رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يراهنون على الزيارة وكأنها ستصنع تاريخا جديدا للمنطقة! وكأنها ستفعل المعجزات في زمن لا يوجد فيه معجزات. وكأنها ستعيد الحقوق إلى أصحابها! وكأنها ستقيم الدنيا! وكأن من سيقوم بها سيجبر إسرائيل على اتخاذ ما لا تريده. كل القرارات والخطوات السياسية مؤجلة لما بعد الزيارة. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قام بتأجيل موعد تشكيل الحكومة المؤقتة (مثلما جرى الاتفاق عليه في مباحثات المصالحة الأخيرة في القاهرة) وتأجيل موعد الانتخابات لما بعد إتمام الزيارة. بمجرد إعلان البيت الأبيض عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس أوباما إلى الكيان الصهيوني ورام الله والأردن في20-21 مارس الحالي. قفز منسوب التفاؤل لدى الكثيرين من السياسيين والمراقبين والمحللين: بأن الرئيس الأمريكي سيحمل مشروعاً جديداً للتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل!
هذه الزيارة هي الأولى لأوباما في بداية ولايته الثانية، وهي الأولى أيضاً التي يقوم بها إلى الدولة الصهيونية، وتأتي بعد تعيين جون كيري وزيراً للخارجية. وإثر زوبعة أثارتها إسرائيل على اختيار أوباما لتشاك هاجل وزيراً للدفاع (وقد جرى تثبيته مؤخرا من قبل الكونغرس)، وتأتي مسبوقة بنتائج لانتخابات التي جرت في كل من واشنطن وتل أبيب وتداعياتها وبخاصة في الأخيرة. قبيل الزيارة أيضاً: ظهرت تحليلات سياسية كثيرة توحي مباشرة أو بطريق غير مباشر عمّا يسمى بـ"تناقضات بين نتنياهو وأوباما" بسبب أن الأول كان من أكبر مشجعي مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، الذي كان قد أعلن من قبل أنه إذا ما فاز في الانتخابات فإن زيارته الأولى ستكون إلى إسرائيل. هذه المسألة من وجهة نظر كثيرين أسست لذلك التناقض.
بدايةً، فإن ما يبدو أنه اختلافات جوهرية بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو هو محض وهم، قد تكون هناك تباينات بين الطرفين، لكن لا يمكنها الوصول إلى حدود التناقض. القادة الإسرائيليون يحسنون ابتزاز كل من مرشحي الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. يعلنون تأييدهم الأكبر لأحدهما، وبذلك يضمنون ولاءه للدولة الصهيونية. وإذا لم يفز، فإن هاجس الثاني يكون: إثبات ولائه لهذه الدولة. هذا ما حصل بالنسبة لرومني وأوباما. أيضاً فعندما يجري تعيين من لإسرائيل ملاحظات عليه. في منصب مهم في إدارة الفائز، تطلق عليه اتهامات مكشوفة قاسية، حتى يكون هدفه الأكبر: الوصول إلى الرضا الإسرائيلي، هذا ما حصل بالنسبة لتشاك هاجل، الذي يؤكد في كل تصريح له عن(عشقه) لإسرائيل. التهم الإسرائيلية للمسؤولين في الدول الحليفة تكون دائماً جاهزة ومنها"العداء للسامية"وتشكل تهديداً دائماً لهم.
من ناحية أخرى: فإن المقرر الأساسي للسياسات الإستراتيجية الأمريكية (خاصة بالنسبة لإسرائيل) هو: المجمع الصناعي العسكري المالي، بالتعاون مع الإيباك(فيما يخص دولة الكيان). أما الرئيس الأمريكي فهو الواجهة لتنفيذ هذه السياسات. نقول ذلك في الوقت الذي تخلى فيه أوباما عمّا قطعه على نفسه من وعود في خطابيه في كل من أنقره والقاهرة: عن عزم إدارته التعامل بأسس جديدة مع العالمين العربي والإسلامي. وعاد إلى السياسة الصقورية. لقد تخلى عن كل اشتراطاته بالنسبة لإعادة التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وبات يردد المفهوم الصهيوني للتسوية: باعتبار الاستيطان لا يشكل عقبة أمام العودة إلى المفاوضات. تراجع أوباما عن تواريخه بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وتبنى مجمل المواقف الإسرائيلية بالنسبة لكافة القضايا المطروحة على طاولة التسوية، واعترفت أمريكا"بيهودية إسرائيل".
أما على صعيد التفاؤل بربط الزيارة من أجل تحقيق التسوية،فقد حرص البيت الأبيض على الإسراع في كبح جماح هذه التطلعات من خلال القول:"إن الزيارة فرصة لتنسيق مواقف أمريكا وإسرائيل بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك". هذا ما أكده بروس جنتلسون البروفيسور من جامعة ديوك والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية من خلال القول:"إن الرحلات الرئاسية لا تصلح سوى لملء الفراغ، فإذا نظرتم إلى الرحلات التي قام بها الرئيس أوباما إلى الصين أثناء ولايته الأولى على سبيل المثال، فإن المسألة لا تتعدى تحسين العلاقات". هذا أولاً. ثانياً: فإن الأولوية الكبرى لنتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في دولة الكيان هي: كبح جماح المشروع النووي الإيراني، هذا ما أعلنه مراراً وتكراراً. وآخر مرة كانت: تصريحه عند مغادرة شيمون بيريز رئيس الدولة، بُعيد تكليفه بتشكيل الحكومة، بالتالي: لا تشكل التسوية هاجسا لنتنياهو، هذا بالرغم مما جاء على لسانه في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الذي انعقد مؤخرا في تل أبيب "من أنه لا يزال يؤمن بحل الدولتين". بالمعنى العملي: من خلال الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، انعدمت فرصة هذا الحل. إمعاناً في التحدي وبُعيد الإعلان عن زيارة أوباما. صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 90 وحدة استيطانية في الضفة الغربية. الإسرائيليون يراهنون على تحديد إستراتيجية أمريكية – إسرائيلية مشتركة تجاه قضايا المنطقة. هذا ما يطالب به الإسرائيليون من الزيارة وليس التعلق بحبال من هواء والمراهنة(مثل البعض) على أنه سيكون وسيطا نزيها في الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني!
لكل ذلك، فإن أهداف زيارة أوباما تتمثل في:
أولاً: التأكيد على عمق العلاقات الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وعلى رسالة الضمانات الأمريكية لإسرائيل (التي قدمت للأخيرة في عام 2004) والتي تؤكد في إحدى نقاطها: على التزام الولايات المتحدة وتعهدها بعدم إجبار إسرائيل على اتخاذ ما لا تريد فعله من خطوات.
ثانياً: التزام الولايات المتحدة الكامل بالأمن والوجود الإسرائيلي وفق ما تقرره إسرائيل.
ثالثا: الرد على الأقوال والمغالطات التي تحدثت عن تناقضات بين أوباما ونتنياهو. وتوجيه رسالة للكونجرس الأمريكي ولإسرائيل: بأن إدارة أوباما هي الأخلص بالنسبة لإسرائيل.
رابعاً: تنسيق المواقف فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني وقضايا التسوية.
خامساً: ممارسة المزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني بالعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل دون شروط مسبقة. والاقتراب من المواقف الإسرائيلية للتسوية وعدم إنجاز المصالحة. من أجل ذلك وعد الكونجرس الأمريكي بقرب استئناف المنحة الأمريكية للسلطة بعد إيقافها.
سادساً: ممارسة الضغط على الأردن لتحمل عبء المسؤولية بقبول فكرة الكونفيدرالية مع الأراضي الفلسطينية.
سابعاً: الاستمرار في ممارسة الخداع الأمريكي للعرب: بأن الولايات المتحدة مع نشر الديمقراطية في العالم العربي.
أهداف زيارة أوباما إلى المنطقة هي غير التي يراهن عليها بعض المتفائلين. وتحميلها ما هي غير قادرة عليه هو دليل عجز عن الفعل والتأثير في أحداث المنطقة وبخاصة: الصراع مع العدو الصهيوني.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
7314
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4962
| 02 أكتوبر 2025