رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

132

هديل رشاد

أيُّ عقل يتسع لكل هذا القهر!؟

26 نوفمبر 2025 , 11:03ص

للمرة الأولى أقف حائرة أمام مساحتي البيضاء التي اعتدتُ أن أملأها بأفكارٍ تحمل رسالة إلى جمهور ينتظر ما أكتبه في ترويدة الأربعاء. كنتُ دائمًا أضع نفسي بين عنوانين، فأختار أحدهما، ثم أشرع في كتابة المقال لإرساله قبل الوقت المحدد للتسليم، لكن هذا لم يحدث حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء الذي أكتب فيه “ترويدة الأسبوع”.

منذ الصباح وأنا أبحث وأفتّش عن فكرة تستحق أن تُحكى، أو قضية ينبغي أن أُسلّط الضوء عليها، لأجد نفسي غارقة في كومة من الموضوعات التي تزاحم عقلي، وكلٌّ منها يحاول إقناعي بأنه الأجدر بأن يكتمل ويُطرح. عندها أمرت رأسي بالتوقف عن التفكير برهة، وتعمدت أن أقطع الوصل مع أفكاري، وبتّ أقلب صفحات الجرائد والمنصات الإخبارية لتلهمني وتشحذ همتي نحو الكتابة، لأصطدم بواقعٍ أليم… واقعٍ يجعلك تحزن على حال أمة، كلما جُلت ببصرك وأدرت وجهك وجدتِ حزمة من القضايا التي تصرخ ولا تجد من يصغي.

فإذا توقّفنا عند غزة وفلسطين، نجد أنفسنا أمام محتلٍّ فاشي لا تعنيه هدن ولا ضمانات، ليس اليوم فقط، بل منذ عهد الرسول، حين خان يهود بني قريظة ويهود بني قينقاع العهود، الاحتلال اليوم ليس أقل غدراً ولا مكراً ولا وحشيةً.

ما يحدث على الأرض تجاوز حدود اللغة، وصار أكبر من قدرة أي قلم  من سرقة أعضاء الأسرى، إلى اغتصاب الأسيرات، إلى ملف "بنك الجلد" الذي يكشف انحداراً أخلاقياً لا يصدّقه عقل، وفوق ذلك، يستمرّ التوسع الاستيطاني في الضفة والمستعمرات غير القانونية التي تُقام بوضع اليد، وكأن الأرض مباحة لمن يملك السلاح لا لمن يسكنها منذ آلاف السنين. ثم يأتي تواطؤ السلطة ليضيف طبقة جديدة من الألم… ألم الغياب، والعجز، والتنازل المتواصل أمام احتلال لا يفهم سوى لغة القوة.

ومن فلسطين، تسافر أفكاري إلى السودان، ذلك البلد الجريح الذي تُنهب مقدّراته ويُقتل مواطنوه بأبشع الطرق على يد ميليشيا “القتل السريع” –كما أفضل أن أسميها– الخارجة عن القانون. فمنذ أبريل 2023 والسودانيون يعيشون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم: مدن تُحرق، أحياء تُفرغ من ساكنيها، نساء يتعرضن للعنف والاغتصاب، أطفال يُفقدون في الطرقات، ورجال عُزّل يُدفنون أحياءً، وملايين مشردون داخل وطن ضاق عليهم قهرا وفقدا وجوعا، المشهد السوداني ليس حربا أهلية، بل هو تفكيكٌ لدولة وتشتيتٌ لشعبها المسالم، وتحويله إلى نازح ولاجئ. ويطلّ رأس التواطؤ الدولي وصمته مع سبق الإصرار والترصد، مخرجًا لسانه لدولة غنية بمقدراتها وشعبها، ليكون هذا التواطؤ أشد فتكًا على السودانيين من الحالة التي يعيشونها.

وإن ابتعدنا قليلًا عن المنطقة، نجد قضايا الإسلاموفوبيا تتمدّد في الغرب كما النار في الهشيم، ليست مجرد خوف مفتعل من الإسلام، بل ظاهرة تتسع لخلق جو من الخوف والكراهية والتحامل ضد المسلمين، وتحويلهم إلى "آخر" يجب الحذر منه.

وفي تجلٍّ صارخ لهذا الجنون، تعمّدت البرلمانية الأسترالية اليمينية المتطرفة بولين هانسون دخول مجلس الشيوخ وهي ترتدي النقاب الكامل، في تصرف مهين وصفه بعض البرلمانيين بالعنصري والمسيء، جاء فعلها بعد دقائق من محاولتها تمرير مشروع قانون يحظر تغطية وجه المرأة المسلمة بالكامل في أستراليا، وبعد أن رُفض ما جاءت به، لجأت إلى هذا الاستعراض داخل المؤسسة التشريعية نفسها. هذا النموذج ليس حالة منفردة، بل جزء من موجة واسعة تغذيها أحزاب يمينية تتعامل مع الإسلام كخطر وجودي، وتستثمر الخوف لرفع شعبيتها، فالإسلاموفوبيا لم تعد مجرد خطاب كراهية؛ بل أصبحت سياسات وقوانين هدفها التحريض على الإسلام والمسلمين في دول ادّعت التحضر والحرية، الحرية التي تُشرّع حقوقها وتنتزع حقوق الآخرين.

ثم نصل إلى الهند… أكبر "ديمقراطية"، لكنها في الحقيقة واحدة من ساحات الاضطهاد الديني المعاصر. المسلمون هناك يُطاردون، وتُهدم منازلهم بقرارات سياسية، وتُستباح مساجدهم، ويُحرّض عليهم في المنابر والإعلام بلا توقف. تُبرَّر سياسات الاضطهاد والإقصاء والتمييز ضد مسلمي الهند، بل وفي بعض الولايات تُمنع الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس.

وهنا يبرز السؤال: أين المنظمات النسوية التي تدافع باستماتة عن حق المرأة في عدم ارتداء الحجاب في دول أخرى، بينما تصمت حين تُمنع المرأة المسلمة من ارتدائه؟ أين أصوات من يبررون “المساكنة” كحرية شخصية، ويغضّون الطرف عن اضطهاد نساء يُحرمن من حق أساسي في الاعتقاد والهوية؟

فكلما فكرت في هذه الملفات التي لا يتسع لها أي عقل لتحملها، أدركت أن أزمات العالم الإسلامي لم تعد متفرقة كما نعتقد، بل هي سلسلة واحدة، حلقات مرتبطة بعضها ببعض، لماذا العالم الإسلامي والعربي هو من يحيا هذه الحروب المتواصلة؟ وهذا الاضطهاد الأبدي الممنهج؟ ولماذا يتم التعامل مع العربي كأنه تحصيل حاصل في عالم مليء بالمفارقات؟

ختامًا…

ربما لا نستطيع تغيير العالم في يوم، لكن يمكننا على الأقل أن نكتب، ونُذكّر، ونصرّ على أن نكون شاهدين لا صامتين، قد لا تمنحنا الكتابة حلولاً جاهزة، لكنها تمنحنا شيئا أهم ألّا نتحول نحن إلى جزء من هذا الصمت أيضا.

اقرأ المزيد

alsharq قمة وايز.. الإنسان أولاً وكيف لا يكون؟

صباح الاثنين ٢٤ نوفمبر٢٠٢٥م وبحضور فارع علما ومعرفة تم افتتاح القمة العالمية للابتكار في التعليم «وايز» بدولة قطر.... اقرأ المزيد

66

| 26 نوفمبر 2025

alsharq مشاهير.. وترندات

عندما سئل الشخص الذي بال في زمزم عن سبب فعله؟... فرد معللا بأنه أراد الشهرة فاشتهر، ولكن بهذا... اقرأ المزيد

84

| 26 نوفمبر 2025

alsharq بدأت بعزلة وانتهت بسجن

«وين فلانة ؟» سؤال خرج مني هذه المرة بإصرار بعد أن اكتشفت فجأة أن سنوات طويلة مرت دون... اقرأ المزيد

123

| 26 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية