رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رغم مواردها الطبيعة المتعددة وعدد سكانها الضخم، لا تكاد إثيوبيا تظهر على سطح الأحداث الدولية سوى مع انعقاد المؤتمرات الدورية للاتحاد الإفريقي الذي يقع مقره بها، إلى جانب أنباء الجفاف في بعض مناطقها أو نزاعها المسلح مع الصومال أو خلافها السياسي مع إريتريا.
فإثيوبيا من حيث عدد السكان البالغ 94 مليون نسمة تحتل المركز الثالث عشر دوليا، ومن حيث قوة العمل البالغة 38 مليون شخص تحتل المركز السابع عشر عالميا من حيث قوة العمل، من حيث المساحة التي تزيد عن المليون كيلو متر مربع تحتل المركز السابع والعشرين عالميا.
إلا أنها من حيث الناتج المحلي الإجمالي تحتل المركز الثالث والسبعين دوليا حسب تعادل القوى الشرائية، وينخفض ترتيب مركزها عن ذلك باحتساب قيمة الناتج المحلي حسب طريقة سعر الصرف الرسمي، كما تحتل إثيوبيا المركز التاسع بعد المائتين دوليا من حيث نصيب الفرد من الناتج حسب تعادل القوى الشرائية، كذلك تحتل المركز السادس والعشرين بعد المائة دوليا من حيث قيمة الصادرات السلعية.
وذلك رغم ما لديها من أراضي خصبة حيث تصل نسبة الأراضي الصالحة للزراعة إلى 10 % من الأراضي، ورغم ما بها من احتياطي من الذهب إلى جانب النحاس والبلاتين والبوتاس والغاز الطبيعي والطاقة المائية. إلا أن اقتصاد إثيوبيا يعد اقتصادا زراعيا بامتياز حيث تمثل الزراعة 41 % من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة 85 % من أعمال السكان كما المنتجات الزراعية تمثل المكون الأكبر من الصادرات السلعية.
وإثيوبيا دولة غير منتجة للبترول ورغم ذلك فإن استهلاكها البترولي محدود للغاية، حيث يصل إلى 47 ألف برميل يومي، وهو خير معبر عن أحوال إثيوبيا الاقتصادية والاجتماعية، حيث تتسبب عدة عوامل في تدني الاستهلاك البترولي منها: نسب الفقر العالية التي تصل إلى 29 % من السكان، ونسبة البطالة التي تصل إلى 25 % بين الشباب، ونسبة التضخم التي زادت عن 33 % بالعام الماضي.
والنتيجة، الاعتماد بشكل كبير على المخلفات الطبيعية وقطع الأشجار كمصدر للطاقة، خاصة بالريف الإثيوبي مع تدني نسبة سكان الحضر إلى 17 % من السكان، وارتبط ذلك بعدم الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة رغم وجود احتياطي منه، بسبب تكاليف استخراجه ونقله.
مؤشر آخر يعبر بوضوح عن مأزق الاقتصاد الإثيوبي يتمثل في عجزه عن تلبية احتياجات السكان السلعية مما يترتب عليه من وجود عجز تجاري مزمن، حيث بلغت قيمة الصادرات بالعام الماضي أقل من ثلاثة مليارات من الدولارات بينما تزيد قيمة الواردات عن الثمانية مليارات من الدولارات.
ورغم وجود صناعات تجهيز الأغذية والمشروبات والمنسوجات والجلود والمواد الكيماوية والمعادن المعالجة والأسمنت، إلا أن غالب الصادرات تنحصر في البن والقات والذهب والمنتجات الجلدية والحيوانات الحية والبذور الزيتية، مع قدوم استثمارات أجنبية للبلاد في مجالات المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والصناعات التحويلية.
وبالطبع هناك صلة بين تدني قيمة الصادرات والاستهلاك المحلي لها، والعدد الضخم من السكان، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة والأخطار الطبيعية المتمثلة في النشاط البركاني في وادي الصدع العظيم المعرض للزلازل، إلى جانب إزالة الغابات والإفراط في الرعي وتآكل التربة والتصحر ونقص المياه في بعض المناطق وسوء الإدارة.
ورغم القرب الجغرافي النسبي لإثيوبيا من المنطقة العربية واتصال حدودها بكل من السودان وجيبوتي والصومال، إلا أن معظم تجارتها الخارجية تتجه للبلدان الأوروبية والآسيوية، حيث يشير التوزيع الجغرافي لصادراتها لتوجه 17 % من الإجمالي إلى سويسرا، و12 % لألمانيا و9 % للصين و8 % للصومال و6 % لهولندا.
وتتكرر الصورة مع التوزيع النسبي لوارداتها السلعية والتي جاءت نسبة 16 % منها من الصين و9 % من السعودية و7 % من الهند، وكانت السعودية التي تمد إثيوبيا بالبترول قد عقت مؤتمرا في إثيوبيا مؤخرا لزيادة علاقتها التجارية مع الدول الإفريقية، وتسعى مصر لزيادة تجارتها واستمارتها مع إثيوبيا إلا أن الجفوة السياسية بين النظام السابق وإثيوبيا كانت حاجزا، وهو ما تحاول مصر تعويضه حاليا.
وهناك علاقة وثيقة بين اتجاه التجارة السلعية الإثيوبية وبين المعونات الخارجية التي تتلقاها إثيوبيا من الدول الغربية والتي تكاد تصل قيمتها إلى ما يوازي قيمة صادراتها السلعية أو أكثر، ورغم تلك المعونات الضخمة فمازال ميزان المعاملات الجارية الإثيوبي يعاني العجز، والذي اقترب من المليار دولار خلال العام الماضي بسبب العجز التجاري الكبير.
كذلك لا يتيح العجز المستمر بالموازنة الحكومية المجال للإنفاق على الاستثمارات الحكومية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية والتي تتمثل في انخفاض العمر المتوقع للفرد الإثيوبي والبالغ أقل من 57 عاما.
(تكلمنا فألجمناهم) هذا أقل ما يمكن أن توصف به كلمة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني... اقرأ المزيد
165
| 28 سبتمبر 2025
خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، من على منبر الأمم المتحدة، ليس... اقرأ المزيد
156
| 28 سبتمبر 2025
في 23 سبتمبر 2025، ألقى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، كلمة قوية... اقرأ المزيد
147
| 28 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2490
| 25 سبتمبر 2025
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
2418
| 26 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2334
| 22 سبتمبر 2025