رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سياسة محو وتقسيم الدول العربية

يخطئ من يظن أن ما نراه من اندلاع للصراعات المذهبية والطائفية والإثنية في أكثر من دولة عربية خلال المرحلة الحالية هو وليد الصدفة،صحيح أن ثمة أخطاء ذاتية في دواخل الدول القطرية العربية ساعدت على إنماء هذه الصراعات،لكن من الصحة والدقة بمكان أيضاً القول:إن ثمة مؤامرة جرى التخطيط لها منذ سنوات طويلة،لكي تتخذ هذه الصراعات منحىً تناقضياً بالمعنى الرئيسي،لتكون عنواناً لمرحلة تؤدي إلى تقسيم هذه الدولة أو تلك الدول.لا نقول ذلك انطلاقاً من تبرئة الذات العربية لما يطال دولها من أخطار،ولا تعليقاً على شماعة "نظرية المؤامرة" في استعراض ما تمر به منطقتنا من إشكالات بنيوية تتناول وحدة النسيج الاجتماعي للشعب،ليتحول التناقض في ظل الصراع المتزايد وتيرةً من شكله الثانوي ليتخذ شكلاً رئيسياً بما يحدثه من شروخات عميقة في الجسد العربي،حيث يصبح التفتيت وتقسيم الدولة شيئاً منطقياً وحلاًّ سحرياً لامتصاص كل هذه الشروخات.      من ناحية ثانية:لولا ضعف مناعة النسيج الاجتماعي العربي واستعداده المطلق لاستقبال وفعل فيروسات التفتيت والتقسيم،لما وصلت هذه الصراعات المختلفة الأشكال إلى مستوى يستحيل معه اللقاء والوحدة،بل تصبح الحلول تبدو وكأنها شكل وإخراج طبيعيين،مقترنةً بالتقسيم والتفتيت.حتى اللحظة:انفصل جنوب السودان عن الوطن الأم،وأصبح بمثابة إسرائيل ثانية محيطة بالعرب في إفريقيا.غزو العراق كان في أحد أهدافه يتمثل في التقسيم.الآن وفي هذه المرحلة فإن هذا البلد يسير نحو التفتيت:فشمال العراق(المنطقة الكردية) هي دولة داخل دولة،لها جيشها الخاص واستقلالها النسبي واتفاقياتها المنفردة مع الدول الأخرى بما في ذلك تصدير النفط،ومن يود زيارتها من الخارج يتوجب عليه أخذ سمة الدخول من هذه(الدويلة) وليس من العراق الأم.الصراعات الطائفية والمذهبية في العراق وصلت إلى مستوى متقدم حيث أخذت تبرز إلى السطح دعوات انفصالية.     في لبنان وطيلة الحرب الأهلية اللبنانية من عام 1975-1990 فإن الصراع تحول من صراع وطني(وهو أساس الصراع) ليجري تصويره:بالطائفي،وبالفعل مع الدعوات وانصباب الإعلام على تصويره بهذا الشكل ومع التركيز المبرمج عليه،بدا ويبدو طائفياً.الصراع في لبنان في المرحلة الحالية كالنار تحت الرماد،وهناك دعوات انفصالية،قد تتخذ بدايةً حلاً من خلال الحل الفيدرالي أو الكونفيدرالي لكن في صميمه يهدف إلى التقسيم.     الصراع في سوريا،بدأ يتخذ منحى طائفياً هو الآخر بغض النظر عن طبيعته وهو الصراع بين مشروعين.في مصر بدأت أطروحات مثل:المسلمين والأقباط والصراع التاريخي بينهم(مع أنهم عاشوا في وفاق وتواؤم طيلة عقود من الزمن).في الجزائر هناك بؤر لأطروحات : العرب والأمازيغ وربما في سنوات قادمة قريبة سنشهد صراعات في أكثر من بلد عربي.     منذ عام 1945 هاجمت الولايات المتحدة 44 بلداً في العالم وكان الهدف غير المعلن للتدخل العسكري في هذه الدول هو إحداث"تغييرات في الأنظمة".وكان الهدف المعلن لتبرير الأعمال الانفرادية وغير القانونية هو"صيانة الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" في هذه الدول(البروفيسور إيريك أديل، الحملة الصليبية للولايات المتحدة،غلوبال ريسيرتش، فبراير 2007).من ناحية أخرى:فإن مذكرة للبنتاغون تتحدث عن سياسة واشنطن لإخراج سبع دول عربية من الخارطة السياسية العالمية وذلك خلال خمسة سنوات،وهذه الدول هي:العراق،سوريا،لبنان،ليبيا والصومال والسودان(ودولة من المنطقة هي إيران)(ميخائيل شوسودوفسكي:شطب بعض البلدان عن الخارطة –مقالات مختارة،ترجمة وكالة أخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان 6 يناير 2013).أيضاً:توقع تقرير لمجلس الاستخبارات الوطني في واشنطن(ديسمبر 2012) أن 15 بلداً في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط سوف تصبح"دولاً فاشلة"بحلول العام 2030،وذلك بسبب البنية الضعيفة والعليلة في هذه الدول.مفهوم"الدول الفاشلة" في عرف واشنطن" أنها تستخدم كملاجئ للمتطرفين السياسيين والدينيين"(نفس المصدر السابق) ولذلك لابد من تغيير الأنظمة في هذه الدول.     على صعيد آخر:في مقابلة أجرتها وكالة الإعلام مع برنارد لويس في 20 مايو 2005 قال الآتي بالنص:"إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون،لا يمكن تحضرهم،لذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم.إن من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية"(بروفيسور ليلى صالح زعزوع،22 يناير 2011)،وبناء على هذه الأطروحات وانسجاماً مع ما قاله بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في عام 1980 أثناء استعار الحرب العراقية-الإيرانية من"أن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن(1980) هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس-بيكو".استعانت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن وكذلك البنتاغون ببرنارد لويس ليصبح مستشاراً للرئاسة ولوزارة الدفاع الأمريكية،وبالفعل وضع لويس خرائط تقسيمية للعديد العديد من الدول العربية.     هنري كسيسنجر يحذو باتجاه لويس . كما أنه وعلى نفس قاعدة لويس والبنتاغون،استفادت مؤتمرات هرتسيليا الإستراتيجية، التي يجري عقدها في إسرائيل سنوياً منذ عام 2000،في رؤيتها للتسوية مع الفلسطينيين وحل مشكلتهم :على حساب جغرافية الدول العربية المجاورة لفلسطين،من خلال تبادل مناطق جغرافية بين الدول العربية وإسرائيل من جهة،وبين الدول العربية نفسها من جهة أخرى،مع الأخذ بعين الاعتبار أن إستراتيجيي مؤتمرات هرتسيليا بنوا اقتراحاتهم في عملية تبادل الأراضي بين الدول العربية،استناداً إلى خرائط برنارد لويس،الهادفة أصلاً إلى تفتيت الدول العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية.     على هذا الأساس أيضاً:انطلقت الدعوات لبناء:الشرق الأوسط الجديد أو الشرق الأوسط الكبير،حيث الهدف الرئيسي منه ومن تلك التقسيمات(التي هي غيض من فيض لما يجري تخطيطه للوطن العربي)أولاً:إبراز الدور الإسرائيلي في المنطقة ليكون اللاعب الرئيسي فيها،ومن أجل الهيمنة السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.ثانياً:خدمة إستراتيجية مفهوم"الأمن الإسرائيلي"والإيفاء بكل متطلباته من خلال:إضعاف الدولة القطرية العربية عن طريق التقسيم والتفتيت الآن ومستقبلاً.الآن:بالمعنى الفعلي لا يوجد ما يهدد دولة إسرائيل في ظل وجود ثلاث اتفاقيات بينها وبين الفلسطينيين وبينها وبين دولتين عربيتين،إضافة إلى العلاقات الخفية مع العديد من الدول.مستقبلاً:من خلال القضاء على أية إمكانيات مستقبلية(بما قد تحمله من مفاجآت تغييرية إيجابية)قد تهدد الأمن الإسرائيلي.ثالثاً:أن الصراع المستقبلي في المنطقة سيتجاوز شكله الحالي المتمثل في الصراع العربي-الإسرائيلي،ليتحول إلى صراع بنيوي بين الدويلات الناشئة عن تفتيت القطر الواحد.يكفينا ملاحظة العلاقات المتوترة(والتي كادت أن تصل إلى الحرب)بين الحكومة المركزية في العراق وبين(الدويلة التي لم تترسمن بعد كدويلة) المنطقة الكردية, والصراع بين دولتي : السودان وجنوب السودان التي وصلت إلى درجة الأحتراب.أيضاً فإن شكل الصراع القادم،سيتخذ مظهراً بنيوياً في العالم العربي.     بالطبع،ما تخطط له الولايات المتحدة ليس قَدَراً،فالشعوب التي هي الأمة العربية قادرة من خلال وعيها على إفشال هذه المخططات شريطة تنفيذ جملة من الممارسات من قبل النظام الرسمي العربي:الاعتراف بالأقليات القومية الموجودة في داخل الدولة،إعطاء هذه الأقليات حقوقها في صون خصوصياتها الثقافية ولغاتها(إن كان ثمة لغات لها)،احترام عاداتها الاجتماعية ورموزها الوطنية.تعميق الحوار بين المذاهب والطوائف واحترام مناسباتها وكل خصوصياتها وأماكنها الدينية،ضمان مشاركاتها في النظام السياسي للدول على طريق إلغاء الطائفية السياسية.تعميق الديمقراطية واحترام حرية الفرد.نشر مبادئ العدل والمساواة وسيادة القانون وغيرها من الأطروحات المكملة.العمل على تعميق الوحدة الوطنية في النسيج الاجتماعي داخل الدولة.بهذه الوسائل يمكن إفشال المخططات الهادفة إلى محو وتقسيم الدول العربية.

500

| 10 يناير 2013

أرجوك: افعلها يا سيد عباس

تهديدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحل السلطة وتسليم مفاتيح المقاطعة إلى نتنياهو إذا لم يتم استئناف المفاوضات بعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية القادمة، هي تهديدات يجري طرحها للمرة العاشرة، فمن قبل: هدد الرئيس بالاستقالة وبحل السلطة مراراً وتكراراً في منعطفات سياسية ولم ينفذ، كما سبق وأن وعد عباس بمراجعة اتفاقيات كامب ديفيد ثم ما يلبث أن يتراجع عن كل وعوده وتهديداته. من ناحية ثانية: فإن ما يدعو للاستغراب هو أن يطالب عباس باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وكأنه جرى الاتفاق قبلا: على إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، ولا ينقصها سوى تفاصيل بسيطة بحاجة إلى المفاوضات مع نتنياهو!  يعرف الرئيس عباس إلى ماذا أدت المفاوضات مع إسرائيل لمدة عشرين سنة، وإذا كان لا يعرف فهي الطامّة الكبرى، أدت إلى زيادة الاستيطان وآخر مشاريعه: آي 1" وهو المشروع الذي يقسم شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ويقضي قضاءً مبرماً على إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، أدّت إلى إعادة اجتياح الضفة الغربية في عام 2004، وإلى حصار غزة الذي لا يزال مفروضاً عليها منذ ما يزيد على السنوات الأربع. أدت إلى عدوانيين على القطاع الأول في عامي 2008-2009. وإلى العدوان القريب في نوفمبر 2012. أدت إلى مزيد من التنكر الإسرائيلي للحقوق الوطنية الفلسطينية، فلا قدس، ولا لحق عودة اللاجئين ولا للانسحاب من كافة مناطق 1967، ولا سيادة أو سلطة للفلسطينيين سوى الحكم الذاتي. ومن حق إسرائيل التواجد العسكري في غور الأردن باعتبار هذه المسألة ضرورية للأمن الإسرائيلي، وكذلك دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق الحكم الذاتي. المفاوضات أدت إلى شروط جديدة فرضها شارون وهي: الاعتراف الفلسطيني والعربي "بيهودية إسرائيل".  تهديدات عباس التي نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تهدف إلى ممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية وعلى راعيها الأمريكي من أجل أن(تتكرم) إسرائيل وتعود إلى التفاوض مع الفلسطينيين. للأسف الرئيس عباس وبدلاً من أخذ الدروس والعبر من عشرين سنة تفاوض مع إسرائيل. يُبحر عميقاً في الإيغال بنهج المفاوضات الذي هو خياره الوحيد! لقد جرّد عباس نفسه من كل أوراق القوة، كان بإمكانه استغلالها وأولها: نهج المقاومة، ثانيها: إلغاء أوسلو. ثالثها: تجاوز الانقسام وإنجاز المصالحة على أساس الثوابت الفلسطينية، والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. رابعها: إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها بكافة مؤسساتها، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.  الرئيس عباس وبدلاً من كل ذلك، أخذ في تقديم التنازلات لإسرائيل واحداً بعد الآخر، فبعد ورقة عبد ربه- بيلين التي شطب فيها المسؤول الفلسطيني حق العودة. واختزله إلى عودة بضعة آلاف بدلاً من ستة ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات، قام بالإعلان في مقابلة له مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن عدم تمسكه بالعودة إلى بلده صفد، في رسالة واضحة إلى الإسرائيليين. رغم ذلك تعامل الإسرائيليون مع هذا التنازل بسخرية واضحة، وبخاصة الفاشي ليبرمان وزير خارجية إسرائيل.  من قبل. وفي أثناء توقف المفاوضات مع إسرائيل حين وضع عباس شرطاً لاستئنافها وهو: وقف الاستيطان. لم يوقف الرئيس الفلسطيني مفاوضاته مع إسرائيل: تارة من خلال ما يسمى"بدبلوماسية أو مفاوضات الرسائل" وأخرى من خلال "المفاوضات الاستكشافية" التي جرى عقدها في أربع جولات في العاصمة الأردنية عمّان. مجمود عباس هدف من قبول فلسطين عضواً مراقباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة: الانتقال إلى مرحلة جديدة من التفاوض مع إسرائيل من موقع: أن فلسطين هي دولة تحت الاحتلال. هذا لم يخفه الرئيس الفلسطيني بل ذكره في لقاء مع قادة فتح، وفي مقابلته مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" وفي رسالته إلى الرئيس الأمريكي أوباما.  محمود عباس لا يعرف طبيعة التحولات الإسرائيلية الداخلية في السنوات العشر الأخيرة: اتساع قاعدة المتطرفين والأكثر تطرفا، حيث تمثل هذه الظاهرة الأبرز في إسرائيل. كافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية (وبخاصة في الأسبوع الأخير من ديسمبر 2012) تشير إلى التقدم المتسارع للأحزاب الإسرائيلية الممثلة لهذين الاتجاهين: حزب"البيت اليهودي" وهو يميني قومي وصهيوني متطرف بقيادة نفتالي بينيت. سيحصل على 12 مقعداً. حزب"شاس" وهو حزب متشدد لليهود الشرقيين فسيحصل على 11 مقعداً. حزب"يش عتيد" وهو أيضاً حزب متطرف فسيحصل على 11 مقعداً. حزب "اليهودية الموحدة للتوراة "سيحصل على 6 مقاعد. حزب"القوة" سيحصل على مقعدين. وإذا ما أضفنا إليهم: تحالف الليكود- بيتينيو بزعامة نتنياهو- ليبرمان فسيحصل على 33 مقعداً. فإن اليمين المتطرف الإسرائيلي سيحصل على أكثر من 75 مقعداً.هذا على اعتبار أن حزب"العمل"وحزب"الحركة" هما حزبان(وسطيان) مع أن هذين الحزبين صهيونيان بامتياز. هذه هي طبيعة الحكومة القادمة في إسرائيل.النتائج السابقة جاءت وفقاً لاستفتاء أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مؤخراً ونشرته (الجمعة 28 ديسمبر الماضي). والأغرب:أن عباس يطالب بمفاوضات مع حكومة مثل هذه! بعض أحزاب الائتلاف الحكومي القادم(ولن يكون تحالف الليكود وإسرائيل بيتنا قادراً على تشكيل الحكومة من دون هذه الأحزاب، تماماً مثل الائتلاف الحكومي الحالي) مازالت تطرح شعار"أرض إسرائيل الكبرى". والضفة الغربية بالنسبة لها(كما هي بالنسبة لنتنياهو وليبرمان)هي يهودا والسامرة. ومؤخراً اعترفت الحكومة الإسرائيلية بأول جامعة إسرائيلية حكومية. يجري إنشاؤها في مستوطنة أربيل في الضفة الغربية.  الرئيس الفلسطيني وفي مقابلته مع صحيفة هآرتس تخلى تماماً عن شرطه: وقف الاستيطان(وهو أيضاً تنازل جديد) كشرط للمفاوضات. فهو يقول وبالحرف"ليس هناك شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات"و تم اختزال الشرط"بأن تقوم بتجميد البناء في المستوطنات خلال المحادثات".الرئيس عباس أيضاً وبدلاً من إلغاء "التنسيق الأمني" مع العدو الصهيوني فإنه(زعلان) و(هذا يتضح من حديثه للصحيفة) بسبب"أنه ومنذ التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة فإن إسرائيل قامت بتخفيض التنسيق الأمني مع السلطة في الضفة الغربية". الرئيس عباس قال أيضاً:"بأنه لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة مسلحة ضد إسرائيل"مشيراً إلى أنه أصدر تعليماته إلى قوات الأمن لمنع"أي حوادث عنف ضد إسرائيل".  كل هذه التنازلات الجديدة لمحمود عباس والتي ظهرت في مقابلته مع صحيفة"هآرتس" أثارت استخفاف ليبرمان(وفقاً لقول الصحيفة) فهي نقلت عنه قوله "إنه لا استئناف للمفاوضات مع الفلسطينيين في ظل وجود عباس في السلطة". باختصار: ليبرمان يهدف من وراء قوله هذا إلى الضغط على عباس لإبداء المزيد من التنازلات لإسرائيل.  هذا هو المأزق الذي حشر عباس نفسه والسلطة فيه: إنه المأزق الذي يدعو للسخرية والخجل وانعدام الخيارات(أو تضييعها بالأحرى)، الأمر الذي يجعل من استقالة عباس وحل السلطة وتقديم مفاتيح الاحتلال إلى إسرائيل. قضايا مطلوبة، ذلك لتتحمل عبء احتلالها للأرض الفلسطينية.. لهذا....أتحداك أن تفعلها يا سيد عباس.

363

| 03 يناير 2013

مصالحة أم إدارة انقسام؟

بون شاسع يمتد بين الرغبة والواقع فيما يتعلق بموضوع المصالحة، فإسقاط الرغبة على الفعل هي مسألة واردة في الكثير من القضايا وحتى الظواهر، فلا يخفى على أحد مدى الضرر الذي أصاب قضيتنا ومشروعها الوطني جرّاء الانقسام، الأمر الذي أدّى إلى ضغوطات شعبية وعربية ودولية صديقة على الطرفين المعنيين مباشرة بالانقسام وهما: حركتا فتح وحماس، من أجل تجاوز الانقسام، والوصول إلى المصالحة، والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. من ناحية ثانية فإن الحركتين باتتا تشعران بحرج كبير أمام كل تلك الأطراف الضاغطة، وهو ما حدا بهما إلى عقد اجتماعات عديدة متتالية على أكثر من مستوى، وتشكيل لجان فرعية متخصصة، لبحث الكثير من القضايا. في اجتماع القاهرة الأخير بين عباس ومشعل وبحضور كافة الفصائل تم الاتفاق على الكثير من القضايا: بالنسبة لموضوع المنظمة والاتفاق على دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية إلى إطاراتها، وما يعنيه ذلك من تفعيل للمنظمة، وتم تشكيل لجان(بمشاركة كافة الفصائل) للانتخابات، وللمصالحة المجتمعية، قضايا الحريات العامة وبناء الثقة. وبالنسبة للحكومة تم الاتفاق على تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية من ذوي الاختصاصات (حكومة تكنوقراط) في فترة زمنية لا تتجاوز الشهر. والاتفاق على دعوة المجلس التشريعي للانعقاد في الأسبوع الأول من فبراير القادم، لإقرار القضايا المتفق عليها بين كافة الأطراف. مما لا شك فيه أن ما جرى الاتفاق عليه يمّثل قضايا مهمة، تجعل من شعبنا وأصدقائه على مستوى من التفاؤل بقرب تحقيق المصالحة، ولكن من الناحية الأخرى، جرى في اجتماعات سابقة للحركتين (بحضور وعدم حضور الفصائل لبعضها) الاتفاق على قضايا أخرى شبيهة، وقضايا مختلفة أخرى أيضاً، بما في ذلك الإسراع في إخراج المعتقلين (على سبيل المثال وليس الحصر)، ولم يتم ذلك حتى اللحظة، وكانت قضايا اللجان المشكّلة تذهب في الأدراج ويتم أرشفتها كشيء جرى، ليس إلاّ! أول الغيث قطرة، فها هي حركة حماس تتهم السلطة: بممارسة التعذيب الوحشي لعناصرها في أجهزتها. من ناحيتها، فإن حركة فتح أصدرت بيانا دعت فيه أجهزة حماس إلى التوقف عن سياسة الاستدعاءات التي تمارسها، فهي تتنافى مع إجراءات المصالحة. ثم وبالمعنى العملي والفعلي، فإن حضور الفصائل لاجتماعات الحركتين لا يشكّل في عرفي التنظيمين أكثر من(ديكور) أو(شاهد زور) في أقسى الحالات، هذا بغض النظر عن جدّية الخلفيات لهذه الفصائل، والتي تحاول جاهدة مساعدة الطرفين على تجاوز دائرة الانقسام والوصول إلى المصالحة. لقد سبق للفصائل الفلسطينية (وبحضور حماس وفتح) أن وصلت إلى اتفاق في ورقة أُطلق عليها مصطلح "ورقة اتفاق القاهرة"، التي أسست فعلياً لإمكانية الخروج من حالة الانقسام. قد يقول قائل: ولكن المواضيع التي جرى بحثها والاتفاق عليها في اجتماع ديسمبر الأخير، هي جزء من تلك الورقة/الاتفاق، وفي الرد نقول: لو أن الحركتين تريدان فعلاً الخروج من الانقسام لتم بحث والاتفاق على القضايا التالية: أولاً: إجراء مراجعة نقدية شاملة، بمشاركة كافة الفصائل الوطنية الفلسطينية للمرحلة السابقة. منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى هذه اللحظة، فمفاوضات عشرين عاماً لم تُنتج سوى المزيد من إيغال العدو الصهيوني في الاستيطان، وتهويد الأرض، وارتكاب العدوان والمجازر، وهدم البيوت، والاعتقال، والاغتيال، والمزيد من الإصرار على التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، والإبقاء على السلطة: كحكم ذاتي مهمته الأساسية: تسيير الشؤون الحياتية للفلسطينيين. والتنسيق الأمني مع إسرائيل، بهدف أن يكون هذا التنسيق مدخلاً لتكون السلطة: حامياً للاحتلال، ووسيلة لممارسة فعل الاحتلال من خلالها. دون إجراء هذه المراجعة الشاملة فإن أية خطوات يجري الاتفاق عليها بين حركتي فتح وحماس، تظل منقوصة. ثانياً: الاتفاق على برنامج سياسي للمرحلة المقبلة، يحدد ما هو المطلوب بدقة خلال المرحلة الراهنة، ويعيد التأكيد على إستراتيجية النضال الوطني الفلسطيني، شريطة أن تكون الحركة التكتيكية السياسية الفلسطينية منطلقة من خدمة الهدف الإستراتيجي. وليست بديلاً له. مثلما يجري التطبيق حالياً.لا شك أن اختلافاً سياسياً كبيراً يقوم بين الفهم الاستراتيجي للنضال الفلسطيني لكل منهما، كذلك الاختلاف في الحركة السياسية كالموقف من المفاوضات مثلاً، الموقف من المقاومة (بغض النظر عن حالة التهدئة المتوصل إليها في غزة) وغيرها وغيرها. جملة القول: إن ما جرى في القاهرة مؤخراً هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه أقرب إلى إدارة الانقسام منه إلى مصالحة حقيقية فعلية فحتى تتحقق المصالحة واقعاً على الأرض، يتوجب إجراء الكثير من الخطوات، تلك التي لم يتم التطرق إليها في مباحثات القاهرة.

381

| 30 ديسمبر 2012

يهود معادون للعنصرية الصهيونية

تتزايد ظاهرة وجود اليهود المعادين للصهيونية. والذين ينتقدون السياسة العنصرية لإسرائيل. ويعتقدون: بأن هذه العنصرية ستكون سببا في عدم استمرار إسرائيل في الوجود ويتنبأون بأنها ستكون سببا في نهايتها. أواخر شهر أكتوبر الماضي: عقد في جامعة حيفا مؤتمر الرابطة الدولية للدراسات الإسرائيلية.في إحدى ندواته تحدث الكاتب الإسرائيلي سامي ميخائيل عن: العنصرية الصهيونية في الكيان. من خلال القول"بإمكان إسرائيل أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور".وعن سياسة إسرائيل قال الكاتب: "يوجد خطر حقيقي على إسرائيل إذا لم تدرك القيادة الحالية بحقيقة أن إسرائيل ليست موجودة في شمال أوروبا وإنما في المركز النشط للشرق الأوسط المعذب،وليس لنا مكان فيه بعد أن جعلنا كل المحيط يكرهنا،وشددنا ليل نهار،أن هذا المحيط مكروه علينا أيضاً".وقال ميخائيل محذرا: "قد نفقد كل شيء ودولة إسرائيل ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني". سامي ميخائيل هو باحث في الشؤون الاستراتيجية. وأديب له العديد من المؤلفات، من بينها: الأدبية وقد ترجم بعضها إلى لغات كثيرة منها العربية، التي يتقنها قراءة وكتابةً وحديثاً. توقعات ميخائيل تعيد إلى الأذهان تصريحات رئيس الكنيست الأسبق:إبراهام بورع، الذي صرّح في مقابلة له في عام 2007 "بأن إسرائيل دولة فاشية وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم". وحول واقع الحياة في إسرائيل قال بورغ آنذاك: "إن أكثر من نصف النخب الإسرائيلية لا يريدون لأبنائهم العيش في دولة إسرائيل" ونصح الإسرائيليين باستصدار جوازات سفر أجنبية.وحول المستقبل أضاف بورغ في المقابلة الصحفية التي أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت من خلال الصحفي آري شاليط ونشرتها في 8 يونيو 2007: "أن يهودية دولة إسرائيل ستقرّب نهايتها". حينها ثارت ضجة كبيرة في الكيان الصهيوني وكانت بمثابة الهزة الأرضية القوية بمقاييس ريختر، فبورغ هو ابن للحاخام يوسف بورغ. الذي كان مقرباً من ديفيد بن غوريون، وهو تولى منصب رئاسة الوكالة اليهودية لسنوات عديدة، وتسلم رئاسة الكنيست في الفترة بين عامي 1999-2003 وتولى مناصب وزارية عديدة. ونافس مراراً إيهود باراك على زعامة حزب العمل. أيضاً فإن ما سبق يذكر بالمؤرخ الإسرائيلي: إسرائيل شاحاك وكتاباته وبخاصة مؤلفه "التاريخ اليهودي،الديانة اليهودية،وطأة ثلاثة آلاف سنة"، وفيه يفصّل في شرح العنصرية في تاريخ اليهود تجاه الآخرين. والتي ازدادت حدتها بوجود دولة إسرائيل". وحول توقعاته بالنسبة لمستقبل دولة إسرائيل صرّح شاحاك مراراً "بأن مصيرها إلى زوال" ولذلك كان مُحَارَباً في الكيان الصهيوني بوسائل عديدة. في نفس السياق يأتي: أستاذ التاريخ (المؤرخ) الإسرائيلي:ايلان بابيه في مؤلفه القيّم"التطهير العرقي للفلسطينيين" والذي يكشف فيه المخططات الإسرائيلية بعيد إنشاء الدولة الصهيونية وبالوثائق: تطهيرها العرقي للفلسطينيين. وتواريخ المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحقهم، وغير ذلك من أشكال القتل والتحايل لتهجير الفلسطينيين. بابيه ومثلما ذكر في تصريحات ومقابلات كثيرة له" أنه ونتيجة لعنصرية إسرائيل ودمويتها لم يستطع العيش فيها"،ولذلك غادر إلى بريطانيا وهو يمارس التدريس في إحدى جامعاتها. لنفس السب سبق للمحامية الإسرائيلية التي اشتهرت بدفاعها عن الأسرى الفلسطينيين في المحاكم العسكرية الإسرائيلية: فيليتسيا لانجر، أن هاجرت هي وعائلتها إلى ألمانيا. بابيه ولانجر يعترفان في أقوالهما: إن استمرار إسرائيل في نهجها الدموي مع الفلسطينيين وفي عنصريتها المتزايدة سيؤدي بالضرورة إلى زوالها. هؤلاء قلّة من الإسرائيليين الذين يتنبؤون بإزالة هذه الدولة، وقيمة أقوالهم أنهم يهود، عاشوا (ومنهم لا يزال يعيش: بورغ، ومنهم من مات: شاحاك). لسنوات طويلة في الكيان الصهيوني وعاشوا في تماس مع كافة أشكال العدوان والقتل الذي مارسته إسرائيل وما تزال ضد الفلسطينيين والعرب. ولأن الفاشية والعنصرية متلازمتان مع العدوان، والشوفينية، والعنجهية، والأنا فوق كل البشر، هذه الصفات ليس لها حدود في هذه الدولة وستظل من سماتها الرئيسية، طالما بقيت، فلذلك من الطبيعي أن يكون مصيرها إلى زوال. هؤلاء يرددون حقيقة علمية تم تأكيدها بالحقائق التاريخية: ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، اكتسحتا في تحالفهما أوروبا. واحتلتا مناطق من الأراضي، شاسعة، ولكن بعدوانيتهما وعنصريتهما: حفرا قبريهما بأيديهما، وأصبحتا في ذمة التاريخ وعلى مزابله.النظام العنصري في جنوب إفريقيا كان مصيره إلى زوال، وغير ذلك من الأمثلة.الدولة الصهيونية لن تكون استثناءً من هذه القاعدة،لذا فمصيرها إلى زوال. حرّي القول: إن العامل الفلسطيني والآخر الشعبي العربي وعنوان العامليْن: المقاومة للمشروع الصهيوني برمته، وهما فاعلان على هذا الصعيد،فالمقاومة الفلسطينية وإن انحسرت لفترة،فهي ستظل قائمة، كذلك المقاومة الوطنية اللبنانية بالمعنى الفعلي، عامل مقاومة لإسرائيل. هاتان المقاومتان رأس جسر على المدى المستقبلي التاريخي، لإمكان قيام مقاومات شعبية عربية أخرى للمشروع الصهيوني في المنطقة. الفلسطينيون مؤمنون ومصرون على نيل حقوقهم، والأمة العربية كذلك من المحيط إلى الخليج: تعتبر المشروع الصهيوني طارئاً على المنطقة، ومصيره مثل مصير كل المستعمرين والمحتلين الذي جاءوا إلى هذه المنطقة، وفي النهاية حملوا عصيّهم على كواهلهم واضطروا إلى الرحيل. العدوان الإسرائيلي مستمر طالما بقيت دولته، لذا فإن الصراع الفلسطيني العربي - الصهيوني سيظل قائماً، والدم لا يستسقي إلا الدم. العدوان والعنصرية لن يتوقفا في هذا الكيان، فبعد ما يزيد على الـ64 عاماً على الإنشاء القسري لهذه الدولة المغتصبة، التي كانت وستظل متحالفة مع كافة أشكال الاستعمار، لم يزدد فيها سوى العنصرية والعدوان، بالتالي ستتوقع مقاومة هذا المشروع المؤهل من داخله إلى الزوال، مثلما يتوقع هؤلاء الإسرئيليون الاستراتيجيون في نظرتهم لمستقبل الصراع العربي – الصهيوني.

973

| 27 ديسمبر 2012

إسرائيل لا تحتمل سوى هزيمة واحدة

كل الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب حرصت فيها على نقل المعارك إلى أراضي الغير. بعيداً عن جبهتها الداخلية والمناطق التي تحتلها في منطقة 48. ذلك ليس صدفةً بالطبع وإنما أصبح معروفاً للقاصي والداني. بالمعنى الإستراتيجي فإن الجبهة الداخلية الإسرائيلية لا تحتمل حرباً تُشن عليها. هي لم تتعود تحمل تداعيات الحرب لأسباب عديدة من أبرزها: أن ارتباط الإسرائيلي بالأرض الفلسطينية التي يعيش عليها هو ارتباط هش وغير عقائدي (حتى وإن بدا كذلك بالنسبة لمعسكر اليمين المتطرف). الإسرائيليون يدركون في صميمهم تاريخ وحقائق الولادة القسرية لهذه الدولة، ويعرفون أن أصحابها الأصليين كانوا، ولا يزالوا وسيظلون يطالبون فيها ويناضلون من أجل تحريرها.  في آخر استطلاع للرأي الإسرائيلي أجرته صحيفة "هآرتس" فإن %40 من الإسرائيليين يفضلون الهجرة منها. مهما جرى في تفسير أسباب ذلك ومنها الاقتصادي بالطبع، لكن أحد العوامل المستقرة في أذهانهم: أن إسرائيل تفتقد إلى عنصري: الأمان والاستقرار التاريخي. لذلك أيضاً فإن الإحصاء الذي جرى عام 2007 من قبل جامعة تل أبيب أظهر ارتفاع %100 للحاصلين على جنسية ثانية من الإسرائيليين. سامي ميخائيل الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإستراتيجية والأديب (العراقي الأصل) الذي ترجمت بعض كتاباته إلى العربية، قال في مداخلة له في مؤتمر الرابطة الدولية للدراسات الإسرائيلية. الذي تم عقده في حيفا أواخر أكتوبر الماضي: "بإمكان إسرائيل أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور. يوجد خطر حقيقي على إسرائيل، إذا لم تدرك القيادة الحالية بحقيقة أن إسرائيل ليست موجودة في شمال أوروبا. وإنما في المركز النشط للشرق الأوسط المعذب، هذا الذي ليس لنا مكان فيه بعد أن جعلنا كل المحيط يكرهنا. وشددنا ليل نهار أن هذا المحيط مكروه علينا أيضاً، قد نفقد كل شيء، ودولة إسرائيل ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني".  أبراهام بورغ ابن الحاخام يوسف بورغ الذي كان مقرباً من ديفيد بن غوريون، رئيس الكنيست بين الأعوام 1999-2003 المنافس لإيهود باراك مراراً على زعامة حزب العمل، الذي تولى مناصب وزارية عديدة في إسرائيل ومنصب رئاسة الوكالة اليهودية في سنوات طويلة، قال لصحيفة"يديعوت أحرونوت" في المقابلة التي أجراها معه الصحفي أري شاليط ونشرت يوم 8 يونيو 2007: "إن يهودية دولة إسرائيل ستقرب نهايتها.. إن إسرائيل دولة فاشية وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم.. إن أكثر من نصف النخب الإسرائيلية لا يريدون لأبنائهم العيش في دولة إسرائيل"وفي النهاية نصح الإسرائيليين باستصدار جوازات سفر أجنبية. تصريحاته أحدثت هزة في إسرائيل بأرقام حالية من مقياس ريختر.  كثيرون من الكتاب الإسرائيليين تطرقوا إلى الارتباط الهش بين الإسرائيلي ودولته منهم: إسرائيل شاحاك، إيلان بابيه، ومن الشخصيات العامة: المحامية التي اشتهرت بدفاعها عن المعتقلين الفلسطينيين في السبعينيات وبداية الثمانينيات فيليتسيا لانجر، التي هاجرت مع عائلتها فيما بعد إلى ألمانيا الغربية (آنذاك وقبل توحد شطري ألمانيا). معروف أن بابيه يقيم في لندن.  إن من الأسباب التي تجعل إسرائيل حريصة على خوض المعارك في أراضي الغير (العدو) هي افتقادها إلى المدى الجغرافي الإستراتيجي، فهي موجودة في أرض فلسطين التاريخية، في وسط من العداء الشعبي العربي لها بسبب من عدوانيتها وعنصريتها وفاشيتها وجرائهما وقبل كل شيء اغتصابها لفلسطين. من ناحية ثانية: فإن المسافة بين شرق فلسطين المحتلة حيث نهر الأردن، والبحر الأبيض المتوسط ناحية الغرب (الخط الذي يمر من نابلس) لا تتجاوز 72 كم، وفي الجنوب 117 كم. وبالتالي فإن هذا يسهل من هزيمتها في موازين الحروب الرسمية إذا ما جرت (هذا وفقاً لآراء العسكريين الإستراتيجيين). صحيح أنه مع التقدم التكنولوجي العلمي فإن الحروب ابتعدت عن الأشكال التقليدية لها، ففي زمن الصواريخ الموجهة لم تعد الجغرافيا مهمة، لكن يظل العامل البشري هو العامل الحاسم في الحروب، وهذا أيضاً ما تفتقده إسرائيل لأنها في الحروب تستدعي الاحتياط العامل في أجهزة الدولة المدنية، وهؤلاء يحاربون على قاعدة الغياب الإنتاجي لهم.  من الأسباب التي تقف وراء الحرص الإسرائيلي على نقل المعارك إلى أرض الغير هو: أن إسرائيل بنت إستراتيجيها على الحرب السريعة والخاطفة، فهي لا تحتمل الحروب الطويلة. وذلك حين تم توجيه الصواريخ في عدوانها على لبنان في عامي 2006، 2012 إلى جبهتها الداخلية، فإنها بادرت إلى طلب التهدئة أو الهدنة من خلال الوسطاء.  من الأسباب أيضاً: افتقاد الشارع الإسرائيلي إلى"البنية المجتمعية" التي في الغالب تكون موحدة في تاريخها وتراثها وحضارتها. كل ذلك ينطبق على كافة دول العالم باستثناء إسرائيل التي جرى إنشاؤها قسراً واغتصاباً للأرض الفلسطينية بالتالي جرى تجميع لليهود من كافة دول العالم من أمريكا إلى إثيوبيا دون وجود روابط حقيقية مشتركة فيما بينهم سوى الانتماء للديانة اليهودية(التي كانت وهي كذلك وستظل ديانة بعيدة كل البعد عن مفاهيم الشعب، القومية، الأمة مثلما تحاول إسرائيل تسييد هذه الأوصاف على شارعها).  هناك مقولة تحتاج إلى نوع من التوضيح وهي: أن الإسرائيليين يتوحدون في عدائهم للعرب أثناء الأزمات! هذا صحيح في الأزمات أو في أوقات الحروب السريعة، التي يكون موقعها خارج إسرائيل. أما في الحروب الطويلة والتي تصبح الجبهة الداخلية الإسرائيلية جزءاً منها، فإن التناقضات داخل إسرائيل تتفاقم ليس بالضرورة أن يكون عنوانها: العداء للعرب لأن هذه المسألة مفروغ منها، وإنما التناقضات التي تكون واجهتها: التناقض بين مفهومين: الأمن والاستقرار الموعودين وحقيقة الواقع المتمثل في حروب مستمرة تخوضها إسرائيل. في عام 1973 وفي الساعات الأولى لحرب تشرين حين اقتحمت القوات المصرية خط بارليف بعد عبور القناة، والقوات السورية تقدمت في هضبة الجولان وكادت أن تصل إلى مشارف بحيرة طبريا، جن جنون وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، ووفقاً لمصادر صحيفة ومذكرات لقادة إسرائيليين فإن ديان أصيب بحالة من الانهيار ودخل على رئيسة الوزراء جولدا مائير ليعلن هزيمة إسرائيل لكن الأخيرة منعته. وكان الجسر الجوي الأمريكي لإسرائيل.  إن المعتقدين بإمكانية هزيمة إسرائيل من الفلسطينيين والعرب، لا يبنون وجهة نظرهم هذه على أوهام بل حقائق موضوعية وليست عاطفية أو غيبية. لذا فإن هزيمة إسرائيل لمرة واحدة تعني نهايتها.

364

| 20 ديسمبر 2012

ليفني تعود إلى الساحة

بعد هزيمتها في سباق الرئاسة الأخير لحزب كاديما(الذي يحظى بـــ38 معقداً في الكنيست مما جعله القائمة الأولى) أمام شاؤول موفاز وزير الحرب الصهيوني الأسبق، راجت أنباء عن اعتزام تسيبي ليفني(الرئيسة السابقة للحزب) باعتزال العمل السياسي، لكنها وقبل أسبوعين فاجأت الأوساط السياسية في إسرائيل بالعودة إلى الحلبة السياسية وبقوة كبيرة فقد قامت بتشكيل حزب جديد هو"حزب الحركة". سحبت معها 7 من نواب كاديما الذين وفقاً للتحليلات السياسية يحتلون مواقع متقدمة في تأييد الشارع الإسرائيلي لهم.ليفني التي كانت الشخصية الثانية في كاديما بعد إيهود أولمرت. وبعد استقالته(أو إقصائه) من منصبه أصبحت رئيسة للحزب إلى أن جاء موفاز وهزمها. حزب الحركة بزعامة ليفني قلب كل المعادلات السياسية الإسرائيلية وبخاصة استطلاعات الرأي السابق التي لم تتوقع قيامها بهذه الخطوة. استطلاعات الرأي الحالية في إسرائيل تمنح حزبها من 13-16 مقعداً. إذا ما صدقت هذه التوقعات تجعل منها إحدى القوى الرئيسية في إسرائيل. لقد استقطبت ليفني في حزبها: عمير بيريتس وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، الذي ترك مقعده على رأس القائمة(الأول) لحزب العمل ليحتل المركز الثالث في حزب الحركة. كما استقطبت الزعيم الأسبق لحزب العمل: عمرام متسناع مما يزيد من قوة حزب الحركة في الشارع الإسرائيلي.ليفني التي صرّحت منذ أسابيع بأنها: قدمت خدمات جنسية لإسرائيل مع عرب أثناء عملها في الموساد. تطرح نفسها كليبرالية إسرائيلية. لكنها في حقيقتها يمينية متطرفة، فلطالما تفاخرت في تصريحاتها ومن على منبر الكنيست، بأن الانتقادات الدولية لإسرائيل كانت متدنية أثناء تسلمها لمنصب وزيرة الخارجية. مع العلم أن الاستيطان كان على أشده في زمنها، وهي تنتقد نتنياهو وحكومته على إهمال ملف الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي لصالح الموضوع الاقتصادي في إسرائيل. ليفني وفي حملة حزبها الانتخابية طرحت الصراع باعتباره القضية المركزية بالنسبة لها، مما عزز انضمام بيريتس إليها بعد أن انشق عن حزب العمل في الساعات الأخيرة لتقديم اللوائح الانتخابية، الذي أعلن: أن خلافه مع رئيسة حزب ييحيموفييتش هو لرفض الأخيرة إعطاء أولوية لقضية الصراع. كنتنياهو.ليفني من الدبلوماسيين الإسرائيليين(الذين يقلون يوماً بعد يوم في إسرائيل) الذين يغطون قبضاتهم الحديدية بقفازات من حرير.هي مع دولة فلسطينية من خلال التفاوض مع السلطة الفلسطينية، ولكن دولة من دون القدس ومن دون عودة اللاجئين، ودون الانسحاب من كل مناطق 67، ومع إشراف إسرائيلي أمني عليها، فعملياً هذه القواسم الإسرائيلية المشتركة تُلغي الفواصل بين الأحزاب الإسرائيلية. لكن الدبلوماسية والتصريحات التي تبدو جميلة يتمسك البعض بها. وليس على شاكلة ليبرمان ونتنياهو في التصريحات.ليفني كانت في حزب الليكود مع نتنياهو وقد انشقت معه لصالح تشكيل حزب كاديما، وهي في حقيقتها صورية على عكس الوجه(تلبس قناعاً) الذي تبدو فيه.ليفني لم ترفض ما يسمى"بمبادرة السلام العربية" مباشرة وإنما رفضتها بطريقة غير مباشرة. من خلال تصريحٍ مشهور لها قالت فيه:"بأن في المبادرة نقاطا تستحق أن يجري نقاش حولها".ليفني لها بعد أيديولوجي ينطلق من:"أنه دون تسوية الصراع مع الفلسطينيين لا مستقبل لإسرائيل" ولذلك بالمقارنة مع كثيرين من الإسرائيليين. هي الأبعد نظراً، لكن ثوابتها ولاءاتها تنسف الحقوق الوطنية الفلسطينية من الجذور. بالتالي لا تتصور أن الشعب الفلسطيني بمعظمه لا يقبل بالحلول التي تطرحها للتسوية، وهذا يؤكد وحدة الصف الإسرائيلي فيما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين والعرب.الاختلاف بين ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي لا تتجاوز الشكل. لأن المضمون يظل واحداً، من الضرورة بمكان الإشارة أنه وفقاً للعديدين من المحللين السياسيين اليهود والعرب في إسرائيل، فإن بوجود حزب ليفني في السباق الانتخابي الإسرائيلي. سيضطر تحالف حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا بزعامة نتنياهو-ليبرمان. إلى طرح موضوع الصراع مع الفلسطينيين والعرب. للإجابة على تساؤلات الإسرائيليين عن هذا الملف. من جهة أخرى فإن هذا التحالف لن يتجاوز الاشتراطات والأسس التي وضعها في الائتلاف السياسي الإسرائيلي الحكومي الحالي، ارتباطاً مع طبيعة هذا التحالف بين التطرف والأكثر تطرفاً. وأيضاً مع طبيعة التحولات الجارية في إسرائيل وهي تشي بنجاح الاتجاه الأكثر تطرفاً: اليمين المتطرف واليهودية الأصولية الشرقية (شاس) والغربية(حزب يهودات هاتوراة). لذا فوجود حزب ليفني في النتيجة لن يكون ذا قيمة في التأثير على الخط العام للسياسات الإسرائيلية القادمة. صحيح أن هذا الوجود أثر بقوة على الحراك الانتخابي الإسرائيلي وتبدل المعادلات. وتوقع تحقيق النتائج في الانتخابات المقرر لها أن تجري في 22 يناير القادم، لكن من حيث مضمون السياسات سوف لن يؤثر في شيء.يبقى القول: إنه في استطلاع أخير للرأي(نُشرت نتائجه بتاريخ 11 ديسمبر الحالي) شمل المئات من الإسرائيليين أجراه معهد "تيل سيكر" فإن اليمين واليمين المتطرف سيحققان 63 مقعداً وأن ما يسمى بأحزاب الوسط واليسار ستحوز على 57 مقعداً، بالطبع من بينها القوائم العربية الثلاث"القائمة الموحدة العربية للتغيير"وهي تضم الحركة الإسلامية وثلاثة أحزاب ستحصل على 4 مقاعد". الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" يتوقع أن تحصل على 4 مقاعد". الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة " 3 مقاعد".إسرائيل ستظل إسرائيل مهما مضى عليها الزمن، اليمين يزداد اتساعاً فيها بالشكلين: الطولي والعرضي، ولن تؤثر فيها عودة ليفني. 

311

| 13 ديسمبر 2012

الاستثمار السياسي للصمود وللدولة

تجربة غزة.. بمثل هاتين الكلمتين يمكن تلخيص حرب الثمانية أيام التي اقترفها العدو الصهيوني ضد أهلنا في القطاع. مما لا شك فيه: أن التصدي الفلسطيني البطولي للعدوان شكل ويشكل ملحمة كبيرة. لكن كيف سيجري استثمار الملحمة سياسيا؟ هذا هو السؤال الأهم لمرحلة ما بعد إطلاق النار أو ما يسمى بالتهدئة وصولا إلى الهدنة! المسألة الثانية: هي التصويت في الأمم المتحدة على قبول فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة. هذا يعتبر إنجازا دبلوماسيا لشعبنا. لكن لا يجب تضخيمه وتعظيمه ويظل السؤال الأساسي: كيف سيجري استثمار هذه الخطوة؟ نقول ذلك وفي الذهن الاستثمار السياسي الخاطىء للانتفاضة الفلسطينية الأولى. التي لو جرى تطويرها وتوظيفها بشكل سليم لاقتربنا شوطا من طريق تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة. ما جرى آنذاك: استثمار الانتفاضة في اتفاقيات أوسلو وتداعياتها البغيضة والكارثية التي نعيش نتائجها التي أرجعت المشروع الوطني الفلسطيني وعموم القضية والحقوق الوطنية سنوات كثيرة إلى الوراء. من ثَمَّ وفي سنوات لاحقة: جاء الانقسام الفلسطيني ليزيد الطين بلة. محاولات تجاوز الانقسام وتحقيق المصالحة كانت تنعش الآمال الفلسطينية قليلا ثم ما تلبث هذه الآمال أن تتحطم عل صخرة الواقع المر.برغم التهدئة والتي تحولت إلى هدنة. تكررت الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزة إلى أن تم تتويجها مؤخرا بغارات متتالية وقصف من البحر متواصل لأبناء شعبنا في مساحته القليلة. في عملية أسمتها إسرائيل "عمود السحاب" التي استمرت ثمانية أيام، الأمر الذي يذكّر بعدوان 2008 – 2009. جاء العدوان الصهيوني الغاشم وفق ما يقول قادة العدو: من أجل القضاء على سلاح المقاومة ومخزونها من الصواريخ التي تسميها "بعيدة المدى" من أجل أمن المستوطنات والمدن القريبة من القطاع وعدم تهديدها. هذا هو الهدف الإسرائيلي المعلن أما الأهداف غير المعلنة فتلخصت: في الولوغ بالدم الفلسطيني لأسباب انتخابية إسرائيلية بحتة يقودها تحالف نتنياهو – ليبرمان – باراك. كذلك أرادت إسرائيل استنزاف المقاومة واختبار أسلحتها. هي أيضاً اختبار لمصر ولدول ما يسمى بالربيع العربي في المديات التي تصلها هذه الدول في تأييد الحقوق الوطنية الفلسطينية ونهج المقاومة تحديدا ومدى الوقوف في وجه إسرائيل.هدفت إسرائيل إلى حرف الأنظار عن تقديم فلسطين طلبا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل عضوية المراقب في المنظمة الدولية. أن الملحمة البطولية التي خاضتها مقاومتنا الفلسطينية الباسلة ضد العدو الصهيوني تذكّر بالوقفة البطولية للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد العدوان الصهيوني على لبنان في عام 2006. أن أهداف العدوان فشلت. ويمكن القول بلا أدنى شك: أن المقاومة الفلسطينية وصلت إلى مستوى متقدم من ردع العدو الصهيوني: فلأول مرة تدوي صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس ويلجأ سكانهما وسكان جنوب فلسطين المحتلة عام 48 إلى الملاجئ. أن من أهم ما أفرزته التجربة الأخيرة للوقفة البطولية لفصائل المقاومة: هو تشكيل غرفة العمليات المشتركة التي يتم وضع خطط التصدي من خلالها، وهو ما ينبئ بقيام ووجود الإمكانية الحقيقية لتجاوز الانقسام الفلسطيني بعد سقوط كل مبررات وجوده. لا يجوز أن يبقى الانقسام الذي اضر بشعبنا وقضيتنا ومشروعها الوطني. إننا مطالبون كفلسطينيين بإنهاء الانقسام. أن المعنى السياسي للصمود ولتصويت الأمم المتحدة يوجب أن يجري استثمارهما في: إنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية على أرضية التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية. إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية. الطلاق مع نهج المفاوضات مع العدو والعودة إلى المقاومة. عدم عقد التهدئة مع إسرائيل. ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية رغم كل التهديدات الإسرائيلية والأمريكية. إسرائيل هي المغتصبة للأرض الفلسطينية، والفلسطينيون في حالة مقاومة لفعل الاحتلال،لذا من حقهم المقاومة وفقاً لكل نواميس الطبيعة وقوانين الأرض بما فيها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي شرّعت المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها بما فيها الكفاح المسلح ضد الاحتلال.لذا قانوناً وشرعاً لا تجوز هدنة بين من يقوم بمقاومة الاحتلال وبين الغاصب،فهذا يعني: أنه تم تكريس الاحتلال.الهدنة تتم بين دولتين،وليس بين حركة تحرر وطني مقاومة وبين دولة محتلة لأراضيها! تتوقف المقاومة فقط عندما يزول الاحتلال.إسرائيل مصرة على إبقاء احتلالها للأرض الفلسطينية.لذا من واجبنا أن نُصّر كفلسطينيين وعرباً على حقنا في المقاومة والكفاح المسلح منها تحديداً طالما بقي الاحتلال الصهيوني لأرضنا قائماً وموجوداً. لكل ما سبق على الفصائل الفلسطينية التي تعقد التهدئة - الهدنة - (خاصة حركة حماس) عدم الوقوع في مطب وخديعة "الهدنة" مع إسرائيل. من ناحية ثانية فإن من الأهمية بمكان: استثمار سياسي لما حصل في غزة وفي الأمم المتحدة بالشكل الصحيح.

306

| 05 ديسمبر 2012

29 نوفمبر...التقسيم...التضامن....ونحن

شهر نوفمبر من كل عام كما أيام كل شهور السنة، مليء بالأحداث الفلسطينية والتي في غالبيتها: حزينة ومؤلمة إلا القليل  منها. وهي التي تصادف أحداثاً جيدة كان على رأسها هذا العام: انتصار المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الصهيوني على قطاع غزة والذي استمر 8 أيام. في 15 نوفمبر صادف ذكرى إشهار الدولة الفلسطينية في عام 1988 والتي أعلنها حينذاك المجلس الوطني الفلسطيني. هذه التي لم تر النور حتى هذه اللحظة. اليوم 29 نوفمبر هو ذكرى قرار التقسيم الذي صدر في عام 1947 ليكرّس إسرائيل حقيقة واقعة. اليوم أيضا، هو يوم التضامن الدولي مع شعبنا الفلسطيني وفيه ستصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على عضوية المراقب لفلسطين فيها (هذا إذا لم تحدث تطورات دراماتيكية حول ذلك في اللحظة الأخيرة وقد اعتدنا على مثل هذه الأحداث). بالنسبة لقرار التقسيم، رفضه شعبنا آنذاك، يلوم البعض منا ذلك الرفض، ولو كنا في موقعهم لمارسنا نفس الرفض. نعم فلن يوافق فلسطيني واحد (سوى الأقلية) على زرع الدولة المغتصبة في أرضنا وفي قلب الوطن العربي. حتى لو وافقت القيادات الفلسطينية عام 1947 على قرار التقسيم. فلم يكن ممكناً إقامة الدولة الفلسطينية العربية آنذاك لأن: لا العصابات الصهيونية ولا إسرائيل ولا حليفتها الأمريكية كانوا سيسمحون بإقامة هذه الدولة. ومن يعتقد عكس ذلك فليقرأ الأدبيات الإسرائيلية ومذكرات القادة الصهاينة والوثائق في الأرشيف الإسرائيلي حول هذه القضية والتي تم الإفراج عنها بعد 40-50 سنة. نقول ذلك، مستشهدين بمثل: قرار الأمم المتحدة الذي نص على حق العودة اللاجئين الفلسطينيين لم يجر تنفيذه، لأن لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة أرادتا يوم ذاك تنفيذه. موافقة القيادات الفلسطينية آنذاك: كان سيعني تنازلاً مجانياً واعترافاً رسمياً بحق إسرائيل في التواجد على الأرض الفلسطينية. صحيح أن القيادة الفلسطينية المتنفذة اعترفت بإسرائيل وحل الدولتين، لكن إسرائيل كانت وما زالت وستظل ضد إقامة هذه الدولة المستقلة صاحبة السيادة. لذا كان التنازل بالفعل مجانياً، وتم الاعتراف بإسرائيل من دون ثمن. القيادة الفلسطينية المتنفذة في منظمة التحرير أوهمت نفسها بإمكانية جنوح إسرائيل للسلام وإمكانية إقامة دولة فلسطينية. هذه القيادة لم تحسن قراءة إسرائيل ولا الحركة الصهيونية، بنت إستراتيجيها الجديدة في الصراع مع العدو وفقاً لمعطيات غير موضوعية (مثلاً تصوروا: بأن المجتمع الدولي سيكون قادراً على فرض إقامة الدولة الفلسطينية). لم تنطلق القيادة الفلسطينية في اعترافها بإسرائيل كثمن لإقامة الدولة العتيدة من العامل الذاتي ومن موازين قوى تفرض على إسرائيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. بعد 20 عاماً من المفاوضات مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية أوسلو، ماذا حصدت هذه القيادة؟ لم تحصد سوى الخيبة واستمرار المشروع الصهيوني في فرض حقائقه وتنكر العدو المطلق للحقوق الفلسطينية. الغريب أن القيادة المتنفذة الفلسطينية الحالية لم تستوعب الدرس ولا معطيات الواقع، لذا فهي تمعن في أخطائها من خلال الوهم المعشعش في أذهانها: بإمكانية موافقة إسرائيل على إقامة دولة مستقلة على كامل حدود 67، دولة كاملة السيادة. لذا قام رئيس السلطة محمود عباس بالتخلي طوعاً ومجانياً عن حق العودة  وعن الحق في المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها، (وهي الأخيرة) الطريقة الوحيدة لإجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية. كافة التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية تمت بعكس إرادة شعبنا، الذي يرى ويريد حقه كاملاً وغير منقوص  في كل أراضي فلسطين التاريخية. ندرك صعوبة تحقيق هذا الهدف من خلال الظروف وموازين القوى الحالية لكن.. هل ستنسحب هذه الظروف على المستقبل بشكل دائم؟ ألا يمكن أن تتغير الظروف مستقبلاً وكذلك موازين القوى؟ من كان يعتقد بانهيار القطب الثاني في العالم وهو الاتحاد السوفيتي في غضون سنوات قليلة؟ القيادة الفلسطينية المتنفذة الحالية ممعنة أيضاً في أخطائها بالمراهنة على موقف الولايات المتحدة وباراك أوباما. لم تستوعب درس الفعل الأمريكي الضاغط في مجلس الأمن قبل عام، لتعطيل قبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وفقاً لمقابلة صحيفة يديعوت أحرونوت مع عباس التي أجرتها الصحيفة المعروفة سميدار بيري كشف عباس أنه وبطلب من الرئيس أوباما قام بتأجيل طلب منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين كدولة تتخذ صفة المراقب لما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية! لقد فاز أوباما لكنه وإدارته يضغطون على دول عديدة للتصويت ضد قبول فلسطين عضواً مراقباً في الجمعية العامة. هذه القيادة ربما لا تدرك حدود الموقف الأمريكي الذي يردد كالببغاء الحل والرؤى التي تطرحها إسرائيل، وهذه مصيبة، أو أنها تدرك (من أجل أهداف خاصة بها) وفي هذه الحالة المصيبة أعظم، هذه القيادة في كل الحالات تدفن رأسها في الرمل كالنعامة لتقول: لا أرى. في يوم ذكرى التضامن الدولي مع شعبنا، لو توجهنا بأسئلتنا إلى القياديين الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة: هل هما متضامنتان مع نفسيهما؟ أليس من المفروض وقبل أن ندعو العالم إلى التضامن مع قضيتنا أن نتضامن نحن مع أنفسنا وننهي الانقسام؟ أليس من المفروض وقبل أن ندعو  أمتنا العربية إلى بناء إستراتيجية جديدة للصراع مع العدو الصهيوني أن تقوم نحن ببناء هذه الإستراتيجية؟ ونمارس أيضا التكتيك السياسي الصحيح الذي يخدمها؟ ثم نقوم فيما بعد بمطالبة الأمة العربية بأن تحتشد حولها؟ أسئلة كثيرة من هذا القبيل في صميمها: هي مؤلمة ومحزنة كثيراً. نعم بالانقسام المشروع الوطني الفلسطيني تراجع، القضية الفلسطينية تراجعت خطوات كثيرة إلى الوراء. وسلطتا غزة ورام الله مصرتان على العزف المنفرد لكل منهما! أليس من الضرورة بمكان إجراء مراجعة سياسية شاملة لمرحلة ما بعد أوسلو والاستفادة من الأخطاء والخطايا الكثيرة التي تم اقترافها؟ أبعد هذا العدوان الصهيوني الأخير على القطاع؟ ألم يئن الأوان لعدم الوقوع في مطب الهدنة مع العدو الصهيوني؟ أليس من الضرورة بمكان إلغاء التنسيق الأمني مع هذا العدو؟ المطلوب إحياء المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها وعلى رأسها الكفاح المسلح. المطلوب التشبث بالثوابت الفلسطينية وقطع الاتصالات والمفاوضات مع العدو، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية لتكون مجالاً للجمع بين كافة الفصائل وألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وكل ذكرى للتضامن وأنتم بخير.

395

| 29 نوفمبر 2012

بين نهجي المقاومة والمفاوضات

المقاومة الباسلة للفصائل الفلسطينية ولشعبنا في مواجهة العدوان الصهيوني هي الأسلوب الوحيد للرد على كل المحتلين. وعلى رأسهم إسرائيل. بكل ما فيها من عربدة وعنجهية وغطرسة فاقت شبيهاتها لدى المحتلين الآخرين. وبخاصة أن عدونا اقتلاعي. استيطاني. عنصري، سرق أرضنا واقتلع شعبنا وقام بتهجير معظمه بعد مجازر ومذابح كثيرة اقترفها وما يزال بحق أهلنا وأمتنا. لولا أن مقاومة الغاصبين مشروعة للشعوب المحتلة والمغتصبة إرادتها. لما وافقت عليها الأمم المتحدة في قرارات واضحة وخصت بالذات الحق في استخدام الكفاح المسلح من بين أشكالها ووسائلها.المقاومة هي لغة التخاطب مع الغاصب والمحتل.المقاومة هي نبراس الشعوب المحتلة من أجل نيلها لحقوقها الوطنية ولحريتها واستقلالها. إذا كانت المقاومة تصلح لكل زمان ومكان في مواجهة المحتلين. فإنها الأجدر في مقاومة الكيان الصهيوني بكل ما لديه من الاستعلائية العنصرية والاعتماد على فرض وقائعه بقوة السلاح.لقد اعتادت إسرائيل على نقل معاركها إلى أراضي الآخرين، وظل ساكنوها بمنأى عن أي تهديد. للمرة الثانية على التوالي يجري تهديد القلب منها. المرة الأولى كانت في عام 2006 على أيدي المقاومة الوطنية اللبنانية. والمرة الثانية هي ما نراه الآن. في المرة الأولى غادر الإسرائيليون شمال فلسطين المحتلة وهاجروا إلى الجنوب.هذه المرة الهجرة تتم من الجنوب والوسط إلى الشمال. تل أبيب والقدس الغربية طالتهما صواريخ المقاومة الفلسطينية. في المرتين:رفضت إسرائيل في البداية وقف عملياتها العسكرية ضد المقاومتين اللبنانية والفلسطينية. ولما اشتد سقوط الصواريخ على أهداف كثيرة في إسرائيل وبخاصة في المدن، صارت تبحث عن وقف لإطلاق النار، نعم هي التي تطلب وقف القتال حتى لا يفتضح قادتها أمام الشارع الإسرائيلي. بالتالي فالاستنتاج الوحيد من كلا المرتين هو تعزيز الحقيقة:أن إسرائيل تحديداً مثل كل محتل لا تستجيب إلا للغة القوة والمقاومة. هذه الوسيلة هي التي تجبر إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية. والأخرى العربية. هذا ما أثبتته كل تجارب حركات التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.المحتل الصهيوني بالطبع ليس استثناءً من بين كل الغاصبين. ما ينطبق عليهم يسري عليه. صحيح:أن إسرائيل لديها أسلحة متقدمة وكيماوية ونووية. وموازين القوى العسكرية تميل في صالحها على الدوام، ولا يمكن المقارنة بين ما تمتلكه من أسلحة نوعية متقدمة ومتطورة وما تمتلكه حركات المقاومة، لكن وفق قوانين حرب التحرير الشعبية: يمكن تحييد هذه الأسلحة، ويمكن التأثير على إسرائيل بواسطة الصواريخ التي لم تنفع القبة الحديدية في صدها. وقد كلفتها مئات الملايين من الدولارات. لو اعتمدت حركات التحرر الوطني على موازين القوى. لما جرى تحرير البلدان المستعمرَة. ولو انطلقت جبهة التحرير الفيتنامية من موازين قوى تطالب بمضاهاة ما يمتلكه الثوار من أسلحة مع الأسلحة الأمريكية. لما تحررت فيتنام الجنوبية، فلا يمكن لموازين القوى أن تتساوى بين الجانبين.نفس القانون ينطبق على المقاومة وعلى إسرائيل. إسرائيل لا تتحمل معركة طويلة الأمد، وهذه نقطة ضعف كبيرة لديها، بالتالي يتوجب على المقاومة أن تطيل أمد المعركة مهما استطاعت. إسرائيل لا تحتمل خسارة البشر سواء أكانوا جنوداً أم مدنيين، بالتالي على المقاومة دوما استغلال نقطة الضعف الثانية هذه، وجعل كل عدوان على الأرض الفلسطينية مشروعاً خاسراً ومكلفاً بالمعنيين البشري والاقتصادي. مثلما قلنا:إسرائيل لا تحتمل نقل المعركة أو آثارها إلى الداخل الإسرائيلي. نتيجة لصواريخ المقاومة الفلسطينية: دوت صفارات الإنذار في فضاءات المدن الإسرائيلية،وهرع ساكنوها وسط حالة من الذعر الشديد(مثلما رصدته فضائيات كثيرة) إلى الملاجئ، حتى أن نتنياهو وأركان حكومته الائتلافية وكبار القادة العسكريين والأمنيين اضطروا للنزول إلى الملاجئ.في ظل هذه الحالة من المقاومة. لم تجرؤ إسرائيل على الحرب البرية حتى لو جندت مئات الآلاف من الاحتياطي لديها...لأنها تدرك الخسارة التي سوف تتكبدها .في الحالة الفلسطينية: فإن من أفدح الأخطار. التي تُلحق بالقضية الفلسطينية أشد أنواع الأذى. إعلان رئيس السلطة وقادتها عموماً: بأن الخيار الفلسطيني الوحيد يتمثل في المفاوضات والمفاوضات فقط،خاصة أن تجربتي اتفاقية أوسلو وعشرين عاماً من التفاوض مع إسرائيل. لم تُلحق بالمشروع الفلسطيني سوى الويلات والكوارث والتنازل عن الثوابت. ومصادرة الأرض. والمذابح. والاغتيالات. والاعتقالات. والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية كلها دون استثناء، ولم تزد إسرائيل إلا غطرسة وعنجهية وعربدة. والمزيد من اقتراف العدوان. صحيح أن ثمن العدوان الصهيوني يدفعه شعبنا من دماء أبنائه وبناته وشيوخه وأطفاله، لكن هذا الثمن كان يدفعه شعبنا أضعافاً مضاعفة قبل انطلاق المقاومة والثورة الفلسطينية المعاصرة، بمعنى أن الضحايا من الفلسطينيين تقدم ثمن العدوان دون مقاومة أيضاً، فبالتالي:فإن مقاومة هذا العدوان تصبح أمراً مشروعاً. ووصول المقاومة إلى مستوى متقدم يتم فيه ردع العدو يجبر هذا العدو على التفكير مراراً قبل إطلاق أية رصاصة على الفلسطينيين.هذه القاعدة استعملتها إيران والمقاومة الوطنية اللبنانية. وبالفعل تتنكر إسرائيل مراراً وتفكر كثيرا قبل ممارستها للعدوان على الطرفين.وما دامت المقاومة الفلسطينية وصلت إلى هذا المستوى من الردع فستقف إسرائيل مراراً قبل ارتكابها للعدوان على الفلسطينيين.أما بالنسبة للوصول إلى إنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية فيستوجب أن تكون مقاومة العدو،حالة دائمة دون هدنة لا طويلة ولا قصيرة المدى.كل التحية لأبطال شعبنا في قطاع غزة ومقاومتنا الباسلة التي أذاقت وتذيق المعتدين الصهيونيين الثمن المر لاقتراف عدوانهم.

648

| 22 نوفمبر 2012

استعدوا ...اليمين الصهيوني يعزز مواقعه

بداية، من الضروري التوضيح أن مفهومي: اليمين واليسار في إسرائيل هما نسبيان، قد ينطبقا على مفاهيم الأحزاب فيما يتعلق بالحياة الداخلية الإسرائيلية بتطبيقاتها الاقتصادية بشكل خاص، لكن المفهومين لا ينطبقا على وجهات النظر السياسية لكلا أحزاب اليمين وما يسمى باليسار، فباستثناء الحزب الشيوعي فإن كافة أحزاب المعسكرين صهيونية حتى العظم، ولا يمكن الجمع بالطبع بين الصهيونية كمعتقد أيديولوجي- سياسي وبين مفهوم اليسار بمعناه العلمي المصطلح والمتعارف عليه. لذلك فيما يتعلق برؤية الأحزاب الإسرائيلية للتسوية (ما يسمى بالسلام) مع الفلسطينيين والعرب، فإن الأكثر دقة في توصيف هذه الأحزاب جميعها هو القول: الأحزاب اليمينية والأحزاب الأكثر يمينية وهذه تتضمن الأحزاب الفاشية. إن مظهراً آخر يتلازم مع مفهوم الصهيونية هو مفهوم العنصرية بكافة أشكالها وصولاً إلى الفاشية، فالحزب الذي يعتنق الأيديولوجيا الصهيونية هو بالضرورة على أتم الاستعداد لتبني الفاشية وإن ادّعى عكس ذلك في سياساته. وفقاً لكافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية فإن تحالف الليكود-إسرائيل بيتنا بزعامة نتنياهو وليبرمان سيحقق قصب السبق في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية القادمة، فهو سيستحوذ على ما يقارب الــ45 عضواً في الكنيست. وسيكون من السهل عليه التحالف مع شاس الحزب المؤهل للحصول على ما يقارب 13 صوتاً. وإذا ما أضفنا الأحزاب الأكثر يمينية الأخرى المشاركة في الائتلاف الحكومي الحالي، فسيكون من السهل على الثنائي نتنياهو- ليبرمان في أصعب الحالات الحصول على الأغلبية النسبية في الكنيست. في استطلاع آخر أجراه مركز (حوار) قبل ما يزيد على العامين تبين أن نسبة اليمين بين اليهود الإسرائيليين في عام 2015 ستبلغ 65% بمعنى آخر: أننا أمام مرحلة جديدة في إسرائيل عنوانها: تعزيز مواقع الأحزاب الأكثر يمينية في الكيان الصهيوني، هذا الأمر له تداعياته الكبيرة على الداخل الإسرائيلي وعلى الصعيد الخارجي أيضاً. على صعيد الداخل الإسرائيلي: فإن نسبة تدخل الأحزاب الدينية في الشأن السياسي ستتزايد، الأمر الذي يجبر الحكومات الإسرائيلية القادمة (المؤهلة في الأساس) على الانصياع لطلبات واشتراطات هذه الأحزاب في الحياة الاقتصادية والأخرى السياسية والتطبيقات الاجتماعية أيضاً، وهذا أكثر ما شهدناه في الحياة الإسرائيلية. في الائتلاف الحكومي الحالي. وهو سيتزايد في المرحلة القادمة، ذلك سيؤثر اقتصادياً على إسرائيل من ناحية اقتطاع مليارات من الشواقل لصالح هذه الأحزاب(كما حصل في الائتلاف الحالي) من الميزانية الإسرائيلية. هذا بدوره سيؤدي إلى اقتطاعات كبيرة من أموال أشكال الضمان المختلفة: لتلبية احتياجات واشتراطات هذه الأحزاب وسط مظاهر يتآكل فيها في القطاع العام لصالح الخاص. الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى أشكال كبيرة من الاحتجاجات. على صعيد أهلنا في منطقة 48: ستشهد المرحلة القادمة المزيد من التضييق عليهم في إسرائيل بالمعنيين الحياتي بكافة أشكاله وسبله، والقانوني من خلال سن قوانين عنصرية جديدة ضدهم. وسط أجواء من تصاعد وتنامي المظاهر العنصرية في الدولة الصهيونية. سيتفنن اليمين الأكثر تطرفاً في إسرائيل في اختراع الأساليب التي يستطيع من خلالها إجراء ترانسفير للكثير من العرب، وفي خلق التعقيدات السياسية الاقتصادية، الاجتماعية لهم حيث تتحول حياتهم إلى جحيم، بحيث يتم دفعهم دفعاً(وبخاصة الشباب) إلى الهجرة الطوعية. كذلك ستزداد الدعوات إلى تحقيق شعار"يهودية دولة إسرائيل" لتكون خالصة نقية لليهود دون وجود العرب فيها. على صعيد التسوية مع الفلسطينيين: بدايةً فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية هي مع إبقاء القدس "عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل" وهي ضد حق العودة للاجئين، وهي مع الاستيطان الذي ستزداد وتائرة، حيث إن نسبة ما تبقى للواهمين بإقامة الدولة الفلسطينية من مساحة فلسطين التاريخية، ستقل كثيراً عن النسبة الحالية (12% وليس 22% وفق آخر الإحصاءات)، حيث يستحيل بشكل مطلق إقامة هذه الدولة بالمعنى الواقعي- العملي. ثم إن كافة الأحزاب الإسرائيلية: اليمينية والأكثر يمينية مع بقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذا ما يدعو إلى التساؤلات: ماذا سيبقى من أراض لإقامة دولة عليها؟ أين هي الفروقات في رؤية التسوية بين الأحزاب الإسرائيلية؟ أين هو اليمين واليسار في هذه التشكيلات الحزبية؟ الأحزاب الإسرائيلية (باستثناء القليل منها) مع إجراء المفاوضات والإبقاء عليها مع الفلسطينيين وإسرائيل، ولكن مفاوضات من أجل المفاوضات، فقط للإيحاء إعلامياً وسياسياً بأن حركة سياسية ما تجري بين الفلسطينيين وإسرائيل، ولو كان شامير حيّاً حتى هذه اللحظة(الذي سبق وأن صرّح في مؤتمر مدريد: بأننا سنطيل المفاوضات مع الفلسطينيين عشرين عاماً) لأطال أمد المفاوضات القادمة (40) أو (60) عاما هذه المرة. إسرائيل تصنع حقائقها على الأرض. تمارس احتلالاً غير مكلف مطلقاً لها. الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة يشرفون على مجريات شؤونهم الحياتية (أي أنهم يمارسون الحكم الذاتي). التنسيق الأمني يجري على قدم مع السلطة الفلسطينية. في غزة هناك هدنة طويلة غير معلنة. مع مرور الوقت فإن إسرائيل لن تكتفي باعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل قبل التفاوض معهم، وإنما ستشترط عليهم: عدم المطالبة بالقدس، التخلي عن حق العودة.. وهكذا دواليك.. رغم تخلي رئيس السلطة فعلياً عن حق العودة، لكن إسرائيل لن ترضى عنه، سيظل ليبرمان يهاجمه ويطالب بإسقاطه. ليبرمان(الذي طالما طالب وهو خارج السلطة) بأرض إسرائيل الكبرى وترحيل الفلسطينيين من منطقة 48. للعلم نتنياهو ليس أقل يمينية منه، فالذي يريد معرفة حقيقية عليه قراءة كتابه "مكان تحت الشمس" (والذي كان لصاحب هذه السطور كتاب رد عليه وقام بنفي أقواله). على صعيد التسوية مع العرب: إذا كان من يسمون بـ(الحمائم) في إسرائيل مثل: بيريز، أولمرت، تسيبي ليفني، قد رفضوا ما يسمى بـ(مبادرة السلام العربية) ولكن بكلمات دبلوماسية. إذا كأن هؤلاء قد رفضوها صراحة (مع أنها تتجاهل حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة) فهل سيقبلها نتنياهو وليبرمان وايلي يشاي وعوفوديا يوسف ورافانيل إيتان؟ إسرائيل باختصار تريد استسلاماً كاملاً من العرب والفلسطينيين على قاعدة "السلام مقابل السلام" وليس "السلام مقابل الأرض". الحكومة الإسرائيلية القادمة ومقابل التفاوض مع العرب ستطالب بتخليهم عن القدس والمقدسات وعن الانسحاب من كافة مناطق 67. على الصعيد الخارجي: ستقبل الولايات المتحدة والعديد من الدول بإسرائيل أياً كان يحكمها مع أنهم سيحاولون بكل ما أوتوا من قوة الضغط بأن يتسلم منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية والوزارات الأخرى المهمة كالخارجية مثلاً، زعماء من المرنين سياسياً الذين يصرحون دوماً عن أهمية السلام (مع أنهم سوف لن يعملوا شيئاً على صعيد الواقع) من باب الاستهلاك السياسي ليس إلا! وبعد: ألم يحن الوقت لنا كفلسطينيين وعرب إدراك حقيقة إسرائيل وجوهر الصهيونية؟ وأن نبني الإستراتيجية والتكتيك السياسي المفترضيْن الموائميْن لطبيعة هذه الدولة؟ وأن نحرر عقولنا من أوهام: إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ وأن نستعد لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة؟

448

| 15 نوفمبر 2012

التنازلات وأصالة رد شعبنا

مهما حاول مستشارو محمود عباس تلطيف تصريحاته، فإن ما قاله للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي كان واضحاً وفي منتهى الدقة، إنه يتخلى عن حق العودة تخلياً تاماً. إنه يُسقط حق الشعب الفلسطيني في المقاومة حتى الشعبية منها، والانتفاضة هي أحد أشكال هذه المقاومة.منذ زمن طويل: اعتبر عباس المقاومة (إرهاباً)! لم يسبق لشخص أو مسؤول ( من المفترض لحركة تحرر وطني) أن وصف مقاومة شعبه لمحتلي أرضه ومغتصبي إرادته(بالإرهاب) إلا محمود عباس، فالمقاومة من وجهة نظره: لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى الويلات والكوارث والتدمير.محمود عباس نال شهادة الدكتوراه من موسكو عن رسالته حول "الحركة الصهيونية". من المفترض أن يكون قد عرف هذه الحركة العنصرية على حقيقتها. هذه التي اعتبرتها غالبية دول العالم في قرار واضح للأمم المتحدة "شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". بدلاً من المعرفة المفترضة والتي يتوجب أن تؤسس لمقاومة هذه الحركة وصنيعتها إسرائيل. لا يكتفي محمود عباس بانصياعه هو لتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء، بل يحرص على جر الشعب الفلسطيني إلى موقعه بالانصياع لها هو الآخر، من خلال التنازل عن الثوابت الفلسطينية المتمثلة في الحقوق الوطنية الفلسطينية. يفتخر محمود عباس بأنه مهندس لاتفاقيات أوسلو، وهو يعتبر منذ نشأته الأولى: أن الدبلوماسية والسياسة والمفاوضات هي التي تُعيد الحقوق الوطنية إلى أصحابها! لم يعتبر من عشرين سنة من المفاوضات الفاشلة مع الكيان الصهيوني،والتي لم تجلب سوى المزيد من الويلات والكوارث للفلسطينيين: إن من حيث: زيادة الاستيطان ومصادرة الأرض وهدم البيوت،والمزيد من المجازر والعدوان والاغتيالات والاعتقالات بحق شعبنا وأمتنا،والمزيد من التنكر للحقوق الفلسطينية، والمزيد من اللاءات لهذه الحقوق،والاشتراطات الجديدة على الفلسطينيين والعرب من أجل عودة المفاوضات معهم. محمود عباس يذهب إلى الأمم المتحدة ويقدم طلباً باسم منظمة التحرير لنيل الاعتراف من الجمعية العامة بفلسطين كدولة مراقبة (غير عضو) ليس بسبب أهمية هذا المقعد فحسب وإنما ليقوم بالتفاوض مع إسرائيل من موقع "رئيس" لدولة محتلة.هذا ما ضمنّه رسالته التي بعث بها إلى الرئيس أوباما. عباس أكد أيضاً على هذه القضية في مقابلته مع التلفزيون الإسرائيلي. محمود عباس وفي عام 1995 خاض جولات عديدة من المفاوضات مع وزير العمل في حكومة رابين يوسي بيلين. واتفق معه على بنود شكلت تنازلاً من قبله عن حق العودة:عُرف الاتفاق بين المسؤولين باسم ورقة: عباس - بيلين. كان من المفترض أن يعلن إسحق رابين بنود هذا الاتفاق،إلا أنه اغتيل قبل الإعلان عنها في عام 1995. الاتفاق تسربت بنوده إلى الصحافة الإسرائيلية وينص على: إرجاع بضعة آلاف إلى إسرائيل.إرجاع من يريد العودة إلى مناطق السلطة الفلسطينية. توطين من يرفض العودة حيث يقيم.منذ تلك اللحظة فعلياً تخلى عباس عن حق العودة غير أنه آنذاك لم يقع في المسؤولية الفلسطينية الأولى.الآن يمارس عباس تنكره لحق العودة عن سابق تصميم وإصرار فهو في موقع رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح.محمود عباس يؤمن بمرجعية أوسلو بدلاً من مرجعية الأمم المتحدة حول الحقوق الفلسطينية ومنها القرار رقم 194 والذي ينص على حق العودة للاجئين. إبّان وجود عرفات في هرم السلطة الفلسطينية ضغطت الولايات المتحدة على الأخير.لإحداث منصب رئيس الوزراء للسلطة،وتسلم عباس هذا المنصب. اختلف مع عرفات وقبع في منزله.اطلق عليه عرفات لقب"كرزاي فلسطين". بعد تسلمه لرئاسة السلطة الفلسطينية:كان من أبرز القرارات التي اتخذها: اعتبار الأجهزة العسكرية للفصائل الفلسطينية:منظمات غير مشروعة، منع حمل السلاح للفصائل تحت طائلة السجن. قام بجمع الأسلحة، وقام باعتقال كل من يحاول القيام بعمليات مسلحة ضد إسرائيل.هذا هو التاريخ الحقيقي لعباس. أيدرك محمود عباس: أن إسقاطه لحق العودة ينزع الغطاء عن أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948؟ فهؤلاء الذين يتمسكون بفلسطينيتهم وقوميتهم العربية والذين حافظوا على انتمائهم وثقافتهم وتصدوا لكل مخططات التهويد والأسرلة، هؤلاء بحاجة إلى الغطاء الذي يشكله حق العودة والشعب الفلسطيني عموماً،فهم جزء أصيل منه. بعد إسقاط حق العودة سيتفنن اليمين الإسرائيلي في اختراع الوسائل لإجراء ترانسفير قسري لأهلنا في منطقة 48. وخلق ظروف اقتصادية-اجتماعية - سياسية غاية في الصعوبة لدفعهم إلى الهجرة.ألا يدرك عباس أن إسقاط حق العودة يصب في خانة الاعتراف بيهودية إسرائيل؟ إن كان لا يدرك كل هذه التداعيات فهذه مصيبة،وإن كان يدرك فالمصيبة أعظم. لعل من أحد قوانين الصراع من أجل نيل الحقوق، أن من يتنازل عن جزء بسيط من حقوقه، سيفرض عليه الطرف الآخر(بمزيد من ابتزازه) التنازل الثاني والثالث.. وهكذا دواليك! حتى يؤدي به إلى الهاوية.لقد انطلقت الثورة الفلسطينية من أجل تحرير كل الوطن الفلسطيني من النهر إلى البحر،ثم بدأ سلم التنازلات:الاعتراف بدولة إسرائيل،بناء دولة على أية بقعة ينزاح عنها الاحتلال،إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، إمكانية تعديل الحدود، التنازل عن حق العودة! نخشى ما نخشاه أن يكون التنازل القادم لعباس عن إقامة الدولة على أراضي عام 67، والتعامل مع مشاريع قديمة-جديدة عنوانها الرئيس: تبديد الحقوق الفلسطينية والهوية الفلسطينية وإذابتها من خلال الدعوة إلى إقامة كونفيدرالية مع هذه الدولة أو تلك؟ عباس يريد الهاء الفلسطينيين بإنجاز سياسي هنا أو هناك. لقد كان الأحرى بعباس في الذكرى الــ95 لوعد بلفور المشؤوم، وفي الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل مسؤوليتها عن اغتيال"أبو جهاد" وفي الوقت الذي تقصف فيه إسرائيل يومياً قطاع غزة، وفي الوقت الذي تصادق فيه إسرائيل على المزيد من المخططات الاستيطانية وتهويد القدس ومحاولة هدم المسجد الأقصى.. كان الأحرى به أن لا يدلي بتصريحات في مقابلة مع قناة تلفزيونية صهيونية وأن يعلن انتهاء المفاوضات مع إسرائيل والإصرار على المقاومة بكل أشكالها ووسائلها. والتمسك بحق العودة وكل الحقوق الوطنية الفلسطينية الأخرى. بدلاً من كل ذلك تنازل طائعاً عن حق العودة. المقربون منه يحاولون تميع تصريحاته بالقول:"بأن هذه التصريحات موجهة إلى الشارع الإسرائيلي" و (كأن على الفلسطينيين إغلاق آذانهم). ألا يدرك هؤلاء استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي تشير إلى:أن اليمين الصهيوني سيحقق المزيد من المكتسبات بعد الانتخابات التشريعية القادمة؟ ألم يعتبروا من تجربة نشر بنود المبادرة العربية كإعلانات في الصحف الإسرائيلية والتي كانت نتائجها حصد اليمين للمزيد من المقاعد؟ ليس من حق عباس التنازل لا عن حق العودة ولا عن أي من الحقوق الوطنية الفلسطينية. الرد عليه جاء من تفاعل شعبنا في الوطن والشتات وبكل قطاعاته مع تصريحات عباس، وتمثل الرد في الرفض المطلق من تسعة ملايين فلسطيني للتنازل عن حق العودة، والإصرار على التمسك بهذا الحق.إضافة إلى أن الأمة العربية بكاملها تقف مع الحقوق الوطنية الفلسطينية ومنها:حق العودة. إذا تعب محمود عباس فليستقل من مناصبه ويرتاح وليسلم الراية إلى غيره، ولتجر محاسبته من كافة الهيئات التي يرأسها، فحق العودة لا يسقط بالتقادم، وهو مقدس، مقدس، مقدس.

758

| 09 نوفمبر 2012

يا فرعون.... مين فرعنك؟

إسرائيل تتصرف كدولة عظمى في المنطقة.قصفت المفاعل النووي العراقي(أوزيراك) في عام 1981.قصفت ما أسمته المفاعل النووي السوري.تمارس البلطجة والعربدة بشكل يومي.قصفت مؤخراً مصنعاً للأسلحة في السودان.من قبل قامت بقصف طابور سيارات انطلقت من بور سودان،واتهمتها إسرائيل بأنها تحمل أسلحة لحركة حماس.إسرائيل تقصف يومياً قطاع غزة، تهدد بضرب المنشآت النووية الإيرانية.في عرفها ممنوع على أية دولة عربية امتلاك أسلحة قد(لاحظ قد) تشكل خطراً على الأمن الإسرائيلي. المطلوب من كافة الدول العربية احترام الأمن الإسرائيلي.من حق إسرائيل امتلاك الأسلحة النووية، والصواريخ بعيدة المدى وكل أنواع الأسلحة الكيماوية، وأن تعبث بالأمن القومي العربي كما تشاء وفي أي زمن تشاء، ومصرّحٌ لها أمريكياً بقصف أية أهداف عربية على امتداد الوطن العربي لأنها تدافع عن نفسها وعن أمنها. وصلنا في العالم العربي للأسف لهذه المرحلة من الهوان. ردود أفعال الدول العربية التي قصفت إسرائيل أهدافاً فيها تتمثل في جملة مفادها:"من حق(الدولة المعنية) الرد في الزمان والمكان المناسبين".نحترم هذه الجملة لكنها للأسف لم تُترجم إلى واقع.لم يجر قصف أهداف إسرائيلية لابعد ضرب المفاعل النووي العراقي ولا السوري وفي اليقين أن السودان لن يقوم بضرب أهدافٍ إسرائيلية فهو لا يمتلك لا الطائرات ولا الصواريخ بعيدة المدى.بعد القصف الإسرائيلي للأهداف العربية تبرد الأجواء وإسرائيل لا تتلقى الرد المناسب مما يشجعها على ممارسة قصف أهدافٍ عربية جديدة. لو قدر الأمر لاستفتاء الجماهير العربية في هذا الأمر لطالبت بالرد الفوري والسريع والعنيف فالضربات الإسرائيلية تمس كرامتها وكبرياءها في دولها. إسرائيل تفهم القانون الدولي كما تريد وتفهم أنها فوق القانون الدولي.حوّلته إلى شريعة للغاب.تمارس إرهابها(إرهاب الدولة) على مسمع ومرأى كل دول العالم ولا نسمع بيانات استنكار لا من الولايات المتحدة أو أوروبا. سوى من تلك التي تؤيد القضايا العربية. رغم ذلك فالمليارات العربية تتكدس في الخزائن الأمريكية وليس من حق العرب سحبها. يا حبذا لو اشترت الدول العربية بهذه الأموال. الأسلحة التي ترد بها على الصلف الإسرائيلي. إسرائيل تمارس إرهابها المنظم ولا من رادع يردعها رغم وضوح الطريق تماماً لردع هذه الدولة الإرهابية المعتدية المتمثل في: امتلاك الطائرات والصواريخ بعيدة المدى ومختلف أنواع الأسلحة الهجومية الكفيلة بردع العدوان الإسرائيلي وممارسة حق الرد المشروع. الذي يمنع إسرائيل من قصف المفاعل النووي الإيراني هو الرد الإيراني المفترض والصواريخ بعيدة المدى التي تطال كل هدف في فلسطين المحتلة إسرائيلياً.ما من هدف مدني أو عسكري بمأمن من القصف الإيراني، ولذلك فإن قادة الجيش والمخابرات ومختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ينصحون نتنياهو بعدم فتح عش الدبابير الإيراني: من خلال توجيه ضربة عسكرية لإيران. أيضاً وكمثال حي على كيفية ردع إسرائيل:المقاومة الوطنية اللبنانية التي أذاقت العدو الصهيوني ويلات كثيرة وكبيرة مما جعلته يسارع بالانسحاب ليلاً من لبنان في عام 2000،أحد القادة العسكريين الإسرائيليين صرّح قائلاً:"هربنا ولم ننسحب من لبنان".في عدوان إسرائيل على لبنان في عام 2006 تصورت إسرائيل بأنها ستقضي على المقاومة الوطنية اللبنانية خلال بضعة أيام،ولذلك رفضت كونداليزا رايس في البداية طلباً دولياً بوقف إطلاق النار.ما هي إلا أيام قليلة في عمر العدوان حتى انطلقت صواريخ المقاومة إلى الأهداف الإسرائيلية لتحول شمال فلسطين المحتل إلى جحيم، وجرى قصف أهداف في تل أبيب،وهددت المقاومة بقصف جنوب فلسطين المحتلة بما يعنيه ذلك من قصف لمواقع نووية إسرائيلية في النقب.بعدها هرعت إسرائيل وكونداليزا رايس إلى طلب وقف إطلاق النار وبخاصة بعد فشل الهجوم البري الصهيوني في(تطهير)جنوب لبنان من المقاومة. أيضاً وكمثل على كيفية الرد على إسرائيل: الطائرة من دون طيار التي أطلقتها المقاومة اللبنانية،استطاعت الطائرة اختراق الأجواء الإسرائيلية،حلّقت فوق النقب،أرسلت صوراً وبقيت عدة ساعات في أجواء فلسطين المحتلة حتى اكتشفتها إسرائيل وقامت بإسقاطها.إسرائيل تتبجح دوماً بأن أجواءها لا يمكن اختراقها.الطائرة فعلت فعلها في داخل الدولة الصهيونية بما أثارته من ردود فعل كبيرة على المستويين السياسي والعسكري. إن طبيعة البنية الإسرائيلية لا تفهم غير لغة الردع والرد بقوة على كل اعتداءاتها، هذا ما يلجم إسرائيل والتي تتصرف مثل الوحش الهائج المنفلت من عقاله. إسرائيل لا تريد السلام لا مع الفلسطينيين أو العرب تريد استسلامهم جميعاً والخضوع لابتزازاتها وطلباتها منهم. العدوان الصهيوني على الأمة العربية ليس منحصراً فقط في العدوان العسكري وإنما يتجاوز ذلك إلى كافة أنواع العدوان.إسرائيل تعتدي على المياه العربية تسرقها من الضفة الغربية ومن جنوب لبنان.تعتدي على المجال البحري لكافة الدول العربية الواقعة على البحار.تمارس اعتداءاتها على المياه الإقليمية اللبنانية،باستخراج الغاز من مياه البحر المتوسط في المجال البحري اللبناني والذي هو وفقاً للقوانين الدولية من حق لبنان.إسرائيل تضع المخططات للسطو على الغاز المدفون داخل حدود المنطقة البحرية الاقتصادية لمصر اليمين الصهيوني لا يزال يحلم بشعار"دولة إسرائيل الكبرى" أي الممتدة"من النيل إلى الفرات".هذه الأحزاب اليمينية التي تؤمن بذلك وتفعل من أجله: هي التي شكلت جزءاً من الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل الذي استمر للسنة الرابعة على التوالي.من بين هذه الأحزاب:"إسرائيل بيتنا"بزعامة ليبرمان،الذي يشغل منصب وزير الخارجية. كافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشي بأن اليمين سيعزز من وضعه ومقاعده في الانتخابات التشريعية القادمة. وبخاصة بعد التحالف الذي جرى إبرامه بين الليكود وحزب ليبرمان.ما نود قوله من هذا الاستعراض:أن ما يسمى"بجناح الصقور" هو الذي سيشكل الائتلاف الحكومي القادم في الدولة الصهيونية بما يلقيه ذلك من تداعيات وتبعات عنوانها الأساسي:التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية(الجولان ومزارع شبعا المحتلتين). مواقف الحكومات الإسرائيلية الحالية واضح من هذه الحقوق فالجولان تم ضمه بقرار تشريعي من الكنيست. إن من تبعات هذا الائتلاف اليمني هو زيادة حدة العدوان على الفلسطينيين والعرب بما ينبئ بحروب عدوانية جديدة ستقوم بها إسرائيل ضد الوطن العربي، كذلك ضرب أهداف داخل الدول العربية مثلما شهدنا في المرحلة الماضية. آن الأوان لصحوة رسمية عربية تعمل على حماية الأمن القومي العربي من الاعتداءات الصهيونية التي لن تتوقف.نعم آن الأوان لردع البلطجة والعربدة الإسرائيلية.يقول المثل: يا فرعون مين فرعنك؟ أجاب فرعون: لم أجد أحدا يردعني... إسرائيل ينطبق عليها المثل بحذافيره!

1169

| 01 نوفمبر 2012

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5280

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

3732

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

2508

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1107

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

963

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

891

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

885

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

756

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

702

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

657

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

648

| 05 أكتوبر 2025

أخبار محلية