رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع مطلع شهر سبتمبر من كل عام، تبدأ في معظم الأنظمة القضائية العربية سنة قضائية جديدة، تعاود فيها المحاكم نشاطها في الأنظمة القضائية العربية بجميع درجاتها وأنواعها، ويباشر السادة قضاة المحاكم والمحامون والعاملون أعمالهم ويعود المتقاضون إلى قاعات المحاكم وردهاتها إيذانًا ببدء سنة قضائية جديدة، تتجدد فيها الآمال والطموحات لتكريس قضاء أكثر كفاءة وتجاوبًا مع مقتضيات العصر ومتطلباته المتطورة يومًا بعد يوم.
وتعد هذه المناسبة محطة مهمة لتقييم ما حققه القضاء في كل دولة عربية خلال السنة المنتهية، واستخلاص الدروس والعبر للإفادة منها بتطوير الأداء القضائي وتحسين مستوى خدماته التي يقدمها للجمهور.
جرى العمل لدى معظم الأنظمة القضائية العربية على أنه بعد تمام العطلة أو الإجازة القضائية والتي تستمر من بداية شهر يوليو وحتى شهر سبتمبر على بدء سنة قضائية جديدة بعودة القضاة من إجازاتهم السنوية، وتعود المحاكم إلى نشاطها العادي المكثف مع تجدد الحيوية داخلها من خلال إعادة هيكلة الدوائر، واصدار كشوف التنقلات والترقيات، وتوزيع المهام القضائية والإدارية.
ولا تعد هذه المناسبة مجرد إجراء إداري وإنما محطة لتقييم الأداء، وتصحيح المسار وتعزيز جودة العمل القضائي بإعادة تشكيل الدوائر القضائية، وتوزيع القضاة وفق تخصصهم وخبراتهم، ومعالجة النقص أو الفائض في بعض المحاكم، مع تكليف بعض القضاة بمهام إدارية أو رقابية بما يعزز ذلك من كفاءة الإدارة القضائية بهدف تحقيق الانسجام بين متطلبات العمل وكفاءة رجال القضاء لمواجهة التطور التشريعي والاجتماعي بمواكبة قضائية فعالة سواء بإنشاء دوائر متخصصة جديدة أو دمج أو إلغاء دوائر لم تعد الحاجة إليها ملحة.
وتهدف جميع تلك الإجراءات التي توضع موضع التطبيق لإتاحة الفرصة أمام المحاكم والقضاة لتحقيق ضمان سرعة الفصل في الدعاوى والمنازعات دون الإخلال بقواعد العدالة والمحاكمات المنصفة ذلك أن رسالة القضاء تملي عليه ألا يرضى تحت أي ظرف من الظروف أن يضحي باعتبارات عدالة الحكم، وأصالة الرأي في سبيل سرعة الإنجاز، لأن ذلك ما تأباه رسالته إيمانا بأنه لا خير في كثير غث، ولا في إنتاج لا تباركه الأناة، ولا يصحبه التريث، وإنما تصان الحرمات وترد الحقوق بالحكم الصائب، والرأي المتأني.
إن مراجعة المحاكم لأعمالها وتقييمها مع كل سنة قضائية جديدة وما قبلها من سنوات ليست مجرد نشاط روتيني أو إجراء شكلي، بل هي آلية حيوية يقاس بها مدى نجاعة وفاعلية الأداء القضائي وجودة الأحكام والقرارات الصادرة عنه في حماية الحقوق والحريات، كما أنها فرصة لرصد أحجام القضايا المنجزة ونوعية المعالجات القانونية والاجتهادات القضائية التي تراعي وتتوافق مع قضايا ومنازعات العصر المستحدثة، وكذلك مدى التزام القضاة بمعايير العدالة الواجب تطبيقها والمستندة الى تشريعات ملزمة واجبة الاحترام.
ويظهر جليًا مدى أهمية تقييم المستوى الفني والعلمي للقضاة الذي يبقى حجر الزاوية في تطور وتقدم العدالة الناجزة والتي لا تتحقق إلا بقضاة يمتلكون أدوات علمية رصينة وخبرة عملية متجددة، تمكنهم من فهم النصوص القانونية بروح العصر، والاجتهاد في القضايا الحديثة والمعقدة، وصياغة أحكام واضحة جلية ومعللة تعليلاً يطمئن لها من المتقاضين وهي الاحكام التي تستند إلى أسباب سائغة ومقنعة ناتجة عن محاكمات عادلة نزيهة بإعمال وتطبيق التشريعات باستقلالية وإنصاف تضمن للمتقاضين عدالة الحكم ووضوحه وهو أمر أكدت عليه المحاكم العليا في بعض الدول العربية، بما قررته من أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يُطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد تبينت طلبات الخصوم في الدعوى وفحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وأن تبين في أسبابها الحقيقة التي تثبتت منها وأسست قضاءها عليها.
لا يقف تطوير العمل القضائي عند الأحكام وحدها، بل يمتد ليشمل تحديث البنية والخدمات المقدمة للمتقاضين عبر استخدام الوسائل الرقمية، وتسهيل الوصول إلى المعلومات والأحكام والمبادئ والاجتهادات القضائية خاصة تلك الصادرة من المحاكم العليا العربية من نقض وتمييز وإبرام، وتهيئة بيئة قضائية تحترم وقت المتقاضين وحقوقهم.
ويتعين التأكيد على ضرورة تعميق الاجتهاد القضائي الذي يبعث الحيوية في النصوص القانونية الجامدة ويجعلها قادرة على التفاعل مع المستجدات ذلك أن القاضي ليس مجرد حارس للنصوص بل هو صانع للعدالة يوازن بين حرفية النص القانوني وروح العدالة في التطبيق.
إن بداية السنة القضائية الجديدة هي فرصة سنوية متجددة تدعو القضاة والمحامين والباحثين والإداريين في كافة الأنظمة القضائية العربية للعمل معًا من أجل رفع جودة العمل القضائي العربي وتعزيز ثقة المجتمعات العربية في القضاء العربي على وجه العموم، وبناء منظومة قضائية رائدة تستجيب لتحديات العصر.
ومن نافلة القول فإن تجديد العهد مع العدالة في هذه المناسبة القضائية السنوية تعد مسؤولية سماوية (دينية) وينظر إليها كواجب ديني ووصية سماوية تهدف إلى تحقيق الحق والإنصاف بين الناس «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ..َ (90)» ويكفي العدل شرفًا أن يمتدح به الله نفسه «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ... (40)» وهي مسؤولية إنسانية (أخلاقية) ومهنية تلزم الجميع بأن يكون العام القضائي الجديد والأعوام القادمة أعوامًا للإنجاز والاجتهاد والإبداع القضائي، ليبقى القضاء العربي منارة للعدل وركيزة للاستقرار وحصنًا يحفظ الحقوق والحريات للأجيال الحاضرة والقادمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1578
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1509
| 25 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1269
| 25 نوفمبر 2025