رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
القاهرة فوجئت بموقف السودان تجاه ملف سد النهضة الخرطوم تبحث عن مساعدات تحد من الأزمة الاقتصادية والقاهرة تبحث عن دعم تفاوضي مع إثيوبيا هل بحث حميدتي قضايا الهجرةأم تطرقت زيارته للملفات الساخنة ؟ زيارة خاطفة ومثيرة قام بها الأسبوع الماضي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى القاهرة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب زيارة قام بها مدير المخابرات المصرية إلى الخرطوم، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الجنرال عبد الفتاح البرهان بجانب نائبه الجنرال محمد حمدان دلقو الشهير بحميدتي الذي يعتبر من أخطر اللاعبين في مسرح السياسة السودانية، فالرجل يقود جيشا موازيا للجيش السوداني تحت مسمى قوات الدعم السريع وهي قوات ضاربة ذات قدرات قتالية عالية. هناك في القاهرة وعلى ضفاف صحراء ورمال السياسة السودانية المتحركة كانت الحكومة المصرية تنتظر حميدتي لاهثة محمّلة بعبء قضايا مُسهدة أبرزها تطورات ملف سد النهضة، وتحفظ الخرطوم على مشروع قرار الجامعة العربية الذي يتضامن مع موقف القاهرة بشأن السد الإثيوبي. فبالرغم من أن مصر نجحت في نهاية الأمر في اعتماد مشروع القرار العربي دون تعديل، مع تسجيل السودان تحفظه رسميا، إلا أنها فوجئت بالموقف السوداني واتهمت الخرطوم بالسعى إلى إفراغ مشروع القرار من مضمونه. لسان حال القاهرة وهي تسعى لترميم الموقف السوداني يقول لضيفها الجنرال المتنفذ حميدتي: لا نستطيع اهدار المزيد من الوقت فالقطار الإثيوبي قد تحرك. وفي ذات الوقت تنشغل السلطة الانتقالية في الخرطوم بالتراجع الاقتصادي الذي سال جشاؤه سيلا عرما، وتتحرك ملتاعة وجلة في كل الاتجاهات بحثا عما يرفع عن البلاد إصرها وأغلال الضرورات المعيشية التي جعلت من حياة السودانيين عبئا لا يطاق، وكم لعبت برأس الخرطوم خمر الوعود المشروطة بأثمان غالية. الخرطوم تطمع في أن تساعد القاهرة في حث بعض العواصم الخليجية على الالتزام بتعهداتها المالية بينما القاهرة تسعى لتعديل الموقف السوداني عبر المكون العسكري في السلطة الانتقالية. ويبدو أن الموقف السوداني الذي قاده المكون المدني عبر وزارة الخارجية السودانية كان متأثرا بالتجاذبات الداخلية بين العسكريين والمدنيين، إذ أن الشق المدني برئاسة عبد الله حمدوك يعتقد أن مصر تنحاز للعسكريين ولا تثق في المدنيين بينما يثير حفيظة القاهرة ما تراه ارتباطات وعلاقات متداخلة لحمدوك مع الإثيوبيين. فعمدت حكومة حمدوك إلى إرسال رسالة تحذيرية هزت القاهرة وباغتتها. ولا يبدو أن نتائج زيارة حميدتي كانت مرضية لكلا الجانبين؛ فقد أبقى حميدتي موضوع سد النهضة في يد حكومة حمدوك قائلا إن ملف المفاوضات تم إسناده لحكومة حمدوك لحله على قاعدة لا ضرر ولا ضرار. وعلى ما يبدو أن الدعوة المصرية كانت تستهدف في الاساس الجنرال عبد الفتاح البرهان بيد أنه فضل ابتعاث حميدتي لعدم توقع الكثير من الجانب المصري والتهرب من التورط في وعود بشأن سد النهضة. أما إن كانت دعوة حميدتي للقاهرة مقصودة لذاته، فإن ذلك أمر تسنده عدة حقائق؛ فإذا ما تم استبعاد موضوع السد الاثيوبي منها، فان اصطفاف القاهرة بجانب الجنرال خليفة حفتر الساعي لازاحة الحكومة الشرعية في طرابلس بالقوة العسكرية المدعومة خارجيا قد يكون أجندة رئيسية في دعوة حميدتي. فحفتر في حاجة ماسة للرجال المقاتلين وان ذلك يمكن توفيره باستنساخ تجربة مشاركة قوات حميدتي في حرب اليمن ويمكن للقاهرة أن تقنع حميدتي بهذا الأمر. ومعلوم أن قوات الدعم السريع عبارة عن ميليشيا شكلها الرئيس السوداني السابق عمر البشير وجعل منها قوة ضاربة لتتصدي لمواجهة الحركات المسلحة في دارفور ثم لاحقا مثلت حجر الزاوية في القوات السودانية في اليمن. وربما القاهرة تفكر في ابعد من هاتين المسألتين - سد النهضة ودعم حفتر - مثل صياغة أوضاع سياسية جديدة في السودان تغازل طموحات ورغبات العسكريين وتستبعد اليسار الذي تمثله حكومة حمدوك. وفي ذات الوقت تضمن الترتيبات الجديدة للقاهرة قيام نظام سياسي موثوق به يراعي مصالحها لاسيما سد النهضة. وفي هذا السياق يمكن قراءة لقاء حميدتي بزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني محمد عثمان الميرغني الذي يدين حزبه بالولاء التقليدي لمصر ورغم أن أحد قادة الميرغني تحدث في حضور حميدتي واصفا زيارته لزعيم الحزب المقيم بالقاهرة، بأنها "زيارة ذات دلالات ومعان ورسائل لمن يفهم، لانها جاءت في توقيت مهم للغاية". إلا أن حميدتي حاول في كلمة مقتضبة أن ينفي أي ظلال سياسية لزيارته للميرغني قائلا انها "مجرد زيارة اجتماعية لا نهدف من ورائها أي غرض سياسي". لكن لا يمكن إلا أن يضع أي مراقب هذه الزيارة في اطار سياسي. فهل بالفعل أن وراء الأكمة ما وراءها وأن زيارة حميدتي للقاهرة ليس كما أعلن رسميا أنها بحثت قضايا الهجرة غير الشرعية، والإرهاب، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بجانب استئناف أعمال اللجان الوزارية المشتركة بين البلدين، والقضايا التي تهم الجالية السودانية بمصر؟. [email protected]
2256
| 21 مارس 2020
مؤتمر قطر بحث الحلول لمشكلة التضليل في فضاء التواصل الاجتماعي ليس دقيقاً وصف المحتوى الاتصالي بأنه معيار لارتفاع سقف الحريات قيل إن صحفياً سأل الكاتب والأديب النحرير ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ذات مرة: من منكما أكثر شهرة، أنت أم محمود ﺷﻜﻮﻛﻮ؟، وشكوكو مونولوجست هزلي مشهور، فرد عليه العقاد مستغربا من هو ﺷﻜﻮﻛﻮ؟. وعندما بلغت القصة ﺸﻜﻮﻛﻮ قال للصحفي: "قول لصاحبك العقاد ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ، ويقف على أحد الأرصفة وسأقف على ﺭﺻﻴﻒ مقابل، ﻭلنرى إلى أي منا سيتجمع الناس". وهنا رد العقاد: ""قل ﻟﺸﻜﻮﻛﻮ ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺭﺻﻴﻒ ﻭيدع راقصة ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﺍلثاﻧﻲ ﻭﻳﺸﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ إلى من منهما سيتجمع الناس؟". وليس بعيدا عن قصة العقاد وشكوكو يحتدم الجدل اليوم حول مضمون وسائل التواصل الاجتماعي وفي خضم ذلك تنتصب مقاربة جدية بين مضمونها المنفلت والمتحرر من كل قيد وبين مضمون وسائل الاعلام التقليدية المقيد والمضبوط بالاعراف المهنية الصارمة والقوانين الرادعة. فاليوم يستبد القلق بالمشفقين بسبب انهيار وانزواء بعض الصحف الورقية بمضمونها الجاد، في مقابل الانتشار المذهل لوسائل التواصل الاجتماعي وتصاعد الاقبال عليها على حساب الاعلام المؤسساتي. وبدا الأمر وكأنه تنافس وتصارع بين العقاد وشكوكو. مؤخرا أُغلقت صُحف عريقة مثل النهار اللبنانية والحياة اللندنية، وحتى في الولايات المتحدة أغلقت صحيفة واشنطن بوست مجلتها إكسبريس المجانية التي كانت توزع ١٣٠ ألف نسخة مجانا على ركاب المترو ومع ذلك هجرها الركاب على خلفية توسّع نطاق خدمة الإنترنت داخل القطارات ومحطات المترو وانغمسوا في بحر لُجّي يموج بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. مجلة إكسبريس المكلومة أنهت وجودها بعنوان رئيس عبّر بشكل مأساوي عن خيبة أملها الكبيرة وجاء فيه: "نأمل أن تتمتعوا بتليفوناتكم المحمولة الحقيرة"، في إشارة إلى أن زوال الصحيفة كان بسبب التليفون الجوال خاصة النسخ الذكية منه حيث تختصر جُل الفضاء العالمي عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي. في ظل اندياح وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستحكام ظاهرة المواطن الصحفي تصدى الباحثون لهذا الواقع الجديد وتأثيره على المفاهيم الديمقراطية وكانت في عمومها سلبية ولذا يجب أن تجد الصحافة التقليدية والوسائل الاعلامية المؤسساتية الاهتمام المستحق. وعلى الدول والمجتمعات الحفاظ عليها والتنبّه حين تموت صحيفة من الصحف. ومن خلال سلسلة من الدراسات الميدانية ورصد اتجاهات الرأي العام التي عكستها استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي خلص الباحثون إلى أنها أدت بكل أسف إلى تغيير مفاهيم الديمقراطية، ومن ثم ممارساتها، حيث أصبحت هذه الممارسة نهباً لآفات الثرثرة والتكرار والتبسيط المخّل إلى درجة التسطيح، وهو ما يضع الممارسة الديمقراطية والمشاركة الجماهيرية تحت طائلة تهديد خطير كما يهدد فيروس كورونا البشرية. فتعم آفة فوضوية الفكر والتشتت والتخبط في الرأي وفي السلوك العام. وحذّر اولئك الباحثون من النزول بالأفكار السياسية والطروحات والممارسات الديمقراطية من مستوى الممارسة الراشدة والمسؤولة إلى وهدة التسطيح والشخصنة وخلل التبسيط. إن واقعنا الراهن أصبح مرهوناً بما تنقله وتتداوله وتؤثر به وسائل التواصل الحالية ولدرجة تصل إلى حالة البلبلة أو التشوش أو الاضطراب الفكري والسلوكي في بعض الاحوال. ووفقا لأولئك الباحثين - وأجد نفسي متفقا معهم بالكلية - ان نمط التعددية الناشئ عن وسائل الاتصال الاجتماعي إياها، لم يعد يشكل نموذج النهج الديمقراطي القويم أو المطلوب، بقدر ما أصبح نهجاً يفتقر إلى الاتزان وحسن الترتيب وتعوزه الرؤية المنظمة التي كان ينطلق منها مفكرو ودعاة وممارسو الديمقراطية. إنه في خضم التطورات التكنولوجيا برزت ظاهرة صحافة المواطن وهو ما قد ينطبق على منصات التواصل الاجتماعي ومنها تطبيق واتساب باعتباره شكلا جديدا من أشكال الممارسات الصحفية غير المهنية. وفي فضاء علم وتخصص الإعلام يشار إلى هذه الظاهرة باستعمال مصطلحات متنوعة من قبيل الصحافة التشاركية والإعلام مفتوح المصادر والإعلام الديمقراطي وصحافة الشارع والإعلام البديل والصحافة الشعبية وكلها مصطلحات وتسميات تشير إلى ذيوع دخول مهنة الصحافة في عصر مرحلة جديدة لا تخلو من خطورة. إن اختفاء مجلة إكسبريس آنفة الذكر جاء لأسباب تكنولوجية ترتبت عليها تراجع مساحات الإعلانات فيها، فالمعلن يرغب فى الانتشار الواسع وبغياب الاعلان وضعفه تنهار الصحف، فالإعلانات هي حجر الزاوية الذي تقوم عليه الصحف. لكن ما يشيع الأمل تلك الجهود المستمرة لتعديل الصورة المقلوبة وضبط محتوى ومضمون وسائل التواصل الاجتماعي. فقد شهد شهر فبراير المنصرم قيام مؤتمر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديات دعم الحريات، الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر يومي 16- 17 بمشاركة أكثر من 300 منظمة دولية وجامعة ومسؤول في شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى. وبحث المؤتمر قضايا متعددة تتعلق بالأطر التشريعية التي تنظم حرية التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتداعيات منع الاتصالات وحجب وسائل التواصل الاجتماعي على حقوق الإنسان، والشفافية والمساءلة في الإشراف على المحتوى في كبرى شركات التكنولوجيا، وتحديد الأنشطة المستقبلية لتوسيع نطاق الحيز المدني في وسائل التواصل، بجانب مناقشة إشكالية استمرار المنصات الإعلامية في ظل وجود هذه الوسائل. وقد تمت الاشارة كذلك إلى مسألة مهمة وهي لجوء مجموعات الضغط والمصالح لاستعمال أساليب مرفوضة لتضليل الرأي العام وإغراق الفضاء الرقمي بالدعاية والإشاعة، ومهاجمة المعارضين باستعمال هويات مزيفة وجيوش إلكترونية عرفت اصطلاحا بالذباب الالكتروني. إن هذه الجهود مطالبة أكثر وأكثر بالتصدي إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض على خطاب الكراهية. وعوضا عن ذلك تسخر هذه الوسائل لتكون أداة مهمة لتعزيز وتثبيت دعائم الصحافة المسؤولة. [email protected]
2787
| 07 مارس 2020
نصف مليون قتيل وتفشي المجاعة وضيق المجتمع الدولي عجلا بالاتفاق ما زال أمام المسؤولين تحديات كبرىحول اقتسام السلطة وبناء السلام هل نجحت "الخلوة الروحية" هذه المرة في إصلاح ذات بين فرقاء دولة جنوب السودان بعد أن حصد الصراع بينهما حياة نحو نصف مليون مواطن وذاق بقية السكان ويلات مجاعة سارت بها الركبان وشهدت قارة إفريقيا أكبر أزمة لاجئين منذ الإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994؟. قبل نحو عام كان كل من رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وخصمه اللدود زعيم المتمردين السابق رياك مشار في "خلوة روحية" استمرت ليومين في روما في ضيافة البابا فرانشيسكو بابا الفاتيكان بهدف دعم المصالحة المتعثرة بين الرجلين المتخاصمين رغم التوقيع على اتفاقية سلام بينهما في سبتمبر 2018. في الأسبوع الماضي اتفق الأثنان على تشكيل حكومة انتقالية في البلاد بحلول الموعد النهائي الموافق اليوم السبت، بعد أن تم تأجيل ذلك مرتين حيث كان ذلك مقررا في 12 نوفمبر من العام الماضي، بسبب عدم الوفاء بمعايير رئيسية لاتفاقية السلام. بيد أن طبيعة الصراع المعقد والتجارب المريرة خلال الفترة القصيرة التي أعقبت انفصال الدولة الوليدة عن السودان في العام 2011 فضلا عن فشل المصالحات السابقة أمر لا شك يفت في عضد المتفائلين ويعزز من توقعات المتشائمين وأول المتشائمين هي منظمة الأمم المتحدة فقد حذر تقرير أصدرته حديثا من أن السلام الحالي في جنوب السودان هش للغاية، وقالت مفوضية حقوق الإنسان هناك في تقرير لها أن الفساد متفش وأن المليشيات يتم تسليحها، وقالت المفوضية أن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 12 مليونا يواجهون خطر المجاعة. فرغم الاتفاق ومظاهر الاحتفاء ما زالت عدد من القضايا المختلف عليها دون حل بما في ذلك تقاسم السلطة وإدماج المقاتلين المتمردين في الجيش، لكن الجانبين اتفقا على تشكيل حكومة وحدة أولا ومن ثم الإلتفات إلى شيطان التفاصيل في وقت لاحق. وقد بدأ الصراع الدموي بعد عامين من مشوار الاستقلال عن السودان عندما أقال الرئيس سلفاكير نائبه آنذاك رياك مشار الذي تحول إلى قيادة المتمردين. واتهم سلفاكير (وهو من قبيلة الدينكا) مشار (المنتمي لقبيلة النوير) بالتخطيط لانقلاب ضده وهو ما ظل ينفيه مشار. لكن المعروف أن مشار كان قد أعلن الترشح لرئاسة الدولة منافساً سلفا كير. يشير الواقع في دولة جنوب السودان إلى أن البلاد تتألف من (60) مجموعة قبلية أكبرها مجموعة (الدينكا) التي ينتمي إليها رئيس الدولة سلفا كير، وهم يشكلون ما نسبته (40%) من مجمل تعداد السكان، وتعتبر ثاني أكبر قبيلة في أفريقيا بعد قبيلة الزولو في جنوب إفريقيا. وتأتي قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار في المرتبة الثانية من حيث التعداد إذ يبلغ تعدادها ما يفوق المليون نسمة. وليس الصراع بين القبيلتين صراع جديد بل هو صراع زعامة على الأرض والموارد له امتداداته التاريخية المعلومة. وتتميز دولة جنوب السودان بأنها دولة متعددة القبائل واللغات والإعراق والأديان لكن بدلا من أن يكون هذا التنوع مصدر قوة إلا أن النظام السياسي الحاكم فشل في إدارته فتحول هذا التعدد إلى عامل ضعف. نظام الحكم الوليد لأحدث دولة في العالم لم يراع في بدايته خصوصية هذه التركيبة، ويصف الدستور نظام حكم البلاد بأنه (نظام رئاسي، جمهورية فدرالية، ديمقراطية تمثيلية). وعليه فقد تواضعت النُخبة الحاكمة وهي الحركة الشعبية (الحزب الحاكم) على أن يكون رئيس البلاد من قبيلة الدينكا ونائبه من قبيلة النوير فيما يتم تقسيم (كيكة) السلطة على القبائل الأخرى بنسب تراعي أوزانها القبلية فهذه هي المعادلة السياسية التي جنبت البلاد صراعاً قلبياً كان يمكن أن يحدث مباشرة بعد الانفصال. وبعد حرب أهلية استمرت لنحو 7 سنوات سببها الاخلال بتلك المعادلة تأكد للمتصارعين أن الحل المتاح في الوقت الحاضر هو الرجوع لتلك المعادلة لتجنيب البلاد استمرار الحرب الأهلية في ظل تجذر الثقافة القبيلية التي يمكن أن تحل محلها في المستقبل المرجو ثقافة مدنية تستوعب الآخر في اطار تنوع وتبادل ديمقراطي للسلطة، فعاد سلفا كير اليوم وقبل بمشار نائباً له متداركا خطأ إقالته له، وفي ذات الوقت على مشار ألا يتطلع لمنصب رئيس الدولة ويقبل بمنصب نائب الرئيس ويعالج خطأ إعلانه الترشح لرئاسة الدولة منافساً سلفا كير. وتنص الاتفاقية، الموقعة بين الطرفين على فترة انتقالية مدتها 36 شهرا، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. وبناءً عليها أدى مشار، اليمين الدستورية نائبا أول لسلفا كير. وأقسم مشار على احترام القانون والإخلاص لجمهورية جنوب السودان، وشهد الاحتفال مصافحة بالأحضان بين مشار وسلفاكير. وسواء كانت لـ"الخلوة الروحية" بين جدران الفاتيكان أثرا ايجابيا في دعم هذا الاتفاق أم لا وسواء رفع المسيحيون في العالم الصلوات من أجل جنوب السودان كما طلب منهم - حينها - المتحدث باسم سلفا كير إلا أنه من الصعوبة بمكان التحقق من تطبيق اتفاق السلام روحا وجوهرا. ومن الحقائق التي تغفل عمدا أن النظم السياسية التقليدية في إفريقيا ما قبل الاستعمار والتدخلات الأجنبية، كانت نظماً مستقرة وملائمة لطبيعة القارة ولا نقول ديمقراطية بالمفهوم الغربي إذ لم ينتج عنها تلكم الاشكاليات الماثلة اليوم في القارة. وكتب بعض أبناء القارة من المتعلمين كتبوا مشيدين بالنظم التقليدية؛ ردا على نظرائهم من المستعمرين الذين حاولوا إيجاد مبررات أخلاقية للاستعمار مثل جون استيوارت ميل الذي كان يرى الاستعمار من باب الحسنات اينما وجد الاستبداد في الحكم وهو أمر وصمت به النظم السلطوية التقليدية في إفريقيا زوراً وبهتاناً في نظر أبنائها. وقد ساد في إفريقيا ما قبل الاستعمار نمطان أساسيان للسلطة والحكم: النمط الأول؛ قبائل ذات كيانات متعددة بنظم سياسية مختلفة تحكم نفسها بنفسها. أما النمط الثاني؛ قبائل تخضع لحكم أو حماية قبائل أخرى، سواء طوعاً أو كرهاً. صحيح أن الصراعات القبلية تكاد تكون ثقافة إفريقية متوارثة، إلا أن التدخلات الأجنبية تزيد من اشتعال أوارها، بل تحول دون عمل آليات التهدئة التقليدية. [email protected]
920
| 29 فبراير 2020
مخاوف حقيقية من مخاطر تكرار سلبيات الثورات العربية في الحكم تحريض خطير يهدد المؤسسة العسكرية ويزيد من أزماتها الداخلية هشاشة الوضع الاقتصادي تمثل تهديداً مستمراً للنسيج الاجتماعي يبدو أن مصيبة المؤسسة العسكرية السودانية لم تقف عند توريطها في الحرب العبثية التي يشتعل أوارها في اليمن؛ إذ تمور الساحة السياسية في السودان هذه الأيام بتحريض جدي وعلني ضدها كمؤسسة عريقة لها تقاليدها ونظمها الصارمة. فقد شهدت الخرطوم خواتيم الأسبوع الماضي تظاهرات ليست لأجل انعدام الخبز وشح الوقود، وإلا لكانت مبررة، لكنها حملت شعارات تحريضية ضد الجيش من جانب بعض أطراف المكون المدني في السلطة القائمة اليوم في السودان تضمنت تدخلا سافرا في قرارات اعفاء وترقية عدد من الضباط وهذا أمر مخالف حتى للوثيقة الدستورية التي شكلت أساسا لمؤسسات الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس عمر البشير في ابريل 2019، فقد منحت تلك الوثيقة المكون العسكري وحده حق الانفراد بكل ما يختص بالقوات المسلحة السودانية. على القيادة السياسية المدنية أن تبتعد عن العبث بمؤسسة ظلت على طول تاريخها الطويل أهم ممسكات الوحدة الوطنية والوضع الجيوسياسي الذي عرف به السودان في عصره الحديث. وتاريخيا تعرف الدول الأخرى الميزات التي يتمتع بها الجيش السوداني؛ فقد عُرف عنه شراسة القتال وقوة الصبر وهما من السمات التي شهدت بها حروب شارك فيها مثل الحرب العالمية الأولى بصورة واسعة وفعالة منها إرسال قوات سودانية الى الحجاز. وفي الحرب العالمية الثانية شاركت فرق من الجيش في معارك بالمكسيك، كما شاركت قوات أخرى منه في عدة عمليات خارجية وداخلية انتهت بدحر العدو كما حدث للايطاليين عندما حاولوا احتلال مدينة كسلا شرقي البلاد، ذلك الانتصار الذي الهم رئيس الوزراء البريطاني تشرشل وجعله يعدل عن الاستسلام للألمان كما صرح بذلك لاحقا. وفي حرب أكتوبر 1973، ارسلت الخرطوم قوة قوامها لواء مشاة إلى سيناء. كما شاركت القوات السودانية في عمليات دولية تصب في مساعي حفظ السلام والاستقرار كما في لبنان ضمن ما عرف بقوات الردع العربية لحفظ السلام تحت لواء جامعة الدول العربية. اضطراب وأخطاء سياسية فادحة تمسك بتلابيب الحكومة الانتقالية في الخرطوم، كان حصادها عنتا وكبدا معيشيا طالا السواد الأعظم من الشعب الذي تأمل خيرا بعد سقوط النظام السابق، وسط تراجع خطير عن القيم والأسس التي بنيت عليها شرعية الوضع السياسي القائم حاليا. فغدا الوضع اليوم معقدا وصعبا لدرجة بعيدة، خاصة في ظل رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية بقرارات مرتبكة فيها كثير من التغبيش وعدم الوضوح. لقد أصبح مؤشر انعدام ثقة المواطن في الإجراءات الحكومية في تصاعد متوال. بل برزت معارضة شعبية لمنهج الحكومة في التعاطي مع القضايا الاقتصادية على وجه الخصوص. إن ما يعزز المخاوف من مصير مظلم للبلاد هو هشاشة الاقتصاد وتآكل النسيج الاجتماعي وضعف الاحزاب والقوى السياسية وارتباكها فضلا عن التدخل السافر في شأن الجيش. هناك مخاوف جدية تقف اليوم شاخصة من تكرار تجربة المعارضات العربية التي تسلمت السلطة بعد الاطاحة بالديكتاتوريات العسكرية وكانت سبب تدهور الأوضاع المروع في العراق وسوريا واليمن وليبيا. وتبين فيما بعد أن الديكتاتورية في العراق كانت أفضل من الديمقراطية الأمريكية التي جاءتهم على ظهور الدبابات، وهكذا الحال في ليبيا واليمن. فتلكم المعارضات التي حكمت أقعدتها تناقضاتها واختلاقاتها وعدم إلمامها بالعمل السياسي وغياب الرؤية السياسية. وفي كلتا الحالتين - العراق وليبيا - لم يتحول الحكم الشمولي إلى ديمقراطية زاهية، أو حتى الحفاظ على ما تحقق في السابق من تنمية واستقرار. وربما لا نقول شططا إن قلنا إن المعارضة السودانية التي تحكم اليوم تنقض غزلها بيدها فهي سبب الفشل المتنامي لمشروعها السياسي بعد سقوط النظام السابق. فهي ما زالت تراوح مكانها في دوامة الشعارات والخطب الديماغوجية، دون أن يكون لها مشروع بديل للحكم والإصلاح بعد وصولها إلى سدة الحكم. فلم تستطع اجتراح البديل الذي يريده الشعب بل لا تكاد تتبين الخط الفاصل بين إسقاط النظام السابق وبين عدم إغراق الوطن في الدماء والفوضى وربما إزالته من خريطة العالم. لقد ارتكبت مكونات الحكم الانتقالي الحالي أخطاءً كثيرةً بدت في البداية صغيرة وطبيعية وفي حد معقول لكن في عالم السياسة تلد الأخطاء الصغيرة الأخطاء الكبيرة إن لم يتم تداركها قبل أن تتكاثر. وإن كان ممكنا إصلاح الأخطاء الصغيرة في مهدها، إلا أنه يستعصي إصلاح الكبير منها، بيد أنه بينما يرتكب السياسيون الأخطاء الصغيرة، تدفع الشعوب ثمن الأخطاء الكبيرة. ورغم أنه ليس هناك ما يشير إلى إمكانية الاصلاح مع ازدياد تعقيد الاشكالات السياسية لكن الشجاعة الأعلى كعباً أن تعتمد الحكومة الانتقالية النقد الذاتي، بل المراجعة العميقة لأدائها، ومحاولة إعادة بناء ثقة الشعب فيها وذلك لعمري رأس المال الوحيد الذي يُؤسس عليه كل اصلاح وإلا فليُقم عليهم مأتم وعويل. [email protected]
2301
| 22 فبراير 2020
منتدى كوالالمبورناقش قضايا ملحة تهم العالم الإسلامي مناقشة قضايا الحرية والعدالة والحكم الرشيدتجد اهتمام الشعوب العالم الإسلامي بحاجةإلى إستراتيجية تعاون لمواجهة التحديات منظمة التعاون الإسلامي مثلها مثل جامعة الدول العربية غدت نمراً من ورق، وأصبحت هاتان المؤسستان أقل قامة من التحديات الجسيمة التي تواجه العالمين العربي والإسلامي، فهما اليوم بأذرعهما ومنظماتهما المتعددة في أحسن الأحوال، منظمات بيروقراطية عاجزة عن الفعل الحقيقي، حالة الجمود والتكلّس التي تعصف بمنظمة التعاون الإسلامي فتحت الباب أمام محاولات أخرى لتحريك المياه الراكدة، حيث اُختتمت في العاصمة الماليزية كوالالمبور الأسبوع الماضي قمة لمجموعة من الدول الإسلامية اقتصرت عملياً على زعماء ماليزيا وتركيا وقطر وإيران وحضرها ممثلون عن 20 دولة، فضلاً عن حضور 450 من القادة والمفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي. وهذه القمة ثمرة طيبة لمنتدى كوالالمبور الذي تأسس منذ عام 2014 بهدف بناء شبكة علاقات بين قادة العالم الإسلامي والمثقفين والباحثين والمفكرين والخبراء. ولم يسقط منتدى كوالالمبور من السماء كقطرات الغيث كما لم تنبته الأرض كحبات السوسن، بل صاحبت نشأته جهود حثيثة مضنية وصادقة لتحطيم الأغلال البيروقراطية التي تجرّ منظمة التعاون الإسلامي إلى الأرض كلما حاول أعضاؤها وطاقمها الطيران بأجنحة الأمل. وبالفعل رأى كثير من المراقبين أن المنتدى نجح لحد كبير في طرح مواضيع عادة ما تتجنب منظمة التعاون الإسلامي طرحها والخوض فيها. فكانت هناك ضرورة ملحة للتفكّر في شؤون الأمة الإسلامية البالغ تعدادها 1.7 مليار نسمة، ومحاولة تعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، وظل المنتدى يركز على قضايا أهمها الحرية والعدالة والتحول الديمقراطي والحكم الرشيد، فضلاً عن قضايا التنمية مثل الأمن الغذائي والتبادل التجاري والتكنولوجيا والأمن السيبراني. لا يزال بالطبع أمام منتدى وقمة كوالالمبور مشوار طويل وشاق، ولعل الأمر الذي يشير إلى حسن نوايا القائمين على أمره أن هذه قمته الأخيرة حرصت على ألا تقدم نفسها كبديل عن منظمة التعاون الإسلامي لكن نشاطها يتيح إمكانية تسريع الاهتمام والعمل بشأن القضايا الملحة من خلال تجاوز الهيكليات المتكلسة والبيروقراطية البطيئة في منظمة التعاون الإسلامي شبه الميتة سريرياً. إن العالم العربي الغارق في مرحلة أفول لا تخفى على كل ذي بصيرة، يؤكده انهيار متتابع للدولة ومفهوم الانتماء الوطني، معنيٌّ بشكل ملح بقراءة عميقة لما يدور حوله بل في عقر داره، ويعتبر تفعيل المنظمات الإقليمية أمراً مهماً في هذا الصدد بما في ذلك تعضيد التعاون عبرها مع الدول الإسلامية القوية والمؤثرة مثل تركيا وإيران وماليزيا وباكستان. وليس خافياً أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى من الناحية الإستراتيجية في إسرائيل الوريث "الشرعي" لعرش الشرق الأوسط أو العالم العربي، إلا أن ظروفاً وحسابات سياسية ترجئ أجل الوراثة؛ وريثما يتم ذلك، يتاح المجال لتنافس إيراني تركي. وللأسف الشديد أن الإستراتيجية الأمريكية تنفذها أطراف عربية من خلال صفقة القرن المشبوهة. وفيما تتعامل واشنطن مع كل من طهران وأنقرة استنادا لقوتهما النسبية تكاد لا تلقي بالاً للدول العربية مجتمعة أو منفردة، وكان الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة "5+1" بزعامة واشنطن، تأكيداً لاحترام القوة التي تتمتع بها إيران. وفي ذات الوقت تجد تركيا كذلك احتراماً وتعاملاً نديا ولعل ما تقوم به في شمال سوريا دليل على ذلك، بيد أن هناك على ما يبدو اختلافاً في منهج كل من طهران وأنقرة؛ فبينما تعتمد إيران أيديولوجية فكرية تدرجها بعض الدول الغربية في إطار الإرهاب، فإن تركيا تبدو كدولة سنية بغطاء علماني متماهٍ مع الغرب. ويعمل المنهج التركي – وهو الأنسب ظرفياً - على تحقيق شروط الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي لتصبح عضواً فاعلاً بحلول 2023. فيما ستستمر في السعي من أجل الاندماج الإقليمي، على شكل تعاون أمني واقتصادي يجعلها واحدة من أهم عشرة اقتصادات في العالم. وكل ذلك يفضي بها لأداء دور مؤثر في حلّ الصراعات الإقليمية. وبما أن الظروف الموضوعية للحالة العربية المأزومة لا تسعف لمدافعة قوية للتربص الماثل بالمنطقة؛ فإن المخرج لحين ميسرة يقتضي اتفاقاً عربياً حول إستراتيجية للتعاون إن لم يكن التحالف مع تركيا. وتحمل تركيا مشروعاً سُنياً حضارياً يعتبر العرب شركاء في المنطقة لا خصوما، ويمكن أن يؤسس التاريخ المشترك لمستقبل تعاون قد يرقى لمستوى تجربة الاتحاد الأوروبي. فالرهان على أنقرة يبدو مخرجاً للتخلص من نموذج داعش وليس بالضرورة عبر المواجهة العسكرية فحسب ولكن برفع الظلم الذي تعرض له السنة في المنطقة بتواطؤ أمريكي مفضوح. وقد سعت تركيا في الملف السوري للتعاون مع قوى الثورة السنية للإطاحة بتنظيم الدولة الإسلامية وتقف بقوة ضد النظام السوري بزعامة بشار الأسد في ذات الوقت. أما رؤيتها المتعلقة بالعراق فتقوم على إعطاء السنة حقوقهم ضمن دولة فيدرالية يسيطرون فيها على مناطقهم. [email protected]
1138
| 28 ديسمبر 2019
المنظمات الإفريقيةرفضت بشدة قرار حل النقابات المهنية الحملة ضد الحريات لن تجد التأييد من القوى السياسية المسيرات الجماهيرية تؤكد ضرورة التعايش ودليل على وجود أكثر من طرف ربما يجد البعض العذر للحكومة الانتقالية في السودان إن فشلت في ملف الاقتصاد وهذا ما تبدو إرهاصاته حاليا؛ لكن قطعا لن تجد من يعذرها وهي تدشن حملة منظمة ضد الحريات فتلكم قضايا مبدئية لا تتطلب مالا أو عونا خارجيا، بل هي العمود الفقري لشعار الثورة التي أحدثت التغيير في ابريل الماضي وهو (حرية، سلام، عدالة). وقد وقعت الصحافة، التي تعرف مجازا بالسلطة الرابعة ضحية هجمة شرسة في اطار تحركات غير قانونية اتخذتها حكومة عبد الله حمدوك لحظر وإغلاق النقابات العمالية بالقوة، بما في ذلك الاتحاد العام للصحفيين السودانيين. وكان هناك رد فعل سريع للاتحاد الدولي للصحفيين حيث أدان بشدة هذا الاجراء وقال في بيان له يمكن وصفه بالحاد جاء فيه:"أن الحركة النقابية العالمية غاضبة وتطالب السلطات السودانية بالتصرف وفقًا للمعايير الدولية ووقف الحرمان التعسفي لحقوق الإنسان والحل غير القانوني للجمعيات المهنية". وقال الأمين العام للاتحاد الدولي، أنتوني بيلانجر: "هذا القرار ينتهك القانون الدولي، ومحاولة فاضحة من قبل السلطات للسيطرة على الحركة النقابية والجمعيات المهنية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بها" ولعل من مظاهر التعسف التي تتعارض تماما مع أجواء الحرية المفترضة احتلال مكاتب اتحاد الصحفيين من قبل قوة عسكرية. وجاءت هذه الخطوة بعد أشهر فقط من احتجاز رئيس الاتحاد لعدة أيام. وبالضرورة يتعارض هذا الاجراء مع قانون الجمعيات المهنية، وحرية تكوين الجمعيات والاتفاقيات الدولية لحقوق العمل والنقابات العمالية، ويعتبر تدخلاً صارخًا من السلطة التنفيذية الانتقالية. ومن المعلوم أن هذا القرار غير القانوني قد صدر عن لجنة حكومية غير محايدة، وينتمي عدد من أعضائها إلى تنظيمات سياسية وحزبية، وهذا يدخل النقابات والاتحادات في أتون التحيز السياسي، ولذلك عواقب خطيرة على القطاعات المهنية والمنظمات والنقابات العمالية. كذلك يدور حاليا جدل كثيف حول قانون تفكيك النظام السابق والعزل السياسي الذي أصدرته الحكومة الانتقالية؛ إذ أن جوهر الانتقاد أن القانون يستهدف المؤسسة الحزبية (المؤتمر الوطني الحزب الحاكم سابقا) في حين أن القانون العام يمكن أن يقتص من منسوبي الحزب كأفراد في حال ثبوت تورطهم في قضايا جنائية، بينما العقاب السياسي متروك لصندوق الانتخابات وبهذا تتم كفالة حرية ممارسة العمل السياسي لجميع المواطنين على حد السواء ويضمن الناس تجنب الانتقام والاقضاء وكسر هذه الدائرة الجهنمية. وربما نتج عن هذه الاجراءات تحركات سياسية في مواجهة حكومة حمدوك وتمثل ذلك فيما سمي بمسيرة الزحف الأخضر حيث توجهت حشود جماهيرية نحو القصر الجمهوري مطالبة بما اسمته بتصحيح مسار الثورة وتحقيق قيم الحرية والعدالة. ويعتقد البعض أن أنصار حزب المؤتمر الوطني وراء تلك التظاهرات وهي الاكبر من نوعها في مواجهة الحكومة الانتقالية. وذهب البعض إلى أن المشاركين فيها مثلوا تيارا عريضا تجاوز حزب المؤتمر الوطني المحلول. وفيما افتخر المؤيدون للحكومة الانتقالية بأن التظاهرات لم تعترض بالغاز المسيل للدموع وهراوات الشرطة أو تواجه بالرصاص كما كان يحدث في السابق تمسكا بحق حرية التظاهر ضمن الاجواء الجديدة؛ قال مناوئوهم أن هناك مذكرة رفعتها قوى الحرية والتغيير التي تمثلها الحكومة الانتقالية عبر رئيس مجلس الوزراء لمجلس السيادة لمنع قيام تلك المسيرة دون أن تجد الاستجابة، بيد أن الجيش أكد عبر بيان أصدره على قوميته وأنه يقف على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية في البلاد. واتهم الطرف الآخر أيضا وزير العدل بأنه طلب قبل يومين من انطلاقة المسيرة من هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات التصدي والتعامل بحزم مع تلك المسيرة على الرغم من مطالب الحرية والتغيير كانت على الدوام أن تكون صلاحية جهاز الأمن فقط جمع وتحليل المعلومات. قطعا ليس من مصلحة السودان أن تفشل الحكومة الانتقالية الحالية فهي ينتظر منها أن تكون الطريق المعبد لإرساء حكومة المدنية الديمقراطية وهو النظام الأمثل لأنه يقوم على المواطنة بمعنى أن يتساوى الناس في الحقوق بعيدا عن الدين أو اللون وإذا تعارضت الحقوق يحتكم لرأي الاغلبية والأغلبية نفسها لا تعني فرض ما هو مخالف لدين الاقلية وهذا ما كان ساريا في دستور 2005 الذي شاركت في وضعه واجازته الحركة الشعبية قبل انفصال جنوب البلاد. وربما أكدت مسيرة الزحف الأخضر على ضرورة تحقيق معادلة العمل السياسي كما أوضحت أن هناك طرفا آخر يملك كذلك مفاتيح تحريك الشارع السياسي. فجاء الوقت الذي يتفق فيه الفرقاء في اليمين واليسار على العيش سويا في اطار دولة ديمقراطية. وهناك رشد سياسي بدأ يظهر لدى بعض القيادات السياسية مثال ذلك تأكيدات نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان بأنه لا أحد يستطيع اجتثاث الإسلاميين من المجتمع، فيما دعاهم إلى مراجعة برنامجهم ومشروعهم القديم، وعرمان سياسي يصنف من ألد أعداء التيار الإسلامي. [email protected]
1090
| 21 ديسمبر 2019
جدل واسع ومحتدم في وسائل التواصل السودانية حول 3 أو 4 وزراء جدد من المفارقات أن حمدوك نفسه اعتمده حزب المؤتمر الوطني وزيراً للمالية لكنه اعتذر عن المنصب بعد مُضي نحو 3 أسابيع من مباشرة حكومة رئيس الوزراء السوداني الجديد الانتقالية ظهرت فيها وفي بعض شخوصها اختلالات كبيرة تستدعي مراجعة سريعة أقرب لعملية إعادة ضبط المصنع. وعقدت هذه الحكومة أول اجتماع لها في 8 سبتمبر الحالي بعد أداء القسم الدستوري وكان قد صاحب ميلادها مخاض سياسي عسير، فمنذ سقوط نظام الرئيس عمر البشير في 11 ابريل الماضي ظل المشهد السياسي السوداني أسيرا لتجاذبات عنيفة فيما بين القوى السياسية المدنية نفسها، ومن جانب آخر بين القوى المدنية والقوى العسكرية. جدل واسع ومحتدم في وسائل التواصل الاجتماعية السودانية حول 3 أو 4 وزراء اختارهم عبد الله حمدوك في حكومته وهم وزراء الخارجية، والتعليم العالي، والشؤون الدينية والأوقاف، والصناعة. وانصب الجدل حول ضعف بعضهم وتعاطي البعض الآخر مع قضايا وزارته على طريقة النشطاء السياسيين. ربما كان لوزيرة الخارجية الجديدة نصيب الأسد من جملة الانتقادات المصوبة تجاه فريق رئيس الوزراء؛ وتعرضت لهجوم كاسح بعد ظهورها في برنامج حواري في إحدى القنوات الفضائية وبدت الوزيرة ضعيفة بشكل واضح ومهزوزة جدا وتحاول أن تقرأ من أوراق أمامها رغم أن الأسئلة كانت تصدر من المحاورة بشكل تلقائي وكانت أحيانا كثيرة تحاول جاهدة أن تطرح تساؤلات من وحي إجابات الوزيرة غير المكتملة وغير الواضحة في محاولة لتوضيح ما اشكل عليها فهمه من ردودها المبهمة. لكن مؤيدي الوزيرة وعصبتها السياسية احتفوا بتقرير صحفي لإحدى المطبوعات الألمانية التي ركزت في إشادتها بالوزيرة من حيث كونها أول امرأة على المستوى العربي تتقلد منصب وزير الخارجية وهذه زاوية صحيحة بيد أن ذلك لا يصطدم في حقيقة الأمر مع الآراء السالبة حول أدائها من خلال ظهورها الإعلامي. في وزارة التعليم العالي قدّم نحو 36 مدير جامعة استقالات جماعية بسبب تصريحات لوزيرة التعليم العالي اعتبرت فجة حين قامت بزيارة لإحدى الجامعات بدون إعلام مدير الجامعة وخاطبت تجمعا داخل حرم الجامعة دعا له فرع تجمع المهنيين بالجامعة وقالت الوزيرة مهددة أن عملية «كسح ومسح وكنس» ستجري في إشارة لعملية إحالات وإقصاء لمن يحسبون على النظام السابق. وفيما بعد طلبت الوزيرة من الجامعات تقديم ترشيحات لمديرين جدد شريطة أن يكون المرشح مؤمنا بميثاق قوى الحرية والتغيير. ولدي قناعة بأن أسلوبها كان غير مقبول ولم تستطع الخروج من جلباب الناشطة السياسية لتضع نفسها في مقام رجل الدولة، وكان يمكنها أن تنفذ سياستها غير منقوصة بإعمال النظم والقوانين. وتثير محاولات تبرير نهج الإقصاء باعتبار أن النظام السابق قد انتهجه، الكثير من الإحباط باعتبار أن الثورة قامت لإرساء العدالة وليس لتكرار ما كان يحدث من ممارسات خاطئة وإلا فما فائدة التغيير الذي حدث؟. المدهش أن الوزيرة شغلت منصب عميد كلية الآداب بجامعة الخرطوم في عهد النظام السابق مما يطرح تساؤلا حول حجم الإقصاء الذي كان سائدا حينذاك. ومن المفارقات الجديرة بالملاحظة أن رئيس الوزراء نفسه اعتمده حزب المؤتمر الوطني الحاكم آنذاك وزيراً للمالية في منتصف سبتمبر من العام الماضي، لكنه وفي اللحظات الأخيرة اعتذر عن المنصب. وواجه حمدوك انتقادات ليس بسبب عدم تعيين وزيري الثروة الحيوانية، والبنية التحتية والنقل حتى اليوم لعدم الاتفاق السياسي حول شاغليها، ولكن لتصريحات أدلى بها إبان أول زيارة خارجية قام بها حين زار دولة جنوب السودان. حمدوك دعا هناك في جوبا إلى عدم وضع العراقيل أمام حرية الحركة للمواطنين بدولتي السودان، وقال إنه يرى السماح لمواطني دولة جنوب السودان أن تكون لهم جنسية مزدوجة. وعلى الفور تساءل منتقدو حمدوك حول ما إذا كان من حق حكومة انتقالية تتحدث عن مثل هذه القضية في غياب سلطة تشريعية (برلمان). وقالوا هل للأمر علاقة بسجل الناخبين في الانتخابات القادمة في إشارة لمحاولات مبكرة للتأثير على نتائج الانتخابات المقبلة عقب الفترة الانتقالية. [email protected]
1602
| 23 سبتمبر 2019
دارفور قضية وطنية عادلة يجب أن تتعهدها الأحزاب السياسية والتنظيمات المسلحة كانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم السلطان علي دينار الحركات المسلحة تخطئ إن استمرت في تصوير الصراع بأنه صراع هوية أحداث دراماتيكية في مدينة الفاشر بإقليم ألغت ندوة سياسية لقوى إعلان الحرية والتغيير التي تتسيد المشهد السياسي في السودان عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في 11 ابريل الماضي، الأمر الذي أكد عمق الأزمة بينها وبين حركات دارفور المسلحة التي كانت وراء تلك الأحداث. فلم تكن تلك الحركات المسلحة تعارض نظام البشير فحسب وإنما كانت تعارض الدولة السودانية بتركيبتها التي ورثتها منذ استقلال البلاد عن بريطانيا في 1956. وقال أحد القياديين بالحركات المسلحة إن سلاحهم لم يرفع فقط ضد نظام البشير، وإنما رقع ضد كل الأفكار المركزية والبرامج التي تحملها الكثير من الأحزاب المنضوية تحت تحالف الحرية والتغيير، والتي يرى أنها نسخة من النظام السابق. ورفضت الجبهة الثورية، وهي تحالف يضم هذه الحركات المسلحة، الاتفاق الموقّع بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، والذي بموجبه يتم تشكيل هياكل السلطة الانتقالية بشقيها السيادي ومجلس الوزراء. ووقعت حادثة الفاشر حينما قام عشرات الحاضرين بمنع مندوبي الحرية والتغيير من الصعود إلى المنصة، ولم يكتف المحتجون بمنعهم من مخاطبة الحضور، بل لاحقوهم عبر رشقهم بالحجارة حتى بعد إجلائهم إلى سياراتهم، ما أدى إلى تهشيم زجاج عدد منها. واتهمت قوى الحرية والتغيير بشكل مباشر الحركات المسلحة وقالت في بيان لها إن حركتي العدل والمساواة، وتحرير السودان، مسؤولتان عن أحداث تلك الندوة. لقد ظلت هذه الحركات تقاتل الحكومة المركزية في الخرطوم بشراسة لنحو 16 عاما. بيد أنها لم تحقق نصرا معلوما وفي ذات الوقت لم تتمكن الخرطوم من القضاء عليها؛ حتى إن النظام السابق لجأ للاستعانة بميلشيات قبلية عرفت فيما بعد بقوات الدعم السريع التي يشغل قائدها اليوم منصب نائب رئيس مجلس السيادة الذي يرأسه الفريق عبد الفتاح البرهان. ومنذ اندلاع شرارة التمرد المسلح في 2003 جرت مياه كثيرة تحت الجسر، فقد ضربت رياح الانقسامات حركات دارفور المسلحة وفرقتها شيعاً كل حزب بعصبيتهم يفرحون. فتلكم الرياح العاتية، فضلا عن لهيب الحرب وأهوالها أدى إلى توالد الحركات وتشظيها وتكاثرها مما ساهم في استعصاء الحل السياسي. لعل حالة التشظي والانقسامات العنيفة بين صفوف حركات دارفور تعطي مؤشرا قويا لغياب الرؤية السياسية المتماسكة المفضية لتحقيق أهداف الثورة أو الانتفاض. وليس واضحا لدى هذه الحركات ما إذا كانت تقوم بثورة مسلحة أم غير ذلك. فالتيار الثوري عادة يحمل أفكارا تؤمن بالثورة المسلحة كخيار ضد الاستعمار. وحتى ما يعرف بالكفاح التحرري، فإنه نشاط مقاوم في المناطق التي تخضع للاستعمار، ويتخذ أشكالا مختلفة إما سياسية أو عسكرية أو كليهما، معبرة عن رفض الاستعمار. أما المقاومة فهي رد فعل سياسي أو عسكري يعبر عن رفض التدخل الأجنبي (الاستعمار). فكل هذه الأشكال تتحدث عن الاستعمار بينما لا تنطبق صفة الاستعمار بالضرورة على الحكومة في الخرطوم التي تقاتلها الحركات المسلحة. ولابد من الأخذ في الاعتبار أن قضية دارفور قضية وطنية عادلة يجب أن تتعهدها الأحزاب السياسية والتنظيمات المسلحة، من خلال عمل سياسي راشد، يحقق البديل الأفضل للشعب والوطن، فالنضال أسلوب كفاحي يعبر عن توجه السياسي أو فكري. وستتمكن هذه المكونات الوطنية من ارساء السلام في دارفور اذا استجابت إلى ضرورة الالتفاف حول منهجية سياسية. وتخطئ الحركات المسلحة إن استمرت في تصوير الصراع بأنه صراع هوية؛ فقد شهدت الأجزاء الشمالية في كل من دارفور وتشاد التي تحادد السودان من ناحية اقليم دارفور المترامي الأطراف، قيام دول إسلامية تأثرت تأثرا قويا بهجرات القبائل العربية التي انداحت من الشمال والشرق والتي وجدت في أراضي السودان وتشاد امتدادا طبيعيا لحياة البدو العرب من البيئة الصحراوية. لقد كانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان علي دينار، وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور الدولة العثمانية التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية. ولهذا فليس من صالح أي كيان سياسي أو عسكري المساس بأحد أركان الهوية الدارفورية المتمثل في الثقافة العربية والإسلامية. [email protected]
1241
| 07 سبتمبر 2019
قضايا السودان أحيلت بالكامل إلى غرفة الإنعاش الأفريقية في ظل غياب عربي انغماس الاتحاد الأفريقي في القضايا السودانية شكّل دوراً موازياً لمنظمة الأمم المتحدة الجامعة العربية لم تقم خلال العقدين الماضيين بدور مواز للاتحاد الأفريقي أعلن الاتحاد الأفريقي مفاخرا وربما مزهوّا بأنه تمكن من التوسط بنجاح بين الفرقاء السودانيين حتى تكلل الأمر بتوقيع الاتفاق الدستوري بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير. ووصف الاتحاد الاتفاق بأنه تاريخي. وقال الوسيط الأفريقي إن توقيع الاتفاق عبر عن تشبث دول أفريقيا بمبدأ حل مشاكلها بصورة مستقلة. ولعل الاتفاق السوداني المنجز والذي يشكل بداية فترة انتقالية تستمر 39 شهرا، يلقي ضوءا كثيفا على فعالية الاتحاد الأفريقي بشكل عام ودوره في حل مشكلات السودان بشكل خاص مقارنة بدور الجامعة العربية. والمفارقة الجديرة بالملاحظة أن هناك عشر دول عربية تجمع بين عضوية الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بيد أن دورها في الاتفاق اقتصر بشكل شخصي على تعيين الوسيط - موريتاني - من قبل الاتحاد ربما بسبب الميزة المضافة المتمثلة في تحدثه باللغة العربية مما يسهل تواصله مع الفرقاء السودانيين. بل إنه رغم أن رئيس مصر هو الرئيس الدوري الحالي للاتحاد الأفريقي لكنه لم يكن حاضرا ضمن الرؤساء الأفارقة الذين حضروا مراسم توقيع الاتفاق في الخرطوم السبت الماضي 17 أغسطس الجاري. والمتابع لعلاقة الاتحاد الأفريقي بالشأن السوداني يلحظ أنه ومنذ نحو أكثر من عقدين من الزمان، أن قضايا السودان قد احيلت بالكامل إلى غرفة الانعاش الأفريقية. ولم يعد للمجموعة العربية أي مساهمة تذكر عدا مساهمة قطر في توقيع سلام دارفور في يوليو 2011 وهي مساهمة تبنتها وبادرت بها الدوحة. ورغم أنه كانت قد طرحت مبادرة مصرية ليبية مشتركة في وقت سابق إلا أنه لم يكتب لها النجاح لكونها لم تخرج من مربع إبداء حسن النوايا، إذ لم يطرح إعلان مبادئ للحل مثل المبادرة القطرية أو مبادرة دول الإيقاد الأفريقية. ونظر البعض للمبادرة الليبية المصرية المشتركة كمحاولة فاترة لرفع الحرج عن العرب بسبب تجاهلهم قضايا دولة عربية مهمة. وتعتبر مبادرة دول الإيقاد الأفريقية في عام 1994 الأساس الذي على ضوئه جرت مفاوضات السلام في كينيا حتى كللت بتوقيع اتفاقية نيفاشا 2005م، التي أدت في النهاية إلى فصل جنوب السودان في يوليو 2010 في ظل غياب للجامعة العربية. وبلغ انغماس الاتحاد الأفريقي في القضايا السودانية درجة أنه شكّل دوراً موازياً لمنظمة الأمم المتحدة، ولا تكاد تمر شهور، أو أسابيع، إلا ويحل وفد من الاتحاد الأفريقي ضيفا على الخرطوم، ليبحث مع المسؤولين مبادرات تسعى لحل أزمات البلاد. ولم يقبل السودان تدخل قوات الأمم المتحدة في دارفور إلا تحت غطاء قوات تتبع للاتحاد الأفريقي حيث نشرت قوات سلام في دارفور في إطار شراكة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة تحت مسمى اليوناميد. والمفارقة المدهشة أن موقف الاتحاد الأفريقي تبدّل بشكل دراماتيكي من داعم قوي للنظام السابق برئاسة عمر البشير إلى داعم قوي لمعارضيه بعد الاطاحة به في 11 ابريل الماضي. وكانت بعثة الاتحاد الأفريقي لمراقبة انتخابات 2015 قد أعربت عن رضاها التام عن العملية الانتخابية التي أعلن فيها عن فوز البشير بالرئاسة، وفوز حزبه بالأغلبية البرلمانية المطلقة. وظلت الحكومة السودانية السابقة مَدينة بشدة لمواقف الاتحاد تجاه أزماتها وكان بقاء هذه الأزمات في أروقة الاتحاد مصدر اطمئنان لحكومة البشير. وكان للاتحاد الأفريقي موقف قوي ومشهود من المحكمة الجنائية الدولية التي ظلت تسعى لمحاكمة البشير الذي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية في دارفور. وذلك على عكس مواقف الجامعة العربية التي كانت تثير قلق الخرطوم؛ ففي القمة العربية بنواكشوط 25 يوليو 2016 طالب البشير الجامعة العربية بموقف مماثل لموقف الاتحاد الأفريقي الذي كان قد اتخذ قرارا بعدم التعامل مع المحكمة، لكن موقفا كهذا لم تتخذه الجامعة. كذلك اتخذ الاتحاد الأفريقي قرارا دعا فيه الدول الأعضاء لعدم الالتزام بالعقوبات الأمريكية على السودان ووجه بتكوين آلية لمتابعة تنفيذ قرار العمل على رفعها. وهذا أيضا لم يحدث من جانب الجامعة العربية. [email protected]
952
| 31 أغسطس 2019
المشاركة العربية في مراسم توقيع الاتفاق دون التطلعات مواقف دول الجوار تكشف عن حالة من عدم اليقين تجاه الاتفاق السياسي تحديات اقتصادية كبرى تواجه الملفات المتعددة للاصلاح من المتوقع أن يتم اليوم في السودان التوقيع النهائي على الاتفاق السياسي الدستوري بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وبين قوى إعلان الحرية والتغيير وسط مظاهر احتفالية أريد لها حضور إقليمي ودولي كبيران. بيد أن معظم الاستجابات العربية جاءت دون مستوى التمثيل الذي أريد له فخفضت مصر تمثيلها من الرئيس إلى رئيس الوزراء فيما اقتصر تمثيل العديد من الدول المدعوة على وزراء الخارجية بينما تحمست دول الجوار الإفريقي. ولعل ذلك قد يشير إلى حالة من التردد وعدم اليقين تجاه ذلك الاتفاق الذي يبدو أنه ولد مشوها بعد حالة مخاض متطاولة ومتعسرة استمرت منذ سقوط نظام عمر البشير في 11 ابريل الماضي. الاتفاق وجد معارضة شديدة من الحركات التي تحمل السلاح في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان فضلا عن قوى سياسية مدنية أخرى ذات ثقل داخل السودان. وقد تكون من أسباب خفض تلك الدول لمستويات تمثيلها أسباب أمنية تتعلق بضمان أمن مسؤوليها نظرا لحالة عدم الاستقرار والتوتر التي تسم المشهد السوداني؛ لكن في ذات الوقت كانت ردود فعلها ساعة الاعلان عن التوصل إلى الاتفاق فاترة وربما مجاملة ومتحفظة. إن الحكومة المدنية التي بدأت ملامحها تظهر رويدا رويدا يجب ألا تغرق في محاولات تصفية النظام السابق أو ما يطلق عليه تعبير الدولة العميقة. صحيح أن المحاسبة قضية أساسية ومهمة لكن عندما يتجاوز الأمر الاجراءات القانونية ويتحول إلى هاجس وبعبع ومحاولات انتقام عشوائية لاشك أنه سينحرف ذلك بمسار الحكومة الوليدة بينما تبقى الأزمة الاقتصادية وهي المحرك الأساسي للجماهير التي انتفضت منذ ديسمبر 2018 وستهوي هذه الحكومة الوليدة في واد سحيق من الفشل. فعلى سبيل المثال من أين يبدأ الاصلاح الاقتصادي في ظل انعدام الموارد وعدم توقع عون إقليمي ودولي حقيقي؟. فهل تُقدم الحكومة الجديدة على رفع الدعم الذي يستهلك معظم موازنة الدولة؟ أم إنها سترجح كفة الجانب السياسي وتتجنب الغضب الجماهيري وفي هذه الحالة يبرز السؤال من أين لها الأموال التي ستصرفها على استمرار الدعم؟ ومن المعلوم أن الخبز الذي أشعل شرارة الثورة لن يقل سعر الرغيف الواحد بسعر الدولار الحالي مقابل الجنيه السوداني عن 5 جنيهات بينما يباع اليوم بنحو جنيهين. ويسري الأمر على الوقود وغيره من السلع الأساسية. ولعل شروط مؤسسات النقد الدولي معروفة وهي تشترط رفع الدعم وتعويم العملة المحلية، كما أن تعامل الخارج مع حكومة فترة انتقالية خاصة فيما يتعلق بالجوانب المالية ليس أمرا سهلا. إن الذين يتصدرون المشهد السياسي اليوم هم ليسوا أولئك الشباب الذين فجروا هذه الثورة وهذا ليس بأمر جديد سواء في الثورات السودانية السابقة أو في ثورات الربيع العربي في الدول المجاورة. فالمالك الحقيقي للثورة هم فئة شبابية غير حزبية وهنا تكمن الخطورة؛ فالمعركة مع النظام السابق أو الدولة العميقة ربما محسومة أو سهلة لكن المعركة مع هذه الفئة لا يمكن النظر إليها بأقل من أنها تحد خطير. إن ما يعزز المخاوف من مصير مظلم للبلاد هو هشاشة الاقتصاد السوداني ووهن النسيج الاجتماعي وضعف الاحزاب والقوى السياسية واختلافاتها العميقة حول محاصصات السلطة. وليس هذا فحسب إذ غدت البلاد مرتعا خصبا للتدخلات الخارجية التي أصبحت تستثمر بقوة في صراعات القوى الحزبية والحركات المناطقية المسلحة. ومنذ سقوط البشير ظلت الأطراف السودانية تتنقل بين عواصم الجوار في إثيوبيا ومصر ودولة جنوب السودان وتشاد بحثا عن اتفاق على محاصصة السلطة. في العراق أسس ما عرف بمؤتمر لندن في ديسمبر 2002 بتوجيه أمريكي لأسوأ سيناريو يمكن أن تفعله أي معارضة في العالم ببلدها وشعبها، حيث أُقرّت محاصصة سياسية على غنائم ركام الدولة العراقية، ومؤسساتها الأمنية، على أساس طائفي وعرقي. وتحوّل العراق فيما بعد إلى بركة دماء في ظل اقتتال مذهبي شرس. لقد كان الربيع العربي فرصةً تاريخية للمعارضات العربية لاثبات ذاتها وقد جاءتها الفرصة سانحة إذ لم تكن لها يد في حراك بدأ شبابيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها لم تجتز امتحاناً سياسياً جد عسير. [email protected]
1244
| 17 أغسطس 2019
قد لا أكون مبالغاً أو متعسفا إن قلت إن القوى السياسية في السودان أصبحت تتخذ من تلاميذ المدارس دروعاً بشرية وهي تخوض غمار الصراع على كراسي السلطة، خلال تظاهرات الأسبوع المنصرم كان ضحايا الرصاص الحي من التلاميذ دون سن 18 يمثلون نحو 90% لا سيما ما عرف بمجزرة مدينة الأبيض، فلم تكتفِ القوى السياسية وهي تمارس السياسة بمفهومها البرغماتي غير الأخلاقي باعتبارها لُعبة قذرة بالاستهتار بحالة الانهيار الاقتصادي التي تطوق البلاد وهي سادرة في جدل سلطوي بيزنطي، فقد أقدمت بجرأة تحسد عليها على استخدام تلاميذ المدارس وقوداً لمعاركها مع العسكريين الذين لم يألوا جهداً في إعمال سلاح القتل وتوجيه رصاصهم نحو الصدور الغضة. قد يزايد بعض السياسيين ويقولون إن التظاهر السلمي حق، وهذا معلوم ومفهوم بيد أن هذا الحق ليس معنيا به تلاميذ المدارس ما دون 18 عاما. وبما أن حق التظاهر يندرج في إطار العمل السياسي فليس هؤلاء اليافعون بإمكانهم ممارسة السياسة بكل تعقيداتها دعك من اعتبارها لٌعبة قذرة. يحكي أحد أولياء أمور التلاميذ بألم: (اليوم وأنا جالس في البيت قلقاً في انتظار قدوم ابنتي من المدرسة سمعت هتافات تشق صمت الظهيرة فخرجت فإذا بي أفاجأ بأن الهتاف في الحافلة التي ترحل ابنتي وهي في الصف الرابع الابتدائي، المذهل أن الذي كان يهتف ويأمر هؤلاء الأطفال بالهتاف خلفها معلمة بنفس المدرسة)!. وأضاف: (هاتفت مدير المدرسة وطالبته بألا يُستخدم التلاميذ وقودا في معارك هم ليسوا طرفاً فيها). وصحيح أن مشاركة التلاميذ والطلاب في التظاهرات في السودان ليست ظاهرةً جديدة، لكن ذلك لا يعني أنها ليست جريمة في حق الطفولة، وحتى ممارسة الطلاب الجامعيين السياسة قضية فيها نظر، بل إن هنالك دعوات منذ سنوات لحظرها أو محاصرتها في أضيق نطاق بحيث لا يتجاوز الأهداف التعليمية من باب التدريب وتنمية الحس الوطني. وظلت دور العلم لا سيما الجامعات في حالة نزيف طلابي منذ أكثر من نصف قرن؛ والنزيف المقصود هنا ليس فاقدا تربويا أو قصورا تعليميا، وإلا لكان الأمر هينا، فقد حصد العنف الطلابي بسبب النشاط السياسي غير الرشيد العشرات من الطلاب. وعوضا عن النشاط الطلابي السياسي غير الرشيد يجب أن يكون هنالك تثقيف سياسي بمعنى إطلاع الطلاب وتوعيتهم بكافة قضايا مجتمعهم، وتشمل الثقافة السياسية مجموعة المعارف والآراء والاتجاهات السائدة نحو شؤون السياسة والحكم. وكذلك تعنى منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التي يرى بها مجتمع معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور، والعلاقة المناسبة بين الحاكم والمحكوم. فضلا عن تعليم النشء كيفية قبول الآخر، وكيف يختلف شخص مع شخص ويكون صديقه. ولا يكاد المرء يلحظ في الغرب، حتى بين يدي أعتى الديمقراطيات، أي إقحام للطلاب في السياسة بهذا الوجه البشع والاستغلالي، بل تجد الطفولة حتى سن ١٨ عاما كل رعاية أبوية وحماية قانونية مشددة. وقد يجد البعض العذر للقوى السياسية فيما قبل سقوط نظام عمر البشير حين كانت تتخفى خلف النشاط السياسي في دور العلم لأن الحكومة كانت تحجر العمل السياسي على معارضيها وبما أن حرية العمل السياسي متاحة اليوم فيصبح استخدام التلاميذ والطلاب في السياسة جريمة لا تغتفر. ولعل الإشكالية اليوم أن القوى السياسية تشكك في مشروعية المجلس العسكري الانتقالي كسلطة لها حق تنظيم التظاهرات ومنحها التراخيص اللازمة في ذات الوقت يشكك المجلس العسكري في المشروعية الثورية التي تدعيها القوى السياسية. في كل الدول الديمقراطية المستقرة تُحكم التظاهرات بترتيبات تحدد خط سيرها وزمانها ومدتها وحجم المشاركين وتحرسها الشرطة وتؤمنها. فالسطة هناك لديها مشروعية دستورية يحرسها برلمان منتخب يمثل كل الشعب، والمتظاهرون ملزمون بأخذ الإذن بالتظاهر من تلك السلطة. [email protected]
1252
| 03 أغسطس 2019
يعاب على الاتفاق أن طرفيه والوسطاء زعموا أنه تطرق لهياكل حكم الفترة الانتقالية في ظل العبث السياسي لم تستطع الدولة استثمار مواردها الطبيعية وتسخير ثرواتها للنهضة والتقدم قبل أن يجف حبر الاتفاق السياسي في السودان بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، وكذلك قبل أن تجف دموع الوسيط الأثيوبي، تدافعت بيانات الرفض من القوى السياسية الأخرى بل حتى من داخل قوى الحرية والتغيير. بعد جلسة تفاوضية مرهقة استمرت زهاء 10 ساعات أعلن الوسيط الإثيوبي محمود درير الأربعاء، وهو يغالب دموعه، اكتمال التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق وصفه بـ"التاريخي" بين الطرفين المتنازعين سلطات وصلاحيات الفترة الانتقالية عقب سقوط نظام الرئيس عمر البشير في 11 ابريل الماضي. لا نتهم الوسيط الأثيوبي ونقول إنه سكب دموع التماسيح بيد أن المناخ كله كان مناخ استجداء للشارع السوداني المنتظر على حواف الصبر، سواء كان ذلك من جانب الوسطاء أو كان من جانب الطرفين المتشاكسين؛ إذ لم يكن الاتفاق الذي زعم أنه عالج هياكل الحكم في الفترة الانتقالية يحمل جديدا بشأن نقاط الخلاف الأساسية بل كان محاولة متعجلة لإظهار توافق لم يتحقق فعليا، فقد كان الشعور بالحرج يؤز الجميع أزا بسبب تطاول الجدل وربما المماحكات السياسية. الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة ضمن قوى الحرية والتغيير كانت أول المنتقدين، وتبرأت من الاتفاق باعتبار أن الوساطة وطرفي الاتفاق لم ينتظروا حتى تضمين قضايا الحرب والسلام التي يجري النقاش حولها بأديس أبابا بين الجبهة وقوى الحرية والتغيير. وقالت الجبهة في بيان لها: "في الوقت الذي تجري فيه مشاورات بأديس أبابا بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير لإدراج قضايا الحرب والسلام في وثيقة الاتفاق، يسارع حلفاؤنا للتوقيع دون تنسيق مع الجبهة الثورية التي هي شريك وجزء أساسي في التحالف". ورفض الحزب الشيوعي وهو كذلك ضمن قوى الحرية والتغيير، الاتفاق لاعتقاده بأنه "يكرّس هيمنة العسكر. وقال الحزب إن "إعلان الاتفاق بمرسوم دستوري يُعطي شرعية للمجلس العسكري لا يستحقها، وعدم رجوع بعض قوى الحرية والتغيير في التوقيع على الاتفاق لبقية مكونات التحالف". ويعاب على الاتفاق أن طرفيه والوسطاء قد زعموا أنه تطرق لهياكل حكم الفترة الانتقالية ومع ذلك لم يشر إلى شروط اختيار رئيس الوزراء - المنوط به تشكيل الحكومة واختيار الوزراء - وحدود صلاحياته. كذلك لم يحدد عدد أعضاء المجلس التشريعي ولا طريقة اتخاذ القرار فيه. فضلا عن صلاحيات مجلس السيادة. وحتى الوثيقة الدستوريّة التي كان قد حدد انجازها يوم أمس الجمعة قد تم تأجيلها ربما بسبب هذه الخلافات والقنابل الموقوتة. إن ما يثير القلق حقا أن القوى السياسية والمجلس العسكري لا يبدو أنهم يدركون أن عليهم مسؤولية خلق الاستقرار والاستجابة للجماهير التي خرجت وأطاحت بالنظام السابق، بل يتجاهلون التحدي الحقيقي المتمثل في الأزمة الاقتصادية التي كانت السبب الأساسي في ثورة الجماهير. سيكون الشعب السوداني مستعدا للتضحية إذا ما وجد ما يبرر ثقته في طرفي الجدل أو لو تلمس لديهم عزماً صادقاً على الإصلاح من خلال البدء في إجراءات تشكيل الحكومة وسد الفراغ الدستوري منذ أبريل الماضي. ومن المعيب أن دولة مثل السودان لم تستطع في ظل العبث السياسي استثمار مواردها الطبيعية وتسخير قدراتها وثرواتها للنهضة والتقدم؛ وقد غدت مشاهد الفقر المدقع وتضخم حجم الفئات الاجتماعية المهمشة وانتشار البطالة، مظاهر تعكس الخلل البنيوي في الاقتصاد القومي بسبب السياسات التي تتضارب مع متطلبات الناس واحتياجاتهم، لأغراض سياسية في المقام الأول. [email protected]
1214
| 20 يوليو 2019
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
17481
| 11 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
9825
| 13 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
8136
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
4830
| 11 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3570
| 11 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...
2139
| 16 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1671
| 11 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1128
| 12 نوفمبر 2025
في بيئتنا الإدارية العربية، ما زال الخطأ يُعامَل...
1122
| 12 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم...
1053
| 14 نوفمبر 2025
يعكس الاحتفال باليوم القطري لحقوق الإنسان والذي يصادف...
900
| 12 نوفمبر 2025
الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...
867
| 16 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل