رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

شرخ على حائط الذكريات

كان الأخ الأكبر من ضمن ستة إخوة وأخت وحيدة، كل ما يذكره هو مجلد من الذكريات الملتصقة كعلكة تارزة لا يكاد الماء الحار يُذيب بعضاً منها، لا ينسى علبة الكبريت التي أحرق بها ستارة الصالة قبيل تأثيثها، وقع ذلك في بدايات الثمانينات ليصادف الحدث ذكرى مولده الذي وقع هو الآخر في يوم رملي عاصف غطى أرجاء الدوحة بمجرد ولادة عبد الرحمن . عبد الرحمن أول فرحة لوالديه وأول حزن له بمجرد وجوده في الحياة فقد سقط رأسه بصرخة مدوية من فم صغير، نمى جسده بفعل ترسبات السنين وأخطاء مغفور لها ونزوات غير مقصودة تسببت تلك النزوات بولادة عدد من الرؤوس الصغيرة من بعده، مما ترك والده يضمحل جسده ويزداد بياض شعر رأسه من شدة التفكير في كيفية الإنفاق على ذلك الفريق الذي خُلق دون أن يصبح لديه ملعب! * يالله اركبوا بسرعة! وين أمكم؟ انضم عبد الرحمن إلى صندوق صغير مليء بالأطفال ذوي أحجام متفاوتة الطول والعرض والعمر، ذلك الصندوق البني هو سيارة والده، لم يكن أحد منهم يستطع التمتع بالمناظر الخارجية القاحلة من السيارة، لتعمد والدهم تغطية زجاج السيارة بالجرائد خشية أن تُصيبهم هامة وعين لامة، يتمتم بعبارات شاجبة لتأخر والدتهم عند تبديل ملابسها ... ويوجه اللعنات على الحياة التي عاقبته بتذييل اسمه بعد أسماء أولاده ... العتب والشتم لأن طرف ثوبه متسخ بلون أسود غريب ... الصراخ وتقوّس حاجبيه لأن زوجته رفعت غطاء وجهها عند ارتشافها " شاي كرك " وزجاج السيارة الأمامي منسدل ... لقد اعتادوا الذهاب في رحلة عائلية أسبوعياً عند كافيتريا صغيرة جداً قريبة من منزلهم تكفي لجرسون واحد وطاولة بلاستيكية مربعة، لتبدأ الطلبات وتعلو سقف الصندوق البني: " يبه أبي كرك ... أبي آيس كريم أبيض ووردي ... أبي ساندويش بيض مفيوح مع جبنة...... " فيقوم في نهاية الأمر بتوزيع الطلبات على تلك الأجساد الضئيلة بتحلطم نتيجة الإزعاج الذي كاد أن يُفجّر طبلة أذنيه .. كصوت وتر عود غريب تمر السنين لتتغير أرجاء الأجساد وأطرافها ومضمونها، فكبر من كبر وكانت الرؤوس الصغيرة قد تبدلت في أحجامها وطريقة تفكيرها، ومن بينهم عبد الرحمن الذي كانت والدته تعاني منذ صغره من عدم قدرته على مسك القلم، وخطه المعرّض للسخرية لتشابهه الكبير بالخط الهيروغليفي وعدم قدرته على ترتيب سريره الصغير الكامن في غرفة تحوي جميع إخوته . كان صوت العود يعزف وتر الذكرى في رأسه الصغير إلى أن كبر ... تناسى قلمه ... وخطه الغبي ... وسريره العميق من شدة القفز عليه ... وغرفته التي هي أشبه بسجن جماعي .... تدور الكرة الأرضية سواء بسير أرجلنا عليها أو دفن أجسادنا تحت رمالها ... وتدور الكرة تحت أرجل عبد الرحمن تباعاً : * متى بتتزوج يا وليدي ؟ أبي أشيل عيالك قبل ما أموت ! يجلسان في صالة المنزل عبد الرحمن ووالدته وأمامهما كوبان من الشاي الأحمر وصورة والده المتصلبة على طاولة الصالة، صوت ارتشاف عبد الرحمن هادئة وهو صامت، لا يذكر هو كم من السنيين قد صمت، ولا يذكر متى هي آخر مرة سمع صوته فيها! ولكنه يذكر أن هذه الجلسة قد تكررت منذ سنوات طوال حينما كانوا يتجمعون مع والديهم ويتلاعبون بحبات السُكّر ويرتشفون الشاي من الصحن الزجاجي الصغير الذي يركن عليه الكوب ! يمر الوقت سريعاً وتجري عقارب الساعة ... ليعيش عبد الرحمن وسط شاشة صغيرة ... في قطعة معدنية مصقولة! يكمل بها صمته الأبدي ... فتنعكس أشعة الشاشة على وجهه .. ويقرأ ما يكتب الآخرون ولكن دون حبّات سُكّر !

640

| 02 أغسطس 2015

وبهذا فليكن!

لقد اختلط الحابل بالناب... ووضعت الأكف على الأفئدة... يسمع دقاتها ساكني بيوت الطين... والواقفون على السور يُغنون... بأصوات عالية متعرجة... خلقوا لأنفسهم أحبة مجهولين... يعشقون العشق نفسه وهم فرادى! ليس في قلوبهم منزل يأوي الطرف الآخر... كم هم محرومين ... يبحثون عن جماد يسير معهم أينما حلوا ... وصورة بلا برواز ... لمجموعة من أشباه البشر رحلوا ذات يوم بلا وداع ... بلا موعد للقاء قريب ... وبلا رسائل! *** أنا كاتبة قلمها بات في ضياع ... أنا مؤلفة جرحت كتبها كلمات حادة... أنا مجرد حبر على ورق ناصع البياض... أنا لست سوى بشراً يصيب ويُخطئ! ضيعني واقعي بعد أن كنت في سلام.. حرفاً كتبته... بيتاً نثرته... خاطرةً نقشتها... وكل ما خطه قلمي كان صرحاً من خيال فهوى! **** كم هم أغبياء من يُفسرون الأمور بما تشتهي مصالحهم.. كم هم أغبياء من ارتكبوا خطيئة الغرور ... كم هم أغبياء من طال بهم الأمل ! فتحركت ديدانهم لالتهام أجسادهم ... في قبر لا يأوي سوى جثة واحدة وحقيبة أعمال ! **** يسير مفتول الصدر .... غترته مُسدله ... ثوبه أبيض .. خطواته متبختره ... "زول غير عادي" حوله حاشية ... تقلده في مشيته ... وتقف بمجرد وقوفه ... أنفه مرفوع لعنان السماء .. تعلوه ابتسامة خبيثة ... وبمجرد أن يهبط على أرض الواقع ... يتلفت نحو تجمع للنساء ليبادلهم نظرات الإعجاب ! ولتحيا المبادئ المنسية ! آخر كلام : في هذا الزمان ... الملابس أنظف بكثير من بعض مرتديها !

534

| 27 يوليو 2015

ألف صمت

كان ذلك منذ سنوات …اعتاد قلمي الاعتراض …أنا أحتج ! أنا أحتج ! أنا أحتج !فانهالت عليّ اللعنات .. واشتدت على طيوري العواصف …وأحرقت أشجاري البراكين …وانقسمت أوراقي من المنتصف …وقلمي مد بصره بالاحتجاج …إلى أن التفت الساق بالساق …وكمم فاهه …وأسدل جفناه …ثم أسلم الروح شاعراً لُف في كفن ناصع البياض!وعاش في العالم الآخر تحت راية السلام الأبدي ... ***في كل صباح عصفوري يغرّد في الأفق …عن الحياة … ومداعبات نسمات الهواء بريشه الناعم …وصوته العذب يمارس الجوى على أغصان الشجر …كان يغني عن الورد … وقطرات الندى الدامعة …ونمو الجذور أسفل الأرض … وتاريخ العصافير … وتبتلها أمام ملكوت السماوات …واندثار نعش النسور …ذات يوم صُفع بحائط حجري … ولقي مصرعه …فاختفى صوته … وانتهت أغنياته …وأصبحت الحياة تُغني عن ذلك العصفور!***أتعبني التعامل مع الأغبياء ..يقفون أمام بابي ...يهشون على غبائهم ...ويمرقون من العقل كما يمرق السهم من الرمية ... يضعون أيديهم في جيوبهم ... يبحثون عن مشكلة ... فتقع منهم نقود معدنية على الأرض ...يمدوّن أبصارهم ...ويمعنون النظر ...ذلك ضرب من الجنون ... كيف وقعت ؟ وهل كُسرت ؟ وكيف صرّف سقوطها القدر؟ يعيدون ذات الأسئلة ...وتُرد عليهم ذات الأجوبة ...التي تضاءلت دون أن تدخل في عقولهم ...وأنا أستمع ! ***هؤلاء همج ! يقتحمون الأبواب ... ويزحفون على الأرض ... وتخترق أرواحهم حائط منزلي ...هؤلاء همج! يقتنصون الفرص لإيذائي ...يبادلون تحيتي بالشتائم ..ويصافحون يدي بالخناجر الدميمة ...هؤلاء همج! لم يعتادوا الرقي ...ولا التصرف بروية ... بل جُبلت عقولهم على البربرية! لأنهم همج! ***ألف صمت ...ألف قوة ... ألف سكينة ... ذلك مبدأي ...ألف صبر ...ألف حكمة ...ألف عقل ... تلك هي صفتي ... والبقية في حياتك أيها الماضي !

577

| 14 يونيو 2015

انكسار على قارعة الطريق

نجوم الليل هامدة ولامعة … تقف على لوحة السماء كريشة مرابطة …كانت عارية تحدوها ثياب متقطعة هي ذاتها السحب البيضاء …تُغطي ما بان منها من جسد مكدود..وأنا أنام على يمين وجعي …أقرأ أذكار النوم … وأداري شظايا اهتزت وربت على كتفي!كنت أحسب السنوات العجاف …وأقسم الناتج على ثلاث وثلاثين سنة من عمري …فتظهر القسمة ويختلف حولي الحمقى …يرون ظلي في كل مكان..في لوحاتهم المعلّقة …في كتبهم القديمة …في جرائدهم..في صحراء أذهانهم …ظلي معهم … هناك!يقيّدونه …ثم يشعلون الحطب تحت رجليه …ليلتفوا حوله بصورة دائرية!متماسكين … كقوى الشر … لا يعلمون أن ظلي لا يحترق … وأنهم أشعلوا بداخلي الكلمات!أحرقتهم تباعاً …فخرجوا من أرضي بلا ملامح …وهرعوا إلى قبر يأويهم ولكن لا مفر!***رأيت للأعلى …هناك رجل سيسقط … ولكن سقوطه أسود دامس!ليموت وينتثر سوءه على الأرض …وتتدحرج نواياه ليفتضح أمره أمام أرصفة الشوارع..وأضواء البيوت … وجذوع الشجر …هذا ما جنته يداه في سنة كبيسة …وشهر رجراج …ويوم وضيع …فعلى جبينه جُفت صحيفته … هذا ما فعل!***خطواتي تسبقني إلى ما لا نهاية …في شارع طويل..والأرصفة تحمل خطوات السائرين …وأحذيتهم …أنا أسير بطريقة عكسية … أحمل أشياءً لا تخص الغير …لوحدي … ليس بجانبي أحد … وهذا ما أردت!أبقى وحدي … وأحتفظ بسري في ذلك الصندوق … دون تطفل الأهفاء …وسخافة المأفونين …أسير عكس التيار … لتتحرك الأفواه …وتغزوها الأرانب!***في الصباح … جميعهم يفيقون لأعمالهم … ليتناولوا وجبة إفطار في إحدى الفنادق الفاخرة …ليسيروا تحت ظلال المباني …ليقرأوا الجرائد …ليستمعوا للأخبار الإذاعية …وأسعار السوق …ليتناوبوا على النميمية …ليلتصقوا على الأبواب الخشبية المُزخرفة …ليجدفّوا فوق بحر الحبر …ليزعجوا الآخرين بأسئلتهم …ليمارسوا حقاً غير مشروع … ثم ينامون بسكينة …إلا أنا … فأنا مشروع شجرة لا تنام!***بصمت أو بآخر هو لا يعرف ما الذي يدور حوله …أنا أحسده …ولا يمكنني أن أُشفق عليه …فأنا أؤيده!هو أصم.. لا يسمع حكايات المتضعضعين …هو أبكم … لا يرّد على ألسنة الدخلاء …هو أعمى … لا يلمح أقنعة المتصنعيّن!هكذا حياته ستكون أطهر … وصحيفته بلا خطيئة …وسيمضي في برزخه بعيداً عن صدى الآهات …

699

| 31 مايو 2015

السناجب

انحدرت من سماء مشمسة إلى أخرى غائمة في معظم فصول السنة، ماطرة، باردة، ذات أرض معشبة بكثافة، أجلس على كرسي خشبي طويل، ثُبتت أرجله في أرضية المكان الحجرية ذات اللون الرمادي، على رأسي مظلة خضراء نُقش عليها اسم "هارودز" بلون ذهبي، كان المطر ينهمر بلا توقف،كاد يُغرقني ويبدو أن غيوم السماء أقسمت عليه ألا يفعل ! ألا يُقدم على هذه الفعلة السيئة فيطفو جسدي على الأرض . ثم تسيح بصماتي وخطوط يدي فيضل الطريق وتتوه قارئات الكف عن ملاحقة ذكرياتي، وأمسي ونسياني، وتنبؤات مستقبلي المبهوت، يا لغبائهن فقد قرأن كتاباً بلا عنوان، بلا كلمات، بلا ورق ممتلئ بأسرار حياتي الشخصية .هذا أنا لا يعرف عني إلا شخص مجهول لم يعرف اسمي بعد، كنت أجلس وأرى ذلك السنجاب بجسده الصوفي، المائل إلى اللون البني الفاتح، بيده بندق يخشى عليه من الضياع، فيبحث عن أرض يدفن بها ذلك البندق، ربما لديه أبناء ! ربما مديون ومهدد بالسجن في شجرة أخرى منتصبة في بورتلاند تُحيطها السناجب السوداء الشريرة، ربما مريض، أو حزين خانته حبيبته فأُصيب عقله بالاختبال، ربما هو مسحور يحتاج إلى كسر بندق والتصدق به، لقد تآلف معي السنجاب فهو يدخل ويخرج من شجرته ويرمقني دون أن يخاف، وفتح حقيبتي الجلدية الصغيرة باحثاً عن بنادق إضافية .ولكنه لم يجد إلا جنيهات إسترلينية قليلة ادخرتها لشراء كيس بندق لبعض السناجب البشرية في حياتي . سنجاب أول يرمقني بنظره، ويُظهر لي أسنانه، ليست ابتسامة إنما أنياب تُخفي خلفها بنادق سامة، له ذيل مائل كأنه أُرجوحة، ناعم كشعر طفل مولود، عيناه عسليتان كما هو الشهد المصفى، لديه بندقان، قطعة في فمه والأخرى في يده يمسكها بإحكام، كلما وقعت منه قطعة سارع في التقاطها ووقعت الأخرى،يحفر الأرض بأظافره ليبحث عن بنادق لأصدقائه السناجب ويسرقها عنوةً !واستمرت حياته على هذه الحال، ما بين بندق وآخر، حلال و حرام.سنجاب ثانٍ يجلس أعلى الشجرة، خائفاً ينظر للأسفل، دميماً، خبيثاً، يُراقب أصدقاءه السناجب الآخرين، لم يدركوه بعد وهو يرميهم بقشور البندق، وأحجار صغيرة مفتتة، بقصد إيلامهم، وفي منتصف الليل وهم نائمون، يسعى لحفر الأرض بأظافره أمام أبواب بيوتهم الصغيرة، ليقعوا وسطها، أسنانه صفراء من شدة حفره للحاء البلوط والصفصاف، ريشه كث يميل إلى اللون البني الفاتح، تخين الجسد، وذيله به ريش كثيف، عيناه دائرية ذات لون غامق يبعث على النعاس عند تأمله، كأنه ساحر ذو معطف أسود، يطعن ظهر أصدقائه غدراً، من رآه من السناجب الأخرى فليغرس أظافره في قلبه .سنجاب ثالث وقف أمامي بجسده وريشه ذي اللون الرصاصي، وقد أمعن النظر في ملامحي الممزقة، ومظلتي تستدير فوقي كحائط يحول دون هطول علامات التعجب، سناه بارزان، وذيله قصير، أخرجت من حقيبتي كيس البنادق ورميت قطعة واحده أمامه، تدحرجت على الأرضية الرمادية المبتلة، قام بسحبها عنوةً واحتضنها، ثم أكلها أمامي دون أن يهرب، دون أن يدفنها في مكان ما، دون أن يخاف مني، وقف واستدار نحوي بعد أن التهم تلك القطعة اليتيمة، وركبه الفضول وقفز على حقيبتي الصغيرة ليبحث عن شيء آخر،ليس فقط عن بندق ولا فاكهة، ولا مكسراتـ، إنه يبحث عن كل شيء، عن تفاصيل صنع حقيبتي، عن سبب تواجدي هنا، عن مظلتي بكم اشتريتها، عن كلمتي كيف كتبتها، عن كل شيء، فذكرّني بأحدهم، تركت مخيلتي جالسة على الكرسي الخشبي المتآكل، اصطحبت عجوزاً طاعنة في السن ترتدي معطفاً حليبياً وقبعة ربما يعود صنعها إلى السبعينيات، كنت قد رأيت تلك العجوز جالسة على الكرسي المحاذي، فاصطحبتها سيراً على الأقدام لأسألها كيف أعيش وسط عالم أبله لا يفهم !؟ ثم توقف المطر وعادت السناجب إلى بنادقهم المدفونة .

1084

| 17 مايو 2015

بابي أقفلته بإحكام!

خرج من كهفه ذات ليلة فقال لي: "الباب اللي يجيك منه ريح سدّه واستريح" …ها أنا ذا أقفلت بابي بإحكام … وسددت أذني عن كل كدر وهم مسموم … لم هم لا يستطيعون إخفاء قشرة قلوبهم؟؟… ها هي أخيراً انعكست على وجوههم …فسقطت الأقنعة … وثُبّت الحبل ليشنق الأعداء …قالت لي أمي ذات يوم: "لن يقهركِ ظالم … ولن يضركِ مجحف ولا حاقد فقد استودعتكِ بودائع الله الواحد القهار" …قلت لها: "ومن ذا الذي يقهر وفوقه القهّار … ومن ذا الذي يجحف ويحقد وفوقه الحكم العدل؟ … فكل شيء خُلق بمقدار …"..قال لي أبي ذات يوم: "ميزان العدالة لا بد يوماً أن يستقيم" … فقلت له: "حتماً سيستقيم طالما أن لنا ضميراً لا يموت … "..حينها نقشت عبارة على صفحة مجهولة من كتابي مضمونها أن "الضمير هو المحكمة الوحيدة التي لا تحتاج إلى قاضٍ" … كنت قد وثقت في أناس لهم أذيال … إلى أن استيقظت من ذلك السُبات …سرقوا معطفي علّهم يجدوا اسمه …بحثوا في رسائلي …فتحوا أدراجي …حطموا زجاجات عطوراتي …تصفحوا كتبي …ربما يجدوه …هم يبحثون عنه … لا عني!لقد وضعوا سلماً ليصلوا إلى ثوبه …ولكن سقفاً ما يحولهم دون الوصول إليه …فلينعموا به إن استطاعوا …ها هو قد أقفل على نفسه الباب … وهذه المرة بإحكام!ماذا يريدون؟ جاه يُطفئ غريزتهم؟ أم مال يغدق بالنعيم على نزوتهم؟ قل لي ماذا يريدون؟منزل فخم؟ سيارة ثمينة؟ عشاء فاخر في مطعم يشرف على برج إيفل؟أم التنزه بجانب نهر الدانوب؟فليخرج ذلك الرجل بطاقته البنكية … وليرافقهم بنقوده حتى يكسبوا الرهان …هم يرغبون بذلك … فأقفلوا على أدمغتهم بإحكام!إلا أنا …لم أرغب يوماً إلا في الحديث مع الورق … ومشاهدة فيلم وثائقي يحكي عن وفاء الكلاب..يوم أن فقده البشر …لم أبتغي يوماً سوى التنعم بقيلولة في ظهيرة لا مشاة لها …وتصفح الجرائد اليومية بصفحاتها المحلية فقط… حتى لا أُصاب بداء السياسة …والنوم ليلاً بضمير هادئ … يغرق في نوم عميق …لم يدمي جرحاً … ولم يسرق مالاً … ولم يظلم فقيراً!هذا أنا …وأما هم فقد تركتهم على جهلهم يتناوبون …غيوم ملبدة:سيهطل المطر يوماً ليغسل شوائب الماضي … قريباً … قريباً!

933

| 10 مايو 2015

تطايرت كالسراب!

هل يمكنني أن أشرح موضوعاً وسط الملأ؟لا أجد رهبة حينما أتحدث … ولكنني في البداية …أشعر بارتعاشة في القلب … عليّ أن أتأمل وجوه الحضور … وجه تلو الآخر … لأعتادهم …وفي ختام الشرح … عليّ أن أتحمل سخافة البعض..وغباء البعض الآخر … عندما يتركون المضمون ويتناوبون على القشور!ماذا قلت وسط هؤلاء البشر؟لم ينتابني الغرور … إلا قلمي … حينما كتب …ولساني الذي نطق:أنا من زرع ثمراً وحصده الآخر … أنا من غاب دهراً وعاد دون أن يُذكر …أنا من عاش في كدر ليبتسم أحدهم …أنا من قام بتأليف اللحن … وغزل الشعر …ونقش الحرف ليبتلعني الغياب ويظهر الآخر …أنا من داوى جرحاً … وعافى دمعاً… وشكر سعياً …كلاهم أنا … وبلا حرفي هم لا يكونون …لا أقلّد أحداً … ولكنني أبحث عن جبرانيات حروفي …بداخل عقلي الذي امتلئ بأبيات كالسراب …تطايرت في السماء مخترقةً أبراج الدفنة … منذ أن ولدت كتاباتي ذات صباح مع تثاؤب الدوحة …حينما نفضت عن ثوبها ناصع البياض …فاستيقظت واستيقظت معها كتاباتي …لأبني معها ما تركناه بالأمس …خُلقت لأموت … وسأموت لأعيش بعيداً عن البشر …تبدأ حياتي في الثامنة والنصف مساءً …لأرتشف قهوة مرة … ثم أرتمي وسط أحضان الحروف …فأبثها لتسير بين تلك الأبراج الشاسعة … حتى الصباح … فتذوب في قلوب البشر وهم يهمّون لأعمالهم … وصوت المذياع يصدح في شوارع الدوحة …بــــ " وطني الحبيب صباح الخير " …تمدّني بأمواج بحر الكورنيش …وتسحبني بجزرها …بعيداً … بعيداً جداً …لأغيب …ويبتلعني الغياب مرة أخرى!

747

| 03 مايو 2015

الصبر زين!

"امبله!" … أشعر أنني أعمل في مسابقة قوة التحمل …كل ما علي هو التصدي للضربات العكسية …هم من وضعوني على هذا المنحدر الخطر … بالرغم من قراءتهم للجملة التحذيرية …" Danger Keep Out "لم يكترثوا بي … ولم يبعدوني … إلى أن دق ناقوس الخطر …وطموحي وسط القفص يُحرق حياً …هذا ما عهدتهم عليه من جانب صريح …ومن جانب آخر يقولون "الصبر زين" … "امبله!" … يتجمعون حول المدفئة في صيف حارق …ويستحمون بماء بارد في شتاء دميم …يشربون خبزاً …ويأكلون ماء …وينامون في السماء تحت نجوم خضراء يانعة …يسقط منها الثمر الأحمر …يلتحفون الغيوم حتى يجدوا السلام الداخلي …هذا ما يطلبون! أناس بقوة خارقة لم يعهد بشر مثلهم من قبل …ولو وجدوا من يملك معجزة سيدنا سليمان الحصرية …لكان لذلك شأن عظيم …… فلنصبر …والصبر زين … "امبله!" … "إلى يانا وياكم …خير لفانا ولفاكم ..وشر تعدانا وتعداكم …زور ابن الزرزور اللي عمره ما حلف ولا كذب زور …ذبح بقه وترس سبعة جدور …وخلى اللحوم والشحوم على الصواني تدور …. " كان "جودر" من خيرة الناس في تلك القصة … ومع ذلك حقد عليه إخوته …ولكنه انتصر …انتهت "الحزاية" يا حبابة …و لا زلت أدافع عن قضيتي …وأنتظر الحكم من القاضي "بو سنّه"!وسأسمي بالرحمن و"برقد" وقبل ذلك سأصبر … فالصبر زين! "امبله!" … يخلطون الحابل بالنابل …ويقتلون القتيل ويسيرون في جنازته … محزونين .. ويخرجون بأعذار لم يأت الله بها من سلطان …لا يخجلون من عتب …ويقفون على نوافذ الدهشة …ويكأنهم لا يفقهون شيئاً … ويكأن الغفلة قد تربعت على رؤوسهم …ولكنني رأيت الذيل يتحرك …يمنةً ويسرةً بتمايل لئيم …وخيط سميك ملقى على الأرض … به طعم … لاجتثاث ما يكنه القلب والخاطر من أسرار …صبراً … صبراً والصبر زين … "امبله!" … مسجون هو ما بين قرارات الأمس الجارحة …وخطة يرسمها لمستقبلي …هكذا فعل … يرسم ويلون مستقبلا مكسورا بلوحة بيضاء …مستقبلي مجهول الهوية… سرقه مني أحدهم …فقال لي ذات يوم … الاصطبار والجلادة هما الحل…والصبر زين ….الصبر زين …"وليت الذي وداك يا زين جابك!وتشوف "عقب قراراتك" كيف الأيام سوّن" …

848

| 26 أبريل 2015

ضوء في نهاية الممر

أعيش تحت ظل شجرة... لا شيء ينير طريقي سوى بعض النجوم... بعضي يبكي والبعض الآخر لا يزال يتصفح كتاب ذكرياتي المنقوش على رصيف رمادي يشتكي جفاء السائرين.... وها أنذا أعيد تصنيف كتاباتي لتتشابه مع واقعي المظلم.. الجريح.. الآسن!أعدت صياغة معظم الفقرات ليتناسب ذلك مع سياسة دار النشر التي اتفقت معها على محو ذكرياتي من ذاكرتي وسردها في كتاب منفصل أعيش معه تفاصيل حياة الأنا تحت ظل شجرتي الوفية... الحاضنة لأضلعي... حلمي عديم الهوية... مكسور الجناح! لغتي غريبة لا يفهمها الآخر ولا الآخر له لغة سواها...يمارس البعض في حقي ازعاجاً مميتاً يقاتل طبلة أذنيّ كالذباب...أقاومه بوضع سماعات للأذن... بموسيقى صاخبة وأكثر ازعاجاً...حياتي بدون الكتابة.. بلا طعم... بلا لون... بلا رائحة!كتجربة كيميائية صعبة هي كتاباتي... حيّرت علماء الكيمياء!عرّت ضعفي وقوتي في آن واحد... ليس لقلمي مثيل فقد اشتريته ذات يوم... ذات ساعة... ذات دقيقة... ذات ثانية... ذات لحظة! من تلك المكتبة المنتصبة في نهاية الشارع الرمادي، ذو زجاج التصقت عليه "استيكرات" لقلم Parker النحاسي الصنع... ذو العلبة البلاستيكية الشفافة... أذكر تلك المكتبة الصغيرة جيداً حينما كنا صغاراً كنّا نتهافت عليها لشراء أقلاماً للمدرسة وعلباً هندسية تحتوي على المنقلة ذات النصف دائرة! وأقلاماً أخرى...والآن "كيبورداً" يتحمّل حروفي وكلماتي... من يهتم لذلك؟أنا من يضيع ليبحث عن صديق الكتروني ذا كيبورد بأزرار حفرت عليها الحروف العربية لأستخدمها في الحال!أنا من يغيب... لأعود مرة أخرى ولكن للآخر... الآخر...الحاضر... الغائب...الذي يقرأ كلماتي ويفهمها...الذي بنى مدرسةً ليبني جيلاً بكتاباتي ومذكراتي وروايتي التي لم تنتهي بعد!على هذا الورق أعيد تصنيف مذكراتي اليومية... لأكتب ما أريد...بورقة دامعة وأخرى ساخرة... ساخرة من الألم! هذا ما يقولونه دائماً عني بأنني أسخر من الألم والمجتمع الذي أبى إلا أن أولد بداخله في مستشفى حمد للنساء والولادة... في عام 1981 بعد أن سُمع صوت دوي من حنجرة صغيرة... ووجه أبيض دامع... وجه أحمرّ من شدة الفزع من الممرضات اللاتي فتحن أعينهن الصغيرة بـ Hello Baby Your Mum is Here! .وتتمدد الكلمات في أفواههن... ليصبح نطق الكلمة الواحدة لمدة عشر ثوانٍ، وأصابعي الصغيرة تتحرك وهم يحملونني بين أيديهن... فتكبر... وأكبر تباعاً... لترتخي أصابعي على كيبورد الكمبيوتر المحمول في محاولة مني للعودة إلى الآخر...كلمة أخيرة:"صمت الآخر أحياناً، أشد رعباً من نطقه بحقيقة لا نود سماعها".* سعود السنعوسي

919

| 19 أبريل 2015

طموح مقتول.. وجورج مجرور بالكسرة !

اشتقت كثيراً لكتابة المقالات، فأرغب الآن في الابتعاد بعض الشيء عن القصص الأدبية والتعبيرات المبّطنة والصور الدالة التي غالباً ما التصقت على جبيني محدثة لوناً أحمر كـ "البندي" الذي يضعه الهنود على جباههم، ازداد شوقي للمقالات الساخرة بعيداً عن الحوارات التي كنت أضعها وسط عمودي في الصحيفة الذي سرعان ما تنطفئ إضاءته فأضطر لجلب بعض العمّال لتغيير "اللمبة " وتزويدهم بخمسين ريالاً لكل منهم، لا أعرف ولكنني لا زلت أحب اللون القصصي، ولا زلت أسرد روايتي التي شارفت على حفر اسمي وسط قلبها.. ليس المهم قلبها ولكن الأهم من أقصد خلالها.. اهااااا روايتي ... متى سأنتهي منها ؟ لا أعلم.ولو انتهيت من سيدرك ذلك سوى قلمي وأنا ودار النشر وأصحاب الاهتمام من خارج الفضاء الذي أعيش فيه وبعض من أصدقائي المجانين الذين سيقطعون الكعكة على شرف خادمتنا "ميري" التي تزوجت للتو عن عمر يناهز الخمسين عاماً، فانظر ماذا ترى ؟ سوى أسنانها المسوّسة وقطرات الدهن من رأسها والصليب الصدأ المعلق على رقبتها السمراء.. "ميري " خادمتنا الوفية التي تعلّقنا على ظهرها واختبأنا تحت طاولة كي الملابس المرمية في غرفتها ذات رائحة "الحمسة ".. أتعلمون كم هي وفية ؟ بالرغم من رائحة الزيت الأصلي الذي يفوح من شعرها الطويل ذو "العجفة " اللامعة." سلام أليكووووم مداااااااام " .ترتجل حينما تلقي تحية الصباح على والدتي وهي تتحدث في الهاتف دون اكتراث، فتعبث في "واير " الهاتف الحلزوني وتمرر إصبعها حوله فتجمعه ثم تطلق سراحه بغتةً حينما تقول: "وييييييي من قال ؟ "، ثم تتفنن في رسم الدوائر على سجاد المنزل وتمسح اللوحة الفنية كل حين ومع كل حكاية تحكى لها في الهاتف الأخضر القديم ذي الأرقام الحديدية التي يصدر منها صوت رنان وكأنما يزدرد الهاتف ريقه مع كل رقم ! أيااااااام.. بل سنوااااات.. زمن الطيبين انتهى.. ولا تزال "ميري " صامدة ليس في منزلنا بل في قلوبنا لأن احنا "سفرّناها " منذ سنوات.. ولكنني أفكر في الاحتفال معها في "بنغلور " ذات يوم! حينما أبدع في إنتاج شيء ما.عفواً ؟ هل "حضراتونا " قلنا الإبداع ؟أيوه .أهااا الإبداع !فلنتحدّث قليلاً عن بعض المبدعين.. كيف نجدهم ؟ وأين هم ؟"مش موجودين " !نعم ؟لا مش المقصود بـ "مش موجودين بالمعنى الدقيق ؟ "إنما مش موجودين على أرض الواقع.اهاااااا يعني مش بارزين ؟لا لا " مش موجودين " على الساحة !أي ساحة ؟ الفنية ؟ العلمية ؟ الأدبية ؟ولا أي ساحة مما ذُكر ؟ليش ؟هم موجودين بس مدفونين لأن أسماءهم خالية من اسم جون.. جورج.. دونا .. كومار!عليكم من الله ما تستحقون.. والله يقطع إبليسكم.. ونشكركم من الأعماق فقد تم تحديد مفهوم الإبداع من خلال حوار بسيط بيني وبين "حضراتونا " ! مرّت علي بعض الوجوه المبدعة دون قصد وهي تسير "جنب الحيط " ترسم.. تخترع.. تكتب أشعاراً وتروي قصصاً.. وتبني حلماً من الطوب، وتلوّن أوراقاً بألوان زاهية وتسدل عليها ستاراً.. عفواً لم تسدله هي بل أسدله بعض ممن تمتلئ شجرة عائلتهم بجون وجورج.. ويأجوج ومأجوج.. لا ضير فزمن الطيبين انتهى.. وكتاب " حمد و سحر " بنسخته الأصلية لا يكاد يبين. وشعارات تشجيع المبدعين مجرد حبر على ورق نتيجة "كراسي" جلست عليها أجساد "خوجاتيه ".. هل قلت: "كراسي" ؟ لا لا لم أقصد كراسي بالمعنى الدقيق، إنما "كرّاسة التلوين" التي تباع في المكتبات لأضعها أمام بعض المبدعين فيكملوا حديث النفس بالريشة والألوان.. ومن ثم يذيلون فنونهم بعبارة "عنزة الفريج تحب التيس الغريب ".. و افهم يا فهيم ! وحرّكنا بالخيط زي العرايس يا زيكو.هل قلت شيئاً جارحاً ؟حشا والحشا عن ألف يمين !اشوه ... المهم شخباركم ؟

471

| 13 أبريل 2015

سلسلة صراع الخير والشر..الغيرة تقتل أحياناً

ماذا لو كنت تستطيع إغماض عينيك عن أخبار الثامنة والنصف مساءً ؟ فهناك صراع نهايته دم !ماذا لو كنت نعجة أمام الذئاب ؟أتقاتلهم ؟ أم تجاريهم ؟ أم تحيك جلداً كجلدهم وتلبسه ثم تخلق ذيلاً لك لتصبح بطلاً مزيفاً ؟أيرضي ذلك غرورك ؟ أم يعوّض من نقصك ؟ أم تعتقد أنك ذئب أصيل ولدت وسط الغابات وتعيش في الجبال المطلة على الأغوار !والسؤال الأهم: هل جربت أن تسير وتزرع في طريقك وروداً حمراء ثم يحرث أرضك الآخرون لينتزعوا ورودك ويزرعوا لك " زهرة القلب النازف " السامة ؟!فالغيرة تقتل أحياناً ! دونت تلك الأسئلة في دفتري ووضعته أسفل صندوقي الخشبي فوجدت كتاباً بين كومة من الأوراق يحكي بعض الأساطير المصرية القديمة، تصفحت الكتاب والذي يحتوي على أوراق أطرافها متآكلة، فقرأت ما تيسر منه .... فيُحكى أن ملكاً اسمه " أوزوريس " كان رجلاً عادلاً وطيباً وسعى إلى أن يحقق العدالة في الأرض، وجدته في الكتاب واقفاً وملتفاً في ثياب طويلة حابكة، وقد وضع على رأسه التاج الأبيض لمصر العليا، كما يظهر بلحية مقدسة مستعارة، ويمسك في ذراعيه المتقاطعين رمزية التقليديين المقدسين، الصولجان المعقوف والمذبة، للدلالة على السلطة والعظمة على التوالي. كان " أوزوريس " يحكم مصر فقد ورث الملك عن أجداده ولديه إخوة من بينهم أخوه " ست " الذي امتلأ صدره حسداً وحقداً على أخيه " أوزوريس " متخذاً صفات عكسية فهو المتسم بالعدالة في الأرض التي كان يحكمها، وأما " ست " فقد أطلقت عليه الأساطير رمز الشر والفوضى، وحكت الأساطير ما حكت عن روايتهما التي لا تضاهيها رواية في الأدب فتعددت النهايات ... إلا أنها اتفقت على أن الدافع هو الغيرة والحقد والحسد، فنازع " ست " رمز الشر أخاه " أوزوريس " على العرش."ست " كان غيوراً من "أوزوريس" وزوجته " إيزيس "، فقرر ذات يوم التخلص من أخيه فقام بعمل احتفالية كبيرة عرض فيها تابوتا رائعا مرصعا بالذهب والجواهر أذهل الجميع، فقام الحاضرون بالنوم فيه لكنه لم يكن مناسباً إلا لــ " أوزوريس " فنام فيه الأخير وكان متناسبا مع جسده تماماً فأغلق عليه أخوه " ست " التابوت بإحكام ومن ثم ألقاه في نهر النيل فمات غرقاً .حزنت زوجته " إيزيس " حزناً شديداً فبحثت طويلاً عن جثته وضربت في الأرض سعياً للحصول على جثة زوجها حيث اغتصب أخوه العرش بعد مقتله، وانفطر قلبها ألماً وهي تبحث إلى أن عثرت على الجثة في منطقة يطلق عليها جبيل ( بيبلوس )، فنما ذلك إلى علم " ست " الذي مارس دهاءه وخبثه فسرق جثته وقطّع أوصال أخيه إلى اثنين وأربعين جزءاً فوزعها في أقاليم مصر، ومع ذلك نجحت " إيزيس " في تجميع أشلاء زوجها ! فمرت السنوات وكان " لأوزوريس " ابن اسمه " حورس " رمز الخير والعدل، فربته ورعته والدته " إيزيس " بعيداً عن أعين عمه الشرير " ست " فعاشت معه في أحراش الدلتا إلى أن كبر وأصبح رجلاً فانتقم من عمه الذي وقع صريعاً تحت يد " حورس " بعد صراع طويل ومعركة دامية انتهت بانتصار " حورس " كما يلقب بــ "حامي أبيه" واعتلى العرش، فاستعاد تحقيق العدل في الأرض التي حكمها . نهاية سرمدية :-انتهت القصة بانتصار الخير ودحر الشر ...وإن كانت سنوات الحزن والظلم والخداع طويلة...نبتة النزاع في هذه الأسطورة القديمة هي الغيرة القاتلة على المناصب ... العرش ... المال ... والجاه ! ... ولكن حتماً الخير هو المنتصر في نهاية المشوار ... نهاية معاصرة :-أغلقت الكتاب ... ثم وضعته في مكانه في صندوقي الخشبي ...فجلست جانباً وبين يدي ورقة وقلم رصاص مكسور لأعيد تصنيف من هم على شاكلة رمز الشر " ست " في زمننا المعاصر! وليطمئن أهل الخير فإن الخير سينتصر في النهاية ...

1198

| 05 أبريل 2015

ذكريات الأمس.. وأخيراً تبددت !

في ليلة ما وقع حائط الغفلة على جبيني فتحطمت ذكريات الأمس، لا أريد أن أحزن في هذا الوقت.. أرجوك يا كتبي خبئيني عن حزني قليلا، حياتي متوقفة عن الكلام، ربما هي صماء وبكماء، اللعنة لا أريد أن أحزن ! في تلك الليلة كانت السماء ممطرة فرائحة المطر أصبحت في مخيلتي كعطر فرنسي.. أضأت إنارة واحدة وأشعلت التلفاز لأشاهد فيلما كويتيا قديما ذيل عنوانه ب ( بس يا بحر ) ظهرت فيه الفنانة حياة الفهد بمشهد امرأة مسنة تجلس بملابس رثة وهي تغسل أوانيها وابنها يطلب منها أن يعمل في ( الغوص ) امتلأ جوفي بالأبيض والأسود كلون الفيلم الذي أعادني إلى عالم آخر.. بسيط.. طاهر.. فلوثته الحياة العصرية ببؤسها، في تلك الليلة أنزلت على نجوم المساء ورق البردى لأنقش عليه بقايا تكهنات العمر، وأشعل الحطب بالنار لأحرق بها ذكريات الأمس، كنت أتساءل وقتها هل الحياة تغيرت أم نحن من تغيرنا وتبلدت في أنفسنا المشاعر، نقطة سوداء التصقت على الأرض ومعظم الناس حولها في حين ضوء القمر يشع نوره فيبحث عنه القليلون، ربما هذا هو اختصار الحياة وقد تكون مجرد تكهنات كتبها قلمي في ليلة لا يوجد بها سوى المطر .أدراجي أغلقتها بإحكام لكيلا تتسلل منها ورقة أوعلبة عطر فارغة احتفظت بها كذكرى من ذكريات الأمس، كم أردتها أن تتبدد.. أن تذوب.. أن تطير في السماء.. أن ترحل بتذكرة ذهاب دون عودة.. دون أن تعود إلي محملة برسائل ديسمبر.. تلك التي تسير في أوردتي منذ سنين، في تلك الليلة قضمت حروفي بدلا من أظافري والتفكير يدور حول ذكريات الأمس التي تحترق وتعلوها الأدخنة وتفكيري يصرخ "أبراكادابرا " ربما يخرج منها شيطان أعرج، صحيح ! لقد نسيت أن أحرق صديقي الودود "الهم " وسط الذكريات وعلى رأسه مبدأ "رضينا بالهم والهم مارضي فينا "، أتذكر ذات يوم سمعته.. بل سمعته مرارا وكلما تم ترديده تراقصت أمامي الشحنات السلبية ذات الجسد المائل على أغنية مجهولة الهوية.أعتقد أن قلمي بدأ يهلوس أو أنه قد انتمى إلى الثقافات البائدة.. ربما ! ولكنه لا يزال على قيد الحياة وهذا ما يهم، أذكر أنني في تلك الليلة غرقت في نوم مدته ربع ساعة فقط وأنا أجلس على كرسي هزاز، فرأيت في المنام روحي المثقلة تسير وسط الشوارع في ليل مقيت والسيارات تسير بسرعة باتجاهي عن اليمين وعن الشمال، أحاول الهروب.. وتحاشي الاصطدام.. وحمد الله أنها لم تصبني بسوء، عندما استيقظت أدركت أن حياتي تسير وسط دائرة التحديات، حينها قررت أن أخوضها ولا أبالي فأزرع نبتة وأعتني بها إلى تصبح شجرة، إن سمعت عواء سأدرك أنني فعلا قد أوجعت الكلاب، وإن قررت أن أكتب مقالا فإنني سأحوله إلى كتاب، حتما سأكمل ذلك الطريق وإن كان لا يخلو من العثرات، سأحمل في حقيبتي أدوات التصليح والنجارة لأصلح ذلك الطريق وأطهره من براثن المنافقين.. وفساد الحاقدين.. سأطلي ذات يوم على الحيطان ألوانا زاهية وسأكتب عليها عبارات العدالة ! ذات يوم سأفعل.في تلك الليلة تبددت ذكريات الأمس، ونقشت على أوراق البردي تلك الكلمات، ثم تركتها جانبا، اعتذرت من كتبي ورتبتها.. وضعت رواية " قنديل أم هاشم " في المقدمة لأعود لها في وقت قريب وأشعل بقية قناديلي.. تنقلت بين محطات التلفاز، محطة تلو الأخرى إلى أن قربت أن أستقر في إحدى محطات حياتي.غيمة رمادية لئن مت ليكونن ذلك مجدا ولئن عشت لتكونن رحمةأورفيل دوغلاس

850

| 22 مارس 2015

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

6735

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6312

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3396

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2790

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2067

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1812

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1599

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1521

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1185

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1062

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

966

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

762

| 16 أكتوبر 2025

أخبار محلية