رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يأخذ بعض الباحثين والمحللين السياسيين خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مناسبة تجديد ولايته الثانية، والتحولات الطارئة على مجمل السياسات الأمريكية في المنطقة، كأساسين لنهج إستراتيجي جديد تتخذه واشنطن فيما يتعلق بالشرق الأوسط. يستشهد، جاء ذلك بعد الفشل في تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة، في ظل تبدل الأوضاع عالمياً وتغير في المناخ الدولي. أصحاب وجهات النظر هذه يرون أن الإدارة الأمريكية في ولاية أوباما الثانية أكثر تحرراً من الضغوط. ولذلك ستُقدم على قرارات تاريخية جريئة لعقد التسويات وإحلال السلام والقبول بالشراكة الدولية. فهناك قرار استراتيجي بإطلاق رؤية جديدة للعمل في المجال الدولي وفي كيفية التعامل مع ملفات وأزمات المنطقة. يأتي كل ذلك من وجهات نظرهم نتيجة للفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان. وثبات المقاومة في لبنان، وعودة روسيا إلى الساحة الدولية وصعود الصين وغير ذلك من العوامل.
بداية، فإن الخطوط الإستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بالشرق الأوسط جرى تحديدها في عام 1947 بقرار اتخذه الكونغرس الأمريكي في عهد الرئيس ترومان (بعد أفول بريطانيا) وعرف "بقرار فاندنبرغ" وهو يدعو: إلى انتهاج سياسية أمريكية معادية للشيوعية في الشرق الأوسط، على أساس الاتفاقات الجماعية (مع دول المنطقة) حيث أمكن ذلك، والعمل الانفرادي حين تدعو الحاجة. إعطاء الولايات المتحدة حق استخدام القوة حيثما تعتبر ذلك ضرورياً حتى وإن تناقض ذلك مع القانون الدولي المعاصر وقرارات الأمم المتحدة. أيضاً تسييد مبدأ الاحتواء (Containment) والمبدأ الذي يرتكز إلى مفهوم توراتي وهو (من ليس معنا فهو ضدنا).
من أجل تحقيق سياساتها اتخذت الولايات المتحدة أساليب كثيرة من بينها: تقديم مساعدات للدول الأخرى، إنشاء مشاريع اقتصادية: مشروع مارشال، ومشروع النقطة الرابعة H4. إيجاد واجهات ويافطات للتدخل تحت مسميات كثيرة: ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، تفعيل دور المخابرات المركزية، التدخل العسكري (إنزال عسكري في لبنان عام 1958) أحلاف: حلف بغداد وغيرها.
واشنطن غطت كل تدخلاتها بعناوين مثل "الاستجابة" لنداء المبدأ، "حق الشعوب في تقرير مصيرها". تنفيذ مبادئ الرئيس ويدرو ويلسون الأربعة عشرة التي أعلنها بعد الحرب العالمية الأولى وجعل منها أسساً للسياسة الخارجية الأمريكية. (هشام شرابي، المقاومة الفلسطينية في وجه إسرائيل وأميركا، دار النهار للنشر، بيروت 1970، ص37-53).
بعد إنشاء إسرائيل وبمساعدة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية، جعلت أمريكا من هذا الإنشاء: ركناً استراتيجياً أمريكياً لسياساتها الخارجية في المنطقة، والمحافظة على الأمن الإسرائيلي أولاً وأخيراً. حاول جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي في ولايتي الرئيس أيزنهاور: تجسيد الخطوط الإستراتيجية الأمريكية من خلال الجمع بين مفهومي "الإمبريالية" و "الأخلاقية"، من خلال تعبير "الإمبريالية الأخلاقية" لذلك فإن "الحرب الباردة" هي"كفاح بين قوى الخير-أمريكا والغرب- وقوى الشر-الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية". لقد اعتبر دالاس الشرق الأوسط ذات أهمية فائقة في" الحرب الباردة". ذلك تماشى مع اعتبار الرئيس أيرنهاور (الذي كان قد شغل منصب القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي إبّان الحرب العالمية الثانية) للشرق الأوسط بأنه المنطقة الأهم في العالم. حرصت الولايات المتحدة على إبقاء الاتحاد السوفيتي خارج المنطقة، تقوية إسرائيل بالمعنيين الاقتصادي والتسليحي، عدم السماح للدول العربية بامتلاك أسلحة تهدد الأمن الإسرائيلي. التدخل المباشر في حروب إسرائيل مع الدول العربية. سياسة الأحلاف مع دول المنطقة. التآمر مع إسرائيل لهزيمة وإسقاط عبدالناصر في عام 1967. قبل ذلك التآمر على الوحدة بين مصر وسوريا، فقد حدث الانفصال في عام 1961 وغيرها من الخطوات. الولايات المتحدة وتنفيذاً لسياساتها اتبعت أسلوب الحصار الاقتصادي للدول.
من ناحية ثانية تجدر الإشارة إلى دور المجمع الصناعي المالي الأمريكي في السياسة الخارجية. لقد تحدث الرئيس الأمريكي أيزنهاور في خطابه الوداعي إلى الشعب الأمريكي مساء يوم 17 يناير من عام 1961 عن خطر هذا المجمع قائلاً: "عليّ أن أقول صراحة: أن هناك مجموعة صناعية عسكرية، مالية، سياسية، فكرية تمارس نفوذاً غير مسبوق في التجربة الأمريكية، ومع أننا نتفهم الظروف التي أدت إلى نشأة هذه المجموعة. فإننا لابد وأن نحذر من وصولها إلى موقع التأثير المعنوي والسياسي والعملي على القرار الأمريكي، لأن في ذلك خطرا شديدا علينا قبل أن يكون خطراً على غيرنا".
الملاحظة الأهم: أن الشركات الكبرى وهي القوة الصانعة للعولمة، هي الأسخى تبرعاً لمرشحي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي الأكبر إسهاماً في تمويل نشاطات مؤسسات ومراكز البحث السياسي والاستراتيجي. بالمعنى العملي، فإن تأثيرات هذا المجمع زادت أضعافاً مضاعفة مقارنة مع الستينيات في التأثير على السياسات الخارجية الأمريكية (بيتر مارتن، هارولد شومان، فخ العولمة، الطبعة الثانية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 2003، ص212).
جاء جورج بوش الابن إلى الرئاسة وهو وإداراته الصقورية طرحاً مبدأ الضربات الاستباقية وشعار "من ليس معنا فهو ضدنا" وبخاصة بعد أحداث نيويورك في عام (2001)، فتم غزو أفغانستان والعراق، وابتدأ العجز في الميزانية الأمريكية فيما بعد وتتابعت الأحداث التي نعيش إرهاصاتها الآن.
استعراض ما سبق هَدَفَ إلى إثبات المسائل التالية: أولاً: "أن الإستراتيجية الأمريكية فيما يتعلق بالمنطقة هي ثابتة. ما يتحول فيها هو أنماط التعامل وفقاً لطبيعة الحدث وظروفه. هذه المسألة هي أقرب إلى التكتيك السياسي المتحرك أكثر منه تغييراً للإستراتيجية. ثانياً: إن الصانع الحقيقي للإستراتيجية هو رأس المال المالي المتمثل في المجمع الصناعي العسكري، الإدارات الأمريكية المتعاقبة هي واجهات تمثيلية لإستراتيجية المجمع. ثالثاً: إن ما بدا أنه شعارات جديدة في السياسات الأميركية: الضربات الاستباقية وشعار "من ليس معنا فهو ضدنا" هي مبادئ أساسية في الإستراتيجية الأمريكية جرى رسم ملامحها ووضع أسسها في الأربعينيات. رابعاً: إن ما يبدو حالياً من إستراتيجية أمريكية جديدة هي توجهات يمكن تغييرها سريعاً. كمثل على ذلك نقول: خطاب أوباما في جامعة القاهرة والذي وعد فيه باتباع أساليب جديدة قائمة على التفاوض والاحترام في التعامل مع العالمين: العربي والإسلامي. وكان ذلك بُعيد تسلمه للرئاسة في ولايته الأولى، ضرب أباما بوعوده عرض الحائط. وكرّر تجربة حقبة بوش الابن بكل ما فيها من صقورية. كذلك وعوده حول الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية.
صحيح أن الولايات المتحدة قد أخفقت في العراق، لكنها سيطرت على بتروله، وملأت أراضيه بالقواعد العسكرية الأمريكية، ثم أعادته عقوداً طويلة للوراء فيما يتعلق بقواته وقدراته القتالية. كل هذه العوامل أنجزتها الولايات المتحدة الأمريكية.. تتمحور السياسة الأمريكية الآن في تفتيت وتجزئة الدول العربية وهذا ما يجر تنفيذه. جملة القول: إننا لسنا أمام إستراتيجية أمريكية جديدة في المنطقة، وإنما أمام تحولات سياسية تكتيكية.
في مسيرة الحياة، تتسلل إلينا بعض الأرواح كأنها إشارات خفيّة من السماء، تحمل في حضورها سكينة تخفف عن... اقرأ المزيد
273
| 21 أكتوبر 2025
ما هذه الأخبار التي نقرأها كل يوم؟! أليس من المفترض أن يكون قرار وقف إطلاق النار ساريا منذ... اقرأ المزيد
129
| 21 أكتوبر 2025
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح توثيق كل كلمة وصورة سهلا وفي متناول اليد. وكل صواب وخطأ يمكن... اقرأ المزيد
138
| 21 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
7068
| 14 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
2967
| 20 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء. فالتعليم يمنح الإطار، بينما التدريب يملأ هذا الإطار بالحياة والفاعلية. في الجامعات تحديدًا، ما زال كثير من الطلاب يتخرجون وهم يحملون شهادات مليئة بالمعرفة النظرية، لكنهم يفتقدون إلى الأدوات التي تمكنهم من دخول سوق العمل بثقة. هنا تكمن الفجوة بين التعليم والتدريب. فبدلاً من أن يُترك الخريج يبحث عن برامج تدريبية بعد التخرج، من الأجدى أن يُغذّى التعليم الجامعي بجرعات تدريبية ممنهجة، وأن يُطرح مسار فرعي بعنوان «إعداد المدرب» ليخرّج طلابًا قادرين على التعلم وتدريب الآخرين معًا. تجارب ناجحة: - ألمانيا: اعتمدت نظام التعليم المزدوج، حيث يقضي الطالب جزءًا من وقته في الجامعة وجزءًا آخر في بيئة العمل والنتيجة سوق عمل كفؤ، ونسب بطالة في أدنى مستوياتها. - كوريا الجنوبية: فرضت التدريب الإلزامي المرتبط بالصناعة، فصار الخريج ملمًا بالنظرية والتطبيق معًا، وكانت النتيجة نهضة صناعية وتقنية عالمية. -كندا: طورت نموذج التعليم التعاوني (Co-op) الذي يدمج الطالب في بيئة العمل خلال سنوات دراسته. هذا أسهم في تخريج طلاب أصحاب خبرة عملية، ووفّر على الدولة تكاليف إعادة التأهيل بعد التخرج. انعكاسات التعليم بلا تدريب: 1. اقتصاديًا: غياب التدريب يزيد الإنفاق الحكومي على إعادة التأهيل. أما إدماج التدريب، فيسرّع اندماج الخريج في السوق ويضاعف الإنتاجية. 2. مهنيًا: الطالب المتدرب يتخرج بخبرة عملية وشبكة علاقات مهنية، ما يمنحه ثقة أكبر وفرصًا أوسع. 3. اجتماعيًا: حين يتقن الشباب المهارات العملية، تقل مستويات الإحباط، ويتحولون من باحثين عن وظيفة إلى صانعين للفرص. حلول عملية مقترحة لقطر: 1. دمج التدريب ضمن المناهج الجامعية: أن تُخصص كل جامعة قطرية 30% من الساعات الدراسية لتطبيقات عملية ميدانية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص واعتماد التدريب كمتطلب تخرج إلزامي لا يقل عن 200 ساعة. 2. إنشاء مجلس وطني للتكامل بين التعليم والتدريب: يضم وزارتي التعليم والعمل وممثلي الجامعات والقطاع الخاص، ليضع سياسات تربط بين الاحتياج الفعلي في السوق ومخرجات التعليم. 3. تفعيل مراكز تدريب جامعية داخلية: تُدار بالشراكة مع مراكز تدريب وطنية، لتوفير بيئات تدريبية تحاكي الواقع العملي. 4. تحفيز القطاع الخاص على التدريب الميداني. منح حوافز ضريبية أو أولوية في المناقصات للشركات التي توفر فرص تدريب جامعي مستدامة. الخلاصة التعليم بلا تدريب يظل معرفة ناقصة، عاجزة عن حمل الأجيال نحو المستقبل. إنّ إدماج التدريب في التعليم الجامعي، وإيجاد تخصصات فرعية في إعداد المدربين، سيضاعف قيمة التعليم ويحوّله إلى أداة لإطلاق الطاقات لا لتخزين المعلومات. فحين يتحول كل متعلم إلى مُمارس، وكل خريج إلى مدرب، سنشهد تحولًا حقيقيًا في جودة رأس المال البشري في قطر، بما يواكب رؤيتها الوطنية ويقودها نحو تنمية مستدامة.
2856
| 16 أكتوبر 2025