رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تميزت المالية العامة في السعودية في السنوات القليلة الماضية بتسجيل أرقام ضخمة وذلك بعد الكشف عن أن الأرقام النهائية أعلى بكثير من تلك التي يتم رصدها عند الإعلان عن الموازنات. وخير دليل على زعمنا هذا هو تسجيل فائض مالي يفوق 100 مليار دولار في السنة المالية 2012 والتي انتهت حديثا. لا شك يعود الأمر بشكل جوهري للتطورات في القطاع النفطي من قبيل قيام السعودية بتعويض أسواق النفط العالمية لمقاطعة النفط الإيراني. جريا على العادة وتطبيقا للسياسية المالية المحافظة للمملكة فقد تم تقدير موازنة 2013 بنفقات وإيرادات قدرها 219 مليار دولار و221 مليار دولار على التوالي، وبالتالي توقع فائض محدود يقدر بملياري دولار. لكن يتوقع أن يكون الرقم الفعلي للإيرادات أعلى بكثير عن المعلن بسبب التطورات في القطاع النفطي. بل ليس من المستبعد أن يكون الفائض الفعلي ضخما بشكل نوعي كما كان عليه الحال في 2012 بسبب الدخل النفطي والذي بدوره يشكل ثلاثة أرباع كل من إيرادات الخزانة العامة من جهة والصادرات من جهة أخرى. اللافت في هذا الصدد هو تكرار سيناريو تحاشي السلطات في السعودية نشر الرقم المفترض لبرميل النفط رغم الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي للاقتصاد السعودي سواء بالنسبة لدخل الخزانة. لا شك يمثل متوسط السعر المفترض لبرميل النفط متغيرا مهما بالنظر لكون السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم. في المقابل، تمارس السلطات السعودية الشفافية والالتزام فيما يخص نشر أرقام الموازنات الجديدة قبل دخولها حيز التنفيذ كما هو الحال مع الموازنة الجديدة. وفي كل الأحوال، لا بأس من الوقوف على موازنتي 2012 و2011 لمعرفة التوجهات الفعلية لموازنة 2013 والتي بدأت مطلع السنة الجديدة. في التفاصيل، ارتفعت إيرادات العام 2012 بواقع 143 مليار دولار وصولا إلى 330 مليار دولار أي الأكبر على الإطلاق في تاريخ المملكة. ويكشف هذا التطور مدى استفادة السعودية من تعويض أسواق النفط العالمية على خلفية قرار الاتحاد الأوروبي بوقف توريد النفط الإيراني. يعتقد عالميا بأن لدى السعودية قدرة على تعزيز مستوى إنتاجها النفطي بواقع مليوني برميل يوميا فوق حصتها المحددة لها في منظمة أوبك. وبالنسبة للنفقات فقد ارتفعت قيمتها بواقع 43 مليار دولار وصولا إلى 227 مليار دولار. وعلى هذا الأساس، ارتفع الفائض المتوقع للعام 2012 وقدره 3 مليارات دولار إلى 103 مليارات دولار في نهاية المطاف ما يعد أمرا غير عادي بكل المقاييس العالمية. من المؤكد، كان بمقدور السلطات تعزيز النفقات بشكل أكبر بسبب توافر الفرصة، لكن من الناحية العلمية ربما لم يكن الخيار متوفرا بالضرورة بالنظر لعدم الإعداد لذلك. من المؤكد ليس من الصواب الصرف على أي مشاريع فقط بسبب توافر الفرص المالية دونما الإعداد المتكامل بما في ذلك التداعيات المحتملة على أمور مثل التضخم. وربما هذا يفسر محدودية التضخم بنسبة تقل عن 3 في المائة في 2012 قياسا بأرقام العام 2011. يعد التضخم أكبر عدو لأي اقتصاد كونه يضر الجميع لكن بدرجات متفاوتة للمقتدر وغير المقتدر. ويشكل هذا الرقم قرابة 14 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعام 2012 والذي بلع 727 مليار دولار بالأرقام الجارية. وللتدليل على أهمية الفائض يلزم مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2010 بتقييد مستوى عجز الميزانية عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لكننا هنا نتحدث عن الفائض وليس النقص ما يعد أمرا مريحا وخلافا للمشهور. وقد أسهم النمو الاقتصادي للعام 2012 وقدره 8.6 في المائة في رفع مستوى حجم الناتج المحلي الإجمالي إلى 727 مليار دولار إلى بقاء السعودية ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم. عموما المعروف بأن المملكة هي الدولة العربية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين والتي تضم كبرى الاقتصادات العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والصين والبرازيل والهند. وفيما يخص موازنة السنة المالية 2011 فقد أسهم ثنائي زيادة الإنتاج النفطي من جهة وبقاء أسعار النفط مرتفعة من جهة أخرى خصوصا مقارنة مع الرقم المفترض عند إعداد الموازنة إلى ارتفاع حجم الإيرادات لأكثر من الضعف من 144 مليار دولار إلى حوالي 296 مليار دولار. بدورها، وفرت حالة زيادة دخل الخزانة الفرصة لرفع مستوى النفقات العامة من 155 مليار دولار إلى 214 مليار دولار في نهاية المطاف وبالتالي تسجيل فائض قدره 82 مليار دولار. وقد سمحت ظاهرة تعزيز الإيرادات في السنوات القليلة الماضية بقيام السلطات السعودية في العام 2011 بإقرار مخصصات قدرها 130 مليار دولار للصرف على مختلف البرامج الاجتماعية إضافة إلى بناء مساكن جديدة فضلا عن منح علاوات وتسهيلات متنوعة للمواطنين بغية تحسين رفاهية الشعب السعودي. وقد بدأت عملية صرف المبلغ في 2011 ولعدة سنوات بما في ذلك العام الحالي. ختاما، عودة لموازنة 2013، فقد أقر المسؤولون تخصيص حصة الأسد للتعليم والرعاية الصحية وهي من الصفات التي تكون محل اقتدار. بل من شأن تعزيز النفقات على التعليم والصحة والبنية التحتية المساهمة في تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية الحيوية فيما يخص تحسين ترتيب المملكة على مؤشر التنمية البشرية فضلا عن تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي. ويحدونا الأمل بأن تساهم زيادة النفقات إلى تحسين ترتيب السعودية على مؤشر التنمية البشرية، حيث جاء ترتيبها في المرتبة رقم 56 دوليا في تقرير 2011 وهي آخر سنة تتوافر حولها أرقام التقرير الدولي عند إعداد بحثنا، أي الرابعة خليجيا بعد الإمارات وقطر والبحرين. بقي علينا انتظار النتائج النهائية للسنة المالية الجديدة.
428
| 06 يناير 2013
تواجه دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات الاقتصادية في 2013 وفي مقدمتها تعزيز عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وديمومة مشاريع الإصلاح الاقتصادي في الدول الست ومواجهة معضلة البطالة في أوساط العمالة المحلية في نصف أعضاء المنظومة. أما على الصعيد الدولي فهناك مسألة التوصل لاتفاقيات تجارية مع الدول والكيانات الاقتصادية الأخرى خصوصا الاتحاد الأوروبي. للأسف الشديد، تسير مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس بخطى بطيئة وإن كانت ثابتة. فهناك تحدي تعزيز المواطنة الخليجية عبر مشروع السوق الخليجية المشتركة والذي بدأ تنفيذه في مطلع عام 2008 بعد تبنيه في قمة الدوحة نهاية 2007. يرتكز المشروع على مبدأ منح الحرية لعوامل الإنتاج بالتحرك داخل اقتصادات دول مجلس التعاون الست. بيد أنه هناك شكاوى من التجار من إجراءات رسمية مطولة في بعض الدول الأعضاء بالنسبة لفتح فروع للمؤسسات على سبيل المثال في الدول الأعضاء. ينال هذا الأمر من صدقية مشروع السوق الخليجية المشتركة برمته. ويتعلق التحدي الآخر باستمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي عبر تعزيز خطوات فتح الاقتصادات المحلية أمام المنافسة. وجميل ما يحدث في هذه الفترة من إجراءات لتحرير سوق الطيران المحلي في المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف. وتتضمن الجهات المنافسة للحصول على حق تسيير رحلات داخلية كل من القطرية وتحالف يضم شركات صينية. ويمكن تقدير الجوانب الإيجابية المحتملة لفتح سوق الطيران المحلي في السعودية بالنظر لتجربة قطاع الاتصالات. لا شك، تعيش دول مجلس التعاون الخليجي إيجابية تحرير سوق الاتصالات حيث نجحت شركات إقليمية بالدخول في الأسواق المحلية الأخرى مع ما لذلك من فوائد على المستهلكين بالنسبة لحصولهم على أسعار تنافسية وخدمات راقية. وخير دليل على هذا ما يحدث في هذه الفترة بالذات من تقديم شركات الاتصالات لعروض فيما يخص منتج (آي فون 5) من إمكانية تملك الجهاز ومزايا أخرى مثل الحصول على دقائق مجانية وقدرة إرسال رسائل قصيرة مقابل دفع أقساط شهرية. يتمثل القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون في هذه الفترة بإفساح المجال أمام القطاع الخاص لممارسة الدور الذي يستحقه في إدارة دفة الاقتصاد. لكن يكمن التحدي في استمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي رغم ظهور بعض العوائق مثل خسارة بعض المواطنين لوظائفهم بسبب برامج الخصخصة. إضافة إلى ذلك، هناك معضلة البطالة في أوساط المواطنين في ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي وتحديدا السعودية والبحرين وعمان. حقيقة القول، تتميز السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بنشر أرقام دقيقة حول واقع سوق العمل بما في ذلك البطالة وهي مسألة تستحق الإشادة لأنها تعبر عن الرغبة في إيجاد حلول للتحدي. فحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ متوسط البطالة في أوساط العمالة السعودية الباحثة عن العمل أكثر من 9 في المائة في العام 2010 على أمل تخفيض النسبة لنحو 5.5 في المائة في 2014 في إطار خطة تنموية. كما أظهرت الأرقام أن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية الأمر الذي يعد أمرا مقلقا. وبشكل أكثر تحديدا، تتركز البطالة السعودية في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما بينهم 43 في المائة من العاطلين. مؤكدا، يخسر الاقتصاد السعودي ربما الكثير بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة بشكل بناء في التنمية. كما تعتبر البطالة في أوساط الشباب أحد أسباب الأزمة السياسية التي اندلعت في عمان مطلع العام 2011. وفيما يخص البحرين، مؤكداً أسهمت البطالة في ظهور الأزمة في البحرين في فبراير 2011 رغم أن المطالبات في مجملها سياسية. على الصعيد الدولي، هناك مسألة العودة لظاهرة إبرام معاهدات للتجارة الحرة والاتفاقيات الإطارية مع الدول والكيانات الاقتصادية حول العالم. ولوحظ شبه توقف هذه المسألة منذ منتصف 2010 بحجة مراجعة الاتفاقيات الموقعة لكن لا يمكن للمنظومة الخليجية أن تبقى بعيدة عن موضوع مهم يعد من سمات العصر الحديث. بالعودة للوراء، أبرمت دول مجلس التعاون بشكل جماعي وللمرة الأولى اتفاقية للتجارة الحرة لها مع سنغافورة في نهاية العام 2008 حيث شكلت فاتحة خير لإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى. ففد وقعت دول مجلس التعاون الخليجي في منتصف العام 2009 اتفاقية للتجارة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية والمعروفة اختصارا بمنظمة (ايفتا). تضم الرابطة كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. تهدف الاتفاقية مع رابطة ايفتا إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات لتسوية المنازعات. وفي العام 2010، وقعت دول مجلس التعاون الخليجي مذكرة تفاهم مع منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا والمعروفة اختصارا بمجموعة (الكوميسا). تضم منظمة الكوميسا 19 دولة تقع في شرق وجنوب إفريقيا تشمل كينيا وأوغندا وزامبيا. بيد أن هناك معضلة التوصل لاتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت المحادثات بين الطرفين قد بدأت في العام 1988 بهدف إنشاء منطقة الحرة لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة بين الحين والآخر قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي. يحدونا الأمل بأن يشكل العام 2013 انطلاقة جديدة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد الدولي تتناسب وقدراتها المتنوعة.
367
| 30 ديسمبر 2012
الأمل كبير في أن يحظى الشأن الاقتصادي بالاهتمام الكافي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في القمة رقم 33 في البحرين عشية عيد الميلاد المجيد. بل جرت العادة بأن تضيف كل قمة جديدة جملة مكاسب اقتصادية فيما يخص المشاريع التكاملية أي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة وبدرجة أقل الاتحاد النقدي. على سبيل المثال، أضافت القمة رقم 32 في السعودية لمشروع السوق الخليجية المشتركة عبر اعتمادها قواعد موحدة بالنسبة لإدراج الأوراق المالية المختلفة بما في ذلك الأسهم والصكوك ووحدات صناديق الاستثمار في الأسواق المالية بدول المجلس. مؤكدا، تعتبر الفترة الاسترشادية ضرورية وإن كانت مطولة في هذه الحالة حيث تمتد لسنتين ربما بالنظر لحساسية الموضوع بالنظر لحالة التباين في أسواق المال الخليجية. يشمل هذا التباين مستوى حجم التداول والقيم المتبادلة ومدى تأثر هذه الأسواق بالتطورات المحلية والإقليمية والدولية. إضافة إلى ذلك، أسهمت القمة رقم 32 في نهاية 2011 بواسطة إقرار التعرفة الجمركية الموحدة بين الدول الست بدءا من العام 2012. وقد شكل هذا التطور اختراقا طال انتظاره بالنسبة لتنفيذ مشروع الاتحاد الجمركي بعد مرور عدة سنوات على دخوله حيز التنفيذ (المزيد حول هذا الموضوع في الفقرات التالية) بدورها، أضافت القمة رقم 31 في أبو ظبي لمشروع السوق الخليجية المشتركة عبر الاتفاق على قانون يسمح بموجبه للشركات الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء ومساواتها في المعاملة كفروع لشركات وطنية. وفي نفس السياق، أقرت القمة رقم 30 في الكويت مبدأ المساواة بين مواطني دول المجلس في مجال التعليم الفني. وبالمزيد من التمحيص فيما يخص المشاريع التكاملية، فقد دخل مشروع الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في بداية العام 2003 على أمل الانتهاء من تطبيقه بشكل كامل في 2005 لكن تم تكرار تأجيل قرار التنفيذ الكامل للمشروع بسبب بعض المعوقات الجوهرية. أما القرار النهائي فعبارة عن تنفيذ المشروع جملة وتفصيلا في العام 2015 بعد القضاء على كافة الإشكالات بدليل إقرار تطبيق التعرفة المشتركة في 2012. وتنحصر المسائل العالقة بحل آلية تحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية فضلا عن حماية الوكيل من جهة والسلع من جهة أخرى. كما توجد معضلات إدارية تعيق عملية انسياب الشاحنات مثل منح التأشيرات للسواق. وتتعلق الأمور الأخرى بإيجاد ممرات خاصة لشاحنات الترانزيت وللمنتجات الغذائية سريعة التلف للمحافظة على صلاحيتها. ثم هناك مشروع السوق الخليجية والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2008 بعد إقراره في قمة الدوحة. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء تفعيلا لمبدأ المواطنة الخليجية. ويتضمن مشروع السوق المشتركة عشرة مسارات وهي 1) حرية التنقل والإقامة 2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية 3) التأمين الاجتماعي والتقاعد 4) ممارسة المهن والحرف 5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية 6) تملك العقار 7) انتقال رؤوس الأموال 8) المساواة في المعاملة الضريبة 9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات 10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. يستثنى مشروع السوق المشتركة أربعة أمور وهي 1) خدمات الحج والعمرة 2) استقدام العمالة 3) الصحف والمجلات 4) الوكالات التجارية. لكن يتوقع حدوث انشراح فيما يخص الوكالات التجارية في ضوء رغبة الدول الأعضاء في فتح أسواقها وبالتالي تعزيز المنافسة ما يعني توفير فرص للمستهلكين للحصول على أسعار تنافسية وخدمات مناسبة. ومن شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. فحسب الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يهدف المشروع "إلى إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي، وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي، وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصادات الحجم، ورفع الكفاءة في الإنتاج، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وتحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس وتعزيز مكانتها الفاعلة والمؤثرة بين التجمعات الاقتصادية الدولية". مؤكدا، لا يمكن التغاضي عن النتائج الاقتصادية الإيجابية التي تحققت في السنوات الماضية كدليل مادي على تطبيق جوانب من مشروعي الاتحاد النقدي والسوق المشتركة. فحسب أحدث الإحصاءات، بلغ حجم التبادل التجاري بين الدول الست 85 مليار دولار في العام 2011 أي الأعلى تاريخيا كنتيجة مباشرة لتطبيق المشاريع التكاملية الاقتصادية من قبيل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة. من جهة أخرى، لا يتوقع حصول تقدم مادي يذكر بالنسبة لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2010. ويعاني المشروع من صعوبات عملية بما في ذلك عدم انضمام كل من الإمارات وعمان إليه في إطار قرارات سيادية. وجاء عدم انضمام عمان للمشروع تم لأسباب اقتصادية رغبة منها بالاحتفاظ باستقلالية التوجهات بما في ذلك الإصرار على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي. ويشكل مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المرحلة الأكثر طموحا في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي، ويتضمن المشروع مجموعة معايير تتمثل في 1) تقييد الدين العام للحكومة عند حد 60 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي الاسمي 2) ضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 3) التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة 4) الحيلولة دون ارتفاع معدلات الفائدة عن متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المائة 5) الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر. بقي علينا انتظار البيان الختامي للقمة رقم 33 في البحرين للوقوف على إنجازاتها الاقتصادية فيما يخص تنفيذ المشاريع التكاملية للمنظومة من قبيل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي.
396
| 23 ديسمبر 2012
يتمعن مقالنا بشكل جوهري إجمالي ما تضمنه أحدث تقرير أصدرته مؤسسة (ستاندرد أند بور) المتخصصة في مجال التقييم الائتماني. حقيقة القول، يتميز التقرير بالكثير من الواقعية فيما يخص قراءته لأداء الاقتصاد القطري. بل من الصعوبة بمكان الاختلاف مع توقعات التقرير بالنسبة لتوقعاته للنتائج الاقتصادية المتوقعة للعام 2012. باختصار يتوقع التقرير مواصلة الاقتصاد القطري تسجيل نمو في الناتج المحلي الإجمالي لكن مع تراجع نسب النمو لأسباب يمكن تفهمها. وتشمل هذه العوامل لجوء الجهات الرسمية لقرار الحد من توسعة الطاقة الاستيعابية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال الأمر الذي يترك أثره على ديمومة مختلف العديد من القطاعات. تشمل أهداف الخطوة العمل للاستفادة القصوى من المستوى الحالي حيث الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر في الوقت الحاضر 77 مليون طن سنويا. وحسب آخر تقرير دوري لإحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية، تستحوذ قطر على قرابة 35 في المائة من الإنتاج العالمي لهذه السلعة. وحسب المصدر نفسه تم تسجيل نمو قدره 10 في المائة في تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم في العام 2011 وقد تبين بأن قطر أسهمت بأكثر من ثلاثة أرباع الزيادة. بل أصبح الإنتاج القطري المحرك الأول لصناعة الغاز الطبيعي المسال في العالم بأسره. تكمن مصلحة قطر بالحفاظ على مستويات أسعار الغاز عبر التأثير على متغير الإنتاج وبالتالي معادلة العرض والطلب خصوصا وأنها الرائدة في هذا المجال. بالعودة للوراء، نجحت قطر في إزاحة إندونيسيا من عرش أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال منذ العام 2007. لا شك من شأن الحد من توسعة إنتاج الغاز التأثير على مستويات النمو الاقتصادي المحلي بالنظر لارتباط ذلك بعدة قطاعات اقتصادية مختلفة منها الإنشاء والتعمير بل البنية التحتية بشكل عام فضلا عن الخدمات. هناك علاقة بين مستويات الصرف على تطوير قطاع الغاز والحراك الاقتصادي بشكل عام. كما لا يمكن تجاهل موضوع متغير الدخل، حيث يتحول كل ريال إلى أكثر من ذلك بسبب الدوران الاقتصادي عبر تبادل العملة من يد لأخرى. وعليه لا توجد غرابة من توقع تراجع مستوى النمو في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012 تماما كما حدث مع 2011. فحسب إحصاءات رسمية، انخفض مستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي القطري من 16.7 في المائة في العام 2011 إلى 13.5 في المائة في 2011. إضافة إلى ذلك، يتوقع تقرير (ستاندرد أند بور) عدم تسجيل نمو مادي في مستوى دخل الفرد على أقل لفترة زمنية بالنظر للنمو السكاني في البلاد والذي يتواكب أصلا مع توجه الحد من الاستثمار في القطاع النفطي. فحسب التقرير، من المتوقع تسجيل نسبة نمو قدرها 6 في المائة في تعداد السكان حتى العام 2015. ومن شأن النمو السكاني غير العادي في هذا العصر الضغط على مستويات النمو فيما يخص دخل الفرد. وقد رصد تقرير المؤسسة المشار إليها دخلا سنويا قدره 104 آلاف للفرد الواحد في الوقت الحاضر. يعد هذا الرقم الأعلى على الإطلاق على مستوى العالم من دون منازع الأمر الذي يعد إنجازا ليس لقطر بل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي. مؤكداً يعتبر الدخل الفعلي للفرد القطري أعلى من هذا الرقم لأننا هنا نتحدث عن المتوسط بعد قسمة حجم الناتج المحلي الإجمالي على مجموع السكان. خلافا للأجانب الذين يعملون في مؤسسات القطاع العام يعمل السواد الأعظم من المواطنين في الدوائر الرسمية والتي تتميز بتقديمها رواتب ومزايا نوعية. كما يحصل الفرد القطري بين الحين والآخر على مكرمات بأمر من القيادة السياسية في البلاد. يشكل المواطنون فيما بينهم قرابة 20 في المائة فقط من مجموع السكان. بالعودة للوراء، بلغ عدد سكان قطر بمن فيهم الأجانب والمواطنون قرابة 1.04 مليون نسمة في العام 2006 لكنه وصل لحد 1.73 مليون فرد مع نهاية العام 2011. وعليه بات الأمر مسألة وقت لا أكثر لتجاوز حجم السكان حاجز المليونين نسمة ما يعد تطورا غير عادي بالنسبة لقطر منذ منتصف التسعينيات. ويعكس الواقع السكاني في قطر رغبة السلطات بمشاطرة الآخرين مستوى النعيم والفرص المتوافرة في البلاد. طبعا تضاف لذلك الاستثمارات القطرية في مختلف بقاع العالم والتي بدورها تساعد في تعزيز عجلة التنمية المحلية في أكثر من بلد. تشمل الاستثمارات السيادية لقطر امتلاك محلات (هارودز) الشهيرة في لندن وليس انتهاء بحصص في بنوك في البرازيل. عموما، تتميز قطر بممارسة الشفافية فيما يخص استثماراتها حول العالم سواء قطر بالنسبة لشراء الفنادق والعقارات أو امتلاك أسهم الشركات العاملة في مجال السلع الثمينة. من جهة أخرى، لا يمكن التغاضي عن بعض مآخذ التقرير على أداء الاقتصاد القطري من قبيل انكشاف مالية البنوك القطرية. والإشارة هنا إلى تعزيز ظاهرة الاعتماد على التمويل الخارجي للمصارف والتي بدورها توظف جانبا من الأموال لتمويل بعض المشاريع المحلية. ويعود الأمر في جانبه لظاهرة ضعف مستويات الادخار بين المواطنين ربما لأسباب اجتماعية وثقافية في ظل بقاء معدلات الفائدة منخفضة لمستويات تاريخية الأمر الذي لا يشجع على التوفير. وفي كل الأحوال، منحت (ستاندرد أند بور) تقييما سياديا قدره (أي وأي ناقص) لقطر مع نظرة مستقبلية مستقرة. كما تتمتع قطر بتقييم ائتماني إيجابي مماثل بطريقة أو أخرى من مؤسسة (موديز). ويلاحظ أن العامل المشترك بين كلا التقييمين الاثنين هو قدرة الدولة الحاصلة على الدرجات على الوفاء بالتزاماتها المالية دونما مشكلة. لا شك أنه لأمر جميل نجاح قطر في تسجيل أداء اقتصادي نوعي وهو ما يضيف لرصيد كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
433
| 16 ديسمبر 2012
للأسف الشديد كشف تقرير مدركات الفساد للعام 2012 والذي صدر قبل أيام بواسطة منظمة الشفافية الدولية عن تراجع ترتيب جميع دول مجلس التعاون الخليجي على المؤشر. الاستثناء الوحيد هو تقدم الإمارات بدرجة واحدة لا أكثر. يقيس المؤشر مدى استشراء الفساد في المعاملات الرسمية عبر تفضيل البعض على حساب الآخر بسبب إمكانية الحصول على عوائد مادية بطريقة أو أخرى. تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بسوء استخدام الوظيفة العامة من أجل تحقيق مكاسب شخصية. كما أنها لا تميز المنظمة بين الفساد الإداري والفساد السياسي أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى المنظمة أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. غطى تقرير 2012 مستويات الشفافية في 174 اقتصادا في العالم عبر الاعتماد على النتائج المحصلة للعديد من المسوحات والاستطلاعات من تنفيذ 13 جهة دولية مرموقة. تتضمن هذه مؤسسات وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونومست البريطانية والبنك الدولي ودار الحرية ومؤسسة البصيرة العالمية وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الإفريقي. وقد شملت عمليات الاستطلاع وجهات نظر الخبراء عن الدول المختلفة المقيمين منهم وغير المقيمين فضلا عن رجال الأعمال الأجانب للوقوف على مسألة مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام للرشاوى. في المحصلة؛ نجحت الإمارات بتحسين تريبها مرتبة واحدة وعليه حلت في المرتبة رقم 27 دوليا بالشراكة مع قطر. ويبدو أن التحسن تحقق على خلفية تعزيز استخدام الخدمات الإليكترونية في المعاملات الرسمية وهي الظاهرة التي تساهم في إبعاد الأمور الشخصية في الممارسات. وخير دليل على ظاهرة تقدير الخدمات الإليكترونية هو نيل الإمارات المرتبة رقم 30 دوليا على مؤشر جاهزية الشبكات الإليكترونية في التقرير العالمي لتقنية المعلومات للعام 2012. بدورها نالت قطر نفس المرتبة أي الرقم 27 دوليا على مؤشر مدركات الفساد. يشار إلى أن قطر كانت قد حققت المرتبة رقم 22 في تقرير 2011 أي الأفضل بلا منازع بين الدول العربية قاطبة. من جهة أخرى، حافظت البحرين على ترتيبها الخليجي بحلولها في المرتبة الثالثة رغم انخفاض ترتيبها بواقع 7 مراتب وصولا للمرتبة 53 دوليا. يعد هذا الأداء سلبيا وتراجعا نوعيا لترتيب البحرين فضلا عن حصوله في فترة حرجة. بالعودة للوراء، حققت البحرين المرتبة رقم 27 دوليا في العام 2003 عند قمة الإصلاحات الاقتصادية في البلاد وهي الإصلاحات والتي أصبحت جزءا من الماضي. عموما؛ يشكل تراجع الترتيب ضربة لخطط إعادة السمة التجارية للبحرين قضاء على تداعيات الأزمة السياسية المستمرة منذ فبراير 2011. على صعيد آخر؛ حصلت تراجعت ضخمة فيما يخص ترتيب عمان والكويت والسعودية. فقد واصلت عمان خسارة المواقع فبعد تراجع بواقع 8 مراتب في تقرير العام 2011 تم تسجيل تراجع إضافي لحد 11 درجة وعليه حلت في المرتبة 61 دوليا. كما تراجع ترتيب الكويت بواقع 12 مرتبة أي الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي وعليه حلت في المرتبة 66 دوليا. وربما يفرض هذا الأداء غير المقبول نفسه على جانب من مداولات مجلس الأمة الكويتي الجديد في ضوء الانتخابات التي جرت مطلع شهر ديسمبر الجاري. وكانت الكويت قد حافظت على ترتيبها الدولي في تقرير 2011 عبر حلولها في المرتبة 54 عالميا على خلفية خطوات برلمانية لمحاربة هدر المال العام. بدورها؛ واصلت السعودية استنزاف ترتيبها الدولي عبر تراجعها 9 مرتبة وبالتالي مشاركة الكويت في ترتيبها الدولي. لكن يعد هذا الترتيب غير مقبولا لصاحبة أكبر اقتصاد بين الدول العربية قاطبة. على الصعيد الدولي، اشتركت كل من الدنمارك وفنلندا ونيوزلندا المرتبة الأولى على مؤشر مدركات الفساد وهي نتيجة مستحقة. تشترك الدول الحاصلة على مراتب متقدمة في صفات إيجابية تتمثل بمحدودية إمكانية قبول أصحاب القرارات خصوصا في الدوائر الرسمية لإغراءات تجارية أو شخصية. من جملة الأمور، تكمن أهمية المؤشر باستخدامه مع مجموعة مؤشرات أخرى من قبل مستثمرين دوليين لاتخاذ قرارات مرتبطة بالاستثمار. تعتبر الاستثمارات الأجنبية ضرورية لمعالجة بعض التحديات الاقتصادية مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين من جهة فضلا عن انعكاسها لثقة المجتمع التجاري الدولي للدول المستقطبة من جهة أخرى سواء بالنسبة للقوانين أو الآفاق التجارية. المطلوب من الدول التي جمعت أقل من 70 نقطة على المؤشر المكون من 100 نقطة تنفيذ برامج إصلاحية في مجال محاربة استغلال الوظيفة العامة. ويلاحظ عدم تمكن أي دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي من تحقيق هذا الإنجاز لكن يحسب لكل من قطر والإمارات جمع 68 نقطة أي بالقرب من الحد الأدنى. مؤكدا، المطلوب من بقية دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ إصلاحات جذرية لمحاربة سوء استغلال الوظيفة العامة بغية تحقيق مكاسب مادية ربما عبر خيار إنجاز المعاملات الرسمية عن طريق الحكومة الإليكترونية. وفي إطار تعزيز الشفافية المطلوب من الحكومات إلزام نفسها بنشر إحصاءات دورية دون تدخل للتأثير على الأرقام أو تاريخ النشر لأغراض سياسية. وربما باتت مسألة الشفافية باتت مطلوبة في المعاملات الرسمية أكثر من أي وقت مضى بالنظر لتداعيات أزمة مديونية اليونان والتي يعود جانب منها لعدم الكشف عن الحجم الفعلي للمديونية العامة. ولازالت تداعيات الأزمة تتفاعل في أوروبا خصوصا دول منطقة اليورو منذ اكتشاف الأزمة في العام 2008. لا شك أنه يجب العمل على تحاشي التجارب المرة عبر تأصيل ثقافة الشفافية في القطاعين العام والخاص.
329
| 06 ديسمبر 2012
تحتفل البحرين هذا الشهر بعيدها الوطني وسط أداء نوعي لاقتصادها الوطني في المؤشرات الدولية. يعد موضوع ترتيب الاقتصاد البحريني في المؤشرات الدولية أمرا في غاية الأهمية بالنظر لحاجة المسؤولين لنتائج إيجابية للزعم بالتعافي من التداعيات المرتبطة بالأحداث السياسية التي مرت بها البلاد مطلع العام 2011. ربما أكثر ما يميز الاقتصاد البحريني عبارة عن تمتعه بسجل لامع في مجال الحرية الاقتصادية بسبب محدودية دور القطاع العام وهي مسألة جديرة. لكن هناك تحد بالحفاظ على هذا التميز على خلفية ظاهرة تعزيز دور الحكومة في الاقتصاد الوطني في الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المملكة. حقيقة القول، تتربع البحرين على عرش مؤشر الحرية الاقتصادية ومصدره مؤسسة (هيريتاج فاونديشين) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتان. وقد حصلت البحرين على المرتبة رقم 12 في تقرير العام 2012 متراجعة مرتبتين عن ترتيبها في تقرير 2011. تعتبر هذه النتيجة الأفضل خليجيا وعربيا وإسلاميا ما يعد تميزا. يعتمد المؤشر على عشرة متغيرات تنصب في مجال الحرية الاقتصادية وهي 1) تأسيس الأعمال، 2) التجارة الدولية، 3) السياسة النقدية مثل مستوى الضرائب والاقتراض الحكومي، 4) السياسة المالية مثل السيولة ومعدلات الفائدة، 5) التدخل الحكومي في الاقتصاد، 6) الاستثمارات الأجنبية، 7) النظام المصرفي والتمويل، 8) حقوق الملكية، 9) الفساد المالي والإداري، 10) وتوظيف وتسريح العمال. لكن يبدو بأن القائمين على التقرير تحاشوا الأخذ بعين الاعتبار موضوع تسريح ومن ثم إعادة تعيين بعض العمالة المسرحة في البحرين لأسباب سياسية في العام 2011. كما حقق الاقتصاد البحريني المركز السابع عالميا على مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2012 التابع لمعهد (فريزر) الكندي المهتم بقياس السياسات العامة. وهذا يعني حلول البحرين في أفضل ترتيب بين الدول العربية قاطبة للمرة التاسعة على التوالي أي من صدور النسخة الأولى للتقرير. يعتمد المؤشر على العديد من المتغيرات وتحديدا 42 متغيرا موزعة على خمسة مجالات وهي 1) حجم الحكومة 2) القانون التجاري والاقتصادي وحماية حقوق الملكية 3) السياسة النقدية 4) التجارة الدولية و5) الإطار التنظيمي لكل من الائتمان والعمالة والنشاط التجاري. بيد أنه يؤخذ على التقرير اعتماده على مصادر ثانوية تم إعدادها لأغراض أخرى. كما تتضمن المشكلة في صعوبة منح نقاط بصورة موضوعية للدول المشمولة في التقرير بسبب معضلة توافر المعلومات بصورة مستدامة. وربما هذا يعد تميزا للبحرين كونها على استعداد لنشر أرقام محدثة عن الأداء الاقتصادي حتى لو لم تكن إيجابية بالنسبة للمملكة. دليلنا على ذلك نشر رقم متدن نسبيا لتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام 2011 أي قرابة 2 في المائة والذي يعد أقل من توقعات صندوق النقد الدولي. كما قرر مجلس التنمية الاقتصادية وفي خطوة مفاجئة في شهر نوفمبر 2012 بتخفيض مستوى النمو المتوقع للسنة برمتها من أكثر من 4 في المائة إلى 2.4 في المائة. وكما هو الحال مع التقرير كما تشمل السلبيات الأخرى للتقرير اعتماده على إحصاءات العام 2010 أي أرقاما قديمة نسبيا في الوقت الذي تتوفر فيه أرقام 2011 بالنسبة لكثير من دول العالم بما فيها بعض دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع صدور التقرير. السلبية الأخرى كما هو الحال مع (هيريتاج فاونديشين) مردها المنهجية المتبعة واعتماد التقرير بشكل أساسي على مصادر ثانوية تم إعدادها لأغراض أخرى بدل تنفيذ دراسات ميدانية. وتكمن المعضلة الجوهرية في إعداد هذه الأرقام لأمور أخرى لا تدخل بالضرورة ضمن المغزى الجوهري للبحث. إضافة إلى ذلك، حصل الاقتصاد البحريني على المركز الأول عربيا مناصفة مع الإمارات في تقرير الحرية الاقتصادية في العالم العربي للعام 2012 والذي صدر قبل أيام. التقرير من إعداد مؤسسة (فريدريش ناومان) الألمانية عبر التعاون مع معهد فريزر الكندي صاحب تقرير آخر مشار إليه في هذا البحث وبالتعاون مع مؤسسة البحوث الدولية في سلطنة عمان. اللافت في هذا الصدد نجاح الإمارات في تقاسم المرتبة الأولى مع البحرين في تقرير 2012 في الوقت الذي انفردت فيه البحرين بالمنصب في 2011. يقيس التقرير مستوى حرية الاقتصاد ضمن 5 فئات وهي نطاق 1) نشاط الدولة 2) الإطار القانوني 3) السياسة النقدية 4) التجارة الحرة 5) والتنظيم. لكن يؤخذ على التقرير اعتماده على إحصاءات العام 2010 وبالتالي عدم أخذه بعين الاعتبار اندلاع الأزمة السياسية في فبراير 2011. عموما، لا يمكن تجاهل أوجه شبه بين تقريري الحرية الاقتصادية في العالم العربي والحرية الاقتصادية في العالم على خلفية الارتباط مع بمؤسسة (فريزر). في المجموع، ربما تغيرت سياسة محدودية دور القطاع العام بعض الشيء في أعقاب التطورات السياسية التي جربتها المملكة، مرت بها البلاد في فبراير 2011، حيث تعزز دور الحكومة عبر رفع مستوى النفقات العامة للتعويض عن حالة التذبذب لدى القطاع الخاص. ويتجلى ذلك لحد ما في موازنة السنتين الماليتين 2013 و2014. وللتدليل على ذلك تم تقدير نفقات العام 2013 بنحو 9.15 مليار دولار مع تسجيل زيادة طفيفة في السنة المالية 2014 وصولا لحد 9.4 مليار دولار. تزيد هذه الأرقام بشكل نوعي على تلك المقدرة للسنتين الماليتين السابقتين وتحديدا 6.9 مليار دولار للعام 2011 و7.16 مليار دولار للسنة المالية 2012. في المحصلة، يخشى حصول تراجعات في ترتيب الاقتصاد البحريني بسبب طريقة إدارة التحدي السياسي في البلاد بدليل صدور تقارير وانتقادات مستمرة من الدول الديمقراطية والمنظمات الدولية، الأمر الذي ينال من القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. بيد أنه بمقدور البحرين تحقيق نتائج إيجابية بالنظر لتمتع البلاد بثروة بشرية وعمالة وطنية على استعداد للعمل في مختلف القطاعات.
406
| 01 ديسمبر 2012
احتفلت سلطنة عمان بتاريخ 18 نوفمبر بعيدها الوطني رقم 42 وسط أنباء وتقارير وتوقعات إيجابية حول أداء اقتصادها للعامين 2012 و2013. وخير دليل على ذلك ظهور تصريحات رسمية تشير لاحتمال رفع نفقات الموازنة العامة للسنة المالية 2013 بنسبة 10 في المائة عن سابقتها. بالعودة للوراء، أقرت الحكومة موازنة 2012 بمصروفات قدرها 26 مليار دولار مع فرضية حدوث عجز مالي في حدود 3.1 مليار دولار. وفي هذا الصدد افترض صندوق النقد الدولي متوسط نقطة توازن النفقات والإيرادات عند حد 81 دولارا للبرميل. طبعا يزيد هذا الرقم على متوسط 75 دولارا للبرميل والذي تم افتراضه عند إعداد الموازنة. وفي موازاة ذلك جاء في تقرير لوكالة رويترز للأنباء خبر مفاده بلوغ متوسط سعر بيع النفط العماني تحديدا 113 دولارا للبرميل في الفترة ما بين يناير ويوليو 2012 أي أكثر بكثير من المتوسط المفترض. وعلى هذا الأساس يتوقع حصول ارتفاع في الإيرادات والنفقات وتحول العجز المتوقع لفائض. بل هو توقع صندوق النقد الدولي حيث جاء في المراجعة الدورية عن حال اقتصاد السلطنة بإمكانية تحقيق فائض مالي في موازنة 2012 يساوي 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. مؤكداً يعد هذا الأمر استثناء في عالم اليوم حيث يعد تسجيل عجز في الموازنات العامة هو القاعدة. عموما ما ينطبق على عمان ينطبق بالضرورة على بقية دول مجلس التعاون الخليجي. فقد أعدت قطر موازنة السنة المالية 13-2012 بفائض قدره 7.7 مليار دولار في ضوء نفقات في حدود 49 مليار دولار وربما تكون النتائج النهائية أفضل بكثير بسبب بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. ثم هناك موضوع النمو الاقتصادي المتميز، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو فعلية بعد طرح عامل التضخم قدرها 5 في المائة في العام 2012. صحيح يقل هذا الرقم بشكل نسبي عما تم تحقيقه في العام 2011 وتحديدا 5.5 في المائة لكنه يبقى نوعيا بالمقاييس الدولية. وفي كل الأحوال يمكن تفهم السبب والذي يعود أساسا لتراجع نسبة النمو في إنتاج النفط. وكان مستوى الإنتاج قد ارتفع من 715 ألف برميل يوميا في العام 2007 إلى 891 ألف برميل يوميا في 2011 كما جاء في تقرير إحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية. وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. ويبدو أن العقد حقق هدفه الإستراتيجي في التوقيت المناسب أي فترة ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. ولا غرابة، فقد أسهمت هذه التطورات في حصول السلطنة على تقييمات ائتمانية ممتازة من قبل المؤسسات المعنية. تتمتع عمان بتقييم (أي) من مؤسسة ستاندراد أند بور فضلا عن (أي ناقص) من وكالة موديز. تعتبر التقييمات هذه ضمن خانة الاستثمارات التي تضيف لمكانة الاقتصاد العماني. إضافة إلى ذلك تمنح كلتا المؤسستين نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد العماني الأمر الذي يعكس إيجابية الأمور المستقبلية في ظل تعزيز النفقات العامة ونجاح السلطنة في تأصيل مختلف القطاعات الحيوية بما في ذلك الصناعة والسياحة. تعتبر مدينة صحار الصناعية الأكثر شهرة بين المدن الصناعية. كما تتمتع عمان بتضاريس تجعلها محل إعجاب الزوار. لا شك يعد تطوير القطاعات الاقتصادية القادرة على خلف وظائف جديدة في غاية الأهمية بالنظر لتحدي سوق العمل. تبلغ النسبة حدود 15 في المائة لكن ترتفع النسبة لحد 24 في المائة عند احتساب العاطلين غير الباحثين فعلا عن وظائف. وقد فرض هذا الرقم نفسه في العام 2011 في خضم قيام الحكومة ببدء تطبيق مشروع توفير دعم مالي للعاطلين في إطار معالجة الأزمة التي عايشتها انطلاقا من مدينة صحار الصناعية. أدخل معضلة مع الديمغرافية حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن 31 في المائة من السكان هم دون سن الخامسة عشرة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة لسوق العمل في المستقبل القريب نسبيا. طبعا، يبحث شباب اليوم عن فرص عمل تتناسب وتطلعاتهم فيما يخص الراتب وطبيعة العمل. حاليا تشكل العمالة المحلية قرابة 30 في المائة من العاملين في القطاع الخاص لكن تأمل رؤية عمان 2020 بتعزيز نسبة مشاركة المواطنين في المؤسسات الخاصة لمستويات مرتفعة. بل يعتقد بأن نصف المواطنين دونما احتساب الأجانب هم دون سن العشرين عاما الأمر الذي يعكس الحاجة لتهيئة اقتصاد السلطنة للتحدي التنموي. وطالما الحديث عن الأجانب تتميز عمان وكما هو الحال مع السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بتشكيل المواطنين أغلبية السكان والذين يزيد عددهم على 3 ملايين نسمة. في المقابل، يشكل الوافدون أكثرية السكان في الإمارات والكويت وقطر والبحرين. عموما لا بد من الإشادة باستمرار تحسن أداء السلطنة على مؤشر البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لممارسة الأعمال المتعلق بأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد جوهرية في هذا العصر. فقد تحسن ترتيب عمان من المرتبة رقم 53 في تقرير العام 2011 ومن ثم المرتبة 49 في المائة في 2012 و47 في تقرير 2013 والذي صدر حديثا. بل رصد التقرير الأخير نجاح الإمارات وعمان من بين سائر دول مجلس التعاون في تحسين ترتيبهما على المؤشر السنوي. ختاما تشير العديد من المؤشرات بما في ذلك فرضية تعزيز النفقات الحكومية من جهة والفرص المتاحة أمام القطاع الخاص بأن الاقتصاد العماني مقبل على تحقيق المزيد من الإنجازات في العام 2013 وعلى الأقوى أبعد من ذلك بكثير.
646
| 25 نوفمبر 2012
تعتبر الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر إيجابية لحد كبير بل ليس من السهل تصور ظرف اقتصادي أفضل مما عليه واقع الحال. طبعا لا مناص من ربط الموضوع بشكل جوهري ببقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية والتأثيرات الإيجابية لذلك على النمو الاقتصادي وقدرة تحقيق فوائض مالية للموازنة العامة والحساب الجاري فضلا عن تعزيز الاحتياطي العام للدول الست. حقيقة القول يعد القطاع النفطي حيويا في اقتصادات دول مجلس التعاون كونه يساهم في المتوسط ثلثي كل من دخل الخزانة العامة والصادرات فضلا عن ثلث الناتج المحلي الإجمالي. وفي هذا الصدد تتوقع العديد من المصادر المعتبرة بقاء أسعار النفط فوق حاجز 100 دولار للبرميل في العام 2013 على أقل تقدير ما يعني استمرار توقع تسجيل نتائج مرغوب فيها في الاقتصادات الخليجية. من جملة الأمور توفر ظاهرة بقاء أسعار النفط مرتفعة إفساح المجال أمام زيادة النفقات العامة وبالتالي إمكانية تحقيق نمو اقتصادي لافت. وخير دليل على هذا الزعم تسجيل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل إجمالي نمو قدره 7.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي في 2011. بكل تأكيد كان هناك تفاوت في الأداء خصوصا بالنسبة لقطر وقدرت اقتصادها على تحقيق نمو مرتفع نسبيا. ومن حسن الحظ تم تسجيل هذا الحد من النمو الاقتصادي في ظل شبه غياب لمعضلة التضخم لأسباب تشمل محدودية الضغوط في أحسن الأحوال فيما خص المواد الغذائية المستوردة. تتميز دول التعاون وهي محقة بذلك بتقدير حقيقة عدم تمتعها بميزات تنافسية في مجال الإنتاج الغذائي وعليه الحاجة للاستيراد. من جهة أخرى، يوجد توقع عام بتراجع نسبة النمو في العام 2012 لأسباب منها عدم قدرة دول مجلس التعاون الخليجي المحافظة على مستويات صرف القطاع العام. بيد أنه علينا الانتظار للنتائج النهائية للوقوف على حقيقة الموقف بدل الاعتماد على بعض التوقعات المحافظة والتي يتم إعدادها قبل فترة والتي ربما لم تأخذ بعين الاعتبار استمرار ظاهرة بقاء أسعار النفط مرتفعة. في المحصلة، يلاحظ قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على تحطيم أرقام جديدة لحجم الناتج المحلي الإجمالي بين الحين والآخر وبصورة لافتة. استنادا لإحصاءات صندوق النقد الدولي بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الست بعد خصم معدل التضخم قرابة 1.372 مليار دولار في العام 2011. بل من المتوقع وصول الرقم إلى 1.487 مليار دولار في 2012 ومن ثم 1.534 مليار دولار في 2014. وفي هذا الصدد لابد من التأكيد على حصول السعودية على مرتبة متقدمة بين كبرى الاقتصادات العالمية وتحديدا الرقم 20 دوليا. تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 633 مليار دولار ما يعني حلول المملكة في مرتبة أفضل من ترتيب بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل السويد وبولندا وبلجيكا والنرويج فضلا عن الدول الإسلامية والآسيوية. ثم إن هناك موضوع الفوائض المالية في الموازنات العامة للدول الست حيث بلغت 174 مليار دولار في العام 2011. ويعد هذا الرقم نوعيا كونه يشكل 12.7 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. عموما لابد من النظر لهذا الأداء مع أحد شروط الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ بداية العام 2010 بمشاركة أربع دول وهي السعودية وقطر والكويت والبحرين وفي غياب الإمارات وعمان. ويلزم المشروع بضمان عدم ارتفاع عجز الموازنة المالية عن حاجز 3 في المائة للناتج المحلي الإجمالي. وقد تبين في الآونة الأخيرة قدرة دول مجلس التعاون على تسجيل فوائض مالية ضخمة حيث نجحت السعودية على سبيل المثال بتحويل العجز المتوقع وقدره 11 مليار دولار إلى فائض في حدود 82 مليار دولار في السنة المالية 2011. وقد تحقق هذا الأداء رغم تعزيز النفقات العامة لكن في ظل ارتفاع حجم الإيرادات العامة. وفيما يخص قطر فقد تم إعداد موازنة السنة المالية 13-2012 بتوقع فائض قدره 7.7 مليار دولار. والتميز هنا عبارة عن توقع فائض وليس عجزا، ما يعد أمرا ملفتا. بل ليس من المستبعد تعزيز الفائض في نهاية المطاف بالنظر لاعتماد متوسط سعر 65 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار السائدة في الأسواق العالمية الأمر الذي يفسح المجال أمام ارتفاع الإيرادات. حقيقة القول أصبحت ظاهرة تسجيل فائض في الموازنة العامة حقيقة واقعية للدول الست بلا استثناء. إضافة إلى ذلك، هناك موضوع الفوائض في مجال الحسابات الجارية وذلك على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة. تشير أحدث الأرقام والتوقعات إلى تحقيق فائض في الحساب الجاري للدول الست قرابة 363 مليار دولار في العام أو أكثر من 26 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي ما يعد إنجازا بالمقاييس الدولية. بل يتوقع ارتفاع مستوى فائض الحسابات الجارية لحد 383 مليار دولار في 2012. وكنتيجة إيجابية لفوائض المالية العامة والحسابات الجارية فقد بلغ حجم الاحتياطي الدولي للدول الست قرابة 1.6 تريليون دولار في العام 2011 وربما يفوق المبلغ حاجز 1.9 تريليون دولار في 2012 أي أكثر من حجم الناتج المحلي الإجمالي في كل حال من الأحوال. بل يتوقع بلوغ المبلغ لحد 3 تريليونات دولار في العام 2017. باختصار، ليس من الخطأ منح دول مجلس التعاون الخليجي علامة متميزة على أدائها الاقتصادي سواء بالنسبة للنمو الاقتصادي والفوائض المالية فيما يخص الموازنة العامة والحسابات الجارية والموجودات في الخارج. على أقل تقدير، لا يتوقع حصول تراجع في الأداء الاقتصادي للدول الست للسنوات القليلة القادمة على خلفية توقع بقاء أسعار النفط مرتفعة لأسباب تشمل نمو الاقتصاد العالمي.
325
| 18 نوفمبر 2012
للأسف الشديد، نجحت كل من الإمارات وعمان فقط من بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي الست في تحسين ترتيبهما على مؤشر البنك الدولي لممارسة الأعمال للعام 2013 والذي صدر حديثا. يشتهر التقرير السنوي بمقارنة أداء غالبية دول العالم بناء على إحصاءات محدثة بالنسبة لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. تشارك مؤسسة التمويل الدولية والتي تعد أكبر مؤسسة إنمائية عالمية تركز على القطاع الخاص في إعداد التقرير. باختصار يغطي التقرير الأخير تحديدا 185 اقتصادا وبالتالي السواد الأعظم من دول العالم فيما يخص قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمل فيها. ولا شك تعتبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيوية في عالم اليوم بالنظر لقدرتها على إيجاد فرص عمل جديدة وبشكل سريع نسبيا خلافا لما عليه الحال بالنسبة للشركات الكبيرة. وبكل تأكيد ينطبق الحديث حول أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالنسبة للمنظومة الخليجية على خلفية تشبع حالة التوظيف في المؤسسات الرسمية. على سبيل المثال، يوفر القطاع العام 92 في المائة من فرص العمل للعمالة المحلية في الوقت الحاضر. وهذا يعني عمليا محدودية القدرة على إيجاد فرص عمل جديدة في الأجهزة الرسمية. طبعا البديل بكل تأكيد هو تعزيز فرص العمل في القطاع الخاص. تحصل الاقتصادات المشمولة في التقرير وبالتالي المؤشر على علامات تتحقق من 10 متغيرات أو مجالات إجرائية. تشمل هذه الإجراءات مدى سهولة بدء النشاط التجاري وتسوية حالات الإعسار والتجارة عبر الحدود والحصول على تصاريح للإنشاء وحماية المستثمرين وقدرتهم في الحصول على مصادر للتمويل. ففيما يخص أداء دول مجلس التعاون الخليجي وهو موضوع بحثنا فقد نجحت الإمارات في تحسين ترتيبها بواقع 7 مراتب للأمام الأمر الذي أهلها لتحقيق المرتبة رقم 26 على المؤشر من بين 185 اقتصادا عالميا وهي نتيجة جديرة. وهذا يعني حلول الإمارات خلف السعودية فقط من بين الدول العربية قاطبة على مؤشر ممارسة الأعمال. بدورها حلت السعودية في المرتبة رقم 22 دوليا أي أفضل من اليابان فضلا عن العديد من دول الاتحاد الأوروبي. يبقى أنه ربما يكون مسألة وقت لا أكثر قبل أن تتمكن الإمارات من أخذ مكان السعودية بالتربع على المرتبة الأولى خليجيا وعربيا في ظل تراجع أداء المملكة. وكان ترتيب السعودية قد تراجع بشكل نوعي في السنوات الأخيرة حيث هبط بواقع 10 مراتب في تقرير العام 2011 ثم 12 مرة في تقرير 2012 والأسوأ من ذلك 22 مرتبة في التقرير الأخير. وكانت السعودية قد تمكنت من الحصول على مراتب متقدمة في إطار محاولاتها واستعدادها بالدخول لمنظمة التجارة العالمية وهذا ما حصل فعلا في العام 2005. من جملة الأمور، أقدمت السلطات السعودية على تقليص عدد الأنشطة المحظور على المستثمرين الدوليين الاستثمار فيها فيما عرفت بالقائمة السلبية. ومن جملة الأمور تميز الانفتاح بالسماح للبنوك الأجنبية بفتح فروع لها في السعودية الأمر الذي عزز من الفرص التمويلية المتاحة أمام المستثمرين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المترامية الأطراف. ويعتقد بأن إطلاق العنان للبنوك الأجنبية بالعمل في السوق السعودية الواعدة قلل من الأهمية النسبية لقطع الخدمات المالية في البحرين بسبب الفرق بين البلدين. حقيقة القول يتميز الاقتصاد السعودي بقدرته على استيعاب المنافسة بسبب حجم الناتج المحلي الإجمالي والذي يبلغ 633 مليار دولار الأمر الذي يضع الاقتصاد السعودي بين أكبر 20 اقتصادا في العالم. ويتبين هذا الأمر بشكل جلي خلال موسم الحج حيث تتوفر الفرصة أمام المستثمرين وأصحاب المحال التجارية وأسواق السيارات بل حتى ملاك المنازل في بعض المناطق بتحقيق عوائد ضخمة من ملايين الحجاج الذين يتوافدون على الديار المقدسة. بل ليس مطلوبا من أصحاب الشركات بذل جهود تسويقية كثيفة بالنظر لوجود الطلب. وقد عايشت الأمر بصورة شخصية أثناء ذهابي للحج هذا العام. وفي كل الأحوال لا يمكن التغاضي عن وجود علاقة بين القدرة على ممارسة الأعمال التجارية من وحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة من جهة أخرى. فحسب تقرير الاستثمار العالمي للعام 2012 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) استقطبت السعودية استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 16.4 مليار دولار في 2011 متراجعة عن حاجز 28 مليار دولار الذي تم تسجيله في 2010 ما يعد أمرا سلبيا. في المقابل، نجحت الإمارات برفع مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة من 5.5 مليار دولار في العام 2010 إلى 7.7 مليار دولار في 2011 لأسباب منها حرية ممارسة الأعمال في البلاد خصوصا في إمارة دبي فضلا عن وجود شركات طيران وغيرها من التسهيلات. حقيقة القول، تتميز الإمارات بممارسة دور قيادي بين اقتصادات دول مجلس التعاون في تقرير ممارسة الأعمال للعام 2013. وقد عززت الإمارات الفرص أمام المستثمرين للاستفادة من الإنترنت فيما يخص تقديم الطلبات ودفع الالتزامات المالية. ومن شأن هذه الخدمات تسهيل الإجراءات في ممارسة الأعمال حيث القدرة على توفير المال والجهد وبالتالي التركيز على الأنشطة التجارية والمنافسة. من جهة أخرى وللأسف الشديد حصل تراجع في ترتيب الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أي البحرين وقطر والكويت. وكانت الصدمة الأشد وطأة هبوط ترتيب الكويت من المرتبة رقم 67 في تقرير العام 2012 إلى الرقم 82 في التقرير الأخير. تعد نتيجة الكويت الأسوأ خليجيا على الإطلاق. كما يلاحظ عدم نجاح البحرين بتسجيل إصلاح في أي من متغيرات المؤشر رغم وجود الحاجة لإظهار جدية في التعافي من آثار الأزمة السياسية التي تعيشها منذ فبراير 2011. ويبقى التحدي الأهم بالنسبة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هو القدرة على تحسين أوضاعها الاقتصادية وبالتالي مصارعة الآخرين في عالم سريع التغير.
431
| 11 نوفمبر 2012
تتميز البحرين بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي بإقرارها ميزانية سنتين ماليتين متتاليتين في آن واحد. يهدف هذا البرنامج النوعي لتحقيق أهداف منها منح مؤسسات القطاع الخاص فرصة معرفة اتجاهات الصرف للدولة وبالتالي التخطيط للاستفادة القصوى من مشاريع القطاع العام لفترة زمنية غير قصيرة. من جهة أخرى هناك من يرى خطأ هذا التوجه بالنظر لصعوبة تكهن أسعار النفط الخام والتغييرات السريعة التي تحصل في الاقتصاد العالمي في هذا العصر. يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد البحريني عبر توفيره لأكثر من ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة والتالي بدورها تعد المصدر الأول لتمويل نفقات الحكومة. وقد كشفت ميزانية السنتين 2013 و2014 والتي تم نشر أرقامها الأسبوع الماضي عن تشكيل القطاع النفطي لقرابة 86 في المائة من دخل الخزانة أي نفس النسبة المسجلة في ميزانية كل من 2011 و2012. في المقابل أسهم القطاع النفطي بنحو 76 في المائة من إيرادات الخزانة في السنتين الماليتين 2009 و2010. وتعكس هذه الأرقام تزايدا وليس تراجع الأهمية النسبية للنفط في إدارة دفة الاقتصاد البحريني الأمر الذي يتناقض مع هدف تحقيق تنوع في إيرادات الخزانة العامة. المشهور إقليميا أن البحرين هي الأقل اعتمادا على القطاع النفطي لكن ينطبق هذا بالضرورة على الأهمية بالنسبة للنفط الخام في الناتج المحلي الإجمالي. ويكمن الفرق في الأهمية النسبية لبعض القطاعات الأخرى مثل الخدمات المالية حيث تعد المنامة أهم مركز إقليمي للصيرفة الإسلامية على سبيل المثال. كما تحسب الجهات الرسمية عملية تكرير النفط الخام لمنتجات نفطية ضمن خانة قطاع الصناعة التحويلية. وبنظرة فاحصة تظهر بعض الإحصاءات الحيوية المرتبطة بالميزانية الجديدة عن وجود رغبة لدى الجهات الرسمية بتعزيز النفقات العامة بغية معالجة بعض التحديات التي تواجه المملكة. وكانت البحرين قد شهدت اضطرابات سياسية منذ بداية 2011 للمطالبة بتحقيق أهداف ديمقراطية بما في ذلك تأصيل المشاركة الشعبية في صنع الخيارات التي تواجه البلاد. وربما أسهمت بعض التحديات المعيشية والاقتصادية مثل الملف الإسكاني والبطالة بالدفع باتجاه ظهور الأزمة. في التفاصيل تم تقدير نفقات العام 2013 بنحو 9.15 مليار دولار مع تسجيل زيادة طفيفة في 2014 وصولا لحد 9.4 مليار دولار. لا شك تزيد هذه الأرقام بشكل نوعي عن تلك المقدرة للسنتين الماليتين السابقتين وتحديدا 6.9 مليار دولار للعام 2011 و7.16 مليار دولار للسنة المالية 2012. وللمرة الأولى يضاف لأرقام الميزانية العامة الدعم المالي الخليجي. وكانت منظومة مجلس التعاون الخليجي قد أقرت في العام 2011 خطة لمنح كل من البحرين وعمان مبلغا وقدره 10 مليارات دولار على مدى عشر سنوات بغية مساعدة البلدين في معالجة بعض الملفات التنموية. كما هو الحال مع البحرين شهدت عمان اضطرابات اجتماعية مطلع العام 2011 للمطالبة بحل ملفات عالقة مثل توفير فرص العمل للمواطنين. وقد أصبحت الكويت أول دولة خليجية توفر مبلغا وقدره 2.5 مليار دولار للبحرين موزعا على مدى عشر سنوات بواقع 250 مليون دولار بدءا من العام 2013. وقد تقرر بستخدام الدعم المالي الكويتي لأغراض تشيد وحدات سكنية بالدرجة الأولى فضلا عن تعزيز إنتاج الكهرباء والماء إضافة إلى تطوير شبكة الطرق في مختلف مناطق البلاد. وتبين حديثا أن نصيب الأسد من الدعم المالي الكويتي أي 45 في المائة سوف يذهب لغرض إنشاء وحدات سكنية في مختلف البلاد. يعد هذا الأمر مهما بالنظر لوجود آلاف الطلبات من المواطنين للحصول على الخدمة الإسكانية. حقيقة القول جاء الدعم المالي الكويتي في التوقيت السليم بالنظر لتخصيص السواد الأعظم من مخصصات ميزانية الحكومة لأغراض النفقات المتكررة عبر الصرف على رواتب وأجور العاملين في القطاع العام. وتبين أن السلطة قد قررت تخصيص 1.6 مليار دولار للمشاريع التنموية في كل من السنتين الماليتين 2013 و2014. بمعنى آخر المعادلة عبارة عن 78 في المائة من المخصصات على النفقات المتكررة و22 في المائة على المشاريع التنموية في 2013 بل تزيد الأهمية النسبية للمصروفات المتكررة في 2014 على خلفية زيادة النفقات لكن مع الاحتفاظ بالمخصصات التنموية. وبنظرة إيجابية يعكس هذا التوجه وجود رغبة لدى السلطة لمعالجة ملفات مهمة مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين. على صعيد آخر تشكل نفقات الدولة ثلث حجم الناتج المحلي الإجمالي وقدره 26 مليار دولار الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية للقطاع العام في الاقتصاد البحريني. وحتى الماضي القريب كانت نفقات الدولة تمثل قرابة 30 في المائة أو ما دون ذلك من الناتج المحلي الإجمالي. طبعا يتناقض هذا الواقع الجديد مع أحد أهداف رؤية البحرين 2030 بخصوص تعزيز دور القطاع الخاص وليس العكس. لكن كما يقال للضرورة أحكام في أعقاب الأحداث السياسية التي مرت بها المملكة حيث من شأن زيادة النفقات العامة المساهمة في تسجيل نتائج مرغوبة في الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي مواجهة بعض التحديات الاقتصادية خصوصا مسألة إيجاد فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين. إضافة إلى ذلك غالبا ترى مؤسسات القطاع الخاص في تعزيز المصروفات العامة دليلا ماديا على رغبة الجهات الرسمية بتنشيط الأوضاع الاقتصادية وبالتالي قد تقدم على خطوات الأمر الذي ينصب في مصلحة الناتج المحلي. ختاما ما يبعث على الاطمئنان هو استمرار الجهات الرسمية بنشر أرقام الميزانية العامة في التوقيت الصحيح كما هو منصوص عليه في القوانين المعمول بها أي قبل ابتداء السنة المالية بفترة زمنية. وبقي الدور الآن على السلطة التشريعية لإقرار الميزانية وهو أمر متوقع في كل حال من الأحوال بالنظر لسيطرة التيارات الموالية للسلطة على مقاعد البرلمان.
696
| 04 نوفمبر 2012
يعتبر قطاع الغاز في قطر رائدا على مستوى العالم خصوصا فيما يخص صناعة الغاز الطبيعي المسال فضلا عن الاحتياطي المكتشف. بل يعد ما يحدث لقطاع الغاز في قطر بما في ذلك الإصرار على إبرام اتفاقيات طويلة الأمد مع المشترين الدوليين بمثابة مدرسة للأطراف الإقليمية الأخرى خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي. يعود جانب حيوي من التقدم النوعي للأداء النوعي لقطاع الطاقة على خلفية وصول الإنتاج لمستويات مرتفعة بكل المقاييس. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر في الوقت الحاضر 77 مليون طن سنويا. لا شك هناك الكثير من المدلولات لهذا الحجم من الإنتاج. فحسب آخر تقرير دوري لإحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية تسيطر قطر على قرابة 35 في المائة من الإنتاج العالمي من هذه السلعة الإستراتجية. وحسب المصدر نفسه تم تسجيل نمو قدره 10 في المائة في تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم في العام 2011. وتبين أن قطر أسهمت بنحو 80 في المائة من حالة النمو التي تم تسجيلها لهذه التجارة خلال الفترة المشار إليها وبالتالي نصيب الأسد. وفي كل الأحوال يعتمد قطاع الغاز في قطر على أرضية صلبة. من نافلة القول تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية خصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. فاستنادا لتقرير شركة (بريتيش بتروليوم) تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 21.4 و15.9 في المائة و12 في المائة على التوالي. بمعنى آخر يبلغ حجم الاحتياطي القطري المكتشف من الغاز أكثر من 25 تريليون متر مكعب. طبعا يحدث تفاوت لنسب الاحتياطي المكتشف بين الحين والآخر بالنظر لاستمرار ظاهرة الاكتشافات. ومن الأمور غير المشهورة في هذا الصدد مساهمة سلطنة عمان بنسبة أكبر من قطر فيما يخص إنتاج الغاز بشكل عام. فحسب المصدر البريطاني استحوذت عمان على نحو 4.5 في المائة من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي في العام 2011 مقابل نحو 3 في المائة لقطر خلال الفترة نفسها. لكن التميز القطري مصدره التركيز على إنتاج منتج يتمتع بطلب عالمي. حقيقة القول تحتل قطر المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام. وقد نجحت قطر في أخذ مكان الصدارة من إندونيسيا قبل فترة بل وعززت من صدارتها في السنوات القليلة الماضية. ومن الأمور الأخرى اللافتة وجود تنوع نوعي لزبائن الغاز القطري بحيث تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا والهند وكورية الجنوبية فضلا عن اليابان. وطالما تم ذكر اليابان فقد كانت لبلاد الشمس المشرقة السبق في إبرام اتفاقيات لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر. والإشارة هنا إلى توقيع شركة (قطر غاز) أول اتفاقية في العام 1992 مع شركة (جوبو إليكتريك باور كومبني) لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. وفعلا ذهبت أول شحنة من المنتج إلى الشركة اليابانية في 1997 وهي الشحنة التي دشنت دخول الاقتصاد القطري مرحلة جديدة من النمو والتطور. وحديثا فقط قامت الشركة نفسها بإبرام عقد جدي لاستيراد 15 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 سنة بدءا من العام 2013. واستمرارا لنهج العقود طويلة الأمد فقد وقعت شركة (قطر غاز) اتفاقية أخرى مع شركة (كانساي إليكتريك باور كومبني) لتوريد 500 ألف طن سنويا ولمدة 15 سنة. المعروف أن منطقة (كانساي) تشمل مدينة (أوساكا) ثاني أشهر المدن اليابانية بعد العاصمة. ويعتقد أن عدد الزبائن اليابانيين للغاز القطري في الوقت الحاضر يفوق 30 جهة مختلفة. وتشمل هذه الأطراف شركات ضخمة من قبيل (طوكيو إليكتريك باور كومبني) والتي تلعب دورا محوريا في توفير الطاقة في العاصمة. وتفسر الاتفاقيات التجارية المختلفة بشكل جزئي على أقل تقدير ظاهرة تنامي الميزان التجاري بين البلدين. فحسب أرقام مصدرها (بنك الدوحة) ارتفع حجم الميزان التجاري بين البلدين من 18 مليار دولار في العام 2009 إلى 31 مليار دولار في 2011 ما يعد تطورا نوعيا. تعتبر اليابان من أهم الشركاء التجاريين بالنسبة لقطر والشكر مؤكداً موصول لقطاع الطاقة. كما أسلفنا تتميز قطر بإبرام اتفاقيات طويلة الأمد نسبيا لتوريد الغاز ربما لضمان تحقق الاستدامة في العملية الإنتاجية وهي مسألة جديرة. وحتى الماضي القريب اشتهرت الاتفاقيات بامتدادها لقرابة 25 سنة لكن لوحظ تراجع المدة لما بين 10 سنوات و15 سنة نزولا عند رغبة المشترين من جهة وتقديرا لديناميكية السوق من جهة أخرى. أيضا اشتهرت قطر بربط تسعيرة الغاز الطبيعي المسال بآلية مرتبطة بأسعار النفط الخام في الأسواق الدولية. وربما لا تخدم هكذا معادلة مصلحة بعض الأطراف المستوردة حيث تشتهر أسعار الغاز بأنها أقل من النفط الخام. لكن لا ينطبق هذا بالضرورة على بعض الموردين بمن فيهم اليابانيين والذين يعتبرون ضمان حصولهم على المنتج وبآلية واضحة جوهر المسألة. حديثا نبهت رسائل مختلفة منها تقارير دولية بعدم اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام طبعا مع استثناءات مهمة مثل قطر فضلا عن عمان بالقدر الكافي لتطوير قطاع الغاز. وتم ربط الأمر جزئيا بقدرة الدول على الاستفادة من بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة ما يعني عدم اعتبار وجود الحاجة لتطوير قطاع الغاز. ختاما يمكن الزعم بكل أريحية بأن ما يحدث بالنسبة لقطاع الغاز خصوصا صناعة الغاز الطبيعي المسال في قطر قصة نجاح تستحق الدارسة والتقليد.
737
| 21 أكتوبر 2012
تعمل السعودية بجد ومثابرة لحل معضلة البطالة في أوساط العمالة المحلية وهي قادرة على تحقيق نتائج بصورة مستدامة حتى لو كانت بطيئة. لكن يمكن الزعم بأن هذه الآفة سوف تبقى معضلة للمستقبل المنظور لأسباب تتعلق بالوضع الديمغرافي في المملكة. عموما كما هو الحال مع بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لا يمكن الجزم حول النسب الفعلية للبطالة في السعودية بسبب مشكلة نقص المعلومات خصوصا فقدان الانسيابية في نشر الإحصاءات. مؤكداً أنه يقتضي الصواب نشر الأرقام بصورة دورية وعدم ربطها بالتطورات السياسية كما هو الحال في العديد من الدول الغربية. ويلاحظ في هذا الصدد نشر الإحصاءات في الولايات المتحدة مع انتهاء آخر يوم عمل لأسباب منها إفساح المجال أمام المتعاملين في الأسواق بامتصاص الصدمة خلال عطلة نهاية الأسبوع وبالتالي تحاشي التعامل السريع مع المعلومات سلبيا أو إيجابا. بالمقارنة تتميز السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بنشرها أرقاما محدثة حول واقع سوق العمل بما في ذلك البطالة وهي مسألة تستحق الإشادة لأنها تعبر عن الرغبة في إيجاد حلول للتحدي لأن معرفة حجم المشكلة ضرورية لاتخاذ القرارات المناسبة. بالعودة للوراء بلغت نسبة البطالة تحديدا 11.2 في المائة في العام 2007 وهي الأعلى من بين الإحصاءات المنشورة. طبعا يرتبط هذا الرقم بالعاطلين الباحثين عن العمل بصورة نشطة وهو التعريف العالمي للبطالة. الاعتقاد السائد حاليا هو انخفاض نسبة البطالة لما دون الرقمين أي أقل من 10 في المائة لأسباب لها علاقة بتعزيز الإيرادات وبالتالي النفقات الحكومية والتي بدورها تساعد في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين عبر تنشيط الدورة الاقتصادية في ظل شبه غياب لعامل التضخم. وقد ساعد بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية غير قصيرة في توفير الظروف الملائمة لتعزيز النفقات. ففيما يخص السنة المالية 2011 فقد أسهم ثنائي زيادة الإنتاج النفطي من جهة وبقاء أسعار النفط مرتفعة من جهة أخرى خصوصا مقارنة مع الرقم المفترض عند إعداد الميزانية إلى ارتفاع حجم الإيرادات لأكثر من الضعف من 144 مليار دولار إلى حوالي 296 مليار دولار. بدورها وفرت حالة زيادة دخل الخزانة الفرصة لرفع مستوى النفقات العامة من 155 مليار دولار إلى 214 مليار دولار في نهاية المطاف خلال الفترة المشار إليها. وعلى هذا الأساس تم تسجيل فائق مالي نوعي قدره 82 مليارا رغم الزيادة الضخمة في النفقات. طبعا الشكر موصول للتطورات في القطاع النفطي حيث جاء في تقرير العام 2012 لشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية المتخصص في نشر الإحصاءات المتعلقة بالقطاع النفطي إلى حلول السعودية في المرتبة الأولى عالميا في مجال الإنتاج النفطي على حساب روسيا. وعليه أصبحت السعودية ليست فقط أكبر دولة مصدرة للنفط الخام بل أكبر منتجة لهذه السلعة الإستراتيجية والتي تعتبر جوهرية لطريقة المعيشة في هذا العصر سواء للسيارات والطائرات وغيرها. وقد تعزز الإنتاج النفطي السعودي لأسباب منها تعويض الأسواق العالمية للنقص الذي حصل لإنتاج النفط الليبي خلال الثورة التي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي فضلا عن الحظر الأوروبي على توريد النفط الإيراني. بيد أن ما يبعث على القلق تشكيل الفئات العمرية الشابة السواد الأعظم من العاطلين في السعودية. وبشكل أكثر تحديدا تتركز البطالة السعودية في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة حيث يمثلون فيما بينهم نحو 40 المائة من العاطلين. وحسب الإحصاءات المتوفرة فإن غالبية العاطلين من الذكور وتحديدا 47 في المائة هم من الفئة العمرية 20 حتى 24 سنة والفئة العمرية 25 إلى 29 سنة بالنسبة للإناث. مؤكداً: يخسر الاقتصاد السعودي بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة بشكل بناء في التنمية. وليس من اليسر بمكان تحديد قيمة مالية لهذه الخسائر لكنها ليست بقليلة في كل الأحوال. يتمتع الشباب بالقدرة على الإنتاج نظرا لتسلحهم بآخر ما توصل إليه العلم الحديث بما في ذلك تقنية المعلومات. بل يشكل العاطلون تهديدا للسلم الاجتماعي خصوصا إذا ما أصابهم اليأس والإحباط بالحصول على فرص لتحقيق مآربهم الوظيفية. وتشير أحدث الأرقام المتعلقة بالسكان والعمالة في السعودية إلى حقيقة مفادها تمثيل أولئك دون 14 عاما نحو 30 في المائة من السكان. ومؤكداً: سوف يدخل عدد كبير من هؤلاء إلى سوق العمل في السنوات القادمة بحثا عن وظائف تتناسب وتطلعاتهم من حيث نوعية الوظيفة والدفع. وفي كل الأحوال لا يمكن التغاضي عن الأهمية النسبية الكبيرة للعمالة الوافدة والذين بدورهم يسيطرون على جل الوظائف المتوفرة في القطاع الخاص. يتواجد في سوق العمل في السعودية قرابة 8 ملايين عامل أجنبي مقارنة مع 4.5 مليون حجم القوى العاملة المحلية. خلافا للقوى العاملة المحلية تتميز القوى العاملة الأجنبية قبولها للعمل في مختلف الفرص المتوفرة بغية كسب المال ومن ثم إرسالها للأحبة في أوطانهم. ومع بدء موسم الحج تكون السعودية مقبلة على فترة إيجاد فرص ضخمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء. بالنسبة للبعض يوفر الموسم فرصة لتعزيز الإيرادات عبر توفير خدمة نقل الحجاج بسياراتهم الخاصة دونما الحجة لدفع ضرائب. وربما كانت النسبة الفعلية للبطالة في السعودية أقل من المتعارف عليها بالنظر لفرص العمل غير المعلنة خلال موسم الحج وأوقات الذروة للعمرة خصوصا العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك. مؤكداً: يشكل العاطلون طاقات غير مستخدمة الأمر الذي يقلل من فرص التنمية للاقتصاد السعودي بل تبقى التنمية الاقتصادية قاصرة في حال عدم توفيرها سبل العيش الكريم للبعض العاطل عن العمل.
416
| 14 أكتوبر 2012
مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2463
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2277
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
780
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
675
| 11 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
660
| 08 ديسمبر 2025
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...
591
| 07 ديسمبر 2025
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...
576
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
570
| 07 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...
561
| 12 ديسمبر 2025
نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...
531
| 11 ديسمبر 2025
• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...
525
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية