رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لو أنصف الدهر لكان الوطن العربي مثلا يحتذى به في تحقيق الأمن الغذائي العربي، بما يساعد على تفعيل الجهود القومية والقطرية الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية فمساحة الوطن العربي التي تقدر ب13،7 مليون كيلومتر مربع تقدر الأراضي الصالحة للزراعة منها بحوالي 175 مليون هكتار، وقد عرفت قدرا كبيرا من الصمود أمام تقلبات الاقتصاد العالمي كالركود الكبير في الولايات المتحدة في الثلاثينيات والركود التضخمي في السبعينيات حيث شكلت الموارد الزراعية في الوطن العربي 90% من الإنتاج الوطني وكانت نسبة العاملين في الزراعة أكثر من 70% ومع أنها منذ ذلك الوقت في تراجع إلا أن أزمة الركود التضخمي وصلت في أوج الجهود العربية المشتركة التي تمت في إطار جامعة الدول العربية وما انبثق عنها من المنظمات والمشروعات الزراعية العربية المشتركة الرامية إلى تشجيع زيادة الإنتاج لضمان الأمن الغذائي وتحقيق أقصى درجة من الاكتفاء الذاتي وزيادة العائد من الصادرات وتكثيف الجهود لتضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه وبالتالي تزامنت أزمة السبعينات مع جهد عربي مشترك سبب لها دفعا واقيا من مخلفات أي طارئ إلا أن مجموعة العوامل التي عرفتها منطقتنا العربية بعد ذلك جملة وتفصيلا أصابت المكونات الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا العربية فالعوامل الطبيعية مثلا تسببت في التصحر والجفاف الذي عرفته المنطقة ف 89 % من أراضي الوطن العربي تتصف بمعدل هطول مطري سنوي تقل عن 400مم ومعظمها مهدد بالتصحر، أو متصحرة بسبب الرعي الجائر وزيادة الحمولة الرعوية مما أدى إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي لنمو وتكاثر النباتات الطبيعية، وهو ما أثر بالسلب على حالة 26% من أراضي الوطن العربي بالإضافة إلى تصحر نسبة 21% من الأراضي بسبب قطع الأشجار. أدى هذا العامل إلى اضطرار المزارعين لاتخاذ خيارات صعبة من أجل البقاء على قيد الحياة، فتسبب في النزوح إلى المدن وهجر المزارع مما ضاعف من تدهور الأراضي، كما تسبب العامل الثاني والمتمثل في الضغوط الأجنبية من أجل إبقاء المنطقة العربية منطقة استهلاكية للمنتجات الغربية وبالتالي أضحت البلدان العربية رهينة الأسواق الأجنبية وخاضعة لها، أما العامل الأخير فهو حصيلة العاملين الأولين فتوفير المواد الاستهلاكية في فترة ما بأسعار أقل من كلفة الإنتاج في البلدان العربية أدى إلى هجر الأراضي الزراعية بل واستغلالها أحيانا في غير ما خصصت له و تزايد تدخل الدول في القطاع الزراعي خدمة للمصالح السياسية على حساب المصالح الاقتصادية. هذه العوامل وغيرها ساهمت بشكل كبير في تقاعس الدول بشكل متعمد أو أملته الضرورة في إهمال الواجب عليها وجعل الشعوب بالمقابل تسعى إلى حصول بديل عن التنمية بسبب تناقص الدعم والإهمال فتناقصت المساحة المستغلة حاليا إلى حوالي 53 مليون هكتار ما يعادل 30% فقط، أي أن حوالي 122 مليون هكتار لم يتم استغلالها!! علاوة على إهمال استغلال المساحات الهائلة من المراعي التي تقدر بحوالي 552 مليون هكتار، تكفل عند استغلالها مع الأراضي الزراعية، تأمين معظم احتياجات شعوبنا من السلع الغذائية وإلغاء الفجوة المتزايدة الاتساع بين معدلات نمو الإنتاج الزراعي وتزايد الطلب عليها عبر تطوير وزيادة الصناعات المعتمدة على المنتجات الزراعية، إلى جانب توفير فرص العمل وتشغيل حوالي 40% من العمال والفلاحين العاطلين عن العمل مما جعل الدول العربية التي كانت في حقب ماضية قادرة على تجاوز أزمة كأزمة الغذاء ملزمة حاليا بإنفاق حوالي 20 مليار دولار سنويا أي بنسبة 65% لسد تلك الفجوة وإذا كانت مستجدات الاقتصاد العالمي تملي واقعا جديدا غير الأحادية وتتطلب جهدا أكبر من حجم المساعي الفردية وحتى القطرية مما يستدعي عملاً عربياً مشتركاً واعتماد إستراتيجية قومية واضحة للأمن الغذائي معتمدة على الموارد العربية، والتوزيع الغذائي العادل، وتنشيط التنمية الزراعية العربية، والتكامل والترابط القطاعي، واستغلال الميزات النسبية لكل دولة عربية، فمعظم الدول العربية لديها الكثير من الموارد الطبيعية المجمدة التي تنقصها الاستثمارات اللازمة لإذابة الجليد من فوقها و تحويلها إلى سلع و خدمات تجارية تنفع الناس وتمكث في الأرض. كما تمتلك بعض الدول العربية رأس المال الوافر لكن تنقصها الموارد البشرية لتحويل هذه الأموال المجمدة إلى استثمارات اقتصادية عربية منتجة وبالتالي فإن توجيه رأس المال العربي للاستثمار في مشاريع التنمية الزراعية، سيحقق فوائد للدول العربية صاحبة رأس المال ويؤمن تمويل المشاريع الزراعية للبلدان العربية الأكثر فقرا ويمتن التنسيق الاقتصادي والتكامل بين أقطار الدول العربية بالإضافة إلى كون هذه المشاريع تحقق مصلحة كافة الأطراف خصوصا أننا نرى وندرك أيضا التوجه العالمي الجديد في تأكيد أهمية الاستثمار في الزراعة خصوصا والمنتجات الغذائية عموما على مستوى الحكومات والقطاع الخاص فهل سيشهد قادم الأيام تقدما ملموسا أكثر مما نري أم أن السفينة لا تجري على اليابسة فلا الحكومات ترى واقع شعوبها لتغيره ولا الشعوب تدرك كيف تشعر بآلامها حتى تتجاوز الآلام الصغرى لتدفع ما هو أعظم .
435
| 06 نوفمبر 2013
تحظى السياحة بمكانة مهمة ضمن قطاع الخدمات في عدد كبير من الدول، ومنها الدول الإسلامية، كما يدل على ذلك نسبة إسهامها في الناتج المحلى الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، وما تدره من عملات أجنبية وتولده من فرص عمل ذات مردودية وإذا كانت المتغيرات التي طرأت على الساحة العالمية مؤخرا قد أسهمت بشكل أو بآخر في ثني أعداد كبيرة من السياح سواء داخل الوطن العربي أو داخل العالم الإسلامي إلى استبدال الوجهة المفضلة لديهم أصلا بالبقاء داخل فلك الدول الإسلامية وإذا كانت السياحة حققت للدول التي تعمل على صناعتها مكاسب لا يستهان بها فتطور مفهومها لتشمل السياحة الدينية والعلاجية وسياحة الاستجمام والسياحة الرياضية، والثقافية والفنية، وسياحة المؤتمرات والمهرجانات. مما جعل هذا القطاع قادر على استيعاب 279 مليون فرصة عمل حول العالم بحلول عام 2018 وقد يحقق عوائد تفوق 15 تريليون دولار في وقت تصل حجم العوائد فيه حالياً إلى 8 تريليونات دولار، تقدر حصة الوطن العربي منها بحوالي 750 ألف وظيفة حاليا وأزيد من مليوني وظيفة خلال العشرة أعوام المقبلة، وهي نسبة بمقدور الدول الإسلامية الرفع منها في المستقبل فإكراهات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ومستجدات الساحة العربية وكون السياحة أصبحت جزءا من ثقافة السائح الغربي في وقت لم يكن بمقدوره دفع ما يترتب عليها في الغرب وبحثه عن خيارات بديلة قد يجعل العالم الإسلامي الوجهة المفضلة لديه نظرا لما يشمله من عوامل الجذب للسياح لا تتوفر لأماكن عديدة في العالم. فهل يعني ذالك أن المتغيرات الجديدة ستفتح أعين السائح العربي والإسلامي الذي يركض إلى الغرب تاركا خلفه كتلة سياحية رئيسية مرشحة لتكون مركز الجذب الأول على خريطة السياحة العالمية حتى أن الكثيرين يعتبرونها متحفا حيا لم يستغل بعد.. وأرضا بكرا.. لم يكتشف بعد مخزونها الحقيقي من إرث تاريخي وثقافي وفلكلوري وخصائص الروعة والجمال والمناظر السحرية الخلابة والبديعة والآثار التاريخية التي يمتد عمرها إلى عشرات القرون من جهة وهل ستنتهز الشعوب العربية والإسلامية، بالمقابل فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي الربط بين عناصر الجذب السياحي في كل دولة والخدمات السياحية المقدمة، والعمل على تطوير عناصر الجذب السياحي الحالية واكتشاف عناصر جذب سياحية جديدة في الدول الإسلامية، وبصفة خاصة في الدول ذات الإنفاق الاستثماري الكبير على الخدمات السياحية مثل الفنادق، والمطاعم السياحية وغيرها.فرغم التشابه الكبير للهياكل الإنتاجية للدول الإسلامية، إلا أن الموارد والأنشطة السياحية هي من أوضح الأمثلة على التنوع الكبير في الموارد الإنتاجية والطاقات والإمكانات المتوافرة للعالم الإسلامي. فالاتساع الجغرافي الكبير للأمة الإسلامية جعلها تغطي جزءاً مهماً وحيوياً من المعمورة، وتضم موارد سياحية ثقافية وطبيعية متنوعة في إطار توحد القيم الإسلامية الرئيسة.. ومع اعتماد عدد كبير من الدول الإسلامية على السياحة كمصدر مهم وأساسي للصرف الأجنبي. وبالنظر إلى إنفاق السياح في الدول الإسلامية خلال العقد الماضي يلاحظ أن هناك دولاً حققت مستويات مرتفعة للإنفاق السياحي بالمقارنة بغيرها من الدول الإسلامية، مثل: تركيا، وماليزيا، ومصر، والسعودية، حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (13203) ملايين دولار، (6799) مليون دولار، (4704) ملايين دولار و(3418) مليون دولار على الترتيب. هناك دول حققت مستويات ضئيلة نسبياً مثل: ألبانيا، وكازاخستان، والبحرين؛ حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (537) مليون دولار، (638) مليون دولار، و(985) مليون دولار على الترتيب، كذلك كان هناك دول قل فيها الإنفاق السياحي عن (500) مليون دولار. ويستشف من ذلك وجود تفاوت كبير في الإنفاق السياحي في الدول الإسلامية، حيث يعتمد ذلك على توافر الإمكانات السياحية في هذه الدول وحسن استغلالها للأغراض السياحية.وإذا فرضنا أن العوامل الجديدة تعتبر عوامل إيجابية بالنسبة للعالم الإسلامي والتنوع الذي طرأ على الخدمات السياحية موجه لكل الفئات والأعمار وأن فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي تعزيز وتنويع فرص التعاون بينها. فهل يكون هناك تعاون واضح بين الدول الإسلامية للارتقاء بأداء القطاع السياحي، بما ينعكس إيجابياً على مردودها الاقتصادي من ناحية، وزيادة أواصر التعاون الاقتصادي الشامل بين الدول الإسلامية من ناحية أخرى؟.
1327
| 23 أكتوبر 2013
رقم كبير سواء من حيث الكم البشري أو من حيث رأس المال العالمي ذلك الذي أصبح يتداول في ما بات يعرف بمنطقة التجارة الحرة بين الصين ودول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ وتعتبر المنطقة التي ستغطيها الاتفاقية أكبر منطقة تجارة حرة في العالم سواء من حيث المساحة الجغرافية أو الكثافة البشرية إذ تمتد على مساحة 13 مليون كيلومتر مربع وبكثافة سكانية تصل إلى مليار و900 مليون نسمة يشكلون ثلث سكان العالم بحجم تجارة يصل إلى 200 مليار دولار.ومع أنه اتحاد شكل في وقت يعيش فيه العالم ظرفية خاصة سواء من حيث التوقيت كالأزمة المالية والاقتصادية التي يعيش العالم تداعياتها فإنه أيضا يعيد إلى الأذهان مدي قدرت التكتلات الاقتصادية الناجحة علي مواجهة الأزمات وبالخصوص الاقتصادية منها وهل يشكل المولود الجديد منافسا حقيقيا للاتحادات التي كتب لها النجاح في الماضي كالاتحاد الأوروبي والمنطقة التجارية الحرة لأمريكا الشمالية؟تعد آسيان واحدة من أكبر ثلاثة تجمعات اقتصادية في العالم تشمل 80℅ من سكانه وتسيطر علي ℅90 من حجم تجارته. ويصل الناتج المحلي لها مجتمعة مع الاتحاد الأوروبي والنافتا إلى 81℅من الناتج العالمي. بما يعني أن 19℅ فقط من العملية الاقتصادية تتم خارج تلك التجمعات التي تتزايد أهميتها ودورها المحوري في الاقتصاد بشكل كلي ونظرا لما عرفته السنوات الأخيرة من اتجاهات قوية نحو تشكيل تجمعات اقتصادية إقليمية ذات أهداف متباينة في إطار من العلاقات المتشابكة والمعقدة المبنية على أساس من الأحلاف والمصالح الاقتصادية، وقد حققت بالفعل بعض هذه التجمعات خطوات واسعة النطاق من التقدم تجاه تحقيق أقصى درجة من درجات التكامل الاقتصادي وأهم هذه التجمعات الاتحاد الأوروبي كنموذج ناجح ومؤثر على الساحة الاقتصادية الدولية وعملته القوية جدا اليورو التي فاقت في قوتها السوقية والمصرفية الدولار الأمريكي ونجحت أيضا السوق الأوروبية المشتركة في بلورة الأهداف الأوروبية ومعالجة الاختلالات في موازين المدفوعات وتدعيم الاستثمار. وإذا كانت دولة مثل الصين تسير بخطوات ثابتة ومتسارعة تساندها جاذبية الأيدي العاملة الرخيصة الماهرة والمدربة الأمر الذي مكنها على ما يبدو من نمو فاق كل التوقعات حافظت من خلاله على نسبة نمو وصلت %10 خلال الثلاثة عقود الماضية وهي نسبة استطاعت بها تجاوز العديد من الدول المتقدمة ومن المنتظر أن تتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة بحلول عام 2035، وفقا لدراسة للعالم الاقتصادي ألبرت كيديل كما يشير العديد من التوقعات إلى أن الاقتصاد الصيني الآن يبلغ 18% من حجم الاقتصاد الأمريكي قياسا بالدولار، إلا أنه يبلغ 76% من الاقتصاد الأمريكي قياسا إلى القدرة الشرائية. وسيكون بحلول عام 2050 أكبر من الاقتصاد الأمريكي بمقدار 43% قياسا على القوة الشرائية وإن كان سيكون دون الاقتصاد الأمريكي قياسا إلى الدولار. وهي توقعات قد تعززها القدرة التنافسية الدولية العالية وازدهار الاقتصاد المحلي بل ويزيد منها كون النمو الحقيقي لصادرات وواردات الصين لا يزال قويا رغم تأثر الاقتصاد العالمي والغموض الذي يحيط به وصمود اقتصادها أمام الهزات التي يعيشها الاقتصاد الدولي كما يعززه ميل العديد من المؤسسات المالية العالمية إلى كفة الصين وانتقال العديد من المستثمرين والشركات متعددة الجنسية هربا من نار الركود الأمريكي واتخاذها مقرات داخل مدن صينية إلا أن أحلام التكتلات الاقتصادية التي تضعها الحكومات لا تزال بسبب المزايا والمكاسب التي تدفع بها اقتصاداتها نحو التقدم والانفتاح والرواج في التصدير والتكامل في دخول الواردات لسد الاحتياجات بأقل أسعار ممكنة وفي الغالب تكون الواردات من السلع التي يتطلب إنتاجها تكاليف مرتفعة وأعباء باهظة في الدول المستوردة التي تلجأ إلى خيار فتح الأسواق أمام السلع المصنعة في الخارج من أجل تجنب تعطيل عجلة الإنتاج في إنتاج سلع باهظة التكاليف وعالية الأثمان وغير ذات جودة واستبدال ذلك بتسخير عوامل الإنتاج في السلع التي تستطيع بها البلاد التفوق والصدارة والتصدير إلى الخارج وتحقيق أرباح عالية تغطى تكاليف استيراد السلع الأخرى وتحقق فائضا اقتصاديا للموازنة العامة للدولة مما يجعل المارد الأصفر يتطلع إلى الشراكة مع أي كان خاصة وإن كانت شراكة بها استطاعت أن تصطاد عصفورين بحجر فمن جهة شراكة الصين ستستحوذ علي نسبة 10 في المائة من التجارة الصينية ومن جهة ثانية فقد استطاعت للتو إزاحة الولايات المتحدة لتصبح ثالث أكبر شريك تجاري لدول آسيان. ومن المتوقع أن تتبوأ المركز الأول خلال السنوات القليلة القادمة لتحل مكان اليابان وكوريا الجنوبية. فقد قفز حجم التبادل التجاري بين الصين ودول آسيان من 78 مليار دولار عام 2003 إلى 231 مليار دولار العام الماضي.وهو ما يعيد إلى الأذهان التساؤل عن مدي جدية الجهود العربية المبذولة من أجل تحقيق تكامل اقتصادي مثمر على غرار التجمعات الناجحة فيما لا تزال التجارة العربية البينية تراوح مكانها المتدني منذ أكثر من 15 عاما، دون أن تشهد أي ارتفاعٍ يُذكر ففي الوقت الذي وصل حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والكيان الصهيوني رغم حداثته خلال عام 2007 نحو 410 ملايين دولار تتوالى على التجارة العربية البينية 15 سنة تتراوح ما بين 8.5% و10% فقط من إجمالي التجارة الخارجية العربية التي بلغ إجماليها باستثناء البترول في عام 2007 ما مجموعه 253.06 مليار دولار منها تجارة بينية ما قيمته 25.8 مليار دولار وهو أمر غير مستقرب فالحلول لا تأتي من تلقاء نفسها والدول العربية لا تبذل أي جهد لتجاوز العقبات التي كثيرا ما تقف حجر عثرة في وجه التكامل مما يجعل تخلفنا عن الركب سيجعل من شعوبنا سلة لمنتجات الغير.
399
| 20 أكتوبر 2013
تسير البنوك الإسلامية رغم حداثة سنها بخطوات واثقة إلى درجة أنها قد تصبح البديل الأوفر حظا للبنوك التقليدية فميلاد أول فكرة للصيرفة الإسلامية في الستينيات من القرن الماضي وتقنينها إبان انعقاد مجمع البحوث الإسلامية بجدة عام 1965 بعد إعلانه الشهير "أن الفوائد كلها من الربا المحرم" حيث تم الاتفاق على ميلاد أول بنك إسلامي وهو البنك الإسلامي للتنمية الذي باشر أعماله فعلياً عام 1975 وذلك لتقديم التمويل للمشروعات في الدول الأعضاء، وبنك دبي الإسلامي في ذات العام ثم بنك فيصل الإسلامي المصري عام 1976 ولعل نجاح هذه الأفكار وتطويرها ارتقى بالصيرفة الإسلامية من مرحلة إثبات الوجود وجذب الزبائن إلى المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية في البلدان التي تحظى بالاستثمارات الممولة من طرف البنوك الإسلامية ومن ثم مرحلة النضج المبكر المبني على تحسين جودة الخدمات والسعي وراء التخصص وابتكار منتجات جديدة بتكلفة أقل مما أهل قطاع البنوك الإسلامية للنمو بسرعة بلغت 15 % سنويا على مستوى العالم، و20% في بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي في الفترة الأخيرة ويقدر خبراء مصرفيون أن الصيرفة الإسلامية حققت انتشاراً كبيراً خلال العشرين عاماً الماضية، وهناك ما يقارب 400 مصرف تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية، ويبلغ حجم تداولاتها 2 تريليون دولار تقريباً في 80 دولة حول العالم. وزاد حجم التمويل بالصكوك الشرعية في العالم العام الماضي بأكثر من 50 في المئة لتصل قيمتها إلى 130 بليون دولار، متوقعين أن يصل بحلول عام 2015 ما يقارب 2.1 تريليون بنسبة نمو 30 في المئة. والأغرب من ذلك أن حوالي 300 بنك إسلامي في العالم الآن تقدر أموالها بـ 700 مليار دولار.ومن المنتظر أن تصل قيمة أموالها إلي تريليون دولار في هذا العام ومع تعمق الخسائر المالية التي تعيشها البنوك التقليدية جراء الأزمة المالية العالمية ووقوفها مكتوفة الأيدي أمام حلول ناجعة وقدرة البنوك الإسلامية في الوقت ذاته على تجاوز تلك العقبات بل وإصلاح الخلل سواء من خلال الاستثمار المبني على التشريع الإسلامي أو من خلال إصلاح الأنظمة المالية التقليدية بإدخال التشريعات الضرورية المبنية على الشريعة الإسلامية الأمر الذي فتح أعين الممولين والمستثمرين في أنحاء العالم على مدى قدرة هذا القطاع على التطور والاستمرارية ولعل استعداد دول غربية من أرباب الرأس مالية في الوقت نفسه للترويج والمساهمة في رأس مال البنوك الإسلامية يدفع إلى التساؤل عن دوافع الرغبة والاستعداد الذي تبديه الدول الغربية للاستثمارات الإسلامية؟ وما المطلوب من العالم الإسلامي في الوقت الراهن للرقي بالصيرفة الإسلامية نحو المستوى المأمول؟.ليس مستغربا أن تتحرك الدول الغربية لاستعطاف ومغازلة المصارف الإسلامية ولا حتى إظهار التشجيع والاستدراج لها سواء بالمشاركة في رأس المال أو عمل التشريعات والتسهيلات المناسبة لجذب النظام الذي ترى لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي مثلا أنه ينبغي ضرورة الأخذ به لتصويب أخطاء النظام الرأس مالي المتعثر فالدول الغربية في الوقت الراهن تنظر إلى البنوك الإسلامية بزاويتين مختلفتين فمن جهة تزايد الحديث داخل مراكز القرار في الغرب عن مدى ثقة وقوة واستدامة النموذج المالي الإسلامي إلى درجة تلميح البعض أن المنتجات الإسلامية قد تقدم ملاذا آمنا في هذه المرحلة الحرجة بالذات بدليل أن أزيد من 56 مؤسسة نقدية في أمريكا وأوروبا كانت هي الأقل تأثرا بالأزمة المالية إلى حد أن الأزمة لم تمسها بالأساس تعمل وفقا لنظام الصيرفة الإسلامية وبالتالي فالقبول بتهيئة كل الظروف الملائمة وبأقل ما يمكن من العراقيل لتوسع الصيرفة الإسلامية يعني السبق بالدرجة الأولى لقطاع مهم قد يحتل حيزا كبيرا من الكعكة الاقتصادية العالمية بعد الوعكة التي ألمت بقطاع البنوك التقليدية وثانيا يسهل على المشرعين إيجاد آليات لدمج صيغ المعاملات الإسلامية ضمن النظام المالي الرأسمالي المعمول به حالياً مما يسهل تصحيح العديد من المفاهيم الرأس مالية المبنية على الفوائد الربوية والإقراض بلا ضوابط ومن جهة ثانية فإن احتياج الدول الغربية إلى الاستثمار وبخاصة الاستثمارات الإسلامية لكون البنوك الإسلامية هي الوحيدة التي لم تتأثر بشكل مباشر من الأزمة المالية الحالية من جهة والنظر إلى الكتلة المالية الإسلامية على أنها كتلة معتبرة ستتمركز في أحد الأقطاب بعد تشكل الخارطة الاقتصادية العالمية وبالتالي فالترحيب بها واجتذابها سواء بالشراكة أو لتصحيح المفاهيم الرأسمالية قد يعين الدول الغربية على طمأنة اقتصادها في وجه التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. إذا كانت المصارف الإسلامية نفسها تتحرك بنفس الديناميكية نحو الغرب وتبدي نفس الرغبة التي تبديها الدول الغربية لاجتذابها بحثا عن الزبون وهو أمر طبيعي لكون مصائب البنوك التقليدية تحولت إلى فوائد للبنوك الإسلامية وبالتالي شكلت لها دفعة قوية رفعتها من حالة النضج إلى وضعية العالمية في وقت ما زال عدد المسلمين المتعاملين بالبنوك الإسلامية شبه معدوم مقارنة بعدد المسلمين المتعاملين بالبنوك التقليدية وهو أمر ينبغي على الدول الإسلامية النظر فيه لتوسع نطاق البنوك الإسلامية داخل أراضيها من جهة وعلى البنوك الإسلامية بالمقابل عدم تجاهل أكثر من 1.3 مليار نسمة من المسلمين لا مانع لديهم من التعامل مع البنوك الإسلامية لكن درجة التحسيس التي تقوم بها المصارف الإسلامية داخل الأوساط الغربية ضئيلة مقارنة مع التحسيس داخل الدول الإسلامية.
454
| 16 أكتوبر 2013
من سنن الله في خلقه أنه كلما احتضر نظام ما تجدد الحديث عن الخيارات البديلة حتى لا تتوقف عجلة النمو فتتحول مصائب النظام السابق إلى فوائد للأنظمة البديلة وهو أمر على المستوى الاقتصادي شاهدناه حين سيطرت الأنظمة الاقتصادية المتمثلة في النظامين الرأسمالي والاشتراكي وبعد مرور سبعة عقود من تطبيق الاشتراكية كان سقوطها خلال هذه الفترة الوجيزة ومعاناتها من نقاط ضعف كثيرة دليلا على عدم قدرتها على التطبيق فكان ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للرأسمالية حينها احتضرت الاشتراكية وبدأت الرأسمالية تدور في الفلك الاقتصادي العالمي منفردة متحصنة بسياسة العصا والجزرة والمتمثلة في: العصا (القوة العسكرية)، والجزرة (اقتصاد – سياسة – إعلام) وأساليب الاحتكار والعولمة ومنظمة التجارة العالمية كل ذلك بغية الديمومة وشيئا فشيئا بدأت الرأسمالية تتوسع وتزدهر وبوتيرة متسارعة وبالمقابل تتراجع نظم الاشتراكية وتتلاشى حتى بقيت بالكاد شبه معدومة أو أن الدول التي بقيت تدور في فلكها حولت أنظمتها بفعل الضغوط الاقتصادية إلى مزيج بين الاثنين وعلى ما يبدو فإنه لا يمنع حذر من قدر فمع وصول النشاط المالي العالمي إلى نحو 600 تريليون دولار لا يخضع منها لرقابة السلطات المصرفية والبنوك المركزية في العالم إلا 150 تريليون دولار فقط ؛ الأمر الذي وضع العالم أمام اقتصاد منفلت بصورة حادة خاصة في قطاع التمويل العقاري عن طريق الإقراض بلا ضوابط مما أدى إلى اندلاع الأزمة في هرم الرأسمالية وتفاقمها وتسربها لتشمل النظام الاقتصادي العالمي حينها بدأ الحديث عن الخيارات البديلة فكان اللافت للانتباه أن أزيد من 56 مؤسسة نقدية في أمريكا وأوروبا كانت هي الأقل تأثرا بالأزمة المالية إلى حد أن الأزمة لم تمسها بالأساس تعمل وفقا لنظام الصيرفة الإسلامية ومع تزايد حدة الأزمة وعدم نجاعة خطط الإنقاذ وظهور قوي على الساحة مثل الصين واليابان ودول في جنوب شرق آسيا وتجدد الحديث هنا وهناك عن عالم متعدد الأقطاب ازداد الحديث عن الاقتصاد الإسلامي نظرا لثبات خطواته وقدرته على النمو بسرعة مطردة ففي الوقت الذي تغوص دول الغرب داخل رواكد الرأسمالية لانتشال ما أمكن انتشاله جراء الإعصار المالي كان قطاع البنوك الإسلامية يعيش نموا سريعا بلغ معدله 15% سنويا على مستوى العالم، و20 % في بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي في الفترة الأخيرة. والأغرب من ذلك أن حوالي 300 بنك إسلامي في العالم الآن تقدر أموالها بـ 700 مليار دولار. ومن المنتظر أن تصل قيمة أموالها إلى تريلون دولار في هذا العام 2013 م. مرد هذا إلى أن نقاط الضعف التي تسرب منها داء الأزمة وتفشت منها العدوى هي نقاط قوة بالنسبة للاقتصاد الإسلامي فكون النظام الرأسمالي يقوم على اليد الخفية الهادفة إلى الربح بأي وسيلة في المقام الأول كان الاقتصاد الإسلامي قد وضع لذلك ضوابط في السابق فالربا مثلا محرم بالنصوص القرآنية كما نهى الإسلام عن المتاجرة بالديون ووضع الفقه الإسلامي ضوابط لمن يريد الاستدانة وشيئا فشيئا شاع صيت الاقتصاد الإسلامي إلى درجة أنه يمكن أن يشكل مخرجا من الأزمة المالية فحسب توصيات لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي ينبغي ضرورة الأخذ بنظام التمويل الإسلامي لتصويب أخطاء النظام المتبع ومع تزايد الحديث عن تجنب المنتجات المالية الإسلامية أساليب المضاربات وهو بالضبط ما يهدف إليه المشرعون في الحقبة الجديدة التي بدأنا بدخولها يزداد الحديث أيضا داخل مراكز القرار في الغرب عن مدى ثقة وقوة واستدامة النموذج المالي الإسلامي إلى درجة تلميح البعض أن المنتجات الإسلامية قد تقدم ملاذا آمنا في هذه المرحلة الحرجة الأمر الذي أهل النظام المالي الإسلامي إلى أن يصبح إحدى الوسائل للنظام المصرفي التقليدي بعد التداعيات التي عرفها النظام المالي العالمي إثر الأزمة المالية الأخيرة.لم تكن إصابة الرأسمالية بقدر المستوى الذي كانت عليه الاشتراكية إبان تدهورها ولا نضج المنظومة الإسلامية حاليا بقدر نضج الرأسمالية أيام تدهور الاشتراكية ولم تكن النظرية الإسلامية بالمتقبلة في الغرب الرأسمالي الجريح حتى ولو كانت أوساط غربية عدة ألمحت إلى إمكانية إيجاد آليات لدمج صيغ المعاملات الإسلامية ضمن النظام المالي الرأسمالي المعمول به حالياً وإذا كان البعض يرى أن الفرصة الآن سانحةٌ أكثر من أي وقت مضى لكي يقدم الاقتصاد الإسلامي نفسه للعالم كله، ويقدم صورةً مثاليةً يراها الناس واضحةً خاليةً من كل هذه المشكلات التي خلَّفتها الأنظمة الاقتصادية المختلفة فعلينا ألا ننسى أيضا مدى قدرة الغرب على ليونة المواقف عند الحاجة وكراهيته للغير خصوصا ما يمت للإسلام بصلة في الرخاء. وعلى القائمين على العمل المصرفي الإسلامي حاليا التأمل أكثر من التقدم خطوات إلى الغرب فواثق الخطوة في ظل الأزمات يمشي حذرا أكثر منه ملكا والزج بالاستثمارات الإسلامية في مستنقعات الرأسمالية الملوثة سيعرضها للخطر بحكم الارتداد المتوقع للأزمة وبحكم قدرة المختبرات الغربية على الغربلة فتأخذ الثمرة المبتغاة وتحجب المعلومة التي أريد إرسالها عن المرسلة إليه وبالتالي فما ينبغي التركيز عليه حاليا بالدرجة الأولى هو العالم الإسلامي فلو قارنا بين عدد المسلمين المتعاملين بالبنوك التقليدية والإسلامية لوجدنا الفارق مازال شاسعا لا لشيء سوى أن الدعاية الإعلامية للمصارف الإسلامية موجهة إلى الغرب أكثر منها إلى 1.3 مليار نسمة من المسلمين الأمر الذي يجعل الضالة التي ننشدها ربما تكون قد بقيت خلفنا. وبالدرجة الثانية فالتوجه للأسواق الناشئة في هذه الظرفية أيضا قد يكون أفضل في المستقبل فثمة خارطة اقتصادية جديدة قيد التشكل قد تكون للأسواق الناشئة فيها موطئ قدم وثمة مستقبل غامض يلف حول الاقتصادات الغربية الأمر الذي قد يؤدي إلى هرب حتى رأس المال الغربي بغية الاستقرار وبالتالي فترجل الاقتصاد الإسلامي إلى الأسواق الناشئة قد يضعه على أرضية صلبة تمكنه من الولوج في المستقبل إلى أسواق الغرب بقوة التجربة والمنافسة مما يعزز حصوله على نتائج مضمونة في المستقبل أكثر منها في الوقت الراهن.
2075
| 09 أكتوبر 2013
يشير واقع الاقتصاد الدولي إلى تحولات عميقة قد تشهدها الخارطة الاقتصادية الدولية الراهنة خلال القرن الحالي، حتى وإن لم تقع فلا يمكن تجاهلها خصوصا وإن كانت كل الدلائل والمؤشرات تسير باتجاهها وهو واقع كانت تخافه النخبة المتحكمة برأس المال العالمي منذ وقت ليس بالقصير وإن كان لا يمنع حذر من قدر، إلا أن حالة التدهور التي عرفها الاقتصاد الرأسمالي جملة وتفصيلا قد تزيحه عن الصدارة مستقبلا مما قد يحد من هامش ضغوطه ويحوله من لاعب أول في المنظومة الدولية إلى لاعب ثانوي، وهذا يعني اضطرار صانعي القرار إلى مراعاة الحكمة عند التفكير في خياراتهم الممكنة لسد الثغرات التي يعاني منها الاقتصاد، حينها سترى تلك التحولات النور وتكون بداية لتراجع الاقتصاد التقليدي وانطلاقة لإرساء خارطة اقتصادية جديدة عوضا عن التقليدية. ومن المفترض أن تكون نتيجة تلك التحولات ميلاد أقطاب اقتصادية جديدة من بينها الاقتصاد الإسلامي نظرا لمعدلات النمو الجيدة التي يشهدها والضوابط العديدة التي تعمل وفقها منظومة العمل المالي الإسلامي حاليا، والتي من شأنها أن تتفادى الكثير من الأزمات والمشاكل التي تنتج غالباً عن بعض الممارسات في المعاملات وفق نظام الاقتصاد التقليدي.. وسنتطرق في هذا المقال إلى تعريف الاقتصاد الإسلامي وإلى المكاسب التي أحرزها في الوقت الراهن والأفق المستقبلية له.يعتمد الاقتصاد الإسلامي على القاعدة الفقهية التي تقول: إن الأصل في المعاملات الإباحة، انطلاقا من القاعدة الشرعية " أن الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج " فكل ما لم يرد نص في تحريمه فهو مباح، يقول تعالى { ما جعل عليكم في الدين من حرج }. كما أن الاقتصاد الإسلامي، لا يحرم ولا يبيح إلا درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة عامة أو خاصة. من هذا المنطلق انبثقت الصيرفة الإسلامية وتطورت بشكل كبير خلال فترة وجيزة، فبينما لم يكن هناك سوى مصرف إسلامي واحد قبل ثلاثة عقود، فإن هناك حوالي ستمائة مصرف إسلامي حول العالم في الوقت الراهن يقدر الخبراء حجم أصولها وودائعها بأكثر من 500 مليار دولار بتوقعات تصل إلى تريليون دولار في عام 2012 أي بزيادة سنوية تتراوح ما بين 10 و20 %. تعمل وفقا لمنظومة العمل المالي الإسلامي والتي من شأنها أن تتفادى الكثير من الأزمات والمشاكل التي تنتج غالباً عن بعض الممارسات في المعاملات وفق نظام الاقتصاد التقليدي. وقد استطاعت بذلك تحقيق احتياجات الأفراد والشركات والمجتمعات من خلال مجموعة متنوعة من الصيغ والعقود تناسب كافة الاحتياجات تدعمها قدرة عالية على توفير التمويل، خاصة للمشاريع الكبرى ذات الطابع التنموي التي تساهم في رقى الشعوب وتطورها، وأصبحت بذلك تحظى بقبول واسع في الأسواق الدولية واتجهت العديد من جامعات العالم الكبرى إلى تدريس مناهج الاقتصاد الإسلامي، كما أن المنظمات والهيئات العالمية أصبحت تتابع أعمال المصارف الإسلامية وترصد الجوائز تقديراً لنجاحاتها بعد التوسع والانتشار الذي عرفته من المحلية إلى الإقليمية والعالمية، فبحسب آخر الدراسات فإن المصارف الغربية قد أظهرت تزايدا في الاهتمام بالتمويل الإسلامي الذي ينمو بأكثر من 15 % سنوياً في العالم، في حين أن المصارف الغربية ليست مهيأة للتعامل مع هذه الإمكانات الهائلة لعدم وجود المنتجات المصرفية المواكبة لشروط الشريعة الإسلامية، وهو ما أثار اهتمام المصارف التقليدية العالمية كون ذلك ينمو على حساب تراجع حصتها من السوق المصرفي، الأمر الذي يدفعها إلى دخول هذا الميدان حفاظا على عملائها الحاليين والحصول على نصيبها من أرباح هذا السوق المتنامي، وكان صندوق النقد الدولي أشاد في تقريره الصادر نهاية العام الماضي بحالة التوسع السريع للتمويل الإسلامي الذي أدى إلى حدوث طفرة تستحق الاهتمام، مشيراً إلى الزيادة في إصدارات الصكوك بقيمة ارتفعت من 2.7 مليار دولار عام 2004 إلى 29 مليار دولار عام 2007.الاقتصاد الإسلامي إذا يسير في الطريق الصحيح ويحرز معدلات نمو جيدة، خاصة أن كافة العوامل والدلائل تشير إلى استمرار هذه الوتيرة الإيجابية للعقود القادمة لكنه مع ذلك سيشهد منافسة قوية من قبل الاقتصاد التقليدي نتيجة الإقبال الكبير عليه، خاصة أن ما يزيد على 60% من المسلمين المقيمين في الغرب يرغبون في المعاملات المصرفية وفق الشريعة الإسلامية الأمر الذي يجعل هذه المصارف(التقليدية) بين مطرقة المشاركة وسندان المجابهة إضافة إلى التحديات المزمنة سواء المتعلقة بالقوانين والتشريعات المتأخرة نسبيا والتي ينبغي مواكبتها للتطور والمخاوف التي تعتري العديد من المسلمين خشية الوقوع تحت الرقابة الأمنية إضافة إلى صعوبة فهم المعاملات المالية وفق الشريعة الإسلامية في الغرب والتي تعتبر من العوائق التي تقف أمام تطبيقها بشكل كامل.
1462
| 02 أكتوبر 2013
إذا كانت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي نشهد تداعياتها قد بينت الكثير من الثغرات في الاقتصادات المتقدمة، فإنها قد كشفت كذلك عن قدرة بعض الاقتصادات الناشئة والنامية على مراعاة تلك الثغرات والتعامل بمرونة بالغة معها، مما سهل عليها الخروج من الأزمة بأقل الخسائر وفي وقت وجيز وإذا كانت الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند قد أظهرت الأزمة قدرة اقتصاداتها على التغلب على مخلفات الأزمة، فإن الاقتصاد القطري والذي يوصف بأنه أحد الاقتصادات النامية قد حقق نتائج لا تقل شأنا عن تلك التي أحرزتها الاقتصادات الناشئة، مما يقودنا إلى التساؤل عن الطريق الذي سلكه الاقتصاد القطري حتى يخرج من الأزمة بمكاسب لا تقل شأنا عن تلك التي أحرزتها بعض الاقتصادات الناشئة، هل هي نتيجة عائدات النفط والغاز وإذا كانت الإجابة بنعم فما المانع من أن تحرز باقي الاقتصادات الخليجية مثلا نفس معدلات النمو التي أحرزها الاقتصاد القطري، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فهل من الممكن أن تحذو دول عربية أخرى حذو الاقتصاد القطري حتى نتخلص من مقولة إن العرب حكم عليهم بالقاع ولن يصلوا إلى القمة؟ خلال العشرية الماضية شهد الاقتصاد القطري تطوراً كبيراً في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وكانت تلك الثورة مشفوعة بقدرة الأجهزة على تذليل الصعوبات ومواكبة التطورات الاقتصادية، مما مكنها من رسم خارطة اقتصادية محكمة تراعي من خلالها أبعاد ومناحي التطور الذي يعيشه الاقتصاد العالمي بالقدر الذي مكنها من رمي عصفورين بحجر واحد، فاستطاعت من خلالها مواكبة التطورات الاقتصادية العالمية وفي الوقت نفسه غربلة التطور القائم وفقا لما ينسجم مع مصالحها الاقتصادية، وبالتالي فالمكاسب التي أحرزها الاقتصاد القطري تمكنت من خلالها من تطوير خطط إستراتيجية لاستغلال ثرواتها الطبيعية من خلال برنامج استثماري متكامل في صناعة النفط والغاز وفي صناعة البتروكيماويات وفي تحويل الغاز إلى سوائل وبناء أكبر أساطيل السفن لنقل الغاز القطري إلى الأسواق العالمية، هذا إلى جانب تنويع القاعدة الاقتصادية من حيث عدم الاعتماد على النفط وحده كمعظم الدول الخليجية، ففي أثناء فترات انخفاض أسعار الغاز عالميا كانت لدى الاقتصاد القطري التجارة الدولية والمضاربة في العقارات، إضافة إلى أنشطة مالية حققت معدلات نمو كبيرة، كما استطاعت استثمار الفوائد العالية نتيجة لارتفاع أسعار البترول في أنشطة مختلفة ومتعددة، الأمر الذي مكنها من استقطاب التكنولوجيا المتقدمة من الدول الأجنبية وعمل مشروعات جديدة والاهتمام بمشروعات التنمية البشرية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والمرافق العامة، ما يساهم أيضا في زيادة معدلات النمو، حيث شهدت خلال 2008 تواصلا في معدلات النمو، إذ حققت 26.9% وبلغ ناتج هذا القطاع نحو 39.2% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. وإذا قدرنا حجم الحوافز الصناعية التي تقدمها دولة قطر لتشجيع واستقطاب الاستثمارات المحلية والاستثمار الأجنبي المباشر والارتقاء بتقنية التصنيع ورفع كفاءة الإنتاج والتقدم الصناعي، في وقت تواجه فيه الصناعة عمليات تعثر كما في الاقتصادات المتقدمة، تعمل من خلالها على وضع سياسة تشجيع مشاريع صناعية جديدة تجذب المستثمرين الأجانب للقطاع التحويلي وتنمية المشاريع الصغرى والمتوسطة من خلال إقامة مناطق صناعية حرة، للعمل في القطاعات الصناعية لتقديم منتجات نهائية تقدم قيمة مضافة للاقتصاد القطري مدعومة بالاستقرار السياسي والاجتماعي، وتوفر جملة من عوامل الإنتاج التي تقدم مزايا نسبية للصناعات، الأمر الذي يمكن هذا الاقتصاد من احتلال مكانة بين القوى العظمى بيسر ودون تكلف، كما يحفز الدول العربية الأخرى والتي عرفت منذ أمد بعيد أنها دول القاع رغم المكونات الاقتصادية والمؤهلات التنموية والثروات الطبيعية التي تزخر بها ولكن عدم الثقة واستيراد الخطط الاقتصادية والتـأثر بما لدى الغير أمور رجحت فرضية القاع على الصعود إلى القمة، فهل يا ترى سيكون معدل النمو القطري مؤشرا إيجابيا على تنافس إيجابي ستشهده الدول العربية وبالخصوص الخليجية منها في المستقبل، أم أن من المستحيل أن ترقى حليمة عن عادتها القديمة؟
771
| 18 سبتمبر 2013
تؤكد تجارب العديد من الدول التي نجحت في تنمية وتطوير اقتصاداتها أن المشروعات الصغيرة هي أحد أهم مفردات التطور التكنولوجي، وأحد المواضيع الاقتصادية الحديثة، وقد حظي موضوعها باهتمام كبير في البلدان المتقدمة لاهتمامها بأهمية تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة والنادرة. أما بالنسبة للدول النامية فقد اهتمت أيضا بهذا الموضوع اهتماما أكثر لما له من علاقة وثيقة بتحقيق عملية التنمية الاقتصادية من جهة وتحقيق الاستخدام والتوزيع الأمثل للموارد المتاحة. وذلك من حيث قدرتها الفائقة على تطوير وتحديث عمليات الإنتاج بشكل أسرع وتكلفة أقل من الشركات الكبيرة ذات الاستثمارات العالية. هذا من جهة ومن جهة ثانية فالمشروعات الصغيرة تساعد إذا تم توجيهها للعمل كفروع ثانوية للصناعات الكبيرة، بما يعزز حالة التكامل الصناعي بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم وتنويع وتوسيع هيكل الإنتاج، فضلاً عن أن هذه المنشآت هي عبارة عن بذور أساسية للمشروعات الكبيرة، وكذلك المساعدة على استحداث منتجات جديدة واستيعاب النواتج العرضية للصناعات الكبيرة وبذلك تسهم في الحد من هدر تلك الموارد وتقليل الاستيراد ومع أن أهميتها تختلف من حيث أهمية المشروع في عملية التنمية باختلاف أهداف وأحجام تلك المشروعات. فالمشاريع الصناعية مثلا تخدم التنمية أكثر من المشاريع الزراعية وذلك نظرا لما يتميز به المشروع الصناعي من قدرة على الزيادة في الدخل القومي وعلى توفير فرص العمل إضافة إلى المفاضلة الاقتصادية والفنية بين المشروعات فإنه لابد من إعطاء أهمية إلى المفاضلة المالية. وهذا النوع من المفاضلة يتعلق باحتساب التكاليف والإيرادات والأرباح والعوائد الصافية للأموال المستثمرة، فترة الاسترداد، معدل العائد على الاستثمار صافي القيمة الحالية..إلخ. وإذا كان العديد من الإحصاءات يشير إلى أن" المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل نحو 90% من إجمالي الشركات في معظم اقتصادات العالم، وتسهم هذه المشروعات بحوالي 46% من الناتج المحلى العالمي، وتساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلى للعديد من الدول، فعلى سبيل المثال تساهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 85%، 51% من إجمالي الناتج المحلى في كل من إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية على الترتيب" وإن دولة مثل الولايات المتحدة "يوجد بها أكثر من 24 مليون مشروع صغير يساهم في توليد حوالي 52% من فرص العمل لدى القطاع الخاص وأكثر من نصف الدخل القومي، كما تمثل 80% من كل الإبداعات والابتكارات الجديدة في السوق الأمريكي. وتمد 67% من العاملين بفرص العمل والتدريب الأولى لهم". وفي اليابان تعتبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة أساس الاقتصاد الياباني حيث "تمثل حوالي 99.4% من عدد المشروعات بها، وتستخدم أكثر من 84.4% من إجمالي العمالة في اليابان". فإن على بلداننا إدراك أن تحقيق التنمية الاقتصادية لا يمكن أن يتأتى إلا عن طريق خلق قدرة تنافسية وديناميكية تعتمد على المعلومات من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتوفير المزيد من فرص العمل كماً ونوعاً وتوفير قدر أكبر من التماسك الاجتماعي. والطريق الوحيد لهذا هو النهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالشكل والمضمون حتى تحرز الغرض المرجو منها.
1984
| 11 سبتمبر 2013
بين الدور المتوقع أن تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في خلق الوظائف والنمو الاقتصادي في بلدان الأسواق الناشئة وبين التداعيات التي تعرفها سواء المتزامن معها منذ النشأة أو الطارئ بأسباب الأزمة المالية والركود الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد العالمي وعلى الرغم من اختلاف الدول في مفهومها، فهنالك دول قد تأخذ بمعيار عدد العمال وأخرى بمعيار حجم رأس المال المستثمر في المشروع وثالثة بمعيار المستوى التقني أو غيرها. لذلك نجد التباين في تبني تعريف معين للمشروعات الصغيرة بين دولة وأخرى، ومن مرحلة إلى أخرى بما يتفق وإمكانات بلد ما وظروفه الاقتصادية، كما قد يختلف في داخل البلد نفسه وذلك حسب مراحل النمو الذي يمر بها اقتصاد تلك الدولة. ومهما يكن، فإنها تمتاز رغم تباين تعاريفها واختلاف أنواعها، بأهمية خاصة في اقتصادات الدول عموما، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن "المشاريع الصغيرة إضافة إلى المشاريع المتوسطة تمثل حوالي 90% من إجمالي الشركات في معظم اقتصادات العالم، وتوفر ما بين 40% - 80% من إجمالي فرص العمل وتوظف من (50% - 60%) من القوى العاملة في العالم. كما تساهم هذه المشروعات بحوالي 46% من الناتج المحلي العالمي. "وإذا كانت بلدان العالم على اختلاف نظمها الاقتصادية، وتباين مراحل تحولاتها الاجتماعية ترى وتدرك مدى أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني، عملت على زيادة فعالية وكفاءة هذه المشروعات خصوصاً فيما يتعلق منها بالمجال التمويلي، وتم ذلك من خلال المساهمة أو العمل على إيجاد برامج أو مؤسسات وشركات ضمان مخاطر القروض الممنوحة لهذه المشاريع، وكان بعضها بالتعاون ما بين القطاعين العام والخاص.فإن التأكيد على دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها النمط الأكثر فعالية في تحريك القوى العاملة شبه الماهرة وغير الماهرة باتجاه عملية التصنيع، وهو ما يأتي تزامنا مع الاهتمام الذي يعطى عادة إلى مسألتي: توفير فرص العمل للأفراد الذين يتسمون بمهارة عالية نسبيا وتوسيع نطاق التنمية الصناعية في الاقتصاد ليشمل كافة المجالات، وسيتبع ذلك الكثير من التساؤلات بشأن كل من وضع الحدود الدقيقة للصناعات الصغيرة والمتوسطة لتميزها عن الصناعات الكبيرة وعلاقة حجم المؤسسة بالكثافة النسبية للعنصر الإنتاجي من جانب وبكفاءة استخدام المدخلات من جانب آخر، وكل هذا يقدم صورة شاملة عن الصناعات الصغيرة في علاقاتها الهيكلية باعتبارات الموقعية وتنظيماتها المؤسسية.وإذا قدر لعالمنا العربي مسايرة التوجه العالمي المبني علي التقارب بين مؤسسات الإنتاج، فإن عليه أولا إعادة النظر في النموذج الاقتصادي وإجراء تعديلات هيكلية بتحرير الاقتصاد والتجارة الخارجية. بالقدر الذي يمكنها من التحرك بمرونة ووتيرة متسارعة تمكنها من التأقلم والتكيف مع هذا المحيط العالمي الجديد وبالمقابل فإن مؤسساتنا الاقتصادية أيضا مجبرة كذالك على إعادة النظر في حقيبة نشاطاتها بناءا على توجهات إستراتيجية تستند أساسا على نشاطها القاعدي. و سيكون لهذه الحركية نتائج تتمثل في زوال أجزاء أو قطع هامة من النشاطات الاقتصادية المتهالكة وبروز مؤسسات اقتصادية جديدة متخصصة في التكفل بالنشاطات المجاورة والملحقة والتي تخلت عنها المركبات الاقتصادية الكبرى.ضمن هذا المنظور الجديد في التسيير فإنه يتعين على المؤسسات الكبرى التركيز على وظيفتها الأساسية وبالتالي إخراج وتفريع ومناولة النشاطات الأخرى التي يستحسن التخلي عنها إلى شركاء أكثر تخصصا. لأجل تزويد الآلة الإنتاجية بقطع الغيار أو بالمنتجات النصف مصنعة. لذا فإن المؤسسات الاقتصادية العربية الكبرى تتوجه في أغلب الأحيان إلى الأسواق الخارجية (الاستيراد) على حساب منتوج المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين بحجة النقص في الاحترافية والصرامة والتحكم في النوعية أو نقص المعلومات.إن المتعاملين الاقتصاديين (مؤسسات كبرى، مناولين) محكوم عليهم وفقا للمنظور الجديد بتطوير طرق العمل والتسيير من أجل تثمين قدراتهم ومهاراتهم وكذا نوعية المنتوج المقترح. ويجب أن يرتكز ذلك على إستراتيجية تطوير المؤسسة على المدى الطويل عوض البحث عن الحلول على المدى القصير وكذلك تشجيع الشراكة بين المؤسسات عوض اللجوء إلى استيراد المواد الأولية.
2362
| 04 سبتمبر 2013
صنع في ... كلمة كثيرا ما تثير انتباه المستهلك حتى ولو كان هو المصنع للمنتج الذي يعتزم اقتناءه أو العامل في ذاك المعمل الذي أنتج تلك البضاعة والذي نحن بأمس الحاجة له اليوم في الوطن العربي هو العمل علي جعل المنتجات العربية تحتل مكانة رائدة في نفس المواطن العربي الذي يمتلك سوقا ذات كثافة سكانية مميزة ولن يتسنى ذلك بدوره حتى ننجح في تذليل العقبات التي تقف حجر عثرة في وجه الارتقاء بالصناعة إلى الشكل المطلوب بدأ بتغيير رؤية و ثقافة المؤسسات في الإنفاق و عدم البخل في جميع النواحي التي تتعلق بالصناعة كالدعم الفني و الاستثمار البشري و تكوين شراكات فنية و التدريب و الأبحاث فبحسب العديد من التقارير الاقتصادية فقد استثمرت المنطقة العربية نحو ألفي مليار دولار أمريكي في إجمالي تشكيل رأس المال الثابت (G.F.C.F) خلال السنوات الخمس عشرة الماضية ، في ظل النمو الاقتصادي للفرد فيها خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين تراوح بين الصفر والسلبي .. ولعل من الواضح أن ما يكمن في أساس تسجيل الصفر في نمو إجمالي الناتج الوطني بالنسبة للفرد هو تطبيق طريقة تسلم المشاريع جاهزة ومكتملة "Turn-key" من الشركات الأجنبية صاحبة الالتزام ، دون التعرف على التكنولوجيا المستخدمة في هذه المشاريع . ولم تتطرق هذه المنظمات أو غيرها من المنظمات الوطنية أو الإقليمية إلى دراسة الظاهرة الاقتصادية العربية مرورا بتخلي الدول عن سياسات التبعية التكنولوجية في وقت كانت تزيد فيه من عدد القوة العاملة المهنية فيها ، وكانت النتيجة الصافية لذلك انخفاض عائدات الاستثمار وإنتاج العمالة وازدياد كلفة البرامج فلقد أدرك آدم سميث أن الثورة الصناعية ستؤدي إلى فك الارتباط التدريجي للاقتصاد مع المادة .. لقد أدرك أن المهارات البشرية والإبداع كانت في عام 1800 أكثر أهمية من المواد الخام ، وأن هذه الحقيقة وحدها ستخفض تدريجياً أهمية المواد الخام والعمالة غير الماهرة في الاقتصاد . وتصارعت عملية فك الارتباط مع المادة كثيراً خلال القرن العشرين ، وكادت تكون مكتملة اليوم ، وإجمالي الناتج الوطني العام في البلدان الصناعية الرئيسية مرتكزة على "العلم" . وعلى العكس من ذلك فإن اقتصاديات البلدان العربية لا تزال مرتكزة كلياً على تصدير المواد الخام ، ولا تشكل المنتجات المعتمدة على المهارة والقيمة المضافة سوى نسبة صغيرة من إجمالي الناتج القومي العربي ..وانتهاء بالتنسيق بين الأنظمة التعليمية وسوق العمالة الذي لم يتلق سوى اهتمام تحليلي محدود ، وليس هناك من تناسب بين العرض والطلب ، سواء في الميدان أو في وضع مناهج الدراسة وإحدى وظائف منظومة التعليم والبحث والتطوير والسياسة الاقتصادية وسوق العمل ، وساهم عدم التلاؤم بين هذه الوظائف المهمة المختلفة في إنتاجية عمل متدنية وإنتاج اقتصادي منخفض وانتشار البطالة وهجرة الأدمغة على مدى واسع . فالوطن العربي يعد أكبر مصدر في العالم للنفط والفوسفات ، وهو منتج رئيسي للأسمنت والمنسوجات ، وهكذا فهو يوفر سوقاً داخلية واسعة لسلسلة كبيرة من الخدمات الفنية والمنتجات والتجهيزات لمد هذه الصناعات بأسباب الحياة ، إلا أن التوظيف المرتبط بهذه الصناعات يجري تصديره للخارج نتيجة للسياسات التقنية العربية ، وهكذا فلا يستخلص سوى منفعة قليلة من استثمارات عربية ضخمة في هذا القطاع ، وقد يزيد مجموع التوظيف الأجنبي في الخدمات الهندسية لدعم الاستثمار العربي على مليوني مهندس وفني ، وهذه الأرقام لا تمثل عدد العمال العاملين في الموقع لبناء مثل هذه المشاريع وهناك في قطاع النفط والغاز العربي وحده خسارة في توظيف مليون مهندس وفني مستخدمين في هذا القطاع من خارج الوطن العربي ، ويمكن لتبني سياسات تكنولوجية ملائمة أن يُحدث إنتاجاً محلياً لمجموعة واسعة من الخدمات التقنية والمنتجات المطلوبة.
2202
| 28 أغسطس 2013
حين ينفض غبار الأزمة المالية العالمية سينكشف الغيم عن كثير من الأسرار التكنولوجية والعقول البشرية كانت مثل الكبريت تذكر ولا ترى، تبحث عمن يوفر لها المأوى وهي وحدها القادرة على تحديد معالم الخارطة الاقتصادية العالمية لعالم ما بعد الأزمة، صحيح أن ثمة أقطابا تحددت سلفا وربما يرجع لها الفضل في فك العزلة والاحتكار الذي عرفته الصناعة خلال العقود الماضية وهي الدول المعروفة بالاقتصادات الناشئة ولكن لا يعني ذلك بحال من الأحوال أن الاقتصادات النامية في حال ما إذا استفادت من مجمل الثغرات التي وقعت الدول المتقدمة ضحيتها سترقى إلى رتبة النامية أو المتقدمة أو على الأقل ستدرج ضمن لائحة الانتظار.أما إذا عملت تلك الدول على التسويف والانتظار حتى تعود الأمور إلى مجاريها وتشتري تلك الأسرار أو تتبخر وتتشكل الخارطة الاقتصادية لعالم ما بعد الأزمة حينها تتحول الدول التي فاتها الركب نامية كانت أو ناشئة إلى سلة لتسويق منتجات اللاعبين الجدد ويتحول الحصول على مقدار ذرة من مركب صناعي إلى أمر من الصعوبة بمكان وذلك بدليل أن الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا خلال القرنين الثامن والتاسع عشر والتي عرفت قدرا كبيرا من التكتم والاحتكار ورغم ذلك فقد هاجر المئات من العمال المهرة والمصنِّعين، مصطحبين معهم المعارف الجديدة عن الصناعة آن ذاك حين تقلص الدور الأوروبي لتحتضنهم الولايات المتحدة وغيرها من الدول لتطوير اقتصادها واستغلال مواردها لتتمكن في ما بعد من لعب دور المحرك الذي يوفر النمو للاقتصاد العالمي كما استوعبت اليابان من جانبها منجزات الغرب العلمية، محققة بذلك ثورتها الصناعية والفتاة الذي بقي هو ما تغذت عليه الاقتصادات الناشة لتصل الكرة عليها حاليا فتنضاف ضمن اللاعبين الجدد، فلو دامت لأوروبا لما وصلت إلى الولايات المتحدة وهكذا دواليك، فدوام الحال من المحال.وإذا كان الوهم الذي راود المستثمرين في العالم أجمع خلال العقود الماضية من وجود لأماكن تدر عليهم إيرادات كبيرة خارج القطاع الصناعي، ووجدوها في أسواق المال وهو مجال اقتصادي وهمي افتراضي في جانب كبير منه، قد تبدد إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء بعد انفجار الفقاقيع المالية، فإن انتشال الاقتصاد العالمي من الوحل مجددا قد يتطلب قاطرة جديدة تعيده إلى سكة التقدم ثانية وما من شك في أن عرباتها ستكون صناعية بامتياز. يقودنا هذا إلى التساؤل عن الدور المستقبلي الذي ستلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في ظل نظام دولي متذبذب يتأرجح بين الصعود والهبوط وفي ظل الطفرة التي تشهدها نتيجة تراكم مداخيل النفط والشوائب التي أصبحت تتخلل الاستثمار في المال والعقار، هل ستتحرك بديناميكية متسارعة مدعومة بالبنى التحتية التي تمتلكها واتفاقيات التكامل الموقعة بينها للارتقاء بالأداء الصناعي وجذب المزيد من الاستثمارات إلى هذا القطاع الواعد لتنال نصيبها من الكعكة الضائعة بالقدر الذي يمكنها من حصول تنمية مستدامة فتكون بالتالي إما مشاركة في معالجة ما يعنيها من الأزمة بدلا من أن تصبح من ضحاياها أو حاصدة النتيجة المرجوة والتي تناسب حجمها ومكانتها وما هي الخطوات الجوهرية المطلوبة بشكل ملح في الوقت الراهن؟وإذا كان كل ما يخطر على بال الكتاب والقراء وصناع القرار والمبدعين والمفكرين أفكارا تستحق أن تأخذ بعين الاعتبار قد تبلور في المستقبل إلى خطوات عملية فإنه في وقتنا الحاضر يجب أن نلعب دورين متزامنين يرجع الفضل فيهما إلى صعود من قبلنا ولن نتبوأ المكانة اللائقة بنا قبل الانطلاقة منهما وهما صناعة المعرفة والإعلام.الدور الأول المرتبط بالمعرفة كون دول المجلس لم تعتمد الصناعة من قبل كأحد القطاعات الرئيسية في الاقتصاد وإذا أرادت مسايرة التوجه العالمي الجديد فإن ذلك يتطلب منها إعادة توجيه سياسات التعليم والتدريب، بتنمية القدرة على التصميم، المرتبطة بالقدرة على الابتكار، وعلى "البحث والتطوير وليس فقط نسخ التكنولوجيا وبالتالي فميلاد جيل صناعي قادر على مواكبة التطور المطرد باستمرار يتطلب الاستفادة بأعلى قدر ممكن من الثغرات الحالية سواء من خلال استقطاب العقول البشرية من أجل تطوير قطاع الصناعة والعمل على وضع نواة تقوم تلك العقول من خلالها بخلق جيل من المبدعين في المجال الصناعي أو من خلال شراء أصول بعض الشركات التي تعاني حاليا بسبب الأزمة، فعلى سبيل المثال نجاح شركة شنغهاي إلكتريك جروب الصينية في الاستحواذ على شركة أكياما اليابانية لإنتاج الطابعات عالية التكنولوجيا. صفقة كان هدف الصينيين منها هو الحصول على مصنع الشركة اليابانية، حيث كانت مصانع الشركة الصينية متخلفة تكنولوجيا عن نظيرتها اليابانية بأكثر من ثلاثين عاما. وعندما نجحت الشركة الصينية في شراء نظيرتها اليابانية تمكنت من طرح طابعات متقدمة بأسعار رخيصة حققت شهرة كبيرة في الصين وخارجها، هذه الصفقة وغيرها أصبحت في ما بعد شائعة أمام الشركات الصينية لتحديث التكنولوجيا لديها وتقليص الفجوة التقنية إلى حد بعيد والوصول إلى أسواق جديدة في الوقت نفسه.أما الدور الإعلامي فبقدرته على تذييل الصعوبات أمام تحقيق الإنجازات تنبع قدرته على تبديد مخاوف المستثمر وتشجيعه واستدراجه إلى الميدان وبقدرته على ألا تبقى الاتفاقيات والمشاريع حليفة النسيان يشحن الشارع ويعتبر المسألة هما أسريا ينبغي أن يشارك فيه كل بيت وبالتالي إقناع أفراد المجتمع بأن المسألة تخصه باعتباره المتضرر الأول والمستهدف بالإصلاح في النهاية أمر في غاية الأهمية، فعلى سبيل المثال حين لاحظ الأمريكيون تدني التحصيل والاستيعاب لطلاب المدارس الأمريكية مقارنة بنظرائهم، قامت الدنيا ولم تقعد في المجتمع الأمريكي، وأصبحت المسألة قضية أمن قومي، وعقد لها مؤتمر بعنوان «أمة في خطر»، وانبرت وسائل الإعلام تناقش مستقبل التعليم الأمريكي حتى غدت القضية حديث كل بيت. من هذا المنطلق فإن الفرصة المتاحة حاليا بسبب تداعيات الأزمة ومد الدول المتقدمة اليد لطلب العون من بلداننا فرصة قد لا تعوض بثمن وهي نفسها الفرصة التي أتيحت للبلدان الناشئة حين تداعى القطب السوفيتي، كما أسهمت في نهضة الأمريكيين بتقلص الدور الأوروبي، فهل نجيد نحن استخدامها لنتحول من حال إلى حال؟
901
| 14 أغسطس 2013
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4782
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3369
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2865
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2592
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1317
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1014
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
948
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
822
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
807
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية