رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
توحي ملامح السنة الجديدة رغم تشابك الاقتصاد العالمي وضبابية المشهد ظهور ملامح الاستقرار في النصف الأول من هذه السنة فتزايد الضغوط على بعض الاقتصادات وتجليات الانتعاش لدى البعض الآخر أمور تجعل الجزم أو التكهن بحقيقة ما يجري أبعد حقيقة من التصور وما يهمنا في هذا المقال هو قراءة الصورة الأولية لمعرفة مدى أبعاد ذلك الاستقرار هشاشته استمراريته مدى دوران عجلة الاقتصاد العالمية المطبات التي تواجهها ملامح اقتصاد ما بعد الأزمة العالمية المجموعات الدولية أو التكتلات الاقتصادية الجديدة إن صح التعبير التي أفرزتها الأزمة العالمية هل هو كلي أم أجزئ هل هو تحول من الغرب الذي استحوذ على الكعكة الاقتصادية العالمية منذ عدة عقود إلى الشرق الذي بدأت معالم الرفاهية ترتسم نموه وهي قراءة تستوجب منا أولا أن نقسم المجموعة الدولية إلى أقسام ثلاثة مجموعة تمتلك القسط الأوفر من رأس المال العالمي من حيث الصناعات الثقيلة وجودة المنتجات وهي مصدر الأزمة ومنها انطلقت الشرارة الأولى وهي المصدر الأول لباقي اقتصادات العالم أما المجموعة الثانية والمعروفة باسم الاقتصادات الناشئة التي استطاعت أن تجذب الجزء الأوفر من رأس المال العالمي بحكم توفر اليد العاملة والبنى التحتية الكفيلة بنهوض الصناعة والتجارة وتوفر السيولة وربما تكن الأزمة العالمية بادرة خير بالنسبة لها ومجموعة ثالثة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك تنتعش بانتعاش الاقتصاد العالمي وتتضرر بتضرره اقتصاداتها هشة ورغبتها في التمويل بلا حدود ولو انطلقنا من المجموعة الأولى لوجدنا أن ما يجري حقيقة هو أن الاقتصاد الأمريكي والأوربي اللذين يرتبطان إلى حد كبير ويتشابكان في كثير من النقاط الجوهرية تبدو مسألة الانتعاش من عدمه مربوطة بقدر التشابك الذي يربط المؤسسات المالية والاقتصادية لدى القطبين بمعنى أن الاقتصاد الأمريكي (مصدر الأزمة) الذي يشكل ربع الاقتصاد العالمي ورأس الحربة فيه بتأثره بدت علامات الإعياء جلية على الاقتصاد الأوروبي وبتجاوز الأزمة حدود الاقتصاد الأمريكي كان أول من دخل مرحلة الركود هو الاقتصاد الأوروبي وبالتالي فكل المراقبين مجمعون على أن مصدر الأزمة ومصدرها هو الولايات المتحدة وبإقرار منها وعليه فإن إصابة اقتصادها إصابة من الدرجة الأولى وإصابة الاقتصاد الأوربي إصابة من الدرجة الثانية وعليه فنهوض الاقتصاد الأوربي لا يعني بالضرورة تعافي الاقتصاد الأمريكي والعكس ليس بصحيح فالاقتصادات الأوربية رغم أن الأزمة ضربت نفس المؤسسات الشبيهة بالمؤسسات التي ضربت في الاقتصاد الأمريكي إلا أن الإصابة مختلفة تماما فتأثر المؤسسات الأمريكية مرجعه هو انتهاك حرمة القواعد الأساسية والتساهل مع الانتهاكات وتراكم الأمراض الاقتصادية المزمنة من جهة وزيادة العجز في الموازنة وتراكم الديون من جهة ثانية حيث وصل العجز في ميزانية الولايات المتحدة تراجعا ملفتا خلال العام 2013 إذ بلغ أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية عام 2008 حيث تراجع بنسبة 37,5% إلى 680,3 مليار دولار ليتدنى لأول مرة منذ وهذا المجهود المالي الذي يسجل على خلفية مأزق سياسي وخطة تقشف قسرية في الولايات المتحدة، غير مسبوق منذ 45 عاما وهو يتخطى توقعات البيت الأبيض التي كانت تراهن على عجز بنسبة 6,0%. فضلا عن ضخامة الديون الرسمية والفردية فالحكومة الفدرالية تنفق حوالي (400) مليار دولار سنوياً زيادة عمّا تجبيه من عائدات، وهو الأمر الذي أدى إلى تراكم الدين الفيدرالي ليصبح وحده فقط حتى العام 2007 حوالي 9 تريليونات دولار مقارنة مع 8,3 تريليون دولار في 2006 وقد وصل خلال السنة المنصرمة إلى أزيد من 16 تريليونا وعليه فإن الثغرات التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي تتفق من حيث الشكل مع ثغرات الاقتصاد الأوروبي ولكن عمقها يختلف كليا عن ثغرات الاقتصاد الأوروبي من حيث تجذر الإصابة وعمق الشروخ مقارنة مع الاقتصاد الأوروبي ومن هنا فإن الحوافز المالية التي تم ضخها في الاقتصاد العالمي وسياسات التقشف التي انتهجتها الحكومات إبان الأزمة العالمية بغية الحد من تداعياتها أعانت الاقتصاد بشكل كلي ومع ذلك فالتباطؤ تارة والاستقرار تارة أخرى سيرافق الاقتصاد الأمريكي بينما ستنهض الاقتصادات الأوروبية بشكل متفاوت حسب عدم تشابكها بالاقتصاد الأمريكي ومدى قدرتها على زيادة النمو ولو بسرعات متفاوتة ولعل من بين الشواهد على ذلك هو ارتفاع معدلات البطالة ففي الوقت الذي وصل فيه معدل البطالة في الولايات المتحدة 9.8% خلال أغسطس الماضي، بارتفاع نسبته 3.6% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق وصل معدل البطالة في منطقة اليورو 9.6% وبارتفاع نسبته 0.1% مقارنة بيوليو الماضي، وبنسبة 2% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي وهو ما مفاده أن النسبة في الأولى تتزايد بينما تتناقص في الثانية على عكس المجموعة الثانية التي شهدت تباطؤا بفعل هزات الأزمة المالية ولكنها لم تلبث كثيرا حتى عادت وتيرة النمو لما كانت عليه فبالنظر إلى الاقتصاد الصيني كمثال على المجموعة الثانية والذي تأثر جراء الأزمة وتباطأت وتيرة النمو من حدود 10% قبل الأزمة إلى 7% ذروة الأزمة ثم عادة وتيرة النمو لتصل إلى 8.9% في الربع الثالث من 2009 وبنسبة 7.9% فقد وصل خلال العام 2013 ما نسبته 7.6 % وهو ما يزيد قليلاً عن المستوى الذي تستهدفه الحكومة البالغ 7.5 %، فحتى وإن كان منخفضا بشكل طفيف عن المستوى المسجل في 2009، الذي بلغ 7.9 % ولكنه مع ذلك يحافظ على تعويض التباطؤ . ونفس الشيء بالنسبة للاقتصادات الآسيوية التي استطاعت أن تحقق نموا اقتصاديا شهد زيادة كبيرة عن المعدل الذي تم تسجيله في نفس الفترة من العام الماضي، وبلغت نسبته 6.4% ولعل المتأمل جيدا يرى ويدرك أن المجموعة الأولى ممثلة في اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصادات المتشابكة معها ستبقى في وضعية شبه مستقرة خلال النصف الأول من العام الجديد فيما سيعرف باقي اقتصادات المجموعة الأولى نموا متباطئا بينما ستحافظ المجموعة الثانية على نموها طيلة العام الجديد أما المجموعة الثالثة (الاقتصادات المتذبذبة أوغير المصنفة) فبحكم محاولتها الاعتماد على مواردها ستشهد الاستقرار .
تحولت الطائرات المُسيرة بالريموت كنترول من لعبة صغيرة بريئة يلهو بها الأطفال ويستمتعون بها وهي تطير من مكان... اقرأ المزيد
147
| 07 أكتوبر 2025
من أسمى الإدراكات التي يمكن أن يبلغها امرؤ في يوم ما، أن يُدرك أن الاستغناء سيادةٌ تتجلّى حين... اقرأ المزيد
240
| 07 أكتوبر 2025
تقول مرآة السيارة: الأجسام المرئية على المرآة ليست على المسافات أو من الأبعاد الحقيقية.. كما هو الحال مع... اقرأ المزيد
123
| 07 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5253
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
2481
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
1983
| 05 أكتوبر 2025