رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شهدت أمس باعتزاز تجسيدا حيا للتلاحم التلقائي بين القيادة والشعب خلال العرض العسكري الذي أشرف عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بمشاركة رمزية من جيوش دول صديقة تدل على مكانة قطر العالية بين الدول وتشير إلى رسالة دبلوماسيتها القيمية والمبدئية في وساطات الأمن والسلام التي تؤديها الدولة وكذلك تعزز محور مقالنا هذا الأسبوع حول الهوية الوطنية القطرية كما صادف أن استمعت هذا الأسبوع إلى برنامج إذاعي بثته الإذاعة القطرية حول ما سماه الزملاء الأساتذة المشاركون في الحوار الشيق (الهوية الوطنية القطرية) ولفتت سمعي عبارة من أحدهم حيث قال: «إن الوطن تقاس قيمته بهويته وثقافته قبل أن تقاس بثرائه الاقتصادي وثرواته الطاقية» وهنا باركت بيني وبين نفسي هذا التعريف الصحيح للمجتمع القطري الذي كتب الله لي أن أساير نهضته الفكرية والحضارية والاقتصادية منذ أن حللت بهذا البلد الأمين منذ أكثر من ثلث قرن. وعرفت الليلة أنني شخصيا ساهمت بقسطي المتواضع في تأسيس الهوية الوطنية القطرية دون أن أتميز عن زملائي القطريين والمقيمين في بناء ذلك الصرح العتيد. وكنت بفضل رصيدي الأدبي والتربوي والثقافي حاضرا في مجال التربية والتعليم بسبب ارتياد أولادي للمؤسسات التعليمية واطلعت على ذكاء برامجها التي تحرص على ربط الطالب بتاريخه وتراثه وبيئته بغاية تأصيله فيما يسمى الهوية الوطنية. كما كنت حاضرا في محاضرات نادي الجسرة الثرية والمحاضرات الشهرية الكبرى في جامعة قطر بل وألقيت واحدة منها سنة 1992 حول العلاقات التاريخية بين الإسلام والغرب وقدمني للحاضرين الزميل د. علي أحمد الكبيسي. أما تواجدي في عالم الثقافة فمن خلال معارض الكتاب ونشر كتبي في سلسلة تصدرها وزارة الأوقاف وكان أول كتاب لي بعنوان (الإسلام وصراع الحضارات). عرفتني هذه المجالات مجتمعة بالمحور الهام الذي خصصته إذاعة قطر. وكما توقعت فإن الحوار الإذاعي كان حريصا على أن هوية قطر هي عربية إسلامية وتعتمد على أركانها الثابتة وهي دين الأمة ولغة القرآن العربية والتراث التقليدي المشترك بين دول الخليج وهو مما دعم غرس الشباب القطري في بيئته بكل مقوماتها الحضارية. ويدرك قارئ التاريخ أن المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، طيب الله ثراه، قبل أن يفكر في إنشاء الدولة في القرن التاسع عشر خطط لتحقيق اتحاد المجتمعات الخليجية منذ ذلك التاريخ إلى أن تم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي سنة 1981 تحت ضغوط إرادة التوسع والاستكبار لدى بعض قادة دول الشرق الأوسط قبيل حرب الخليج واستيلاء صدام حسين على الكويت. ونعيد نشر بعض فقرات من التحليل المتميز لقضية الهوية والتباس أمر العروبة والإسلام لدى الرأي العام العربي عموما والذي ساهم به الكاتب والمفكر (حازم صاغية) في مؤتمر نظمه «مركز القاهرة لحقوق الانسان» حيث ناقش الكاتب والمفكر الحر إشكالية بعنوان: “بعض أسئلة المزاج الليبراليّ في الوضع العربيّ الراهن” وطرح فيها كعادته الكثير من الأسئلة أو الإشكاليات التي عوّقت فهم أفكار الليبرالية في العالم العربي على حقيقتها وهو نفس ما حصل من قبل مع أفكار القومية والماركسية أيضاً. وهنا سأستعرض لقرائي تجربتي الشخصية مع هذه القضايا في وطني تونس ولا أخفيكم أنني عندما بدأت أنشغل بمسائل الاستعمار الجديد وريث الاستعمار العسكري والإداري المباشر أدركت أن المستعمر حينما يغادر بلادنا (هنا أتكلم عن تونس كأنموذج) نتيجة مقاومة شعبية فهو يرتب بدهاء مرحلة ما بعد مغادرته بلادنا بضمان استمرار مصالحه بتمكين «نخبة» من أهل البلاد في الحكم تحت شعارات مضللة مثلما كان تمكين الزعيم الحبيب بورقيبة من رئاسة الجمهورية التونسية بعد الإطاحة بالنظام الملكي وإعلان الجمهورية يوم 25 يوليو 1957. وكما يقول المؤرخون اليوم فإن الاستعمار الفرنسي ساعد بورقيبة دون كل الزعماء على الاستفراد بحكم تونس وطبعا القضاء على منافسه الأقوى الزعيم صالح بن يوسف إلى أن اغتيل في غرفة من غرف فندق (روايال) بمدينة (فرنكفورت) يوم 12 أغسطس عام 1961 على أيدي ميليشيا مسلحة من ميليشيات حزب بورقيبة وهو ما اعترف به بورقيبة نفسه سنة 1973 في سلسلة محاضراته حول حياته أمام طلاب معهد الصحافة وعلوم الأخبار وكنت حينئذ طالبا فيه ومستمعا لما كشف عنه رئيس الجمهورية الملقب بـ «المجاهد الأكبر» من أسرار وخفايا تتعلق بحياته العائلية بل وحتى الحميمية وهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الحكام العرب وغير العرب. وفسرت أنا هذه الاعترافات بهوس الزعيم بورقيبة بالبقاء في التاريخ كمؤسس الدولة الحديثة في تونس وهو يؤمن بأن جيلي من خريجي الصحافة والإعلام سيحتفظ في ذاكرته بكل تفاصيل حياة الزعيم وربما دونها في كتب ونشرها على القراء! ونعود إلى أطروحات (حازم صاغية) الذي يرى أن معظم البلدان العربية تفتقر إلى إجماعات تأسيسيّة (إجماعات تعني توافقات) في التفريق بين الوطن والدولة والشعب حيث الغالب الأعمّ هو الانتماء إلى ما قبل الدولة وإلى ما دونها وقد فاقم من تلك المشكلة “التوهُّم” بإمكان التعويض عن ذلك بـتعريف الوطنيّة بالعداوة للمستعمِر والإمبرياليّ والأجنبيّ فقط دون تعمق في فهم الوطنية مثلا كمحرك للعمل الجماعي وتحفيز الاستثمار وخلق الثروة الوطنية والعدالة في توزيعها مما يعطي محتوى اقتصاديا لمفهوم الوطن بل وإعلاء كلمته في العالم بفضل دبلوماسية جريئة تضع الوطن في فلك العالم بل يؤثر فيه. اليوم وقطر تحتفل باليوم الوطني وفي العرض الكبير بالكورنيش وفي كل معالم الدوحة نلمس فرحا غامرا صادقا من الأعماق يرتسم على ملامح الجميع من مواطنين ومقيمين وفي لباسهم العيدي وراياتهم العنابية المرفرفة ورغبتهم في رؤية صاحب السمو وهو يقترب منهم بابتسامته المعهودة وتواضعه المعروف ويصافح بعضهم وهم يهتفون بحياته وحياة صاحب السمو الأمير الوالد. ذلك هو التعريف الحقيقي بالهوية القطرية والنتيجة الطبيعية لجهود الدولة في ترسيخها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
906
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
750
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
690
| 15 ديسمبر 2025