رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكثر من ثلاث اتفاقيات دولية، وما يزيد على أربعة قرارات أُممية، وثلاث هيئات دولية متخصصة، ومئات التعهدات العالمية منذ عام 1909 حتى يومنا هذا، أي أكثر من 11 سنوات، وما زال الاتجار غير المشروع بالمخدرات يمثل مشكلة عالمية تعجز الأنظمة عن القضاء عليها لأسباب كثيرة ومتشابكة، رغم تقدم التقنيات، وتعاون الأجهزة على مستويات دولية، وأول هذه الاسباب ارتباط تجارة المخدرات بفساد الأنظمة السياسية التي تُوظف هذه التجارة في خدمة أهدافها خصوصًا في مناطق النزاعات السياسية والعسكرية. في اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها الذي يُصادف 26 يونيو من كل عام، لم يناشد الأمين العام للأمم المتحدة العالم لمكافحة جرائم الاتجار بالمخدرات فحسب، بل سلط الضوء على مشكلة أعمق وهي وصمة العار التي يُعاني منها الراغبون بتلقي العلاج، خاصة الشباب والمراهقين الذين يتم توريطهم بالتعاطي، ويترددون في إبلاغ أسرهم أو إبلاغ الجهات المعنية خوفاً من العقاب والفضيحة. أضف إلى ذلك، الأحكام القضائية المخففة التي لا تردع تجار المخدرات ذوي النفوذ الواسع الذين يستهدفون المراهقين والشباب في العديد من الدول وعدم إنزال عقوبة الإعدام بهم. وفي ظل هذه الدعوة، سجل تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة وجود 284 مليون شخص حول العالم يتعاطون المخدر، مع ارتفاع أيضًا في صناعة الكوكايين التي سجلت نمواً قياسيًا يُقدر بنحو 11 في المائة، وإنتاج بلغ 1982 طنًا سنويًا، وتهريب 90 في المائة منها عبر حاويات الشحن في البحر. من الكوكايين إلى القنّب الذي بلغ معدل انتشاره السنوي بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاماً 5.8 في المائة من عدد سكان العالم، مع تسجيل زيادة في عدد المراهقين والشباب الذين دخلوا إلى المرافق الصحية والمستشفيات لتلقي العلاج من تأثير القنب، لتسجل دول الاتحاد الأوروبي وحدها 31 في المائة من إجمالي نسبة المتعاطين. الحقيقة المفجعة في منطقة الشرق الأوسط، هي ازدياد صناعة الكبتاغون وبلوغها مستويات قياسية في عام 2020، مع تحديد نقطة الانطلاق للاتجار بهذه المادة من «الجمهورية العربية السورية ولبنان» وتوجه هذه المواد إلى بلدان الخليج، والعراق، التي سجلت ارتفاعاً في انتشار المواد المخدرة، إما عن طريق البر أو البحر أو بشكل غير مباشر عبر أوروبا وربما شمال إفريقيا. عندما يتم إلقاء القبض على المتعاطي والمُوزع والتاجر الصغير غالباً ما يكون الرأس المدبر والمحرك شريكًا لمن يجلس على كرسي كبير.3
1026
| 26 يونيو 2023
من الذي يتحمّل مسؤولية حماية النساء والفتيات والأطفال من الاعتداءات الجنسية في مناطق النزاع بالدول العربية؟، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؟ الجامعة العربية؟ السلطة السياسة المفككة؟ جيوش الدفاع الوطنية؟ الفرق الخاصة الأمنية؟ ما الذي يمنع وجودة هيئة قانونية أو أمنية عربية ذات قوّة تنفيذية قادرة بإمكانياتها المادية والبشرية أن توثق، وتُحاكم مُرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال أثناء النزاعات المسلحة في الدول العربية؟. أليس نحن الأكثر دراية بمجتمعاتنا وبكيفية فضح مرتكبي هذه الاعتداءات الذين غالباً ما ينتمون إلى تيارات سياسية تدّعي الأيديولوجية الدينية أو الارتهان إلى قيادات سياسية ممولة من أطراف عربية؟. قد يكون هذا الطرح من نسج الخيال، خصوصًا وأن اللجان الحقوقية الأممية تتعاون مع منظمات مدنية وهيئات حكومية عربية لتوثيق هذه الجرائم. ولكنّ قلّما ما نجد بحوثا ودراسات اجتماعية ونفسية تشرح لنا سيكولوجية المقاتل العربي في عام 2021 المتعطش للاغتصاب المتكرر للنساء في مناطق النزاع، والاستمرار في تعذيب المغتصبات أمام أفراد أُسرهنّ حتى الموت. في لفتة رمزية لهذه القضية، تُذكر الأمم المتحدة العالم باليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، الذي يُصادف في 19 يونيو/حزيران من كلّ عام، إذ دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى قيام الحكومات بإدماج القانون الدولي الإنساني في الممارسات والتدريبات العسكرية، مطالبًا بالتخلي عن الاعتقاد الشائع بأن "المقاتلين باستطاعتهم أن يروّعوا الناس ثم يكملوا حياتهم والإفلات من العقاب". هذا ما يحدث اليوم في السودان، البلد العربي الشقيق، ودولة جنوب السودان التي اعترفت بها إسرائيل بعد يوم واحد من تشكيلها وانفصالها عن السودان، ما يستدعي التساؤل عن حجم التحرّك السوداني والعربي في على المستويات القانونية والاجتماعية والإعلامية حول العالم لحماية النساء في هاتين الدولتين، العربيتين، حيث تشير تقارير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واللجنة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، تعرضهنّ لانتهاكات مروعة، وحوادث تعذيب جنسية وُصفت بالـ "جُهنمية"، حيث تستهدف البزات العسكرية "بنشاط مدروس" النساء والفتيات لاغتصابهنّ أمام أعين رجالهنّ وأطفالهنّ، ومواصلة ذلك الفعل والتعذيب حتى الموت. وإن كان دور القانونيين والسياسيين هو الفاصل، فإنّ مناصرة هؤلاء النساء في وسائل الإعلام هي الأساس، حيث اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن التكنولوجيا وسيلة رئيسية لتوثيق الانتهاكات والتحقّق منها كخطوة أولى نحو المساءلة، "معرباً أيضًا عن قلقه" كالعادة من أن توثيق هذه الجرائم إلكترونياً قد يؤدّي إلى تأجيج الكراهية، والانتقام من الناجيات. فهل ستلقى صرخة "وا معتصماه" من السودان وجنوبه رجالاً تفزع لها؟.
1092
| 19 يونيو 2023
لم يعد خافياً على أحد أن هناك حملة ثلاثية الأبعاد عالمية، منظمة، ومُوجهة على المستويات التشريعات والقانونية والإعلامية والثقافية والسياسية من أجل دعم "مجتمع الميم" وذلك على مستوى العالم. وإن كُنّا في مجتمعاتنا العربية نحاول كالعادة الاختباء وراء الخُنصر، و"تطنيش" هذه الحملة العالمية على أساس قاعدة "لا تفاوض، لا صلح، لا اعتراف"، حيث نعتبر أن مناهضة "الميم" هي مسألة لا نقاش فيها، وأنّنا لا نحتاج حتى إلى مواجهتها، لأننا لا نعترف بها. وقد نتعمّد تطنيش هذه المواجهة لعدّة أسباب على غرار "اعمل نفسك ميت"، وأولّها عدم الانجرار وراء استفزاز الغرب، وعدم اعطائهم ذريعة سياسية -وكأنهم يحتاجون لذرائع-، للدخول مُجددّا من باب حقوق الإنسان المفتوح لهم على الدوام، أو عدم إعطاء الأهمية لهذه الظاهرة الاجتماعية وفق قانون التحجيم. نتفهّم هذا الخيار الاستراتيجي من صنّاع القرار في المجتمع العربي، إلا أن هذا "التطنيش" سيتحول إلى تقصير فتقاعس فعجز فإخفاق والنكبة شاهدة على ذلك. المطلوب هنا، ليس إعلان المواقف الرسمية المناهضة لما يُسمى بمجتمع "ميم" ولا وقف الرقابة الفوري لكلّ ما يُروج له من أفلام ومسلسلات لأن هذه الوسائل التقليدية لن تُجدي نفعاً، وإنما من المهم أن نرى خطوات تقدمية في هذا المجال على مستوى تكريس المناهج التعليمية الواضحة بهذا الشأن وتمويل الإنتاج الإعلامي المعاصر الذي يُركز على مفهومنا للأسرة، وعلى العلاقة الفطرية المشروعة بين الذكر والأنثى، وضخ المشاهد الأُسرية عبر قنوات التواصل الاجتماعي من قبل جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية، بحيث تكون رسالة الأسرة بمفهومنا الثقافي هي الغالبة، لترسيخها في نفوس أبنائنا وشبابنا في مواجهة غزو "الميم" السلس والذي يتسلل عبر الألوان. الألوان المُبهجة التي نفتقدها في صورة الأسرة العربية التي غزت الشاشات في الأعمال الدرامية، حيث الخيانات الزوجية والتحكم الأسري وأسلوب الحوار الهش والتافه داخل الأسرة العربية، وهي مع الأسف صورة سوداوية ومزعجة ومنفرة في كثير من الأحيان، وتتعمد إلى حد بعيد تعميق الفجوة بين المرأة والرجل، سواء عبر دعم الذكورية بشكل مطلق حيث الرجل هو "البعبع" في البيت، أو دعم النسوية حيث تصوير قوة المرأة في صوتها العالي وتحكمها المفرط في أبنائها، وهذا ما يسهم في نفور الأطفال والشباب من الواقع الحالي للأسرة العربية، وبالتالي يتجه الشباب إلى الوهم الوردي الذي يُصور "الميم" على أنه قبول الآخر مهما كانت عيوبه، وهو حقيقة ما لا تجيده العديد من الأسر العربية. نحتاج إلى مبادرة اجتماعية معاصرة لتعزيز صورة الأسرة العربية بشكل مُلون ومُبهج وجاذب وعفوي أو رومنسي. أعتقد أنه آن الأوان للأُسرة العربية أن تفخر بنفسها وأن تكون في مواجهة "الميم" بكل ما تحمله من عفوية وعاطفة ومودة وحب. ملاحظة: يرجى تطوير فكرة الأسرة العربية السائدة عبر "موديلز"، حيث المرأة تحمل أكياس التسوق مبتسمة وتُمسك بيد ابنتها، والزوج مُبتسم ويُمسك بيد ابنه، والأطباق تملأ المائدة.. ابتكروا.
711
| 12 يونيو 2023
اعترض بعض المسؤولين اللبنانيين على "الدولارات" التي تمنحها المنظمات التابعة للأمم المتحدة إلى اللاجئين السوريين في لبنان، بحجة أن استمرار تدفق الدولار إلى اللاجئين يثير غضب البؤساء اللبنانيين الذين يعيشون في أزمات اقتصادية ومعيشية وسياسية خانقة حيث تم تصنيفهم في مقدمة "البؤساء" بحسب مؤشر البؤس الذي رصدته جامعة هوبكنز الأمريكية لعام 2022 ضمن قائمتها لأتعس شعوب العالم. هؤلاء "البؤساء" أي نحن نتعرض كلبنانيين للجلد الذاتي الداخلي والخارجي ونُلام على انتخابنا طبقة سياسية فاسدة، ولو أراد "المجتمع الدولي" سعادتنا لمولت التحركات الشعبية وتحولت إلى ثورات وربما إلى اشتباكات وحركات تحررية، ولكن الصراع الأيديولوجي في لبنان معقد ومسلح إلى درجة مفادها أن القبول بالبؤس هو أفضل الخيارات حاليًا، حتى زوال اقتسام النفط، وزوال إسرائيل، وربما إلى يوم الدين. البؤس أمامنا والحرب الأهلية وراءنا، ولا مُنجي من المهالك سوى التسوية الخارجية، التي قد تكون مسبوقة بحرب أو متبوعة باغتيالات تقلب المعادلة الإقليمية، وذلك بحسب المتغيرات الشرق أوسطية، التي لا تُبشر بتغيير كبير يلوح في الأفق، لا على هامش طريق الحرير، ولا في تقارب عربي على السرير. وحرصًا على مشاعر اللبناني البائس، الذي ما انفك ينتظر الإعانة الشهرية من أخيه وشقيقه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، الذين يقطفون الدولارات كورق الشجر، في الخليج، وأستراليا، وأمريكا، في تصور لبناني داخلي سائد عن معيشة اللبناني المقيم في الخارج وهو الأكثر بؤسًا منهم، إذ يعمل طوال حياته ليؤمن مدفنه في قريته، أعلنت الأمم المتحدة أنها اتخذت قراراً، بناءً على طلبات لبنانية، بالتوقف مؤقتاً عن صرف مساعدات الشهر المقبل للاجئين بالدولار، مع استمرار النقاشات حيال الطريقة الأنسب لتقديم المساعدات. فاللبناني يقف على باب المصرف ليحصل على جزء من ودائعه، فيما تُدر الدولارات على لاجئ هرب بزوجة واحدة، وبارك الله في نسله، ورزقه بالحلال ثلاث زوجات متجددات، وكون أسرة تحت الشجرة من 10 أفراد، كلها من اللاجئين الذين يعيشون "السعادة في الهواء الطلق" حيث المزاج عالي عند البحر والشجر و"النفس خضرة". وكلما ارتفع عدد أفراد الأسرة، ارتفع مبلغ المساعدات بالدولار. الحديث في هذا الشأن، والاعتراض عليه، مُحرم عربيًا ودوليًا، في القواميس الإنسانية، ويندرج ضمن خانة التمييز العنصري، والمساواة، والحلال، والحرام، ويتحول النقاش فيه من ظاهرة سياسية واجتماعية تحتاج إلى حلول جذرية لها إلى ظاهرة إعلامية تشعل النفوس والغرائز وتبتغي كسب مزيد من المشاهدات الإعلامية. في المقابل يتراجع معدل الخصوبة العالمي، وكل ما هو عالمي، ينطبق على المواطن اللبناني، الذي خُصيت ودائعه، وتم حجب إصدار جوازات السفر له، ويُجرد يوميًا من حقوقه الإنسانية، مع مطالبته بالابتسامة والترحيب المستمر بالآخرين، وإلا أصبح متهمًا بالعنصرية والحزبية. المفارقة أن اللبناني إن حكى أصبح عنصريًا، وغيره إن حكى أصبح وطنيًا. وبين العنصرية والدفاع عن الهوية، ازدواجية في المعايير وسياسات دولية.
1029
| 29 مايو 2023
أسبوع حافل بالأحداث يتطلب التقاط الأحجار السبعة من هنا وهناك. من لبنان حيث انطلقت بشائر الربيع اللبناني بإصدار منظمة الشرطة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقّ حاكم مصرف لبنان الذي يواجه تُهما بالفساد وتبييض الأموال والاستيلاء على الأموال العامة، وذلك في خمس دول أوروبية. يواجه لبنان الرسمي هذه المذكرة بتأكيده على «سيادة القضاء اللبناني» #بس_أقول. بينما يواجه لبنان بوجهه الخارجي أزماته الدبلوماسية والسياسية بـ «العلكة» التي تعكس عدم القدرة على هضم بيانات القمم العربية المتتالية منذ أكثر من 78 عامًا، والتي توجّت هذا العام بحضور الجار الأسد في ظلّ مناشدة لبنان الرسمي طلب الدعم المادي لدعم اللاجئين الهاربين من الأسد الحاضر نفسه في القمةّ! مشهد عجيب في السياسة العربية، وأكثر تعجبًا مرور زيلينسكي، وإسكات صحفية عربية سألت السيد «أبو الغيط» عن تطلعات المواطن العربي من القمّة. بالتزامن مع هذه التناقضات، خرج اللبنانيون في تظاهرة احتجاجًا على قرار رئيس بلدية جنوبية بمنع المشروبات الكحولية وإلزام روّدا الشاطئ بلباس سباحة محتشم في أحد الشواطئ الشعبية، حتى أصبحت هذه التظاهرة وجها من وجوه الانقسام الثقافي، بين من يريد إلزام غيره بالاحتشام وبين من يعتبر اللباس على الشاطئ حرية شخصية. تظاهرة على الشاطئ والليرة اللبنانية تموج أمام الدولار وتُغنيّ «إني أغرق أغرق أغرق» ولا رجال إنقاذ في الحكم. الاحتشام كان أيضًا في لبنان سبب تطويق أحد المباني السكنية في بيروت بسيارات ورشاشات سوداء، حيث أطلق زوج سابق النار برشاشاته الحربية على الشقة التي يقطن فيها عشيق طليقته لترهيبه وذلك على بُعد أمتار قليلة من حاجز القوّات الأمنية. وفيما تلهث السلطة وراء المغردون، يُسجن لبنانيون بسجون عربية بتهمة الانتماءات الحزبية ويُقتلون تحت التعذيب دون تصريحات ومواقف واضحة من السلطات اللبنانية المعنية تؤكد هذه التهم أو تنفيها من الناحية القانونية. وعندما يطالب الشعب اللبناني العالم بمحاسبة الطغمة الحاكمة، تتعالى أصوات الفلسفة السياسية من والتي تتحدث عن انتخاب الشعب لهذه الطبقة، وكأن القانون الانتخابي، والاقتراع، والشفافية، ونزاهة الفارز والمفروز ساطعة، وكذلك الماكينات الانتخابية والإعلامية محايدة! ومن ثم يُستحضر دور الدُول المعبودة إلى الواجهة، حيث يُتهم اللبناني أنهُ عبد لهذه الدولة بأيديولوجيتها أو لتلك الدولة بعقيدتها، فيما الحقيقة أن من يمارس هذا الكمّ من الفساد والظلم والوقاحة السياسية هو من عبدة الشيطان، الذي بنفسه يستمتع بتكريس الجهل، والإرهاب الفكري، والترهيب الإعلامي، والتخوين، والتكفير، واتهام الكُتاب والمفكرين بالتمرّد على السلطة الحاكمة، والتعدّي على هيبة الدولة، أضف إلى مساندة أنظمة كثيرة لهذه الطغمة الحاكمة، على أساس أن السلطات الرسمية تتعامل مع بعضها البعض وفق المعايير الدولية والدبلوماسية، وأنّ المنهج الذي يسير عليه الدول الأعضاء في الجامعة العربية هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
1002
| 22 مايو 2023
أول كلمة في الإسلام «اقرأ»، ومع ذلك لا نوّلي أهمية للكلمة في قاموسنا السياسي العربي، لأننا نعتمد في كثير من مصطلحاتنا على توصيف الغرب لمجتمعاتنا وللحروب التي تحدث في بلادنا والظواهر السياسية في حياتنا. نُعربّ ما يستخدمه الغرب في كتاباتهم وتصريحاتهم السياسية، دون دراسة الأثر الفعلي لهذه المصطلحات على موقعنا في خريطة العلاقات الدولية. وفي أحسن الأحوال، نستمد من شعرائنا التوصيف السياسي بناء على مشاعرنا وانفعالاتنا، ربّما لأننا نخاف بطش سلاطين السياسة وتسمية الظواهر بمسمياتها. هبّت رياح «الربيع العربي» بتوصيف غربي، اندهشنا بالمصطلح وعرّبناه وأدخلناه في قاموسنا السياسي، واختلفنا على تعريفه بين دولة وأخرى، واحدة مؤيدة وأسمتها بالثورة، وأخرى معارضة أسمتها التمرّد. ولأسباب متعددة، كُتب علينا استيراد المصطلحات السياسية في العلاقات الدولية، لأنه علم قائم بذاته في الدول الغربية، بخلاف ما لدينا، مع محاولات متواضعة من كلياتنا للانتقال من التعريب إلى العربية، بتكليف رسميّ، يُحدد توجهاتنا وغاياتنا، ومن ثم نُصفّ ظواهرنا السياسية بكلمات انفعالية، مُجردة من أركانها السياسية والقانونية. نتداول كلمة «النكبة» منذ أكثر من 75 عامًا، وما كرّسنا فيها إلا الهزيمة والخيبة. يُفيد المؤرخون أنها تعود إلى المؤرخ قسطنطين زريق، نائب رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت الذي استخدم هذا المصطلح في كتابه «معنى النكبة» الصادر في أغسطس 1948. فيما يقول آخرون ان الشاعر المصري أحمد محرّم، هو أول من استخدم هذا المصطلح عام 1933، من خلال قصيدته بصحيفة البلاغ المصرية، بعنوان «نكبة فلسطين»، والبعض ينسب استخدامها بادئ ذي بدء إلى «نكبة البرامكة» إبّان حُكم الخليفة هارون الرشيد. في مقاربة بسيطة، نرى أن الصهاينة يستخدمون كلمة «هولوكوست» وهي تعني الكارثة بالعبرية، ولكن تم ترويج هذا المصطلح في المشهد السياسي والاجتماعي والقانوني وتعريفه على أنه محرقة للبشر، أو معسكر للإبادة، والقتل الممنهج لليهود، وبالتالي أصبح كل من يُنكر حدوث «الهولوكوست»، هو شخص يُعاقب قانونيًا، منبوذ اجتماعيًا وإنسانيًا، ويتم إقصاؤه مهنيًا، لأنه إرهابي الطبع والميول والهوى. قد تكون حجة البعض أن الصهاينة نافذون في الأروقة الدبلوماسية، والأدبية، والأكاديمية، والإعلامية، والقانونية، وقد نجحوا في دسّ كلمة «المحرقة اليهودية» في مختلف المجالات لا سيّما وأن نشأة علم السياسة والعلاقات الدولية، ودراسة القانون الدولي غربية، وأن توصيف الظواهر السياسية يحتاج إلى لغة أكاديمية عالمية. ولكن ما هي حجّتنا ونحن نُوصفّ «نكباتنا» بعواطفنا وأقلام شعرائنا، لأنّ هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا، ولأن المسؤول عن اعتماد التصريحات السياسية لا يرغب بتحميل الغرب المسؤولية القانونية الفعلية. هذه هي الذكرى الـ75 لاستمرار الميليشيات الإسرائيلية في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، ومعاداة الفلسطينيين، والتحيز ضدّهم، وممارسة سياسية القتل الممنهج ضدّهم. أما النكبة فهي لمن اكتفى باللطم وإصدار البيانات الوجدانية.
639
| 15 مايو 2023
«أنا مسلم» عبارةٌ نسمعها كثيرًا في الآونة الأخيرة من عمّال وموظفين على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، وهي عبارة تُبشّر بالخير، وتُدخل السرور إلى القلب، ولله الحمد، ولكنّ استغلال هذه العبارة وتوظيفها في سياق لا يعكس حقيقة الأخلاق الإسلامية، هو تحدٍ خطير، لا بُدّ من الوقوف عنده، والتوعية بشأنه من قبل المتخصصين، عبر القنوات التي تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، ومخاطبة من لم تتسن لهم الظروف فرصة التعرف على أهمية أداء الأمانة والالتزام بالعمل، والتحلي بالمسؤولية الأخلاقية، أثناء تأدية العمل. وبالطبع لا يمكن اختزال هذه القضية في تصرفات فردية، وهي إشكالية أكبر وأكثر عمقًا من سلوكيات مهنية وعمالية، إلا أنها مؤشر على سيرورة مجتمعاتنا، فإذا كان صيت اليابان قد ذيع بالأخلاق المجتمعية، فإن الصورة الإسلامية للأخلاق المجتمعية هي مسؤولية مشتركة، ليكون الإنسان المُسلم نموذجاً يُحتذى به في كلّ موقع، وكلّ مناسبة، ولا سيّما في بيئة العمل المتنوعة التي تضمّ ثقافات مختلفة، سواء كان صاحب عمل، أو أجيرا، أو موظفا، او مديرا، أو عاملا بسيطا، بحيث يعتنق فكرة إتقان العمل كقيمة أخلاقية، وفي هذا ورد الحديث النبوي الشريف:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). هذه العبارة ترددت على لسان عامل صيانة، كان من المفترض أن يُنجز عمله الذي اتخذ عليه أجراً حسب الاتفاق، وألا يترك أنابيب المياه تسرحُ في المنزل بسبب خطئه في تأدية العمل، وعند مساءلته عمّا قام به، كان جوابه: «أنا مُسلم وصائم» و كان «البقشيش» كفيلا بأن يدفعه ليُنجز العمل المطلوب وأن يُصبح عمله أكثر اتقانًا. في موقف آخر عند إحدى محطات تزود المركبات بالوقود، يستلم العامل مبلغًا من المال، دون أن يردّ بقية المبلغ، وعند سؤاله عن المبلغ المتبقي يُجيب «أنا مُسلم»، وغيرها الكثير من الأمثلة اليومية التي يتخذها البعض عُذرًا لممارسات لا تمتّ إلى الأخلاق الإسلامية بصلة، تمامًا كالموظف الذي يغيب لمدّة ساعة بذريعة الصلاة، فيما يقوم زميله المسلم بمهامه، أو كالمتحدث والمُغرّد الذي يغطي هشاشة أفكاره بجدل ديني. «أنا مسلم»عندما تقولها أو تكتبها، تشعر بمسؤولية جمّة، وأمانة في الأعناق، لأنها مرتبطة بمكارم الأخلاق. المجتمع يتحمّل مسؤولية تثقيف المُسلمين لا إفسادهم باسم الدين على اعتبار أنهم «مساكين».
981
| 08 مايو 2023
لم تكتمل فرحة الهدنة في اليمن، حتى اشتعلت في السودان. هذا هو حال منطقتنا العربية، وسط تصريحاتنا الرسمية الروتينية الداعية لرفض التدخلات الأجنبية، بالتزامن مع برامجنا الإعلامية التي تطرح التساؤلات نفسها الصباحية والمسائية: ما هو موقف واشنطن من الهدنة؟ وما هو رد فعل واشنطن من النزاع المُسلح؟ وماذا وراء الأحداث التي اندلعت، وكيف يرد القائد الأعلى على الاتهامات العسكرية، فيما من الطبيعي أن تتواصل الافتراءات الصهيونية على الحياة الفلسطينية الرمضانية. مشهد معتاد، مع تحرك عاجل للجامعة العربية التي اتفق أعضاؤها لحظة توقيعهم ميثاق التأسيس «على ألا يتفقوا»، والسبب ببساطة أن قرارتهم يجب أن تكون الإجماع. هذا الإجماع الذي يُشبه الكمال، والكَمال ليس من سمات البشر، فكيف بحال الحكومات والدول؟ لذا، البقاء في دائرة النزاع هو القاعدة، والإجماع هو الاستثناء. ومن هنا فإن الانقلابات على المواثيق والاتفاقيات هو لعبة موسمية يشغل بها العسكر نفسه في المنطقة العربية. والمذهل في هذه الديناميكية، مرونة بعض الأجهزة العسكرية في تنفيذ التعليمات الداخلية ذات الميول الخارجية، وارتباط مهمة الدفاع عن الأوطان بمزاج رأس الهرم وخلافاته الداخلية والخارجية، حيث تنفيذ الأوامر السياسية يعلو ثقافة المؤسسة العسكرية، والطمع بالانتقال من السلطة العسكرية إلى السلطة السياسية نهج كرسته أغلب الدساتير العربية. ففي بلادنا، يخلع العسكري البزّة المرقطة، ويرتدي بدلة الرئاسة ذات الماركة الأجنبية. والعقلية واحدة: تنفيذ الأوامر من سلطة تعلو سلطته الحالية، والقضاء على كل من يخالفه الاستراتيجية. وقد برز هذا النموذج في جمهوريات تميزت في السابق بفصل القيادة العسكرية عن السلطة السياسية، مثل لبنان، الذي حكمته في السنوات العشرين الأخيرة البزة المدنية من خلفيات عسكرية. ارتباط السياسة بالنياشين ليس فكرة عربية ولا ظاهرة حديثة، فالملوك والأمراء والأباطرة عبر مختلف الحضارات، كانوا يتولون قيادة القوات العسكرية، وكان أبناء الأباطرة والملوك يتعلمون المبارزة والقتال والتكتيكات العسكرية قبل الفطام. وقد نجحت وجوه عسكرية في بناء مؤسسات مدنية متقدمة، مثل حقبة الرئيس فؤاد شهاب في لبنان، وشارل ديغول في فرنسا، ومصطفى كمال أتاتورك في تركيا، وغيرهم. ولكن الذي تغير في العالم اليوم، وبقي على حاله في دولنا العربية، هو الاعتراف العالمي بتراجع المعيار العسكري في إحداث التغيير بمسار العلاقات الدولية الداخلية والخارجية، لصالح المعايير التكنولوجية والرقمية والإعلامية والاقتصادية وغيرها، وتفوقها في كثير من المعارك والحروب السياسية. وفيما يتقدم العالم بهذه المعايير علينا، ما زالت تخدعنا الأوسمة وتغرنا النياشين التي تُسيطر على عقولنا وتنخر في مؤسساتنا.
786
| 17 أبريل 2023
قيل إنّ «التفاهة فنّ». أمّا الفاعل فهو «تَفِهَ». وتوافه الأمور، أي الانشغال بما لا قيمة له. والتفاهة في مفهومها تختلف عن الكوميديا وإن حاول عدد من صانعي المحتوى الادعاء بأنّها جزء من المرح، أو أداة تستخدمها الكوميديا للتخفيف من وطأة ضغوطات الحياة اليومية. وإذا كانت الكوميديا دواء، فالتفاهة داء. هذا الداء يظهر في حياتنا اليومية بأشكال متعددة، وأثواب مختلفة، ودرجات متقدّمة، لا يصيب الأفراد، وإنما يفتك أيضًا بالمجتمعات، وقد وصل العالم إلى مرحلة تُعرف بـ»مأسسة التفاهة» ونشرها كثقافة، بل كنماذج اجتماعية واقتصادية وسياسية وإدارية، وتُنفق الأموال لاستقطاب المتخصصين في تلميع التفاهة، وتحديد إمكانيات كلّ فرد في نشر التفاهة، ومرونته للوصول إلى أقصى قدر ممكن من مجاراة الآخرين. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك، نبدأها في النقاشات التي انقسم فيها مؤيدو ومعارضو دخول القطة إلى المسجد أثناء تأدية إمام جزائري صلاة التراويح. نعم، من المنطق أن يكون لكلّ حالة أو ظاهرة آراء مختلفة، بل ومتناقضة، ولكنّ من التفاهة ألا ترى جمالية هذا المشهد الإنساني وأن تنشغل بنوع القطة. من الجزائر إلى نمور السياسة في لبنان الذين يتسابقون على شغل منصب الرئاسة دون برامج سياسية معتمدين في خطابهم إلى العالم على تصريحات «قال الرئيس الأجنبي إلى فلان الذي بدوره نقل لنا عن تأييد علاّن، ولكنّ سمعان حاول تعطيل الإعلان». مثال آخر في التفاهة الإدارية، يبرز في الطلب من الموظفين النشطين والمنتجين التخفيف من العطاء والإنتاجية، والصمت في الاجتماعات المفصلية، كي لا تُجرح مشاعر الموظفين المتقاعسين المُهملين، وذلك تحت مسمى تحفيز الآخرين وأهمية دمج الصالحين بالطالحين، أو أن يقول رئيس لمرؤوسه: «الموضوع ليس في جودة العمل والإنتاجية، وإنّما في النجاح بالدخول إلى اللعبة». إذا كانت التفاهة فنّا أو لعبة، لا أرى أنه بإمكان أي شخص أن يتعلّمها، إن لم تكن لديه مهارات التفاهة في عروقه منذ الولادة أو في تربيته منذ الصغر. فقد عرّف قاموس المعاني التفاهة بأنها أبعد ما يكون عن كل ذي قيمة، وأنها ترادف الحقارة والدناءة أو نقص القيمة والإبداع، ولا يُمكن اكتساب الدناءة، والاستمرار فيها، والفوز بها، إذا لم يكن الأصل هكذا. لا ألوم التافهين، ولكنّ العتب على أصحاب القيمة الصامتين.
1446
| 10 أبريل 2023
«ولكلّ أُمّة أَجَل فإذا جاءَ أَجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». في هذه الآية الكريمة ما يُعين المؤمنين في لبنان لا الطائفيين والمذهبيين على المُضي قدمًا في هذا البلد غير الأمين الذي يختلف أهله على الساعة. مَن يُشاهد الخلاف الحادّ بين الشرائح المجتمعية في بلد الحضارة والتنوع الثقافي على تأخير الساعة أو تثبيتها والاختلاف على تحديد التوقيت الصيفي والشتوي، يحزن، وفي الوقت نفسه يُدرك حجم الوهم الذي يشعر به من يعيشون في الداخل اللبناني، أن نظامهم المُتهالك يُدير الحكومة العالمية، بل ويتزعم مسار العلاقات الدولية، ومسؤول عن موعد إطلاق الصواريخ النووية، ومواقيت إيقاظ المطارات العالمية، ومراسم استقبال الطيور والنوارس والعجائب الكونية. هو خلاف نشب بعد نشر فيديو لرئيس مجلس النواب اللبناني في اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، في حوارهما حول التوقيت الصيفي والشتوي، ومساعيهما لتقليص عدد ساعات الصيام، وهو ما يعكس كمية الحنان الذي يفيض من السلطة على المواطن الصائم. في المقابل، استنفرت شريحة واسعة من اللبنانيين الذين وجدوا في قرار تثبيت الساعة على التوقيت الشتوي لحين انتهاء شهر رمضان المبارك، خرقٌ للأعراف التي قام عليها هذا النظام التوافقي المُتهالك. ووسط هذا الخلاف البنّاء للأجيال المقبلة، تسأل الطفلة أبيها: صديقتي مُسلمة وأنا مسيحية، فهل هي ستأتي بعدي بساعة إلى المدرسة؟ خلاف مُبتكر يُوثق للتاريخ، في توقيتٍ مناسب ومُثمر للفتنة في كلّ الفصول صيفًا وشتاء، إذ جاء بعد أقلّ من 12 ساعة على الاحتجاجات التي قام بها العسكريون المتقاعدون على تدّني رواتبهم وما آلت بهم الظروف بعد خدمتهم الطبقة الحاكمة لعقود، ورميهم بالغاز المُسيل للدموع فوق دموعهم، وتضامن مختلف اللبنانيين معهم، وأصوات دعت العسكريين المتقاعدين لحمل راية التغيير، كونهم الأكثر خبرة في سلوكيات الطبقة الحاكمة، وكيفية مواجهتها. لكنّ الطبقة الطائفية الأصيلة المعتقّة نجحت في ردّ عقارب الساعة إلى الوراء بدقّة، وتحديدًا إلى ساعة اعلان قيام نظامٍ توافقي طائفي مسخ على أنقاض حرب الآخرين على أرض لبنان، تتوزع فيه الأدوار وتتجانس، حيث ابتكار الفتن فنّ لدى هذه الطبقة، ومن يُعاونها من جنود فرعون في وسائل الإعلام، والأبواق الفكرية، والأزلام، وهو فنّ تضليل الرأي العام وكيفية السيطرة على العقول بساعة!
1737
| 27 مارس 2023
النظام الدولي اليوم هو نظام أُحادي القطبية، مهما اختلفت الآراء والتحليلات حيال القوى الصينية العظمى الناشئة وما تقوم به بكين من دور سياسيّ جديد في الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، بما يُساعدها على المضي قدمًا في تنفيذ خططها وفق مسار «الحزام والطريق» التنموي، وسيطرتها الاقتصادية على الموانئ والمرافئ في الدول التي يمرّ بها الحزام. فوق هذا الحزام وتحته، سيستمر الصراع على النفوذ الاقتصادي والعسكري. وما لم تتخذ الصين قراراً بتحويل قوّتها الاقتصادية إلى مُخرجات عسكرية بنشر قواعدها وجيوشها حول العالم- وهذا محتمل فقط عند إنجازها طريق الحرير لحماية الموانئ والمرافئ التي تسيطر عليها باتفاقيات اقتصادية طويلة الأجل تصل مدّتها إلى مائة عام- فإن أميركا ستبقى القوى العظمى الوحيدة، ما لم تُفاجئنا الصين وروسيا بحلف واحد. المفاجأة قد تحدث مع ارتفاع الانفاق العسكري حول العالم، الذي وصل اليوم إلى أكثر من 2 تريليون دولار أميركي، أو مع اندلاع أي حرب نووية، وما ينجم عنها من اصطفافات جديدة، أو انقلابات في الدول التي يمرّ بها الحزام، أو شحّ للدولار حول العالم ما قد يُسبب بكساد اقتصادي يُبطئ الإنتاج الصيني، ويُسبب عجزًا عن تسديد القروض في دول موعودة بالتنمية الصينية. الصين تسارع في تعبيد «الحزام والطريق» وإن أخّرتها جائحة كورونا عمدًا أو صدفةً، وتتخذ قرارات تجارية خطيرة بتوقيع اتفاقيات اقتصادية تستخدم فيها عملتها في مبادلاتها التجارية مع الدول الآسيوية بدلًا من الدولار. روسيا تدافع عن عمقها الجيو-استراتيجي بحذر حتى الساعة وإن بدت الحرب على أوكرانيا شرسة إلا أن روسيا لم تفقد أعصابها العسكرية بعد، وما زالت تتحرّك ضمن قواعد اللعبة. أما بريطانيا، فمن الطبيعي أن تعمل على تعزيز قوّتها الذاتية بهدوء انجليزي لافت، بينما تحاول فرنسا النجاة والصمود ضمن مصاف الدول الكبرى واستعادة ما تخسره لصالح الصين في إفريقيا، بينما تنشغل المانيا بلملمة هيبتها الأوروبية للدفاع عن الأمن الأوروبي. النظام أحادي القطبية الحالي ما زال حيَا وثابتًا، فالولايات المتحدة الأميركية -القوى العظمى الوحيدة التي تُدير النظام العالمي اليوم- تترك هامش المناورة للصين، حيث تملأ بكين فراغات تركتها إدارة دونالد ترمب، عند انسحاب أميركا من الشراكة التي وقعت عليها 12 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخلافات أميركا التجارية مع مجموعة دول السبع الصناعية، أضف إلى ذلك انسحابه من الاتفاقية النووية مع إيران، وتوتر علاقاته مع الدول العربية بعد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وتصريحاته عن الحماية العسكرية الأميركية للكراسي العربية، وخرقه غشاء أُممية المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة التي تستخدمها الإدارة منذ انهيار نظام الثنائية القطبية في بداية التسعينات، وتبلورت في نهاية الحرب العالمية الثانية، وبرزت جليًا خلال جائحة كوفيد-19 في قرارات منظمة الصحة العالمية، وسياسات صندوق النقد الدولي المتناقضة باتجاه الدول الحليفة والمعادية لواشنطن، وتدخلات البنك الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية التي صدر عنها مؤخرًا مذكرة توقيف بحقّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتقارير وكالة الطاقة الذرية. الطريق يمر بنا في دولنا ومجتمعانا العربية، والحزام قد يجلدنا، والصراع بين قوى عظمى واحدة وأخرى محتملة ناشئة قد يكون اليوم لنا وغدًا علينا، فما هي خططنا، وكيف سنهيئ شعوبنا للتعامل مع المرحلة الانتقالية بين الأقطاب؟ وهل سنكون كعرب فوق الحزام أم تحته؟
732
| 20 مارس 2023
يواجه الكثير من الشباب انتقادات واسعة، حيث يتم تحميلهم مسؤولية فشل مشاريعهم التجارية، على أنهم قصّروا في دراسة متطلبات السوق واحتياجاته، وأنهم يضعون أنفسهم تحت وطأة القروض والديون، وأنهم غير قادرين على إدارة مشاريعهم بالشكل الصحيح. التنظير جميل، والأجمل التعمّق في الحقيقة. إن صحّ تقصير الشباب وتقاعسهم، فهو بسبب الطمع بربح سريع، أو الإهمال في متابعة التفاصيل اليومية، أو في ثقة بغير محلّها، أو تنازل عن الجودة على حساب استعادة النفقات، وغيرها من الأسباب والخصائص التي تتغير بحسب طبيعة المشروع وظروفه. من القهوة المتخصصة، مرورًا بالبرجر، وصولًا إلى الشاورما، وغيرها من المشاريع التي يراها البعض «هبّات» تجارية أو موضة، لا تزال المشاريع التجارية تُنازع من أجل الاستمرارية. وهناك من يستمتع بالفرجة المجانية على ضفاف بحر يُراقب فيه الهامور السمكة الطرية. كفى إجحافًا بحقّ الشباب ولنستعرض معًا مواضع الإجحاف في هذه السردية التي تبدأ بوقوع روّاد الأعمال - دون خيار منهم - في دائرة مغلقة يتحكّم بها الهوامير بطريقة غير مباشرة، ونبدأها في الجودة المتدنية والأسعار الخيالية لخدمات دراسة السوق المحلية. يليها كلفة إيجار المحلات والمخازن المرتفعة بشكل تصاعدي مستمر ودون أي سبب اقتصادي مُبرر، أضف إلى ذلك كلفة السيارات المبردة الناقلة للبضائع والمنتجات، ومن ثم كلفة السيارات الناقلة للموظفين، يليها كلفة إيجارات سكن الموظفين العاملين في المشروع، الذين أغلبهم لا يهمّهم رضا الزبون، وليس لهم أي صلاحية استنسابية بإجراء تعديلات بسيطة على «السندويش» بخلاف ما هو موجود في قائمة الطعام، فهؤلاء يعتبرون قائمة الطعام الموجودة مُقدّسة، ويحلو لهم تكرار كلمة «No sir, No Madame»، وهي كلمة تنفر الزبون والعميل والسائح، وهم مضطرون لذلك، لأن كفاءتهم على قدر راتبهم، ونادراً ما يهمّهم مشاركة ملاحظات الزبون أو العميل مع صاحب العمل، الذي يسألهم التنفيذ فقط. أضف إلى ذلك تكاليف الحصول على المستلزمات اللازمة سواء كانت معدّات أو أدوات وأكياسا ورقية تحمل العلامة التجارية، والتي تبلغ تكلفتها محليًا أسعارًا خيالية، فيلجأ صاحب العمل لاستيرادها من الخارج بكميات هائلة قد لا يحتاجها في الوقت الحالي، بسبب التزامه بكلفة الاستيراد والتصنيع بالحدّ الأدنى. ماذا عن تكاليف الدعاية والإعلان السنوية والأسبوعية والشهرية؟ كيف يُسهم المؤثرون في دعم المشاريع الشبابية؟ في حساباتهم تُودع مبالغ خيالية مقابل تسويق «شاورما» أو كوب من القهوة. وهذا أصبح جزءًا من التركيبة الاجتماعية. ما هي المنصات المحلية المُتاحة للإعلانات الدورية؟ وما هي كلفة تصوير الفيديوهات التسويقية البسيطة التي يحتاجها كلّ مشروع؟ من ينتقد الشباب في مشاريعهم التجارية ليس لديه دراية كافية بما يحدث حقيقة من تضييق الخناق عليهم وإبقائهم في دائرة مغلقة واضحة المعالم. صاحب المحلات والمخازن والعقارات والسيارات هو نفسه وكيل استيراد المستلزمات والمعدات الأساسية، وهو نفسه صاحب شركات الإعلانات والدعاية وقس على ذلك من أمثلة. هي دائرة تجارية يتحكّم بها هوامير قسّموا الغنائم وفق إمبراطوريات تجارية متخصصة تدّعي كلّ منها تحمّل المسؤولية المجتمعية والتنموية. ومن يقع من الشباب ضحية، يُنقذ بتبرعات الهوامير الرمضانية. إنّ أعظم شركات العالم تأسست من مرآب المنزل ووصلت إلى العالمية، والشاب الذي يقتطع من راتبه لتأسيس شركته، نُطالبه بتوفير كلّ ما تقدّم، ومن ثم نُدخله اللعبة ولكن بشروط الإمبراطوريات التجارية.
918
| 27 فبراير 2023
مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2508
| 30 نوفمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1479
| 02 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1149
| 01 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1095
| 03 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
765
| 04 ديسمبر 2025
في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...
651
| 28 نوفمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
594
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
594
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
528
| 01 ديسمبر 2025
كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...
501
| 30 نوفمبر 2025
في كلمتها خلال مؤتمر WISE 2025، قدّمت سموّ...
495
| 27 نوفمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
495
| 03 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية