رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بمجرد تمكن نتنياهو من تشكيل حكومته الجديدة طلعت علينا الأصوات القائلة بأنها الأكثر تطرفا من السابقة، التي تم وصفها في حينه بأنها الأشد تطرفا! تماما مثلما نقول عن الإدارات الأمريكية بأن كل إدارة رئيس جديد فيها هي الأخلص لإسرائيل. الحقيقة تتمثل فيما يلي: أن كافة الحكومات الإسرائيلية هي متطرفة، وتطرفها ينبع من اعتناقها للأيديولوجيا الصهيونية والتي هي غاية في التطرف والعدوان والعنصرية. صحيح أنه توجد ثمة تباينات بين حكومة وأخرى بالنسبة للقضايا التي تمس الداخل الإسرائيلي، لكن فيما يتعلق بالعلاقة والموقف من الفلسطينيين والعرب، كلهم متفقون، لكن بعضهم يحرص على ارتداء قفازين من حرير يغطي بهما قبضتيه الحديديتين، البعض الآخر يقول كلاما ناعما وكأنه (يعشق السلام) لكنه في حقيقة أمره غاية في التطرف. هل تبدو ليفني وبيريز ومن قبل رابين أقل تطرفا من نتنياهو؟ مخطئ من يظن ذلك! مثلما كان متوقعاً، نجح نتنياهو أخيراً في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. لقد توقع البعض عدم استطاعته ذلك، ورجّح الذهاب إلى انتخابات جديدة، بسبب التباينات بين الأحزاب الإسرائيلية! قلناها مراراً: إن هذه التباينات التي في غالبيتها تتمحور حول السياسات الداخلية المتعلقة بالشأن الداخلي المحض، تتلاشى دوماً أمام اتفاق كافة الأحزاب الصهيونية على الموقف من الفلسطينيين والعرب ومن التسوية معهم، فالعداء لهم والتنكر لكل حقوقهم الوطنية هو القاسم المشترك الأعظم الذي يوّحد غالبية الشارع الإسرائيلي. حكومات الكيان كلها مجبولة على التطرف والشراسة منذ إنشائه وحتى اللحظة. ما يميز الحكومة الجديدة أن معظمها من عتاة المستوطنين والدمويين الأكثر حقدا على كل من هو فلسطيني وعربي. حكومة نتنياهو ستتمتع بغالبية مريحة في الكنيست قوامها 68 صوتاً، تتألف من: الكتلة التحالفية من "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" 31 صوتاً، كتلة "يوجد مستقبل" 19 صوتاً، حزب المستوطنين "البيت اليهودي" 12 صوتاً، حزب "الحركة" وله 6 أصوات. أما من حيث الحقائب، فسيتولى رئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون حقيبة الحرب وهومن حزب الليكود ومن أشد الصهاينة تطرفاً، ومن أكثر المنادين بمبدأ "القوة" ضد الفلسطينيين والعرب مسؤول عن عملية "السوار الواقي" وعن اغتيال واختطاف العديد من قادة المقاومتين: الفلسطينية والوطنية اللبنانية، الضفة الغربية بالنسبة إليه دوماً هي "يهودا والسامرة" وهو المسؤول عن عملية اغتيال الشهيد أبو جهاد "خليل الوزير" على الأراضي التونسية. من المنادين بالاستيطان الدائم، وكان أول تصريح له بعد تسلمه لمنصبه أن هذه الحكومة هي "حكومة تعزيز الاستيطان"، أما نائب يعلون فهو المتطرف والدموي من حزب الليكود داني دانون. نتنياهو سيحتفظ بوزارة الخارجية مؤقتاً وسيقوم بتسليمها إلى الفاشي ليبرمان بعد انتهاء التحقيق معه من قبل القضاء حول قضايا فساد. أما نائب وزير الخارجية فهو المتطرف الصهيوني زئيف إلكين المنادي أيضاً بالاستيطان الدائم، وهو من غلاة المستوطنين. حقيبة الإسكان يتولاها اوري أريئيل من حزب " البيت اليهودي" وهو أحد أبرز عتاة المستوطنين، ثم لا ننسى نتنياهو نفسه باعتباره على رأس غلاة المتطرفين. بالنسبة للتسوية مع الفلسطينيين والعرب فقد تضمن بيان الحكومة جملاً فضفاضة مثل: "إن الحكومة ستحث المسيرة السياسية وستعمل على حث السلام مع كل جيراننا في ظل حماية المصالح الأمنية، التاريخية، والوطنية لإسرائيل، وإذا تحقق اتفاق سلام مع الفلسطينيين فإنه سيطرح على إقرار الحكومة والكنيست وإذا كان لذلك حاجة، حسب القانون، فعلى استفتاء شعبي". التسوية بالنسبة لحكومة الائتلاف الجديد لا تشكل أولوية، فالأولويات بالنسبة إليها: داخلياً، تمتين الاقتصاد من خلال تجاوز العجز في الميزانية، والحد من ارتفاع الأسعار للسلع وارتفاع أجور البيوت والشقق السكنية وهي القضايا التي كانت سبباً وراء قيام مظاهرات كبيرة واحتجاجات في الشارع الإسرائيلي. من القضايا الداخلية أيضاً: تجنيد الشباب المتدنيين، فحزبا "يوجد مستقبل" و"البيت اليهودي" (شريكان مهمان في الائتلاف الحالي) يطالبان بتجنيدهم وشاركا في الحكومة على هذا الأساس. أما المتدينون الشرقيون "حزب شاس" والمتدينون الغربيون "حزب أحودات هاتوراة" (وهما شريكا نتنياهو في الحكومة الماضية وقد تخلى عنهما ولم يُشركهما حالياً)، فيرفضان التجنيد. من الواضح أن هذه القضية ستكون مجال اختلاف في الشارع الإسرائيلي. على الصعيد الداخلي أيضاً، ستقوم الحكومة الحالية بالعمل على سن قانون "إسرائيل الدولة القومية لليهود"، الذي يمنح اليهود كل الأولويات على غيرهم: في الإسكان والبناء واللغة والمساعدة والجنسية وغيرها. للعلم هذا القانون سنته الكنيست في عام 1948، لكنه بقي قانون أساس (قوانين الأساس هي بمثابة دستور إسرائيل)، لكنه بقي في هذا الإطار، الآن فإن الاتفاق بين حزب "البيت اليهودي" مع الليكود ونتنياهو يقضي بتشريع هذا القانون. أيضاً فإن هذا القانون كان يُعمل به في إسرائيل، ولا يزال، حتى من دون تشريعه (بل من خلال وضعه كقانون أساس)، ويُعتبر أحد الأسس العنصرية التي تبيح سياسات التمييز ضد غير اليهود في إسرائيل. صيغة القانون كانت قد اقتُرحت وبُلورت أساساً من قبل ما يسمى بــ"معهد الإستراتيجيات الصهيونية" المتماثل مع اليمين الأشد تطرفاً والمستوطنين. من الجماعات اليهودية المختلفة التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية. وعلى صعيد السياسات الخارجية، فإن التحدي الأول بالنسبة لنتنياهو (وقد أعلن مراراً عن ذلك وفي أكثر من تصريح) هو: البرنامج النووي الإيراني. نتنياهو والمتطرفون عموماً والجماعات الأكثر تطرفاً ينادون بضرب هذا المشروع عسكرياً، ولكن يُفضَّل من خلال اتفاق مع الولايات المتحدة، أما إذا لم توافق فيطالبون بأن تقوم إسرائيل وحدها بتوجيه هذه الضربة. الآن ومع وجود يعلون على رأس وزارة الحرب ووجود وزراء من "البيت اليهودي" في الحكومة، فسيكون من السهل على نتنياهو تحصيل قرار من مجلس الوزراء، للقيام بالهجوم. بالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوباما شخصياً، فقد أعلن الأخير في تصريحات عديدة له أثناء زيارته للكيان الصهيوني "بأن إدارته ترحب بالحكومة التي تم الاتفاق عليها في، وستعمل بثقة معها". لم يكن منتظراً من الولايات المتحدة لا قبل زيارة أوباما ولا أثناءها ولا بعدها، أن تمارس ضغطاً على الجانب الإسرائيلي بشأن إحياء المفاوضات مع الجانب الفلسطيني مثلما تبين أثناء الزيارة. الحكومة الحالية أيضاً، وبسبب وجود حزب "البيت اليهودي" شريكاً فيها، ستكون حذرة حتى في التفاوض مع السلطة الفلسطينية، فوجود تسيبي ليفني على رأس هذا الملف وهو "المباحثات مع الفلسطينيين" لا يعني إعطاءها حرية الحركة في هذا المجال، فهي تعمل بشرط أن يكون كامل الملف تحت إشراف نتنياهو، وهذا مما سيصّعب انفرادها به. الإسرائيليون بغالبية أحزابهم متفقون على جوهر التسوية وهو "الحكم الذاتي المنزوع من أي سيادة" للفلسطينيين، لكنهم مختلفون في أدوارهم على المسرح، فليفني مثلاً تقوم بحركة سياسية وهي التفاوض مع الفلسطينيين بهدف إعلامي حتى يقال: إن هناك حركة سياسية بين الجانبين: تفاوض لأجل التفاوض. وليس بهدف الوصول إلى تسوية. هذا هو مبدأ إسحق شامير، التفاوض لسنوات طويلة دون نتائج. أما بعض الآخرين من الإسرائيليين فيقف ضد هذا التفاوض من الأصل، فهو لا يعترف بوجود الفلسطينيين من الأساس. إنها لعبة أدوار في مسرحية ليس إلا. لقد لخص نتنياهو في تصريح له أهداف حكومته في ثلاث كلمات: الاقتصاد، والأمن، والتسوية، هذا إضافة بالطبع إلى المشروع النووي الإيراني. من الواضح أن الموضوعين الأولين سيحتلان اهتمام الصدارة، أما الثالث فهو آخر الأولويات. لذلك فإن الحكومة الحالية هي حكومة التطرف والحرب والاستيطان. كفانا تفريقا بين الأحزاب الصهيونية وكفانا اعتقادا بوجود ما يسمى (يسار إسرائيلي)، نعم كلهم وحكوماتهم متطرفون، وكلهم صقور، ولا توجد حمائم في أوساطهم.
365
| 04 أبريل 2013
وأخيراً انكشف الغطاء(وهو مكشوف أصلاً لكن البعض لا يرى!) عن زيارة الرئيس أوباما لكل من إسرائيل ورام الله والأردن،والتي جاءت في 98% منها تأييداً لإسرائيل. ولأطروحاتها. ولرؤاها التسوية سواء مع الفلسطينيين أو العرب.بداية:أذكر تلك الحالة الأيفورية(الانبساط والفرح الشديدين) التي تلبّست العديدين من السياسيين والكتّاب والصحافيين العرب(بمن فيهم الفلسطينيين) في لصق الأوصاف المتفائلة كثيراً بأوباما بعد فوزه في ولايته الأولى في عام 2008.هؤلاء تفاءلوا واعتقدوا:أن أمريكا في عهده ستُنصف الفلسطينيين والعرب،وأنه سيتصدى للوبي الصهيوني في أمريكا. وأنها ستبدأ عهداً جديداً في العلاقات مع قضايا العالم، ووصل الأمر ببعضهم إلى إطلاق اسم أبو حسين عليه(تيمناً باسم والده) وأن أوباما أصلاً من إفريقيا ومن المسحوقين،وأن الدولة الفلسطينية ستقام في عهده،حتى إن الرئيس عباس اعتبر موضوع إقامتها(ديناً في عنق أوباما-في مخاطبته له في واشنطن في الأمم المتحدة وفق مقاييس الشهامة العربية!) والبعض صوّر أوباما(بالمسلم رغم اعتناقه للمسيحية!). ترافق ذلك. وإمعاناً في الديماغوجية:أن الولايات المتحدة زادت من مراكز أبحاثها للدراسات التي تتناول العلاقة بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية،ودعت الكثيرين من النشطاء العرب(خاصة من الشباب) لزيارتها...كل ذلك كان بهدف:الاقتراب من جواب السؤال:لماذا يكرهوننا؟أسهمت كلمتا الرئيس أوباما في أنقرة وفي جامعة القاهرة وتلفظه ببعض الكلمات العربية،واستشهاده بمعاني بعض الآيات القرآنية، وإصراره على وقف إسرائيل للاستيطان في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية كشرط رئيسي لإعادة المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية....كل ذلك وغيره من السياسات المزيّفة أسهم في ازدياد حدة حالة(الانبساط الشديد) لدى أولئك المتفائلين. إلى الحد الذي أسقطوا فيه رغباتهم الشخصية على سياسات الرئيس أوباما.من جهة فالوقائع في منتهى الوضوح لمن يريد رؤيتها على حقيقتها دون تزويق ودون رتوش.من جهة أخرى:فإن بعض الحقائق من المفترض أن تصل إلى حدود اليقينيات العقلية والذهنية. فهي أصبحت بمثابة القوانين غير المكتوبة ومنها:أن الإدارات الأمريكية المختلفة لكافة الرؤساء الأمريكيين هي بمثابة الواجهات(ليس إلاّ) لصاحب الحكم الفعلي في أمريكا وهو:المجمع الصناعي العسكري بالتحالف مع رأس المال المالي على صعيد السياسات الخارجية ومنها:العلاقة مع إسرائيل.لذلك نرى أن كل إدارة أمريكية في عهد مطلق رئيس تطمح الوصول إلى مركز"الأشد إخلاصاً لإسرائيل".من جانبه يحاول كل رئيس أمريكي الوصول إلى هذه الصفة.لذا فإن محللينا يصفون كل إدارة أمريكية لأي رئيس جديد(بأنها الأخلص لإسرائيل)!في الحقيقة أن كافة الإدارات الأمريكية تُعتبر:(الأكثر إخلاصاً لإسرائيل). لقد أجرت صحيفة"ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة"هآرتس"الإسرائيلية مؤخراً إحصاءات اقتصادية عن المساعدات المالية الأمريكية لإسرائيل على مدى63 عاماً، وخلصت إلى نتيجة مفادها:أن حجم المساعدات المالية الأمريكية على مدى هذه الفترة تساوي 113 مليار دولار (تساوي في الزمن الحالي 234 مليار دولار)،إضافة إلى أكثر من 19 مليار دولار كضمانات مالية أمريكية كي تنجح إسرائيل في تحصيل قروض في العالم.هذا عدا عن المساعدات العسكرية والتكنولوجية والعينية الأخرى. بالنسبة لزيارة أوباما،عكست الصحافة الإسرائيلية على مدى يومين حجم التأييد الأمريكي لإسرائيل، سواء في عناوين ومحتويات أعمدة الكتّاب:زلمان شوفال عنون مقالته:زيارة أوباما:الأمن الإسرائيلي قبل التنازلات(صحيفة إسرائيل هيوم 20/3/2013).تسفي برئيل كتب في نفس الصحيفة والتاريخ مقالةً بعنوان:"جاء ليقول سلاماً لا ليفعل".نداف إيال كتب في صحيفة"معاريف"(20/3/2013) مقالاً يقول فيه:"ثمة كتّاب أمريكيون هامون يقولون إن أوباما جاء إلى المنطقة كسائح.احترامهم محفوظ،ولكن بتواضع شرق أوسطي نقول:لا يمكن لرئيس أمريكي أو أي زعيم دولي أن يأتي كسائح إلى إسرائيل،فلا يمكنه أن يكون سائحاً عندما تطأ قدمه أرض إسرائيل(تصورا الغرور).عوزي رابي في موقع إلكتروني إسرائيلي(21/3/2013) وصف زيارة أوباما بأنها"صحوة أمريكية"،جدعون ليفي في صحيفة"هآرتس"(21/3/2013) وصف أوباما بــ"المسيح المخلّص".إبراهام بن تسفي كتب في صحيفة"إسرائيل هيوم"(21/3/2013)مقالة بعنوان:إسرائيل جزيرة استقرار: قال فيها:كان كلام أوباما في أثناء المراسم في مطار بن غوريون يشبه توبة وإصلاحاً حينما وسّع الحديث عن تراب الشعب اليهودي القديم وعن الجذور التاريخية العميقة للصلة بأرض الآباء.يأمل أوباما أن تجعل هذه الإستراتيجية الجديدة،إسرائيل أكثر ارتياحاً وسكوناً فيما يتعلق بالتزام أمريكا: أن تواجه بكامل الحزم جملة الأخطار والتحديات الإقليمية التي تتعرض لها إسرائيل". أوردت ببعض التوسع ما عكسه الكتّاب الإسرائيليون في مقالاتهم عن نتائج زيارة أوباما الفعلية والتي تتلخص في جملة واحدة:المزيد من التأييد لإسرائيل في كافة المجالات:الأمن. القوة العسكرية والتسليحية. التقدم التكنولوجي.حق إسرائيل في"يهودية دولتها"الالتزام الكامل بوجود إسرائيل، وأن على الدول العربية أن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل حتى في ظل استيطانها. الذي لا يعتبر وقفة شرطاً لإعادة التفاوض الفلسطيني معها.على الفلسطينيين والعرب الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.حركتا حماس وحزب الله هما فصيلان إرهابيان.وغير ذلك من أقوال التأييد الكامل لإسرائيل.زيادة في رجحان كفة الميزان في التأييد لإسرائيل: حرص أوباما على حل الخلاف التركي – الإسرائيلي فقد اتصل من هاتفه الخاص بأردوغان ليحثه على إعادة أفضل العلاقات مع الدولة الصهيونية ثم ناول الهاتف لنتنياهو بعد أن شجّعه على تقديم اعتذار شكلي لتركيا. وبالفعل عادت العلاقات بين البلدين(والتي لم تنقطع يوما) إلى شكل أفضل من السابقة. لمن لا يعرف: هذا هو حرص أوباما على إسرائيل عكسا لما يسمى بوجود(تناقضات!) بين أوباما ونتنياهو. هناك فرق جوهري بين الكتّاب الإسرائيليين والبعض من الكتّاب العرب. المتفائلين في الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية وعموم القضايا العربية، بينما الإسرائيليون يرون الواقع كما هو وعلى حقيقته.نقول ذلك لأن موجة التفاؤل عادت إلى الأذهان لدى العديدين: من خطاب أوباما بمناسبة بداية ولايته الثانية، إذ بدأ الحديث عن تحرره من ضغوط اللوبي الصهيوني، وعن تناقضه مع نتنياهو، وعن إستراتيجية أمريكية جديدة ونهج سياسي جديد تخطته الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة إن بالنسبة للوطن العربي أو بالنسبة للقضايا الدولية. ماذا أثبتت زيارة أوباما لإسرائيل؟ كشفت حقيقة عن تطابق السياستين الإسرائيلية والأمريكية فيما يتعلق بالنسبة للمشروع النووي الإيراني. وفيما يتعلق بالموقف من سوريا.أوباما كان واضحاً في مؤتمره الصحفي مع نتنياهو عندما قال:إن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران هي في منعها من امتلاك السلاح النووي وليس احتواءه(والفرق كبير بين التعبيرين) وأن كل الخيارات مطروحة بما فيها:الخيار العسكري. نعم هناك اختلاف في التقييمات بين السياسيين الإسرائيليين وبعض أمثالهم من الفلسطينيين والعرب.فأولئك يبتزون أي رئيس أمريكي. يقولون له: نعم ولكنهم يطالبونه بالمزيد من الخطوات ولو عن طريق الابتزاز،فما يفعله الرئيس الأمريكي دائماً"ليس كافياً"أما بعض سياسيينا فيراهنون على كل همسة من مسؤول أمريكي، ويبنون أحلاماً وتوقعات غير حقيقية عليها:الرئيس الفلسطيني قام بتأجيل طرح عضوية المراقب الدولة فلسطين في الجمعية العامة لما بعد الانتخابات الأمريكية بطلب من أوباما،أملاً في كسب الموافقة الأمريكية على الطلب الفلسطيني...ولكن خاب ظنه.كذلك قام بتأجيل إقامة حكومة مؤقتة وتحديد موعد انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية وذلك وفقاً لاتفاق القاهرة الأخير مع حماس إلى ما بعد انتهاء زيارة أوباما! أوباما زار مناطق السلطة لبضع ساعات فقط(الزيارات جاء رفع عتب) ولم يزر ضريح عرفات. مع أنه زار ضريح هرتزل ورابين(شريك عرفات في اتفاقيات أوسلو) وزار المتحف اليهودي(رغم سرقة مخطوطات فلسطينية هي الآن موجود فيه) وزار نصب(محرقة اليهود-إياد فاشيم) ولم ير التمييز العنصري ضد الفلسطينيين! ورفض استقبال عائلات أسرى فلسطينيين في السجون والمتعقلات الصهيونية.كلامه عن دولة فلسطينية كان حديثاً عاماً. وهو يدرك أنها لن تقوم! فلقد سبق لبوش الابن وكلينتون أن: وعدا بإقامتها ولم تقم، وراهن الحالمون على وعودهما. تماماً مثلما يراهنون على وعود أوباما.ولكن الكل خيّب آمالهم وتوقعاتهم.
269
| 28 مارس 2013
كل الحروب والأشكال الأخرى من العدوان التي خاضتها واقترفتها إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب كانت بضوء أخضر أمريكي وفي عام 1956 شاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الصهيوني على مصر. نقول ذلك لأن دراسة جديدة أصدرها "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" رأت: أن على نتنياهو استغلال زيارة الرئيس أوباما الحالية إلى إسرائيل، لبلورة استراتيجية مشتركة جديدة للولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تحديات الشرق الأوسط. أوصت الدراسة لهذه الاستراتيجية ببعض المبادئ: عدم انقطاع الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط. ومنع سقوطه بيد الإسلاميين، تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين البلدين. الشفافية التامة بين قيادتي البلدين، امتناع الولايات المتحدة عن تحدي حكومة إسرائيل بطلب وقف البناء في القدس. استمرار الحوار لبناء سياسة استراتيجية مشتركة تجاه التحديات المشتركة: السياسية. الأمنية. الدبلوماسية. الاقتصادية والاجتماعية. على أساس هذه البنود توصي الدراسة: ببلورة فهم استراتيجي شامل متعدد الطبقات،الطبقة الأولى وقف البرنامج النووي الإيراني على أساس المنع وليس الاحتواء. الطبقة الثانية: تحريك المسيرة السياسية مع السلطة وتحقيق التسوية الدائمة. الطبقة الثالثة: بناء الظروف لليوم التالي لنظام الأسد، بلورة سياسة مشتركة لمنع انتقال السلاح الاستراتيجي إلى حزب الله وإلى الجهات المسلحة. الطبقة الرابعة: استقرار الحزام حول سوريا لتقليص خطر الآثار السلبية على جيرانها. تخلص الدراسة إلى نتيجة: لما كان لإسرائيل قدرة محددة على أن تواجه جملة التحديات بالتوازي، من الحيوي الوصول إلى تنسيق استراتيجي وثيق مع الولايات المتحدة، ناهيك عن أنها تقدر بأن قدراتها على مواجهة مشاكل العالم محدودة. بداية: إن ما يقوله المعهد هو استنتاج عار عن الصحة ويفهم منه وكأن هناك استراتيجيتان منفصلتان: أمريكية وأخرى إسرائيلية فيما يتعلق بالمنطقة! وهذا كذب وافتراء ومجافاة للحقيقة! دراسة مركز الأبحاث الإسرائيلي تتقاطع مع وجهات النظر القائلة: بوجود تناقض بين أوباما ونتنياهو: وأولئك الذين يرون: بأن الولايات المتحدة تنحو نحو استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. صحيح أن ثمة تباينات قد تنشأ حول هذه القضية أو تلك من القضايا السياسية للمنطقة،بين إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة،لكن لن تصل هذه التباينات بأية حالة من الأحوال إلى وجود ما يسمى بـــ"التناقض"! الولايات المتحدة كيّفت سياساتها منذ إنشاء الكيان الصهيوني وبنت الأسس الاستراتيجية لسياساتها في الشرق الأوسط انطلاقاً من: الحرص على بقاء إسرائيل،المحافظة على الأمن الإسرائيلي إنجاح السياسات الإسرائيلية وأهدافها في المنطقة،إبقاء إسرائيل القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط،كبح جماح أية عوامل عربية قد تشكل في المستقبل خطراً على الأمن الإسرائيلي. جعل إسرائيل ركناً أساسياً في المنطقة العربية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة. مساندة إسرائيل في مختلف المجالات السياسية. الاقتصادية. العسكرية وغيرها. لقد حددت الدول الغربية الاستعمارية الهدف من إنشاء إسرائيل ومساعدة الحركة الصهيونية منذ أوائل القرن الزمني الماضي، ففي عام 1907 أوصت الجبهة الاستعمارية الموحدة التي تم إنشاؤها والتي تألفت من بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، البرتغال، إيطاليا، إسبانيا في تقرير مشترك سمي تقرير بنرمان (باسم رئيس الحكومة البريطانية آنذاك) جاء فيه: "إننا نوصي بضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، ونقترح لذلك: إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط آسيا بإفريقيا ويربطهما بالبحر المتوسط، بحيث يشكَّل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة". جاءت بعد ذلك اتفاقية سايكس - بيكو لتقسيم الوطن العربي بين الدول الاستعمارية ثم بعدئذٍ وعد بلفور، وجرى الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن تم إنشاء إسرائيل. بعد الحرب العالمية الثانية وبروز الولايات المتحدة كقوة سوبر إمبريالية، كان من الطبيعي أن ينتقل المركز الإمبريالي من أوروبا إلى الولايات المتحدة، التي حلّت محل بريطانيا (بعد أن غابت عن ممتلكاتها الشمس) في التبني لإسرائيل. عملياً منذ قيام الدولة الصهيونية فإن الولايات المتحدة أمدتها وما تزال وستظل بكل ما تحتاجه على الأصعدة المختلفة، ودافعت عن سياساتها واعتداءاتها وجرائهما بمبرر واحد: اعتبار ذلك ضرورياً للأمن الإسرائيلي وحمتها (من خلال الفيتو) في مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي كافة المنظمات والهئيات الدولية التابعة لها من أية إدانة دولية. غالباً ما تم ذلك بالتنسيق مع دولتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن وهما: بريطانيا وفرنسا. الولايات المتحدة في كثير من الأحيان وقفت ضد غالبية دول العالم إذا ما تعارضت هذه الدول مع المصالح وللأهداف الإسرائيلية. أمريكا نسقت مع إسرائيل في إلحاق الهزيمة بالعرب في عام 1967 وهناك وثائق تبين خطة أمريكية - إسرائيلية لإسقاط نظام الرئيس عبد الناصر. أمريكا في حرب عام 1973 وعندما فوجئت إسرائيل بالهجوم المصري-السوري في حرب تشرين: دهنت طائراتها لتبدو وكأنها طائرات إسرائيلية وألبست طياريها لباس الطيارين الإسرائيليين وشاركت بطياريها وطائراتها مباشرة في المعركة. أمريكا بررت وما تزال كل الاعتداءات والحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين والدول العربية. وساهمت بشكل أساسي في توقيع اتفاقيات كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة بين إسرائيل ومصر، وبينها وبين الفلسطينيين وبينها وبين الأردن، والتي جاءت في مجملها لصالح إسرائيل. الولايات المتحدة تبنت مشروع بيريز بإنشاء الشرق الأوسط الكبير. في عام 2004، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية إبّان رئاسة بوش الابن رسالة ضمانات استراتيجية جديدة لإسرائيل قرأها أرييل شارون رئيس الوزراء آنذاك من على منبر مؤتمر هرتسيليا الخامس، فحواها: التزام الولايات المتحدة الكامل ببقاء إسرائيل والمحافظة على أمنها. عدم الضغط على إسرائيل ورؤاها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب. منذ اتفاقيات أوسلو وحتى اللحظة، نرى تكيفاً أمريكياً مع السياسات ووجهات النظر الإسرائيلية سواء فيما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين والعرب، وليس العكس فالولايات المتحدة تكيفت مع الأطروحات الإسرائيلية: في تبني اللاءات الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية. أما فيما يتعلق بالاقتراحات التي تضمنها تقرير "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" من أجل إنشاء استراتيجية أمريكية إسرائيلية جديدة فإن الولايات المتحدة ليست منقطعة عن أحداث الشرق الأوسط، وبادرت إلى مباحثات مع حزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس قبل تسلمهما للحكم وضمنت علاقات جيدة للبلدين مع الولايات المتحدة والدول الغربية. عدم المس باتفاقية كمب ديفيد والمحافظة عليها من قبل مصر وعدم تضمين الدستور التونسي فقرة "تجرم التطبيع مع إسرائيل وغيرها من النقاط المهمة أما العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين أمريكا وإسرائيل فالتنسيق في أعظم وأعلى حالاته. أمريكا تقف موقفاً استراتيجياً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. على صعيد الساحة الفلسطينية فلا تناقض بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالتسوية. على صعيد سوريا أيضاً لا تناقضات بين الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، فالطرفان متفقان على الخطوط العامة ومنع امتلاك حزب الله للأسلحة الاستراتيجية وبخاصة الأسلحة الكيماوية. كذلك الأمر بالنسبة لحزام الجوار السوري. الأدق قولاً في أكاذيب المعهد الصهيوني: إن الاستراتيجية المشتركة بين أمريكا وإسرائيل قائمة منذ إنشاء دولة الكيان الصهيوني. صحيح أن هناك مستجدات سياسية عربية وهذه بحاجة إلى المزيد من التنسيق لاتخاذ سياسة موحدة تكتيكية إسرائيلية أمريكية مشتركة، وهذا لا ينفي وجود الاستراتيجية المشتركة بين البلدين القائمة فعلاً.
412
| 21 مارس 2013
يراهنون على الزيارة وكأنها ستصنع تاريخا جديدا للمنطقة! وكأنها ستفعل المعجزات في زمن لا يوجد فيه معجزات. وكأنها ستعيد الحقوق إلى أصحابها! وكأنها ستقيم الدنيا! وكأن من سيقوم بها سيجبر إسرائيل على اتخاذ ما لا تريده. كل القرارات والخطوات السياسية مؤجلة لما بعد الزيارة. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قام بتأجيل موعد تشكيل الحكومة المؤقتة (مثلما جرى الاتفاق عليه في مباحثات المصالحة الأخيرة في القاهرة) وتأجيل موعد الانتخابات لما بعد إتمام الزيارة. بمجرد إعلان البيت الأبيض عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس أوباما إلى الكيان الصهيوني ورام الله والأردن في20-21 مارس الحالي. قفز منسوب التفاؤل لدى الكثيرين من السياسيين والمراقبين والمحللين: بأن الرئيس الأمريكي سيحمل مشروعاً جديداً للتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل! هذه الزيارة هي الأولى لأوباما في بداية ولايته الثانية، وهي الأولى أيضاً التي يقوم بها إلى الدولة الصهيونية، وتأتي بعد تعيين جون كيري وزيراً للخارجية. وإثر زوبعة أثارتها إسرائيل على اختيار أوباما لتشاك هاجل وزيراً للدفاع (وقد جرى تثبيته مؤخرا من قبل الكونغرس)، وتأتي مسبوقة بنتائج لانتخابات التي جرت في كل من واشنطن وتل أبيب وتداعياتها وبخاصة في الأخيرة. قبيل الزيارة أيضاً: ظهرت تحليلات سياسية كثيرة توحي مباشرة أو بطريق غير مباشر عمّا يسمى بـ"تناقضات بين نتنياهو وأوباما" بسبب أن الأول كان من أكبر مشجعي مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، الذي كان قد أعلن من قبل أنه إذا ما فاز في الانتخابات فإن زيارته الأولى ستكون إلى إسرائيل. هذه المسألة من وجهة نظر كثيرين أسست لذلك التناقض. بدايةً، فإن ما يبدو أنه اختلافات جوهرية بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو هو محض وهم، قد تكون هناك تباينات بين الطرفين، لكن لا يمكنها الوصول إلى حدود التناقض. القادة الإسرائيليون يحسنون ابتزاز كل من مرشحي الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. يعلنون تأييدهم الأكبر لأحدهما، وبذلك يضمنون ولاءه للدولة الصهيونية. وإذا لم يفز، فإن هاجس الثاني يكون: إثبات ولائه لهذه الدولة. هذا ما حصل بالنسبة لرومني وأوباما. أيضاً فعندما يجري تعيين من لإسرائيل ملاحظات عليه. في منصب مهم في إدارة الفائز، تطلق عليه اتهامات مكشوفة قاسية، حتى يكون هدفه الأكبر: الوصول إلى الرضا الإسرائيلي، هذا ما حصل بالنسبة لتشاك هاجل، الذي يؤكد في كل تصريح له عن(عشقه) لإسرائيل. التهم الإسرائيلية للمسؤولين في الدول الحليفة تكون دائماً جاهزة ومنها"العداء للسامية"وتشكل تهديداً دائماً لهم. من ناحية أخرى: فإن المقرر الأساسي للسياسات الإستراتيجية الأمريكية (خاصة بالنسبة لإسرائيل) هو: المجمع الصناعي العسكري المالي، بالتعاون مع الإيباك(فيما يخص دولة الكيان). أما الرئيس الأمريكي فهو الواجهة لتنفيذ هذه السياسات. نقول ذلك في الوقت الذي تخلى فيه أوباما عمّا قطعه على نفسه من وعود في خطابيه في كل من أنقره والقاهرة: عن عزم إدارته التعامل بأسس جديدة مع العالمين العربي والإسلامي. وعاد إلى السياسة الصقورية. لقد تخلى عن كل اشتراطاته بالنسبة لإعادة التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وبات يردد المفهوم الصهيوني للتسوية: باعتبار الاستيطان لا يشكل عقبة أمام العودة إلى المفاوضات. تراجع أوباما عن تواريخه بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وتبنى مجمل المواقف الإسرائيلية بالنسبة لكافة القضايا المطروحة على طاولة التسوية، واعترفت أمريكا"بيهودية إسرائيل". أما على صعيد التفاؤل بربط الزيارة من أجل تحقيق التسوية،فقد حرص البيت الأبيض على الإسراع في كبح جماح هذه التطلعات من خلال القول:"إن الزيارة فرصة لتنسيق مواقف أمريكا وإسرائيل بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك". هذا ما أكده بروس جنتلسون البروفيسور من جامعة ديوك والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية من خلال القول:"إن الرحلات الرئاسية لا تصلح سوى لملء الفراغ، فإذا نظرتم إلى الرحلات التي قام بها الرئيس أوباما إلى الصين أثناء ولايته الأولى على سبيل المثال، فإن المسألة لا تتعدى تحسين العلاقات". هذا أولاً. ثانياً: فإن الأولوية الكبرى لنتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في دولة الكيان هي: كبح جماح المشروع النووي الإيراني، هذا ما أعلنه مراراً وتكراراً. وآخر مرة كانت: تصريحه عند مغادرة شيمون بيريز رئيس الدولة، بُعيد تكليفه بتشكيل الحكومة، بالتالي: لا تشكل التسوية هاجسا لنتنياهو، هذا بالرغم مما جاء على لسانه في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الذي انعقد مؤخرا في تل أبيب "من أنه لا يزال يؤمن بحل الدولتين". بالمعنى العملي: من خلال الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، انعدمت فرصة هذا الحل. إمعاناً في التحدي وبُعيد الإعلان عن زيارة أوباما. صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 90 وحدة استيطانية في الضفة الغربية. الإسرائيليون يراهنون على تحديد إستراتيجية أمريكية – إسرائيلية مشتركة تجاه قضايا المنطقة. هذا ما يطالب به الإسرائيليون من الزيارة وليس التعلق بحبال من هواء والمراهنة(مثل البعض) على أنه سيكون وسيطا نزيها في الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني! لكل ذلك، فإن أهداف زيارة أوباما تتمثل في: أولاً: التأكيد على عمق العلاقات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وعلى رسالة الضمانات الأمريكية لإسرائيل (التي قدمت للأخيرة في عام 2004) والتي تؤكد في إحدى نقاطها: على التزام الولايات المتحدة وتعهدها بعدم إجبار إسرائيل على اتخاذ ما لا تريد فعله من خطوات. ثانياً: التزام الولايات المتحدة الكامل بالأمن والوجود الإسرائيلي وفق ما تقرره إسرائيل. ثالثا: الرد على الأقوال والمغالطات التي تحدثت عن تناقضات بين أوباما ونتنياهو. وتوجيه رسالة للكونجرس الأمريكي ولإسرائيل: بأن إدارة أوباما هي الأخلص بالنسبة لإسرائيل. رابعاً: تنسيق المواقف فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني وقضايا التسوية. خامساً: ممارسة المزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني بالعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل دون شروط مسبقة. والاقتراب من المواقف الإسرائيلية للتسوية وعدم إنجاز المصالحة. من أجل ذلك وعد الكونجرس الأمريكي بقرب استئناف المنحة الأمريكية للسلطة بعد إيقافها. سادساً: ممارسة الضغط على الأردن لتحمل عبء المسؤولية بقبول فكرة الكونفيدرالية مع الأراضي الفلسطينية. سابعاً: الاستمرار في ممارسة الخداع الأمريكي للعرب: بأن الولايات المتحدة مع نشر الديمقراطية في العالم العربي. أهداف زيارة أوباما إلى المنطقة هي غير التي يراهن عليها بعض المتفائلين. وتحميلها ما هي غير قادرة عليه هو دليل عجز عن الفعل والتأثير في أحداث المنطقة وبخاصة: الصراع مع العدو الصهيوني.
298
| 16 مارس 2013
الرئيس الراحل هوغو شافيز كان معجبا بعبدالناصر، هذا ما صرَّح به لإحدى الفضائيات العربية مبيناً أنه وطيلة حياته العسكرية في الجيش كان يتمثل بالزعيم العربي. في الواقع إن مظاهر كثيرة يتشابه فيها الزعيمان: فمن حيث السياسة الخارجية وبخاصة تجاه الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل. أو في السياسات الداخلية وموقف كل منهما تجاه الفقراء والمحرومين في بلاده. أو من حيث التوجه نحو السياسات الاقتصادية اليسارية.حتى في الموت فثمة مظاهر مشتركة بين جنازتيهما.هذا الحشد الجماهيري الواسع ودموع الملايين من الناس تنهمر على الوجوه في حزن نابع من القلب، إضافة إلى الحزن الشعبي التلقائي في الوطن العربي والعالم بالنسبة لعبد الناصر، وفي أمريكا اللاتينية وعلى صعيد دول عديدة لشافيز. الفلسطينيون كما الأمة العربية افتقدوا شافيز رئيساً صديقاً للقضايا الوطنية العربية وبخاصة تجاه القضية الفلسطينية. ولذلك كان الحزن الفلسطيني والعربي عارماً على الرئيس الراحل، فلا يمكن أن يُنسى طرد شافيز للسفير الإسرائيلي من كراكاس واستدعاؤه للسفير الفنزويلي من تل أبيب أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في عامي 2008 ،2009 وهو الذي طالب بمحاكمة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. فنزويلا في زمن الرئيس الراحل أصبحت دولة قوية معروفة في كل أنحاء العالم، فالرئيس الذي يعشق الديمقراطية وصناديق الاقتراع، آمن بها مبدأ أساسياً للتغيير في فنزويلا.. جابه الولايات المتحدة ولم يخش حصارها مثلما تصرفت تجاه جزيرة الحرية في كوبا. التي لا تزال محاصرة للعام الستين على التوالي. شافيز شقّ طريقه التغييري وسط الأنواء والعواصف؛ حارب البطالة والفساد والجهل والمرض والعجز، واهتم بالرعاية الصحية والتعليم ونشر مبادئ العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان والتقدير للشعب، أحب شعبه وعمل على تحقيق مصالحه، فبادله شعبه وشعوب أمريكا اللاتينية كل هذا الحب والوفاء والاحترام. تمرد شافيز على الأعراف السائدة في عالم القطب الواحد؛ فعلى صعيد الدول في أمريكا اللاتينية وفي الجمهوريات التي أطلقت عليها واشنطن "جمهوريات الموز". واعتبرتها حديقتها الخلفية. فمارس سياسة يتحدى فيها واشنطنـ، هذا الاشتراكي المسكون بالعدالة والعداء للاستعمار بكل مظاهره وأشكاله كان قائداً مُلهماً للعديد من دول أمريكا اللاتينية. وبصناديق الاقتراع وصل الاشتراكيون والتقدميون إلى السلطة؛ في البرازيل حيث أدى التغيير السياسي والاقتصادي إلى قفزة نوعية بالنسبة لوضع هذا البلد على الصعيد العالمي. ساعد شافيز على التغيير في كل من الأورغواي وبوليفيا وغيرهما من الدول.امتلك أفضل العلاقات مع كوبا ومع الزعيم فيديل كاسترو، وهو كرر تجربة سلفادور الليندي في تشيلي وإن كانت بطريقة مختلفة. لقد بدت كل من واشنطن وتل أبيب بعد وفاة شافيز، وكأنهما بانتظار هذه اللحظة، فالناطق الرسمي باسم كل منهما أعرب عن أمله في عودة العلاقات مع فنزويلا إلى سابق عهدها في العهد الجديد. لكن من المشكوك فيه عودة علاقات كاراكاس مع هاتين الدولتين إلى سابق عهدها، فخليفة شافيز نائبه نيكولاس مادورو هو من تلاميذ مدرسة النهج الشافيزي وسيظل وفياً إليها، وهو بعد شهر سيخوض الانتخابات وغالباً ما سيكون في مواجهة المعارض هنريكي كابريليس الذي صرح للصحفيين بعد وفاة الرئيس "بأن شافيز كان خصماً وليس عدواً "هذا رغم أن شافيز كان يوجه إليه أوصافاً قاسية. غالباً سيظل النهج الشافيزي قائماً ليس في فنزويلا فحسب، وإنما في أمريكا اللاتينية. فبرغم أن الفترة التي قضاها شافيز في الحكم لا تتجاوز (14) عاماً. لكنها تجربة انزرعت في عمق الشعب الفنزويلي. فهي تمثلت في السياسة الخارجية، وفي التطبيقات الاقتصادية فقد قامت على امتلاك الدولة لمؤسسات القطاع العام الأساسية؛ ومن أهمها البترول، الذي تضاعف أسعاره في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أسهم في مساعدة شافيز على المضي قدماً في إصلاحاته الاقتصادية، وهي إصلاحات أصبحت في موقع متقدم ومن الصعوبة بمكان عودتها إلى الوراء. على الصعيد الداخلي فالشافيزية قامت على احترام حقوق الإنسان في فنزويلا، وعلى تطبيق الديمقراطية. فالرئيس شافيز استفاد كثيراً من فترة سجنه بعد قيادته لانقلاب عسكري فاشل، واجه الاستعمار من صناديق الاقتراع معتمداً على الجماهير الشعبية وعلى ما يؤمن به من قيم عناوينها: الحرية والعدالة والكرامة. والثروات من أجل خدمة الشعب، أولاً وأخيراً.. ومن أجل الارتقاء بالوطن.لذا رغم الكره الشديد من قبل واشنطن لشافيز لم تستطع التسجيل عليه أي مآخذ. ولا تمكنت من اتهامه بالدكتاتورية. لكل ذلك فإن الشافيزية لها ما يدعهما ويساعد على استمرارها. وبأنها لن تكون مرتبطة بشخص الرئيس شافيز. بالقدر الذي هي فيه نهج أثبت صحته وصوابيته على صعيد التطبيق الفعلي.كل ذلك لا يكفي كي تستمر الشافيزية: فهي وإن امتلكت حزباً يعتنق أيديولوجية تعبر عن نفسها بالمثل التي طبقها الرئيس وهو: الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا، لكنها بحاجة إلى التغلغل كمعتقد أيديولوجي بين غالبية الشعب الفنزويلي وشعوب أمريكا اللاتينية ويتوجب أن تخرج من دائرة الارتهان بشخص الرئيس أو نائبه. وإن استمرت لمرحلة فما هي الضمانات لاستمراريتها مستقبلاً؟.. من قبل تصورنا أن الناصرية لن تكون مرتبطة فقط بوجود شخص الرئيس عبدالناصر وذلك لوجود الحزب الذي هو "الاتحاد الاشتراكي العربي" والذي تبين بعد تسلم السادات لمنصب رئاسة الجمهورية: أن الاتحاد الاشتراكي العربي كان بناء هشاً، لا يفرض معتقداته على الرئيس. بل الأخير هو الذي يقولبه كيفما يشاء. بالسياسات التي انتهجها السادات على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويين الداخلي والخارجي مثّل ردّة حقيقية عن كل السياسات التقدمية الناصرية.لذلك نتمنى على الشعب الفنزويلي وقيادة الحزب النضال من أجل تحويل تطبيقات الرئيس الراحل شافيز وسياساته إلى نهج أيديولوجي معتنق يتبناه الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا. حزب يعتمد على الجماهير الفنزويلية الواسعة التي تؤمن تماماً بهذا النهج وهذه المدرسة، فلا يمكن الاتكاء على تراث وتجربة الرئيس شافيز والقول بأن المستقبل وحده سيكون كفيلاً بالمحافظة عليها والدفاع عنها. الشافيزية مثل الناصرية تجاوزت الإطار المحلي. لتنتقل إلى العديد من دول الجوار.ليس أدل على ذلك من وصول حكّام يساريين تقدميين إلى العديد من دول أمريكا اللاتينية. وبذلك اغتنت هذه التجربة بتجارب شعوب أخرى مجاورة، وهذا يصب في مجرى تسهيل ترسيخها كتجربة وكنهج.المطلوب أيضاً من القيادة الفنزويلية الجديدة: عدم ترك ثغرات تتسلل منها واشنطن ودول محلية عديدة أخرى مهيأة للانقضاض على التجربة الشافيزية. لأن أعداء هذا النهج حريصون وسيظلون يعملون من أجل القضاء على التجربة في مهدها، تماماً مثلما قضوا على المكتسبات التي كان الرئيس عبدالناصر قد حققها للشعب المصري. هوغو شافيز سار على هدى خطى فيديل كاسترو. وجيفارا. وباتريس لومومبا. ونيسلون مانديلا، وعلى طريق عبدالناصر. وأحمد بن بله. وكل الثائرين ليس على صعيد دولهم فحسب، وإنما على صعيد آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. يكفي شافيز فخراً أنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه كابن بار للشعب الفنزويلي ولشعوب أمريكا اللاتينية. وللشعوب التي ناضلت لسنوات طويلة من أجل حريتها واستقلالها وتقدمها الاجتماعي. وسيظل رحيل شافيز خسارةً لا تعوض.
529
| 14 مارس 2013
شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة وما تزال تشهد حالة غليان شعبي تنذر بانتفاضة ثالثة. هذا في الوقت الذي نفذ فيه أربعة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني إضرابا عن الطعام. وأعلنوا الحداد ثلاثة أيام لوفاة الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب. من ناحية أخرى: تعم المناطق تحت الاحتلال إرهاصات انتفاضة جديدة وشيكة. لقد كثر الحديث من قبل عن إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبخاصة أن الأجواء السائدة حالياً أشبه ما تكون بأحوال ما قبل الانتفاضتين السابقتين. من جهة أخرى فإن موظفي السلطة في الضفة الغربية يقومون بإضرابات متتالية نتيجة لعدم صرف رواتبهم كاملة منذ أشهر عديدة.من ناحية ثانية فإن الوضع الاقتصادي يتفاقم. فالسلطة تعيش أزمة خانقة بسبب الحصار المالي المفروض عليها من العدو الصهيوني رغم ما وعد به نتنياهو: من تحويل أموال ضرائب شهر يناير التي تجمعها إسرائيل باسم الفلسطينيين إلى السلطة. كما أن أموال الداعمين لا يجري تسديدها بشكل منتظم.الجامعة العربية مؤخراً استعدت بصرف 100 مليون دولار للسلطة شهرياً غير أن ذلك لم يتم حتى اللحظة. على صعيد آخر فإنه وأثناء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع في شهر نوفمبر الماضي. قامت في الضفة الغربية حراكات جماهيرية فلسطينية واسعة وساخنة في مواجهة قوات الاحتلال.إسرائيل ماضية في استيطانها وآخر حلقة فيه:المشروع"إي1" الذي يقسم شمال الضفة الغربية عن جنوبها. ويصادر %10 من أراضي الضفة الغربية.المشروع هو بمثابة المسمار الأخير في نعش المراهنة على حل الدولتين. فهو يلغي إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً.الاستيطان والجدار والطرق الالتفافية الإسرائيلية صادرت حتى اللحظة ما ينوف عن الـــ60% من مساحة الضفة الغربية،عدا أن المشروع الاستيطاني الأخير يزيد من عزلة المدن والقرى والمناطق الفلسطينية. ويجعل منها كانتونات معزولة تماماً بعضها عن بعض. على الصعيد السياسي:فإن الإنجاز الذي تحقق في الأمم المتحدة بقبول دولة فلسطين عضواً مراقباً في المنظمة الدولية. ظلّ إنجازاً معنوياً ليس إلا، ولا يمكن تطبيقه واقعاً على الأرض في ظل موازين قوى الصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني.من جانبٍ آخر فإن التسوية وصلت إلى طريق مسدود ومفاوضات عشرين عاماً مع إسرائيل. لم تُنتج سوى الكوارث والويلات على المشروع الوطني الفلسطيني وقضيته وعلى الحقوق الفلسطينية.إسرائيل تريد فرض رؤيتها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب، وجوهرها: رضوخ كامل فلسطيني وعربي والمزيد من الاشتراطات عليهم. على صعيد الداخل الإسرائيلي: فلقد أظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة تقدما ملحوظا للأحزاب المتطرفة والأكثر تطرفا. بما يشي بأن التحولات في إسرائيل ماضية نحو الاتجاه الأكثر تطرفا وصولا إلى مرحلة متقدمة من الفاشية الصهيونية. ماذا يعني كل ذلك؟هذا يشير إلى أننا سنكون أمام ائتلاف حكومي إسرائيلي قادم بزعامة نتنياهو-ليبرمان مع قوى أشد يمينية وتطرفاً من أحزاب الائتلاف الحالي(الذي يقوم بتصريف الأعمال).هذا يشير أيضاً إلى أننا أمام طرح تسوية أكثر إذلالا واختزالا أكبر للحقوق الوطنية الفلسطينية. بالمقابل: فإن السلطة الفلسطينية في ظل هذا التعنت الإسرائيلي الشديد. والتنكر المطلق للحقوق الوطنية الفلسطينية، لم تطرح إستراتيجية بديلة لنهج المفاوضات بل تزداد يوماً بعد يوم تمسكا بها رغم عقمها ولا جدواها وآثارها التدميرية على القضية الفلسطينية.السلطة للأسف تعتبر المقاومة المشروعة(عنفاً) بل(إرهابا) رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة يومياً على الأرض والإنسان في الأراضي المحتلة(في الضفة الغربية وقطاع غزة ومنطقة 48). بالمقابل أيضاً:فإن السلطة الأخرى في قطاع غزة متمسكة بالتهدئة والهدنة مع العدو الصهيوني إلى أمد غير معلوم.إسرائيل ما تزال تمارس ذات الحصار على غزة.المقصود القول:إن إسرائيل في وضع ملائم دون عمليات عسكرية مقاومة ضدها،لا من قطاع غزة(إلا من تلك التي تجري دون سماح من سلطة حماس ودون معرفتها) ولا من الضفة الغربية. في ظل التشديدات من كلا السلطتين لعدم انطلاق عمليات ضد إسرائيل. هذا في ظل التنسيق الأمني القائم بين السلطة في رام الله والكيان الصهيوني. الأخير سيفرض المزيد من القوانين العنصرية ضد أهلنا في منطقة 48، وسيستمر في وضع العراقيل أمام نيلهم لحقوقهم. عربياً: فإن الآمال الفلسطينية التي كانت معقودة على متغيرات إيجابية حول ما يسمى بــ(الربيع العربي) تجاه القضية الفلسطينية. وفي مجال الصراع مع إسرائيل. لم تتحقق ولو في جزءٍ صغير منها، فهذه الدول ما زالت تعيش إرهاصات التحولات فيها وإشكالاتها الداخلية، وفلسطين والصراع مع العدو،لا يحتلان أولوية في أجنداتها وبالتالي فلا متغيرات حقيقية تنعكس إيجاباً على المشروع الوطني الفلسطيني. الوضع الدولي: فلسطين على الأجندة الدولية ليست أولوية أولى.إننا نشهد ترتيبا جديدا للأولويات. فالموضوع النووي الإيراني يحتل الصدارة. ثم إن الحراكات الجماهيرية العربية تحتل مكانا متقدما بين الأولويات وبخاصة الصراع في سوريا. إسرائيل في وضع مرتاح بالمعنى النسبي.لا يجري كشف جرائمها إلا من انتقادات واحتجاجات على الاستيطان الإسرائيلي، وهو ما لا تحسب حسابه إسرائيل. وتقوم بفرض حقائقها على الأرض. لذا من الطبيعي: أن يطلب نتنياهو من عباس عبر موفده مولخو " العمل على تهدئة الأوضاع في المناطق المحتلة ". إنجاز قبول الدولة المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة كصمود المقاومة في حرب الثمانية أيام لم يجر استثمارهما للأسف في إنجاز المصالحة الفلسطينية والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية. ولم يجر إحياء للمقاومة وأحد أبرز أشكالها: الكفاح المسلح. ولم يجر إصلاح لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكل ذلك: فإن الأجواء مهيأة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. غير أن الانتفاضة بحاجة إلى قيادة فلسطينية موحدة(وهذه تفتقدها الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام). إضافة إلى أن عباس قال في خطاب له حول الموضوع: " بدأت إسرائيل في تطوير المواجهات باستخدام الرصاص الحي لقتل شبابنا وأطفالنا. هم يريدون إيصالنا إلى مرحلة لا نريدها " في إشارة إلى الانتفاضة بالطبع! ما لم يقله صراحة عباس قاله نبيل شعث لصحيفة "معاريف" من (أنه لا يوجد مخطط لانتفاضة ثالثة). نقول ذلك لأن الانتفاضة تعتبر مقاومة شعبية. وهو ما ينادي به عباس. رغم ذلك: لا يريد الوصول إلى مرحلة الانتفاضة! وهذا ما يؤثر سلباً على اندلاعها. لكن في كثير من الأحيان: فإن اندلاع الانتفاضات الشعبية لا يرتبط بالواقع السياسي المعاش ولا بالحسابات هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية: فإن الانتفاضة تندلع" بشرارة "والتي تأتي في معظم الأحيان نتيجة حدث غير متوقع. وربما سيكون الأسرى وقتل جرادات هي هذه الشرارة. كل ذلك يجري في ظل وجود أرضية وأجواء مهيأة. أغلب الاحتمالات أن انتفاضة فلسطينية ستندلع في فترة قريبة. ما دامت الأوضاع السياسية جامدة إلى هذا الحد في الوضع الفلسطيني المثقل بالأزمات المالية والسياسية والبنيوية التنظيمية. وفي ظل عدم استقرار الوضع العربي. وفي ظل ميزان قوى دولي منحاز بالكامل للطرف الصهيوني.الأدق تعبيرا أننا في المرحلة الحالية. على حافة الغليان وعلى أبواب انتفاضة فلسطينية ثالثة وشاملة.
714
| 28 فبراير 2013
من جديد. نحن أمام زيارة هامة للمنطقة يقوم بها رأس الهرم الأمريكي والمسؤول الأول في الإدارة. بدأت التكهنات والتوقعات تدب في عقول وكتابات وتحليلات العديدين السياسية : بأن حركة جديدة ستعمل على ترميم عظام التسوية. لقد أعلن البيت الأبيض عن جولة رسمية سيقوم بها الرئيس أوباما إلى الكيان الصهيوني ورام الله والأردن في20-21 مارس القادم. مع الإعلان قفز أيضا منسوب التفاؤل لدى الكثيرين من السياسيين والمراقبين والمحللين: بأن أوباما سيعمل جاهدا هذه المرة من أجل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. من خلال مشروع جديد للتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل!. هذه الزيارة هي الأولى لأوباما في بداية ولايته الثانية،وهي الأولى أيضاً التي يقوم بها إلى الدولة الصهيونية، وتأتي بعد تعيين جون كيري وزيراً للخارجية. وإثر زوبعة أثارتها إسرائيل على اختيار أوباما لتشاك هاغل وزيراً للدفاع، وتأتي مسبوقة بنتائج لانتخابات التي جرت في كل من واشنطن وتل أبيب وتداعياتها وبخاصة في الأخيرة. قبيل الزيارة أيضاً: ظهرت تحليلات سياسية كثيرة توحي مباشرة أو بطريق غير مباشر عمّا يسمى بوجود "تناقضات بين نتنياهو وأوباما" بسبب أن الأول كان من أكبر مشجعي مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، الذي كان قد أعلن من قبل : أنه إذا ما فاز في الانتخابات فإن زيارته الأولى ستكون إلى إسرائيل. هذه المسألة من وجهة نظر كثيرين: أسست لذلك التناقض. بدايةً، فإن ما يبدو أنه اختلافات جوهرية بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو هو محض وهم قد تكون هناك تباينات بين الطرفين لكن لا يمكنها الوصول إلى حدود التناقض. القادة الإسرائيليون يحسنون ابتزاز كل من مرشحي الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. يعلنون تأييدهم الأكبر لأحدهما وبذلك يضمنون ولاءه للدولة الصهيونية. وإذا لم يفز،فإن هاجس الثاني يكون: إثبات ولائه لهذه الدولة هذا ما حصل بالنسبة لرومني وأوباما. أيضاً: فعندما يجري تعيين من لإسرائيل ملاحظات عليه. في منصب مهم في إدارة الفائز،تطلق عليه اتهامات مكشوفة قاسية،حتى يكون هدفه الأكبر:الوصول إلى الرضى الإسرائيلي،هذا ما حصل بالنسبة لتشاك هاغال الذي يؤكد في كل تصريح له عن(عشقه) لإسرائيل. التهم الإسرائيلية للمسؤولين في الدول الحليفة تكون دائماً جاهزة ومنها"العداء للسامية" وتشكل تهديداً دائماً لهم. من ناحية أخرى: فإن المقرر الأساسي للسياسات الإستراتيجية الأمريكية (خاصة بالنسبة لإسرائيل) هو: المجمع الصناعي العسكري المالي بالتعاون مع الإيباك (فيما يخص دولة الكيان). أما الرئيس الأمريكي فهو الواجهة لتنفيذ هذه السياسات نقول ذلك في الوقت الذي تخلى فيه أوباما عمّا قطعه على نفسه من وعود في خطابيه في كل من أنقره والقاهرة: عن عزم إدارته التعامل بأسس جديدة مع العالمين العربي والإسلامي. وعاد إلى السياسة الصقورية. لقد تخلى عن كل اشتراطاته بالنسبة لإعادة التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وبات يردد المفهوم الصهيوني للتسوية: باعتبار الاستيطان لا يشكل عقبة أمام العودة إلى المفاوضات.تراجع أوباما عن تواريخه بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وتبنى مجمل المواقف الإسرائيلية بالنسبة لكافة القضايا المطروحة على طاولة التسوية واعترفت أمريكا"بيهودية إسرائيل". أما على صعيد التفاؤل بربط الزيارة من أجل تحقيق التسوية فقد حرص البيت الأبيض على الإسراع في كبح هذه التطلعات من خلال القول: "إن الزيارة فرصة لتنسيق مواقف البلدين بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك".هذا ما أكده بروس جنتلسون البروفيسور في جامعة ديوك والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية من خلال القول: "إن الرحلات الرئاسية لا تصلح سوى لملء الفراغ فإذا نظرتم إلى الرحلات التي قام بها الرئيس أوباما إلى الصين أثناء ولايته الأولى على سبيل المثال،فإن المسألة تتعلق بتحسين العلاقات". هذا أولاً. ثانياً: فإن الأولوية الكبرى لنتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في دولة الكيان هي: كبح جماح المشروع النووي الإيراني،هذا ما أعلنه مراراً وتكراراً. وآخر مرة كانت: تصريحه عند مغادرته مقر شيمون بيريز رئيس الدولة بُعيد تكليفه بتشكيل الحكومة، بالتالي:لا تشكل التسوية هاجسا لنتنياهو هذا بالرغم مما جاء على لسانه في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الذي انعقد في تل أبيب "من أنه ما يزال يؤمن بحل الدولتين". بالمعنى العملي: من خلال الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية انعدمت فرصة هذا الحل إمعاناً في التحدي وبُعيد الإعلان عن زيارة أوباما. صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 90 وحدة استيطانية في الضفة الغربية. لكل ذلك فإن أهداف زيارة أوباما تتمثل في: أولاً: التأكيد على عمق العلاقات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ثانياً: التزام الولايات المتحدة الكامل بالأمن والوجود الإسرائيلي وفق ما تقرره إسرائيل. ثالثاً: الرد على الأقوال والمغالطات التي تحدثت عن تناقضات بين أوباما ونتنياهو. وتوجيه رسالة للكونغرس الأمريكي ولإسرائيل : بأن إدارة أوباما هي الأخلص بالنسبة لإسرائيل. رابعاً: تنسيق المواقف فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني وقضايا التسوية. خامساً: ممارسة المزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني بالعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل دون شروط مسبقة. والاقتراب من المواقف الإسرائيلية للتسوية وعدم إنجاز المصالحة. من أجل ذلك وعد الكونغرس الأمريكي بقرب استئناف المنحة الأمريكية للسلطة بعد إيقافها. سادساً: ممارسة الضغط على الأردن لتحمل عبء المسؤولية بقبول فكرة الكونفيدرالية مع الأراضي الفلسطينية. سابعاً: الاستمرار في ممارسة الخداع الأمريكي للعرب: بأن الولايات المتحدة مع نشر الديمقراطية في العالم العربي. لكل ذلك يأتي أوباما إلى المنطقة لا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية. ولا من أجل إنصافهم ولا لتحقيق العدالة لهم وإنما من أجل إعلان المزيد من التأييد لإسرائيل. إن كثيرين يحولون إلباس الزيارة غير ما تحتمل. أهداف الزيارة واضحة وضوح الشمس ومعروفة النتائج مسبقا.
298
| 22 فبراير 2013
لعبة تتقنها إسرائيل جيداً: اقتراف المذابح وممارسة التطهير العرقي وتهجير الفلسطينيين. وممارسة أبشع أشكال التمييز العنصري ضدّهم. والسماح لهم في آن معاً بالترشح وممارسة التصويت للانتخابات التشريعية للكنيست. تذهب إلى العالم بالمسألة الأخيرة لتقول: إنها دولة"ديمقراطية"! يعيش العرب فيها على قدم المساواة مع اليهود! في هذا الوقت الذي تشير فيه قوانين الأساس (والتي هي بديل للدستور) في الدولة الصهيونية إلى أنها"دولة يهودية". هذا ما أكدّت عليه في إعلان ما يسمى" باستقلالها"في عام 1948. وهذا ما صادقت عليه الكنيست في أعوام تالية، وما قامت به حكومة مناحيم بيغن في عام 1977: "بتحصين الطابع اليهودي للدولة"، فوفقاً لمحكمة العدل العليا ينص القانون: "عندما تواجه المحكمة بسؤال قانوني يتطلب قراراً لا يوجد جواب له في القانون الوضعي. يتوجب عليها أن تقرر في ضوء مبادئ الحرية،العدالة،المساواة والسلام الخاصة بالتراث اليهودي". إسرائيل طلبت وما تزال من دول العالم ومن الدول العربية والفلسطينيين: الاعتراف "بيهوديتها" وجعلت من ذلك اشتراطاً للتسوية مع الطرفين الأخيرين. القضاء الإسرائيلي يلغي المنع الذي فرضته لجنة الانتخابات على الناشطة الفلسطينية حنين زعبي من الترشح للانتخابات،ويبرئ قتله الناشطة الأمريكية راشيل كوري. التي قتلتها عن سابق إصرار وعمد. جرافة إسرائيلية بقرار من الجيش الإسرائيلي المحتل،وهي تحاول منع الجرافة من هدم بيت فلسطيني.إنه نفس القضاء الذي أباح تعذيب الأسرى الفلسطينيين على أيدي المخابرات الإسرائيلية. إنه نفس القضاء الذي حكم على الضابط المسؤول (شيدمي) عن مجزرة دير ياسين. بقرش واحد. ونفس القضاء الذي يبرئ قتل الفلسطينيين على أيدي رعاع المستوطنين. وعصابات القتل الصهيونية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ونفس القضاء الذي يبيح للجيش: مصادرة الأرض الفلسطينية. والبيوت وهدمها. ونفس القضاء الذي هو باعتراف مركز العدالة(المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل)وبعض مراكز حقوق الإنسان الإسرائيلية الأخرى، وبعض المراكز الحقوقية الدولية،يمارس تمييزاً عنصرياً في الأحكام بين اليهود والفلسطينيين الذين يتوجهون إليه. أليس غريباً هذا التناقض في القضاء الإسرائيلي عندما يتعلق الأمر بصورة إسرائيل (الدموقراطية) وإظهار هذه الصورة أمام العالم؟ففي الحالة هذه: يصدر في بعض قراراته لصالح العرب في إسرائيل، وفي الوقت الذي يحاكم فيه قضايا حقوقية أخرى تتعلق بالعرب: يُصدر قرارات ملزمة لصالح الدولة والجيش والاحتلال والمخابرات؟ صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية وقبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة للكنيست التاسعة عشرة: قامت بنشر مقالة باللغة العربية على صدر صفحة رئيسة من صفحاتها (وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخها) تخاطب فيها عرب 48 وتحثهم على التصويت لانتخابات الكنيست،وتقوم بإنشاء مراكز استطلاعات رأي خاصة مثل: "المركز الإسرائيلي للديمقراطية "و"كيرين أفراهام - صندوق إبراهيم"تدعو العرب فيها للتصويت! أكل هذا حرص على مشاركة العرب في الانتخابات؟ أم لأن ذلك يخدم الاستراتيجية الإسرائيلية،ويخدم صورة إسرائيل"الديمقراطية".للعلم في إسرائيل 20 قانوناً مميزاً ضد عرب 48 (17 منها هي قوانين مميزة بشكل مباشر و3 تميز بشكل غير مباشر بين اليهود والعرب).هذه قوانين أساس تتعلق بالمسائل التالية:مصادر القانون الإسرائيلي، حقوق المواطنة، حقوق المشاركة السياسية،حقوق الإسكان والأرض،الحقوق الثقافية، حقوق التعليم،الحقوق الدينية.أما القوانين الثلاثة التي تميز بشكل غير مباشر فتسخدم للسيطرة اليهودية والحد من حقوق الأقلية العربية فيما يتعلق بالأرض والإسكان. للعلم أيضاً: فإنه ورغم تواجد النواب العرب في الكنيست فقد سنّت الأخيرة 32 قانوناً عنصرياً ضد العرب حتى العام 2008 (أي بعد ستين عاماً من إنشاء الدولة الصهيونية). وفي الأعوام الأربعة الأخيرة فقط(إلى ما قبل آخر انتخابات أجريت في 22 يناير الماضي) تم سن 8 قوانين عنصرية، الأمر الذي يعني شيئاً واحداً فقط:أنه ومع مرور الزمن فإن نتائج الانتخابات التشريعية تبين: أن الذي يتطور في إسرائيل هو عنصريتها ومذابحها وفاشيتها وإصرارها على أن تكون دولة لليهود فقط، بما يعنيه ذلك من إمكانية حقيقية لممارسة تهجير قسري (ترانسفير) للعرب فيها.القانون الأساس الإسرائيلي لا يسمح لحزب عربي خوض المعركة الانتخابية للكنيست إذا كان برنامجه السياسي لا يعترف بكون إسرائيل دولة الشعب اليهودي. فمثلاً إذا كان برنامج الحزب السياسي ينص على وجوب تعديل قانون العودة،أو إلغائه(هو قانون يسمح لكل يهودي في العالم بالهجرة إلى إسرائيل وحيازة الجنسية الإسرائيلية) لكونه يميز ضد الأقلية العربية. لن يسمح له بخوض المعركة الانتخابية! وعليه لا يستطيع حزب عربي يريد المشاركة في المعركة الانتخابية أن يطالب بالمساواة الكاملة للأقلية العربية في برنامجه السياسي. إن النائب الفلسطيني العربي الناجح في الانتخابات عليه أن يقسم على الولاء لدولة إسرائيل اليهودية. ولا يحق له الامتناع عن ذلك، لأن القَسَمْ مفروض على كل ما حازوا على عضوية الكنيست. المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية هو موضوع خلافي بين جماهيرنا وأهلنا في المنطقة المحتلة عام 1948،وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أُجريت في أوساطهم مؤخرا: فإن النسبة هي 50-50% أي أن النصف مع المشاركة والنصف الآخر ضدها.في الوقت الذي نحترم فيه وجهة نظر المشاركين(مع أننا نقف ضد هذه المشاركة) فإننا نتوجه إليهم بالسؤال التالي:ماذا تحقق لكم من كل هذه المشاركات في الكنيست؟ ليس من الصعوبة بمكان معرفة الجواب،فمع أن المشاركة جاءت منذ الكنسيت الأولى، فإن ما تحقق هو المزيد من التطرف والعنصرية والإجرام الإسرائيلي. ومزيداً من اضطهاد أهلنا في منطقة 48. وسن القوانين العنصرية ضدهم.قد يقول قائل من مؤيدي المشاركة: نستطيع قول رأينا في الكنيست،ونستطيع الحد من العنصرية والتطرف. والرد على الفاشيين،ونستطيع منع تمرير بعض القوانين والمحافظة على حقوقنا....إلى آخر الأقوال التي تبرر مبدأ المشاركة!بمختصر مفيد نجيب:أن ما يستطيع النواب العرب في الكنيست تحقيقه(وهو جد ضئيل) لايوازي نقطة في بحر الإيجابيات التي تجنيها إسرائيل من وراء هذه المشاركة: فهي تبدو وكأنها دولة (ديمقراطية) مع أنها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية (التي يجري تطبيقها على اليهود فقط، ومع ذلك فإن هناك تمايز بين اليهود أنفسهم، بين الشرقيين "السفارديم"والأشكناز"الغربيين"). الديمقراطية هي كل واحد لا يتجزأ. فلا يمكن لحزب أن يكون ديمقراطياً وصهيونياً في الوقت نفسه، وديمقراطياً وعنصرياً، وديمقراطياً وفاشياً، وديمقراطياً وعدوانياً! باستثناء الحزب الشيوعي الإسرائيلي(راكاح) والقوائم العربية، فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية: صهيونية حتى العظم. برغم فرزها إلى يمين ووسط ويسار! الأدق استعمال توصيف آخر:أحزاب أقل تطرفاً،أحزاب متطرفة،أحزاب أكثر تطرفاً. حزب راكاح يشارك من مبدأ ماركسي يقول: بجواز المشاركة في البرلمانات البورجوازية. لكن هذا لا ينطبق على إسرائيل التي هي أقرب إلى التشكيل النازي،والفاشي. دولة أُنشئت قسراً على أنقاض شعب اقترفت بحقه جرائم التهجير والتطهير العرقي والمذابح،وأنقاض أرض جرى الاستيلاء عليها بالقوة.لذلك لا ينطبق على إسرائيل المسار الطبيعي في التطور وبناء الدولة،لذلك فإن الحزب الشيوعي يمارس خطأً تكتيكياً في المشاركة بالانتخابات. كذلك هي الأحزاب والتجمعات المشاركة الأخرى.قطاعات عريضة من أبناء شعبنا ترفض المشاركة،وهذه تتسع يوماً بعد يوم ومن أبرز هذه القوى الرافضة للمشاركة: حركة أبناء البلد،الإسلاميون(الشق الشمالي-أم الفحم). كان خطأ كبيراً صدور بيان من الجامعة العربية يحث عرب 48 على التصويت في الانتخابات لمنع تصدر المتطرفين. الذي حصل هو العكس. القضية مطروحة للنقاش،واتساع الجدل فيها يلقي المزيد من الأضواء عليها، ويغني أية توجهات: سواء مع المشاركة أو عدمها.
345
| 15 فبراير 2013
يأخذ بعض الباحثين والمحللين السياسيين خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مناسبة تجديد ولايته الثانية، والتحولات الطارئة على مجمل السياسات الأمريكية في المنطقة، كأساسين لنهج إستراتيجي جديد تتخذه واشنطن فيما يتعلق بالشرق الأوسط. يستشهد، جاء ذلك بعد الفشل في تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة، في ظل تبدل الأوضاع عالمياً وتغير في المناخ الدولي. أصحاب وجهات النظر هذه يرون أن الإدارة الأمريكية في ولاية أوباما الثانية أكثر تحرراً من الضغوط. ولذلك ستُقدم على قرارات تاريخية جريئة لعقد التسويات وإحلال السلام والقبول بالشراكة الدولية. فهناك قرار استراتيجي بإطلاق رؤية جديدة للعمل في المجال الدولي وفي كيفية التعامل مع ملفات وأزمات المنطقة. يأتي كل ذلك من وجهات نظرهم نتيجة للفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان. وثبات المقاومة في لبنان، وعودة روسيا إلى الساحة الدولية وصعود الصين وغير ذلك من العوامل. بداية، فإن الخطوط الإستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بالشرق الأوسط جرى تحديدها في عام 1947 بقرار اتخذه الكونغرس الأمريكي في عهد الرئيس ترومان (بعد أفول بريطانيا) وعرف "بقرار فاندنبرغ" وهو يدعو: إلى انتهاج سياسية أمريكية معادية للشيوعية في الشرق الأوسط، على أساس الاتفاقات الجماعية (مع دول المنطقة) حيث أمكن ذلك، والعمل الانفرادي حين تدعو الحاجة. إعطاء الولايات المتحدة حق استخدام القوة حيثما تعتبر ذلك ضرورياً حتى وإن تناقض ذلك مع القانون الدولي المعاصر وقرارات الأمم المتحدة. أيضاً تسييد مبدأ الاحتواء (Containment) والمبدأ الذي يرتكز إلى مفهوم توراتي وهو (من ليس معنا فهو ضدنا). من أجل تحقيق سياساتها اتخذت الولايات المتحدة أساليب كثيرة من بينها: تقديم مساعدات للدول الأخرى، إنشاء مشاريع اقتصادية: مشروع مارشال، ومشروع النقطة الرابعة H4. إيجاد واجهات ويافطات للتدخل تحت مسميات كثيرة: ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، تفعيل دور المخابرات المركزية، التدخل العسكري (إنزال عسكري في لبنان عام 1958) أحلاف: حلف بغداد وغيرها. واشنطن غطت كل تدخلاتها بعناوين مثل "الاستجابة" لنداء المبدأ، "حق الشعوب في تقرير مصيرها". تنفيذ مبادئ الرئيس ويدرو ويلسون الأربعة عشرة التي أعلنها بعد الحرب العالمية الأولى وجعل منها أسساً للسياسة الخارجية الأمريكية. (هشام شرابي، المقاومة الفلسطينية في وجه إسرائيل وأميركا، دار النهار للنشر، بيروت 1970، ص37-53). بعد إنشاء إسرائيل وبمساعدة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية، جعلت أمريكا من هذا الإنشاء: ركناً استراتيجياً أمريكياً لسياساتها الخارجية في المنطقة، والمحافظة على الأمن الإسرائيلي أولاً وأخيراً. حاول جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي في ولايتي الرئيس أيزنهاور: تجسيد الخطوط الإستراتيجية الأمريكية من خلال الجمع بين مفهومي "الإمبريالية" و "الأخلاقية"، من خلال تعبير "الإمبريالية الأخلاقية" لذلك فإن "الحرب الباردة" هي"كفاح بين قوى الخير-أمريكا والغرب- وقوى الشر-الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية". لقد اعتبر دالاس الشرق الأوسط ذات أهمية فائقة في" الحرب الباردة". ذلك تماشى مع اعتبار الرئيس أيرنهاور (الذي كان قد شغل منصب القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي إبّان الحرب العالمية الثانية) للشرق الأوسط بأنه المنطقة الأهم في العالم. حرصت الولايات المتحدة على إبقاء الاتحاد السوفيتي خارج المنطقة، تقوية إسرائيل بالمعنيين الاقتصادي والتسليحي، عدم السماح للدول العربية بامتلاك أسلحة تهدد الأمن الإسرائيلي. التدخل المباشر في حروب إسرائيل مع الدول العربية. سياسة الأحلاف مع دول المنطقة. التآمر مع إسرائيل لهزيمة وإسقاط عبدالناصر في عام 1967. قبل ذلك التآمر على الوحدة بين مصر وسوريا، فقد حدث الانفصال في عام 1961 وغيرها من الخطوات. الولايات المتحدة وتنفيذاً لسياساتها اتبعت أسلوب الحصار الاقتصادي للدول. من ناحية ثانية تجدر الإشارة إلى دور المجمع الصناعي المالي الأمريكي في السياسة الخارجية. لقد تحدث الرئيس الأمريكي أيزنهاور في خطابه الوداعي إلى الشعب الأمريكي مساء يوم 17 يناير من عام 1961 عن خطر هذا المجمع قائلاً: "عليّ أن أقول صراحة: أن هناك مجموعة صناعية عسكرية، مالية، سياسية، فكرية تمارس نفوذاً غير مسبوق في التجربة الأمريكية، ومع أننا نتفهم الظروف التي أدت إلى نشأة هذه المجموعة. فإننا لابد وأن نحذر من وصولها إلى موقع التأثير المعنوي والسياسي والعملي على القرار الأمريكي، لأن في ذلك خطرا شديدا علينا قبل أن يكون خطراً على غيرنا". الملاحظة الأهم: أن الشركات الكبرى وهي القوة الصانعة للعولمة، هي الأسخى تبرعاً لمرشحي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي الأكبر إسهاماً في تمويل نشاطات مؤسسات ومراكز البحث السياسي والاستراتيجي. بالمعنى العملي، فإن تأثيرات هذا المجمع زادت أضعافاً مضاعفة مقارنة مع الستينيات في التأثير على السياسات الخارجية الأمريكية (بيتر مارتن، هارولد شومان، فخ العولمة، الطبعة الثانية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 2003، ص212). جاء جورج بوش الابن إلى الرئاسة وهو وإداراته الصقورية طرحاً مبدأ الضربات الاستباقية وشعار "من ليس معنا فهو ضدنا" وبخاصة بعد أحداث نيويورك في عام (2001)، فتم غزو أفغانستان والعراق، وابتدأ العجز في الميزانية الأمريكية فيما بعد وتتابعت الأحداث التي نعيش إرهاصاتها الآن. استعراض ما سبق هَدَفَ إلى إثبات المسائل التالية: أولاً: "أن الإستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بالمنطقة هي ثابتة. ما يتحول فيها هو أنماط التعامل وفقاً لطبيعة الحدث وظروفه. هذه المسألة هي أقرب إلى التكتيك السياسي المتحرك أكثر منه تغييراً للإستراتيجية. ثانياً: إن الصانع الحقيقي للإستراتيجية هو رأس المال المالي المتمثل في المجمع الصناعي العسكري، الإدارات الأمريكية المتعاقبة هي واجهات تمثيلية لإستراتيجية المجمع. ثالثاً: إن ما بدا أنه شعارات جديدة في السياسات الأميركية: الضربات الاستباقية وشعار "من ليس معنا فهو ضدنا" هي مبادئ أساسية في الإستراتيجية الأمريكية جرى رسم ملامحها ووضع أسسها في الأربعينيات. رابعاً: إن ما يبدو حالياً من إستراتيجية أمريكية جديدة هي توجهات يمكن تغييرها سريعاً. كمثل على ذلك نقول: خطاب أوباما في جامعة القاهرة والذي وعد فيه باتباع أساليب جديدة قائمة على التفاوض والاحترام في التعامل مع العالمين: العربي والإسلامي. وكان ذلك بُعيد تسلمه للرئاسة في ولايته الأولى، ضرب أباما بوعوده عرض الحائط. وكرّر تجربة حقبة بوش الابن بكل ما فيها من صقورية. كذلك وعوده حول الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية. صحيح أن الولايات المتحدة قد أخفقت في العراق، لكنها سيطرت على بتروله، وملأت أراضيه بالقواعد العسكرية الأمريكية، ثم أعادته عقوداً طويلة للوراء فيما يتعلق بقواته وقدراته القتالية. كل هذه العوامل أنجزتها الولايات المتحدة الأمريكية.. تتمحور السياسة الأمريكية الآن في تفتيت وتجزئة الدول العربية وهذا ما يجر تنفيذه. جملة القول: إننا لسنا أمام إستراتيجية أمريكية جديدة في المنطقة، وإنما أمام تحولات سياسية تكتيكية.
497
| 08 فبراير 2013
صحيح لقد حصلت مفاجآت في الانتخابات التشريعية الصهيونية. لكن الجوهر لم يمسسه شيء وبقي العنوان: "المزيد من التطرف " هو عنوان المرحلة الإسرائيلية القادمة. فقد دللت النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست التاسعة عشرة: فوز المتطرفين والأكثر تطرفا الذين حصلوا على الغالبية النسبية من الـ 120 مقعدا (أكثر من 60 صوتا). الأمر الذي يشي بأن الحكومة القادمة ستكون أكثر تطرفا من الماضية (القائمة). نرى من الضروري بداية توضيح مفهومي: اليمين واليسار في إسرائيل: إنهما نسبيان، قد ينطبقان على مفاهيم الأحزاب فيما يتعلق بالحياة الداخلية الإسرائيلية بتطبيقاتها الاقتصادية بشكل خاص، لكن المفهومين لا ينطبقان على وجهات النظر السياسية لكلا أحزاب اليمين وما يسمى باليسار، فباستثناء الحزب الشيوعي والقوائم العربية. فإن كافة أحزاب المعسكرين صهيونية حتى العظم، ولا يمكن الجمع بالطبع بين الصهيونية كمعتقد أيدلوجي -سياسي وبين مفهوم اليسار بمعناه العلمي المصطلح والمتعارف عليه. لذلك فيما يتعلق برؤية الأحزاب الإسرائيلية للتسوية (ما يسمى بالسلام) مع الفلسطينيين والعرب، فإن الأكثر دقة في توصيف هذه الأحزاب جميعها هو القول: الأحزاب الأقل تطرفا. الأحزاب المتطرفة. والأحزاب الأكثر تطرفا وهذه تتضمن الأحزاب الفاشية. إن مظهراً آخر يتلازم مع مفهوم الصهيونية هو مفهوم العنصرية بكافة أشكالها وصولاً إلى الفاشية، فالحزب الذي يعتنق الأيديولوجيا الصهيونية هو بالضرورة على أتم الاستعداد لتبني الفاشية وإن ادّعى عكس ذلك في سياساته. كثيرون من المراقبين رأوا في فوز قائمة الحزب الجديد: "يوجد مستقبل "ييش عتيد " بـ 19 مقعدا. إضعافا لنتنياهو. باعتبار الحزب ينتمي إلى تيار(الوسط)! أن هذا الحزب يختلف مع الليكود في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية وليس في السياسات وتحديدا في التسوية مع الفلسطينيين والعرب. لذلك سارع نتنياهو بُعيد إعلان النتائج إلى التصريح: بأنه بدأ مشاوراته مع هذا الحزب لضمه إلى الائتلاف الحكومي القادم. أما زعيم الحزب يئير لبيد فقد صرح قائلا " بأنه لن يعمل مع ائتلاف يهدف إلى منع نتنياهو من تسلم رئاسة الحكومة". حزب " شاس " للمتدينين الشرقيين حصل على 11 مقعدا. حزب " البيت اليهودي " حصل على 11 مقعدا. حزب " يهودات هاتوراة " حصل على 7 مقاعد . فحتى من دون " ييش عتيد " يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة بأغلبة 61 مقعدا وبه" يوجد مستقبل " تصبح مقاعد الحكومة 80 مقعدا. نتنياهو قد يستجيب لبعض اشتراطات حزب " ييش عتيد " الاقتصادية والاجتماعية من أجل ضمه إلى الائتلاف الحكومي مثلما فعل مع الأحزاب الدينية ما دامت كافة هذه الأحزاب متفقة على السياسات الاستيطانية وعلى المواقف من التسوية. أن السياسات العامة للحكومة الإسرائيلية القادمة ستتلخص فيما يلي: على صعيد الداخل الإسرائيلي:فإن نسبة تدخل الأحزاب الدينية في الشأن السياسي سيتزايد،الأمر الذي يجبر الحكومة الإسرائيلية القادمة(المؤهلة في الأساس) على الانصياع لطلبات واشتراطات هذه الأحزاب في الحياة الاقتصادية والأخرى السياسية والتطبيقات الاجتماعية أيضاً، وهذا أكثر ما شهدناه في الحياة الإسرائيلية. في الائتلاف الحكومي(القائم) الذي يقوم بتصريف الأعمال حاليا. وهو سيتزايد في المرحلة القادمة، ذلك سيؤثر اقتصادياً على إسرائيل من ناحية اقتطاع مليارات من الشواقل لصالح هذه الأحزاب من الميزانية الإسرائيلية وسيزيد من نسبة العجز الحالية. هذا بدوره سيؤدي إلى اقتطاعات كبيرة من أموال أشكال الضمان المختلفة: لتلبية احتياجات واشتراطات هذه الأحزاب وسط مظاهر يتآكل فيها في القطاع العام لصالح الخاص (سياسة نتنياهو). الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى أشكال كبيرة من الاحتجاجات. على صعيد أهلنا في منطقة 48: ستشهد المرحلة القادمة المزيد من التضييق عليهم في إسرائيل بالمعنيين الحياتي بكافة أشكاله وسبله،والقانوني من خلال سن قوانين عنصرية جديدة ضدهم. وسط أجواء من تصاعد وتنامي المظاهر العنصرية في الدولة الصهيونية. سيتفنن اليمين الأكثر تطرفاً في إسرائيل في اختراع الأساليب التي يستطيع من خلالها إجراء ترانسفير للكثير من العرب، وفي خلق التعقيدات السياسية الاقتصادية،الاجتماعية لهم حيث تتحول حياتهم إلى جحيم،بحيث يتم دفعهم دفعاً(وبخاصة الشباب) إلى الهجرة الطوعية. كذلك ستزداد الدعوات إلى تحقيق شعار"يهودية دولة إسرائيل" لتكون خالصة نقية لليهود دون وجود العرب فيها. على صعيد التسوية مع الفلسطينيين:بدايةً فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية هي مع إبقاء القدس"عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل"وهي ضد حق العودة للاجئين، ومع اللاءات الأخرى الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية. وهي مع الاستيطان الذي ستزداد وتائره حيث إن نسبة ما تبقى للواهمين بإقامة الدولة الفلسطينية من مساحة فلسطين التاريخية ستقل كثيراً عن النسبة الحالية(12% وليس 22% وفق آخر الإحصاءات) حيث يستحيل بشكل مطلق إقامة هذه الدولة بالمعنى الواقعي-العملي.ثم إن كافة الأحزاب الإسرائيلية: المتطرفة والأكثر تطرفا: مع بقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية،وهذا ما يدعو إلى التساؤلات:ماذا سيبقى من أراض لإقامة دولة عليها؟أين هي الفروقات في رؤية التسوية بين الأحزاب الإسرائيلية؟أين هو اليمين وما يسمى باليسار في هذه التشكيلات الحزبية؟ على صعيد التسوية مع العرب:إذا كان من يسمون بــ(الحمائم) في إسرائيل مثل: بيريز ،أولمرت، تسيبي ليفني، كانوا قد رفضوا ما يسمى بــ(مبادرة السلام العربية) ولكن بكلمات دبلوماسية.إذا كأن هؤلاء قد رفضوها صراحة(مع أنها تتجاهل حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة) فهل سيقبلها نتنياهو وليبرمان وعوفوديا يوسف؟ إسرائيل باختصار تريد استسلاماً كاملاً من العرب والفلسطينيين على قاعدة"السلام مقابل السلام"و ليس "السلام مقابل الأرض". على الصعيد الخارجي: ستقبل الولايات المتحدة والعديد من الدول بإسرائيل أيّاً كان يحكمها. وبعد:ألم يحن الوقت لنا كفلسطينيين وعرباً أدراك حقيقة إسرائيل وجوهر الصهيونية؟وأن نبني الاستراتيجية والتكتيك السياسي المفترضيْن الموائميْن لطبيعة هذه الدولة؟وأن نحرر عقولنا من أوهام: إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ وأن نستعد لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة؟ الحكومة القادمة في الكيان الصهيوني ستستمر في فرض حقائقها على الأرض. دون إعارة الاهتمام لا لقوانين دولية ولا لخواطر آخرين. الكرة الآن في الملعبين: الفلسطيني والعربي فهما المطالبان بمواجهة التآمر والمخططات الصهيونية.
315
| 31 يناير 2013
تعزيز اليمين المتطرف والآخر الأكثر تطرفا لمواقعهما خلال الانتخابات الأخيرة في إسرائيل ينبئ بتسخين الصراع الفلسطيني العربي - الصهيوني وعودته إلى مربعه الأول. مجمل الوضع الفلسطيني وكذلك العربي يساعدان على بدء انتفاضة فلسطينية ثالثة جديدة تكون أكثر عمقا ومدة زمنية هذه المرة. فقد كثر الحديث مؤخراً عن إمكانية اندلاع هذه الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبخاصة أن الأجواء السائدة حالياً أشبه ما تكون بأحوال ما قبل الانتفاضتين السابقتين.من جهة. فإن موظفي السلطة في الضفة الغربية يقومون بإضرابات متتالية نتيجة لعدم صرف رواتبهم الشهرية كاملة خلال الشهرين الأخيرين. من ناحية ثانية فإن السلطة تعيش أزمة خانقة بسبب الحصار المالي المفروض عليها. فتسديد المعونات لها لا يتم بشكل منتظم. الجامعة العربية مؤخراً استعدت بصرف 100 مليون دولار للسلطة شهرياً غير أن ذلك لا يتم حتى اللحظة. على صعيد آخر فإنه وأثناء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع في شهر نوفمبر الماضي. قامت في الضفة الغربية حراكات جماهيرية فلسطينية واسعة وساخنة في مواجهة قوات الاحتلال. إسرائيل ماضية في استيطانها وآخر حلقة فيه: المشروع"إي1" الذي يقسم شمال الضفة الغربية عن جنوبها. ويصادر 10% من أراضي الضفة الغربية.المشروع هو بمثابة المسمار الأخير في نعش المراهنة على حل الدولتين. فهو يلغي إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً.الاستيطان والجدار والطرق الالتفافية الإسرائيلية صادرت حتى اللحظة ما ينوف عن الـــ80% من مساحة الضفة الغربية،عدا عن أن المشروع الاستيطاني الأخير يزيد من عزلة المدن والقرى والمناطق الفلسطينية. ويجعل منها كانتونات معزولة تماماً بعضها عن بعض. على الصعيد السياسي:فإن الإنجاز الذي تحقق في الأمم المتحدة بقبول دولة فلسطين عضواً مراقباً في المنظمة الدولية. ظلّ إنجازاً معنوياً ليس إلا، ولا يمكن تطبيقه واقعاً على الأرض في ظل موازين قوى الصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني.من جانبٍ آخر فإن التسوية وصلت إلى طريق مسدود ومفاوضات عشرين عاماً مع إسرائيل لم تُنتج سوى الكوارث والويلات على المشروع الوطني الفلسطيني وقضيته وعلى الحقوق الفلسطينية.إسرائيل تريد فرض رؤيتها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب،وجوهرها:رضوخ كامل فلسطيني وعربي والمزيد من الاشتراطات عليهم.سقف التسوية هو شعار:"سلام مقابل سلام"وليس"سلام مقابل الأرض".كما أن الحقوق الفلسطينية تخُتزل إسرائيلياً بالحكم الذاتي،أي أن الفلسطينيين يشرفون على قضاياهم الحياتية دون امتلاك أية عناصر سيادية،ودون حق العودة والقدس وكامل حدود منطقة عام 1967،ودون المياه مع حق إسرائيل في دخول الأراضي الفلسطينية متى شاءت. وتواجد عسكري إسرائيلي في منطقة غور الأردن عدا عن ذلك: على الطرفين الفلسطيني والعربي الاعتراف"بيهودية دولة إسرائيل". على صعيد الداخل الإسرائيلي: فإن قوى اليمين الفاشي عززت من مواقعها والاحتمال الأبرز هو تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة ولكن الحكومة ستكون أكثر يمينية وتطرفا وفاشية من الحكومة السابقة. هذا يشير أيضاً إلى أننا أمام تسوية مذلّة واختزال أكبر للحقوق الفلسطينية والعربية. بالمقابل فإن السلطة الفلسطينية في ظل هذا التعنت الإسرائيلي الشديد. والتنكر المطلق للحقوق الوطنية الفلسطينية،لم تطرح استراتيجية بديلة لنهج المفاوضات بل تزداد يوماً بعد يوم تمسكا بها رغم عقمها ولا جدواها وآثارها التدميرية على القضية الفلسطينية.السلطة للأسف تعتبر المقاومة المشروعة(عنفا) بل (إرهابا) رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة يومياً على الأرض والإنسان في الأراضي المحتلة (في الضفة الغربية وقطاع غزة ومنطقة 48). بالمقابل أيضاً فإن السلطة الأخرى في قطاع غزة متمسكة بالتهدئة والهدنة مع العدو الصهيوني إلى أمد غير معلوم. إسرائيل ما تزال تمارس ذات الحصار على غزة. المقصود القول: إن إسرائيل في وضع ملائم دون عمليات عسكرية مقاومة ضدها،لا من قطاع غزة (إلا من تلك التي تجري دون سماح من السلطة القائمة ودون معرفتها). هذا في ظل التنسيق الأمني القائم بين السلطة في رام الله والكيان الصهيوني. الأخير سيفرض المزيد من القوانين العنصرية ضد أهلنا في منطقة 48،وسيستمر في وضع العراقيل أمام نيلهم لحقوقهم. عربياً:فإن الآمال الفلسطينية التي كانت معقودة على متغيرات إيجابية حول ما يسمى بــ(الربيع العربي) تجاه القضية الفلسطينية. وفي مجال الصراع مع إسرائيل. لم تتحقق ولو في جزءٍ صغير منها،فهذه الدول ما زالت تعيش إرهاصات التحولات فيها وإشكالاتها الداخلية،وفلسطين والصراع مع العدو،لا يحتلا أولوية في أجنداتها وبالتالي فلا متغيرات حقيقية تنعكس إيجاباً على المشروع الوطني الفلسطيني. الوضع الدولي هو ذات الوضع والذي يبقى في صالح إسرائيل. إلا من انتقادات واحتجاجات على الاستيطان الإسرائيلي،وهو ما لا تحسب حسابه إسرائيل. وتقوم بفرض حقائقها على الأرض.إنجاز قبول الدولة المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما صمود المقاومة في حرب الثمانية أيام لم يجر استثمارهما للأسف في إنجاز المصالحة الفلسطينية والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية. ولم يجر إحياء للمقاومة وأحد أبرز أشكالها: الكفاح المسلح ولم يجر إصلاح لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكل ذلك:فإن الأجواء مهيأة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وقد تشمل المنطقة المحتلة في عام 1948. غير أن الانتفاضة بحاجة إلى قيادة فلسطينية موحدة(وهذه تفتقدها الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام) وهذا ما يؤثر سلباً على اندلاعها. لكن في كثير من الأحيان: فإن اندلاع الانتفاضات الشعبية لا يرتبط بالواقع السياسي المعاش ولا بالحسابات هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية: فإن الانتفاضة تندلع "بالقشة التي تقصم ظهر البعير" والتي تأتي في معظم الأحيان نتيجة حدث غير متوقع. في ظل وجود أرضية وأجواء مهيأة. أغلب الاحتمالات أن انتفاضة فلسطينية ستندلع في فترة قريبة (قد تطول أو تقصر). ما دامت الأوضاع السياسية جامدة إلى هذا الحد في الوضع الفلسطيني المثقل بالأزمات المالية والسياسية والبنيوية التنظيمية. وفي ظل عدم استقرار الوضع العربي. وفي ظل ميزان قوى دولي منحاز بالكامل للطرف الصهيوني. الانتفاضة القادمة في استمرارها وعمقها ستكون مرهونة بالطريقة التي سيتم استغلالها بها.
398
| 25 يناير 2013
ما كشفه برلسكوني من"أن ما حدث في ليبيا لم يكن ربيعاً عربياً، أو ثورة شعبية بل تدخلاً أرادته فرنسا"، يمثل لطمة كبيرة لكل الذين راهنوا على ما يسمى بــ"الربيع العربي" وصدمةً لكل الإحساس الجماهيري الشعبي لأمتنا من المحيط إلى الخليج: في المراهنة على المتغيرات الثورية القادمة. وإمعاناً في المساس بشعور مقدس لمواطن هذه المنطقة يذهب رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق في توضيحه خلال مقابلته لوكالة الأنباء الإيطالية قائلاً "إن ما حدث في ليبيا جرى وفق قرار للحكومة الفرنسية بالذهاب إلى هناك، والتدخل في نزاع داخلي وتقديمه في إطار المجتمع الدولي على أنه ثورة، وهاجمت الطائرات الفرنسية ليبيا قبل أن يتم اتخاذ قرار مشترك والبدء في قصف قوات القذافي". ونحن نعيش إرهاصات مرور سنتين على بدء الانتفاضات العربية، فبالسؤال عما تم إنجازه من متغيرات ثورية على صعيد بلدان الثورات، يتضح أن هناك انفصاماً كبيراً بين مراهنات الجماهير الشعبية والأمة بأسرها وبين الواقع الصادم لوضع هذه المتغيرات. باختصار هي كانت انتفاضات جماهيرية في غالبيتها لكن لم تكتمل إلى ثورات، فأدنى أسس علم الثورات في مختلف المدارس الأيديولوجية-الفلسفية يفترض أن الثورة بحاجة إلى برنامج تقف من ورائه قوة قادرة على التغيير، والقوة بحاجة إلى قيادة متمكنة. والثورة بحاجة إلى كسر بنية النظام السابق إن من حيث القوى المشكلة له أو آلية عمله، وكذلك سياساته الاقتصادية الاجتماعية والسياسية، وهذا ما لم يحصل في بلدان ما يسمى بــ(الربيع العربي)!الذي حدث هو استبدال وجوه بأخرى في ظل وجود منفذي وأرباب سياسات العهد السابق أولاً، وجرى تكيّف القيادات الجديدة وفقاً للسياسات السابقة ثانيا، وهذا لم يجرِ عبثاً ولا عفوياً بقدر ما هي عملية تكالبية بين: قوى جديدة ساعدتها ظروفها على تسلم السلطة في بلدانها وقوى خارجية أرادت إزاحة خطوط مسار الانتفاضات العربية عن دربها الصحيح . بل أعادته خطوات كبيرة إلى الوراء. منذ نشأة القضية الفلسطينية وظهورها إلى الساحة. ارتبطت دوماً بالتحولات الكبرى العربية. فالثورات التي جرت في العالم العربي كان أحد شعاراتها الرئيسة العمل من أجل فلسطين، وكان الحكم على الثورة جماهيرياً(ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب وإنما على صعيد الأمة العربية أيضاً) يرتبط بمدى تبني هذه الثورة أو هذا المتغير العربي للقضية الفلسطينية اقتراباً أو ابتعاداً. هذا الأمر خلق نوعاً من الارتباط العضوي بين القضية الفلسطينية والتطورات العربية، حيث إن هذه المتغيرات العربية أثرت وتأثرت بالقضية الفلسطينية. والأخيرة أيضاً تأثرت وأثرت في الأحداث العربية. المتغيرات العربية الجديدة لم تؤد إلى تثوير الوضع العربي للأسف. لذا نرى أنه وبدلاً من المزيد من الالتصاق بين المسألتين شهدنا ونشهد مزيداً من النأي والانفكاك عن القضية الفلسطينية على قاعدة "أهل مكة أدرى بشعابها". هذا الأخير للأسف لعب فيه العامل الفلسطيني دوراً تقزيمياً. فبدلاً من المطالبة بتثوير الوضع العربي جرى العكس تماماً. وهو ما أدى إضافة إلى سياسة النأي التي ابتدأت بوادرها بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد. تلاها:اتفاقية أوسلو، ومن ثم: وادي عربة، واتفاقيات أخرى ظلّت خفية، الأمر الذي أدى إلى اختزال الصراع مع العدو من شكله العربي المتمثل في الصراع العربي-الصهيوني إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وصولاً إلى الخلاف أو النزاع(تصوروا ابتعاد هذه التعابير عن الحقيقة والواقع). بالتالي فإن المتغيرات العربية أيضاً: لم تؤد إلى وجوب التزام القيادات الحاكمة بالشعارات الجماهيرية. وبشكل خاص حول فلسطين، ففي حمّى انتفاضة الجماهير الشعبية في مصر كان شعار: وجوب إلغاء اتفاقية كامب ديفيد. وجرى حصار جماهيري للسفارة الإسرائيلية في القاهرة ومن ثم اقتحامها. وفي بلدان عربية أخرى تم رفع شعار تحرير فلسطين، إلا أن القيادات الجديدة وبدلاً من الالتزام بأيديولوجيتها السابقة وركائزها الإستراتجية (قبل تسلم الحكم) في التعامل مع العدو الصهيوني، تراجعت عن كل ذلك لصالح "التعايش مع إسرائيل"، و"عدم تحريم التطبيع معها"، وكان ذلك في ظل المزيد من التشدد الإسرائيلي في التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية أو الأخرى العربية. أو ما يسمى بــ"مبادرة السلام العربية" واشتراطات جديدة تريد إسرائيل فرضها على الفلسطينيين والعرب كالاعتراف بــ"يهودية الدولة الإسرائيلية" ومعادلة"سلام مقابل سلام" وليس "سلام مقابل الأرض"، هذا على سبيل المثال وليس الحصر. المتغيرات العربية لم تؤد إلى إيجاد مشروعين متناقضين عربيين تجاه التعامل مع إسرائيل. فالنظام الرسمي العربي حسم خياراته السياسية في ما أطلق عليه"مبادرة السلام العربية". بمعنى آخر لم تؤد المتغيرات إلى مبادرة إستراتيجية عربية جديدة. فهذه مرتبطة بوجود النظام السياسي الجديد. والاستجابة لضغوطات الجماهير من أجل التغيير باعتبار ذلك أمراً واقعاً. وهناك عوامل أخرى عديدة غيرها. لذا لم تحقق المتغيرات أسسا إستراتيجية جديدة. فقد قُطفت ثمارها قبل نضوجها. إن ما أدت إليه:هو ظهور تحالف رسمي عربي جديد بدلاً من آخر قديم. من حيث التأثير في الوضع العربي مع تناسٍ مطلق لهذا التأثير عموماً في الوضع الدولي سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا العربية المركزية الأخرى. منذ بداية الحراكات الجماهيرية العربية حرصت الولايات المتحدة (وهي تتكلم بلسان الببغاء الإسرائيلي) والدول الغربية عموماً: على خوض نقاشات ومقاربات وإجراء ندوات فكرية مع القوى المؤثرة في هذه الحراكات. في كل من واشنطن وعواصم هذه البلدان وذلك للأهداف التالية: أولاً: ضمان علاقات جيدة بين واشنطن والغرب عموماً والأنظمة الجديدة في هذه البلدان. بشكل تحرص فيه هذه البلدان على بناء(أو على استمرارية العلاقة بالشكل الذي كان) أفضل العلاقات مع الطرف الأول. وبخاصة أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات لهذه البلدان. ثانياً: الحرص على الاتفاقيات المعقودة بين بعض هذه البلدان وإسرائيل مثل اتفاقية "كامب ديفيد". وضمان عدم اتخاذ سياسات هذه البلدان لعلاقات راديكالية ثورية ضد إسرائيل بل بالصورة التي حددتها واشنطن: أن المدخل إليها يمر من البوابة الإسرائيلية. ثالثاً: استغلال الظروف القائمة حالياً لتمرير تسوية وبالشروط الإسرائيلية في المنطقة، والتي تراعي الأمن الإسرائيلي واشتراطاته. وعدم وجود مستقبلي لكل ما يهدد هذا الأمن: سواء من الدول العربية أو من دول المنطقة على طريق بناء الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، الذي تبرز فيه إسرائيل كدولة مهيمنة في الشرق الأوسط. هذا يتماشى مع سياسة محو وتقسيم البلدان العربية (وهو ما تناولناه في مقالة الخميس 10 يناير الحالي). لهذا فإن فكرة الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية لعقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة، وهو ما كان ينادي به طيلة ترؤسه للخارجية المصرية. توارت ولم يجر طرحها على جدول أعمال الجامعة حتى اللحظة. لهذا يجرى إشعال حرائق (فتن. استهداف. تهجير. تركيز إعلامي كبير على الخطر الفلسطيني القادم وغيرها) في المخيمات الفلسطينية في أكثر من بلد عربي. لهذا يجرى إعادة إحياء مفاهيم مثل: الفيدرالية. الكونفيدرالية. التقاسم الوظيفي. التوطين. إعادة التهجير. الوطن البديل وغيرها من الاصطلاحات الشبيهة. تمرير التسوية الإسرائيلية – الأمريكية – الغربية تظل الهاجس الأول والأخير لواشنطن. ولذا فلربما نشهد في القريب العاجل: محاولات عديدة لتمرير التسوية في المنطقة وإشعال حرائق جديدة في المنطقة العربية. ولكن ليس كل ما تخطط له إسرائيل وأمريكا وحلفائهما قدراً مفروضا علينا بل يمكن إفشاله مثلما تم إفشال الكثير من المحاولات السابقة.
420
| 18 يناير 2013
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4557
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3387
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1356
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1095
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
762
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
678
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
627
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
615
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية