رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المعركة وجودية

الأحجار السبعة من فلسطين، وأولها توجه الإعلام العربي والرأي العام العربي إلى المجتمع الدولي في محاولات جاهدة لإقناع العالم أن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي هو إبادة جماعية وجريمة إنسانية، وهذا يشير إلى أننا على مدار 75 عاماً، ورغم الأموال الضخمة التي استثمرناها في فضائيات عالمية وشراكات مع وكالات العلاقات العامة هي فقط لترويج بياناتنا الصحفية وتغطية مؤتمراتنا الرسمية، وأننا رغم مرور 75 عاماً لم نؤسس لنا قاعدة إعلامية في الغرب لأسباب تكتيكية. ثانيها، هو نجاح إسرائيل ومن معها من حلفاء في المنطقة العربية إلى تحويل القضية الفلسطينية من صراع عقائدي أيديولوجي وصراع إسرائيلي-عربي إلى «نزاع إسرائيلي-فلسطيني» او «نزاع بين إسرائيل وحماس»، وفيما ينحصر النزاع في قضية سياسية أو بقعة جغرافية معينة أو خلاف على شيء ما، اختفى مصطلح الصراع العربي-الإسرائيلي من قواميسنا السياسية وبياناتنا الختامية. ثالث الأحجار يشير إلى القضاء على تأثير طلبة الجامعات، ونقل المعركة الثقافية من أروقة الجامعات التي كانت تُخرج المظاهرات المليونية إلى مقاطعة تجارية لمقهى، والاعتكاف عن سندويش وبيتزا، وتكسير لمقاهٍ في زاوية هنا وحي هناك. رغم أن المقاهي شكلت سابقاً ملتقى للمثقفين الذين كانوا يخططون لثورات فكرية ويكتبون أشهر القصائد الفدائية والرسومات الكاريكاتيرية في زوايا المقاهي العصرية. رابع الأحجار، هو ترويج القضية الفلسطينية على أنها فقط كارثة إنسانية حلت بشعب بسبب تيارات عسكرية، حيث التركيز على التبرع والإغاثة والمواد الغذائية، وهي حاجة أساسية وضرورية للصمود، لكنها وسيلة سياسية لاحتواء مشاعر الغضب الإنسانية، وبرمجة العقل الباطن العربي أن التبرع بالمال هو الحل للخروج من الشعور بالذنب أو التعاطف الأمثل مع الضحية. الحجر الخامس، وهو ذلك الذي يُثقل كاهل الدبلوماسية العربية التي أقل ما يمكن وصفها اليوم في ظل ما يجري من تصفية للقضية بـالهزلية، حيث الكوميديا واضحة في بروتوكولات سياسية لا بد وأن تعقد على شكل مؤتمرات متعددة الأطراف، وأخرى ثنائية، وإلغاء لاستقبالات رسمية، فيما تحط في إسرائيل طيارات الوزراء والرؤساء الأجنبية. سادس الأحجار في شعوب عربية تطالب أحزابا سياسية في لبنان بالتدخل على الجبهة الجنوبية، فيما أنظمتهم تنام في العسل باتفاقيات تطبيعية، لم تجد مظاهرة مليونية داخلية. سابعها، الصمت العربي، ومخطط التطبيع آتٍ والمعركة اليوم وجودية.

816

| 23 أكتوبر 2023

الحشيش السياسي!

نظرة سريعة على المشهد العربي بوحداته السياسية والإعلامية والثقافية والاجتماعية، تُعطينا مؤشرا واضحا على الشرذمة العربية، وانقراض آخر جينات وراثية لما عُرف يوماً بالقومية العربية أو بالجهود العربية المُشتركة. كُلّ مُكوّن من مُكوّنات المنظومة العربية يعزف على وتر، واللحن تائه، يُسبب الطرش. وسائل الإعلام العربية تعمل بلا كلل، وألف تحية للعاملين بها، ولكن أغلبها ما زالت تتغافل عن أولوية الالتزام بـ «الإعلام الحربي» على السبق الصحفي، إذ ترى، وتسمع، وتلحظ إلحاح المذيع في الأستوديوهات العربية وسؤاله المراسل في فلسطين وغزّة وجنوب لبنان ومناطق النزاع، عن موقع إطلاق الصواريخ المُقاوِمة، مع إلحاحه على معرفة أسماء الطرقات والشوارع والأنفاق والوسائل التي يستخدمها المدنيون للاختباء أو للهرب، وكأنّه موظف بارع في إرسال الإحداثيات إلى العدّو لضرب النقاط المخفيّة، وهذا ما حصل خلال حرب لبنان عام 2006، حيث ينضمّ المراسل الصحفي إلى المدنيين، ويبدأ بتلقين المعلومات العسكرية على الهواء مباشرة، وما هي إلا ساعات وتُقصف الشرايين الحيوية. في المواقف الرسمية العربية، فلغة السلام رائعة، والحمامات البيضاء تُرفرف عبر الخطابات السياسية الداعية إلى التخاذل والاستسلام ، وكأن «الحشيش السياسي» وُزّع بالتساوي على المتحدثين، الذين يُذكرونا بمسابقات ملكات الجمال، وحلم المتسابقات بالسلام العالمي العادل والشامل، فيما البوارج الأمريكية والطائرات وتصريحات وزراء خارجية دول أوروبية وأميركية انحازت بشكل مباشر وواضح إلى إسرائيل. ولكن على ما يبدو فإنّ كمية السلام في قلوبنا كعرب تفيض حباً وعطاءً على شعوبنا، والفائض لدينا غمرنا به «أعداءنا». منظمات المجتمع المدني، بعضها مشغول بإدانة ذلك النظام وتلك الحكومة، ومحاولة اقتناص الإبادة الجماعية بحقّ الشعب الفلسطيني وتشبيهها بممارسة الأنظمة تصفية لحسابات داخلية. وبالطبع المحصلة ستكون بإطلاق حملات الإغاثة وجمع التبرعات وإعادة الإعمار ومساعدة المنكوب وإرسال البطانيات والغذاء والدواء لمن تبقى من هذا الشعب. عن الشعوب وهي المُكوّن الرئيسي في المنظومة العربية، يبدو أننا اكتفينا بالتعبير عن غضبنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنّا من شارك بمظاهرات مُنّظمة مع رفع علم فلسطين ، ونشر الصور الإعلامية، وإرسال رسالة إلى سفراء الغرب، أن شعوبنا منزعجة، وهو أضعف الإيمان. ومن الناس من رفع شعار «فلسطين ليست قضيتي» لأنه لا يُريد أن يدفع بعد اليوم ثمن القضية، فيما ينعمُ غيره بالعملات الذهبية. المثقفون والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي والفنانون ولاعبو كرة القدم، أغلبيتهم، يتخذون موقف حكوماتهم حيث يسود الهدوء بينهم، مع توقعات بإطلاق ألبومات وطنية، ودعوات إلى مقاطعة الحليب الإسرائيلي والشنطة الصهيونية .إنّ الموقف العربي المُشترك، والرؤية العربية المُشتركة وضعف الاستجابة العربية المتكاملة لما يجري في فلسطين من هجرة قسرية، وإبادة جماعية، وما تُخطط له إسرائيل وحلفاؤها من تصفية للقضية الفلسطينية، واضح وصريح. وحدهم الفدائيون، وأطفال فلسطين، سيقلبون المعادلة، تماماً كما يحدث في كلّ مرة، لكن يبدو أن الأغبياء وحدهم من يرفضون التعلّم من التاريخ ومن مسار هذه القضية.

849

| 16 أكتوبر 2023

«فلسطين ليست قضيتي»؟

مُطبعاً، مُحايداً، مُتصهيناً، متفرجاً أم مؤمناً بالقضية الفلسطينية؟ من حقك أن تُعبر عن قناعتك مما يجري في فلسطين المحتلة منذ أكثر من 75 عاماً. وأن تكتب وتقول رأيك صائباً كان أم خائباً. ومن حقك أيضاً أن تُتحفنا بنظرية «فلسطين ليست قضيتي». والجميل في الزمن الرقمي، أنه من حقك التعبير عن أفكارك وتحليلاتك السياسية ورؤيتك الاستراتيجية حول «طوفان الأقصى» وعلاقتها بعملية التطبيع السابقة واللاحقة. فأنت مواطن عربي عالمي، لديك حقوق إنسانية كأي مواطن غربي، تكفلها لك القوانين والدساتير في حرية التعبير. وما أنبل تلك الحرية إذا تمخضت عن مواقف الحكومات الرسمية الداعية للتهدئة، حيث تُبديان معاً كحكومة ومواطنين القلق من تصاعد العمليات العسكرية، داعيين إلى الهدوء من منطلق أن العنف يجر العنف، وأن السلام والتعايش بين الأديان هو الحل والوئام. ومن حقك أيضا أن تغفل عن المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني على مر عقود، وأن تتغافل عن عدد الشهداء والأسرى والأطفال الذين أجبروا على تشييع آبائهم وأمهاتهم واتخاذ الحجارة درعاً لهم للدفاع عن حقهم في الوجود. ولا أحد ينكر حُبك لوطنك، وقناعتك بتحييد شعبك عن حربٍ طال أمدها، دُفعت فيها أثمان باهظة، مُعتبراً أنه آن الأوان لشعوب صديقة وشقيقة أن «تحمل عنك كتف» وأن يأخذوا منك هم السلاح، وأن تطلب يومياً حق اللجوء إلى بلاد بعيدة، تطارد فيها زُرقة السماء، وسحابة الشتاء، وتسمع فيها جريان النهر وزقزقة الطيور بعيداً عن الغربان. فلا حول ولا قوة لنا، وحسبنا الله، في عولمة أعطتك حق إيصال صوتك إلى العالم، ولو كان من أنكر الأصوات. مقابل حقوقك التي وردت أعلاه، من حق غيرك عليك، أيضًا، أن تستحي وتصمت وتكبح جماح وقاحتك عندما ترى مظلوماً انتفض للدفاع عن مظلوميته. مظلومٌ يُضرب كل يوم، ويُسبى، ويُضطهد، ويُقهر، ويتألم، ويصرخ أنيناً مناشداً العالم، وهو سجينٌ بين جدارٍ عنصري، وعلى حدود بحرٍ ملؤه البوارج والألغام. ومن حقك كمظلوم ألا تعاون الظالم وإن بلغت مرحلة متقدمة من الهوان، وجئتنا بأوهامك تستجدي حمامات السلام!.

2736

| 09 أكتوبر 2023

هل تُزهر الصحراء؟

تستضيف قطر اعتبارا من أمس 2 أكتوبر 2023 ولغاية أواخر مارس 2024 المعرض الدولي للبستنة «إكسبو ـ قطر 2023»، الذي يقام للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفيه يستعرض المشاركون من 80 دولة جهودهم في مجال الزراعة والاستدامة ويتبادلون الحلول لمواجهة المشاكل المرتبطة بأمن المياه والطاقة والأمن الغذائي. وإن كان لكلّ حكومة مشكلاتها ولكلّ مجتمع ثقافته، إلاّ أنه وبلا شكّ تُعتبر قضايا الاستدامة تحدياً عالمياً مُشتركاً تختلف تأثيراته بين بلدٍ وآخر ومنطقة وأخرى، وتتأرجح جدّيته في أجندات الحكومات ووفق الأولويات الإقليمية والدولية. في هذا المعرض، سيجتمع الممثلون الرسميون ويتبادلون اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف، وسيحرص البعض منهم على عرض إنجازات حكوماته، فيما سيسعى آخرون لاستعطاف التمويل والدعم. ولكن الحاجة الملحة هي في إعادة بناء احترامنا للطبيعة، والامتثال بقاعدة ألاّ نطغى في الميزان، وأن نفهم الاستدامة على مستوى الأُسر والشعوب، فالأغذية التي تُفقد وتُهدر تُشكّل 38 بالمائة من إجمالي استخدام الطاقة في نظام الغذاء العالمي وفقاً لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة. ونظرة سريعة ويومية على وسائل التواصل الاجتماعي، تعكس الصورة الحقيقة لحجم الأغذية المهدورة عبر الترويج لكميات هائلة من الأطعمة بهدف الشُهرة، أو بغرض تحفيز لُعاب السمنة المفرطة، حيث تُشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ أكثر من 340 مليون طفل ومراهق حول العالم يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وما يزيد على 1.9 مليار شخص بالغ يعانون من زيادة الوزن بينهم نحو 650 مليون إنسان مصاب بالسمنة المفرطة. هدر الأغذية، وإضراب المزارعين، وشكاوى العارفين بالأسمدة المسرطنة لزيادة الإنتاج العالمي، وغيرها من القضايا الجوهرية، باتت نغمة روتينية تُتلى على مسامعنا، ويتم التغافل عنها في المناقشات الدولية. الأخضر الغربي وإن ساعدنا في زراعة الصحاري سيستمدّ ظلّه من العالم الخارجي ولن يُثمر إلا بسماد أجنبي. وهذا جزء من التعاون الأُممي، ولكن ألم تُثبت التجارب أن العودة إلى الجذور هي الطريقة الأكثر نجاحاً في علاج أزماتنا؟ نتطلع إلى مخرجات إيجابية من معرض «إكسبو ـ قطر 2023»، فلطالما كان أول الغيث قطرة، ولطالما أزهرت الصحراء بعقول أبنائها وإيمانهم بخُضرتها.

660

| 03 أكتوبر 2023

أُجور غير عادلة

تُحيي الأمم المتحدة في 18 سبتمبر من كل عام مناسبة تُعتبر سنوية، وهي في الحقيقة شهرية وربّما أسبوعية أو يومية في كثير من دول العالم، وهي «اليوم الدولي للمساواة في الأجور»، وهو اليوم الذي تدعو فيه المنظمات الأممية المعنية بالمرأة وشؤون العمل إلى المساواة في الأجور بين المرأة والرجل أي الذكر والأنثى، وأتوقع الفوضى العارمة التي ستحدث خلال السنوات المقبلة، وسط الفوضى الجندرية التي نشهدها في العالم. وريثما تمرّ هذه العاصفة الجندرية التي يثيرها المتحولون، فإن الأرقام الأممية تُشير إلى أنّ النساء يتقاضين أجورًا أقلّ من الرجال في المهنة نفسها، وساعات العمل نفسها. تُقدّر فجوة الأجور العالمية بين الرجل والمرأة بـ20 % على مستوى العالم، وذلك بسبب الهيكلية التاريخية غير المتكافئة التي تمنح الرجل رواتب وعلاوات أعلى من المرأة على أساس أنه المكلف بالإنفاق، وكما يقول المثل المأثور «منّك المال ومنها العيال»، ولا أدري ما دور المرأة هنا إذا كتب الله عليها عدم الإنجاب. المهمّ أن معدّل مشاركة المرأة في القوى العاملة العالمية حاليًا، وبحسب منظمة العمل الدولية، لم يتجاوز الـ47 %، في حين أن مشاركة الرجل تصل إلى 72 %. وفي دراسة أخرى، تؤكد منظمة العمل الدولية أنّ النساء اللاتي يرغبن في العمل يواجهن صعوبة أكبر في العثور على عمل مقارنة بالرجال، وذلك بشكل خاص في شمال أفريقيا والدول العربية، حيث تتجاوز معدلات البطالة بين النساء 20 %. وهذا يدحض نظرية الكثير من الرجال الذين يدّعون أن المرأة بإمكانها العثور على وظيفة أسرع من الرجل، وإن كان ذلك صحيحاً في حالات كثيرة، لأنه يعود إلى موافقة المرأة على العمل في مهن غالباً لا يقبلها الرجل، مثل مساعدة، أو سكرتيرة، أو مدخلة بيانات، وقبولها بأجر متدن، وساعات عمل إضافية غير مدفوعة، على العكس من الرجل الذي يكون أكثر تزمتًا في هذه المسألة. أصحاب نظرية الفارابي في المدينة الفاضلة، سيدّعون أن أجر الرجل أعلى لأنه يكفل ماديًا شؤون الأسرة، سواء كأب، أو كزوج، أو كأخ، وهو هنا يرى نفسه ملزماً بتوفير المأكل والمشرب والسكن كالذي يُطعم الدواب، وهو ما تراه أيضًا الكثير من الشركات والمؤسسات التي تصرف للرجل إضافة في الأجر عند زواجه، لا تكفي لإطعام قطة جائعة في الشارع. نظرة مُنصفة على البيوت في عالمنا العربي، تعكس حقيقة تكفل المرأة بمصاريف الأهل، أو الزوج، أو الأبناء، وذلك رغم دخلها المتواضع مقابل الرجل، وما ارتفاع أسباب الطلاق إلاّ مؤشر على ذلك. وهذه مسؤولية لا تقع على الرجل، وإنما تقع على صانعي السياسات في أسواق العمل الذين يفترضون أن مُجرّد وجود كروموزم «XX» في هوية المرأة سيحرمها من أجر متساو مع «XY» لأنه بالتأكيد سيُنفق عليها، وهذا ظلم اجتماعي وقانوني لابُدّ أن يُرفع.

933

| 18 سبتمبر 2023

20 عاماً بين جدران التعليم؟

العودة إلى المدارس، هي عنوان هذه المرحلة الزمنية على مدار هذا الأسبوع، وبعدها سيتأقلم الجميع مع الموسم الجديد، من أولياء الأمور، والطلبة، والقائمين على حركة المرور، والتُجار الذين يستثمرون العودة إلى المدارس في جميع الإعلانات بغض النظر عن علاقتها بالتربية والتعليم. فكافة أنواع الأغذية غير الصحية متوفرة بخصومات كبيرة من لحوم مصنعة، وخُبز مُحسّن، ورقائق البطاطس المقلية بزيوت مهدرجة، والعصائر المكونة من نكهات اصطناعية وسُكريات خطرة، ولتبدأ المغامرات الدراسية!. ما يهمّنا هنا ليس الخصومات على «القريدس» بمناسبة العودة إلى المدرسة، بل الطلبة. وعليه، لماذا يتوجب على الطفل في العام 2023 أن يكون طالباً في المدرسة لمدة 15 عاماً وربما أكثر، ليكون في فصل دراسي من 6 إلى 8 ساعات يومياً؟ الجواب ببساطة، لأن هذه هي المدة الزمنية التي يستغرقها الأهل في الوظيفة قبل أن يتقاعدوا من دوامة الحياة الوظيفية، وبالتالي دوام المدارس للأطفال هو دوام الموظفين في نظام العبودية المهنية الذي يُهيمن على العالم منذ عصور. من المنطقي أن تتطلب الدراسة في العصور السابقة تواجد الطفل وتنشئته فكرياً وتربوياً وتلقينه المواد التعليمية على مدار 15 عاماً، بمعدل 8 ساعات يومياً، وذلك، قبل ثورة الاتصالات المعلومات. ولكن اليوم، ما الذي يستدعي اتباع هذا النظام التعليمي نفسه؟ ينشأ الطفل اليوم على سهولة استخدام التكنولوجيا، والتفاعل، والتواصل، والحصول على المعلومة. وفي شبابه، بالتأكيد لن تكون المدرسة هي مصدر المعلومات له، وإن كانت المصدر الذي من المفترض أن يكون أكثر ثقة، ولكننا نشك في ذلك، مع الصيحات التعليمية الجديدة المتعلقة بحقوق المثليين في الغرب، ومحاولة فرضها على المجتمعات في المناهج الدراسية بالمستقبل، ومدى استعدادنا في نظامنا التعليمي العربي إلى ذلك. أشعر بالتعاطف مع الطفل الذي سيقضي 15 عاماً بين الفصول الدراسية، وإن كانت اليوم أغلب الفصول الدراسية تواكب التحولات في مجال التعليم سواء في مجال الابتكار والتكنولوجيا والأنشطة البدنية والفكرية، ولكن دخول الأطفال دوامة الزمن هذه مخيفة. يتخرج الطالب من المدرسة بعمر 17 عاماً في الحد الأدنى، ومن ثم 4 سنوات في الجامعة، فتبدأ حياته المهنية في 21 إذا كان محظوظاً بإيجاد عمل بالسرعة المطلوبة، وما هي إلا سنوات بسيطة حتى يرى نفسه في الـ30، فتتبدل أولوياته من الابتكار إلى الادخار وبناء الأسرة والبقاء في هذا الصراع، ويُعامل في وظيفته، ومن خريجي الجامعات حديثاً على أنه Old school، ومن ثم يُشار إليه بـ»عمّو»! لا بُد من مراجعة حقيقية في عدد سنوات الدراسة. فهل سيتجرأ القيمون على التعليم في مجتمعاتنا على تقديم مقترحات جدية في هذا الشأن، أم أننا سننتظر التعليمات الغربية في تطوير التعليم وتحسينه؟ على أساس أنها جزء من هذا العالم، وأننا عاجزون عن تصميم نظام تعليمي مُبتكر يقلب الموازين لمصلحة الأجيال الجديدة؟.

915

| 28 أغسطس 2023

أطلقوا سراح الفنون

كشفت دراسة بحثية أجراها باحثون في جامعة «توركو» الفنلندية ونشرت في مارس 2023 أن مشاهدة الأعمال الفنية لها تأثير بالغ الأهمية على مشاعرنا، وأن الأعمال الفنية تلعب دوراً كبيراً في تحسين مزاج الأشخاص، وتحريك المشاعر الكامنة، وكذلك رفع معدّل الهرمونات المسؤولة عن السعادة في أدمغتنا. وقام الباحثون برصد مشاعر 1186 شخصاً من جنسيات مختلفة، وثقافات متنوعة، ودول متعددة، اطلعوا على أكثر من 300 عمل فني، وراقب الباحثون تسجيلات حركة العين من المختبر، في محاولات لرصد مشاعر الذين شاهدوا القطع والأعمال الفنية التي عُرضت عليهم. وتبين من خلال هذه الدراسة أن ردة فعل أعضاء الجسم عند مشاهدة الأعمال الفنية هي أقوى مما يحمله العمل الفني نفسه، وأن المشاعر تُسجل تفاعلاً قوياً عند النظر إلى الأعمال الفنية، خصوصاً تلك الأعمال التي تُصور الوجوه، والشخصيات، وذلك بسبب ميل الناس إلى التعاطف مع بعضهم البعض، وإن كان الشخص في الصور أو العمل الفني مجهولاً، وذلك وبسبب ما يُعرف بـ»الانعكاس». هذا الانعكاس الذي يرى الشخص فيه نفسه، من خلال الوجوه والشخصيات، وملامح الحزن، أو الغضب، أو الخوف، أو الفرح، أو أي مشاعر أخرى، تظهر في الوجوه المرسومة. وتبين أيضا أن كل من شاهد الأعمال الفنية يلاحظ شيئا مختلفا عما يلحظ الشخص الآخر. والمثير للاهتمام في هذه الدراسة، أن مشاعر الغضب والخوف والتضامن الإنساني شكلت مصدرًا للأحاسيس التي حركت أطراف الجسد وأحدثت تفاعلاً في الأعضاء، فيما أثارت مشاعر الإعجاب والدهشة والجمال والذهول الأحاسيس الرئيسية في منطقة الرأس، ما يعطينا فكرة بأن الدماغ توّاق إلى كل ما هو جميل. شملت القطع الفنية المرئية التي عرضها الباحثون على المستطلعين خمس مجموعات أبرزها الأبعاد الجمالية، المشاعر الإيجابية، المشاعر السلبية، المشاعر المتعلقة بحاسة اللمس، والمشاعر الشاقة التي تسبب جهدًا نفسياً. واقترح الباحثون أن تستخدم نتائج هذه الدراسة في تطوير العلاجات النفسية من خلال الفنون، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما يتم تطبيقه في العديد من العيادات والمستشفيات حالياً، وهو نمط من أنمط تعزيز عملية الشفاء النفسي والجسدي، حيث الفنون هي غذاء الروح. الشوارع التي تحيط بها الجداريات الفنية العفوية، والأشكال الفنية البسيطة التي ينفذها الناس الموهوبون بعفوية في المقاهي والأحياء هي التي تعطي الحياة رونقها، وهي التي تعكس ثقافة أي بلد وروحها، وتشجيع المعارض الفنية في كل ركن من أركان البلد سواء في المدارس والجامعات والنوادي الاجتماعية المفتوحة للجميع، بعيدًا عن المعارض الرسمية التي تنسجم مع السياسات العامة، والروايات الحكومية، هي التي ما زلت تُحيي عظام حضارات اندثرت وبقي فنها. الفن يسر الناظرين.. اتركوه حرًا وأطلقوا سراحه بعيداً عن أيدي الحكومات.

603

| 21 أغسطس 2023

بيئة حساسة

على الرغم من الفضاء المفتوح للنقاشات والمنصات الرقمية المفتوحة والمحاضرات والمؤتمرات والندوات والمناهج التي تُعلِّم طلبة المدارس والجامعات أهمية التعبير عن الذات، ورغم شعارات الحرية الفردية وتنمية المهارات الحياتية والتحلّي بالثقة بالنفس، إلا أن معدلّات الحساسية تجاه تسمية الأشياء بمسمياتها ترتفع في البيئة السياسية والاجتماعية والمهنية وحتى العلمية بشكل مريب، بحيث أصبح توصيف الوقائع، وذكر الحقائق مسألة في غاية التعقيد، تتطلب التمييع والتأويل والتضليل و«تدوير الزوايا». الأسلوب الحسن والمجادلة بالتي هي أحسن واجبة، واحترام آراء الآخرين، وأدب الحديث من الواجبات الإنسانية، التي تعكس عقلية المرء وتربيته، وأخلاقه، والبيئة التي نشأ فيها، وخياراته في هذه الحياة، فالحديث مع السفيه غير الحديث مع العاقل الحكيم. ولكنَّ موضوع «التحسس من الوقائع» بات يُشكّل خطراً على العقول والمجتمعات على حدّ سواء. فتروية الحقائق أدّت إلى ارتفاع معدلات التوتر، والقلق، والاكتئاب، وإدمان أغلب الناس على المهدئات كي لا «يجرحوا الآخرين»، حيث القلق من ردّة فعل الناس تجاه بعضهم البعض أصبح همّا يومياً سواء في المكاتب، أو في الطرقات، وحتى في العيادات الطبية والبيئة الأكاديمية، بحيث أصبح الطالب الذي يصف صديقه «السمين» في موضوع الإنشاء متنمراً، والطالبة التي تصف صديقتها بالـ«طويلة» في مادة التعبير غيورة، كذلك الأمر داخل البيت الواحد، الأخ يتحسس من كلمة الوالد، والأخت تنتظر كلمة لتنفعل من والدتها. وأكبر مثال على الحساسية من الوقائع، هو ما نراه في وسائل التواصل الاجتماعي من معارك ومشادات كلامية، بسبب نقاش سياسي أو فكري أو ديني أو حتى اجتماعي. إذا صنّفت هذا النظام السياسي بالعلماني، تصبح كافراً مشجعًا للإلحاد. وإذا كتبت عن حرارة الطقس تُتهم بتشويه سمعة السياحة، وإذا أقرنت السلاح بالترهيب فأنت خائنٌ وعميل، وإذا طرحت سؤالاً عن كيفية تطبيق الإستراتيجية الإدارية فأنت معارض للمدير، وتضعه في خانة الاستجواب. «التحسس المفرط» هو مرض العصر، وهو يعكس أزمة في المناهج التربوية، وفي أن عقولنا أصبحت استهلاكية حدّ المرض، ننفعل عند سماع أي كلمة، ونفترض سوء الظنّ. لسنا بمذنبين أو بمقصرين، بل نحن ضحايا أنظمة سياسية واجتماعية تُبرمجنا على تسمية الأشياء بغير مسمياتها، وعلى طمس الحقائق، وتمييعها، كتكتيك إستراتيجي لتضليل العدو. فهل تعرف أحداً مصاباً بهذا النوع من التحسس؟

747

| 14 أغسطس 2023

صورة جماعية

الانتقال إلى نظام عالمي جديد أو التغيير في النظام العالمي الحالي، يتطلب العمل على إعادة خلط الأوراق وربما بعثرتها، بما يُمكّن صنّاع القرار من إعادة ترتيبها وفق التوجهات، أو الأصح التوجيهات التي يتلقونها من الإدارة العالمية. لن نخوض هنا في ماهية الإدارة العالمية، ولكنها في الغالب تقوم على الأحادية القطبية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من القوى العظمى الناشئة مثل الصين، وروسيا، وعدد من المنظمات الدولية، المتخصصة، سواء البنك الدولي، أو الصحة العالمية، أو منظمة التجارة، وبالطبع العائلات المؤثرة والمُحركة للنظام النقدي والأفراد الفاعلين. وخلط الأوراق يعني تأجيل النقاش في ملفات معينة مثل الأوبئة التي برزت إلى الواجهة في السنوات الثلاث الماضية، بعد استخدامها، ومن ثم فتح ملفات أخرى على نطاق واسع مثل قضية الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض والحرائق والتحذيرات الأُممية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإطلاق نداءات جمع الأموال كي لا تشتعل بنا الأرض! والمنقذون هم أنفسهم المُتسببون بالثقب الأسود الذي أشعل حرارة الأرض، وهم العرّابون الذين سيوزعون على غيرهم من الدول صكوك الاستدامة. ورقة أخرى كُشفت اليوم بقوّة، وهي المثلية الجنسية ومحاولة تكريسها كركن للديمقراطية، ودمجها في التربية والتعليم كحقّ من حقوق الإنسان، ما يُخرج الأطفال في مراحل مبكرة من حياتهم من كنف الأسرة والأهل، ويجعل التحكم في عقول الأطفال والشباب أكثر قوّة، حيث لن تكون الأم مصدر المعلومات ولن يكون الأب مصدر الحماية. النزاعات العسكرية لم تعد الأداة السياسية الأجدى بنظر الإدارة العالمية، وما النزاع المُستفزّ لروسيا في أوكرانيا إلا وسيلة للتأثير في مستقبل الأمن الغذائي وأمن الطاقة، ومُبرر لرفع الأسعار، والتضخم، والركود، والطريق أيضًا لتجفيف السيولة النقدية، وتغذية سوق العملات الرقمية. أضف إلى الأوراق الحالية، ظهور بعبع الذكاء الاصطناعي وتأثيره المّتعمّد على سوق العمل، وتصنيفه كمصدر تهديد لأمن الدول السيبراني وخصوصية الأفراد وحياتهم. العامل الثابت الذي لم يتبدّل في كلّ الأوراق، هو استغلال السياسية للقضايا الإنسانية المشتركة، وتوظيفها على مرّ التاريخ لفرض الأجندات على الشعوب، وممارسة الضغوط على الأنظمة الوطنية عبر إطلاق فتيل المظاهرات، وخرق سيادة الدولة نفسها، وشنّ الحروب الوقائية، وجمع «الخوّات الاقتصادية» باسم المساعدات الدولية، والشواهد كثيرة على ذلك. بعد سبع سنوات من الآن، ستقوم الأمم المتحدة بتوزيع شهادات النجاح على الأنظمة الوطنية التي حققت بعضاً من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 وستُقام المؤتمرات والمحافل الدولية، وتتباهى البعثات الدبلوماسية برفع إنجازاتها. وستبدو الأسرة الدولية سعيدةً بأغنيائها وفقرائها، وسنُجدد العمل على الأهداف نفسها خلال العقود القادمة، مع تغيير جوهري في المسميات وتحديثٍ في صياغة البيانات. وهذه الصورة الجماعية ستكون الأخيرة في مرحلة معينة من هذا النظام الدولي، ولكن لعبة خلط الأوراق ستستمر، وستتساقط أوراق التوت تباعاً لتكشف عمداً عورات هذا النظام، ومن توانى عن الدخول في اللعبة سيكون مصيره التبديل.

672

| 31 يوليو 2023

البحر المتوسط يبتلع أطفاله

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة مؤخرًا (اليونيسف) أن العالم «يتجاهل عمداً» وفيات الأطفال في البحر الأبيض المتوسط الذين يلقون حتفهم أثناء محاولات عبوره للوصول إلى أوروبا في قوارب الموت. ودعت المنظمة العالم إلى «تجاوز التعازي والسعي إلى إيجاد حلول فعالة». هذا النداء جاء بالتزامن مع ارتفاع عدد الأطفال الذين ابتلعهم البحر المتوسط بسبب الهجرة غير الشرعية، بحيث تُشير تقديرات المنظمة إلى أن 289 طفلاً لقوا حتفهم في هذا البحر، بمعدل 11 طفلا كل أسبوع. وتُظهر الأرقام أن أكثر من 11 ألف طفل كانوا على متن هذه القوارب خلال الـ6 أشهر الأولى من العام 2023، وهو ضعف العدد الذي سجله عام 2022. وإذا كانت النزاعات الأهلية والأوضاع الأمنية والمعيشية المتردية هي التي تدفع بالأسر العربية إلى اختيار قوارب الموت على البقاء في أوطانهم، وفي حال سلّمنا جدلاً بأن المسؤولين عن حماية الحدود البحرية، ومكافحة جرائم تهريب البشر وقعوا البروتوكولات اللازمة من أجل التصدي لهذه الظاهرة، وجنّدوا حرس الحدود البحرية لذلك، نسأل أين الدور التوعوي على المستوى الاجتماعي والتعليمي؟ وهل فعلاً تعمل وسائل الإعلام المحلية العربية على تثقيف الأسر برسائل واضحة ومباشرة تستهدف الفئات المهمشة والمستضعفة التي تقع ضحية هذه القوارب؟ هذا المشهد المأساوي رغم انعقاد المنتدى الدولي الأول لاستعراض الهجرة في نيويورك، وحتى بعد مرور 3 سنوات على اعتماد المجتمع الدولي ما يُسمى بـ»الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة المنظمة والنظامية»، وعلى الرغم أيضًا من توصيف التقرير الدولي الذي أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2021 هذه المشكلة بـ «تجاهل قاتل»، حيث اعتبرت مفوضية حقوق الإنسان تصرف الدول بأنه «تجاهل مميت» لهجرة الأطفال غير الشرعية عبر البحر المتوسط. صُور الأطفال العرب الذين يبتلعهم البحر وأخبارهم أصبحت خبراً يومياً، وعادياً، يتفاعل معها المجتمع العربي على المستويين الرسمي والمدني لساعات في تغريدات وهاشتاجات وبيانات ونداءات، ومن ثم تتلاشى. وتبقى المشكلة قائمة، حيث تتكاثر الطبقات الفقيرة والمهمشة تعليمياً واجتماعياً وتغرق في مزيد من الجهل، وبدلاً من استثمارنا في الإنسان وتمويل المشاريع المحلية التي تسهم في تعزيز التوعية وتثقيف الأسر وتمكينها، تنصبُّ اهتماماتنا على لوم الغرب لعدم استقبال أطفالنا عبر البحر المتوسط أحياء. وفيما ننفق الملايين على المؤتمرات التي تغطيها وسائل الإعلام الدولية للبحث في كيفية مناقشة هذه الظاهرة، ويتجه المشاركون إلى المؤتمر عبر درجة رجال الأعمال، ويقف المشاركون طوابير أمام «البوفيهات» في أفخم الفنادق والقاعات، ويتم استقبالهم بأغلى السيارات، يصرخ الأطفال من أعماق البحر حيث ظلمات اليأس والجهل تبحث عن طوق نجاة.

936

| 17 يوليو 2023

معلومات كاذبة

في بدايات شهر يونيو، وقبل أسابيع قليلة من انطلاق أعمال «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام»، التي عقدها الاتحاد الدولي للاتصالات مؤخراً في جنيف، بمشاركة 40 شريكاً للأمم المتحدة، و3 آلاف متحدث ومشارك، و100 ألف مجتمع رقمي، من 183 دولة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من «دور الذكاء الاصطناعي في نشر المعلومات المضللة». جاءت هذه التحذيرات، عقب استطلاع للرأي أجرته المنظمة في 142 دولة، وأظهر أن 59 % من مستخدمي الإنترنت قلقون من كمية المعلومات الخاطئة المنشورة عبر الإنترنت. وأشار 83 % من المستطلعين إلى أن المعلومات المضللة كان لها تأثير مهمّ جدًا على نتائج الانتخابات في بلادهم، وهذا يعني أن المرشحين الذين فازوا وأصبحوا مسؤولين وصناع قرار، جاءوا على كراسيهم بمعلومات كاذبة. وفي تصريح لافت، قال أنطونيو إن مصممي تقنيات الذكاء الاصطناعي أنفسهم، يصفون الذكاء الاصطناعي بأنه «خطر وجودي يهدد البشرية يضاهي خطورة الحرب النووية»، مضيفاً «هذه التكنولوجيا هي مصدر خوف لا أمل». وحمّل أنطونيو مسؤولية انتشار الأخبار المضللة إلى بعض شركات التكنولوجيا التي تتقاعس عن منع ذلك، وتُسهم في نشر العنف والكراهية في المجتمعات. ولحلّ هذه المسألة، اقترح الخبراء الأمميون إطلاق مدونة لقواعد السلوك من أجل سلامة المعلومات على المنصات الرقمية، على أن تتضمن هذه المدّونة في أحد بنودها، توفير «الحكومات بيئة إعلامية حُرة، تعددية، مستقلة، وقابلة للتطبيق، مع توفير حماية قوية للصحفيين»، وذلك انطلاقاً من دور الصحفيين في نشر الحقيقة. مع الإشارة هنا إلى أن الصحفيين ليسوا جميعًا بملائكة، وأن «النفس أمّارة بالسوء» في كلّ المهن، ولا سيّما في وسائل الإعلام التي تعتمد أجندات سياسية، وتلك الممولة من الأنظمة الأيديولوجية، والشمولية، أو تلك المملوكة إلى رجال الأعمال، المستفيدين من الأنظمة السياسية القائمة. وفي ظلّ هذه التهديدات، ستجد الحكومات نفسها بين خيارين: الأول هو مواجهة الأخبار المضللة بوضع القوانين والتشريعات التي تُعاقب فيها مرتكبي الجرائم الإلكترونية، مع اعتماد حدّ معين من الشفافية في مصارحة الرأي العالم بالحقيقة وعدم الاستخفاف بعقلية الجمهور، وبناء علاقة جيدة مع المؤسسات الإعلامية، وإعطاء الثقة للعاملين في مجال وسائل الإعلام. والخيار الثاني، هو مواصلة حجب المنصات الرقمية غير الموثوقة، وتضييق الخناق على ما يُسمى بصحافة المواطن وغيرها من الممارسات القمعية، والاعتماد على وكالات العلاقات العامة، التي تشفط أموال الحكومات بلا كلل، وتبتزها في العديد من المواقف، لتلميع صورتها أمام الرأي العام العالمي. المستقبل سيتطلب عقد هدنة طويلة الأمد بين الصحفيين والحكومات ولا سيّما في الأنظمة العربية، ومراجعة قوانين الإعلام، وتوفير وسائل متطورة للصحفيين، وذلك في مواجهة ما سيأتي به الذكاء الاصطناعي من معلومات مضللة ستقلب الموازين على كافة المستويات. أما على مستوى الأفراد، فلا أجد أفضل ممّا ورد في كتاب الله عزّ وجلّ لكي يحمل الإنسان أمانة عدم تداول المعلومات المضللة بقوله تعالى «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»، وعلى المستوى الاجتماعي، النصيحة الأمثل في قوله تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ).. فهل سنتمكّن من بناء العقلية الاجتماعية القادرة على كشف النبأ الكاذب، والتمييز بين الفاسق مدفوع الأجر وبين من يكتب الحقائق؟.

669

| 10 يوليو 2023

فرنسا بوابة العبور

قُدّر عدد طلبات اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي بأكثر من 900 ألف طلب خلال عام واحد، بزيادة قدرها 64 في المائة على العام الماضي. وسَجّلت فرنسا ثاني أكبر عدد من مستقبلي هذه الطلبات بعد ألمانيا. فرنسا التي - قبل مقتل الشاب الجزائري على أيدي شرطي فرنسي وقُبيل اندلاع المواجهة النارية بين قواتها الأمنية والمهاجرين العرب والأفارقة- كانت بصدد اقتراح مشروع قانون جديد للهجرة، يهدف إلى تسريع الإجراءات الخاصة بالبتّ في طلبات المهاجرين عبر سلسلة من الخطوات منها: إعادة النظر بمدى إلمام مقدّم الطلب باللغة الفرنسية وخفض المعدّل المطلوب للناجح في اختبارات اللغة، ومراجعة شروط الحصول على تصريح الإقامة متعددة السنوات، بالإضافة إلى إصدار تأشيرة «المواهب» للأجانب عبر السماح لطالبي اللجوء بالعمل أثناء فترة انتظار البتّ في طلباتهم، مقابل تسريع إجراءات ترحيل الذين لا تنطبق عليهم الشروط اللازمة للهجرة إليها. بموازاة مشروع القانون الفرنسي المقترح، يتجه الاتحاد الأوروبي إلى وضع لمساته الأخيرة على ميثاق جديد خاص بشؤون الهجرة واللجوء وذلك بعد سنوات من النقاش السياسي، وقد تبلورت ملامح هذا القانون في الاتفاق التاريخي الذي توصل إليه وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في لوكسمبورغ في يونيو المنصرم، واتفقوا فيه على التزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي سواء في الحدود البرية، وفي المطارات، وذلك منع المهاجرين الذين لديهم فرصة ضئيلة من دخول الأراضي الأوروبية، وتسهيل عودتهم إلى بلدهم الأصلي خلال فترة لا تتجاوز الـستة أشهر، في وضع وصفته منظمات حقوقية أوروبية بأنه سيكون أشبه بسجون على الحدود. وسط هذه الأجواء التشريعية، اشتعلت أزمة اللاجئين والمهاجرين في فرنسا، وبدأت شرارتها في الانتقال إلى بعض الدول الأوروبية المجاورة في مشاهد تخريب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة واصطفافات مدنية وحديث عن نزاعات أهلية، وتبرعات للقاتل ومساعدات لأهل الضحية. وعادةً، عندما يتفق وزراء الداخلية، لا بُدّ من لمسات تكتيكية لمصلحة أحزاب سياسية، قبل موعد الانتخابات النيابية، حيث الفرصة ذهبية لتثبيت أقدام اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي، واستمالة 400 مليون مواطن أوروبي من المقرر أن يُصوّتوا في انتخابات تشريعية ستجري بين 6 و9 يونيو القادم عام 2024، ولإقرار ميثاق جديد خاص بالمهاجرين واللاجئين. ولا شكّ أن فرنسا هي بوابة العبور للسياسة الأوروبية الجديدة تجاه ما تلفظه دولنا العربية.

843

| 03 يوليو 2023

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2265

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

2175

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

1575

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

879

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

870

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

744

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

699

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

684

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

642

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

522

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

501

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...

492

| 21 سبتمبر 2025

أخبار محلية