رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في إحدى ليالي الشتاء الباردة وبحسب إحدى الصحف الألمانية فإن طفلا صغيرا وقف أمام والدته وهو يرتعش من قسوة البرد وسألها ببراءة: لماذا لا تدفئين المنزل يا أمي؟ قالت الأم: لأنه لا يوجد فحم بالمنزل يا ولدي، فسألها الطفل ولماذا لا يوجد فحم بالمنزل؟ أجابت الأم: لأن والدك متعطل عن العمل، وعاد الابن يسألها: لماذا يتعطل أبي عن العمل؟ قالت الأم: لأنه يوجد فحم كثير بالأسواق يا ولدي وبالتالي لا يمكن أن يعود الأب إلى العمل إلا إذا تم تصريف مخزون الفحم الراكد في سوق السلع فكساد الأسواق ينعكس بشكل مباشر في كساد سوق العمل وكذلك سوق المال. مشهد آخر ولكنه هذه المرة من الولايات المتحدة حيث يصف المشهد طابورا رباعي الصفوف من العاطلين عن العمل يبدو أنه بطول نحو 100م على الأقل من الشارع الذي يوجد به أحد المصانع بمدينة نيويورك كلهم يتنافسون لشغل خمسة وظائف فقط. قد لا تستغرب عزيزي القارئ أن الحادثتين وقعتا في الفترة ما بين 2007 إلى تاريخ نشر هذا المقال ولكنهما في الواقع حدثتا عند استفحال أزمة الكساد العالمي خلال السنوات من 1929 – 1933 حيث وصلت إلى حد توقف شامل للنشاط الاقتصادي في كافة الأسواق (أسواق العمل)، (أسواق السلع والخدمات)، و(أسواق المال حيث لا توجد أية حوافز للتوسع الاستثماري كما أنه لا توجد أية ممارسات لسلوكيات ادخارية حيث لا دخل لدى معظم الأفراد بسبب تعطلهم عن العمل أصلاً). وبعد نحو مائتي عام من قيام الثورة الصناعية في أوروبا ونحو ثلاثمائة عام من تأسيس وتطبيق النظم الرأسمالية بأطوارها التجارية والصناعية والنظام الرأسمالي الحر والتي غيرت معالمه الأساسية أزمة الكساد العالمي. منذ ذلك التاريخ تم رصد ما أصبح يعرف حاليا بالبطالة كما أصبح أعتى وأكثر الأمراض الاقتصادية فتكا فهل أعاد التاريخ نفسه أم أن الداء الذي عرفته الاقتصادات المتطورة آن ذاك واستطاعت الحد منه ليصبح فيما بعد مرضا مزمنا في الاقتصادات الناشئة أعاد الكرة ليتساوى فيه الناشئ والمتقدم على حد السواء؟الأرقام المذهلة التي يتم تداولها بخصوص أعداد العاطلين عن العمل في كل من الولايات المتحدة وأوروبا إن دلت على شيء فإنما تدل على أحد أمرين فإما أن يكون ارتفاع معدلات النمو التي يجري الحديث عنها هشة إلى درجة أن ذلك لا ينسحب على مجمل القطاعات الاقتصادية الأخرى وبالتالي فالعافية التي نشهدها لا تعدو كونها ظاهرة لا تلبث حتى تزول نتيجة الحوافز المالية التي اقتات عليها الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي أو أن المؤسسات كانت بحاجة هي الأخرى إلى حركة تصحيحية تعقلن من خلالها احتياجاتها من العمالة وبالتالي فظروف الاقتصادية التي عرفتها إبان الأزمة المالية تجعلها قد تخلصت من أعباء زائدة فيما يخص بالعمالة وستعمل في المستقبل على السير بخطوات محسوبة ليست مبنية على الرقبة في زيادة الإنتاج بقدر ما هي مبنية على مراعاة استيعاب السوق والأخذ بمبدأ الحيطة والحذر فبحسب الدراسات فإن الولايات المتحدة حاليا وخلال شهر سبتمبر الماضي عرفت الانخفاض الحادي والعشرين لسلسلة مستمرة من فقدان العمال لأعمالهم.. أطول بطالة تصاعدية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن بدأت وزارة العمل جمع البيانات المتعلقة بالبطالة في العام 1939. أي أن 15 مليون عامل أمريكي صاروا عاطلين عن العمل.. تقريباً وهو ضعف عدد العاطلين عندما بدأ الركود في نهاية العام 2007، وهو أعلى رقم منذ أن بدأت وزارة العمل هذه الإحصاءات العام 1948. بالإضافة إلى هؤلاء العاطلين كلياً عن العمل، تم تسجيل 9.1 مليون عامل آخر رسمياً يعملون بشكل غير طوعي بدوام جزئي، وأُجبروا على أن يعملوا ساعات عمل أسبوعية أقل من حاجاتهم بحيث لا تكفي للحفاظ على مستويات معيشتهم. وهكذا يصل الرقم الإجمالي للعاطلين عن العمل- كلياً وجزئياً- إلى أكثر من 25 مليون عامل.. وهو رقم، يفوق كثيراً عدد العاطلين عن العمل خلال فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي. وبحسب دراسة أخرى فإن مقابل كل فرصة عمل يوجد حالياً ستة عمال عاطلين عن العمل في أمريكا. وبحسب استطلاع أجرته المائدة المستديرة رابطة الرؤساء التنفيذيين للشركات فإن %40 من الشركات الأعضاء، تتجه إلى خفض رواتب العاملين فيها خلال الأشهر الستة القادمة (تخفيض ساعات العمل)، في حين أن 13% فقط من هذه الشركات لديها خططاً للتوسع. وهو الحال بالنسبة لمنطقة اليورو حيث يوجد 15.7 مليون عاطل وهو الأعلى منذ أن بدأ تسجيل البطالة في دول المنطقة في منتصف تسعينيات القرن الماضي. ومن المتوقع أن يظل هذا العدد في ارتفاع حتى منتصف العام الحالي ووفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي تضم أكبر 30 دولة صناعية، فإن معدلات البطالة لهذه الـ 30 دولة ستصل إلى %10 العام 2010، وهذا المعدل يُقارب مثيله في الولايات المتحدة لنفس العام. بحدود 57 مليون عامل سيتحولون إلى عاطلين عن العمل، وبما يُعادل سكان: فرنسا، إيطاليا، وكوريا الجنوبية مجتمعة. وإذا كانت البطالة قد وصلت في مجتمعات كهذه قد وصلت إلى أرقام قياسية فما بلك بالدول النامية التي كانت بالنسبة لها صفة سائدة بسبب قصور النمو الاقتصادي عن ملاحقة النمو السكاني ونتيجة لعجز المدخرات المحلية عن تمويل الاستثمارات اللازمة لتوفير فرص العمل. فالدول العربية على سبيل المثال لا الحصر والتي تعتبر وكرا من أوكار الأمراض الاقتصادية وهي الآن في أبهى حللها لأن العجز الذي كانت تعانيه في الماضي أصبحت تشاركها فيه جميع دول العالم مما يجعلها لا تحرك ساكنا لأننا كلنا في الهوا سوا فبحسب التقديرات فإن عدد من سيفقدون وظائفهم بسبب الأزمة ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين شخص ليصل عدد العاطلين في المنطقة العربية نحو 18 مليونا وبنسبة تقدر بنحو 14% من قوة العمل العربية.وإذا أرجعنا الأسباب التي فاقمت من الظاهرة وستجعل في المستقبل الحد منها على الأسس التي دأبت المؤسسات على التوظيف عن طريقها شبه مستحيلة والأجور التي دأب العمال على تقاضيها من المستحيل أن تعود إلى ما كانت عليه بل ستتقلص إلى أدنى المستويات وفي أحسن الأحوال سيبقى كل عامل بين خيارين أحلاهما مر إما أن يضاف إلى طابور العاطلين أو أن يتقلص أجره إلى ما لا يسد الضروري من احتياجاته وعلى مرأى ومسمع من حكوماته فالحكومات تحركت لإنقاذ المؤسسات المالية من الانهيار ولكنها بالمقابل لم تربط ذلك بخلق فرص جديدة للعمل أو المنع من التسريح بغية إعادة البسمة إلى أصحاب الجيوب الخاوية. وإذا لم تتخذ الطبقات العاملة إجراءات عالمية وفورية تحمي لكل ذي حق حقه انطلاقا من احتياجات الجماهير وليس من منطلق متطلبات الربح للشريكات الكبرى ولن يتم ذالك إلا من خلال إعادة تحديث وتطوير البنى التحتية في الدول وليس من خلال الجري وراء تحقيق رغبات مؤسسات أهلكت الحرث والنسل.
599
| 04 يونيو 2014
تحظى السياحة بمكانة مهمة ضمن قطاع الخدمات في عدد كبير من الدول، ومنها الدول الإسلامية، كما يدل على ذلك نسبة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، وما تدره من عملات أجنبية وتولده من فرص عمل ذات مردودية وإذا كانت المتغيرات التي طرأت على الساحة العالمية سواء المتعلق منها بالأزمة المالية العالمية أو التحول الظاهر في رأس المال وفي تشكل خارطة اقتصادية عالمية جديدة ركائزها أقطاب تجاور للعالم الإسلامي ستسهم بشكل أو بآخر في نيل العالم الإسلامي جزءا من تلك المكاسب، فالرخاء الذي تشهده معظم دول القارة الآسيوية ومنها دول إسلامية والسمعة التي تكنها تلك الدول للعام الإسلامي بتوظيفها قد نتمكن من التفاؤل بغد أكثر إشراقا، ليس فقط في مجالات السياحة التي هي إحدى بوابات الاستثمار بكل أشكاله بل قد نتعدى ذلك إلى مجالات أكثر تعمقا حسب المفاهيم الجديدة للسياحة والمتمثلة في السياحة الدينية والعلاجية وسياحة الاستجمام والسياحة الرياضية، والثقافية والفنية، وسياحة المؤتمرات والمهرجانات. مما جعل هذا القطاع قادرا على استيعاب 279 مليون فرصة عمل حول العالم بحلول عام 2018 وقد يحقق عوائد تفوق 15 تريليون دولار في وقت تصل حجم العوائد فيه حالياً إلى 8 تريليونات دولار، تقدر حصة الوطن العربي منها بحوالي 750 ألف وظيفة حاليا وأزيد من مليوني وظيفة خلال العشرة أعوام المقبلة، ساهم في تراجعها وتباطؤها الأحداث المؤلمة التي عرفتها بعض الدول العربية ومع ذلك بمقدور الدول العربية الرفع منها في المستقبل فإكراهات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وكون السياحة أصبحت جزءا من ثقافة السائح الغربي في وقت لم يكن بمقدوره دفع ما يترتب عليها في الغرب وبحثه عن خيارات بديلة قد يجعل العالم الإسلامي الوجهة المفضلة لديه، نظرا لما يشمله من عوامل الجذب للسياح لا تتوفر لأماكن عديدة في العالم. فهل يعني ذلك أن المتغيرات الجديدة ستفتح أعين السائح العربي والإسلامي الذي يركض إلى الغرب تاركا خلفه كتلة سياحية رئيسية مرشحة لتكون مركز الجذب الأول على خريطة السياحة العالمية، حتى أن الكثيرين يعتبرونها متحفا حيا لم يستغل بعد.. وأرضا بكرا.. لم يكتشف بعد مخزونها الحقيقي من إرث تاريخي وثقافي وفلكلوري وخصائص الروعة والجمال والمناظر السحرية الخلابة والبديعة والآثار التاريخية التي يمتد عمرها إلى عشرات القرون من جهة وهل ستنتهز الشعوب العربية والإسلامية بالمقابل فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي الربط بين عناصر الجذب السياحي في كل دولة والخدمات السياحية المقدمة، والعمل على تطوير عناصر الجذب السياحي الحالية واكتشاف عناصر جذب سياحية جديدة في الدول الإسلامية، وبصفة خاصة في الدول ذات الإنفاق الاستثماري الكبير على الخدمات السياحية مثل الفنادق، والمطاعم السياحية وغيرها. فرغم التشابه الكبير للهياكل الإنتاجية للدول الإسلامية، إلا أن الموارد والأنشطة السياحية هي من أوضح الأمثلة على التنوع الكبير في الموارد الإنتاجية والطاقات والإمكانات المتوافرة للعالم الإسلامي. فالاتساع الجغرافي الكبير للأمة الإسلامية جعلها تغطي جزءاً مهماً وحيوياً من المعمورة، وتضم موارد سياحية ثقافية وطبيعية متنوعة في إطار توحد القيم الإسلامية الرئيسية. ومع اعتماد عدد كبير من الدول الإسلامية على السياحة كمصدر مهم وأساسي للصرف الأجنبي. وبالنظر إلى إنفاق السياح في الدول الإسلامية خلال عام 2003م يلحظ أن هناك دولاً حققت مستويات مرتفعة للإنفاق السياحي بالمقارنة بغيرها من الدول الإسلامية، مثل: تركيا، وماليزيا، ومصر، والسعودية، حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (13203) ملايين دولار، (6799) مليون دولار، (4704) ملايين دولار و(3418) مليون دولار على الترتيب. هناك دول حققت مستويات ضئيلة نسبياً مثل: ألبانيا، وكازاخستان، والبحرين؛ حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (537) مليون دولار، (638) مليون دولار، و(985) مليون دولار على الترتيب، كذلك كان هناك دول قل فيها الإنفاق السياحي عن (500) مليون دولار. ويستشف من ذلك وجود تفاوت كبير في الإنفاق السياحي في الدول الإسلامية، حيث يعتمد ذلك على توافر الإمكانات السياحية في هذه الدول وحسن استغلالها للأغراض السياحية. وإذا فرضنا أن العوامل الجديدة تعتبر عوامل إيجابية بالنسبة للعالم الإسلامي والتنوع الذي طرأ على الخدمات السياحية موجه لكل الفئات والأعمار وأن فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي تعزيز وتنويع فرص التعاون بينها. فهل يكون هناك تعاون واضح بين الدول الإسلامية للارتقاء بأداء القطاع السياحي، بما ينعكس إيجابياً على مردودها الاقتصادي من ناحية، وزيادة أواصر التعاون الاقتصادي الشامل بين الدول الإسلامية من ناحية أخرى؟
4355
| 28 مايو 2014
لعلي قاربت الصواب إلى حد كبير حين القول إن ما يجري في الوطن العربي من زعزعة لأحكام وتهاو لأخرى ونقد وتذمر علني وانزعاج مستمر من ممارسات مورست ضد شعوبنا وضغط وانتهاكات عرفتها بنو جلدتنا في السابق وتأباها وترفضها في الوقت الحالي ما كان لها أن تحدث لولا خوف الحكام من البعض وخوف البعض من البعض الآخر وخوف الجميع من أخطار خارجية تهددهم وتسعى للسيطرة والقضاء عليهم دون النظر إلى ما عرفته شعوبنا الأبية وعلى مدى عقود من الزمن من الإكراه والكبت والظلم والممارسات والانتهاكات التي تعدت حد التستر فخوف الحاكم بطبعه من قوى أجنبية تقايض بقاءه وتتعامى عن ظلمه وابتزازه مقابل نهب خيرات ومقدرات شعبه وخوف تلك الشعوب التي تصبح وتمسي أقرب إلى قول الشاعر:رمتني الأيام بمعصمي حالها لا الموت لي يصبو ولا الحياة تقتربوا كعصفورة بيد طفل يداعبها تقاسي عذاب الموت والطفل يلعبوالا الطفل ذو عقل يأنو بحالها ولا هي عامرة الجناح لتهربوا صبحت عاجزة عن الحراك بعدما كانت في قوة تتهيبوامنها إلى التمتع بموارد العيش الكريم فلا الحاكم يشعر بمعاناة شعبه والشعب إن صرخ كان الجلاد بالمرصاد الأراضي الصالحة للزراعة 175 مليون هكتار ولعلي أستطيع أن أجزم أنه لولا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي عانتها شعوبنا على مدى العقود الماضية من البطالة وغلاء المعيشة مقابل تغافل الحاكم واعتبار كل متضرر خارجا عن القانون لما آل الأمر إلى ما آل إليه فمساحة الوطن العربي على اتساعها (13،7 مليون كيلو متر مربع) تقدر الأراضي الصالحة للزراعة منها بحوالي 175 مليون هكتار، لا تتجاوز المساحة المستغلة حاليا منها 53 مليون هكتار ما يعادل 30 % فقط، أي أن حوالي 122 مليون هكتار لم يتم استغلالها!! علاوة على إهمال استغلال المساحات الهائلة من المراعي التي تقدر بحوالي 552 مليون هكتار، تكفل عند استغلالها مع الأراضي الزراعية، تأمين معظم احتياجات شعوبنا من السلع الغذائية وإلغاء الفجوة المتزايدة الاتساع بين معدلات نمو الإنتاج الزراعي وتزايد الطلب عليها عبر تطوير وزيادة الصناعات المعتمدة على المنتجات الزراعية، في وقت ينمو فيه الطلب على الغذاء بمعدل 6 % سنوياً في حين أن الإنتاج لا تزيد نسبة نموه على 2 - 3 % فقط. اتساع الفجوة الغذائية ففي عام 2004 زاد العجز التجاري الزراعي العربي عن 22 مليار دولار، كما زاد العجز التجاري الغذائي عن 20 مليار دولار، وصلت الفجوة الغذائية 18.4 مليار دولار في عام 2006 شكلت فاتورة الحبوب منها حوالي 49% من قيمتها وفي الوقت الراهن بلغت واردات الوطن العربي من الحبوب حوالي 50 مليون طن إلى جانب توفير فرص العمل وتشغيل حوالي 40% من العمال والفلاحين العاطلين عن العمل، فجوة باتساعها يزداد الغضب وتعم الكراهية والحاكم مستغرق في نومه ولا يدري أن انتفاضة السجين أقوى من عصي السجان ومع تجاهل الحكام العرب التطورات القائمة على مختلف الأصعدة وفي شتى الميادين يبقي الحكام متجاهلين للتكامل الذي هو حلم الشعوب منفتحين بوتيرة متسارعة خارج حدودهم متغافلين بذلك عن رغبات شعوبهم انفتاح طالما اعتبره العديد من المراقبين أنه لو وجه إلى داخل الأقطار العربية لكان له الفضل في امتصاص بطالة تنخر الجسم العربي وصلت إلى أعلى مستوى في العالم أي ما مقداره 18 مليون عامل عربي عاطل عن العمل أي بنسبة 50% في حين تقدر العمالة الوافدة غير العربية لدينا تقريبا حوالي أكثر من 12 مليون وافد غير عربي يحزمون أمتعتهم ويغادرون إلى بلدانهم الآن بينما يشكل هذا الكم الهائل من العاطلين عن العمل في الوطن العربي نواة الثورة اليوم والعدوى تنتقل من بلد لآخر فالداء واحد والشعار واحد والثورة لن ينجو منها إلا من أعد العدة. وحتى ينجلي الغيم عما يجري وتتضح الأمور على أي وتيرة تسير يبقى السؤال الذي يطرح نفسه والمتكرر في خلجات كل عربي، هل ننتقل من حال إلى حال أم أن جهود التغيير ستذهب سدا؟
437
| 02 أبريل 2014
في كل مرة يحين الموعد لقمة عربية ترى الآمال واللامبالاة متلازمين في أعين المكلومين من بني جلدتنا شاخصة، وآذان المتربصين بنا صاغية وأياد إقليمية تلف يمينا وشمالا لتوقع بنا لا متناهية واقعنا مشرقا تتداعى عليه الأمم لكل فيه طرف ونصيب، ومغربا متذمرا أحيانا ومتذبذبا أحيانا أخرى شعوب منقسمة بين من يرى أن ما حك أظافرنا مثل جلودنا ولن يغير الله ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا وبين من يرى أننا كم من مرة انتظرنا القمم وبماذا خرجت وبكم نقصت من معاناتنا فهل زادت الطين إلا بلة والفرقاء إلا تفرقة يدخلها الساسة في أقسى الظروف وأحلك الأزمنة على الأمة ولا يخرجون منها إلا بنتيجة واحدة اتفقنا على أن يبقى ما اتفقنا عليه حبرا على ورق لا يستحق أن نعود به إلا حيث كنا، وآخرون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء رأيهم في كل مرة "لن يخرج الساسة بجديد" حتى ولو اتفقوا له رغم أنهم أهل ثروة ليسوا متقاسمين لإرث وما يجمعهم من قواسم مشتركة لا تتوفر في غير وطننا العربي فالتاريخ والقيم الروحية والبنية الاجتماعية والوحدة الجغرافية والموقع الاستراتيجي نعمة عاجزين أن نؤدي شكرها ومع ذلك فكل المبادرات التي قامت بها الدول العربية منذ بداية العمل العربي المشترك ثنائية كانت أم جماعية قطرية أم شاملة لم ترق حتى الآن إلى المستوى المطلوب كل بحجة الخلافات السياسية وإذا كانت القمة المرتقبة حاليا ستجري في ظروف استثنائية بكل المعايير فالأعين العربية الناظرة إلى الساسة أصبحت بدل الهمس في الماضي تصرح وتتظاهر وتعبر عن قضاياها أكثر من أي وقت مضى والآذان الخارجية المصغية إلينا والمراهنة والمستفيدة من تفرقتنا بات لديها ما يشغلها عن قضايانا وفي الوقت نفسه عاجزة عن تمويل خلافاتنا والأيادي الإقليمية المصرة على تعميق الشرخ العربي مازالت أضعف من الوقيعة بنا فإن كل العرب أيضا مسؤولين كانوا أو مواطنين عاديين سياسيين أو اقتصاديين مجمعون على أنه لا سبيل للرقي بالشعوب العربية ولا طريق للنهضة والحصول على المكاسب المطلوبة وسماع الكلمة ونيل الحق إلا بالتكامل ولا سبيل إلى التكامل إلا بتنقية الأجواء السياسية وقطع كل يد تمتد لتفرق بين الأشقاء فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وقد نتفق على مصالحنا ونلتقي بأصدقائنا ونقطع الطريق أمامهم إن كان همهم تفرقتنا سواء بأي ثمن فهل ينحي القادة منحى التصالح الفعلي ويعملون على طرح حجر الأساس للتكامل من جديد أو يبنون على ما سبق أن أنجز في الماضي أم أن التصالح ليس سوى كلمة لا تتعدى الحناجر وما في الضمائر باق لنحسب أياما أو شهورا ثم نعود للتخندق من جديد حين يطلب المتمالئون على مستقبلنا ومصير شعوبنا ذلك. ومع أن تجارب الأمم أثبتت لنا بطلان الهواجس التي كنا نعتقد أنها تقف حجر عثرة في طريق وحدتنا كالخلافات السياسية ومظاهر الغنى والفقر والتخلف الاقتصادي فلم لا ننظر كيف استطاع العدوان اللدودان على امتداد التاريخ(فرنسا وألمانيا) تجاوز خلافاتهما السياسية لدفع العجلة الاقتصادية التي شكلت في ما بعد الدعامة الأساسية التي ارتكز عليها مسرح الجماعة الاقتصادية الأوروبية التي رغم تباين الناتج القومي فيها لم تقل أي من الدول الأكثر ثراء أن الوحدة الأوروبية سوف تكون لصالح طرف على حساب الطرف الآخر منها. أو ننظر كيف كان اقتصاد الصين وماليزيا وكيف استطاعت الصين التغلب على جل مظاهر التخلف الاقتصادي فعندما استقلت عام 1949 كان اقتصادها يعاني من الاضطراب بسبب الحرب والتضخم وكان من مهام الحكومة بناء نظام اقتصادي عام وإزالة البطالة والمجاعات المنتشرة، وكان عدد سكانها آنذاك حوالي المليار نسمة، وثلثا أراضيها تعتبر جبلية وصحراوية، وعشرها فقط هو المزروع، ومع ذلك تمكنت الدولة من الاعتماد على النفس وإعادة توجيه أكبر للاستثمارات الزراعية، وبعد مدة من النمو أحدث السياسيون ثورة ثقافية، حيث تم حقن الاقتصاد بأيدلوجية محددة وهي مقاطعة المنتجات الأجنبية وفي العام 1975 وضعت الحكومة خطة حتى العام 2000 لتصبح ذات قوة اقتصادية كبرى، وعرفت هذه الخطة في حينها ببرامج التحديث، وكانت على أربع مراحل، وكانت مضامينها تركز على رفاهية المستهلك وزيادة الإنتاجية والاستقرار السياسي وتأكيد زيادة الدخل الشخصي وزيادة الاستهلاك، وإنتاج منتجات جديدة في ظل وجود نظام الحوافز، كما عمدت الحكومة إلى تخفيض دور الإدارة المركزية وجعلها مختلطة حيث عملت على وجود قانون تشريع الإصلاح الزراعي، وخفضت عبء الضرائب على المشاريع غير الحكومية، وعملت على توفير تسهيلات الاتصال المباشر بين الصينيين والشركات التجارية الأجنبية، وكانت نتيجة هذه الإصلاحات المبنية على الخلط بين الاتجاه المركزي والمبادرة أن تكون الصين في الوقت الحاضر لاعباً دولياً بارزاً في الاقتصاد العالمي لتتحدي بذلك أي بيت في العالم من دون منتج صيني ومع ذلك لم تسلم يوما من الضغوط الخارجية وبذلك استطاعت التوفيق بين السير قدما في مخططها من جهة ومناورة أعدائها من جهة ثانية. أضف إلى ذلك كون الأزمات محفزا أساسيا لتقريب وجهات نظر الشعوب وتجاوز الأخطاء لدفع أخطارها فلم يعرف الجيل الحاكم حاليا أزمة أعتى من الأزمة الاقتصادية التي يشهدها عالم اليوم فلقد أحيت النعرة الاقتصادية في دول أكثر قدرة على تحمل تداعيات الأزمة ومع ذلك بقيت الدول العربية عرضة لتداعياتها ليس عجزا في الموارد المالية ولا نقصا في المصادر البشرية فهناك دول عربية غنية بثرواتها وكنوزها الاقتصادية مثل الدول الخليجية التي تمتلك 45% من احتياطي العالم من البترول، و19% من الغاز، ويتوقع لها دور رائد في الاقتصاد العالمي نتيجة تدفق السيولة النقدية إلى مصارفها المركزية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، في الأسواق الدولية ودول عربية أخرى قد قطعت شوطاً كبيراً في مجال التنمية الإنسانية وعرفت مبكراً أن الموارد البشرية هي أهم الموارد الاقتصادية على الإطلاق، إلا أن كل هذا لم يشفع للدول العربية صاحبة العجز في استقطاب الأموال العربية المهاجرة بحثا عن فرص للاستثمار والمقدرة بأكثر من تريليون ونصف من الدولار تستأثر الولايات المتحدة وحدها بنحو 70 % منها، والبقية موزعة بين الأسواق الأوروبية وغيرها. ولم تنجح الدول الغنية صاحبة الفائض باستقطاب العمالة العربية والتي من المتوقع أن تصل إلى 25 مليون عاطل عن العمل بحلول 2010 واستبدالها بالعمالة الأجنبية والتي قدرت معدلات تحويلاتها في عام 2005 بنسبة 25% من الإيرادات النفطية السنوية للدول الخليجية فهل يا ترى ستكون القمة المرتقبة تكريسا لواقع مؤلم وتغافلا عن حق طالبه أعياه طول الانتظار أم أن كشف المستور وتزايد التداعيات قد يرسم البسمة مجددا على شفاه فقدت الأمل وملت الانتظار؟
684
| 26 مارس 2014
في الوقت الذي ينظر العديد من المراقبين إلى العام الجديد على أنه بداية لانحسار الركود الذي عانى منه الاقتصاد العالمي خلال الأعوام الماضية ومع أن الاقتصاد العالمي بالفعل يظهر بوادر للتحسن أفضل من السابق، فبحسب المحللين الاقتصاديين في معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في بلجيكا فإن العام الجديد سيشهد انتعاشا، حيث «يستمر الانتعاش الاقتصادي العالمي، حيث ازداد الإنتاج الصناعي العالمي في الفصل الثالث من عام 2013 بنسبة لم يحققها منذ بداية عام 2012، وتحققت هذه الزيادة في البلدان الناشئة والبلدان المتقدمة على حد سواء، وإن كانت الزيادة أكبر في المجموعة الأولى».وهو ما يعني تحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي أو على الأقل فإن النصف الأول من السنة الجديدة سيكون حاسما بالنسبة لبعض الاقتصادات ولا يختلف عن سابقيه بالنسبة للبعض الآخر، فمؤشرات التباطؤ لا تزال حاضرة بقوة، خاصة أن العام الجديد ربما يمتاز بانتعاش يبدو واضحا على بعض الاقتصادات وتقلبات تختلف حدتها من البعض إلى البعض الآخر بمعنى أن الأعوام الماضية شهدت مجموعة من الإصلاحات المالية تساوت فيها كل الاقتصادات، من ضمنها تخفيض الفوائد التي من المتوقع أن تشهد ارتفاعات متتالية خلال العام الحالي في الوقت الذي لا تزال فيه البطالة والضرائب مرتفعة وكذلك قدرة المستهلك بين التدني وتفضيل التوفير بدل الإنفاق، إضافة إلى تسارع وتيرة نمو المواد الاستهلاكية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والطاقة وإذا كانت منطقة اليورو بدأت تظهر بوادر للانتعاش أو على الأقل قد تعدت أسوأ ما في الركود بعد ما أظهرته اقتصادات ألمانيا وفرنسا، مما زاد الآمال بأن تعافيا للاقتصاد العالمي بدأ يظهر بالفعل، حيث ازدادت النشاطات الاقتصادية للفصل الثاني على التوالي وبلغت نسبة النمو 0.1 في المائة، وقد كانت مساهمة التجارة الخارجية سلبية في النمو الاقتصادي بسبب تجاوز الواردات للصادرات خلال الفصل الثالث من عام 2013، بينما أسهم الطلب الداخلي إيجابيا في النمو الاقتصادي. ومن الجدير بالذكر أن الأوضاع الاقتصادية تحسنت في بلدان جنوب أوروبا، فقد تخلصت إسبانيا من الركود الذي استمر لمدة سنتين، وتقلص تراجع النشاطات الاقتصادية في إيطاليا. وهي حركة بطيئة لهذه الاقتصادات بدأت بارتفاع معدل النمو بنسبة 0.4 في المائة في الربع الأخير من العام 2009 مقارنة مع انكماش وصل إلى 0.2 في المائة في الربع الثاني، مدعومة بتوقعات المفوضية الأوروبية أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو 0.7 في المائة هذه السنة و1.5 في 2011 من انكماش يصل إلى 4 في المائة في العام 2009 وهي توقعات تأتي بالتزامن مع أنباء مماثلة بالولايات المتحدة واليابان، حيث ازداد الطلب الداخلي وبلغ النمو الاقتصادي في الفصل الثالث من العام الماضي 1.0 في المائة مقارنة بالفصل الثاني. أما في اليابان فقد تباطأ النمو الاقتصادي بشكل كبير في الفصل الثالث مقارنة بالفصل الثاني بسبب ضعف نمو الطلب الداخلي، ومحصلة سلبية للتجارة الخارجية في النمو الاقتصادي الذي بقي إيجابيا وبلغ 0.3 في المائة ومع أن هناك الكثير من التفاؤل بالعام الجديد أن يكون عام بداية التعافي الحقيقي، إلا أن آثار الأزمة المالية لم تنته بعد، بل من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الأمريكي خاصة مزيدا من التقلبات رغم خطط التحفيز الحكومية التي زادت على ثلاثة تريليونات دولار، حيث لا يزال الإقراض بين البنوك شبه مجمد وتجد الشركات والأعمال صعوبة في الاقتراض الميسر، ما يحد من النشاط الاقتصادي عموما. على عكس الاقتصاد الصيني الذي استطاع أن يحقق معدل نمو منذ 2009 حيث وصل إلى 8 في المائة وبحسب تقرير أصدره مركز بحوث التنمية الذي يقدم المشورة للحكومة فقد نما في 2010 بنسبة 9.5% بدعم من نمو الاستثمار العقاري ومحدودية التضخم وحاليا استفادت من زيادة صادراتها بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي، كما أسهمت زيادة الصادرات بتحسن النمو الاقتصادي في الهند أيضا.. ومع أن منطقتنا العربية والتي تضاف جملة إلى ما يعرف بالدول النامية والتي لم تسلم من تداعيات الأزمة المالية كما تجاهلها التقرير جملة وتفصيلا، فإن بعضها يسير على خطى الاقتصادات المنتعشة والبعض الآخر يسير على وقع الدمار، حيث تشهد أكبر نسبة للفقراء وصلت إلى ما بين 40 إلى 60 في المائة من العالم العربي وذلك في وقت بلغت فيه قيمة إجمالي ثروات أغنى خمسين ثريا عربيا أكثر من مائتي مليار دولار خلال هذا العام، بل إن بعضهم ازداد ثراء على ثراء رغم كل هذه الأزمات. كما أن أسعار النفط التي تعتمد بعض الدول العربية عليها، خاصة الخليجية منها، عرفت تدنيا ملحوظا من 147.3 للبرميل في يوليو 2008 إلى ما دون الخمسين دولارا في نفس الفترة من 2009 وبالتالي فالفائض المعلن في الموازنات الخليجية لعام 2008 والبالغ 32 مليار دولار قد تحول إلى عجز في موازنة 2009 بفعل ضغوط الأزمة وتراجع أسعار النفط وصعود أسعار المواد الأساسية، يقدر بـ 24.05 مليار دولار في موازنات 2009 وربما يحول تحسّن الوضع الاقتصادي الدولي المرتقب في السنة الجديدة وانتعاشه وخروجه من دوّامة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أدّت إلى انكماشه، لاسيَّما في أكبر الدول المستهلكة للنفط ومنها أمريكا التي تستهلك لوحدها حوالي %25 من استهلاك العالم من هذه المادة، فضلا عن أوروبا واليابان اللتين تعتبران ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم. دول الخليج تحولت إلى كتلة اقتصادية مهمة على الخارطة الاقتصادية العالمية في ظل التحوّلات القائمة والانتقال التدريجي الحاصل في القوّة الاقتصادية باتجاه الجنوب والشرق.
1004
| 05 مارس 2014
رغم المبالغ الضخمة التي أنفقت مقابل الحصول على بديل للنفط يغذي حضارة العالم الصناعي واحتياجاته من الطاقة والتي لا تشكل حاليا سوى 40% يمثل الفحم الحجري منها حوالي 30% أما المصادر الأخرى كالمفاعلات النووية والطاقة الشمسية والكهرومائية فستبقى حتى عام 2030 على حالتها كما هي اليوم لتشكل مع بعضها مجتمعة نسبة أقل من 10% من الطاقة المنتجة عالميا ومع تسارع وتيرة التطور العلمي والتكنولوجي تضاعفت حقول النفط المكتشفة في العالم وازدادت قدرتها الإنتاجية وبذلك أصبح النفط والغاز يشكلان سلعة إستراتيجية إلى يومنا هذا تمثل أكثر من 60% من مصادر الطاقة في العالم تمثل الأوبك منها نسبة 40% فإن تقديرات نشرتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية مؤخرا، أن أغلب إنتاج النفط الإضافي خلال الـ25 سنة القادمة سيأتي من دول الشرق الأوسط. ويؤكد تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية زيادة الطاقة الإنتاجية في الدول غير التابعة لمنظمة أوبك، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والبرازيل، وكندا. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة أن التقدم التكنولوجي في الولايات المتحدة الأمريكية في مجال استخراج النفط الصخري منح البلاد القدرة لأن تصبح أكبر منتج للنفط في عام 2015، وأن يتخطى حجم صادراتها حجم وارداتها بعد ذلك ببضع سنوات. ومع أن طلب بعض الدول الصناعية علي النفط قد تراجع قليلا.ولكن بالمقابل تزايد الطلب عليه من دول صناعية ناشئة مثل الصين والهند وبالتالي مازال يمثل العمود الفقري لإنتاج الطاقة التي تعتمد عليها الحياة الإنسانية برمتها رغم المحاولات الدؤوبة لإيجاد بدائل أخرى لإنتاج الطاقة بحيث بقي الاهتمام بسعره وتطوره موضع ومحط أنظار جميع الدول على اختلاف مستويات تطورها (الدول المتقدمة والدول حديثة التصنيع والدول الناشئة والدول النامية) وعلى اختلاف مكانتها النفطية (مصدرة للخام أو مستوردة للمشتقات). وبفعل العولمة الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري بين الدول وتزايد ارتباط الاقتصادات الإقليمية فيما بينها وتحرير أسواق الطاقة في العديد من الدول، تزايد عدد الداخلين والمؤثرين على سعر الخام، ولم يعد الاهتمام بتطور الأسعار محصوراً بصانعي القرار الرسميين في الدول المنتجة والمستهلكة أو الشركات الدولية بل أصبح ملايين المستهلكين بمن فيهم مستهلكو دول جنوب شرق آسيا يؤثرون ويتأثرون بتطور الطلب على النفط وأسعاره ناهيك عن المضاربات المالية التي تقوم بها مجموعات عديدة من المؤسسات المالية والأفراد من خلال عمليات بيع وشراء الخام (في السوق الآنية والآجلة) في البورصات العالمية.وبحسب تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، سيزيد الإنتاج النفطي لـ«الشرق الأوسط» بمقدار 10.1 مليون برميل يوميا، من معدله الحالي البالغ 25.4 برميل يوميا إلى 36.5 برميل يوميا في عام 2040. ويعد التقرير الجديد بمثابة دحض لتوقع الكثير من المحللين أن تفقد دول مجلس التعاون الخليجي تفوقها العالمي في مجال الطاقة، وعلى الأخص أن تفقد السعودية مركزها كمحدد أسعار النفط عالميا، لكن هذا الاستنتاج غير صحيح تماما.وعلى الرغم مما تواجهه هذه الدول من ضغوط إقليمية ودولية بسبب الطفرة المالية والاقتصادية، التي تشهدها فزيادة أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي تسبب في تنامي أطماع الدول الغنية والفقيرة على حد السواء من جهة وما يترتب عليها هي تجاه اقتصاداتها ومصير شعوبها. من جهة ثانية فلديها فرصة ذهبية من أجل إرساء بنية اقتصادية متينة ترسو بها إلى بر الأمان بشكل يمكن اقتصاداتها من الصمود أما أي هزة اقتصادية عالمية في المستقبل بشرط التأقلم مع ضغوط الغير وتوجيه الاستثمارات بشكل أكثر مردودية في المستقبل خاصة أنها تعلم علم اليقين أنها تمتلك ثروة آيلة للنضوب أو مهددة بإيجاد خيارات بديلة ووجود الكرة في مرماها قد يساعدها على تحقيق نقلة اقتصادية نوعية إن هي أحسنت استغلال الفرص بتحول الضغوط الموجهة إليها إلى فرص لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فتكون بذلك قد حققت للغير متطلباته ولشعوبها طموحها وهدفها فصحيح أن عائداتها تزايدت ولكن بالمقابل فأي خبير أو مسؤول غيور على مستقبل اقتصادات هذا الجزء من العالم. سيتفق معي في أن النهضة والديمومة يشترط فيها أمران أولهما وضع خريطة إقليمية للاستثمارات الصناعية على المستوى القومي بالشكل الذي يضمن ثقة المستثمرين في ضخ رؤوس الأموال الأجنبية وليس هجرة الأموال العربية إلى الخارج وأن تتعاون على وضع إستراتيجية صناعية جديدة تضمن جذب الاستثمارات الصناعية وتحقيق اندماج الصناعة العربية في الاقتصاد العالمي قد يمكنها هذا العامل من الحصول على يد عربية مكونة قادرة على الاكتفاء بنفسها والاستفادة من خبرات الغير كما يمكنها من جذب كم هائل من الخبرات العربية المهاجرة الماهرة والمدربة فتكون بهذا العامل قد أوجدت مجتمعا ناضجا قادرا على مواجهة التحديات المستقبلية أما العامل الثاني فيتفق مع الأول من حيث المردودية ويزيد عليه بتعويل شعوب هذه الدول أولا وباقي شعوب المنطقة ثانيا للعمل من أجل سد الفجوة الغذائية في الوطن العربي حيث تنفق هذه الدول نحو 20 مليار دولار سنويا أي بنسبة 65% لسد تلك الفجوة خاصة وأن الطلب على الغذاء ينمو بمعدل 6 % سنوياً في حين أن الإنتاج لا تزيد نسبة نموه على 2 : 3% فقط ومع ذلك فيبقى هذا الجانب إلى وقتنا هذا الحلقة الأضعف في المنطقة العربية وأكثر العوامل تهديدا لشعوب المنطقة خاصة بعد تصريحات أكثر من دولة منتجة لبعض المواد الأساسية بالتوقف عن تصديرها بغية توفير الاكتفاء الذاتي لشعوبها وبانتعاشه وتقديم التمويلات اللازمة للنهوض به تكون الدول التي عملت على تمويله قد أسهمت وبشكل فعال في النهوض بدول المنطقة.
1324
| 27 فبراير 2014
من سنن الله في خلقه أنه كلما احتضر نظام ما تجدد الحديث عن الخيارات البديلة حتى لا تتوقف عجلة النمو فتتحول مصائب النظام السابق إلى فوائد للأنظمة البديلة وهو أمر على المستوى الاقتصادي شاهدناه حين سيطرت الأنظمة الاقتصادية المتمثلة في النظامين الرأسمالي والاشتراكي وبعد مرور سبعة عقود من تطبيق الاشتراكية كان سقوطها خلال هذه الفترة الوجيزة ومعاناتها من نقاط ضعف كثيرة دليلا على عدم قدرتها على التطبيق فكان ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للرأس مالية حينها احتضرت الاشتراكية وبدأت الرأسمالية تدور في الفلك الاقتصادي العالمي منفردة متحصنة بسياسة العصا والجزرة والمتمثلة في: العصا (القوة العسكرية)، والجزرة (اقتصاد – سياسة – إعلام) وأساليب الاحتكار والعولمة ومنظمة التجارة العالمية كل ذلك بغية الديمومة، وشيء فشيء بدأت الرأسمالية تتوسع وتزدهر وبوتيرة متسارعة وبالمقابل تتراجع نظم الاشتراكية وتتلاشى حتى بقيت بالكاد شبه معدومة أو أن الدول التي بقيت تدور في فلكها حولت أنظمتها بفعل الضغوط الاقتصادية إلى مزيج بين الاثنين وعلى ما يبدو فإنه لا يمنع حذر من قدر فمع وصول النشاط المالي العالمي إلى نحو 600 تريليون دولار لا يخضع منها لرقابة السلطات المصرفية والبنوك المركزية في العالم إلا 150 تريليون دولار فقط؛ الأمر الذي وضع العالم أمام اقتصاد منفلت بصورة حادة خاصة في قطاع التمويل العقاري عن طريق الإقراض بلا ضوابط مما أدى إلى اندلاع الأزمة في هرم الرأسمالية وتفاقمها وتسربها لتشمل النظام الاقتصادي العالمي حينها بدأ الحديث عن الخيارات البديلة فكان اللافت للانتباه أن أزيد من 56 مؤسسة نقدية في أمريكا وأوروبا كانت هي الأقل تأثرا بالأزمة المالية إلى حد أن الأزمة لم تمسها بالأساس فقد كانت تعمل وفقا لنظام الصيرفة الإسلامية.ومع تزايد حدة الأزمة وعدم نجاعة خطط الإنقاذ وظهور قوى على الساحة مثل الصين واليابان ودول في جنوب شرق آسيا وتجدد الحديث هنا وهناك عن عالم متعدد الأقطاب ازداد الحديث عن الاقتصاد الإسلامي نظرا لثبات خطواته وقدرته على النمو بسرعة مطردة ففي الوقت الذي تغوص دول الغرب داخل رواكد الرأسمالية لانتشال ما أمكن انتشاله جراء الإعصار المالي كان قطاع البنوك الإسلامية يعيش نموا سريعا بلغ معدله 15% سنويا على مستوى العالم، و20% في بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي في الفترة الأخيرة. والأغرب من ذلك أن حوالي 300 بنك إسلامي في العالم الآن تقدر أموالها بـ 700 مليار دولار، ومن المنتظر أن تصل قيمة أموالها إلى تريليوني دولار في عام 2015. مرد هذا إلى أن نقاط الضعف التي تسرب منها داء الأزمة وتفشت منها العدوى هي نقاط قوة بالنسبة للاقتصاد الإسلامي فكون النظام الرأسمالي يقوم على اليد الخفية الهادفة إلى الربح بأي وسيلة في المقام الأول كان الاقتصاد الإسلامي قد وضع لذلك ضوابط في السابق فالربا مثلا محرم بالنصوص القرآنية كما نهى الإسلام عن المتاجرة بالديون ووضع الفقه الإسلامي ضوابط لمن يريد الاستدانة، وشيء فشيء شاع صيت الاقتصاد الإسلامي إلى درجة أنه يمكن أن يشكل مخرجا من الأزمة الراهنة، فحسب توصيات لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي ينبغي ضرورة الأخذ بنظام التمويل الإسلامي لتصويب أخطاء النظام المتبع ومع تزايد الحديث عن تجنب المنتجات المالية الإسلامية أساليب المضاربات وهو بالضبط ما يهدف إليه المشرعون في الحقبة الجديدة التي بدأنا بدخولها يزداد الحديث أيضا داخل مراكز القرار في الغرب عن مدى ثقة وقوة واستدامة النموذج المالي الإسلامي إلى درجة تلميح البعض أن المنتجات الإسلامية قد تقدم ملاذا آمنا في هذه المرحلة الحرجة الأمر الذي جعل الأمم المتحدة تستعين بخبرات البنك الإسلامي في أجندة التنمية لعام 2015.كشفت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة عن الأجندة الرئيسية لبرنامج التنمية لعام 2015، مشيرة إلى أنها تسلط الضوء على التحولات الاقتصادية، والقضايا الحكومية، وتنمية البنى التحتية، والحوكمة وحقوق الإنسان، والتباين التشريعي، ومع أن المستشارة بحثت مع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في جدة بالسعودية؛ كيفية توظيف الدور الذي تضطلع به المجموعة في تغذية أفكار أجندة المؤتمر الدولي المعني بتشكيل أجندة المنظمة الدولية لاستدامة التنمية في العالم بشكل عام، وفي إفريقيا بشكل خاص، ومع تشديدها على أهمية تكامل الجهود مع تجربة البنك الإسلامي بمناسبة الذكرى الألفية لأهداف المنظمة الدولية وفق الرؤى المخطط لها في عام 2020، وكيفية توظيفها في تحقيق الاكتفاء من الاحتياجات الملحة للتنمية المستدامة وترى وتدرك أن هناك بعدا وتراكما نوعيا من الخبرات التي يمكن جنيها من الدول الأعضاء في مجموعة البنك الإسلامي للاستفادة منها في كيفية تعميم عناصر التنمية المستدامة للدول الأكثر حاجة إليها فيما يتعلق بتخفيف وطأة الفقر والجوع وتعزيز الحوكمة ونشر التعليم، فضلا عن حقوق الإنسان بشكل عام.من هنا فإن على القائمين على ترويج التجربة الإسلامية أن يدركوا أن إصابة الرأسمالية حاليا لم تكن بقدر المستوى الذي كانت عليه الاشتراكية إبان تدهورها ولا نضج المنظومة الإسلامية حاليا بقدر نضج الرأسمالية أيام تدهور الاشتراكية ولم تكن النظرية الإسلامية بالمتقبلة في الغرب الرأسمالي الجريح حتى ولو كانت أوساطا غربية عدة ألمحت إلى إمكانية إيجاد آليات لدمج صيغ المعاملات الإسلامية ضمن النظام المالي الرأسمالي المعمول به حالياً وإذا كان البعض يرى أن الفرصة الآن سانحة أكثر من أي وقت مضى لكي يقدم الاقتصاد الإسلامي نفسه للعالم كله، ويقدم صورةً مثاليةً يراها الناس واضحةً خاليةً من كل هذه المشكلات التي خلَّفتها الأنظمة الاقتصادية المختلفة فعلينا ألا ننسى أيضا مدى قدرة الغرب على ليونة المواقف عند الحاجة وكراهيته للغير خصوصا ما يمت للإسلام بصله في الرخاء. وعلى القائمين على العمل المصرفي الإسلامي حاليا التأمل أكثر من التقدم خطوات إلى الغرب فواثق الخطوة في ظل الأزمات يمشي حذرا أكثر منه ملكا، والبلاء لا يهرول عنه ولكن لا يقدم عليه والزج بالاستثمارات الإسلامية حاليا في مستنقعات الرأسمالية الملوثة قد يعرضها للخطر بحكم الارتداد المتوقع للأزمة وبحكم قدرة المختبرات الغربية على الغربلة فتأخذ الثمرة المبتغاة وتحجب المعلومة التي أريد إرسالها عن المرسلة إليه وبالتالي فما ينبغي التركيز عليه حاليا بالدرجة الأولى هو العالم الإسلامي فلو قارنا بين عدد المسلمين المتعاملين بالبنوك التقليدية والإسلامية لوجدنا الفرق مازال شاسعا لا لشيء سوى أن الدعاية الإعلامية للمصارف الإسلامية موجهة إلى الغرب أكثر منها إلى 1.3 مليار نسمة من المسلمين الأمر الذي يجعل الضالة التي ننشدها ربما تكون قد بقيت خلفنا فالتجربة الإسلامية من الآن فصاعدا ستبقى محط أنظار الدول الغربية دون استثناء.
617
| 19 فبراير 2014
تشير كافة المعطيات والدلائل المتوفرة عن مشكلة البطالة في الوطن العربي إلى أن هذه المشكلة آخذة بالتفاقم عامًا بعد آخر، وفي ظل الهزات العنيفة التي يشهدها سوق العمل التقليدي بفعل ثورة المعلومات والاتصالات، وحيث أن معظم أنظمة التعليم والتدريب المهني خاصة في الوطن العربي لم تستجب بكفاءة لمتطلبات سوق العمل ومستجدات التقنيات المعلوماتية المتطورة فإن فرص تشغيل الشباب ستكون أكثر محدودية ، وبالرغم من أن الحكومات ما زالت هي القطاع الأساسي المستوعب للقوة العاملة، إلا أنه من الملاحظ انخفاض قدرة القطاع الحكومي على التشغيل . و يمكن مواجهة التحدي المتمثل في البطالة وخاصة بطالة الشباب باعتباره المتضرر الأول ويجب أن يكون المستهدف الأول وذلك باعتباره طاقة مهدرة يجب استغلالها فعلى الدول العربية أن تحذو حذو أخواتها التي استطاعت اجتياز معضلة البطالة فدولة مثل قطر استطاعت أن تسجل أقل معدل بطالة بين سكانها في العالم العربي بنسبة 0,5% خلال العام 2012، لتحل دولة الإمارات في المرتبة الثانية في انخفاض معدلات البطالة ، أي بنسبة 4,2%، وفقا لتقرير أصدره صندوق النقد العربي عن البطالة في الدول العربية وإذا قدر للدول العربية الأخرى أن تجتاز معضلة البطالة فلابد أن تتعامل مع النقاط التالية بقدر من الصرامة وهي : إعادة النظر بالسياسة التعليمية وبرامج التدريب والتأهيل بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل وكذلك تطوير مناهج التعليم الفني لملاءمة متطلبات العصر والعمل على محاربة النظرة الدنيوية للتعليم المهني والفني في المجتمعات العربية. تحسين الأداء الاقتصادي العربي، وتحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية، وإزالة القيود التنظيمية والقانونية التي تحول دون اجتذاب الأموال العربية في الخارج، ولا شك أن عودة هذه الأموال للاستثمار في الدول العربية سوف يساهم في كبح جماح مشكلة البطالة، ويساعد على توفير فرص عمل لا حصر لها للشباب العربي, وهناك تقديرات بأن الدول العربية عليها استثمار نحو 70 مليار دولار من أجل الحد من مشكلة البطالة والدول العربية مطالبة بتوفير نحو 100 مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة فقط وينبغي على الحكومات كذلك مساعدة العاملين على التكيف مع أية تغييرات في اقتصاد أكثر حيوية. التركيز على المشاريع المتوسطة والصغيرة ودعم برامج التشغيل حيث تكمن أهميتها في قدرة هذا القطاع على الإسهام الفعال في عملية التنمية وتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية منها دعم النمو الاقتصادي والازدهار وتنشيط العجلة الاقتصادية وتوفير فرص العمل ومضاعفة القيمة المضافة للناتج المحلي للاقتصاد وتعزيز سياسات مكافحة البطالة والحد من الفقر كما أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن مساهمة قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي العالمي تصل إلى حوالي 46في المائة وأن المشروعات القائمة في هذا القطاع تشكل نحو 80في المائة من حجم المشروعات العالمية كما تستحوذ على نحو 35في المائة من الصناعات اليدوية في العالم . تفعيل القطاع الخاص وترسيخ ثقافة العمل وضرورة ان يتحمل هذا القطاع مسؤوليته الاجتماعية والتنموية والضريبية. المساواة بين الإناث والذكور في الحصول على فرص لتحسين أوضاعهم المهنية لتحقيق المساواة والاستقرار داخل مكان العمل. تقديم القروض بشروط ميسرة وبما يتناسب مع المشاريع المراد إقامتها. تحسين أنظمة التقاعد المعمول بها في الدول العربية وبما يشجع على التقاعد المبكر. وأخيراً يمكن القول إن البطالة هي التحدي الأكبر للاقتصاديات العربية على وجه الخصوص, وأحسن الطرق للحد منها تفعيل السوق العربية المشتركة بما يضمن حرية انتقال العمالة ورؤوس الأموال وفي حال غيابها فإن هذه النقاط وغيرها لا يمكن أن تحقق بعض الأهداف المتوخاة منها إلا بشرط توفر الشفافية وعمل المزيد من الاهتمام والجدية والحزم من جانب المسؤولين والعاملين على حد السواء وستبقى حلولا جزئية بنتائج متواضعة تخضع لمبدأ العرض والطلب . كما تبرز أهمية إجراء دراسات ومسوح تقيس التوجهات المستقبلية لسوق العمل المحلي، العربي والعالمي. الأمر الذي يتطلب تفعيل دور وكالات تشغيل الشباب والتنسيق المستمر والدائم بين هذه الوكالات داخل الوطن العربي والعمل على ربط الشباب برجال الأعمال ومشاركة فعالة من كافة الفاعلين كالحكومات، أصحاب العمل والنقابات .
9574
| 29 يناير 2014
إن صح القول إن موجودات المصارف الإسلامية في قطر تضاعفت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية لتبلغ 195 مليار ريال نهاية عام 2012، فهذا يعني أن القطاع الفتي في نشأته مقارنة مع غيره المتين في أساسه المدعم بترسانة القوانين ذات المرجعية الإسلامية المحافظة على نموه بشكل يضمن له الربح والاستمرارية في وقت تتداعى فيه الاقتصادات المنفتحة على فيروسات الرأسمالية سيجعل الدولة الصاعدة مستقبلا بمثابة قبلة الاقتصاد الإسلامي الذي ينظر إليه العديد من المراقبين على أنه قد يصبح البديل الأوفر حظا للبنوك التقليدية. فميلاد أول فكرة للصيرفة الإسلامية في الستينيات من القرن الماضي وتقنينها إبان انعقاد مجمع البحوث الإسلامية بجدة عام 1965 بعد إعلانه الشهير "أن الفوائد كلها من الربا المحرم"، حيث تم الاتفاق على ميلاد أول بنك إسلامي وهو البنك الإسلامي للتنمية الذي باشر أعماله فعلياً عام 1975 وذلك لتقديم التمويل للمشروعات في الدول الأعضاء، وبنك دبي الإسلامي في ذات العام، ثم بنك فيصل الإسلامي المصري عام 1976.ولعل نجاح هذه الأفكار وتطويرها ارتقى بالصيرفة الإسلامية من مرحلة إثبات الوجود وجذب الزبائن إلى المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية في البلدان التي تحظى بالاستثمارات الممولة من طرف البنوك الإسلامية ومن ثم مرحلة النضج المبكر المبني على تحسين جودة الخدمات والسعي وراء التخصص وابتكار منتجات جديدة بتكلفة أقل، مما أهل قطاع البنوك الإسلامية للنمو بسرعة بلغت 15 % سنويا على مستوى العالم، و20% في بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي في الفترة الأخيرة، ويقدر خبراء مصرفيون أن الصيرفة الإسلامية حققت انتشاراً كبيراً خلال العشرين عاماً الماضية، وهناك ما يقارب 400 مصرف تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية، ويبلغ حجم تداولاتها 2 تريليون دولار تقريباً في 80 دولة حول العالم. وزاد حجم التمويل بالصكوك الشرعية في العالم العام الماضي بأكثر من 50 في المئة، لتصل قيمتها إلى 130 بليون دولار، متوقعين أن يصل بحلول عام 2015 ما يقارب 2.1 ترليون بنسبة نمو 30 في المئة. والأغرب من ذلك أن حوالي 300 بنك إسلامي في العالم الآن تقدر أموالها بـ 700 مليار دولار، ومن المنتظر أن تصل قيمة أموالها إلى تريليون دولار في هذا العام، ومع تعمق الخسائر المالية التي تعيشها البنوك التقليدية جراء الأزمة المالية العالمية ووقوفها مكتوفة الأيدي أمام حلول ناجعة وقدرة البنوك الإسلامية في الوقت ذاته على تجاوز تلك العقبات، بل وإصلاح الخلل، سواء من خلال الاستثمار المبني على التشريع الإسلامي أو من خلال إصلاح الأنظمة المالية التقليدية بإدخال التشريعات الضرورية المبنية على الشريعة الإسلامية، الأمر الذي فتح أعين الممولين والمستثمرين في أنحاء العالم على مدى قدرة هذا القطاع على التطور والاستمرارية، ولعل استعداد دول غربية من أرباب الرأسمالية في الوقت نفسه للترويج والمساهمة في رأسمال البنوك الإسلامية يدفع إلى التساؤل عن دوافع الرغبة والاستعداد الذي تبديه الدول الغربية للاستثمارات الإسلامية؟ وما المطلوب من العالم الإسلامي في الوقت الراهن للرقي بالصيرفة الإسلامية نحو المستوى المأمول؟ليس مستغربا أن تتحرك الدول الغربية لاستعطاف ومغازلة المصارف الإسلامية، ولا حتى إظهار التشجيع والاستدراج لها، سواء بالمشاركة في رأس المال أو عمل التشريعات والتسهيلات المناسبة لجذب النظام الذي ترى لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي مثلا أنه تنبغي ضرورة الأخذ به لتصويب أخطاء النظام الرأسمالي المتعثر، فالدول الغربية في الوقت الراهن تنظر إلى البنوك الإسلامية بزاويتين مختلفتين، فمن جهة تزايد الحديث داخل مراكز القرار في الغرب عن مدى ثقة وقوة واستدامة النموذج المالي الإسلامي إلى درجة تلميح البعض أن المنتجات الإسلامية قد تقدم ملاذا آمنا في هذه المرحلة الحرجة بالذات، بدليل أن أكثر من 56 مؤسسة نقدية في أمريكا وأوروبا كانت هي الأقل تأثرا بالأزمة المالية، إلى حد أن الأزمة لم تمسها بالأساس، تعمل وفقا لنظام الصيرفة الإسلامية وبالتالي فالقبول بتهيئة كل الظروف الملائمة وبأقل ما يمكن من العراقيل لتوسع الصيرفة الإسلامية يعني السبق بالدرجة الأولى لقطاع مهم قد يحتل حيزا كبيرا من الكعكة الاقتصادية العالمية بعد الوعكة التي ألمت بقطاع البنوك التقليدية، وثانيا يسهل على المشرعين إيجاد آليات لدمج صيغ المعاملات الإسلامية ضمن النظام المالي الرأسمالي المعمول به حالياً، مما يسهل تصحيح العديد من المفاهيم الرأسمالية المبنية على الفوائد الربوية والإقراض بلا ضوابط، ومن جهة ثانية فإن احتياج الدول الغربية إلى الاستثمار، وخاصة الاستثمارات الإسلامية، لكون البنوك الإسلامية هي الوحيدة التي لم تتأثر بشكل مباشر من الأزمة المالية الحالية من جهة والنظر إلى الكتلة المالية الإسلامية على أنها كتلة معتبرة ستتمركز في أحد الأقطاب بعد تشكل الخارطة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فالترحيب بها واجتذابها سواء بالشراكة أو لتصحيح المفاهيم الرأسمالية قد يعين الدول الغربية على طمأنة اقتصادها في وجه التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. إذا كانت المصارف الإسلامية نفسها تتحرك بنفس الديناميكية نحو الغرب وتبدي نفس الرغبة التي تبديها الدول الغربية لاجتذابها بحثا عن الزبون وهو أمر طبيعي لكون مصائب البنوك التقليدية تحولت إلى فوائد للبنوك الإسلامية وبالتالي شكلت لها دفعة قوية رفعتها من حالة النضج إلى وضعية العالمية، في وقت ما زال عدد المسلمين المتعاملين بالبنوك الإسلامية شبه معدوم مقارنة بعدد المسلمين المتعاملين بالبنوك التقليدية، وهو أمر ينبغي على الدول الإسلامية النظر فيه لتوسع نطاق البنوك الإسلامية داخل أراضيها من جهة وعلى البنوك الإسلامية بالمقابل عدم تجاهل أكثر من 1.3 مليار نسمة من المسلمين لا مانع لديهم من التعامل مع البنوك الإسلامية، لكن درجة التحسيس التي تقوم بها المصارف الإسلامية داخل الأوساط الغربية ضئيلة مقارنة مع التحسيس داخل الدول الإسلامية.
1351
| 22 يناير 2014
تحظى السياحة بمكانة مهمة ضمن قطاع الخدمات في عدد كبير من الدول، ومنها الدول الإسلامية، كما تدل على ذلك نسبة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، وما تدره من عملات أجنبية وتولده من فرص عمل ذات مردودية وإذا كانت المتغيرات التي طرأت على الساحة العالمية مؤخرا قد ساهمت بشكل أو بآخر في ثني أعداد كبيرة من السياح سواء داخل الوطن العربي أو داخل العالم الإسلامي إلى استبدال الوجهة المفضلة لديهم أصلا بالبقاء داخل فلك الدول الإسلامية وإذا كانت السياحة حققت للدول التي تعمل على صناعتها مكاسب لا يستهان بها فتطور مفهومها لتشمل السياحة الدينية والعلاجية وسياحة الاستجمام والسياحة الرياضية، والثقافية والفنية، وسياحة المؤتمرات والمهرجانات، مما جعل هذا القطاع قادرا على استيعاب 279 مليون فرصة عمل حول العالم بحلول عام 2018 وقد يحقق عوائد تفوق 15 تريليون دولار في وقت تصل حجم العوائد فيه حالياً إلى 8 تريليونات دولار، تقدر حصة الوطن العربي منها بحوالي 750 ألف وظيفة حاليا وأزيد من مليوني وظيفة خلال العشرة أعوام المقبلة، وهي نسبة بمقدور الدول الإسلامية الرفع منها في المستقبل، فإكراهات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ومستجدات الساحة العربية وكون السياحة أصبحت جزءا من ثقافة السائح الغربي في وقت لم يكن بمقدوره دفع ما يترتب عليها في الغرب وبحثه عن خيارات بديلة، قد يجعل العالم الإسلامي الوجهة المفضلة لديه، نظرا لما يشمله من عوامل الجذب للسياح لا تتوفر لأماكن عديدة في العالم. فهل يعني ذلك أن المتغيرات الجديدة ستفتح أعين السائح العربي والإسلامي الذي يركض إلى الغرب تاركا خلفه كتلة سياحية رئيسية مرشحة لتكون مركز الجذب الأول على خريطة السياحة العالمية حتى أن الكثيرين يعتبرونها متحفا حيا لم يستغل بعد، وأرضا بكرا لم يكتشف بعد مخزونها الحقيقي من إرث تاريخي وثقافي وفلكلوري وخصائص الروعة والجمال والمناظر السحرية الخلابة والبديعة والآثار التاريخية التي يمتد عمرها إلى عشرات القرون من جهة، وهل ستنتهز الشعوب العربية والإسلامية بالمقابل فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي الربط بين عناصر الجذب السياحي في كل دولة والخدمات السياحية المقدمة، والعمل على تطوير عناصر الجذب السياحي الحالية واكتشاف عناصر جذب سياحية جديدة في الدول الإسلامية، وبصفة خاصة في الدول ذات الإنفاق الاستثماري الكبير على الخدمات السياحية مثل الفنادق، والمطاعم السياحية وغيرها.فعلى الرغم من التشابه الكبير للهياكل الإنتاجية للدول الإسلامية، إلا أن الموارد والأنشطة السياحية هي من أوضح الأمثلة على التنوع الكبير في الموارد الإنتاجية والطاقات والإمكانات المتوافرة للعالم الإسلامي. فالاتساع الجغرافي الكبير للأمة الإسلامية جعلها تغطي جزءاً مهماً وحيوياً من المعمورة، وتضم موارد سياحية ثقافية وطبيعية متنوعة في إطار توحد القيم الإسلامية الرئيسة.ومع اعتماد عدد كبير من الدول الإسلامية على السياحة كمصدر مهم وأساسي للصرف الأجنبي، وبالنظر إلى إنفاق السياح في الدول الإسلامية خلال العقد الماضي يلحظ أن هناك دولاً حققت مستويات مرتفعة للإنفاق السياحي بالمقارنة بغيرها من الدول الإسلامية، مثل: تركيا، وماليزيا، ومصر، والسعودية ، حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (13203) ملايين دولار، (6799) مليون دولار، (4704) ملايين دولار و(3418) مليون دولار على الترتيب. هناك دول حققت مستويات ضئيلة نسبياً مثل: ألبانيا، وكازاخستان، والبحرين؛ حيث بلغ الإنفاق السياحي في تلك الدول نحو (537) مليون دولار، (638) مليون دولار، و(985) مليون دولار على الترتيب، كذلك كانت هناك دول قل فيها الإنفاق السياحي عن (500) مليون دولار. ويستشف من ذلك وجود تفاوت كبير في الإنفاق السياحي في الدول الإسلامية، حيث يعتمد ذلك على توافر الإمكانات السياحية في هذه الدول وحسن استغلالها للأغراض السياحية. وإذا فرضنا أن العوامل الجديدة تعتبر عوامل إيجابية بالنسبة للعالم الإسلامي والتنوع الذي طرأ على الخدمات السياحية موجه لكل الفئات والأعمار وأن فرص تحقيق التعاون السياحي بين الدول الإسلامية تزيد مع تبني حكومات هذه الدول سياسات وطنية ومحلية لتنمية قطاعات السياحة فيها؛ حيث سيؤدي ذلك بشكل تلقائي ومع مرور الوقت إلى تقليل الفوارق في مستوى التنمية السياحية بين الدول الإسلامية، وبالتالي تعزيز وتنويع فرص التعاون بينها. فهل يكون هناك تعاون واضح بين الدول الإسلامية للارتقاء بأداء القطاع السياحي، بما ينعكس إيجابياً على مردودها الاقتصادي من ناحية، وزيادة أواصر التعاون الاقتصادي الشامل بين الدول الإسلامية من ناحية أخرى؟
1478
| 08 يناير 2014
توحي ملامح السنة الجديدة رغم تشابك الاقتصاد العالمي وضبابية المشهد ظهور ملامح الاستقرار في النصف الأول من هذه السنة فتزايد الضغوط على بعض الاقتصادات وتجليات الانتعاش لدى البعض الآخر أمور تجعل الجزم أو التكهن بحقيقة ما يجري أبعد حقيقة من التصور وما يهمنا في هذا المقال هو قراءة الصورة الأولية لمعرفة مدى أبعاد ذلك الاستقرار هشاشته استمراريته مدى دوران عجلة الاقتصاد العالمية المطبات التي تواجهها ملامح اقتصاد ما بعد الأزمة العالمية المجموعات الدولية أو التكتلات الاقتصادية الجديدة إن صح التعبير التي أفرزتها الأزمة العالمية هل هو كلي أم أجزئ هل هو تحول من الغرب الذي استحوذ على الكعكة الاقتصادية العالمية منذ عدة عقود إلى الشرق الذي بدأت معالم الرفاهية ترتسم نموه وهي قراءة تستوجب منا أولا أن نقسم المجموعة الدولية إلى أقسام ثلاثة مجموعة تمتلك القسط الأوفر من رأس المال العالمي من حيث الصناعات الثقيلة وجودة المنتجات وهي مصدر الأزمة ومنها انطلقت الشرارة الأولى وهي المصدر الأول لباقي اقتصادات العالم أما المجموعة الثانية والمعروفة باسم الاقتصادات الناشئة التي استطاعت أن تجذب الجزء الأوفر من رأس المال العالمي بحكم توفر اليد العاملة والبنى التحتية الكفيلة بنهوض الصناعة والتجارة وتوفر السيولة وربما تكن الأزمة العالمية بادرة خير بالنسبة لها ومجموعة ثالثة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك تنتعش بانتعاش الاقتصاد العالمي وتتضرر بتضرره اقتصاداتها هشة ورغبتها في التمويل بلا حدود ولو انطلقنا من المجموعة الأولى لوجدنا أن ما يجري حقيقة هو أن الاقتصاد الأمريكي والأوربي اللذين يرتبطان إلى حد كبير ويتشابكان في كثير من النقاط الجوهرية تبدو مسألة الانتعاش من عدمه مربوطة بقدر التشابك الذي يربط المؤسسات المالية والاقتصادية لدى القطبين بمعنى أن الاقتصاد الأمريكي (مصدر الأزمة) الذي يشكل ربع الاقتصاد العالمي ورأس الحربة فيه بتأثره بدت علامات الإعياء جلية على الاقتصاد الأوروبي وبتجاوز الأزمة حدود الاقتصاد الأمريكي كان أول من دخل مرحلة الركود هو الاقتصاد الأوروبي وبالتالي فكل المراقبين مجمعون على أن مصدر الأزمة ومصدرها هو الولايات المتحدة وبإقرار منها وعليه فإن إصابة اقتصادها إصابة من الدرجة الأولى وإصابة الاقتصاد الأوربي إصابة من الدرجة الثانية وعليه فنهوض الاقتصاد الأوربي لا يعني بالضرورة تعافي الاقتصاد الأمريكي والعكس ليس بصحيح فالاقتصادات الأوربية رغم أن الأزمة ضربت نفس المؤسسات الشبيهة بالمؤسسات التي ضربت في الاقتصاد الأمريكي إلا أن الإصابة مختلفة تماما فتأثر المؤسسات الأمريكية مرجعه هو انتهاك حرمة القواعد الأساسية والتساهل مع الانتهاكات وتراكم الأمراض الاقتصادية المزمنة من جهة وزيادة العجز في الموازنة وتراكم الديون من جهة ثانية حيث وصل العجز في ميزانية الولايات المتحدة تراجعا ملفتا خلال العام 2013 إذ بلغ أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية عام 2008 حيث تراجع بنسبة 37,5% إلى 680,3 مليار دولار ليتدنى لأول مرة منذ وهذا المجهود المالي الذي يسجل على خلفية مأزق سياسي وخطة تقشف قسرية في الولايات المتحدة، غير مسبوق منذ 45 عاما وهو يتخطى توقعات البيت الأبيض التي كانت تراهن على عجز بنسبة 6,0%. فضلا عن ضخامة الديون الرسمية والفردية فالحكومة الفدرالية تنفق حوالي (400) مليار دولار سنوياً زيادة عمّا تجبيه من عائدات، وهو الأمر الذي أدى إلى تراكم الدين الفيدرالي ليصبح وحده فقط حتى العام 2007 حوالي 9 تريليونات دولار مقارنة مع 8,3 تريليون دولار في 2006 وقد وصل خلال السنة المنصرمة إلى أزيد من 16 تريليونا وعليه فإن الثغرات التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي تتفق من حيث الشكل مع ثغرات الاقتصاد الأوروبي ولكن عمقها يختلف كليا عن ثغرات الاقتصاد الأوروبي من حيث تجذر الإصابة وعمق الشروخ مقارنة مع الاقتصاد الأوروبي ومن هنا فإن الحوافز المالية التي تم ضخها في الاقتصاد العالمي وسياسات التقشف التي انتهجتها الحكومات إبان الأزمة العالمية بغية الحد من تداعياتها أعانت الاقتصاد بشكل كلي ومع ذلك فالتباطؤ تارة والاستقرار تارة أخرى سيرافق الاقتصاد الأمريكي بينما ستنهض الاقتصادات الأوروبية بشكل متفاوت حسب عدم تشابكها بالاقتصاد الأمريكي ومدى قدرتها على زيادة النمو ولو بسرعات متفاوتة ولعل من بين الشواهد على ذلك هو ارتفاع معدلات البطالة ففي الوقت الذي وصل فيه معدل البطالة في الولايات المتحدة 9.8% خلال أغسطس الماضي، بارتفاع نسبته 3.6% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق وصل معدل البطالة في منطقة اليورو 9.6% وبارتفاع نسبته 0.1% مقارنة بيوليو الماضي، وبنسبة 2% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي وهو ما مفاده أن النسبة في الأولى تتزايد بينما تتناقص في الثانية على عكس المجموعة الثانية التي شهدت تباطؤا بفعل هزات الأزمة المالية ولكنها لم تلبث كثيرا حتى عادت وتيرة النمو لما كانت عليه فبالنظر إلى الاقتصاد الصيني كمثال على المجموعة الثانية والذي تأثر جراء الأزمة وتباطأت وتيرة النمو من حدود 10% قبل الأزمة إلى 7% ذروة الأزمة ثم عادة وتيرة النمو لتصل إلى 8.9% في الربع الثالث من 2009 وبنسبة 7.9% فقد وصل خلال العام 2013 ما نسبته 7.6 % وهو ما يزيد قليلاً عن المستوى الذي تستهدفه الحكومة البالغ 7.5 %، فحتى وإن كان منخفضا بشكل طفيف عن المستوى المسجل في 2009، الذي بلغ 7.9 % ولكنه مع ذلك يحافظ على تعويض التباطؤ . ونفس الشيء بالنسبة للاقتصادات الآسيوية التي استطاعت أن تحقق نموا اقتصاديا شهد زيادة كبيرة عن المعدل الذي تم تسجيله في نفس الفترة من العام الماضي، وبلغت نسبته 6.4% ولعل المتأمل جيدا يرى ويدرك أن المجموعة الأولى ممثلة في اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصادات المتشابكة معها ستبقى في وضعية شبه مستقرة خلال النصف الأول من العام الجديد فيما سيعرف باقي اقتصادات المجموعة الأولى نموا متباطئا بينما ستحافظ المجموعة الثانية على نموها طيلة العام الجديد أما المجموعة الثالثة (الاقتصادات المتذبذبة أوغير المصنفة) فبحكم محاولتها الاعتماد على مواردها ستشهد الاستقرار .
646
| 02 يناير 2014
حين تتصارح المجموعة الدولية مع ذاتها وتقدر حجم الخسائر والأضرار التي خلفتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي نعيش تداعياتها وتنتهج الطريق الفعلي المؤدي إلي إصلاح النظام المالي العالمي لا بد وأن تمر بخطوات موجعة فالسبب الكامن وراء فداحة الخسائر وطول مدة الأزمة وبقاء مؤسسات بذاتها أثرا بعد عين واندماج أخري رغبة في الديمومة وانتقال تأثيرها «المدمر» من القطاع المالي والمصرفي إلى الاقتصاد بشكل واسع، الذي ما كان له أن يتأثر لولا طول أمد التقاضي عن تلك الانتهاكات التي سادت أسواق المال منذ وقت ليس بالقصير و التساهل مع الممارسات غير المسئولة للقائمين على القطاع المالي بهدف الحصول على "مكافآت كبيرة "والتفنن في إخفاء الأموال عن مسئولي الضرائب و عمليات التهرب الضريبي وغسيل الأموال . وإذا كان إصلاح أو تلافي النظام المالي العالمي أمر في منتها الأهمية سواء بوضع قواعد جديدة للتسيير والرقابة والتشدد في الخروقات التي هي أصلا مكمن الخطأ أو النظر في الأسباب الكامنة وراء التدهور السريع الذي عاشته أسواق المال العالمية نتيجة الخروقات والتجاوزات والانتهاكات الصريحة لقواعد النظام المالي السائد أو بالقبول بالمستجدات الدولية الراهنة سواء منها ما يتعلق بالاقتصادات الناشئة والتي أصبح لها دور لا يمكن تجاهله أو التلاعب بمدى أهميته وتقويض قيمته على مستوى الاقتصاد العالمي أو المتعلق منها بالاقتصاد الأمريكي الذي أحكم قبضته على الاقتصاد العالمي منذ وقت ليس بالقصير والذي أصبح المصدر الوحيد للعديد من الأزمات العالمية وبالخصوص الاقتصادية والساعي إلى عدم الانتقاص من قيمة عملته في وقت لم يبق لائقا بها أن تبقى في المكانة التي تبوأها الدولار من قبل فعلى الرغم من بوادر الانتعاش التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتي يجري الحديث عنها بشكل مستمر ومع ذلك فمادامت لغة المجاملات تسود على لغة المصارحة أثناء القمم ولغة التعامي عن مكمن الخطأ تسود على لغة وضع الإصبع على مكمنه داخل القطر الواحد فإن أي تحرك لإصلاح المؤسسات المالية سيكون الطريق إليه مقرونا بتقليب المصلحة العليا على المصلحة الشخصية فإصلاح المؤسسات المالية ينبع أولا من كل دولة على حدة فمراقبة مؤسساتها المالية والحرص على إيقاف مارثون الفوضى الذي ساد البنوك منذ بداية العقد المنصرم ومراجعة قواعد القرض لديها وإرسائها على قواعد تسمح للمقرضين بالحد الذي يمكنهم من سداد قروضهم كما تسمح للمؤسسات بنيل ما أقرضته بطرق ميسورة وليست أعباء مالية جزافية أجبرت المقرض مدى الحاجة على طلبها ووجدت المؤسسات المالية الفرصة لإرباكه بديونها وعدم الخلاص منها كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات التأمين التي هي الأخرى أصبحت في العديد من البلدان عرضة للنهب من طرف المتحايلين على التأمين هذا من جهة ومن جهة أخري فإن مواجهة أجهزة القطر الواحد للمتنفذين والمنتهكين لحرمة القانون والمتلاعبين بالقواعد والممتلكات الخاصة والعامة وكذلك توفير رجال السلطة الحماية اللازمة لسماسرة المؤسسات المالية مقابل امتيازات معتبرة ومكافأة الممولين لرؤساء مؤسساتهم نظرا لنجاحهم في الخروقات التي نجحوا فيها كلها أمور تجعل رأس المال مرفق بالعديد من الشبهات وهو قيض من فيض تتفق فيه مجمل دول العالم فإن أحكمت الدولة الواحدة قبضتها على مؤسساتها وتم تسييرها بشكل معقلن يسمح للمؤسسات الاستفادة وتحمي الدولة المواطن من نهم وجشع المؤسسات المالية الساعية إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح وفي أقصر الآجال وتبدي القدر الكافي من التعاون مع المجموعة الدولية في محاربة الخروقات العابرة للحدود والقارات سواء منها ما يتعلق بتبييض الأموال أو التهرب الضريبي وغيرها من الأمور التي أصبحت تثقل كاهل الاقتصاد العالمي ومهيأة لإشعال فتيل الأزمة في أي وقت ممكن فالعافية التي يكثر الحديث عنها لا تعدو كونها جمرا فوقه رماد فالمؤسسات المالية تبدي تعافيا بفضل التحفيزات المالية ولكن في الواقع مازالت بوادر الركود قائمة وإن تراجعت العافية التي يشهدها الاقتصاد العلمي فستخرج الأمور عن السيطرة كليا.
598
| 13 نوفمبر 2013
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1392
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
786
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
732
| 14 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
603
| 18 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
585
| 18 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
570
| 15 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
564
| 15 سبتمبر 2025
حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...
552
| 14 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
525
| 16 سبتمبر 2025
في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان...
495
| 14 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
480
| 18 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية