رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك مقولة مميزة في علم الإدارة مفادها أن الإنسان حر في اختيار القرار ولكن ليست تداعياته تماما كمن يقود سيارته بسرعة فائقة، ويبدو لي بأن هذه المقولة تنطبق بالضرورة على البحرين وتحديدا طريقة التعامل الأمني مع المسيرات السلمية المطالبة بإجراء إصلاحات، فقد لجأت الجهات الأمنية لخيار العنف بادئ الأمر الذي ألحق أضرارا لا تقدر بثمن بالاقتصاد البحريني على المديين القصير والمتوسط. إلغاء الفورمولا واحد باختصار، تشمل التداعيات الاقتصادية لسياسة العنف في التعامل مع المظاهرات السلمية التسبب في إلغاء سباق الفورمولا واحد وتخفيض الملاءة المالية للبحرين ونقل أحد المؤتمرات المالية من البحرين إلى دبي فضلا عن حصول تراجع للحركة على جسر الملك فهد. ففي خطوة نادرة، تقرر إلغاء فعالية الفورمولا واحد في شهر مارس في البحرين والتي كانت من المفترض أن تكون فاتحة موسم للعام 2011. ويمثل إلغاء فعالية الفومولا واحد ضربة قوية لجهود البحرين بفرض نفسها كمركز رئيس لسباق السيارات على مستوى الشرق الأوسط، وكانت البحرين قد استضافت الفعالية الرياضية الاقتصادية للمرة الأولى في العام 2004 لكن انضمت إليها أبو ظبي باستضافة إحدى مراحل المسابقة ابتداء من العام 2009، ومن المقرر أن تستضيف أبو ظبي المرحلة رقم 18 أي قبل الأخيرة إلى شهر نوفمبر من العام الجاري في ظل غياب البحرين من الموسم الجديد.تشتهر هذه المسابقة والتي تعد ثالث أشهر رياضة بعد الأولمبياد وكأس العالم من حيث عدد المشاهدين بفرض الدولة المضيفة على خارطة الرياضة العالمية لمدة ثلاثة أيام متتالية، من جملة الأمور، تساهم الفعالية في تحقيق مكاسب اقتصادية بالنسبة للعديد من القطاعات مثل الطيران، والمواصلات والضيافة وأماكن بيع الهدايا، وفي السياق نفسه، من شأن يتسبب إلغاء فعالية الفورمولا واحد التسبب في تراجع في مجال الإنفاق الإعلاني في البحرين نظرا لقدرة هذا الفعالية على استقطاب الرعاة. وكان تقرير حديث للشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك) قد كشف عن تسجيل نسبة نمو قدرها 37 في المائة في 2010 في الإنفاق الإعلاني في البحرين أي الأعلى على مستوى مجلس التعاون الخليجي. تتمثل الخسارة الثانية وراء قرار استخدام العنف بتوجه مؤسسات الملاءة المالية لتخفيض الدرجة الممنوحة للبحرين بسبب التخوف من تفاقم الأوضاع، ففي خطوة لافتة، قررت مؤسسة ستندارد أند بور تخفيض المستوى الائتماني للبحرين للأجلين الطويل والقصير درجة واحدة إلى (أي ناقص وأي ناقص 2) على التوالي، كما قررت المؤسسة نفسها وضع البحرين تحت المراقبة تحسبا لإجراءات جديدة في المستقبل القريب ما يشكل عبئا إضافيا للسمعة المالية للبلاد. يلاحظ في هذا الصدد إبقاء مؤسسة ستندارد أند بور في نهاية 2010 على الملاءة المالية وبالتالي عدم الانسياق وراء خطوة وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، وكانت موديز قد انفردت من بين مؤسسات الملاءة المالية في صيف 2010 بتخفيض المستوى الائتماني للبحرين من (أي 2 إلى أي 3) بسبب مخاوف من عدم وجود مرونة كافية في وضع المالية العامة للدولة بسبب ارتفاع وتيرة النفقات الحكومية. وليس من المستبعد أن تنفذ موديز تهديدها بإجراء تخفيض آخر للمستوى الائتماني للبحرين بسبب تطورات الأوضاع السياسية والأمنية. ومن شأن إجراءات مؤسسة ستندارد أند بور فضلا عن تهديدات وكالة موديز رفع كلفة الاقتراض السيادية للبحرين ما يشكل حرجا للقائمين على إدارة دفة الاقتصاد. مؤكدا، يجب أن يوجه المسؤولون اللوم لأنفسهم لحدوث هذه التطورات السلبية بسبب اللجوء للخيار الخاطئ في التعامل مع تطورات سياسية ذات طابع سلمي بحت. من جهة أخرى، قررت مؤسسة (ميد) والتي تشتهر بإصدار مجلية أسبوعية متخصصة في الشؤون المالية والاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط بنقل مؤتمر مالي مزمع عقده في الفترة ما بين 28 فبراير حتى 2 مارس من البحرين إلى دبي، يتميز هذا المؤتمر بجمع الأطراف ذات العلاقة في صناعة التمويل الأمر الذي يفوت على البحرين فرصة تعزيز مكانتها كمركز مالي في المنطقة، في المقابل، من شأن نقل المؤتمر إلى دبي خدمة سمعة جهة منافسة للبحرين في صناعة الخدمات المالية. إضافة إلى ذلك، هناك خسائر ترتبط بعدم قدرة البحرين في المحافظة على عدد الزوار القادمون عبر جسر الملك مؤخرا ما يعني فقدان عدد غير قليل من المحال التجارية لزبائنهم. من جملة الأمور، يتمتع رعايا المملكة العربية السعودية، والذين عادة يزورون البحرين في عطلة نهاية الأسبوع مستفيدين من الحياة الليبرالية، بقدرات مالية والرغبة في الشراء. بل تعتمد خمسة مجمعات تجارية قريبة من دوار اللؤلؤ والتي تعتبر نقطة تجمع للمطالبين بإجراء إصلاحات في البحرين، بشكل أساس على التجارة القادمة مع الزوار من السعودية، وقد أقدم عدد من المجمعات التجارية بغلق أبوابها أكثر من مرة في الآونة الأخيرة تخوفا من حدوث صدامات. وما يبعث على الاطمئنان هو قيام السلطات قبل أكثر من أسبوع بسحب القوات النظامية فضلا عن عناصر الشغب من محيط منطقة دوار اللؤلؤ بشكل خاص الأمر الذي أسهم بعودة الحياة التجارية في هذه المنطقة الحساسة من العاصمة المنامة. كما قامت السلطات بخطوة إيجابية أخرى تمثلت في إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين وبالتالي تهيئة الأرضية لتحقيق حلول سياسية للتحديات التي تواجه البحرين. ختاما، يحدونا الأمل بتخلي السلطات عن خيار العنف في التعامل مع التحديات التي تواجه البحرين، مؤكدا، تواجه كل دولة في العالم تحديات وفرص بحاجة لحسن التعامل معها، ويمكن الزعم بأنه ليس بمقدور قدرة خيار العنف تحقيق مكاسب قابلة للاستمرار.
518
| 27 فبراير 2011
نرى صواب توجه دول مجلس التعاون الخليجي لإبرام معاهدات للتجارة الحرة والاتفاقيات الإطارية مع الدول والكيانات الاقتصادية حول العالم. حديثا فقط، وقعت دول مجلس التعاون الست في أبو ظبي، كون الإمارات رئيسة الدورة، اتفاقية إطارية للتعاون التجاري والاستثماري والفني مع ماليزيا. ومن شأن الاتفاقية تعزيز الاستثمار والتجارة البينية عبر خطوات تشمل القضاء على المعوقات الجمركية مثل التعريفات وغير الجمركية مثل الإجراءات الإدارية. وتتمثل الخطوات اللافتة تشكيل لجنة مشتركة من المختصين والخبراء بهدف متابعة تنفيذ الاتفاقية ومعالجة العقبات. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ القيمة المالية للتجارة البينية بين دول مجلس التعاون وماليزيا نحو 30 مليار دولار وهر رقم لافت بكل تأكيد. ويلاحظ تمتع ماليزيا بفائض قدره 1.5 مليار على ما يبدو بسبب نوعية الصادرات الماليزية لدول المنطقة. تشمل السلع الماليزية المصدرة لدول مجلس التعاون الآلات والأجهزة والأثاث فضلا عن المجوهرات والزيوت النباتية. في المقابل، تتركز الصادرات الخليجية على النفط الخام والمشتقات النفطية مثل البتروكيماويات. من جملة الأمور اللافتة، ترغب ماليزيا بالاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية المتنامية في دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا قطر. ويلاحظ ارتباط شركات ماليزية بمشاريع لإنشاء مطار الدوحة الدولي الجديد. وليس من المستبعد حصول مؤسسات ماليزية على عقود لإقامة منشآت ترتبط باستضافة قطر لفعاليات كأس العالم 2022. بالعودة للوراء، أبرمت دول مجلس التعاون بشكل جماعي وللمرة الأولى اتفاقية للتجارة الحرة لها مع سنغافورة في نهاية العام 2008. لا شك أسهمت بعض الحقائق الجوهرية في إبرام هذه الاتفاقية منها توفير دول مجلس التعاون لنحو 40 في المائة من الواردات النفطية لسنغافورة. تعد موانئ سنغافورة مصدرا حيويا للنفط الخليجي الموجه لجنوب شرق آسيا نظرا لنجاح الاقتصاد السنغافوري في فرض نفسه بتلك البقعة من العالم. تحتل الاقتصادات الخليجية المرتبة السابعة من حيث الأهمية النسبية للتجارة الخارجية لسنغافورة وهي مسألة جديرة بكل تأكيد. وقد شكلت هذه الاتفاقية فاتحة خير لإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى. ففد وقعت دول مجلس التعاون الخليجي في منتصف العام 2009 اتفاقية للتجارة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية والمعروفة اختصارا بمنظمة (ايفتا). تضم الرابطة كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. تهدف الاتفاقية مع رابطة ايفتا إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات لتسوية المنازعات. وفي شهر (أبريل) من العام 2010، وقعت دول مجلس التعاون الخليجي مذكرة تفاهم مع منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا والمعروفة اختصارا بمجموعة (الكوميسا). تضم منظمة الكوميسا 19 دولة تقع في شرق وجنوب إفريقيا تشمل كينيا وأوغندا وزامبيا.بيد أنه هناك معضلة التوصل لاتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت المحادثات بين الطرفين قد بدأت في العام 1988 بهدف إنشاء منطقة حرة لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة بين الحين والآخر قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.مؤكدا، شكل تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة بداية 2008 للدول الست قوة تفاوضية عند التحاور مع الأطراف الأخرى لغرض إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة بدءا بسنغافورة. المطلوب، تعزيز هذا المشروع الإستراتيجي والذي يقدم دول مجلس التعاون كوحدة اقتصادية متكاملة في عصر التكتلات الاقتصادية كما هي الحال مع الاتحاد الأوروبي والذي يضم 27 دولة حتى الآن. مؤكداً تقتضي مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي عدم الابتعاد عن الركب العالمي.يساهم مشروع السوق الخليجية المشتركة في تعزيز جاذبية المنظومة الخليجية بالنسبة لمختلف الأطراف الدولية. على سبيل المثال، تأمل نيوزيلندا إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي كما تبين من جولة وزير التجارة النيوزيلندي تيم غروسر لدول المنطقة في العام 2010. بل هناك رغبات من أطراف دولية مختلفة بهدف التوصل لإنشاء منطقة للتجارة الحرة أو على أقل تقدير اتفاقيات إطارية مع دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة اقتصادية. لا شك ترغب مختلف دول العالم بالاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في الدول الست بما في تلك المرتبطة بفعاليات كأس العالم 2022. تمثل الموازنات العامة لدول الخليج خصوصا نصيب خانة المشاريع من قبيل تخصيص 12 مليار دولار أي 37 في المائة من النفقات العامة لموازنة قطر للسنة المالية 2010-2011 للمشاريع التنموية. وتشمل هذه المشاريع تطوير المطار والميناء وشبكة الطرق فضلا عن الكهرباء والماء وهي أمور تخدم الدورة الاقتصادية.كما تشمل موازنة السعودية للسنة المالية 2011 والتي تبلغ 154 مليار دولار مخصصات ضخمة لبعض الأمور الحيوية مثل 40 مليار دولار للتعليم والتعليم العالي والتدريب أي ما نسبته 26 في المائة من مجموع النفقات. إضافة إلى ذلك، تشمل الميزانية مخصصات قدرها 18 مليار دولار للقطاعين الصحي والتنمية الاجتماعية.بمعنى آخر، هناك الكثير من الأسباب التي تساهم في جاذبية الأسواق الخليجية بالنسبة لمختلف الدول والكيانات الاقتصادية. بل تتميز دول المجلس بتطبيق مبادئ التجارة الحرة مع الشركاء التجاريين بدليل الغياب الفعلي للضرائب وحرية الوصول للأسواق وعدم وجود عراقيل تذكر على الاستثمارات الأجنبية فضلا عن توافر القدرة الشرائية.
1157
| 20 فبراير 2011
يزعم هذا المقال بأن هناك تداعيات سياسية للأخطاء الاقتصادية ويؤكد أن القادة السياسيون يدفعون ثمنا غاليا عند إظهار اللامبالاة حيال الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمجتمع.لا شك بأن أحداث مصر هي التي دفعتنا للكتابة حول هذا الموضوع، لكن يبدوا لنا بأن الشعب المصري قرر الانتفاضة لكرامته وليس بالضرورة لأسباب معيشية واقتصادية. فقد أقدم النظام على عدم الاكتراث برأي الشعب تماما كما حدث في الانتخابات البرلمانية نهاية 2010. ويزخر التاريخ الحديث بالكثير من الشواهد بوجود أعباء باهظة لإهمال التحديات الاقتصادية حتى في ظل تحقيق انتصارات في السياسة الخارجية. ولا أدل على ذلك من فشل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش بالفوز لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية للعام 1992 رغم خروجه منتصرا من حرب تحرير الكويت وغزو بنما وسقوط جدار برلين. وقد لامست هذه التجربة الرئاسية عن قرب حيث كنت أدرس حينها في الولايات المتحدة، ورأيت عدم قدرة بوش الأب على توظيف أحداث دولية تخص بلاده في كسب رأي الشعب الأمريكي في ظل وجود أزمة مديونية الحكومة الفدرالية. بل نجح منافسه بيل كلينتون في توظيف بعض الحقائق الاقتصادية لصالحه وخصوصا موضوع زيادة الضرائب. وكان الرئيس الجمهوري بوش قد اشتهر باستخدام عبارة (أقرأ شفتاي لا ضرائب) لكنه اضطر في نهاية المطاف للموافقة على زيادة الضرائب لمواجهة العجز في المالية العامة بقرار من الكونجرس والذي كان خاضعا في ذلك الحين لسيطرة الحزب الديمقراطي. وربما دفع بوش ثمنا لسياسات سلفه رونالد ريغان والذي عمل نائبا له والتي اشتهرت بتبني برنامج طموح حمل اسم حرب النجوم في ذروة الحرب الباردة مع ما كان يعرف سابقا بالاتحاد السوفيتي. وقد كشفت تجربة خسارة بوش الأب بأنه من الخطأ بمكان الاعتقاد بأن تحقيق نجاح في السياسية الخارجية قد يجلب نجاحا مضمونا في الداخل. وربما هذا يفسر جانب من مدى اهتمام الساسة الأمريكيين بالتركيز على القضايا المحلية وخصوصا المعيشية لضمان حصولهم على ثقة الناخبين. وتبين حديثا بأن الرئيس باراك أوباما ركز على القضايا المحلية أثناء إلقاء أول خطاب له في شهر يناير 2011 عن حالة الاتحاد. وكان لافتا عدم ذكر الكثير من التحديات السياسية موضع اهتمام الولايات المتحدة وخصوصا القضية الفلسطينية. وفي هذا الإطار ٍسألت دبلوماسيا أمريكيا عن سبب إهمال أوباما لقضايا دولية تعد حجر الزاوية في السياسية الأمريكية فكان الرد بأن الأمر مرده توقع الشعب الأمريكي من رئيسه الحديث عن قضايا محلية مثل الضرائب والخدمات الصحية والتعليمية في ظل عدم وجود تهديد خارجي محدد أو سياسية خارجية يود الرئيس الدفاع عنها. وفي الأرجنتين في العام 2001، أقدمت الحكومة على وضع ضوابط على عمليات سحب المودعين لأموالهم بهدف الحد من حالات السحب. وقد حدث التطور كرد فعل على خطوة نسبة مؤثرة من المودعين بسحب أموالهم من البنوك وتحويلها لدولارات وإرسالها للخارج على خلفية تفشي أزمات اقتصادية منها التضخم والبطالة وفقدان الثقة في اقتصاد البلاد.وشملت الخطة الحكومية تجميد عمليات السحب لمدة عام مع بعض الاستثناءات فيما يخص مع متطلبات المعيشة في إطار برنامج تقشف بهدف القضاء على العجز المالي للقطاع العام في ظل شبه انعدام احتياطي البلاد من العملة الصعبة. عرفت خطة وضع حد لعمليات السحب ببرنامج (كوراليتو). وقد أدت الأزمة إلى حدوث صدامات دامية بين الناس والشرطة إلى فرار الرئيس (فرناندو ديلارو) في نهاية 2001 الأمر الذي أساء لسمعة ومكانة البلاد على المستوى العالمي. وكان (ديلارو) قد انتخب رئيسا للبلاد في العام 1999 لكنه ورث وضعا اقتصاديا لا يحسد عليه نتيجة تراكمات شملت سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم وحرب الفوكلاند ضد بريطانيا وتنامي المديونية. بدوره دفع الرئيس الأندونيسي سوهارتو بكرسي الحكم ثمنا لسلسلة قرارات صعبة في أعقاب الأزمة الآسيوية في 1997 والتي تسببت في تراجع في قيمة العملة الوطنية (الروبية) الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم المستورد وبالتالي المستوى المعيشي للمواطنين. وقد امتد حكم سوهارتو لمدة 32 عاما ولكن لم تفده خبرته في تفادي غضب الشعب. وشملت الخطوات التي اتخذها سوهارتو رفع أسعار المحروقات والكهرباء والمواصلات العامة في إطار البحث عن مصادر جديدة للإيرادات وتقليص النفقات العامة. وربما كانت هذه الخطوات ضرورية في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي لكنها جاءت في التوقيت الخطأ بالنسبة للناس والذي كانوا يعانون الأمرين أصلا بسبب انتشار الفقر والبطالة والتضخم. وقد اشتهرت أندونيسيا إبان حكم سوهارتو كواحدة من أسوأ الاقتصاديات على مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية. يقيس هذا المؤشر الحيوي مدى استعداد المسؤولين لتقبل الرشاوى لتنفيذ أمور تدخل في صلب أعمالهم العادية كموظفين في القطاع العام. كما اشتهر سوهارتو بالمبالاة بهموم شعبه في هذه البلاد المترامية الأطراف حيث التركيز على العاصمة جاكرتا على حساب المناطق البعيدة والنائية. تبلغ مساحة البلاد 1.9 مليون كيلومتر مربع وبها مئات الجزر. من جملة الأمور، أدت الأخطاء السياسية والاقتصادية أدت في نهاية المطاف إلى تنازل السلطة عن منطقة (تيمور الشرقية) وسط ضغوط دولية. ختاما، ليس من الصواب بل من الخطأ الجسيم للسياسيين لتركيز على الأمور السياسية على حساب القضايا الاقتصادية والمعيشية لأنه كما يقال في الولايات المتحدة فإن الناخبين يدلون بأصواتهم لمن يخدم مصالح محافظهم أكثر من غيرهم وفي ذلك إشارة للوضع المعيشي. فمن الممكن تحقيق انتصارات خارجية أحيانا ولكن ليس في كل الأوقات.
374
| 13 فبراير 2011
يعاني الاقتصاد المصري من صعوبات متنوعة لا تقتصر على البطالة والتضخم والمديونية، بل هناك أوجه قصور بدليل عدم تحقيق مصر لنتائج إيجابية على بعض المؤشرات الدولية الحيوية التنافسية الاقتصادية ومدركات الفساد فضلا عن محدودية القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ابتداء، تعتبر البطالة مشكلة رئيسة في مصر حيث تبلغ نحو 10 في المئة حسب الإحصاءات لكن أعلى من ذلك استنادا لمصادر أخرى، بل لا تشمل هذه الإحصائية نواقص أخرى مثل استعداد الكثيرين بالعمل في وظائف تقل عن مستوياتهم العلمية والعملية لكنهم لا يجدون بدا من قبولها لضمان تأمين لقمة العيش لهم ولأحبتهم. حقيقة القول، تعاني مصر من حالة بطالة في الوقت الذي تشكل فيه القوى العاملة نحو ثلث السكان وهي نسبة متدنية قياسا بما هو سائد في العالم، بل نصف ما عليه الحال في الولايات المتحدة. وليس من المستبعد تفاقم الأزمة في المستقبل المنظور نظرا لأن ثلث السكان هم دون سن الخامسة عشرة، ما يعني دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل بحثا عن وظائف تتناسب وتطلعاتهم.كما يواجه الاقتصاد المصري ديونا تبلغ نحو 30 مليار دولار. من الناحية الإحصائية، يعتبر هذا المستوى من المديونية في حدود السيطرة كونه يشكل نحو 6 و13 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي حسب مفهم القوة الشرائية وبالأسعار الجارية، على التوالي. وربما يكمن السبب الرئيس للمديونية غير المرتفعة إلى صعوبة حصول مصر على مصادر تمويل دولية بسبب معضلة الثقة. بيد أنه تعاني السلطات المصرية من صعوبات في تأمين العملات الصعبة لدفع خدمة الدين فضلا عن أصل الدين. وفي هذا الإطار، تعتمد السلطات المصرية على عائدات القطاع السياحي والتي بلغت 13 مليار دولار في العام 2010. أما المصدر الآخر فهو تحويلات العمالة المصرية والتي تبلغ نحو 8 مليارات دولار سنويا. ويشار إلى تعرض هذين المصدرين لانتكاسة بعد المظاهرات التي اندلعت في أرض الكنانة مطالبة برحيل نظام الرئيس حسني مبارك. وللأسف، تعرضت الملاءة المالية المصرية لمشكلة جديدة الأسبوع الماضي بعد قيام كل من مؤسستي موديز وستنداد أند بور وبشكل منفرد بتخفيض المستوى الائتماني على خلفية المظاهرات التي اجتاحت البلاد. بل هددت ستنداد أند بور والتي خفضت الدرجة الائتمانية لمصر من (بي زائد) إلى (بي بي) بإجراء تخفيض إضافي في غضون ثلاثة شهور.كما هناك معضلة التضخم والتي تم تقديرها بنحو 13 المئة في العام 2010 ومؤكداً أنها تفاقمت بعد اندلاع الأزمة الداخلية بسبب النقص في المواد التموينية وتراجع قيمة الجنيه المصري، يعتبر التضخم أكبر عدو لأي اقتصاد لأنه يعكس عجز السلطات على تبني سياسات اقتصادية سليمة، بل تعاني مصر من الثنائي الخطير أي التضخم والبطالة ما يشكل تهديدا للسلم الاجتماعي.من جهة أخرى، لا تمنح غالبية المؤشرات الدولية درجات متميزة للاقتصاد المصري لأسباب موضوعية، على سبيل المثال، حصل الاقتصاد المصري على المرتبة رقم 81 من بين 139 اقتصادا مشمولا في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2010. يتمتع تقرير التنافسية بشهرة عالمية نظرا لجهة الإصدار أي المنتدى الاقتصادي العالمي ومقدره مدينة دافوس السويسرية، ويلاحظ أن ترتيب الاقتصاد المصري حل خلف بعض الاقتصادات الإفريقية غير المتميزة مثل رواندا وبتسوانا. كما تتأخر مصر في تقرير مدركات الفساد والذي تصدره منظمة الشفافية الدولية والذي يقيس مستوى الفساد في المعاملات الرسمية استنادا لدارسات ميدانية تنفذها مؤسسات مرموقة مثل مجموعة الإيكونومست البريطانية والبنك الدولي ودار الحرية ومؤسسة البصيرة العالمية وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الإفريقي، وقد حصلت مصر على المرتبة 98 من بين 178 مشمولا في التقرير. وقد جمعت مصر على 3.1 من النقاط على المؤشر المكون من 10 نقاط، تعتقد المنظمة أن المطلوب من أي دولة لم تجمع 7 نقاط تنفيذ إصلاحات إدارية ومالية شاملة. تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية، مؤكدة بأن بين عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. في المقابل، حافظت قطر على موقع الصدارة على مؤشر مدركات الفساد بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 19 عالميا. وقد جمعت قطر 7.7 من النقاط الأمر الذي يجعلها في مصاف الدول غير المطالبة بإجراء تغييرات نوعية في أطرها التشريعية. إضافة إلى كل ذلك، واجهت مصر في الآونة الأخيرة صعوبات في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي بدورها تعتبر دليلا على مدى اقتناع المستثمرين الدوليين بالاستثمار في أي بلدا ما، كما تتميز هذه الاستثمارات والتي تشمل المصانع ببقائها في البلدان خلاف الاستثمارات في البورصات والتي تعد مهيأة للمغادرة في أي لحظة. فقد كشف تقرير الاستثمار العالمي للعام 2010 الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد بتراجع قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لمصر من 11.6 مليار دولار في العام 2007 إلى 9.5 مليار دولار في 2008 ومن ثم 6.7 مليار دولار في 2009. يعد هذا المستوى من مقارنة مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي والتي بلغت 35.5 مليار دولار في السعودية و8.7 مليار دولار في قطر في العام 2009 وهي آخر سنة تتوافر حولها هكذا إحصاءات. مؤكدا، بعد نحو ثلاثة عقود في السلطة، لم ينجح حسني مبارك بقيادة الاقتصاد المصري إلى شاطئ الأمان.
436
| 06 فبراير 2011
نجحت الجهات المنظمة وفي مقدمتها كلوس شواب في اختيار العبارة (الحقيقة الجديدة والمعايير المشتركة) عنوانا لمنتدى دافوس 2011. باختصار، تشير هذه العبارة للاقتصادات الصاعدة وخصوصا الصين والهند وروسيا والبرازيل.وكان لافتا إلقاء الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف كلمة في افتتاح المنتدى بتاريخ 26 يناير (كانون الثاني) ما يعد تقديرا للدور المتنامي لروسيا. الأدلة على ذلك كثيرة وليس آخرها حصول روسيا على حق تنظيم مسابقة كأس العالم 2018.أكبر 10 اقتصاداتحقيقة القول، تعتبر اقتصادات الصين والهند وروسيا والبرازيل من ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم استنادا لمبدأ الناتج المحلي الإجمالي حسب مفهوم القوة الشرائية. فحسب إحصاءات البنك الدولي، تعتبر الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وألمانيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والبرازيل وايطاليا صاحبة أكبر 10 اقتصادات في العالم على التوالي.طبعا تقل الأهمية النسبية لاقتصادات الصين والهند وروسيا والبرازيل عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الاسمية لأن هكذا حسبة لا تأخذ في عين الاعتبار مبدأ القوة الشرائية للاقتصادات المحلية. على سبيل المثال، يتراجع ترتيب الاقتصاد الهندي للمرتبة رقم 11 بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الاسمية. لا شك يمتلك الدولار الأميركي الواحد قوة شرائية في الهند والصين أكبر منه في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.الصين ثاني أكبر اقتصادوفي كل الأحوال، هناك تقدير خاص للاقتصاد الصيني عبر مساهمته بعودة الحياة للاقتصاد العالمي بعد أزمة الرهن العقاري التي تجلت في النصف الثاني من العام 2008. تتمثل المساهمة الصينية بتسجيل نمو فعلي قدره 10.3 في المائة في 2010 مقارنة مع نسبة لا تقل أهمية في العام 2009 قدرها 9.2 في المائة. وقد تحقق هذا النمو الاقتصادي المميز على خلفية نمو الطلب المحلي من جهة والقدرة على التصدير من جهة أخرى. من جملة الأمور، تعتبر السلع المصدرة في الصين ملاذا لمستهلكين حول العالم بسبب توافرها بأسعار في متناول الجميع.وفي تطور مثير لكنه ربما مفهوم، نجحت الصين مؤخرا في إقصاء اليابان كصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة. فحسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة والصين واليابان حسب مفهوم القوة الشرائية نحو 15 تريليون دولار و10 تريليونات دولار و4.3 تريليون دولار للبلدان الثلاثة على التوالي.لكن يبدوا أن هناك تفهما في اليابان لهذا التطور بالنظر لتبيان الإمكانات بين البلدين. قبل فترة سألت دبلوماسيا يابانيا عن رأيه بتفوق الاقتصاد الصيني من حيث الحجم على حساب نظيره الياباني فأعرب وبكل ثقة بأن الأمر كان متوقعا نظرا للإمكانات التي تمتلكها الصين من حيث عدد السكان والمساحة والموارد. وشدد محدثي بأن المسألة لم تكن أكثر من وقت قبل نجاح الصين في تحقيق الغلبة من حيث حجم الاقتصاد.ورأيت نفسي متفقا مع ما ذكره الدبلوماسي وذلك بالنظر لبعض الإحصاءات الحيوية حيث يزيد عدد السكان في الصين على مليار و300 مليون نسمة مقارنة مع 127 مليونا في اليابان. كما تعتبر الصين رابع أكبر دولة عالميا بالنسبة للمساحة بعد روسيا وكندا والولايات المتحدة حيث تقل مساحتها قليلا عن الأخيرة. في المقابل، يأتي ترتيب مساحة اليابان في المرتبة رقم 61 دوليا. خلافا لليابان، تمتلك الصين الكثير من الموارد الطبيعية.استقطاب الاستثماراتكما تتميز الصين بمنافسة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على استقطاب الاستثمارات الأجنبية مباشرة كما كشف ذلك تقرير الاستثمار العالمي 2010، ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصار باسم (الأونكتاد). بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للولايات المتحدة والصين 129 مليار دولار و95 مليار دولار في العام 2010 على التوالي.وعلى هذا الأساس، احتلت الصين المرتبة الثانية دوليا بعد الولايات المتحدة فيما يخص استقطاب الاستثمارات الدولية عبر استحواذها على 8.5 في المائة من قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في العالم في 2010 وقدرها 1114 مليار دولار.بدورها، استقطبت الهند استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 34.6 مليار دولار أي أكثر بكثير من اليابان والتي حصدت أقل من 12 مليار دولار في السنة نفسها.المعايير والقواعد المشتركةالمثير بالنسبة لدافوس 2011 التركيز على الاقتصادات الصاعدة لكن مع التأكيد بأن غالبية المتحدثين ليسوا من الصين أو الهند بل من الاتحاد الأوربي من قبيل الرئيس الفرنسي نكيولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركر ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.طبعا هناك بعض الاستثناءات مثل الرئيس الروسي الذي ركز في كلمته في جلسة الافتتاح على قضايا موضع اهتمام العالم بأسره مثل نزع الأسلحة. وقد استغل ميدفيديف المنتدى للتأكيد بأنه سوف يوقع على وثيقة معاهدة روسية أميركية تهدف لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية.وربما هذا يفسر النصف الثاني من عنوان المؤتمر أي المعايير المشتركة. ويفهم من هذا العنوان فرضية استفادة القادة الأوروبيين للمناسبة للتأكيد على وجود قواسم مشتركة مع الدول البارزة اقتصاديا مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا. تشمل القواسم المشتركة إطلاق العنان لقوى السوق لتبحث بنفسها عن أفضل الخيارات المتوافرة.ختاما، يحسب للمنتدى الاقتصادي العالمي قدرته على التجديد رغم مرور 41 سنة على الفعالية السنوية التي تحضنها بلدة دافوس في سويسرا. لا شك بأننا نعيش في عصر العولمة حيث الغلبة للقوة الاقتصادية وبالتالي القدرة على تحقيق مآرب الشعوب.أخيرا، كان لافتا ما ذكره الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد الأسبوع الماضي عندما ذكر مواطنيه بالتركيز على الابتكار والإبداع لتحقيق التنافسية في عصر بروز الصين والهند كقوتين اقتصاديتين.
580
| 30 يناير 2011
يعتبر مشروع ميزانية البحرين للسنتين الماليتين 2011 و2012 الأكبر على الإطلاق في تاريخ البلاد الأمر الذي يكشف رغبة الجهات الرسمية في استمرار القطاع العام بقيادة الاقتصاد الوطني للتعافي بشكل كامل من تداعيات الأزمة المالية العالمية. طبعا، المأمول أن تتخذ مؤسسات القطاع الخاص خطوات مماثلة للاستثمار في الاقتصاد المحلي. يقتضي التوجه العالمي بنيها توصيات مجموعة العشرين بتولي القطاع العام دور القيادة لمعالجة الآثار السلبية للأزمة عبر زيادة النفقات العامة. تشكل نفقات الدولة حوالي 30 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية للقطاع العام في الاقتصاد البحريني. ومن شأن زيادة النفقات العامة المساهمة في تسجيل نتائج مرغوبة في الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي مواجهة بعض التحديات الاقتصادية خصوصا مسألة إيجاد فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين. إضافة إلى ذلك، غالبا ترى مؤسسات القطاع الخاص في نمو المصروفات دليلا ماديا على رغبة الجهات الرسمية بتنشيط الأوضاع الاقتصادية وبالتالي قد تقدم على خطوات مماثلة. حقيقة القول، تتميز البحرين بإقرارها ميزانية سنتين ماليتين في آن واحد لتحقيق أهداف منها منح مؤسسات القطاع الخاص فرصة معرفة اتجاهات الصرف للدولة وبالتالي التخطيط للاستفادة من مشاريع القطاع العام. بيد أنه تكمن المعضلة بعدم ضمان تحقق الأرقام المقدرة بالنظر لارتباط الميزانية بتطورات الأوضاع في القطاع النفطي.من جملة الأمور التي تميز مشروع ميزانية 2011 و2012 افتراض متوسط سعر قدره 80 دولارا للبرميل أي ضعف الرقم الذي تم اعتماده للسنتين الماليتين 2009 و2010. حقيقة القول، الخطوة لها ما يبررها لأنها تقل عن الأسعار السائدة بشكل نسبي في الأسواق العالمية والتي يتوقع أن تبقى ما بين 90 و100 دولار للبرميل خلال 2011 على أقل تقدير.ويكمن السبب الجوهري لافتراض قيمة مضاعفة لبرميل البترول للحد من مستوى العجز في الميزانية العامة. لا شك، تعاني ميزانية كل من 2011 و2012 من عجز لكن قد يرتفع حجم العجز أكبر وخارج السيطرة في حال تبني سعر منخفض لبرميل البترول. تبلغ قيمة المصروفات المقدرة للسنة المالية 2011 تحديدا 6786 مليون دولار مقارنة مع إيرادات قدرها 5802 مليون دولار ما يعني وجود عجز قدره 984 مليون دولار. تزيد النفقات المقدرة للسنة المالية 2011 بنحو 9 في المائة عن تلك المقدرة أصلا للعام 2010 الأمر الذي يؤكد ما أشرنا إليه سلفا برغبة الجهات الرسمية بالتعامل بشكل جدي مع الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية. كما ترتفع أرقام النفقات والإيرادات للسنة المالية 2012 إلى 7108 ملايين دولار و5944 مليون دولار الأمر الذي ينتج عجزا قدره 1164 مليون دولار. من جهة أخرى، تؤكد أرقام مشروع الميزانية الجديدة بأن الاقتصاد البحريني سوف يبقى تحت رحمة التطورات في القطاع النفطي رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. فقد تم اعتماد الموازنة على افتراض بأن القطاع النفطي سوف يساهم بنحو 87 في المائة من مجموع إيرادات 2011 و2012 مقارنة مع 76 في المائة في 2010. كما كشفت أرقام الحساب الختامي والتي كشف النقاب عنها حديثا بأن القطاع النفطي أسهم بنحو 83 في المائة من الإيرادات الفعلية للعام 2009. ويلاحظ في هذا الصدد بأن العجز المالي يشكل 4.1 و4.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعامين 2011 و2012 على التوالي. حقيقة القول، تتناقض هذه الأرقام مع أحد شروط مشروع الاتحاد النقدي والذي تم إطلاقه في 2010 والذي يلزم عدم ارتفاع عجز الميزانية العامة عن 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن كما ذكرنا أعلاه من شأن افتراض متوسط متدن نسبيا التسبب في ارتفاع العجز لمستويات غير مقبولة الأمر الذي من شأنه النيل من الملاءة المالية للبحرين. وكانت كل من مؤسسة ستاندرد أند بورز ووكالة التصنيف العالمي فيتش قد جددتا بشكل انفرادي في نهاية 2010 منح البحرين التصنيف الائتماني (أي) للمدى الطويل. في المقابل، أقدمت وكالة موديز لخدمات المستثمرين في صيف 2010 بتخفيض التصنيف الائتماني السيادي للبحرين من أي 2 إلى إي 3 بسبب تدهور المرونة المالية بالنظر لتعزيز نفقات الحكومة فضلا عن الارتفاع النسبي لمتوسط سعر النفط لتحقيق التوازن في المالية العامة. فحسب موديز، احتاجت البحرين متوسط سعر قدره 80 دولارا لبرميل النفط في العام 2008 مقارنة مع 30 دولارا للبرميل في 2004 للوصول لنقطة التوازن في المالية العامة. يبقى أنه خلافا للتقارير التي تصدرها ستاندرد أند بورز إضافة إلى فيتش، تتمتع التقارير التي تصدرها موديز بالكثير من المصداقية كونها تصدر بصورة مستقلة وليست نزولا عند طلب الجهات التي يتم تقييمها. وفي كل الأحوال، ليس من المستبعد أن يكون العجز الفعلي لكل من 2011 و2012 أقل من المقدر نظرا لتوقع خلفية توقع تراجع حجم المصروفات بسبب الظروف الاستثنائية والتي تشمل تأجيل إقرار الميزانية. تقليديا تصرف السلطات أقل من المبلغ المخصص للمشاريع حيث بلغت نسبة التنفيذ في السنة المالية 2009 في حدود 68 في المائة. يعتقد بأن مسألة عدم صرف المخصصات كاملة مرتبطة بتحديات مثل محدودية القدرة الاستيعابية للاقتصاد مثل صعوبة ضمان توافر مواد البناء والعدد الكافي من المقاولين لتنفيذ المشروعات التنموية. وهناك سبب آخر وهو الخوف من زيادة حدة التضخم جراء مصروفات القطاع العام. وقد عاد شبح التضخم للظهور مع بداية 2011 بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية.
760
| 23 يناير 2011
أكد تقرير الحرية الاقتصادية للعام 2011 ومصدره مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتان سيطرة اقتصادات جنوب شرق آسيا على مؤشر الحرية الاقتصادية. فقد حافظت كل من هونج كونج وسنغافورة على المرتبتين الأولى والثانية على التوالي من بين 183 بلدا مشمولا في التقرير. بدورها، حظيت البحرين على المرتبة رقم 10 على المؤشر مما يعد أفضل نتيجة بين الدول العربية والإسلامية قاطبة. بالمقابل، يمكن الزعم بأن التقرير غير منصف فيما يخص ترتيب الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، حيث تم تصنيف قطر وعمان والإمارات والسعودية والكويت في المراتب 39 و42 و43 و46 و59 على التوالي. المزيد حول ترتيب دول التعاون في التقرير في محل آخر من المقال. تؤمن كل من مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) ذات التوجهات المحافظة بضرورة تقييد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. بالمقابل، المطلوب منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيسي في المسائل التجارية. ومرد ذلك اهتمام الشركات الخاصة بتحقيق الربحية ما يعني بالضرورة منح الزبائن قيمة وخدمات مقابل أموالهم. وتعتقد الجهات الصادرة لتقرير الحرية الاقتصادية بأن تواجد القطاع العام في الاقتصاد يعد أمرا سلبيا بحد ذاته، وفي العادة يكون على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص. على سبيل المثال، يشكل حصول الحكومة على قروض من البنوك مزاحمة للأفراد والشركات في الحصول على التسهيلات المصرفية بشروط ميسرة نظرا لوجود البديل الأقل خطورة بطبيعة الحال. يعتمد التقرير على عشرة متغيرات تنصب في مجال الحرية الاقتصادية وهي:1) تأسيس الأعمال 2) ممارسة التجارة في مختلف القطاعات 3) السياسة المالية مثل المصروفات الرسمية والضرائب والاقتراض الحكومي 4) السياسة النقدية مثل السيولة ومعدلات الفائدة 5) التدخل الحكومي في الاقتصاد 6) الاستثمارات الأجنبية 7) النظام المصرفي والتمويل 8) حقوق الملكية 9) الفساد المالي والإداري 10) حرية توظيف وتسريح العمال. فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، فقد حافظت البحرين على سجلها كأفضل بلد على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مؤشر الحرية الاقتصادية، حيث حلت في المرتبة رقم 10 على مستوى العالم ما يعني تحسن ترتيبها ثلاث مراتب للمرة الثالثة على التوالي. يعد الاقتصاد البحريني حرا بنحو 78 في المئة وهي نتيجة أفضل من تلك التي ممنوحة للعديد من دول الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وفرنسا. ومرد ذلك هو الدور الكبير للدولة في بعض الدول الأوروبية في المسائل الاقتصادية مثل النقل خصوصا الطيران. وقد حصلت البحرين على نتيجة شبه كاملة لمعيار السياسة المالية بسبب عدم وجود ضرائب على الدخل والأرباح. كما حصلت البحرين على نتيجة 97 في المئة بالنسبة لمعيار حرية تسريح وتوظيف العمال بالنظر لعدم وجود حد أدى للرواتب في القطاع الخاص. كما يعود الأمر بشكل جزئي للقرار الذي دخل حيز التنفيذ في 2009 والذي يمنح العمال الأجانب حرية الانتقال لكفيل آخر في إطار شروط تشمل عدم الحصول على راتب لفترة زمنية أو انتهاء مدة عقد العمل. بدورها حلت قطر في المرتبة 27 على مستوى العالم أي ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية قاطبة. وعلى هذا الأساس تقدمت قطر 12 مرتبة ما يعني تقدمها 39 مرتبة في غضون ثلاث سنوات مجتمعة. كما هو الحال مع البحرين، جمعت قطر كافة النقاط الممنوحة لمتغير السياسة النقدية وذلك على خلفية عدم فرض ضرائب على الشركات والأفراد. من جملة نواقص تقرير الحرية الاقتصادية اعتماده شبه الكامل على المصادر الثانوية بدل تنفيذ دراسات ميدانية خاصة. بمعنى آخر، يفتقر التقرير لمنهجية واضحة بسب اعتماده على تقارير مختلفة ومتباينة تم تنفيذها لأمور أخرى الأمر الذي يشكل معضلة بالنسبة لانسجام المعلومات. كما هناك مشكلة أخرى تتمثل في تبني مؤسسة هيريتاج فاونديشن لأفكار اليمين الأميركي فيما يخص وجهة النظرة لدول العالم. يلاحظ على سبيل المثال، استمرار بقاء كوريا الشمالية في قاع المؤشر ومنحها نقطة واحدة على المؤشر المكون من 100 نقطة. كما حلت زيمبابوي وكوبا وفنزويلا وإيران في المراتب الأخيرة بسبب عدم رضا اليمين الأمريكي من توجهاها السياسية.من جهة أخرى، يتناقض ترتيب دول مجلس التعاون على مؤشر الحرية الاقتصادية التابع لمؤسسة هيريتيج فاونديشن وصحيفة وول ستريت جورنال مع تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 11-2010 والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره منتجع دافوس بسويسرا. وحسب تقرير التنافسية الاقتصادية، فقد حلت قطر في المرتبة 17 دوليا وبالتالي الأولى عربيا بينما حلت البحرين في المرتبة 37 دوليا ولكن الأخيرة خليجيا. إضافة إلى ذلك، حلت قطر في المرتبة 19 دوليا والأولى عربيا وإسلاميا ما يعني تقدمها 13 مرتبة في تقرير مدركات الفساد للعام 2010 الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية. بدورها، تأخرت البحرين مرتبتين حيث حلت في المركز 48 عالميا. يقيس المؤشر الذي يقيس مدى استشراء الفساد في المعاملات الرسمية.ختاما المطلوب من دول مجلس التعاون الاستفادة من تقرير الحرية الاقتصادية فيما يخص تحسين البيئة التجارية خصوصا إفساح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص وبالتالي تعزيز مستويات الحرية الاقتصادية بل والتنافسية الاقتصادية. باختصار، بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا الكويت تحسين تصنيفها العالمي عبر فتح المزيد من القطاعات الاقتصادية مثل الطاقة أمام المنافسة الإقليمية والدولية. توجد في الكويت معارضة برلمانية لإفساح المجال أمام شركات النفط العالمية لتطوير القطاع النفطي.
1136
| 16 يناير 2011
يتوقع أن تساهم ميزانية عمان للسنة المالية 2011 في تكيف السلطنة مع التداعيات السلبية المستمرة للأزمة المالية العالمية. وكانت الأزمة المالية قد تجلت في صيف العام 2008 في خضم معضلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة. من جملة الأمور، عززت السلطات المالية العمانية النفقات العامة بنسبة 9 في المائة مقارنة بالأرقام المقدرة أصلا للسنة المالية 2010. وعليه تبلغ قيمة المصروفات العامة للسنة المالية 2011 نحو 21.1 مليار دولار. حقيقة القول، تعتبر الميزانية العامة حيوية في عمان كونها تمثل نحو 30 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة وبالتالي تلعب دورا حيويا بالنسبة لمتغيرات النمو والثقة. قدرت الحكومة الإيرادات بنحو 18.9 مليار دولار للسنة المالية 2011 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 14 في المائة وهي نفس النسبة المقدرة للسنة المالية 2010. بالمقارنة، تم إعداد إيرادات 2009 بزيادة 4 في المائة مقارنة مع 2008. ويعود ارتفاع الدخل المتوقع لعدة أسباب بينها تنامي الإنتاج النفطي من 760 ألفا يوميا في العام 2008 إلى 810 آلاف يوميا في 2009 وصولا إلى 896 ألف برميل في 2011. وتأتي هذه الزيادة المستمرة كثمار للجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج النفطي وتتويجا لمنح امتياز في 2005 لتحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال لزيادة إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى150 ألفا يوميا في غضون خمس سنوات عن طريق استثمار مبلغ قدره مليارا دولار. بيد أنه يتناقض الاندفاع نحو زيادة الإنتاج النفطي مع سياسة التنوع الاقتصادي. يشكل دخل القطاع النفطي أهم إيرادات الخزانة العامة بلا منازع حيث قدرت السلطات مساهمة القطاع النفطي بنحو 76 في المائة من دخل الميزانية العامة للعام 2011 موزعة ما بين 63 في المائة للنفط و13 في المائة للغاز أي نفس النسب للعام 2010. وعلى هذا الأساس، لا يزال الاقتصاد العماني تحت رحمة التطورات في أسواق النفط. لكن تتميز عمان بأنها ليست عضوا في منظمة أوبك وبالتالي غير مطالبة بالالتزام بحصص محددة للإنتاج. لكن يعرف عن عمان تحاشي التصادم مع توجهات أوبك استمرارا للنهج الاقتصادي المحافظ للسلطنة. ويبدو أن عمان مصممة للبقاء خارج أوبك حفاظا على قرارها الاقتصادي. وقد تبنت الجهات الرسمية متوسط سعر للنفط قدره 58 دولارا للبرميل في 2011 مقارنة مع 50 دولارا للبرميل في 2010 فضلا عن 45 دولارا للبرميل في كل من 2009 و2008. ورغم زيادة متوسط السعر لكنه يبقى غير واقعي بالنظر للظروف الحالية حيث تتراوح الأسعار ما بين 85 و90 دولارا للبرميل. بل ليس من المستبعد عبور السعر حاجز 100 دولار للبرميل كدليل على عودة الروح للاقتصادات العالمية بعد الأزمة المالية العالمية فضلا عن متغيرات أخرى مثل الظروف المناخية السيئة في فصل الشتاء حيث وصلت البرودة لمستويات تاريخية في العديد من البلدان. مؤكداً أنه من شأن تبني سياسية مالية محافظة فيما يخص الإيرادات كما هو الحال بالنسبة لمتوسط سعر النفط توفير الأجواء للقضاء على العجز الدفتري. بدورنا نتوقع أن تزيد الإيرادات النفطية بشكل لافت الأمر الذي سوف يسمح بالتكيف مع مسألة العجز بطريقة أو بأخرى.وفي كل الأحوال، نعتقد بأن العجز المتوقع وقدره 2.2 مليار دولار في حدود السيطرة رغم أنه يشكل نحو 12 في المائة من حجم الإيرادات المقدرة فضلا عن 3 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي العماني حوالي 72 مليار دولار حسب مفهوم القوة الشرائية لكن أقل من ذلك بالأسعار الجارية. ويعد مستوى العجز مقبولا في حال كانت عمان عضوا في مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي تم تدشينه في العام 2010 رغم قرار كل من عمان والإمارات بعدم الانضمام إليه. ويتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تشمل ضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة عن 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويفسر الإصرار العماني لعدم الانضمام للمشروع الخليجي الطموح رغبة الاحتفاظ بالاستقلالية المالية الشاملة. مؤكدا، يمكن معالجة العجز عن طريق السحب من الاحتياطي العام والذي تعزز في السنوات القليلة الماضية أي خلال فترة ارتفاع أسعار النفط. ويتمثل الخيار الآخر في الاستفادة من أدوات الدين العام طالما بقيت معدلات الفائدة عند مستوياتها المتدنية تاريخيا. بدورنا نعتقد بأنه لا بأس بوجود العجز بشرط تعزيز النفقات العامة بقصد تحقيق عدة أهداف اقتصادية منها تسجيل نمو متميز للناتج المحلي الإجمالي وبالتالي المساعدة في إيجاد فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين. لا تقل نسبة البطالة في عمان عن 10 في المائة بل مرشحة للنمو في ظل الإحصاءات الديمغرافية والتي تؤكد بأن 42 في المائة من السكان تقل أعمارهم عن 15 سنة. ويتطلب القضاء على هذه الظاهرة تعزيز البيئة التجارية في البلاد عبر تعزيز النفقات العامة وبالتالي تشجيع المستثمرين المحليين والدوليين على الاستثمار في الفرص المتاحة وعليه إيجاد فرص عمل جديدة في البلاد. كما لا تصطدم زيادة المصروفات بمعضلة التضخم بسبب تراجع ظاهرة الأسعار بشكل عام. بالمقابل، كان التضخم العدو الاقتصادي الأبرز حتى النصف الأول من العام 2008 أي قبل بروز الأزمة المالية والتي بدورها غيرت نوعية التحديات حيث أصبح التركيز على تعزيز النفقات العامة. باختصار، نتوقع سنة مالية مريحة لسلطنة عمان في ظل بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا.
2917
| 09 يناير 2011
يتوقع أن يحقق اقتصاد دولة الإمارات نموا مريحا في العام 2011 لأسباب تتعلق ببقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق العالمية فضلا عن احتواء أزمة مديونية دبي. وكانت أزمة مديونية دبي، والتي ظهرت للعيان في نهاية 2009، قد ألقت بظلالها على التوقعات المتعلقة بمؤشرات أداء الاقتصاد الإماراتي في 2010. وفي كل الأحوال، نأمل لتصديق التوقعات الرسمية بتسجيل نسبة نمو تتراوح ما بين 3 و3.5 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الإماراتي في 2011. حقيقة القول، يكتسب هذا الموضوع أهمية إضافية لأنه سوف يفسح المجال أمام تخطي الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بالأسعار الجارية حاجز التريليون درهم أي 270 مليار دولار للمرة الأولى.ومن شأن هاذ التطور اللافت تعزيز مكانة الاقتصاد الإماراتي كثاني أكبر اقتصاد بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية. حسب الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي قرابة 427 مليار دولار في العام 2010. وعلى صعيد العالم العربي، يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الرابعة بعد السعودية ومصر والجزائر على التوالي. وحسب أرقام البنك الدولي للعام 2009، يأتي ترتيب الاقتصاد الإماراتي في المرتبة رقم 42 على مستوى العالم مقارنة بالمراتب 21 و25 و40 للسعودية ومصر والجزائر على التوالي. بالمقارنة، تم تسجيل نمو سلبي قدره 2.1 في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات في 2009 بسبب تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة المالية العالمية. وكانت أسعار النفط قد هوت من 147 دولارا للبرميل في يوليو من العام 2008 أي قبل أسابيع من إعلان الكشف عن الأزمة المالية العالمية إلى نحو 35 دولارا للبرميل مع بداية 2009 نتيجة تصدع الثقة في الاقتصاد العالمي. يبقى أنه رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي، يلعب القطاع النفطي جوهريا فيما يخص نتائج المؤشرات الاقتصادية في الإمارات حيث يساهم بنحو ثلاثة أرباع كل من دخل الخزانة والصادرات. بل تعتبر الإيرادات النفطية المساهم الأول بلا منازع فيما يخص تمويل مصروفات الدولة والتي بدورها تعبر عن التوجهات الاقتصادية للدولة. إضافة إلى ذلك، يساهم القطاع النفطي بنحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات. بمعنى آخر، يقع الاقتصاد الإماراتي تحت رحمة تطورات الاقتصاد العالمي كما تجلى ذلك من خلال نتائج العام 2009. من جهة أخرى، أقرت الدولة ميزانية الاتحاد بنفقات وإيرادات قدرها 11.17 و10.35 مليار دولار كنفقات وإيرادات للسنة المالية 2011. بدورنا، لا نعتقد بأن العجز المالي وقدره 820 مليون دولار يشكل خطرا فعليا، حيث ليس من المستبعد أن يتحول لفائض في نهاية المطاف لسبب جوهري. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تتبنى الإمارات سياسيات مالية محافظة نسبيا فيما يخص دخل الخزانة العامة. الجدير ذكره، أن هذا الرقم يمثل مصاريف الجانب الاتحادي وليس جميع النفقات العامة، حيث إن لكل إمارة ميزانية خاصة بها. المشهور بأن ميزانية بعض الإمارات السبع خصوصا أبو ظبي أكثر بكثير من الميزانية الاتحادية نظرا لسيطرة العاصمة على نحو 90 في المائة من صادرات القطاع النفطي للدولة.وفي تطور جدير، أقر المجلس الوطني في الإمارات في الأسبوع الماضي مقترح يقضي بتقييد الدين العام للدولة عند حاجز 25 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي. حقيقة القول، تعتبر مقترحات المجلس الوطني غير ملزمة إلا في حال قيام رئيس الدولة بتصديقها. لا شك تعبر توجه المجلس الوطني عن ميول قطاع واسع من الناس بضرورة عدم المبالغة في تراكم الديون لما لها من تأثيرات سلبية على خيارات الأجيال القادمة. مؤكد، يعود هذا التطور غير العادي في جانبه كنتيجة طبيعية لأزمة مديونية دبي والتي حدثت كرد فعل على قرار السلطات المالية في دبي بتأجيل سداد سندات بقيمة 3.5 مليار دولار مستحقة على شركة نخيل أي الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية والتي بدورها تعد واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية التابعة لحكومة دبي.مؤكد لم تكن دبي موفقة في قرار تأجيل المستحقات بشكل مفاجئ دونما ترتيب مع الأطراف الدائنة خصوصا البنوك البريطانية والتي يقف وراءها وسائل إعلام مؤيدة. بدورنا لا نؤيد فكرة وجود مؤامرة ضد دبي كما يحلو للبعض وقت الأزمات. بل لم يكن من المستبعد تشدد وسائل الإعلام البريطانية أكثر من غيرها بسبب تورط مؤسسات مالية بريطانية في سوق التمويل في الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص.وتشتهر وسائل الإعلام في الغرب بممارسة القسوة وقت الأزمات بدليل تعاملها بقسوة مع الولايات المتحدة والتي انطلقت منها الأزمة المالية العالمية. وقد تعرضت الولايات المتحدة لضغوط إعلامية ومطالبات بإعادة ترتيب بيتها المالي وأنظمتها التشريعية المالية بعد أن كشفت الأزمة تورط بعض المؤسسات المالية الأمريكية العملاقة في عمليات مالية مشبوهة.وربما يحمل العام 2011 بعد المفاجآت التي ليست في الحسبان كما هو الحال مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في منتصف 2008 وأزمة مديونية دبي في نهاية 2009 فضلا عن معضلة مشكلات مالية في عدد من الدول الأعضاء في منقطة اليورو في 2010. وقد بدأت أزمة اليورو باليونان بسبب عدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية ومن ثم انتقلت لأيرلندا وربما تشمل دولا أخرى في 2011. ونظرا لأننا نعيش في عصر العولمة، فقد أصبحت الاقتصادات تتقاسم الظروف الإيجابية والسلبية على حد سواء. وصدق من قال بأنه إذا عطست أمريكا فإن أوروبا تصاب بالزكام وربما انتقل الزكام للعالم بأسره بعد ذلك.
742
| 02 يناير 2011
تتميز السلطات المالية في السعودية بنشر الإحصاءات المتعلقة بالميزانية العامة سواء المقدرة أو الفعلية في التوقيت السليم، وهذا ما حدث فعلا الأسبوع الماضي عند الكشف عن الأرقام المقدرة لميزانية 2011 والنتائج النهائية للعام للسنة المالية 2010. باختصار، تعتبر ميزانية العام 2011 الأكبر في تاريخ السعودية فيما يخص الإحصاءات المقدرة للمصروفات الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية الحيوية فيما يخص تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي ومواجهة تهديد البطالة. تبلغ قيمة المصروفات المقدرة للسنة المالية 2011 نحو 154 مليار دولار مقابل إيرادات قدرها 144 مليار دولار ما يعني توقع تسجيل عجز مقداره 10 مليارات دولار. تزيد الأرقام المقدرة للمصروفات والإيرادات بواقع 7 في المائة و15 في المائة على التوالي عن تلك المقدرة أصلا للسنة المالية 2010 الأمر الذي يؤكد توجه السلطات السعودية لتوظيف الأدوات المالية العامة لتحقيق نمو اقتصادي يتناسب وحجم التحديات الاقتصادية. وتتوقع السلطات السعودية تسجيل نسبة نمو قدرها 3.8 في المائة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أي بعد التخلص من عامل التضخم. وقد عاود تهديد شبح التضخم في الفترة الأخيرة نتيجة أسباب متباينة تشمل ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا، والتي بدورها توفر الأرضية لقيام جهات مستوردة للنفط بزيادة أسعار صادراتها مثل المنتجات الزراعية. وفي كل الأحوال، تعتبر نسبة النمو هذه أي 3.8 في المائة بالأسعار الثابتة مميزة في ظل ظروف دولية ما زالت تعاني تداعيات الأزمة المالية العالمية والتي تم الإعلان عنها في صيف العام 2008 حيث تسببت بتصدع الثقة في الاقتصاد العالمي. من جملة الأمور الإيجابية، تتضمن ميزانية السنة المالية 2011 مخصصات ضخمة لبعض الأمور الحيوية مثل 40 مليار دولار للتعليم والتعليم العالي والتدريب أي ما نسبته 26 في المائة من مجموع النفقات. ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 8 في المائة مقارنة بمخصصات العام 2010. إضافة إلى ذلك، تشمل الميزانية مخصصات قدرها 18 مليار دولار للقطاعين الصحي والتنمية الاجتماعية ما يعني زيادة بنسبة 12 في المائة مقارنة بميزانية 2010. ومن شأن هذه الخطوات تعزيز مكانة السعودية على مؤشر التنمية البشرية حيث إنها تقع في قاع ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر. وكانت السعودية قد نالت المرتبة رقم 55 على مؤشر التنمية البشرية للعام 2010 والصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي متقدمة أربع مراتب مقارنة بترتيبها في تقرير 2009. ويعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة متغيرات وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. أيضا تساهم زيادة النفقات العامة المساهمة في تحقيق الهدف الإستراتيجي والمتمثل في جعل الاقتصاد السعودي من بين أفضل 10 اقتصادات جذبا أو تنافسية في العالم. فحسب تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2010 والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتل السعودية المرتبة رقم 21 دوليا على قائمة أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم. وقد تمكنت السعودية بتحسين ترتيبها 7 مراتب في غضون سنة واحدة وعليه حلت في المرتبة الثانية بين الدول العربية والإسلامية متخلفة فقط عن قطر والتي بدورها حلت في المرتبة رقم 17 على مستوى العالم. كما يتوقع أن تساهم المصروفات العامة في تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي بالنسبة للمستثمرين الأجانب وبالتالي وعلى الخصوص للاستثمار في البنية التحتية مثل شبكة الطرق. حقيقة القول، تتربع السعودية على عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في منطقة غرب آسيا برمتها وذلك استنادا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2010 والذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد. فقد بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 35.5 مليار دولار في 2009 ما يعني 52 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا والتي تشمل الإمارات وتركيا. وليس من المستبعد أن يتم احتواء العجز المالي المتوقع للعام 2011 تماما كما حدث مع السنة المالية 2010. يعتقد بأن الجهات الرسمية أعدت ميزانية 2011 على أساس 45 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار السائدة في الأسواق في هذه الفترة على الأقل.وفيما يخص السنة المالية 2010، فقد تم إعداد الميزانية بنفقات وإيرادات قدرها 144 مليار دولار و125 مليار دولار على التوالي ما يعني وجود عجز متوقع قدره 19 مليار دولار. لكن تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى توقع فائض قدره 29 مليار دولار رغم زيادة النفقات بنسبة 16 في المائة. وقد حدث هذا التطور على خلفية ارتفاع أسعار النفط عن متوسط السعر الذي تم اتخاذه عند إعداد الميزانية العامة. حقيقة القول، يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد السعودي عن طريقة مساهمته لأكثر من ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة فضلا والنسبة نفسها فيما يخص الصادرات. وبشكل أكثر دقة، بلغت مساهمة القطاع النفطي 91 في المائة من إيرادات الخزانة العامة للعام 2010 كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط مقارنة مع متوسط السعر المعتمد عن إعداد الميزانية. ختاما تعتبر الميزانية العامة مسألة حساسة في السعودية لأنها تشكل أكثر من ثلث الناتج المحلي بالأسعار الجارية. وبشكل أكثر تحديدات تشكل نفقات الدولة أي 154 مليار دولار نحو 36 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010 وقدره 427 مليار دولار. وعليه من شأن زيادة أو تقليص النفقات العامة التأثير بصورة مباشرة على المؤشرات الاقتصادية مثل نتائج الميزانية العامة والناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي.
532
| 26 ديسمبر 2010
ربما لا يحصل اقتصاد عالمي على أخبار إيجابية في الأسابيع القليلة الماضية كما هو الحال مع الاقتصاد القطري. ففي غضون فترة زمنية قصيرة، كشفت تقارير خبرية عن فرضية صرف مليارات الدولارات في الاقتصاد القطري في إطار تهيئة البلاد لاستضافة فعاليات كأس العالم 2022. وفي الأسبوع الماضي، أضافت صناعة الغاز نجاحا جديدا مع تخطي الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال حاجز 77 مليون طن سنويا. وفي خضم هذه التطورات، توقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو قدرها 20 في المئة في الاقتصاد القطري في 2011 ولكن ليس على حساب التضخم. حقيقة القول، يرتبط تقرير صندوق النقد الدولي بشكل جزئي بتوقعات صرف مبالغ خيالية على مختلف القطاعات في إطار استعداد قطر لاستضافة كأس العام 2022. وليس من المستبعد صرف نحو 100 مليار دولار على مدى 12 سنة بقصد تهيئة البلاد للحدث الرياضي الأبرز في العالم. وتغطي النفقات أمور مثل البنية التحتية وخصوصا تطوير قطاع المواصلات فضلا عن تشييد المنشآت الرياضية إضافة إلى بناء عشرات الفنادق وغيرها من المرافق. اللافت في هذا المجال أن أرقام النفقات المتوقعة لكأس العالم 2022 تزيد بشكل نوعي عن مصروفات قطر للسنة المالية 11-2010 والتي بدأت في شهر أبريل.قيمة النفقات المقدرة للسنة المالية 11-2010 32.4 مليار دولار والتي بدورها تعد الأكبر في تاريخ البلاد. من جملة الأمور الجديرة، تم تخصيص 12 مليار دولار أي 37 في المئة من النفقات العامة للمشاريع التنموية والتي تشمل تطوير المطار والميناء وشبكة الطرق فضلا عن الكهرباء والماء وهي أمور تخدم الدورة الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، تم تخصيص 7.2 في المئة و 6.8 في المئة من المصروفات لقطاعي الصحة والتعليم على التوالي الأمر الذي يخدم فرصة تعزيز ترتيب قطر على مؤشر التنمية البشرية. وكانت قطر قد حلت في المرتبة 33 عالميا والأولى عربيا على مؤشر التنمية البشرية للعام 2009 والذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يتميز تقرير التنمية البشرية باعتماده على ثلاثة متغيرات وهي أولا العمر المتوقع عند الولادة، وثانيا نسبة المتعلمين، وثالثا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. مؤكدا من شأن استضافة قطر لكأس العالم 2022 توفير الأجواء لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخصوصا الخليجية منها وذلك في إطار مشروع السوق الخليجية المشتركة. الجدير ذكره في هذا الصدد هو نجاح قطر في تعزيز مستويات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في العام 2009 وذلك استنادا لتقرير الاستثمار العالمي 2010 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصار باسم الأونكتاد. فحسب التقرير، زاد حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لقطر لأكثر من الضعف، وتحديدا من 4.1 مليار دولار في 2008 إلى 8.7 مليار دولار في 2009. وعلي هذا الأساس، نالت قطر المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية مباشرة بعد السعودية والتي بدورها استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35.5 مليار دولار في 2009. فضلا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية، تتميز قطر بالمساهمة في حركة الاستثمارات الدولية. فخلال العام الجاري، قام الصندوق السيادي لقطر بشراء شركة هارودز البريطانية الشهيرة بقيمة 2.2 مليار دولار. كما استحوذت قطر على 5 في المئة من أسهم بنكو استندارد برازيل بقيمة 2.7 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، أصبحت قطر ثالث أكبر مستثمر في شركة فوكوس ويجنن الألمانية والتي تضم مجموعة من الماركات العالمية للسيارات. ويتمثل التطور اللافت والذي حصل في الأسبوع الماضي في بلوغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر حاجز 77 مليون طن سنويا أي قبل الموعد المحدد للوصول لهذا المستوى في العام 2012. حقيقة القول، تعتبر قطر أكبر دولة منتجة ومصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث لديها زبائن في اليابان وكوريا الجنوبية وأسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة. تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران، لكن يسجل لها نجاحها في استقطاب شركات غربية وخصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز بواسطة عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. حسب تقرير لشركة بريتيش بتروليوم تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.4 و 16 في المئة و 14 في المئة على التوالي.بالعودة لموضوع كأس العالم، الأمل كبير بقيام مستثمري القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي بتوظيف مشروع السوق الخليجية للمساهمة والاستفادة من الفرص التاريخية التي توفرها الحدث الرياضي ذو الطابع التجاري. يشار إلى أن دخل مشروع السوق الخليجية دخل حيز التنفيذ في بداية 2008 بعد الاتفاق على تطبيقه في قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة نهاية 2007. يركز المشروع على إطلاق العنان لقوى الإنتاج للتحرك بحرية داخل الدول الأعضاء. وخيرا فعل قادة دول المجلس في قمتهم الأخيرة في أبو ظبي بالسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء ومساواتها في المعاملة كفروع لشركات وطنية. من جملة الأمور، يهدف مشروع السوق الخليجية المشتركة إلى تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة عبر إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في اقتصاديات الدول الأعضاء. باختصار، حصلت دول مجلس التعاون الخليجي على فرص تجارية لا تعوض في إحدى الدول الأعضاء في المنظومة الخليجية حيث المطلوب استثمارها بشتى الطرق لأن البديل عبارة عن استحواذ شركات على الفرص الواعدة في قطر.
507
| 19 ديسمبر 2010
تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى عودة الروح لصناعة الصيرفة الإسلامية وذلك بعد مرور نحو عامين على ظهور الأزمة المالية العالمية. ويعود جانب من زعمنا هذا إلى توقع ارتفاع حجم الأصول التابعة للمؤسسات المالية الإسلامية من 822 مليار دولار في 2009 إلى 895 مليار دولار في 2010 ما يعني تسجيل نسبة نمو بنحو 9 في المائة في غضون سنة واحدة. بل يقدر معدل النمو السنوي المركب للمؤسسات المالية عن 23 في المائة في الفترة ما بين 2006 حتى 2010. بيد أنه يعد هذا الرقم محدودا حيث يشكل قرابة 2 في المائة من قيمة الموجودات الموحدة للقطاع المصرفي على مستوى العالم. بل تقل قيمة الأصول المجتمعة للمؤسسات المالية الإسلامية عن حجم موجودات بنك بي إن بي باريبا الفرنسي وقدره 3.2 تريليون دولار والذي بدوره يعد أكبر بنك في العالم في الوقت الحاضر بالنسبة لمعيار الموجودات. كما أن قيمة أصول رويال بنك أوف سكوتلند فضلا عن باركليز بنك تقترب من حاجز 3 تريليونات دولار أي أكثر من أصول المؤسسات المالية الإسلامية. يزيد عدد المؤسسات العاملة في مجال الخدمات المالية الإسلامية عن 300 مؤسسة تقدم خدماتها في 75 بلدا في العالم. ويلاحظ وجود تقدير عالمي للصيرفة الإسلامية بدليل قيام مؤسسات مالية دولية مثل سيتي بنك بتأسيس وحدات خاصة للخدمات المالية الإسلامية رغبة منها في الاستفادة من الفرص المتاحة في هذه الصناعة المتنامية في أوساط المسلمين المنتشرين في أوساط العالم بل وغير المسلمين. على سبيل المثال، دخلت بريطانيا على خط الصيرفة الإسلامية عبر تأسيس البنك الإسلامي البريطاني في عام 2004. اللافت في الأمر أن أول زبون للبنك الإسلامي البريطاني لم يكن مسلما. وتبين من خلال المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية السابع عشر والذي عقد في البحرين نهاية شهر نوفمبر وجود 680 صندوقا استثماريا إسلاميا تدير فيما بينها 70 مليار دولار. من جملة الأمور المثيرة، تحتضن دول مجلس التعاون الخليجي 45 في المائة من هذه الصناديق الاستثمارية. وبشكل أكثر تحديدا، توجد 147 من هذه الصناديق في السعودية حيث تدير استثمارات بقيمة 18 مليار دولار. حقيقة القول، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي مركزا حيويا للمالية الإسلامية نظرا لرواج مبدأ الصيرفة الإسلامية في المنطقة فضلا عن توافر السيولة. وتأتي ماليزيا في المرتبة الثانية بين الدول الإسلامية لمستوى تأصل الصيرفة الإسلامية. تقدم المؤسسات المالية الإسلامية منتجات مصرفية إسلامية من قبيل المرابحة والمضاربة والمشاركة والإيجار والسلام والصكوك لكن هناك حاجة لتقديم أدوات استثمارية جديدة بشكل متواصل. بل يمكن الزعم بوجود نقص لأدوات الاستثمار الإسلامية الأمر الذي يسهل خروج جزء من الأموال إلى بعض الأسواق الأخرى خصوصا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد تعرضت بعض هذه الاستثمارات لخسائر في أعقاب ظهور معضلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في العام 2008. وربما بسبب معضلة الشفافية لم يظهر للعلن مستوى الخسائر التي تعرضت لها هذه المؤسسات المالية. وفي هذا الإطار نرى صواب دعوة محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج للمؤسسات المالية لإعادة اكتشاف نفسها من جديد في ضوء التطورات الاقتصادية العالمية وفي مقدمتها معضلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة والتي تسببت في إيجاد حالة من الفوضى في الاقتصاد العالمي على خلفية معضلة الثقة التي أوجدتها. وجاء خطاب المعراج في سياق فعاليات المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية السابع عشر والذي أنهى أعماله في البحرين نهاية شهر نوفمبر الماضي. كما نتفق مع ما ذهب إليه المحافظ بأهمية قيام المؤسسات المالية الإسلامية بإعادة تقييم نماذج أعمالها وتطبيق الإستراتيجيات التي تضمن لها البقاء في عالم ما بعد الأزمة المالية الإسلامية. وقد تميزت المؤسسات المالية الإسلامية في الفترة ما بين 2000 حتى 2007 بالدخول في مشاريع استثمارية في مختلف نقاط العالم الأمر الذي يفسر نجاح بعضها بمضاعفة أصولها في فترات قصيرة نسبيا. كما تمكنت العديد من هذه المؤسسات تحقيق عوائد غير عادية على الاستثمار بلغت حد 40 في المائة سنويا. وقد تميزت بعض المؤسسات المالية بالإبداع في أنشطتها من قبيل تدشين مشاريع عقارية في مختلف المدن العالمية تماشيا مع مبدأ إعمار الأرض. بيد أنه سرعان ما تبين للعديد من المؤسسات المالية خطورة بعض الاستثمارات خصوصا تلك المرتبطة بأسواق العقار التي منيت بنكسات ثقيلة مسببة معها خسائر مالية للمؤسسات المالية والجهات المرتبطة متعها مثل حملة الأسهم. في المحصلة، أرى صواب كلام المحافظ البحريني بضرورة تركيز المؤسسات المالية الإسلامية على متغيري الاستمرارية والاستدامة في أنشطتها بدل تحقيق الربح السريع.باختصار، ينتاب قطاع الخدمات المالية الإسلامية بشكل عام تحديات موضوعية من قبيل توافر الثروة البشرية المؤهلة القادرة والراغبة للعمل في هذا الصناعة. كما أن هناك تحدي توحيد القوانين والأطر التي تحكم المؤسسات المالية الإسلامية وذلك على خلفية انتشار ظاهرة الصيرفة الإسلامية في العديد من بلدان العالم وفي الغالب كقطاع ثانوي. إضافة إلى ذلك، هناك مسألة ضمان توافر علماء الشريعة الإسلامية المختصين في فقه المعاملات للتأكد من تماشي المنتجات المصرفية مع مبادئ الشريعة السمحة بقصد العمل في مجالس الإدارات. طبعا، المطلوب من الشخصيات الدينية الإلمام بأصول المعاملات التقليدية فضلا عن التفقه في الدين. ختاما، تفرض العولمة نفسها على أنشطة المؤسسات المالية الإسلامية حيث عالمية الأعمال. كما أننا نعيش في عالم سريع التغير حيث الغلبة للجهات التي تتكيف وتعمل على الاستفادة من التطورات العالمية المتلاحقة.
435
| 12 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4053
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1731
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1575
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1185
| 07 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
885
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
549
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية