رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الثلاثاء الاستثنائي والاستفتاء الدستوري حاضرين أم مسافرين؟

لا شك أننا أمام حدث تاريخي كبير، فتعديل أي دستور قائم في أي دولة في العالم يعد حدثاً استثنائياً وتاريخيا، حيث يمثل إحدى الأدوات الأساسية لضمان استمرار تطور أي دولة ومواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتحديات المعاصرة والمستقبلية، وفوق ذلك كله تعزيز استقرارها الداخلي وضمان الاستجابة لاحتياجات شعبها المتغيرة وتحقيق رفاهية مواطنيها. مباركٌ عليكم المبهج هنا في قطر.. ولأول وهلة ما إن أعلن صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، العزم على اجراء تعديلات دستورية وأصدر المرسوم رقم 87 لسنة 2024 بدعوة كافة المواطنين فوق الـ 18 عاما للمشاركة في استفتاء عام على التعديلات، إلا انهالت علينا المباركات من كل صوب خصوصا من أساتذة وخبراء عرب مخضرمين ممن كانت لهم خبرة عميقة لا يستهان بها في مجال التعديلات الدستورية التشريعية أو ممن خاض المخاض في تجارب برلمانية مشابهة في مجالس شورى منتخبة او مجالس أمة أو برلمانات. نشعر بالفخر حقا، خصوصا أن سمو الأمير أدخل قطر التجربة بأمرين: حكمة واقتدار وتأسٍّ، وفيها صرح وبكل شفافية - بعد أن حقق سموه ونفذ بنود دستور 2003 - «ليس مجلس الشورى برلمانا تمثيليا في نظام ديمقراطي، ولن تتأثر مكانته وصلاحياته سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين» وعطف على أهم عناصر القوة بين الحاكم والمحكوم «كلنا في قطر أهل» معرجا على قوة شعبنا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها» وهي لعمري أقوى تمثيل لنظامنا الإسلامي الحكيم في (وأمرهم شورى بينهم) والذي شكّل لبناته وآلياته وأدواته الإسلام منذ عهد النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم قبل أن تتشدق به الدول التي تدعي الديمقراطية. النموذج الإسلامي ووثيقة المدينة: إننا نشعر بالفخر ليس بأميرنا وحكمته فحسب بل بإحياء أميرنا روح إسلامية الشورى والعودة لجذورنا ونموذجنا المتفرد في الحكم الجيد ونظام الشورى في الإسلام التي كانت وثيقتها في المدينة المنورة أول دستور عالمي. وقد درس الغرب هذا النموذج الفريد وامتلأت به أدبيات الدراسات السياسية للتأسي به. حكمة التجربة وقطر تخوض التعديل هي واحدة بين دول من العالم خاضت تعديلات عدة. فعلى المستوى الدولي: لا ننسى أول تعديل في الدستور الأمريكي - وهو أقدم الدساتير المكتوبة – ذلك الذي قدم حرية الرأي والتعبير وسلطة صاحبة الجلالة (الصحافة) ليجعلها فوق وقبل السلطات الثلاث المعروفة، بيد أنه لم يعدل مرة واحدة فقط بل تم تعديله 27 مرة منذ اعتماده 1787. فجاء التعديل الرابع عشر 1868 نقطة تحول جوهرية؛ حيث منح حقوق المواطنة الكاملة لتعزيز حقوق السود بعد الحرب الأهلية. والتعديل التاسع عشر 1920 الذي منح النساء حق التصويت وعزز مشاركتهن السياسية. كما شهدت ألمانيا تعديلات دستورية كبيرة ومهمة في أعقاب توحيدها بعد سقوط جدار برلين عام 1990. فأعادت بناء النظام السياسي وعزز ت الوحدة الوطنية لألمانيا. وكذلك جنوب أفريقيا وفرنسا والهند وكينيا وهلّم جرا، وكان الاستفتاء الشعبي في كثير من أنظمتها مفتاح النجاح. أما على المستوى العربي: فقد شهدت مصر عدة تعديلات دستورية، كتعديل 2019، والذي تطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان وحقق استفتاء شعبيا. وفي الجزائر تم تعديل الدستور 2020، لتعزيز الحقوق والحريات بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان وباستفتاء شعبي أيضا. وفي المغرب، تم تعديل الدستور لتعزيز دور البرلمان والحكومة 2011 بموافقة شعبية. وفي تونس، تم اعتماد دستور جديد 2014 بموافقة ثلثي أعضاء اعتماد دستور آخر جديد 2022. لقد أبدت لنا هذه التجارب الدولية أن عملية تعديل الدستور تتطلب مرونة وتوازنًا دقيقًا بين الحاجة للتغيير، والاستقرار للمبادئ الأساسية للدولة، وأدركنا بعد تجربتنا أننا أمام إنجاز كبير يتطلب توازن القوى والمصلحة العليا للوطن وتوجهات المجتمع ومشاركته الشعبية. وانطلاقا من إيماننا بأهمية هذه المرحلة فإننا ندرك ضرورة المضي قدما للتصويت ذاتيا سواء كنا في قطر أو مسافرين بإحدى الطريقتين: إما ورقيا، أو الكترونيا عبر مطراش 2. ننطلق ب (نعم) إيماننا منا برؤية قيادتنا الحكيمة التي ترتجي النهوض بالدولة وأمنها وشعبها واستقراره ورفاهيته. ننطلق بـ (نعم) تقديرا لدستور هذا الوطن الذي احترم إرادتنا باستفتائنا واضعا نصب عينه مصلحتنا وحفظ حقوقنا وتقوية أواصر لحمتنا وترابطنا ووحدتنا. ننطلق بـ (نعم) نظرا لنجاعة الموقف الذي اتخذه أهل الحل والعقد فينا حين أقر مجلس الشورى مشروع التعديلات الدستورية بالإجماع. وأخيرا وهو الأهم والأبقى أثرا. ننطلق بـ (نعم) حيث أحيا أمير قطر فوق ذلك كله روح ونظام (الشورى) في الإسلام والذي سيكون بلا شك محطا للأنظار ونموذجا يقتدى وموضوعا خصبا لدراسات مستقبلية قادمة بقوة في مجالها.

1791

| 04 نوفمبر 2024

هل تعيد دولتنا النظر في أهمية العلوم الاجتماعية والإنسانيّة ؟

تشرفت الأسبوع الماضي بالمشاركة في الملتقى العلمي وورش عمل تدشين (شبكة آفاق المستقبل للشرق الأوسط وآسيا الوسطى) (MECAFAN) بدعوة كريمة من مركز الدراسات العربية والإسلامية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في الجامعة الوطنية الأسترالية. تحدثت فيه عن الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي في الوطن العربي في عصر ChatGPT ومع ما يواجهه وطننا العربي من تحديات بل ومواجع جمّة ذكرتها، إلا أن التحدي الأكبر في التنافسية مع العالم هو ايجاد نماذج توليديّة بلغتنا العربية الأم.. وهنا كان فخرا لنا أن تطلق قطر مبادرة أول نموذج توليدي ل ChatGPT العربي وتشرفت بإلقاء الضوء ايضا على جهود الدولة المباركة فيه على نظام MLL لخدمة المحتوى العربي الرقمي والبيانات الضخمة في زمن الذكاء الاصطناعي. في الجانب الآخر كان جميلا ان يطلق العنان للعلوم والبحوث الاجتماعية في هذا المنتدى مجددا نحو المستقبل (فيوتشر سكيب) وتشقّ موضوعاتها عباب الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية في خدمة قضايا مستقبل منطقة الشرق الاوسط والعالم الإسلامي في أواسط آسيا بطريقة غير مسبوقة وبزوايا جديدة إبداعية جمعت أكاديميين من دول عدة لفحص الطرق الملموسة وغير الملموسة لإعادة تشكيل وتصور المنطقة من منظور التكنولوجيا المستقبلية الكامنة في المشاريع التي تقودها الدول في المجالات التقنية والعلمية والرقمية من الحوكمة الإلكترونية، أنظمة اللغة، إنترنت الأشياء، التكنولوجيا المالية، الطاقات المتجددة، إلى ( المدن الذكية) فضلا عن مناقشة العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والجيوسياسية التي تمكن أو تقيد هذه المشاريع ومعايير إمكانياتها والإنتاجات الفنية، الأدبية، الثقافية فضلا عن الاهتمام بالفنون او ما سمي ب (الجيولوجيا الفنية) لـ «المستقبل». فيما وصف مستضيفو الملتقى واقعه الحالي في عالمنا الإسلامي ب «بالسباق المطرد نحو الترقية التقنية والصناعية واحتفالية مميّزة بشأن قوة ووعد التكنولوجيا تنافس فقط تلك الموجودة في وادي السيليكون أو تشونغقوانتسون.» خصوصا وان دولا خليجية صنعت مدنا تكنولوجية تنافس سيليكون ڤالي. المبادرة أطلقت من مركز من المراكز العلمية القليلة المختصة في هذا الشأن في جنوب الكرة الأرضية وبالتحديد في أقوى جامعاتها،الجامعة الاسترالية الوطنية. العلم ذو شجون حيث تعيد المناسبة تأكيد دور وضرورة مواكبة التكنولوجيا وثورتها الرقمية السريعة في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية التي طالما اختزلها الكثير من العرب في البحوث النظرية. وطالما ايضا رفعنا أصواتنا في مناسبات شتى لتضمينها في كليات ومراكز بحوث العلوم الاجتماعية وكلياتها هنا في قطر، هذا إذا كان للجامعة الأم حظ في وجود كلية خاصة للعلوم الإنسانية والاجتماعية والتي عانت من التهميش وضمها تحت كلية العلوم في فترة من عمر تطوير التعليم في قطر او بدعواه منذ زمن بعيد، والتي لم يحدث فيها اي تعديل منذ ذلك الحين.. كان هذا ظلما لحقل مهم من حقول المعرفة ! لماذا؟ أسوق بعض الأمثلة فقد عرفت بانها نموذج إسلامي فريد في حضارة العلوم في الأندلس وتكوين المسلمين فيها لنموذج دكتوراه الفلسفة مقابل تخصص دكتور الطب، كما كانت ايضا محورا عربيا إسلاميا لدى ابن خلدون في التركيز على الاجتماع والإنسان وهو مصدر وأساس العلوم التطبيقية وتطويرها الذي تبنى علمه الغرب. وهنا أسوق لكم مثالا آخر تطبيقا! بعد السؤال؛ هل تعلمون من حرّم شرب القهوة التي تعرف لغويا ب «الخمرة» ومن الذي أحلها؟ إنّها العلوم الإنسانية والاجتماعية ؟ ستقولون: كيف؟ انه ما بعد تحريم القهوة خوفا من مفعولها وأعمال الشغب التي سادت نظرا لمعاقبة شاربيها… وحدوث الفوضى بعد انتشار مقاهيها في العالم الإسلامي فترة الخلافة العثمانية. لم يحسم تدهور الوضع السياسي إلا اخضاع الحاكم العثماني الظاهرة الاجتماعية الجديدة لمنهج البحوث العلمية !! فاستدعى السلطان (مراد بك) في مصر علماء الطب وأمرهم بعمل بحوث تطبيقية في مفعول القهوة على شاربيها ان كانت حقا مسكرة مثل الخمر! وهذا يعد في صميم مناهج البحوث المتداخلة: فبحث علاقة الأثر على الجسم منهج علوم طب علاقة الاسم خمرة بمعنى قهوة على فهم العامة لها بمفهوم الخمر السكر «لغويات» علم وفقه اللغة.. علوم إنسانية، اثر الاجتماع على الوضع وعلى الامن الوطني سياسة … علوم اجتماعية هذه مجرد مثال أحلله هنا ولدي الكثير مما يثبت اهمية علم تم نسفه فقط عند العرب ويعاني التهميش وهو صميم أمن الدول … العلوم الاجتماعية وقطر العزل او قل التهميش للعلوم الاجتماعية لا يتسق مع دولة متطورة وناهضة علميا مثل قطر لا فكرا ولا سعيا ولا انجازا، حيث تتقدم الإنجازات والمبادرات في قطر على نوع برامج التنمية البشرية ! اعني بها المتاح لأبناء «الشعب» في جامعته لا الذي وفرته في جامعات «النخب» وهو أقلية وبلغة غير لغتنا الأم … خصوصا وان هذا العصر والوقت الحسّاس دفع العالم إلى إعطاء العلوم الإنسانية والاجتماعية قيمتها كمسار خاص، وإعطائها حجمها فيما أفرزته التحولات العالمية ودراسة التنبؤات وسيناريوهات المستقبل بل وصناعته في السياسة والاقتصاد، وفرض أهميّة تداخلها وتقاطعها حتى في توظيف مناهج البحوث الرقمية وهندسة البيانات وبرامجها فيها. ناهيك عن أننا قضينا وطرا دون ان تشهد فيها قطر «الجزيرة» و قطر « العربي» كليات أو أقسام متخصصة في العلوم الرقمية والتكنولوجيا والإعلام وكأننا نعيش عزلة بين النظرية والتطبيق. هذا وعصر الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية لا ينتظر أحدا. قد يقول قائل: لقد افتتحت كليات جديدة هذا العام في جامعات خاصة! لكن أليس أبناء كل الوطن «الشعب» اولى في اهم وأضخم جامعة مستوى وترتيبا دوليا وعددا وضخامة في الدولة. التطورات التكنولوجية الاعلامية الرقمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية وضرورة تضمين منهجيتها في تحليل البيانات الضخمة ليست من نافلة القول بل تعد اليوم فرضا وواجبا في عالم يموج بمحركات بحثية وروبوتات وبيانات ضخمة محتكرة ومضللة تداهم اوطاننا وتعيد تشكيلها سياسيا واجتماعيا. النظر بعدسة المستقبل.. ضرورة (ربوا أبناءكم لغير زمانكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم …) مقولة حق في زمن الخبث الاصطناعي..

1509

| 18 سبتمبر 2024

التعليم في قطر والذكاء الاصطناعي في زمن ChatGPT

لا.. ChatGPT لا !! لا مرفوض … ممنوع! هذه ليست ردود أفعال مجتمع بين متعلم وغير متعلم أو بين تعليم متفاوت او بين مجتمع ينتابه الحذر أو الخوف الطبيعي في البدايات. ولكنها ردود أفعال بعض الوزارات والجهات الأكاديمية، ليس بداية إطلاق ChatGPT نوفمبر ٢٠٢٢ فهذا متوقع وطبيعي، بل الرفض أو التأخر في الاحتضان والتبني أو التدريب بعد ما يقرب من عامين من تدشينه في ظل الخوف العام أو من الانتحال في العرف العلمي ! Plagiarism ولكن مع تطوير الأنظمة والمعايير والأطر والحوكمة في العالم لا ينتظر الأمر ان نقف وقوف المتفرجين، فمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وضعت سياسات متعددة للتدريب على AI حتى في الدول الفقيرة، كما تعاونت اليونسكو مع عدد من الدول، ودرست التحديات والمخاطر ووضعت الحلول والمعايير للبرامج العلمية المدرسية والجامعية والعليا. فلم الذعر مستشرٍ إلى يومنا هذا في مؤسسات قطر رغم ان التجربة عالمية وشاملة ومشاركتنا مع العالم مخاوفه تبدو متساوية، الفرق أنهم أعطوه الثقة واليقين، وأعطيناه الشك. لقد مضى الغرب في مسيرتهم نحو الحلول وحوكمة الذكاء الاصطناعي وهي تدفعنا للتبني حتى لا ندفن تحت الرمال. شات جي بي وغيره من البرامج الذكية التوليدية أحدثت ثورة في المحتوى الرقمي وتنافسيته في الفرص العالمية وفي التعليم. وغير AI معادلات الاقتصاد والسياسة بل والتسليح، وساهم في رفع دول والانحدار بغيرها. فأين التعليم في الدولة من ممارسات العالم؟ قطر الدولة… بدت أذكى من مؤسساتها، ففي الوقت الذي عملت فيه على رؤية ٢٠٣٠، أعلن سمو الأمير الخطة التنموية الثالثة والتي ركزت على الذكاء الاصطناعي، وطورت الحوكمة والبنية التحتية والأدوات والحوسبة السحابية والشراكات العالمية فيها، والتي تأتي مايكروسوفت من أهمها وهي التي أطلقت برنامج Copilot والتي ننتظر منها برامج تدريبية موازية لقطر. سبقت قطر الزمن وأطلقت المبادرة الأولى من نوعها في الذكاء التوليدي بالعربية شات جي بي تي العربي «فنار» الذي أعلنه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية مايو الماضي، والذي سيشكل «الرينيسانس الرقمي» عصر النهضة الرقمية للغة العرب. ودشنت قطر إستراتيجية الذكاء الاصطناعي منذ ٢٠١٩ وركزت على التعليم والتدريب فيه وبناء القدرات. قطر ذكية رقميا، ولكن مؤسساتها في AI سلحفائية إن صح لنا التعبير. كيف؟ قطر المؤسسات التعليمية.. لم يطرح أي برنامج تعليمي حكومي جامعي ولا مدرسي لا على مستوى الطلاب ولا الأساتذة ولا المدرسين ولا مقدمي خدمات التعليم ومقيميه او القائمين على مكتباته وخدماته، بل ربما منعوا منه!. هذه الفترة تستوجب وجود مقرر استثنائي قل إجبارياً في المدارس، وفي الجامعات متطلبا عاما ورئيسا في السنة الاولى. كما تتطلب هذه الفترة طرح دورات تدريبية على مستوى الموظفين والمعلمين والمختصين والطلاب كتلك التي تبنتها دولة قطر في مشروع تطوير التعليم السابق في «تعليم لمرحلة جديدة»، خصوصا ان التدريب الحوسبي يعد أهم، إذ ان مشروع قطر السابق كان مشروعا وطنيا، أما مواكبة الذكاء الاصطناعي التوليدي والتفوق فيه فهو بوابة عالمية للمستقبل. قطر الشعب… تماشيا مع سياسات قطر الرقمية ولتحقيق أعلى درجات الأمن الوطني للدولة، الضرورة تستوجب طرح دورات أخرى للشعب، فمحو أمية الذكاء الاصطناعي ضرورة لا تقل عما عملته قطر سابقا في محو الأمية الرقمية. قطر المؤسسات الرقمية: لم نضع في قطر إلى الآن دليلا لا مهنيا ولا علميا ولا شعبيا للذكاء الاصطناعي ولم نترجم دليلا موجودا ايضا، بل لم نضع معاييره، لماذا؟ الخوف!. حيث إن ChatGPT وما يماثله يهدد أخلاقيات البحث العلمي والأمن المؤسسي وخصوصية البيانات الخ. … ولكن هل تجنبه هو الحل؟ على العكس.. تجنبه هو مكمن الخطر، فبدون تدريب عصري مواكب وموازٍ سيحدث الخلل في المجتمع والأمن الوطني. وستتمكن الآلة من النفوذ إلى الشعب القطري وستتم قيادته من الخارج بشكل طائع. فضلا عن خطر وقوع الأفراد غير المتدربين في مخاطر إدخال البيانات الخاصة والمهنية في بند تحميل الملفات في البرامج التوليدية مثل ChtGPT. وغيره مما يخترق خصوصيتهم وخصوصية الأمن المؤسسي والعام فضلا عن التأخر عن الركب عند الرفض الشامل له دون العمل على سياساته واتباع أفضل الممارسات العالمية فيه. يجب ألا نعتذر عن القصور بالأخلاقيات والقوانين، فهناك دول سبقتنا في تبنيه ووضع أخلاقياته، وهناك دول تعاونت مع اليونسكو لوضع أساسياته وسياسته في التعلم. فلا بد ان نستفيد منها ومن اليونسكو التي نحن عضوا فيها، خصوصا ان منظمات الأمم المتحدة تعمل جاهدة على سد الفجوة بين المجتمعات، ومن ثم يقع على الدولة العمل على التشريعات والقوانين وعلى المؤسسات سن الأخلاقيات العلمية او البحثية كل فيما يخصه. رؤية قطر واحدة واستراتيجيها واحدة بلا شك ولكنها للأسف في التبني بل حتى في القناعات او التنفيذ ليست واحدة. وماذا قدمت مؤسساتنا الحكومية في زمن AI؟ التدريب الفخم في الفنادق يركز على سفاسف جلسات تطوير الذات النرجسية والذكاء العاطفي! هدر!. في حين أننا في امس الحاجة لتنقية ومأسسة نظام وجداول ومواقع التدريب لتكون فعلا مهنية وفي صلب ما تحتاجه قطر!. وهل حسمت المؤسسات جاهزيتها ونحن نرى الفجوة في تبني سياسة الذكاء الاصطناعي بين المدارس والجامعات الخاصة والحكومية؟ هذا في الوقت الذي لم نشهد فيه قرارا علميا مشتركا بتبني ذات الاخلاقيات والسياسات بين الجامعات في قطر من حكومية وشبه حكومية وخاصة او تجارية، فغدت شراذم!. فهل يعيش التعليم والتدريب بين مؤسسات ومدارس وجامعات قطر وهم بجانب بعضهم «أبارتايد علمي» غير تعاوني؟ رغم أن النموذج العالمي أمام ثورة ChatGPT قد وحّد بريطانيا فجمع اكسفورد وأمبريال وكامبريدج ونيوكاسل على ورقة سياسات وأخلاقيات واحدة. وجمع النظام التعليمي الأمريكي أخلاقيات مشتركة بين ستانفورد وبرينستون وام اي تي وغيرها. وهل تعيش تطبيقات التعليم الذكي في قطر خلف قناعات رغم ان استراتيجية الدولة المعلنة وخطتها التنفيذية ليست موضوع قناعات لوزير او رئيس؟. وهل جاهزية مؤسساتنا تعكس جاهزية الدولة وتلبي استراتيجياتها.. أم تتخلف خلف الخوف؟ وقاعدة ال AI تقول: «لا تخافوا من الآلة.. بل خافوا من منافسيكم» يبدو أن مؤسساتنا لم تفهم نوع واتجاه المنافسة في زمن ChatGPT.

1983

| 11 سبتمبر 2024

درس الحروب.. احفظوا وثائقكم رقميا

تعطينا الحروب دروسا كل يوم، مع غمرة الألم نرى كيف يخرج الإنسان صامدا وغنيا في نفسه وإرادته ولكنه في الوقت نفسه صفر اليدين من كل شيء. كل ما خلفه وراءه، أهله، بيته، سكنه، أمواله، ثروته، وثائقه وشهاداته. بل وترينا الحروب الجائرة كما حرب المحتل الاسرائيلي على غزة كيف تغولت الغاشمة على العلم ومدارسه وجامعاته فوق اغتيال الإنسانية. يترك الموجوع كل شيء خلفه، كيف لا وقد نزعت منه قبلها الروح والوطن؟. أهوال الحروب يكتب فيها الله تعالى ما يكتبه فيستشهد من يستشهد وينجو من ينجو وعندما تنجلي الغمة يجد الناجي نفسه فوق الفقد والشتات قد ضاع حصاد عمره سدىً، فلا وثائق ولا شهادات محفوظة لمراحل تعليمه وخبراته وأين وأنى له تحت هذا الدمار؟. شر مطلق هي تلك الحروب التي تستهدفنا. الحرب وجع وفي السلم تعطينا الحروب وصروف الدهر ونوائبها العبر. من يكتب له الله النجاة لا بد أن يكمل مسيرة الحياة. هنا كانت قطر وما زالت «كعبة المضيوم» لكل من شردته الحروب ظلما وقهرا خصوصا في المجازر على أهلنا في غزة فأظلت تحت سمائها إخوة لنا. ووفرت مدارس بمعايير إنسانية كتلك الفرص التي وفرتها ايضاً قبل اليوم في مناطق الصراع والحروب والفقر والكوارث. لقد سعت سمو الشيخة موزا بنت ناصر في إنشاء مدارس داخل قطر - ربما لا يعلم عنها البعض- هي «مدارس السّلم» في برنامج التعليم للجميع تلك التي فتحت الأمل لمتضررين ومظلومين دخلوا في ظروف قاهرة فآوتهم قطر بموجب اتفاقيات إنسانية وتنموية. أطفال غزة.. شباب ونساء غزة.. رجال غزة.. مبدعون خطباء بارعون وعلماء أجلاء.. كان فخرا لنا أن نؤويهم في بلد يؤمن ب «ارحموا عزيز قوم ذل». وهناك آخرون من دونهم لا نعلمهم الله يعلمهم من وطننا العربي والإسلامي الاوسع الذين ضاقت عليهم الارض بما رحبت جرّاء غمة نزلت بالأمة منذ عهد ماكر أطلق عليه صانعوه الربيع العربي فهجروا كل أبنائنا وما زالوا ينتظرون دورهم في التعليم للجميع الذي لم تألُ فيه سمو الشيخة موزا بنت ناصر جهدا فجعلته «فوق الجميع» وأكملت مسيرته الشيخة هند بنت حمد رئيس مؤسسة قطر، وتلك لعمري تسمية ذكية ورائعة لمبادرة اكثر من رائعة لأن التعليم يستحق ان يكون ظرفا مكانيا «فوق الجميع». ظرفا مكانيا فوق المكان والحرب والدمار والقفر والفقر. لا حرف جر بـ لهم او بهم، تجرهم الحروب وتجرف معهم مؤسساتهم التعليمية وجامعاتهم دون صدى من وطن عربي جر معظمه الغدر بأبنائه. حسنا فعلت قطر فقبل ذلك ايضا أطلقت الشيخة موزا بنت ناصر مبادرة «صلتك» التي مدت رباط التعليم للجميع في مختلف الدول المنكوبة او الفقيرة، كما عودتنا وهذا ديدنها في الحضور الإنساني بكل معانيه. وماذا عنا، ماذا علمتنا الحرب؟ علمتنا ان هذا العالم الغربي الماجن يريدنا له فقط ولا يريدنا لنا. لم يتعاطف قط مع قضية شعبنا المنكوب في غزة بل تآمر عليه وعلينا من فلسطين النكبة إلى احتلال العراق وسوريا وتهويد بقية دولنا وتركيعهم. الدائرة تتسع بتدبير مخطط وفعل فاعل. ولا يظنن أحد انه بمنجى! يجب أن نتعلم كلنا من صروف الدهر، فقد يتعرض أي شعب في أي وطن لأي طارئ وأي أزمة يفر فيها نافذا بجلده كما الحال في السودان حيث أدخلت الفتنة بين شعب آمن لتسبب أكبر نزوح وألم يعتصر القلوب. تكوين رؤية وتحوط للمستقبل في ظل هذا التغول الدولي والخيانات امر مهم جدا على المستوى الشخصي والمحلي الأفراد والدولة حتى لا يجد من ينجو في ظل اي ازمة او حرب نفسه خارجا صفر اليدين فلا بد من نظم توثيق وحفظ تاريخ السكان والمكان على المستويات الوطنية وعلى المستوى الشخصي. ضرورة التخزين الرقمي ضوئيا للملفات المهمة من المؤهلات والإنجازات المهنية والتدريبية والشهادات العامة في كل مراحل التعليم والجامعية وحفظها على المنصات السحابية التي تتيح رموزا وكلمات سر للدخول. حتى لا يضطر الانسان في ظل نكبته ومحنته وهجرته إلى إعادة حقبة من دراسته حين التقدم للعمل أو الدراسة أو حتى تقديم ملفات اللجوء أو الهجرة. الثورة الصناعية الخامسة والتداخل بين الإنسان والآلة هيأت لنا قواسم عالمية مشتركة جديدة للتخزين سواء كانت على OneDrive أو ال iCloud أو غيرها من النظم السحابية مثل غوغل ودروبكس ومايكروسوفت تلك التي تقدم مميزات امان أكبر مثل التشفير والتصديق الثنائي. أما وإن هناك خدمات محدثة توفر حماية مخصصة للوثائق في مواقع مؤمنة ضد الكوارث والأزمات. أما وإن استخدام تقنية البلوك تشين قد تطورت في حلولها في مجال أمن البيانات ومصداقيتها. ومع إيماننا بأنه تقع على كل فرد مسوؤلية تخزين بياناته وتوثيقها وعلى كل أسرة حماية بيانات أطفالها في عصر عدم الأمان. هنا نأتي للسؤال الأهم في الدول التي يعد صغرها ميزة، هل عملت قطر على حفظ أرشيف رقمي متكامل لمواردها المادية والبشرية على المنصات السحابية بنظم مشفرة وموثقة ومؤمنة ضد الكوارث والأزمات؟.

654

| 04 سبتمبر 2024

المقعد الأخير

ماذا يعني أن تكون في المقعد الأخير في المقهى أو المطعم؟ وماذا يعني أن تكون في المقعد الأول أو الأخير في الصف أو في صفوف الدراسة؟ عبارات ربما لم تخطر بذهني حتّى اقعدني النادل في المقعد الأخير في طاولة صغيرة في مطعم مشهور في لندن!! وما أدراك ما لندن؟ كنت وقتها بمفردي وكان النادل ملحّا على أنه يحتاج الطاولة بعد ساعة!! وأنت رهين الجوع وبمفردك بالتأكيد أن تبحث عن مطعم وبلغة الأمريكان كافيه! وبلغة الجوع: «عن وجبة لذيذة» ؟ وأمام سلطان الجوع حتما ستقول: السمع والطاعة !! ضحكت في نفسي وانا اصلا كنت على عجل، فالتفت إليه وقلت بلغتهم: أنت وشطارتك في سرعة إحضار الوجبة؟ ما ان جلست وأنا المغلوبة على أمري في مقعد لم اختره... حتّى عرفت ما يرمي إليه النادل ؟؟ وما أدراك ما المقعد الأخير في المقهى؟ أو حتّى في القطار ؟ فقد ملكت الرؤية الشاملة بدون سابق حجز ودون تدخل منّي أو اختيار!! فإذا بي ولأول مرّة أطالع أمامي بانوراميك من العوالم المتعددة، بل قل مجتمعات بأكملها في هذا الموقع من هذا المقهى المشهور في مدينة طالما أطلقوا عليها أنها مطبخ السياسة العالمية وتعرف أنها عاصمة متنوعة الأعراق «كوزمابوليتان سيتي!! فإذا بي عن كثب أراقب كلّ شيء دون قصد ليس الداخل والخارج فحسب بل من يأكل، من يتحدث وبمختلف اللغات وبكل أنواع الضجيج، من يذهب إلى غرفة الجاكيت (كلوك روم) !! من يأتي على الباب وليس لديه حجز مسبق ويقف بجوعه مترجياً ان يجدوا له طاولة دون جدوى فتبوء رجاءته بالفشل فيخرج جارا أذيال الجوع!! هذا وهناك عالم آخر من الجالسين جماعات دون جوع يذكر.. ودون رغبة في الطعام بل لأن أعمالهم فرضت عليهم اجتماعات غداء، يكادون أن يكونوا هم مصدر الحديث العابر أو تلك الضجة والضوضاء التي أسمعها حولى أحدهم وهو يتحدث عن الانتخابات أو عن مشروع مهم في التجارة أو عن مصايف أو سيارات أو حقائب يد أو مجوهرات أو عمليات تجميل أو درجة علمية أو بحث علمي!! والأعجب أولئك الذين يتحدثون عن العمل الرقميّة هذا حين يتحدث غيرهم عن هموم أقساط المنزل أو النوم أو الأرق، لم اتبين كثيرا من الأحاديث بوضوح حتّى لو أرهفت السمع! ولكنني تعلمت.. تعلمت الكثير منهم بلا شك. كما لاحظت حضورا من نوع آخر يصمت فيه الكلام وتتحدث فيه لغة العيون وربما معها طلاسم الهواتف وعالما آخر حولها من الهمسات والهمزات واللمزات التي يظن البعض أنها لا تكتشف!! حديث يتفوق على هذه الضجة في هذا المطعم المشهور بالضجّة التي لا تشهدها عاصمة كما تشهدها لندن في كل موسم سواء كانت رحلة شتاء او صيف! ربيع أو خريف! عيد أو رحلة عمل أو علاج. كلّ هذه الدنيا بنماذجها المتعددة ولغاتها المختلفة حتّى الصامتة الناطقة منها رأيتها فقط من المقعد الأخير!! وأحسست أنه سوسيولجيا اجتماعية يمكنها أن تنطلق بباحث أو مؤلف إلى روايات أو كتب!! المقعد الأخير!! أعطاني الفرصة لأعيد حساباتي في التأمل في الحياة!! الحياة كلّها!! فرجعت في ذاكرتي إلى الطفولة، إلى مقاعد الدراسة فتساءلت في نفسي: لماذا كنت أركض للمدرسة وأرفض أن أغيب في اليوم الأول في العودة للمدارس لكي افوز بحجز المقعد الأول في الصفّ؟ لماذا تنامى إلى ذهني أهمية المقعد الأول في كل شيء بعد أن تعلمت ذلك من الصف خصوصا وإنه يعطيني وضوح رؤية للسبورة المدرسية كاملة، والتركيز لكي أكون مع مدرستي وعلمي حتى لا انشغل بهذه وتلك فلا حركة أمامي سوى حركة المدرسة ولا لغة إلا لغة الطباشير ولا ضجة إلا لصرير القلم. ربّما روضّتني المدرسة على اختيار المقعد الأول حتّى ظننت أنه سبب للتفوّق خصوصا وإن مدرساتنا كانوا دائما ما يكررون الصورة النمطية عن المقعد الأخير ومن يجلسن فيه أنّه «للكسالى» و»للفهلوة»..حتى اكتشفت أهمية المقعد الأخير، وما أدراك ما المقعد الأخير؟ فيه فقط اكتشفت أنني امتلكت جيوبوليتكس الزمان أو قل سوسيولوجية الناس والمكان! واكتشفت تفوّق المقعد المظلوم ومن يسمونهم كسالى (وما يفهمون شي) في مدرسة الحياة، العالم الحقيقي الذي تفوق معرفته وسبر أغواره تلك السبورة المحدودة والطباشير حتّى لو كانت ملوّنة، والصفّ الراكد الذي قسّمته الطبقية التعليمية إلى تصنيفات نمطية بحتة حتّى حصد أصحاب المقاعد الأولى الشهادات فعاشوا في العلم، بينما فاز أصحاب المقعد الأخير بالحياة.

822

| 28 أغسطس 2024

بعد التقاعد (استمر) بذكاء

استمر.... فلم يحلم أحدنا يوماً في قطر أن تتم إعادة توظيفه بعد التقاعد عن طريق الذكاء الاصطناعي AI خطوة رائدة من وزارة العمل تلك التي فجّرتها رقميا (منصة استمر) منذ سبتمبر 2023 للاستفادة من خبرات المتقاعدين المهنيّة في منصة توظيف إلكترونية يتم من خلالها تحميل المعلومات المطلوبة من قبل المتقاعد ويعمل الذكاء الاصطناعي لتحقيق أعلى نسبة مواءمة بين الوظائف المطروحة وخبرات المتقاعدين. منصة استمر.. تعدّ بارقة أمل للقطريين للعودة للتوظّف في القطاع الخاص سواء تقاعدوا قسراً أو أجبروا عليه لظروف خاصة أو لعضلهم أو تسريحهم أو الاستغناء عنهم ظلماً من قبل العصابات الوظيفية. ولتحقيق أعلى إفادة من المنصة، نظمت الوزارة ورش عمل لتعريف الأفراد والمؤسسات بآلية عملها مكوّنة حلقة وصل لتجاوز التحديات التي تواجه المتقاعدين في طلبات التوظيف أو تلك التي تجدها الشركات في البحث عن الكوادر المؤهلة، وذلك على مرحلتين الأولى بتسجيل المتقاعدين والشركات والمؤسسات، والثانية بطرح الوظائف بعد المطابقة بين العرض والطلب ومن ثمّ التواصل مع المتقاعد لاستكمال إجراءات المقابلات والتعيين. ورغم أنّ الوزارة لم تألُ جهدا بوضع بريد إلكتروني وخط ساخن لاستقبال الاستفسارات حول المنصة ولكن: ما أدراك ما مدى نذالة ال AI في التوظيف؟ أو إعاقته للمبادرات إذا لم يكتمل عودها؟ كيف؟ تعشّم المغلوبون على أمرهم من المنصّة العدالة لانها موسومة بالنزاهة فضلا عن الدقّة بل الذكاء!! وفرحوا ان لا تدخلا بشريا جائرا يواصل ظلمهم.. لكن يبدو ان ليس «لكلّ من اسمه نصيب» فقد سلّمت (منصة استمر) التوظيف لذكاء اصطناعي ربما بدا غبيّا!!! إذ من المفترض ان يقوم AI بعد تحميل المتقاعد لبياناته بعمل مواءمة job match مع سيرته الذاتية لكن انقلب على أهله وعرض على المتقاعدين وظائف لا تتناسب مع خبراتهم بل أخرى منذراً ليس بضياع مستقبل الانسان!! بل بخراب الدول والعمران!! حتى أكون موضوعية في الطرح، سأعطيكم مثالا لقطرية ذات خبرة عريقة في مجال الموازنات والعقود والمشاريع في البترول بدرجة بكالوريوس وماجستير، عرض عليها AI المنصة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر !!! وظائف هي صفقة العمر.. طب وتمريض « طبيب أمراض باطنية» والطامة الكبرى أنّه أدّعى أن نسبة التدقيق تصل إلى matching score 89% كما عرض عليها وظيفة رئيس تمريض في احد المجمعات الطبية أو ممرضة لاستشارية جلدية وتجميل أو لاستشاري جراحة العظام!!! حقيقة لم يبقَ إلا ان يعرض عليها أن تكون جراح قلب !!! ثمّ ماذا؟ أكمل اجتهاده بعرض وظائف تدريس اللغات الهولندية والفرنسية والعربية في عدد من المدارس الخاصة في قطر. والسؤال: من أين أتى مسبار منصة (استمر قطر) بهذا الحَيصَ بَيص؟ ونحن نرى تسارع تنفيذ الموظف الرقمي الذكّي في غيرها من الجهات المهمة واعتماد مختلف الوزارات عليه في تجميع الملفات وربما الربط بينهم !! حق لنا ان نتساءل؟ هل قامت حكومتنا الرقمية بحوكمة النظم المهنية والربط التكنولوجي بين بياناتها الضخمة في قطر؟ قد يقول قائل: ربما تحتاج (منصّة استمر) إلى إعاده برمجة!! لكن الذكاء الاصطناعي ليس كل شيء فيه للبرمجة فحسب بل فوقها وقبلها أوامر تدريبية وتوليديّة بموجب تغذية شاملة تتطلب الربط بين البيانات الضخمة وتبادلها بين المؤسسات التوليد قبل التدشين والاطلاق ؟ فهل عملت (منصة استمر) وغيرها من منصات الحكومة على تغذيتها الدقيقة بالوظائف وبكل المتطلبات والمعايير والبيانات الأخرى المطلوبة من كل وزارة أو مؤسسة حكوميّة او خاصة حسب موضوعها قبل إطلاق خدماتها عبر الذكاء الاصطناعى؟ وأخيرا، إنّ تبادل البيانات بين المؤسسات القطرية الحكومية والخاصة ومتلقيّ الخدمات امر ضروري لبرامج AI لما تشكله من قيمة استراتيجية ونقدية لتطوير التقنيات والارتقاء بالخدمات ومواكبة التطور أما وإن.. دولة قطر تتمتع بميزة عالمية تؤهلها لتنافسية تطبيقات الذكاء الاصطناعي نظرا لصغر حجمها وترابط مؤسساتها.. أما وإنّ قرارات أميرية صدرت في ذلك وهي ركيزة أولى ومنطلق رئيس لقطر الحديثة في عصر الذكاء الاصطناعي، فهل نجد جهة تنسيقية عليا لتنفيذ قوانين واستراتيجية مشاركة البيانات وترقيتها حكومياً لتصبح الزامية قبل إطلاق البرامج الذكية فيها على علاّتها؟ ربما يكون ذلك واجبا حتّى لا يعمّ الغباء الاصطناعي فتختلط أوراق المستفيدين.. أو يتحول دور الوسيط المهني إلى (خطّابة) شعبيّة!!.

813

| 22 أغسطس 2024

الهوية الوطنية الشعبية لقطر

بلهجة كويتية حنونة: «شصار في القطريين تغيّروا يمشون في الأماكن العامة ما يسلمون مع أنهم معروفين بالطيبة والخلق» قالتها صديقتي باستغراب أثناء زيارتها لقطر. بالطبع هذا ليس تعميما ولا ينطبق على الجميع فبعضنا يسلّم ويسأل ويقترح ويساعد، ولكن لن أدحض ملاحظتها خصوصا بعد أن وضعتها في حسابي في الانستغرام وجاءتني ردود بمثل تعليقها. فتذكرت المناسبات الرياضية وتعليق الأشقاء بمدح القطريين على دماثة اخلاقهم وعلى التزامهم بالهوية العربية التقليدية في ملبسهم واطفالهم، ولكن يكاد يكون التعليق الوحيد عدم مبادرة السلام والذي لا يعلم البعض ان سببه فقط هو هدوؤهم والاستحياء في المواقف التي لا تتطلب الحياء مثله مثل التشجيع الصامت في الملاعب وقد شهدناه في كأس العالم. هنا لسنا نتحدث عن ظاهرة عامة ولكن طبيعة عند أغلبية ملحوظة تتطلب التنويه لجيل قادم خصوصا وأن خصائص الشعوب تنتقل اجتماعيا من خلال: التربية والهوية الوطنية. التربية تلك التي عرفناها في مواقف أجدادنا في الشدة والرخاء، الحضر والبادية فقد علمهم دينهم أن فخر العرب في «افشوا السلام» ولو تفحصنا التاريخ النبوي لوجدنا ذلك مسطرا في القرآن الكريم في كل موقف، كما في سيرة الانبياء قبله ومثاله دخول موسى عليه السلام (مدين) كغريب ووجود امرأتين تذودان عن رعيهما فسلم يلتمس حاجتهما وسقى لهما وتولى الى مكانه في الظل. لذلك يخطئ من يظن أن الحياء يعني الانزواء أو الصمت في غير موقعه خصوصا ونحن من ثقافة تؤمن أن تبسمك في وجه أخيك صدقة. الهوية أو السمة الوطنية فيخطئ من يظن أنها مجرد»هويّة بصريّة» لمؤسسات ووزارات يصبغ شعارها باللون العنابي فقط! أو شعبها أو موظفوها بملابس تقليدية! أو في كركشوشة عقال أو عباية معينة تلبس على صنم! الهوية الوطنية منظومة متكاملة أولها الشعبية التي يجب أن يركز عليها كما في الرؤية الوطنية التي جعلت التنمية البشرية هي الركيزة الأولى. ينبيك عنها ابتسامة وترحيب أول موظف/‏‏‏ة في جوازات المطار يستقبلك دون تكشير أو عبوس أو حتّى دون صمت غير مقصود أو حياء في غير محله!! فهي أهم النقاط الجوهرية في نجاح الهوية المؤسسية corporate identity وأول منافذ الاستقبال لإعطاء الانطباع الأول عن الدولة سواء في الجو أو عبر منافذ البر والبحر. واذا تجاوزنا موظفي منافذ قطر، فإننا نلاحظ أن معظم مؤسسات الداخل تتعامل مع موظفين مصمتين! حيث لم تستوعب أن تعميم طريقة السلام والترحيب هو جزء من الهويّة المؤسسية فهي علم مع العلوم الاحترافية في مدارس الإعلام والعلاقات العامة لا التسويق. أود أن أشيد بمؤسستين كانوا ولا زالوا متميزين في تطبيق الهوية المؤسسيّة وهم (القطرية) و(سبيتار.). وهكذا تحكي الهويّات وتبني النجاحات للمؤسسات والدول... وأخيرا ونحن نذكر بالهوية الوطنية في قطر اسمحوا لي أن أحدثكم عن مثل أعلى في القيادة، فقد حدثتني إحدى أمهات قطر الفاضلات أنه عندما نزل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في بهو الفندق الذي تسكنه في أوروبا حيّاها تسبقه ابتسامته وهذا ليس بغريب على سموه.. ولكن المرأة أشارت إلى - ما لا ولن يعرفه- كثير من الجيل الحالي من الشباب ممن هم في عمر أميرنا النبيل! فقالت: تخيلي عندما أراد أن يخرج قاصدا باب الفندق من البهو لم يعطني ظهره بل ظل ماشيا بخطوات متأدة حتى غادر!! وكلنا يعلم ما يعنيه ذلك في عرف العرب من احترام، فما بالكم بمن يفعل ذلك وهو أمير؟ هذا أميركم (تميم) في قمة دماثة الخلق يعطيكم درسا في الهوية الإنسانية لشعب قطر؟ فماذا أنتم فاعلون؟ لا تكونوا ملكيين أكثر من الملك!! وتذكروا أن النبل معاملات لا رسوما أو شعارا !

1227

| 14 أغسطس 2024

في الحظر التكنولوجي العين بالعين

حسنا فعلت تركيا يوم 2 أغسطس الجاري بقرارها القوي بحجب منصة إنستغرام ردا على تعمد شركة ميتا حذف نعي رئيس حماس السياسي، كما أعلنت ماليزيا أنها ستقوم بالتحقيق في ممارسات الحظر واتخاذ إجراءات صارمة إذا استمر الحظر. كما سلاح النفط في الحظر التكنولوجي يجب أن تكون العين بالعين والسن بالسنّ، فنفط البيانات لا يقل خطورة عن الخام فمن يتحكّم بالتكنولوجيا وأدواتها وخوارزمياتها يحكم العالم. ذلك القرار (بعموم اللفظ لا خصوص السبب) يذكّر بحظر النفط العربي كسلاح سياسي وردع لأمريكا والدول الغربية وقتها لمواجهة المد الإسرائيلي ترأسه الملك فيصل في السعودية وتبنته قطر والعراق والجزائر والكويت والإمارات في حرب أكتوبر 1973 مما كبَّد اقتصاد الغرب خسائر فادحة، حيث تحوّل سعر البرميل من 2.32 إلى 11 دولارا. وأعطى الدول العربية السيادة في الإنتاج والتصدير. ورغم الاختلاف في نوع الحظر أو المقاطعة بين النفط الخام حينها ونفط البيانات حاليا، وبين موقفنا من النفط من المصدر للبترول إلى الموقف الأضعف كمستهلك للبيانات إلا أن مقولة «لا يفلّ الحديد إلا الحديد» مهمّة جدا خصوصا وأن بياناتنا التي يستقونها عبر المنصّات ويتربحون منها لأطراف ثالثة أو تجارية تمثل ثروة كانت فيما قبل تشترى بالمال ولكن مع وجود هذه المنصات أصبحت تهدى لهم دون مقابل! فضلا عن اتخاذ المنصات شعوبنا فرائس سهلة للتلاعب بهم عبر الخوارزميات وإستراتيجيات التغييب والتطبيع الرقمي. وقد تمادت ميتا وغيرها بعد استمرار حظرها المنشورات التي تتناول الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين لتقليل وصولها للجمهور العام عالميا دون علم المستخدمين بدعوى مكافحة خطاب الكراهية ومعاداة السامية والمحتوى العنيف بوصفه حساساً، وما ذلك إلا اعتداء على الحقائق وإمعانا في التضليل العالمي والدعاية الصهيونية، حيث لا ينشر الصحفيون والناشطون سوى صور حقيقية حيّة وشاهدة على الاعتداءات الإسرائيلية التي تحجبها القنوات الغربية الفضائية عن العالم ومن ثمّ اتباع ذات الإستراتيجية الدعائية في منصات التواصل الاجتماعي المحتكرة في السيليكون فالي، لأنهم يعلمون أنها الوسيلة الأسرع والأقوى أثرا في نشر الحقيقة وبثّ الوعي الجمعي فيقومون بالتضليل والتلاعب في الخوارزميات تزامنيا مع الحظر لخلق بروباغندا دعائية مغايرة لبث الأكاذيب برواية وسردية واحدة تُصبغ فيها إسرائيل بدور المظلومية (لا أريكم إلا ما أرى) ومن ثم اتباع «الحظر الظلّي» (Shadow Banning) على من ينقل الحقيقة. وحذف أو تعليق حساباتهم وإزالة المحتوى وتقليل التفاعل معه لتغييب الشعوب عن عدالة القضية الفلسطينية وعن انتهاكات حقوق الإنسان في ظل الإبادة الجماعية اليومية. ولم يكن الجيل الجديد ليفضح أكاذيبهم لو لم ينتزع منهم «التيك توك» الصيني هذه التنافسيّة والضديّة في بثّ الحقائق وتعرية بهتان جرائم المحتل بدعم أمريكا والغرب. وأخيرا.. موقف تركيا وماليزيا من ميتا... يجب أن يكون مثالا يحتذى وخطة عمل عاجلة لتعاون إسلامي، فلسنا بساذجين لنصدّق أن شركات ميتا أو (x) ستحاسب من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على انتهاكاتها للشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص في حريّة الرأي والتعبير خصوصا وأن المنظمات تحت نعلهم وهم فيها الآمر الناهي والخصم والحكم. حظر تركيا ميتا... حرّي بأن يشكل بذرة لاتفاقيات تكنولوجية إسلامية في الصناعات الرقمية الذكية خصوصا وأنها لا تعدم البنية البشرية والتحتية في الحوسبة في السلم والحرب والدفاعات العسكرية السيبرانية خصوصا في ظل السيطرة الأمريكية والصهيونية على التكنولوجيا وصناعاتها وبالتالي السيطرة على مفاصل السياسة الدولية، والتحكم العالمي ليس في الدول فحسب، بل في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن. حظر تركيا للإنستغرام... حريّ بأن يدفعنا للحيازة الرقمية الإسلامية في منصات من صنعنا تستوعب اللغات والأنماط الحركية والتصويرية خصوصا ونحن نرى النديّة والهيبة العسكرية نعم العسكرية الناعمة للتفوق الرقمي الصيني في الحيازة التكنولوجية وتنافسية صناعة التعدين والشرائح الذكية والمنصات كتيك توك، فضلا عن التفوق الرقمي الروسي في تيلغرام وغيره وبروز الهند بمنصات عدّة وبروز (بنغلور) كسيليكون فالي شرقي منافس في الهند؟ والسؤال: لماذا تقف الصناعات الذكية عندنا رغم وجود الثروة والبنى التحتية والبشرية والعقول؟ لعل طوفان الأقصى هو الكاشفة... ولعّله الخافضة الرافعة...

735

| 04 أغسطس 2024

الدول الافتراضية على (X) وأمن الدول الجيوسياسية

بداية الألفية انتشرت في بعض الدول الخليجية دعوات لإقامة قنوات فضائية خاصة لبعض القبائل إذ تعد تكلفة القناة امرا لا يذكر مقارنة بسوق الفضاء والتقنيات حتى بات من العادي جدا ان يكون ليس لكل قبيلة بل لكل مواطن ثريّ قناة فضائية خصوصا وأن الأهداف لم تعد إعلامية أو اخبارية أو حتى إعلانية تسويقية واستثمارية بل غدت القنوات أحزابا وفرقا وجماعات، وربما أدرك بعض الخليجيين ما انتهت إليه فوكس وصويحباتها في الزمن الماضي. ولكن الأمر مختلف عن فوكس الربحية أو الحزبية فجاءت دعوات انشاء بعض القنوات خفية!! ولماذا خفيّة؟ لأنه قبل ظهور منصات التواصل الاجتماعي ربما اراد منها البعض أن تمثل رباط الوحدة الأخوية بين أسر في الخليج العربي خرجت من بطن أرض واحدة ثم توزعت بين دوله المتعددة. ولكن بعد استقلال دول الخليج أو انتهاء الانتداب أو تكوين دول ومع استمرار الروابط الأسرية بين شعوب كل دول الخليج تجلت في كل دولة وحدتها الوطنية التي يجب أن تكون بالطبع مقدّمة على الأهداف القبلية أو المذهبيّة أو الجماعات أو غيرها. وهنا أخفى البعض خليجيا العمل الاعلامي الموحدّ فوق الدولة الوطنية إما بدوافع شخصيّة أو قبلية لأهداف غير معروفة، فتعالت صيحات ذكرتنا بمناداة الانقسام بعد الوحدة المدنية عندما صاح الأوس يا للأوس وصاح الخزرج يا للخزرج حتى عالجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ودعا قومه لنبذ القبلية بمقولته المشهورة : «ابدعوى الجاهلية وانا بين اظهركم!!». ولا شك بأن فخر كل إنسان بنسبه طبيعي ولكن التعصب الذي يقدّم العصبة على الوطن والوطنية أمر مرفوض. وما أصبح موضة قديمة بالدعوات لإنشاء قنوات (فضائية) عاد بطريقة جديدة في عصر الإعلام الرقمي والمنصات والقنوات الشخصيّة في تنافس بعض العصب سواء مذهبيّة أو قبلية أو فكرّية أيضا على تكوين جماعات أو كيانات أو امتدادات افتراضية لها في الفضاء الرقمي على حسابات (اكسX ) وهي ليست معلنة حتما. نتفق جميعا أن ما أمامنا في منصة (اكس) هو ما أمامنا من حسابات ومنشورات محددة قد لا نرى عمقها ومداها ولا درجات ترابطها وعلاقاتها بعيننا المجرّدة ولا حتّى بتحليلنا العابر بالمرور.. وما أدراك ما (اكس X) ومنصته هي أكبر وأقوى موجه للسياسة الدولية وحتى التلاعب في أمن الدول وفي الحروب السيبرانية، كيف لا وبات يستخدمها حتى رئيسها #ايلون_ماسك اليوم في الدعاية السياسية والحرب وبث الفرقة والتحزّب والحزبيّة ليس في شؤون وطنه فحسب بل ضد الدول التي تناهضها دولته وتشهد حربا اقتصادية ضروسا ضدها منذ أزمان؟ كما غرد ضد الرئيس الفنزويلي بالأمس، فضلا عن احترافه في توجيه الخطاب والترند العالمي سياسيا واقتصاديا دون أنسنة X كما يدعي وكما ثبت نقيضه في المجازر ضد غزة و shadow banning الذي غيب فيه تغريداتنا وكل المدافعين عنها بل كل من ينشر صور الحقائق. وما أدراك ما (اكس X) وفيها تحزّب وأحزاب بل وكيانات فوق تلك التي نرى. هذا ومع جعله X مفتوح المصادر إلا إنه عرقل نظامه، ولكن بلا شك هناك طرق واستراتيجيات كبيرة للكشف عنها وللتعرف على العلاقات بينها في الخوارزميات والوسوم (الهاشتاغ) والروابط السحابية التماثلية والتبادلية. وأخيرا،، العلاقات المريبة في المجال الافتراضي كبيرة وخطيرة ومتشعبة فهناك فوق الجماعات المسلحة وتنظيم داعش الاستخباراتي الغربي الاحترافي التجنيد عبر الانترنت أساليب أخرى رقمية ذكيّة ناعمة على منصة X وهي غير مكشوفة للقارئ العادي أهمها «الدول الافتراضية» Virtual States اذ تجمع اقواما من شتى الدول فتشكل كيانات قبلية أو عصبية أو مذهبيّة وطائفية على أجندات محددة ضد الدولة والمواطنة. الدول الافتراضية واقع موجود في الحوسبة السحابية وهي تنعم بسهولة التمدّد والاستغلال والتأثير نظرا لعدم وجود الحدود الجيوسياسية والجغرافية، وكونها سهلة النفوذ والتأثير ومفتوحة للتعبئة العامّة. الدول الافتراضيّة نموذج جديد يهدّد بلا شكّ سلم المجال العام والأمن الوطني لأي وطن.

579

| 31 يوليو 2024

ثورة الفن والمتاحف وأهم بوابات قطر

لا شك بأن الفن هو أحد أهم الدعائم الاقتصادية لأي وطن، والذي أولته قطر اهتماما كبيرا حولها مع أوج تقدّمها إلى وطن حضاري ووجهة سياحيّة هي ساحة فكر وثقافة توّجت ليس بتنوع المتاحف وبرامجها فحسب بل في تطبيق المفهوم الشامل للثقافة كإرث حضاري وهوية مجتمعيّة فضلا عن كونه قوّة ناعمة للدولة باتت عنصرا داعما لاستثماراتها الأخرى وعاملا جاذبا للسياحة الثقافية فيها بدءا من بوابتها الرئيسة (مطار حمد الدولي) حتى شهدت قطر من يقلّ طيران القطرية للتمتّع بساعات سياحيّة للتجوّل فيه وحده، كيف لا! وهو المطار الذي حصد الجائزة الأولى على مستوى العالم لسنوات عدّة على التوالي لما فيه من إبداعات وفن أيضا. ونجحت متاحف قطر في تحويل مختلف المواقع السياحية والثقافية إلى مساحات فنيّة وتحويل المباني الصامتة والجدران الصمّاء إلى كيانات ناطقة حيّة شارك أبناء قطر في بث الروح فيها بأعمالهم الفنية الرائدة ومنحوتاتهم ولوحاتهم العالميّة ممّا عمّق الإحساس والفخر بالمنتج الثقافي والفني للإنسان القطري والاعتزاز بأعماله بل ودعم فكرة الابداع والابتكار عند القطري والمقيم فيها عندما وجد إبداعهم أخيرا أيادي تحتضنه وتعتز به خصوصا وأن إبداعهم لا يقل عن إبداع غيرهم حيث نجحت رئيسة متاحف قطر في احتضانهم حتّى تداخلت أعمالهم مع أعمال الرواد العالميين وأعمال الحيازة الفنيّة المعروضة في طرق قطر ومدنها السياحيّة. ربما يحضرني في هذا المقام غياب الفن والثقافة فقط عن بعض الوجهات والمجالات التي هي واجهات حضارية لقطر. الوجهة الأولى مركز أبو سمرة الحدودي الذي طال التجديد مبناه معماريا فقط بينما غاب عنه ما يبرز سمة وهويّة قطر فنيّا في منفذ هو منفذها الرئيس وبوابة حدودها البريّة الوحيدة والتي تستحق أن تكون واجهة حضارية وفنيّة تعكس الإرث الثقافي والتقدّم الفني والفكري الذي تشهده الدولة في جميع المجالات لاسيّما ذلك الذي أولته المتاحف جلّ اهتمامها في كلّ مواقع قطر البريّة والبحريّة وربما تأخرت عن مبنى مركز الحدود وجدارياته بل وشاشته الذكيّة، مركز الحدود الذي يعد منفذا دوليا جديرا بأن يقدّم في أي مشروع فنيّ وطني قادم. الوجهة الثانية هي طريق سلوى -أبو سمرة الحدودي الطريق الذي يعتبر شريانا حيويا للدولة في كلّ ما يحتويه من طبوغرافيا ملفتة (هضاب منحوتة) (طوار) ( دحول) وغيرها من تضاريس لا تقل أهميّة عن تلك في الزبارة وزكريت وتستحق أن تعنون بأسمائها ليس الجغرافية فحسب بل بإبراز طبوغرافيا وجيولوجيا المنطقة المتنوعة بما تستحقّه من علامات ونبذ تعريفية سياحيّة، ووضع ما يمكن احتضانه في تلك البقعة من أعمال فنية وطنية قطريّة موائمة لطبيعة المنطقة ومترجمة لثقافة دولة قطر وتاريخها وسكّانها خصوصا وأنها تعدّ موقعا سياحيا رائدا جاوره مجددا أحد أهم المنتجعات في الشرق الأوسط (منتجع سلوى) الذي لا ينقصه سوى تأكيد الحضور الثقافي والفني من حوله وتعزيز هويّة الطبوغرافيا بالتاريخ والفن. ولعلّ محطة البترول القديمة المهجورة هناك والمسجد الملحق بها تمثل ذاكرة قديمة لأهل قطر للتزود بالوقود قبل السفر حرّي بها أن تشكل في ذاتها معلما فنيّا ويشكل مسجدها مسجدا للمنطقة يزيّنه الفنّ الإسلامي في بوابة قطر. الوجهة الثالثة: أنفاق قطر ومحطات المترو في الدولة حيث تنتظر الفنون الجميلة أن تغطي جدرانها الممتدة في دولة قطر من خلال جداريات ورسوم جرافيتي تعبيرية متفرّدة بحيث تعبر كل منها عن تاريخ كل مدينة وبقعة في قطر وما تشتهر به بحيث يكون الفنّ كتابا أو مروية تحكي التراث والثقافة القطرية للحزاوي الأدبية التعبيريّة فضلا عن المجسمات والمنحوتات التي ينتظر أن يتنافس فيها مبدعو قطر تنافسا فنيا في هويّة وسمة مخططة تحت إشراف المتاحف وهيئة السياحة لتشكّل حواضر فنيّة تاريخية وثقافيّة يخرجها الفنّ من مواقعها ووظيفتها الخدمية القاصرة إلى وظيفتها التكاملية للمدينة الحضارية. تجدر الإشارة إلى أن بعض الأنفاق فقط تم تجميلها ولكن لا تجمعها وحدة فنيّة أو ترابط مع موقعها الحضاري الذي تعكسه. وأخيرا: ربّما حظيت مختلف أنواع الفنون ومنها الجرافيتي بالتنفيذ في مساحات متعدّدة في الدولة ولكن الفنّ الوحيد الذي نجد النقص فيه هو الخط العربي (الكاليجرافي) الاسلامي الذي يعدّ أحد أهم أنواع الفنون الراقية التي حظيت بها لغتنا العربية تميّزا ووجدنا تراجعا في الاهتمام بها رسميا سواء في التعليم أو الفنون أو الثقافة وشعبيا لدى الجيل الجديد ناهيك عن تباطؤ تحويله إلى أداة من أدوات القوى الفنيّة الحضارية رغم أنه إرث، هذا والعالم بأسره يحفل به في معارض فنيّة خاصّة بل وتقدّر أعماله عالميا. وعليه نتمنى أن يجد الخطّ العربي الأصيل وثقافته اهتماما أكبر لينتقل من المتاحف إلى أسلوب حياة في الجداريات لينقل الحرف العربي ما لا ينقله أي فنّ خصوصا ونحن أهل المقسم به من نون وقلم وما نسطر! حتى لو كان السطر طريقا عالميا!!

675

| 23 يوليو 2024

مندوب

كثر في قطر انتشار ما يسمى بمندوب توصيل ليس المسجل وفق أنظمة العمل والأمن الرسمية..بل أعني «العمالة السائبة» وبالعامية «الهمل» الذين يظنون أنهم يخدعونا بتبييض مسماهم ب (مندوب) ليضمنوا لأنفسهم شرعيّة البقاء ليس براتب ودخل مغرٍ فحسب بل بحصّالة مهمّات في ابتزاز غير مقنن بلي أعناق قوانين الدولة واقتصاد ومدخرات أفرادها خصوصا وان الكثير منهم هاربون من أرباب عملهم تناثروا كالجراد وتكاثروا في عصابات متآخية دون رادع أو وازع بطفرة لم تشهدها قطر من قبل في مخالفة مكشوفة بدت وكأنها تفتقد إجراءات متابعة ورادعة من الجهات المعنية الأمر الذي جعل قطر تتأثر من تداعياتها اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا على عدة اتجاهات. أولها: زعزعة الأمن الوطني ليس هناك رخص رسمية أو شرعية قانونية لمزاولة مناديب مجهولين التوصيل نظير أجر مباشر وهم مجموعات متنفّذة تحولت إلى كيانات جديدة بجنسيات محدّدة انتشرت في البلد فيما يشكل خطورة على منظومة الوطن وأمنه، أو من قبل عصابات مال منظمة ومتنفذة تهرب العمالة من المنازل بخطط مدروسة سلفا لصالحها أو ربما لصالح جماعات دونها وجدت لها من يقودها تحت غطاء عام دون أنظمة عمل رسميّة قانونية تحكم عملهم وتنقلهم العشوائي غير الآمن بين بيوت قطر وشوارعها دون ان تحكم انتهاكاتهم قوانين أو عقوبات أمنية رادعة. ثانيا: زعزعة الاقتصاد وقوانين التجارة حتّى بدت لنا قطر وكأن قوانينها انتقائية بين التغليظ الشديد والقسوة على المواطن والتسهيل على «علي بابا وعصاباته» والكل يعلم أنّهم «علي بابا»، إذ لم يحكم عمل «مندوب حرّ» إجراءات إدارية وتجارية منظمة كتلك الإجراءات الصارمة التي ألزمت بها الجهات الحكومية المواطنين من أصحاب المشاريع أو الأنشطة حتّى الصغيرة أو المنزلية البسيطة حتّى لو كانت عربة «خنفروش» وما يترتب عليها من رسوم وضرائب.. الخ... بينما الغريب وفي مفارقة عجيبة تركت فئة ترتع في البلاد ربما دون رخص أو تسجيل أو رسوم وكأن لهم الحبل على الغارب للتلاعب بالوطن وشعبه من خلال ابتزازهم بسنّ مبالغ باهظة على التوصيل بتقديرات خارقة الذكاء لمسافات خرائط غوغل والنطاق البلدي لكل مدينة في قطر، دون أن يحكم عملهم أصلا موقع جغرافي مدني رسمي مرخّص من الوزارة المعنية أو نقطة انطلاق محددة لسياراتهم «الشخصيّة» او خدماتهم بحيث يكون معيارا للعمل أولا ومن ثمّ للتفاوض بين مقدم الخدمة ومستهلكها الذي يجب أن يكون أذكّي هذا إذا صح أن يطلق على السائبين أو الهاربين مناديب!!! فهل المواطن مستغبى.. أو مغلوب على أمره؟ ثالثا: ابتزاز المواطنين أثارت صرعة «بزنس» المناديب غير المقننة فتنة كبرى من قبل كيانات استشرت في بلد كان آمنا لتهرب حتّى السائقين من المنازل لهدف أو لآخر وتحت غطاء أو ربّما آخر بعد أن تحمّل المواطن تكاليف الاستقدام الباهظة والتدريب على قيادة السيارات وإصدار الرخصة مع كامل نفقات السكن والمعيشة دون تحميل العامل أية تكاليف والذي ينتهز الفرصة حين استلام الرخصة للهرب أو افتعال المشاكل أو الانضمام إلى عصابات التهريب التي استشرت في الوطن دون قوانين للتفنن في طرق جديدة لتحصيل دخل غير مقنن من جيوب المواطنين يصل ل 40- 80 ريالا قطريا على التوصيلة الواحدة والتي لو ضربنا عدد التوصيلات فيها في الشهر لا اليوم لوجدنا ابتزازا قضى على جيب بل حقوق المواطن المسروق منه سائقه أو الميسر هروبه منه، مع تبعات واثر ذلك على الحقوق المدنيّة وعلى قوانين العمل وجهود وزارتي العمل والداخلية واستقرار وأمن الوطن. وأخيرا: انتهاك الخصوصية حيث يطرق المناديب الهواتف قبل الأبواب برسائل مفاجئة على الواتس بطلب موقع ورقم المنزل دون هويّة رسميّة توضح ماهيّة الشخص وقانونية تخوّله لاستلام معلومات بالغة الخصوصية، هذا وهواتفنا أيضا يحكمها قانون عدم انتهاك الخصوصية رقم (13) لسنة 2016 فبيوتنا لها حرمة وفيها من فيها من فئات ضعيفة من كبار السن والنساء بل والفتيات والأطفال في ضرورات أمنية احترازية من مغبة الحوادث الاخلاقيّة أو الجنائية أو استغلال الوصول للمنازل من قبل مدعي هوية المناديب لدوافع السرقات أو غيرها. هذا وليس في قطر من قوانين تنظم عمل المناديب مجهولي الهويّة أو المرجعية الإدارية أو تحدّد ساعات التوصيل خلال اليوم.. حتى غدت بيوتنا ملطشة من كثرة الطارقين حتى ساعات متأخرة من بعد منتصف الليل. ومع كل ما سبق، ومع هبّة الطلبات من جيلي الألفية «الميلينيلز» و جيل «زي» Z واستغلال فئات لصغر عمرها يجدر السؤال: كيف يتمتع قطّاع طرق سائبون أو عمالة هاربة بالحريّة التامة في العمل والتنقّل في قطر وبتكوين كيانات محدّدة أو التستر تحت غطاء وظائف وهميّة أو غطاء آخر لممارسة الابتزاز على المواطنين والتهديد المستقبلي لأمن الوطن بينما يلعب الوطن وقانونه دور الحاضر الغائب، هذا حين لا يكون حضوره إلا على أهله...

987

| 16 يوليو 2024

«الثّلاجة الذّكية» المجتمع والذكاء الاصطناعي

سبقتني أختي إلى أحد متاجر الأجهزة فوجدت الثلاجة الذكّية التي كنت قد استبشرت يوما بها فوضعت خبر إنتاجها عالميا في حساباتي... لم أتوقع وقتها أن تصل الدوحة بهذه السرعة. قالت: قومي!! قلت: ماذا؟ الثلاجة وصلت؟ صج؟ الدوحة؟ بل الوكرة!! شوفي الواتس.. فوالله لولا صوتها في مقطع الفيديو لما حسبت الصورة إلا جزءا من إعلانات المنصات التي تداهمني ليل نهار؟ فكيف إذا بها وهي في متجر أجهزة؟ وفي الوكرة الأصغر من العاصمة؟ شكرتها وتمنيت أن يأتي الغد بسرعة... فلعلها وصلت مع القرين التكنولوجي قبل أن يرتد إلينا طرفنا. رغم إنشادي لراحة البال قبل أن أخلد للنوم.. لأهنأ بشيء من قبيل قراءة ديوان شعر إلا أنني أدخل في متاهات قرار «ما هو غداء الأسرة غدا؟» سرحت فتخيلت الثلاجة تسولف معي كل ليلة عن النواقص فتعينني على تحديد جدول الوجبات قبل كساد المواد التي صرفت عليها ما صرفت خصوصا وإن منها المكلفة العضوية أو الخالية من الجلوتن..... مع أملي أن تجمع لي معلومات أعمق بناء على طريقة سيري والكسا واخواتهما الاستخباراتيات! عفوا! - أعني الأذكياء- فتحدد لا الموجود من عدمه فحسب بل نوع الحليب الموجود فيها إذا كان قليل الدسم أو منزوع اللاكتوز. وهي هنا في بيتنا طرف ثالث لها رقم شخصي سحابي و IP خاص بها تشارك البيانات في خوادم.. أي تتلصص علينا بلا شكّ، مع عمق وخطورة ما تعنيه كلمة Intelligence باللغة الإنجليزية، علما بأن استخبارات المعدة أهم من استخبارات العقول. ما إن أدركت الصباح حتّى هرعت إلى المتجر... فوجدت ست الحسن المذكورة أعلاه - المنقذ - وأنا أعاني مع من علمتهم تقديم ما حقّه التقديم في استراتيجية الثلاّجة، فقضوا دهرا يقدمون ما حقّه التأخير دون جدوى فيصفّونه في المقدمة ويستخدمونه قبل غيره حتّى تنتهي صلاحية ما في الخلف رغم معاناتي اليوميّة في الترتيب وتكرار الدرس الشامل كل جمعة مع مصفوفة الثلاّجة التي بدت أصعب من مصفوفة ديكارت وأتعب فيها أكثر تعبي في محاضراتي في الجامعة باختلاف اللغة والجمهور. فرحت بالثلاّجة الذكيّة وكدت أن آخذ سلفي معها!! فرحة ذكرتي بأول استقبال شعبي لجهاز فيديو VHS وكأننا في زفّة «يا معيريس عين الله تراك» وأول فرحة بكمبيوتر عربي «صخر» أحضره والدي وبدأنا معه الطباعة العربية. طالما تمنيّت أن توفر علّي وقت وجهد معارك تافهة أخرج منها منهزمة ويعوج لساني بعربية أو إنجليزية مكسّرة! أو بهزّ الرأس في جدل لا ينتهي «ليش ما تقولين انه مخلص؟ او بتنتهي مدته»!! تفحصتها وكأنني أتفحص عروسا، فوجدتها وكأنها آيفون تحدد موجوداتها بالصور على شاشتها الخارجيّة.. والتطبيقات! يا سلااااااااااام!! وما أدراك ما التطبيقات؟ وبلهفة سألت البائع: وماذا عن تحديد مدة الصلاحية والتواريخ والكميّات؟...وأنا أتمنى أن تساعدني في تقليل نسبة الفائض وتلف المنتجات فضلا عن تركيز الوقت في حسن إدارة شؤون المنزل دون إسراف أو هدر؟ واستغلال وقت نافع لأعمال أخرى تتطلب طاقتي....وهذه ليست أمنية المرأة العاملة فقط بل جميع ربّات البيوت... فلا يدّعي أحدٌ الكمال فمنزل بعض النساء غير العاملات يقرر فيه الطباخ/ة ماذا يأكل الجميع؟ أما الآن في عصر الذكاء الاصطناعي فقد تقرّره الثلاّجة!! المهم ألا تحملوا بياناتكم ثلّاجاتكم فتنقلها الحوسبة السحابية في مشاركة البيانات على IP أجهزة بيوت الجيران الفيزيقيين والميتافيزيقيين!! عدت وسألت البائع سؤالا أكثر أهميّة: لا كغيرها من أذكياء البشر- هل تفرّق الثلاّجة بين الكزبرة والبقدونس؟حتى لا أفاجأ بأحدهما في طبخة ليست لها فتفشل ويتفرق اجتماع الأسرة على مائدة بسبب كزبرة!! وحتى أكون في النهاية أمّا وزوجة ناجحة فلا ينهرني أحدهم: زيتون لبنان خلّص؟ ما في حليب لوز ولا OAT Milk؟ كلّ ذلك – وأنا المغلوبة على أمري- أمثّل دور مصباح علاء الدّين حتى لو طلبوا منّي لبن العصفور، وأندب الساعة التي سمّي فيها معصور اللوز أو معبوج الشوفان حليبا. ليست خيالا علميا بل ضرب من الواقع.. الثلاجة فاقت توقعاتي.. ALL in on في شاشة الكترونية بدءا من التنبيهات ومعرفة من على باب المنزل من عين الكاميرا إلى تطبيقات مكتملة من مفكرة يومية وجدول ومخطط للوجبات، وتلفزيون واستيريو صوتي، وتحميل أفلام إلى البوم صور وجاليري بل وتطبيق الطبخ، وحالة الطقس الذي ربّما وضع ليحدّد متى يؤكل المجبوس من شلاني الدجاج!! ستذهل بتطبيق قائمة المشتريات واللوحة البيضاء التي ستغنيك عن لصق المفكرات فضلا عن Tips و To do list. والأهم من ذلك كلّه أنك تستطيع ان تتحدث مع ثلاّجتك ليل نهار وتطلب كوب ماء بالثلج وأنت ماشي. وماذا؟ تخيلوا.... موجز الصباح!! وما ظننت أن للثلاجة نشرة مثل الجزيرة!! وما ظننت أن أحلام المنام يقين!! وكيف أصبح الحلم إرهاصا للمستقبل!! هل شاهد أحدكم فيديو أغنية قديمة في حضانة أطفاله: يا براد يا براد ما اسمك؟.... اسمي برّاد آلي!! المعرّبة عن أغنية Cute Friend Refrigerator Refrigerator.... Refrigerator yes, papa…. Do you have water??? Open your doors? Haa Haa haa افتحوا يوتيوب وتفحصوها، فالثلاجة تحدثت وفتحت الأبواب وأفصحت عمّا فيها.. وما علمنا – نحن العرب المستهلكين - أن انشودة الحضانة التي ترجمناها ترجمة حرفية ما كانت إلا استشرافا للمستقبل.. ودرسا لنا بعد اليوم على ضرورة تعهد أنفسنا وأبنائنا على تحليل الأدب والفن والبيانات الضخمة Big Data بدلا من ترديدها مثل الببغاء. الحديث هنا ليس اجتماعيا بل علمي وإستراتيجي.. إنترنت الأشياء IOT دخل حياتنا منذ زمن ثمّ تطور تطورا كبيرا، فجولة واحدة في قطر تطلعنا على الادوات الذكيّة التي تجعلنا مهيئين لندير ونتحّكم بأجهزتها في بيوت ومدن ذكيّة. الثلاجة الذكيّة مثال صغير فقط على الذكاء الاصطناعي نشترك فيه جميعا متعلمين وغير متعلمين في حلقة أكبر ينبغي أن تتوسّع مداركنا فيه لا لاستهلاكه فحسب بل لفهمه والمشاركة في صناعته وانتاجه. والسؤال: مع التحول الاستراتيجي في بنية الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل هيأت قطر شعبا ذكيّا بمعايير عاجلة ومنتجة وآمنة رقميا؟ وماهي استراتيجية قطر الوطنيّة في الذكاء الاصطناعي على المستوى الشعبي؟ في عالم البقاء للأسرع.. لعلّ أول إجابة على المستوى الشعبي سيحسمها اختبار الثلاّجة..

1254

| 09 يوليو 2024

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2241

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

1866

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

837

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

741

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

738

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

654

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

603

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

579

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

501

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

489

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
حين يحتضن المرء طفولته!

ليستْ مجرد صورةٍ عابرةٍ تلك التي يُنتجها الذكاء...

477

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
العربي يذبح بلا شفقة

لم يَـبْـقَ موضعٌ في القلب العرباوي لم تنل...

474

| 22 سبتمبر 2025

أخبار محلية