رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

في ذلك العام كتبت

لا أنسى تلك اللحظات التي بدأت فيها كتابة أول مقال لي، ففي عام ٢٠١١ ولد قلمي.. فقد كان حينها مستلاً سيفه في الرد على أحد الحمقى، لم أتصور أنني ذات يوم سيكون لي عمود في الصحف أخبط به بعض الرؤوس، ليس دائماً بل في بعض الأحيان، وأحيان أخرى أجعل مشاعري تلتصق على ذلك العمود الذي غالباً ما يطول حجمه بقدر ثرثرتي... ظللت أكتب بإغراق.. لا يعوقني سوى عناد الحروف والكلمات التي يباغتها الغضب من بعض أفكاري، فتمنعني من الكتابة بما لا يليق بسطور دفتري، فقد جننت بغرقي في بحر الكتابة، بالرغم من ترددي في البداية، كنت قد اكتفيت بما يسمى بالقانون بحكم تخصصي الذي يُطبق على ثلة من البشر، والآخرون يدافع عنهم فيتامين واو بشراسة فيصمت هنا القانون. هناك من يسميني قاصة... ومنهم من قال إنني حكواتية... والبعض الآخر ينصحني بكتابة رواية، فعلاً أنا أحلم بكتابة رواية، عرفت بدايتها ولكن يصعب علي كتابة النهاية، أبوابها مغلقة، ولا يملك مفتاحها إلا بطل الحكاية، هناك يقطن أبناؤه وزوجته، ويتعايشون مع أدوارهم التي اخترتها لهم، فلنترك تلك الرواية عند هامش هذا المقال فهي ليست الحكاية، إنما هي حكاية الكتابة... أضع عند رأسي قلماً ودفتراً جلدياً، درأً لأن تهاجمني بعض الأفكار، فأفتح لها صفحة من صفحات الدفتر ككمين، فحينما تراودني فكرة ما أحبسها في إحدى تلك الصفحات، وبعض الأوقات أكتفي بكتابة شيء من الجمل والعبارات غير المكتملة على علب المناديل، فأعيد ترتيبها مع مرور الوقت لتصبح على شكل فقرة.. تجرعت الكثير من القراءة لروائيين غيروا طريقة تفكيري، وألهموني القدرة على إعادة ترتيب كتاباتي، تارةً تباغتني أحلام مستغانمي فتأسرني في رواية الأسود يليق بكِ، وتارةً أخرى أضيع في ثنايا قصص يوسف المحيميد وأنا أتطلع إلى تلك الأشجار المصورة على غلاف كتابه الموسوم بـ "الأشجار لم تعد تسمعني"، أو أصبح كساق البامبو وهو يحتل جزءا في مكان ما في الفلبين، فأرى بطل الرواية كما صورّه سعود السنعوسي، بعدها تجتثني بثينة العيسى من ذلك المكان فتبكيني على عائشة وهي ترحل إلى العالم السفلي، فتجبرني على إدمان حروفها إلى أن كبرت ونسيت أن أنسى أنني ذات يوم أدمنت رواياتها!. غررت بحروف كتبتها ذات يوم، أمضي أيامي ما بين الكتابة وثورانها المباغت وتذوق أنواع القهوة لتبقيني على قيد الكلمة، أمتلك الكثير من المشاعر الجيّاشة التي أرسمها على وريقات الصحف بطريقة مكتوبة، ولا أنكر أن هناك بعضاً من حروفي تمتلك أسلحة مدمرة عندما يقع أحدهم تحت وطأة الظلم، تعود بي الذكريات إلى ثلة من الأعداء يُثيرون الضحك حينما يغضبهم ما أكتبه، فيشتكون لأحد كبار القوم... ويمارسون شتى أنواع "العيارة المُتعيّرة"، خاصةً آكلي لحوم البشر وبدل العمل الإضافي فينادون بإيقافي عن الكتابة، ويثبتون للكبير مدى استيائهم مما أكتب، يتم توجيه السؤال لي من قبله، ويتحاور معي بإغراق، فيُسدي لي النصح وبعدها أخرج من المكان والكلمات تنتظرني عند الباب: "بشري؟!" "لا ولاشي... الأمور طيبة إن شاء الله"... ثم أعود إلى منزلي لأفكر فيما سأكتبه، فأسعد الكثيرين، وأغضب البعض! كنت أكتفي بما أنثره في الصحف، إلى أن أصبحت لدي كتب تحمل اسمي، فأدركت أن حياتي قد تغيّرت، وآمنت أن الكتاب هو خير صديق وخير جليس... والأهم من ذلك أنه لا يهمني غضب البعض طالما أنني أسير على الطريق الصحيح...

971

| 26 أكتوبر 2014

قل لي ما الفائدة؟

* يقرأ القرآن عنده استيقاظه من النوم، يستمع إلى إذاعة القرآن الكريم وهو متجه إلى عمله .... بيده مسباح أصفر اللون يتقارع بين يديه أمام الناس، ثم يكيل بمكيالين ويُكتب عند الله من المطففين ! * يضع في جيبه ما ليس به حق ... يسير بين الناس مخبئا ذيله .... ويتفنن في لبس الأقنعة ... يظلم من هم حوله ... ثم يعود إلى منزله فيقرأ آيات من الذكر الحكيم، فيلعن نفسه كلما مرّ على آية "أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" ... * تسقيهم من إناء قلبك وهم عطشى، ترويهم مودةً ورحمة، تكون لهم سوراً يحميهم من نكبات الدهر ... تكون لهم يداً ورجلاً ... تمنحهم نجماً وقمراً ... فيتركونك أخيراً كعمود إضاءة في شارع مهجور ... تمر سنوات ثم يعودون إليك وقد أوصدت أبواب قلبك ... يجرحون ويهجرون ثم يستنكرون عدم رغبتك في العودة إليهم مجدداً ! * فمك يثرثر بإسداء النصائح ... لقد انفجرت طبول آذانهم من قائمة نصائحك ... تأمر وتنهى من باب "الدين النصيحة"... "يجوز ولا يجوز"، "عيب ومنقود" .... وعند خلوك مع نفسك وأهلك، تدخل في رحاب قوله تعالى " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ"! * يخطئون فنسامحهم ... يشعلون عود كبريت في قلوبنا ويسرعون هاربين لكي لا يتركوا أثراً لجريمتهم ... نبكي حتى تعمى أعيننا وتُمسح ملامحنا ... يكررون ذنوبهم وأخطاءهم ... ثم يطلبون أن نسامحهم مرات عديدة! * يرتكب المحرّمات ... يعشق آلاف النساء ... كلما انتهت رغبته بإحداهنّ انتقل إلى أخرى ... وعندما يحين الوقت للزواج، يطلب أن تكون زوجته طاهرة كطهر مريم العذراء عليها السلام .... * يضع أمامه دلة شاي ... ومكسرات مالحة ... وحوله ثلة من البشر، لديه قائمة بأسماء من يود أكل لحومهم هو والآخرون، فيأكلون ما طاب لهم من اللحوم، وفي نهاية الجلسة يقول : "ما يخصنا في حد"! * تحمل سراً في قلبك ... لم تُطق ثقله على صدرك، فبحت به إلى آخر فقلت إنه من المقربين، وباح هو الأخير إلى آخر فقال إنه على الأسرار أمين، ثم بات سرك حديثاً في المجالس! * تجعل من نفسك مهرجاً يمثل دور الأهبل خارج خشبة السيرك ... تضع نفسك في موضع من يُضحك العالم عليه، وتمثل دور "السبوس" باحتراف، ثم تفاجأ بأنه لا يوجد من يحترمك وقد لعب بك الدجاج! * يضع نفسه في موضع الشبهات فيصيبه الجنون من سوء ظن الآخرين به، ولا يدرك أنه لا يوجد دخان من غير نار! والآن قل لي ما الفائدة؟

1124

| 19 أكتوبر 2014

كلمات مبعثرة

صندوق الذكريات والرسائل إضاءات المدينة ساطعة على طرقها، تُداعب قطرات الندى أعمدتها، أصوات أبواق السيارات تُسمع من مكان بعيد، كل يسير في طريق محفوف بالذكريات المكسورة، لا بد أن كلاً منهم لديه صندوق مدفون في قلبه، يخبئ به بعض الذكريات والرسائل التي لم تُفتح بعد فبنت عليها العناكب بيوتها، في ذلك الشارع وجوه تنظر إلى وجوه أخرى علّها تجد لها شبيها، وقلوب تبحث عن غرف صغيرة تكفي لشخص واحد وحب واحد ومدينة واحدة لا تنام أبداً وصندوق للذكريات والرسائل لا يفتحها أحد، فتُترك سنوات طوالا لا يطلّع عليها سوى صاحبها، فإن لم يتسع صدره لحفظها وباح بها لغيره فلا يلومن الآخر إن ترك الصندوق مفتوحاً في ذلك الطريق، وإن بنت عليه العناكب بيوتها وتشابكت عليه خيوطها فإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت!أوراق ممزقة" ليست لدي أفكار "! هكذا أنا أقول أحياناً في عتمة الليل، أمامي دفتر وقلم وشمعة ذبلت بذبول حروفي، جميعهم نائمون، وسكون الليل ونجوم السماء أمسوا ينظرون إلي وأنا بجانب نافذتي، وقد أثرت ازعاج أرضية المنزل بتجعيد الأوراق ورميها من أعلى النافذة بعد أن اختنقت القمامة بجبال من الأوراق، شخبطاتي على كل عبارة لم تقنعني، امتعضت منها لوحاتي المعلّقة على حائطي، ما عدا لوحة واحدة مليئة بالذكريات الميتة نسيت أن أضعها في الصندوق المدفون في قلبي... فلربما اطلّع عليها أحد من العالمين، فلا عناكب تسترني ولا قلب آخر يسع لكتم أسراري، فحتى حروفي باتت تفضحني وإن ذبلت فقديمها صار سرمدياً في كنفات الكتب وذاكرة البعض كما قال الأفغاني: " دَائِمٌ، أَبَدِيٌّ أَوْرَثَهُمْ عَذَاباً ثُمَّ فَنَاءً سَرْمَدِيّاً "...عندما ترتشف القهوة في المساءأجلس في ذلك المقهى كل مساء، علّي أجد ما أكتبه وأروّض عناد حروفي، أشاهد وجوه مرتادي المقهى، وبعضاً من صناديق ذكرياتهم ورسائلهم المفتوحة، التي لا تملك أثراً لخطوات العناكب، ليس لديّ وقت معين للكتابة، إنما تركتها تنساب لوحدها، قد تمر عليّ بعض الظروف المؤلمة فينهار على دفتري سقف الحروف، فأكتب بمقدار الدموع التي أذرفها، وبقدر غصّات الحنين إلى أيام لن تعود فأجعلها كذكرى مكتوبة في دفتري الذي حوّلته مؤخراً إلى كتاب عنونته بـ" عندما ترتشف القهوة في المساء "، اخترت هذا العنوان لأن قهوتي الصباحية لم أجد من يضبطها حقاً، وتركت على ذلك الكتاب ساعة حركت عقاربها إلى الثامنة والنصف مساءً، ليبقي هذا التوقيت أثراً على بعض العقول...

2255

| 12 أكتوبر 2014

مشروع شجرة

في البدء وضع الورقة على طاولته ممسكاً بيده القلم، ومنتظراً هبوط جنود الكلمات في مطار دفتره...لم تواتيه أية عبارة تعبر به حول محيطات الأفكار، فتخلق له قصة أو رواية...بطلها رجل ... أحب امرأة... وأبى الزمن إلا أن يتفرقا... أو غريق أنقذه غريب بعد أن تجلّت أمامه المخاطر بصورتها القبيحة وتلاعبت به أمواج البحر الغادر...هو يبحث عن ثمة بداية... بالرغم من معرفته بالنهاية، خاتماً قوله بـشيء من الهذيان المكتوب بخط يده اختصاره: " سيصمت العالم وستبقى حروفي خالدة للأبد، سأموت وسيبعثني الله بحروفي فيحاسبني على ما خطه قلمي وما كتبت... ولكنه سيحاسبكم أيضاً على ما فعلتم بي "... هذه هي سائر الحكاية فهو سجين الكلمة!لم يترك قهوة إلا تجرعها لتسهره مع نجوم الليل المنعكسة على دفتره....عقارب الساعة تسير بهوادة لترغمه على النوم بصوتها الوديع...فهو يحلم بأن يصبح جسده مشروع شجرة، أوراقها الخضراء مجموعة حروف، وجذعها ثلة من الكلمات وثمارها رواية مُرّكبة!يظن أن قلمه مكسور الجناح ولا يشعر به أحد من البشر، وأن طيور السماء حاولت أن تمده بأجنحتها وتداويه بريشها المتطاير في الأفق فيشكي إليها النشيج الذي بداخله، والخلجات المكتنزة في حلقه والتي تكاد تخنقه، والطيور تراه بصمت ، فتتركه يبيت في أعشاشها أيام معدودة ليستعيد فيها صحته، ويحين وقت سماع صرير القلم وهو يُطنب في سرد الحكايات دون توقف!لم يعلم بأنه من الصعب أن يستحضر الكلمة دون أن يتورط بماضيها...أو يقف أمام طابوراً من الكلمات والعبارات التي تحتاج إلى وقت طويل لاستعادة ترتيبها...لم يدرك أنه لكي يملأ صفحة واحدة عليه أن يتحلى بشيء من الاِصْطِبَار والجلادة...فحينما يقف أمام حروفه فهو يعيش حينها في عالم افتراضي يصنع بها روايته وأبطاله فيتفنن في تنظيم حواراتهم، وأين يعيشون... وما الذي يكنونه في نفوسهم... وبأي نية هم يفعلون ما يفعلون ، وبأمره تنتهي تلك الحكاية وتأخذ كل شخصية نصيبها من السعادة والتعاسة... وكل ظالم يتجرع ممما اقترفته يداه... وأما بطل الحكاية فهو الضحية... فعليه أن يتحمل... وأن يواجه... وأن يسامح... وأن يُصبح مثالياً بقليل من الأخطاء والعثرات والأطماع الشخصية التي يندم عليها في نهاية الرواية..يتحسس صاحب القلم الشجرة التي زُرعت بداخله... يتطمئن على وريقاتها الخضراء... وعلى جذعها الصلب... وأغصانها التي تتردد عليها السناجب لكي تسرق ثمار الكلمات وتدفنها بعيداً لتعود إليها مجدداً فتستخدمها حسب مصلحتها المكبوتة... ذلك هو الكاتب وتلك هي الكتابة!

875

| 28 سبتمبر 2014

ومازالت صامتة

على ذلك الرصيف وجدتها جالسة بهدوء، تمارس صمتها، تعانق نفسها لوحدها، وقد سكبت ما في إناء حيرتي بجانبها، صماء بكماء وعيناها سدت بقماش متكئة على منسأة بيضاء حزينة كوجهها، اسمها العدالة وكنيتها صرح العدل وعملها في سابق عهدها دحض الباطل، والآن جردت مما تملك فقد أجتث أحدهم سيفها من غمده...لمن أشكو أيتها القاطنة بعيداً في ذلك المكان المهجور؟ قلّما أتاك الزائرون...لمن أرنو أيتها الساكنة في ثنايا روحي دونما همس؟فلقد أسكتك الظالمون...أيتها العدالة صارت حياتي ذات لون رمادي، بعد أن ساحت جميع الألوان...أغرقتها دموعي.... فقدت ذلك المفتاح! أبوابهم موصدة في وجهي...ومفتوحة لمن فقد مفاهيمك...ولمن سره حرق فؤاد المحزون....ولمن يبدع في التمثيل بجدارة...فلمن أشكو أيتها العدالة إذا كان خصمي هما القاضي والسجان؟بعت من عمري سنين لأساوي بالعدل ذلك الميزان...فلا يوجد إنصاف وجدته ولا ناصر نصرني!!لوحات على حائطي بلا ألوان... أظل أشاهدها وأحاكي من فيها بلا أمل...بلا جواب..وقد فقد عقلي قواه...شكت نفسي من نفسي فأنهيت بشخبطات قلمي خلجات لم أبحها بعد لأحد سواك... وأنت ما زلت تمارسين الصمت في حقي... فأراكِ تبدعين في ارتداء إزار ذلك القاضي وذلك السجان..أبطأتِ في عدالتك... وأنت من علمني أن العدالة البطيئة ظلم وطغيان...أيتها العدالة البطيئة... كم أصبت من اِلْتِعَاج واِنْكِثَام ونكد لمنتظريك.. كم أطلت من ليلٍ لمنتظري ذلك الفجر الغائب...كم انتكست من أعلام من أجل بطئك المتجاسر...لمن أشكو أيتها العدالة وها هو قد قدّ أحدهم قميصك من قبل ومن دبر، فلا علمت من الصادق فيكما ومن هو الكذّاب !وما زالت صامتةً...وفؤادي أصبح كفؤاد أم موسى فارغاً...حتى وجدتها فانية...وما دلني على موتها إلا دابة الأرض فقد أكلت هي والظلم منسأتها...ولو كنت أعلم بموتها مسبقاً لما لبث قلبي يجادلها...وأنا في قهر وعذاب مهين... وبذلك ختمت: " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " صدق الله العظيم.

1204

| 21 سبتمبر 2014

من أجل حياة أفضل

تائهون في هذه الحياة... تُقلبنا كيفما أرادت... لأننا لم نترك لأنفسنا بعض الوقت للتفكير والتخطيط لحياة أفضل، مُعلّقون ما بين قالوا ويقولون، ومتشابكون في خطوط الهواتف المحمولة، فتلتف علينا كما هي الأفعى لترمينا ما بين التغريدة والأخرى، ساعات طوال ورؤوسنا مُسدلة للقاع، إلى أن يأتي وقت النوم فنسترجع شريط أحداث اليوم لنُفاجأ بأنه لا يوجد شيء يُذكر ! بنظرة سوداء يرى البعض الحياة، الابتسامة قد يرونها مُحرّمة على أنفسهم ! لو دققت جيداً بهم سترى أنهم يسيرون ببطء شديد، مع ارتفاع حواجبهم قليلاً بحيث تصبح بصورة مقوّسة وكأنها أرجوحة أطفال، ينظرون إلى أعلى السقف بحزن شديد حتى تكاد دموعهم تذرف، وترى خريطة طرق على وجوههم من شدة العبوس، ويكأن ملامحهم قد تداخلت ببعضها البعض، يعيشون في علبة كبريت فارغة، لكي يقومون بالتمثيل في فيلم درامي مفاده أن الكرة الأرضية ضدهم، وأن القدر اختارهم بأن يكونوا أشقى من يعيش فوق هذا الكوكب، دونما أمل ! دونما إشعال شمعة في الظلام المرشوق بأحجار من اللعائن !أنا أقرأ... إذاً أنا إنسان ذو مدارك ! فلا معرفة دون قراءة، ولو تجولت في العالم الغربي سترى بأن القراءة لديهم كعادة، ما بين محطات القطارات أو خلال السير في الطرقات، وأثناء الجلوس تحت الأشجار، وقبل الخلود إلى النوم ويكأن القراءة اختلطت بحياتهم وتركيبتهم الشخصية ! فهم يبحثون عن حياة أفضل بطرق مختلفة، وأما معظمنا بالرغم من انتمائنا إلى أمة "اقرأ".. فإنه لا يوجد لدينا وقت! وآخر يقول القراءة مملة ! والبعض الآخر يقول إنه لم يعتد على القراءة ! وثُلة منهم لا يحبون الكتب بالأساس ! وفي النهاية يقولون لماذا وصل غيرنا إلى أعلى مراتب التقدّم والعلم ونحن لا نزال قابعين في ذات المكان الضيق وذات التفكير المُنغلق ؟ من أجل حياة أفضل تخلص من الطاحونات البشرية التي لا يهنأ لها بال إلا بعد صب سيل من النصائح التي لا جدوى منها فوق رأسك...ومحاولة إجبارك على أن تسير وفق أهوائهم... وأن الحياة تتوقف على آرائهم... وأنهم يعلمون مسبقاً ما الذي سيحصل لك...وإن حصلت لك ضائقة... تتحرك فيهم مشاعر "الأبهة ودق الودع " فيقولون لك: "كنا نعلم بأن ذلك سيحدث"!ولراحتك: ضع قطناً في أذنيك... وأغلق عينيك بإحكام... وأمسك قلبك بين يديك... ثم رتل بكتمان : "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا".لأجل حياة أفضل لا تلتفت للأقاويل السلبية ولغو الحديث... وابتعد عن أصحاب المصلحة الذين عندما تتشابك في أجسادهم عروق البحث عن مصالحهم عندك، يتناثرون أمامك كالجراثيم، ولربما أصبحوا أشبه بــ"الحذاء" حينها، فتلتم عليك عبارات الرجاء والتوسل للحصول على منفعة ما... وعندما ينالون ما يريدون يصبحون كما قال تعالى : "كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ"...فكر بنفسك وبمن يكنون لك المحبة الصادقة فحسب إن أردت حياة أجمل... اجعل بجانبك إناء للخير واسق من يستحق فقط ! وضع هذه الآية كقاعدة ومساراً لطريقك: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ". نصيحة أخيرة:عش اللحظة بما ينفع ... وبما يجعلك بسعادة وحال أفضل !

1847

| 14 سبتمبر 2014

نادلة المقهى

بين أنغام الأغاني والموسيقى وأصوات المرتادين، تسير النادلة في أحد مقاهي فيينا، تنثر أحاديث القهوة في الأكواب الكامدة، صفحات القهوة كالمرآة تعكس وجوه المرتادين، ما بين مبتسم وحزين وآخر دون أي تعبير، يُقلّب إعلانا ملونا ملقيا على طاولته لقهوة ما جديدة، أو يعبث في هاتفه المحمول لدقائق طويلة.بطلباتهم تعمل تلك النادلة وتتمايل يدها عند كل طلب وأمام كل طاولة لتقديم الأكواب الساخنة، تصطدم رائحة البن ببعضها البعض، ومع كل رشفة هناك حكاية ما تُحكى ولكن ليست على الملأ، إنما في الصدور متغلغلة ومتشابكة، صوتها مرتفع كصوت تلك المرأة المحبوسة في الأسطوانة الموسيقية تغني ذات الأغنية وبذات اللحن كل يوم في المقهى، وقد أوصدت تلك الحكايات وراءها الأبواب خشية أن يعلم عنها أحد!نادلة المقهى تمر على أبواب الحكايات في كل لحظة حالما تضع أكواب المرتادين، يسرق أذنيها قليل من الأحاديث التي تدور على الطاولات الهامدة فتستقر في ذاكرتها، لتستعيدها وقتما شاءت، فتُرتب أحاديثهم في الذاكرة التي تحملها كترتيبها للجرائد على مناضد المقهى.رجل يقبع مع قهوته في نهاية المقهى إلى جانب المنظر الذي يطل على الخارج، بالكاد ينظر إلى أعلى، فرأسه مُسدل إلى العقود التي يبرمها، يتراقص قلمه على إيقاع الأغاني التي تصدح في المكان، بينما هو يُحرك يديه للتوقيع، بياض شعره أشبه بالقطن وقلبه بلا مشاعر للبشر، إنما هو جُبل على الخفقان لأمواله فقط فآثرها على حياته وسعادته.امرأة تجلس هناك وبين يديها مرآة مخدوشة من منتصفها بخط متعرّج، فتُشاهد بها نصفها الجميل والنصف الآخر الغامض، تعكس بتلك المرآة نفسها وروحها، ترى غرورها بوضوح وفي بعض الأحيان تنبلج ملامح تواضعها، في ذلك الخط المتعرج فاصل نعيشه في حياتنا اليومية، فنخزن في أرواحنا الخير والشر، والحب والبغض، السعادة والتعاسة، العدالة والظلم! أحدنا يسير بحذر كابحاً جماح الجانب المظلم في نفسه فيتخطى ذلك الخط المتعرج، والآخر لم يستطع مقاومة الشر الذي بداخله فتعثر وعلقت رجلاه ولم يعد بعد، لأنه وقع في وحل الليل المُدْلَهِمّ.غائبة تلك الطَوِيَّة حينما يُسيطر على صاحبها الافْتِئَات والخديعة، فلسانه جُبل على قلب الحقائق ولعق الجهالة، دون الاكتراث بما قد يرسمه القدر عليه يوماً من أعلى تلك السماء، مجرور بالكسرة ذلك الضمير عندما يرغب في تدمير علاقة ناجحة أو تبرير فعلة مشينة أو النطق ببهتان عظيم! يجلس أحد الغرباء على طاولة ما في أحد أركان ذلك المقهى وهو يكتب هذه الكلمات على محرم صغير، تنظر إليه النادلة بابتسامة وهي تُقدّم له القهوة، فلقد وقعت عينها على تلك السطور...تتعالى الضحكات من بعض المرتادين ...فتفوح منهم رائحة القهوة والسجائر التي يتجرعونها ... تختلط بها حكايا أخرى قد سمعها جميع من في المقهى ...من علو أصواتهم ... وعدم اكتراثهم ربما بما يواجهون ويملكون من كلام ... فلم تعد أفئدتهم توصد الأبواب من وراء أسرارهم التي لم تعد الآن من ضمن قائمة الأسرار! على تلك الطاولات في أحد مقاهي فيينا تدور الحياة والحكايات المختلفة والنفوس اللبكة منذ بداية الجلوس وارتشاف القهوة، حتى يحين دفع الفواتير، والنادلة تعمل لحين لمعان النجوم وحلول الليل دونما تعبير ... مُجبرة على الابتسامة في وجوه المرتادين بالرغم من عبوس البعض في وجهها! لديهم طرق متعددة للتعبير، أما هي فقد جُبلت على الصمت والمجاملة وانتظار قوائم الطلبات دونما همس آخر!

2567

| 07 سبتمبر 2014

الاستقالة لا تزال في جيبي !

"هل تؤمن بالحب" ؟ سأله الوزير بنبرة مُلْغِز ه ... رفع رأسه من بين كومة الأوراق التي كان يضعها على طاولة سعادته ، مبتلعاً ريقه فأجاب بذهول: " نـــ .... نــــــ .. نـــعم طال عمرك". فرمقه الوزير بنظره ثم قال: "الحياة لا تخلو من الحب، فبالرغم من مرارتها، إلا أن مذاق العسل لا بد أن يسري في أفواهنا يوماً ما، فلا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا حب، حب قريب ... حب الأهل ... حب ما نملكه ... وأيضاً حب العمل ، أما الأخير فهو من الأساسيات، فمن لم يُحب عمله فلن يُنجز وإن أنجز فلن يشعر بطعم النجاح، أو يتذوقه بتهلل"! صمت لوهلة وهو شارد الذهن ماداً بصره على قلمه الملقى على ورقة حائرة تنتظر من يعطف عليها بالتوقيع أو النفي دون أن يتم تركها معلقة، شاركته ذلك الصمت والشرود ... وكلٌّ له ما يبرر صمته وشروده. "انظر إلي جيداً ... وتأمل أطراف حياتي وأبوابها ...وسر في الطريق الذي سلكته، فلقد واجهتني العثرات وأرهقتني النكبات، وجرعتني الحياة من مرارتها، ولكن ... بالصبر دحرت كل ما واجهني، وأصبحت في هذه الحياة كالحكاية، أنا مؤلفها وبطلها، فكل يرسم طريقه ... وأنا رسمته ونثرت عليه ألواناً عدة، فوصلت إلى هذا المكان بجدارة"! قال سعادته. ثم أخرج علبة خشبية فخمة من درج طاولته، فتناول سيجاراً قاطعاً رأسه بأناة فأردف مكملاً حديثه: "شاهد فخامة هذا المكتب وهذا الكرسي الذي أجلس عليه، تأمل ترحيب الآخرين بي وخضوع البقية، وكل أمر يصدر مني فهو مُطاع، فهذا أخذته بعرق جبيني، وجهدي ودأبي، فما الذي تبقى ما طمحت إليه وربحته؟ بينما يستمع سكرتيره إلى هذا الكلام المرصع بعبارات الفخر بمكانته، انفجرت قنبلة صغيرة في رأسه أخرجته من خجله فرد: "لا ينكر المرء أن سعادتك اتخذت من هذا الكرسي هواك، تجلس عليه وسط مكتباً شاسعاً، وحولك من يخدمك ويطيعك وغيرك محشورون في مكتب صغير لا يكاد ضوء الشمس يدركه. حاشيتك الموقرة هي من حُظيت بفضلك وكرمك ومناصبك! وأما الموظفون البسطاء، فهم لا يحصلون على ما يريدون إلا بشق الأنفس بسبب تزاحم الحاشية في طريقهم وعرقلة مسيرهم، فعن أي جهد وأي دأب تتحدث يا سعادة الوزير؟ جهدك عندما تترك أصحاب أرذل الأخلاق يعتلون المناصب؟ دأبك عندما تحرم من يستحق تلك المناصب وتُبقيهم على ما هم عليه؟ هناك من يختزن ضغنه في قلبه، ومن هم من يدسون لسعادتك السم في العسل دون أن تُدرك، ولا زالوا باقين على عهدهم في تبديد معنى العدالة والمصلحة العامة، ناهيك عن ناثري الدموع ترسيخاً لمبدأ "العيارة" وتعزيزاً لقواعد "الجمبزة" وتوطيداً للعلاقات مع "أسوأ البشر" وأنت من تقوم بمسح هذه الدموع بمناديلك رعونةً، لا سيما سعادتك الخاسر وهم من أينع الثمر! فأين طموحك من القضاء على مثل هذه الأفعال الدنيئة والانتصار لمن جُحد حقه وظُلم؟ مجتهدون يعملون بإخلاص دون أن يُمنحوا كلمة "شكراً"، وآخرون تحركت فيهم الغيرة على المصلحة العامة فأثابهم الله لنطقهم بالحق، وفي المقابل يُقاتلون ويُحاربون من قبل حاشيتك وهم أسوأ البشر؟ ألهذا وصل الطموح، ولا ضير مما قد يحدث لي جرّاء قولي هذا يا سعادة الوزير فليس لدي ما أخسره، والاستقالة لا تزال في جيبي!!". خرج سكرتير سعادة الوزير من ذلك المكتب الفخم وفي انتظاره ملفه الوظيفي أمام الباب حاملاً حقائبه استعداداً للرحيل، وأما الورقة الحائرة التي بين يدي سعادته فقد انتقلت إلى رحمة الله تعالى بعد أن قُطعّت أحشاءها ورميت في أقرب قمامة.

958

| 31 أغسطس 2014

السير في طريق الأمل

وضع في حقيبة يده كل ما يحب متأهباً للسفر.. قلماً ودفتراً.. جهاز لاب توب.. كاميرا ليوقف بها حركة الحياة لوهلة فتصبح شيئاً من الذكرى.. ورواية ينسى بها نفسه.. يحتاج إلى الهدوء.. في مكان بعيد.. بين أصوات محركات الطائرات التي تُحلّق في كل حين..وينأى بنفسه على مقاعد القطارات فيشاهد الغرباء ويحكي لهم ما يُريد.. فغالباً لن يتذكروه عندما تُفتح أبواب تلك القطارات منوهةً للركّاب بالرحيل..يود أن يُشاهد تلك الوجوه التي تحكي في ملامحها عن بعض ما تكنه القلوب من حزن أو سعادة.. عويل أو هدوء.. ثم يتأمل نفسه في المرآة.. ويبحث عن ما ينقصه!وكل ما يحتاجه هو لحظات من السكينة والهوادة ..بعيداً عن زحمة الحياة.. وشريط الأخبار المباغت على شاشة التلفاز.. أو تغريدة سياسية تشرخ أطراف هاتفه المحمول.. يرغب في أن يهجر الساعة الثامنة والنصف مساءً والتي تبدأ بها أخبار المساء وحرقان القلب والأعصاب.. متناسياً مشكلاته اليومية التي يواجهها في حياته الخاصة وغضب الآخرين.. يبتغي في تلك اللحظات أن يُنسى ويصبح رقماً موقوف مؤقتاً! وشاشة لا تعمل لحين عودته..ظل يُقلّب في عقله كل ذلك.. وهو يقوم بترتيب حقيبته.. إلا أنه قد نسى أن يزرع الأمل على الطريق الذي يسير فيه.. ويسقيها بماء المطر.. ويعتني بها ليرتسم على عشبها اللون الأخضر فمهما عصفت بالعشب الرياح يتمايل فقط دون أن يتأثر أو يُقلع من جذوره.. وهي كذلك مشكلات الحياة..ووجوه الآخرين الغاضبة..والقلوب الحاقدة...أو آلام السنين..كلها تُقهر بالأمل.. بالابتعاد عن كل ما يُعكّر صفو الذهن.. بدعوات منطلقة إلى السماء وبترتيل القلب آيات من الكتاب المبين بها يسكن الخوف ويزيد بها الإيمان " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "..يقول أحد الفلاسفة الإغريق: " إن أكبر مآسي الحياة هو أن يموت شيء بداخل الإنسان وهو لا يزال حياً، إنه الأمل".كالعطر هي رائحة الأمل حينما ينتشر في الهواء..وكالحجر الصلب والأمواج تلتطم به وهو صامد بشموخ..لا يستمع صاحب الأمل بما تردده الأفواه من كلام محفوف بالسلبية..أو انتقاد لاذع هدفه تحطيم الطموح..أو نظرات ضاغنة تنظر إليه بامعان...يؤمن صاحب الأمل بأن وراء كل محنة منحة من الله عز وجل..فلا حزن يدوم.. ولا مشكلة بلا حل.. ولا فقد إلا ومعه عوض من الخالق سبحانه..ولا مصيبة يُصاب بها الناس إلا لحكمة من السماء لا يعلمها إلا خالق البشر..هنا في عالمنا وحولنا فصيل مزعج من الأنام:عدو.. مناوئ..خصم.. وغريم..لا يخشاهم من زرع في قلبه معنى اليقين بأن الله معه..وأنه عز وجل قال: " أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ "..بلى.. دائماً وأبداً كيد الكائدين في تظليل..فهذا هو الأمل.. أينما كان الإنسان.. على أرضه أو كان على سفر..على مقعد الطائرة أو القطار..على أرصفة الشوارع أو طاولات المقاهي..وفي أي مكان وتحت أي من الظروف...فالألم لا يدحره سوى الأمل عندما نسير في طريقه ..و كل ما نحتاجه هو اليقين.. فقط اليقين..

1023

| 17 أغسطس 2014

آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ؟

يستمع إليهم بحذر يعلم أن أهدافهم بيضاء تنم عن نقاء قلوبهم، ومع ذلك يشك و يرتاب ! يستمع إليهم بإنصات وهم يتحدثون وينظر إليهم بتركيز مفرط وذلك بنصف عين، ويكأنه شرب شيئاً حامض الطعم ،يركز ويركز ويركز،وهم يتكلمون، ويفضون إليه بالحديث عن أمور تهمه وتهم مركزه، وهو يتأمل وجوههم وملامحهم مستبصراً هالتهم، ويبحث في الأرض إن كان هناك كذب ما سقط على الأرض من أفواههم، متصيداً لأخطائهم.وفجأة ..يُقاطعهم لكي يُفجّر طاقته الإبداعية في الحديث عن بطولاته، ومواقفه المُشرّفة، ومعاركه في العمل و الحياة العامة، ومن ثم يسترسل في إظهار ثقافته اللامتناهية، " أنا ... أنا ... أنا " تلك هي تُرَّهَاته، يجلسون معه والأنا خاصته تجلس بجانبه، لا يحب أن يقاطعه أحد، والويل الويل لمن لا يكون موالياً له ، أو يخالفه في الرأي ويؤيد رأياً آخر أو شخصية مختلفة ومنافسة له، فيصبح حينها أشبه بفرعون فيسألهم وهو مَشْدُوه " آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " ؟ يبحث عن تفاصيل الأمور Details … Details … Details... ويتطقس يميناً وشمالاً متحرياً الدقة في أمور لا تعنيه ! ويملك شخصيتان خنوعتان يستخدمهما " كالكلاب المسعورة " عندما يرغب في الانتقام من أحد ما، فيتركهما يهرولان لعض الضحايا وعيناهما ترمي بشرر، بمعنى أن يتم عرقلة أمورهم، وعدم تخليص معاملاتهم، أو يسعى إلى بث روح الكراهية لمن يكن لهم الشناءة في نفسه . كالحمل الوديع يتظاهر أمام الناس بلطفه وهو أشر خلق الله، إما أن تُطبّل له أو يحل عليك الغضب حتماً، وعندما ترتكب حاشيته خطأً ما فإنه من ناحيتهم غفوررحيم، وإن كان الخطأ ذاته بدرممن دونهم فإنه يصبح شديد العقاب ! " تششششششش " تلك هي حاشيته تُصفق له ليلاً ونهاراً، إيجاباً وسلباً، " الشور شورك يا يبه والرأي رأيك يا يبه "، بتلك العبارة هم يرضخون أمامه، ويستجيبون لأوامره . فهو وهم فئات قد ابتلانا الله بهم، ونراهم دائماً سواء في الحياة العامة، أو العمل أو أي مكان آخر، يجعلونك تحمل في اعتقادك أنك تتعامل مع قطّاع طرق، وتشهد الصراع اليومي بين الحق والباطل ، وتفهم جيداً معنى التزمير والتطبيل، والعلاج السليم هو السير في طريقك دونما التفات، وتحقيق هدفك حتى وإن وضعوا أمامك العراقيل والثغرات، فلا بد من يوم من الأيام أن تتخطاها بتحقيق هدفك وهم ينظرون إليك صاغرين، فلا تُدير لهم بالاً .

1664

| 10 أغسطس 2014

ثرثرة نفسية

ثرثرة أولى : النوم الهادئ ليلاً لا يستمتع به إلا ذو ضمير حي .. منصف ... شخص يضع رأسه على مخدته فيسرقه النوم بغتةً دون أدنى تفكير ... أو وسواس قهري ... وآخر يتقلب مراراً وتكراراً يرغب في أن يقبض على النوم عاجلاً أم آجلاً .. دون جدوى ! فالتفكير يلعب به مستبقاً بابه ... وأحياناً يغرق في نومه وسرعان ما تطرق شبابيكه أخطاء السنين الماضية ، فيتعرى من الليل ...بعد أن تتساقط نجوم السماء على سريره لتُرغمه على الاستيقاظ بفزع ! ثرثرة ثانية : الرسائل ...تُعيدك إلى ماضٍ قديم بمجرد أن تقع عيناك عليها وأنت تبحث في أدراج السنين عن ذكرى مفقودة، وقلبك فجأة يردد كلمات الحزن فيقول : " فمان الله يا ذكرى ماظنتي تعود " ... والنسيان نعمة وهبنا الله إياها فقد خُلق ذلك النسيان لإعادة برمجة العقل والإفاقة من النوم كأن لم يحصل شيء من قبل! ولربما تُعيدك تلك الذكريات بعد فترة من الزمن حينما تسير في طريق ما ... أو أوراق تالدة تُذكرّك بــــ " وطرٍ مضى "... وليس أمامك سوى الصبر ! ثرثرة ثالثة : يُقاتل ... يُكافح ...يُخاصم ...يُصارع ...ويُنازل من هو أمامه .... من أجل هدف غائب ... يُناضل ... يُنافح ... يُناوش... ويُبارز من هم حوله... من أجل أن يخلق لنفسه منصباً معيناً لينفث به باقي غروره ... عَاصٍ ... كَنُود.... مُتَمَرِّد ... شرس ... ويظن أن لن يقدر عليه أحد ! أَنْوَكٌ ... جَاهِلٌ .... جَهُولٌ .... سَاذَج ... وهو يعتقد بأنه ليس كمثل عقله شيء ! إنها الرعونة حينما تلتصق في فئة من البشر ! ثرثرة رابعة : الانتظار ...إشارة مرور لا تحتضن سوى ضوء أحمر لتوقف به السير ! الانتظار ... كتابٌ لا يحمل بين طياته سوى ورقة واحدة ولكنها مليئة بالحروف ! الانتظار ... صدرٌ لا يحوي إلا سجنا اندثرت به كلمات العتاب ... الانتظار ... مجموعة من البشر يحملون قلوب قاسية ... مُتحجّرة ...وغليظة ... أشداء على المحزون ورحماء على من هم على شاكلتهم ! الانتظار ... يجعلك أشبه بمدينة لا تنام .... ثرثرة أخيرة : وإني لأشفق على من يتوهم بشيء لم يحدث ... ويدعّي علماً وهو لا يفقه ... وإني لأحزن على من يختلق أمراً مبهماً ... وأبكي عليه وأنتحب ... فلقد اكتفيت بالاستماع والمشاهدة لمثل هذه الشخصيات المثيرة للشفقة !

1440

| 13 يوليو 2014

غريب يا ابن آدم

كلنا مجتمعون في ذلك المطار.. المعروف بمطار الحياة.. بوابة للقادمين وأخرى للمغادرين.. رغم انشغالنا في تفاهات الحياة فإننا ننسى أمور أخروية.. نتشبث بمطار الحياة.. فنرغب بعدم المغادرة، ولكن رحلة فإن كانت مستمرة، فإنها بلا شك لها نهاية. غريب يا ابن آدم.. رغم علمك بآنيّة الدنيا، فإنك لا تزال تظلم.. تجرح.. وتؤلم.. تُصر بعدها على براءتك وأنت تعلم في قرارة نفسك بظلمك المُستميت! آبد ومُعضل ذلك العقل الذي تحمله عندما يُقتل فيك الضمير.. فلا شيء يردعك إلا عندما تُصيبك لعنةً من السماء، فتخّرُ ساجداً لله عز وجل طالباً منه سبحانه العون! وأنت لم تترك أثر خطوات أحدهم إلا دعستها برجليك.. ولاحقت ظلا لآخر لكي تؤذيه!!غريب يا ابن آدم.. عندما يكون شعارك هو الفساد في الأرض، والحث على الرذيلة، والسعي لأكل مالاً حراماً.. واللهث وراء ما ليس هو من نصيبك، هذا هو السقم الذي لا دواء له عند بعض البشر، تراهم يُكابدون من أجل سفاسف الأمور دون الاكتراث بعواقبها.غريب يا ابن آدم.. عندما تُسرع في صلاتك.. وتُقلل من ذكرك لله عز وجل.. وتُقصّر في أمور دينك فتجعل الحياة من أولوياتك، وعندما تتعثر في الطريق تسأل: لماذا يحدث لي كل ذلك؟ تنتظر من الله التوفيق وأنت مُقصر معه ولا تساعد نفسك، فتظن أن الحياة ستوفر لك كل ما تريده بيُسر وسهولة، متناسياً أن الدنيا هي دار شقاء، وأما حلاوتها فإنها تحتاج إلى شكر الله تعالى عليها.غريب يا ابن آدم.. عندما تُذل نفسك للناس.. وتنسى رب الناس.. الذي خلقك وأكرمك.. تُهين نفسك من أجل المناصب فتتردد على شفاهك عبارات المهانة أمام كبيرهم فتقول: "شلوت سعادتك دفعةً للأمام.. وشخبطة إيدك هي تخطيط للمستقبل"! فرضيت أن تكون جهولاً.. أحمقاً.. ولا تعرف معنى الكرامة!غريب يا ابن آدم.. عندما ترتدي ثوباً لا يليق بك.. وكأنما لسان حال المثل الخليجي يقول: "ثوب ماهوب ثوبك يخب عليك "! فتوهم نفسك بكمالها... وتدّعي علمك بكل الأمور.. وأنك من بني قوم ليس كمثلهم شيء، فتفرد غترتك بغرور(والغترة معلجه بعد) وترتدي نظارتك الشمسية رافعاً أنفك لأعلى، وتسير في ممرات المكان الذي تعمل به، وعلامات الأُبهة والاختيال مُرتسمة عليك من قمة رأسك حتى أخمص قدميك.. والعقل في نهاية الأمر ليس إلا " كرتون بيض ".. ليش كل هذا؟ فمن تواضع لله رفعه.. ومن جعل الكبر غايته ومرماه سيراه الناس صغيراً! بل النار مثواه وإن كان الكبر بمقدار ذره! غريب يا ابن آدم.. حينما يُرعبك اسم أحدهم ولا تهزّ قلبك آية من كتاب الله.. وتدمع عينك على أغنية ولا تتأثر جوارحك بحديث شريف، تنقلب لديك المفاهيم رأساً على عقب دون سابق إنذار، وتتغير فجأة على من هم حولك بمجرد غلطة واحدة مهما كانت تفاهتها، وتتعجل في إصدار الأحكام على الآخرين وكأنما انطبق عليك قوله تعالى "وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا".غريب يا ابن آدم.. عندما تدّعي التديّن... وترتسم عليك مظاهره، وتتفنن في لبس أقنعة الورع والعفاف والتُقى، موهماً الآخرين بأن قلبك عامر بالإيمان، وأنت في حقيقة الأمر مريض بآفة الكذب والنفاق، بالرغم أنك مهما تظاهرت بذلك فإنه لابد أن تبين الحقيقة في يوم من الأيام، وينكشف أمرك المُضمر!وبوابة المغادرين في مطار الحياة ستكون مفتوحة دائماً بمواعيد محددة ودقيقة لا يعلمها إلا البارئ عز وجل، ولهذا الوقت الذي سيُباغتك فجأة استعد!نقطة فاصلة: هناك أشخاص ينتظرون التوفيق من الله.. وهم يظلمون ويقعون في أعراض الناس..فالله لا يظلمن مثقال ذرة في السماء والأرض..ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور..والتوفيق مرتبط لا محالة بحسن السريرة ونقاء النية..وليس السعي ضد أحد!

4119

| 06 يوليو 2014

alsharq
العدالة التحفيزية لقانون الموارد البشرية

حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...

8769

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

6936

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

2913

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

2343

| 07 أكتوبر 2025

1692

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1686

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1674

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

1602

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...

1086

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

945

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...

939

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
لا نملك سوى الدعوات

يخوض منتخبنا انطلاقاً من الساعة السادسة مساء اليوم...

891

| 08 أكتوبر 2025

أخبار محلية