رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نظم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام منتدى أنطاليا الذي عقد في مركز «نيست» للمؤتمرات بولاية أنطاليا جنوبي تركيا واستضاف أكثر من 4 آلاف مشارك بينهم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة وما يزيد على 70 وزيرا وبينهم أكثر من 60 رئيسا لأكبر الشركات العابرة للقارات كأنما أراد الرئيس التركي أن يجعل منه الكفة الثانية من ميزان منتدى دافوس أي لإبلاغ الرأي العام العالمي بنظرة ملياري مسلم ومليارات من سكان البلدان الفقيرة والتي سماها الأسياد الغربيون «دولا في طريق النمو» إشفاقا عليها نظرتها للأزمات الخطيرة التي تهدد السلام والأمن في العالم لأن دافوس الذي بدأ منذ عشرين عاما ملتقى حرا للأفكار وحوارا موضوعيا بين الأمم انتهى هذه السنوات الأخيرة الى مختبر لقياس مدى تأثير الدول العظمى المستكبرة على سياسات الدول المستضعفة، فوجب على زعيم مسلم يقود أكبر دولة سنية أن يعدل المسار ويعيد التوازنات النزيهة لعالم فقد البوصلة وخضع كالمسحور لقوة عاصفة بلا ضمير وبلا أخلاق وبلا أديان بفعل رجلين فقط أحدهما أغنى أثرياء الدنيا وثانيهما رجل صفقات مالية كبرى انتخبه شعبه لرئاسة الجمهورية!. أكد أغلب الزعماء المشاركين في المنتدى على أهمية التعددية في عالم متغير حيث جاء ذلك في جلسة عقدت الجمعة بعنوان «البحث عن الشراكة في عصر التعددية القطبية» بمشاركة رئيس جمهورية الجبل الأسود ورؤساء وزراء كل من مولدوفا وجورجيا وبلغاريا إضافة إلى رئيسة كرواتيا السابقة وفقا لمراسل الأناضول ونظم الجلسة نائب حزب العدالة والتنمية عن أنطاليا (مولود تشاووش أوغلو) وشارك فيها نائب الرئيس التركي (جودت يلماز) وأشار المشاركون إلى أن الهدف يجب أن يكون إنشاء نظام عالمي جديد متبادل وغير تمييزي وأن يدار هذا النظام من قبل المنظمات الدولية حتى لا يتمكن أحد من إساءة معاملة الطرف الآخر. وينعقد المنتدى في زمن يكشف فيه ديناميكية العلاقات التركية الإسرائيلية التي تتسم بالمد والجزر المستمر لكن بعد الحرب الإسرائيلية على غزة قُطعت العلاقات وتم سحب السفراء بشكل متبادل. وأصبحت تركيا واحدة من الدول التي أبدت أشد ردود الفعل ضد إسرائيل على كافة الأصعدة. وفي نفس وقت انعقاد المنتدى التركي تواصل اسرائيل حرب الإبادة على غزة، والقصف الإسرائيلي لمناطق عديدة بالقطاع وقصفت ضاحية بيروت الجنوبية كما قصفت بلدات عدة بجنوب لبنان وألقت قنابل حارقة على بلدة الخيام جنوبي لبنان. ومن الأحداث الطارئة التي لم نتوقعها إصرار الجيش اليمني على استئناف استهداف السفن العدو ومنعها من عبور البحر الأحمر وإطلاق صواريخ بالستية على الأرض المحتلة منها صاروخ زعزع «أمن» الإسرائيليين على شواطئ تل أبيب فهرعوا في فزع الى المخابئ ثم صاروخ أصاب مطار بن غوريون مما يؤكد أن المقاومة الإسلامية حماس ما تزال صامدة مسنودة وستبقى كذلك ما دامت حرب نتنياهو الشخصية الإبادية مستمرة على فلسطين. وبلغ المجتمع الإسرائيلي درجة غير مسبوقة من التفكك والتحلل تنذر ربما بتهديد وجودي لهذا الكيان المزروع اصطناعيا في الشرق الأوسط الذي تعايشت فيه كل الأديان السماوية في سلام ووفاق منذ قرون فتضاعف عدد المظاهرات الجماهيرية في إسرائيل مطالبة برحيل حكومة نتنياهو وإعادة الرهائن بالمفاوضات ثم تعددت التحركات العسكرية لتدين القيادة السياسية وتعلن تمردها على نتنياهو بداية من ودادية الطيارين ثم جيش البر والمدرعات ثم موظفي الموساد والشاباك ثم أعضاء المحكمة العليا. وهنا كتب الإعلامي الفرنسي الكبير (إيدي بلينيل) في صحيفته (ميديابارت) يقول: تحت عنوان: “إسرائيل بداية وعي داخل الجيش تثير قلق السلطة وإنه بينما يعلنُ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو باسم الحرب ضد حركة حماس عن توسيع هجومه الدموي على غزة تظهر علامات تململ داخل الجيش الإسرائيلي. فقد انطلق الحراك من طيّاري الاحتياط وبدأ ينتشر تدريجياً. يبدو أن هناك بوادر عصيان بدأ يهبّ داخل الصفوف في إسرائيل. فمنذ هجوم 7 أكتوبر 2023 يعمل نتنياهو على خلط متعمد بين الحق في الدفاع عن النفس وحق الانتقام من الشعب الفلسطيني» ومن جهة أخرى «كتب المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” (باتريك وينتور) إن نوابا في البرلمان البريطاني يضغطون على وزارة الخارجية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ودعت (إيميلي ثورنبيري) رئيسة اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في مجلس العموم لأن تنضم إلى دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال إن مؤتمر الأمم المتحدة في يونيو يجب أن يكون حاسما. ومن القدس المحتلة: حذر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي (إيال زامير) الحكومة من أن نقص عدد الجنود قد يحد من قدرة الجيش على تحقيق طموحات القيادة السياسية ومخططاتها في غزة. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاثنين الماضي: إن (زامير) الذي تولى مؤخرًا قيادة الجيش أبلغ رئيس الوزراء (نتنياهو) وحكومته أن “الاستراتيجيات العسكرية وحدها لا يمكنها تحقيق جميع الأهداف في غزة لا سيما في غياب مسار دبلوماسي مُكمّل”. أهم حكمة نستخلصها من الأحداث والمحطات التي ذكرناها هي بلا ريب أننا نحن أمة اشتق اسم دينها من السلام نريدها سلما دائمة بينما المحتلون والطغاة يريدونها حربا شاملة وإلا كيف نفسر استهداف الاحتلال الإسرائيلي للعشرات من مستشفيات قطاع غزة بالقصف أو الحرق أو التدمير أو إخراجها عن الخدمة خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023؟
504
| 18 أبريل 2025
في ذكرى وفاة زعيم تونس 6 أبريل 2000 وهو الذي عاش القرن العشرين كاملا يحتدم الجدل ككل عام حول الرجل بين طرفين متطرفين الأول يؤله الزعيم والثاني يشيطنه والحقيقة التي عايشتها بحكم قربي من الزعيم منذ السبعينات الى أن بلغ من العمر عتيا وأصيب بعدة أمراض بدنية ونفسية بل وتلاعب به كل من طمع في خلافته في صراع عنيف ومأساوي عاد على شعب تونس بالويلات والأزمات فغاب رحمه الله عن وعيه ولم يعد يفرق بين الواقع وبين تخيلاته في مشاهد حطت من مجده وأضحكت العالم فاستغل أمراضه كل أصحاب المصالح في الداخل والخارج إلى أن توفاه الله يوم السادس من أبريل 2000 وهو في منفاه الذي فرضه عليه زين العابدين بن علي الضابط الطموح المثير للجدل يوم انقلب عليه في السابع من نوفمبر 1987 وأعلن نفسه رئيسا بل دكتاتورا وهو القادم للرئاسة بلا تمرس بها ولا معرفة بآلياتها واكتشفت أنا بحكم معايشتي لأغلب مراحل الدولة أن بورقيبة إنسان لا ملاك ولا شيطان. * وأهم ما حدث بعد وفاته أن مجلة (ليدرز) التونسية نشرت وثيقة تاريخية ذات أهمية بالغة تتمثل في رسالة شكوى وتظلم كتبها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إلى وكيل الجمهورية سنة 1990 وهو في معتقله الأخير بمدينة المنستير حيث فرض عليه الرئيس السابق زين العابدين بن علي بعد أن عزله من السلطة، إقامة جبرية قسرية حولت ذلك الأسد المريض إلى سجين وراء قضبان مهينة. ولكن الذي لفت نظري بعد نشر الوثيقة ذلك السيل من التعليقات بأقلام رجال من جيلنا الذي عمل مع بورقيبة ومنهم المتحسر المنافق عما كابده الزعيم بينما هو خلال 13 سنة من محنة بورقيبة لم يحرك ساكنا ولم يقل كلمة حق ولم يصدع برأي وتلك كانت حال الأغلبية من وزرائه السابقين الذين لم ينبسوا ببنت شفة (ماعدا قلة شجاعة ويتيمة) لأن بن علي كان لا يرحم من يقول كلمة حق وكان يغري بالمناصب أو بمجرد السلامة كل من عمل مع الزعيم فانتبذ أغلبهم مكانا قصيا واستمرت مأساة بورقيبة 13 عاما ختمتها مهزلة جنازته التي أخرجها بن علي مثل مسرحية سخيفة خوفا من جثمان الزعيم بعد الخوف من الزعيم حيا. *والعجيب أن الزعيم ظل الى اليوم سنة 2025 محل استغلال مشين لكل متسلق في السلطة حتى يكتسب مشروعية لا يستحقها فشرع البعض هذه الأيام يمجدون بورقيبة بمناسبة ذكرى وفاته فتباروا في تعداد خصال الزعيم لا من منطلق الحقيقة التاريخية بل من منطلق الانتقام من عهد خلفه زين العابدين ومن عهد خلفاء بن علي. فوظفوا هذه المناسبات بطريقة عقائدية وحزبية لا تليق بتاريخ تونس الذي يجب أن يبقى من مشمولات أنظار المؤرخين لا في أيدي السياسيين. وانقسم المتكلمون إلى مؤله للزعيم بكونه كان ملاكا معصوما وإلى شاتم له بكونه كان شيطانا رجيما! وقرأت العجب العجاب في قلب الحقائق وتدليس التاريخ. وأغرب ما قرأت هو أن الزعيم ليلة 7 نوفمبر 87 ليلة انقلاب وزيره الأول عليه كان في تمام مداركه العقلية وكان متمتعا بكل طاقاته العقلية وهذا مجرد هراء لا يستقيم لأن الخطأ القاتل لبورقيبة هو تشبثه بأذيال السلطة وهو في أرذل العمر ثم المراهنة على أحد الضباط المهووسين بالسلطة زين العابدين بن علي الذي كلفه الزعيم بمهمة القضاء على من يعتبرهم أعداء نظامه أي الاسلاميين. وأنا بفضل علاقاتي الوثيقة مع رجلين عاشا في قلب المرحلة القاسية والتراجيدية من حياة بورقيبة وهما رئيس حكومته محمد مزالي وسكرتيره الخاص محمود بلحسين أعرف أسرار وخفايا تلك المرحلة المبكية المضحكة من «غرق» بورقيبة في لجة العمر وغرق تونس في لجة الاستبداد. وهي أسرار أحتفظ بها اليوم لنفسي حتى تهدأ عواصف الأحقاد والمزايدات وأنشرها على جيل المؤرخين النزهاء لكتابة تاريخ أمين لتونس. *يشهد الله أنني شخصيا بحكم منصبي في مطلع الثمانينات كنت قريبا من الزعيم أجلس كما قال لي هو عديد المرات على نفس كرسيه الذي بدأ منه الكفاح وهو كرسي مدير صحيفة العمل لسان الحزب التي أسسها هو وأدارها منذ سنة 1932 لكن علاقاتي القديمة قبل المسؤوليات مع الزعيم وحزبه لم تكن بلا مغامرات لأني كنت إلى جانب الحق في مناسبات وطنية عديدة منها قضية المظلمة المسلطة على المناضل النقابي والدستوري أحمد بن صالح فزج بنا نظام بورقيبة في السجن و ساعتها كنت أنا والصديقان أحمد الهرقام وعامر سحنون في الإيقاف يوم 4 سبتمبر 1969 واستنطقنا محافظ الشرطة حسونة العوادي وصودرت جوازات سفرنا وحرمنا من السفر لمواصلة الدراسة كما كنت إلى جانب الصديق محمد مزالي حين عزله بورقيبة من وزارة التربية بتهمة تعريب برامج التعليم وأسلمتها وقاومنا عقلية التغريب القهرية لتونس على أيدي المنبتين ومرة أخرى اضطهدنا البوليس السياسي واستنطقني مفتش أمن الدولة محمد كدوس وحجزوا جواز سفري في بداية السبعينات ثم شاءت أقدار تاريخية أن يعين الزعيم بورقيبة نفس محمد مزالي رئيسا للحكومة سنة 1980 فواصلنا كفاحنا الصامد من أجل التعريب وتأصيل التعليم وضخ المزيد و(الممكن المتاح) من الديمقراطية في مؤسسات الدولة وربط بلادنا بمحيطها الحضاري العربي والإسلامي والإفريقي بعد طول جفاء ووشح بورقيبة صدري بوسامي الاستقلال والجمهورية ولكن الدسائس لم تهدأ ضد تيارنا المتمسك بالهوية وتنويع التعاون مع الصين وتركيا والخليج وافريقيا داخل الحزب الدستوري وبتخطيط قديم من زين العابدين نفسه والذين تجندوا لخدمته وبأيد خارجية إلى أن تم نفينا ومصادرة بيوتنا وتشتيت أولادنا وحتى اغتيال مناصرينا .. * واليوم نرى المتاجرين بتاريخ بورقيبة إما بالتمجيد المطلق وإما بالشيطنة المطلقة بينما الحقيقة هي أن بورقيبة إنسان لا هو بالملاك ولا بالشيطان أنجز أعمالا كبيرة ولكنه ارتكب أخطاء كبيرة أيضا ولم تكن حادثة الإطاحة به خارجة عن سياق مسيرته هو ذاته لأنه هو الذي أرسى تقاليد اضطهاد أسلافه والتنكيل بمعارضيه ومنافسيه. وقال لي محمد مزالي صباح يوم 7 نوفمبر 1987 «الجنرال بن علي انقلب على سعيدة ساسي وليس على بورقيبة». وقال لي أحمد بن صالح في نفس اليوم: «إن السلطة كانت ملقاة على قارعة الطريق فجاء بن علي والتقطها دون عناء» النتيجة هي أن تسلط الزعيم هو الذي صنع تلك الآلة الجهنمية (مفترسة الرجال) وزيتها وأعدها للاستعمال حتى أكلته نفس الآلة بدون رحمة وبلا أي نصير. وللتاريخ فهذا لا يمنع من إعادة الاعتبار لأحد قادة تحرير تونس ومؤسس دولتها الحديثة ومعمم التعليم والصحة والرجل النظيف الذي لم يملك حجرة ولا شجرة. أروع وأبلغ ما نفهم به تناقضات الإنسان نجده في الآية الكريمة: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها). صدق الله العظيم
819
| 11 أبريل 2025
أعاصير التغيير الكبير تهب على العالم بعنف لأن أخطر مؤشرات الحرب العالمية الثالثة هي اليوم تهديد (ترامب) و (ناتنياهو) بقصف إيران تبعه موقف إيران العقلاني الساعي للسلام. ويصاب المرء بفقدان البوصلة لأننا تجاوزنا ما سميناه بالحداثة وما سميناه بما بعد الحداثة وأصبحت تكهنات (صامويل هنتنغتون) وراء ظهورنا وهو الذي بشر بحرب الحضارات بعد الحروب بين الدول. على رغم أن الحرب الروسية – الأوكرانية لم تضع أوزارها بعد بدأ الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء باستخلاص الدروس منها. هذه الحرب كشفت حجم الخلل البنيوي الذي تعاني منه أوروبا على صعيد قدراتها الدفاعية مع سعي دونالد ترامب إلى وضع حد لهذه الحرب بمعزل عن الأوروبيين: إزاء رئيس أمريكي لا يعترف إلا بالقوة الذاتية للدول اتضح افتقاد الأوروبيين ككتلة إقليمية ممثلة بالاتحاد الأوروبي وكدول مستقلة القدرة على فرض مصالحها. ولعلنا نعيش أواخر عصر السياسة حين نشهد الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على سوريا بدعوى ضرب مواقع إرهابية وعلى لبنان تحت تعلة ضربات استباقية لما يدبره حزب الله من هجومات على إسرائيل ومشاركة الجيش الإسرائيلي في الحرب على اليمن وعلى العراق تحت غطاء تدمير قواعد الحشد الشعبي وطبعا بالتوازي مع إعادة حرب الإبادة في غزة (بالأمس الخميس استشهد 70 فلسطينيا منهم 25 طفلا) ثم إن قصف المستشفيات جريمة حرب غير مسبوقة مع غلق المعابر ومنع وصول الإعانات لغزة هو القتل بالتجويع! * نعم نحن أمام مذابح ترتكبها إسرائيل ضد أشقائنا الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وربما قريبا الأردنيين والمصريين فنغضب ونشارك في النفير الكبير الذي دعت له المقاومة واستجابت له بقية الأمة الإسلامية! تؤكد وكالات الأنباء أن حكومة (نتنياهو) تستعد لاحتلال قطاع غزة والضفة وفرض الحكم العسكري عليهما والسيطرة الكاملة على الفلسطينيين وعلى الشرق الأوسط وتنفيذ مخططاتها المتعلقة بالاستيطان أو التهجير. وهو التوجه الذي يتوافق مع خطة رئيس هيئة الأركان العامة (إيال زامير) لكن يبقى السؤال: هل تمتلك إسرائيل إستراتيجية واضحة لما تقوم به؟ وانظروا ما يحدث في العالم من حولنا: رجل أمريكي مثير للجدل ترأس الأمة الأمريكية مرتين واحتل البيت الأبيض ويخطط لعهدة ثالثة وأعلن أن كندا وبنما والقطب الشمالي (غرين لاند) هي ولايات تابعة لأمريكا ! وأن خليج المكسيك أصبح اسمه خليج أمريكا وأن أوكرانيا ليست أوروبية بل هي قطعة من روسيا ثم أعلن أنه لا يعترف للاتحاد الأوروبي بأي سلطة على أوكرانيا بل أنه يعمل على إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية في مفاوضات بينه وبين (بوتين) حليفه الجديد ونعت الرئيس الفرنسي (ماكرون) بالمعتوه الذي يغرر بالأوروبيين ويريد قيادتهم الى حرب ضد روسيا مثلما نعت (زيلنسكي) أيضا بالمجنون الذي نفخ فيه الأوروبيون روحا من البطولة المزيفة أفقدته حجمه الحقيقي! * وأمام حرب إبادة الفلسطينيين وقف عاجزا عن إبداع من إبداعاته واكتفى بالرجوع الى أصول ديانته الأنغليكانية التي تدمج الخرافات التلمودية المتطرفة في عقيدتها المسيحية (والتي قاومها القس الألماني مارتن لوثر في القرن السادس م) واكتفى بالقول بأن إسرائيل محقة في الدفاع عن أمنها!!! وهو التبرير الخطأ الممجوج من كثرة تكراره حتى لم يعد يقنع اليهود أنفسهم وخرج بعض نزهائهم للتظاهر ضد حرب الإبادة التي وصمت اليهود بالعار الى أبد الدهر وجعلت شرفاء الدنيا كلهم يشيرون إليهم بالبنان كقتلة أطفال وهو عار لن تمحوه الدعايات البلهاء الصادرة عن العنصريين المتطرفين من مستوطني فلسطين منذ العشرينيات (بداية الهجرات الكبرى) الى عام 2025 حيث بدأ الإسرائيليون حاملو جنسيتين يغادرون فلسطين المحتلة الى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها (أكثر من 300 ألف حالة عودة طوعية منذ السابع من أكتوبر 2013). وحسب تحليل أخير للدكتور طلال أبو غزالة (وهو أفضل من يفكك خفايا الصراع في الشرق الأوسط) فإن إسرائيل دخلت مرحلة الحرب الأهلية لأن نصف شعبها يقف ضد (ناتنياهو) والنصف الثاني متعدد الانتماءات والمصالح وبلغت الحرب الأهلية مستوى قياداتها العسكرية حتى أن بعضهم استعمل مصطلح الحرب الأهلية مرات عديدة! ويتنبأ هذا الخبير الواعي بأن حماس سوف تنتصر لأنها تدافع عن أرضها المغتصبة بينما يقاتل الإسرائيلي من أجل الاحتفاظ بأرض اغتصبها ولأن (ناتنياهو) حينما يؤكد أنه يقاتل على سبع جبهات فإنه في الحقيقة يقر باستحالة الانتصار في السبع جبهات بسببين: سبب جغرافي وسبب عقائدي فجبهة لبنان مثلا هي عدة جبهات: حزب الله ودولة لبنان مع الرئيس الجديد (جوزاف عون) الذي أكد أمام (ماكرون) أن الدولة وحدها لديها حق حمل السلاح لكنه أضاف: «وهذا أمر يحتاج الى شيء من الوقت بالنظر الى أن جزءا من أراضينا ما زالت محتلة» فاقتنع الجميع وأولهم (ماكرون) الراعي الرسمي للدولة اللبنانية بأن عملية نزع سلاح حزب الله بالقوة يعني بكل تأكيد حربا أهلية لبنانية أعنف من الحرب الأهلية الأولى (1975-1990) وهي حربٌ أهليّةٌ متعدّدة الأصعدة راح ضحيتها 120 ألف لبناني مسلحين ومدنيين ولا يزال 76 ألف لبناني مشردين نازحين ولاجئين داخل لبنان أو خارجه. * يتذكر أبناء جيلي أن تلك الحرب الضروس اندلعت على إثر محاولة اغتيال الزعيم (بيار جميل) ومحاولات إسقاط إصلاحات فؤاد شهاب الذي سعى لجمع الطوائف وسن دستور ديمقراطي مما حرك طبقات اجتماعية من اللبنانيين تعودوا على الإثراء مغتنمين هشاشة الدولة ثم تحركت قوى اقليمية ودولية تسعى للحفاظ على مصالحها في لبنان والشرق الأوسط مثل سوريا ومصر والأردن ثم روسيا وأمريكا وفي الأثناء ازداد تواجد الفلسطينيين وقياداتهم على التراب اللبناني معتبرين عن خطأ في التقدير أن لبنان أرض مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي المحتل ولا ننسى أن منظمة التحرير تم إجلاؤها بقوة عن الأردن في أيلول 1970عندما شرع فدائيوها في تفجير طائرات مختطفة في الأردن فاستقروا في لبنان ليخلوا بالتوازن الهش بين المسلمين والمسيحيين فانقسموا الى يمين ويسار! وحمل شبابهم السلاح وتقاتلوا فيما بينهم واندلعت حرب أهلية دمرت لبنان! نحن اليوم في مارس 2025 نكتشف مزيد انقسام دار الإسلام ونستحي عندما نرى ونسمع السودانيين يتقاتلون وكل فريق يهتف «الله أكبر» وهو يقصف مسلمين موحدين يهتفون أيضا «الله أكبر»! ونرى ليبيا عاصمتين وجيشين وحكومتين ونرى اليمن يمنين وحكومتين وجيشين! وتصل الأزمة العنيفة الى تركيا السنية لتوقظ مارد الفانوس السحري من نومه فيهدد استقرار تركيا مع أردوغان ويكاد يعصف بالليرة وبالسياحة. من جهتها أطلقت الإيكونوميست البريطانية تحذيرا مرعبا للإسرائيليين حول دولتهم مشيرة إلى أن سياسات الحكومة الحالية تقودهم إلى كارثة غير مسبوقة وجاء في تقريرها الذي تصدر غلافها تحت عنوان «غطرسة إسرائيل» Israel’s hurbis أن دولتهم تبدو قوية ظاهريا لكنها تواجه أخطارا متزايدة تهدد استقرارها بل وجودها!!
489
| 04 أبريل 2025
العالم يمر بمنعرج خطير وحاسم والسؤال الذي عنونت به مقالي أصبح اليوم مطروحا بقوة؛ لأن دار الإسلام توشك أن تفقد فلسطين كما سبق أن فقدت الأندلس؛ ولأن بالمقابل نرى الغرب يمينه ويساره يوشك أن يفقد إسرائيل (قلعة دفاعه المتقدمة كما يدعي) فهي مهددة بالفناء ككيان نشأ بوعد بلفور عام 1917 وربما يندثر بوعد (ترامب) عام 2025. ولا ينسى الإسرائيليون أبدا أن وزير الخارجية البريطانية (اللورد بلفور) وعدهم بكيان (واستعملت الوثيقة الموقعة بيد بلفور نفسه (مصطلح): HOME ولم تستعمل مصطلح (دولة) STASTE وها نحن نشهد ضياع فلسطين وضياع إسرائيل أو ضياعهما معا. ففيما يتعلق بفلسطين نشهد على انقسامها الى شقين كبيرين (شق المقاومة بمنظماته العديدة) و(شق الضفة الغربية بقيادة محمود عباس المنادي بالسلام من خلال المفاوضات) وهو أكثر الناس إدراكا بأن السلام مع إسرائيل وحل الدولتين والرجوع للقانون الدولي ما هي سوى سراب بقيعة وهمي تلوح به إسرائيل منذ 1947 للعرب فيحسبونه ماء! حتى تخدرهم وتحيد بهم عن طريق المقاومة المشروعة للاحتلال نحو الحلم الوردي المغشوش بتحرير فلسطين وإنشاء دولة قابلة للعيش تتعايش بسلام ووئام مع جارة إسرائيلية يُطمأن لها كما صدر كل ذلك في وثائق مختومة "ملغمة" من أوسلو الى مدريد مرورا بكامب ديفيد وربما الى مفاوضات القاهرة والدوحة!. * وعجبا كيف لم يعتبر أبو مازن بالفخ الذي وقع فيه المرحوم ياسر عرفات حين رفع غصن الزيتون من أعلى منبر الأمم المتحدة الى جانب البندقية قائلا جملته التاريخية: "لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي" وعلمت شخصيا من فم صديقي حكم بلعاوي سفير فتح لدى تونس ثم وزير الداخلية بأن هذا الشعار الشهير كان من تأليف الشاعر الفلسطيني محمود درويش رحمة الله عليه حين كلفة أبوعمار بتحرير مسودة خطابه على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة! ويشهد العالم اليوم وإلى حد الساعة عودة جريمة الإبادة رغم توقيع معاهدة وقف إطلاق النار برعاية الوسطاء الثلاثة الولايات المتحدة ومصر وقطر. * وكما شهدتم تحركت عواصم عربية وأوروبية وأمريكية في مظاهرات مليونية للتنديد بعودة حرب إبادة الفلسطينيين في لعبة قذرة راح ضحيتها الى يوم أمس حوالي ألف فلسطيني منهم 300 طفل من أجل إرضاء (بن غفير) و(سموتريتش) والاحتفاء بعودتهما لحكومة نتنياهو! حتى لا تسقط! وحتى المعارض الإسرائيلي "المعتدل" (لابيد) صرح بأنه عار على شعب إسرائيل أن تصبح أرواح أطفال غزة ورقة (كوتشينة) في أيدي متطرفين يهود!. أما فيما يتعلق بإسرائيل فإنها استبقت استئناف الحرب بحملة تضليل إعلامي زعمت خلالها أن المقاومة في غزة تستعد لشن هجوم بري واسع على مستوطنات الغلاف. إلا أن الوقائع تشير إلى أن الحرب كانت ولا تزال جزءًا من مخطط إنقاذ (نتنياهو) وحكومته حتى لو أدى ذلك إلى انهيار الأوضاع بالكامل وهدم المعبد على رؤوس الجميع. * ولكي نفكك طلاسم المعضلة الإسرائيلية ننقل لكم تحذير رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية الأسبق (أهارون باراك) لشعبه من أن تنزلق إسرائيل نحو حرب أهلية بسبب تفاقم الانقسامات الداخلية وشدد (أهارون باراك) خلال مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية على ضرورة منع استبداد الأغلبية داعيا إلى عقد اتفاقية بين إسرائيل وحماس وجاءت تصريحاته في الوقت الذي أقالت فيه الحكومة الإسرائيلية رئيس جهاز الشاباك (رونين بار) رغم أن الجهاز يحقق حاليا في التسيب الذي تورط فيه أعضاء في حكومة (نتانياهو) سمحت بهجوم السابع من أكتوبر 2023 وأضاف (باراك): "المشكلة الرئيسية للمجتمع الإسرائيلي هي الجبهة الثامنة وهي الشرخ الحاد بين الإسرائيليين أنفسهم. هذا الخلاف يتفاقم وأخشى أن تكون نهايته مثل قطار خرج عن القضبان وينحدر إلى الهاوية ويؤدي إلى حرب أهلية، وتجدر الإشارة إلى أن باراك اقترح إمكانية التوصل إلى صفقة إقرار بالذنب في قضايا فساد تورط فيها نتنياهو، مضيفا أن "إقالة المستشارة القضائية للحكومة غير قانونية وفقا للمعايير التي حددتها "لجنة شمغار" فقد أدت عملها بأفضل شكل ووافقت على معظم قرارات الحكومة. وظيفتها تتمثل في توضيح ما هو قانوني وما هو غير قانوني وعزلها سيشكل ضربة قاسية لمنظومة العدالة ولحقوق المواطنين. وإن ما يهدد انفجار إسرائيل من داخلها هو استمرار جيش الاحتلال قصفه وتوغله بمناطق في غزة في حين توعد وزير الدفاع الإسرائيلي (يسرائيل كاتس) بالاستيلاء على مزيد من أراضي القطاع وتهجير الفلسطينيين قائلا: "حتى نحقق خطة حليفنا الرئيس (ترامب) التي نراها فرصتنا اليوم". خلاصة تحليلنا هي أن قضيتنا المركزية فلسطين تصبح اليوم ونحن في أواخر رمضان ومارس تتمثل في (إنقاذ الشعب الفلسطيني من مخطط الإبادة الذي يستهدفه كأولوية مطلقة ثم توحيد الجهود العربية والإسلامية لفرض القانون الدولي على الجميع وأهم ما فيه تأسيس دولة فلسطينية على حدود يونيه 1967 عاصمتها القدس الشرقية كما جاء في مقترح الملك عبد الله رحمة الله عليه عام 2002 وهو قبول إسرائيل بدولة فلسطين مقابل اعتراف عربي كامل بدولة اسرائيل كجار بل كحليف في تأمين الشرق الأوسط من الحروب والإرهاب والعنف وخرق القانون الدولي. لعل القراء الأفاضل يقولون: ما جدوى التذكير بهذه الحقائق التاريخية بعد أن تأكدنا اليوم أن نتنياهو يقود دولته الى المجهول وهو ما يرفعه شعبه شعارا في مظاهرات ضخمة مستمرة من شهور تطالب بإسقاطه ومحاكمته كمجرم حرب لا يهمه مصير الرهائن الذين تحتجزهم حماس بل يهمه تأبيد نفسه في الحكم هو شخصيا لأن نهاية الحرب تعني نهايته هو!. خوف حكماء إسرائيل من فقدان إسرائيل وخوفنا نحن من فقدان فلسطين هما الحقيقتان الماثلتان أمام العالم فلا فائدة ترجى من هروبنا منهما، نعتقد أن أولى خطوات السلام هي الاعتراف الدولي بأن أصل المعضلة هو احتلال إسرائيل لفلسطين.
714
| 28 مارس 2025
آخر الأخبار تعزز ما لم نتوقعه من انقسام العالم ونحن في سنة 2025 الى فسطاطين: فسطاط القانون الدولي بوصاياه العشر السخية المعروفة وفسطاط القانون الأمريكي الإسرائيلي المفروض والمرفوض إنسانيا بسبب وحشيته وضربه بالأخلاق عرض الحائط! ومن آخر مؤشراته ما وقع خلال الأسبوع الماضي من قصف إسرائيلي موسع لقطاع غزة خلف أكثر من 400 ضحية مدنية بريئة جلهم من الأطفال وهو ما فاجأ العالم بعد اعتقاد حماس أن هدنة عقدت بين الطرفين والغريب أكثر من جنون (ناتنياهو) هو ما صرح به الناطق باسم ترامب من أن تلك الضربات جاءت بالتشاور بين الحليفين الإسرائيلي والأمريكي وأن ترامب تحمس لها وشجع عليها ! وكذلك المكالمة الهاتفية المطولة بين ترامب وبوتين يوم الأربعاء لتقرير مصير أوكرانيا بدون زيلنيسكي وبدون أوروبا ! * وحول هذه الانقلابات «الترامبية» السريعة حذر الكاتب الأمريكي البارز توماس فريدمان في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز من أن ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية لن تحقق شعاراته التي لوح بها أثناء حملته الانتخابية ويتناول مقال الرأي المعنون «انهيارٌ كبير للولايات المتحدة دولتنا العظمى يجري على قدم وساق» يتناول بشكل نقدي عهدة ترامب الثانية مشددًا على طبيعتها الفوضوية وما يميزها من أنانية ويؤكد فريدمان بأن سياسات ترامب تفتقر إلى التماسك بل إنها مدفوعة بسعي شخصي للانتقام من «مظالم مزعومة تعرض لها هو شخصيا» واختيار فريقه الحكومي ومستشاريه حسب معيار الولاء له شخصيا وليس الكفاءة أو المقدرة على تسيير دواليب الدولة وفي المقال الحافل بالانتقادات اللاذعة لترامب يقول فريدمان إن ترامب هو وحده دون أي شخص آخر من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط وفرض الرسوم الجمركية والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى فشلت تماما ومرد كل تلك الإخفاقات وفقا لفريدمان هو أن ترامب لم تكن لديه رؤية متماسكة لمجريات الأمور في عالم اليوم وكيفية توافق أمريكا معها على أفضل وجه حتى يتحقق الازدهار المنشود في القرن الحالي. * ويضيف الكاتب أن ترامب عاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض حاملا في جعبته هواجسه وإرثه القديم نفسيهما إزاء تلك القضايا وعزز إدارته بعدد غير عادي من الأيديولوجيين الهامشيين الذين استوفوا معيارا أساسيا واحدا وهو الولاء الدائم له ولأهوائه قبل الدستور والقيم التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية أو القوانين الأساسية للاقتصاد والنتيجة - وفق المقال- هي ما يشهده العالم اليوم من مزيج غريب من رسوم جمركية تُفرض ثم تنقض لتفرض مرة أخرى ومساعدات تُقدم لأوكرانيا ثم توقف وتستأنف من جديد وإدارات حكومية وبرامج داخلية وخارجية تتقلص ثم يعاد بها العمل ثم تتقلص من جديد عبر مراسيم متضاربة ينفذها جميعا وزراء وموظفون في الحكومة يجمعهم الخوف من تغريدة هنا وهناك ينشرها حليفه الملياردير (إيلون ماسك) أو الرئيس نفسه عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما حادوا عن أي خط سياسي يرسمه لهم ! * ومضى فريدمان إلى القول إنه ما من أحد في العالم يمكنه أن يكون حليفا لأمريكا أو أن يكون شريكا تجاريا لها على المدى الطويل إذا كان الرئيس الأمريكي يهدد أوكرانيا مثلا ويتوعد روسيا ثم يسحب وعيده ويلوّح بفرض رسوم جمركية ضخمة على المكسيك وكندا ثم يؤجل سريانها ويضاعف الرسوم الجمركية على الصين وينذر أوروبا وكندا بفرض المزيد منها ثم التهديد بضم كندا وغرين لاند الى ممتلكات الولايات المتحدة!! والإعلان عن تغيير اسم خليج المكسيك الى خليج أمريكا! ووفقا للمقال فإن أكذوبة ترامب الكبرى ادعاؤه بأنه ورث اقتصادا خرِبا عمن سبقوه في رئاسة الولايات المتحدة مدعيا أن «الرب» أرسله لإصلاح تلك الأوضاع وهذا طبعا محض هراء برأي الكاتب ومع أن فريدمان يرى أن ترامب كان محقا في اعتقاده بأن هناك حاجة لمعالجة الخلل التجاري مع الصين إلا أنه يرى أنه كان بإمكان الرئيس الأمريكي أن يقوم بذلك من خلال زيادة الرسوم الجمركية على بكين بالتنسيق مع حلفائنا خاصة الاتحاد الأوروبي واليابان وخلص الكاتب إلى القول «إذا كان ترامب يريد أن يحدث تحولا جوهريا في الاتجاه المعاكس فهو مدين للبلاد بأن تكون لديه خطة متماسكة تستند إلى اقتصاد سليم وفريق يمثل الأفضل والأكثر ذكاءً وليس الأكثر تملقا من اليمينيين المتطرفين. *في نفس السياق ولو نثير أزمة البحر الأحمر ودخول الجيش الأمريكي عبر حاملة الطائرات (يو أس أس هاري ترومان) لقصف المدنيين اليمنيين بدعوى الرد «المشروع» على الحوثيين أنصار الله الذين لم يترددوا منذ حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب غزة في مساندة أشقائهم الفلسطينيين وقيامهم بواجب الاعتراض على مرور بواخر إسرائيلية وأمريكية وبريطانية قادمة من أو متجهة الى موانئ إسرائيلية يعتبرها الحوثيون عدوة ومساهمة في قتل الأبرياء وحتى هذه الأيام الأخيرة تتواصل حرب البحر الأحمر وهو ما يؤكد قيام ترامب منذ عودته الى البيت الأبيض بتغيير العقيدة العسكرية الأمريكية التقليدية وتهديد العالم باستعمال القوة النووية الأمريكية ضد كل من يهدد الأمن الأمريكي مهما كان حسب تصريحات ترامب ووزيره الجديد للدفاع (بيت هيغسيت) الذي صرح يوم الأربعاء الماضي لقناة فوكس نيوز» بأن بلاده مستعدة لخوض أي حرب ضد الصين وذلك ردا على بيان سفارة الصين في واشنطن الذي جاء فيه «إن بكين مستعدة لأي نوع من الحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ممارسات إدارة واشنطن بفرض الرسوم الجمركية الجائرة على صادراتها *وأكد (هيغسيث) أن الولايات المتحدة «لا تريد الحرب» لكنها «مستعدة» لأي حرب محتملة مع الصين وأضاف بأن من يريد السلام يجب أن يكون مستعدا للحرب وأن واشنطن يجب أن تكون قوية كي تكون رادعة ضد الصين أو أي دولة أخرى والغريب في هذا المجال أن التصنيف «الترامبي» للأعداء غير قائمة أسمائهم ولم تعد روسيا هي العدو القديم المعروف بل أصبح بوتين حليفا وتحول حلف الناتو الى خانة الأعداء المحتملين مع الاتحاد الأوروبي وطبعا الصين المنافس الأول لواشنطن!! مع الملاحظة أن جرائم إبادة الأبرياء الغزاويين عادت أعنف من ذي قبل وأن ناتنياهو يلعب بأرواح الفلسطينيين كورقة للبقاء في الحكم لا غير بينما مظاهرات إسرائيلية ضخمة تطالب بمفاوضات تعيد الرهائن لعائلاتهم! وأن اجتماعا لوزراء الدفاع الأوروبي انعقد أمس ببروكسل وقرر الترفيع في ميزانيات الدفاع وتعزيز القوة النووية ب700 مليار يورو إضافية لمواجهة الأخطار الروسية والأمريكية المتحالفة!!!
315
| 21 مارس 2025
كانت معاهدة الصلح بين رجلين من سوريا جاهدا من أجل وطنهما والموقعة أول أمس الأربعاء معاهدة انتصار سوريا لأن الرجلين هما أحمد الشرع ومظلوم عبدي الأول سني قاد الجيش السوري الحر والثاني كردي قاد (قسد: قوات سوريا الديمقراطية) وسميت المعاهدة التاريخية بذات البنود السبع أي الاتفاق الكامل على أسس السلام والأمن الوطنيين وغلق باب الفتنة ووقف إطلاق النار على كامل التراب السوري وإنشاء دولة حرة يتعايش فيها كل السوريين مهما كانت دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم أي سوريا لجميع مواطنيها لا استفراد فيها لطائفة من الطوائف بالمناصب حيث تقرر تعيين الكفاءات لا تكليف الولاءات والتقدم باقتصاد الوطن نحو العدالة في خلق الثروات والعدل في توزيعها ثم الأهم إنشاء لجنة للحوار الوطني مطالبة بالخروج بقرارات دستورية في ظرف ثلاثة أشهر. جاءت المعاهدة بعد مجازر انتقامية سقط فيها منذ هروب المخلوع نحو ألف ضحية من المدنيين تم قتلهم على أيدي نفس ضحايا الإرهاب الأسدي لكن بدون تمييز بين مجرم وبريء وهو ما أدانته كل منظمات الحقوق الإنسانية وجمعيات سوريا المدنية وما أساء جدا للثورة السورية النبيلة ولطَّخ بعض أيادي أشخاص منعزلين بدماء سورية. * ولقائل أن يقول إن ما وقع من أحداث مؤسفة كان متوقعا وطبيعيا بالنظر الموضوعي إلى خمسين عاما من التوحش الطائفي العلوي الأسدي بدءا من مجزرة حماة عام 1982 على أيدي حافظ الأسد الدموية تلتها مجازر رهيبة ارتكبها وريثه بشار بالبراميل المتفجرة التي لا تفرق حين تلقيها المقاتلات الحربية بين سني وشيعي وبين بعثي وقومي وبين زيدي وعلوي ثم باستعمال السلاح الكيماوي المحرم دوليا ضد شعب أعزل أراد خلال الربيع العربي المنطلق من تونس أن يكون وطنه ذا مؤسسات منتخبة بحرية وأن يتمكن فيه السوريون من الحصول على حقوقهم المدنية فجاء رد منظومة الإرهاب الرسمي على المظاهرات السلمية ردا طائفيا دمويا متوحشا كانت رموزه سجون صيدنايا ومحتشدات المخابرات العسكرية المنتشرة في كل مدن سوريا! ولم تمض سوى ساعات على فرار المخلوع بشار من دمشق إلى روسيا حتى تحركت فلول الشبيحة العلوية والمتمعشة من الظلم والقهر والاغتيالات واسترخصت حياة كل السوريين وتنظمت بسرعة ظنا منها كما أوحت لها قوى إقليمية وعالمية بأن الفرصة سانحة للانقضاض على الحكم والقضاء السهل على «شوية ثوريين» غير متمرسين بالسلطة ومستعدين للوقوع في فخ الحرب الأهلية للتقاتل على المناصب في الجيش والإدارة!!! * هذه الميليشيات التابعة للمنظومة البائدة هي التي تحكمت في مصائر السوريين لمدة نصف قرن وتعودت على القتل. وفي نفس اللحظات الضبابية قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود تسللت إسرائيل كما تتسلل الأفعى إلى الأراضي السورية متذرعة بالخوف على أمنها واحتل جيش العدو العنصري مساحات إضافية من الجولان السوري لتتخذه الحكومة اليمينية المتطرفة «حزاما أمنيا» يقيها حسب مخططها المعد مسبقا من «تسلل الإرهابيين العرب» إلى إسرائيل!! * في نفس هذا السياق حذر الكاتب الإسرائيلي (إيال زيسر) في مقال نشرته صحيفة (إسرائيل اليوم) من مخاطر تورّط إسرائيل في مغامرة عسكرية في سوريا معتبراً أن حكومة (نتنياهو) ارتكبت خلال الأشهر الثلاثة الماضية كل خطأ ممكن في تعاملها مع الوضع السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد. يبدأ (زيسر) مقاله بتشخيص الوضع الإقليمي حيث يرى أن إسرائيل تواجه تحديات على عدة جبهات: في غزة حيث رمّمت حماس قوتها وعادت لتحكم بيد عليا القطاع وسكانه تحت ظل وقف إطلاق النار وفي لبنان حيث استعاد حزب الله قدراته رغم التواجد الرمزي للجيش اللبناني على طول الحدود. ويتساءل الكاتب باستغراب عن توجيه طاقة دولة إسرائيل نحو مغامرة في سوريا يصفها بأنها سخيفة وعديمة المنطق السياسي والعسكري ستلحق الضرر بإسرائيل في المستقبل بدلاً من التركيز على تصفية حماس أو هزيمة حزب الله. ويشير الكاتب إلى التغيير الكبير الذي حصل في سوريا مطلع ديسمبر 2024 حين انهار نظام بشار الأسد الذي وصفه بـشيطاننا المعروف والمحبب لأنه حرص على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود بين سوريا وإسرائيل لكنه سمح لإيران أن تتموضع في بلاده وساعدها على أن تجعل حزب الله تهديداً قائماً لإسرائيل. ويوضح الكاتب أن من حل محل الأسد هو أحمد الشرع المعروف سابقاً بـأبي محمد الجولاني زعيم جبهة تحرير الشام التنظيم ذي الجذور المسلحة. ويلفت إلى أن الشرع لا يمر يوم دون أن يبعث لنا برسائل تهدئة بل وحتى مصالحة وأن متحدثين باسمه تنبأوا بإمكانية إقامة سلام مع إسرائيل. وختم الكاتب مقاله بجملة تلخص حقيقة الخشية من التورط في سوريا قائلا: «بأيدينا نحن ندفع سوريا إلى أذرع تركيا ومن لا يريد الشرع سيلقى في مواجهته أردوغان!» وهنا لابد من عرض موجز لموقف الرئيس الجديد القديم (ترامب) الذي أعلن منذ حملته الانتخابية أنه يريد إنهاء حرب أوكرانيا وحرب الشرق الأوسط بالدبلوماسية وطبيعي أن يؤثر هذا الموقف الأمريكي المفاجئ على مجرى الأحداث السورية كما أثر على نتائج مفاوضات الدوحة بين العرب وجارتهم إسرائيل بسبب غريب وهو أن (ترامب) لم يخف مفاوضات مبعوثه مباشرة مع حماس!! وهذا ما يغير المعادلات التقليدية للعلاقات الدولية كلها وخاصة رسم معالم المستقبل السوري والفلسطيني والعربي عموما.. وللتحليل بقية!
738
| 14 مارس 2025
من عنوان المقال فهمتم لا شك أنني أقصد تعويض النظام العالمي الجديد بما سميته "الفوضى العالمية الجديدة" لأن الذي وقع يوم الجمعة الماضي في البيت الأبيض حدث زلزل العلاقات الدولية بل قلبها رأسا على عقب وأعلن موت الدبلوماسية التقليدية ودفن البروتوكول العادي والقديم، والذي ولد منذ ألفي عام في اليونان عندما نشأت الدبلوماسية وسميت انطلاقا من مصدر (دبلوما) التي كانت تعني الوثيقة الموقعة على رق من قبل دولتين أو مجموعة دول اتفق ملوكها على عقد صلح أو مبادلات تجارية أو تقاسم نهر أو رسم حدود لدولهم. نعم لم تعد في الولايات المتحدة على الأقل حاجة للتعامل المتحضر المتأدب بين السفراء أو حتى بين رؤساء الدول كما وقع بين الرئيسين الأمريكي (ترامب) والأوكراني (زيلينسكي). المعروف عن الرجلين أمزجة وطبائع استثنائية تؤهلهما لما سمته الصحف الأمريكية (كلاش) بالإنجليزية ولعل ترجمتها بالعربية (تصادم) أو تبادل سباب واتهامات! وليس بجديد الحديث عن الشكوك الأوروبية والتساؤلات عن التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي أو بما يتعلق بالمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالدفاع المشترك، وإذا ما كان ترامب سيفي بمسؤولية الحلف بـ"التعامل مع أي هجوم على حليف في الناتو على أنه هجوم على أمريكا". * في ذات السياق أوردت صحيفة تلغراف البريطانية: "أن على مستشار ألمانيا الجديد الذي عوض (شولتز) العثور على مبالغ ضخمة من المال لعلاج اختلال الاقتصاد والمعاشات والدفاع حتى يجنب شعبه أسوأ كابوس لهم وهو أن تصبح بلادهم مثل فرنسا". من جهته كتب محمد كريشان: إن موقعة زيلينسكي- ترمب في البيت الأبيض ينبغي أن تُفهم على أنها أكبر وأعمق من كونها مشادة كلامية بين رئيسين فهي بالضبط تجسّد بداية لعهد خطير يكون فيه الدائن سيداً والمدين عبداً وبكل تأكيد فإن لدى الدول المرشحة لإهانات مماثلة الإمكانات الفعلية لإنقاذ نفسها وهيبتها قبل أن تقع الفأس في الرأس". وإن ما حدث مع زيلينسكي من إهانة بطرده عنوة من البيت الأبيض هو اختبار مفصلي تتحدد على نتائجه شكل ومحتوى العلاقة الأمريكية مع أوروبا ومع باقي دول العالم. ففي كل مرة يتعمد الرئيس الأمريكي محاولة إحراج ضيوفه علناً أمام الميديا الأمريكية والعالمية اعتقاداً منه أن هذه الطريقة هي أفضل من دبلوماسية الأبواب المغلقة ولكنه في كل مرة يأتيه الرد المحرج من ضيوفه وقد فعل ذلك مع العاهل الأردني الملك عبد الله الذي رد عليه وقال إن خطة غزة خاضعة للنقاش العربي وأن مصر لديها خطة والجميع في انتظارها كما فعل ترامب ذلك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رد مباشرة على ترامب في الملف الأوروبي الأوكراني. بدأ "الكلاش" في أعقاب رد (زيلينسكي) على تعليقات نائب الرئيس الأمريكي (جيه دي فانس) بأن أوكرانيا يجب أن توافق على شروط السلام الأمريكية وعندما بدأ (زيلينسكي) في الرد قال له (ترامب): "ليس مسموحًا لك بالتحدث". وقال (زيلينسكي) "بارك الله فيكم لن تكون هناك حرب" وقال (ترامب) "أنتم لا تعرفون ذلك فلا تخبرونا بما نشعر به". وبعد تصاعد الخلاف بين الرجلين قال (ترامب) "إن أوكرانيا ليست في وضع يسمح لها بتحديد شروط اتفاق مستقبلي" *وكان (زيلينسكي) قد التقى مع ترامب في واشنطن في 28 فبراير، حيث كان من المتوقع أن يوقع الزعيمان اتفاقا إطاريا بشأن الموارد الطبيعية لأوكرانيا. وصافح ترامب (زيلينسكي) أثناء وقوفهما أمام الصحفيين وظل صامتًا بينما كان يتم توجيه الأسئلة إليهما بصخب وسبقت زيارة زيلينسكي أسابيع من المفاوضات المتوترة حيث رفضت أوكرانيا المقترحات الأولية للمشروع وقدمتها على أنها التزامات أحادية الجانب بالنسبة لأوكرانيا دون أي التزامات أمنية من جانب واشنطن. ولابد من الإشارة الى تصريح غريب وطريف للناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية السيدة (زاخاروفا) التي علقت على ما حدث بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني قائلة: "أتعجب كيف ضبط الرئيس الأمريكي ونائبه نفسيهما ولم يصفعا هذا الوقح (زيلينسكي)!!! نعم الى هذا الحد تغير النظام العالمي الجديد إلى فوضى عالمية جديدة ولعلنا سنكون شهودا في المستقبل القريب على مفاجآت أخرى لم نتوقعها نحن العرب وستنعكس حتما على ممارسات المحتل الإسرائيلي في تعاملاته مع الشعب الفلسطيني الصامد في المقاومة من أجل تحرير أرضه من احتلال غاشم وغير شرعي كما سنرى تغيرات عجيبة في مواقف الدول التي يعنيها شأن الشرق الأوسط. *ومع انعقاد قمتين الأولى أوروبية في لندن تمت يوم الأحد 2 مارس والثانية عربية في القاهرة أصدر فيها القادة العرب يوم الثلاثاء 4 مارس بيانا كان نقيضا لمخطط (ترامب) الرامي لتهجير أهل غزة من القطاع، واتفق القادة العرب على مخطط إعمار غزة وإقرار أهلها فيها والتفكير في إدارة غزة بتحالف كل الفصائل وتوحيد القيادة السياسية فيها وفي كل فلسطين. وهاتان المجموعتان الأوروبية و العربية تحاولان تنسيق المواقف والدفاع عن المصالح إزاء عواصف الفوضى العالمية فأوروبا خائفة من مصير مجهول وهي ترى تخلي الحليف الأمريكي التقليدي والطبيعي عنها بل وتحالفه مع "العدو التاريخي للغرب" أي روسيا التي أعادها (بوتين) الى الامبراطورية القيصرية ما قبل ثورة 1917 أو إلى شكلها الشيوعي، وفي الحالتين تبقى عدوا منافسا للغرب لا يمكن الثقة فيه أو التحالف معه كما فعل (ترامب)، أما العرب فقد أنقذوا أنفسهم من الانقسام. *أحيانا يخيل لي وأنا المتابع بحكم التخصص والمهنة لكل ما يطرأ على العلاقات الدولية من أحداث يخيل لي أنني ضحية خدعة "الكاميرا الخفية" ولكني أستعيد وعيي وأدرك فعلا أن ما أراه على قنوات التلفزيون هو الواقع والحقيقة فأسارع إلى تحليل نفسي لأبرز شخصيات السياسة الراهنة فأكتشف أنهم مثيرون للجدل لديهم دوافع غريزية تؤهلهم لتغيير قواعد اللعبة السياسية أولهم الرئيس (ترامب) الذي أصر على العودة للبيت الأبيض وتمسك بهزيمة منافسته الديمقراطية (كاميلا هاريس) المعروفة بضحالة تجربتها في الحكم وتورطها في حربي أوكرانيا والمواجهة بين حماس وإسرائيل والثاني هو (زيلينسكي) الذي دفعه اليمين الأوروبي الى حرب مستحيلة مع الدب الروسي والثالث هو الرئيس الفرنسي الذي يعاني من انسداد أفق الحكم في فرنسا وهي بلا حكومة منذ أن أخطأ وحل البرلمان فأراد تعويض ذلك الفشل الداخلي بانتصار خارجي بتزعم أوروبا والدعوة إلى ما سماه استقلال الدفاع الأوروبي والاستغناء عن المظلة النووية الأمريكية معلنا "عدم الثقة من اليوم في الحليف الأمريكي القوي". * ولكي نتمم رسم لوحة الفوضى العالمية الجديدة نضيف لكم هذا الخبر المدهش الذي نقلته قناة (فوكس نيوز) يوم الاثنين الماضي في حوارها مع الملياردير الأمريكي المثير للجدل (إيلون ماسك) سألته الصحفية: "هل هي إشاعة لتشويهك أنك أعلنت دعمك المالي والرقمي لأحزاب اليمين المتطرف في العالم وفي أوروبا خاصة؟؟" فكان جواب (ماسك) سريعا وفوريا وهو:" نعم وهي حقيقة وليست إشاعة...سأدعم أحزاب اليمين لأنها تعبر عن ضمائر الشعوب بدون نفاق وما قصص الأقليات المستضعفة والمضطهدة سوى قصص ملفقة ومختلقة لجلب دموع الغافلين! فالبقاء للأقوى فقط!!!" أضيف الى مؤشرات الفوضى العالمية خروج (ترامب) من منظمة الصحة العالمية وتوقفه عن تمويل جزئي لوكالة الغوث الأممية (الأونروا) بل وتلويحه مرات عديدة بعدم تحرجه من مغادرة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، قائلا إن القانون الدولي خرافة كاذبة وربما عزمه على طلب مغادرتها مدينة نيويورك إلى عاصمة أخرى! هذه هي الفوضى العالمية الجديدة وكأنها استعادة النازية والفاشية واستحضار أشباحها التاريخية! فليعلم المليارا مسلم حقيقة ما ينتظرهم!!! ويستكمل سيناريو الفوضى أمس الخميس بتهديد (ترامب) لحماس مطالبا إياها بتسليم كل الرهائن حالا أو مواجهة حرب مدمرة...! وترد حماس بأنها تعودت بهكذا تهديدات منذ عقود.
387
| 07 مارس 2025
جاءت الزيارة التي أداها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، إلى طهران بدعوة من أخيه فخامة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في إبانها أي في لحظة تاريخية يمر الشرق الأوسط فيها بأشد الأزمات تأثيرا على كل شعوبه مما يجعل التشاور بين قادته أمرا استعجاليا وضروريا بقصد السعي المشترك لدفع الأذى وتجنيب المنطقة كل المخاطر المحدقة بها خاصة أن الجوار ووشائج العلاقات التاريخية بين قطر وإيران تتيح هذه المشاورات بما يخدم مصالح الطرفين والسلام الإقليمي والدولي. ولا يخفى أن اسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتردد منذ قيام ثورة الشعب الإيراني على الشاه سنة 1978 في كل وسائل الاعلام ومعابر الدبلوماسية وأروقة منظمة الأمم المتحدة ولكن من زوايا المصالح وليس من منظور موضوعي محايد، وهذا أمر عادي في العلاقات الدولية لأن تلك العلاقات تعتمد توظيف كل ما يصدر عن القيادة الإيرانية لتأليب الرأي العام العالمي على هذه الدولة ذات التاريخ الحافل وذات الثروات الطاقية والاقتصادية والزراعية الكبرى. ولا شك يعرف كبار السن أو المطلعون على التاريخ الحديث أن شاه إيران رضا بهلوي هو أكبر أبناء مؤسس الأسرة البهلوية والده الذي انقلب على من كان قبله عام 1925 وظل إمبراطورا عسكريا الى وفاته عام 1941 حيث توج ابنه رضا إمبراطورا لإيران وكان الغرب يطلق عليه لقب «شرطي الغرب في الشرق الأوسط وحارس المصالح الغربية» وبقي في السلطة بفضل نظام بوليسي مخابراتي يعتمد على أقوى جهاز قمع في الشرق الأوسط (السافاك) المتورط في اغتيال أكبر زعماء السياسة والدين وأجهض حركة الإصلاح واستقلال القرار التي قادها عام 1952 الزعيم محمد مصدق (16 يونيو 1882 - 5 مارس 1967) رئيس وزراء إيران الذي انتخب مرتين سنة 1951 و1953. إلا أن المخابرات الأمريكية (السي آي ايه) والبريطانية (أم آي6) خلعتاه في عملية مشتركة سميت بعملية (أجاكس) عندما قرر (مصدق) تأميم نفط إيران الذي كان الاستعمار الغربي يسرق منه 50% كما قتل نظام الشاه آلاف المعارضين الى غاية 1978 لحظة انتصار ثورة شعبية عارمة تزعمها مدنيون ورجال دين وعاد آية الله الخميني من منفاه العراقي ثم الفرنسي وتمت ثورة شهيرة جعلت الحكم مستقرا تمكن من بناء اقتصاد وطني قوي ولكنك تقرأ عنها أحيانا نعتها بالدولة المستبدة أو الأوتوقراطية أو المتعصبة أو المصدرة للثورات بل وتسمع دقات طبول حرب صليبية غربية على الأبواب بقصد «منعها من امتلاك السلاح النووي بالقوة وبقصف منشآتها النووية السلمية»! ثم تلبيسها تهما مختلقة من قبيل سيطرة إيران على دول عديدة في الشرق الأوسط بفضل «زرع أذرعها المسلحة» في كل من لبنان برعاية وتسليح حزب الله واليمن بتقوية الحوثيين أنصار الله حتى يتمكنوا من حكم اليمن وإقصاء ما يسميه خصومها بالحكومة الشرعية، وفي العراق بتسليح فصائل شيعية وتحريضها على التمرد ضد الدولة العراقية أما في سوريا فيتهمون إيران بدعم النظام الأسدي بغرض صد المقاومة الديمقراطية. ومع الأسف تحركت الدعاية الإسرائيلية بآلياتها القوية لتحقيق «شيطنة» الدولة الإيرانية وبالتالي حشد حملات غربية متطرفة لما سموه «تحجيم القدرة الإيرانية» استعدادا لضربها تحت «غطاء شرعي أممي» بحجة «تهديدها للأمن العالمي»! وفي غمرة هذه العواصف المفتعلة يتناسى الناس جميعا حقائق بالغة الأهمية وهي: 1) تمت بين إيران والدول الست (الصين، روسيا، أمريكا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا) مفاوضات «ماراثونية» من 26 مارس لغاية 2أبريل 2015 في مدينة لوزان السويسرية من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام. تميزت جولة المفاوضات بلوزان بكونها بدأت ثم علقت ثم تواصلت ثم مددت، وبعد مفاوضات ماراثونية توصلت إيران والدول الست في 2 أبريل الى توقيع بيان اعتبره العالم تاريخيا ثم وحين انتخب (ترامب) رئيسا بادر إلى إلغاء تلك المعاهدة وأعلن انسحابه منها بل اتهم موقعيها الغربيين بالخيانة والعمالة لإيران!. 2) طبيعة نظامها الديمقراطي الذي أثبت مصداقيته في انتخاب دوري لرؤساء الجمهورية كل خمس سنوات بدون تدخل السلطات التنفيذية أو المؤسسة الدينية. 3) إغماض الغرب عيونه عن حقيقة امتلاك إسرائيل للسلاح النووي منذ 1957 تاريخ إنشاء مفاعل ديمونة الذري الحربي بإعانة فرنسية مباشرة وهو ما أكده لي شخصيا مهندسه ومنفذه وزير خارجية فرنسا عام 1957 (كريستيان بينو) منذ سنوات. وهذا التناسي المجرم يفضح نوايا غلاة الاستعمار الصليبي في انفراد إسرائيل شريكته وحامية مصالحه بالسلاح الذري لردع كل من يفكر في مقاومة مشروعة للاحتلال في فلسطين وغيرها ونحن ندعو للعدل في تقييم الحضور الإيراني في فلك السياسات الدولية ولا نحكم على النوايا كما يحكم بعض أعداء الأمة بل نميل الى وزن أعمال الدول بميزان الموضوعية والحياد بعيدا عن التلاعب المكشوف بالحقائق وتزويرها خدمة لكل احتلال همجي ولكل مخططات الإباديين. ونعتقد أن تعامل دولة قطر مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو التعامل الأمثل مع دولة مسلمة ذات تاريخ وحضارة وجارة وطبعا لقطر معها وشائج تعاون وثيقة ومراحل تاريخية قوية جعلت الشعبين يسيران منذ قرون جنبا الى جنب نحو المستقبل دون الإساءة لجار آخر أو الاعتداء على مصالح أية دولة شقيقة. في هذا الإطار النزيه جاءت زيارة حضرة صاحب السمو أمير قطر، حفظه الله ورعاه، إلى إيران بدعوة من فخامة رئيسها السيد مسعود بزشكيان حيث ثمنت صحف طهران نتائج المباحثات الأخوية بين القائدين مما يساهم في تعزيز العلاقات وضمان استقرار المنطقة، كما أولت الصحف العالمية اهتماما كبيرا بهذه الزيارة عبر تغطيات صحفية وتقارير واسـتضافة محللين وكتاب سـياسيين للتعليق على الزيارة وتوقيتها والقضايا التي تم تناولها، والمباحثات الثنائية بين سموه وفخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان وقد أثنى تقرير البي بي سي على دور قطر في التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار فـي غزة. أما موقع (قناة فرانس 24) فقد أشار الى دور الزيارة في توطيد عرى التعاون بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي واتفاق القائدين على الحرص المشترك على استقلال الدولة السورية ووحدة أرضها وضرورة توفير الأمن والسلام للشعب السوري والمساهمة الفعالة في إعادة إعمار سوريا. ومن جهتها نوهت وكالة الأنباء (إيرنا) باللقاء الذي تم بين سماحة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي وحضرة صاحب السمو الأمير، حيث كان فرصة عبر فيها المرشد الأعلى عن عقيدة الدولة الإسلامية الإيرانية المتعلقة بمبدأ حرية كل شعب في اختيار طريقه حسب ما يراه صالحا له والالتزام بعدم التدخل في شؤون أية دولة جارة.
525
| 28 فبراير 2025
آخر مفاجأة في التحالف الجديد نعت (ترامب) للرئيس الأوكراني (زيلنسكي) بالمعتوه وغير الكفء والمغرر به، مضيفا: « زيلنسكي يدعي كذبا أن الجيش الروسي غزا بلاده واحتل أجزاء منها وأنا أدعوه للاستقالة وإتاحة الفرصة للشعب الأوكراني ليختار حكامه بكل حرية بعد أن قرر وحده تأجيل موعد انتخابات رئاسية وتشريعية أوكرانية كانت مقررة لشهر مايو 2024!. وهذا الحلف غير المتوقع بين (ترامب) و(بوتين) قلب موازين العلاقات الدولية التقليدية رأسا على عقب! ولم تعد أوروبا لاعبا مركزيا في السياسات الدولية وأفل نجم الإمبراطوريتين القديمتين فرنسا وبريطانيا اللتين وقعتا معاهدة (سايكس بيكو) عام 1916 واقتسمتا دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا وآسيا وفرضتا على مستعمراتهما أنظمة صليبية عنصرية كانت من نتائجها غرس كيان إسرائيل كالخنجر في قلب الشرق الأوسط. تغير العالم مع عودة (ترامب) للبيت الأبيض وجزء من فوزه كان هدية من المخابرات الروسية كما كشفت عديد المصادر الإعلامية الأمريكية الموالية لمنافسه (جو بايدن). * في هذه الأجواء العاصفة استضافت باريس الإثنين «دولا أوروبية رئيسية» لمناقشة ملفات «الأمن الأوروبي» وأوكرانيا. ودعت الرئاسة الفرنسية لهذا الاجتماع غير الرسمي رؤساء حكومات ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وهولندا والدنمارك، إضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي (أنطونيو كوستا) ورئيسة المفوضية الأوروبية (أورسولا فون دير لاين) والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (مارك روته). وتأتي دعوة باريس لهذا الاجتماع الدولي تزامنا مع تباعد في وجهات النظر بين موقف الإدارة الأمريكية التي تهاجم الكتلة الأوروبية وعزم ترامب التفاوض مباشرة مع بوتين بشأن أوكرانيا. وانتهى الاجتماع الطارئ الذي عقده قادة الدول الأوروبية الرئيسية في العاصمة الفرنسية باريس وسط انقسامات في الموقف الأوروبي بشأن إرسال قوات إلى أوكرانيا وفقا لوكالة فرانس برس، مع العلم أن القادة الأوروبيين اجتمعوا من أجل تشكيل جبهة موحدة بعدما أثار حوار الرئيس الأمريكي مع نظيره الروسي (بوتين) استياءهم شعورا منهم بأن غاية العملاقين هي تهميش دور الاتحاد الأوروبي والاستفراد بحل قضية أوكرانيا بدون أوروبا! فجاء اجتماع القادة الأوروبيين كمحاولة لفرض مصالحهم بسبب وجود أوكرانيا في أوروبا واعتبار مصيرها مرتبطا بمصير القارة العجوز. وإذا سكت الأوروبيون اليوم عن حقهم فإنهم سيتحولون الى «طراطير» ضعيفة لم يعد العالم يحترمهم!. *وجدير أن نذكر اليوم بالحقائق الجغرافية والجيوستراتيجية لأوكرانيا فنقول إن رجلين خبيرين بشؤون العلاقات الدولية وهما (هنري كيسنجر) وزير الخارجية الأمريكية الأسبق وعالم الألسنيات الشهير (ناحوم شومسكي) أكدا وهما في سن المائة أن «أوكرانيا قدرها أن تكون محايدة وغير منحازة بسبب موقعها الفريد بين روسيا وأوروبا وفي حالة حيادها ستكون عنصر سلام وأمن للطرفين وإلا فهي قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه العالم طال الزمان أم قصر!» وهو ما يحدث اليوم عام 2025 بسبب تهور ممثل كوميدي تحول الى رئيس دولة فأملى عليه قادة أوروبيون جهلة بالسياسة وبنواميس العلاقات الدولية نصائح مغشوشة جعلته «يتعملق» (كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد) كما قال شاعرنا العربي ابن هاني!!! واغتنم غلاة الاستعمار القديم فرنسا وبريطانيا وألمانيا هشاشة الممثل فنفخوا فيه «روحا من الوطنية « ليعلن الحرب ضد روسيا التي تملك أعظم ترسانة نووية في العالم!!! وبعد ثلاث سنوات من «الحرب» العبثية أصبح الشعب الأوكراني هو الضحية الكبرى لذلك الوضع وطبعا في الوضع الحالي اجتمع قادة أوروبا في باريس بدون تصور مشترك وبدون رؤية واضحة يرفعون شعارات «استقلال أوروبا عن الراعي الأمريكي» وهم أول من يدرك أن هذا الشعار أجوف وأن حاميهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بما يسمى المظلة النووية هو السيد الأمريكي (الكاوبوي) بتغطية نووية تقيهم مخاطر العدو القديم روسيا أو الصين!. وفي قلب هذه التحولات اجتمعت الاثنين دول أوروبية رئيسية في باريس لمناقشة «الأمن الأوروبي» وملف أوكرانيا، في وقت تهاجم الإدارة الأمريكية الاتحاد الأوروبي وتعتزم التفاوض مباشرة مع روسيا لإنهاء الحرب. وكان وزير الخارجية الفرنسي (جان نويل بارو) قد أعلن الأحد عبر إذاعة «فرانس إنتر» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى اجتماع الاثنين يضم «دولا أوروبية رئيسية» لمناقشة الأمن الأوروبي ولاحقا قال الإليزيه إن «رؤساء حكومات ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وهولندا والدنمارك، إضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي (أنطونيو كوستا) ورئيسة المفوضية الأوروبية (أورسولا فون دير لايين) والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (مارك روته) سيشاركون في هذا «الاجتماع غير الرسمي» بعد ظهر الاثنين وأضافت الرئاسة الفرنسية «قد يستمر عملهم بعد ذلك بأشكال أخرى بهدف جمع كل الشركاء المهتمين بإحلال السلام والأمن في أوروبا. *يأتي الاجتماع في لحظة حساسة بالنسبة للعلاقات عبر الأطلسي وسط قلق أوروبي من مبادرات الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) الذي استأنف المحادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأعلن الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع أنه سيلتقي نظيره الروسي في السعودية لبدء مفاوضات بشأن أوكرانيا حيث تدخل الحرب عامها الرابع في 24 فبراير مع العلم أن وزيري خارجية الولايات المتحدة و روسيا اجتمعا في الرياض للتمهيد للقاء رئيسيهما مما أثار غضبا أوروبيا متوقعا ونعت (زيلنسكي) هذا الاجتماع بالمؤامرة الكبرى التي تستهدف استقلال أوكرانيا وسيادتها وحقها في مقاومة الغزو «الاستعماري» الروسي لبلاده. ونذكر أن هذه الأحداث أجلت ملف انضمام أوكرانيا الى كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي مما يؤكد هشاشة أوروبا وانقسام دولها.
723
| 21 فبراير 2025
عاد إلى ذاكرتي ووجداني كتاب الكواكبي هذه الأيام لأن هذا الرائد المصلح الكبير هو سوري ويعيش وطنه ومسقط رأسه (الشام) منعرجا أساسيا في تاريخه الحديث حيث انهار طغيان المتوحش بشار وبزغت شمس إصلاح عميق على أيدي القائد المؤقت أحمد الشرع كما أن أزمات العرب مستمرة وحارقة وتعلمون بأن مائة عام وربع تكتمل اليوم على وفاة المصلح العربي الجريء صاحب الكتاب الحدث (طبائع الاستبداد) عبد الرحمن الكواكبي رحمة الله عليه (1854..1902) أكثر من 100 عام مرت كذلك على صدور ذلك الأثر العظيم الذي نظّر قبل كتب أوروبا لأسباب التخلف وجذور التقهقر وحللها وفك آلياتها وحدد معطياتها وشخصها وقدم للعرب علاجها.. مائة عام تمر، ولا حياة لمن تنادي، لا الحكومات العربية ولا الجامعة العربية ولا الجامعات العربية ولا مراكز البحوث الاستراتيجية اغتنمت هذه الذكرى لإحياء هذا التراث العربي المتميز وقول كلمة حق في ذلك الرجل الأمين الذي دفع حياته ثمناً لقول الحق.. لا شيء كما قال عبد الرحمن الكواكبي نفسه في توطئة كتابه: «وهي كلمات حق وصيحة في واد، ان ذهبت اليوم مع الريح، لقد تذهب غداً بالأوتاد...». أعيد هذه الأيام قراءة كتاب الكواكبي ونحن في عام 2025 ولكن بعيون مختلفة فنحن العرب والمسلمين نمر بأدق محطات تاريخنا الحديث نواجه زلازل كتلك التي وصفها الله سبحانه في الآية 214 من سورة البقرة حين قال جل من قائل:» ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ إن مجتمعات العالم كلها تحتفي بذكريات رجال أقل شأناً من الكواكبي وأقل تأثيراً، بل ان مجتمعات أوروبا وامريكا واليابان والصين تقتنص كل ذكرى لإحياء أمجادنا وكنوز ماضينا البعيد والقريب بينما نحن قطعنا الصلة مع ذلك الفيض الرائع من الفكر الحر وأصبحنا أيتام حضارة بإرادتنا! ولد عبد الرحمن الكواكبي عام 1854 لأسرة عربية كريمة في مدينة حلب الشامية وتلقى علومه في المدرسة الكواكبية وعمل في الصحافة والمحاماة كما تقلد بعض المناصب الوظيفية وبدأ يجلب لنفسه السجون والاضطهاد ومصادرة المال والدار عندما كتب عن الاستبداد في الصحف. هاجر من حلب سنة 1900 وطاف الجزيرة العربية وشرقي أفريقيا والهند وأقصى الشرق، ثم استقر في مصر وفيها كتب «طبائع الاستبداد» كما كتب «أم القرى» وتوفي بالقاهرة عام 1902 ضحية سم دُس له في فنجان قهوة.. معيدا قصة أرسطو فيلسوف الاغريق وضحية الدفاع عن الحرية هو ايضاً. مع التذكير أن منافينا نحن واضطهادنا لا يختلف كثيرا عما كابده جدنا الكواكبي كما قال حفيده (سلام الكواكبي) من منفاه ومن الغريب ـ بل من العار على العرب ومؤسساتهم الثقافية ـ ان صدور الكتاب وطبعاته المتلاحقة كانت دائما بسعي نجله أسعد الكواكبي في الثلاثينيات وبسعي حفيده الدكتور عبد الرحمن الكواكبي في السبعينيات. وكانت جميع الطبعات تنفد حال نزولها للمكتبات والمعارض. واعتنت الثقافات الغربية بالكتاب فنشر بطبعات في مختلف اللغات وأدرجته الجامعات الاوروبية والامريكية في برامج دراساتها السياسية والاجتماعية كأحد أبرز آثار الفكر العربي الاصلاحي بل تتلمذت على الكواكبي ثلة من منظري علم الاجتماع السياسي في الغرب وأبرزهم الأستاذة (حانا أرندت) صاحبة كتاب الاستبداد الذي أصبح المرجع الأساسي للعلوم السياسية وهو المؤلف بعد ثمانين عاماً من كتاب الكواكبي. وإذا تأملنا في عصر الكواكبي وجدناه عصر نهضة عربية مباركة بحيث لم يأت كتاب طبائع الاستبداد من فراغ بل كأنما هو حلقة ضرورية الى جانب حلقات نهضوية تشكل سلسلة تمهيد لانطلاقة اسلامية شاملة. فقد صدر عام 1901 كتاب المرأة الجديدة لقاسم أمين وصدر كذلك كتاب الشيخ محمد عبده «الاسلام والنصرانية مع العلم والمدنية» وكتابه «الاسلام والرد على منتقديه» وأصدر مصطفى كامل صحيفة «اللواء» وفي المغرب العربي بدأت حركة اصلاحية تنشط ضد الاستعمار. كان ذلك المناخ الفكري كالتربة الصالحة لبذرة الكواكبي.. وهي البذرة الوحيدة التي لم تتحول الى سنبلة طيلة القرن لأن حركات الاصلاح تمكنت من طرد الاستعمار والابقاء على جذوة الاسلام السليم حية لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تطوير فكر الشورى ـ أي الديمقراطية ـ في بلاد العرب جميعا مما تسبب في نكبات وكوارث عربية قديمة وحديثة لانزال نحمل أوزارها الى اليوم فغياب الديمقراطية في نظري المتواضع أدى على الأقل الى نكبة الهزيمة العربية يوم 5 يونيو 1967 وكارثة الاحتلال العراقي للكويت يوم 2 أغسطس 1990. الى فتنة 11 سبتمبر 2001 وكل هذه المصائب إذا ما حللناها من زوايا السياسة والتربية والثقافة وجدناها نتيجة طبيعية للاستبداد بالرأي وعدم اشراك الناس في التفكير والتخطيط والحكم. وان الذي يبقى خالدا في رسالة الكواكبي ويصلح لهذا الزمن العربي العصيب هو تركيز (طبائع الاستبداد) على أمرين: الأول مؤامرة الغرب المستمرة على العرب والمسلمين وممارسة استبداد الجنس الأبيض على ما عداه والثاني قابلية العرب والمسلمين.. واستعدادهم المريض لتقبّل ذلك الاستبداد مخالفة منهم لفلسفة تراثهم الأصيل والمنادية بالمقاومة والفداء والاستقلال. يقول عبد الرحمن الكواكبي: «انه الاستبداد الذي يظل يرافق الحياة كلها بوجه عام والحكم بوجه خاص على تباين أثره وتفاوت شره فهو يشتد أو يضعف بقدر ما يخبو الوعي السياسي أو ينمو وبقدر ما يمحى التخلف أو يزداد وبقدر ما يصفو الفكر أو يتعكر وبقدر ما تظهر النزعات الوجدانية والمراحم الانسانية ومكارم الاخلاق أو تضمر..». ثم يتطرق المؤلف الى موضوع العلاقة بين الاستبداد والمال فيكون الكواكبي سباقا لعصرنا الراهن مستطلعا آفاق ارتباط الاستبداد كسلوك سياسي وثقافي بالمال كعصب محرك للمجتمعات. وبعد ذلك يحلل الكواكبي محور الاستبداد والاخلاق من منظور فلسفي عميق قل ان يدركه عالم متخصص، ثم يحلل علاقة الاستبداد بالتربية فالتربية لديه هي خميرة المجتمع وأساسه وعليها مسئولية تخريج جيل رافض للاستبداد. ثم هو في فصل الاستبداد والترقي وبعده في فصل الاستبداد والتخلص منه يقدم وصفة الحكيم المتمرس الأمين لتحقيق نهضة عربية واسلامية ديمقراطية تعتمد احترام رأي الأغلبية والحكم بفضائل الأخلاق وتجسيد المحاسبة والمراجعة والعزل كأدوات لمراقبة الحاكم حتى لا يستبد. وقد ختم الرجل كتابه بحكمة لابد ان نوردها «ان الله جلت حكمته قد جعل الأمم مسئولة من أعمال من تُحكمه عليها وهذا حق. فإذا لم تحسن أمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة. ومتى بلغتْ أمة رشدها وعرفت الحرية قدرها استرجعت عزها.. وهذا عدل..». فكيف نعذر العرب على نسيان هذا الرجل وكتابه ونحن لم نجب على الأسئلة التي طرحها الكواكبي منذ قرن؟ وظللنا نعاني العلل نفسها بدرجات متفاوتة الى يوم الناس هذا.
588
| 14 فبراير 2025
أكد محللون أهمية زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى سوريا في ضوء استئناف العلاقات القطرية السورية بعد انقطاع دام 13 عاما، حيث لعبت الدوحة دورا محوريا في دعم الشعب السوري وتطلعاته حتى فـي الأوقـــات الـتـي فـقـد فيها المجتمع الـدولـي الأمــل فـي حـدوث تغيير إيجابي بسوريا. ونـوه المحللون بالدور القطري المرتقب في إعادة إعـمـار سـوريـا وإنــجــاح مـرحـلـة الـحـكـم الانـتـقـالـي بـمـا يضمن الاسـتـقـرار ويـسـهـم فـي إقـامـة عملية سـيـاسـيـة شـامـلـة تساعد سوريا على الخروج إلى بر الأمان، وقالوا إن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بـن حمد آل ثاني، حفظه الله، إلـى سـوريـا تحمل رمزية خاصة وأهمية استثنائية، باعتبارها أول زيارة لقائد عربي إلى سوريا منذ سقوط النظام البائد، ما يجعلها نقطة تحول في المشهد الاقليمي مع سوريا الجديدة وفـق اعتبارات سياسية واقتصادية وإنسانية بما يحقق مصالحها، وأن زيــارة سمو الأمـيـر تشكل تتويجا لموقف قطر الثابت من القضية السورية الذي عبر عنه سموه مــرارا فـي المحافل العربية والـدولـيـة، دعما لحق الشعب السوري في نيل حريته ونضاله ضد النظام الأسدي. وتأتي الزيارة في إطـار تعزيز العلاقات الثنائية بين قطر وسوريا وتعكس دورا قطريا متناميا في المشهد السوري عـلـى الأصـعـدة السياسية والاقـتـصـاديـة. الــزيــارة تـعـبـر مـن الـنـاحـيـة الـسـيـاسـيـة عـن دعــم قـطـر للقيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع الذي كان قد وجه دعوة إلـى سمو الأمـيـر لـزيـارة دمـشـق. الزيارة امتداد للـدور القطري الـداعـم للشعب السوري خلال المرحلة الانتقالية، حيث أعادت الدوحة فتح سفارتها في دمشق ورفعت العلم القطري عليها بعد إغلاقها منذ يوليو 2011 في خطوة تعكس التزام قطر بتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع سوريا. وفي غمرة هذه الأجواء الإيجابية التقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بـن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أخاه فخامة السيد أحمد الشرع رئيس الجمهورية العربية السورية الشقيقة، يوم الخميس الماضي في قصر الشعب، حيث هـنـأ سـمـو الأمــيــر فـخـامـة الـرئـيـس الـسـوري بمناسبة انتصار الـثـورة الـسـوريـة واختياره رئيسا للمرحلة الانتقالية، مـجـددا سموه موقف دولـة قـطـر الــداعــم لــوحــدة ســوريــا وسـيـادتـهـا واسـتـقلالـهـا، ومشيدا فـي هـذا الـصـدد بالجهود التي تبذلها الادارة الـسـوريـة الـجـديـدة لتحقيق الاسـتـقـرار والـحـفـاظ على مقدرات الدولة وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري، والمــضــي قـدمـا فــي إنجاز مـشـاريـع إعـــادة الاعــمــار والـتـنـمـيـة والازدهـــار. ان دولــة قطر سـتـواصـل وقـوفـهـا مع الأشـقـاء الـسـوريين لتحقيق أهـدافـهـم الـتـي ناضلوا من أجـلـهـا وصـــولا إلــى دولـــة تـسـودهـا الــوحــدة والـعـدالـة والحرية تضم كافة أطياف المجتمع السوري وينعم شعبها بالعيش الكريم. الرئيس أحمد الشرع رحب بضيفه بهذه الكلمات «أرحب بــزيــارة سـمـو الأمـيـر وأؤكد أن هـذه الزيارة تعكس مواقف دولة قطر الثابتة والداعمة في كل المراحل للشعب السوري وحرصها على تعزيز العلاقات بين البلدين». سوريا أكدت ان المرحلة المقبلة ستشهد تعاونا استراتيجيا مع قطر في مختلف المجالات، وتتطلع للاستفادة من الخبرات القطرية لتحقيق النهضة المنشودة في سوريا. وتبذل قطر المزيد من الجهود لتـسـهـيـل عـمـلـيـة سـيـاسـيـة شاملة تدعم خيارات الشعب السوري الشقيق بقيادة سورية منتخبة يقودها الرئيس أحمد الشرع. * وعلى الصعيد الدولي نشرت وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها تقريرا جاء فيه «إن «خبر تعيين أحمد الشرع وهو المُحاور الرئيسي مع الحكومات الأجنبية منذ سقوط نظام بشار الأسد، رئيسًا مؤقتًا لسوريا جاء يوم الأربعاء 29 يناير، بينما أكدت السلطات السورية الجديدة حل مجلس النواب القديم وتجميد العمل بدستور سنة 2012 كما سيتولى الشرع تمثيل سوريا في كافة المحافل الدولية وهو الدور الذي كان يشغله بالفعل بشكل غير رسمي وكذلك بإجراء العديد من المقابلات مع وسائل الإعلام واستقبال الوفود الأجنبية. * صحفية سورية عائدة لبلادها بعد تهجير دام عشرين عاما قالت في تدوينة صادرة عنها بعد أسبوع من سقوط بشار وبلوغ المقاومة الإسلامية سدة الحكم: «هل تعرفون كم استغرق الفرس من الوقت ليأخذوا الشام من الروم؟ وكم استغرق الروم لاستعادتها؟ وكم عاما قضى المسلمون الأوائل لفتحها؟ لقد فعلها أصحاب إدلب بقيادة أحمد الشرع في 11 يوما! لقد قرأت كثيرا عن التاريخ وأريد أن أعيش فصلا منه اليوم». ومما يؤكد سلامة الموقف القطري ونصرة قطر للحق وسنن التاريخ اتسعت دائرة العلاقات السورية مع محيطها الجغرافي والحضاري، حيث قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة إلى العاصمة التركية أنقرة هي الأولى من نوعها منذ ما يقرب من 15 عاما والتقى الشرع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفي مؤتمر صحفي مشترك بين الزعيمين قال أردوغان إن «الشعب السوري عانى على مدى أكثر من 13 عاما من الظلم والقتل بكل أشكاله معتبرا هذه الزيارة تاريخية وتفتح صفحة جديدة وناصعة في حياة الشعب السوري». في الختام فإن قصة الثبات القطري على مبادئ الحق والعدل الدولي هي التي تستحق اعتبار الشعوب بها واحترام العالم لها وسلمت أيادي ملهمها والمتمسك بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله.
501
| 07 فبراير 2025
قبل أن أستعرض ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية أجد نفسي ولعلكم معي تحت وقع الصدمة غير المتوقعة وأقصد دعوة (ترامب) العجيبة الى تطهير عرقي بتهجير شعب غزة كله نحو مصر والأردن وطبعا شددت دول ومؤسسات عربية وإسلامية وأمريكية على رفضها دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تهجير فلسطينيين من قطاع غزة باتجاه مصر والأردن ودعت إلى دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومن جهتها رفضت الأمم المتحدة الفكرة التي طرحها ترامب بخصوص نقل أهالي غزة وقال المتحدث باسمها إن الأمم المتحدة ستكون ضد أي خطة من هذا النوع وجاءت مشاهد نصف مليون غزاوي عائدين الى ديارهم لتؤكد إرادة شعب بطل. * ونعود لما صدر في صحيفة (جيريزاليم بوست) العبرية من تحليل لما سماه كاتباه: «تنامي نفوذ قطر في فلسطين بعد توقيع اتفاق الهدنة» فتعزز موقف قطر كلاعب مركزي معترف به إقليميا ودوليا ويوضح المقال أن إسرائيل رغم استفادتها من الوساطة القطرية تواجه تحديات في تقليل اعتمادها عليها خاصة في ظل غياب خطط بديلة لإعادة بناء غزة. كما أن النفوذ القطري يمتد إلى تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة مما يثير قلق إسرائيل ويرى الكاتبان (يوئيل غوزانيسكي) و(إيلان زالايات) أن على إسرائيل تبني استراتيجية متوازنة بين التعاون البراغماتي مع قطر واتخاذ خطوات لحماية مصالحها الأمنية في مواجهة تأثيرات قطر الجيوسياسية المتزايدة. * ويقول الكاتبان «إنه في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار لم تضيّع قطر وقتا في سبيل استئناف عمليات تسليم المساعدات إلى غزة بموافقة إسرائيل ودشنت الدوحة ممرا بريّا لتزويد غزة بـ 12.5 مليون لتر من الوقود خلال الأيام الأولى من وقف إطلاق النار ويلفت الكاتبان إلى أن قطر جعلت نفسها بمنزلة لاعب لا غنى عنه في المشهد ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في حسابات السياسة الخارجية الأمريكية بدليل أن قدرة الدوحة على تلبية رغبة ترامب في التوسط من أجل إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل تنصيبه مثّلت بداية جيدة بشكل خاص لعلاقاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة. ويقول المقال: إن هذه التحالفات عززت علاقات الدوحة مع واشنطن لا سيما في ضوء تقارير تفيد بأن (ستيف ويتكوف) مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط لديه مصالح اقتصادية في قطر وهو ما قد يدعم التعاون السياسي الأعمق بين البلدين ويجعل نفوذ قطر في غزة مصدر قلق لإسرائيل خاصة أن قطر تستخدم مساعداتها المالية لغزة بنشاط كأداة دبلوماسية لكسب النفوذ الدولي ويختتم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أنه مع تشكيل مستقبل غزة بعد الحرب يبدو أن مشاركة قطر سوف تتنامى، الأمر الذي يثير تساؤلات بالغة الأهمية بشأن تأثيرها على ديناميكيات القوى في المنطقة، لذا يتطلب الأمر بالنسبة لإسرائيل، أن تتعامل مع هذا الواقع برؤية تتسم بالموازنة بين التعاون البراغماتي في إيجاد حلول لمستقبل غزة وبين حماية مصالحها في ظل مصالح الرئيس (ترامب) لأن المعاد انتخابه للبيت الأبيض عبر عن ثقته في الشريك والوسيط القطري ولن يقبل من إسرائيل أي مروق عن الإرادة الأمريكية!!!. * هذا أهم ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية الأكثر توزيعا وكما يستنتج القراء الأعزاء فالمقال ليس رأيا حرا لإعلاميين إسرائيليين بل هو قرع أجراس الخطر المحدق بالمحتلين جراء دخول لاعب أساسي لملعب القضية الفلسطينية وأزمات الشرق الأوسط عموما ألا وهو دولة قطر بفضل دبلوماسيتها الذكية المرنة الهادفة بجرأة الى إيقاف حرب الإبادة العنصرية ثم تحرير أرض فلسطين من المحتلين. هذا الموقف القطري الذي أشاد به يوم الأحد الماضي كل المشاركين في حفل مؤسسة (سيدة الأرض) المسؤولة على الحفاظ على تراث فلسطين الثقافي والتاريخي وبخاصة بيت المقدس. المؤسسة المناضلة التي يرأسها الزميل الدكتور كمال الحسيني حفيد الشيخ أمين الحسيني ونجل الشيخ عادل الحسيني مع العلم أن أسرة الحسيني ومنذ ثورة القسام هي التي صمدت في مدينة القدس الشريف خلال قرن من المؤامرات الاستعمارية والصليبية منذ ذلك العهد الى أيامنا هذه وبالضبط يوم بداية عودة أهالي غزة العزة الى بيوتهم المقصوفة بعد تهجيرهم منها منذ 8 أكتوبر 2023 الى اليوم. عادوا بعشرات الآلاف كأنهم لم يقع تهجيرهم بقوة القنابل منها وبعزم قوي عنيد على ألا يتكرر سيناريو النكبة لعام 1948 حين غادر جدودهم نفس الأرض موعودين بالعودة بعد أسابيع من أبواق الأنظمة العربية المخدوعة ساعتها! تلك الأسابيع التي تمددت حوالي ثمانين عاما!! 80 عاما من الخديعة وتركيع العرب لإرادة المحتل المغتصب وحماته ورعاته من الدول «العظمى» التي سخرته لخدمة مصالحها المادية وعقائدها منزوعة الأخلاق حتى أفاقت مجموعة من أبناء الجيل الفلسطيني الجديد امنت بربها وخططت للطوفان الذي غير موازين العلاقات الدولية وبعثر قطع الشطرنج الاستخرابي المنظمة على رقعة الشرق الأوسط ولاعبيها الإثنين المتقابلين وهما (دونالد ترامب) و(إيلون ماسك) اللذين يهندسان عالما جديدا يتناقض مع عالم يعتمد الهويات والثقافات والأديان والحضارات! ألم يعلن العائد للبيت الأبيض قبل انتخابه أنه يعتبر منظمة الأمم المتحدة مجرد أداة في أيدي الأقوياء معلنا أنه سيستعملها لأغراضه الخاصة ثم إنه غادر منظمة الصحة العالمية وخرج من وكالة الغوث (الأونروا) بدعوى أنهما ليستا منظمتين أمميتين إنسانيتين بل هما وكران إرهابيان لحماية من سماهم هو وناتنياهو وبن غفير «المخربين»!
750
| 31 يناير 2025
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4602
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3402
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1467
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1119
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
768
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
750
| 02 أكتوبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
639
| 05 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
633
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
624
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية