رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إجماع عربي وعالمي على مكانة قطر في المجتمع الدولي..
الهجوم الإسرائيلي الغادر لن يثني قطر عن مواقفها
الاعتداء الإسرائيلي الغاشم والآثم على المباني السكنية التي يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، يعتبر جريمة موصوفة بشعة ووقحة بحق الإنسانية والمجتمع الدولي والقوانين والأعراف الدولية والأممية.
هذا الاعتداء الإسرائيلي السافر استهداف غير مسبوق لدولة قطر وهو حدث تاريخي ووصمة عار في سجل كيان غاصب احترف الإجرام والعدوان على الدول والشعوب وكل ما هو مجتمع آمن ومسالم. كما أن الاعتداء يعتبر الأول من نوعه الذي يستهدف دولة وسيطا لحل النزاعات في المنطقة.لقد استهدفت إسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر أمن وسيادة واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما عبر عنه معالي رئيس الوزراء بتساؤله العميق المضمون: هل اعتداء إسرائيل على قطر رسالة إلى العالم أن نتنياهو يريد إعادة تشكيل منطقة الخليج؟
كما أن إسرائيل استهدفت في اعتدائها المس بجميع الدول العربية، كما استهدفت منظمة الأمم المتحدة بأنظمتها ومبادئها وقوانينها التي تقضي بعدم الاعتداء على سيادة دولة مستقلة.
لقد فشلت محاولة إسرائيل اغتيال قادة حماس في الدوحة، لكن نتنياهو المتعطش لسفك الدماء استهدف اغتيال المفاوضات في دوحة السلام، استهدف اغتيال الجهود الدبلوماسية التي تقودها قطر، واستهدف قتل كل مشروع للسلام وكل مسار بديل للحرب والعنف والدمار.
هذا الاعتداء الآثم تخطى كل الخطوط الحمراء وكسر نتنياهو بجموحه الدموي كل المعايير والقيم ونكث بكل الوعود والالتزامات التي يقطعها المشاركون في المفاوضات وكأنه يوجه رسالة واحدة إلى العالم أنه لا يريد المفاوضات لأجل السلام بل يريد الحرب واستخدام القوة المفرطة لفرض الاستسلام.
الاعتداء الإسرائيلي على دوحة السلام تحول إلى هزيمة لسياسة إسرائيل العدوانية بفضل أوسع تضامن عالمي وعربي وخليجي وإسلامي مع دولة قطر، حيث صدرت بيانات الإدانة للاعتداء الإسرائيلي والتضامن مع قطر من جميع العواصم العربية والعالمية وازدحمت بها وكالات الأنباء العالمية، وتحولت إلى عنصر رئيسي في شريط أخبار العواجل عبر الفضائيات.
كما أن قادة العالم عبروا عن تضامنهم، بالاتصالات المباشرة مع سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث أعربوا فيها عن إدانتهم للاعتداء الإسرائيلي وتضامنهم مع دولة قطر وتقديرهم لدورها المهم في الوساطات والمسارات الدبلوماسية.
كان أبرز تلك الاتصالات من الرئيس الأمريكي الذي أعلن تضامنه مع دولة قطر مثمنا الجهود الحثيثة التي يبذلها سمو الأمير المفدى ودولة قطر في الوساطة، مؤكدا أن دورهما فاعل أساسي في إحلال السلام في المنطقة، داعيا سمو الأمير المفدى إلى مواصلة جهود قطر في الوساطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
موقف دولة قطر تجاه الاعتداء الإسرائيلي عبر عنه سمو الأمير المفدى بأن قطر تشجب بأشد العبارات هذا الهجوم الإجرامي المتهور، باعتباره انتهاكا صارخا لسيادتها وأمنها، وخرقا واضحا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، محملا تداعياته للكيان الإسرائيلي، الذي يتبنى سياسات عدوانية تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية مستدامة.
ولعل الرد القطري الحاسم على الغطرسة الإسرائيلية يتمثل بنقطتين جوهريتين أولاهما اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أمن قطر والمحافظة على سيادتها، وتشكيل لجنة قانونية لتقديم ما يلزم لمحاسبة إسرائيل على اعتدائها الغادر، أما النقطة الثانية فهي التي عبر عنها معالي رئيس الوزراء بأن الاعتداء الإسرائيلي لن يثني دولة قطر عن الاستمرار بجهود الوساطة التي تقوم بها لوقف الحرب على غزة، خصوصا أن الوساطة جزء من الهوية القطرية التي اختارت المسار الدبلوماسي لتحقيق أمن واستقرار المنطقة بدلا من الحروب والنزاعات. وسوف تواصل قطر نهج الوساطة في مختلف مناطق النزاعات في العالم.
ولعل ما يميز السياسة القطرية أنها لا تبنى على ردات الفعل إنما تستند إلى حكمة وإرادة راشدة ودبلوماسية واعية وحكيمة في أداء دور الوساطة لإيجاد حلول لمختلف النزاعات.ما شهدته دولة قطر سيسجله التاريخ على همجية نتنياهو الذي مارس إرهاب دولة وضرب بعرض الحائط كل القيم وتجاوز القيم الأخلاقية وأقدم على خطوة غادرة بحق دولة تسعى لأجل السلام، وكما قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فإن الاعتداء على الدوحة رسالة من نتنياهو إلى العالم بأنه يريد إغلاق أبواب السلام والتنمر على المنطقة بأسرها.
ولعل أسلوب تعامل قطر مع هذا الاعتداء الغادر جدير أن يدرس في المعاهد الدبلوماسية وكليات العلوم السياسية، ويمثل هذا الأسلوب نموذجا لقدرة الدبلوماسية على هزيمة الغطرسة العسكرية والعدوانية، حيث قلبت الطاولة بوجه همجية نتنياهو الذي أخفق بتحقيق أي من أهداف الهجوم، فيما استطاعت قطر تحويل الاعتداء إلى استفتاء عالمي وعربي وإسلامي على التضامن معها وتجديد الثقة بدورها كوسيط نزيه جدير باحترام العالم بأسره.
ختاما تبقى الإشارة إلى أن النقطة الأهم هي أن الاعتداء لم يثن قطر عن الالتزام بمبادئها السياسية بوصفها كعبة المضيوم، ولم يغير موقفها الثابت من دعم القضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية بما تمثله من أولوية لدى القيادة السياسية، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى بقوله إن قطر «ستواصل نهجها البناء في الوقوف مع الأشقاء والأصدقاء ونصرة القضايا الإنسانية العادلة بما يوطد دعائم الأمن والسلم الدوليين».مرة أخرى تثبت قطر أنها أقوى من التحديات وقادرة على تجاوز كل الأزمات بعزيمة وحكمة سياسية وإرادة وثبات.
حفظ الله قطر وقيادتها وشعبها وكل من يعيش على أرضها.
«بكم تعلو ومنكم تنتظر».. عهد متجدد بين الأمير وشعبه
لتسع سنوات خلت، وفي رحاب جامعة قطر، كتب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير... اقرأ المزيد
9
| 09 ديسمبر 2025
المعتوه المخلوع
بكل عنجهية واستهتار وسفه ثم عته خرجت التسريبات المخزية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مع مستشارته الإعلامية لونا... اقرأ المزيد
9
| 09 ديسمبر 2025
المرأة والمجتمع
نحن في مجتمع يجبر المرأة على إخفاء قوتها، حتى لا يشعر الرجل بالتهديد. مجتمع يحث المرأة على تمثيل... اقرأ المزيد
9
| 09 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4200
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
1815
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1752
| 04 ديسمبر 2025