة العربية مستوردة صافية للغذاء فإن الحاجة ملحة لتنفيذ مقررات القمة الاقتصادية العربية التي عقدت بالكويت في يناير 2009، والخاصة بمساهمة صندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية لتمويل برنامج الأمن الغذائي العربي، خاصة في ضوء تدني نسب الاكتفاء العربية من الغذاء، والتي وصلت إلى 26 % في السكر و31 % بزيوت الطعام، و49 % بالقمح و58 % بالبقوليات و74 % بالألبان و78 % باللحوم، خاصة مع وجود 197 مليون هكتار أراضي صالحة للزراعة عربيا بينما لا تبلغ المساحة المنزرعة منها سوى 69 مليون هكتار فقط.
1063
| 15 أغسطس 2012
تسببت الاضطرابات المصاحبة لأحداث الربيع العربي في عدد من البلدان العربية، في تراجع قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للمنطقة العربية خلال العام الماضي بنسبة 5ر37 % بالمقارنة لما كان عليه بالعام الأسبق، وانخفض النصيب النسبي العربي من العالم إلى 7ر2 % مقابل 5 %. وشمل تراجع قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى المنطقة العربية 13 دولة عربية، هي: السعودية ومصر وقطر وليبيا ولبنان والسودان والأردن وتونس وسوريا وسلطنة عمان والصومال وموريتانيا، بينما شهدت تسع دول زيادة في قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إليها هي: الإمارات العربية والجزائر والمغرب والعراق والبحرين والكويت والسلطة الفلسطينية وجيبوتي وجزر القمر. وبلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة عربيا 7ر40 مليار دولار مقابل 1ر65 مليار بالعام الأسبق، بنقص 4ر24 مليار دولار نصفها يخص السعودية وربعها يخص مصر، وتضمن ترتيب تلك الاستثمارات الواردة عربيا، تصدر السعودية بنصيب 4ر16 مليار دولار تليها الإمارات العربية بنحو 7ر7 مليار دولار، ولبنان 2ر3 مليار والجزائر 6ر2 مليار والمغرب 5ر2 مليار لتستحوذ الدول الخمسة على نسبة 77 % من إجمالي الاستثمارات الواردة إلى العالم العربي. وتدنى نصيب دول عربية أخرى ليصل إلى الصفر في ليبيا نتيجة أحداث الثورة الليبية وإلى سبعة ملايين دولار في جزر القمر، و45 مليون في موريتانيا و102 مليون بالصومال و214 مليون لدى السلطة الفلسطينية و399 مليون بالكويت. وتتعدد مكونات الاستثمار الأجنبي المباشر ما بين مشروعات جيدة يتم تأسيسها، ومشتريات من خلال البورصات بنسبة تزيد عن العشرة بالمئة من أسهم الشركات، واستحوازات على الشركات القائمة، وتمثل المشروعات الجديدة الأولوية المفضلة عربيا لما تحققه من زيادة للقدرات الإنتاجية ولفرص العمل، بعكس الاستحواذات التي تمثل تغيير لنمط الملكية فقط. وبالنظر إلى قيمة المشروعات التأسيسية من إجمالي قيمة الاستثمار الأجنبىي المباشر الوارد إلى الدول العربية، نجد تدني قيمته إلى 28 مليون دولار من إجمالي مليار ونصف في تونس، وبلوغه 84 مليون دولار من إجمالي حوالي المليارين بالسودان، و247 مليون دولار بالمغرب من إجمالي مليارين ونصف دولار. **وعلى الجانب الآخر بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج من الدول العربية خلال العام الماضي 7ر24 مليار دولار، كان أكثرها من الكويت بنحو 7ر8 مليار دولار تليها قطر بنحو 6 مليارات دولار، فالسعودية 4ر3 مليار دولار والإمارات 2ر2 مليار ولبنان 900 مليون دولار، لتستحوذ الدول الخمس على نسبة 86 % من إجمالي الاستثمارات العربية الخارجة إلى دول العالم. وشهد الميزان الاستثماري المباشر عربيا والذي يقارن بين قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل والخارج، اتجاها إيجابيا في 16 دولة عربية نتيجة زيادة قيمة الاستثمار الداخل إليها عن قيمة الاستثمار الخارج منها، بينما كانت الصورة سلبية في ست دول عربية هي: الكويت وقطر والبحرين ومصر واليمن وليبيا. وإذا كانت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى العالم العربي قد انخفضت بنسبة 5ر37 % ما بين العامين الماضي والأسبق، فقد أخد الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي اتجاها تصاعديا خلال العام الماضي بنسبة 5ر16%، ليصل إلى 1 تريليون و524 مليار دولار بزيادة 215 مليار دولار عن العام الأسبق، وشمل نمو القيمة كل مناطق العالم عدا تراجعها بالقارة الإفريقية. وتضمن التوزيع النسبي للاستثمار الوارد لمناطق العالم استحواذ القارة الأوروبية على النصيب الأكبر بنسبة 28 %، واقتربت القارة الآسيوية من تلك النسبة بفارق ملياري دولار فقط، وبلغ نصيب دول أمريكا الشمالية الثلاثة 18 %، ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي وأمريكا الجنوبية 14 %، والدول المتحولة في منطقة الكومنولث الروسي وجنوب شرق أوريا 6 % وفي المؤخرة القارة الإفريقية بأقل من 3 % من العالم. وكالمعتاد تصدرت الولايات المتحدة دول العالم في الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد، بنحو 227 مليار دولار تمثل نسبة 15 % من الإجمالي العالمي تليها الصين بنسبة 8 % ثم بلجيكا وهونج كونج والبرازيل، ليصل نصيب الدول الخمس 39 % من الإجمالي الدولي، وبإضافة سنغافورة وإنجلترا وجزر فرجن البريطانية وروسيا وأستراليا يصل نصيب الدول العشر الأوائل 56 % من الإجمالي العالمي. وإذا كانت السعودية صاحب النصيب الأكبر عربيا في الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد بنحو 16 مليار دولار، قد احتلت المركز الثاني والعشرين بين دول العالم خلال العام الماضي، فقد جاءت إندونيسيا كأكبر دولة إسلامية في الاستثمار الوارد بالمركز الثامن عشر عالميا بنصيب 19 مليار دولار، وتركيا بالمركز الثالث والعشرين بنحو 16 مليار وكازاخستان 13 مليار وماليزيا 12 مليار دولار.
547
| 08 أغسطس 2012
تأثر الاقتصاد العالمي سلبيا بمشكلة زيادة معدل العجز بموازنات دول الاتحاد الأوربي، والتي بلغ متوسطها خلال العام الماضي 5ر4 %، مع وجود عجز بموازنات 24 دولة مقابل وجود فائض بموازنات ثلاث دول فقط، هي: أستونيا والمجر والسويد من بين دول الاتحاد الأوربي السبع والعشرين. ومن بين 212 منطقة بالعالم خلال العام الماضي، فقد شهدت 165 منطقة منها عجزا في موازنتها الحكومية مقابل وجود فائض في 44 دولة، وحدوث توازن في موازنات ثلاث دول صغيرة، ومن هنا فقد بلغ المتوسط العالمي لدول العالم وجود عجز بنسبة 1ر4 %. ومن بين 21 دولة عربية فقط لحق العجز بموازنات 16 دولة مقابل فائض في خمس دول، وفي الدول الإسلامية كان العجز هو المهيمن على موازنات حكوماتها فيما عدا حدوث فائض في الموازنة الإيرانية، وبالقارة الإفريقية كان العجز هو المهيمن على موازنات الدول. وإذا كان الاتحاد الأوربي قد وضع حدا نسبته 3 % للعجز بالموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي، لقبول الدول الأوروبية في عضويته، فقد تخطت عدة دول ذلك الحد خلال العام الماضي، حيث بلغت نسبة العجز إلى الناتج 1ر13 % في أيرلندا، و1ر9 % في اليونان و5ر8 % في إسبانيا و3ر8 % في المملكة المتحدة،كذلك شهدت دول أخرى تخطي ذلك الحد منها سلوفينيا وقبرص وليتوانيا وفرنسا ورومانيا وبولندا. وتتضمن خريطة دول الفائض بالموازنات دوليا خلال العام الماضي خمس دول عربية احتلت مراكز متقدمة، في نسب ذلك الفائض حيث جاءت الكويت في المركز الثالث دوليا بنسبة 4ر28 % للفائض إلى الناتج المحلى الإجمالي، والسعودية بالمركز السادس بنسبة 1ر14 % وقطر بالمركز السابع دوليا بنسبة 3ر13 % للفائض بالموازنة الحكومية إلى الناتج، وسلطنة عمان بالمركز التاسع بنسبة 10 % والإمارات العربية بالمركز الثامن عشر بنسبة 5 %. وبالطبع يعود السبب الرئيسي للفائض بتلك الدول الخمس إلى ارتفاع الإيرادات البترولية، في ضوء ارتفاع متوسط سعر البرميل من نحو 79 دولارا للبرميل بالعام الأسبق إلى 104 دولارات للبرميل بالعام الماضي. إلا أن صادرات البترول لم تكف وحدها لمقابلة المصروفات المتزايدة في عدد من الدول المصدرة للبترول ومنها الجزائر بنسبة عجز 5ر2 %، واليمن 10 % والعراق 6ر11 %. وكانت أعلى نسب العجز بالموازنات دوليا بالعام الماضي في ليبيا بنسبة حوالي 38 %، نتيجة توقف صادرات البترول بها خلال فترة أحداث العنف التي انتهت بالإطاحة بالرئيس السابق القذافي، وأزربيحان حوالي 18 % والضفة الغربية 16 % والمالديف 5ر14 %. ويعد السبب الرئيسي للعجز بالموازنة هو زيادة المصروفات الحكومية عن الإيرادات الحكومية، وهي الإيرادات التي تأتي من الضرائب والمنح الخارجية التي تحصل عليها الدولة والفوائض التي تحققها الجهات والمؤسسات المملوكة للحكومة. وعادة ما يكون للضرائب نصيب ملحوظ في تلك الإيرادات في ضوء تعدد أنواعها ما بين ضرائب على دخول الأشخاص والشركات، وضرائب على القيمة المضافة وضرائب غير مباشرة ورسوم جمركية. ومن الطبيعي أن تتأثر تلك الإيرادات بمتغيرات الأحداث، فقد ظلت ليبيا تحقق فائضا في موازنتها نتيجة ما تحصله من إيرادات نفطية وعندما توقفت تلك الصادرات تحول فائض الموازنة إلى عجز، وهو الأمر نفسه لبعض الدول المصدرة للبترول عندما يتراجع سعر البترول بشدة فتقل إيراداتها عن مصروفاتها الثابتة والمتزايدة. وتتنوع المصروفات الحكومية مابين دفع أجور الموظفين العاملين بالحكومة ونفقات الدفاع والأمن والمعاشات، إلى جانب نفقات مستلزمات الجهاز الحكومي والاستثمار في البنية الأساسية من طرق ومياه وكهرباء وصحة وتعليم، وكذلك الدعم الذي تقدمه للسلع والخدمات وفوائد وأقساط الدين الحكومي. وقد تلجأ بعض الحكومات لزيادة الإنفاق عمدا مع بعض الاقتراض لتحقيق النمو، وإنعاش السوق والمزيد من التشغيل، إلا أن الأمر يجب ألا يطول حتى لا ينعكس في شكل زيادة للدين الحكومي تزيد مخصصاته ضمن إنفاق الموازنة، مما يؤثر على الاستثمار الحكومي ويؤدي للوقوع في عجز مزمن للموازنة. وتشهد الدول العربية غير البترولية عجزا مزمنا في موازنتها مثل الأردن ومصر وتونس والمغرب ولبنان وجيبوتي والصومال، حيث بلغت نسبة ذلك العجز بالعام الماضي حوالي 10 %بمصر و5ر9 % بسوريا و6 % بلبنان و8ر5 % بتونس و7ر5 % بالمغرب. كما تشهد غالبية الدول المتقدمة معدلات عالية من العجز بموازناتها خلال العام الماضي، لتصل النسبة 9ر8 % باليابان و6ر8 % بالولايات المتحدة، كما شمل العجز كندا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا. ويتسبب العجز في ضعف الاستثمار الحكومي وصعوبات رفع الأجور إن لم يؤد لتقليل العمالة الحكومية، والتقليل من الدعم وبالتالي الاتجاه لزيادة الضرائب مما ينعكس على الدخول.
1534
| 30 يوليو 2012
انعكست آثار الثورة المصرية على إزالة حاجز الخوف لدى المواطنين المصريين تجاه المشاركة في العمل الخيري، بعد أن كانت تلك المشاركة محفوفة بالمخاطر تحسبا لاتهامات أمنية يمكن أن تصل إلى حد الاتهام بتمويل الإرهاب. ويساهم العمل الخيري في مصر في تحقيق السلام الاجتماعي من خلال توفير الغذاء والكساء والعلاج، لملايين الفقراء خاصة في القرى والنجوع والأحياء الشعبية، ورغم أنه لا توجد إحصاءات رسمية بحجم تلك المساعدات الاجتماعية، فإنها تقدر بمئات الملايين من الجنيهات بسبب تنوعها ما بين المدفوعات النقدية والعيينة والخدمية. حيث تتنوع الخدمات التي تقدمها جمعيات العمل الأهلي ما بين فصول التقوية الدراسية للشهادات العامة، ومحو الأمية والعلاج، إلى جانب توفير الأثاث والأجهزة المنزلية خاصة للفتيات اليتيمات لتسهيل الزواج. ومن أبرز تلك الجمعيات الأهلية: الجمعية الشرعية التي ظلت لسنوات طويلة بعيدة عن العمل بالسياسة كي تحافظ على نشاطها الخدمي الممتد إلى أنحاء البلاد، والمتنوع المجالات ما بين توفير الغذاء والكساء والعلاج من خلال سلسلة من المستشفيات المتخصصة والكبيرة والتي تقدم كافة الجراحات بالمجان. أيضا جمعية رسالة التي لديها حوالي 25 ألف متطوع لتوصيل خدمات الجمعية للجمهور، وتضيف إلى نشاط توزيع الملابس والطعام خدمات التبرع بالدم والتعليم للمعوقين وإصلاح الأجهزة المنزلية لإعادة استخدامها وكذلك إصلاح الأثاث لإعادة استخدامه. وجمعية الأورمان التي تقدم الماشية للأسر الفقيرة بالريف كي توفر لها مورد رزق دائم، كما توجد العديد من الجمعيات القبطية التي تقدم خدمات اجتماعية متنوعة. وإلى جانب آلاف الجمعيات الأهلية التي قد يقتصر نشاط بعضها على حيز جغرافي أقل، فقد دخل رجال الأعمال المجال بتكوين مؤسسات خيرية يقومون بتمويلها، مثل محمود العربي صاحب مصانع الصناعات الإلكترونية الذي يقدم طعاما مطهيا طوال العام للفقراء، إلى جانب العلاج والمساعدات، كما دخل المجال كثيرون منهم محمد أبو العنين وحسن راتب ومحمد رجب. كما ظهرت مؤخرا عدة مؤسسات خيرية مثل بنك الطعام الذي شارك به عدد من رجال الأعمال على رأسهم نيازي سلام صاحب شركات إيديال، ومؤسسة الزكاة التي دخل في مجلس إدارتها عدد من رجال الأعمال، ولجان الزكاة التابعة لبنك ناصر الاجتماعي، ولجان زكاة تابعة لبنوك إسلامية أبرزها بنك فيصل، والتي تقوم ببناء الإسكان الطلابي ومراكز التدريب للحرفيين إلى جانب المساعدات المادية الدورية. وتسبب تعدد أنماط إنفاق موارد العمل الأهلي في غلبة الطابع الاجتماعي الاستهلاكي عليها، وتدني نصيب الجوانب الإنتاجية منها، حيث يفضل الكثيرين الدفع المادي المباشر للفقراء خاصة من الأقارب والجيران والمعارف. وتعد التبرعات الشخصية هي المورد الأول للنشاط الأهلي المصري، سواء من خلال الاشتراكات الدورية أو الصدقات وزكاة المال، ويضرب كثير من المصريين عصفورين بحجر واحد من خلال إخراج زكاة أموالهم خلال شهر رمضان، استهدافا للثواب الأكبر. ولهذا يعد شهر رمضان الأكثر إنفاقا في العمل الخيري، سواء من خلال إقامة موائد الرحمن التي تقدم وجبات الإفطار للصائمين، أو توزيع حقائب الغذاء الجاف على الفقراء، وكذلك توزيع المبالغ النقدية. وتتفنن الجمعيات الأهلية في ابتكار أساليب الأعمال الخيرية، حيث قامت جمعية مسجد شريف بمنطقة شبرا بشراء عبوات بلاستكية تكفي كل منها لوجبة غذائية متنوعة، حيث تقوم الجمعية بتوزيع العبوات البلاستكية على الأسر، للحصول على وجبة من نفس طعام الأسرة المطبوخ في نفس اليوم أيا كانت مكوناته. وبالطبع فإن الأسر تحرص على تقديم أفضل ما لديها طمعا في الثواب، ومع تزايد الإقبال من المواطنين أصبح شراء العبوة التي تتكلف جنيها واحدا، يمثل عبئا على الجمعية بسبب كثرة عدد العبوات يوميا، وفي منطقة بولاق الفقيرة نسبيا قام المسجد الموجود بالمنطقة بشراء مطابخ ضخمة لإعداد وجبات الإفطار والسحور، حيث يقوم بالطبخ شيف يعمل بأحد الفنادق، مما يزيد مستوى الطعام امتيازا. ويدعو كثير من الاقتصاديين إلى استقطاب مبالغ الزكوات والصدقات في إطار مشروع رسمي، يمكنه تقديم حلول للمشاكل الاجتماعية كالبطالة والصحة والتعليم، وهو ما نجحت فيه بعض الجمعيات الأهلية الكبيرة مثل المؤسسة المصرية للزكاة. إلا أن محاولة وزير المالية المصري الأسبق مدحت حسنين لإنشاء بيت الزكاة لتلقي تلك الأموال لم يجد مساندة حكومية له، رغم أنه كان يحاول من خلاله تدبير موارد للإنفاق الاجتماعي مع العجز المزمن بالموازنة الحكومية. ولعل المشروع قد يجد استجابة تدريجية في ظل تولي الرئيس محمد مرسي، خاصة أنه قد عول كثيرا في تمويل بعض جوانب برنامجه الانتخابي على أموال الزكوات والصدقات.
1055
| 25 يوليو 2012
رغم مواردها الطبيعة المتعددة وعدد سكانها الضخم، لا تكاد إثيوبيا تظهر على سطح الأحداث الدولية سوى مع انعقاد المؤتمرات الدورية للاتحاد الإفريقي الذي يقع مقره بها، إلى جانب أنباء الجفاف في بعض مناطقها أو نزاعها المسلح مع الصومال أو خلافها السياسي مع إريتريا. فإثيوبيا من حيث عدد السكان البالغ 94 مليون نسمة تحتل المركز الثالث عشر دوليا، ومن حيث قوة العمل البالغة 38 مليون شخص تحتل المركز السابع عشر عالميا من حيث قوة العمل، من حيث المساحة التي تزيد عن المليون كيلو متر مربع تحتل المركز السابع والعشرين عالميا. إلا أنها من حيث الناتج المحلي الإجمالي تحتل المركز الثالث والسبعين دوليا حسب تعادل القوى الشرائية، وينخفض ترتيب مركزها عن ذلك باحتساب قيمة الناتج المحلي حسب طريقة سعر الصرف الرسمي، كما تحتل إثيوبيا المركز التاسع بعد المائتين دوليا من حيث نصيب الفرد من الناتج حسب تعادل القوى الشرائية، كذلك تحتل المركز السادس والعشرين بعد المائة دوليا من حيث قيمة الصادرات السلعية. وذلك رغم ما لديها من أراضي خصبة حيث تصل نسبة الأراضي الصالحة للزراعة إلى 10 % من الأراضي، ورغم ما بها من احتياطي من الذهب إلى جانب النحاس والبلاتين والبوتاس والغاز الطبيعي والطاقة المائية. إلا أن اقتصاد إثيوبيا يعد اقتصادا زراعيا بامتياز حيث تمثل الزراعة 41 % من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة 85 % من أعمال السكان كما المنتجات الزراعية تمثل المكون الأكبر من الصادرات السلعية. وإثيوبيا دولة غير منتجة للبترول ورغم ذلك فإن استهلاكها البترولي محدود للغاية، حيث يصل إلى 47 ألف برميل يومي، وهو خير معبر عن أحوال إثيوبيا الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتسبب عدة عوامل في تدني الاستهلاك البترولي منها: نسب الفقر العالية التي تصل إلى 29 % من السكان، ونسبة البطالة التي تصل إلى 25 % بين الشباب، ونسبة التضخم التي زادت عن 33 % بالعام الماضي. والنتيجة، الاعتماد بشكل كبير على المخلفات الطبيعية وقطع الأشجار كمصدر للطاقة، خاصة بالريف الإثيوبي مع تدني نسبة سكان الحضر إلى 17 % من السكان، وارتبط ذلك بعدم الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة رغم وجود احتياطي منه، بسبب تكاليف استخراجه ونقله. مؤشر آخر يعبر بوضوح عن مأزق الاقتصاد الإثيوبي يتمثل في عجزه عن تلبية احتياجات السكان السلعية مما يترتب عليه من وجود عجز تجاري مزمن، حيث بلغت قيمة الصادرات بالعام الماضي أقل من ثلاثة مليارات من الدولارات بينما تزيد قيمة الواردات عن الثمانية مليارات من الدولارات. ورغم وجود صناعات تجهيز الأغذية والمشروبات والمنسوجات والجلود والمواد الكيماوية والمعادن المعالجة والأسمنت، إلا أن غالب الصادرات تنحصر في البن والقات والذهب والمنتجات الجلدية والحيوانات الحية والبذور الزيتية، مع قدوم استثمارات أجنبية للبلاد في مجالات المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والصناعات التحويلية. وبالطبع هناك صلة بين تدني قيمة الصادرات والاستهلاك المحلي لها، والعدد الضخم من السكان، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة والأخطار الطبيعية المتمثلة في النشاط البركاني في وادي الصدع العظيم المعرض للزلازل، إلى جانب إزالة الغابات والإفراط في الرعي وتآكل التربة والتصحر ونقص المياه في بعض المناطق وسوء الإدارة. ورغم القرب الجغرافي النسبي لإثيوبيا من المنطقة العربية واتصال حدودها بكل من السودان وجيبوتي والصومال، إلا أن معظم تجارتها الخارجية تتجه للبلدان الأوروبية والآسيوية، حيث يشير التوزيع الجغرافي لصادراتها لتوجه 17 % من الإجمالي إلى سويسرا، و12 % لألمانيا و9 % للصين و8 % للصومال و6 % لهولندا. وتتكرر الصورة مع التوزيع النسبي لوارداتها السلعية والتي جاءت نسبة 16 % منها من الصين و9 % من السعودية و7 % من الهند، وكانت السعودية التي تمد إثيوبيا بالبترول قد عقت مؤتمرا في إثيوبيا مؤخرا لزيادة علاقتها التجارية مع الدول الإفريقية، وتسعى مصر لزيادة تجارتها واستمارتها مع إثيوبيا إلا أن الجفوة السياسية بين النظام السابق وإثيوبيا كانت حاجزا، وهو ما تحاول مصر تعويضه حاليا. وهناك علاقة وثيقة بين اتجاه التجارة السلعية الإثيوبية وبين المعونات الخارجية التي تتلقاها إثيوبيا من الدول الغربية والتي تكاد تصل قيمتها إلى ما يوازي قيمة صادراتها السلعية أو أكثر، ورغم تلك المعونات الضخمة فمازال ميزان المعاملات الجارية الإثيوبي يعاني العجز، والذي اقترب من المليار دولار خلال العام الماضي بسبب العجز التجاري الكبير. كذلك لا يتيح العجز المستمر بالموازنة الحكومية المجال للإنفاق على الاستثمارات الحكومية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية والتي تتمثل في انخفاض العمر المتوقع للفرد الإثيوبي والبالغ أقل من 57 عاما.
3615
| 18 يوليو 2012
توسعت الحكومة المصرية في اللجوء إلى أذون الخزانة لعلاج عجز الموازنة، حتى تحول ذلك العلاج قصير الأجل إلى التسبب في مضار متعددة للاقتصاد، لكن الحاجة تدفع الحكومة في الاستمرار في تعاطي ذلك الدواء بغزارة رغم تعدد أضراره. وأذون الخزانة أداة اقتراض قصيرة الأجل تلجأ لها الحكومات لسد الاحتياجات العاجلة، ولهذا تتراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر وتسعة أشهر وعام، مع إمكانية إصدار أذون بمدد أخرى تقل عن العام أو تزيد عليه قليلا. فقد أصدرت الحكومة المصرية 11 نوعا من الأذون حسب المدد والتي تراوحت بين 91 يوميا و371 يوما. ورغم ما أعلنته الحكومة المصرية قبل سنوات عن اتجاهها لهيكلة الدين الحكومي، للتوسع في الاقتراض طويل ومتوسط الأجل من خلال سندات الخزانة، والإقلال من الاقتراض قصير الأجل، فمازال الاقتراض قصير الأجل يمثل المكون الأكبر بالدين الحكومي. ففي نهاية العام الماضي ومع بلوغ صافي الدين المحلي الحكومي 895 مليار جنيه، فقد بلغ نصيب أذون الخزانة 356 مليار جنيه مقابل 232 مليارا لسندات الخزانة المصرية، واستمر ذلك الوضع في البيانات المعلنة لشهر مارس الماضي. وباستعراض الجهات الحائزة على أذون الخزانة المصرية، نجد استحواذ البنوك على النصيب الأكبر وبنسبة 69 % من الإجمالي في مارس الماضي، وتتوزع النسبة الباقية بين العديد من الجهات سواء من قبل صناديق الاستثمار وشركات التأمين وصناديق التأمين الخاصة، إلى جانب نصيب محدود لقطاع البترول والتعدين وقطاع الخدمات والإسكان وقطاع التجارة. وبلغ النصيب النسبي لقطاع الأفراد من حيازة أذون الخزانة أقل من 3 % من إجمالي القيمة، نظرا لكبر قيمة إذن الخزانة البالغ مليون جنيه وهو ما يفوق إمكانات كثير من المتعاملين الأفراد إلى جانب الدخول في مناقصات للشراء وفرض ضريبة على عوائدها. وكان المتعاملون الأجانب يستحوذون على نسبة ليست قليلة من أذون الخزانة خاصة مع انخفاض مخاطرها، إلا أن المستثمرين الأجانب خرجوا من السوق المصرية بعد الثورة سواء من البورصة المصرية أو من الإيداعات المصرفية. قد شملت أيضا استثماراتهم في أذون الخزانة وهكذا انكمشت قيمة استحواذات الأجانب على الأذون من 65 مليار جنيه في سبتمبر من العام الأسبق، إلى 31 مليارا في مارس من العام الماضي، ثم إلى أقل من 2 مليار جنيه في مارس من العام الحالي، بسبب زيادة المخاطر وتراجع التصنيف الائتماني لمصر وغم ارتفاع نسبة العائد عليها بالمقارنة لما قبل الثورة. وعلى العكس من تراجع مشتريات الأجانب من أذون الخزانة المصرية، فلقد تسبب ارتفاع معدل العائد على الأذون والذي زاد إلى أكثر من 15 % في شهر يوليو الحالي، إلى إقبال شرائح عديدة على شراء الأذون، حيث زادت مشتريات البنوك وصناديق الاستثمار وباقي القطاعات الحائزة، كما زادت مشتريات الأفراد من 2 مليار جنيه في مارس من العام الماضي إلى أكثر من عشرة مليارات من الجنيهات في نفس الشهر من العام الحالي. وتسبب إقبال البنوك على شراء الأذون في إقلالها من الإقراض للشركات، وحسب القوائم المالية للبنوك في مارس الماضي وفي بنك باركليز بلغت نسبة أذون الخزانة إلى الأصول أكثر من 38 %، بينما قلت نسبة توظيفه في القروض عن نسبة 36 % من أصول البنك، وفي بنك المؤسسة العربية المصرفية مصر كانت نسبة الأذون للأصول 36 % مقابل نسبة 28 % للقروض إلى الأصول. وهكذا تسبب ضعف الإقراض المصرفي في تضرر الأنشطة الاقتصادية التي لا تجد تمويلا للعمليات الإنتاجية والخدمية، وفي إطار زيادة مخاطر الاضطرابات الأمنية وتعطل كثير من الشركات كليا أو جزئيا، فقد اتجه كثير من رجال الأعمال لاستثمار جانب من ثرواتهم في أذون الخزانة الخالية من المخاطر ومرتفعة العائد في الوقت نفسه، وذلك على حساب النشاط الإنتاجي وعلى حساب الإيداع بالمصارف. كما تسبب التوسع في الاقتراض الحكومي من خلال أذون سندات الخزانة في زيادة أعباء فوائد وأقساط الدين على مصروفات الحكومة، حيث تشير موازنة العام المالي الحالي إلى بلوغ مخصصات فوائد الدين المحلي 127 مليار جنيه مقابل 6 مليارات جنيه فقط لفوائد الدين الخارجي، ونفس الصورة في سداد أقساط الديون التي تصل إلى 82 مليار جنيه لأقساط الدين المحلي مقابل 11 مليار جنيه لأقساط الدين الخارجي. وبالطبع فإن مخصصات الدين من فوائد وأقساط والبالغة 227 مليار جنيه، تؤدي إلى ضعف مخصصات الاستثمارات والبالغة 56 مليار جنيه مما يعني تأجيل تحسين حياة المواطنين. ورغم تلك المضار للأذون الخزانة فقد استهدفت الحكومة المصرية اقتراض جديد من خلال أذون الخزانة بنحو 82 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، إلى جانب الاقتراض بنحو 145 مليار جنيه من خلال سندات الخزانة، مما يعقد الأمر بشكل أكبر ويطيل الركود ويؤجل الانتعاش.
2629
| 11 يوليو 2012
بقدر فرحة كثير من المصريين بفوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر، بقدر إشفاقهم عليه بسبب كثرة المشاكل المتراكمة عبر ستين عاما، والمطلوب منه أن يفي بوعوده التي تضمنها برنامجه الرئاسي لعلاجها. وهكذا مطلوب من الرئيس الجديد أن يحل خمس مشاكل ملحة خلال المائة يوم الأولى لتوليه، تتعلق برغيف الخبز والأمن والمرور والنظافة والمشتقات البترولية، كذلك مطلوب منه أن يعالج البطالة والغلاء وعجز الموازنة، والعجز بميزان المدفوعات ومضاعفة عدد المنتفعين بمعاش الضمان الاجتماعي وإعادة النظر في الضرائب وتحقيق العدالة الاجتماعية. ويظل السؤال : كيف يمكن أن يحدث ذلك وهو يستلم البلاد مديونة بنحو 4ر1 تريليون جنيه مصري ما بين ديون داخلية وخارجية، وهي الديون التي تستحوذ أعباؤها السنوية على أكثر من ثلث الإنفاق بالموازنة، وكيف له أن يحقق ما وعد به من تحسين للبنية الأساسية والتعليم والصحة في ظل موازنة حكومية مصابة بالعجز المزمن. وإذا كان الدكتور مرسي قد حدد أهدافا موقوتة لإصلاحاته الاقتصادية، سواء فيما يخص نسبة البطالة أو نسبة التضخم أو نسبة العجز بالموازنة أو تحقيق التوازن بالميزان الكلي للمدفوعات، فإن كل ذلك مرهون بتحقق الاستقرار السياسي وتآلف القوى الوطنية، وهو أمر صعب في ظل رفض عدد من الأحزاب الليبرالية التعاون معه، والتوجس منه من قبل قطاع بالشرطة والجيش والمخابرات. كما أن اعتماد الحكومة في تمويل عجز الموازنة على البنوك بشكل أساسي، قد جعل البنوك تفضل شراء سندات وأذون الخزانة الحكومية ذات الفائدة المرتفعة معدومة المخاطر، والابتعاد عن إقراض المشروعات سواء العامة أو الخاصة. ويبدو أن الدكتور مرسي كان متنبها لذلك المأزق التمويلي، حيث عول على مكافحة الفساد كسبيل لتقليل هدر الإنفاق الحكومي، إلى جانب ترشيد الإنفاق الترفي الحكومي، بالإضافة إلى العديد من أنماط التمويل أبرزها الصكوك كبديل عن السندات الحكومية، والتمويل من خلال طرح الأسهم سواء لتأسيس المشروعات أو لزيادة رؤوس أموالها. أيضا اللجوء إلى رأس المال المخاطر لتمويل مشروعات البحث العلمي والابتكارات، واللجوء إلى صناديق الاستثمار المباشرة المتنوعة ما بين صناديق للعدالة الاجتماعية لا تهدف إلى الربح، وصناديق المتاجرة الإسلامية وصناديق التمويل متناهي الصغر وصناديق تمويل المشروعات وصناديق البنية الأساسية والتعمير. وصناديق الاستثمار العقاري وصناديق المزارعة وصناديق التعدين وصناديق الصيد وصندوق تطهير المجرى الملاحي لنهر النيل، وذلك بخلاف صناديق الزكاة وصناديق الأوقاف الخاصة وصناديق الصدقات المجتمعية، بحيث يتم تأسيس صناديق لمختلف الأغراض من خلال الاكتتاب في أسهمها، إلى جانب تجميع الزكوات لتوجيهها إلى أغراض تنموية وتوفير فرص عمل. وبالطبع يستند برنامج الرئيس الجديد إلى التمويل الحكومي من خلال فرض الضرائب المتنوعة، وكذلك الإتاوات الحكومية وفوائض الجهات الحكومية وفوائض النشاط الاستخراجي والخدمي، إلى جانب الاقتراض الداخلي والخارجي، وبما يشير إلى عدم وجود حساسية تجاه الاقتراض الخارجي، ولكن بما لا يكبل الاقتصاد بنسب اقتراض عالية بالقياس إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما يفتح برنامج الدكتور مرسي المجال للاستثمار الداخلي والخارجي للإسهام في توفير فرص العمل وزيادة الكم المعروض من السلع والخدمات، مع ترشيد نوعية الاستثمار الأجنبي المباشر ليكون في شكل مشروعات جديدة وليس مجرد استحواذات على مشروعات قائمة، وكذلك عدم اقتصاره على الصناعات الاستخراجية. ويتبنى البرنامج ضرورة دفع البنوك لتوظيف جانب من أرصدتها المعطلة في التنمية، سواء من خلال الإقراض أو من خلال المساهمة في تأسيس المشروعات أو في زيادة رؤوس أموالها، ولعل التوسع في البنوك الاستثمارية والمتخصصة يمكن أن يساهم في ذلك. وهكذا يحتاج البرنامج الاقتصادي للرئيس الجديد إلى توفر عوامل الاستقرار والأمن والوفاق الوطني، والثقة من جانب المستثمرين خاصة المحليين لزيادة أنشطتهم، وهو أمر يمكن أن يتحقق في ظل عدد من العوامل الإيجابية، أبرزها وجود قدرات اقتصادية لدى عدد من رجال الأعمال المصريين والعرب سوف تشارك في التنمية المصرية، إلى جانب رؤوس أموال متوقعة من بعض البلدان الإسلامية. كذلك يعد رافد تحويلات المصريين بالخارج أحد سبل توفير التمويل لجوانب مشروع النهضة الذي يتباه الرئيس الجديد، سواء من خلال شراء صكوك التمويل الإسلامية، أو شراء أسهم المشروعات الجديدة، أو بالإيداع للأموال بالبنوك المصرية وبما يزيد من الاحتياطات من العملات الأجنبية ويقلل الضغوط على سعر الصرف.
502
| 04 يوليو 2012
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1392
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
786
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
732
| 14 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
603
| 18 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
585
| 18 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
570
| 15 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
564
| 15 سبتمبر 2025
حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...
552
| 14 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
525
| 16 سبتمبر 2025
في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان...
495
| 14 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
480
| 18 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية