رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في سابق مقال، ذكرتُ أننا نعيش فوضى التأليف، نظراً لغياب جهات التصنيف. ذلك أن بعض الذين يُصدرون كتباً على حسابهم الخاص، لا يخضع إنتاجهم للقراءة، هم لا يعلمون أنهم لا يفرقون بين الرواية والقصة القصيرة، ولا بين المذكرات الشخصية والرسائل العاطفية وبين الرواية. ولا بين التصوير الفوتوغرافي لحياة أسرهم وبين الرواية. ويطبعون تلك المواد ويوسمونها بأنها رواية.. كما أنه لا توجد جهة تحدد تلك التصنيفات المعروفة في العالم . إذ أن إدارة المطبوعات التي تفسح تلك الكتب أو تعطي الإذن بطباعتها، ليس من ضمن اختصاصاتها – كما ذكر لي أحد المسؤولين فيها – أن تقوم بالتصنيف، لأن مهامها تنحصر في ألا يخرج النص على الشروط الخاصة بقانون المطبوعات، وهي شروط معروفة كنت قد ذكرتها تحت اسم ( المثلث الأحمر). وماعدا ذلك فلا دخل للإدارة فيه. كما أن المطابع مؤسسات تجارية وتعتمد الرقم الدولي الذي يحصل عليه صاحب النص. لذا شهدنا خلال السنوات الخمس الماضية "فوضى" في نشر الكتب وفي توصيفها . وبمناسبة إعلان إدارة البحوث والدراسات الثقافية بوزارة الثقافة والفنون والتراث أنها بصدد إصدار الطبعة الثانية من دليل المؤلفين القطريين، وسيكون ذلك وثيقة رسمية معتمدة، فإن الأمر يتطلب تدخل الإدارة الموقرة واضطلاعها بمهمة التصنيف المطلوب، حتى لا تظهر تلك الفوضى في دليل رسمي. وبهذا يمكن وقف "الفوضى" التي لا تخدم مسيرة الثقافة في قطر. ولقد لاحظنا بعد قراءة جميع ما صدر محلياً من كتب، أسماها أصحابها بأنها (روايات)، وهي ليست كذلك، هذه الملاحظات : 1-هناك بعض الكتب التي صدرت لم تقترب من الفن الروائي. وكانت عبارة عن ذكريات أو مذكرات شخصية عن رحلة فتاة مع أختها لهذا البلد أو ذاك، دون أن يكون في العمل أية آليات واشتراطات الرواية، مثل: الحدث، الحبكة، الشخصيات، الزمان، المكان، الحل. فنلاحظ أن العمل ينتهي، والحوادث المتشعبة والأسماء المتعددة لصور الحياة اليومية، من شرب القهوة حتى النوم، دونما رابط أو مبرر أو اقتراب من الفن الروائي.. . 2 - هنالك بعض الكتب التي صدرت وسميت (روايات) عبارة عن تصوير فوتوغرافي لحياة عائلة وتنقلها من مكان لآخر، مع تطور الحياة في قطر، دون أن يكون بين أحداثها رابط ، وحالات زواج تصل إلى 8 حالات، وحالات طلاق 4 حالات، بكلمات مكرره، وتشعبات غير مترابطة، لا تصب في رافد الرواية. لتنتهي الرواية دون حل، لأنه لا توجد فيها عقدة من الأساس.. 3 - وهنالك إصدارات اعتمدت على تغريدات أو مذكرات سيدة رُبطت بكلمة تكرر أكثر من 76 مرة في النص، ولكأن الكاتبة تريد توضيح موقفها من تلك الكلمة دونما اعتبار للرابط الرئيسي للرواية ومناخها العام، وتطور شخصياتها، أو وجود الزمان والمكان فيها، وكانت رسالة مباشرة وموقف محدد من الكاتبة من قضية واحدة. وللأسف فإن بعض من كتبوا مثل هذه الكتابات أعلنوا أنهم لم يسبق لهم أن قرأوا رواية واحدة في حياتهم ؟. وهذا يُدلل على عدم نضح التجربة وتواضها. وعدم معرفة الكاتب أو اطلاعه على فن الرواية النبيل. 4 - وهنالك إصدارات حملت عناوين مثيرة. أُلصقت بالفتاة وبالبلد، بحيث ينجذب إليها القارئ،على أنه سوف يقرأ أسراراً عظيمة وخفية ومثيرة، ولكنه يُصاب بالإحباط، كون النص يتضمن سيرة رحلة الكاتبة إلى بلد معين، واطلاعها على الأماكن التي زارتها، وعودتها إلى بلادها. بعيداً عن جمال الروي أو الالتزامات الفنية للرواية. ولقد لجأت بعض دور النشر – طمعاً للربح – في اختيار العناوين "المثيرة" لنصوص جد متواضعة، فقط لأنها رُبطت بالفتاة أو بالبلد... 5 - وهنالك إصدارات وعظية، حتى لا تقترب من القصة القصيرة. ولقد قرأت أربعة من هذه النماذج. ليس بينها وبين الرواية أي رابط . بل إن جُمل تلك الإصدارات غير مترابطة، ولا تجمعها حكاية واحدة، ويحشر الكاتب فيها آيات من القرآن الكريم أو الحديث الشريف ودنما مناسبة، وجود مبالغة واضحة في الوعظ ، واختيار لغة بلاغة وبديع مكرر وفي غير مكانه وبدون مناسبة. ونلاحظ الغلو في استخدام تلك الصور بلا مناسبة ولا رابط أو تبرير، ونحن نعلم أن الفن الروائي يعتمد التبرير، ولا يمكن ترك أي شخصية أو حدث عائمين في النص.. . 6 - ونقرأ مطبوعات عبارة عن سيناريو تلفزيوني، قيل عنها أنها روايات في وسائل الإعلام الرسمي. وهي أعمال غير ناضجة. كما أن أعمار من تصدى لتلك الأعمال لم تصل إلى 30 عاماً. والرواية تحتاج إلى خبرة تقنية وثقافية.. 7 - أما أغرب أنواع المطبوعات، مطبوع لكاتبة اعتقدُ أنها لم تتعد العشرين ، تم تصنيف عملها بأنه رواية، وهو عبارة عن مذكرات شابة، أين ذهبت، كيف أكلت، وأين جاءت. وقد غاب الترابط بين فقرات المطبوع. واحتوى على "براءة" طفولية واضحة. وكانت الأخطاء النحوية في كل صفحة من صفحات الكتاب الذي لم تفرق كاتبته بين همزة الوصل وهمزة القطع التي ترد في كل صفحة ، كما أنها لم تلتفت إلى إعراب ما بعد ( لم ) الجازمة، ولا إلى خبر كان الذي يأتي منصوباً، ولا إلى المثنى. بصراحة، نحن لسنا ضد تشجيع الشباب، وهذا حقهم. ولكن من غير المجدي أن يستمرهذا "الهدير" الجامح في طباعة كتب غير مستوفاة لاشتراطات الرواية، ويُعلن عنها بأنها روايات! نأمل من إدارة البحوث والدراسات الثقافية في وزارة الثقافة والفنون والتراث أن تقوم بــ "تنقية" المناخ الثقافي لدينا، بعد أن أصابنا السأم، وذلك بالإيعاز بقراءة تلك النصوص التي يوسمها أصحابها بأنها روايات، وبالتالي يضعونها في سيرهم الذاتية التي يشتمل عليها دليل الأدباء. لأن في هذا الإجراء خدمة لهؤلاء الشباب الذين لم يستفيدوا من خبرة من سبقوهم، ومازالت تجربتهم غير ناضجة، وهم يتسرعون الشهرة دونما اهتمام بوضع الأساسات الثابتة والمفيدة لأعمالهم. بل إن هؤلاء بالذات يغيبون عن الورش والندوات التي تتحدث عن الرواية ويعيشون في غرفهم المظلمة ولا يرون ماذا يجري في عالم الرواية.
377
| 09 أغسطس 2015
دقَّ الرهطُ السياسي الدولي رحاله في قطر، لمناقشة أخطر القضايا التي تُحيق بمنطقة الشرق الأوسط، ومهددات الاستقرار في العالم. وحضر الدوحة قطبا السلم والحرب الدوليين، وزير خارجية الولايات المتحدة (جون كيري) ووزير خارجية روسيا ( سيرغي لافروف) اللذين التقاهما صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حيث كانت قضايا الإرهاب والنووي الإيراني – بعد التوصل إلى اتفاقية جنيف ( 5+1) مع إيران، حاضرةً في الاجتماع المذكور. ولقد أعرب سمو الأمير عن أمله "بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى تجنب سباق التسلح فيها". وتلك إشارة لمَاحة لواقع المنطقة التي يستوجب عدم حصول أي طرف مهما كان على السلاح النووي، بما في ذلك إيران وإسرائيل. ولقد شهدت الدوحة محادثات مطولة بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية الأمريكي (كيري)، وهي من أهم المحادثات المتعلقة بمستقبل علاقة (التعاون) والمجتمع الدولي مع إيران. وكذلك تعقب الإرهاب وتجفيف منابعه. ولقد أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية في دولة قطر أن "هذا الاجتماع يأتي في إطار تنفيذ الأهداف والغايات التي تحقق مصالحنا المشتركة". مشيراً إلى أن الاجتماع " يعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائية، وتحديات غير مسبوقة يواجهها العديد من مناطق العالم، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، تستدعي منا ومن الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهود لمواجهة كافة التحديات التي تعترض مجتمعاتنا، من أجل إحلال السلم والأمن والاستقرار العالمي". الاجتماعات طالت قضايا العالم ومنها: العراق، الإرهاب، النووي الإيراني، الوضع في سوريا واليمن والسلم والاستقرار الدوليين. إن الأوضاع في العراق منذ 2003 لم تزل تراوح مكانها، ولم يسعد الشعب العراقي بما أمّله من ديمقراطية ودولة مؤسسات، لأن الحكم فيه ما زالت يتكئ على المحددات التاريخية المستمدة من النزاع المذهبي، وفي ظل هذه الأوضاع، تسنح الفرص ليس فقط للتدخل الخارجي، كما حدث في جنوب العراق، بل لانتعاش العصابات المسلحة والمتطرفة التي لا تعرف إلا الدمار وقتل الأبرياء دونما مبرر أو هدف.. والأمل يحدو الجميع بأن تتمكن كل الأطراف الفاعلة في القرار السياسي الدولي وضع حلول عاجلة لمناطق التفجر في المنطقة (العراق، سوريا، اليمن). أي أن تكون هنالك "حزمة " واضحة ودقيقة تنهي مأساة الشعوب العربية في تلك البلدان. ولكن يبدو أن الطرفين (الأمريكي والروسي) غير متفقين على أي شكل من هذه "الحزمة"، لاعتبارات إستراتيجية ومصالحية. اجتماع هام ومؤثر استهدف إيجاد حل للأزمة في سوريا بين سعادة وزير الخارجية ونظيره الروسي، حيث صرح وزير الخارجية بأن الاجتماع استهدف مناقشة أفضل السبل للخروج من أزمات المنطقة، بما يعطي الشعب السوري الأمل، معبراً عن الأمل في أن "يقف الجيش السوري إلى الشعب السوري ويحميه، ولكن للأسف وجدناه هو من يقتل الشعب ويرمي البراميل المتفجرة ويدمر المنازل". في الوقت الذي أثار فيه (لافروف) أن "استمرار أزمات المنطقة لا يخدم أي جهة ، بل يخدم الإرهاب الذي تتزعمه (داعش) و(جبهة النصرة)، إلا أن الوزير ذاته أشار إلى عدم "جدوى توجيه ضربات عسكرية في سوريا"، معتقداً "أن ذلك سيخلق مشاكل أكبر، وسيعقّد أية إمكانيات للحل السياسي. وأشار إلى أنه أبلغ وزير الخارجية الأمريكي بعدم جدوى إرسال قوات أمريكية إلى سوريا، و"علينا العمل جميعاً لتعزيز هذه المبادرة". في الوقت الذي انتقد فيه "اعتزام واشنطن تسليح المعارضة السورية"، موضحاً أن ذلك سوف يعقد الأمور ويفاقم المشكلة. وهذه نقطة خلاف رئيسية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة وبين روسيا، مهما حاول الجانب الروسي "التلطف" بعبارات مخملية، ولكأنه يمارس "التقية" على الطريقة الإيرانية بثوب جديد. المهم في اجتماعات الدوحة، حصول تفاهمات حول "التزام واشنطن بالعمل مع دول التعاون لمنع وردع أي تهديدات خارجية"، وهذا بحد ذاته يُعتبر انجازاً للسياسة القطرية، التي ترأس حالياً دورة مجلس التعاون، لمنع أية اهتزازات في المنطقة، ولدعم التناغم السياسي ومبدأ حسن الجوار والنأي بالمنطقة عن التجاذبات السياسية ونتائجها العسكرية. تظل الدوحة واحة أمان، وموئل الساعين نحو جعل هذا العالم أكثر أمناً واستقراراً، والنأي بهذا الكوكب عن أية منغصات تطال الإنسان وتعكر صفو حياته. إن الاجتماعات الأخيرة التي احتضنتها الدوحة تدلل بصورة واضحة على أن القرار السياسي الدولي لا يمكن "جغرافيته" في بلد معين، وأن الدور الذي تلعبه دولة قطر يستهدف تجنيب هذا العالم المزيد من الكوارث والنائبات التي تعود به القهقرى، حيث لا يسعد فيه الإنسان، ولا تتوافر فيه فرصة لتطوير هذا الإنسان، وجعله يتواءم مع متطلبات العصر الحديث.
523
| 06 أغسطس 2015
تُفاجئنا الفضائيات العربية بنماذج عجيبة وغريبة لمذيعين تخصصوا في البرامج السياسية، وقابلوا العديد من الشخصيات التي لعبت أدواراً هامة في التاريخ العربي.ومع اتقاد "شهوة" النجومية لدى بعض هؤلاء وتركيزهم على التمحور حول الذات، وشعورهم بأن المسؤولين يحيطونهم بالرعاية و"الحماية" وتيسير أسباب الرزق، نجدهم يبالغون في إبراز النرجسية، والتلذذ بإحراج الضيف، بل والمجاهرة بأنه مع فريق ضد آخر، وهذا بحد ذاته يُخرج المذيع عن نُبل الحياد ويضعه في خانة الانحياز الذي لا يمكن أن يكون في الإعلام، مع كل التقدير لموضوع "الإثارة" التي يختلقها المذيع لكسب الجماهير.ولقد شاهدنا نماذج من هذه النوعية، التي تُرسل رسائل إلى جهات سياسية معينة، نختلف معها سياسياً وفكرياً، بأنها "رسول" تلك التنظيمات أو الأحزاب، عبر محطات خليجية، وبكل علانية، علماً بأن عمل المذيع في الحوارات لا يخرج عن البحث عن الحقيقة، وشرح كافة وجهات النظر – وبحيادية - حول الموضوع المُثار.وللأسف، ظهر بعض هؤلاء – وهم يحملون أجندات خارجية – في محطات فضائية خليجية، وشمّر هذا البعض عن سواعده، وكشّر عن أنيابه في ذم وتحقير الطرف الآخر، الذي لا يتفق معه فكرياً أو ثقافياً. وصار أن "جَيَّر" هذا البعض المنابر الإعلامية لصالح نفسه وجماعته، وهذا ليس من نُبل الإعلام وسلامة الحياد في الرسالة الإعلامية.وهذا البعض أيضاً لم يكتف بأن يكون "بوقاً" في الليل لصالح جماعة معينة ينتسب إليها ويستغل المنبر الإعلامي لصالحها، بل نجده في النهار مُنظِّراً سياسياً وعقائدياً عبر الصحافة يجاهر بانتمائه لجماعة معينة، ولكأنه الناطق الرسمي باسمها!؟ وهذا بحد ذاته يؤثر على الرسالة الإعلامية، وعلى مصداقية المحطة التي تبث الرسالة.إن الحماية والرعاية التي "تُوفَّر" لمثل هذه الشخصيات الهشة، التي وجدت نفسها بين يوم وليلة، تخرج من لهيب البحث عن أدنى مستلزمات الحياة إلى " جنة عدن"، وتسافر على الدرجة الأولى، وتسكن في أرقى الفنادق الأوروبية لا شك سوف تجعلها " تبْطر" وتضرب عرض الحائط كل القيم الإعلامية، والأصول المهنية، وحتما سوف تبالغ في تحقير ضيوفها، والاستهزاء بمشاهديها عبر تمرير رسائل كاذبة ومضللة وغير حيادية، يكون وراءها هدف آخر غير الوصول إلى الحقيقة! ولقد ظهرت في العالم العربي أشكال عديدة للإعلام السياسي، الذي لا يستند إلى الحجة وقوة المنطق، فتم اعتماد خطاب التخوين، والتحقير، والسب، والشتم، في صياغات حاقدة على بعض الدول والشعوب العربية المساندة للحق العربي وللشعوب المُضطهدة، دونما أي خجل من تجاوز الدقة والاتزان واحترام عقلية المشاهد. ولقد سمعنا – ضمن ما سمعناه – كلمات لا تليق بشخص تجاوز الخامسة والخمسين أو الستين، يتلفظ بكلمات نابية عبر شاشة التلفزيون، لا يمكن أن نسمعها على طاولات "الحشاشين" في المقاهي المنسية في الحارات العربية. كلمات يخجل المرء أن يسمعها ابنه أو ابنته أو حتى زوجته. وللأسف، وهم يشاهدون برنامجاً سياسياً كان يجب أن يعتمد المنطق والتاريخ والتحليل السليم وعفة اللسان.
622
| 12 يوليو 2015
في يوم من أيام رمضان سقط 64 قتيلاً في كلٍ من الكويت وتونس، بينما جُرح 227 شخصاً في حادث الاعتداء الانتحاري على مسجد الإمام الصادق في دولة الكويت يوم الجمعة الماضي. تفجير الكويت كان عبرَ شخص يتمنطقُ حزاماً ناسفاً شوهد – عبر كاميرات المسجد – هو يدخل ويبدو جسمه العلوي مُتخماً بالمتفجرات. بينما كان "بطل" حادثة فندق تونس - في سوسة شرقي تونس – طالباً تونسياً أردى مجموعة من السياح بواسطة رشاش وقد تسلل مع مجموعة من خلف الفندق. بالطبع، فإن مسلسل القتل – في نفس اليوم – طال أكثر من مكان، فقط سقط 45 قتيلاً في الصومال إثر هجوم شنته حركة الشباب الصومالية المتمردة على جنود حفظ السلام الدولية. كما قُتل شخص في هجوم إرهابي على مصنع غاز في مدينة ليون الفرنسية، وكان المهاجم يرفع علم (داعش)، وُجدت جثة الرجل مقطوعة الرأس، وحولها كتابات باللغة العربية. كما قتُل 20 شخصاً في كردفان بالسودان، وقُتل 145 مدنياً في كوباني، إثر تجدد المعارك في درعا وريف دمشق، وقُتل أيضاً 20 شخصاً من قوات الأسد في الحسكة إثر هجوم انتحاري من قبل عناصر (داعش).نحن في الخليج لم نألف هذه الروح الشريرة التي تطال المدنيين الآمنين، ولم يسبق لآبائنا وأجدادنا أن شهدوا تفجيرات في دور العبادة وفي رمضان بالذات. وهو الشهر الحرام، وأيضاً قتل النفس التي حرّم الله بدون حق !؟ وإذا ما كانت العصبية المذهبية مؤججاً وقادحاً لمثل هذه العمليات، فلقد عاشَ السنة والشيعة مئات السنين في هذه المنطقة لم يجمعهم إلا الاحترام والمحبة، ولم يحدث ما يُعكر صفو أبناء البلد الواحد. فما الذي حدث ؟ وكيف يُقبل الشباب على تفجير أنفسهم وهو في ريعان العمر؟ ولماذا ينظمُون إلى جبهات انتحارية تسلبهم نعمة الحياة ؟ وما هي الدوافع؟1-نحن نعتقد أن خطاب الكراهية الذي تم تضمينه في الخطاب الدعوي من أهم مُسببات التوجهات الانحرافية في التفكير أو الانضمام إلى الحركات الجهادية أو المتطرفة مثل (القاعدة) و (داعش). ولقد أخبرني صديق خلال مناقشة هذا الموضوع بأنه عمل في بلد خليجي، وكانت تصلهم برشورات قربَ موسم الصيف تدعو الناس إلى عدم تحية "الكفار" أو الشراء منهم، وعدم مشاركتهم أفراحهم، وعدم الابتسام لهم، وأن يضمر المسلم ما لا يُظهر، وغيرها من التعليمات للمسافرين إلى أوروبا بالذات. وهذا التوجه أَضّر كثيراً بعلاقة المسلمين مع الآخر، وبنى عليها المسلمون – محدودو الفكر والتفكير- مواقف استعدت عليهم الأمم الأخرى التي تؤمن بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان !؟ وبذلك برزت الصورة "النمطية" للمسلم في عقول الناس وفي وسائل الإعلام الغربية والأمريكية.2- إن حالة اليأس والإحباط التي عانى منها الشاب – في بعض دول المنطقة – كانت مُحفزاً رئيسياً لهؤلاء الشباب في "تصديق" دعاوى الإرهاب، عبر الوعود الذهبية، مثل الجنة وحور العين، ولاحظوا أن التركيز على (حور العين) من الأمور التي اجتذبت هؤلاء الشباب الذي يعانون الحرمان داخل مجتمعاتهم، وعدم تمكنهم من حتى رؤية الجنس الآخر أو حتى الاقتراب منه!؟ وهذه نتيجة حتمية للتوجهات المتشددة – التي لا تعترف بالاعتدال –والتي حرّفت الدينَ الحنيف ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وقوّضت الدعائم الأساسية لسماحة الدين ورحابته لقبول تلك الأفكار (لكم دينكم ولي دين).3-غياب العدالة الاجتماعية في بعض دول المنطقة، وتغييب الانتصار للوطن أو الأمة. وكان من نتائج هذا الغياب غيابُ مبدأ تكافؤ الفرص، وشيوع المحسوبية، وعدم عدالة التعيين، وإقصاء الكفاءات، خصوصاً ذات العمق الضعيف في المجتمع. وهذا أدى إلى تدني الإنتاجية، وشيوع الفساد، وغلبة "الفزعة" والانتصار للشخص ( أنا وابن عمي على الغريب)، وهو ما شطرَ المجتمعات وألهاها عن الوحدة الوطنية، بل والشعور بالانتماء للوطن.4- غياب الحريات العامة في بعض دول المنطقة، وإحساس المواطن بالاختناق من صرامة القوانين أو التعليمات غير المشرعة التي تضع المواطن دوماً في خانة "الاتهام" وأنه يعيش داخل سجن كبير دونما حقوق، ودونما اعتبار للحريات العامة. وهذا يؤدي إلى الإحساس بـ (الاغتراب) المجتمعي والثقافي، مما يُسهل على الجهات المتطرفة اختراقَه، وبالتالي تجنيدَه في عمليات انتحارية.5- وجود التُّهم الجاهزة في بعض الدول؛ والتي أفرزتها الحالات الأمنية المتلاحقة، وحدوث "سُعار أمني"، يغّلب الشكَّ على اليقين، ويُشيعُ حالة من الخوف والرهبة حتى بين المواطنين المخلصين والمنتجين، فيلجَأون إلى التراخي أو العبور إلى الهوامش خوفاً من حالات "الاشتباه" التي أحياناً تؤدي إلى القضاء على مستقبل المواطن، في الوقت الذي تضيّق عليه مساحة الدفاع عن نفسه ، وهو بالطبع لا يستطيع مقارعة الدولة.6- لا نختلف على أن ما يجري على الساحة العربية من اغتيالات وحالات انتحارية إنما مصدرها اختلاف المذاهب، خصوصاً بين السنة والشيعة! وللأسف لم تتمكن العقلية العربية الإسلامية الخروج من هذه الأزمة حتى بعد مرور 15 قرناً من الزمان. بل إن الزعامات الدينية ورموزها قد ساهمت في تعزيز وتوطيد تلك الاختلافات على مرِّ العصور، وتبادل الاتهامات والسباب والألقاب المُحقّرةِ بين الطرفين. وهذا ولّدَ حالة من الكراهية تحوّلت إلى العنف بمجرد وصول طرفٍ من الأطراف إلى السلطة – مثل الحالة العراقية واليمنية – أو حصول مجموعات متطرفة على دعم لوجيستي خارجي – مثل القاعدة وداعش وحزب الله وغيرها – ومبادرتها في إعلان الحرب على مناوئيها.نحن في منطقة الخليج يهمنا أن تبقى دولنا في منأى عن الأفكار الشاردة، والأحقاد الغاضبة، وأن يتعاضد المواطنون بكافة فئاتهم ومذاهبهم نحو مواجهة المخطط الإرهابي الذي يريد الإطاحة بنعمة الله علينا في هذه المنطقة وهي نعمة الأمن. وأن يتم تحويل خطاب الكراهية إلى خطاب تسامح، ورفض الدعوات التي ترفض الآخر، بل وتعديل بعض القوانين التي لا تخدم الوحدة الوطنية، أو تُبرز التفاضل بين أبناء الوطن الواحد. كما يجب توجيه الإعلام ليكون أكثر انفتاحاً على قبول الآخر، ورفض الدعوات الانفصالية، التفضيلية، الإقصائية، التي نراها يومياً على بعض الفضائيات العربية ، خصوصاً الدينية منها. وأخيراً نقدّم التعازي لإخواننا في دولة الكويت وفي تونس على مصابهم الجَلل، وندعو المولى القدير أن ينعم علينا جميعاً بالأمن والأمان، وأن نساعد الجهات المختصة للقيام بدورها في دعم هذا الأمن، وحماية المجتمع من أية شرور، والقضاء على مسبباتها.
594
| 29 يونيو 2015
تتسابق وتتفنن المحطات الفضائية في بث برامج الإثارة، مهما كان نوعها، بقصد جذب المزيد من الإعلانات، كون الجمهور يُقبل على مثل هذه النوعية من البرامج، ويسجل ساعات مُشاهدة كبيرة. ولقد تجاوزت هذه النوعية من برامج الإطارات الفضائحية المتعلقة بالأمور الاجتماعية، وحكايات الفنانات وتعليقاتهن على بعض التصرفات أو التصريحات التي تظهر عن زملائهن في المهنة، إلى عالم السياسة !؟ حيث ظهرت فضائيات، ما بعد ما عُرف بـ (الربيع العربي)، تجاوزت كل قيم البث، ومهنية الإعلام، كي تأتي بالجديد ؟ ولم يكن هذا الجديد إلا عبث الكلمات، والتعدي على كرامة الآخرين، وتسفيه آرائهم دون وجه حق. وصار بعضهم يجلس 20 ساعة أمام الكاميرا يتحدث ويحكم، ويطالب، ويهدد، ويتوعد، وبلهجة تفتقد كثيراً لغة العقل أو المنطق أو الدقة؛ وبتعبيرات وجهٍ لا تناسب مكانة الشاشة!. ناهيك عن بقائه طوال تلك المدة دون فيلم مصاحب !؟ ونحن ندرك أن التلفزيون هو صورة متحركة، وليس صورة ثابتة لمقدم يفرض آراءهُ فرضاً ، دون أن يعارضه أو يتداخل معه أحد!؟ لقد تم رسم هذا البرنامج ليكون الوحيد في كامل ساعات البث، دون السماح لأي ضيف أن يبدي وجهة نظر أو شخص يؤيد أو يعارض !؟ وصادف أن قام صاحب هذه المحطة بعرض إعلان (ثابت) يعلن فيه توقف المحطة لعقبات مالية !؟ ثم عاد إلى الشاشة بعد أسبوع ومارس نفس أسلوبه السابق.!السؤال هنا: ماذا يستفيد المُشاهد من مثل هذه البرامج التي تعتمد على إثارة العاطفية السياسية والنوستالجيا السياسية، وتشويه سمعة الآخر !؟ وأي مُعلن يمكن أن يؤيد مثل هذه البرامج التي قد يشاهدها البعض لدقائق فقط ليسمع بعض الكلمات والتعبيرات الخارجة على الذوق وعلى رسالة الإعلام !؟ لذا لا يوجد إعلان واحد على هذه المحطة.إن الإثارة لا تعني الحط من كرامة الناس أو تشويه سمعتهم أو ازدرائهم، مهما اختلفنا معهم. الإثارة تعني تقديم الجديد والمهم والذي يُثير الإعجاب، ولكن ما نشاهده في السماء العربية هذه الأيام أغلبه ليس جديداً ولا مهماً ولا مثيراً للإعجاب.بل إن العجب كل العجب، أن يظل صاحب محطة أو مقدم برامج يُلاحق قضائياً بسبب تعديه على الآخرين، ويقضي وقته بين المحاكم، ولا يتبقى لديه وقت للإبداع أو التفكير بتطوير المحطة. ثم ما هي الفائدة من مثل هذه البرامج "المثيرة" للشفقة، والتي لا تحمل أي جديد للمشاهد، بل تُدخله دائرة فوضى الأفكار وعبث الكلمات، ما يساهم في زيادة توتيره وعدم اتزانه.كما أن الإثارة لا تعني الدخول في "حُرمات" الناس أو إظهارهم في مشاهد لا يودون الظهور فيها.
804
| 28 يونيو 2015
مع التطور، وتبدل المفاهيم، واختلاف القيم في المجتمعات العربية، ظهرت على شاشة التلفزيون نماذج غريبة ومثيرة لملابس المذيعات، ووصل الأمر إلى مذيعات الأخبار، اللاتي يجب أن يعتبرن للوقار والحياد وقوة الشخصية للإقناع.ولقد شاهدنا مذيعات بملابس جدّ "قصيرة"، وأخرى "لاصقة"، بل إن "نهمَ" التجديد قد "سلّعَ" المذيعة لدرجة أصبحنا نرى "تشوهات" في جسد المذيعة السفلي، مع دخول اللقطات الواسعة ( Long Shots) في نشرات الأخبار وحالة الطقس وغيرها حتى برامج المنوعات. فهنالك وجوه مقبولة ومحبوبة ألفها المشاهد زمناً؛ ولن عندما ظهرت تلك الموجة من اللقطات الواسعة، ظهر الجانب المخفي من أجساد بعض المذيعات، وكان أن أعطى ذلك معلومات جديدة شوهت الفكرة السابقة الساكنة في ذهن المشاهد.ولقد تعلمنا أهمية عدم ارتداء المذيعة للملابس البراقة، أو الأقراط المتدلية والتي تتحرك أثناء الكلام أو الحوار، فيتغيّر اتجاه الإضاءة، بل وأن هذه الحالة تلفت نظر المُشاهد عما تقوله تلك المذيعة، كما أنه من المفيد أن تختار المذيعة الألوان التي تتناسب مع الديكور الخاص بالبرنامج، حتى يتحقق التناسق بينها وبين الديكور.ولاختلاف القيم بين المجتمعات العربية، فلقد شاهدنا ملامح احتشام في بعض المحطات، خصوصاً الخليجية منها، ما عبّر عن تقاليد المجتمع وأفكاره، وأيضاً شاهدنا ملامح من "عدم احتشام" في محطات أخرى، ما يمكن أن "يجرح" مهنية التلفزيون ومكانته كجهاز ترفيهي وتوجيهي، يختلف جداً عن أماكن "المجون" التي تزخر بها بعض البلدان العربية! ومن أسوأ ما شاهدنا خلال الفترة الماضية قيام مذيعة "متحررة" بإجراء لقاء طويل – من حلقتين – مع شخصية ساسية عريقة، وهي ترتدي (الميني جيب)، فما بالكم لو جلست هذه المذيعة لمدة ساعتين وهي بذاك اللباس!؟ وفي المقابلة ذات الشخصيات المتعددة،لاحظنا بعض المذيعات يكشفن عن أماكن "مثيرة" من أجسادهن لا يجوز أن تنكشف أمام الملايين من المشاهدين، باختلاف مستوياتهم العلمية والفكرية والعقائدية!؟ لأن المرأة – كإنسانة – عندما تستضيف ضيفاتٍ في منزلها – بيينهم من الرجال – فلا بد أن تكون محتشمة، ولا تسمح لأحد بسرقة نظرات إلى جسدها الذي تكشفه بإرادتها !؟ فما بالكم عندما تكون تلك المضيفة على التلفزيون وتخاطب الملايين!إن نزعة "الإثارة" وصلت حتى إلى ملابس المذيعة، وهو يصبُّ في موضوع " تسليع" المرأة الذي يستوجبه الإعلان !؟نحن نريد المذيعة العربية التي تحمل عقلاً لا أساور، ولا ملابس مؤذية للعين، ونحن نؤمن بقدرة المرأة العربية على الحوار والإقناع عبر عقلها، لا عبر "تسليعات" معنية لا تفيد في قضية نقل المعلومة أو التثاقف، أو حتى الترفيه، الذي يمكن أن يكون أنيساً ومبهجاً حتى مع المذيعة المتزنة المحتشمة.المذيعة المثقفة الواعية التي تعشق مهنتها حتماً لن تعتمد على تلك المؤهلات الزائلة، بل تعتمد على شخصيتها وقوة حضورها وثقافتها، فهي المؤهلات الحقيقية للمذيعة الناجحة.
1009
| 22 يونيو 2015
شهدنا في الماضي موجات من (فنون) الديكور التي جلبها لنا مهندسون من الدول العربية الشقيقة، التي اعتبرناها قمة في الروعة والجمال، واعتقدنا أنها أضفت على برامج التلفزيون الأبهة والإثارة ! فقد كانت السلاسل تتدلى، والأقمار والشموس المصنوعة من (الفلين) والمصبوغة باللون الذهبي أو الفضي، وكذلك القناديل المضيئة، والزهور التي تُصبغ بألوان غريبة، خصوصاً في برامج المنوعات مثل مجلة التلفزيون أو برامج الأطفال، أو الحفلات الغنائية، وأتذكر خلال تقديمي مثل تلك الحفلات، أن سعف النخيل قد صُبغ باللون الذهبي.وبعد أن درسنا فنون التلفزيون وتراكمت لدينا الخبرة، وجدنا أن ما كنا عليه كان يتناقض مع أساسيات الديكور، من حيث أن الألوان المبهرة، الأصباغ المتلالئة وتلك الأقمار المتدلية، التي تتحرك في الديكور بفعل هواء المكيف، تُحدث إرباكاً للإضاءة، وبالتالي "تشوّش" على الصورة. كما أن السلاسل والأقمار المتدلية تشتت ذهن المشاهد، وتلهيه عن متابعة ما يقوله المذيع أو الضيف.واليوم، ومع التطورات التكنولوجية، ودخول العالم الافتراضي، أصبحت الحاجة ماسة لتطوير التصاميم المتعلقة ببرامج التلفزيون، خصوصاً مع الوفر المدهش الذي تتيحه التكنولوجيا، مع رخص أثمان الاستخدام. ولكن الأمر – في الحقيقة – لا يتعلق باستخدام أو المبالغة في تضمين هذه البرامج التكنولوجية، بل في العقل المبدع الذي يتخيل ويقوم بتطبيق برامج الإضاءة والديكور، كي لا تتغلب التكنولوجيا على إنتاج العقل، وبالتالي نقوم بتقديم الإبهار البصري، دون أن يوزايه إثراء معرفي أو دلالي لواقع الموضوع المطروح، سواء كان ذلك في البرامج أم في الأخبار.ومن الخطأ أن "ينبهر" الفنان – مهندس الديكور – بمخرجات التكنولوجيا ويدعها "تخرّب" موضوع البرنامج، والذي قد يكون ناجحاً ومؤثراً، حتى مع القليل من الإبهار البصري في الديكور. إن الديكور جزء مكمل للموضوع الذي يتناوله البرنامج، ولا يقل أهمية عن ملابس المذيعة والإضاءة أو حركات الكاميرا ( الإخراج)! بل إنه يتيح المجال للمخرج للحصول على لقطات فنية، قد لا تتحق في ظل وجود ديكور مسطح وجامد وغير جاذب. إذ لا يجوز أن يكون لون ملابس المذيع أو المذيعة من نفس لون الديكور! كما يُحبذ أن يُخبر الضيف بذات الشيء، لأن التجانس في الألوان يظهر المذيع والضيف وكأنهما (ملصوقان) بالديكور !لا تجوز الاستهانة بدور مهندس الديكور في البرنامج التلفزيوني، ولا بد من توفير الموارد البشرية والمادية لقسم الديكور، كي يقوم بواجبه على أكمل وجه، وكي يحل أية عقبات يمكن أن تسبب "تواضع" مستوى الديكور، ذلك أن الديكور يُشكل مكوّناً رئيسياً من (لوغو) المحطة، بحيث إن المشاهد يدرك أنه يشاهد المحطة الفلانية من طبيعة تشكيل وألوان الديكور في برامجها.وتجدر الإشارة إلى أن البساطة والبعد عن التكلف من الأمور البديهية في صناعة أو توليف الديكور، كما أن الديكور ذاته جزء مكمل للموضوع الذي يطرحه البرنامج. بل إن للديكور وظيفة هامة وهي بث الذائقة الجمالية في الجمهور، إذ عبر توليفات الديكور وتناسق ألوانه وأجزائه، يعطي المشاهد فرصة لقبول هذا الديكور ولربما يستأنسه، ويساهم في إثراء ثقافته وذائقته الجمالية.
3570
| 14 يونيو 2015
عقد وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعهم الثالث والعشرين في الدوحة يوم الأربعاء الماضي، وسط اتجاهات متعددة وغريبة في جسد الإعلام العربي عامة والخليجي خاصة. وجاء في توصيات الاجتماع المذكور أن الوزراء اتفقوا على أن تتولى دولة قطر بالتنسيق مع الأمانة العامة لوضع رؤية إستراتيجية للتحرك الإعلامي المشترك لمجابهة الحملات الإعلامية التي تُثار ضد دولة قطر فيما يتعلق بتنظيم دولة قطر مونديال 2022، وكذلك مجموعة أخرى مع التوصيات التي تدعم العمل الإعلامي المشترك.لقد كنا في الكويت في ملتقى العام الماضي، واتخذ وزراء الإعلام توصية بدعم ملف قطر للمونديال 2022، ولكن للأسف، لم نلحظ تطبيقاً فعلياً لتلك التوصية التي أقرتها القمة الخليجية، ولم نشاهد أي تغيّر في المحطات الخليجية أو الصحف الخليجية نحو دعم الملف. ونقولها بكل صراحة: إن الإعلام الخليجي – كل يغني على ليلاه – وله توجهات محلية محددة، ولا يلتفت للشأن الخليجي إلا قبل عقد القمة الخليجية أو الملتقى الإعلامي المصاحب لاجتماع وزراء الإعلام، ولا يتم تطبيق التوصيات.وخلال ندوة فكرية صاحبت اجتماع وزراء الإعلام في العام الماضي طُرحت فكرة دعم ملف قطر من قبل إعلاميين خليجيين، ودعا بعض المتداخلين من دولة قطر، إلى أهمية أن تركز البرامج الرياضية والصحافة ووسائل الإعلام الأخرى في دول التعاون، على التصدي للحملات التي تحاول النيل من جهود دولة قطر لاستضافة المونديال. ولكن للأسف، لم يحدث أي تطور أو تغيّر واقعي في اتجاهات تلك البرامج، ولم ترسل أي محطة طاقماً متخصصاً إلى دولة قطر للاطلاع على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في هذا الشأن، كي تضمن إقامة المونديال في وقته المحدد وبالصورة التي تليق بدولة قطر وبكأس العالم، كحدث دولي ينال تقدير كل شعوب الأرض. وحتى المعالجات الخبرية، وجدنا بعض الأخبار "المُشككة"، والتي نُشرت دونما تمحيص وتحمل بين طياتها ما تحمل من اتجاهات سلبية للدور الكبير الذي تضطلع به دولة قطر في هذا الشأن.ولقد كانت توصيات وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون في اجتماعهم الأخير، في الدوحة الأربعاء الماضي، واضحة فيما يتعلق بالتصدي لحملات التشكيك تلك، حيث أكد الوزراء "تضامن دول المجلس الكامل مع دولة قطر وتشجيع وسائل الإعلام في مجلس التعاون لمواصلة التصدي لهذه الحملات في الداخل والخارج، باعتبار أن هذا الإنجاز يُسجل باسم كافة دول المجلس". ورغم "إشراق" هذا النص، والمُصاغ بعناية لا تعني الالتزام، لوجود كلمة (تشجيع) بدلاً من إلزام أو تكليف، فإننا نرى أن القضية تحتاج إلى برامج عملية، كما ورد في التوصيات، تقوم بها مراكز بحوث ومتخصصون إعلاميون، وليس موظفي وزارات أو هيئات الإعلام، لدعم ملف 2022، كما حصل في موضوع مواجهة الإرهاب. نحن نعتقد أن هناك "هوة" بين توصيات وقرارات الوزراء وما يُبث أو ينشر على أرض الواقع، ولقد عاصرنا هذا الإعلام منذ العام 1968 مع انطلاقة إذاعة قطر، وكتبنا عنه الكثير، ذلك أن "فورة" الانتماء الخليجي تظهر واضحة ومؤججة، خلال اجتماع الوزراء أو قمة التعاون، حيث تظهر "هالات" إعلامية وحفاوة كبرى وتنشط فلاشات الكاميرات في الوجوه، ناهيك عن أن بعض دول التعاون تصرف المليارات على الإعلام الخارجي، ولكن لا يتحقق المأمول، بسبب عدم وجود التقييم المناسب، وقصر التحليل العلمي الذي يجب أن يُعتمد عليه في أداء تلك المنصات الإعلامية التي تكلف المليارات.إن التصور الذي دعا إليه البيان، مع كل التقدير لما سوف يقدمه، يجب أن يرتكز على برامج عملية، يمكن حصرها في الآتي: 1- تحديد ماهية الخطاب الإعلامي الخليجي، ورفض القوالب السبعينية التي ما زالت بعض وسائل الإعلام الخليجية متمسكة بها، والارتقاء –كماً ونوعاً – بإنتاج وأداء المؤسسات الإعلامية، كما ورد في كلمة سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس الهيئة القطرية للإعلام، "وصياغة خطاب إعلامي خليجي مشترك يعكس وحدة المصير والهدف الخليجي الواحد". ومع كل التقدير لما قيل في الندوة الثانية المصاحبة لاجتماع الوزراء، من أن الإعلام الخليجي هو الأكثر تأثيراً في الرأي العام العربي، إلا أن الإعلام الرسمي – بكافة قنواته وأشكاله – مازال يحتاج لأن يُبدّل نهوجه القديمة، ويخرج من "كهنوت" السياسة، ليُساير واقع الإنسان، دونما التملص من مناقشة القضايا المصيرية لدول مجلس التعاون بكل شفافية ووضوح.2- اقتراح برامج إذاعية وتلفزيونية، في كل دولة على حدة، تعكس الملامح الحضارية في دول التعاون، بعيداً عن المبالغة والتهويل، وبما يتناسب مع عقلية العالم المتحضر، مع الإيمان بأن السموات مفتوحة، وقدرة أي كائن على الوصول إلى المعلومة بسهولة ويُسر، وهذا يعزز المصداقية في إعلام دول التعاون. وأن تقوم لجنة من المختصين بوضع هذه البرامج وبحث إمكانية إنتاجها، وأيضاً تبادلها بين الدول ـ وترجمة بعضها إلى اللغات الحية، وشراء أوقات على المحطات العالمية لبثها فيها.3- لقد كان معرض إكسبو – ميلان، هذا العام، فرصة سانحة لإظهار الموقف الخليجي الموحد من استضافة قطر لمونديال 2022، مع الاعتراف بعدم زيارتنا له وعدم اطلاعنا على ما جرى فيه، ولكن كان يمكن أن يشارك جهاز تلفزيون الخليج ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك بفعاليات موحدة تجاه هذا الموضوع، وهذا تجمع دولي، بل في واقع الأمر، لماذا لم تقم مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك بإعداد ولو فيلما قصيرا عن جهود دولة قطر نحو تلك الاستضافة، وتوزيعه على محطات دول التعاون، وعلى المحطات الصديقة، وشراء وقت على المحطات العالمية لبث هذا الفيلم؟4- إن استقرار الأوضاع الأمنية في دول التعاون، رغم الغصّات الأخيرة، مناسبة كبرى لدعم نشر فرص التعايش وثقافة التسامح في الإعلام الخليجي، وهذا الموضوع لم يأخذ حقه في الإعلام، خصوصاً عندما تعرضت دولة قطر لحملات تشكيكية، أُلصقت دونما موضوعية، في ملف المونديال، بعد وفاة عمال نيباليين جراء العمل، وقام الإعلام الغربي بتضخيم الحدث لدرجة فاقت التصور، وأرسل طواقم إلى نيبال لزيارة أهالي المتوفين، واستخدمت كلمات لا تليق في تلك التقارير التي نشرت. وهنا أيضاً لم يتحرك الإعلام الخليجي بالصورة المطلوبة، كما لا يمكن تجاهل ما قامت به إيران من تدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين قبل سنوات، وما نتج عن ذلك من صراعات مذهبية أخلت بالأمن في المملكة، ما استوجب تدخل وحدات من قوات المجلس لدعم استقرار الأوضاع في البحرين. كذلك ما حصل في شرق المملكة العربية السعودية من تفجيرات للآمنين، ولم تتم معالجة ذلك في الإعلام الخليجي. إن التلاحم الإعلامي الخليجي وإظهار وحدة المصير والهدف المشترك إنما يأتي عبر المواقف الإعلامية، لأن كل دولة "تُحاسب" الدول الأخرى على مواقفها في "المحن" التي تتعرض لها، ومن يقف معي سوف أقف معه، وهذه من الطبيعة البشرية قبل أن تكون سمة سياسية.5- الموضوع الأهم في كل ذلك هو التنمية البشرية في مجال الإعلام، فدول التعاون شعوبها قليلة، وبالتالي فإن الإعلاميين المؤهلين قليلون، وما يجذبه الإعلام من طاقات قد لا تكون مؤهلة، وأحياناً تتدخل في ذلك مقاربات اجتماعية وإدارية، وهذا يجعل الإعلام مرتكزاً على طاقات غير وطنية، غير قادرة على استيعاب الخطاب الذي ينشده الوزراء، لذا فإن الاهتمام بالتدريب وعقد الورش الجادة من الأولويات المهمة، مع التقدير للورش التي يقيمها جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، والتي تركز في أغلبها على الجانب التقني. نحن نطالب بتنمية بشرية إعلامية، وهذا لا يتأتى إلا بالتعاون مع المراكز البحثية ودور التدريب العالمية.الإعلام الخليجي له شجون كثيرة، قد لا يتسع لها هذا المكان، لكننا نؤكد – كما قلنا سابقاً – أنه يجب أن يركز هذا الإعلام على المهنية والمصداقية، وأن يُمنح حرية أكثر في تناول القضايا الخليجية.
667
| 13 يونيو 2015
ثار جدلٌ كبير حول علاقة الرواية بالتاريخ، أو تناول الرواية لأحداث معينة من التاريخ! وهل يتحوَّل الكاتب الروائي إلى شاهد عيان يستحضر الماضي بشكله الجامد ومسلماته الجاهزة؟ إن للتاريخ قوانين وأنظمة لا يجوز العبث بها، ولكن عندما نتحدث عن الرواية التاريخية فنحن لسنا بالضرورة نحتكم إلى تلك القوانين والأنظمة! بل نمارس نوعاً من الحرية الأدبية التي تتيح للكاتب نشر شخصياته داخل النص، وإن كان في فضاءات الماضي، ضمن الأطر المعروفة، حتى وإن غادر التاريخُ الحقيقي النصَّ المكتوب. يشير الناقد وعالم السرديات الدكتور عبدالله إبراهيم في تمهيده لكتاب (الرواية والتاريخ) إلى ما حدَّده (جورجي زيدان) من أننا "لا نريد بالرواية التاريخية أن تكون حجةَ ثقة يُرجع إليها في تحقيق وتمحيص الحقائق، ولكننا نريد أن نمثل التاريخ تمثيلاً إجمالياً بما يتخلله من أحوال الهيئة الاجتماعية (المجتمع) على أسلوب لا يستطيعه التاريخ المجرد إذا صبرَ الناسُ على مطالعته.. فإن جُرّدتْ روايتنا من عبارات الحب ونحوه، كانت تاريخاً مُدققاً يصحّ الاعتماد عليه، والوثوق به، والرجوع إليه، وإن كنا لا نطلب الثقة بها إلى هذا الحد، وإنما نعرف لها مزّية هي تشويق العامة لمطالعة التواريخ بإطلاعهم على بعضها على سبيل الفكاهة". (د. عبدالله إبراهيم، الرواية التاريخية، ص 12).أما واسيني الأعرج – وفي نفس الكتاب – فيرى أن الكتابة الروائية للتاريخ لا تعني "الاعتداء على حرمة المقدس، المُسلم به"، حيث تمت مصادرة نصه (ما تبقى من سيرة لخضر حمروش)، (1984) لأن الكاتب اتخذ من حادثة اغتيال (عبان رمضان) موضوعاً للرواية، ولم يتم وقتها الاعتراف بحادثة القتل. ولكن بعد أكثر من عشرين عاماً، يؤكد الرئيس الأسبق أحمد بن بيلا – في قناة الجزيرة- ضلوع بعض قادة الثورة الجزائرية في اغتيال (عبان رمضان)، مبرراً الأسباب بالحفاظ على وحدة الثورة، التي كانت تهددها تصريحات (عبان رمضان)، الذي طالب بضرورة فصل القيادة العسكرية من حيث المسؤوليات عن المؤسسة السياسية المدنية. وبمعنى آخر أن بطل الرواية قد دخل التاريخ عبر حادثة قتل حقيقية، ولكن الحكم آنذاك كان للسلطة السياسية التي صادرت الرواية!؟ (المصدر السابق، ص 26).فهل يصحُّ للكاتب الروائي التدخل في أحداث التاريخ؟يرد على هذا التساؤل هيم حسين في كتابه (الرواية والحياة)، عندما ذَكر اتجاهَ بعض الروائيين الذين رَوَوا سير شخصيات تاريخية بالقول: "الروائي الفرنسي (فريدريك تريستان) المولود في مدينة (سيدان) الفرنسية،1931، والحائز على عدة جوائز أدبية هامة، منها جائزة غونكور 1983، يتخذ من جريمة مقتل الرئيس الأمريكي الأسبق (جون كينيدي) خلفية يبني عليها روايته (دوامة المجانين)، ولا يقيد شخصياته بما قيل عن الجريمة إعلامياً، بل يُفسح لها المجال كي تُدلي بدلوها وتقدِّم مقترحاتها وآراءَها حول الحادثة". إن ابتعاث الشخصيات التاريخية ليس عملاً إجرامياً في الرواية التاريخية، وللكاتب الحق في تصوير شخصياته – حسب رؤيته – لا كما تم تصويرها، وهنا يجنح الروائي إلى تقديم شخصياته روائياً لا تاريخياً.ويرى بعض النقاد أنه لا يجوز محاكمة الروائي على أسلوب وطريقة تقديمه للشخصيات التي اختلقها في الرواية! كما أن (النقل التصويري) للأحداث لا يشكل رواية تاريخية بالمعنى الفني للرواية! ومثل ذلك العمل الدرامي التاريخي، والذي لا يمكن أن يكون صورة للماضي أو صورة للحاضر، "ذلك أن العمل التاريخي يعاود الرجوع إلى الماضي، ينبش فيه، يستقي منه العبر، يمارس الإسقاط الواعي المدروس، ويتنبأ، تبعاً لمعالجته الفنية، للآتي، برؤية فنية، وتبعاً لتصورات فريق العمل، وانطلاقاً من رؤية كاتب النص ومُعده، الذي يشكل حجر الأساس لأي عمل، وتكون مهمة الكاتب هنا – في العمل التاريخي – شاقة ومغامرة، عليه أن يقوم بدور المؤرخ، دون أن يتحلى بتحيّده الظاهر، لأنه ينطلق من تبني وجهة نظر بعينها، كما عليه أن يحرص على تجيير الواقع والأحداث في قوالب درامية تتضمن التشويق، معتمداً على حبكة متينة ومشغولة بعناية ".. (هيم حسين، الرواية والحياة، 67-68).ومن الأسئلة المثارة في كتابة الرواية التاريخية، هل يكون الروائي مؤرخاً للعصر!؟ وهل يُطلب منه أن يتحلى بمصداقية المؤرخ وموضوعيته؟ أم أن الرواية تفسح له المجال للتلاعب بالتفاصيل والمصائر والجزئيات؟ هل يفضل الأمانة على البراعة؟ وهل هنالك تناقض وصراع بينهما؟ هل تكون الدقة معياراً لنجاح العمل الروائي؟ أم تكون الحرية هي الشرط الأوحد الذي يتقيد به الروائي ويستند عليه؟ هذه بعض الأسئلة التي طرحها (هيم حسين) – المصدر السابق. وهنالك وجهة نظر لا تؤيد أن يكون الروائي حَكَماً وقاضياً على أحداث الماضي، بقدر ما هو شغوف بالنواحي الفنية في روايته! وبالفعل، فإن البراعة هنا تطغى على الأمانة، لأن الروائي ليس مؤرخاً أو مصوراً لأحداث التاريخ! وبالطبع، فإن حرية الروائي يجب أن تتجاوز الدقة أو صرامة التاريخ، وتُحلق في الفضاءات التي خلقَها الروائي داخل النص. كما أن الروائي غيرُ مُطالَب بتقديم كشف حساب حول شخصياته وأفكارهم وسلوكياتهم، وتصوَره للمكان والزمان، ولا يجوز أن يُحاكم الكاتب الروائي على " صناعته" للأحداث، لأنه – كما تقدم – لا يتلو علينا درساً من دروس التاريخ، بقدر ما هو يقوم بتقديم عمل فني أدخله في زمان معين!
4752
| 19 مارس 2015
شاهدتُ مقابلة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مع رئيس جامعة جورج تاون خلال زيارة سموه إلى الولايات المتحدة، وكانت باللغة الإنجليزية. ولقد فضّل سموه عدم إلقاء خطاب مكتوب عن سياسة قطر ومواقفها تجاه الأحداث في المنطقة، ورؤيتها للعلاقات مع الولايات المتحدة والدول الشقيقة، فاتحاً المجال لأسئلة المُحاور والحضور التي رآها أكثر ملاءمة لمثل ذاك اللقاء.تحدث سموه – بكل صراحة – عن علاقة قطر مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى وجود علاقة إستراتيجية وهامة بين الطرفين، وأنه لدينا تعاون في مجال الأمن، ولكن الأهم هي علاقتنا فيما يتعلق بالشؤون التعليمية.وقال: نحن نُركز على التعليم، حيث لدينا في هذا المجال 6 جامعات أمريكية، ولكن يجب ألا نعتمد على أمريكا، وأمريكا لديها أخطاء أيضاً، وعلينا الاعتماد على أنفسنا للوقوف على التحديات التي نواجهها، مثل قضايا الإرهاب، الديكتاتوريات، كما يحدث في سوريا، العراق، اليمن. ويجب أن نعتمد على أنفسنا في المقام الأول، وإن احتجنا لمساعدة نطلبها من أمريكا.وعن علاقة دولة قطر مع المملكة العربية السعودية ذكر سموه أن المملكة العربية السعودية دولة مهمة في المنطقة، ولدينا معها علاقات تاريخية قوية ومستمرة، والمملكة لها تأثير في حل مشكلات المنطقة، ولديها أهداف وتحديات عديدة، ليس من السهل حلها، ولكن بوجود الملك سلمان بن عبد العزيز وبتأييد من الجيل الثاني من الشباب في إدارة الحكم، سوف يساعد ذلك على استقرار المنطقة، إلا أن الأمر لن يكون سهلاً.وعن التحديات التي تواجه دولة قطر، بدا سموه واضحاً ودقيقاً عندما أشار إلى ما حدث في الثمانينيات والتسعينيات، عندما هبط سعر برميل النفط إلى 8 دولارات، وقال سموه: واجهنا عندئذ صعوبات عديدة، ولكن واجهناها بتنويع الدخل، وأنه سيأتي يوم لن نعتمد فيه على النفط والغاز، وأن أهم استثماراتنا في التعليم والشباب، وأن فئة الشباب هي التي ستدير البلاد في المستقبل. وفي إشارة لمّاحة من سموه، غمزَ من قناة الأصدقاء اليابانيين، عندما صنعوا اللؤلؤ الياباني المزروع، وضربوا تجارة اللؤلؤ في الخليج وأصبحت المنطقة فقيرة.تحدث سموه رداً على سؤال حول الربيع العربي، مشيراً إلى أن الهدوء كان يسود المنطقة، وكان لدى الشباب العربي طموح وتفكير في مستقبل أفضل، فقاموا بالثورات، لكن المشكلة التي واجهتهم كانت في الثورة المضادة، والتي سدّت عليهم الطريق نحو الحرية والكرامة. وبعد ذلك ظهرت نتائج الثورة المضادة في شكل عصابات إرهابية، نتجت عن اليأس الذي وصلوا إليه، ولا يجوز بأي حال من الأحوال ربط الإرهاب بالإسلام. إن الصبية في سوريا عندما كتبوا على الجدران (ارحل يا بشار) تم سجنهم وتقليع أظافرهم، فأنت لو رأيت ابنك عمل ذلك، وعوقب وعومل تلك المعاملة، ماذا تفعل؟ وسط قتل النظام للشعب السوري، ماذا سيحدث في ظل ذاك المناخ؟ سوف تتحول ردة الفعل إلى إرهاب، ولكن علينا البحث عن سبب الإرهاب، ولن نقضي عليه، قبل القضاء على أسبابه. الناس يتجاهلون عذابات ملايين السوريين، ويركزون فقط على الإرهاب، إن ملايين السوريين بحاجة إلى مساعدة، والمطلوب مساعدتهم.لم يكن الحديث دبلوماسياً – كعادة بعض المسؤولين العرب – بل انساب الحديث تلقائياً وبلغة إنجليزية معبّرة، وروح وثابة تناسب مقام الجامعة ومزاج الطلبة. وفي رد سموه على سؤال حول الإعلام، أشار إلى وجود ملامح سلبية في الإعلام ضد دولة قطر، وقال: نحن لا مشكلة لدينا في نقد قطر، نحن سياستنا واضحة ونظهرها في الإعلام، وعلى الناس الحكم، ولسنا مسؤولين عما يكتبه الآخرون، لدينا صوت مسموع، ونحن ليست لدينا مشكلة من ذكر السلبيات.وهذه الإشارة الأخيرة ذات مغزى مهم، وتُغري بالحديث الطويل، فنحن الكُتاب نتعرض إلى "سوء التفسير" الذي يقضي على مستقبل الكاتب عندما يتناول بعض السلبيات بقصد معالجتها أو إظهارها للمسؤولين.وأذكر هنا توجيه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لنا، عندما قال لنا في التسعينيات: اكتبوا.. ووجهوا كلامكم إلى المسؤولين، وأنا سأفهم ما تعنون، كما أن حديث سمو الأمير ذكرني بحديث لمسؤول إعلامي كبير في التسعينيات عندما قال: لديكم هامش جيد من الحرية ولكنكم لا تستخدمونه. فهل نحن لدينا خوف أو "فوبيا" من تناول القضايا المهمة والتي نقصد منها الصالح العام؟! وهل صورة (الصالح العام) غير واضحة، سواء لدينا أم لدى المسؤولين؟! أم أن التجارب السابقة والمعوقات والعقوبات تحول دون أن يتناول الكاتب – أو الإعلامي عموماً – قضايا الصالح العام والتي تحتاج إلى إظهار في الإعلام؟!. أرى أن إشارة سموه بعدم وجود مشكلة من ذكر السلبيات، يجب أن يقرأها المسؤولون التنفيذيون الذين "يتأففون" من ذكر سلبيات إداراتهم أو وزاراتهم، وكذلك الجهات التي تستخدم "سوء التفسير" للمعاني السامية التي يقصدها الكاتب، والحكم عليه بـ"المشاكسة" أو إثارة الرأي العام أو المساس بقيم الوطنية، أخبرني زميلُ قلم، أحترم ما يكتبه من مقالات تتناول الشأن العام بروح من المسؤولية والعقلانية، بأنه أرسل مقالاً لإحدى صحفنا، وتم التدخل في عنوان المقال، وفي ذلك تجاوز لحق الكاتب، رغم أن العنوان الذي وضعه الكاتب كان أكثر دلالة على الموضوع، ولا يحمل أي معاني أو تلميحات سلبية ضد أي طرف. وإذا كانت الصحيفة – التي من المفترض أن تدافع عن حقوق حرية الرأي – تصادر حق الكاتب في اختيار عنوانه، فكيف لنا أن نطمح بوجود حرية رأي، أو نقد السلبيات، كما أوضح سمو الأمير المفدى.لم يفت على جمهور جامعة جورج تاون الذي حضر لقاء سمو الأمير الإشارة إلى تنظيم قطر لمونديال 2022، وبهدوئه المعروف، تحدث سموه بأن دولة قطر تفخر باستضافة كأس العالم لعام 2022، وأنه ليس لقطر فحسب، بل لكل العرب. وأن ما يُثار حول تلك الاستضافة تحكمه لوائح وتقصيات (الفيفا)، وأنهم لم يجدوا ما يمنع تلك الاستضافة. وبعفوية الرياضي داعب سموه جمهور الأمريكيين الحاضرين بعقد مقارنة بين دولة قطر وأمريكا، قائلاً: أنتم رياضيون، ويقول بعضكم إنكم دولة كبرى، فكيف تفوز قطر (الصغيرة) بتنظيم كأس العالم؟. واختتم سموه حديثه بأن الاستعدادات جارية على أتم وجه لاستضافة الحدث الكبير.لقاء قصير وممتع، استطاع سمو الأمير فيه أن يُبين وجهة نظر دولة قطر تجاه الأحداث في العالم، ويُجلي بعض الغموض فيما يتعلق بسمعة قطر في الخارج، والتحديات التي تواجه المنطقة، خصوصاً ما تعلق بمحاربة الإرهاب، وضرورة البحث عن مسبباته والقضاء عليها.كما تحدث سموه عن علاقات قطر مع الدول الشقيقة، والإعلام، مشيراً إلى "سعة الصدر" فيما يتعلق بحرية التعبير.
823
| 08 مارس 2015
حسب تقرير حديث لاتحاد إذاعات الدول العربية، فإن عدد القنوات الفضائية التي تبث في السماء العربية قد بلغ 1300 قناة (منها 165 قناة تابعة لـ 29 هيئة من القطاع العام و1129 قناة تابعة لهيئات من القطاع الخاص). وكانت القنوات المنوعة الجامعة على رأس القائمة، حيث بلغت 323 قناة، تلتها القنوات الربحية بمجموع 248 قناة. ولقد حاول العديد من الدول تطوير قنواتها التلفزيونية، كي تتماشى مع النهوج الجديدة للإعلام العابر للقارات، بعد الدخول في عصر الأقمار الصناعية، لكنها لم تحقق النجاح المأمول، وذلك لاعتبارات عديدة منها: 1- الرسمية والصرامة التي تحيط بتلك القنوات، والرتابة التاريخية، والخوف من المجازفة، حتى لا يغضب المسؤولون.2- فقدان الرؤية Vision الواضحة لدى القائمين على الاتصال في تلك القنوات، كونهم بعيدين عن القرار السياسي وغير مؤهلين مهنياً للعمل أو التخطيط التلفزيوني.3- محدودية الصرف على بعض هذه القنوات الرسمية، مقارنة بما يُصرف على الفضائيات الخاصة، والتي نجحت في استقطاب الجماهير بصورة واضحة.4- فقدان روح الإبداع في أغلب المحطات الرسمية، نظراً لاعتماد أغلب الموظفين على مقولة (الراتب سيأتي آخر الشهر سواء عملنا أم لم نعمل) وبذلك تبقى القوالب الجامدة للبرامج، ويبقى القرار بيد الصدفة أو قرار مسؤول كبير.5- فقدان المهنية – في بعض الحالات – وظهور مذيعين ومعدين لم يتمرسوا في الفن التلفزيوني، ولم يخبروا فضاءات هذا الفن!؟ وبالتالي كثرت التجارب و “ الهنات” وضاعت المحطات وسط الكم الهائل من الفضائيات المهنية.6- إغلاق بعض الأقسام المهمة، بهدف التوفير، في بعض المحطات، مثل: قسم الدراما، قسم النصوص، وغيرها من الأقسام التي تغذي مراقبة البرامج بالجديد من الأفكار.سألني صديق.. إذا أردت أن أفتح قناة تلفزيونية فضائية، فبماذا تنصحني؟! نظرت في عينيه باسماً متأسياً، وقلت: رغم أنك تأخرت كثيراً، إلا أن مجالاً كهذا يكون فيه الجانب البرامجي Software أهم من الجانب التقني Hardware ؛ لأنك قد تشتري الأجهزة، وبسهولة قد تحجز قناة على الأقمار الصناعية، لكن الصعوبة في الحصول على الأفكار التي تجذب المشاهدين، خصوصاً وأن وسط بحر عاتٍ من المنافسة من فضائيات تمكنت من السماء العربية. كما أنك ستكون مُحاصراً بالأسئلة والمحاذير المتعلقة بخصوصية منطقة الخليج ومحافظتها، الأمر الذي يجعلك لا تقترب من برامج الإثارة، أو تتجاوز الخطوط الحمراء التي تُسيّج السياسية. ولقد اقترحت عليه الآتي: 1- يجب أن تحدد هدفك من القناة! ومن هُم المشاهدون الذين تستهدفهم.2- لا بد أن تكون لديك رؤية تُعممها على فريق العمل، لأن التخطيط دون رؤية سوف يجعلك تحصل على “ مسخ “ لقناة تلفزيونية لن يُقبل عليها أحد.3- يجب أن تُعد طاقم العمل جيداً قبل إطلاق القناة، والإعداد يجب ألا يتدخل فيه من لا علاقة لهم بالشأن التلفزيوني، من حيث إظهار وجوه لا تصلح للشاشة، ذلك أن القرار الإداري كثيراً ما هدم القرار البرامجي.4- أن تكون لديك لجنة برامجية من الأكاديميين والمهنيين من ذوي الخبرة في مجال البرمجة التلفزيونية، وهذه اللجنة هي (المطبخ) الذي تطبخ فيه الأفكار والبرامج، ويغذي بها التلفزيون.5- أن تكون لديك لجنة مراقبة البرامج التي تبث على الهواء، ترصد الأخطاء وتحاسب المعدين والمذيعين والمخرجين، كي لا تفلت القناة بانفلات معديها ومذيعيها ومخرجيها.6- وإذا كنت تتحدث عن قناة عامة – غير متخصصة – فالمشكلة تكون أعقد، لأنك تخاطب كل شرائح الجمهور، وبالتالي يجب أن توضع خريطة البرامج بشكل يتلاءم وساعات المشاهدة حسب أعمار المشاهدين، وهذا يستلزم عمل بحث استبياني لمعرفة أوقات ساعات المشاهدة.7- أن تكون لديك (ثيمة) محددة تحمل (لوغو) المحطة، لترسيخها في ذهن المشاهد، ويؤكد ذلك الوقفات البصرية التي تتخلل البرامج.8- أن تكون نشرات الأخبار والبرامج بشكل يتضامن مع الرؤية والثيمة، ليس في الديكور فقط ؛ بل في مضامين النشرة وطريقة صياغة الأخبار. إن الطريقة التقليدية قد تجاوزها الزمن، كما أن الالتزام ببث الوكالة المحلية (التي تبث أخبار لكل وسائل الإعلام) قد لا يتلاءم مع خصوصية التلفزيون، ولقد طالبنا منذ أكثر من 25 عاماً بهذا التغيّر، لكن ظروف الإدارة لم تكن تسمح بذلك. واليوم تتسابق المحطات على ما طرحنا في ذاك التاريخ من حيث شكل ومضمون نشرات الأخبار.9- ماهو الجديد الذي ستقدمه المحطة في ظل هذا الكم الهائل من المحطات؟ إن محطة عامة جامعة تحتاج إلى ساعات من البرامج، ومن العبث أن يتم حشر القناة بمسلسلات بعيدة عن روح المجتمع أو برامج مُشتراه قد أُنتجت منذ أكثر من عشرين عاماً؟! كما شاهدنا في بعض المحطات! مع ملاحظة أن الخيارات موجودة لدى المشاهد، ولديه (الريموت كنترول) الذي يساعده في التجوال بين المحطات.10- المفهوم العام – في العالم العربي للمحطة التلفزيونية أنها للتوجيه السياسي ولخلق رأي عام – مفهوم غير دقيق، لأن التلفزيون – منذ دخوله السوق عام 1948 في الولايات المتحدة، بظهور شبكات التلفزيون المعروفة: NBC وCBS، كان أداة ترفيه في المقام الأول، لذلك يجب أن تحتوي القناة على مواد ترفيهية جديدة وغير مستهلكة.11- ولأن للمنطقة خصوصية، فلابد من الالتفات لمادة التراث والتاريخ وخلق توازن بينها وبين المعاصرة، التي تروّج للسياسة والإعلام التنموي وبرامج البنى التحتية والتوجيهية. إن تقديم مادة التراث بالشكل التقليدي لم يعد يُجدي نفعاً، ولا بد من قوالب جديدة، تأخذ في الاعتبار بصرية التلفزيون ولقطاته المتحركة. ولقد لاحظنا اتجاها إيجابياً في هذا المنحى في قناة الريان القطرية.12- أن تكون هنالك اعتمادات مالية لشراء حقوق بعض المناسبات المهمة وكذلك البرامج، التي يتم تعريبها، حيث إن مثل هذه البرامج تدرُّ على المحطة الكثير من الإعلانات.13- أن يُحسن اختيار العاملين في المحطة، ويتم تجاوز الواسطات والتوصيات، كي يكون جميع العاملين من المهنيين الذين لن يشكلوا “بطالة” في المستقبل. (كنا في الماضي نحتاج إلى مصور ومذيع ومساعد فني لتصوير مقابلة خارجية، أما اليوم فلقد لاحظت وجود 12 موظفاً وفنياً من أجل مقابلة من ربع ساعة)!؟ وهذا ما عنيناه بالبطالة.14- أن تكون هنالك متابعة يومية لقراء نشرات الأخبار، بقصد إرشادهم إلى الأخطاء التي وقعوا فيها، ولكي يتعلم المذيعون ويثرون تجبرتهم من تصحيح أخطائهم.15- بلا شك سيكون هنالك إعداد تجهيزي تقني للمحطة، وحجوزات لقناة أو أكثر عبر الأقمار الصناعية، وكذلك توفير صيانة للمحطة وتردداتها، مع الحصول على الترخيص المطلوب من الجهة المعنية.تلك كانت مجموعة من المقترحات وضعتها للأخ السائل، علهُ يستطيع أن يُنشئ محطة تلفزيونية ناجحة، ولا تضيع أمواله وجهوده في الهواء!؟
8654
| 02 مارس 2015
ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى خطاباً شاملاً ودقيقاً عشية افتتاحه للدورة الـ35 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولقد اتسم الخطاب بالموضوعية والدقة والصراحة، بعيداً عن الإنشائيات التي عادة ما تطفو في مثل هذه اللقاءات.وشدد سموه على وحدة الصف الخليجي والارتقاء بالعمل المشترك إلى مستوى الطموح، مشيراً إلى المرحلة الجديدة التي ترتكز على تعزيز روح التآخي والتضامن، مؤكداً على دور دولة قطر – كما هو عهدها في السابق – كمساهم فعال في تعميق العلاقات الخليجية وتعزيز التعاون والتكامل في جميع المجالات. وهذا التأكيد، بلا شك، قطعَ الطريق على كل "المقامرين" الذين راهنوا على انفراط عقد التعاون، أو عدم عقد القمة في الدوحة، ذلك أنهم يقرأون صحائفهم في الظلام، ويتسرعون دونما تروٍ في قراءة الأوراق السياسية، ويقومون بتسميم الأجواء الخليجية. ولقد نادى العقلاء من أبناء الخليج بعدم الزج بالعلاقات الأسرية والصداقات فيما بين أبناء الخليج في الاختلافات السياسية التي لها من يحلها بالطرق المناسبة. وهذا ما أشار إليه سمو الأمير بوضوح ودقة عندما دعا إلى عدم (التسرع في تحويل الخلاف في الاجتهادات السياسية إلى خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية). وفعلاً يعتبر هذا النص توجيهاً مهماً لكل الذين حاولوا شق الصف الخليجي خلال الفترة الماضية من هذا العام، إثر تباينات في وجهات النظر بين الدول الخليجية – حيث انتهت ولله الحمد – في لقاء الرياض قبل فترة وجيزة من عقد قمة الدوحة، وعاد سفراء كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين إلى الدوحة. إن التطاول على الثوابث التي تجمع شعوب الخليج أمر غير مُستحب ولا يؤيده العقلاء، ومن ثم فإن الوطنية يجب أن تؤسس على العقل لا العاطفة، كما أن حُب الأوطان لا يعني عزلها عن محيطها التاريخي والجغرافي ومصيرها المشترك، بل ولا يجوز التأثير على الشعوب، خصوصاً ما دار عبر أدوات التواصل الاجتماعي بين بعض أبناء الخليج، فيما ما لا يفيد.الملمح الآخر والصريح الذي جاء في خطاب سمو الأمير هو الموقف الواضح من مشروع الاتحاد الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، بتحويل المجلس من مرحلة التعاون إلى الاتحاد. فقد أوضح سمو الأمير أن الاتحاد سيبقى هدفاً سامياً، ولكن لضمان نجاح الاتحاد، دعا سموه إلى "التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا".وفي واقع الأمر، فإن خطوات التكامل الاقتصادي – من خلال مرحلة التعاون خلال 34 عاماً – لم تستكمل بعد، كما أن التشريعات المحلية في دول التعاون غير متماثلة، ناهيك عن نمط الإدارة والشكل السياسي القائم في هذه الدول، وحجم الحريات العامة، وتعدد الاتفاقيات الدولية التي وقعتها دول، بينما لم توقعها دول أخرى، وكذلك التناظر السياسي في العلاقات الدبلوماسية على المستوى العربي والدولي. فإذا كانت هذه الظروف مازالت قائمة، فكيف يمكن القفز من مرحلة التعاون إلى الاتحاد؟! ولقد أيد هذا الموقف سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، داعياً إلى تشكيل لجنة متخصصة لدراسة هذا الأمر.موضوع الإرهاب، لا شك، كان حاضراً في قمة التعاون، وفي خطاب سمو الأمير، حيث دعا سموه إلى مواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أنه يستهدف فئة الشباب الذين ينجذبون إليه، ودعا إلى معالجة أسبابه، ذلك أن هذه الفئة – التي تحاول الدول أن تنشئها نشأة سليمة لقيادة المجتمع في المستقبل – يسهل التأثير عليها من خلال الترغيب أو الترهيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو "زيف" المكافأة والوعود البراقة التي ينشرها "دهاقنة" الإرهاب عبر إلصاقه بالدين الإسلامي والإسلام منه بريء.إن التحصين وتقليل مساحة الانتشار لأشكال الإرهاب ووسائله يقع على الأسرة والمدرسة والجامعة والدولة معاً، ولابد من وجود خطة تعليمية - إعلامية تفتح آفاق الشباب وتوضح لهم زيف الدعاوى التي ينشرها "مُصدرو الكراهية" في العالم العربي والإسلامي إلى الشباب. الوضع المأساوي في فلسطين كان له مكان في خطاب سمو الأمير، خصوصاً الممارسات الإسرائيلية والاعتداءات على حرمة المسجد الأقصى وتدنيس مرافقه المقدسة، وكذلك الأعمال القمعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث دعا سمو الأمير العالمين العربي والإسلامي إلى "اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، لاسيَّما في القدس"، موضحاً ضرورة تقديم العون للشعب الفلسطيني كي يتمكن من مواجهة الاعتداءات المتكررة عليه من قبل السلطات الإسرائيلية. كما تناول سموه الأوضاع في بعض الدول العربية، مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وضرورة مساعدة تلك الدول كي تخرج من أزماتها. موضوع الأمن في الخليج، وهو أمر تجلى جداً في اجتماعات وزراء الداخلية ووزراء الدفاع الذين رفعوا توصياتهم إلى القادة في قمة الدوحة، سواء كان ذلك ملف الجيش الخليجي المشترك وإنشاء قوة بحرية مشتركة ومركزها الرياض، أم الشرطة الخليجية الموحدة ومقرها أبو ظبي. وقد وجه المجلس الأعلى بـ"تكثيف الجهود وتسريعها لتحقيق التكامل الدفاعي المنشود بين دول المجلس في جميع المجالات، وما يتطلبه ذلك من إجراءات ودراسات". وعلى اتصال بأمن الخليج أكد سمو الأمير على "موقفنا الثابت بضرورة التوصل إلى حل الخلافات بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل"، في إشارة إلى اتفاق (5+1) المتعلق بالملف النووي الإيراني. وفي ذات الوقت دعا سموه إلى "ضرورة الحفاظ على علاقات التعاون وحسن الجوار مع الدول الشقيقة والصديقة التي تقع خارج منظومتنا".خطاب شامل ودقيق وصريح من قبل سموه، كاشفَ فيه إخوانه قادة دول مجلس التعاون بروح من المسؤولية والمحبة. نأمل أن يكون هذا الخطاب خارطة طريق لقيادة دولتنا العزيزة لمجلس التعاون في الدورة الجديدة ويتحقق فيها ما تصبو إليه شعوب الخليج من تآخٍ وتنمية وأمن ورخاء.
1492
| 14 ديسمبر 2014
مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2586
| 30 نوفمبر 2025
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
1596
| 05 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1548
| 02 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1518
| 04 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1137
| 04 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
765
| 03 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
618
| 30 نوفمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
591
| 05 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
543
| 01 ديسمبر 2025
كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...
510
| 30 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية