رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

نحو إيجاد فرص عمل للمواطنين في عمان

يعتبر تحدي إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين من المعضلات الرئيسية التي تواجه المسؤولين في سلطنة عمان. ويعود الأمر لحقيقة ديمغرافية تتمثل بتشكيل المواطنين دون سن 15 عاما قرابة 43 في المائة من السكان وفق أحدث الإحصاءات المتوافرة. وهذا يعني توقع دخول أعداد كبيرة منهم إلى سوق العمل بحثا عن فرص تتناسب وتطلعاتهم. فكما هو الحال مع بقية رعايا دول مجلس التعاون الخليجي يرغب المواطن العماني بالعمل في الدوائر والمؤسسات التابعة للدولة. أما الخيار الآخر فهو عبارة عن العمل في المؤسسات الضخمة نسبيا في القطاع الخاص ربما للحصول على الضمان الوظيفي وما يترتب على ذلك من التزامات. جديد الأمر عبارة عن ظهور أدلة مادية تؤكد توجه السلطات في عمان لمصارعة تحدي إيجاد فرص عمل للعمالة المحلية. والحديث هنا عن إيجاد 56 ألف فرصة عمل موزعة ما بين 36 ألف فرصة في مؤسسات القطاع العام و20 ألف فرصة في القطاع الخاص. لاشك تعد هذه الأرقام ضخمة بالنسبة لاقتصاد يحتل المرتبة الخامسة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية والإمارات وقطر والكويت لكن قبل البحرين. لكن ما يميز التوجه هو تأكيده على إيجاد فرص عمل في جميع ربوع السلطنة المترامية الأطراف. وفي توجه صحيح هناك تقدير لإيجاد فرص عمل خارج العاصمة مثل المدن الصناعية والمناطق البعيدة نسبيا عن البلدات. حقيقة القول لا يمكن توجيه اللوم للسلطات لتبني هذا التوجه بالنظر لاندلاع احتجاجات في الربع الأول من العام 2011 من مدينة صحار الصناعية. وقد شملت مطالب المحتجين والتي جاءت في إطار الربيع العربي ضرورة توفير حلول لبعض التحديات التي تواجه السلطنة منها خلق فرص عمل مناسبة للمواطنين فضلا عن محاربة كافة أشكال سوء استغلال المال العام من قبل بعض المسؤولين المعمرين في السلطة. لاشك يعد موضوع إيجاد فرص عمل حيويا بالنظر لواقع سوق العمل في عمان حيث تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن نسبة البطالة تتراوح ما بين 12 و15 في المائة في أوساط المواطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. طبعا هناك الكثير من الحالات التي يقرر فيها الإناث ترك القوى العاملة بقصد التركيز على الاهتمام بالمنزل تكرما منهم لتربية الأطفال والأجيال القادمة. كما أن هناك ظاهرة البطالة المقنعة حيث لا يرى البعض من المواطنين بدا من قبول وظائف متدنية نسبيا من حيث المستوى والدفع مقارنة مع المؤهلات والخبرات العلمية للأفراد. البديل هو عدم العمل ما يعد أمرا مأساويا حيث يوفر كل عامل لقمة العيش لأربعة أفراد في المتوسط. اللافت في هذا الصدد هو توجيه البعض للعمل في مؤسسات القطاع الخاص خصوصا بعد تعديل قانون الحد الأدنى للرواتب. وكانت السلطات العمانية قد قررت قبل اندلاع الأحداث في إجراء زيادة قدرها 43 في المائة في الحد الأدنى لأجور المواطنين في القطاع الخاص وصولا إلى 520 دولارا شهريا في إطار تشجيع توجه العمالة الوطنية للعمل في هذا القطاع الحيوي. طبعا الحديث هنا عن الحد الأدنى والذي يضمن سبل العيش الكريم للمواطنين خصوصا للداخلين الجدد لسوق العمل أو غير المهنيين. ومؤكداً: سوف يحصل الكثير من المواطنين على دخل يفوق هذا الرقم. الجدير ذكره بأن المواطنين يستحوذون على نحو 30 في المائة من فرص العمل المتوافرة في مؤسسات القطاع الخاص ما يعني من الناحية النظرية وجود فرص عمل للعمالة المحلية في هذا القطاع الحيوي والذي يعد المصدر الأول للوظائف الجديدة. بيد أن الإحصاءات المتوافرة تؤكد استحواذ العمالة الوافدة على نحو 80 في المائة من فرص العمل الجديدة في القطاع الخاص لأسباب مختلفة منها استعدادهم للعمل بأجور متدنية ولساعات عمل أكثر مما تنص عليه القوانين وفي بيئة عمل صعبة نسبيا فضلا عن حالة الإنتاجية. في المقابل يشكل المواطنون أكثر من 90 في المائة من القوى العاملة في القطاع الحكومي الأمر الذي يعني محدودية وجود فرص عمل جديدة في الدوائر والمؤسسات الرسمية في الظروف الطبيعية. بل تشدد رؤية عمان 2020 على أهمية تقليص حجم الوظائف في المؤسسات الرسمية تماشيا مع مبادئ تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني. لاشك من شأن فرص العمل المشار إليها بداية المقال تأخر تحقيق بعض الأهداف الجوهرية على الأقل لفترة زمنية. بالعودة للوراء رويدا قررت السلطات العمانية وفي أعقاب اندلاع الاحتجاجات في 2011 بصرف 2.6 مليار دولار لتغطية تكاليف الزيادة في المعاشات التقاعدية للمدنيين والعسكريين فضلا عن صرف علاوة غلاء إضافة إلى رفع مخصصات طلاب الكليات والمعاهد والمراكز الحكومية. مؤكداً: يعد هذا الرقم كبيرا كونه يشكل حوالي 10 في المائة من مجموع النفقات المقدرة للسنة المالية 2012 لكنه يؤكد وجود قناعة وتوجه لدى السلطنة. وفي خطوة صائبة أخرى تقرر تحويل العلاوة المقدمة للعاطلين ولكل الساعين للحصول على فرص عمل وقدرها 400 دولار شهريا إلى علاوة تدريب للذين يلتحقون بأعمال جديدة. مؤكداً تتمثل الرغبة السائدة للباحثين عن العمل بالحصول على وظائف دائمة. الشيء الجميل هو أن الأوضاع المالية للسلطنة تسمح باتخاذ خطوات غير عادية. والإشارة هنا إلى إعداد ميزانية السنة المالية 2012 بإيرادات في حدود 23 مليار دولار مقابل نفقات قدرها 26 مليار دولار. لكن بات في حكم المؤكد تحويل العجز المتوقع إلى فائض على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق العالمية. فقد أعدت السلطة ميزانية 2012 بمتوسط سعر قدره 75 دولارا للبرميل أي قرابة ثلاثة أرباع متوسط السعر السائد في الأسواق العالمية. ختاما يمكن تقدير توجه السلطنة لحل معضلة فرص العمل.

457

| 07 أكتوبر 2012

الدعم المالي الكويتي - الخليجي للبحرين

يشكل إقرار الكويت بتقديم مبلغ مالي ضخم نسبيا للبحرين في إطار ما يعرف بمشروع (المارشال الخليجي) نقلة نوعية في عملية التكامل الاقتصادي في المنظومة الخليجية. والإشارة هنا إلى إبرام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لاتفاقية مع وزارة المالية في البحرين تحصل بموجبها البحرين على منحة مالية نوعية قدرها 2.5 مليار دولار. وعلى هذا الأساس أصبحت الكويت أول دولة خليجية تنفذ ما تم الاتفاق عليه في العام 2011 بمنح البحرين وعمان كل على حدة مبلغا قدره 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات بغية التكيف مع أسباب وتداعيات أحداث سياسية واقتصادية محلية. وكانت البحرين أول دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي تشهد مظاهرات شعبية تطالب بإيجاد حلول للتحديات السياسية مثل الشراكة في صنع القرارات والخيارات التي تواجه والاقتصادية من قبيل البطالة. وكانت الحكومة الكويتية قد أقرت تخصيص هذا المبلغ للبحرين في شهر يونيو انطلاقا من ميزانية السنة المالية 13-2012 والتي بدأت في شهر أبريل. وليس من المتوقع أن تقف السلطة التشريعية حجر عثرة أمام الإقرار النهائي للمخصصات المالية للبحرين نظرا للعلاقة الطيبة التي تربط البلدين. من جملة الأمور اللافتة يتميز الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أو الصندوق الكويتي بتقديم معونات للدول النامية في مختلف بقاع العالم ما يعكس كرم الكويت ورغبتها بالمساهمة في حل التحديات التي تواجه العديد من دول العالم. بل يضيف الصندوق لسمعة ومكانة الكويت في إشراك الدول الأخرى في ثرواتها. وتماشيا مع التوجه الخليجي الأصلي سوف يتم توزيع مبلغ 2.5 مليار دولار على مدى 10 سنوات بقيمة 250 مليون دولار سنويا. بل يعد هذا الأمر صحيحا لأن المطلوب صرف الأموال على مشاريع تنموية بحاجة لدراسة مستفيضة فضلا عن ضمان قدرة الأسواق المحلية على استيعابها. على سبيل المثال من شأن دخول أموال ضخمة وبسرعة التسبب في التضخم وهي حالة غير مرغوب فيها. بل هناك شبه اتفاق بين الاقتصاديين بأن التضخم عدو جوهري لأي اقتصاد لأنه ينال من القدرة الشرائية للناس. تتضمن الاتفاقية إيجابيات مختلفة منها إخضاع المشاريع التي سوف تحصل على تمويل لدراسات مستفيضة وتساهم في حل معضلات مهمة مثل الأزمة الإسكانية. بل يلزم حصول المشاريع المقترحة على موافقة جهة فنية تتبع الصندوق الكويتي ربما للتأكد من عدم ذهاب المخصصات لمشاريع ليست ضرورية. في التفاصيل سوف يتم توظيف المبلغ "250 مليون دولار" على مشاريع حيوية تشمل إنشاء 6600 وحدة سكنية في شمال وغرب العاصمة المنامة وبالتالي المساهمة في حل موضوع شائك في البحرين. يشار إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين في البحرين يعتمدون على مشاريع خدمات إسكانية حكومية لحل مشكلة السكن. إضافة إلى ذلك تشمل المشاريع الصرف على البنية التحتية مثل تطوير شبكة الطرق التابعة للمشروعين الإسكانيين فضلا عن شوارع أخرى وتوسعة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتمويل جانب من شبكة نقل الكهرباء. كما تشمل المشاريع تطوير البنية التحتية بمدينة سلمان الصناعية فضلا عن إنشاء مجمع الإعاقة وإنشاء مجمع للخدمات الاجتماعية وبالتالي أمور مهمة. في المجموع يعد المبلغ الكلي أي 2.5 مليار دولار رقما ضخما لاقتصاد صغير نسبيا حيث يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي قرابة 26 مليار دولار. كما تبلغ قيمة نفقات السنة المالية 2012 نحو 8.5 مليار دولار. من جملة الفوائد الاقتصادية الأخرى للمنحة المالية تعزيز النمو الاقتصادي في البحرين وهي مسألة في غاية الأهمية. فحسب صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي أي بعد طرح عامل التضخم تحديدا 2 في المائة في العام 2012. تعتبر هذا النسبة محدودة لأنها تقل عن نسبة النمو السكاني في البلاد. لكن يلاحظ بأن مجلس التنمية الاقتصادية أي الجهة المسؤولة عن تطوير وإدارة البرامج والسياسات الاقتصادية في البحرين يتوقع أن يتراوح النمو الاقتصادي ما بين 4 إلى 5 في المائة في السنة نفسها. ربما أخذ المجلس بعين الاعتبار أمورا مثل المنحة المالية من الكويت وهي معلومة خاصة. أيضا من شأن تطوير مدينة سلمان الصناعية المساهمة في حل معضلة أخرى وهي البطالة. حسب آخر الإحصاءات المتوافرة، تبلغ نسبة البطالة في البحرين 4.3 في المائة. طبعا لا يشمل هذا الرقم ما يعرف بالبطالة المقنعة أي أولئك الذين يعملون في وظائف تقل أو لا تتناسب ومؤهلاتهم العلمية. كما من شأن المنحة المالية الكويتية وضع حد لتنامي ظاهرة المديونية العامة والتي تقدر بنحو 11.6 مليار دولار أي 44 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. حتى الماضي القريب كانت نسبة المديونية العامة في حدود 25 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لكنها ارتفعت في إطار ارتفاع النفقات العامة في السنوات القليلة بل الأشهر القليلة الماضية بغية معالجة بعض التحديات الاقتصادية ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية. وربما تساهم المنحة المالية بتحسين التقييم الائتماني خصوصا القضاء على النظرة السلبية المفروضة من قبل مؤسسة (ستاندارد أند بور) المتخصصة في تقديم ائتمان للدول والمؤسسات والإصدارات. الجدير ذكره أنه لدى البحرين تقييم ائتماني قدره (بي بي بي) من (ستاندارد أند بور) أي الأدنى من نوعه بين خانة التصنيفات المخصصة للاستثمار ويوحي بقدرة استيفاء الالتزامات المالية لكن مع فرضية التعرض لظروف اقتصادية سيئة. ختاما تدخل المنحة الكويتية حيز التنفيذ في ظل غياب ضغوط تضخمية أي ظروف اقتصادية إيجابية في المجموع. كما هو الحال ما باقي دول مجلس التعاون الخليجي لا يعاني الاقتصاد البحريني من ضغوط تضخمية في الوقت الحاضر حيث لا تزيد نسبة التضخم على 3 في المائة في أسوأ الأحوال.

889

| 15 سبتمبر 2012

ريادة قطرية إقليمية على مؤشر التنافسية

كشف تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2012 والذي صدر قبل أيام عن تباين أداء دول مجلس التعاون الخليجي على هذا المؤشر الحيوي ولأسباب يمكن تفهمها بطريقة أو أخرى. يتضمن تقرير 13-2012 تقييما لأداء 144 اقتصادا بزيادة بلدين عن التقرير السابق الأمر الذي يعكس تقدير المزيد من الدول لتوفير المعلومات المطلوبة بغية الحصول على تقييم دولي. وتشكل الاقتصادات المشمولة في التقرير نحو 98 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم ما يعني جميع الاقتصادات المهمة. وفي المحصلة أظهرت النتائج نجاح ثلاث دول خليجية في تحسين ترتيبها الدولي بشكل مادي خصوصا قطر والإمارات. في المقابل، لم يطرأ أي تغيير على ترتيب عمان. من جهة أخرى تراجع ترتيب الكويت بمقدار ثلاث مراتب أي الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي وعليه حلت محل البحرين في قاع الترتيب الخليجي على مؤشر التنافسية. وربما جاء الأداء غير المقنع للكويت على خلفية الخلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حيال الأولويات. وتكمن أهمية التقرير في أنه يندرج ضمن سلسلة تقارير ومؤشرات أخرى تستخدم من قبل المستثمرين الدوليين عند اتخاذ قرارات الاستثمار حيث المنافسة على أشدها بين الدول لاستقطاب التجارة من الخارج لمعالجة تحديات مثل المساهمة في إيجاد فرص عمل للمواطنين. كما يتميز التقرير بصدوره من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يقف وراء المنتدى السنوي بسويسرا. من جملة الأمور يتميز تقرير التنافسية الاقتصادية باعتماده منهجية علمية معتبرة تتمثل في جمع معلومات عامة إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال، إذ يتم ترتيب الاقتصادات على أساس النتائج التي تحصل عليها في المؤشر المكون من سبع نقاط. ويعتمد المؤشر على 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسية وهي أولا الركائز الأساسية وثانيا محفزات الكفاءة وثالثا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. كما يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. فضلا عن ذلك يتضمن محور التطور والابتكار من ركيزتي تطور الأعمال والابتكار. وفيما يخص أداء دول مجلس التعاون الخليجي وهو موضوع مقالنا فقد نجحت قطر في تعزيز ترتيبها بواقع ثلاث مراتب وصولا للمرتبة رقم 11 أي الأفضل لأي بلد عربي وإسلامي. بل جاء ترتيب الاقتصاد القطري بعد كل من سويسرا وسنغافورة وفنلندا والسويد وهولندا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وهونج كونج واليابان. وعلى هذا الأساس تخطت قطر كلا من كندا وتايوان والدنمرك في غضون سنة واحدة ما يعد إنجازا لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وتشمل نقاط القوة بالنسبة للاقتصاد القطري أمورا من قبيل عدم وجود تهديد عجز في المالية العامة وبالتالي الحاجة للتكيف مع تداعيات الاقتراض سواء من السوق المحلية أو الدولية. أيضا هناك موضوع قوة دخل الفرد حيث يزيد على 98 ألف دولار حسب ما جاء في التقرير ما يعد أمرا غير عادي على مستوى العالم. وتشمل الإيجابيات الأخرى كفاءة مجتمع الأعمال الوطني مدعوماً بمبادرات القطاع التجاري لتنفيذ مشاريع حيوية مثل الفنادق. أيضا هناك موضوع القدرة على الإبداع من خلال نظام التعليم الجامعي ذي المستوى العالمي الذي تدعمه الدولة وزيادة مراكز الأبحاث المتخصصة كما يتجلى ذلك من خلال المدينة التعليمية. تساعد هذه الحقائق في المجموع بجعل الاقتصاد القطري سوقا واعدة. بدورها تأخرت السعودية مرتبة واحدة على خلفية بروز معضلة عدم الكفاءة في سوق العمل المحلية عبر سياسات سعودة الوظائف لمعالجة معضلة البطالة في أوساط المواطنين. وتكمن سلبية هذا التوجه بالحد من حرية المؤسسات الدولية في توظيف العمالة التي تناسبها. كما أن هناك المعضلة شبه الدائمة في السعودية وتحديدا محدودية تمثيل الإناث في سوق العمل ما يعني طاقات معطلة. لكن تتميز السعودية بأنها صاحبة أكبر اقتصاد خليجي وعربي بل أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم وهذا ربما يفسر ترتيبها الدولي المتميز أي المرتبة الـ 18 على مستوى العالم. من جهة أخرى تقدمت الإمارات ثلاث مراتب وعليه فقد حلت في المرتبة رقم 24 لأسباب تشمل التقدم المستمر على متغير البنية التحتية وفي ذلك تقدير لمشروع مترو دبي والذي يستخدمه أكثر من ربع مليون فرد يوميا. كما تتميز الإمارات بتنفيذها مشاريع تنموية على مستوى المطارات وشركات الطيران. وحديثا فقط بدأت الأعمال التشغيلية التجريبية لميناء خليفة الأمر الذي سوف يضيف للمكانة الاقتصادية للإمارات. وتشمل الإيجابيات الأخرى إفساح المجال أمام العمالة الوافدة حيث يعمل في دبي وحدها عمالة لأكثر من 100 دولة في العالم تعمل في إمارة دبي. وهذا يفسر جزئيا قدرة دبي على فرض نفسها كأهم وجهة تجارية على مستوى المنطقة عبر استقطاب أفضل الكفاءات. ختاما بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي تعزيز قدراتها التنافسية عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الكهرباء وشبكة الطرق وتخصيص أموال كافية للتعليم والصحة وتسهيل وتحديث الإجراءات الإدارية وتشجيع التطوير والبحث العلمي والابتكار فضلا عن المضي قدما في تعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي عبر مشروع السوق الخليجية المشتركة. وقد كشفت نتائج الدارسة أن محدودية حجم السوق خصوصا بالنسبة للبحرين وتليها عمان تحد من ترتيب كلا البلدين على مؤشر التنافسية. وكانت الدول الست قد دشنت مشروع السوق الخليجية المشتركة في بداية 2008 بهدف تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة عبر إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصادات الخليجية وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصادات الحجم.

368

| 09 سبتمبر 2012

فائض المالية العامة في الكويت: ما له وما عليه

ليس من الخطأ اعتبار تسجيل فائض ضخم في الميزانية العامة في الكويت سلاح ذو حدين. بمعنى آخر لا يمكن تغافل سلبيات تكرار رصد فوائض مالية سنة بعد أخرى في ظل توافر الفرص لتعزيز البنية التحتية والنمو الاقتصادي وبالتالي القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية. تتضمن إيجابيات ظاهرة رصد فوائض في الميزانية العامة الحد من التضخم والحفاظ على ملاءة مالية نوعية للدولة بالنظر لاحتفاظ الدولة برصيد مالي. تبلغ قيمة الصندوق السيادي للكويت قرابة 300 مليار دولار حسب أحدث تقرير لمعهد صناديق الثروة السيادية بالنظر لتراكم الفوائض المالية. تبدأ السنة المالية في الكويت في أبريل وتنتهي في مارس كما هو الحال مع قطر. يعد هذا التوجه لافتا في الظروف العادية لأنه يفسح المجال لأعضاء المجلس التشريعي بمناقشة تفاصيل الميزانية العامة قبل إقرارها بعد معرفة توجهات الأسواق بعد بداية السنة. نقول الظروف العادية لأنه وللأسف الشديد تشتهر العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت بالتوتر وعدم التوافق حول الأوليات. وخير دليل على هذا الكلام هو تقديم الحكومة لاستقالتها عدة مرات في السنوات القليلة الماضية بسبب عدم وجود علاقة عمل مع المشرعين. وقد وصل الحال لتعليق مجلس منتخب والإتيان بآخر انتهى صلاحيته كل ذلك على حساب مكانة الكويت وربما دونما دراسة التداعيات الاقتصادية لخطوات من هذا القبيل. وتبين حديثا رصد فائض ضخم قدره 47 مليار دولار في الميزانية العامة للسنة المالية 12-2011 والتي انتهت في شهر مارس. يشكل هذا الرقم قرابة ربع حجم الناتج المحلي الإجمالي للكويت ما يعد أمرا مميزا. المشهور عالميا تسجيل عجز أو فائض محدود في نهاية السنة المالية لكن ليس كما هو الحال مع الكويت. على سبيل المثال يلزم مشروع الاتحاد النقدي الخليجي بعدم ارتفاع عجز المالية العامة عن ما نسبته 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.   ويمكن تفهم بعض وليس كل أسباب حصول هكذا الفائض من قبيل تعزيز الإيرادات النفطية بسبب بقاء ارتفاع أو بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية وهذا ما حدث فعلا. لكن الأمر غير المقبول هو تراجع حجم النفقات المقررة بنسبة لأكثر من 12 في المائة. طبعا حدث هذا الأمر في الوقت الذي كان فيه من الممكن تعزيز النفقات مقابل تقليص مستوى فائض الميزانية العامة. مثلا كان من الممكن تخصيص المزيد من النفقات للاستثمارات الرأسمالية من قبيل تطوير شبكة الطرق والمطار أي البنية التحتية بشكل عام. مؤكداً يمكن اعتبار محدودية الاستثمار على البنية التحتية أحد أسباب عدم قدرة الكويت على استقطاب الاستثمارات كما تجلى في تقرير الاستثمار العالمي للعام 2012 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). فقد استقطبت الكويت استثمارات أجنبية مباشرة في حدود 400 مليون دولار في العام 2011 يعد هذا الرقم محدودا في أحسن الأحوال قياسا ببعض الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. فقد استقطبت البحرين والإمارات والسعودية استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 780 مليون دولار و7.7 مليار دولار و16.4 مليار دولار على التوالي. في المقابل تميزت الكويت بريادتها دول المنظومة الخليجية فيما يخص الاستثمارات الأجنبية المغادرة حيث بلغت 8.7 مليار دولار في 2011. طبعا يعكس الأمر بشكل جزئي الطبيعة الدولية للمستثمرين الكويتيين وهي صفة محل تقدير لأن المهم في نهاية المطاف السبل للحصول على أفضل العوائد. وكما زعمنا في البداية تساهم ظاهرة الحد من النفقات وبالتالي تسجيل فوائض مالية بوضع التضخم تحت المراقبة لضمان عدم ارتفاعها. وتبين حديثا أن نسبة التضخم في الكويت هي في حدود 2.8 أو لنقل 3 في المائة في أسوأ الأحوال ما يعني بأن التحدي تحت السيطرة. بيد أنه يعود الأمر للحد من التضخم بعدم ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الحيوية من جهة والدعم الحكومي لبعض السلع الإستراتيجية من جهة أخرى. كما يضاف لذلك عدم حدوث ارتفاع غير عادي للإيجارات وأسعار العقار. يعد التضخم في النظرية الاقتصادية أكثر سوأ من البطالة نظرا لأن الضرر يصل الجميع ولو بنسب مختلفة. مهما يكن من أمر تتميز المالية العامة في الكويت باعتمادها بشكل كبير ومبالغ فيه على القطاع النفطي. يساهم القطاع النفطي بنحو 90 في المائة من إيرادات الخزانة العامة في الكويت ما يعني بأنها الأكثر اعتمادا على النفط بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي. تشمل سلبيات هذه الحقيقة جعل المالية العامة تحت رحمة التطورات في القطاع النفطي. كما يساهم القطاع النفطي بنحو 85 في المائة من الصادرات فضلا عن 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسب عالية دون أدنى شك. المصدر الآخر لدخل الخزانة العامة في الكويت عبارة عن عوائد الاستثمارات الدولية. كما هو الحال مع باقي دول مجلس التعاون لا تفرض السلطات في الكويت ضرائب تذكر على إيرادات الشركات التجارية. مؤكداً يتطلب تقليص الأهمية النسبية للقطاع النفطي في الاقتصاد المحلي وبالتالي تحقيق تنوع اقتصادي وجود علاقة عمل طبيعية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. بل توفر فرصة وجود فوائض مالية ورصيد ضخم للصندوق السيادي المجال أمام توظيف العوائد النفطية لإبعاد الاقتصاد المحلي من الاعتماد المبالغ فيه على القطاع النفطي. ختاما نرى صواب ما قاله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قبل فترة بضرورة إجراء اصطلاحات جذرية في بعض أوجه الاقتصاد الكويتي خصوصا المالية العامة وتوظيف الفوائض النفطية بطريقة تساهم في تحقيق أهداف إستراتيجية مثل تقليل الاعتماد على النفط وتخصيص المزيد من الأموال للاستثمار في مشاريع البنية التحية فضلا عن تعزيز دور القطاع الخاص.

409

| 01 سبتمبر 2012

الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي

تسيطر دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة على قيم مالية ضخمة في إطار ما يعرف بصناديق الثروة السيادية الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الهدف الاستراتيجي المتمثل بتنويع مصادر الدخل. بل تتعدى الفائدة لتصل للعديد من الاقتصادات العالمية عبر توظيف الأموال في مختلف أنواع الاستثمارات بما في ذلك شراء الأسهم الحكومية. وحسب أحدث إحصاءات معهد صناديق الثروة السيادية وهي جهة تتمتع بمصداقية تبلغ القيمة الكلية للصناديق السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي قرابة 1.7 تريليون دولار. مؤكداً: يعد هذا الرقم ضخما كونه يزيد قرابة 600 مليار دولار عن حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الست. وعلينا الوقوف على حقيقة الأهمية النسبية لهذه الإحصاءات مع الأخذ بعين الاعتبار تمثيل اقتصادات المنظومة الخليجية لنحو 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. استنادا لتقرير أصدره المعهد يتربع الصندوق السيادي لإمارة أبو ظبي الأغنى من نوعه على مستوى العالم بموجودات قدرها 627 مليار دولار. يشكل الرقم قرابة ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي للإمارات العربية المتحدة الأمر الذي يوفر نوعا من الطمأنينة للمتعاملين مع الإمارات السبع وليس فقط العاصمة الاتحادية. وقد أظهرت إمارة أبو ظبي مدى استعدادها لتوظيف جانب من قدراتها المالية لتقديم يد العون لإمارة دبي على خلفية أزمة المديونية التي جربتها في السنوات القليلة الماضية. وقد عززت هذه الخطوة من المكانة الاستثمارية بل الدرجة الائتمانية لإمارة أبو ظبي على وجه التحديد. تتمتع إمارة أبو ظبي بملاءة مالية من نوع (أي أي) بالنسبة لكل من مؤسستي (ستداندر أند بور) و(فيتش) على حد سواء. كما تقدم المؤسستان نظرة مستقبلية مستقرة لأبو ظبي وبالتالي لدولة الإمارات العربية المتحدة. من جهة أخرى حلت السعودية المركز الرابع عالميا بعد صناديق تابعة لكل من أبو ظبي والنرويج والصين. تبلغ القيمة المالية للصندوق السيادي السعودي نحو 533 مليار دولار حسب تقرير المعهد المشار إليه سلفا. ادخل تجربة الكويت فيما يخص الاستفادة من الصناديق الاستثمارية. فقد تبين بالدليل الدامغ نجاح الكويت في توظيف جانب من إمكاناتها المالية لتمويل حرب التحرير من جهة وتقديم العون المادي للمواطنين خلال فترة الغزو والاحتلال. تبلغ القيمة المالية للصندوق السيادي للكويت قرابة 300 مليار دولار حسب آخر الأرقام المتوفرة ما يعني الحلول في المرتبة السادسة على مستوى العالم. يشار إلى أن الكويت سبقت شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي بتدشينها صندوق للثروة السيادية في العام 1953. وفي كل الأحوال لا يمكن إغفال التجربة المتنامية للصندوق الاستثماري لدولة قطر. من جملة الأمور تتميز قطر بممارسة الشفافية بالنسبة لاستثماراتها السيادية فيما يخص شراء الفنادق والعقارات وجزء من أسهم الشركات العاملة في مجال السلع الثمينة. وحديثا فقط تناقلت وسائل الإعلام الدولية أخبار إيداع دولة قطر مبلغا قدره ملياري دولار في البنوك المصرية في خطوة تهدف لتعزيز الوضع الائتماني لمصر بعد زوال عصر حسني مبارك وبالتالي مساعدة إدارة محمد مرسي في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجها والتي ورثتها من النظام السابق. كما كشفت دول مجلس الخليجي عن مدى تحملها لمسؤولياتها الدولية عبر توظيف جانب من قيم الصناديق السيادية التابعة لها لتمويل خطة صندوق النقد الدولي لتقديم العون لبعض الاقتصادات في إطار التكيف مع الأزمة المالية العالمية في العام 2008. المشهور مساهمة المنظومة الخليجية في الصندوق الخاص وقدره 250 مليار دولار لتقديم الائتمان للاقتصادات الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة المالية. وتعد هذه الحقيقة مثالا على تطبيق مبدأ إعادة توزيع الثروات النفطية والتي تتشكل منها مصادر الصناديق الاستثمارية الخليجية. عودة لما أشرنا إليه في مستهل المقال وهو مساهمة الصناديق بتقليص الاعتماد على القطاع النفطي عبر تنويع مصادر الدخل بواسطة عوائد الاستثمارات. في المتوسط يساهم القطاع النفطي بنحو ثلاثة أرباع الصادرات وثلثي دخل الخزانة العامة وثلث الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي. بل ربما كانت دول الخليج أكثر اعتمادا على القطاع النفط بالنسبة لدخل الخزانة لولا العوائد المتعلقة باستثمارات الصناديق السيادية. فضلا عن الحقائق المتعلقة بصناديق الثروة السيادية لا مناص من إضافة أمور وإيجابيات أخرى فيما يخص الاقتصادات الخليجية من قبيل تقديم مساهمة حيوية بالنسبة للقطاع النفطي. فاستنادا لأحدث تقرير لإحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية فقد حلت السعودية محل روسيا كأكبر منتج للنفط الخام في العالم. فقد أسهمت السعودية بنحو 13.2 في المائة وتلتها روسيا بإنتاج 12.8 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في 2011. كما أسهمت كل من الولايات المتحدة وإيران والصين قرابة 8.8 في المائة و5.2 في المائة و5.1 في المائة من الإنتاج العالمي على التوالي وبالتالي نسب مؤثرة. طبعا يضاف لذلك الدور التقليدي للسعودية عبر اعتلاء عرش أكبر مصدر للنفط الخام في العالم بلا منازع. بل نجحت السعودية ومنذ انطلاق أحداث الربيع العربي وما تلا ذلك من تدهور في إنتاج النفط في ليبيا واليمن وسورية بتعزيز أهميتها فيما يخص تصدير النفط. أيضا لا يمكن استعداد السعودية لتعويض الأسواق العالمية في حال حدوث نقص مفترض لإنتاج النفط الإيراني بسبب العقوبات الغربية المفروضة على توريد نفطها وكل ما يتعلق بصناعتها النفطية. أخيرا وليس آخر جاء في تقرير حديث للمعهد الدولي للتمويل فرضية ارتفاع قيمة صافي الموجودات بعد طرح الالتزامات التابعة للدول الست الأعضاء في مجلس الخليجي إلى 1.9 مليار دولار مع نهاية 2012 ومن ثم القفز فوق حاجز 2 تريليون دولار لأول مرة في 2013. باختصار تحافظ المنظومة الخليجية على مكانتها في التاريخ عبر سياستها الاقتصادية النوعية.

1025

| 26 أغسطس 2012

دول الخليج في تقرير الاستثمار العالمي 2012

كشف تقرير الاستثمار العالمي للعام 2012 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) عن ضآلة فضلا عن تراجع مستويات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول مجلس التعاون الخليجي ما يعد أمرا مقلقا. وجاء الأداء الخليجي بشكل عام مغايرا للتوجه العالمي والذي شهد ارتفاعا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة دوليا بواقع 17 في المائة في 2011 متخطيا حاجز 1.5 تريليون دولار. في المحصلة هبطت القيمة الكلية للاستثمارات الأجنبية الواردة للدول الست مجتمعة من قرابة 40 مليار دولار في العام 2010 إلى نحو 26 مليار دولار في 2011. وعلى هذا الأساس انخفضت الأهمية النسبية للاستثمارات الواردة لدول مجلس التعاون قياسا بالاستثمارات في العالم من 3.1 في المائة في العام 2010 إلى 1.7 في المائة في 2011. لا شك من شأن هكذا تراجع قرع جرس الإنذار في أروقة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض. وفي كل الأحوال حافظت السعودية على مكانتها كأكبر مستقطب للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لمنطقة غرب آسيا لكن ليس كما كان عليه الحال حتى الماضي القريب. في التفاصيل هبطت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية من 28.1 مليار دولار في 2010 إلى 16.4 مليار دولار في 2011 ما يعني استمرار مسلسل التراجع. وكانت الاستثمارات الأجنبية قد حققت رقما قياسيا قدره 35.5 مليار دولار في 2009. وعلى هذا الأساس شكلت الاستثمارات الأجنبية الواردة للسعودية قرابة 34 في المائة من مجموع الاستثمارات الواردة لمنطقة غرب آسيا في العام 2011 متراجعة عن نسبة 48 في المائة والتي تحققت في 2010. تضم منطقة غرب آسيا دول مجلس التعاون الخليجي فضلا عن اليمن والعراق وسوريا والأردن وتركيا. وربما يتعين على السلطات السعودية تحسين القائمة السلبية لقانون الاستثمار الأجنبي عبر فتح المزيد من القطاعات أمام الاستثمارات الأجنبية خصوصا لقطاع الطاقة. المعروف أن السعودية أكبر منتج فضلا عن أكبر مصدر للنفط الخام في العالم ما يجعل القطاع النفطي محل استقطاب المستثمرين الدوليين. من جهة أخرى نجحت الإمارات في استقطاب المزيد من الاستثمارات وتحديدا 7.7 مليار دولار في العام 2011 قياسا مع 5.5 مليار دولار في 2010. وقد تحقق هذا التطور في ظل تحسن الوضع التنافسي للاقتصاد الإماراتي كما جاء في نسخة 2012 للكتاب السنوي للتنافسية ومصدره المعهد الدولي للتنمية الإدارية ومقره سويسرا. فحسب التقرير تقدمت الإمارات 12 مرة وبالتالي حلت في المرتبة رقم 16 على الصعيد الدولي لكن الثاني خليجيا وعربيا بعد قطر. حقيقة القول: يمكن تفهم الأسباب التي دعت المديرين التنفيذيين والذين تم استقصاء آرائهم للتقرير وتحديدا تقديرهم للبنية التحتية المتطورة في الإمارات. تكفي الإشارة إلى أن إمارة دبي الوحيدة بين مدن مجلس التعاون الخليجي والتي لديها نظام مترو ما يسهل عملية الانتقال من منطقة لأخرى في هذه المدينة العالمية. أيضا لا يمكن إغفال أمور مهمة حيوية تخدم الإمارات من قبيل وجود مطارات والعديد من شركات الطيران الوطنية فضلا عن الأجنبية التي تسير رحلات منتظمة إليها. كما حصلت الإمارات على المرتبة الأولى إقليميا والرابعة عالميا بالنسبة لمتغير سهولة ممارسة الأعمال في الكتاب السنوي للتنافسية المشار إليه سلفا. ويمكن تفهم الأمر نظرا لتركيز الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص على قطاع الأعمال التجارية عبر تذليل مختلف الصعاب التي تواجه المستثمرين وفي ذلك خدمة لمختلف الأطراف. مؤكداً يستفيد الطرف الرسمي من الاستثمارات المحلية منها والأجنبية لأنها تساعد في حال بعض التحديات الاقتصادية الجوهرية مثل النمو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك يعد أمرا لافتا نجاح البحرين في تعزيز حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة من 156 مليون دولار في العام 2011 إلى 781 مليون دولار في 2010. وتعتبر هذه الزيادة أي خمس مرات الأفضل بين الدول الثلاث التي شهدت ارتفاعا في مستوى التدفقات الاستثمارية من الخارج. فضلا عن البحرين تمكنت كل من الإمارات والكويت من رصد نمو في قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة. طبعا المفارقة تسجيل نمو لافت في قيمة الاستثمارات الواردة في الوقت الذي خاضت البحرين تجربة سياسية وأمنية انطلاقا من الربع الأول من 2011. تتمحور مطالب الاحتجاجات بتعزيز الشراكة الشعبية في صنع القرارات من خلال المجالس المنتخبة وضمان الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والتوزيع العادل للثروة. وكان أداء العام 2010 أي تدفقات بقيمة 156 مليون دولار الأقل في البحرين منذ فترة ونتيجة لأسباب تشمل التأثر بالأزمة المالية العالمية من جهة والمنافسة الإقليمية من جهة أخرى. بالعودة للوراء وحسب إحصاءات أونكتاد استقطبت البحرين استثمارات أجنبية ضخمة في حدود 3 مليارات دولار في العام 2006 وهي السنة التي دخلت فيها اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة حيز التنفيذ. فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية تشمل مواقع القوى بالنسبة للاقتصاد البحريني أمورا مثل توافر عمالة محلية متدربة وعلى معرفة باللغة الإنجليزية. لا شك يضاف لذلك إقرار السلطات لتشريعات في 2006 تضمن محاربة كافة أنواع الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية بغية كسب أصوات أعضاء من الكونجرس الأمريكي حتى يتسنى لهم تمرير اتفاقية التجارة الحرة. تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في مختلف الدول وذلك بالنظر للآفاق المستقبلية لتلك الاقتصادات. بل يوجد تقدير عالمي لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة وقدرتها بالمساهمة في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز المنافسة في السوق المحلية وإيجاد وظائف جديدة للمواطنين وتطوير التشريعات. الأمل بأن تساهم الاجتماعات الخليجية خصوصا القمة في البحرين نهاية العام الجاري بحث سبل تعزيز الاستثمارات الأجنبية خليجيا.

439

| 19 أغسطس 2012

الاقتصاد العماني على جادة الصواب

يمر الاقتصاد العماني بظروف اقتصادية مثيرة وفي المجموع إيجابية في هذه الفترة بدليل شهادة مؤسسات الائتمان الدولية. تشمل الأدلة الأخرى على سلامة الأوضاع الاقتصادية تسجيل فائض ضخم خلال النصف الأول من السنة المالية 2012 فضلا عن تحقيق نسبة نمو ملفتة في الربع الأول من العام الجاري. فحسب إحصاءات رسمية تم الكشف عنها حديثا بلغت قيمة إيرادات الخزانة العامة نحو 19.1 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية 2012 مقارنة مع 14.1 مليار دولار في الفترة نفسها من 2011. وفي الوقت نفسه بلغ حجم النفقات العامة قرابة 20 مليار دولار في الفترة المشار إليها أي تقريبا ضعف ما كان عليه الحال في النصف الأول من 2011. مؤكداً يمكن اعتبار هذه الأرقام مؤشرا لما قد سيكون عليه وضع المالية العامة في نهاية السنة. وكانت الحكومة قد أعدت ميزانية 2011 بنفقات وإيرادات قدرها 26 مليار دولار و22.9 مليار دولار على التوالي. وعليه تم تقدير عجز مالي يفوق قليلا 3 مليارات دولار للسنة المالية برمتها. ويعود الأمر بشكل جزئي لافتراض معدل منخفض لبرميل النفط وتحديدا 75 دولارا عند إعداد الميزانية أي أقل من الأسعار السائدة في أسواق النفط الدولية. وتؤكد الأرقام الرسمية أن الدخل النفطي زاد بمقدار 25 في المائة عن المقدر خلال الشهور الستة الأولى وهو ما يعكس حقيقة الوضع في الأسواق الدولية. المشهور أن أسعار النفط لم تنخفض عن متوسط 100 دولار للبرميل لأسباب أمنية وسياسية لها علاقة بالملف النووي الإيراني والأزمة السورية. نعم تراجعت الأسعار عن حاجز 100 دولار للبرميل لعدة أسابيع بسبب مشاكل لها بأزمة اليورو وبالتالي فرضية تراجع النمو الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي. لكن من شأن التوترات المختلفة المساعدة في بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا خلال العام الجاري. المعروف أيضا عن عمان تبنيها لسياسات مالية محافظة كخيار إستراتيجي كما هو ظاهر من تحاشي العضوية في منظمة (أوبك) بغية الحفاظ على استقلالية خياراتها الاقتصادية. ويلاحظ في هذا الصدد إعلان السلطنة وبشكل واضح عدم رغبتها الانضمام للمشروع النقدي الخليجي لأسباب اقتصادية. وهناك سبب إضافي آخر لارتفاع الإيرادات النفطية وهو استمرار تعزيز الإنتاج النفطي في إطار خطة واضحة لتطوير القطاع النفطي. فحسب تقرير حديث لمؤسسة (بريتيش بتروليوم) بلغ الإنتاج النفطي العماني 891 ألف برميل في 2011 مقارنة مع 715 ألف برميل في اليوم في 2007. بل تم تسجيل نسبة نمو قدرها 2.8 في المائة في الإنتاج النفطي في 2011. ويبدو أن للأمر علاقة بخطط تطوير الإنتاج النفطي عبر إبرام عقود شراكة تخدم مصالح مختلف الأطراف ذات العلاقة مع بعض شركات النفط العالمية خصوصا بالنسبة لحقل مخزينة. وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. عبر استثمار مبلغ قدره ملياري دولار. يساهم القطاع النفطي بنحو ثلثي دخل الخزانة العامة ما يعني توقع حصول تغيير جوهري في أهمية القطاع النفطي في حال تسجيل تطورات إيجابية أو سلبية بالنسبة لأسعار النفط الخام. لكن لا يمكن إغفال الجانب السلبي المتعلق بهذه الحقيقة أي وقوع الاقتصاد العماني تحت رحمة التطورات في أسواق النفط العالمية والتي بدورها تخضع لأسباب سياسية واقتصادية معقدة. ويبدو أن مؤسسات الائتمان راضية عن التطورات الاقتصادية بل وحتى السياسية الحاصلة في السلطنة. بالعودة للوراء شهدت عمان وتحديدا منطقة صحار الصناعية موجة احتجاجات في الربع الأول من 2011 للمطالبة بمعالجة بعض الملفات الحيوية منها القصور المالي والإداري في القطاع العام والبطالة في أوساط الشباب. وشملت خطوات المعالجة التي أقرتها السلطنة تعزيز الشفافية في إدارة شؤون المالية العامة من جهة وضخ أموال ضخمة تقدر بنحو 2.6 مليار دولار في الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. وتضمنت الخطوات التفصيلية تخصيص مساعدات مالية شهرية للباحثين عن فرص العمل ورفع المخصصات الشهرية للعاملين والمتقاعدين. تبلغ نسبة البطالة في أوساط الشباب الباحث عن عمل قرابة 15 في المائة. كما شكلت وتشكل الحقائق الديمغرافية أي تمثيل من تقل أعمارهم عن 15 سنة لقرابة 43 في المائة من السكان ضغطا إضافيا على صناع القرار في السلطنة. وليس مستغربا تقديم السلطات وعود بتوفير عشرات الآلاف من الوظائف في مؤسسات الدولة والتي يرغب العمانيون العمل فيها لأسباب تشمل توقع الضمان الوظيفي. عودة لموضوع الائتمان فقد قررت مؤسسة (ستندارد آند بورز) في شهر يوليو تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد العماني من سلبي إلى إيجابي للتعبير عن تقديرها للخطوات التي تم اتخاذها منذ أحداث فبراير 2011. بدوها قررت مؤسسة (موديز) التأكيد من جديد للدرجة الائتمانية (أي واحد) للسلطنة فيما يخص مختلف أنواع السندات الحكومية. وحديثا فقط تم الكشف عن تسجيل نسبة نمو قدرها 19 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في الربع الأول من 2012. وما يبعث على الاطمئنان تسجيل نسبة النمو هذه في ظل عدم وجود ضغوط تضخمية. بلغ متوسط التضخم 3.6 في المائة لا أكثر في 2011 وهي لا تشكل تهديدا لديمومة الحياة الاقتصادية في البلاد. ختاما تفترض إحدى الجهات التي تراقب أداء اقتصادات دول مجلس التعاون بتحقيق الاقتصاد العماني أفضل نسبة نمو اقتصادية في المنطقة في 2013. وربما يكون التوقع في محله في حال حافظ الاقتصاد العماني على أدائه المتميز في ظل تقدير السلطات للأسباب التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات وهو ما يبدو كذلك.

359

| 12 أغسطس 2012

فضل شهر رمضان على الاقتصاد السعودي

يتميز شهر رمضان المبارك بأمور مختلفة منها تعزيز النشاط الاقتصادي في البلدان الإسلامية لسبب جوهري وهو ارتفاع ظاهرة النفقات على المأكولات والأنشطة. ويكون هذا الأمر واضحا أكثر في السعودية وتحديدا في مدينة مكة المكرمة والتي تستعد لاستقبال مئات الآلاف من المسلمين في العشر الأواخر من الشهر الفضيل. كما تتميز هذه الفترة بظاهرة ارتفاع الأسعار فيما يتعلق بالفنادق والوحدات السكنية على وجه الخصوص بالنظر لحجم الطلب. بل تصعد الأسعار بنحو 30 في المائة في المنطقة المحيطة بالحرم المكي في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك نظرا لتزامنه بنزول القرآن الكريم. وليس من المستبعد دفع مبالغ تفوق 10 آلاف دولار للسكن ووجبتي الإفطار والسحور لمدة 10 أيام في الديار المقدسة بل يزيد الرقم عن ذلك بكثير بالنسبة للذين يصرون النزول في أفخم الفنادق التي تطل على الكعبة المشرفة. المشهور أيضا عدم تدخل السلطات المسؤولة عن شؤون الحج والعمرة في موضوع الأسعار بحجة ترك الأمور لعوامل العرض والطلب. بل الاعتقاد السائد هو قدرة هذه الفترة بتوفير فرص للمستثمرين لتحقيق مكاسب تجارية في هذه الفترة والتي يطلعون عليها على مدار السنة. وليس من السهل مجادلة حجج السلطات لأنه في العادة يتسبب التدخل في بعثرة الإمكانات وإساءة استخدامها. وجميل تقدير السلطات السعودية للدور الإيجابي للعمرة في خدمة الاقتصاد السعودي الأمر الذي يفسر بشكل جزئي على الأقل استصدار المزيد من التأشيرات وقبول المعتمرين على مدار السنة باستثناء موسم الحج. حتى الماضي القريب كانت العمرة بالنسبة لغير رعايا دول مجلس التعاون الخليجي تقتصر على سبعة شهور في السنة. وخير دليل على تقبل المزيد من المعتمرين هو زيادة عدد التأشيرات من قرابة 4 ملايين تأشيرة قبل عدة سنوات إلى أكثر من 5.5 مليون تأشيرة في السنة حسب آخر إحصائية. مؤكداً لا يمكن إغفال الجانب المادي بالنسبة للانفتاح على المعتمرين حيث تشير إحصائية حديثة إلى مساهمة قطاع العمرة لوحده إذا جاز التعبير بنحو 9 مليارات دولار في الاقتصاد السعودي. طبعا يرتفع الرقم لأكثر من 30 مليار دولار بعد إضافة النفقات المتعلقة بموسم الحج. تشمل مصروفات الحج والعمرة أمورا مثل تقديم القرابين والسفر والسكن والأكل والاتصالات. ويتوقع ارتفاع مستوى الضغط على الخدمات العامة في مكة المكرمة خلال منتصف شهر أغسطس الجاري لسبب إضافي وهو استضافة المدينة المقدسة لمؤتمر استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي وهو الاسم الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وسوف يتوافد زعماء المنظمة والتي تضم 57 بلدا على مكة لمناقشة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذا العصر. اللافت في هذا الصدد هو امتداد السياسة الرحبة تجاه المعتمرين لجوانب أخرى في الاقتصاد السعودي من قبيل التوجه لتحرير السوق المحلية للطيران في سابقة هي الأولى من نوعها. حقيقة القول توجد الكثير من الأسباب الموضوعية لفتح سوق الطيران المحلية أمام المنافسة الدولية بالنسبة لبلد يقطنه نحو 28 مليون نسمة وفي مقدمة ذلك تحقيق التنافسية والكفاءة. وحسب أحدث الإحصاءات المتعلقة بسوق الطيران في السعودية فقد فاق عدد المسافرين على الخطوط الداخلية 22 مليون مسافر في السنة. طبعا لا يمكن إنكار حقيقة كون نسبة من المسافرين هم من الحجاج الأجانب حيث يصر البعض للاستفادة من موسم الحج والعمرة لزيارة الأماكن السياحية المنتشرة في ربوع المملكة المترامية الأطراف مثل العسير. وتبين حديثا أن لدى الخطوط الجوية القطرية رغبة بتسيير رحلات داخلية منتظمة في السعودية. والحال كذلك بالنسبة لطيران (هاينين) وهي ناقلة صينية فضلا عن شركة طيران الخليج البحرينية. وليس من المستبعد حصول القطرية على حق امتياز رحلات داخلية بالنظر لسجلها الحافل وتوفيرها طائرات حديثة وبالتالي قدرتها على منافسة كل من شركتي السعودية وناس. ويبدو أن السلطات السعودية جادة في تطوير كل ما له علاقة بالطيران تقديرا للفوائد التي يمكن تحقيقها عبر تحرير القطاع تماما كما هو الحال مع إمارة دبي حيث بات مطارها وجهة دولية. حديثا فقط نالت شركة (تاف أنزات) التركية وحلفاء لها عقدا بقيمة 800 مليون دولار لإنشاء وصيانة شماعات وأجهزة في مطار الملك عبدالعزيز في جدة. ويلاحظ عدم اقتصار الأمر على الشركات المحلية بل الانفتاح على العالم للحصول على أفضل العروض. كما تم الكشف حديثا عن تحديد قائمة قصيرة من أربع مجموعات بغية الحصول على عقد لإنشاء قطارات تسير بالكهرباء تربط بعض النقاط الرئيسة في العاصمة الرياض. وتشمل النقاط المرغوبة محطات مطار الملك خالد الدولي فضلا عن مركز الملك عبدالله المالي في وسط العاصمة. الاعتقاد السائد في أوساط العاملين في مجال الخدمات المالية هو اللجوء لخيار سوق الصكوك الإسلامية للحصول على التمويلات المطلوبة وبالتالي التأكيد على شراكة المستثمرين في المشاريع المطروحة. وفي كل الأحوال تعتبر السوق السعودية هي الرائدة في المنطقة بلا منازع في مجال الصكوك الإسلامية ربما بسبب الإمكانات المتوافرة في المملكة. وكانت الهيئة العامة للطيران المدني قد نجحت في استصدار صكوك بقيمة 4 مليارات دولار في بداية العام الجاري وهناك توقع بتكرار التجربة بالنظر لنجاحها. الأمور المشار إليها أعلاه وغيرها كثير هي التي دفعت بمؤسسة (بلومبرغ) المتخصصة في مجال الخدمات المالية بتوقع تحقيق نمو فعلي أي بعد طرح عامل التضخم للاقتصاد السعودي في حدود 4.8 في المائة في 2012. تعتبر نسبة النمو هذه ثاني أعلى نسبة من نوعها بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد قطر. لا شك قطر لها خصوصيتها بالنظر لتطوير القطاع النفطي من جهة وتوجه الدولة للصرف على البنية التحتية بغية إعداد البلاد لاستضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022.

841

| 05 أغسطس 2012

التضخم تحت السيطرة في الاقتصاديات الخليجية

لحسن الحظ لا تعاني اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر من أزمة تضخم لأسباب متنوعة منها حدوث نوع من تراجع أسعار بعض المنتجات الغذائية الحيوية. طبعا هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية من قبيل الدعم الحكومي لبعض السلع الإستراتيجية فضلا عن عدم حدوث ارتفاع غير عادي للإيجارات وأسعار العقار. وتبين حديثا أن متوسط التضخم قد ارتفع من 3 في المائة في 2010 إلى 4 في المائة فقط في 2011 ما يعني بقاءه تحت السيطرة. لا شك أنه لا يمكن قياس هكذا مستوى من التضخم مع ما كان عليه الحال في 2007 عندما فاق نسبة 10 في المائة في أكثر من دولة خليجية. من نافلة القول توجد علاقة سببية بين ارتفاع أسعار النفط الخام وظاهرة تضخم المستورد والتي بدورها تتسبب في مسألة رفع المعدلات. ومرد الأمر قيام الدول المستوردة للنفط بمستوياتها المرتفعة برفع أسعار صادراتها منها لدول الخليج. وفي الغالب تكون الدول الخليجية مضطردة لاستيراد نفس السلع بأسعارها المرتفعة الجديدة. وربما ليس من المناسب توجيه اللوم لهذه الدول لاتخاذ هكذا خطوات لأنها ترغب بتعويض جانب من الخسائر المالية التي تمنى بها. ويعتقد بأن ظاهرة التضخم المستورد أي من الخارج بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الواردة شكلت نحو 30 في المائة من معضلة التضخم التي جربتها اقتصادات دول مجلس التعاون في الفترة ما بين 2007 والنصف الأول من 2008. لكن لا تعتبر هذه المسألة خطيرة لحد كبير هذه الأيام بالنظر لاستمرار بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية ممتدة لعدة سنوات. بل لوحظ في الآونة الأخيرة حدوث تذبذب لأسعار النفط متجهة للأسفل. كما تم رصد توجه لتراجع أسعار المنتجات الغذائية في العالم بدليل انخفاض مؤشر الأسعار التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة بنسبة 1.8 من شهر لشهر في يونيه الماضي. وتعود ظاهرة عدم حصول ارتفاع لأسعار العديد من المنتجات لأمور مثل وفرة العرض والتحسن المستمر في آليات السيطرة على الإنتاج. بل يوجد توقع بانخفاض أسعار الطحين والذرة بواقع 9 و12 في المائة على التوالي مع نهاية العام الجاري. مؤكداً يعد هذا الأمر مهما للغاية لسبب جوهري وهو استيراد دول مجلس التعاون الخليجي لنحو 90 في المائة من احتياجاتها من المنتجات الغذائية من مختلف دول العالم. بدورنا نرى صواب هذا التوجه لأنه ينم عن تقدير لمبدأ التنافسية حيث لا تمتلك الدول الست بشكل عام الكثير من المزايا التنافسية في قطاع المنتجات الغذائية. بالتأكيد هناك استثناءات بل اكتفاء ذاتي لبعض المنتجات مثل التمور في السعودية والمنتجات البحرية في عمان. لا شك يعتبر موضوع الاستيراد دليلا ماديا على تقدير دول مجلس التعاون الخليجي لمبدأ الاقتصاد الحر وانفتاح أسواقها أمام الواردات الأجنبية الأمر الذي يخدم تطلعات المستهلكين للحصول على مختلف السلع وبأسعار تنافسية. بل يندرج الأمر في إطار مفهوم الاستفادة القصوى من الثروات المحدودة. وهناك سبب آخر بالنسبة لمسألة شبه التحكم بمعدلات التضخم وتحديدا الدعم الحكومي للمواد التموينية خصوصا في الكويت ما يعد جزءا لا يتجزأ من طريقة معيشة المواطنين. تقدم الجمعيات التعاونية في الكويت الكثير من المواد المدعومة من قبل الحكومة ما يحد من مستوى التضخم من جهة ويساهم في توفير سبل العيش الكريم للمواطنين والمقيمين. وفي الأسبوع الماضي فقط أعلنت السلطات في البحرين عن فاتورة سنوية قدرها 175 مليون دولار لدعم ثلاث سلع إستراتيجية وهي اللحوم الحمراء والدجاج والطحين. طبعا هذا هو الحال بالنسبة لأصغر اقتصاد خليجي بل إن الأمر يختلف بشكل نوعي بالنسبة للكويت والتي لها باع طويل في تقديم الدعم للمواد التموينية. ثم هناك السبب الأهم أي أسعار الإيجارات والعقارات والتي تشكل أكثر من ربع متغيرات معادلة التضخم. المشهور عدم حصول ارتفاع غير طبيعي لمستويات الإيجارات في الآونة الأخيرة لأسباب تشمل وفرة العرض بالنسبة للوحدات السكنية والمكاتب على حد سواء. وكانت أسعار العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي الست قد تعرضت لهبوط في أعقاب ظهور أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في منتصف العام 2008. والمشهور أيضا عدم استعداد الكثير من ملاك الأراضي والعقارات لبيع الموجودات التي بحوزتهم بأسعار متدنية ربما عملا بمقولة أن العقار يمرض لكن لا يموت. حقيقة القول تراجعت حدة التضخم بشكل نوعي في أعقاب اندلاع الأزمة المالية في منتصف العام 2008 وما سببته من انخفاض في الثقة على مستوى العالم وبالتالي الحد من مظاهر الصرف. في المقابل ومنذ ذلك التاريخ حدث ارتفاع نوعي لأسعار النفط لكن ليس على حساب التضخم. يعد التضخم في النظرية الاقتصادية أكثر سوءا من البطالة نظرا لأن الضرر يصل الجميع ولو بنسب مختلفة. فارتفاع مستوى التضخم يقلل من القيمة الشرائية الأمر الذي يضر مصالح الطبقات العليا والمتوسطة فضلا عن الفقيرة لكن بنسب متفاوتة. الأمر يختلف نسبيا بالنسبة للبطالة في حال كانت ضمن المستويات الطبيعية حيث يقتصر الضرر على البعض أي العاطلين والمرتبطين بهم بمن فيهم المؤسسات المالية المقدمة للتسهيلات. لاشك أننا لا نتحدث عن حد وصول البطالة لمستويات مرتفعة وخطيرة كما هو الحال في إسبانيا في الوقت الحاضر حيث تتراوح نسبة البطالة في حدود 20 في المائة من القوى العاملة. وفي كل الأحوال من شأن بقاء التضخم تحت السيطرة أو عدم خروجه عن نطاق السيطرة تعزيز مستوى المعيشة في الاقتصادات. وخير دليل عل ذلك هو ما يحدث في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر.

401

| 30 يوليو 2012

تطور وتحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد العماني

قبل أيام أقدمت مؤسسة (ستاندرد أند بور) على تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد العماني من سلبي إلى مستقر مع الاحتفاظ بتقييم ائتماني متقدم من خانة (اي) فيما يخص الالتزامات المالية السيادية. بدورنا نرى صواب هذا التوجه كونه جاء تقديرا للتطورات الاقتصادية الإيجابية المتلاحقة في السلطنة. ويبدو جليا بأن المؤسسة المتخصصة في التقييم الائتماني أخذت بعين الاعتبار العديد من مؤشرات الأداء الاقتصادي من قبيل رصد فائض قدره 7 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2011. كما شكل فائض الحساب الجاري للسلطنة قرابة 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة نفسها وهي أرقام تؤكد على متانة الأوضاع المالية للسلطنة. اللافت أنه تم رصد هذه الإنجازات رغم عدم الاستفادة الفعلية من مبلغ العون المالي الخليجي المخصص أي مليار دولار لكل سنة لمدة 10 سنوات. وكان مجلس التعاون الخليجي قد أقر في العام الماضي مبلغا وقدره 10 مليارات دولار لكل من البحرين وعمان بغية المساهمة في معالجة الأسباب التي أدت لظهور مشكلات أمنية وسياسية واجتماعية في البلدين مطلع 2011. وخير دليل على الأداء الاقتصادي المتميز هو تقدير صندوق النقد الدولي بتحقيق الناتج المحلي الإجمالي العماني نموا قدره 4.4 في المائة أي أعلى من نسبة 4.1 في المائة والتي تم تسجيلها في 2010.. مؤكداً أن هذا الأداء يعد محل تقدير كونه تحقق في خضم ظروف اقتصادية عالمية غير مواتية على أقل تقدير بالنظر للأزمة التي تعيشها منطقة اليورو وظهور معضلة المديونيات الصعبة في اليونان ودول أوروبية أخرى. في المقابل لم تتسبب الظواهر الاقتصادية محل الاهتمام بتعقيد مسألة التضخم حيث بقيت الأمور تحت السيطرة. حقيقة القول: ارتفع متوسط التضخم من 3% في العام 2010 إلى 3.6 في المائة في 2011 لكن مقابل ثمن مستحق. والإشارة هنا إلى بدء العمل في مشاريع وبرامج قيمتها 2.6 مليار دولار في 2011 بهدف تحقيق أمور من قبيل إيجاد آلاف فرص العمل للمواطنين في الدوائر والمؤسسات الحكومية فضلا عن تقديم مساعدة مالية في حدود 400 دولار شهريا للعاطلين الباحثين عن عمل. بمعنى آخر تساهم هذه النفقات في دوران الأموال داخل الاقتصاد المحلي. وتشمل الأخبار الإيجابية الأخرى التعزيز المستمر للإنتاج النفطي حيث جاء في تقرير إحصاءات الطاقة لشهر يونيه 2012 ومصدره لشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية بنمو إنتاج النفط الخام بنسبة 2.8 في المائة في 2011. وعلى هذا الأساس ارتفع مستوى الإنتاج إلى 891 ألف برميل يوميا في 2011 مقارنة بـ 715 ألف برميل يوميا في العام 2007. بكل تأكيد أسهمت ظاهرة بقاء أسعار النفط مرتفعة في رصد هذه الإنجازات. وكانت السلطنة قد افترضت رقما محافظا قدره 58 دولارا للبرميل في السنة المالية 2011. تشتهر عمان بين سائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بتبني سياسات محافظة كخيار إستراتيجي. طبعا يضاف لكل ذلك نجاح عمان في تحسين ترتيبها في العديد من المؤشرات الدولية المتعلقة والتي تم نشرها حديثا.. فقد نجحت السلطنة في تحسين ترتبيها بواقع 10 مراتب على مؤشر الإبداع والابتكار للعام 2012 أي الأفضل من حيث التقدم بين دول مجلس التعاون الخليجي. بل تراجع ترتيب ثلاث من أصل ست دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي. يتمتع التقرير بمصداقية كونه يصدر عبر شراكة بين مدرسة (انسيد) المتخصصة في إدارة الأعمال ومنظمة (وايبو) التابعة للأمم المتحدة والمهتمة بكل ما له علاقة بالإنتاج الذهني. كما نجحت عمان بنيل المرتبة الثانية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بعد الإمارات في تقرير تمكين التجارة للعام 2012 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا. بيد أنه لا يمكن غض النظر عن بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد العماني من قبيل الاعتماد المبالغ فيه على القطاع النفطي يعد أمرا سلبيا لأنه يجعل الاقتصاد المحلي تحت رحمة التطورات في أسواق النفط الدولية. يساهم شق النفط الخام من القطاع النفطي بنحو ثلثي كل من دخل الخزانة والصادرات. كما يساهم شق الغاز بنحو 13 في المائة من دخل الخزانة العامة. تخضع أسعار النفط لمجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية فضلا عن ميول المتعاملين في هذه التجارة في أسواق المال العالمية. مؤكداً أن الأمر يتطلب الاستفادة من العوائد النفطية لتحقيق هدف إستراتيجي أي تحقيق التنوع الاقتصادي عبر تنفيذ برامج تنموية مثل تعزيز دور قطاع السياحة كون السلطنة تتمتع بإمكانات سياحية ربما غير متوافرة لغالبية الدول الأخرى الأعضاء في المنظومة الخليجية. طبعا يضاف لذلك معضلة إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين وهي المشكلة التي أطلقت شرارة الأحداث التي اندلعت في منطقة صحارى الصناعية في 2011. لا شك المطلوب إيجاد فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين والداخلين الجدد لسوق العمل. ومرد هذا الكلام هو بعض الإحصاءات الحيوية حيث يشكل أولئك الذين تقل أعمارهم عن سن 25 قرابة 60 في المائة من المواطنين. كما يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة نحو 43 في المائة من مجموع المواطنين. ولأسباب يمكن تفهمها يأمل السواد الأعظم من العمالة المحلية بالعمل لدى الدوائر الرسمية بطريقة أو أخرى خاصة بما في ذلك المؤسسات الأمنية. وتبين حديثا أن العمالة الوطنية تستحوذ على 14 في المائة فقط من فرص العمل المتوافرة في القطاع الخاص. ختاما؛ أثبت بعض النتائج التي تحققت خلال العام 2011 والنصف الأول من 2012 قدرة عمان على تحقيق أداء اقتصادي نوعي خلال فترة قياسية. الأمل أن تواصل السلطنة تحقيق إنجازات اقتصادية في ظروف غير عادية وهي قادرة على ذلك.

754

| 15 يوليو 2012

عولمة الاقتصاد القطري

ما يحدث في الاقتصاد القطري ترجمة عملية لمقولة العالم أصبح قرية. كثيرة هي الأدلة والشواهد على هذا الكلام لكننا نركز في هذا المقال على الحديثة منها فقط لضيق المساحة. على سبيل المثال تم الإعلان قبل أيام عن وجود نية لدى الخطوط الجوية القطرية لتسيير رحلات داخل المملكة العربية السعودية. كما تم الإعلان عن عولمة اسم (هارودز) عبر تأسيس فنادق في بعض المدن العالمية تحمل اسم المحل التجاري في بريطانيا والمملوك لقطر. تناقش الفقرات اللاحقة بعض التفاصيل المتعلقة بعولمة الاقتصاد لكن لا بأس من الإشارة لبعض الأسباب بادئ ذي بدء يتوقع حدوث تراجع لنمو الناتج المحلي الإجمالي القطري بعد تحييد عامل التضخم من 14 في المائة في العام 2011 إلى 6.2 في المائة في 2012 ومن ثم 4.5 في المائة في 2013. لكن من شأن تطورات أخرى من قبيل التوسع الإقليمي والعالمي فضلا عن تعزيز النفقات العامة ضمان محافظة الاقتصاد القطري على ديمومته. فمن شأن زيادة المصروفات العامة للسنة المالية 13-2012 بنحو 26 في المائة إلى 49 مليار دولار المساهمة في الحفاظ على الواقع الاقتصادي المتميز. ويمثل التطور الإيجابي الآخر الحديث عن استثمار قرابة 130 مليارا في الفترة ما بين 2012 حتى 2018 على مشاريع خارج قطاع الطاقة. فقد تقرر استثمار أموال ضخمة في مجالات البنية التحتية في إطار استعداد البلاد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022. حقيقة القول يعود تراجع النمو الناتج المحلي الإجمالي القطري لأمور لها علاقة بتطورات الأوضاع في سوق الغاز فضلا عن الظروف الاقتصادية العالمية وبالأخص الأوروبية منها. فقد أرجع تقرير لشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية والذي صدر في شهر يونيه من العام الجاري إلى معضلات النمو الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي لأسباب تشمل تداعيات أزمة مديونية اليونان. كما يشير التقرير لظاهرة انخفاض استهلاك الغاز في دول الاتحاد الأوروبي نظرا لأسعار الغاز المرتفعة من جهة والبحث عن مصادر الطاقة المتجددة من جهة أخرى. وفي هذا الصدد أكد التقرير المشار إليه والذي يعد مرجعا مهما نمو إنتاج الغاز الطبيعي في قطر بنسبة 26 في المائة في العام 2011 وهي نسبة كبيرة بالنسبة لسنة واحدة. والأهم من ذلك أسهمت قطر بنحو 88 في المائة من النمو الذي تحقق في تجارة الغاز في العام الماضي وبالتالي نصيب الأسد. بل نجح تصدير الغاز الطبيعي المسال من قطر في العام 2011 بتعويض الأسواق العالمية من انخفاض تصدير الغاز البريطاني من جهة والليبي من جهة أخرى. فقد هبطت تجارة الغاز بالنسبة إلى ليبيا بنحو الثلاثة أرباع نتيجة حالة عدم الاستقرار الفورية التي أحدثتها الثورة التي أعقبت سقوط نظام العقيد القذافي. وليس من الخطأ عمل نوع من المقارنة بين تعويض السعودية للسوق النفطية العالمية وتعويض قطر الاقتصاد العالمي فيما يخص الغاز. لكن ليس من المستغرب التوجه نحو تحاشي تنفيذ توسعة إضافية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال على الأقل لفترة زمنية بالنظر للظروف التي أوردنا أعلاه. في المقابل، يمكن تفهم توجه قطر للتعويض عبر تعزيز استثماراتها الدولية في عصر حيث الترحيب بالاستثمارات الأجنبية بقصد المساهمة في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل إيجاد فرص عمل للداخلين الجدد لسوق العمل وتعزيز النمو الاقتصادي. وهنا نورد بعض الشواهد على التوجه الاستثماري القطري للتدليل على وجود رغبة أكيدة لدى المسؤولين في قطر على المضي قدما في برامج التنمية الاقتصادية والتي تنصب في مصلحة مختلف الأطراف. من جملة التطورات اللافتة تم الكشف حديثا عن نية صادقة لدى الخطوط القطرية بدخول السوق المحلية في السعودية المترامية الأطراف. وتبلغ مساحة السعودية مليونين و150 ألف كيلومتر مربع حيث تحتل المرتبة رقم 13 من حيث المساحة على مستوى العالم. والأهم من ذلك يسود اعتقاد مفاده وجود حالة من عدم تشبع السوق من الرحلات المتوفرة ما يوفر مجالا لشركات الطيران الأخرى في ظل قرار السعودية بفتح السوق المحلية أمام المنافسة الأجنبية. طبعا يتطلب الأمر توفير الظروف الموضوعة لتحقيق الربحية لأن الأمر لا يتعلق بالعمل الخيري. ثم هناك موضوع تسويق أو عولمة اسم شركة (هارودز) والذي تم الكشف عنه حديثا عبر تأسيس فنادق في بعض المدن العالمية ابتداء من العاصمة الماليزية كوالالمبور وتحديدا في المنطقة التسويقية المشهورة والمعروفة باسم (بوكيت بنتاج) حيث المجمعات التجارية والفنادق الفاخرة. وكانت قطر القابضة وهي الذراع الاستثمارية للصندوق السيادي القطري قد اشترت محلات (هارودز) الشهيرة في بريطانيا في العام 2010 بقيمة 2.3 مليار دولار. وحديثا فقط تم الكشف عن التوجه الاستثماري الجديد بعد دراسة مستفيضة. وجاء هذان التطوران اللافتان في أعقاب تطورات لا تقل أهمية مثل تقديم شركة كيوتل عرض بشراء 47.5 في المائة من أسهم شركة الوطنية للاتصالات في الكويت. وقد تم تقدير القيمة السوقية للعرض بنحو 1.9 مليار دولار. يشار إلى أن كيوتل تمتلك أصلا 52.5 في المائة من أسهم شركة الوطنية. الأمر الآخر هو قيام شركة (كتارا للضيافة) والتي كانت تعرف سلفا باسم (شركة قطر الوطنية للفنادق) بشراء 4 فنادق فرنسية بينها (مارتينيز) في كان و(كونكورد لافاييت) في باريس من مجموعة (ستاروود كابيتال) الأمريكية. تساهم هذه الخطوة في تعزيز تواجد الاستثمار القطري في أكبر بلد يتمتع بقدرة استقطاب الزوار. ختاما يوفر تراجع النمو الاقتصادي المحلي فرصة الذهاب لخيار التوسعة الإقليمية والدولية. بل هذا هو المتوقع والمطلوب في عصر العولمة حيث تختفي الحدود عند الحديث عن الشأن التجاري. مؤكداً يستفيد الكل عند عولمة الاقتصاد سواء تلك المصدرة أو المستقبلة للاستثمارات.

4433

| 07 يوليو 2012

تعزيز الإحصائيات النفطية للدول الخليجية

تشير أحدث الإحصاءات النفطية إلى نجاح دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام بتعزيز نفوذها في أسواق النفط العالمية خصوصا فيما يخص الإنتاج الأمر الذي ينصب في مصلحة الدول الست والدول المستهلكة في الوقت نفسه. ومرد هذا الكلام استعداد الدول الخليجية خصوصا السعودية لسد النقص من المعروض متى ما كانت الحاجة الماسة كما تجلى ذلك في العام 2011 بعد تراجع الإنتاج النفط الليبي على أثر الثورة التي أطاحت بحكم الزعيم معمر القذافي. كما تتميز دول مجلس التعاون الخليجي بإصرارها على تعزيز كل ما له علاقة بتطوير القطاع النفطي فيها بدليل إبرام قطر لاتفاقيات مع شركات نفطية عالمية بالنسبة للاستفادة من احتياطي الغاز المتوفر لديها. وخير دليل على ذلك هو نيل قطر المرتبة الأولى عالميا في مجال إنتاج الغاز المسال. كما تواصل الدول مواصلة عمليات تعزيز الطاقة الإنتاجية لأسباب تشمل الاستفادة من ظاهرة بقاء أسعار مرتفعة لفترة زمنية. يعتقد على سبيل المثال أن لدى السعودية طاقة إنتاج إضافية في حدود مليوني برميل يوميا. وفي كل الأحوال مناسبة الحديث عن موضوع القطاع النفطي الخليجي هو ما تضمنه تقرير العام 2012 لشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية والذي تم نشره في وقت سابق من الشهر الجاري. من جملة الأمور أشار التقرير إلى حلول السعودية في المرتبة الأولى عالميا في مجال الإنتاج النفطي على حساب روسيا. وعليه أصبحت السعودية ليست فقط أكبر دولة مصدرة للنفط الخام وهي من البديهيات في عالم صناعة النفط بل في طليعة الدول المنتجة لهذه السلعة الإستراتيجية. تعتبر المشتقات النفطية حيوية لمختلف أوجه الحياة في عصرنا هذا سواء السيارات أو الطائرات. تقليديا كانت روسيا تتمتع بصدارة الإنتاج النفطي العالمي لكن يبدو أن التغير النسبي يعود بشكل جزئي إلى زيادة السعودية لإنتاجها النفطي خلال العام الماضي لتعويض حالة الاضطراب التي تعرضت لها أسواق النفط العالمية خصوصا من ليبيا ولحد ما من سوريا. حقيقة القول: لا تتوافر تقارير مؤكدة حول قيام السعودية بالتعويض عن النفط الإيراني على الأقل في العام 2011 وربما يختلف الوضع بعد الوقوف على أرقام 2012. فحسب تقرير (بريتيش بتروليوم) والذي يعد مرجعا لإحصاءات الطاقة، استحوذت السعودية على 13.2 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في العام 2011 وتلتها روسيا بنسبة قدرها 12.8 في المائة ثم الولايات المتحدة وإيران والصين بنسب قدرها 8.8 في المائة و5.2 في المائة و5.1 في المائة على التوالي. ويلاحظ أنه ورغم الإنتاج النفطي الضخم نسبيا تتميز كل من الولايات المتحدة والصين باستيراد كميات كبيرة من النفط الخام لسد الاحتياجات المحلية سواء للصناعة أو الاستهلاك العام. بالعودة للوراء أسهمت روسيا بنحو 13 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في 2011 مقابل 12 في المائة بالنسبة للسعودية في السنة نفسها. وقد حدث التغيير لسبب جوهري وهو قدرة السعودية على تعزيز إنتاجها النفطي لتعويض الأسواق الدولية عن الخسائر الناجمة من جراء الربيع العربي أو التطورات السياسية غير المنتهية في منطقة الشرق الأوسط. بيد أنه لا مناص من الإشارة إلى نجاح فنزويلا في إقصاء السعودية من مرتبة أكبر بلد لديه مخزون مكتشف من الاحتياطي النفطي. ويلاحظ استحواذ كل من فنزويلا والسعودية على 17.9 في المائة و16.1 في المائة من الاحتياطي النفطي العالمي وذلك استنادا لدراسة الشركة البريطانية. وبشكل أكثر دقة لدى كل من فنزويلا والسعودية احتياطي نفطي قدره 295 مليار برميل و265 مليار برميل من النفط الخام على التوالي. وفي كل الأحوال ليس من مصلحة كبرى الدول المنتجة للنفط الحديث كثيرا عن تسجيل زيادة في الاحتياطي النفطي حفاظا على أسعار النفط وربما هذا هو موقف كبار المنتجين. بيد أنه تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر استحواذا على الاحتياطي النفطي كمنظومة، حيث إنها لديها 494 مليار برميل أو 30 في المائة من الاحتياطي و42 في المائة من احتياطي منظمة أوبك والتي بدورها تضم العديد من الدول بما في ذلك فنزويلا وإيران.   إضافة إلى النفط الخام، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حصص مؤثرة فيما يخص الغاز الطبيعي حيث إنه لدى قطر وحدها 25 تريليون متر مكعب أي 12 في المائة من المخزون العالمي المكتشف. وهذا يعني حلول قطر في المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة للاحتياطي بعد كل من روسيا وإيران واللتين تمتلكان 21.4 في المائة و15.9 في المائة على التوالي. كما تتميز قطر في مجال الإنتاج حيث تعتبر أكثر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بعد إقصائها إندونيسيا عن هذه المكانة قبل عدة سنوات. تبلغ الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا. ولدى قطر زبائن لمنتجاتها في مختلف بقاع العالم ابتداء من اليابان ومرورا ببريطانيا وليس انتهاء بالولايات المتحدة. وعلى هذا الأساس تتربع كل من السعودية وقطر على عرش تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على التوالي وفي ذلك رحمة للعالم. نقول ذلك بالنظر للدور المسؤول الذي تمارسه دول مجلس التعاون الخليجي فيما يخص الأمور المرتبطة بالقطاع النفطي بدليل استعدادها لسد النقص من المعروض متى ما كانت الحاجة الماسة كما في الحالة الليبية. بل تعد دول مجلس التعاون جهة يمكن الوثوق والاعتماد عليها فيما يخص إنتاج وتصدير النفط والغاز والمشتقات النفطية مثل المنتجات البتروكيماوية. كما تتحاشى دول الخليج الدفع بالأسعار لمستويات مرتفعة وبالتالي عدم إثقال كاهل الدول المستوردة خصوصا الفقيرة منها بل ديمومة الاقتصاد العالمي برمته.

293

| 23 يونيو 2012

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

708

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

705

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

639

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

621

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
قطر في كأس العرب.. تتفرد من جديد

يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...

621

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة

في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...

570

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

555

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

534

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
عمق الروابط

يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...

501

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
قطر لن تدفع فاتورة إعمار ما دمرته إسرائيل

-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...

417

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
اقتصاد قطر 2025 عام تعزيز القدرات المحلية والتكامل الإقليمي

بينما تعيش دولة قطر أجواء الاحتفال بذكرى يومها...

393

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
من أسر الفكر إلى براح التفكُّر

من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...

384

| 16 ديسمبر 2025

أخبار محلية