رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع مطلع شهر سبتمبر من كل عام، تبدأ في معظم الأنظمة القضائية العربية سنة قضائية جديدة، تعاود فيها المحاكم نشاطها في الأنظمة القضائية العربية بجميع درجاتها وأنواعها، ويباشر السادة قضاة المحاكم والمحامون والعاملون أعمالهم ويعود المتقاضون إلى قاعات المحاكم وردهاتها إيذانًا ببدء سنة قضائية جديدة، تتجدد فيها الآمال والطموحات لتكريس قضاء أكثر كفاءة وتجاوبًا مع مقتضيات العصر ومتطلباته المتطورة يومًا بعد يوم. وتعد هذه المناسبة محطة مهمة لتقييم ما حققه القضاء في كل دولة عربية خلال السنة المنتهية، واستخلاص الدروس والعبر للإفادة منها بتطوير الأداء القضائي وتحسين مستوى خدماته التي يقدمها للجمهور. جرى العمل لدى معظم الأنظمة القضائية العربية على أنه بعد تمام العطلة أو الإجازة القضائية والتي تستمر من بداية شهر يوليو وحتى شهر سبتمبر على بدء سنة قضائية جديدة بعودة القضاة من إجازاتهم السنوية، وتعود المحاكم إلى نشاطها العادي المكثف مع تجدد الحيوية داخلها من خلال إعادة هيكلة الدوائر، واصدار كشوف التنقلات والترقيات، وتوزيع المهام القضائية والإدارية. ولا تعد هذه المناسبة مجرد إجراء إداري وإنما محطة لتقييم الأداء، وتصحيح المسار وتعزيز جودة العمل القضائي بإعادة تشكيل الدوائر القضائية، وتوزيع القضاة وفق تخصصهم وخبراتهم، ومعالجة النقص أو الفائض في بعض المحاكم، مع تكليف بعض القضاة بمهام إدارية أو رقابية بما يعزز ذلك من كفاءة الإدارة القضائية بهدف تحقيق الانسجام بين متطلبات العمل وكفاءة رجال القضاء لمواجهة التطور التشريعي والاجتماعي بمواكبة قضائية فعالة سواء بإنشاء دوائر متخصصة جديدة أو دمج أو إلغاء دوائر لم تعد الحاجة إليها ملحة. وتهدف جميع تلك الإجراءات التي توضع موضع التطبيق لإتاحة الفرصة أمام المحاكم والقضاة لتحقيق ضمان سرعة الفصل في الدعاوى والمنازعات دون الإخلال بقواعد العدالة والمحاكمات المنصفة ذلك أن رسالة القضاء تملي عليه ألا يرضى تحت أي ظرف من الظروف أن يضحي باعتبارات عدالة الحكم، وأصالة الرأي في سبيل سرعة الإنجاز، لأن ذلك ما تأباه رسالته إيمانا بأنه لا خير في كثير غث، ولا في إنتاج لا تباركه الأناة، ولا يصحبه التريث، وإنما تصان الحرمات وترد الحقوق بالحكم الصائب، والرأي المتأني. إن مراجعة المحاكم لأعمالها وتقييمها مع كل سنة قضائية جديدة وما قبلها من سنوات ليست مجرد نشاط روتيني أو إجراء شكلي، بل هي آلية حيوية يقاس بها مدى نجاعة وفاعلية الأداء القضائي وجودة الأحكام والقرارات الصادرة عنه في حماية الحقوق والحريات، كما أنها فرصة لرصد أحجام القضايا المنجزة ونوعية المعالجات القانونية والاجتهادات القضائية التي تراعي وتتوافق مع قضايا ومنازعات العصر المستحدثة، وكذلك مدى التزام القضاة بمعايير العدالة الواجب تطبيقها والمستندة الى تشريعات ملزمة واجبة الاحترام. ويظهر جليًا مدى أهمية تقييم المستوى الفني والعلمي للقضاة الذي يبقى حجر الزاوية في تطور وتقدم العدالة الناجزة والتي لا تتحقق إلا بقضاة يمتلكون أدوات علمية رصينة وخبرة عملية متجددة، تمكنهم من فهم النصوص القانونية بروح العصر، والاجتهاد في القضايا الحديثة والمعقدة، وصياغة أحكام واضحة جلية ومعللة تعليلاً يطمئن لها من المتقاضين وهي الاحكام التي تستند إلى أسباب سائغة ومقنعة ناتجة عن محاكمات عادلة نزيهة بإعمال وتطبيق التشريعات باستقلالية وإنصاف تضمن للمتقاضين عدالة الحكم ووضوحه وهو أمر أكدت عليه المحاكم العليا في بعض الدول العربية، بما قررته من أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يُطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد تبينت طلبات الخصوم في الدعوى وفحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وأن تبين في أسبابها الحقيقة التي تثبتت منها وأسست قضاءها عليها. لا يقف تطوير العمل القضائي عند الأحكام وحدها، بل يمتد ليشمل تحديث البنية والخدمات المقدمة للمتقاضين عبر استخدام الوسائل الرقمية، وتسهيل الوصول إلى المعلومات والأحكام والمبادئ والاجتهادات القضائية خاصة تلك الصادرة من المحاكم العليا العربية من نقض وتمييز وإبرام، وتهيئة بيئة قضائية تحترم وقت المتقاضين وحقوقهم. ويتعين التأكيد على ضرورة تعميق الاجتهاد القضائي الذي يبعث الحيوية في النصوص القانونية الجامدة ويجعلها قادرة على التفاعل مع المستجدات ذلك أن القاضي ليس مجرد حارس للنصوص بل هو صانع للعدالة يوازن بين حرفية النص القانوني وروح العدالة في التطبيق. إن بداية السنة القضائية الجديدة هي فرصة سنوية متجددة تدعو القضاة والمحامين والباحثين والإداريين في كافة الأنظمة القضائية العربية للعمل معًا من أجل رفع جودة العمل القضائي العربي وتعزيز ثقة المجتمعات العربية في القضاء العربي على وجه العموم، وبناء منظومة قضائية رائدة تستجيب لتحديات العصر. ومن نافلة القول فإن تجديد العهد مع العدالة في هذه المناسبة القضائية السنوية تعد مسؤولية سماوية (دينية) وينظر إليها كواجب ديني ووصية سماوية تهدف إلى تحقيق الحق والإنصاف بين الناس «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ..َ (90)» ويكفي العدل شرفًا أن يمتدح به الله نفسه «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ... (40)» وهي مسؤولية إنسانية (أخلاقية) ومهنية تلزم الجميع بأن يكون العام القضائي الجديد والأعوام القادمة أعوامًا للإنجاز والاجتهاد والإبداع القضائي، ليبقى القضاء العربي منارة للعدل وركيزة للاستقرار وحصنًا يحفظ الحقوق والحريات للأجيال الحاضرة والقادمة.
237
| 08 سبتمبر 2025
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تشير الإحصائيات الصادرة من الجهات الرسمية إلى أن معدلات تسجيل المركبات الخاصة (خصوصي) تزيد شهراً بعد آخر، وأن تراخيص السائقين في ازدياد بنسب تفوق 16% عن الشهر الذي يسبقه، وتسجيل المركبات للاستعمالات الأخرى في ازدياد أيضاً، ويقال إن أكثر من خمسمائة مركبة جديدة من جميع الأنواع تنزل إلى شوارع الدولة يومياً، أي بمعدل يزيد عن خمس عشرة ألف مركبة شهرياً، ليكون العدد السنوي بما يفوق مائة وثمانين ألف مركبة سنوياً على أقل تقدير، في الوقت الذي أصيبت فيه شرايين (شوارع) قلب مدينة الدوحة بالإنسداد والتجلط في بعض الأماكن، ولم يعد علاجها بالقسطرة ناجعاً، إذ الأمر يحتاج إلى تغيير كامل لشرايين قلب المدينة وعمل صمامات ودعائم وجسور وأنفاق ومواقف وأجهزة حديثة لتسهيل تدفق مئات الآلاف من المركبات الخفيفة والثقيلة والآليات والحافلات والشاحنات عبر شوارع مدينة الدوحة المتعبة، والتي أثقلنا عليها وحملناها بما يفوق طاقتها الاستيعابية التي صممت من أجلها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وبلغ عدد السيارات في قطر عام 2013 أكثر من مليون سيارة، في حين أن عدد السيارات عام 2005 لم يكن يتجاوز الـ 250 ألف سيارة، ما يعني تضاعف عدد السيارات 3 مرات خلال ثماني سنوات. أصبح الجميع في الدولة يملكون سيارات، من المواطنين والمقيمين، ولدى معظم البالغين ذكوراً وإناثاً رخص قيادة، والشوارع غير مؤهلة لاستيعاب هذا العدد من السيارات. هذه هي المعضلة التي يجب أن توجه الجهود إلى معالجتها. نزول آلاف المركبات الجديدة إلى الشوارع شهرياً وهي غير قادرة على استيعاب هذا العدد الهائل من السيارات والمركبات التي يرخص لها، ومن البديهي أن الحل يجب أن ينصب على إما التقليل من الترخيص للسيارات الجديدة أو العمل على توسعة الطرقات، والأمر الأخير يكاد يكون شبه مستحيل بالنسبة للشوارع، إذ إنه بالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على تملك الكثير من العقارات للمنفعة العامة داخل المدينة، إلا أن الطرق لم تحظَ بالاهتمام لتوسعتها، إذ بقيت على سعتها وحالتها، ومن العسير الآن توسعتها. وطريق الكورنيش استنفد كافة أعمال التطوير والتوسعة، ووصلت قدرته الاستيعابية إلى أقصى الحدود، دون أن ينعكس ذلك على انسياب ومرونة حركة السير بوجه عام. صفوة القول أن لب المشكلة التي تعاني منها الشوارع ناتجة عن عدم قدرتها على استيعاب هذا العدد الهائل من السيارات والمركبات التي يرخص لها يومياً بالنزول إلى حلبة مزدحمة بمستعملي الطرق، دون أن يقابل هذا العدد أي تغيير جذري على الطرقات والميادين في قلب مدينة الدوحة. إن الترخيص لآلاف المركبات الجديدة أسبوعياً ونزولها إلى الشوارع دون ضوابط ودون الالتفات إلى القدرة الاستيعابية للطرق مؤداه ونتيجته المنطقية بلا جدال مزيداً من الازدحام والتكدس والفوضى والاختناقات المرورية في جميع الطرقات. والمعلوم أن جميع شوارع وسط المدينة صممت وخططت منذ ما يزيد على الخمسين عاماً ولازالت هذه الطرقات هي التي تتحمل ما نسبته أكثر من 80% من حركة السير في العاصمة؛ لأنها هي التي تصل مناطق شمال العاصمة بجنوبها وشمالها وشرقها بغربها والعكس. والحقيقة التي يجب بيانها أنه بالرغم مما أنفق من مئات الملايين من الريالات على الطرق طيلة السنوات الماضية، إلا أن الطرق العامة والميادين الرئيسية في العاصمة بقيت على حالها مع إجراء بعض التغييرات مثل ضم بعض الأرصفة إلى نهر الطريق أو تحويل واستبدال الدوارات بإشارات مرور أو تركيب إشارات ضوئية على بعض الدوارات، وهي حلول وقتية ومسكنات مهدئة دون وضع خطة متكاملة لاعادة تخطيط هذه الطرق واخضاعها لعمليات تغيير جذرية بحيث يؤدي كل طريق دوره في استيعاب الحركة المرورية بشكل انسيابي ومتكامل لتحقيق دورة مرورية كاملة دون عوائق. كل ذلك أدى إلى أن أصبح مركز المدينة يفتقد إلى وجود شوارع وطرق حديثة ذات تصاميم هندسية عالمية يراعى فيها الاتساع وعوامل السلامة والتقاطعات الانسيابية من جسور وأنفاق وأجهزة حديثة للمراقبة والإرشاد، ومواقف للسيارات متعددة الطوابق في الأسواق العامة وغيرها. إن عمليات الترقيع الوقتية للشوارع طيلة السنوات الماضية والغير مخطط لها أفرزت شوارع وطرقات مشوهة من ناحية استخداماتها واستيعابها لحركة المرور وكذلك من النواحي الجمالية، ونضرب مثالاً لذلك ما يحصل الآن في تقاطع رمادا من تعديلات وضم أرصفة من جميع نواحي التقاطع إلى نهر الشارع، وأجزم أن هذه التعديلات ليس لها أي ارتباط بخطة مرورية مدروسة، ومن اقترح هذه التعديلات كانت نظرته سطحية لا تعالج الأزمة الحقيقية التي يعاني منها هذا التقاطع وأهميته في حركة المرور بشكل عام. هذا التقاطع – أقصد تقاطع رمادا – منذ أن كان تصميمه دواراً تزداد أهميته يوماً بعد يوم وتزيد عليه الكثافة المرورية وتتكدس على مداخله آلاف السيارات طيلة اليوم؛ لأنه يقع وسط أكثر الشوارع أهمية، طريق الدائري الثالث جنوباً وشارع الشيخ سحيم بن حمد شمالاً وشارع سلوى غرباً وشارع مشيرب جنوباً، ووقوع هذا التقاطع بين هذه الاتجاهات الأربع يفرض بكل بساطة أن يكون تصميمه الهندسي من الجسور والأنفاق وليس الإشارات الضوئية التي لن تقدر ولن تقوى على تحمل الكثافة المرورية وتوزيعها إلى الاتجاهات الخارجة منه والقادمة إليه. الجميع يعاني الكثير من إغلاقات الشوارع والتحويلات والحفر، على أمل أن يروا طرقاً وشوارع ومواقف وجسورا وأنفاقا تسهل لهم التنقل والانتقال عبر طرق وشوارع آمنة وسهلة دون أزمات أو اختناقات، إلا أنه يبدو أن هذه المعاناة لن تنتهي سريعاً، إذ زادت معاناتهم وأصبح التنقل من المنزل إلى العمل أو العكس كابوساً ويتحتم على كل سائق قبل أن يشرع في قيادة سيارته أن يضع مخططاً لطريق سيره للوصول إلى مقصده، ومع ذلك يفاجأ بأن خطته أجهضت بسبب غلق مفاجئ للطريق أو حادث مروري أو تحويل السير من طريق إلى آخر من قِبل أحد رجال المرور، عندها يتحدث مع نفسه ليتني سلكت الطريق الآخر، وتستمر المعاناة. وتكمن خطورة الاختناقات المرورية فيما حذرت منه مصادر طبية من ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والربو والحساسية والتلوث الناتج عن عوادم السيارات، والأمراض العصبية والنفسية، إضافةً إلى الخسائر الاقتصادية التي تصيب الدولة والأفراد من ضياع الوقت وساعات العمل وزيادة استهلاك الوقود، وارتفاع حرارة الجو. وضريبة الازدحام المروري في الشوارع باهظة، وليس أدل على ذلك من تأثيره على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد لقلة الزيارات بين الأقارب وحضور حفلات الزفاف وتقديم العزاء. خلاصة القول أن هذا الاختناق المروري له آثار سلبية على البيئة والمجتمع وصحة الناس، إذ يسلب الاختناق المروري وقتهم وأموالهم وصحتهم وأعمارهم.ولكن ما هي الحلول لمشكلة المرور التي نعايشها؟ بدايةً لا أتفق مع القائلين أن مشكلة الازدحام المروري مشكلة عامة تعاني منها معظم الدول، وببساطة أقول إن هناك دولا ومدنا يعيش فيها الملايين من البشر، وترى الحركة المرورية في شوارعها انسيابية ومنظمة ويصل الناس إلى أعمالهم ومنازلهم بهدوء. ويفترض في مدينة أو عاصمة بحجم مدينة الدوحة أن لا تكون لدينا أزمات مرورية خانقة طبقاً لما نعايشه يومياً، وأن لا يكون في الشوارع هذا العدد الكبير من السيارات، وألا تكون لدينا هذه الطوابير من اصطفاف السيارات الممتدة لمسافة قد تصل إلى كيلومتر واحد أو أكثر خلف إشارة ضوئية أو تقاطع، وألا تستطيع سيارة مطافئ أو إسعاف الوصول إلى مكان الحريق لإطفائه أو إسعاف مريض إلا بصعوبة. لقد تضافرت عدة عوامل وأسباب فأوجدت ما نعانيه من مشكلة الاختناقات المرورية، أهمها انعدام التخطيط العام للطرق في الدولة، وغياب علم هندسة المرور الذي يختص بإجراء دراسات المرور والسلامة المرورية والنقل العام ودراسة الجدوى من إنشاء الطرق والدراسات المرورية التشغيلية للحفاظ على مستوى الخدمة المقبول، وهناك الكثير من الواقع الذي يدلل على غياب التخطيط العام للطرق، ومنه ما ألمحنا إليه عن تقاطع رمادا. أما السبب الثاني والمهم أيضاً فهو زيادة عدد السيارات والمركبات التي تسير في الطرقات، مقارنةً بمساحات الشوارع وحجم استيعابها، لاسيما في قلب مدينة الدوحة، والطرق الحيوية والتجارية التي لا تقوى على استيعاب هذا الكم الهائل من الشاحنات ومركبات النقل الثقيلة والسيارات الخاصة وغيرها. من هنا بات من الضروري وضع ضوابط وأحكام بالنسبة لاقتناء المركبات الخاصة، والسبب الثالث هو حداثة النقل العام ومحدودية خطوطه وقلة الحافلات العاملة على خطوط رئيسية وطول انتظار الحافلات الذي يفصل بين وصول الحافلة إلى المحطة والحافلة الأخرى، والذي قد يطول لأكثر من نصف ساعة وأكثر، مما دفع بالكثير من الوافدين ذوي الدخول المحدودة إلى تفضيل اقتناء السيارات الخاصة المستعملة ذات الأسعار الرخيصة، مما يزيد مشكلات المرور والضغط على الطرق والشوارع، والمعلوم أن من أخص إيجابيات توفير النقل العام في جميع الدول – ومنها الدول المتقدمة – استغناء الأفراد عن استعمال السيارات الخاصة والاعتماد على الحافلات العامة التي تحمل الواحدة منها عشرات الركاب الذين سوف يستغنون عن استعمال عشرات السيارات الخاصة، بما يخفف الضغط على الشوارع. من هنا، كانت الجهود المتواصلة التي تقوم بها العواصم الكبيرة الغنية والفقيرة فيها بتوفير أحدث وسائل النقل المختلفة للأفراد ولكافة طبقاتهم وعلى مدار الساعة، وحثهم على استعمال المواصلات العام بدلاً من السيارات الخاصة. صفوة القول، أن عوامل الاختناقات المرورية في الشوارع باتت معروفة ومعلومة وهي ليست بالمعضلة التي لا يمكن حلها، بل إن حلها ممكن، إذ لا توجد مشكلة دون حل، والأمر يحتاج إلى تضافر جهود الجميع من أفراد وهيئات ومؤسسات وجهات أخرى، وإصدار قرارات ولوائح تضع في اعتبارها التقليل من حركة السيارات في الشوارع ما أمكن. ذلك أن المراقب لحركة السير يرى أن معظم الشوارع الحيوية مكتظة طيلة اليوم، ولم يعد الزحام المروري مقصوراً على وقت معين محدد، بل إنه يمتد إلى أوقات طويلة من اليوم، ولم يعد الزحام مرتبطاً بأوقات وساعات ذروة محددة كما كان عليه الأمر في السنوات السابقة. وفي اعتقادي أن سبب ذلك يعود إلى عدم وجود تنسيق بين الجهات المختلفة في الدولة وترك أمور وحاجات ومتطلبات المواطنين وتقديم الخدمات لهم دون تنظيم، وتأييداً لذلك أتساءل لماذا يطلب من معلمة قطرية تسكن في منطقة الدفنة أن تعمل في مدرسة في أم صلال؟ ومن تسكن في أم صلال تعطى عملاً في منطقة مسيمير، وهكذا تمتلئ الشوارع بالسيارات، فمن يسكن بالجنوب يعطى عملاً في الشمال، ومن يقطن في الشرق يعمل في الغرب، والعكس. وحال الطلاب كذلك والعاملين في الوزارات الذين يقطعون عشرات الكيلومترات ذهاباً واياباً من مساكنهم إلى مقار أعمالهم بما يحدث فوضى مرورية وزحاما يمكن معالجته لو أن الإدارات المعنية أصدرت قرارات ووضعت ضوابط لقبول الطلاب في مدارس بالقرب من مساكنهم، والمدرسين والمدرسات يعملون في الأحياء التي يسكنون فيها، وهذا الأمر كان معمولاً به في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، إلا أنه للأسف الشديد تم إهماله في السنوات الأخيرة، ومن نتائجه الوخيمة أن أصبح المواطن يقضي معظم ساعات يومه في الشوارع. وأخيراً، إن مشكلة الاختناقات المرورية لن تحل بالوعود والأماني والصبر، بل تحتاج إلى عمل دؤوب وتنسيق، من وبين جميع الجهات المختصة، وإلا فإن الأمر سوف يزداد سوءاً.
6616
| 12 يناير 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); المقصود بالأجنبي هو كل فرد يوجد في دولة لا يكون من رعاياها، والأجنبي هو كل فرد لا تتوافر فيه الشروط اللازمة للتمتع بجنسية الدولة.وفقاً لقانون الجنسية القطرية فإن الأجنبي هو كل من لا يتمتع بالجنسية القطرية، وينقسم سكان أي دولة حديثة إلى طائفتين الأولى تضم الأفراد الذين تربطهم بالدولة رابطة قانونية وسياسية يعبر عنها بالجنسية، وهؤلاء هم المواطنون، والطائفة الثانية تضم مجموعة الأفراد الذين يتواجدون على إقليم الدولة بقصد الإقامة المؤقتة التي قد تمتد مددا طويلة دون أن يكتسبوا جنسية هذه الدولة، ولكنهم فقط يقيمون ويتواجدون على إقليمها ابتغاء العمل في المصالح العامة أو المؤسسات الخاصة التجارية والصناعية أو مباشرة مهن حرة، ويدخل ضمن هذه الطائفة الأفراد الذين يوجدون على إقليم الدولة بقصد الإقامة العابرة مثل السياح والزائرين لفترات قصيرة، وهؤلاء هم الأجانب سواء أكانوا من الأفراد أو من الأشخاص المعنوية مثل الشركات والمكاتب الدولية والبنوك الأجنبية وغيرها. من هنا فإن سكان الدولة يتكونون من شعبها والذين يطلق عليهم وصف رعايا الدولة أو الوطنيين والذين يرتبطون بها برابطة الولاء، وكذلك من أشخاص آخرين لا ينتسبون إلى الدولة ولا تربطهم بها سوى رابطة الإقامة على هذا الإقليم، وهم من يطلق عليهم وصف الأجانب أو الوافدين. وتقسيم السكان إلى وطنيين وأجانب له أهميته البالغة من ناحية مدى الحقوق التي يتمتع بها كل من الوطني والأجنبي على إقليم الدولة والأعباء التي تفرض عليه، فممارسة الحقوق السياسية محظور على الأجانب، إذ تقصر الدول عامة هذه الحقوق على الوطنيين باعتبارها تنطوي على المشاركة في حكم الجماعة الوطنية ومن ثم تتصل بكيان الدولة السياسي، وقد قصرت معظم التشريعات حق الانتخاب والترشيح على الوطنيين، كما قصرت تولي الوظائف العامة على الوطنيين، إذ لا يجوز بصفة عامة في غالبية التشريعات العربية والمقارنة تولي الوظائف العامة مدنية كانت أو عسكرية إلى أجنبي إلا في أحوال استثنائية إذا ثبت أنه لا يوجد مواطن يستطيع القيام بتولي هذه الوظيفة، إذ الأولوية دائماً بالنسبة لتقلد الوظائف العامة للوطنيين، أو في حالة ما إذا ثبت أن الوظيفة تتطلب مؤهلات علمية أو عملية خاصة لا تتوافر في الوطنيين، كما أن احتراف بعض المهن لا يسمح به للأجانب أو يحاط بالنسبة لهم ببعض القيود، وتملك العقارات قد يقصر على رعايا الدولة ويحرم منه الأجانب وفقاً لضوابط معينة. من هنا فإن من حق جميع الدول بصفة عامة ألا تسمح للأجانب الوافدين إلى الدولة بالإقامة على أراضيها سوى لمدة معينة يتوقف تحديدها على سلطة الدولة التقديرية ومن حقها أن تحرم الأجانب من ممارسة نواح معينة من النشاط الاقتصادي والمهني. وبالطبع فإن الدول لم تغفل مدى حاجتها في عصرنا الحالي – عصر العولمة- إلى اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية لتدعيم اقتصادياتها الوطنية فعمدت إلى تيسير دخول رؤوس الأموال الأجنبية ، وعقد الاتفاقيات الدولية لتلافي الازدواج الضريبي الذي قد يحد من انتقال رؤوس الأموال الأجنبية إلى الدولة وهذا ما سارت على نهجه دولة قطر إذ صدر القانون رقم (13) لسنة 2000 بتنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي. لقد فرض التعاون الاقتصادي الواسع بين جميع الدول، واطراد التجارة الدولية وتعدد وسائل الاتصال الحديثة ضرورة تدفق رؤوس الأموال، وبالتالي حرية الأفراد بالتنقل بين جميع قارات الأرض بما فرض على جميع الدول تيسير دخول الأجانب وخروجهم وتنقلهم. ومن المتفق عليه أنه من الطبيعي أن يتميز رعايا كل دولة في دولتهم عن الأجانب فهم فضلاً عن كونهم عنصر دولتهم الأول يتحملون في سبيلها من الأعباء ما لا يتحمله الأجانب فإنهم الملتزمون دائماً بالمحافظة على كيانها وسلامتها والعمل على تقدمها ورفاهيتها وولاؤهم يفرض عليهم تلبية كل نداء للدفاع عنها ومن بينهم وحدهم تجند الدولة القوات اللازمة لهذا الدفاع، ذلك أن تكليف الأجنبي ببذل دمائه في سبيل الدولة التي يقيم فيها يتنافى مع انتمائه إلى دولة أجنبية ويتعارض مع رابطة الولاء التي تربط بينه وبين الدولة التي يتمتع بجنسيتها. والقاعدة العامة هي أن حقوق الوطني تجاوز كثيراً الحقوق التي يلزم الاعتراف بها للأجنبي من جانب الدولة التي يقيم على إقليمها، ولا اعتراض على ذلك في القانون الدولي العام.والأصل أن علاقة كل دولة بالأفراد المقيمين في إقليمها سواء كانوا من رعاياها أو من الأجانب تخضع لقانون الدولة الوطني، على اعتبار أن تنظيم هذه العلاقة وما يتصل بها من حقوق وواجبات مظهر من مظاهر السيادة التي تنفرد بها كل دولة على إقليمها، وأكد الدستور القطري على وجوب احترام الدستور والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة، والالتزام بالنظام العام والآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية، والأعراف المستقرة، واجب على جميع من يسكن دولة قطر أو يحل بإقليمها (المادة 57)، ذلك أن القوانين وضعت لكي يصدع الناس بأحكامها ويمتثلون لأوامرها وهم إن لم يفعلوا ذلك طوعاً، فعلوه جبراً بواسطة السلطة التي تملكها الدولة ... والنظام العام والآداب العامة والأعراف المستقرة والتقاليد المرعية كلها تكون جزءاً من النسيج الوطني والاجتماعي، وتكون منظومة يتعين مراعاتها والحرص عليها من كل مواطن قطري، ومن كل من يعيش على أرض قطر، حتى ولو لم يكن من مواطنيها، بل إن العابرين المارين العارضين هم أيضاً يلتزمون بكل ما تقدم. صفوة القول أنه على الأجانب الوافدين ضرورة مراعاة القوانين النافذة في الدولة التي يقيمون أو يوجدون فيها ويحترمون عادات وتقاليد شعب هذه الدولة. وبالنظر إلى تطور العلاقات والاتجاهات الدولية بالاهتمام الواسع بمبادئ حقوق الإنسان، وتنمية العلاقات الودية بين شعوب الأمم المتحدة أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان المتعلق بحقوق الأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه وقد أكد هذا الإعلان على أحقية الدولة في إصدار قوانين وأنظمة تتعلق بدخول الأجانب وأحكام وشروط إقامتهم، وحقها في وضع تفرقة بين المواطنين رعايا الدولة وغيرهم من الأجانب، على أن تكون هذه القوانين والأنظمة متفقة مع الالتزامات القانونية الدولية لهذه الدولة بما في ذلك التزاماتها في مجال حقوق الإنسان. كما أن هذا الإعلان الموافق عليه من الجمعية العامة لا يمس بالحقوق التي يمنحها القانون المحلي وبالحقوق التي تلزم دولة ما بمنحها للأجانب حتى ولو كان هذا الإعلان لا يعترف بتلك الحقوق أو يعترف بها بدرجة أقل. وأوجبت المادة الرابعة من هذا الإعلان على الأجانب المقيمين في دولة غير دولتهم ضرورة مراعاة القوانين النافذة في الدولة التي يقيمون أو يوجدون فيها ويحترمون عادات وتقاليد شعب هذه الدولة. ووفقاً لهذا الإعلان فإن الحقوق التي يتمتع بها الأجانب على وجه الخصوص هي الحق في الحياة، والأمن الشخصي، وألا يتعرض أي أجنبي للاعتقال أو الاحتجاز على نحو تعسفي، ولا يحرم أي أجنبي من حريته إلا بناء على الأسباب المحددة في القانون، ووفقاً للإجراءات الواردة فيه، ويتمتعون أيضاً بالحق في الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصيات أو العائلة أو السكن أو المراسلات وأيضاً الحق في المساواة أمام المحاكم بأنواعها وأمام سائر الهيئات والسلطات المختصة بإقامة العدل، والحق عند الضرورة في الاستعانة مجاناً بمترجم شفوي في الإجراءات القضائية والإجراءات الأخرى التي ينص عليها القانون وللأجانب الحق في حرية الرأي والفكر والضمير والدين ولا يخضع الحق في الجهر بدينهم أو معتقداتهم إلا للقيود التي ينص عليها القانون والتي تكون ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، والحق في الاحتفاظ بلغتهم وثقافتهم وتقاليدهم، ولهم الحق في تحويل المكاسب والمدخرات أو غيرها من الأصول النقدية الشخصية إلى الخارج، مع مراعاة أنظمة النقد المحلية. وفي رأينا أن جميع الدول أصبحت ملزمة في عصرنا الحالي والذي يعتبر بحق عصر حقوق الإنسان والحريات الأساسية بلا تمييز بين بني البشر واحترام هذه الحقوق وعلى هذه الدول بوصفها عضواً في الإنسانية أن تعترف للأجانب المقيمين على أراضيها بحق ممارسة الحقوق والحريات الخاصة التي يتطلبها كيانهم الإنساني وكفالة حريتهم الفردية وأمنهم الشخصي وأن تكفل للأجنبي حرية العقيدة والحق في ممارسة الشعائر كل ذلك في الحدود التي لا تتنافى مع النظام العام في الدولة المضيفة.وقد أكد الدستور القطري في المادة 35 على أن جميع المقيمين على إقليم الدولة متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين . وقد ساوى الدستور القطري بين الناس جميعاً في الحرية الشخصية وفي الكرامة الإنسانية وفي عدم جواز القبض عليهم أو حبسهم أو تفتيشهم أو غير ذلك من مقيدات الحرية إلا وفق أحكام القانون. حق الدولة في إبعاد الأجنبي: الإبعاد هو تكليف الشخص بمغادرة الإقليم أو إخراجه منه بغير رضاه. ويستند حق الدولة في ذلك إلى حقها في حفظ أمنها وكيانها وصيانة النفس. والدولة مثلما من حقها أن تمنع أي شخص من دخول أراضيها لها كذلك أن تبعد أي أجنبي يكون في وجوده خطر عليها. والإبعاد عن الدولة لا يتناول إلا الأجانب، أما المواطنون فلا يجوز إبعادهم، وهذا ما قرره الدستور القطري في المادة (38) من أنه ( لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها. ) ويتعين في حالة ما إذا قررت الدولة إبعاد أي أجنبي ألا تتعسف في هذا وتراعي حسن النية في تطبيق الإجراء. والإبعاد لا يعتبر عقوبة وإنما هو إجراء من إجراءات الأمن الهدف منه بالدرجة الأولى دفع ضرر الأجنبي الذي يعتبر بقاؤه في الدولة خطراً على سلامتها أو أمنها. ويصدر أمر الإبعاد من وزير الداخلية، إذ إنه وفقاً لنص المادة 37 من القانون رقم (4) لسنة 2009 بتنظيم دخول وخروج الوافدين، للوزير أن يصدر أمراً بترحيل أي وافد يثبت أن في وجوده في الدولة ما يهدد أمنها أو سلامتها في الداخل أو الخارج أو يضر بالاقتصاد الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وقد تضمن قانون العقوبات القطري في المادة ( 65 ) عقوبة إبعاد الأجنبي من البلاد في حالة ارتكابه جناية أو جنحة طبقاً لقانون العقوبات إذ نصت المادة (77) على أنه مع عدم الإخلال بحق الجهات الإدارية المختصة في إبعاد أي أجنبي وفقاً للقانون، يجوز للمحكمة إذا حكمت على الأجنبي بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة، أن تحكم بإبعاده عن الدولة بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة. فإذا كان الحكم بعقوبة على الوجه المبين في الفقرة السابقة صادراً في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وجب على المحكمة أن تحكم بإبعاد الأجنبي عن الدولة بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة أو سقوطها. ويجوز أيضاً للمحكمة في مواد الجنح أن تحكم بإبعاد الأجنبي عن البلاد بدلاً من الحكم عليه بالعقوبة المقررة للجنحة. ويجوز لوزير الداخلية عند الضرورة توقيف الوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بترحيله من البلاد لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة. ويجوز للوزير أن يفرض على الوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بترحيله وتعذر تنفيذه، الإقامة في جهة معينة لمدة أسبوعين قابلة للتجديد بدلاً من توقيفه لمدة أو مدد أخرى مماثلة. وعلى الوافد أن يتقدم إلى الإدارة الأمنية التي تقع هذه الجهة في دائرتها في المواعيد التي يحددها الأمر الصادر في هذا الشأن، وذلك إلى حين إبعاده وترحيله. ولا يجوز للوافد الذي صدر حكم قضائي بإبعاده أو أمر بخروجه أو ترحيله، العودة إلى الدولة إلا بقرار من الوزير. ويغادر الوافد الدولة إذا لم يحصل على ترخيص بالإقامة أو إذا انتهى هذا الترخيص، ويجوز له العودة إذا توافرت فيه الشروط اللازمة للدخول، وفقاً لأحكام هذا القانون. ويجوز للوزير أو من ينيبه، أن يمنح الوافد الذي صدر أمر بترحيله أو خروجه، وله مصلحة في الدولة تقتضي وقتاً لتصفيتها، مهلة لا تجاوز تسعين يوماً قابلة للتجديد بشرط تقديم كفالة مقبولة. نخلص من جميع ما سبق إلى أنه إذا سمحت الدولة للأجنبي بالدخول إلى إقليمها فإنه يتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الفرد في علاقته بالجماعة التي يعيش فيها وهذه الحقوق تتفرع عن وجوب احترام كيان الفرد الإنساني كما تقوم على ضرورة توفير الأسباب اللازمة لمعيشته بإقليم الدولة على النحو الذي سبق بيانه. وبالمقابل فإن الدولة تملك بما لها من حق في سلامتها وأمنها أن تضع على حقوق الأجنبي في هذا الصدد كافة القيود اللازمة لحماية كيانها السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
11398
| 21 أبريل 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في الآونة الأخيرة زادت مطالب بعض الجهات الدولية بإلغاء نظام كفالة الأجانب المعمول به في بعض دول الخليج ودولة قطر باعتبار أن هذا النظام يعمل على ربط شرعية إقامة العامل الوافد بصاحب العمل أو(الكفيل) بما لا يمكن للعامل الوافد تغيير عمله أو وظيفته دون موافقة كفيله إلا في حالات استثنائية وبإذن صريح من الجهة المختصة وأنه لكي يستطيع العامل الوافد المغادرة يتعين عليه الحصول على تأشيرة خروج من كفيله.ولكي نبحث موضوع نظام الكفالة بتعمق أكثر نقرر منذ البداية أن نظام كفيل الإقامة المعمول به في التشريع القطري وفقاً للقانون رقم 4 لسنة 2009 يستمد نشأته وتقريره وتطبيقه من ضرورات واقعية، أمنية واجتماعية واقتصادية تعطي للدولة حقاً كاملاً في صيانة أمنها وكيانها وهويتها، وهو حق معترف به لجميع الدول وفقاً لمبادئ القانون الدولي والمعاهدات الدولية.ونظام الكفالة يعد إجراءً إدارياً قصد به تنظيم وضبط مركز الوافد فيما يتعلق بإقامته في الدولة في إطار التدابير والإجراءات والضمانات القانونية التي تهدف في الأساس لممارسة الدولة لحقوقها المشروعة في فرض سلطانها وهيمنتها من أجل حماية المجتمع القطري وكيانه من أي خطر قد يتعرض له، لاسيما مع وجود هذا الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين التي تجاوزت 85% من المواطنين القطريين.إذن من حق الدولة التي يقيم على أرضها ما يجاوز 85% مقيم أجنبي غير قطري، أن تضع قيوداً لحماية أمنها واستقرارها، كما أنه من حق صاحب العمل في هذه الدولة أن يشعر بالأمان، ومن حق الوافد الأجنبي أيضاً أن يعيش حياة كريمة وأن يتمتع بكافة الضمانات والحقوق التي تحفظ له كرامته وحقوقه.من هنا وفي ضوء هذه المعادلة لا يمكن القبول بأي إملاءات أو إجراءات تُفرض من الغير على أي دولة فيما يمس أمنها واستقرارها الاجتماعي والديموغرافي بل إن الدولة المعنية هي القادرة على إصدار التشريعات اللازمة التي ترى فيها ملاذ حمايتها وحماية مواطنيها، وبالتالي فإن المناداة بإلغاء نظام كفالة الوافدين والذي يعتبر – في اعتقادنا – صمام أمن واستقرار الدولة والمجتمع القطري، هذه المناداة تستحق الدراسة، ذلك أن نظام الكفالة أثبت فاعليته وجدواه طيلة العقود الماضية واستطاعت الدولة التحكم والسيطرة على قطاع العمالة الوافدة بما انعكس إيجاباً على الدولة والكفلاء والمكفولين ووفر الطمأنينة والاستقرار لأصحاب الأعمال وللعاملين المكفولين على حدٍّ سواء، ولا يقدح في كل ذلك حدوث بعض السلبيات وتلاعب بعض أصحاب النفوس الضعيفة بمخرجات هذا النظام واستغلاله لمصالحهم الخاصة. وقد تكفلت التشريعات المعمول بها حالياً في الدولة بمعاقبة الكفيل في حالة ما إذا شكل فعله هذا مخالفة أو جريمة أو ذنبا سواء من الناحية الجنائية أو المدنية، ويستطيع المكفول أيا كانت صفته أن يقاضي كفيله أمام الجهات المختصة.صفوة القول أن المشرع القطري عندما أوجب على كل وافد أجنبي يريد الإقامة في البلاد، أن يكون له كفيل قطري إنما قصد من ذلك تنظيم وضبط مركز الأجنبي فيما يتعلق بإقامته في الدولة ضمن الأطر التي تهدف في الأساس إلى ممارسة الدولة لحقوقها المشروعة في فرض سيادتها وسلطتها من أجل حماية المجتمع القطري ولم تقصد من هذا الإجراء الإساءة إلى العامل الوافد أو الانتقاص من حقوقه أو كرامته لأنه مع غياب الضوابط والشروط التي تحدد إقامة الأجانب في الدولة ومنها أن يكون لكل أجنبي كفيل إقامة قطري، سوف تعم الفوضى والاضطراب مما سوف تبرز معه العديد من المشكلات سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي بما يزعزع الاستقرار في المجتمع القطري. ونؤكد على أن النقد الموجه إلى نظام الكفالة نابع في حقيقة الأمر من عدم إدراك وأهمية هذا الإجراء للمجتمع القطري وخصوصيته فيما يتعلق بالتركيبة السكانية.قلنا إن بعض ضعاف النفوس من الكفلاء القطريين حولوا نظام الكفالة المعمول به إلى أداة لاستغلال مكفوليهم من العمالة الوافدة عندما يرفض الكفيل إعطاء المكفول موافقة بنقل كفالته إلى شخص آخر والسماح له بالعمل لدى الآخرين ويصر على مغادرة العامل إلى بلده رغم أن هناك فرصة لكي يعمل هذا العامل في الدولة. والثابت أن المخالفين من الكفلاء القطريين لنظام الكفالة هم قلة شاذة من المواطنين العاديين وأصحاب المؤسسات الصغيرة والشركات الوهمية أما غالبية الكفلاء سواء من الجهات الحكومية أو المؤسسات والشركات والأفراد فهم يعاملون المكفولين المعاملة الإنسانية اللائقة ويعطونهم حقوقهم المالية والمعنوية كاملةً.والواقع أن القانون رقم 4 لسنة 2009 بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم والذي تضمن في الباب الرابع منه المواد التي تنظم كفالة الوافدين اشتمل على عدة إيجابيات خففت الكثير من القيود التي قد يفرضها الكفلاء على المكفولين وهي على النحو الآتي:أولاً: بموجب المادة (43) من القانون يجوز لوزير الداخلية إصدار سمات ومنح تراخيص إقامة بدون كفيل للفئات التالية:1- المستثمرون الخاضعون لأحكام القانون رقم (13) لسنة 2000 بتنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي.2- المالكون والمنتفعون بالعقارات والوحدات السكنية وفقاً لأحكام القانون رقم (17) لسنة 2004 بتنظيم تملك وانتفاع غير القطريين بالعقارات والوحدات السكنية.3- أي فئات أخرى تحدد بقرار من مجلس الوزراء.مؤدى ما تقدم أن التشريع القطري سمح لطائفة من الوافدين بالإقامة في الدولة دون كفيل إقامة، كما خول القانون مجلس الوزراء ضم فئات أخرى من الوافدين وإعطاءها رخص إقامة في البلاد دون كفيل.ثانياً: سمح القانون بنقل كفالة العامل الوافد على أن يكون ذلك باتفاق كتابي بين صاحب العمل الجديد وصاحب العمل السابق للعامل بعد موافقة الجهة المختصة بوزارة العمل بالنسبة للفئات الخاضعة لأحكام قانون العمل.ثالثاً: واستحدث القانون حالة جديدة لنقل كفالة العامل، إذ أجاز لوزير الداخلية الموافقة على نقل كفالة العامل الوافد بصفة مؤقتة في حالة وجود دعاوى بين الكفيل والعامل الوافد، وللوزير أو من ينيبه الموافقة على نقل كفالة الوافد الذي لا يسري عليه قانون العمل مثل الموظفين والعاملين في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وخدم المنازل والمستخدمين في الأعمال العارضة إلى رب عمل آخر في حال ثبوت تعسف الكفيل أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. ويجوز للوزير أو من ينيبه بناءً على طلب العامل وموافقة وزارة العمل نقل كفالة العامل الذي يسري عليه قانون العمل إلى رب عمل آخر.مؤدى ذلك أن المشرع القطري أعطى لوزير الداخلية صلاحية نقل كفالة المكفول إلى صاحب عمل جديد دون موافقة كفيله في الأحوال السابقة.جميع ذلك يدل على أن المشرع القطري خطا خطوات متقدمة وأدخل تعديلات على نظام الكفالة المعمول به لصالح المكفولين الوافدين.ومن جهة أخرى فإن القانون عالج مأذونية خروج المكفول في المادة (18) إذ نصت المادة على أنه: "ولا يصرح للوافدين فيما عدا النساء اللاتي على كفالة رب الأسرة والقُصّر والزوار الذين لا تجاوز مدة زيارتهم للدولة ثلاثين يوماً بمغادرة البلاد بصفة مؤقتة أو نهائية إلا بعد تقديم إذن بالخروج من كفيل الإقامة".ويحل محل هذا الإذن، عند تعذر حصول الوافد عليه لامتناع كفيله من إعطائه له أو لوفاة الكفيل أو لغيابه مع عدم تعيينه وكيلاً عنه، تقديم كفيل خروج، أو شهادة بعدم وجود أحكام تحت التنفيذ أو دعاوى مطالبة ضد الوافد، تصدر من المحاكم المختصة بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان في صحيفتين يوميتين لمرة واحدة من تاريخ مغادرة الوافد للبلاد، وذلك وفقاً للإجراءات والضوابط التي يصدر بها قرار من الوزير.المستفاد من هذا النص أن المشرع القطري قرر ضرورة حصول المكفول قبل مغادرته البلاد على إذن خروج مكتوب من كفيله، ولا يستطيع المكفول مغادرة البلاد إلا بحصوله على هذا الإذن (مأذونية الخروج) إلا أنه بالمقابل وضع بدائل أخرى في حالة ما إذا امتنع الكفيل أو تعذر حصول المكفول على الإذن.والحقيقة أن البدائل التي أوردها المشرع في المادة (18) تحتاج إلى إعادة نظر لتمكين المكفول من الحصول على إذن الخروج بسرعة وحتى لا يكون عُرضةً لإجراءات طويلة ومعقدة تمنعه من السفر وطالما أن المشرع قرر الاستغناء عن موافقة الكفيل على مأذونية خروج مكفوله سواء لرفضه أو غيابه فإنه يتعين وضع آلية سريعة لتمكين المكفول من السفر فوراً.وفي اعتقادي الخاص أن إيجاد آلية سريعة لحصول المكفول على مأذونية خروج في حالة رفض الكفيل ذلك أمر تحتمه المصلحة العامة للدولة وهو إجراء من المهم تحقيقه بتخصيص جهة محددة بوزارة الداخلية تختص بإصدار مأذونيات خروج الوافدين فوراً وبعد التحقق من عدة بيانات للوقوف على أسباب امتناع الكفيل عن التوقيع على مأذونية خروج مكفوله.وفي جميع الأحوال إذا ما ثبت أن الكفيل قد تعسف أو تعمد عدم التوقيع على مأذونية خروج المكفول فلابد من مؤاخذته عن هذا التصرف.وتبقى نقطة أخيرة ومهمة يتعين علاجها وهي مسألة نقل كفالة العامل الوافد من كفيل لآخر.أوضحنا أن القانون الحالي لتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم اتخذ خطوات مهمة نحو إصلاح نظام الكفالة حين ذهب المشرع القطري في المادة (22) من القانون إلى السماح بنقل كفالة العامل الوافد وكذلك ما تضمنه القانون في المادة (12) من الموافقة على نقل كفالة العامل الوافد في حال ثبوت تعسف الكفيل أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.مؤدى ذلك أن المشرع القطري عمل على تخفيف القيود التي تحد من نقل الكفالة للعمال الوافدين لأسباب حددها القانون على النحو الذي أشرنا إليه سلفاً.وبالنظر إلى أن القانون أو التشريع الذي يحكم إقامة وتنقل الأجانب أو الوافدين أو المهاجرين في معظم الدول تحتاج قواعده إلى المراجعة الدائمة والتعديل والإضافة وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة للدولة، وهو من أكثر القوانين واللوائح التي من الضروري مراجعتها بين فترة وأخرى. وتعتبر هذه القوانين الأهم التي توفر الاستقرار والطمأنينة لكافة شرائح المقيمين في الدولة ومعرفة حقوقهم وواجباتهم والضمانات المقررة لهم وكذلك ما يتوجب عليهم الالتزام به لتأتي إقامتهم مشروعة ومتفقة مع التشريعات النافذة في الدولة.وأرى كخطوة أولى متقدمة ضرورة إصدار تعديل تشريعي يعطي المكفول الحق في نقل كفالته من كفيله إلى صاحب عمل آخر بعد انقضاء فترة يحددها المشرع القطري، بما يسمح للعامل بنقل كفالته بعد مرور تلك الفترة دون موافقة كفيله على أن تتولى وزارة الداخلية إصدار تلك الموافقة بعد تأكدها من عدم وجود موانع قانونية تمنع من ذلك على أن يسري هذا التعديل على جميع المكفولين الخاضعين لقانون العمل.
11699
| 14 أبريل 2014
مساحة إعلانية
ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان...
1686
| 11 سبتمبر 2025
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من...
1368
| 12 سبتمبر 2025
ما جرى بالأمس لم يكن حدثًا عابرًا، بل...
1362
| 10 سبتمبر 2025
لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة أول أمس،...
1320
| 11 سبتمبر 2025
في يوم الثلاثاء 2025/9/9 تعرضت دوحة الخير الى...
1233
| 12 سبتمبر 2025
إجماع عربي وعالمي على مكانة قطر في المجتمع...
1227
| 10 سبتمبر 2025
على رمالها وسواحلها الهادئة كهدوء أهلها الطيبين حيث...
1176
| 08 سبتمبر 2025
لا يمكن النظر إلى الضربة الإسرائيلية التي استهدفت...
1008
| 11 سبتمبر 2025
تم إنشاء فكرة الإسكان الحكومي للمواطنين بهدف الدعم...
861
| 07 سبتمبر 2025
شنت إسرائيل أمس الأول عدوانًا على عاصمة قطر،...
795
| 11 سبتمبر 2025
يحكي لي أحد الأصدقاء قصة حدثت لأحد أبنائه...
696
| 09 سبتمبر 2025
لأول مرة " إسرائيل " تجد نفسها معزولة...
642
| 13 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية