رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
للعام الثاني على التوالي، وصلت درجات الحرارة العالمية إلى مستوى قياسي جديد. وفقًا للبيانات الصادرة عن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي المعني بمراقبة المناخ، تجاوز عام 2024 الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2023 باعتباره العام الأكثر سخونة. ففي عام 2024، تجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية لأول مرة حاجز 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الذي يُعتبر نقطة تحول خطيرة نحو تغيرات مناخية قد تكون كارثية ولا يمكن التنبؤ بها. ويعني تخطي هذا الحاجز الدخول في منطقة الخطر، حيث تبدأ بعض الظواهر المناخية في الخروج عن السيطرة. ولهذا السبب، حدد اتفاق باريس للمناخ هذا الرقم كخط أحمر لا يجب تجاوزه. لكن عام 2024 لم يكسر هذا الرقم فحسب، بل شهدت معظم أيامه ارتفاعًا بدرجات الحرارة التي تخطّت 1.5 درجة مئوية وحطّمت أرقامًا قياسية يومية لم تُسجل من قبل. مع ذلك، فإن تخطي حاجز 1.5 درجة مئوية لا يعني بالضرورة أن الحال سيبقى على ما هو عليه، إذ قد تؤدي بعض التقلبات الطبيعية إلى انخفاض مؤقت بدرجات الحرارة خلال الأعوام المقبلة. لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الاتجاه العام يُظهر بوضوح أن السنوات العشر الأكثر حرارة في التاريخ قد وقعت جميعها خلال العقد الأخير. هذه الأرقام تعكس الأثر المتزايد للتغير المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية على كوكب الأرض. ولم يعد تغير المناخ مجرد قضية علمية تُناقش في المؤتمرات البحثية، بل أصبح واقعًا يفرض نفسه في حياتنا اليومية، إذ تُحيط مظاهره الكارثية بنا من كل الجوانب، من حرائق الغابات، إلى موجات الجفاف والفيضانات والأعاصير المدمرة، فضلاً عن ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى البحار بوتيرة مقلقة. أمام كل ذلك، هل تعد استجابة المجتمعات الإنسانية كافية لمواجهة هذا التهديد الوجودي؟ فمن الواضح أن هناك اهتمامًا دوليًا متزايدًا وأنّ مؤتمرات المناخ السنوية (COP) أصبحت محط أنظار العالم، إلا أن الحقيقة المؤسفة هي أن الانبعاثات الحرارية لا تزال في ارتفاع مستمر، مما يزيد الوضع سوءًا. في المقابل، لا تزال هناك بارقة أمل. فمع ازدهار اقتصادات الدول، تميل إلى أن تصبح أكثر كفاءة، وبالتالي تخفض انبعاثات الغازات الدفيئة لكل وحدة من الناتج الاقتصادي. تُعرف هذه الظاهرة باسم «فك الارتباط»، وتحصل نتيجة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وتطبيق سياسات مناخية فعّالة. عمليًّا، يعني ذلك أن الدول يمكنها تحقيق نمو اقتصادي وفي الوقت ذاته تقليل انبعاثاتها. وقد تحقق ذلك بالفعل في معظم الدول الصناعية. فالمملكة المتحدة - على سبيل المثال - كانت الدولة الأولى التي حققت فك الارتباط بشكل جزئي في أواخر الثمانينيات، عندما بدأت تقليل اعتمادها على الفحم في صناعاتها، ما جعل اقتصادها أكثر كفاءة. وحذت دول أخرى حذوها، مثل السويد وألمانيا والدنمارك وفرنسا، فيما تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق هذا التحول في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة. وتشير التوقعات إلى أن الصين، وهي أكبر مصدّر للغازات الدفيئة عالميًّا، قد تحقق فك الارتباط بحلول عام 2025. وإذا حدث ذلك، فقد يكون ذلك العام هو اللحظة الحاسمة التي يشهد فيها العالم تحقيق فك ارتباط شامل، ما يتيح مواصلة النمو الاقتصادي -وهو عنصر جوهري في مكافحة الفقر ورفع مستوى المعيشة- بالتزامن مع تقليل الانبعاثات التي تتسبب بتغيّر المناخ. في حين قد يكون عام 2025 عامًا آخر يسجل أرقامًا قياسية جديدة بدرجات الحرارة، إلا أنه قد يكون أيضًا العام الذي يشهد بداية الانعطاف في المسيرة الطويلة نحو خفض الانبعاثات لتجنب التغير الكارثي للمناخ. الوقت يمر بسرعة مذهلة، فلنبقَ على استعداد.
468
| 14 يناير 2025
كشفت الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16)، التي استضافتها الرياض مؤخرًا، أن «الأرض هي أساس كل شيء» عندما يتعلق الأمر بالاستدامة العالمية. تحظى قضية تغير المناخ باهتمام عالمي كبير وتدور حولها نقاشات مستمرة تنصبّ على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة المسؤولة عن هذه الظاهرة، إضافة إلى الحاجة الملحة إلى التكيف مع تأثيراتها المتزايدة. وفي الوقت ذاته، تتزايد النقاشات حول التنوع البيولوجي والنظم البيئية، وهي تحديات بيئية كبرى أخرى، مع التأكيد على ضرورة وقف تدهور المواطن الطبيعية والنظم البيئية، والانتقال من مجرد الحفاظ على الطبيعة إلى تحقيق أهداف إيجابية للطبيعة. وبطبيعة الحال، فإن هذه القضايا البيئية مترابطة بشكل وثيق. إذ يؤدي تدهور الغابات والنظم البيئية الغنية بالكربون إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهو الغاز الأساسي المسبب للاحتباس الحراري. في المقابل، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تأثيرات سلبية على النظم البيئية، مثل زيادة الإجهاد الحراري ونقص المياه، مما يعجّل من فقدانها. وبالتالي، فإن تغير المناخ وفقدان النظم البيئية يشكلان حلقة مترابطة، حيث يؤثر كل منهما على الآخر بشكل متبادل. غالباً، يكون العامل الأساسي الذي يربط بين هذين التحديين هو الأرض. فعندما تفقد النظم البيئية مرونتها وتتحول إلى أراضٍ قاحلة، تفقد قدرتها على امتصاص الكربون وتخزينه، وهي الظاهرة التي تُعرَف بالتصحّر. اليوم، هناك ما يقارب 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بسبب التصحّر، ويضاف إليها سنويًّا نحو 100 مليون هكتار، أي ما يعادل مساحة دولة بحجم مصر. هذا فيما يؤثر هذا التصاعد المستمر على حياة نحو 3.2 مليار شخص حول العالم، أي ما يقارب نصف سكان الأرض، ويزداد الأمر سوءًا في المناطق التي تعاني من الجفاف وسوء إدارة الموارد الطبيعية. تهدف اتفاقية مكافحة التصحّر إلى معالجة هذا التحدي المتفاقم. إذ يتطلب عكس مسار التصحّر استعادة النظم البيئية، مما يعزز قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه، وبالتالي المساهمة في الحد من تغير المناخ. كما أن استعادة النظم البيئية تؤدي إلى تحسين خصوبة التربة، مما ينعكس إيجابًا على الزراعة ورفاه المجتمعات الريفية. في اجتماعات الرياض، تطرّقت النقاشات إلى مجموعة واسعة من الموضوعات التقنية والسياساتية، ركزت جميعها على أهمية استعادة الأراضي ومكافحة التصحّر. ومن خلال هذه الجهود، لا نعالج تغير المناخ وحسب، بل نعمل أيضًا على حماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية، مما يسهم في استعادة التوازن البيئي وصحة كوكب الأرض. باختصار، الأرض هي أساس كل شيء عندما يتعلق الأمر بالاستدامة العالمية.
399
| 30 ديسمبر 2024
عُقد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي (COP16) في مدينة كالي بكولومبيا خلال الفترة من 21 أكتوبر وحتى 1 نوفمبر 2024. تُعتبر اتفاقية التنوع البيولوجي واحدة من ثلاث اتفاقيات بيئية عالمية تم إبرامها خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عُقد في ريو دي جانيرو، البرازيل، في عام 1992، والمعروف باسم «قمة الأرض». أما اتفاقيتا ريو دي جانيرو الأخريان فتتمثلان في مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ (الذي يقام حاليا في أذربيجان)، ومؤتمر الأطراف لمكافحة التصحر، حيث من المتوقع أن يقع قبل نهاية العام. تهدف مؤتمرات الأطراف (COP) إلى جمع الدول المشاركة لمناقشة السبل الفعالة لمجابهة التحديات البيئية المُلحة التي تواجه العالم، والتصدي لها. وتحظى الاتفاقيات الثلاث بمشاركة عالمية واسعة النطاق، حيث تشارك فيها 196 دولة أو أكثر. فيما يخص مؤتمر الأطراف السادس عشر بشأن التنوع البيولوجي (COP16) الذي عُقد مؤخراً، ورغم التقدم المحدود الذي أُحرز في بعض المجالات، إلا أن الكأس، مع الأسف، ما زال نصف فارغ. ومع ذلك، كانت هناك بعض الأخبار الجيدة، حيث تم التوصل إلى عقد ثلاث اتفاقيات رئيسية. تتمثل أول اتفاقية في إنشاء هيئة دائمة للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، بالإضافة إلى وضع آليات لتعزيز دور الأشخاص من أصل أفريقي في تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي. ستسهم هذه الهيئة الجديدة في تعزيز مشاركة الشعوب الأصلية في المناقشات والمفاوضات المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية. أما الإنجاز الثاني فيتمثل في إنشاء «صندوق كالي»، وهو آلية متعددة الأطراف لمشاركة المنافع تتعلق باستخدام معلومات التسلسل الرقمي للموارد الجينية. بكلمات أخرى، سيتسنى للقطاعات مثل الصناعات الدوائية والتكنولوجيا الحيوية وتربية الحيوانات وزراعة النباتات وغيرها من القطاعات التي تستفيد حالياً من هذه المعلومات، أن تشارك النفع وتساهم في صندوق يدعم البلدان النامية والشعوب الأصلية. غير أن هذه الآلية غير مُلزمة وتعتمد على المساهمات المالية الطوعية. يتضمن الإنجاز الثالث، الذي تحقق بعد ثماني سنوات من المفاوضات الشاقة، اعتماد خيارات للمناطق البحرية ذات الأهمية البيئية والبيولوجية، وهو ما سيسهم في تسهيل تنفيذ خطط حماية البيئة البحرية وإدارتها. ورغم أن هذا التقدم يُعتبر إيجابياً، إلا أن المؤتمر، مع الأسف، لم يعتمد العديد من القرارات الهامة المتعلقة بجمع وتنظيم الموارد وإعداد الآلية المالية للاتفاقية وعملية التخطيط والرصد وإعداد التقارير والمراجعة، إضافة إلى الميزانية المخصصة لأمانة اتفاقية التنوع البيولوجي، حيث انتهى الاجتماع قبل الوصول إلى توافق في الآراء. ولا تزال مئات الصفحات من مسودات القرارات عالقة بانتظار البت في أمرها. وقد تتعرض أعمال الأمانة للتوقف نتيجة عدم وجود ميزانية للتنفيذ، وإن كان هذا الأمر يبدو مستبعداً في الوقت الحاضر. خلاصة القول، هناك فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين ما هو مطلوب لدعم هدف حماية 30 % من النظم البيئية الساحلية والبحرية بحلول عام 2030، وبين الموارد المتاحة حالياً لتحقيق هذه الأهداف. وقد قال ماركو لامبرتيني، المدير العام السابق للصندوق العالمي للطبيعة، في بيان ختامي: «من الواضح أن هناك نقصاً حاداً في التمويل المتوفر لإحياء الطبيعة. فنحن لا نزال نواجه فجوة تمويلية تقدر بحوالي 20 مليار دولار سنوياً لدعم هدف حماية 30 % من النظم البيئية الساحلية والبحرية بحلول عام 2030، بالإضافة إلى أن هناك دعماً مالياً سنوياً لا يقل عن 2.6 تريليون دولار يتسبب في إلحاق الضرر بالطبيعة. نحن نواجه فجوة عميقة تهدد قدرتنا على حماية مستقبل الطبيعة». إن نصف الكأس بالفعل فارغ، وللأسف، فهناك مخاوف من أن يفرغ الكأس سريعاً بشكل كامل.
210
| 20 نوفمبر 2024
في الربع الأخير من هذا العام، ستستضيف العديد من معاهدات الأمم المتحدة «مؤتمرات الأطراف» الخاصة بها للاتفاقيات البيئية الدولية الثلاث الكبرى: تغير المناخ في أذربيجان، والتنوع البيولوجي في كولومبيا، والتصحر في المملكة العربية السعودية. وتشكل هذه الاتفاقيات الثلاث، التي تم توقيعها في عام 1992، ركائز بالغة الأهمية للمنظومة البيئية العالمية، لكن رغم ذلك غالباً ما يساء فهمها ولا تحظى بالتقدير الكافي. تخيل معي غرفة مغبرة ذات إضاءة خافتة. في أحد جانبيها يقبع تغير المناخ، وهو يتأمل أحدث تقرير له عن نهاية العالم. وبجانبه يجلس التنوع البيولوجي، وهو يندب بهدوء الأنواع المنقرضة التي لن نراها مرة أخرى. وفي الجانب الآخر من الغرفة، في الزاوية الأكثر جفافاً، يتنهد التصحر، مدركًا أنه يحتاج بدوره إلى بعض الاهتمام. ويبدو جلياً ان القضايا الثلاث، التي حظيت بكثير من الاهتمام خلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، يجمعها شعور بالإحباط المتبادل: فالقضايا الثلاث تعد من أكثر القضايا التي تواجه الكوكب إلحاحا، ولكن لا يبدو أن أحدا يهتم بها بما فيه الكفاية. ففي حين نسمع عنها كثيراً باعتبارها من أكثر المواضيع المهمة الرائجة، إلا أن هناك قصوراً لافتاً عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات فعلية لمعالجتها. يعتبر تغير المناخ القضية الأكثر أهمية بينها، حيث يحظى بكثير من الاهتمام، ويتصدر العناوين الرئيسية، ولديه فيديوهاته المتداولة الخاصة به. وعلى الرغم من تربعه وسط دائرة الضوء، إلا إنه يعاني من مشكلة حقيقية، فاهتمام الناس به غالباً ما ينحصر في مجرد أقوال لا أفعال. لا شك هناك في أننا نواجه أزمة حقيقية، لكن من الواضح أنه ما لم تغرق المدن أو تتعرض الغابات للحرائق، فسيستمر الناس في التفكير في أن «الأمر ربما لا يعدو أن يكون ردة فعل مبالغاً فيها». لكنها ومع الأسف ليست كذلك. ومن المرجح أن نواجه هنا في قطر وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بشكل عام، أسوأ تبعات تغير المناخ، فوفقاً للأمم المتحدة، تتوقع النماذج المناخية أن ترتفع درجات الحرارة في المنطقة لتفوق المتوسطات العالمية بنسبة 20%. ومما يبعث على الاطمئنان أن الحكومة ملتزمة وبشكل واضح بتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها، من خلال رؤية قطر الوطنية 2023، وخطة العمل الوطنية للتغير المناخي، واستراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي، وعبر عقد فعاليات مهمة بما في ذلك الحدث الذي وقع مؤخرا حوار قطر الوطني حول تغير المناخ الذي يعقد بالتعاون مع إرثنا – مركز لمستقبل مستدام. من ناحية أخرى، نجد أن التنوع البيولوجي أشبه بعازف الموسيقى الكلاسيكية، الذي ينسى الجميع دعوته إلى حفل توزيع الجوائز. فعلى الرغم من أن الناس يلاحظون عندما يختفي نوع شهير من الكائنات مثل وحيد القرن الجاوي، إلا إنهم على الأغلب مشغولون جداً بمتابعة تغير المناخ لدرجة أنهم لا يلاحظون أن الكوكب يفقد شبكته الحيوية المتنوعة بمعدل ينذر بالخطر. تحاول اتفاقية التنوع البيولوجي التكريس لأهمية التنوع البيولوجي من خلال تذكير الحكومات بأن الحفاظ على تنوع الحياة على الأرض ضرورة ملحة. أما عن التصحر. فمن الواضح أنه هو العضو الأقل حظاً في هذه المجموعة حيث لا يحظى بأي اهتمام، على الرغم من عواقبه المحتملة المدمرة. التصحر هو العملية التي تتحول بها الأراضي الخصبة ببطء إلى أرض قاحلة، فليس هناك فيضانات درامية أو أعاصير تستحوذ على الأضواء، بل مجرد تدهور هادئ مستمر. تحمل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عبء مهمة لا تُحسد عليها، تتمثل في محاولة إثارة حماس الناس بشأن «التربة». إن تدهور التربة يعني قلة الغذاء، واحتباس المياه، والمزيد من المعاناة لملايين البشر في المناطق المعرضة للخطر. إن التصحر يتسبب بالفعل في تشريد الملايين، وقد يزداد الأمر سوءًا ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمجابهته. على الرغم من أن كل قضية منهم تسعى بشكل فردي لجذب الانتباه، إلا أن القضايا الثلاث المتمثلة في تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً، فتغير المناخ يؤدي إلى تفاقم التصحر مع زيادة الجفاف وظواهر الطقس المتطرف، ما يهدد بالتالي التنوع البيولوجي مع اختفاء الموائل الطبيعية. وبدوره، يؤدي فقدان التنوع البيولوجي إلى تفاقم التأثيرات المناخية لأن النظم البيئية الصحية تساعد في تنظيم المناخ. ويقلل التصحر من قدرة الكوكب على دعم استمرار الحياة، بما في ذلك الزراعة، مما يثير المخاوف حول الأمن الغذائي. إنهم يحتاجون إلى بعضهم البعض، والعالم يحتاج إليهم. نأمل أن نرى بعض الأخبار الجيدة تخرج من المؤتمرات المرتقبة في وقت لاحق من هذا العام.
1668
| 10 أكتوبر 2024
شكّل العام 2023 أكثر الأعوام سخونةً على كوكب الأرض، فقد حطّم جميع الأرقام القياسية السابقة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة في منتصف خمسينات القرن التاسع عشر، ما يؤكد لنا أهمية اتخاذ خطوات عاجلة على صعيد العمل المناخي، لا سيّما مع احتمالية تخطّي درجات الحرارة خلال عام 2024 نظيراتها في العام السابق وسط ما يشهده العالم حاليًا من زيادة موجات الحرّ الشديد واستمرارها لفترات طويلة. وتُعدّ منطقة الشرق الأوسط إحدى أكثر المناطق سخونةً على مستوى العالم حيث ارتفعت درجات الحرارة بسرعة مُضاعفة عن المتوسط العالمي بسبب البيئة القاحلة في هذه المنطقة وما تفرضه من تحديات واحتياجات خاصة بها، وهو ما يتطلب وضع إطار عمل مُغاير لتطوير سياسات الاستدامة وابتكار الحلول. لكنّ هذا التحدي لا يقتصر على سكّان الشرق الأوسط فحسب، بل يعيش أكثر من ثلث سكان العالم في بيئات حارة وجافة تمتد إلى مناطق مترامية الأطراف وتشمل على سبيل المثال مناطق غرب آسيا، والأجزاء الشمالية الغربية من شبه القارة الهندية، وأمريكا الجنوبية. عند التفكير في مُدننا ومستقبلها ومتطلباتها وكيفية تحقيق الازدهار عن طريق الاستدامة، فمن المهم أن نتذكر الحضارات التي عاشت في بيئات حارة وجافة لآلاف السنين، وتبّنت سلوكيات اجتماعية وثقافية فريدة من نوعها مكّنتها من التكيّف مع البيئة التي تعيش فيها. من هذا المنطلق، تُعدّ المعارف الموروثة عن الأجداد مصدرًا غنيًا لفهم الطبيعة، ويجب الاستفادة منها في المقاربات الحديثة لتعزيز الاستدامة في عصرنا الحاضر. لهذا، يعمل مطوّرو السياسات في الدوحة- أكثر المُدن القطرية استهلاكاً للطاقة – على تطوير مبادئ التصميم المُستدام التي تجمع بين الممارسات المعمارية القديمة ونظيراتها الحديثة للحدّ من الحرارة وتقليل البصمة الكربونية للمدينة. وتُعدّ مشيرب قلب الدوحة مثالًا على ذلك، فهذه المدينة التاريخية الذي استغرق إعادة إحيائها أكثر من 12 عامًا، تعكس الكثير من عناصر العمارة التقليدية، ومنها الملقف: وهو حاجز مرتفع كان يستخدم للتهوية والتبريد، إلى جانب المشربية (الشبكات الخشبية المزخرفة) التي توفر الظلّ والخصوصية. وهذا ما أدى إلى خفض استهلاك الطاقة بنسبة 30%، فضلاً عن استخدام هذه المدينة لنظام متطور في جمع النفايات وتدويرها أو إعادة استخدامها، ناهيك عن أنظمة الريّ التي تقلل من استخدام المياه. وقد أصبح المُطورون ينظرون لهذه المدينة باعتبارها «الطبعة الزرقاء» لتحديث المناطق الحضرية المستدامة. من الواضح، أنّ المناطق الحارة والجافة تواجه تحديات تختلف كثيرًا عن تلك التي تواجهها المناطق ذات البيئات المعتدلة. ومع ذلك، نجحت هذه المناطق عبر التاريخ في التأقلم، وفي ابتكار أساليب جديدة للإزدهار بالرغم من ظروفها المناخية القاسية. وبناء على ذلك، نحرص في «إرثنا: مركز لمستقبل مستدام» على إعداد أُطر عمل تُراعي خصائص هذه البيئات الجافة ودرجات الحرارة الشديدة بها وتأخذ في الحسبان الجمع بين الحلول القديمة والحديثة بما يحقق الاستفادة لمُدننا. على الرغم من هذه التحديات، يوجد العديد من الوسائل التي تُمكّننا من تعزيز الاستدامة في المناطق الحارة والجافة، خصوصًا إذا تم ذلك بالشراكة مع مجموعة من الأطراف المعنية الرئيسية التي تشمل الخبراء، الأكاديميين، الحكومات، المنظمات غير الحكومية، قطاع الأعمال، والمجتمع المدني. وفي هذا الصدد، يسعى «إرثنا: مركز لمستقبل مستدام» إلى بناء شبكة للمدن الجافة تجمع خبراء من المناطق الحارة والجافة.
474
| 12 أغسطس 2024
لغابات المانغروف طابعها الخاص الذي يميزها عن غيرها، إذ تتمتع أشجارها بالقدرة على البقاء والنمو في المناطق الساحلية، وتستطيع أنواع عديدة منها تحمّل نسبة الملوحة المرتفعة، ومن بينها تلك الموجودة في قطر. ومن أبرز ما يميّز غابات المانغروف نظامها البيئي، فله أهمية بالغة وفوائد جمَّة للمجتمعات المجاورة، وهي فوائد يغفل عنها الكثيرون، ومنها تخزين وامتصاص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، مما يسهم في الحد من مستوياته في الغلاف الجوي. كما تحافظ غابات المانغروف أيضاً على الشواطئ من التآكل، وتحمي المجتمعات الساحلية من خطر العواصف والفيضانات، وهو الدور الذي ستزداد أهميته مع ارتفاع مستويات البحر بفعل عوامل التغيّر المناخي. وإلى جانب ذلك، تعد غابات المانغروف مصدراً لتعزيز التنوع البيولوجي الساحلي، ولكن للأسف، فإن هذه الغابات المنتشرة حول العالم تواجه خطرا داهما قد يؤدي إلى اختفائها، وفيما يتعلق بدولة قطر، فالوضع يدعو للتفاؤل، إذ أدركت دولة قطر منذ أمد طويل أهمية غابات المانغروف ، وبذلت جهوداً مكثفة لحماية هذه الأنظمة البيئية المهمة واستعادتها. وقد سبق لوزارة البيئة والتغير المناخي أن قادت هذه الجهود بالتعاون مع منظمة اليونيسكو ومنظمات غير حكومية مثل «لكل ربيع زهرة». وحاليَّا، يقود مركز إرثنا مشروعاً لإحياء غابات المانغروف في قطر بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي، وجامعة قطر. ولا تتمثّل أهمية هذا المشروع في الحفاظ على النظام البيئي بالغ الأهمية لغابات المانغروف فحسب ، بل سيساعد المشروع أيضاً في تعزيز فهمنا للتفاعل البيئي بين أشجار المانغروف ، وأعشاب البحر، والشعب المرجانية. فضلاً عن استكشاف مفهوم «الحلول القائمة على الطبيعة» من خلال إثراء معلوماتنا حول طبيعة أشجار المانغروف التي تعد سلاحاً طبيعياً يحمي السواحل من خطر ارتفاع مستويات البحار الناجم عن الاحتباس الحراري العالمي. وأخيراً نؤكد أن حماية البيئة مهمتنا جميعاً.
672
| 09 يونيو 2024
تواجه الدول الواقعة في المناطق الحارة والجافة تحديات هائلة وفريدة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ تشير معظم التوقعات إلى أن هذه المناطق ستشهد ارتفاعات في متوسط درجة الحرارة مقارنة بغيرها، ومن ثم ستزيد حاجتها لوسائل التبريد، باعتبارها ضرورة قد تصعب الحياة الطبيعية بدونها خلال الأشهر الحارة، وهو ما يعكسه بالفعل واقع العديد من هذه الدول في وقتنا الحاضر. ومن المشكلات الأخرى التي تواجهها المناطق الحارة زيادة نسبة التبخر، وهو ما يؤدي إلى تقليص حجم الموارد المائية المتاحة لديها، وبالتالي مفاقمة التحدي الذي تواجهه العديد من الدول الساحلية ذات المناخات القاحلة التي تعتمد على تحلية المياه لسد احتياجاتها. ويكمن التحدي في أن زيادة الطلب على وسائل التبريد وتحلية المياه يصحبها بالضرورة زيادة في استهلاك الطاقة، ما يجعل الاعتماد على الطاقة المتجددة في الدول الحارة والجافة ضرورة لا غنى عنها إن أردنا الالتزام بأهداف اتفاقية باريس التي تهدف إلى الحفاظ على درجات الحرارة عند مستويات أقل من 1.5 درجة مئوية خلال القرن الحالي. وقد تم التأكيد أيضًا على أهمية التحول للطاقة المتجددة وضرورة الالتزام العالمي بهذا التحول في «اتفاق الإمارات»، الذي جرى التوصل إليه في قمة المناخ «كوب 28» التي انعقدت في دبي، إذ تعد الطاقة المتجددة عنصرًا أساسيًا في جهود التصدي للتغير المناخي. ولحسن الحظ، فإن التقنيات اللازمة لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري متاحة لدينا اليوم. وتُعد الطاقة الشمسية نقطة الانطلاق في مسار الانتقال للطاقة المتجددة. وأفضل المناطق لإنتاج الطاقة الشمسية هي تلك الواقعة بالقرب من خط الاستواء، إذ تحظى بأعلى مستويات السطوع الشمسي. وجدير بالذكر أن سعر الكهرباء التي تولدها الطاقة الشمسية قد انخفض انخفاضًا حادًا خلال العقدين الماضيين، ما يجعلها أرخص أنواع الطاقة في معظم الأحيان. لذا يعد الإسراع في توسيع الاعتماد على الطاقة الشمسية الخيار الأمثل لمعظم الدول الحارة والجافة. ومن المهم الإشارة إلى أن التقنيات والخبرات اللازمة لتحقيق ذلك متاحة بالفعل، ولا ينقص سوى تسريع وتيرة إصدار السياسات التي توسع نطاق استخدام الطاقة الشمسية من خلال تذليل العقبات الاقتصادية والسماح للقطاع الخاص بزيادة استثماراته في هذا المجال. وتُعد الشبكات الكهربائية الذكية وسيلة مساعدة أيضًا لتعزيز كفاءة الطاقة، وتحسين إدارة موارد الطاقة، وتقليل الخسائر الناجمة عن نقل الطاقة الكهربائية، وتعزيز دمج المصادر المتجددة في الشبكات الكهربائية الحالية. كما يمكن لهذه الشبكات إدارة انقطاعات التيار الكهربائي المعتمد على الطاقة الشمسية، وتحسين استخدام بطاريات التخزين. وجدير بالذكر أن ارتفاع درجات الحرارة الذي كان يؤثر في بطاريات التخزين التقليدية لم يعد مشكلة بفضل التطور الذي شهدته تقنيات تخزين الطاقة، فأصبح لدينا اليوم بطاريات «الليثيوم أيون» وإمكانية تخزين الطاقة الحرارية. ومن الوسائل الأخرى المهمة لتقليل استهلاك الطاقة نظام تبريد المناطق، وهو نظام تبريد مركزي يوفر مياها مبردة - وبالتالي تكييف الهواء - لعدة مبان. ويعتبر هذا النظام بديلًا أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة من وحدات تكييف الهواء الفردية التقليدية. ويمكن للتكييف المركزي أن يقلل استهلاك الطاقة في المتوسط بمقدار الثلث تقريبًا. وإذا كانت الحلول التقنية لا غنى عنها في ترشيد استخدام الطاقة، فإن العامل المجتمعي لا يقل أهمية أيضًا. وعادة ما تعتمد السياسات التحفيزية لترشيد الطاقة على تحديد سعر مناسب للطاقة يعكس قيمتها الحقيقية حتى تدفع أفراد المجتمع إلى اتخاذ إجراءات فردية بسيطة تصنع في مجموعها فارقاً. ومن هذه الإجراءات البسيطة إطفاء الأنوار عند عدم الاستخدام، وعدم هدر المياه دون داع، خاصة إذا كانت مياهًا محلاة، والتوقف عن تبريد الغرف غير المستخدمة في المنزل أو مكان العمل. ولا يكمن الحل في التكنولوجيا وحدها، بل توجد العديد من الحلول التقليدية التي استُخدمت في العصور السابقة ولا تزال صالحة للتطبيق اليوم، ومنها على سبيل المثال تحديد اتجاهات المباني على نحو يجنبها أشعة الشمس المباشرة في أوقات معينة من اليوم ويزيد من تدفق الرياح إليها لتبريدها، وكذلك استخدام مواد بناء وطلاءات مناسبة لكي تعكس أشعة الشمس.
399
| 26 يناير 2024
تعتبر النظم البيئية الطبيعية ضرورة لاستدامة المجتمعات البشرية حيث توفر الخدمات التي تساعد في تنظيم المناخ وإعادة تدوير المياه والمواد المغذية وتوفير تربة خصبة وتلقيح النباتات وتجديد موارد الأرض. كما أن هذه النظم البيئية الطبيعية وما تنطوي عليه من تنوع بيولوجي كانت ومنذ قديم الأزل مثارًا للإعجاب ومصدرًا للجمال والإلهام لجميع الثقافات حول العالم. غالبًا ما يتم تصوير النظم البيئية المثالية في الثقافات الشعبية على أنها غابات استوائية مورقة، حيث تستوطن المخلوقات الغريبة في أشجارها العملاقة، وتتدفق مياه الأنهار فيها بلا نهاية - هي باختصار مناطق غنية بالتنوع الحيوي. لكن ماذا عن التنوع الحيوي في البلدان الصحراوية مثل قطر؟ هل يعني نقص المياه والارتفاع الحاد في درجات الحرارة أن التنوع الحيوي هنا أقل أهمية وجاذبية وقيمة عما هو عليه في المناخات الأكثر اعتدالًا؟ بالنسبة لي الإجابة هي عكس ذلك تمامًا. فعلى الرغم من الظروف القاسية، إلا أن الصحراء لا تفتقر أبدًا إلى التنوع الحيوي، فقد أدى نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة الشديدة في البيئة الصحراوية إلى خلق أنواع مذهلة من النباتات والحيوانات، التي اضطرت للتكيف مع بيئتها القاسية بطرق فريدة ومبتكرة، لتنسج بذلك أمثلة مبهرة على الصمود. فرغم أن الصحراء قد تبدو خالية من الحياة بالنسبة للعين التي لا تألف دروبها، إلا أنها غالبًا ما تزدهر بمجموعة متنوعة من النباتات والحشرات والزواحف والثدييات الصغيرة، لتشكل بذلك نظامًا بيئيًا معقدًا وفريدًا من نوعه؛ نظام نشأ نتيجة الحاجة الأساسية لتقليل التبخر والحفاظ على المياه. فعلى سبيل المثال، تزدهر معظم النباتات في الصحراء فقط عندما توفر قطرات المطر النادرة فرصة للإنبات والإزهار. فالنباتات تستمد في هذا الوقت القوة من تغذية المياه التي تبث فيها الحياة وتمكنها من إنتاج البذور. ومع مرور الوقت، تكتسب هذه البذور صلابة طبيعية ويمكن أن تظل خاملة لسنوات عديدة في الأرض، في انتظار هطول الأمطار، لتبدأ الدورة مرة أخرى وتسمح بالحفاظ على معجزة الحياة. تتمتع الحيوانات الصحراوية، التي يعتمد الكثير منها في تغذيته على هذه النباتات، بنفس القدر من الصمود، حيث طورت قدرة فطرية على خفض معدل التمثيل الغذائي لديها والدخول في حالة من السُبات للحفاظ على الطاقة عندما تجف الأرض ويندر الغذاء. وبالمثل، استطاعت الحشرات الصحراوية التأقلم مع مرور الوقت لضمان بقائها على قيد الحياة في ظل الظروف القاسية، فمنها التي تغير لونها لتنظيم درجة حرارة الجسم عن طريق امتصاص الحرارة وعكسها، ومنها من تقوم بتطوير بروتينات محددة لحمايتها من الإجهاد الحراري، أو تغير النظام الغذائي للحصول على الماء الذي تحتاجه بشدة من الطعام فقط، والرابط بينها جميعها واضح وهو الرغبة في البقاء على قيد الحياة. وقد صدر مؤخرًا كتاب حديث للدكتورة ريني ريشر وفريقها البحثي من جامعة حمد بن خليفة، بعنوان: «الجمال الخفي: استكشاف النباتات المحلية والمتوطنة في قطر»، يسلط الضوء على التنوع المذهل للبيئة الطبيعية في قطر والتطور الرائع لأكثر من 400 نوع من النبات في البيئة القطرية. ويوضح الكتاب أهمية صحاري قطر على اعتبار أنها ليست مجرد صحراء جرداء خاوية، وإنما هي غنية بالنظم البيئية الفريدة التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من التراث الطبيعي والتاريخي للبلاد. إن صحارى قطر تنبض بالحياة، ويجب الحفاظ على هذه النظم البيئية والاعتزاز بها لتنعم بها الأجيال الحالية والمستقبلية. ويعد الافتتاح الوشيك لمعرض إكسبو الدوحة 2023 فرصة مناسبة لتأكيد فهمنا لأهمية الحياة في الصحراء. وسيعرض إكسبو الدوحة، تحت شعار: «الصحراء الخضراء، بيئة أفضل»، العديد من الطرق التي وفرت من خلالها البيئة الطبيعية الحارة والجافة، وما تزال توفر سبل العيش والمأوى للبشر والطبيعة في قطر. كما سيسلط الضوء على الكيفية التي يمكن أن توفر التكنولوجيا التقليدية والمتطورة من خلالها مسارات للوصول إلى مستقبل مستدام في الصحارى، مسارات تتلاءم مع الخصائص الفريدة للبيئة الطبيعية وتتناسب معها. ونحن في مركز «إرثنا»، نتطلع إلى هذا الحدث المهم، ونأمل أن يعزز نظرة المجتمع وتقديره لأهمية منظومتنا الصحراوية المتفردة.
1182
| 28 سبتمبر 2023
يزداد تقدير العالم للموروث المحلي ويتعاظم اعترافه بأهميته في تعزيز الاستدامة البيئية - وهي الحقيقة التي أبرزتها نتائج أحدث الدراسات التي أُجريت في غابات الأمازون، التي أكدت أن الغابات الطبيعية التي تنتفع بها المجتمعات المحلية تتمتع بمستويات حماية أعلى من نظيراتها من الغابات الأخرى. وعزت الدراسة ذلك إلى نمط الحياة التقليدي لأبناء هذه المجتمعات الذين يعتمدون على ما تجود به الغابات من خيرات كمصدر للعيش، ومن ثم يزداد عنايتهم بها، هذا إلى جانب اكتسابهم خبرات هائلة في التعامل مع التنوع الحيوي والنظم البيئية. لقد استطاعت المجتمعات الإنسانية على مر التاريخ أن تتكيّف مع بيئاتها وأن تكتسب معارف وتبتكر تقنيات وممارسات تعينها على إدارة النظم البيئية؛ لكن هذا لا يعني أن الإنسان تدفعه فطرته بالضرورة لحماية البيئة، بل العكس هو الصحيح. فلو تأملنا التوسّع العالمي للحضارة الإنسانية الحديثة على مدار 50 ألف عام خلت، سنكتشف أن هذا التوسع يرتبط ارتباطًا وثيقًا باختفاء كثير من الثدييات الضخمة في جميع القارات، منها أمريكا الجنوبية التي انقرضت فيها العديد من الكائنات الحية، كالدببة كبيرة الحجم والقطط ذات الأسنان السيفية والكسلان الأرضي والحيوانات المدرعة. لقد انقرضت جميع هذه الحيوانات بسبب اتصالها مع الإنسان بعد هجرته إلى القارة. ولم يتوقف تأثير المجتمعات الإنسانية عند هذا الحد، بل تسبّب أيضًا في تغيير ملامح الطبيعة على نطاق واسع، ومنها الغابات في نصف الكرة الشمالي التي جُرّفت تمهيدًا لزراعتها، وهو ما أدى في بادئ الأمر إلى توسّع اقتصادي سريع وأفضى في النهاية إلى دخول عصر الصناعة. لحسن الحظ أن المجتمعات الحديثة بدأت تعكس مسارها وتمضي نحو الحفاظ على الطبيعة بعد أن تمكنت من تحقيق الوفرة اللازمة، فازداد تقديرها للنظم البيئية والغابات وضرورة حمايتها. لكن هذا لا ينفى أن غريزة الإنسان، التي تدفعه لاستنزاف الطبيعة وتغيير ملامحها - حتى وإن كان تغييرًا مدمرًا – تتغلب على دوافعه التي تحركه لحماية البيئة. وهنا يحقُّ لنا أن نتساءل: أي دور يمكن أن يضطلع به الموروث المحلي في تعزيز الاستدامة البيئية؟ الحقيقة هي أن ثمة مجالات يمكن للمعارف والخبرات المحلية أن تسهم فيها بشدة، بشرط أن تُفهم في سياقها الصحيح. فإذا أخذنا، على سبيل المثال، مجال إدارة المياه، سنجد العديد من الشواهد لتقنيات قديمة صممها أسلافنا للحفاظ على المياه وجمعها وتوصيلها للمزارعين – وهي تقنيات لا تزال مستخدمة في عصرنا الحالي. واحدة من أبرز هذه التقنيات هي نظام الأفلاج، المستخدم في الريّ بسلطنة عمان، وهو نظام يعود تاريخه إلى أكثر من ألفي عام، ويرتكز على توزيع المياه بين المستخدمين عبر شبكة معقدة من القنوات يشترك الجميع في الحفاظ عليها. وينظر الكثير إلى هذا النظام باعتباره نظامًا رشيدًا وفعالًا ومنصفًا. وقد أدرجت منظمة اليونسكو في عام 2006 العديد من أنظمة الأفلاج ضمن قائمة التراث العالمي. ويبرز دور الموروث المحلي أيضًا في مجال الحفاظ على التنوع الجيني بين «الأقارب البرية للمحاصيل». فقد حافظت المجتمعات المحلية على التنوع الحيوي الزراعي لقرون عديدة، بل وأصبحت تقوم على رعاية نباتات ثبُت أهميتها البالغة في الحفاظ على الأمن الغذائي حول العالم. فعلى سبيل المثال، حافظت مجتمعات الأنديز الأصلية في بيرو على 4 آلاف نوع مختلف من البطاطس دأبوا على زراعتها على مدار آلاف السنين. هذا التنوع الجيني يمكنه أن يساعد في زيادة مرونة نبات البطاطس وتكيّفه مع تغير الأراضي الزراعية الناجم عن التغيّر المناخيّ. كما يرتبط الموروث المحلي بالتراث الثقافي الذي يتجلى في أشكال عدة، منها الهندسة المعمارية والطعام والموسيقى وغيرها من مظاهر الحضارة التي تربط الإنسان بأسلافه وتعزز روابط الانتماء، ليسهم بذلك إسهامًا كبيرًا في معرفة الإنسان بذاته، ومن ثم يصبح عنصرًا من عناصر الاستدامة نظرًا لمساعدته في فهم الموروث المحلي في سياقه الصحيح. وعلى ضوء هذه الأمثلة وغيرها، يجدُر بنا أن نغيّر النظرة السطحية للسكان الأصليين وموروثاتهم، وأن نتعامل معهم باعتبارهم مصدرًا للمعرفة والإلهام، وأنه يمكن استثمار تجاربهم والاستفادة منها في حل مشاكلنا الراهنة.
2094
| 12 يوليو 2023
تشغل المخاوف المتعلقة بالوضع المناخي حيزًا كبيرًا ضمن اهتمامات المجتمع الدولي في وقتنا الحالي، وباتت الموضوعات البيئية تتصدر الصفحات الأولى في الصُحف حول العالم. ومن أبرز هذه الموضوعات الاحتباس الحراري والتلوث البيئي وفقدان التنوع الحيوي؛ وهي المشكلات التي تفاقمت واشتدت خطورتها إلى حدٍ دفع الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية المعنيّة بشؤون المناخ إلى استخدام مصطلح جديد يعبّر عن هذه المشكلات وهو مصطلح «أزمة الكوكب الثلاثية». وقد تسبَّب الاهتمام الإعلامي المكثَّف بالقضايا البيئية في إثارة المخاوف بين المجتمعات المختلفة في السنوات الأخيرة، وهو ما نجم عنه انتشار ما يُعرَف باسم «القلق البيئي»، أي الشعور الدائم بالخوف من انهيار النظم البيئية. وفي إشارة إلى حجم الانتشار الهائل لهذا العرَض، كشفت دراسة استقصائية أجرتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس في عام 2017 أن أكثر من ثلثيّ سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون قلقًا وتوترًا واكتئابًا يرتبط بالتغيرات المناخية. وعزز نتائج هذه الدراسة استقصاءٌ آخر أجرته الباحثة كارولين هيكمان من جامعة «باث» عام 2021 بالتعاون مع مجموعة من الباحثين الآخرين حول القلق البيئيّ لدى الأطفال والبالغين، وأفاد بأن 84 في المائة من المشاركين البالغ عددهم أكثر من 10,000 مشارك أعربوا عن شعورهم بالقلق النسبيّ من التغير المناخي، فيما أبدى 59 في المائة قلقهم البالغ وأحيانًا القلق المفرِط. ومن ثم، لم يكن مستغربا أن تزداد حدة ردة الفعل المجتمعية في التعامل مع هذه الأزمة، والتي تبلورت في شكل احتجاجات مختلفة، من بينها، للأسف، التصاق المحتجين بأعمال فنية شهيرة في متاحف العالم، كما حدث مع أعمال بيكاسو ورفائيل وبوتيتشيلي بشكل مخزٍ. والسؤال هنا: هل لهذا القلق البيئي ما يبرره؟ إذا تحدّثنا بلغة العلم، فالإجابة نعم، هناك ما يكفي من الأسباب لتبرير هذا الخوف. فمنذ بداية الثورة الصناعية، تسبَّب النشاط البشري في زيادة تركيز الغازات الدفيئة بنسبة 48 في المائة، مما أدى إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض لتصل 1.1 درجة، وهو ما تسبب في المقابل في ارتفاع منسوب البحار بنسبة 21 سنتمترا، حتى أن العديد من العلماء يعزون سبب حالات الطقس المتطرفة التي نشهدها حاليًا إلى التغيّر المناخي. بالإضافة إلى ذلك، تعاني معظم النظم البيئية تدهورًا مستمرًا، وينحسر التنوع الحيوي في معظم البيئات بسبب التلوث الهائل. ليس هذا فحسب، بل إن إدارة النفايات أصبحت هي الأخرى مشكلة كبرى تتسبب في حدوث ظواهر عدة مثل ظاهرة «دوامة نفايات شمال المحيط الهادي»، وهي عبارة عن مساحة تبلغ 1.6 مليون كم مربع من النفايات البلاستيكية في المحيط الهادي. وفي ضوء ذلك، يمكن تفهُّم ردة الفعل القوية تجاه الأزمة نظرًا لخطورتها، ولكن من المهم أن تستند ردة الفعل هذه إلى حقائق علمية لا أن تكون مدفوعة بالخوف والهلع وتؤدي إلى أفعال غير مقبولة. لقد أظهر الإنسان على مر العصور قدرته على التكيّف وحل المشكلات، وكانت آخر الأمثلة على ذلك تطوير لقاح لفيروس كوفيد-19 في وقت قياسي، ولم يكن ذلك وليد الصدفة، بل كان نتاجًا للمعرفة العلمية والتكنولوجية التي تراكمت على مر عقود طويلة. ولا شك عندي أن العالم قادر على حل «أزمة الكوكب الثلاثية» إن كرَّسنا لها جهودنا. فالأمثلة على نجاح الجهود البيئية في حل بعض القضايا كثيرة، فقد نجحت أوروبا، على سبيل المثال، في زيادة أعداد الثدييات زيادة بالغة بفضل التشريعات التي وضعتها لحماية الكائنات الحيّة المهددة بالانقراض والحفاظ على موائلها بعد أن تعرَّضت هذه الثدييات للإبادة على مدى الخمسين عامًا الماضية، حيث زاد البيسون الأوروبي حوالي (16,626 في المائة)، والفقمة الرمادية (6,273 في المائة) والذئب الكبير 1,871 (في المائة)، وغيرها الكثير من الثدييات. كما يمثل استعادة الغابات المعتدلة نموذجًا آخر للنجاح، فقد أُزيلَت أشجار هذه الغابات قبل مئات السنين للانتفاع بأخشابها واستغلال أراضيها في الزراعة وتربية الماشية، قبل أن تعود اليومَ إلى طبيعتها في العديد من البلدان التي تمدَّنت عمرانيًا وحضاريًا، فيما يُعرف باسم «منحنى انتقال الغابات»، وفيه تصل إزالة الغابات إلى نقطة تحول عكسي يبدأ عندها إعادة التشجير مرة أخرى تدريجيًا. على سبيل المثال، كانت الغابات تغطي 47 في المائة من مساحة في فرنسا قبل ألفيّ عام، ووصل هذا العدد إلى 13 في المائة فقط عام 1840 قبل أن يرتفع إلى 31 في المائة في الـ 180 عامًا الأخيرة. ومن الأمثلة الناجحة أيضًا في مجال البيئة تعافي طبقة الأوزون، وهي الطبقة التي تحمي الكوكب من الأشعة فوق البنفسجية. فقد تسبب إطلاق المواد الكيميائية (مركبات الكلوروفلوروكربون) إلى الغلاف الجوي في اختفاء طبقة الأوزون بشكل متسارع، وكانت هذه الظاهرة من أكبر المشكلات التي تنذر بالخطر في ثمانينات القرن الماضي، مما حدا بالعالم إلى توقيع بروتوكول مونتريال 1987، وهو معاهدة ملزمة دوليًا منعَت استخدام المواد الكيميائية المتسببة في المشكلة، وأدى التزام الأطراف بالمعاهدة إلى التعافي التدريجي لطبقة الأوزون على مدار العشرين عامًا الماضية، ولو استمر هذا الالتزام بالوتيرة الحالية ستعود طبقة الأوزون بالكامل لطبيعتها بحلول عام 2040. ربما يرى القارئ نصف الكأس فارغة أو ربما يراها آخر نصف ممتلئة عند النظر إلى القضايا المتعلقة بالمناخ، فهذا يرجع لتقديره، لكن المهم هو أننا كمجتمع عالمي قادرون على إحداث فارق إيجابي إن ركزنا في حل المشكلات بعقلانية.
555
| 27 فبراير 2023
تبذل قطر جهوداً ملحوظة لدعم العديد من القضايا المتعلقة بالاستدامة، ومنها التنوع المستمر للاقتصاد، والتوسع في الموارد المتجددة، وتقليل النفايات، وتعزيز كفاءة استخدام المياه، والأمن الغذائي، والحفاظ على التنوع الحيوي الفريد لبيئتها الصحراوية ونظمها البيئية. وهذه التحديات الخطيرة لا تواجهها قطر وحدها، بل تعاني منها الكثير من المجتمعات التي تعيش في المناطق الحارة والقاحلة. ولهذا أطلقت مؤسسة قطر في مارس 2022 مركز "إرثنا" ليكون داعماً أساسياً في رسم سياسات الاستدامة محلياً وعالمياً وتصحيح التصورات المتعلقة بها. ومن أبرز التصورات عن الاستدامة في قطر اختلال القدرة البيولوجية لنظامها البيئي وارتفاع معدل انبعاثات الغازات الدفيئة للفرد الواحد، وهي تصورات تعجز عن فهم الاستدامة في سياق كل دولة، ولا تعي الإسهامات التي تقدمها قطر لخدمة مجال الاستدامة عالمياً، وسيتضح ذلك بالنظر إليها وتحليلها عن قرب. اختلال القدرة البيولوجية للنظام البيئي فيما يتعلق بالنقطة الأولى، فإن المقياس الدولي للبصمة البيئية يصنّف قطر بالفعل من بين أكبر الدول التي تعاني اختلالات في "القدرة البيولوجية للنظام البيئي"، أي الإفراط في استخدام مواردها الطبيعية إلى حد يفوق قدرة هذه الموارد على التجدد. فلو افترضنا على سبيل المثال أن اقتصاد دولة ما يعتمد اعتماداً رئيساً على صادرات الأخشاب، فيجب على هذه الدولة ألا تقطع الأشجار بمعدل يفوق قدرة الغابات على النمو اللازم لاستبدال الأشجار التي قُطعت. ولذا، نجد أن معظم الدول تراعي في استراتيجيات التنمية استخدام مواردها في حدود قدرات هذه الموارد على التجدد بصورة طبيعية؛ حفاظاً عليها من النضوب. لكن الوضع مختلف تماماً بالنسبة إلى قطر ولا يمكن تطبيق نفس المعايير عليها؛ لأن اقتصادها لا يعتمد على مصادر متجددة، فهي دولة ذات مساحة محدودة للغاية، وتقع في أقحل الصحاري على وجه الأرض. ومن ثم، فإن بيئتها الطبيعية أو "قدرتها البيئية"، لا تكفل استدامة اقتصادها، بل تعتمد في اقتصادها على موارد طبيعية غير متجددة، وأهمها صادرات الغاز الطبيعي. وقد أحسنت قطر استغلال هذه الموارد غير المتجددة في امتلاك ثروة بشرية وإنشاء بنية تحتية هائلة وبناء رصيد من الاحتياطيات المالية، وهو ما أسهم في تحقيق ازدهار واسع لسكانها. لذا، يجب أن تُفهَم الاستدامة هنا في سياق هذا التحول المتعلق بالثروة. أعلى معدل لانبعاثات الغازات الدفيئة وبالنسبة إلى النقطة الثانية المتعلقة باتهام قطر بأنها أعلى دول العالم في معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة للفرد الواحد، فيجب سرد بعض الحقائق لتوضيح الأمر. صحيح أنه لا خلاف على أهمية تقليل قطر للانبعاثات والتشجيع على ترشيد الطاقة والانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة لتعزيز اقتصادها والوفاء بالتزاماتها الدولية، ولكن من الخطأ توجيه أصابع الاتهام إليها من خلال حساب الانبعاثات على أساس نصيب الفرد، لاسيما إذا كان مجموع انبعاثاتها ضئيلاً، إذ تبلغ حجم الانبعاثات الصادرة عن قطر حوالي 106 ملايين طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يمثل أقل من خُمس الواحد بالمئة من مجموع الانبعاثات على مستوى العالم. هناك أيضاً أحد العوامل المهمة التي يجب النظر إليها من زاوية مختلفة وهي صادرات قطر من الغاز الطبيعي. تصدّر قطر الغاز لدول تعتمد اعتماداً رئيساً على الفحم لتوليد الكهرباء. وإذا ما علمنا أن الانبعاثات الصادرة عن كل وحدة من الغاز تساوي فقط نصف الكمية الناتجة عن الفحم، فإن النتيجة المنطقية هي أن قطر تساعد في خفض نسبة الانبعاثات من خلال استبدالها الغاز بالفحم في هذه الدول. كذلك لا ننسى الدور الذي يلعبه الغاز في اتفاق باريس للمناخ الذي ينشُد الحفاظ على مستويات درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، إذ يعد الغاز عاملاً حاسماً في تحقيق هذا الهدف، وهو ما نصَّت عليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في أحدث تقاريرها. وهكذا نرى أن قطر تؤدي دوراً مهماً في تعزيز الاستدامة على مستوى العالم كما أوضحنا وليس العكس باعتبارها من كبار مصدري الغاز. أضف إلى ذلك أن قطر تبذل جهوداً كبيرة لقيادة المسيرة نحو خفض الانبعاثات وإزالة الكربون من سلسلة القيمة للغاز الطبيعي المسال من خلال تقليل الاحتراق، وضخ استثمارات هائلة في مشروعات الطاقة المتجددة لدعم مرحلة انتقالها إلى استخدام الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى استثماراتها في التكنولوجيات الجديدة لالتقاط الكربون وتخزينه، وفي الهيدروجين، وهي استثمارات سيعم نفعها على البشرية أجمع. دور مركز إرثنا وأخيراً، ما نريد أن نوضحه هنا أن أي مسار تتبناه أي دولة لتحقيق الاستدامة يجب أن يرتبط بواقعها وألا ينفصل عن سياقها، وليس بالضرورة أن يكون مشابهاً لأنظمة تتبعها دول أخرى. هذه الأمثلة التي أوردناها وغيرها من التصورات والسياسات والمسارات المتعلقة بالاستدامة تحتاج إلى إعادة النظر والتعامل معها برؤية مختلفة، وهنا يأتي دور "إرثنا" الذي نأمل أن يسهم في إعادة تعريف الاستدامة ورسم سياساتها وتصحيح المفاهيم المتعلقة بها ليس في قطر فقط بل وفي جميع البلدان الحارة والقاحلة على مستوى العالم.
1974
| 19 يناير 2023
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6654
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2733
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2265
| 30 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1710
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1518
| 27 أكتوبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1212
| 30 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1044
| 29 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1035
| 27 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
969
| 27 أكتوبر 2025
عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
867
| 26 أكتوبر 2025
بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...
846
| 27 أكتوبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
693
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية