رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

معجم الدوحة للغة العربية وسام على صدر قطر

جميع العرب يعرفون مدى اهتمام دولة قطر منذ عقود بكل ما يعزز ثقافتها العربية الإسلامية وهي الدولة الفتية التي كانت رائدة ثقافيا بنشر مجلة (الدوحة) التي كانت توزع بأسعار رمزية في كل مجتمعات العالم العربي وهي الدولة التي بادرت بإنشاء (نادي الجسرة) في السبعينيات منارة فكرية بفضل محاضراته ونقاشاته الفكرية وهي الدولة التي نظمت في جامعتها المحاضرات الشهرية الكبرى التي كان يلقيها أشهر المفكرين والعلماء العرب وغير العرب. وها هي قطر اليوم تدعم ذلك المسار المشرف بحفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي شهده حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى تتويجا لمسار علمي طويل امتد لعدة سنوات أنجز خلاله أحد أكبر المشروعات اللغوية العربية في العصر الحديث لتوثيق تاريخ الألفاظ العربية وتطور دلالاتها عبر العصور. وهذا المشروع بات مشروعا عربيا ذا إشعاع عالمي يعزز حضور لغتنا في البحوث العلمية العالمية إذ شارك فيه ممثلو منظمات إقليمية ودولية ونخبة من علماء اللغة العربية ورؤساء المجامع اللغوية العربية إلى جانب كبار المستشرقين المهتمين بالدراسات اللغوية العربية فضلا عن أعضاء المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي وخبرائه وباحثيه الذين أسهموا في إنجاز هذا العمل المعجمي المميز الذي يكشف عن تحولات الكلمة الدلالية والصرفية والاستعمالية على امتداد ما يزيد على عشرين قرنا. وفي هذا السياق، أكدت سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، المكانة المحورية لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية ودوره الفاعل في دعم تعليم اللغة العربية مشددة على أهمية الاستثمار في المشاريع اللغوية الكبرى بوصفها ركيزة أساسية لبناء المعرفة وصون الهوية الثقافية وترسيخ مكانة اللغة العربية في الحاضر والمستقبل وأضافت أن اكتمال المعجم يجب ألا يقف عند حدود مشروع لغوي رائد وإنما عليه أن يكون استهلالا وأرضا خصبة لمشروع نهضوي أشمل مشيرة إلى أن المعجم يمثل الجدية والاستمرارية بالإضافة إلى القدرة على الجمع والتأليف بعدما أصبح العمل الفكري الجاد والمستمر في العالم العربي يعاني من غياب سوق رائجة له في ظل ما يطلق عليه الحالة الموسمية في المشهد الفكري والثقافي العربي وأكدت سعادتها أن أهمية المعجم تكمن في عدة عناصر منها جديته وطبيعته التراكمية علاوة على المؤسسة الحاضنة له والتي تتمتع بغزارة الإنتاج بالإضافة إلى زخم التأليف والترجمة والبرامج الأكاديمية. وقالت إن المعجم نجح في صهر التباينات بين المشتغلين عليه في ظل اختلاف مشاربهم وانتمائهم إلى مدارس فكرية متباينة إلا أنهم اجتمعوا وعلى مدى أكثر من 10 سنوات في سبيل إنجاز مشروع جامع ونافع وضمن إطار منهجي أسفر عن فتح آفاق معرفية فريدة ورائدة ظلت أجيال سابقة تحاول بلوغها في عالم عربي تضاءل فيه الحوار اللغوي منذ زمن نتيجة ما يعانيه من حالات استقطاب. وأكدت أن الدوحة التي مدت ظلالها وارفة في الماضي ليفد إليها مفكرون ومثقفون ومبدعون قادرة ومؤهلة لتلعب دورا خلال المرحلة المقبلة لاحتضان مشروعات فكرية ونهضوية تسهم في تحريك عجلة التاريخ لصالح الأمة ولصالح الإنسان المعاصر الذي ترفض فطرته أن يكون سلعة اقتصادية. ومن جانبه شدد الدكتور (عز الدين البوشيخي) المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية على الأهمية العلمية والمنهجية البالغة لهذا المشروع المعجمي الرائد بوصفه ثمرة عمل مؤسسي تراكمي امتد لسنوات طويلة ووصف المعجم بأنه «يمثل مشروعا علميا جادا يتميز بعمقه المعرفي والتاريخي ويهدف إلى حفظ الهوية اللغوية للغة العربية ويعيد للأمة الثقة في ذاتها وفي قدراتها ويحيي لديها الأمل في تحقيق طموحاتها الحضارية. وقال إن هذا الإنجاز يمثل ثمرة جهد علمي كبير وتعاون ممتد بين نخبة من العلماء والباحثين والمتخصصين في اللغة العربية وأنه لم يكن مجرد مشروع لغوي تقليدي بل رؤية معرفية شاملة تستهدف خدمة العربية وتوثيق تاريخها وتطور ألفاظها ودلالاتها عبر العصور مشيرا إلى أن الفريق حرص على تقديم مادة علمية دقيقة تلبي احتياجات الباحثين والمهتمين باللغة العربية وأضاف المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية أن هذا الإنجاز ما كان ليرى النور لولا العناية السامية التي أولاها حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله وتضافر الجهود والإيمان بأهمية خدمة اللغة العربية مشددا على أهمية مواصلة العمل والبناء على ما تحقق حتى يظل المعجم مشروعا حيا متجددا يخدم الأجيال القادمة مثل منارة تضيء الطريق. وأشهد شخصيا بعد أن أتيح لي الاسهام في المسار الثقافي لدولة قطر على مدى أكثر من ثلث قرن بأن المعجم استكمال عملاق لذلك المسار وهو ثمرة خيارات القيادة لإيلاء الهوية مكانتها الراقية وتأصيل أجيال المستقبل في بيئتهم الحاضنة الأوسع وبذلك تضمن القيادة الرشيدة نشأة عواطف الانتماء لحضارة ثرية كان وما يزال لديها الكثير الكثير من العطاء للإنسانية ولم تعرف في تاريخها ما عرفه الغرب من «عصور الظلام».

168

| 26 ديسمبر 2025

في الهوية الوطنية القطرية ومسير الخير

شهدت أمس باعتزاز تجسيدا حيا للتلاحم التلقائي بين القيادة والشعب خلال العرض العسكري الذي أشرف عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بمشاركة رمزية من جيوش دول صديقة تدل على مكانة قطر العالية بين الدول وتشير إلى رسالة دبلوماسيتها القيمية والمبدئية في وساطات الأمن والسلام التي تؤديها الدولة وكذلك تعزز محور مقالنا هذا الأسبوع حول الهوية الوطنية القطرية كما صادف أن استمعت هذا الأسبوع إلى برنامج إذاعي بثته الإذاعة القطرية حول ما سماه الزملاء الأساتذة المشاركون في الحوار الشيق (الهوية الوطنية القطرية) ولفتت سمعي عبارة من أحدهم حيث قال: «إن الوطن تقاس قيمته بهويته وثقافته قبل أن تقاس بثرائه الاقتصادي وثرواته الطاقية» وهنا باركت بيني وبين نفسي هذا التعريف الصحيح للمجتمع القطري الذي كتب الله لي أن أساير نهضته الفكرية والحضارية والاقتصادية منذ أن حللت بهذا البلد الأمين منذ أكثر من ثلث قرن. وعرفت الليلة أنني شخصيا ساهمت بقسطي المتواضع في تأسيس الهوية الوطنية القطرية دون أن أتميز عن زملائي القطريين والمقيمين في بناء ذلك الصرح العتيد. وكنت بفضل رصيدي الأدبي والتربوي والثقافي حاضرا في مجال التربية والتعليم بسبب ارتياد أولادي للمؤسسات التعليمية واطلعت على ذكاء برامجها التي تحرص على ربط الطالب بتاريخه وتراثه وبيئته بغاية تأصيله فيما يسمى الهوية الوطنية. كما كنت حاضرا في محاضرات نادي الجسرة الثرية والمحاضرات الشهرية الكبرى في جامعة قطر بل وألقيت واحدة منها سنة 1992 حول العلاقات التاريخية بين الإسلام والغرب وقدمني للحاضرين الزميل د. علي أحمد الكبيسي. أما تواجدي في عالم الثقافة فمن خلال معارض الكتاب ونشر كتبي في سلسلة تصدرها وزارة الأوقاف وكان أول كتاب لي بعنوان (الإسلام وصراع الحضارات). عرفتني هذه المجالات مجتمعة بالمحور الهام الذي خصصته إذاعة قطر. وكما توقعت فإن الحوار الإذاعي كان حريصا على أن هوية قطر هي عربية إسلامية وتعتمد على أركانها الثابتة وهي دين الأمة ولغة القرآن العربية والتراث التقليدي المشترك بين دول الخليج وهو مما دعم غرس الشباب القطري في بيئته بكل مقوماتها الحضارية. ويدرك قارئ التاريخ أن المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، طيب الله ثراه، قبل أن يفكر في إنشاء الدولة في القرن التاسع عشر خطط لتحقيق اتحاد المجتمعات الخليجية منذ ذلك التاريخ إلى أن تم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي سنة 1981 تحت ضغوط إرادة التوسع والاستكبار لدى بعض قادة دول الشرق الأوسط قبيل حرب الخليج واستيلاء صدام حسين على الكويت. ونعيد نشر بعض فقرات من التحليل المتميز لقضية الهوية والتباس أمر العروبة والإسلام لدى الرأي العام العربي عموما والذي ساهم به الكاتب والمفكر (حازم صاغية) في مؤتمر نظمه «مركز القاهرة لحقوق الانسان» حيث ناقش الكاتب والمفكر الحر إشكالية بعنوان: “بعض أسئلة المزاج الليبراليّ في الوضع العربيّ الراهن” وطرح فيها كعادته الكثير من الأسئلة أو الإشكاليات التي عوّقت فهم أفكار الليبرالية في العالم العربي على حقيقتها وهو نفس ما حصل من قبل مع أفكار القومية والماركسية أيضاً. وهنا سأستعرض لقرائي تجربتي الشخصية مع هذه القضايا في وطني تونس ولا أخفيكم أنني عندما بدأت أنشغل بمسائل الاستعمار الجديد وريث الاستعمار العسكري والإداري المباشر أدركت أن المستعمر حينما يغادر بلادنا (هنا أتكلم عن تونس كأنموذج) نتيجة مقاومة شعبية فهو يرتب بدهاء مرحلة ما بعد مغادرته بلادنا بضمان استمرار مصالحه بتمكين «نخبة» من أهل البلاد في الحكم تحت شعارات مضللة مثلما كان تمكين الزعيم الحبيب بورقيبة من رئاسة الجمهورية التونسية بعد الإطاحة بالنظام الملكي وإعلان الجمهورية يوم 25 يوليو 1957. وكما يقول المؤرخون اليوم فإن الاستعمار الفرنسي ساعد بورقيبة دون كل الزعماء على الاستفراد بحكم تونس وطبعا القضاء على منافسه الأقوى الزعيم صالح بن يوسف إلى أن اغتيل في غرفة من غرف فندق (روايال) بمدينة (فرنكفورت) يوم 12 أغسطس عام 1961 على أيدي ميليشيا مسلحة من ميليشيات حزب بورقيبة وهو ما اعترف به بورقيبة نفسه سنة 1973 في سلسلة محاضراته حول حياته أمام طلاب معهد الصحافة وعلوم الأخبار وكنت حينئذ طالبا فيه ومستمعا لما كشف عنه رئيس الجمهورية الملقب بـ «المجاهد الأكبر» من أسرار وخفايا تتعلق بحياته العائلية بل وحتى الحميمية وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الحكام العرب وغير العرب. وفسرت أنا هذه الاعترافات بهوس الزعيم بورقيبة بالبقاء في التاريخ كمؤسس الدولة الحديثة في تونس وهو يؤمن بأن جيلي من خريجي الصحافة والإعلام سيحتفظ في ذاكرته بكل تفاصيل حياة الزعيم وربما دونها في كتب ونشرها على القراء! ونعود إلى أطروحات (حازم صاغية) الذي يرى أن معظم البلدان العربية تفتقر إلى إجماعات تأسيسيّة (إجماعات تعني توافقات) في التفريق بين الوطن والدولة والشعب حيث الغالب الأعمّ هو الانتماء إلى ما قبل الدولة وإلى ما دونها وقد فاقم من تلك المشكلة “التوهُّم” بإمكان التعويض عن ذلك بـتعريف الوطنيّة بالعداوة للمستعمِر والإمبرياليّ والأجنبيّ فقط دون تعمق في فهم الوطنية مثلا كمحرك للعمل الجماعي وتحفيز الاستثمار وخلق الثروة الوطنية والعدالة في توزيعها مما يعطي محتوى اقتصاديا لمفهوم الوطن بل وإعلاء كلمته في العالم بفضل دبلوماسية جريئة تضع الوطن في فلك العالم بل يؤثر فيه. اليوم وقطر تحتفل باليوم الوطني وفي العرض الكبير بالكورنيش وفي كل معالم الدوحة نلمس فرحا غامرا صادقا من الأعماق يرتسم على ملامح الجميع من مواطنين ومقيمين وفي لباسهم العيدي وراياتهم العنابية المرفرفة ورغبتهم في رؤية صاحب السمو وهو يقترب منهم بابتسامته المعهودة وتواضعه المعروف ويصافح بعضهم وهم يهتفون بحياته وحياة صاحب السمو الأمير الوالد. ذلك هو التعريف الحقيقي بالهوية القطرية والنتيجة الطبيعية لجهود الدولة في ترسيخها.

234

| 19 ديسمبر 2025

عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب

كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من المقاومة العادلة لمنظومة الظلم والقهر والتنكيل والقتل التي عرفها العالم عن عهدي حافظ وبشار على مدى 54 عاما أسفر عن هجرة 14 مليون سوري من وطنهم الى شتى أصقاع الأرض بعد أن تحولت سوريا الى سجن مفتوح يضم سجونا رهيبة مثل (صيدنايا). وآخر الأخبار تقول بأن الرئيس أحمد الشرع استقبل في البيت الأبيض بحفاوة وتقدير حتى إن الكونغرس الأمريكي ألغى قانون القيصر تجاه سوريا (وهو القانون الذي يقر عقوبات صارمة على الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة مارقة وتمارس دوس حقوق الإنسان) وهذا يعني أن أحمد الشرع تصرف دبلوماسيا بذكاء ومرونة تحسب له وتعود سوريا بفضل النظام الجديد في ظرف سنة واحدة الى لعب دورها المتناسب مع حجمها وثرواتها وكفاءات السوريين والسوريات. وفي المنتدى أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن بلاده تسير في الاتجاه الصحيح وتحولت من منطقة مصدّرة للأزمات إلى نموذج للاستقرار وأن العالم يؤيد بلاده في مطالبتها بانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية التي احتلتها مؤكدا أن إسرائيل هي المدانة دوليا بتصدير الأزمات. وفي رده على من يتهم الدولة في عهده بكونها دولة محاصصة وتمييز بين السوريين فقال إن الجمهورية قائمة على نظام مؤسساتي قابل للاستمرار سواء بوجود الأشخاص أو برحيلهم. وفي رده على مخاوف بشأن الوحدة الداخلية رفض الشرع توصيف أن السوريين يشعرون بالخوف، قائلًا «اليوم ومنذ أسبوع وحتى الآن وإلى بضعة أيام أخرى هناك ملايين ينزلون بشكل عفوي ويعبرون عن فرحتهم بسقوط النظام. فهل هؤلاء خائفون؟ وأضاف «أنا أعتقد أن سوريا تعيش الآن أفضل ظروفها وسوريا بلد واعد وليس هناك بلد في العالم لا يعاني من بعض المشكلات الداخلية أو يحقق توافقًا بنسبة مئة في المئة». وشدد على أن سوريا كانت دائمًا مثالًا للتعايش السلمي عبر التاريخ، مؤكدًا أن «سوريا قدمت دروسًا للعالم كله في كيفية تعايش البشر مع بعضهم». وأوضح أن «جميع أطياف الشعب السوري شاركوا في الثورة»، مضيفًا أن «المسيحيين تأثروا من النظام السابق، وحتى العلويين كانوا من أكثر من دفع ثمن ممارسات النظام من تجويع وفقر واستغلال أبنائهم». وبخصوص الأحداث الأمنية الأخيرة، قال الشرع إن الحكومة شكلت لجان تقصي الحقائق واستقبلت لجانًا دولية، وأنشأت محاكم، وأعلنت عن محاكمة من ارتكب جرائم في الساحل أو السويداء، مؤكدًا أن «هذه ظواهر سلبية، لكن رغم فظاعتها فإنها كانت محدودة، ونحن لا نبررها بل نحاسب مرتكبيها بشدة وفيما يتعلق بالانتخابات، أوضح الرئيس السوري أنه بعد تحرير دمشق، أُعلن عن مؤتمر وطني شامل شارك فيه كثير من الناس، وانبثق عنه إعلان دستوري مؤقت ريثما يُكتب الدستور وقال «هذا الإعلان الدستوري أعطى صلاحية للرئيس الحالي أن يستمر لمدة 5 سنوات، ثم تبدأ الانتخابات»، مضيفًا أنه «خلال هذه السنوات الخمس ستُسن الكثير من القوانين والإجراءات الداخلية، وسيُكتب دستور ويُعرض على الشعب، ليكون المرجعية الأساسية لتنظيم الحكم في البلد. وفي رده على أسئلة حول ماضيه المرتبط بتنظيم القاعدة، رفض الشرع وصفه بالإرهابي، متسائلًا «ما معنى كلمة إرهابي؟ ما هو تعريف الإرهاب أساسًا وقال «الحكم عليّ بأنني إرهابي هو من الأحكام المسيسة المنتشرة في العالم، إذ تُطلَق تهم الإرهاب على أشخاص دون أدلة كافية»، مضيفا أن الإرهابي في التصور العام هو من يقتل الأبرياء والأطفال والناس، ويستعمل وسائل غير شرعية لإيذائهم وأشار إلى أنه إذا وُضع هذا التعريف على كثير من الدول في العالم، فإن «عدد الضحايا في غزة يقارب 60 ألف بريء»، مضيفًا أنه «في سوريا خلال 14 عامًا، هناك أكثر من مليون إنسان قضوا، وحتى هذه اللحظة لدينا أكثر من 250 ألف مفقود». وتابع «نحن حررنا كل السجون لكننا لم نجد هؤلاء، كما تسبب النزاع في تهجير أكثر من 14 مليون إنسان، ومع ذلك لا يُسمّى هذا إرهابًا!». وشدد الشرع على أنه «لم يؤذِ مدنيين على الإطلاق»، قائلًا «قاتلت في جبهات متعددة لأكثر من 20 سنة، وقاتلت بشرف. عشت في مواجهة المخاطر وعرّضت نفسي وكل من معي للخطر كي لا يتعرض المدنيون لأي أذى». وأشار إلى أن «الواقع قد كذّب كل هذه المقولات، وأدرك العالم في النهاية أن هذه السياسة كانت خاطئة والتوصيفات كانت خاطئة»، مضيفًا أن حتى مجلس الأمن وصف بالإرهابي وأضاف أن المرأة في سوريا مُمكّنة بالفعل وحقوقها محفوظة، مؤكدا أنهم يسعون لأن تكون مشاركة في الحكومة وفي مجلس النواب ومجلس الشعب أيضا. وعن فظائع العهد الأسدي في مرحلة حافظ ثم بشار قال الرئيس الشرع: «تُشكّل التسريبات هذا الأسبوع لما بات كثيرون يسمّونه “ملفات دمشق” تذكيرًا وحشيًا ـ إن كان ثمة حاجة لمزيد من التذكير ـ ببشاعة وانحطاط نظام بشار الأسد، وبالارتياح البالغ تجاه زواله. الأرشيف الجديد من الصور والوثائق، الذي يوازي ويعمّق أدلّة سابقة على التعذيب والقتل المنهجي داخل مراكز الاحتجاز السورية، يجبرنا مجددًا على مواجهة البيروقراطية الهادفة لإدارة العنف في سوريا. وهو أيضًا تذكير صارخ في هذه الذكرى المهمة بأنه لا يمكن لـ“سوريا جديدة” أن تنشأ ببساطة دون مواجهة فظائع الماضي. ومما نعتبره وساما تاريخيا يوشح صدر دولة قطر هو أن صاحب السمو أميرها يتمتع برؤية سياسية وحضارية صائبة حيث كان أول زائر في أعلى مستوى لدمشق مع أول اعتراف رسمي بالنظام الجديد. ونذكر بأن قطر أغلقت سفارة الأسد في الدوحة ولم تفتحها إلا مع سقوط النظام الأسدي ومنحت ائتلاف المعارضة السورية اول سفارة بقيت منذ اندلاع الثورة حتى نجحت واسترد السوريون حريتهم وهو ما لن ينساه له السوريون.

180

| 12 ديسمبر 2025

الرقمنة والتحول الرقمي في قطر.. إنجازات وتحديات

تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في أواسط تلك العشرية أشتغل خبيرا إعلاميا لدى سعادة الدكتور جمعة الكبيسي نائب مدير الجامعة وبدأت أتلمس طريقي للتعرف تدريجيا على أسرار نجاح دولة قطر فيما كان يسمى (الحكومة الإلكترونية.. إي غوفرنمنت) وكان المشرف عليها أحد الأساتذة الجامعيين القطريين وكان مقرها مبنى قديما مجاورا لفندق الخليج (ماريوت وريكسوس الخليج اليوم) وفندق الواحة المتواضع. وأدرك اليوم ونحن على مسافة ثلاثين سنة من ذلك التاريخ أن دولة قطر كانت سباقة ورائدة فيما نسميه الثورة الرقمية. وتشهد بذلك إنجازات كبيرة حققتها دولة قطر في مجال الرقمنة والتحول الرقمي حيث تمثل هذه الإنجازات جزءاً أساسياً من رؤية قطر الوطنية 2020 2030 والتي تهدف إلى تحقيق تقدم شامل وتنمية مستدامة في كل جوانب الحياة. وتعكس إنجازات دولة قطر في مجال الرقمنة والتحول الرقمي التزامها التام بتحقيق التقدم والابتكار وفي أغلب الأحيان التميز عبر مختلف القطاعات مما عزز مكانة دولة قطر كلاعب رئيسي في عصر الابتكار والتكنولوجيا والتقدم التقني ولنأخذ مثلا لذلك مرفق التعليم بكل مستوياته وخاصة التربية والتعليم ما نلمسه اليوم في قطاع التربية والتعليم العالي بفضل جهود صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر من خلال مؤسسة قطر الرائدة، ثم لنأخذ كذلك مجال الرياضة، حيث تحول تنظيم كأس العالم سنة 2022 الى أنموذج عالمي بسبب سلامة وأصالة الرموز التي عبر عنها والكفاءة العالية للمنظمين وتجلت في الملاعب وأمن الجماهير وأحباء الفرق المتبارية وأيضا سلامة المباريات من أول مباراة الى تسليم الكأس. ونذكر هنا بالكلمة التي ألقاها الرئيس (ترامب) حينما استقبله حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، حفظه الله ورعاه، في بهو الديوان الأميري حيث بدأ كلامه بالإشادة بصاحب السمو قائلا بأنه من أهم رجال الدولة الكبار ثم قال الرئيس (ترامب): «إنني أرجو أن تساعدنا قطر بفضل نجاحها الكبير في تنظيم كأس العالم في جهودنا لأننا سنكون المنظمين لنفس الكأس مع كندا». وحسب تقرير صادر عن (قنا) وكالة الأنباء القطرية وتقرير ثان أعده موقع (الجزيرة نت) فإن دولة قطر تعتبر أحد الأمثلة البارزة على التقدم في مجال الرقمنة والتحول الرقمي، حيث نجحت في تحقيق إنجازات ملموسة في هذا المجال الفاتح لأبواب المستقبل وهو ما يعكس التزام قطر بتحقيق تنمية شاملة تعتمد على التكنولوجيا لتعزيز مستوى الخدمات في القطاعات الحيوية المختلفة وتقديم مستوى أفضل من الخدمات للمواطنين والمقيمين في الدولة. فشرعت منذ عقدين في تطوير بنية الاتصالات والإنترنت مما أدى إلى توفير خدمات إنترنت فائقة السرعة ومستدامة. تلك الخطوة ساهمت بشكل كبير في رفع مستوى التواصل وتيسير تبادل المعلومات وهو مما بوأ قطر المرتبة الأولى بين أعلى الدول في العالم في مجال نشر شبكات الألياف الثابتة وتتصدر قطر التصنيفات العالمية في مؤشرات جودة الحياة الرقمية وانتشار الإنترنت بين السكان بفضل تحديث مستمر لشبكات الهواتف المحمولة من جيل الى جيل أكثر تطورا وذلك قبل عديد المجتمعات صانعة هذه الأجيال من الهواتف. وتحتل قطر المرتبة الثانية عالميًا من بين 175 دولة في مجال اختبار سرعة الإنترنت عبر شبكات الهاتف الجوال. مع العلم أن دولة قطر نجحت في تحقيق تكامل التكنولوجيا في التعليم بجميع مراحله مما أسهم في تحسين جودة التعليم ومهارات الطلاب وكوادر المدرسين. وكذلك كان التوفيق حليف المجتمع القطري حيث استفادت قطر من الابتكارات في مجال الصحة الرقمية مع تقديم خدمات الاستشارات الطبية عبر الإنترنت وتوفير سجلات طبية إلكترونية مما عزز كفاءة الرعاية الصحية. وفي ذات السياق شهدت الخدمات الحكومية في قطر تحولاً رقميًا كبيرًا حيث وفرت لمواطنيها العديد من الخدمات التي يحتاجونها عبر الإنترنت مما سهل إجراءات التفاعل مع الحكومة وحسن مستوى الكفاءة الإدارية. واستخدمت الحكومة القطرية آليات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال سواء في تحليل البيانات أو استخدامه بحكمة ومعرفة في كل القطاعات الحيوية في البلاد مثل الطاقة. وضمن جهودها المبذولة في مجال الرقمنة والتحول الرقمي اتخذت دولة قطر إجراءات فعالة لتعزيز الأمن السيبراني مع التركيز على حماية الأنظمة والبيانات الحيوية. ولا تجد اليوم ونحن في نهاية سنة 2025 قطاعا واحدا لم تشمله الرقمنة وهو ما يسر حياة المواطنين والمقيمين بصفة سريعة وناجعة. فلو أخذنا أمثلة الدبلوماسية والطاقة والصحة والنقل والرياضة والتعليم والإدارة والبحث العلمي والعدل بوزارته وملحقاتها والزراعة والسياحة وتنظيم حركة المرور وخاصة توفير أمن المجتمع وحمايته من الجريمة والانحراف لأدركنا بأن الدولة التي كانت سباقة ورائدة منذ ثلث قرن لم تزل كذلك اليوم وبفضل توجيهات حضرة صاحب السمو أميرها، والقيم والمبادئ التي يتمسك بها ستستمر الريادة القطرية محافظة على نفس الخيارات. لو أوجزنا في كلمات قليلة تلك المكاسب التي عددناها لقلنا بأن قطر بعد أن كسبت رهانات الحاضر تتهيأ لرفع تحديات المستقبل لأجيال قادمة خططت دولتهم لضمان مستقبلهم وتوفير حياتهم وهي عقيدة احترام القادم دون أنانية التمتع بخيرات البلاد لجيل اليوم وحده وهنا يكمن جوهر التميز القطري.

495

| 05 ديسمبر 2025

البعد الإستراتيجي للحرب الروسية الأوكرانية

في البداية أبوح لكم بأني متمسك برأيين حول أوكرانيا صرح بهما رجلان حكيمان بلغا قرنا من العمر كل على حدة: الأول هو المفكر الأمريكي عالم الألسنيات من أصول يهودية وما زال حيا (ناحوم تشومسكي) والثاني متوفى ويسمونه ثعلب الدبلوماسية الأمريكية مخطط لقاء (كامب ديفيد) الذي أخرج مصر من المواجهة العربية الإسرائيلية (هنري كيسنجر) وسبق أن علق الرجلان على الحرب الروسية الأوكرانية فاتفقا على أن موقع أوكرانيا المنطقي والحقيقي هو الحياد وليست مؤهلة لا للعودة الى اتحاد الجمهوريات الروسية ولا للانضمام الى الحلف الأطلسي وعضوية الاتحاد الأوروبي. ولنحلل حالة العلاقات الدولية اليوم من خلال أوكرانيا ومخاطر حرب عالمية ثالثة تنطلق هذه المرة أيضا كسابقتيها من قلب أوروبا لتعم العالم. فقد نجح ترامب في الوصول إلى اتفاق تاريخي مع روسيا يبعدها عن التحالف مع الصين. وتذهب الخطة أبعد من ذلك حين تطالب خطة الرئيس (ترامب) نظيره الأوكراني بالتخلي عن أراضٍ ما تزال تحت سيطرتها لضمها رسميًا إلى روسيا مما يضطرنا للإقرار بأن الرئيس (زيلنسكي) حول أوكرانيا إلى ساحة صراع دولي لا يملك أي قرار فيه بل ترك مصير بلاده رهن حسابات قوى دولية كبرى متصارعة حين راهن على دعم أمريكي مطلق ليكتشف في النهاية أن أمريكا تتعامل معه كورقة تفاوض لا أكثر. واليوم فإن كل ما قُدم من تضحيات وكل ما خسرته أوكرانيا من أراضٍ واقتصاد واستقرار، ينتهي على طاولة تفاوض بين موسكو وواشنطن من دون أن يكون للرئيس (زيلنسكي) حق الاعتراض أو حتى مجرد الحضور! ثم إن تجاهل واشنطن للأوروبيين في هذه الصفقة ليس تفصيلًا بسيطا لأن الأوروبيين الذين أجبرتهم واشنطن ولنقل شجعتهم على الدخول في هذا الصراع هم المتأثرون مباشرة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا ومع ذلك جرى تجاوزهم بالكامل! وكل ما استطاعوا إظهاره للعلن في قمتهم الأخيرة المنعقدة في بروكسل هو التعبير عن الانزعاج والخيبة، في مشهد يعكس عجزهم السياسي وانكشافهم الاستراتيجي. لقد اكتشفوا مرة أخرى أن واشنطن لا تتعامل معهم كشركاء بل كمجال نفوذ تتغير فيه السياسات بحسب المصالح الامريكية والروسية الاستراتيجية. لأن القوى النووية والاقتصادية الثلاث (واشنطن وموسكو وبيجين) لا تحمي أحدًا في الحقيقة بل تستخدم الجميع بدون اعتبارات أيديولوجية كانت سائدة قبل سقوط جدار برلين في نوفمبر1989 فيما عرف بالحرب الباردة. وما يجري اليوم مع (زيلنسكي) وأوروبا ليس إلا نموذجًا جديدًا يؤكد كيف تستدرج القوى العظمى بعض الغافلين من الحكام لتنفيذ أجنداتها ثم تتبرأ منهم عند أول فرصة! فهذا كان وما زال حال كل القوى العالمية المهيمنة على العالم ولم تختلف هذه السياسات إلا في مراحل الحكم الاسلامي للعالم منذ فجر الإسلام ودولة المدينة ثم الخلافة الأموية تليها العباسية انتهاء بالسلطان العثماني حتى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924. وكما يعرفني قرائي منذ بدأت أنشر ما أعتقده فأنا لست ممن يدعو الى القطيعة بين دولنا والدول العظمى ولكن تحالفنا مع إحداها لا يعني الانسياق وراء مخططات قد تعود بالضرر على بلداننا وعيا منا جميعا أن ما يحكم العلاقات الدولية هو المصلحة والمصلحة فقط وبحكم علمنا ان كل الدول العظمى في إطار رؤيتها للقرن الحادي والعشرين تسعى مثلا للسيطرة على القارة الافريقية وتحجيم الدور الأوروبي الاستعماري فيها وهو ما عبرت عنه انتفاضات عسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وآخرها الانقلاب العسكري في غينيا الوسطى يوم 26 نوفمبر الجاري وشرعت الشعوب الفرنكوفونية منذ 3 سنوات في الخروج من سيطرة باريس على مقدراتها وستتبعها الأمم التي خضعت لبريطانيا بلا ريب. ولا ننسى أن الغاية الجيوستراتيجية لواشنطن وموسكو تبقى هي القضاء على الوجود الصيني في افريقيا فقد توصل الرئيس ترامب الى اتفاق مع بوتين تضمن به الولايات المتحدة كسب موافقة (بوتين) على أن تكون موسكو شريكة لها في تحقيق ذلك. وبالعودة الى موضوعنا الأساسي فقد حدث اتفاق بين الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الروسية يدخل بموجبه الرئيسان الأمريكي والروسي في تحالف غير معلن بين القوتين العظميين في مواجهة الصين! أي ضد المنافس الصيني الأخطر وهو ما يؤدي الى قطع امدادات الطاقة عنها عبر خط سيبيريا متى طلبت واشنطن ذلك مقابل السماح لروسيا بدور متقدم حتى على أوروبا في السياسة الدولية وهو ما يرضي غرور (بوتين) ونرجسيته وحلمه القديم باستعادة الإمبراطورية القيصرية لروسيا! فبعد أربع سنوات من الحرب الروسية الاوكرانية حققت واشنطن أهدافها بإضعاف روسيا واجبارها على الدخول تحت جناحها وكان لا بد من تقديم هدية للرئيس (بوتين) وهي المتمثلة في حصوله على أراض أوكرانية أكثر مما احتل ليظهر أمام شعبه بمظهر المنتصر في الحرب. ومن جهة ثانية اضعفت الأوروبيين وكشفت واقعهم الهزيل أمام شعوبهم وأمام العالم وأنهم بدون المظلة الأمريكية في السلم والحرب غير قادرين على فعل أي شيء بل غير قادرين حتى على حماية أنفسهم وهو ما سينعكس على سياسات أغلب الدول. أما الصين التي كانت تفتخر بأنها القوة العالمية القادمة فقد أفشلت واشنطن كل خططها من مبادرة الحزام وطريق الحرير الى منظمة (البريكس) الى تواجدها في كثير من موانئ العالم وحاصرتها باتفاقيات وتحالفات مع كل الدول المحيطة بها وآخرها الاتفاق مع الهند وحاليا مع روسيا مما شكل هلالا يحصر الصين في مجالها الجغرافي ويجبرها على الانكفاء والتسليم بقيادة أمريكا للعالم في هذا القرن. وستشهد السنوات القادمة مزيدا من هذه الهيمنة خاصة لو خطط خبراء الاستراتيجيات الأمريكان لتفكيك خريطة العالم القديمة وهو ما يسعى لتنفيذه العنصريون المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية حيث شرعوا في فصل الضفة عن القطاع وأعلن رئيس حكومتهم أنه لا يعترف بتقسيم (سايكس بيكو) لأن بريطانيا وفرنسا كانتا عام 1916 هما الامبراطوريتان الأقوى أما اليوم ونحن في سنة 2025فالعالم معترف بوحدانية القطب الأمريكي وبأن القاطرة التي تقود الشرق الأوسط هي إسرائيل! وهذا ما يجب على جميع العرب أن يعوه و يتعاملوا معه بذكاء كواقع مفروض على العالم كله.

273

| 28 نوفمبر 2025

قال لي بوتفليقة في التسعينيات كلاماً أستعيده اليوم

اللهم احمِ الاتحاد المغاربي من الهزات والعواصف واهد شعوبه إلى طريق الرشاد والوعي، وبلِّغهم شاطئ الأمان في عالم متقلب لا يرحم، وإقليم مغاربي هش وعلى ضفاف بحيرة المتوسط الرابطة بين شمال أفريقيا وجنوبه وهي الجسر الذي يصل دول الاتحاد الأوروبي بدول منطقة الشرق الأوسط. اليوم ونحن نشاهد على القنوات التلفزيونية تفاصيل اعتراف مجلس الأمن بمغربية الصحراء أي بأن ما كان يسمى بالساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) هي جزء من المملكة المغربية وأن مخطط الملك محمد السادس المتمثل في تمتيع سكانها بالاستقلال الذاتي ضمن السيادة المغربية هو المخطط المنطقي والمقبول الذي تؤيده منظمة الأمم المتحدة. وهنا نبارك الزيارة الرسمية التي أداها الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو والحفاوة التي استقبل بها كما نبارك تقبل السلطات الجزائرية بصدر رحب النقد والمقترحات والمعارضة البناءة لتوجهات رسمية دأبت عليها الدولة منذ عقود وهذه الظاهرة الصحية كدنا نيأس منها حتى رأينا ما وقع في الجزائر من مظاهرات سلمية قامت بها جماهير الشباب والكهول وهي تنزل إلى شوارع الجزائر ووهران وقسنطينة وسطيف رافضة منطق الجمود والغموض وحالة استمرار الوصاية الأحادية تحت شعار العهدة الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ولفت نظري مؤشر رمزي عميق يتمثل في مشاركة المجاهدة الجزائرية الرمز الخالد لثورة جيش التحرير الجزائري في هذه المظاهرات وهي (جميلة بوحيرد) التي عرفناها منذ طفولتنا وسمعنا ببطولاتها ونقلت لنا السينما المصرية بعض ملحمة تعذيبها وصمودها حين مثلت ماجدة دورها فرسخت قصة (جميلة بوحيرد) في ذاكرتنا رمزا للمقاومة ورفض الاستعمار وفرض أقدار الحرية لشعب المليون شهيد. نعم جميلة شاركت فيما اعتقدته عام 2019 تحريرا ثانيا للشعب من أجل تحقيق حريته بعد أن ساهمت في تحقيق استقلاله. وأنا عادت بي الذاكرة إلى عامي 95 و96 في الدوحة وكنت أنا نفسي لاجئا فيها بفضل مروءة قيادتها التي استجرت بها فأجارتني بعد أن حصلت على اللجوء السياسي من فرنسا وأسعدتني الصدف وعلاقاتي الطيبة بالإخوة القطريين أن ألتقي عديد المرات بالمناضل الجزائري الكبير وصانع الدبلوماسية الجزائرية بعد استقلالها وأحد أبرز مؤسسي التضامن الأفريقي- الآسيوي وحركة عدم الانحياز عبد العزيز بوتفليقة هو ذاته الذي تظاهرت الجماهير الجزائرية ضد عهدته الرئاسية الخامسة بسبب مرضه الذي أقعده نهائيا وحَوّل ذلك الرجل السياسي إلى مجرد واجهة مدنية تحكم من ورائه مجموعة مراكز قوة.! تذكرت الأحاديث التي دارت بيننا حين كان بعيدا عن الشأن السياسي يعمل مستشارا لأمير دولة الإمارات الشيخ زايد آل نهيان، رحمة الله عليه، ويعيش في أبو ظبي يتابع من بعيد تطور أحداث العشرية السوداء في وطنه بمرارة وعمق تفكير. وكان يتردد على الدوحة أيام الخميس والجمعة بدعوات أخوية من أصدقائه القطريين وهم لا شك يذكرون ما كان يدور بيننا وبينه من حديث مشحون بالتاريخ واستشراف المستقبل وكانت تجمعنا سهرات طويلة في بيت الشيخ علي بن جاسم صديقه يحضرها شقيقاه الشيخ حمد بن جاسم رئيس غرفة التجارة والصناعة والشيخ خليفة بن جاسم الذي تسلم رئاسة الغرفة من بعده. كما اجتمعنا حول غداء سمك الهامور والصافي والكنعد في بيت السفير محمد آل خليفة وقد تحمل أمانة سفير لدولة قطر في الجزائر وتعرف عن كثب على وزير الخارجية المقتدر النشيط عبدالعزيز بوتفليقة وكان يحضر معنا دبلوماسي عماني يجمع بين الأدب والإعلام والسياسة هو الصديق علي بن مسعود المعشني المقيم آنذاك في الدوحة. أحاديثنا كانت تبدأ عادة من تحليل ضاف ورصين يقدمه لنا بوتفليقة عن الحالة الجزائرية بعد تفاقم الإرهاب وتشعب الصراع بين ما بقي من جبهة الإنقاذ الإسلامي وفرعها المسلح وبين ما بقي من جبهة التحرير الوطني وفرعها العسكري فيؤكد لنا بوتفليقة أنه يؤمن بأن حلا سلميا مدنيا وطنيا لا يزال ممكنا بل هو الحل الوحيد إذا ما اقتنع الجزائريون بأن نفق القتال المسلح بات مسدودا وإذا ما استطاع كل فصيل من الفصيلين المتقاتلين أن يعتبر الخصم مواطنا جزائريا له حقوق وعليه واجبات فيتغير نوع العلاقة بينهما من عداء دموي إلى نقاش أخوي. وبدأ بوتفليقة منذ ذلك الزمن يهيأ في ذهنه الحل الذي يتضمن العفو التشريعي المشروط وإلقاء السلاح وإعلان الهدنة التي تتحول إلى وفاق، وطي صفحة الماضي وكنت أنا ألحّ عليه في قبول بعض المناشدات التي تصله من رفاق دولة الاستقلال ليتولى هو مهمة الوفاق والسلم المدني وهو كما يذكر الإخوة يرفض قطعيا أن يعود للعمل السياسي بعد الذي جرى ثم أقول له أنا مبتسما: «قال بعض الحكماء إن الرجل السياسي لا يموت إلا بموت حقيقي أما إذا كتب الله له الحياة فهو كالبركان يظنه الآخرون منطفئا ميتا لكنه هادئ إلى حين ثم ينفجر حمما ويبعث من جديد»، فلا يجيبني إلا بحركة رأسه الرافضة وبحيرة ترتسم في عينيه الخضراوين ثم أواصل ضاحكا: «نتصور أنك يوما ما ستمسك بخيوط السلطة فأرجوك ابدأ بحل قضية الصحراء والبوليساريو لأن المغرب العربي معطل بسبب هذا الخلاف بين الجزائر والمغرب»، فيجيبني «إن ملف الصحراء هو ملف الهواري بومدين رحمه الله شخصيا وهذه المعضلة ستجد حلا بين الأشقاء والجيران إذا ما وصل للحكم رجل يتحرر من وطأة المواريث السياسية الثقيلة! وأعطاني بوتفليقة رقم هاتف والدته لكي أتصل به إذا ما عاد للجزائر ثم حدث ما أصر بوتفليقة على رفضه بعد سنوات قليلة ولم تحل قضية الصحراء وبالطبع لم أتصل به في الهاتف لأن الوضع غير الوضع ولله في خلقه شؤون! كان الهاتف على ملك والدته وباسمها لأن عبد العزيز ليس متزوجا ويقال إنه بفضل وسامته وعينيه الخضراوين كان محبوبا جدا لدى النساء.

306

| 21 نوفمبر 2025

وسام من الأمم المتحدة يوشح صدر قطر

بارك الله في قناة الجزيرة الرائدة التي أتاحت للرأي العام العالمي من خلال لغات بثها، معرفة المكانة التي تتميز بها دولة قطر على الساحة الدبلوماسية الدولية بفضل تمسك قطر بمبادئ الشرعية الدولية وأخلاق الأمم في السلم والحرب مما جعلها منارة سلام عبر وساطات الخير في عدة بؤر نزاع أو حروب أهلية. وفضل الجزيرة اليوم هو أن نسمع ونرى على شاشاتها شهادات أكبر الفاعلين السياسيين وأشدهم تأثيرا أمثال رئيسة جمهورية سلوفينيا والسيد أنطونيو غوتيريتش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، والذي نورد فقرات من شهادته الصادقة في مقالنا هذا شاكرين حرصه على قول كلمة الحق، وذلك لإيمانه العميق بقيم المنظمة التي يرأسها، وبما تقدمه الدبلوماسية القطرية من دعم لكل مؤسسات الأمم المتحدة وفي مقدمتها وكالة إغاثة اللاجئين والمؤسسات الخيرية الأممية، وتلك المكلفة بحفظ حقوق الانسان وحمايته من التجويع والتركيع. حيث أشاد سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بالدور المحوري لدولة قطر في تعزيز مساعي السلام في المنطقة، واصفا إياها بأنها «صانع سلام» في الشرق الأوسط والعالم، وأنها الدولة الأممية أي الحليفة الدائمة للمنظمة. وقال سعادته في مؤتمر صحفي على هامش أعمال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، إن دولة قطر كانت دائما شريكاً ملتزماً في مسارات السلام، سواء في اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة أو في جهود التوسط بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس، مشدداً على ضرورة أن يصمد هذان الاتفاقان ليمهدا الطريق لحلول سياسية طويلة الأمد. كما نوه بدعم دولة قطر للأمم المتحدة، قائلا إنها «داعم سخي لأعمال الإغاثة الإنسانية في جميع أنحاء العالم، ومناصرة للتعليم، بما في ذلك تعليم الفتيات في أفغانستان، وتقدم المعونة والدعم الفني لتواصل الفتيات تعليمهن، وتستضيف عملية الدوحة المتعددة الأطراف لدعم تعاطي المجتمع الدولي مع أفغانستان». وقال سعادة السيد الأمين العام للأمم المتحدة: «إن دولة قطر، وهي تستضيف مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، تقوم مرة أخرى بدور عالمي حاسم، فهذا المؤتمر تعبير عن التزام متجدد بوضع الإنسان والكرامة والعدالة الاجتماعية في صميم التنمية المستدامة». موضحا أن «إعلان الدوحة السياسي» المنبثق عن مؤتمر القمة يعد «التزاما واضحا وجريئا من جانب المجتمع العالمي بتسريع وتيرة التقدم، وهو بمثابة خطة من أجل الإنسان». ومن جهة أخرى قال إن الوقت قد حان لتحقيق السلام في السودان وفي قطاع غزة. مضيفا أن الأزمة الإنسانية في السودان قد بلغت «مستوى مروعاً» يفوق السيطرة وأن مدينة الفاشر ظلت بؤرة للمعاناة منذ أكثر من 18 شهراً، وتشهد حالياً تفاقماً مروعاً في الأوضاع الإنسانية. وتابع: «مئات الآلاف من المدنيين السودانيين محاصرون في مناطق النزاع، بينما يموت الآلاف بسبب الجوع والأمراض والعنف، مع تواصل تبليغنا بالتقارير المتعلقة بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان التي تشمل الهجمات العشوائية، واستهداف المدنيين، والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات، فضلاً عن حالات مروعة من العنف القائم على التمييز الاجتماعي والعرق وتقارير موثوقة عن عمليات إعدام واسعة النطاق». وجدد غوتيريش دعوته للوقف الفوري للقتال في السودان، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون أي عوائق وكذلك وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى هناك. وقال: «نحن بحاجة إلى وقف فوري للأعمال العدائية وأدعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى العمل مع مبعوثي الشخصي إلى السودان، السيد رمضان العمامرة للتوصل إلى تسوية تفاوضية». وحول الأوضاع في قطاع غزة، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه البالغ إزاء استمرار انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. مؤكدا على أهمية إرساء مسار سياسي موثوق يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والتوصل إلى حل الدولتين. ودعا سعادة السيد الأمين العام للأمم المتحدة، إلى العمل على تعزيز مكافحة الفقر وعدم المساواة من خلال الاستثمار في الغذاء والتعليم والصحة والمياه والإسكان والحماية الاجتماعية، والتركيز على خلق فرص العمل عبر التدريب والتنويع الاقتصادي وسد الفجوة الرقمية وضمان المساواة للمرأة في الوصول إلى الفرص ودعم تمويل التنمية من خلال توسيع قدرات المصارف الإنمائية متعددة الأطراف والاستفادة من التمويل الخاص وتخفيف أعباء الديون وضمان شمول الجميع في التنمية، دون أن يُترك أحد متخلفا عن الركب. وفي رده على أسئلة الصحفيين، شدد السيد غوتيريش على ضرورة توحيد الجهود الدولية لإيجاد حل دائم للأزمة في السودان، مع ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكب هناك. كما أوضح أن الأمم المتحدة تواصل العمل لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، مؤكداً أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون جزءاً من المسار السياسي الأشمل الذي يؤدي إلى حل الدولتين مشيرا إلى دعم الأمم المتحدة لـ «مبدأ الحفاظ على وقف إطلاق النار وضرورة التزام جميع الأطراف به»، مشدداً على أهمية «وجود رابط بين غزة والضفة الغربية في المرحلة المقبلة، بما يؤدي إلى حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة». وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «إن أي هيئة تنشأ في غزة ينبغي أن تتمتع بالمشروعية المستمدة من ولاية صادرة عن مجلس الأمن والنقاش جار حول ذلك بين أعضاء المجلس حالياً»، مشيراً إلى أهمية توفير تدريب لقوة شرطية فلسطينية وضمان أن تؤدي المرحلة الانتقالية إلى وضع تتحد فيه الضفة الغربية مع غزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في إطار تنفيذ حل الدولتين. وأضاف أنه «من الضروري إعادة تنشيط النظام التعليمي الذي كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تديره في غزة، وأن التعليم يجب أن يكون ركناً أساسياً في أي مؤتمر لإعادة التأهيل والتعافي في القطاع»، لافتاً إلى أن هناك نية لعقد مؤتمر قريب في العاصمة المصرية القاهرة بهذا الشأن مؤكدا في ختام المؤتمر الصحفي ثقته في أن دولة قطر ستواصل لعب دور حاسم في جهود السلام الإقليمية والدولية وستكون شريكاً مهماً في مساعي إعادة تأهيل قطاع غزة وفتح آفاق جديدة للتعاون الدولي من أجل تحقيق السلام والتنمية في المنطقة والعالم. هذه شهادة لا يمكن الطعن في نزاهة من أداها لأنه منطقيا صاحب رسالة الأمم جميعا والمتكلم باسم المليارات من البشر الموزعين في القارات الخمسة. ولو تأملتم محتوى الشهادة الأممية لأدركتم بأن القيم والمبادئ التي عددها السيد غوتيريتش هي ذاتها التي يؤمن بها حضرة صاحب السمو.

540

| 14 نوفمبر 2025

قمة الدوحة والمنعرج الحاسم نحو التنمية والسلام

تفضَّل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، صباح الثلاثاء، بمركز قطر الوطني للمؤتمرات. ويدرك المتابعون لمسيرة قطر الأهمية القصوى التي يوليها صاحب السمو للتنمية الاجتماعية التي تعني في أبعادها وغاياتها تمتيع المجتمع الوطني بثمار الثروة دون نسيان مجتمعات الدول الفقيرة والمهمشة وتلك كانت وما زالت رؤية قطر بقيادة أميرها للتكامل العالمي واعتبار أن دولة قطر وكل دولة على وجه الأرض ليست أقمارا صناعية في الفضاء كل منها يدور في فلك بل إن الإنسانية بأسرها شبكة من العلاقات والمصالح المشتركة ولهذا السبب سُمي المؤتمر بالعالمي وهو الثاني بعد ثلاثين سنة من انعقاد الأول في كوبنهاغن. وندرك كل هذه الرؤى القطرية وتجسيدها في الواقع من خلال النقاط التي حللها حضرة صاحب السمو في خطابه الافتتاحي للمؤتمر، حيث بدأ بتذكير الحاضرين بتاريخ فكرة المؤتمر الأول ثم شرح اهتمام قطر بالعمل الاجتماعي فقال: «تنطلق استضافتنا لهذه القمة من إيماننا الراسخ بأهمية العمل الجماعي في قضايا يفترض ألا تكون خلافية لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، وحرصنا على تعزيز التنمية الاجتماعية، ودعم الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الفقر، وزيادة فرص العمل، وتعزيز كل ما يضمن كرامة الإنسان، وتحقيق الإدماج الاجتماعي، وصولًا إلى مستقبل أكثر ازدهارًا وعدلًا للجميع. وتوجَّه سموه بالشكر والتقدير إلى معالي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد (أنطونيوغوتيريتش) للدور الذي تقوم به المنظمة في هذا الباب. ثم تطرق صاحب السمو إلى الجهود الوطنية والعالمية فقال: «على الصعيد الوطني أولت دولة قطر أهميةً خاصةً للتنمية الاجتماعية، وحققت تقدمًا واضحًا وفقًا للمؤشرات الصادرة من المؤسسات الدولية المعنية، وتواصل الدولة العمل الدؤوب في هذا الشأن عبر تعزيز التنمية البشرية وتحسين جودة الحياة، والرفاه والازدهار، وتطوير جودة التعليم والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية والأسرية والحماية الاجتماعية، وقد أطلقت الدولة عبر وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة مؤخرًا إستراتيجيتها (2025– 2030)، تحت شعار «من الرعاية إلى التمكين»، ومن أهم ركائزها بناء مجتمع متماسك قائم على العدالة وتكافؤ الفرص والتمكين الإنساني وبما يتوافق مع إستراتيجيات الدولة ورؤيتها الوطنية 2030. أما على الصعيد الدولي، فنحن ندرك أن التحديات التي تواجه تحقيق التنمية الاجتماعية كالفقر، والبطالة، والتفاوت الاجتماعي، تتطلب منا جميعًا تعاونًا وتضامنًا فعالًا، وتعتز دولة قطر بالشراكة الإستراتيجية الوثيقة مع منظمة الأمم المتحدة، حيث لم تتوانَ يومًا عن تنفيذ تعهداتها وتعد قطر في مقدمة الدول الداعمة لها في مجالات مختلفة وستظل دولة قطر، شريكًا فاعلًا في المجتمع الدولي وداعمًا لجهود التنمية الاجتماعية من خلال ما تقدمه من مساعدات ومساهمات للعديد من الدول والمجتمعات من خلال صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية وغيرهما. وأشار سموه إلى التحديات المشتركة التي تواجهها البشرية مجتمعة مثل قضايا البيئة والمناخ والفقر واللجوء وحقوق الإنسان هو أول الواجبات هو الالتزام بالتعهدات. وفي حالة التنمية الاجتماعية، يتطلب الأمر ترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الدول في إعلان كوبنهاغن إلى واقع ملموس، وذلك من خلال معالجة الثغرات في تنفيذ تلك الالتزامات، ومنح الأولوية للحلول المبتكرة والشراكات الفعالة والمثابرة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ونوه سموه ببيان الدوحة المنبثق عن المؤتمر، حيث لا يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية في المجتمعات من دون السلام والاستقرار. ونحن نؤمن بأن السلام الدائم خلافًا للتسويات المؤقتة هو السلام العادل. ولا يخفى عليكم أن الشعب الفلسطيني الشقيق يحتاج إلى كل دعم ممكن من أجل معالجة الآثار الكارثية التي خلفها العدوان الإسرائيلي الغاشم، والتصدي لعملية بناء نظام فصل عنصري في فلسطين. نحن ندعو المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني لإعادة الإعمار وتأمين الاحتياجات الأساسية لهذا الشعب الصامد حتى تحقيق العدالة وممارسة حقوقه المشروعة على أرضه ووطنه. وختم سموه خطابه بلهجة صادقة جريئة، حيث تحدث عن الصدمة من هول الفظائع في السودان وقال: لا يسعني أن أختتم هذه الكلمة دون الإشارة إلى صدمتنا جميعًا من هول الفظائع التي ارتكبت في مدينة الفاشر في إقليم دارفور في السودان وإدانتنا القاطعة لها. وهل كنا بحاجة إلى دليل آخر لندرك أن تجاهل العبث بأمن الدول وسيادتها واستقرارها، وسهولة إدارة الظهر للحروب الأهلية وفظائعها لا بد أن يقود إلى مثل هذه الصدمات؟ لقد عاش السودان أهوال هذه الحرب منذ عامين ونصف، وقد آن الأوان لوقفها، والتوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه. وجاء البيان الختامي الصادر عن القمة والذي وافقت عليه منظمة الأمم المتحدة في نيويورك أول أمس ليقرر التزام دول العالم المشاركة في القمة بتنفيذ قرارات القمة وعددها عشرون لخصها معالي الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحه إثر المؤتمر حيث قال: ستكون قمة الدوحة فرصة لتحقيق العقد الاجتماعي وإقرار الثقة اللازمة مما يجعل البيان تحديثا وتنفيذا عمليا لقرارات مؤتمر كوبنهاجن التي منها ضمان الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة للجميع مما يحقق حلم البشرية في ربط التنمية الاجتماعية بالأمن والسلام العالميين. وتوجه معالي السيد (غوتيريتش) بالشكر والتقدير لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المستضيفة للقمة الثانية وقال إن التحالف المثالي بين دولة قطر ومؤسسات الأمم المتحدة يؤكد حكمة سمو الأمير وانشغاله المستمر بغايات المؤتمر بالتنفيذ والمبادرة. ولا بد أن نورد الفقرة الأخيرة من خطاب سموه حين قال: «سوف يقاس نجاحنا بقدرتنا على ترجمة التزاماتنا إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع وخصوصًا في الدول النامية ويمكننا سويةً أن نحول هذا المؤتمر إلى منعطف هام بحيث تسفر مداولاتنا عن خطوات عملية وفعالة تسهم في تحويل شعارات السلام والتنمية الاجتماعية والرفاه إلى واقع ملموس للجميع بلا تمييز».

243

| 07 نوفمبر 2025

التلوث الكيميائي والإشعاعي الخطير في قابس بعد تشيرنوبيل

مر العالم بحادثة (تشيرنوبيل) التي وقعت في أوكرانيا يوم 26 أبريل 1986 وكانت أوكرانيا في ذلك الوقت جزءًا من الاتحاد السوفييتي حيث دُمّر المفاعل الرابع من محطة تشيرنوبيل بسبب اختبار تم إجراؤه بشكل غير صحيح. ونتيجة للحادث، لقي 31 شخصًا مصرعهم، وتم تهجير 35 ألفا من السكان المجاورين الى مناطق بعيدة عن الاشعاعات النووية. ويعرف الجيل الذي عاش تلك المأساة أثار ذلك التلوث الأكبر على بقية أوروبا وجزء من أسيا من موت الزراعة ودفن المحاصيل في التراب. وجاءت احتجاجات أهالي محافظة قابس جنوب تونس إثر تكرر حالات اختناق عدد من التلاميذ والأهالي في المناطق المحاذية للمجمع الكيميائي بالمنطقة حيث تجاوز عدد الذين نقلوا للمستشفيات 100 إصابة خلال أسبوع واستمر اختناق أطفال الحضانات والمدارس الى يوم أمس الخميس حسب مصادر إعلامية محلية، وأكد التحليل الذي قام به المعهد الفرنسي الوطني لفرز النفايات الملوثة أن مادة (الفوسفوجيبس) تحتوي على 2% من الاشعاع النووي وخرج الآلاف من السكان في مسيرة انطلقت من ساحة الشهداء بالمدينة نحو منطقة شط السلام الأكثر تضررا من تسربات المجمع مطالبين بتفكيك وحداته الصناعية بدعوة من حركة «أوقفوا التلوث» تنديدا بما اعتبرته لا مبالاة السلطة تجاه ما يحدث في المحافظة من تلوث وأمراض خطيرة. ويُشار إلى أنه تم إنشاء هذا المجمع سنة 1969 بمنطقة شط السلام وهو يحتوي على 51 وحدة إنتاج صناعية كيميائية ويحول مادة الفوسفات إلى جملة من المواد الأخرى كالحامض الكبريتي والحامض الفسفوري الذي يحتوي على مادة (الفوسفوجيبس) التي يسميها التونسيون «البخارة» وجاءت هذه المسيرة بعد يوم من اجتماع لجنة خبراء من وزارتي البيئة والصناعة أرسلها رئيس الجمهورية اجتمعت بصحبة عدد من خبراء المجتمع المدني وفي تصريح للجزيرة نت قال (الحبيب قيزة) الموظف السابق بالمجمع الكيميائي التونسي والأمين العام للكونفدرالية التونسية للشغل إن المجمع يعد «هدية مسمومة» لأبناء الجهة أضرت بالمنطقة على جميع المستويات خاصة الصحية والاجتماعية. وأكد تردي الوضع الصحي مع غياب الخدمات اللازمة وطالب بالوقف الفوري للمجمع، مشيرا إلى وجود دراسة جاهزة لنقله إلى منطقة «منزل الحبيب» بالجنوب بعيدا عن السكان، واعتبر أن غياب الإرادة السياسية منذ السبعينيات يعد السبب الرئيسي لتواصل الأزمة. من جهته أكد الوزير السابق والقيادي في حركة الشعب وأحد أبناء المنطقة (محمد مسيليني) للجزيرة نت حصول ضرر كبير لمدينته قابس جراء ارتفاع نسب التلوث موضحا أنه من حق المواطن التظاهر والتعبير سلميا عن رفضه للوضع الحالي. وأكد أن غياب قرار الدولة من شأنه أن يؤجج الأوضاع، وأن السلطة مطالبة بالتحرك الفوري لحماية المواطن من التلوث والأمراض المنتشرة وتتمثل أهم مطالب المجتمع المدني الناشط في مجال البيئة وضد تلوث المدينة جراء المجمع الكيميائي في إلغاء القرارات الحكومية الصادرة في الخامس من مارس 2 والمتعلقة بإنشاء مشاريع الهيدروجين الأخضر ووحدة جديدة لإنتاج (الأمونيا) مع التمسك بتنفيذ قرار حكومي صدر سنة 2017 يقضي بتفكيك وحدات المجمع الصناعية الملوثة هذا وأثبتت دراسة حديثة أجريت منذ 3 أشهر بطلب من المجمع نفسه عدم التطابق مع المعايير الدولية والوطنية بخصوص تصريف المياه المستعملة وشبكات الصرف الصحي، وهو ما يفسره تلوث البحر، وكشفت الدراسة نفسها المنشورة على الموقع الرسمي للمجمع تسجيل انبعاثات ملوثة للهواء وأقرت بمشاكل وحدات الإنتاج في حين أكد تحقيق أجراه مختبر «فاكيتا الفرنسي» منذ حوالي سنة إثر إجراء تحليلات للمياه وللرواسب قرب المجمع الكيميائي، إلقاء 14 ألف طن من الجبس الفوسفوري، إلى جانب إلقاء الماء والطين المحتويين على مستويات عالية من المعادن الثقيلة في البحر ويحمّل سكان المنطقة المجمع مسؤولية تدهور الوضع البيئي في قابس وتسببه في انتشار أمراض العقم والتشوهات الخلقية والحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، وتعاني المحافظة من ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان، وأكدت دراسة محلية أجريت على منطقة شط السلام أن 40% من أطفال المنطقة المجانبة للمجمع الكيميائي مصابون بأمراض تنفسية، و10% من العائلات مصابة بسرطان الرئة، في حين بلغت نسبة الأسر المصابة بسرطان الكلى حوالي 12 وقالت المواطنة (كريمة الشريف) للجزيرة نت إنها خسرت اثنين من أبنائها بسبب مرض الالتهاب الكبدي، وأشارت إلى أنه «تم التلاعب بتقريرهما الطبي، مما دفعها اليوم لرفع قضية تطالب فيها بحقهما، ومن جهته، قال (عبد الحليم كروف) رئيس جمعية مرضى السرطان في منطقة غنوش بمحافظة قابس للجزيرة نت إن سرطان الجيوب الأنفية هوالأكثر انتشارا في الجهة، وأرجع السبب الرئيسي إلى الغازات السامة الصادرة عن المجمع الكيميائي. وأوضح أنه أنشأ الجمعية بعد تجربة خاصة مع هذا المرض. وقال (محمد الماجري) أحد السكان بشط السلام للجزيرة نت «كل عائلة بالمنطقة تواجه مشكلات صحية وذاقت طعم الفقد والمرض»، وتحدث عن إصابة حفيده بمرض مزمن منذ أن كان عمره سنتين وأوضح أنه يحتاج تنفسا اصطناعيا بصفة يومية إلى جانب إصابة زوجته بهشاشة العظام. ونحن في هذا المقال نسعى الى إنارة الرأي العام المحلي والعالمي حول مخاطر التلوث البيئي المستجد والذي رافق تطور الحياة وتزايد حاجيات الانسان الى الرفاهية، بينما يهمل الانعكاسات السلبية لمتطلبات حياته ومجتمعه وأخطرها التلوث البيئي. وهذا هو الدرس الأهم من كارثة (تشيرنوبيل) وهو ما يفسر قيام دول رائدة بمراعاة البيئة مثل دولة قطر ودول أوروبا الغربية ودول أخرى اختارت التنمية الخضراء بعكس ما قام به أحد الرؤساء حين أعلن انسحابه من اتفاقية باريس العالمية لحماية البيئة والحفاظ على المناخ الموقعة سنة 2015.

330

| 31 أكتوبر 2025

صدقت يا صاحب السمو.. وطنياً وعربياً ودولياً

يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من أكتوبر 2025 تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله ورعاه بافتتاح أعمال مجلس الشورى الموقر، حيث ألقى سموه خطابا شاملا تناول الشأن الوطني والوضع العام بالبلاد التي رفعت التحديات في عالم مرتبك وغير واثق في المصير. ثم تطرق صاحب السمو إلى الشأن العربي المتمثل أساسا في قضيتنا المركزية الأولى فلسطين، وحلل سموه الرسالة التوسطية التي قامت بها الدبلوماسية القطرية بغاية إنهاء حرب الإبادة وجرائم الجيش المارق عن القوانين والمواثيق والأخلاق. معرجا حفظه الله على العدوان الغادر الذي استهدف دولة وسيطة وقيادة حركة حماس وهي تتفق على صياغة رد سلمي مناسب على خطة أمريكية وإسرائيلية لإحلال السلام! ونعتقد أن أفضل ايجاز للمحاور المهمة للخطاب الأميري هو استعراض القضايا الأساسية من خطاب سمو الأمير: حلل سمو الأمير استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة الهادفة إلى تحقيق سبع نتائج وطنية رئيسية للسنوات الخمس القادمة، تشمل ستة عشر قطاعا وثمانية تجمعات اقتصادية. وتكشف المؤشرات عن أداء اقتصادي واعد، حيث يحافظ الاقتصاد القطري على وتيرة نمو قوية فقد سجل نسبة نمو بلغت 2.4 % في العام 2024 ونسبة 1.9% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2025. ولعبت القطاعات غير الهيدروكربونية دورا أساسيا وداعما للتنمية المستدامة. وبعد ذلك تطرق سموه الى التطلعات التنموية المستدامة والشاملة حيث حققت الدولة خلال الفترة السابقة قفزات نوعية في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي، إلى جانب تعزيز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات في القطاعات التنافسية مثل التكنولوجيا والسياحة، وثمة حاجة إلى العمل على مضاعفة الجهود لتحقيق مزيد من الإنجازات في هذه المجالات. مضيفا أن القطاع المالي حافظ على متانته، مدعوما بارتفاع الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لمصرف قطر المركزي في نهاية العام 2024، بزيادة قدرها 3.7% على أساس سنوي مقارنة بنهاية العام 2023، مع بقاء التصنيف الائتماني للاقتصاد القطري عند مستويات مرتفعة لدى كبرى وكالات التصنيف العالمية، لتؤكد بذلك مرونة دولة قطر وجاذبيتها المستمرة كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة. وأكد سمو الأمير أن التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية عموما لا تنفصلان عن الاستثمار في التعليم فهو الأساس الذي تقوم عليه نهضتنا، وهو الوسيلة التي نصنع بها مستقبلنا كما أننا نؤمن بأن رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة، ولذلك فإننا ماضون في تطوير منظومة التعليم والتدريب، وتأهيل كوادرنا الوطنية للمستقبل، لاستيعابهم في سوق العمل على أساس التحصيل والكفاءة والإنجاز، وبحيث تستكمل هذه العملية باستقطاب أفضل الكفاءات العربية والعالمية لسد احتياجات الدولة وسوق العمل القطري. وتحول سموه الى سياسة قطر الخارجية فقال: على صعيد سياستنا الخارجية وانطلاقا من أن دولة قطر تعد شريكا فاعلا في المجتمع الدولي فإننا لا نألو جهدا في الإسهام بفاعلية للتصدي لما تواجهه أمتنا العربية والإسلامية من تحديات بما يحقق لشعوبنا طموحاتها في الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة فضلا عن تحقيق السلم والأمن الدوليين وتقوم قطر بجهود مقدرة على الصعيد الدولي بالوساطة في حل النزاعات وفي العمل الإنساني. وقد أسهمت هذه الجهود في تعزيز مكانة قطر العالمية وربط اسمها بدورها الإيجابي والفاعل هذا. وإضافة لما في هذا الدور من فائدة في حل النزاعات وحقن الدماء لصالح الإنسانية جمعاء، فإنه يعزز مكانة الدولة ومنعتها. ولكن لهذا الجهد ثمن أيضا. وقد تعرضت قطر إلى انتهاكين مدانين ومستنكرين لسيادتها. مرة من جانب إيران والثانية من جانب إسرائيل. وفي المرة الثانية طال العدوان حيا سكنيا مستهدفا أعضاء وفد حماس المفاوض، واستشهد جراء القصف ستة أفراد، هم مواطن قطري وخمسة من أشقائنا الفلسطينيين. وقد أدان العالم كله الاعتداءين وخرجت قطر منهما أكثر قوة وحصانة. لقد تجاوزت إسرائيل جميع القوانين والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول بعدوانها على دولة تقوم بدور الوسيط وبمحاولاتها اغتيال أعضاء وفد مفاوض. لقد اعتبرنا هذا العدوان إرهاب دولة. وكان الرد العالمي قويا إلى درجة صدمت من أقدم عليه. وأشير هنا إلى بيان مجلس الأمن بالإجماع على إدانة العدوان وإشادة جميع أعضائه بلا استثناء بدور قطر في الوساطة. والحمد لله بينت كلمات أعضاء مجلس الأمن ومؤتمر قمة الدول العربية والإسلامية المكانة التي باتت قطر تتمتع بها على الساحة الدولية. إن ما جرى في قطاع غزة خلال العامين الماضيين هو إبادة جماعية. هذا التعبير يختصر الفظائع كلها. ومن المؤسف أن تكون الشرعية الدولية عاجزة عن فرض احترامها حين يتعلق الأمر بمأساة الشعب الفلسطيني الشقيق. هذا مع ما بات يتبناه الرأي العام العالمي والقوى المحبة للسلام في العالم أجمع. وموقفنا ينطلق من جملة مبادئ، حيث يرفض كافة أشكال الاحتلال والظلم والعنصرية بما فيها العداء للسامية والإسلاموفوبيا. ليست قضية فلسطين قضية إرهاب بل قضية احتلال مديد آن أوان وضع حد له. هذا أساس السلام العادل والسلام العادل يضمن الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. أعتقد شخصيا كراصد لكل ما يجري في هذا البلد الأمين قطر منذ ثلث قرن أنه بعد تعرفنا من خلال خطاب حضرة صاحب السمو بكل أمانة وموضوعية بأن هذا القائد استثنائي كما وصفه عديد الزعماء الكبار في العالم. وأنه من بين القلائل في العالم الذي يتجرأ بكل قوة الحق على كشف «حق القوة»، وهو نوع من النفاق العام الذي يكيل بمكيالين وتتغير مواقف أصحابه حسب مصالحهم العابرة ضاربين عرض الحائط بمنظومة كاملة من الفضائل والأخلاق!.

348

| 24 أكتوبر 2025

حقائق عن تنفيذ معاهدة السلام وجهود وساطات الخير

اليوم ونحن على مسافة سنتين من بداية الحرب بدأنا نتلمس نتائج وساطات السلام والخير التي أدتها دبلوماسية دولة قطر كرسالة إنسانية وقومية وأخلاقية الى جانب مصر وتركيا والولايات المتحدة وبفضل مساهمتها في وضع حد لحرب ابادة أشقائها في غزة عبر عديد القادة عن تقديرهم لصاحب السمو أمير دولة قطر، حيث قال الرئيس (ترامب): إن أمير قطر زعيم استثنائي يحظى باحترام الجميع، وقال قادة آخرون مثل رئيس وزراء بريطانيا ورئيس فرنسا، ومن العرب الرئيس السيسي والعاهل الأردني نفس معاني الشكر والتقدير في حق قطر وأميرها حفظه الله ورعاه. ونعلم أن قمة شرم الشيخ المنعقدة يوم الاثنين 13 أكتوبر خصصت مشاوراتها للمستقبل ما بعد الحرب أي لإعادة إعمار القطاع مما يتيح لسكانها الذين شردتهم الحرب ودمرت مساكنهم من العودة الى بيوتهم ولملمة جراحهم والترحم على شهدائهم خاصة بعد قصف المستشفيات واستهداف الأطباء ومخازن الأدوية. إلا أن العالم المبتهج بعودة السلام تفاجأ بعدم جدية المحتل واستخفافه ببنود الاتفاق والمراوغة بغاية فرض شروطه على الطرف الآخر والمماطلة الى درجة تحدي الرئيس (ترامب) صاحب الخطة والمساند الأكبر لرئيس وزراء إسرائيل! ومهما يكن فإن المرحلة الأولى لاتفاق السلام أسفرت عن نتائج مشجعة أكدتها صور الغزاويين العائدين الى منازلهم وسط ركام القصف الطويل لغزة ولكن وجوههم المبتهجة تثبت للعالم أن من تبقوا أحياء من الغزاويين متمسكون بأرضهم وأنهم لم يفكروا أبدا في الهجرة منها بقوة السلاح مستفيدين من تجربة التهجير الأكبر عام 1947 حين غشهم المحتل وغشهم آخرون واعدين جدودهم بالعودة بعد أيام قليلة من التهجير وتبين بعد ثمانين عاما أن العودة تحولت الى حلم بعيد وما تزال مفاتيح بيوتهم محفوظة لدى أحفادهم في صناديق مخملية كأنها مصوغ متوارث من جيل الى جيل!. ولوأردنا إحصاء مكاسب المرحلة الأولى للاتفاق لاخترنا ما أعلنه الرئيس (ترامب) مباشرة بعد توقيع الطرفين حين قال: « إن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق حول المرحلة الأولى من خطة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة وإرساء سلام دائم. ولمعرفة نتائج قمة شرم الشيخ للسلام نورد أبرز قرارات القمة الواردة في بيانها الختامي: * تناولت القمة أهمية التعاون بين أطراف المجتمع الدولي لتوفير كل السبل من أجل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته، بما في ذلك وقف الحرب في غزة بصورة شاملة، والانتهاء من عملية تبادل الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة. شهدت القمة مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم الاتفاق وتم كذلك التشديد على ضرورة البدء في التشاور حول سُبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة لخطة الرئيس ترامب للتسوية، بدءاً من المسائل المتعلقة بالحوكمة وتوفير الأمن، وإعادة إعمار قطاع غزة، وانتهاء بالمسار السياسي للتسوية. أوضح (ترامب) أن الخطة المؤلفة من 20 بندًا صُممت لإحياء المفاوضات المتعثرة بين الجانبين منذ أشهر مشيرًا إلى أنه أوفد مبعوثه الخاص (ستيف ويتكوف) وصهره (جاريد كوشنر) إلى مصر لاستكمال التفاهمات النهائية مشيرا إلى أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى معالجة بعض القضايا في مراحل لاحقة منها آلية إدارة قطاع غزة وترتيبات الأمن والمطالب الإسرائيلية المتعلقة بنزع سلاح حركة حماس وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال» وتُفرج حماس عن جميع الرهائن لديها وعددهم 48 يُعتقد أن نحو20 منهم لا يزالون على قيد الحياة. كما نص الاتفاق على تسليم جثث الرهائن الذين لقوا حتفهم في وقت لاحق إذ أكدت حماس حاجتها إلى نحو عشرة أيام للعثور على الجثامين وفقًا لمصادر قريبة من المفاوضات. وبموجب الاتفاق تُفرج إسرائيل عن 250 أسيرًا فلسطينيًّا من سجونها، إضافة إلى 1700 معتقل احتجزوا في غزة خلال الحرب. وسعت حماس إلى إدراج عدد من الأسرى البارزين، بينهم القيادي مروان البرغوثي، المحكوم عليه بالسجن في إسرائيل لدوره خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية لكن تلك المساعي لم تحقق المرجو كما تقضي الخطة بانسحاب القوات الإسرائيلية من 70% من أراضي قطاع غزة، استنادًا إلى خريطة أولية لمناطق الانسحاب لم تُحدَّد مواقعها الدقيقة بعد، إذ لا تزال قيد النقاش بين الأطراف. وكان من المقرر أن يُعاد فتح معبر رفح الحدودي مع مصر فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، والسماح بحركة السفر للفلسطينيين من والى القطاع لكن اسرائيل عادت للمماطلة. وكما نعلم فإن الجانب الإسرائيلي لم يحترم تماما بنود المعاهدة حيث واصل جيشه احتلال أجزاء جديدة من الضفة والقطاع وقصف متقطع لعديد الأحياء الغزاوية وغير بعيد عن رام الله. ولا نعتقد أن هذه التجاوزات ستحبط الجهود العربية والغربية لوضع حد للحرب وإعداد الشرق الأوسط لمستقبل سلام وازدهار في عالم مضطرب تسوده عديد بؤر العنف المهدد للسلم منها دم مسلم يسيل بين باكستان وأفغانستان ومنها الخوف من توسع حرب أوكرانيا حيث اختار حلف الناتو الزيادة في ميزانية الجيوش الى 5 مليارات يورو في اجتماعه الأخير في بروكسل.

345

| 17 أكتوبر 2025

الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا من أوروبا؟

لقائل من القراء الكرام: هل يمكن أن نتغافل عما يجري من جرائم إبادة وتجويع وترويع في غزة ونخصص مقالا لأوكرانيا؟ جوابي هو أن قضيتنا المركزية نحن العرب والمسلمين هي قضية فلسطين ونتابع أدق تفاصيلها لكن النظام العالمي الذي ترتسم معالمه منذ العهدة الرئاسية الثانية للرئيس (دونالد ترامب) تضطرنا الى الأخذ بعين الاعتبار مدى قوة الترابط بين حرب الشرق الأوسط وحرب أوروبا لأن بؤر العنف متصلة بعضها ببعض. ونعود لقراءة ملف المعضلة الأوكرانية التي عادت تطفو على السطح مع هجوم القوات الروسية على العاصمة (كييف) وقصف مقر مجلس الوزراء رغم الإعلان المؤقت عن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع الدعوة الغريبة الموجهة من قبل الرئيس الروسي (بوتين) الى نظيره الأوكراني (زيلنسكي) للقدوم الى موسكو والتفاوض مباشرة معه حول السلام! وفي نفس السياق نسجل اجتماع قادة نحو ثلاثين دولة غربية في قصر الإليزيه ضمن قمة «تحالف الراغبين» بحثا عن مخرج سياسي يضع حدا للصراع بين موسكو وكييف. الأوروبيون يرفعون سقف الرهانات متعهدين بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا إذا ما تم التوصل إلى اتفاق سلام بينما تبقى الأنظار متجهة نحو واشنطن وموقف الرئيس (دونالد ترامب) الذي قد يحسم مسار هذه المبادرة. فما الضمانات التي تسعى إليها الدول الأوروبية؟ وما موقف موسكو منها؟ كما أن صمت الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) عن أي تعليق على هذه القمة يوحي بأنه لا يعير أهمية لهذا التحرك الأوروبي في حين نعت الرئيس الروسي نظيره (ماكرون) بقائد حملة صليبية جديدة (علما بأن الحملات الصليبية القديمة انطلقت من فرنسا بقيادة البابا الفرنسي يوربان الثاني سنة 1005م! حيث تمكن من حشد جيوش الدول الأوروبية التي ذهبت الى القدس بدعوى دينية وهي تحرير أكفان السيد المسيح التي قال عنها البابا يوربان أنها مستولى عليها من طرف «الكفار!» ويعني المسلمين. وبهذه التعبئة بدأت الحملات الصليبية السبعة. ونعود الى أحداث اليوم بعد هذه اللمحة التاريخية الضرورية لإنارة الحاضر. فقد استمر الجيش الروسي في قصف العاصمة الأوكرانية (كييف) طيلة الشهر الماضي، ولو استعرضنا تلك الضمانات المطلوبة لوجدنا أن الضمانة الأولى: هي تعزيز الجيش الأوكراني على المدى الطويل وأن الضمانة الثانية: هي نشر قوات من دول التحالف داخل الأراضي الأوكرانية أما الضمانة الثالثة وهي الأصعب فتتمثل في اقتراح الرئيس الفرنسي بضم أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي مما يسمح للحلفاء أن يطبقوا بندا شهيرا وخطيرا من بنود (الناتو) وهو نشر قوات الحلف في أوكرانيا ومواجهة من يعتبرونه «المعتدي المحتل الروسي لأوكرانيا» أي اعلان حرب الحلفاء ضد روسيا! وكما يعلم كل من درس تاريخ الحروب فإن هذه الضمانة تبقى نظرية ومستحيلة التنفيذ لأن مساحة الحدود الأوكرانية - الروسية الشاسعة (حوالي 1000 كيلومتر) تجعل من الصعب على «تحالف الراغبين» نشر قوات كافية حتى لو وافق الرئيس (بوتين) الذي كما توقعنا رفض رفضا قاطعا هذا السيناريو واعتبره تهديدا استراتيجيا لأمن بلاده القومي. وتُعد هذه الضمانة من بين الأهم في ظل التفوق الروسي في السماء وهجمات الطائرات المسيّرة التي تستهدف مدناً ومناطق أوكرانية بشكل متواصل. وقد طالبت كييف مرارا بتأمين مجالها الجوي عبر تمركز قواعد جوية في بولندا ورومانيا بمساعدة أمريكية. وهنا يظهر الدور الأمريكي إذ لا ترغب أي دولة أوروبية في اتخاذ مثل هذه المبادرة (مهاجمة روسيا في حال خرقت الاتفاق) دون غطاء أمريكي. وفي خضم هذه التحركات الأوروبية التي تتسم بالفوضى والتردد والخوف من المجهول وفي النهاية ظل قادة دولهم يراوحون مكانهم في شكل (مكانك سر) إذ ليس من السهل أن يتحمل واحد منهم وزر التسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة من المؤكد أنها ستكون نووية في النهاية حتى لو بدأت بالأسلحة التقليدية. ويرفضون أن يحتفظ التاريخ باسم أي منهم كمتسبب في قتل ملايين الأوروبيين والروس! فاكتفى قادة أوروبا بالتوافق على «عقد مؤتمر دولي يحضره الراغبون في دعم أوكرانيا» وتطوعت إيطاليا باقتراح عاصمتها روما كمقر لهذا المؤتمر مع اعتقادي الشخصي أن لا أحد من القادة المتحمسين نظريا لإعانة (زيلنسكي) يؤمن بإمكانية عقد المؤتمر المذكور! أو في صورة عقده أن يتقدم خطوة نحو الإنجاز. هل تذكرون ما قاله الرئيس (ترامب) في الأيام الأولى من عهدته الثانية؟ قال «سوف أنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة!» وطبعا فرح كل من بوتين وزيلنسكي بهذا الوعد والسبب أنهما تعبا من الحرب ولا يريان لها مخرجا سوى ذلك الوعد. لكن المتشائمين من الجانبين يدركون أن نفس الرئيس قال نفس الوعد عن حرب الإبادة التي ترتكبها حكومة العنصرية الاسرائيلية ضد شعب غزة ولم يكن وفيا لوعده بل غير موقفه من رجل سلام يطمح لنيل نوبل للسلام الى مساند لرئيس حكومة إسرائيل بلا شروط وبلا حدود! ولعل بعض الأمل يعود بعد أن استقبل ترامب في البيت الأبيض عائلات الرهائن المحتجزين كما استقبل في نيويورك بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة قادة الدول العربية المجاورة لإسرائيل وأبلغوه أن دولة الكيان مارقة عن جميع القوانين والأخلاق وأنها تهدد أمن المنطقة والعالم. ثم هلت علينا مفاجأة جديدة من مفاجآت الرئيس الأمريكي حين صرح بأنه يعتبر روسيا «نمرا من ورق» وانقسمت تقييمات المراقبين بين من اعتبرها تكتيكا جديدا لإرغام بوتين على الرضوخ للتفاوض ومن رآها تحولا في الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية ثم هل حقا روسيا «نمر من ورق» كما وصفها ترامب؟.

684

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

1989

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

1467

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
الانتماء والولاء للوطن

في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...

1143

| 22 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

1089

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1080

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

894

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

666

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
مشــروع أمـــة تنهــض بــه دولــة

-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...

648

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
احتفالات باليوم الوطني القطري

انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...

558

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
حين يتقدم الطب.. من يحمي المريض؟

أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...

546

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

531

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
التحول الرقمي عامل رئيسي للتنمية والازدهار

في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...

513

| 23 ديسمبر 2025

أخبار محلية