رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعاني الاقتصاد الكويتي من ظاهرة حصوله على ترتيب غير مقنع في العديد من المؤشرات الدولية. بالطبع ليس من المناسب توجيه الاتهامات للجهات المعدة للتقارير بوجود مخطط لها ضد الكويت في ظل تمتع بعضها بصيت عالمي. بل ليس من الخطأ إلقاء اللوم على الأداء غير المقنع على الأقل بشكل جزئي على العلاقة المتوترة بين السلطة التشريعية المنتخبة والسلطة التنفيذية المعينة. وخير دليل على ذلك إقرار هيئة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية في شهر مايو الماضي بإلزام الحكومة الكويتية دفع غرامة مالية تفوق حد المليارين دولار جراء إلغائها اتفاقية مع شركة داو كيمكال الأمريكية. وكان مجلس الأمة هو من فرض على الحكومة خيار الخروج من الصفقة بسبب مخاوف من حدوث تجاوزات مالية أثناء إبرام الاتفاقية. عودة لموضوع المقال فيما يخص الأداء في المؤشرات الدولية فقد حلت الكويت في المرتبة رقم 62 دوليا أي الأسوأ على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية في إطار التقرير العالمي لتقنية المعلومات للعام 2012. في المقابل حلت البحرين في المرتبة رقم 27 دوليا متخطية بذلك كلا من قطر والإمارات واللتين حلتا في المرتبتين 28 و30 على التوالي. يعتمد التقرير السنوي ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي وجامعة (إنسياد) لعلوم إدارة الأعمال والأبحاث على عشرات المتغيرات واستطلاع آراء أكثر من 15 ألفا من المديرين التنفيذيين بخصوص أمور من قبيل مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مثل الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر الشخصية فضلا عن النظر لبيئة الأعمال مثل التشريعات والبنية التحتية. يعتقد القائمون على التقرير وهم محقون بذلك بوجود علاقة بين تقنية المعلومات والاتصالات من جهة والتنمية والقدرة التنافسية للدول من جهة أخرى. مؤكداً أن من شأن وجود بنية تحتية قوية للاتصالات فضلا عن أفراد ومؤسسات وحكومات تقدر أهمية المعلومات المساهمة في توفير ظروف صحية للعمل على مختلف الأصعدة من قبيل ضمان توافر المعلومات حول السلع والمنتجات والأسعار بشكل ميسر فضلا عن تعزيز حالة التنافسية وبالتالي حصر المنافسة على نوعية المنتجات والخدمات. وطالما الحديث عن التنافسية فقد حلت الكويت في المرتبة رقم 35 دوليا في تقرير التنافسية للعام 2011-2010 والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. في المقابل حلت كل من قطر والسعودية والإمارات وعمان في المراتب 17 و21 و25 و34 على التوالي. وعلى هذا الأساس، يعتبر الاقتصاد الكويتي أكثر تنافسية فقط من الاقتصاد البحريني بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي. يعتمد المؤشر على 12 متغيرا من قبيل البنية التحتية والاقتصاد الكلي والصحة والتعليم والتدريب وكفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية والتقنية وحجم السوق والتطور والابتكار. وفي تقرير آخر يتعلق بالحرية الاقتصادية نالت الكويت المرتبة رقم 71 دوليا أي أفضل فقط من السعودية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. والإشارة هنا إلى تقرير الحرية الاقتصادية الصادر من قبل مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتين. في المقابل حصلت البحرين على المرتبة رقم 12 في تقرير العام 2012 أي الأفضل بين الدول العربية قاطبة. يعتمد مؤشر الحرية الاقتصادية على عشرة متغيرات وهي 1) تأسيس الأعمال، 2) التجارة الدولية، 3) السياسة النقدية مثل مستوى الضرائب والاقتراض الحكومي، 4) السياسة المالية مثل السيولة ومعدلات الفائدة، 5) التدخل الحكومي في الاقتصاد، 6) الاستثمارات الأجنبية، 7) النظام المصرفي والتمويل، 8) حقوق الملكية، 9) الفساد المالي والإداري، 10) توظيف وتسريح العمال. تؤمن مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة وول ستريت جورنال ذات التوجهات المحافظة بضرورة تحييد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. في المقابل وحسب التقرير المطلوب الصواب منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيس في الاقتصادات المحلية ولغرض جوهري. ومرد ذلك اهتمام الشركات الخاصة بتحقيق الربحية، ما يعني ضرورة منح الزبائن قيمة مقابل أموالهم الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في نهاية المطاف. ولدى الكويت القدرة على تحسين ترتيبها في هذا المؤشر بالنظر لقدرة المجتمع الكويتي على الصرف. وفيما يخص القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فقد تبين من تقرير الاستثمار العالمي للعام 2011 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بأن الكويت الأقل استقطابا للاستثمارات الأجنبية المباشرة بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي. فقد استقطبت الكويت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 81 مليون دولار فقط في العام 2010. يعود هذا الأداء المخيب جزئيا للخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة بشأن عملية الإصلاحات الاقتصادية خصوصا فيما يتعلق بإشكالية السماح لشركات أجنبية بالاستثمار في القطاع النفطي. في المقابل استقطبت السعودية 28 مليار دولار كما استقطبت قطر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 5.5 مليار دولار في السنة نفسها. يشكل الاستثمار الأجنبي مقياسا على وجود ثقة من قبل المستثمرين الأجانب في اقتصادات الدول الأخرى. تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في مختلف الدول بالنظر للآفاق المستقبلية لتلك الاقتصادات. لكن ما يبعث على الاطمئنان هو توافر القدرة لتحسين ترتيب الكويت عبر التوظيف الأمثل للإمكانات التي تتمتع بها. حديثا فقط كشف تقرير تباع لشركة بوسطن للاستشارات حلول الكويت في المرتبة الثالثة دوليا من حيث نسبة الأسر الغنية. فقد صنف التقرير أكثر من 11 في المائة من الأسر الكويتية بأنها من أصحاب الملايين وبالتالي لديها القدرة على ضخ أموال في الاقتصاد المحلي. ويضاف لذلك حجم الأموال المرصودة لخطة التنمية والتي بدأت في العام 2011 وتتضمن استثمار 105 مليارات دولار. وعليه الظروف مهيأة لتعزيز أداء الكويت في المؤشرات الدولية.
374
| 16 يونيو 2012
يواصل الاقتصاد البحريني استعادة حيويته الأمر الذي من شأنه المساهمة في مواجهة التحديات التي توجه المملكة منذ فبراير 2011 أي اندلاع الاحتجاجات المطالبة بمعالجة بعض الصعوبات السياسية. الأدلة على استعادة الاقتصاد البحريني جانب من عافيته وحيويته متنوعة بما في ذلك إبرام اتفاقيات اقتصادية مع العديد من الأطراف الدولية في الآونة الأخيرة فضلا عن توجه السلطة للأسواق الدولية لترتيب قرض كبير نسبيا إضافة إلى قيام بنك مؤسسة (سيتي بنك) بتوفير فرص عمل جديدة كمؤشر على عودة النشاط الاقتصادي واستعداد شركات نفطية عالمية بالاستثمار في القطاع النفطي. وربما بدأت عملية استعادة الاقتصاد الوطني لجانب من نشاطه بالتزامن مع عودة مسابقة الفورمولا للبحرين في النصف الثاني من أبريل من العام الجاري. وكانت البحرين قد خسرت فرصة استضافة الحديث الرياضي العالمي في 2011 على خلفية طريقة تعامل السلطات مع المحتجين المطالبين بتنفيذ إصلاحات سياسية شاملة في المملكة. من جملة الأمور ساهم الحدث الرياضي العالمي في العام الجاري في تسليط الأضواء على التحديات التي تواجه البلاد الأمر الذي عزز من مواقع المعتدلين في النظام السياسي في البحرين الراغبين في معالجة القضايا العالقة السياسية منها والاقتصادية. ولأسباب ملية يركز مقالنا على المسائل الاقتصادية. مباشرة بعد الانتهاء من سباق الفورمولا دشن ولي العهد البحريني والذي يقف وراء مشروع الفورمولا منذ انطلاقه في أبريل 2004 دشن جولة في بعض الاقتصاديات الرئيسية بدأ بكوريا الجنوبية ومرورا بالولايات المتحدة وليس انتهاء بالهند. فقد ساهمت زيارة كوريا الجنوبية بالتوقيع على اتفاقيات بين البلدين تتعلق بالتنمية والاقتصاد والتجارة. وشكلت الولايات المتحدة المحطة الثانية في جولة ولي العهد لبحث مختلف القضايا المطروحة على الساحة البحرينية. وكان لافتا نجاح الزيارة في تحقيق بعض أهدافها التجارية بسرعة فائقة عبر إعلان (شركة بوسطن للتحليلات والأبحاث العالمية) بفتح أول فرع لها في منطقة الشرق الأوسط في البحرين. تتميز الشركة بتقديم أبحاث تخص الأسواق المحلية بما في ذلك فرص نجاح السلع والخدمات والتقنية. وليس من المستبعد اختيار بأن يكون البحرين كأول مقر للشركة في المنطقة مرتبط بوجود إمكانيات بشرية محلية ووجود قوى محلية تتمتع بثقافة العمل. كما وفرت زيارة واشنطن تسليط الأضواء من جديد على اتفاقية التجارة الحرة التي تربط الولايات المتحدة مع البحرين حيث يعود تاريخ دخولها حيز التنفيذ إلى أغسطس 2006. وتعد الاتفاقية مع البحرين الأولى من نوعها للولايات المتحدة مع أي دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي وتلتها اتفاقية منفصلة مع عمان. من جملة الأمور الإيجابية تقدم الاتفاقية فرص استقطاب استثمارات أمريكية للبحرين والتي من شأنها المساهمة في حل بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. المحطة التالية في الجولة العالمية لولي العهد كانت الهند حيث ساهمت الزيارة بالتوقيع على عدة اتفاقيات بين الطرفين وخصوصا في مجال الخدمات الإلكترونية. تعتبر الهند دولة مهمة بالنسبة للاقتصاد البحريني لأسباب عملية من قبيل تشكيل الجالية الهندية وعددهم 350 ألفا، أكثر من ربع السكان وأعلى من ثلث القوى العاملة. حقيقة القول تساهم العمالة الهندية عبر تشييد المباني وتطوير البنية التحتية فضلا عن تشكيلها قوى ضاربة في الاقتصاد المحلي. بدوره استفاد رئيس الوزراء البحريني من انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي والمتعلق بمنطقة شرق آسيا شهر مايو الماضي في العاصمة التايلندية بانكوك للحديث حول الفرص الاستثمارية الواعدة في البحرين في مختلف المجالات في الصناعية والخدمية. بمعنى آخر يلاحظ قيام القيادة السياسية في البحرين بالترويج للآفاق التي توفرها بعض القطاعات الواعدة في الاقتصاد البحرينية وخصوصا قطاع الخدمات المالية. وفي هذا الصدد كشفت احصائيات رسمية حديثة عن قيام سيتي بنك بزيادة وليس تقليص حجم العمالة خلافا لتوجه البنك في العديد من الأماكن بما في ذلك الوطن الأم أي الولايات المتحدة. وبشكل أكثر تحديدا قام البنك برفع عدد الموظفين في البحرين بواقع 52 فردا في العام الماضي رافعا عدد العاملين في البنك إلى 550 موظفا ما يعزز من مكانة قطاع الخدمات المالية في الاقتصاد البحريني. التطور اللافت الآخر عبارة عن تولد رغبة لدى السلطات المالية بالذهاب لأسواق المال العالمية لاستكشاف إمكانية الحصول على قروض بقيمة250 مليون دولار لتغطية متطلبات التنمية في إطار رؤية 2030. في المحصلة يهدف المشروع جعل الاقتصاد البحريني مميزا عبر التركيز على مواطن القوى. الشيء المميز في هذا الصدد عبارة عن حصول البحرين وعلى الرغم من كل التحديات السياسية والاقتصادية على ثقة للذهاب لأسواق المال في ظل ظروف دولية غير مؤتية. والإشارة هنا إلى تداعيات مديونية اليونان بما في ذلك المعضلات التي تواجه عملة اليورو. يبقى أنه مازال لدى البحرين متسع لرفع مستوى المديونية العامية والمقدرة بنحو 8.5 مليار دولار أي أكثر من ثلث الناتج المحلي الأجمالي بأسعار السوق. لكن ترتفع الأهمية النسبية للمديونية العامة مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أي المعدلة لعامل التضخم. وفي كل الأحوال تقل نسبة المديونية عن متوسط 60 في المائة المنصوص عليها ضمن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي حيز التنفيذ مطلع العام 2010 في غياب الإمارات وعمان. أخيرا تبين حديثا بأن شركات النفط العالمية سوف تستثمر قرابة 20 مليار دولار في غضون 15 سنة المقبلة بغية الكشف عن احتياطي ذي كميات تجارية دونما تحمل حكومة البحرين أدنى كلفة في إطار اتفاقيات متطورة. باختصار تشير مختلف الأدلة المادية لتحسن حالة الاقتصاد وهو تطور يخدم عملية البحث عن حلول لبعض التحديات التي تواجه مملكة البحرين نظرا لترابط المسائل السياسية والاقتصادية.
686
| 09 يونيو 2012
تعتبر ميزانية السنة المالية 13-2012 الأكبر على الإطلاق في تاريخ قطر وتعكس التوجهات المستقبلية للبلاد أي الإصرار على تحقيق أفضل نسب النمو الاقتصادي. تم إعداد الميزانية الجديدة بزيادة 27 في المصروفات فضلا عن 26 في المائة في الإيرادات مقارنة بالأرقام المعتمدة للسنة المالية 12-2011. يؤكد نمو من هذا المستوى للنفقات والدخل من حالة تميز الاقتصاد القطري. في المجموع تبلغ قيمة النفقات المقدرة نحو 48.9 مليار دولار مقابل إيرادات قدرها 56.6 مليار دولار ما يعني توقع فائض قدره 7.7 مليار دولار. المشهور عادة توقع تسجيل عجز عند إعداد المالية العامة لكن الأمر يختلف بالنسبة لقطر صاحبة الاقتصاد الأكثر نموا على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يعد هذا الفائض جوهريا كونه يشكل قرابة 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق. فحسب رصدنا لأحدث الإحصاءات يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لقطر نحو 197 مليار دولار أي في المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد كل من السعودية والإمارات. تحل الكويت في المرتبة الرابعة من حيث الترتيب الاقتصادي في المنظومة الخليجية بناتج محلي إجمالي قدره 181 مليار دولار. يشار إلى أن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي يلزم الدول الأعضاء بتقييد عجز الميزانية العامة عند حد 3 في المائة للناتج المحلي الإجمالي. لكن كما أسلفنا تتمتع المالية العامة في قطر بفائض وليس عجزا. بل ليس من المستبعد حصول ارتفاع لمستوى الفائض بالنظر لتوقع تعزيز الإيرادات النفطية في حال محافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة. يشكل الدخل النفطي بشقيه النفط والغاز نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة. وقد افترضت السلطات متوسط سعر قدره 65 دولارا للبرميل للسنة المالية والتي بدأت في أبريل 2012 وتنتهي في مارس 2013. حقيقة القول يعد هذا الرقم أعلى من ذلك الذي تم افتراضه للسنتين الماليتين الأخيرتين وتحديدا 55 دولارا للبرميل. بيد أنه يبقى الرقم الجديد أقل بشكل نوعي من الأسعار السائدة في أسواق المال حيث من المتوقع أن يتراوح المتوسط ما بين 100 إلى 107 دولارات للبرميل خلال العام الجاري. تساهم التوترات من قبيل الحظر الغربي المفروض على توريد لنفط الإيراني فضلا عن ظاهرة انتعاش الاقتصاد العالمي في بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا. من جهة أخرى تشكل النفقات العامة قرابة ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية الكبيرة للدولة في الاقتصاد المحلي. بل ترتفع هذه النسبة بعد إضافة النفقات المؤسسات المملوكة أو شبه المملوكة أو تلك التي تحتفظ فيها الحكومة بنسب مؤثرة. تساهم النفقات العامة في إقناع مستثمري القطاع العام باتخاذ خطوات مماثلة وفي ذلك خدمة للاقتصاد الوطني برمته. بمعنى آخر من شأن رفع مستوى مصروفات القطاع العام تعزيز الثقة لدى القطاع العام حيال الآفاق الاقتصادية للبلاد. بالتأمل في تفاصيل النفقات العامة يلاحظ تسجيل قفزة نوعية قدرها 48 في مخصصات الرواتب إلى نحو 10 مليارات دولار. وجاءت هذه الخطوة بعد توجه الدولة لإجراء زيادة كبيرة في رواتب المواطنين العاملين منهم في القطاع العام. كما شملت الزيادة المتقاعدين من المواطنين في إطار تعزيز مستوى الرفاهية من جهة وعملا بمبدأ توزيع الثروة من جهة أخرى. يبقى أنه تحمل هذه المخصصات على وجه التحديد تهديدا لارتفاع الأسعار وبقائها مرتفعة وفي ذلك تعريف للتضخم. يشكل التهديد أكبر تهديد لديمومة ورفاهية أي اقتصاد محلي بل أكثر من البطالة لأنه يصيب الجميع ولو بمستويات متفاوتة. لكن الحال ليس كذلك بالنسبة للبطالة حيث يقتصر الضرر على العاطلين والأطراف ذات العلاقة مثل الأسر ومؤسسات التمويل. وكان الاقتصاد القطري قد عان الأمرين خلال العام 2007 بسبب معضلة التضخم المستورد في ظل ضخامة أسعار النفط بالتوازي مع تدني قيمة الدولار وارتفاع أسعار بعض المنتجات المستوردة. عموما ليس من المتوقع البتة العودة لظاهرة التضخم التي سادت قبل عدة سنوات بالنظر لعامل التجربة فضلا عن انخفاض مقصود لمستوى النمو الاقتصادي. حقيقة القول يتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو في حدود 6 في المائة خلال 2012 مقارنة بأكثر من 10 في المائة في السنوات القليلة الماضية. ومن شأن الحد من النمو الاقتصادي وضع سقف لمستوى التضخم لأن هناك عادة أخذ وعطاء بين الأمرين. ويعود تراجع النمو الاقتصادي بشكل أساسي لتوجه السلطات للحد من توسعة الطاقة الإنتاجية للغاز. ففي غضون عدة سنوات لا أكثر ارتفعت الطاقة الإنتاجية للغاز من 38 مليون طن متري إلى 54 مليون طن ومن ثم 77 مليون طن مع بداية 2012. يندرج التوجه الجديد في إطار الاستفادة القصوى من مستويات الحالية للإنتاج في القطاع النفطي برمته بما في ذلك النفط الخام. ختاما يتوقع أن عملية رفع مستويات النفقات العامة وتسجيل نسب نمو مريحة للاقتصاد الوطني في تعزيز ترتيب قطر على مؤشر التنمية البشرية. وكانت قطر قد حلت في المرتبة رقم 37 دوليا أي الثاني عربيا بعد الإمارات في التنمية البشرية للعام 2011. يعتمد التقرير السنوي ومصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على ثلاثة متغيرات وهي مستوى الدخل والصحة والتعليم. وقد حصلت على أعلى متوسط دخل في العالم في التقرير الأخير وتحديدا 107 آلاف دولار للفرد الواحد. وليس من الخطأ توقع المزيد من ارتفاع مستوى الدخل كنتيجة مباشرة لزيادة النفقات العامة ولكن ليس على حساب التضخم. باختصار يعيش الاقتصاد القطري ظروفا إيجابية بشكل نوعي في ظل رعاية حكومية ملتزمة بتحقيق أعلى مستويات الرفاهية المعيشية للمواطنين. فمرحبا بميزانية 13-2012 أو ميزانية التنمية بكافة أبعادها.
381
| 02 يونيو 2012
كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بممارسة مبادئ التجارة الحرة بدليل وجود عجز نوعي في ميزان تجارتها غير النفطية للعام 2011. وعلى ذكر الولايات المتحدة يلاحظ أن عددا غير قليل من دول العالم تتمتع بفائض تجاري معها الأمر الذي يخدم هذه الدول في تحقيق جانب من أهدافها الاقتصادية من قبيل الحفاظ على بعض الوظائف فضلا عن إيجاد وظائف أخرى إضافة لتسجيل نمو في الناتج المحلي الإجمالي. ينطبق هذا على الصين على سبيل المثال على خلفية تسجيل فائض قدره 295 مليار دولار بالنسبة للتجارة في السلع في العام 2011 وحده. في المقابل لا تتمتع الصين بقدرة تنافسية واضحة في مجال الخدمات. وفي كل الأحوال يعد العجز التجاري الضخم أحد الأسباب الرئيسية وراء توتر العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين. ويفرض العجز نفسه في فترة الانتخابات أي في الفترة الحالية حيث يعتبر الجمهوريون والذين يرغبون في استعادة السيطرة على البيت الأبيض دليلا ماديا على عدم انفتاح السوق الصينية أمام السلع الأمريكية. عموما لا يمكن الزعم بأن الصين هي الوحيدة الرابحة من هذه العلاقة التجارية نظرا لاستفادة الطرف الأمريكي من السلع الصينية ذات التكلفة غير المرتفعة لتوفير سبل العيش الكريم لقطاع كبير من المواطنين والمقيمين في الولايات المتحدة. وفيما يخص الإمارات لا بد من التأكيد على تمتعها بفائض مريح في مجموع تجارتها الدولية وبالتالي حسابها الجاري وذلك على خلفية قدرتها على تصدير النفط في ظروف مؤتية فيما يخص الإنتاج والأسعار على حد سواء. وقد حافظت أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة أي فوق حاجز 100 دولار للبرميل لفترة زمنية بل منذ العام 2009 ما يعد أمرا متميزا. يتركز الموضوع الرئيسي للمقال حول نتائج التجارة غير النفطية للتدليل على تبني الإمارات لمبدأ التجارة الحرة. فحسب إحصاءات رسمية تم نشرها الأسبوع الماضي تم تسجيل نسبة نمو قدرها 23 في المائة في حجم التجارة غير النفطية في العام 2011 ما يعد رقما لافتا بالنسبة لسنة واحدة. اللافت في هذا الصدد تسجيل نسبة نمو ما بين 20 و24 في المائة للتجارة شهريا خلال العام 2011 ما يعني بأنه لا يمكن اعتبار النتيجة النهائية بمثابة حدث عابر. بمعنى آخر ارتفع حجم التجارة غير النفطية أي الواردات والصادرات بنحو 47 مليار دولار وصولا إلى 253 مليار دولار في العام 2011. يتوزع الرقم ما بين واردات وصادرات قدرها 164 مليار دولار و89 مليار دولار على التوالي. وعلى هذا الأساس بلغت قيمة العجز للتجارة غير النفطية 75 مليار دولار وهو من دون أدنى شك رقم كبير حتى للاقتصادات الرئيسية في العالم. يتضمن بند الصادرات تلك المخصصة لإعادة التصدير، بل هناك شبه سيطرة لخانة إعادة التصدير على مجموع السلع المصدرة وهي من صفات الحالة التجارية لاقتصاد دبي. ليس من الخطأ اعتبار حجم التجارة غير النفطية فضلا عن التفاصيل المتعلقة بالميزان التجاري دليلا ماديا على نجاح الإمارات بشكل عام وإمارة دبي بشكل خاص باحتضان مبادئ التجارة الحرة. ونقول ذلك بالنظر للعب دبي دورا محوريا في التجارة غير النفطية كونها مصدرا رئيسيا بالنسبة لإعادة التصدير. وربما نجحت دبي على وجه الخصوص في تعزيز موقعها التجاري كنتيجة مباشرة للربيع العربي في إشارة لحالة عدم الاستقرار التي واكبت عملية التغيير بالنسبة للدول التي خاضت التجربة في المدى القصير على الأقل. مؤكداً حدث هذا التغيير في التوقيت السليم بالنظر لمحاولة الإمارة التعافي من تداعيات الأزمة المديونية التي مرت بها قبل عدة سنوات. وكانت دبي قد ألحقت ضررا غير مبرر باقتصادها بسبب تبنيها لمشاريع غير مجدة وربما غير ضرورية خصوصا في مجال العقارات. من جملة الأمور المثيرة تشير الأرقام إلى حلول الهند في المرتبة الأولى سواء بالنسبة للدول المصدرة والمستوردة من الإمارات فيما يخص التجارة غير النفطية. وإذا كان هناك من سبب رئيسي فهو بالتأكيد الذهب للتدليل على نجاح دبي على فرض نفسها على خارطة هذه التجارة بالنسبة لاستيراد وتصدير هذه السلعة الإستراتيجية. وفي خط مواز أسهمت التجارة الدولية النفطية منها وغير النفطية في تحقيق إنجازات أخرى لاقتصاد الإمارات في العام الماضي بدليل ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة بواقع 62 مليار دولار وصولا للرقم 360 مليار دولار بالأسعار الجارية. مؤكداً يعود جزء كبير لهذا النمو النوعي والذي يأتي في المرتبة الثانية على مستوى المنطقة بعد الاقتصاد القطري بسبب محافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة نسبيا. وقد عزز هذا الرقم من حقيقة مكانة اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية. بدورنا نتفق مع الرأي القائل بأنه ربما يكون من الخطأ وجود عجز في الميزانية العامة لأن الأمر يتعلق بالعيش فوق قدرات وإمكانات البلاد. بل من شأن العجز في المالية العامة التسبب في تحميل الناس أو على الأقل الأجيال القادمة صعوبات مالية مرهقة حيث المطلوب إعادة الدين زائد الفوائد. بيد أنه يختلف الأمر بالنسبة للعجز في الميزان التجاري لما له من علاقة بتبني مبادئ التجارة الحرة من جهة وتعزيز المنافسة وبالتالي منح المستهلكين فرصة الحصول على سلع بأسعار تنافسية فضلا عن ضمان توفير خدمات تتناسب وتطلعات المستفيدين إضافة إلى التأكد من وجود بدائل. ختاما ليس من الخطأ الزعم بأن كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات تعدان في طليعة الدول التي تطبق مبادئ التجارة الحرة بدليل العجز في حسابات التجارة الدولية مقابل تعزيز فرص العيش للمواطنين والمقيمين والزوار.
432
| 26 مايو 2012
يعيش الاقتصاد العماني ظروفا إيجابية كما تجلى ذلك في بعض النتائج الحيوية للعام 2011 من قبيل تسجيل نمو لافت في الناتج المحلي الإجمالي ولكن ليس على حساب التضخم فضلا عن تحويل عجز الميزانية إلى لافت رغم تعزيز النفقات العامة. طبعا يضاف لذلك ظاهرة رفع مستوى الإنتاج النفطي في السلطنة وفرضية تدني مستوى البطالة. فحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة فقد ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قرابة 23 في المائة إلى نحو 72 مليار دولار في العام 2011. ومرد هذه الزيادة الكبيرة ارتفاع كل من أسعار النفط والإنتاج النفطي وتأثيرات ذلك على مجمل الأداء الاقتصادي. وقد تبين بالدليل القاطع الأهمية النسبية الكبيرة وربما المبالغ فيها للقطاع النفطي في الاقتصاد العماني بدليل تشكيله نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. من ناحية سلبية تعني هذه المعلومة أن الاقتصاد العماني يقع تحت رحمة تطورات الأوضاع في سوق النفط الدولية والتي بدورها تخضع لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية ونفسية. يشار إلى أن عمان ليست عضوا في منظمة أوبك لكنها في العادة تكيف سياستها النفطية مع توجهات أوبك. وقد عززت القيمة المالية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العماني من الأهمية النسبية للاقتصاد العماني ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. يأتي ترتيب الاقتصاد العماني في المرتبة الخامسة خليجيا بعد كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت لكن قبل البحرين. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين قرابة 26 مليار دولار بالأسعار الجارية أو السوق أي أقل بكثير من نظيره العماني. وفيما يخص الإنتاج النفطي تشير آخر التقارير إلى بلوغ الإنتاج اليومي حاجز 885 ألف برميل يوميا بزيادة قدرها 2.3 في المائة عن العام 2010. يعد هذا التطور مهما نظرا لمساهمة القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز بثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة. وبشكل أكثر تحديدا يساهم كل من النفط والغاز بنحو 62 في المائة و13 في المائة من دخل الخزانة العامة على التوالي. ولحسن الحظ، جاءت الزيادة في الإنتاج في الوقت المناسب أي فترة ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة لفترة زمنية. ويمكن الزعم بتميز السلطنة في القطاع النفطي كونها بدأت بتصدير النفط الخام في 1968 وبالتالي مع بزوغ ظاهرة الأسعار المرتفعة للنفط الخام. على العكس من ذلك باعت البحرين نسبة مؤثرة من مخزونها النفطي عندما كانت الأسعار متدنية نسبيا بالنظر لاكتشاف النفط الخام فيها في 1932 أي قبل كل الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي. وفي كل الأحوال لم يتم تسجيل نمو لافت للتضخم الأمر الذي يعني تسجيل نمو مادي للناتج المحلي الإجمالي. وحسب صندوق النقد الدولي فقد ارتفع معدل التضخم في عمان من 3.3 في المائة في العام 2010 إلى 3.6 في المائة في 2011 وبالتالي ليست زيادة غير عادية. وجاء نمو التضخم كنتيجة مباشرة للارتفاع الحاصل في أسعار المنتجات الزراعية والسلع المعمرة مثل السيارات المستوردة بسبب مسألة أسعار النفط الخام. الأمر الآخر هو حصول تحولات في النتائج النهائية للسنة المالية 2011 من عجز قدره 2.2 مليار دولار إلى فائض قدره 2.5 مليار دولار في نهاية المطاف رغم مسألة رفع مستويات الإنفاق العام. وقد ارتفعت إيرادات الخزانة العامة بنسبة 45 في المائة لنحو 29.7 مليار دولار أي الأعلى تاريخيا. وقد تم تحويل العجز المتوقع إلى فائض رغم نمو حاجز النفقات العامة بنحو 9 في المائة خلال السنة الماضية على خلفية توافر الفرصة والحاجة في الوقت نفسه. بشكل عام حدثت هذه التطورات النوعية بالنظر لتعزيز مستوى الإنتاج النفطي من جهة وارتفاع أسعار النفط مقارنة بالرقم المفترض من جهة أخرى. وكانت السلطنة قد افترضت رقما محافظا قدره 58 دولار للبرميل في السنة المالية 2011. تشتهر عمان بين سائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بتبني سياسات محافظة كخيار استراتيجي. في المحصلة سمحت الزيادة في الدخل في رفع النفقات العامة والتي تعتبر حيوية كونها تمثل قرابة ثلث الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة. كما أسهم هذا التطور في تعزيز الثقة لدى مستثمري القطاع الخاص لاتخاذ خطوات مشابهة فيما يخص الإنفاق. عادة يتطلع المستثمرون في القطاع الخاص للقطاع العام للعب دور الريادة في تنشيط الاقتصاد خصوصا في الظروف الصعبة. والإشارة هنا للأحداث التي شهدتها البلاد في بداية 2011 في إطار الربيع العربي بغية معالجة بعض التحديات الجوهرية التي تواجه الاقتصاد العماني. وفي مقدمة ذلك مسألة توفير فرص عمل مناسبة تتناسب وتطلعات المواطنين الداخلين لسوق العمل. تتراوح نسبة البطالة ما بين 12 و15 في المائة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. باختصار يمكن الزعم بأن الظروف الاقتصادية أكثر من إيجابية في البلاد الأمر الذي يفسر لماذا كل الطرق تؤدي للسلطنة هذه الأيام.
434
| 12 مايو 2012
يعد الاقتصاد السعودي من بين أكبر الاقتصادات العالمية وتحديدا في المرتبة رقم 20 الأمر الذي يضيف للأهمية النسبية للمملكة والتي تتربع على عرش تصدير النفط. وليس من المستبعد تعاظم حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي خلال الفترة الحالية لأسباب واقعية منها القدرة على تعزيز الإنتاج النفطي وبقاء أسعار النفط مرتفعة فضلا عن فرص رفع مستويات الإنفاق. فحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي أي بأسعار السوق دونما الأخذ بعين الاعتبار معضلة التضخم نحو 577 مليار دولار في العام 2011. وعلى هذا الأساس يفوق حجم الاقتصاد السعودي نظراءه في عدد من الدول الأوروبية مثل السويد وبولندا وبلجيكا والنرويج والنمسا. وهذا يعني عمليا تفوق اقتصادات 19 دولة في العالم من حيث القيمة المالية على الاقتصاد السعودي. ويعد الناتج المحلي الإجمالي السعودي الأكبر على الإطلاق بين الدول العربية بلا منازع الأمر الذي يفسر بشكل جزئي عضوية المملكة في مجموعة العشرين والتي تجمع فيما بينها كبرى الاقتصادات العالمية. تضم مجموعة العشرين الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا والبرازيل والعديد من الدول الأوروبية فضلا عن إندونيسيا وتركيا. حقيقة القول: يحتل الاقتصاد السعودي المرتبة الثالثة من ناحية القيمة المالية بين اقتصادية الدول الإسلامية بعد كل من إندونيسيا وتركيا. تعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم نظرا لأن نسبة غير قليلة من الإنتاج الروسي تذهب للاستهلاك المحلي في هذه الدولة المترامية الأطراف. تعتبر روسيا أكبر دولة من حيث المساحة لكن يحتل اقتصادها المرتبة التاسعة في العالم من حيث الأهمية النسبية بعد كل من الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا وفرنسا والبرازيل وبريطانيا وإيطاليا. ويعتقد على نطاق واسع بأن لدى السعودية طاقة استيعابية إضافية في حدود مليوني برميل يوميا الأمر الذي يفسر توجه الدول المستوردة للنفط لاستيراد النفط السعودي متى ما كان ضروريا مثل التعويض عن النفط الإيراني في ظل الجدل المتعلق ببرنامجها النووي وقرار الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على توريد النفط من إيران. وكانت السعودية السباقة في تعويض أسواق النفط الدولية لخسارة جانب من النفط الليبي في العام 2011 في أعقاب الثورة التي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي. ولم يكن مستغربا حصول إرباك للإنتاج النفطي الليبي خلال فترة الثورة. وهناك سبب آخر لتوقع تعزيز مستوى الاقتصاد السعودي وتحديدا القدرة على صرف أموال ضخمة كما تبين خلال العام الماضي. فقد ارتفع سقف النفقات العامة المعتمدة من 155 مليار دولار إلى 214 مليار دولار فعلية في نهاية المطاف. وجاء هذا التطور على خلفية مضاعفة إيرادات الخزانة من 144 مليار دولار إلى حوالي 296 مليار دولار بسبب ثنائي ارتفاع أسعار النفط والإنتاج النفطي. للأسف لا تنشر السلطات السعودية متوسط الرقم المفترض لبرميل النفط في إطار سياسة محافظة تتبعها المملكة الأمر الذي يتناقض مع مبدأ الشفافية ولا يخدم السمعة الاقتصادية للمملكة بالنظر لدورها الحيوي في القطاع النفطي على مستوى العالم. وفي كل الأحوال وفرت مسألة تعزيز الإيرادات الفرصة لقيام السلطات السعودية في العام 2011 بإقرار مخصصات قدرها 130 مليار دولار للصرف على مختلف البرامج الاجتماعية إضافة إلى بناء مساكن جديدة فضلا عن منح علاوات وتسهيلات متنوعة للمواطنين بغية تحسين رفاهية الشعب السعودي. ولم يكن من قبيل الصدفة تزامن ضخ أموال ضخمة في الاقتصاد الوطني مع الربيع العربي حيث المطالبات بضمان توفير مشاركة شعبية في صنع الخيارات والقرارات. يشار إلى أن مبلغ 130 مليار دولار ليس مرتبطا بسنة واحدة بل إنه موزع على عدة سنوات. وفي تطور يضيف لحجم الاقتصاد السعودي تم الإعلان حديثا عن استثمار أكثر من 53 مليار دولار على صناعة النقل الجوي السعودي خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن نافلة القول يمكن الزعم بأنه ليس من السهل صرف كل هذا المبلغ الكبير في فترة قصيرة نسبيا لأسباب تشمل محدودية الطاقة الاستيعابية فضلا عن التداعيات المحتملة. بيد أنه مجرد الحديث عن هذا الرقم الضخم يعكس القدرة على توفير هكذا مبلغ في السعودية بالنسبة لقطاع واحد. المطلوب بطبيعة الحال توظيف الفوائض النفطية لتقليص الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في الاقتصاد السعودي وبالتالي تحقيق أحد الأهداف التنموية. حاليا يساهم القطاع النفطي بأكثر من ثلثي إيرادات الخزانة العامة وثلاثة أرباع الصادرات وثلث الناتج المحلي الإجمالي ما يجعل الاقتصاد تحت رحمة التطورات في القطاع النفطي والذي بدوره يخضع لأسباب اقتصادية وسياسية ونفسية. ويقتضي الصواب توظيف العوائد النفطية لتحقيق هدف سام وهو التنوع الاقتصادي.
334
| 05 مايو 2012
الاستثمارات القطرية عبارة عن رسل خير للعالم، فمن حسن الحظ أن هذه الاستثمارات ضخمة في الوقت الحاضر والأهم من ذلك أنها مرشحة للنمو في السنوات القادمة. وخير دليل على مدى التقدير الدولي للاستثمارات القطرية هو قيام السلطات في تونس حديثا بتقديم عرض لقطر لشراء أذون خزانة تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار. يكمن الهدف وراء هذه الخطوة في مساعدة تونس في تجميع تمويلات خارجية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال 2012 لمساعدتها في التحديات الاقتصادية التي تواجهها بعد مرور أكثر من عام على سقوط نظام زين العابدين بن علي وتشكيل حكومة برئاسة الإسلاميين انسجاما مع نتائج الانتخابات النيابية.وتبين حديثا من خلال استضافة قطر للمنتدى العالمي الثالث بالتزامن مع الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروفة اختصار باسم (الأونكتاد) بأن السلطات القطرية سوف تستثمر 30 مليار دولار في العام 2012 وحده. كما تمت الإشارة إلى أنه ليس من المستبعد أن تكون القيمة الكلية للاستثمارات السيادية لقطر والمنتشرة في أنحاء المعمورة قد تجاوزت حاجز 100 مليار دولار. يعد حجم الاستثمارات في الخارج ضخما قياسا ببعض الإحصاءات المتعلقة بالاقتصاد القطري والذي بدوره يبلغ 197 مليار دولار استنادا للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية أي غير المعدلة لمتغير التضخم. وفي هذا الصدد تجددت المخاوف حديثا من عودة التضخم أي ارتفاع الأسعار وبقاءها مرتفعة لأسباب لها علاقة بأسعار النفط في الأسواق الدولية. تشمل التداعيات السلبية لارتفاع أسعار النفط قيام الدول المستهلكة مثل ألمانيا والهند والصين واليابان برفع أسعار منتجاتها المستهدفة للأسواق الدولية بقصد التعويض أينما كان ممكنا. والنتيجة عبارة عما يعرف بالتضخم المستورد بالنسبة لقطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي. كما يعد حجم الاستثمار المخصص للعام الجاري كبيرا قياسا بحجم النفقات العامة. صحيح أنه لم يتم الكشف حتى الآن عن ميزانية السنة المالية 13-2012 لكن تم اعتماد 38 مليار دولار كنفقات للسنة المالية 12-2011. وربما فاق الرقم الفعلي النهائي عن المشار إليه على خلفية تعزيز الإيرادات العامة بالنظر لارتفاع أسعار النفط وبالتالي رفع مستوى الصرف. الجدير ذكره أنه قد تم افتراض متوسط سعر محافظ لأقصى درجة لمتوسط سعر النفط في ميزانية 12-2011 وتحديدا 55 دولارا للبرميل أي تقريبا نصف الرقم السائد في الأسواق العالمية الأمر الذي أفسح المجال أمام ارتفاع الإيرادات والنفقات. لكن ما يميز قطر عن سائر دول مجلس التعاون الخليجي هو أن دخل النفط الخام يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية لإيرادات الخزانة العامة بعد الغاز.عودة لموضوع المقال تتميز استثمارات قطر بالتنوع في العديد من القطاعات في شتى بقاع العالم وهي خطوة جديرة. ففيما يخص بريطانيا على سبيل المثال استحوذت شركة قطر القابضة والتي تعد بمثابة الذراع الاستثمارية لهيئة قطر للاستثمار على ملكية متاجر (هارودز) الشهيرة والتي يرتادها 15 مليون زائر بمبلغ قدره 2.2 مليار دولار. وفي بريطانيا أيضا تعتبر قطر المستثمر الأبرز في شركة (سالزبري) العاملة في مجال البيع بالتجزئة عبر امتلاكها لنحو ربع أسهم المؤسسة. مؤكداً يعود جانب حيوي من التقدم الاقتصادي القطري بما في ذلك القدرة على الاستثمار الدولي للزيادة المضطردة في إنتاج الغاز. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر 77 مليون طن سنويا مقارنة مع 54 مليون سنويا في العام 2011. وحسب أفضل التقارير تتمتع قطر بقدرة تعزيز مستوى الإنتاج إلى 120 مليون طن سنويا لكن يبدو أن هذا ليس خيار الجهات المسؤولة في الوقت الحاضر حيث التركيز على الاستفادة القصوى من المستوى الحالي للإنتاج. يشار إلى أن قطر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام. وقد نجحت قطر قبل عدة سنوات في أخذ الصدارة من إندونيسيا بل وعززت من الصدارة. الأمر الجميل فيما يخص قطاع الطاقة هو التنوع في توزيع الغاز الطبيعي المسال على مختلف الأسواق الدولية. أما أكثر الدول استيرادا للغاز الطبيعي المسال من قطر فهي بريطانيا والهند وكوريا الجنوبية واليابان. حقيقة القول: تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية خصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. فاستنادا لتقرير متخصص لشركة (بريتيش بتروليوم)، تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.9 و15.8 في المائة و13.5 في المائة على التوالي. بمعنى آخر يبلغ حجم الاحتياطي القطري المكتشف من الغاز أكثر من 25 تريليون متر مكعب. وكما يقال فإن الخير يعم بالنظر لاستفادة العديد من الدول الواقعة في قارة آسيا من الأداء النوعي للاقتصاد القطري والقدرة على الاستثمار. يشكل المواطنون نحو 20 في المائة أي أقلية السكان في قطر. فضلا عن رعايا جنوب آسيا مثل الهند وتمثل الجالية الفلبينية نحو 10 في المائة من السكان، ومن جملة الأمور يتميز رعايا الفلبين بالتفاني في العمل من جهة والرغبة في الصرف من جهة أخرى.بدورهم يقوم العمال الوافدون بإرسال أموال إلى أحبتهم في بلدانهم وعليه فرصة تعميم الفائدة. وحسب أرقام حديثة صادرة من البنك الدولي بلغت قيمة الأموال المحولة من قطر حوالي 6 مليارات دولار في العام 2011 ما يعد رقما ضخما قياسا مع قيمة الاستثمارات السيادية. وربما هذا يفسر لماذا كل الطرق تؤدي إلى قطر هذه الأيام حيث الفرصة لتقديم العون للدول والأفراد.
524
| 29 أبريل 2012
تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى تمتع الاتحاد الأوروبي بفائض مريح في ميزانها التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى انفتاح اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على العالم الخارجي. في المقابل تتميز بعض الاقتصادات العالمية وبعضها أوروبية بفرض نوع من القلاع حولها. والأمر نفسه ينطبق على اقتصادات أخرى في آسيا والتي تركز على التصدير على حساب الاستيراد. فحسب أرقام تم الكشف عنها حديثا بلغت قيمة التبادل التجاري بين الطرفين نحو 129 مليار يورو في العام 2011 الأمر الذي يجعل من الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي. في التفاصيل قامت الدول الخليجية الست مجتمعة بتصدير واستيراد سلع قيمتها 56.6 مليار يورو و 72.2 مليار يورو على التوالي وهذا يعني تمتع الجانب الأوروبي بفائض يفوق 15 مليار يورو. ولا توجد غرابة على سيطرة المنتجات النفطية من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على الصادرات الخليجية. وربما يمكن تفهم ذلك بالنظر لكون السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم. والحال نفسه فيما يخص قطر بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال. في المقابل تنوعت الصادرات الأوروبية ما بين المعدات والطائرات والسيارات والمنتجات الكيماوية. ويمكن تفهم إصرار الجانب الأوربي على تعزيز صادراته لدول الخليج في الآونة الأخيرة بقصد التعويض علن الضرر الذي لحق باقتصادات دول مجموعة اليورو نتيجة بعض الأزمات مثل أزمة مديونية اليونان وتذبذب سعر عملة اليورو. وليس من قبيل الصدفة بأن تتصدر السعودية الصادرات الخليجية للاتحاد الأوروبي عبر تصدير سلع قيمتها 28 مليار يورو بالنظر لتربعها على عرش الصناعة النفطية. واللافت في هذا الصدد حلول قطر في المركز الثاني عبر تصدير منتجات تفوق قيمتها عن 13 مليار يورو. يعتقد أن قطر تسيطر على ربع صادرات الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في الوقت الحاضر تحديدا 77 مليون طن سنويا مقارنة مع 54 مليونا سنويا في العام الماضي. وقد تمكنت قطر من تعزيز أهميتها في شق الغاز من القطاع النفطي في أقل من عقدين من الزمان عبر الشراكة مع المؤسسات النفطية العالمية. من جهة أخرى تزعمت الإمارات موضوع الواردات عبر استيرادها سلعا من الاتحاد الأوربي بقيمة 32 مليار يورو. ويعد هذا الأمر تميزا للإمارات كونها صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية. مؤكداً تعود هذه الحقيقة بشكل جزئي لكون الإمارات أهم مركز تجاري في المنطقة بأسرها.وفي كل الأحوال لا تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بفائض مريح في ميزانها التجاري بشكل عام حيث ارتفع من 222 مليار دولار في العام 2010 إلى 520 مليار دولار في 2011. وقد حصل هذا التطور النوعي على خلفية ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة خلال العام الماضي. ويضاف لذلك موضوع تعزيز الإنتاج النفطي لبعض الدول الخليجية على الأقل خصوصا السعودية فيما يخص التعويض عن حالة التذبذب لإنتاج النفط الليبي. على صعيد آخر لا يوجد حديث جدي حول فرضية إبرام اتفاقية للتجارة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. بالعودة للوراء انطلقت المحادثات بين الطرفين بشأن المنطقة الحرة في العام 1988 لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوربيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.ويعود الأمر بشكل أساسي لوجود بعض القضايا التي بحاجة إلى حلول قبل أن يوافق الاتحاد الأوروبي على التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة. من جملة الأمور هناك شرط إزالة شرط تقييد التملك الأجنبي بنسبة 49 في المائة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. بدورها ترغب دول مجلس التعاون الخليجي بالوصول إلى بعض القضايا الاقتصادية الأخرى مثل مسألة فرض الرسوم على الألومنيوم الخليجي المصدر إلى دول الاتحاد الأوروبي فضلا عن إفساح المجال للصادرات الخليجية من البتروكيماويات إلى داخل الاتحاد الأوروبي. كما هناك موضوع إلغاء التعرفة المفروضة على ورادات الاتحاد الأوروبي للألومنيوم من دول مجلس التعاون الخليجي. وكان الأمل كبيرا قبل عدة سنوات بتعزيز الظروف لتوقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي بعد إبرام اتفاقية للتجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي مع رابطة التجارة الحرة الأوربية والمعروفة اختصارا باسم (ايفتا). تتشكل رابطة ايفتا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. تهدف الاتفاقية إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات تسوية المنازعات. لا تضم رابطة ايفتا كبريات الاقتصادات الأوربية لكنها تضم دولا مهمة بالنسبة للاقتصاد العالمي. على سبيل المثال يلعب الاقتصاد السويسري دورا حيويا على صعيد الاقتصاد العالمي خصوصا في مجال قطاع الخدمات المالية في ظل نظام السرية المصرفية. تعتبر الاتفاقية دليلا ماديا على موافقة بعض الاقتصادات الأوربية على القوانين التجارية المطبقة في دول مجلس التعاون. وعليه فإن دولا أوروبية مثل سويسرا والنرويج مطمئنة للقوانين والإجراءات التجارية في دول مجلس التعاون مما يبعث رسالة اطمئنان للدول الأخرى. كما تعتبر الاتفاقية دليلا ماديا على قدرة دول مجلس التعاون للوصول للقارة الأوروبية.في المحصلة من حق اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الزعم بأنها عالمية في تطلعاتها بدليل نتائج الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي فضلا عن استعدادها لتوقيع اتفاقيات تجارة مع التكتلات الاقتصادية المختلفة.
743
| 22 أبريل 2012
لا يزال الاقتصاد البحريني يعيش ظروفا استثنائية كنتيجة مباشرة للأحداث السياسية والأمنية التي خاضتها المملكة في بداية العام 2011. وتشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى تباين أداء الاقتصاد البحريني في الشهور القليلة الماضية مع توقعات بارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي من جهة وتصاعد حجم الدين العام لمستويات تاريخية من جهة أخرى. بداية، تشمل التطورات والتي تحمل صبغة إيجابية على الاقتصاد المحلي عودة مسابقة الفورمولا 1 للبحرين حيث من المنتظر أن تقام المسابقة في الفترة ما بين 20 حتى 22 من الشهر الجاري. وكانت البحرين قد خسرت فرصة تنظيم المسابقة في العام 2011 بناء على موقف من الفرق المشاركة بعدم المجيء في إطار جدول معدل بغية إظهار امتعاضها طريقة معالجة السلطات للأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد. تتميز المسابقة بترك لمساتها على العديد من القطاعات الاقتصادية من قبيل الضيافة والطيران وتأجير السيارات فضلا عن الترويج للبلد المستضيف لثالث أشهر مسابقة رياضية في العام بعد الأولمبياد وكرة القدم. وتضمنت التطورات اللافتة في الآونة الأخيرة إقامة معرض البحرين للطيران وهو الثاني من نوعه في شهر يناير الماضي دونما تأجيل. وربما مهدت هذه الفعالية الطريق أمام عودة مسابقة الفورمولا 1 والتي تشتهر باستقطابها للزوار فضلا عن وضع البلاد محط أنظار العالم في مجال رياضة السيارات لثلاثة أيام متتالية. حقيقة القول، تطورات من هذا النوع تفسر جانبا من الحديث حول توقع عودة النمو الطبيعي للاقتصاد البحريني، حيث يشير تقرير حديث لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) إلى فرضية تسجيل نمو فعلي قدره 3.6 في المائة في العام 2012. في المقابل، تم تسجيل نمو فعلي محدود قدره 1.5 في المائة في 2011 أي أقل من نسبة النمو السكاني في البلاد ما يعني على حساب مستوى الرفاهية السائدة.وفيما يخص الأمور السلبية، انخفض مؤشر بورصة البحرين بنحو 20 في المائة في العام 2011 أي الأسوأ بين أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي. حقيقة القول، كان التراجع هو العنوان السائد لجميع أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي في 2011 باستثناء بورصة قطر وذلك تماشيا مع الظروف الاقتصادية الصعبة في دول مجموعة اليورو بالنظر لمعضلة مديونية اليونان وتذبذب قيمة الدولار وتوجه العديد من الدول لحماية مصالحها الاقتصادية بشكل أناني عبر وضع ضوابط على الاستيراد. وحديثا فقط، حدث تطورا لم يكن بالحسبان جملة وتفصيلا عندما قرر بنك (أركبيتا) العامل في مجال الاستثمارات ومقره البحرين التقدم بطلب الحماية من الدائنين استنادا للفصل الحادي العشر أو قانون الإفلاس في الولايات المتحدة. وتبين بأن البنك غير قادر على تسديد 1.1 مليار دولار من الالتزامات المالية تجاه عدد من الدائنين المحليين والدوليين. وتعني هذه الخطوة بأن البنك يثق في القوانين المعمول بها في الولايات المتحدة أكثر من أي جهة أخرى حتى تلك السائدة في البحرين. ومن شأن هذه الخطوة النيل من مكانة قطاع الخدمات المالية في البحرين وهو قطاع حيوي من حيث مساهمته في الاقتصاد المحلي، بل يعد بمثابة أهم ميزة تنافسية للاقتصاد البحريني برمته. يحتل القطاع المرتبة الأولى من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة والثاني بعد القطاع النفطي بالأسعار الجارية. ومرد هذا الأمر هو واقع أسعار النفطـ إذ إن ارتفاعها يزيد من أهمية القطاع النفطي على حساب قطاع الخدمات المالية.إضافة إلى ذلك، يلاحظ تنامي ظاهرة ارتفاع المديونية العامة وما لها من تداعيات بسبب تعزيز النفقات العامة. فحسب أحدث الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم المديونية العام نحو 8.4 مليار دولار مشكلا ثلث الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. يزيد هذا الرقم عن نسبة 28 في المائة التي تم تسجيلها في النصف الأول من العام 2011 ما يعد أمرا مقلقا. بالعودة للوراء، شكل الدين العام قرابة 10 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008. بيد أنه لا يشكل حجم الدين العام أي خطر قياسا بما هو مسموح به ضمن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي انطلق بداية العام 2010 بمشاركة أربع دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين. من جملة الأمور، يلزم المشروع الدول الأعضاء بعدم ارتفاع الدين العام عن مستوى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. عموما، يعكس تطور رفع المديونية العامة رغبة الجهات العامة بتعزيز النفقات العامة بغية الحفاظ على ديمومة الاقتصاد الوطني فضلا عن تعويض الخسائر المسجلة لدى بعض الجهات الحيوية. والإشارة هنا إلى توجه الحكومة بضخ مبلغ قدره 1.75 مليار دولار في شركة طيران الخليج وهي ناقلة وطنية مملوكة بالكامل لحكومة البحرين. وقد شكل حجم المعونة صدمة للمتابعين، إذ يعد الرقم كبيرا قياسا بحجم النفقات المقدرة للسنة المالية 2012 وقدرها 8.4 مليار دولار. ويعكس التوجه الرسمي الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة لشركة طيران الخليج لأسباب تشمل ضمان استيفاء حاجة القطاعات الاقتصادية في البحرين مثل الخدمات المالية عبر ربطها بالأسواق الأخرى في المنطقة فضلا عن قدرتها على استقطاب الزوار للبلاد والذين بدورهم يساهمون في تعزيز الدورة الاقتصادية.الأمل كبير بأن تساهم ظاهرة تعزيز النفقات العامة في تشجيع مستثمري القطاع الخص لاتخاذ خطوات مشابهة الأمر الذي ينصب في خدمة تحقيق الأهداف الاقتصادية للمملكة. وربما يمكن تفهم توجه مستثمري القطاع الخاص لمراجعة قرارات الاستثمار بالنظر للظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي جربتها البحرين خصوصا في العام 2011. وعليه، لم يكن مفاجئا تدخل القطاع العام بل ربما كان هذا هو المتوقع منه بضخ أموال في الاقتصاد المحلي في الظروف الاستثنائية.
360
| 01 أبريل 2012
تستضيف العاصمة العراقية بغداد القمة العربية رقم 23 بتاريخ 29 مارس الجاري مثقلة بملفات اقتصادية متنوعة. طبعا؛ يضاف لذلك التطورات السياسية محط اهتمام العالم العربي وفي مقدمة ذلك تداعيات الربيع العربي. وفي كل الأحوال لا يمكن تجاهل الخسائر المالية للربيع العربي كما تبين من دراسة أعدتها شركة (جيوبوليسيتي) والمتخصصة في استشارات المخاطر لصالح صندوق النقد الدولي. فقد قدرت الدراسة كلفة الربيع العربي حتى شهر سبتمبر 2011 نحو 56 مليار دولار. تتوزع التكاليف ما بين 21 مليار دولار على شكل انخفاض لقيمة الناتج المحلي الإجمالي من جهة وتآكل المالية العامة بقيمة 35 مليار دولار عبر انخفاض الإيرادات وارتفاع التكاليف من جهة أخرى. تتوزع الخسائر على النحو التالي: سوريا 27.3 مليار دولار، ليبيا 14.2 مليار دولار، مصر 9.8 مليار دولار، تونس 2.5 مليار دولار، البحرين 1.1 مليار دولار وأخيرا اليمن مليار دولار. ويلاحظ في هذا الصدد أن سوريا الخاسر الأكبر اقتصاديا حتى قبل تفاقم الأزمة في الشهور القليلة الماضية. وعليه ليس من الخطأ الزعم بارتفاع مستوى الخسائر الاقتصادية في الحديث المتواتر عن تراجع أداء مختلف القطاعات والمؤشرات الاقتصادية خصوصا كل ما له علاقة بصناعة السياحة بسبب تواتر الكلام حول تراجع أعداد الزوار. كما لاحظت دراسة أخرى نشرت نتائجها في شهر فبراير من العام الجاري ارتفاعا في حجم الخسائر حتى 96 مليار دولار في الآونة الأخيرة. وتبين أن الضرر المادي قد أصاب القطاع السياحي عبر تراجعه في المتوسط بنسبة 18 في المائة. عودة للموضوع الأساسي توجد ملفات اقتصادية صعبة أمام القادة بدءا بالبطالة وليس انتهاء بضعف التبادل التجاري في العالم العربي. فهناك معضلة إيجاد فرص عمل للمواطنين حيث الحاجة لخلق أكثر من 20 مليون فرصة عمل مع حلول العام 2020. بل ليس من الخطأ الزعم بأن الظروف الاقتصادية غير الإيجابية من قبيل انتشار البطالة لعبت دورا محوريا في انطلاق الربيع مع خيار محمد البوعزيزي والذي آثر حرق نفسه لأسباب تشمل صعوبة الحصول على وظيفة محترمة توفر له سبل العيش الكريم. كما عانى الاقتصاد المصري من معضلات جمة في الفترة التي سبقت سقوط نظام الرئيس حسني مبارك وفي مقدمتها البطالة، حيث كانت تبلغ نحو 10 في المائة حسب الإحصاءات لكن أعلى من ذلك استنادا لمصادر أخرى. بل لا تشمل هذه الإحصائية نواقص أخرى مثل استعداد الكثيرين للعمل في وظائف تقل عن مستوياتهم العلمية والعملية لكنهم لا يجدون بدا من قبولها لضمان تأمين لقمة العيش لهم ولأحبتهم. أما فيما يخص الحديث عن الشأن اليمني فحدث ولا حرج، حيث المعاناة من ثنائي البطالة والفقر. تقدر نسبة البطالة بنحو 35 في المائة ومرشحة أن تبقى مشكلة في المستقبل المنظور. يشار إلى أن 43 في المائة من السكان في اليمن هم دون 20 سنة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل في السنوات القليلة القادمة والحالة ليست مغايرة عن ذلك في العديد من الدول العربية الأخرى.مؤكدا: سوف يتم التطرق خلال القمة لموضوع تعزيز دور القطاع الخاص في اقتصادات الدول العربية من خلال مبادرة دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في طول وعرض الوطن العربي. وقد تم الكشف عن المبادرة الطموحة من خلال مبادرة أطلقتها الكويت وهي الدولة التي استضافت أول قمة اقتصادية عربية في يناير 2009. يهدف المشروع إلى توفير خيار دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة للقطاع الخاص في العالم العربي وبشروط ميسرة نسبيا. يعد هذا الأمر حيويا في ظل تداعيات تكرار الأزمات المالية العالمية وآخرها معضلة المديونية في دول مجموعة اليورو وعلاقة ذلك بمسألة الحصول على فرص تمويل لمستثمري القطاع الخاص على فرص تمويلية. يبلغ حجم رأسمال الصندوق ملياري دولار مما يعني أنه مبلغ كبير. وكان لافتا تقديم الكويت مساهمة قدرها 500 مليون دولار الأمر الذي شكل انطلاقة قوية للصندوق. إضافة إلى ذلك، هناك ملف التجارة البينية بين الدول العربية، حيث تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن مستويات التجارة البينية لا تتجاوز 15 في المائة من تجارتها مع العالم. بل إن السواد الأعظم من هذه التجارة هي بين دول مجلس التعاون الخليجي على خلفية تطبيق مبدأ الاتحاد الجمركية في بداية العام 2003 والذي يلزم الدول بتوحيد سياساتها التجارية مع الدول غير الأعضاء. كما نفذت دول مجلس التعاون بتطبيق مبدأ السوق المشتركة في بداية العام 2008 مما يعني إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء دون أي عراقيل. تشير الإحصاءات المتوافرة والقليلة أصلا إلى أن هناك تجارة محدودة بين الدول العربية، حيث لا توجد تجارة بينية تذكر بين البحرين وموريتانيا، والحال نفسه ينطبق بين المغرب وجزر القمر. لكن هناك تجارة قوية نسبيا بين دول مجلس التعاون من جهة والهند من جهة أخرى. لا شك في أن أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك هو عامل الجغرافيا دونما إغفال للعوامل الأخرى منها القدرات الاقتصادية للدول الأعضاء وعددها 22 في الجامعة العربية. بالمقابل تشتهر دول الاتحاد الأوروبي بأن تجارتها البينية تشكل أكثر من نصف تجارتها مع العالم الخارجي لأسباب جغرافية فضلا عن وجود مواطن قوة مختلفة وبالتالي مكملة لبعضها. يتميز الاقتصاد الألماني بالقطاع الصناعي مثل صناعة السيارات والمعدات مقابل تميز في الاقتصاد البريطاني في قطاع الخدمات المالية والإسباني في القطاع الزراعي. ونظرا لصعوبة اتخاذ بعض القرارات، يتوقع إحالة الكثير من الملفات الاقتصادية للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة والمزمع إقامتها في السعودية في العام 2013.
322
| 25 مارس 2012
تسيطر دول مجلس التعاون الخليجي على نسب مؤثرة من الموارد النفطية سواء النفط أو الغاز بالنسبة للإنتاج والاحتياطي الأمر الذي يشكل مصدر استقرار للدول المستهلكة. ومرد الحديث عن هذا الموضوع الحيوي ما جاء في تقرير حديث لبنك قطر الوطني وكابيتال والذي قدر القيمة المالية لمخزون النفط والغاز لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي بنحو 65 تريليون دولار أو 65 ألف مليار دولار استنادا لمتوسط الأسعار السائدة في الأسواق العالمية في الوقت الحاضر. يعد هذا الرقم كبيرا كونه يساوي 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فضلا عن 47 مرة عن حجم الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي. ولتقريب الرقم بشكل أكثر، تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 14 تريليون دولار مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر على الإطلاق في العالم. ولغرض المقارنة، تزيد قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية قليلا عن نصف تريليون دولار مع التأكيد على أن الاقتصاد السعودي هو الأكبر خليجيا وعربيا بلا منازع. وحسب التقرير نفسه، يبلغ مخزون دول مجلس التعاون الخليجي من النفط قرابة 500 مليار برميل أي 36 في المائة من مخزون النفط العالمي. وحدها، تستحوذ السعودية على نصف هذا المخزون الأمر الذي يفسر جانب من الأهمية النسبية للسعودية في الاقتصاد العالمي. يتناسب ما جاء في تقرير البنك القطري مع إحصاءات التقرير الدوري للطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية والذي بدوره يشير إلى تمتع السعودية بمخزون نفطي قدره 265 مليار برميل وبالتالي 19 في المائة من المخزون العالمي للنفط. وبالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي، تستحوذ كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة على 7.3 في المائة و7.1 في المائة من الاحتياطي النفطي العالمي على التوالي. بدورها، تستحوذ قطر على 1.9 في المائة فعمان بنسبة 0.4 في المائة من المخزون العالمي. وبنظرة شمولية، تأتي فنزويلا في المرتبة الثانية دوليا عبر استحواذها على قرابة 15 في المائة من المخزون العالمي للنفط. أما روسيا والتي تحتل المرتبة الأولى دوليا من حيث الإنتاج النفطي فتسيطر على قرابة 6 في المائة فقط من المخزون النفطي المكتشف. كما تبلغ نسبة المخزون النفطي للولايات المتحدة 2.2 في المائة من الاحتياطي المكتشف وهو ما يفسر جانب من استمرار اعتمادها على النفط المستورد خصوصا من الشرق الأوسط وعلى الأخص مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي ينعكس على سياساتها وتوجهاتها بخصوص المنطقة. وفيما يخص الإنتاج النفطي، تعتبر السعودية ثاني أكبر منتج نفطي في العالم عبر إنتاجها نحو 10 ملايين من النفط الخام يوميا أي قرابة 12 في المائة من الإنتاج العالمي. أما مساهمة باقي دول مجلس التعاون الخليجي فعبارة عن 3.3 في المائة للإمارات و3.1 في المائة للكويت و1.7 في المائة لقطر و1 في المائة لعمان وهي نسب مؤثرة في المجموع. بدورها، تساهم روسيا بنحو 13 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي يتم تخصيص نسبة كبيرة منها للاستهلاك المحلي. لكن تتميز السعودية بميزة والتي هي عبارة عن أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم فضلا عن تمتعها بقدرة تعزيز الإنتاج متى ما كان ضروريا. وفي هذا الصدد، يعتقد بأن لدى السعودية القدرة على رفع مستوى الإنتاج إلى حوالي 12 مليون برميل يوميا ما يجعلها في مقدمة الدول التي تتمتع بقدرة تعويض أسواق النفط العالمية. وقد تجلي هذا واضحا في العام 2011 عند حصول تذبذب لمستوى إنتاج النفط الليبي خلال الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.إضافة إلى النفط الخام، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حصص مؤثرة فيما يخص الغاز الطبيعي بنحو 42 تريليون قدم مكعب ما نسبته 22 في المائة من المخزون العالمي. وحدها قطر تسيطر على 13.5 في المائة من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي ما يعني حلولها في المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة للاحتياطي بعد كل من روسيا وإيران واللتين تمتلكان على 23.9 في المائة و15.8 في المائة على التوالي. لكن تتميز قطر في مجال الإنتاج حيث تعتبر أكثر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بعد إقصائها إندونيسيا من هذا المكانة. تبلغ الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا. ولدى قطر زبائن لمنتجاتها في مجال في مختلف بقاع العالم ابتداء من اليابان ومرورا ببريطانيا وليس انتهاء بالولايات المتحدة. فضلا عن قطر، تستحوذ السعودية على 4.3 في المائة والإمارات على 3.3 في المائة من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي الأمر الذي يؤكد بأن دول مجلس التعاون الخليجي لاعب رئيسي في مجال الغاز تماما كما هو الحال مع النفط. بل تتمتع كل من السعودية وقطر بدور الريادة في مجال تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم على التوالي.حقيقة القول، تمارس دول مجلس التعاون الخليجي دورا مسؤولا فيما يخص الأمور المرتبطة بالقطاع النفطي بدليل استعدادها لسد النقص من المعروض متى ما كنت الحاجة الماسة كما في الحالة الليبية. بل تعد دول مجلس التعاون جهة يمكن الوثوق والاعتماد عليها فيما يخص إنتاج وتصدر النفط والغاز والمشتقات النفطية من قبيل المنتجات البتروكيماوية. تعتبر هذه الحقائق في مجموعها مسألة جوهرية نظرا للأهمية النسبية للقطاع النفطي لديمومة نمط المعيشة في هذا العصر بالنسبة لتشغيل الطائرات والمركبات والأجهزة والمعدات. باختصار، تمتلك دول الخليج كميات تجارية من النفط الخام تجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها لعقود طويلة دونما الحاجة للدول المستهلكة للتفكير الجدي بدارسة بدائل للنفط.
6801
| 18 مارس 2012
يأتي توجه السلطات في سلطنة عمان نحو تعزيز دور القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني في سياق معالجة بعض التحديات الجوهرية وفي مقدمة ذلك موضوع إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين. حقيقة القول، يوجد تميز للقطاع الصناعي أو المناطق الصناعية وتحديدا القدرة على خلق عدد كبير من فرص العمل عبر استقطاب مشاريع متنوعة. وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على رغبة الشباب العماني بالعمل في القطاع الصناعي وهي نقطة تحسب لصالحه. وكان الشباب العماني في طليعة من نزلوا في شوارع مدينة صحار الصناعية في الربع الأول من العام 2011 للمطالبة بمعالجة بعض الصعاب التي توجه السلطنة بما في ذلك محاربة كافة أشكال الفساد المالي والإداري التي تعد أحد الأسباب وراء معضلة البطالة في طول وعرض البلاد المترامية الأطراف. تعتبر صحار أهم مدينة صناعية في البلاد كونها تعتبر منطقة صناعية منطقة وميناء وعليه كان اختيارها المحتجين لها صحيحا بغية إرسال رسالة واضحة لم يهمه الأمر بخصوص معاناته. وما التركيز هذه الأيام على تطوير المناطق الصناعية وبالتالي الفرص الوظيفية إلا دليلا دامغا على وصول الرسالة لأصحاب القرار في السلطنة. تتوافر في سلطنة عمان في الوقت الحاضر 6 مناطق صناعية والعدد مرشح للارتفاع إلى 9 مناطق في حال اجتازت مرحلة الدارسات الميدانية. المناطق الست هي الرسيل وصحار ونزوة وصور والبريمي وريسوت تضم فيما بينها 71 مليون متر مربع من الأراضي الصناعية . وفي حال تمت الموافقة على إنشاء ثلاث مناطق صناعية جديدة وهي سمائل وعبري ومسندم فسوف تصاف مساحة قدرها 16 مليون متر مربع من الأراضي الصناعية للمجموع الكلي ما يعد تميزا طبعا، يضاف لذلك منطقة تقنية المعلومات بواحة المعرفة في العاصمة والتي تتميز بتوفير ما له علاقة بتقنية المعلومات والاتصالات. تتميز هذه المنطقة بأنها تضم أفراد لمؤسسين يعملون في في محال بعمل الحاسة فضلا غن شركات عالمية مثل (مايكروسوفت واوركل). إضافة لذلك، هنا ثلاث مناطق حرة وهي المنطقة الحرة بصحار وميناء صحار الصناعي والمنطقة الحرة بالمزيونة. الأمل كبير بأن تساهم المناطق الصناعية من جهة والمناطق الحرة من جانب آخر بتكامل الأدوار وفي ذلك خدمة كبيرة للشعب العماني المتعطش للعمل وفرصة لمعالجة آفة البطالة وما لها من تداعيات على واقع المعيشة في السلطنة. تتراوح نسبة البطالة في عمان ما بين 12 و 15 في المائة في أوساط الموطنين الراغبين في العمل. بل ترتفع النسبة في حال إضافة الإناث في سن العمل واللاتي قررت عدم البحث عن وظائف بقصد التفرغ للاهتمام بالمنزل ضاربة بذلك أروع الأمثلة في الإيثار. تعتبر نسبة البطالة في عمان مرتفعة وتشكل تعطيلا للإمكانات البشرية الموجودة في البلاد. لا شك يعتبر كل عاطل عن عمل عبارة عن طاقة معطلة وخصوصا بالنسبة للمتعلمين والمدربين. وهنا لا بد من التعاطي بشكل حساس مع الديمغرافية حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن 31 في المائة من السكان هم دون سكن الخامسة عشرة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة لسوق العمل في المستقبل القريب نسبيا. طبعا، يبحث شباب اليوم على فرص عمل تتناسب وتطلعاته في عصر العولمة حيث سهولة انتشار المعلومة. بل تؤكد رؤية عمان 2020 إلى أهمية تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. يشكل المواطنون أكثر من 90 في المائة من القوى العاملة في القطاع الحكومي الأمر الذي يعني محدودية إمكانية إيجاد فرص عمل جديدة في الدوائر والمؤسسات الرسمية. في المقابل، تشكل العمالة المحلية قرابة 30 في المائة من العاملين في القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، تؤكد رؤية عمان 2020 على ضرورة تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. يتناسب الحديث حول تطبيق مرئيات مع رؤية عمان 2020 من حيث التوقيت باتجاه الدفع بتقليص الاعتماد على القطاع النفطي . فحسب الإحصاءات الرسمية، شكل القطاع النفطي بما ذلك الغاز الطبيعي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة فضلا عن أكثر من ثلثي دخل الخزانة العامة. . بكل تأكيد، لا يمكن تصور توظيف غالبية الباحثين عن العمل في المؤسسات التابعة للدولة لسبب جوهري وهو استحواذهم على نحو 90 في المائة من فرص العمل للعمانيين في الوقت الحاضر. وفي هذا الإطار، تتوقع رؤية عمان 2020 إلى انخفاض نسبة العمالة الوطنية في مؤسسات الدولة من 90 في المائة في الوقت الحاضر إلى 68 في المائة مع نهاية المدة الزمنية. ومن شأن بعض النتائج الايجابية والتي حققت في العام الماضي تعزيز المكاسب الاقتصادية وخصوصا بالنسبة للقطاع الصناعي. فقد تبين بأن الإنتاج النفطي ارتفع بنسبة 2.3 في المائة في العام 2011 إلى نحو 885 ألف برميل في اليوم. كما ارتفع متوسط سعر البرميل من قرابة 77 دولار للبرميل في 2010 إلى 102 دولار للبرميل في 2011 على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة في سنة انطلاق الربيع العربي. وكانت عمان قد أعدت ميزانية كل من 2011 و 2010 بمتوسط سعر للنفط قدره 58 دولار و 50 دولار للبرميل. المطلوب بكل تأكيد الاستفادة من الفوائض النفطية بغية تقليص الاعتماد على القطاع النفطي عبر تعزيز النفقات العامة. بمعنى آخر، نرى صواب قيام صناع القرار بتوظيف الإمكانات النفطية بهدف تقليص الاعتماد على هذا القطاع لصالح القطاع الصناعي الأمر يخدم ومسألة التخطيط السليم حتى يتسنى للقطاع العام ممارسة دور قيادي في إدارة دفة الاقتصاد الوطني.
2932
| 10 مارس 2012
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4068
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1734
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1575
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1218
| 07 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
885
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
555
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية