رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انشغل الحكام العرب بتثبيت براغي كراسيهم، وحشد مؤيديهم، وقد ثارت شعوبهم الساكتة على القهر دهرا، كما انهمكت الشعوب في الاستبسال بالنزول بصدور عارية في اعتراضات مليونية صادرها عساكر الأنظمة بإفراغ الرصاص في قلوب الثائرين علها تؤمن خلاصاً سريعا يغلق الأفواه، ويفرغ الشوارع من طوفان الغضب، لتعود الشعوب مستأنسة أليفة تسبح كالعادة بحمد رب النعمة، وتحمد الله على أنها مازالت على قيد الحياة. واستغلت إسرائيل ذلك الانشغال المحموم بين الحاكم والمحكوم على طول الخريطة العربية، بل استغلت الانشغال الإقليمي والدولي لصالحها تماما فراحت تطبخ غدرا جديدا، وتصعد من ضرباتها، ولن يكون آخرها استشهاد ثلاثة من أبرز قادة كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس والذين استهدفتهم إسرائيل بقصفها لسيارة مدنية كانوا بها أمس بخان يونس! بل لا تداري إسرائيل أنها تعد لشن حرب جديدة على غزة بذرائع كاذبة، ولأن محرقة غزة مازالت بأذهاننا بكل فواجعها، ولأن ما عاناه الغزيون مازال يوجعهم ولم تبرأ جراحهم بعد، ضروري أن نقارن بين الاستجابة لإغاثة غزة وغيرها، لابد أن نسأل وطائرات حلف الناتو الرائعة تزمجر فوق سماء ليبيا لتمطر قوات القذافي بحمولتها التدميرية من أجل (حماية المدنيين) لابد أن نسأل أين كانت طائرات الحلف الإنسانية التي تؤدب القذافي الآن من محرقة غزة وقد صبت إسرائيل جحيمها فوق رؤوس الفلسطينيين برا، وبحرا، وجوا، أين كان هذا التعاطف النبيل ورصاص إسرائيل المصبوب يذيب أجساد الشيوخ والأطفال والنساء والشباب، ويبيد المئات كل يوم في أبشع قصف إجرامي، حتى أن مدارس الأونروا لم تنج منه وقد تلطخت جدرانها بدم الأطفال؟ أين كان هذا التعاطف الذي تجتهد به طائرات الناتو الرحيمة من 1500 قتيل وخمسة آلاف جريح استفردت بهم إسرائيل بعد أن حاصرهم العدو والقريب، واكتفى العالم بالفرجة على نزيف الألم والدم؟ لا نستطيع منع أنفسنا من مقارنة نزيهة شفافة بين ما يحدث الآن من تعاطف الناتو مع المدنيين في ليبيا وبين ترك الفلسطينيين تحت وحشية (الرصاص المصبوب) دون أن يحرك أحد ساكنا؟ وهنا تبرز (لماذا) بطول خريطة العالم العربي لنسأل ما هدف التعاطف الحقيقي؟ وماذا وراءه؟ وما الثمار المرجوة واللبيب يلمح القصد بجلاء؟ وما معنى أن يقول (جورج جالوي) إن تكلفة حرب حلف الناتو على القذافي سيدفعها الشعب الليبي؟ وهل الأمر تكرار لما حدث مع صدام حسين؟ وكيف نفسر قول نتنياهو بأن تقرير جولد ستون الذي كان يدين إسرائيل مصيره إلى المزبلة؟ وبماذا نفسر النبرة الجديدة لجولد ستون نفسه؟ أسئلة كثيرة تبرز وإسرائيل تستغل انشغال العالم وتحاول فرض معادلات جديدة على الشعب الفلسطيني، وتحاول تعطيل المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتعمل على إحياء خطط استيطانية قديمة كانت قد أوقفتها تحت ضغوط دولية، فوق مصادرة آلاف الدونمات وضمها بالقوة؟ غزة تحتاج باختصار للنبل الدولي، والإنسانية الأممية كما تحتاج فلسطين لتذكير العالم كله بأنها قضية أرض، وشعب، ومقدسات ضاعت وتضيع في ظل الكيل بمكيالين وظل الصمت المريب، ولا يغيب عنا أن نرسل تحية مقدما تليق بجهود طائرات حلف الناتو الإنسانية التي نرجو أن تظلل سماء غزة لتحمي مدنييها وقد طبخت إسرائيل لغزة وجعا جديدا بقصف وحشي جديد. يا طائرات الناتو أهلا بقصفك النبيل فوق رأس إسرائيل! طبقات فوق الهمس * القذافي في (زنقة ما بعدها زنقة) ما دامت أمريكا الخبيثة مصممة على تخريب اقتصاد الدول الثائرة، وخلق حالة احتياج دائم لها وللغرب من قبل الطرفين الحكام العرب، وشعوبهم، إنها الطريقة الوحيدة المناسبة لعملية التقسيم! * وكأن أمريكا تقول ببجاحة للشعوب الثائرة ستجوعون إن لم تكتموا ثوراتكم أو توقفوها عند الحد الذي نريد. * يبدو أن الشعوب تحرج مراكز القرار العالمية، هذا التصور برز بعد تزايد أرقام القتلى في اليمن، فهل تقف بعد مراكز القرار العالمية وراء انزواء جمعيات حقوق الإنسان التي ارتفع سقف حراكها في مصر وتونس بينما تلاشى في اليمن؟ * فهمنا بعد ثورة شباب التغيير البواسل أن الإصلاحات تلجم الثورات، وان الحقوق لا توهب بل تنتزع. * نيويورك تايمز تقول (تدخل حلف الناتو في ليبيا لأسباب إنسانية) ونقول نتعشم في (شوية إنسانية) للصابرين بغزة نرجو (شوية حنية) على أطفال غزة! * يقول مجرمو إسرائيل إنهم يعتمدون على معادلة (أن الكبار يموتون، والصغار ينسون) ونقول سيحمل الصغار الراية ومفاتيح القدس جيلا بعد جيل وستتأكد إسرائيل ان كل فلسطيني مشروع شهادة حتى كامل العودة والتحرير. * نحييكم معاليكم ألا تبت أياديكم عروشكم معرشة على أنقاض ماضيكم تحولنا بفعلتكم لأقزام تسليكم "إيمان بكري"
372
| 04 أبريل 2011
في قاهرة المعز كنت أو في الإسكندرية، تمشي في أحد الشوارع، يشتد تطاير الأوراق بفعل هواء الشتاء وزوابعه، تطير ورقة ناحيتك، تستقر أمام بوز حذائك، تقع عيناك على صورة بأعلى الورقة، تسمرك الصورة لأنها تشبهك كثيرا، تنحني، ترفع الورقة من الأرض، تزيح الأوساخ العالقة بها وتمعن النظر، تذهلك المفاجأة، الصورة صورتك، صورتك أنت، لا مجال للشك، تتذكر المثل الشهير (يخلق من الشبه أربعين) ربما يكون صاحب الصورة شبيهك، لكن البيانات للاسم الرباعي، والعنوان، والعلامات الفارقة، واسم الأب، والأم، والديانة، وفصيلة الدم، والرقم القومي كلها لك، تعيد قراءة البيانات التي لا تدع مجالا للشك، وتعود لتجري عيناك على السطور اللاحقة لتجد أن بها تفصيلا دقيقا لكل ما يتعلق بك أسريا، وعمليا، وحتى اسم المقهى الذي تجلس عليه، بذهول تتفحص الكلام المكتوب أعلى الورقة المطموس بفعل المطر والطين، تفلح بعد التدقيق في قراءة عبارة (أمن الدولة) تتسع حدقتاك وانت تقلب الورقة لتقرأ بقية تفاصيل تفاصيل حياتك، أدق التفاصيل وبسهولة تعرف من حواف الورقة المحترقة أنها ورقة من أوراق التحري عنك طارت من ملفك بفعل الهواء لتصلك أنت بالذات (سيد علي أبو علي) الذي تهمته التي دعت إلى تحري (أمن الدولة) عنه كما جاء في التقرير أنه يصلي بانتظام، ويقرأ في فقه السنة، يعني باختصار حضرتك خطر، خطر جدا على النظام، والأمن العام، ووجبت مراقبتك، واعتقالك إذا جد الجد ولوحظ أنك تصلي التراويح، أو تحضر دروس المساجد وتشارك في أعمالها الخيرية، أو تصطحب أولادك للصلاة معك بالمسجد، ساعتها ضروري (ولزما يخدوك) آه ممكن تعمل من ولادك جيشا يحارب النظام بعد ما يعرفون الحلال والحرام!! ما تقدم صورة قد تكون خيالية لورقة تطير لتستقر أمام بوز حذائك لتعرف أن أمن الدولة يتحرى عنك، لكن الحقيقة فيما تقدم أن المارة وجدوا كومة عظيمة من الملفات المحروقة والأوراق المفرومة، كلها تحريات وأوراق (أمن دولة) حرقت كلها بفعل فاعل يريد التخلص منها لأمر هو يعرفه، وقد شاهدنا جميعا المواطن الذي يمسك أمام الكاميرا بملف نجا ولم تأكله النيران خاص بالمواطن (سيد علي أبو علي) الذي يراقب لأنه يواظب على الصلاة بالمسجد، ويقرأ في فقه السنة!! ويعلم الله كم مرة استدعوه للتنكيل به وربما اعتقاله، الغريب تكرار حرق الملفات في أكثر من مكان مما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الحرق له هدف واحد هو طمس ما كان يجري بكل ظلمه، وتعديه، بل ورعبه، ولعلنا كل يوم نكتشف سطوة الجهاز الأمني ويده الفولاذية التي روعت العباد والبركة في المستأجرين البائعين ضمائرهم الذين يكتبون تقارير يرفعونها لأمن الدولة في زملائهم بالمؤسسات المختلفة، حتى بين طلبة الجامعة هناك من يكتب تقارير في زملائه، وكم من ملفات وملفات فتحتها تقارير حقيرة لنفوس مريضة تظن أنها تحمي النظام ولم يعد إلا أن يراقبوا أحلام الناس!! أسئلة كثيرة تمر بالخاطر الذي أتعبه تلاحق الأحداث، وتغول الفساد المالي والإداري، واستشراء الحرائق المريبة التي تشعل غابة أسئلة، هل يحتاج الحاكم إلى جهاز أمن الدولة لحماية الدولة أم لإرهاب الناس بجهاز يجيد فنون التعذيب ربما إلى حد الموت؟ مم يخاف الحاكم لكي يتأسس جهاز أمن دولة بكل هذه السطوة، وكل هذه الصلاحيات؟ وهل يختص الجهاز بأمن الدولة حقا ومصالحه العليا أم يختص بأمن رأس الدولة لدرجة تجعل أمن الدولة يغلق كل الشوارع، وكل الميادين، ويعطل الناس بالإشارات ساعات، ويزرع على طول الشوارع المحاذية لسكن السيد الرئيس بين كل مخبر سري مخبرا لأن حضرته حيمر، مم يخاف رأس الدولة؟ ومم يحتمي؟ أليس أولئك الناس هم الذين اختاروه كادعائه في انتخابات نزيهة لينجح بنسبة 99.9% مما يتحوط إذن والشعب حبيبه، كل الشعب؟ ثم ما دخل أمن الدولة إذا افترضنا ان لكل دولة جهاز أمن يحمي المصالح العليا للبلاد من أي خطر داهم.. ما دخل أمن الدولة هذا بأعمال الجهاز الشائنة من التنصت على المسؤولين والتجسس عليهم، وهتك أسرارهم بتسجيلها والضغط بها وقت الحاجة؟ ما دخل إرهاب جهاز أمن الدولة لبعض المواطنين الشرفاء باعتقالهم، ورميهم في السجون دون حتى تهمة ولا جناية لأن ذلك يرضي فلانا، أو تنفيذا لوشاية فلتان من المتنفذين؟ هل يرعب هذا الجهاز الشعب بشتى صنوف القهر ليثبت وفاءه وانتماءه للسيد الرئيس وأنه (شغال الله ينور)؟ وهل يبث أمن الدولة الرعب والفزع في قلوب الناس لضمان الولاء تحت ضغط الخوف من التنكيل؟ اعتقد أن جهاز أمن الدولة الذي تتوالى حرائقه لما كتبت يداه قد وصله أخيرا ان شعب قاهرة المعز قد شنق الخوف وما عاد يأبه بموت أو اعتقال، وانه إذا أراد فعل، حتى لو كانت إرادته فصل رأس الدولة عن الكرسي الهزاز، وسبحانه الدايم بين يوم وليلة "يهد جبابرة، ويزلزل عروش ويخلي اللي كان غرقان في الابهة ما يساوي تلاتة قروش!!". * طبقات فوق الهمس فينك يا صبح الكرامة لما البشر هانوا واهل مصر الاصيلة اتخانوا واتهانوا بنشتري العزة تاني والتمن غالي فتح الوطن للجميع قلبه واحضانه الثورة غيض الأمل وغنوة الثوار الليل إذا خانه لونه ينقلب لنهار "الشاعر المبدع عبدالرحمن الأبنودي"
2779
| 07 مارس 2011
استنكر البعض على شباب الثورة أن يطالب باعتذار الجيش الذي ضربه بميدان التحرير ضربا مبرحا بالعصى الكهربائية، واعتقل منهم العشرات لفض الاعتصام بالقوة، وقدم الجيش اعتذاره وساق وعوده ومعاذيره، لكن الصادم أن يمتعض أحد المحسوبين على النظام (الطاير) من اعتذار الجيش لشباب الثورة الذين هم في نظره (شوية عيال) لا يعرف ماذا يريدون! هنا أقول للسيد (الممتعض) لا يهم أن تعرف فالأهم انهم يعرفون، أما حكاية انهم (شوية عيال) فلا يجوز لحضرتك أن تنعتهم بهذه العبارة تأدبا لأن (شوية العيال) الرائعين الذين تمنيت أن أقبل رؤوسهم وأيديهم (واحد واحد) هم الذين حققوا فخرك المهاجر لتقول عبارتهم التي ولدت بميلاد ثورتهم (ارفع راسك فوق إنت مصري) وهم الذين أعادوا لحضرتك، ولمصر التي طال حزنها الكرامة التي انتهكت، وهم الذين حققوا بعد عقود من الاستعباد، والاستبداد، والظلم، والترهيب، والاعتقال، وتجرع غصات كلها أمر من بعضها شيئا بديعا اسمه الانعتاق من القهر لتتنفس مصر الغالية هواء حرية طالما اشتاقته وانتظرته كضرير عاش العمر يحلم بالإبصار، وهم الذين كانوا طلائع فجر النصر، وفك قيود القهر، وأصحاب الأيادي الشريفة التي كشفت أكبر عملية سطو ونهب في تاريخ مصر، وهؤلاء (العيال) يا حضرة المحترم هم الذين سيجعلون حضرتك تنعم بسلطة أمنية تحترم آدميتك، وتحفظ لك كرامتك، غير السلطة التي طالما صالت وجالت وأذاقت العباد بطشا وتنكيلا وحشيا من أجل عيون النظام، هؤلاء (العيال) سيجعلونك تنعم بسلطة لا تسب، ولا تشتم، ولا تهين، ولا تفتري، ولا تلفق، ولا تضرب بالشلوت، وبالرصاص ان احتاج الأمر أو لم يحتج لأن العاقبة مأمونة، غايتها نقل الضابط المعتدي من المكان الفلاني إلى المكان العلاني، ومن يفتح فمه التهم جاهزة، والمخبرون الغلاظ الشداد الذين يضربون بوحشية تفضي إلى الموت موجودون، وليس موت (خالد سعيد) ببعيد! ثم هؤلاء العيال (الخرافيين) أخافوا الخوف فانتحر ليقوموا بأشهر قضية (خلع) في التاريخ المعاصر خلصت مصر الجميلة من عصمة (راجل كاتم على أنفاسها بكل ثقله ومش عايز يقوم) ونفس (العيال) يا سيد يا محترم استطاعوا تغيير حكومات، وبرلمانات، ومجالس شورى، وفتحوا ملفات، وحبسوا حيتان سطت على المال العام وراء القضبان، وفتحوا سجونا، واخرجوا معتقلين منسيين من سنين! نفس (العيال) صالحوا الإنسان المصري على الأمل الذي غادره من زمان وهو يرى السواد السواد يقبض على الأجواء، والفساد يستشري، ويتعملق، ويتكاثر، وهو يرى البطش والقوة الشرسة تحمي النظام ليكون الرضا السامي من نصيب الحرامية والفاسدين بينما التهميش، والإقصاء، والغضب على الشرفاء الملاحقين! نفس (العيال) هم الذين سيتصدون لمراقبة الانتخابات القادمة حتى لا يزودها (الرجل الغامض) ببطاقات الأحياء والأموات المزورة ولتكون النتيجة دائما نجاح السيد الرئيس بنسبة 99.9%. وتوقع يا سيدي أن تعود بفضل ثورة (العيال) المليارات المسروقة بعد محاسبة الحرامية لينعم أولادك بفرص عمل محترمة، ومشاريع تحمي ماء وجوههم من تسول وظائف خارج وطنهم ليغرقوا في قوارب الموت المتجهة إلى الغرب ليأكلهم السمك قبل أن يصلوا لصقيع اغترابهم الوحشي بعيدا جدا عن صباحات وطنهم، وعيون أطفالهم، وشوق أمهاتهم، توقع يا سيدي كل جميل نبيل كان مهره يوما من دمائهم الطاهرة، توقع يا سيدي فقد تسأل نفسك وانت في قلب (مصر الجديدة) يوما، وانت خارج الجب الذي رمى فيه النظام شعبه 30 عاماً ليفقد كل أمل في الحياة وفي النجاة كيف اخضرت أرض مصر من بعد طول عطش وجدب، وكيف عرف الوليد المناغاة سعيدا بحضن مصر الأمان لأرد عليك بأن الاخضرار ولد بأيدي عظمائنا الثوار الذين قلت عنهم يوما (شوية عيال) نعم صدقت كانوا (شوية عيال) لكن عيال رجالة، رجالة أوي. * طبقات فوق الهمس مش دول شبابنا اللي قالوا كرهوا أوطانهم ولبسنا توب الحداد وبعدنا أوي عنهم هما اللي قاموا النهارده يشعلو الثورة ويصنفوا الخلق مين عنهم ومين خانهم يادي الميدان اللي حضن الذكرى وسهرها يادي الميدان اللي فتن الخلق وسحرها شباب كان الميدان أهله وعنوانه ولا في الميدان نسكافيه ولا كابتشينو خدوده عرفوا جمال النوم على الاسفلت والموت عارفهم أوي وهما عارفينه لا الظلم هين يا ناس ولا الشباب قاصر مهما حاصرتو الميدان عمره ما يتحاصر فكرتني يا الميدان بزمان وسحر زمان فكرتني بأغلى أيام في زمن ناصر "الشاعر المبدع عبدالرحمن الأبنودي"
755
| 28 فبراير 2011
قتل شاب بالرصاص أثناء المظاهرات، خبر كهذا قد يمر عليك عادياً من كثرة الأخبار الكئيبة التي اعتدنا سماعها بنشرات الأخبار، لكن عندما يكون هذا الخبر خاصا جداً لأن هذا الشاب الذي قتل هو ابنك، أو أخوك، أو أبوك يصبح للخبر وقع آخر وطعم حارق آخر لا يحسه إلا أنت، إنه الخبر الطلقة التي تنفذ إلى قلبك، لتكويه بحزن خرافي الألم، وليبدأ نزف لا توقفه ضمادة ولا أعتى طبيب لأنه نزف ينطق بكل أوجاع فقد الحبيب وافتقاده وغيابه للأبد. نعم لكل حرية ثمن، ولكل كرامة مستردة فاتورة، لكني أتابع رغماً عني محزونة ما تنقله الشاشة من عذابات، ودموع، لأمهات، وزوجات، وآباء فقدوا أحباءهم برصاص الغدر ليثور في روحى غضب عارم وأمنية أن يحاكم (مبارك) في التو واللحظة ليهدأ عذاب الأمهات، ودموع الآباء، وعويل الموجوعين، ويا ليت (مبارك الأب) يتخيل أن الرصاصة التي أردت شباباً في عمر الورد قد اخترقت صدر جمال أو علاء أو صدر أحد أحفاده، ليتخيل إن كان مازال لديه قدرة على التخيل ليحس أي أنين، وأي حزن كاوٍ، وأي يتم ملأ به البيوت قبل أن يمضي، ليته يتخيل مئات البيوت الغارقة في حزنها وقد فارقها الابن، والزوج، والسند، أقسم بالله لو أن رصاصة نالت من "ظافر" أحد أولاد (مبارك) لملأ الدم الطرقات ثأراً من الشعب الضحية، ولما أغمض اليوم عينيه إلا على مجزرة قام بها القائمون على حراسة نظامه بدعوى المصلحة العليا للبلاد، ولكان القصاص (مائة ألف قصاص في بعض) أما شبابنا الشهداء، أما ورودنا النبيلة الجميلة فهي في نظر النظام مجموعة مخربة مندسة وجب تأديبها حتى لا تغني خارج سرب الخضوع، والخنوع، والانحناء طوال ثلاثين عاما كانت حتما ستمدد لولا أن هفت نفس (جمال مبارك) للجلوس على كرسي الحكم الوثير لأعوام مديدة عديدة، فيها يستكمل الإجهاز على ما تبقى ان كان قد تبقى شيء من الصمود في وجه الإذلال العتيد. عز على (الريس) أن يكرر الشباب حكاية الطفل الذي لم يأبه بنفاق الأعوان والرعية فقال للملك (ولكنك عارٍ) لم يطق السيد الرئيس أن تقول الرعية تعبنا، مللنا أوجاعنا، وفقرنا، وهمنا، وذلنا، وأمراضنا، وحراسة أحلام تموت قبل أن ترفرف، مللنا نفاقنا، وتزلفنا، وأيدي تلتهب بالتصفيق وإلا، مللنا (بالروح والدم نفديك يا زعيم) بينما دمنا المليء بسرطانات التلوث يئن في عروقنا. عز على (الريس) أن يجترئ الشباب ويقول (لا) للنظام، فحصدهم رصاص الجبروت، ليدفن منهم من دفن مجهولا لم يتعرف عليه أحد، ولم تودعه أمه، ولم تعانقه لآخر مرة، دفن كالغرباء دون حتى واجب العزاء، لم يجامله أحد بعزاء من عزاءات حكومة السيد (أحمد نظيف) التي صرفت (عشرة مليارات) جنيه واجبات عزاء للمقربين، والوزراء، والمحاسيب، وأصحاب المصالح المشتركة، وشركاء المشاريع التي تبيض ذهبا، نعم (عشرة مليارات) جنيه مصاريف عزاء حكومة (نظيف) طبقا لتقرير الجهاز المركزي للحاسبات، في الوقت الذي انتحر فيه مواطن لم يجد ثمن الكشف الطبي على طفلته الوحيدة، هذا غير 150 مليار جنيه هربت من البنوك إلى الخارج!!! أتابع الأوجاع كل يوم، ويمتلئ خاطري بصور لا يمكن أن تمحى، لا يمكن أن أنسى صورة عربات الأمن المركزي وهي تفعص الناس تحت عجلاتها بدم بارد فتقتلهم وكأنهم صراصير، ولا الدبابات التي تسدد مدافعها للصدور الشريفة، ولا صورة جِمال البلطجية التي هشمت ضلوع الناس بوحشية، ولا خراطيم المياه المسددة لشبابنا وهو يصلي، ذاكرتي تحتفظ بالصورة، وألمها وأفشل مرارا في دفع حزن وحشي يوصلني إلى حد الإعياء، ولا عزاء لكل الموجوعين إلا بقصاص عاجل وعادل اليوم وليس غداً. * * * * طبقات فوق الهمس: * كل من كان يعرف معاناة شيخنا الجليل د. يوسف القرضاوي وما كان يفعله النظام من ملاحقات له، يعرف معنى إطلالته علينا من ميدان التحرير وسط التهليل والتكبير، لقد ذكرني بالآية النبيلة العظيمة: "تعز من تشاء، وتذل من تشاء" وما أفدح الفرق بين العز والذل. * قال المنتفعون الباكون على النظام لقد تسببت الثورة الشبابية في خسارة البلد مليارات كل يوم! ولهم نقول: (معلش البركة في أرصدة من سرقوا مليارات مصر حيعوضوعها إن شاء الله). * انطلق طوفان الغضب العربي من بلد لآخر بسرعة الصاروخ، قال البعض: إنها الفوضى الخلاقة، إنها الشرق الأوسط الجديد، واقول إنه الظلم والفساد الذي لم يترك في النفس صبراً، إنه الكرامة عندما تثور ثأرا لعزتها، إنها نار لا تخمد إلا وقد حققت ما تريد. * غريبة أن ينتبه الحكام العرب فجأة لعمليات الإصلاح الكبرى، أين كانوا قبل أن تنفجر الشعوب؟ آه افتكرت كانوا في "الساونا"!
739
| 21 فبراير 2011
تصوروا لو أن قناة الجزيرة لم تكن، بينما شوارع مصر تلتهب بحناجر الملايين المطالبين برحيل مبارك ونظامه! تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تكن، ودم الشباب في شوارع مصر يشهد على جريمة اغتيالهم بيد البلطجية، تصوروا لو لم تكن الجزيرة، بينما الإعلام المصري بكل أجهزته المسموعة، والمقروءة، والمرئية يمضي بثقة وثبات يحسد عليهما في تعمية الناس، وتضليلهم، والضحك عليهم، بطمس الحقيقة صوتا وصورة، بل بقلب الحقائق، وتقزيم الثورة الشعبية، وتلويث طهارة مقاصد شبابها الذي انتفض مطالبا بالعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ومحاسبة رؤوس الفساد الذين أفسدوا الحياة، كل الحياة، لم يخجل الإعلام المصري المضلل المنحاز لمبارك من أن ينعت الشباب الذي أبدع ثورة لا مثيل لها بقلة مندسة مأجورة تعمل لصالح أجندات أجنبية، اشترت ذممهم بخمسين جنيها ووجبة كنتاكي! تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تحاصر الكذب ولم تكشف التضليل بالصوت والصورة في ظل حكومة مرتعبة خافت من سقوط ورقة التوت، وكشف عوراتها، وفضائح فسادها من الرأس إلى القدم، قطعت الاتصالات، وقطعت خدمات الإنترنت والموبايل دون أن تدري أنها بتعطيل الاتصالات أججت الثورة المباركة وكانت صاحبة الفضل في اندفاع الملايين إلى ميدان التحرير ليكون نقطة لقاء الثوار بديلا عن فكرتها الخائبة "قطع الاتصالات"، ولنرى بأم أعيننا على (الجزيرة) كيف ينسج ثوار التحرر من الطغمة الفاسدة وعلى رأسهم كبيرهم حرير انتصارهم، وفك أسرهم عن نظام استعذب استعبادهم، وإذلالهم، وتجويعهم، بل وقتلهم، بل لنرى كيف هزمت الشرعية الثورية الشرعية الدستورية هزيمة مدوية ما تخيلها يوما (مبارك) الذي بدا متماسكاً بدرجة كادت أن تصيبنا بسكتة وما كنا ندرك أنها صحوة ما قبل الموت أو (حلاوة الروح). تصوروا لو أن (الجزيرة) لم تنقل أدق تفاصيل ثورة مصر الشعبية باشتعالها، وقوتها، وصمودها، وعدالة مطالبها، وشبابها الذي تصدى لخريجي السجون والبلطجية ليحمي أمن مصر وقد انسحبت الشرطة من أداء واجبها المقدس ليسقط الشباب البديع مضرجاً بدمائه مفتدياً أمن وطنه وثورته الأسطورية بروحه. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عين الحقيقة عن رصد كل أشكال الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد من رصاص مطاطي، وحي، وقنابل غاز، وخطف متظاهرين، وسيارات شرطة تدهس عامدة الثائرين، وحجارة تكسر جماجمهم وزجاجات مولوتوف حارقة تشتعل بأجسادهم، وقناصة يمطرون من فوق البنايات ورود ميدان التحرير برصاصهم وخستهم. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عن رصد (تسونامي) الغضب الذي اشتعل بوجدان شباب مؤمن بالتغيير، صبر طويلا على فساد (للركب) وزواج غير مبارك بين السلطة والمال ومنظومة فساد كبرى طالت كل مؤسسات الدولة. تصوروا لو غابت (الجزيرة) عن مشهد وقوع ورق التوت، وعن رصد أشكال وألوان من الفساد نقلها شهود العيان إلى أسماعنا لفاسدين، كانوا يعتقدون أن مصر تكية، وإقطاعية ملاكي، ونهيبة يغرف منها من يشاء من أعوان النظام الفاسد على حساب شعب أجاعه مبارك! تصوروا لو لم تكن (الجزيرة) التي نقلت أصوات المقهورين المحاصرين بأوجاع القهر، والظلم، والفقر، والمرض بينما (رجالة) الريس ينهبون مصر بالمليارات! تصوروا لو لم تكن (الجزيرة) ولم تكن عينها اللاقطة لثورة الشباب الحر بل لشعب مصر بكل أطيافه الرافض لذل طال! أقسم لولا (الجزيرة) لجرى دم شبابنا أنهاراً، ولتمت تصفية آلاف الشباب في مذبحة لا إنسانية لإسكاتهم للأبد بعيداً عن أعين الكاميرا الراصدة، أقسم لولا (الجزيرة) لاعتقل النظام آلاف الشباب وملأ بهم السجون ليقبعوا بالزنازين عمراً طويلاً، أقسم لولا (الجزيرة) وكشفها بالصوت والصورة صباح مساء لمسرح الأحداث وما يجري فيه، لفقدنا من الثوار ما لا عد له، وإني لأعجب من سفاهة الذين كانوا يتصلون ليلوموا (الجزيرة) على نقلها الحي المباشر رغم كل محاولات طمس عيون كاميراتها ولا يلومون الإعلام المصري الكاذب الذي اشتغل بوقا لنظام مبارك وللعصابة الحاكمة، فضلل الناس بمعلومات كاذبة وأخبار ملفقة، وصور بعيدة عن الحقيقة، وافتراءات فاجرة تحط من أقدار الشرفاء، ولقد قاد التزييف والتضليل والكذب والتلفيق مجموعة من الإعلاميين المحسوبين على النظام، فلم يخجلوا وهم يعصبون عين الحقيقة باقتدار غريب، لقد عرف الناس الحقيقة جلية وكشفوا بعد قليل وقت الإعلام المنحاز لحرامية النظام ومجرميه، اكتشف الناس الدجالين، والكذابين، والأبواق، والرقاصين، والمنافقين، وراكبي الموجة من إعلاميي النظام الفاسد، كانوا كتابا أو إذاعيين، أو فنانين أو صحفيين، أو إعلاميين، وكل صاحب مصلحة كان يهمه أن يبقى نظام مبارك رغم كل مفاسده! كل إعلامي شريف يعرف نفسه ويعرفه الناس، وكل إعلامي منحط كان عونا للحرامية وخائنا لشرف مهنته أيضا يعرف نفسه، ولا أمل لراكبي الموجة فقد انكشفت عوراتهم وخبرنا نفاقهم وتلونهم، وشرف الثورة لايمكن أن ينتسبوا له أو ينتسب لهم، فالثورة لا تصافح إلا الشرفاء. لابد من تحية تليق بالجزيرة التي كانت عينا تقاوم مخرز الإعلام الكاذب المضلل، التي علمت (الرقاصين) كيف يكون الإعلام المحترم، وتحية تليق بشباب الثورة الذي انتزع كرامة مصر والذي طالما ظلمناه ونعتناه بالجيل الصايع المنقوع في المخدرات، المغيب بالكورة والبانجو، تحية لشباب الثورة الذي استجلب لمصر العظيمة فجرا جديدا وتاريخا جديدا، وميلادا جديدا، مبروك عليك يا غالية.. يا مصر، مبروك على كل ثائر هتف "مش حنمشي.. هو يمشي".
1652
| 14 فبراير 2011
• اسبوعان ونحن نحايل الغضب أن يهدأ في صدورنا، اسبوعان ونحن نستجدي النوم أن يزور أجفاننا، اسبوعان ونحن نرجو، ونتحايل، ونستجدي، لكن النوم يأبى أن يعطف على تعبنا فالجرح غائر، والسكين الخسيسة قطعت كل الشرايين، والرصاصة نفذت من الصدر الطاهر إلى القلب، والشباب مسجى يلفظ آخر أنفاسه في أحضان اشقائه الواحد تلو الآخر ليهجم علينا حزن ووجع لا قبل لنا على ردهما! وسقط من سقط من ورودنا الندية، ووقف باقي الشباب وقفة سنديان شامخ يحرسون المداخل والثورة الفتية، لا يهم برد قارس ولا جوع، ولا جروح مازالت خضراء لم تطاوع الإلتئام، الأهم مصر، الأهم أن تتعافى مصر، الأهم أن تقف مصر. هز الشباب البديع الدنيا بثورة بكر، نظيفة، غير ملوثة، لا تنتمي لحزب، أو فئة أو أجندة، لا تتطلع إلى كرسي، أو منصب، أو سلطة، أو مكسب، خرج الشباب ليقولوا (لا) فترصدهم الرصاص ليقول (نعم) ولتصل العالم كله رسالة مضرجه بالدم، دمهم المعترض على كل المقلوب، على ضياع العدل، على الانتخابات المزورة، ومجلس الشعب المزور، وقانون الطوارئ الجائر، والبطالة، والفقر، والفساد، وأمراض مجتمع فتكت بجسد الأمة الواهن، ومصر تئن بينما الشرفاء يتعذبون! • وتتوالى الأوجاع لنقرأ أن ميزانية الأمن في مصر 20 مليارا! السؤال النار "أمن من"؟ وماذا فعل هذا الأمن للشباب المسالم في مسيرته؟ فعل الكثير! دهسهم بعربات الأمن المركزي على مرأى العالم في وحشية غير مسبوقة! أفرغ السجون واقسام الشرطة من المجرمين، ومسجلي الخطر، والبلطجية واطلقهم مع الشرطة السرية بالجمال والاحصنة والسيوف والشوم، وزجاجات المولوتوف، والأسلحة البيضاء في أبشع هجمة لترويع واصابة المتظاهرين وتفريعهم في مساومة مفضوحة بين الأمن وبقاء النظام! ما معنى أن يهاجم البلطجية المتظاهرين وعندما يستنجدون بالجيش يقول لهم نحن لا نتدخل نحن نقف على الحياد! أي حياد الذي يجعل رجل الجيش أو الشرطة يقف متفرجا على مجزرة ولا يتدخل؟ وكيف تختفي الشرطة في غياب مريب وتترك فريق البلطجية يفتك بمظاهرة سلمته؟ كيف تترك الرعاع والمجرمين والقناصين يقتنصون الشباب من فوق اسطح البنايات والفنادق بدم بارد؟ إذا سمينا الاسماء بمسمياتها، فلهذا المشهد المتوحش معنى واحد وهو تواطؤ الشرطة السرية في كل أعمال الإرهاب والترويع والحرق والقتل وقد كشف عن ذلك كله البطاقات الشخصية التي وجدها الشباب بحوزة من وقع في أيديهم ومن تم احتجازهم واستنطاقهم ممن خلعوا ملابسهم العسكرية واستبدلوها بمدنية واندسوا للتخريب والقتل انحيازاً لأصحاب المصالح في بقاء النظام والذين اغدقوا عليهم ليكونوا مجرمين بامتياز!! • وتتوالى الأخبار الموجعة في خبر يقول: إن النائب العام تحفظ على أموال قائمة من اسماء الذين تضخمت ثرواتهم تمهيداً لمحاسبتهم! والسؤال المضحك هل يتصور حضرة النائب العام أن أموال (الحرامية) مازالت نائمة في بنوك مصر؟ لقد طارت يا سيدنا مع عائلاتهم، وحقائبهم، وممتلكاتهم المهربة إلى بلاد بره، ولا عزاء للشرفاء الذين كانوا "يتسولون من حكومة نظيف رغيف، بس رغيف"!! * أغرب ما قاله د. أحمد رامي (صيدلي) على قناة الجزيرة أمس انه رأى بام عينيه البلطجية وهم يقبضون على الجرحى الذين ينقلهم الإسعاف خارجين من ميدان التحرير وهم في طريقهم للمستشفيات ليسلموهم للشرطة ليكونوا قيد الاعتقال! ولكم ان تتصوروا جرحى قيد الاعتقال وما يمكن ان ينالهم من عذاب من أجل عيون النظام! * يبدو أن هناك استقتالا لوأد الثورة من كل صاحب مصلحة في وجود النظام واستمراره لكن من بوسعه أن يوقف ثورة شباب أرضه لم تعرف القيد، ولا خفضت إلا لباريها الجبينا، من بوسعه أن يوقف ثورة يقول ورودها شبابها.. إرفع كل رايات النصر.. إحنا شباب حنحرر مصر. * يقولون في العراء والبرد القارس صامدون وان متنا جميعا حتى تلبية كل مطالبنا، وأولها رحيل مبارك، ونقول إذا كان النيل النبيل يجهش كل يوم بالبكاء حزنا على نزيف مصر فإن شبابنا لؤلؤ الأعماق قادم وهو يعد بأن يكفكف النيل، دمعه وتشرق ضحكته وهو يرى مصر تستعيد عافيتها، وألقها، وشبابها وكرامتها. * يقولون ثورتنا هزت النظام وجعلته يتنازل، ويتفاوض، بل ويترنح، ونقول هل اقتربت شواطئ الأمان أم مازال بيننا وبين الأمان مزيد من دم شباب مصر البواسل؟ * يبدو أن الظلام يشتد لينبثق النور أبهى
1076
| 07 فبراير 2011
دموعنا لا تجف مما نرى، قلوبنا تتفطر حزناً والدم العزيز يراق، خلاص نفد الصبر، وبدأ الطوفان الهادر الكاسح الذي أبعد تهمة الخنوع عن شعب مصر العظيم، عن أولاد وأحفاد أبطال "بارليف" خلاص ضاقت الصدور بوجعها المخزون عقوداً يئن في الحنايا، وما من مواسٍ، نفد الصبر، وامتلك الشعب العظيم زمام المبادءة فشنق الخوف وعلقه في الهواء يتأرجح، وخرج يطالب بحقه في حياة كريمة وتنفس الحرية بعد عقود من قهر حكومة سطت على البلد وكان كل ما يهمها أن تجبى من جيوب الشعب الموجوع ما تبتلعه حتى التخمة دون نظرة للغلاء الطاحن الذي افترس الناس فأنزل معظمهم إلى تحت خط الفقر، وأنزلهم أيضا إلى الشارع بعد أن نفد الصبر، وتفشى الفساد، وامتلأت "الكروش" كروش الكبار بأرصدة هُرِّبت كلها خارج مصر! خلاص نفد الصبر، وارتفع سقف شجاعة شعب فاض به الكيل، وظنت حكومته أنه أصبح شعباً مستأنساً من طول تدجينه وخنقه بالقهر، ولسعه بالكرباج، ظنوا أنه شعب يعوي ولا يعض،فتأكدوا اليوم أنه يعوي، ويعض، بل ويفترس، خلاص تعب الناس، وامتلأت الكأس إلى حافتها بالغم والهم، وعجزت الصدور عن احتمال اكتواءاتها من الفقر، والمرض، والعوز، والبطالة، والفساد، والإفساد، خلاص عز على شعب مصر العظيم سحق كرامته فخرج المارد المضغوط عقوداً، المحبوس دهراً بقمقم القهر ليجلجل صوته أريد حرية، وكرامة، وخبزاً. خلاص نفد الصبر، وبدأ الطوفان الذي سيزيح من طريقه كل شيء، لن تنفع سدود، ولا استحكامات، ولا متاريس، ولا دبابات، ولا جيوش، ولا حتى الرصاص الذي تلقاه الشباب بصدور عارية دون وجل أو خوف. وإن كان جميلاً أن تخرج واحدة من أروع الثورات الشعبية فإن جريمة بشعة تقترف بحق الشباب الثائر الرائع بتلويثه ووصفه بأنه مجموعة من البلطجية، واللصوص، والمخربين، والخارجين على القانون الذين سرقوا الناس، ونهبوا المتاجر، واقتحموا الشقق، بينما البلطجية هم الذين أطلقت السلطات سراحهم من السجون ليقترفوا كل الجرائم بغية ترويع الناس والمتظاهرين ليعودوا قسراً بهذه الحيلة إلى البيوت ليحرسوا أموالهم، وأولادهم، وشرفهم ويفضوا الاعتصام، وتخلو الشوارع بذلك من أي مظاهر تشي بمطالبة شعب مصر إسقاط النظام، وتمنع تمدد المظاهرات، وانتشارها. خطة فاسدة مكشوفة لم تنطل على أحد، فالقلوب التي تغلي في الشوارع من الغضب لن تهدأ إلا بالتغيير ورحيل رأس الدولة. ورغم الرصاص الذي يقطف شباباً يسقطون راضين فداء مصر الغالية فإن الصورة بكل ما تحمل من صبر، وتضحية، وإصرار، وإيثار، وحب، تشي بأن الشباب قادمون، قادمون بقوة رغم كل صنوف القهر، والتعذيب، وبكل ما يحملون من أحلام، وأماني سيصعب جداً بعد ذلك إجهاضها لأنها إرادة الشعب الذي إذا قال فعل. * طبقات فوق الهمس: يا جمال قول لأبوك المقتول في الشارع أخوك!
556
| 31 يناير 2011
هراوة، وعصا غليظة، وقنبلة مسيلة للدموع، وغلاظ شداد يضربون بوحشية كل من يعلن تذمره، ثم أمرٌ بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ليسقط من يسقط فيمرون عليه بأحذيتهم الغليظة دون أي خجل من هدر كرامة "بني آدم" ميت!!. ما تقدم منظرٌ متكرر بعالمنا العربي الوسيع فى دول عديدة ترفض قيادتها أن تسمع إلا صوت نفسها، ترفض إلا أن يسير القطيع المحكوم على هواها دون تذمر، أو اعتراض، أو شكوى حتى وإن عزّ ما يقيم الأود من خبز وماء!!. وابتلع الناس همهم، وغمهم، وفاقتهم، ومرضهم، وعوزهم، عقوداً طويلة إلى أن أشرق وجه "محمد بو عزيزي" بائع الخضار الجامعي الذى لم يكن يطلب سوى عمل ينقله إلى أبواب الأمل ليعيش، لكن سدت كوى الأمل كلها وأصبح واحداً فى طابور بطالة بطول (الإمباير ستيت)، ولم يرحمه من يأسه وبطالته إلا عربة خضار التمس بها ما يحميه من تكفف الناس، لكن مسئولة البلدية نهته عن الوقوف حيث كان يقف.. ولما رفض ضربته قلماً (صفعته) ليهان أمام الملأ، وعز على "بو عزيزي" الإهانة وقطع الرزق، فلم يجد إلا النار أشعل بها جسده، ويأسه، وإهانته علّه يستريح، ولم يكن يعرف أنه سيشعل من خلفه ناراً لم تزل مشتعلةً إلى الآن، ولم يكن يعرف أن لحمه الحيّ الذى احترق كان العنقاء التى تخلق من رمادها ثورة شعبِ بكامله فرّ أمامها رأس الحكم مفزوعاً ليتكفف دولاً، ورؤساء، وزعماء، علّه يجد مأوى وقد لاح خلفه طوفان غضب لن يبقي ولن يذر. إن حجم الذل، والظلم، والفقر، والاكتواء، والفساد الذى باح به التونسيون على "الجزيرة مباشر" وأكده مثقفون، وسياسيون، وبرلمانيون، ومعارضون، في الداخل وفي المنافي كشف عن محنة شعب احتمل كثيراً وطويلاً ملحاً على جرح حتى كانت شرارة "بو عزيزي" الذي أشعل نار الغضب المقدس إلى جانب ما كشفته وثائق "ويكيليكس" في إشارة لفساد جماعي، وثروات في أيدي قلة متنفذة على رأسهم "مدام" الجنرال زين التي كان بمقدورها ـ كما أوردت المصادر ـ تعيين، وعزل، وتقريب، وإبعاد، وحتى مصادرة الممتلكات، بل أفادت التقارير بأن الزوجة الجميلة فرضت "إتاوة" على كل من يشترى أرضاً، أو يؤسس مشروعاً أو ينشئ عملاً، وعلى عينك يا تاجر يجب أن يدفع لعائلة "بن علي" المعلوم. وتغيرت الموازين فجأة حيث لم تنفع سلطة، ولا كرسي، ولا عمولات، ولا ثروات، ولا قبضة فولاذية تمسك بأعناق العباد، تغيرت الموازين وفر جنرال الجيش الذى قال عندما اعتلى سدة الحكم "لا للرئاسة مدى الحياة" فجثم على صدر شعبه ثلاثة وعشرين عاماً يجدد صباغة شعره الأبيض ليصبح "أسود" كعيشة المعدمين المحرومين الذين يقاسون أوجاع الفقر والغلاء بينما يرون بأم أعينهم وطنهم المسروق مكبلاً بالفساد، والنهب، والرشا، والإثراء الفاحش للأصهار، والأقرباء، والأصدقاء الذين اقتسموا كعكة "تونسهم الخضراء" فجعلوها "جرداء" حتى دون "فتفوتة"، فتفوتة واحدة "لمحمد بو عزيزي" بائع الخضار الجامعى لترحمه من أن يشوى لحمه بيديه ويموت منتحراً . أتابع الأحداث بخاطر دامٍ، وروح محزونة على كل من سقط برصاص الغدر ليكتب بالدم حكاية الشعوب المقهورة بالفقر، والجوع، والمرض، واليأس، كل يوم أتسمر أمام "الجزيرة" فى محاولة لفهم رسالة "بو عزيزي" تلك الرسالة القوية التى لها معناها ومغزاها، وتشي بما لا يكتب ولا يقال. كلام له معنى: * لماذا تتردد أصداء فرحة التونسيين العارمة بخلاصهم فى كافة العواصم العربية؟ أإلى هذا الحد يشملهم الوجع، نفس الوجع؟ * درس كبير فى سطرين يقول، والأحداث تتوالى: إن مصادرة عربة رزق "بو عزيزي" وصفعة على وجهه الحر أشعلت ثورة، فهل من مدّكر؟ * لفت نظري طفل صغير لم يتجاوز الخامسة من عمره يحمل لافتة مكتوباً عليها: "حذار حذار من جوعي ومن غضبي" أتصور أن كل علماء الاجتماع سيفشلون جميعاً فى التنبؤ بما سوف يكون عليه جيل شب يعاني منذ نعومة أظفاره من الجوع والغضب!. * قد يطيع القطيع الجائع عصا راعيه لكن عندما يفيض بالناس القهر، ويشتد وجع يصيب كرامتهم قبل أبدانهم، توقعوا أن يكون الانفجار مدوياً يقتلع كل ما يصادفه وإن كان رأس الدولة. * الأنظمة تهترئ، وتشيخ، وتترهل، ويصيبها الزهايمر، وتقع لا ينفعها لا شد، ولا شفط، ولا صبغ شعر، ولا سماعات أذن، ولا حقن، ولا إعادة تأهيل ويكون الأمل بالشباب. * بالتأكيد دقت أجراس ميلاد الشعب التونسى الحر بموت "عزيزي" رحمه الله. * للشهداء الرحمة.. ولذويهم العزاء.. وجميل الصبر والسلوان.
701
| 17 يناير 2011
السرقة كبرت أم صغرت لا اسم لها إلا (سرقة) وهي النقيصة المزمومة التي ما وصمت أحداً إلا ولوثته هو وكل من تبعه او عرفه او انتمى إليه فنحن كمجتمع عربي لا يتسامح عادة مع من مد يده إلى مال غيره عاماً كان أو خاصاً، وكثيراً ما دفع الأبرياء من الأبناء ثمن هذه الوصمة التي تزلزل الأسر وتدمغها بسوء السمعة. هذا الكلام استدعاه منظره وقد توقفت السيارة في اشارة رابعة العدوية بمدينة نصر قبل ان يهل العام الجديد بايام، كان يتأبط كتيبات صغيرة ويحوم حول العربات يسألها المساعدة، منظر معتاد فى الاشارات ان يسألك متسولون، لكن غير المعتاد ان يتقدم أحدهم ليقول لك (انا كنت حرامي وتبت ساعدني لوجه الله) لم يكن فى نية أي من الجالسين في السيارة مساعدته عندما هل علينا لاعتقادنا أن المتسولين يتاجرون باستعطاف الناس لجمع ثروات سهلة، لكن عندما كرر مؤكداً (ساعدوني انا كنت حرامي وتبت انا عندي 8 عيال) ومد يده بكتيب قال ان فيه حكاية توتبه كان أول المتعاطفين زوجي، ثم تابعناه جميعاً، لم نسأل بعضنا ان كان يستحق أم لا، لم نقل لبعضنا انه كذاب يستعطف باكاذيبه، كلنا وصلنا صدقه ولمس قلوبنا بحالة التطهر من الحرام التي يعلنها دون وجل بوجه باش ومحيا باسم كأنه يتباهي بقهر الشر، والتصدي لسطوة الحرام وزينته التي تجر الأقدام إلى وحل الحرام. طويلاً وقفنا بالاشارة، ويبدو أنه ارتاح لتعاطفنا ولعيوننا التي تشي نظراتها بتصديقه فراح يسرد علينا جرائمه، وكيف كان لصاً خطيرا يعمل له الف حساب حتى كانت القاضية التي ادخلته السجن، تأملت وجه (الحرامي) الذي يكلمنا بصدق، تأملت عينيه البكايتين بحزن سعيد، ربما كان حزنه لتقصيره فى جنب الله، ربما كان على العمر الذى انفقه فى المعاصي ربما كان الحزن على حزن من سلبهم مالهم فقهرهم وحسرهم، ربما، ربما، ربما، فجأة فتحت الإشارة فقطع عم محمد كلامه ومد يده بـ (c.d) معقباً دي حكايتي اسمعوها علشان تصدقوها. اطلقت الإشارة المفتوحة سراح السيارات أمامنا، دسست الـ (c.d) في حقيبتي دون اى رغبة في سماعه، بعد ايام وانا افكر فى موضوع مقالتي الجديدة طرأت على زهني حكاية عم محمد اللص التائب، وضعت الاسطوانة على الجهاز وبدأت اسمع، وفوجئت بحوار يجريه المذيعان المتألقان نجوى ابراهيم ومحمود سعد معه، وهو يحكي لهم عن حكاية توبته وكيف انه كان لصاً عاتياً بل من أخطر اللصوص على الاطلاق الذين اقتحموا فنادق، وفلل، ويحكي انه دخل مرة ليسرق فوجد فى الأدراج ذهباً ومبالغ مالية كبيرة، جمعها فى ملاءة سرير ولما هم بالخروج لمح إلى جانب السرير دواء كثيراً وصور اشاعات فترك المسروقات مكانها قائلاً فى نفسه ان صاحبها ربما سيحتاجها لإجراء عملية وما شابه ذلك، ويحكي كيف استنهضت الأحداث انسانيته وهو فى السجن الذي يعتبره معلمه الأول، يقول استيقظت من منام غريب على أذان الفجر ركضت إلى امام مسجد السجن سألته كيف يصلي الناس وماذا يقولون وكانت أولى صلواته التى سجد فيها لله صلاة الظهر، واستيقظ النور بداخله فأعرب عن رغبته في التوبة الكاملة وتسليم كل ما بحوزته من مال حرام، فرتب له لقاء مع وزير الداخلية فرد فى مكتبه عمارة، وسوبر ماركت، ورصيدا كبيرا فى البنك، مؤكداً أن رد المظالم من أهم شروط التوبة النصوح، وسمح له شيخ الأزهر بعد ان علم بحكايته بطباعة أحداث الغي والضلال التى كبلته ثم التوبة التي نقلته من ذل المعصية إلى عز الطاعة كما سمح له ببيع التجربة لتكون عبرة ومصدر رزق يستعين به، ولا ينسى عم محمد صاحب الروح التائبة كل من ساعدوه، يقول ان أول من ساعده بالقرش الحلال الفاضلة نجوى ابراهيم كما ساعدته بالتعاون مع الأوقاف على أداء فريضة الحج ويختتم بدروس وعبر أجملها "عمر الجنيه ما اشترى كرامة بني ادم" "ومن يتقى الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، انا ضميري مرتاح والحمدلله اننى لم اتب ضعفاً بل تبت وانا فى عز قوتي استطيع أن اسرق الكثير، كنت اظن ان السرقة بطولة ورجوله، اعترف اننى سرقت تحت دافع الحاجة، والغفلة عن ذكر الله، وضعف الايمان. لقد ايقظ الحرامي التائب في نفسه خواطر كثيرة تمس كل الذين اخطأوا ثم تابوا فلم يجدوا حضناً يحتويهم واذكر مستمعاً قال على الهواء تبت ولكن المجتمع يطالبني بشهادة حسن سير وسلوك، من أين اتي بها؟ فكرت في كرب الذين ترفضهم مجتمعاتنا لوقوعهم فى خطأ السرقة دون نية للصفح، بل وأحياناً المعايرة، الأمّر من السجن، أفكر في الصحابي الجليل الذي عطل حد السرقة في عام المجاعة، وأفكر فى الذين يسرقون لسد حاجة أفواه جائعة على طول خريطتنا العربية، مسؤولية من؟ وافكر في الذين لا يسرقون ولكنهم يلجأون إلى طريقة اشنع من السرقة فيشنقون انفسهم بملاءة سرير كما طالعتنا الصحف منذ اسابيع. واذا قلنا ان البعض يسرق معذوراً لضيق ذات اليد (ولا عذر فى سرقة) فماذا نقول فى الذين يسرقون ومعهم ما يكفيهم ويفيض؟ وماذا نقول في الذين يمدون اياديهم للاستحواذ على المال العام والخاص متى توافرت الفرصة؟ ماذا نقول فى الذين خانوا من ائتمنهم ففحش ثراؤهم من بلع المال العام، ومابالنا لا نفتح صحيفة بعالمنا الوسيع إلا ونجد صوراً زاعقة للفساد والمفسدين الذين استحلوا بمناصبهم مال غيرهم، والانكى ان يتم ذلك بفواتير، وايصالات، ومناقصات، وتواقيع، وموافقات، وأوراق رسمية كلها تبدو سليمة، بينما امتلأت جيوب السارقين بما شفطوه عياناً بياناً بجرأة يحسدون عليها، وقد يظل الشفط مستمراً حتى يتوب تائب كعم محمد أو يبلغ أمين عن الانتهاكات الفادحة، أو يجرى تحقيق شفاف يكشف به الذين يخافون الله (هوايل مستخبية) ودائما المخفي أعظم. أعان الله المصلحين ومتتبعي الفساد والشرفاء من المسؤولين على صون اسمائهم نظيفة من العطب في قلب فساد يستشرى على طول خريطة العالم العربي ويكاد يمسهم وهم منه براء، ووهب الله كل من استحوذ عليه شيطان المال الحرام توبة كتوبة عم محمد الذي لا أدارى اعجابي الشديد به.
1923
| 10 يناير 2011
منذ تسعة عشر عاماً.. ما تعانقت عقارب الساعة لينتهي عام ويبدأ آخر إلا وتغشَّاني ذلك الحزن الذي يشد أوجاعاً.. قد يقترب عمرها من العقدين، تعود نفس الاحزان مع كل يناير جديد، تعود حية كأنها بالأمس تشد من المآقي الدمع، ومن الروح مطر الدعاء لروح (أمي) فذاك موعد فراقها. حمل العام عصاه على كتفه ومضى، مضى بكل كراكيبه، وما زالت على أرفف النفس آمال كثيرة لم تتحقق، تركها العام المسافر في مكانها علها تستنهض منا تعباً أكثر، جهداً أفضل لتخرج من التهويم الى الحقيقة. كلنا لنا آمال لم تتحقق نأمل ألا يتركها عامنا الجديد في مكانها كسابقيه، كثيرون منا مروا في عامهم المسافر بكروب، وامتحانات وضوائق، ومحن، وابتلاءات كسرت ظهورهم، لكنها لم تكسر يقينهم برحمة الرب وتفريج الكرب، كثيرون أودعوا أحزانهم خزانة القلب المكسور، وما عاد لهم إلا الدعاء. في بدايات الأعوام تكثر الامنيات.. وأتمناه عاماً جامعاً للخير، والحب، والعدل، والنور، والأمل، والحرية.. والكرامةُ الإنسانية موفورة لكل بشر الأرض، أتمناه عاماً مانعاً للشر، والقسوة، والفساد، والإفساد، والجحود، والزور، والطمع، والظلم، وكل أمراض القلب المخفية.. أتمناه عاماً يحتفي بمحبة الإنسان للإنسان، وخوف الإنسان على الإنسان، وحنان الإنسان على الإنسان، أتمناه عاماً يلقي من سلاله للجائعين والمحرومين خبزاً وفرحاً، وللموجوعين شفاءً، وللمحزونيي سلوى، وللمحاطين بعقوق أبنائهم براً يدفئ برد ليلهم الطويل، أتمناه عاماً يبسط الرزق ويعين المحتطبين همومهم دون شكوى..أتمناه عاماً يقرأ أوجاعنا حتى قبل أن نبوح بها علنا نجد بلسماً.. أتمناه عاماً تمتلئ أكوابه إلى حافتها بالمسرة فلا يبقى جوع ٌ ولا مرض، ولا فاقة.. أتمناه عاماً يَفيضُ على بَشر الكوكب حناناً، وحباً، ورحمة. **** طبقات فوق الهمس: * عامٌ جديد يقول لك: إذا ما حام حولك الإحباط فكبلك، فتمثل قول الشاعر: أعلل النفس بالآمال أرقبها ______ ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل * إذا ما زارك الحزن ليحكم الوثاق حول قلبك ليزيده وجعاً فتذكر الكلمات المضيئة: (إن يردك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله). * اذا ما انهالت عليك حجارة الضاربين لا تردها بل ابنِ منها مرتفعاً وقف فوقه. * إذا أخذتك الدنيا في أحضانها بمجامع مباهجها، وترفها، وزينتها، وابتسمت لك ابتسامتها الموناليزية الساحرة، وقالت هيت لك!! خفْ منها.. واركض بكل قوتك على الركض، مبتعداً، فقد أعدت لك فخاً غطته بالورود، وتذكر من فورك قول الشاعر الحكيم: لكل شيء إذا ما تم نقصانُ فلا يغرَّ بطيب العيش إنسانُ. * لا تعاتب من أخلصت له فغدر بك، لا تعاتب الذي غبنك حقك، أو ظلمك في دينك أو عرضك أو مالك أو رزقك.. اتركه يحيط نفسه بظلمه كما تحيط الاسورة بالمعصم، فإن الله يُمدُ للظالم السائر في غيه حتى يأخذه أخذ عزيزٍ مقتدر. * في دفتر العام المسافر كلمات تقول: مهمٌ جداً عمل (جردة) حساب لكل عامٍ يمضي، ولنتأمل فاتورة أعمالنا (حسابنا) إن كان دائناً أو مديناً.. مهم أن نصلح ما أفسدنا من أعمال، وعلاقات، وصداقات، مهم أن ننصف من ظلمناه، وأن نعيد الحقوق لأصحابها، مهم أن ننتبه لذلك القطار الذي يعدو بنا الى محطة النهاية، لنقف موقفاً عصيباً حيث لا تنفع مناصب، ولا أحساب، ولا أنساب، ولا أموال، ولا أولاد، لنتأمل الفاتورة جيداً قبل أن يمضي بنا القطار فهي حتماً تشي برصيدنا بعد الحساب. * تحية لكل مسؤول كان في العام المسافر عوناً للناس، فقضى حوائجهم ورحم أوجاعهم، وخفف عنهم، وفك ضوائقهم، وما ابتغى جزاءً لا حمداً ولا شكوراً. * تحية لكل مسؤول سمع الشكوى فأنصف. * كل عام وأنت أيها الفارس النبيل رمز لكل معنى جميل.
1068
| 03 يناير 2011
"ديسمبر الدافئ" اسم أول مجموعاتي القصصية التي تنتمي إلى أدب المقاومة، ولدت عام 99 تنز ألماً، وأملاً، ووجعاً وحزناً لا يعرفه إلا أصحابه، الذين عاشوا ديسمبر بقلب (بور سعيد) الباسلة التي تصدت للهجمة الهمجية ببسالة أسطورية يتساوى فيها الرجال والنساء، أما بطولاتها الخارقة فكانت للمقاومة الشعبية التي أذاقت المحتل الويل، أتصفح المجموعة وأقف عند قصة "مخزن". مجرد مذياع كبير معلق على رف معدني في فرن قديم، هذا كل ما تبقى في الذاكرة حين مررت على البوتيك وتأملت اللافتة الكبيرة، وفاترينات العرض، والشاب الأنيق ببشرته البيضاء.. لا شيء يمكن أن يثير تداعيات الماضي ذلك البعيد.. البعيد جداً، فهؤلاء الذين وقفوا يوماً وتزاحموا على رغيف عيش ينادونه بقلق.. يا عم علي.. عاوزين نروح قبل الغارة. يا ربي كانت الغارات معجونة بقوتهم اليومي! هم الآن يمرون بنفس وجوههم القديمة، يحدقون في فاترينات العرض ولا يمكنهم أن يتذكروا من كل هذا سوى مذياع كبير معلق على رف معدني، فيما صوته الآن يرن في أذني واهناً مشروخاً يوم وقف يصرخ في ظلام الشارع، يشير لأبي ناحية الملاحات ويقول شفتهم، شفتهم بعيني نازلين بالبرشوتات، ويجري بساقه العرجاء ينادي (تعالوا يله ورايا على المخزن) مرات عديدة سمعت أبي يتكلم عن عم علي، يقول إنه اشترى الفرن من الخواجه تاكي الذي ترك مصر قبل سنتين، وأن الخواجه أهداه الراديو وبندقية صيد اعتاد أن يحملها في عصاري الصيف، الآن أذكر كانت الطائرات ترمي بقنابل تنفجر في الظلام قبل القصف، وتظل معلقة هناك بعض الوقت تضئ السماء وأسطح البيوت وقمم الأشجار، وعندما نظرت من فرجة الشباك رأيتهم كالأشباح يتسللون في الظلام حاملين على أكتافهم صناديق يرصونها بعجلة في سيارة الإسعاف التي تقف في صمت محتمية بشجرة التين المنغولي الضخمة التي تغطي نصف الشارع، ناديت أمي وأبي، بدا الخوف في عيون أمي فيما ابتسم أبي وقال معقولة!! عم علي الفران بيشتغل مع الفدائيين؟! أذكر الآن، في سهرات الصيف كان عم علي يحضر المنقد والماشة ويقسم أن يرص شيشة أبي بنفسه، وعندما ينضم أصدقاء أبي إلى جلسته يدور الحديث عن السياسة وعندما يحين وقت نشرة الأخبار ينصتون جميعاً بدقة ويعلقون بكلمات سريعة، وحين تنتهي نشرة الأخبار ينصتون للكلام بصوت عال وترتفع أصوات وتعليقات تبدو كشجار واسمع اسم جمال عبدالناصر يتردد بينهم، وعم علي كله آذان صاغية وأحياناً يشارك برأيه فيرد أبي مشجعاً عفارم عليك يا عم علي مفيش حل غير المقاومة. جزء مني معك يا عم علي، هل تذكر؟ قلت له فنظر إليّ بدهشة واستغراب، حدق فيَّ بعينين أوجعهما الزمن ونار الفرن فقلت: أنا هند بنت أحمد المفتش، فاكر في الفيلا اللي قصادك.. دي، نظر ناحية بيتنا ثم هز رأسه وراح في صمت طويل، جلست بجواره على الدكة، تأملت المكان، كل شيء كان كما هو غير أن ثمة برودة تسري، وصمتاً يعطي إحساساً بأن الفرن لم يعمل منذ زمن بعيد ربت على كتفه وقلت إن أبي ظل يذكره كثيراً أيام تهجيرنا من بورسعيد، وأني انتهيت من دفنه لتوي، وفكرت أن أخبرك وقد مررت على بيتنا المهجور من بعد رحيلنا لتقرأ له الفاتحة، ينظر إليّ بعينين متعبتين صامتتين، أذوب في صمته وأحزاني التي لم تجف منذ أن مات أبي في الفجر وأثناء رحلة مرهقة بسيارة الدفن من المنصورة إلى بورسعيد.. جزء منى معك يا عم علي، هل تذكر؟ في ذلك اليوم لم ينقطع المطر، قليلون يدخلون الفرن ويخرجون بالأرغفة الساخنة يغطونها بملابسهم أو بأوراق الجرائد خشية البلل، وكنت أعبر الطريق بسرعة عندما اندفعت داخل الفرن وتعلقت ساقي بعتبة الباب فسقطت على وجهي، وضعت يدي على فمي فوجدت سنتي اللبنية مخلخلة والدم يغرق ملابسي، صرخت، فضحك عم علي وقال مداعباً (دلوقتي بقينا عواجيز زي بعض) بسرعة جذب السنة المخلخلة فازداد صراخي، دخل المخزن، وعاد بقطعة قطن مسح الدم وهو يقول (ولا يهمك أنا دفنت سنتك في المخزن علشان يطلع لك غيرها بسرعة ولما تكبري تعالى خديها) قلت حاضر، مسحت دموعي وهو يعيد اوعي تنسي وانهمك في انتقاء الأرغفة، ولفها في جرنال عتيق خشية المطر، وفيما كنت أتجاوز العتبة بحرص قال من جديد أوعى تنسي لما تكبري، ما نسيت يا عم علي لكن الهجرة طالت، وحرب الاستنزاف أجبرت الباقين على الرحيل، إلا أنت يا عم علي.. قال ومين يخبز للعساكر؟ لكن فرنك لم يعد يشتعل يا عم علي، لماذا لا تأتي إلى المنصورة؟ هز رأسه نافياً عدت لأقول له طب مش عايز حاجة، سلامتك يا بنتي، تجاوزت العتبة بحرص، وألقيت نظرة إلى الوراء حيث كان عم علي سادراً في صمته، وماجور العجين راسخاً بجوار باب المخزن، ومذياع قديم فوق رف معدني تصدر منه أغان عبرية وعم علي غارق في حزنه، (مع السلامة يا عم علي) همست بها لنفسي وقلت ربما لا أراك ثانية.. سأرحل بلاد الله لخلق الله، ولا أعرف إن كنت سأعود يوماً لأقف هكذا، أمام بوتيك بلافتة مضاءة، أحدق في عمق المحل الذي كان أيام حرب ديسمبر فرناً ومخزناً للسلاح ولتجمع الفدائيين وشباب المقاومة، لم أكن أعرف أنني سأعود يوماً إلى الفرن الذي أصبح (بوتيك) لأشحذ ذاكرتي بقوة وأحاول تحديد مكان ماجور العجين، والباب الخشبي المتشقق، والحروف المرتعشة بالأحمر الداكن: مخزن. غرقت في ذكريات الزمان والمكان، وحكايات عم علي النحيل الضعيف الذي عشق عبدالناصر واحتضن في مخزنه المتواضع رجالاً كباراً وشخصيات فذة كانت تخطط للمقاومة لساعة الانقضاض والهجوم فكتبوا بتضحياتهم وشهدائهم اسم بورسعيد المقاومة الباسلة، لم انتبه للشاب صاحب البوتيك الذي وقف أمامي مبتسماً كاشفاً عن أسنان لامعة ومصفوفة بدقة، ابتسمت وهو يقول (تحت أمرك) وفكرت لو أسأله هل عثرت على سنتي في المخزن؟
1198
| 27 ديسمبر 2010
أول أمس في احتفال بهيج يصعب وصفه غنى البحر على الوتر لمحبه حمد الانسان، حمد العزة، وتمايل النخيل الفرحان محيياً من عليائه فارساً باسق العزة، وهتفت الجموع التي جمعها حب القائد ولاءً، ووفاءً، وانتماءً وقد أطلَّ الأمير المحبوب ربان سفينة الأمل التي طالما أبحر بها في بحار الأماني محققاً لشعبه المحب أمنية تلو أمنية، وغاية بعد غاية، بل محققاً قفزات هائلة متوالية تخطت التاريخ، والجغرافيا، لتنفرد بالإنجازات المدهشة، بل المذهلة، كثيرون اكتفوا بالفخر بالماضي التليد، ولكن أميرنا ولى وجهه ناحية المستقبل الواعد ليصنع الحاضر الفريد. شعب قطر ليس الوحيد المحب لقائده، قلوب كثيرة تنبض بحبه فهو ليس من هواة الجلوس في أبراج عاجية منفصلة عن شعبه ومحيطه العربي، فيده الكريمة الممدودة بالعطاء والبذل لم تكن أبداً حكراً على الوطن فقط وأهله وإنما كان القائد رفداً، ومعيناً للأشقاء في المحن والشدائد والكروب، واذا ما انقطع قميص الود بين أخوين شقيقين سارع بحكمته للمصالحة بينهما، ناصر القضايا العربية العادلة في كل المحافل الدولية وكان صوتاً عالياً ضد الظلم والاحتلال، وقهر الشعوب. مع عرس اليوم الوطني ابتهج المواطنون والمقيمون ابتهاجاً عفوياً صادقاً يؤكد محبة الجميع للقائد الذي أكد ويؤكد أن كل من يعيش على أرض قطر سواء كان مواطناً أو مقيماً تحت جناحه سواء. ويحق لشعب قطر أن يفخر بقائده الذي وضع في أولى أولوياته بناء الإنسان بكل ما يتطلبه ذلك من تنمية هائلة على كل الصُعد، ولأن البناء يحتاج فكراً، وعملاً، وجهداً لم يبخل القائد بكل طاقته وأحلامه في الوصول للأجمل فتوالدت الميلادات السعيدة الرائعة في كل حقول الحياة التي من شأنها أن تضع قطر في مكانها اللائق بأحلام أميرها وكل ما يرجوه لشعبه المحب، وأصبحت قطر على موعد دائم مع كل مبهِر لا يصدقه إلا مَن يراه. حمد الأمير القائد الربان الفارس، حمد الإنسان في قلب كل محبيه الذين يقدرون تلك المجهودات القادرة على تحويل الأحلام إلى حقائق، وواثقة بأن محبي هذا القائد اليعربي على امتداد الوطن العربي يشاركون اشقاءهم في قطر مشاعر الحب والتقدير للأمير الذي لم يبخل باحتوائه الأمين. أجمل التبريكات، وأحرى التهاني، وكل عيد وطني وقطر على موعد جديد مع إنجازاتها المُبهِرة في ظل أميرها المحبوب حمد العزة.
468
| 20 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
5217
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4893
| 25 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4407
| 29 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1587
| 26 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1302
| 28 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1302
| 29 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1053
| 29 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
945
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
825
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية