رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
احتفلت سلطنة عمان بتاريخ 18 نوفمبر بعيدها الوطني رقم 42 وسط أنباء وتقارير وتوقعات إيجابية حول أداء اقتصادها للعامين 2012 و2013. وخير دليل على ذلك ظهور تصريحات رسمية تشير لاحتمال رفع نفقات الموازنة العامة للسنة المالية 2013 بنسبة 10 في المائة عن سابقتها.
بالعودة للوراء، أقرت الحكومة موازنة 2012 بمصروفات قدرها 26 مليار دولار مع فرضية حدوث عجز مالي في حدود 3.1 مليار دولار. وفي هذا الصدد افترض صندوق النقد الدولي متوسط نقطة توازن النفقات والإيرادات عند حد 81 دولارا للبرميل. طبعا يزيد هذا الرقم على متوسط 75 دولارا للبرميل والذي تم افتراضه عند إعداد الموازنة.
وفي موازاة ذلك جاء في تقرير لوكالة رويترز للأنباء خبر مفاده بلوغ متوسط سعر بيع النفط العماني تحديدا 113 دولارا للبرميل في الفترة ما بين يناير ويوليو 2012 أي أكثر بكثير من المتوسط المفترض. وعلى هذا الأساس يتوقع حصول ارتفاع في الإيرادات والنفقات وتحول العجز المتوقع لفائض.
بل هو توقع صندوق النقد الدولي حيث جاء في المراجعة الدورية عن حال اقتصاد السلطنة بإمكانية تحقيق فائض مالي في موازنة 2012 يساوي 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. مؤكداً يعد هذا الأمر استثناء في عالم اليوم حيث يعد تسجيل عجز في الموازنات العامة هو القاعدة.
عموما ما ينطبق على عمان ينطبق بالضرورة على بقية دول مجلس التعاون الخليجي. فقد أعدت قطر موازنة السنة المالية 13-2012 بفائض قدره 7.7 مليار دولار في ضوء نفقات في حدود 49 مليار دولار وربما تكون النتائج النهائية أفضل بكثير بسبب بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية.
ثم هناك موضوع النمو الاقتصادي المتميز، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو فعلية بعد طرح عامل التضخم قدرها 5 في المائة في العام 2012. صحيح يقل هذا الرقم بشكل نسبي عما تم تحقيقه في العام 2011 وتحديدا 5.5 في المائة لكنه يبقى نوعيا بالمقاييس الدولية.
وفي كل الأحوال يمكن تفهم السبب والذي يعود أساسا لتراجع نسبة النمو في إنتاج النفط. وكان مستوى الإنتاج قد ارتفع من 715 ألف برميل يوميا في العام 2007 إلى 891 ألف برميل يوميا في 2011 كما جاء في تقرير إحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية.
وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. ويبدو أن العقد حقق هدفه الإستراتيجي في التوقيت المناسب أي فترة ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية.
ولا غرابة، فقد أسهمت هذه التطورات في حصول السلطنة على تقييمات ائتمانية ممتازة من قبل المؤسسات المعنية. تتمتع عمان بتقييم (أي) من مؤسسة ستاندراد أند بور فضلا عن (أي ناقص) من وكالة موديز. تعتبر التقييمات هذه ضمن خانة الاستثمارات التي تضيف لمكانة الاقتصاد العماني.
إضافة إلى ذلك تمنح كلتا المؤسستين نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد العماني الأمر الذي يعكس إيجابية الأمور المستقبلية في ظل تعزيز النفقات العامة ونجاح السلطنة في تأصيل مختلف القطاعات الحيوية بما في ذلك الصناعة والسياحة. تعتبر مدينة صحار الصناعية الأكثر شهرة بين المدن الصناعية. كما تتمتع عمان بتضاريس تجعلها محل إعجاب الزوار.
لا شك يعد تطوير القطاعات الاقتصادية القادرة على خلف وظائف جديدة في غاية الأهمية بالنظر لتحدي سوق العمل. تبلغ النسبة حدود 15 في المائة لكن ترتفع النسبة لحد 24 في المائة عند احتساب العاطلين غير الباحثين فعلا عن وظائف. وقد فرض هذا الرقم نفسه في العام 2011 في خضم قيام الحكومة ببدء تطبيق مشروع توفير دعم مالي للعاطلين في إطار معالجة الأزمة التي عايشتها انطلاقا من مدينة صحار الصناعية.
أدخل معضلة مع الديمغرافية حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن 31 في المائة من السكان هم دون سن الخامسة عشرة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة لسوق العمل في المستقبل القريب نسبيا. طبعا، يبحث شباب اليوم عن فرص عمل تتناسب وتطلعاتهم فيما يخص الراتب وطبيعة العمل. حاليا تشكل العمالة المحلية قرابة 30 في المائة من العاملين في القطاع الخاص لكن تأمل رؤية عمان 2020 بتعزيز نسبة مشاركة المواطنين في المؤسسات الخاصة لمستويات مرتفعة.
بل يعتقد بأن نصف المواطنين دونما احتساب الأجانب هم دون سن العشرين عاما الأمر الذي يعكس الحاجة لتهيئة اقتصاد السلطنة للتحدي التنموي. وطالما الحديث عن الأجانب تتميز عمان وكما هو الحال مع السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بتشكيل المواطنين أغلبية السكان والذين يزيد عددهم على 3 ملايين نسمة. في المقابل، يشكل الوافدون أكثرية السكان في الإمارات والكويت وقطر والبحرين.
عموما لا بد من الإشادة باستمرار تحسن أداء السلطنة على مؤشر البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لممارسة الأعمال المتعلق بأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد جوهرية في هذا العصر. فقد تحسن ترتيب عمان من المرتبة رقم 53 في تقرير العام 2011 ومن ثم المرتبة 49 في المائة في 2012 و47 في تقرير 2013 والذي صدر حديثا. بل رصد التقرير الأخير نجاح الإمارات وعمان من بين سائر دول مجلس التعاون في تحسين ترتيبهما على المؤشر السنوي.
ختاما تشير العديد من المؤشرات بما في ذلك فرضية تعزيز النفقات الحكومية من جهة والفرص المتاحة أمام القطاع الخاص بأن الاقتصاد العماني مقبل على تحقيق المزيد من الإنجازات في العام 2013 وعلى الأقوى أبعد من ذلك بكثير.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
804
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025