رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ليس واحدا أو اثنين أو ثلاثة، بل أربعة دفعة واحدة استشهدوا مع أبناء عمومتهم والجيران، قُصف المنزل على رؤوسهم وكل من حاول إنقاذهم كان الصاروخ له بالمرصاد. الخبر كان صاعقة على قلب شقيقتهم سجود حسان التي كادت نبضات قلبها تتوقف لولا أن ربط الله-تعالى- عليه بالصبر. حيث قالت اتصل شقيقي غسان صباح يوم استشهادهم وأخبرني بأنه سيأتي عندي، وكنت بانتظاره لكن لم أكن أعلم أن الانتظار سيكون أبديا». وبينت، أن قلبها يحترق على فراقهم فهم كل حيلتها من الإخوة حيث كانوا يحبونها وكرماء معها ويتفقدونها حتى في أصعب الظروف يتقاسمون بينها وبين أطفالهم حفنة الطحين خاصة بعد أن قصف منزلها ولم تعد تملك شيئا. وذكرت، أنها تنتظر اتصال مؤسسة الصليب الأحمر، ليتم التنسيق لانتشال جثامين أشقائها فهم ما زالوا تحت الركام، وتابعت:»بدي أدفنهم ما بدي يظلوا تحت الركام». ولفتت، إلى أن الحمل ثقيل على قلبها فكيف لها أن تدفن جميع أشقائها وأبناء عمومتها وحدها؟! وأضافت بملامحها المفجوعة:» أمي لا تعلم باستشهاد جميعهم تم إخبارها باستشهاد اثنين منهم، وهي الآن تنتظر قدومهما في نصيرات فقد نزحت مع نساء أبنائها وأحفادها». وأوضحت، أن أشقاءها كانوا ينتظرون سيارة الشحن لنقل أغراضهم من غزة إلى المنطقة الوسطى لقطاع غزة، لكن أصبح لهم البقاء في غزة أبديا. وبينت، أن شقيقها غسان، كان يحرص على مساعدة الناس، ويرعى الأرامل والأيتام خاصة في المجاعة أثناء العدوان، وكان كثيرا ما يحاول إنقاذ من يتم قصف بيته ويلقن من كانت أنفاسه الأخيرة الشهادة، وقبل استشهاده كان يذكر شقيقه بنطق الشهادة. وبعيون أهلكها البكاء والفراق قالت: «الحمد لله الذي رزقهم حسن الخاتمة بالشهادة بعد أن عاشوا العدوان والظلم والقهر والجوع حتى أنهم كانوا يتناولون الملح في المجاعة». تحاول أن تتماسك لكنها تجد نفسها لا تقوى على الاتصال بوالدتها المريضة والمقعدة فلا تقوى على الحركة فما زالت تنتظر أبناءها بالعودة، ولا تعلم أن جميعهم استشهدوا ولن تستطيع حتى وداعهم الأخير فالمسافة طويلة جدا، ومزدحمة، والجسد مشلول. وبينت، أن الحمل ثقيل فأصبح لدى والدتها أربع أرامل والعديد من الأيتام أصغرهم جنين في رحم أمه سيولد يتيما لا يعلم عن ملامح والده شيئا، ولا حتى ذكرى يحتفظ بها من رائحة والده فقد استشهد والده وأعمامه تحت ركام منزلهم.
117
| 03 أكتوبر 2025
اغتالت صواريخ الاحتلال حق غزة في فرحة استقبال عيد الأضحى المبارك، فلم تستطع هذا العام آلاء شراء ملابس العيد لأطفالها أو حتى تعد لهم الحلوى مثل كل عيد في أعوام سبقت الحرب فقد اغتيلت أمومتها بعد أن فقدت كل أطفالها بصواريخ لا تعرف معنى الرحمة. والحال ذاته لحسين الذي لازال يجلس على رصيف شارع المستشفى المدمر والخوف يسكن قلبه خشية أن يفقد زوجته التي تتنفس من خلال جهاز الأوكسجين، كما فقد كافة أطفاله. والفرحة ذاتها سرقها الاحتلال من أطفال غزة الذين أصبح أعدادهم كبيرة جدا منهم أيتام بلا أم، وأب كذلك، والبعض الآخر لم يتبق إلا طفل واحد من العائلة الكبيرة. هذه الحرب الشرسة هدمت وقصفت ملامح الفرح في استقبال العيد فما عادت تلك الأجواء التي يتلهف إليها الكبير والصغير حيث ملابس الأطفال الجديدة والحلويات اللذيذة تجهز لاستقبال العيد خاصة أن أهل غزة يعلمون أن الفرحة فيها تعظيم لشعائر الله تعالى حيث يقول في كتابه العزيز{ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. وصلاة العيد التي يسبقها تكبيراته حيث يذكر بها الإمام أنه رغم الظروف لابد من إشاعة الفرح والحرص على صلة الأرحام لكن إمام الحي الدكتور وائل الزرد استشهد كما سبقه نجله ولحقه نجله الثاني، ومسجد الحي قصف فلازالت ركامه شاهدة على بشاعة العدو. هذا العيد لم تجهز حقائب الحجاج فقد كانوا يستعدون لرحلة انتظروها أعواما عديدة لتلبية نداء لله تعالى:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]. فكانت الفرحة تغمر كل من كان لاسمه نصيب في القرعة التي كانت تجرى سنويا في حال كان المعبر رفح البري مفتوحا لكن إن كان مغلقا فكذلك موسم الحج أيضا مغلق لأهل غزة. ومن لم يكن اسمه من حجاج العام يؤنس غصة قلبه بأنه سيحج العام المقبل لكن لم يكن يعلم أن هذه الغصة هذا العام والذي سبقه أيضا كبيرة جدا فلا حج لقطاع غزة. هذا العام قاس جدا لأهالي قطاع غزة حيث الحرب الشرسة وسياسة التجويع وقصف البيوت على ساكنيها مع ارتفاع مؤشرات الفقر التي دقت ناقوس الخطر وتجاوزت كافة الخطوط الحمراء وزاد الوجع بحرمانهم من الحج. والكثير منهم لن يحجوا حتى بانتهاء الحرب وقدوم أعوام مقبلة تشهد موسم الحج؛ لانهم استشهدوا بعد أن قصفت بيوتهم على رؤوسهم وتمزقت جثامينهم واختلطت دماؤم بركام منازلهم. لم يعد الكثير منهم بحاجة إلى الحصول على تأشيرة الحج ولا حتى انتظار فرحة أسمائهم بالقرعة فالحرب انهت أحلامهم بالطواف حول الكعبة وزيارة قبر الرسول «صلى الله عليه وسلم». رغم الحصار بالأعوام السابقة إلا أن الكثير من أهالي غزة يحرصون على الأضحية لما فيها من عبادة عظيمة طاعة لله عز وجل وتطبيق لسنة الرسول «صلى الله عليه وسلم» حيث يقول الله تعالى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج: 36] ذلك جعل البعض منهم يجمع ثمنها منذ شهور تسبق عيد الأضحى حتى يشتري الأضحية ويدخل الفرحة على أهله وجيرانه والفقراء فلهم نصيب بذلك. لكن هذا الموسم اختلف كثيرا فلم تعد الأضحية متواجدة، فمنذ زمن طويل لا يوجد لحم الغنم والضأن والبقر... لكن كل يوم يتواجد لحوم غزة من أجساد أهلها. لقد كان عيد الأضحى فرحة غامرة لفقراء غزة فهم ينتظرون العيد ليتناولوا اللحم فهذا العام أصبحت غزة بأكملها تشتهي اللحم وليس الفقراء فحسب، بل تشتهي رغيف الخبز كذلك. غزة إن لم تستطع أن تضحي وتطوف حول الكعبة وتسلم على رسول الله «صلى الله عليه وسلم» والوقف في عرفة هذا العام إلا أنها ضحت بأطفالها ونسائها ورجالها في سبيل الله تعالى وهي لا تدافع عن أرضها فحسب؛ بل عن عقيدتها ودينها وعن المسلمين فهي لا زالت في الميدان تقدم المزيد من الشهداء.
432
| 06 يونيو 2025
قدور التكيات في غزة متواضعة جدا تعمل على استحياء فهي لم تحمل في أحشائها لحما أو دجاجا أو سمكا، إنما كانت غالبا ما تطهو العدس، أو بعض الأرز، ومع ذلك يحيطها مئات الجوعى من الأطفال والكبار. الأمر لم يكن مجرد قدور؛ بل كانت بالنسبة لمئات الجوعى حبل نجاة لأمعائهم الخاوية بعد أن أغلقت المعابر، ومنع الاحتلال دخول ولو حبة أرز واحدة أو حتى حفنة طحين. فعيون أكثر من مليوني غزي غائرة من الجوع تترقب القدور الكبيرة أن تضع على قطع من الخشب المشتعلة نيرانها إلا أن هذا الترقب طال انتظاره بدون جدوى. الإغلاق المشدد جعل المؤسسات الإغاثية الدولية، والمحلية تقف عاجزة عن تقديم أي شيء من المواد الغذائية الإغاثية. ذلك جعل التكيات تقف خجلا أمام العيون الجائعة بعدم قدرتها أن توقد نيرانها وتطهو أي شيء من الطعام. حتى رغيف الخبز الذي ينظر له العالم بأنه شيء معتاد لا مجال في التفكير به لوفرته وثمنه الزهيد إلا أن الحال في غزة مختلف فحفنة الطحين أشبه ما تكون بسعر غرامات الذهب. هذا جعل العديد يستجدي من الآخرين على استحياء من أجل الحصول على شيء من المال لشراء كيلو طحين لإعداد بعض الأرغفة لأطفالهم الجوعى. الحصول على رغيف الخبز أصبح أشبه بكابوس يؤرق عيون أهالي غزة الغائرة جوعا وخوفا. حاول الكثير من أهالي غزة البحث عن بدائل للطحين، لإعداد الخبز فمرة من خلال المعكرونة، ومرة من خلال العدس إلا أنها ليس بالبديل المناسب لقلة وجوده وارتفاع ثمنه كذلك. ورغم تواضع التكيات إلا أنها كانت محلا للاستهداف فكثير منها استهدفت قبل إغلاقها من قبل صواريخ الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى مجازر جعلت من الجوعى أشلاء متناثرة فقدت أنفاسهم الحياة، وهم كان يحلمون بالحصول على طبق مع العدس أو أي شيء يؤكل. الاستهدافات المتكررة لمخازن المؤسسات الإغاثية والعاملين بالإغاثة زاد من خناق غزة. وهذا يأتي ضمن الحرب التي أعلن الاحتلال منذ بدايتها إلى تجويع قطاع غزة، الأمر الذي جعل أكثر من مليوني غزي يواجهون معارك ظالمة حرمتهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية بالحصول على طعام. الجوع الكبير لأمعاء غزة الخاوية يقابلها خلف المعابر المغلقة مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية منذ أكثر من شهرين لازالت واقفة بقرار الاحتلال الظالم المانع من دخولها إلى غزة. حقيقة مؤلمة أن يقف العالم عاجزا أمام المجاعة التي من الصعب وصفها بكلمات. من الصعب وصف شعور طفل كان جائعا وهو يبحث عن أي شيء يؤكل يقصف بصاروخ عديم الإنسانية. من الصعب للكلمات أن تصف معاناة أطفال يعانون من سوء تغذية يكون حتفهم الموت في نهاية المطاف. من الصعب وصف حالة أب مات جائعا وهو يبحث عن الطعام لأطفاله الجوعى! الأمر أصعب أن يوصف بكلمات مهما كان براعتها ودقتها لحكاية البحث عن رغيف خبز أو طبق عدس من تكية تحت قصف الاحتلال الظالم...والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
360
| 23 مايو 2025
الاحتضان لم يكن عاديا فهو كل ما تبقى من طفلها حذاء كان يرتديه أثناء استشهاده لم تجد والدته شيئا آخر لتشتم به رائحة طفلها الذي أصبح أشلاء بفعل صواريخ الاحتلال الحاقدة الظالمة. تلك الصواريخ التي فرقت بين أم وطفلها ومنعت عنهما اللقاء أو حتى جثمان تقبل جبينه وتمسك يديه بقوة، وهو داخل كفنه الأبيض المختلط بحمرة دمه. هذه الصواريخ التي لم يشهد على وجودها العالم فهي محرمة دوليا ممنوع استخدامها إلا أن غزة كانت بمثابة حقل تجارب لصواريخ صنعت بأحدث تقنيات متطورة جدا من بلاد شتى، وكلما أوشكت أن تنفد جاءها الدعم غير المحدود بكميات يصعب حصرها. كان الأمر فاجعا لقلب أم بحثت كثيرا لعلها تجد شيئا باقيا من نجلها إلا أنها لم تجد غير الحذاء، ذلك الحذاء الذي لاصق وجهها في احتضانه فهي ترى أنه أثمن حذاء في العالم فقد كان طفلها يرتديه في آخر لحظات حياته قبل أن تباغته صواريخ الاحتلال. الحذاء التي تلصقه بوجهها لعل أنفها يشتم رائحة عرق قدم طفلها لعلها تعيد لأنفاسها حضن طفلها الذي كانت تشعر بالأمان بقربها منه. أطفال غزة هم عبارة عن بنك أهداف الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحجج في كل مرة بحجج واهية كاذبة، ليعطي نفسه مبررا للقصف. أطفال غزة الذين تلاحقهم صواريخ الاحتلال تارة، والجوع في جولات كثيرة فأعداد وفيات الأطفال جراء سوء التغذية في تصاعد ملحوظ، ومن تبقى فإنه يعاني بشكل كبير في حجم جسده قياسا بعمره. في غزة فاحت المجاعة فما تواجدت أبسط الأشياء من الطعام فالكثير منها مفقود، والمتواجد أسعاره أصبحت تزن مثل غرامات الذهب؛ بل أكثر. توقفت المساعدات الإنسانية منذ فترة طويلة كفيلة بأن تجعل غزة تشهد مجاعة تحاصر بها أهالي غزة أصحاب الأجسام المنهكة. حتى التكيات لم ترق لصواريخ الاحتلال بقاءها فقد شهدت مجازر بقصفها بشكل متعمد، رغم أن القدر الذي يطهو به الطعام لا يحتوي على لحم أو دجاج، إنما كل الذي يحمله في أحشائه عبارة عن رز أو عدس بعيدا عن المدعمات. الأمر الذي يجعله يقدم على استحياء لأهالي غزة، لكن لا بديل غير ذلك الطبق الذي يفتقد لأدنى العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم. ومع ذلك توقفت جميعا فلم تعد تستطيع أنفاسك أن تشتم رائحة شيء يؤكل فقد نفدت مخازن الأغذية فباتت القدور فارغة تترقبها عيون الجوعى على أمل أن تعاود إشعال النيران تحتها لعلها تعود قدورهم بشيء من الرز أو العدس أو أي شيء يمكن أكله حتى وإن كان يطهى على ماء فقط. هذه المجاعة تأتي في وقت أغلقت بها جميع معابر غزة ومنع الاحتلال من هذا الإغلاق إدخال أي شيء، وبالوقت ذاته يبطش في نيران حقده المشتعلة بصواريخ تجردت من الإنسانية في قصف كل شيء يرتبط بغزة حتى طال الأمر ليس الأطفال فحسب؛ بل الأجنة في بطون أمهاتهن. في غزة أصبحت الأشياء غالية جدا فحذاء طفل الأم المكلومة بالنسبة لها من الصعب أن يعادله ثمن فهو أغلى حذاء في العالم بالنسبة لها لا لجودته وصنعه فهو بسيط الصنع والجودة، إنما لحمله رائحة قدم طفلها وبقع دم لازالت تشهد على مجزرة ارتكبها الاحتلال في حق أطفال غزة... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
318
| 09 مايو 2025
كانت مدرسة دار الأرقم ليست بذات البعد عني حيث مسافتها خطوات قصيرة لا تزيد عن خمس عشرة خطوة أو بين ذلك، الأمر الذي أفجع هدوء النفس وحركها عن موضعها بعد سقوط الصاروخ الأول على مصلى المدرسة وتبعها مباشرة سقوط الصاروخ الثاني الأكثر حقدا. لولا الإيمان الذي يزرعه الله-تعالى- في قلوبنا لتوقف نبضها، وزال عقلها، لهول ما رأت العيون من فاجعة مجزرة «دار الأرقم»، وغيرها من المجازر التي لم يعد أرقامها يسهل إحصاؤها. أفزع الحي بأكمله فكيف عن ساكنيها؟! فهذه الأصوات يبدو أنها جديدة وأكثر فتكا وتدميرا، صواريخ كانت أكبر بكثير من حجم النازحين الذين تقطعت بهم السبل بعد قصف الاحتلال منازلهم، وتعثر بهم الحال أن يجدوا مكانا للإيواء غير المدرسة، وإن كان عدد نازحيها كبيرا فهم يرون العيش داخل جدران فصل مدرسي أهون معاناة من العيش في خيمة عبارة عن قطع من النايلون التي لا تصلح لشتاء أو حتى صيف. كل من فيها عائلات الكثير منها قد استشهد عدد من أفراد أسرتهم في مجازر سابقة، ورغم ذلك إلا أن الحقد الأسود المتغلغل في دم العدو الصهيوني المتعطش لدماء الأبرياء أبى إلا أن يزيد من هذه الدماء. ما أصعب المشهد حينما رأيت عددا منهم عبارة عن أشلاء وضعت في بطانية لحملها حتى يتم دفنها، لا أعلم كيف ممكن الاحتفاظ بها حتى يتعرف أهلها عليها، ولا أعلم كيف ممكن لأب أو أم، أن ترى هذه القطع من اللحم، لتعرف أنها لنجلها؟! كيف لأم «شهيد الأشلاء»، أن تجزم أن قطع اللحم هي لابنها؟! * لكن الذي لم يكن بالحسبان بهذا الظرف الصعب، أن الاحتلال جدد قصفه للمدرسة، الأمر الذي جعل انقاذ من تبقى، وانتشال الجثامين وقطع اللحم لأجساد الأطفال والكبار، والعثور على المفقودين أمر غاية الصعوبة. طالب الدفاع المدني أن نغادر المكان، رغم خطورة الوضع إلا أنهم كانوا يعملون جاهدين أن أغادر مع أقاربي المحيط القريب من المدرسة، فكان احد رجال الدفاع المدني يحاول أن يخفف علينا هول الأمر، وعدم القلق. كدت في هذه اللحظة أرغب بالبكاء كيف لمثله يحرص أن لا يصيبنا أذى، بينما هو يبقى يعمل بالميدان تحت وابل الصواريخ، وهم لا يملكون أدوات إنما يكون العمل بأيديهم فقط؟! أخذت أردد بالدعاء بأن يحفظهم الله -تعالى-فكل واحد منهم له عائلة تنتظره. كان سلاحي في هذه اللحظة الدعاء بأن يغيثنا الله-تعالى- فلا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حاولت الابتعاد عن المنطقة ولو بعض المسافة حتى وإن كانت قصيرة من باب الأخذ بالأسباب. * تم قصف مدرسة أخرى مجاورة لمدرسة دار الأرقم، وكذلك مسجد، وبالوقت ذاته كان القصف متواصلا على المدرسة فتم إزالة جميع مبانيها فلم يبق منها أثر فكان حجم المدرسة كبيرا الأمر الذي جعل القصف متواليا عليها. كان القصف عنيفا جدا، ومدمرا أكثر لصواريخ لم نعهد قوتها من قبل فيبدو انها أسلحة جديدة تستخدم في تجاربها الأولى على أجساد الأطفال، والنساء والشيوخ، والرجال، والشجر، والحجر فالجميع مستهدف بالنسبة لعيون الصواريخ الحاقدة. هذه الصواريخ لا تعرف للرحمة معنى، لا تعرف أنها كبيرة جدا وأكثر فتكا تجاوزت كل الحدود الإنسانية والقوانين بكافة دساتيرها، وتجاوزت أكثر بكثير من الخطوط الحمراء؛ بل كل أنواع الخطوط بكل تدرجات ألوانها. توالي القصف جعل جثامين ومفقودين لازالوا تحت ركام المدرسة فكان من الصعب انتشالهم. * هي لم تكن المجزرة الأولى؛ إنما حلقة من ضمن سلسلة من المجازر الطويلة التي يصعب إحصاؤها، ولازال الاحتلال يتواصل بها ليل نهار، محا من خلالها عائلات كبيرة بأكملها من السجل المدني.
273
| 12 أبريل 2025
تحرير حرائر فلسطين وأسراها الأبطال يؤكد أن نصر غزة ليس عاديا رغم أن الثمن غال جدا لكنه يستحق. لا يعقل أن يكون هنالك أدنى نصر بدون حرية الأسيرات والأطفال خاصة. هذه الحرية جعلت غزة عنوانا للنصر الذي طال انتظاره كثيرا ليس لمليوني مواطن غزي؛ بل لأشراف العالم، لكل من يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية لكل من يعلم أن غزة رأس الحربة لكل من يحمل اليقين بعقيدة الإيمان بفلسطين وبوابتها المتينة غزة. كل يوم؛ بل كل ثانية وأقل كنت أوقن بأن النصر مسألة وقت وسيحل بأمر من الله -تعالى- في الوقت الذي يعلم بحكمته خيرا ليس لغزة فحسب؛ بل للعالم أجمع. من الصعب أن نجد كلمات من الممكن لها أن توفي حق المقاومة التي لم تركع إلا في صلاتها لله -تعالى- المقاومة التي بدأت بالحجارة إلى أن وصلت لصواريخ تضرب قلب الاحتلال الإسرائيلي. المقاومة التي أجبرت الاحتلال على وقف إطلاق النار، المقاومة التي قدمت الخيرة من رجالها في سبيل الله -تعالى-. رغم مرور أكثر من عام إلا أن الاحتلال عجز عن هزيمتها فكان بين فترة وأخرى يعلن أنه هزمها بزعمه الكاذب فسرعان ما ترد المقاومة بصواريخ تضرب كيانه. وسرعان ما يعلن الاحتلال نفسه أرقاما مرتفعة من مقتل جنده ورغم أنه يعلن هذه الأعداد لكنه أيضا يكذب بالأعداد الحقيقية التي قتلت فيحاول بكل مرة تخفيض الرقم. الأمر الذي جعل الكثير من الجنود يعلنون رفضهم العودة للقتال وعدد منهم اختار الانتحار، ومنهم لا يزال يعاني من صدمة نفسية. الحرب لم تكن عادية فقد بعد بها الاحتلال عن كافة معايير الأخلاق والإنسانية واستخدم أسلحة أكبر بكثير من مجرد قول إنها محرمة دولية. والدعم المتوالي من المال والأسلحة، في المقابل المقاومة كانت تستعمل أسلحة مصنوعة يدوية كان المال قليلا جدا لديها والعدة ليست بالكافية حتى إن الكثير منهم كان يجاهد لأيام متواصلة بدون طعام أو شراب. ورغم ذلك كانت لهم قوة بعيدة عن المعادلة البشرية فهم أخذوا بالأسباب كما قال -تعالى-:{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]. هنا الإعداد بالمستطاع ورجال المقاومة أعدت كل ما تستطيع حتى وإن كان بالمنظور البشري محال. يقيننا أن هذه الحرب كان جنود الله -تعالى- حاضرين في المعركة حيث لطفه الخفي كان واضحا. المقاومة في غزة حقيقة غيرت بفضل من الله -عز وجل- معادلة القوة وهزمت مقولة الاحتلال «الجيش الذي لا يهزم»؛ بل «والله هزم». يقيننا أن الله برحمته وفضله مع أهل غزة فلن يضيعهم، كل شيء بأمره وهنالك حكمة قد تتضح كلها أو بعضها أو قد تغيب عن عقولنا البشرية محدودة التفكير كما قال -سبحانه وتعالى-:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] كل شيء يدور في العقل وتغيب عنا حكمته فالإجابة ستكون «والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
288
| 31 يناير 2025
ساعات قليلة كانت الفاصلة بين استشهاد الصحفي أيمن الجدي، وميلاد طفله الأول الذي حمل نفس اسم والده أيمن. لم تكن ساعات عادية؛ بل ساعات حملت الكثير من الوجع ليس وجع المخاض لزوجته دانية فحسب؛ بل هي أوجاع اجتمعت عليها بعد ارتقاء زوجها أيمن الذي كان يحلم بلهفة كبيرة أن يرى ويحتضن طفله الأول الذي انتظره بشوق كبير. كان قلب أيمن يتلهف ليوم ميلاد طفله، ليحمل لقبه الأول في حياته «بابا»، حيث كان يعد الشهور التي كانت صعبة وثقيلة عليه فكان اليوم بمثابة عام جراء الحرب الممتدة منذ أكثر من عام.الحرب التي جعلته يتنقل بين جثامين الشهداء والركام؛ لينقل حكاية غزة التي لازالت تخوض حربا ظالمة تجرد بها الاحتلال من الأخلاق والإنسانية حيث يجعل من الأجساد البشرية أهدافا يراهن بها جنوده على السباق بين مجموعة وأخرى من يقتل أكثر.فإن قتلت المجموعة الأولى (١٥٠) من أهل غزة فهذا السباق والرهان فيما بينهم يتطلب من المجموعة الثانية أن تقتل أكثر بما لا يقل عن (٢٠٠) من الأطفال والنساء والرجال وحتى الأجنة في أرحام أمهاتهن. الصحفي أيمن الذي تنقل بين أحداث الحرب الطاحنة في أيامها وشهورها التي لازالت قائمة عاش بها الكثير من الوجع والجوع والفراق والبرد كذلك فكان يبكي كثيرا خلف الكاميرا، وحينما يعود إلى عائلته في خيمة عجزت أن تعطي قلبه الموجوع شيئا من الدفء فكان الصقيع يتسلل إلى جسده المرتجف بردا وجوعا وتعبا الأمر الذي جعل من الصعب عليه أن يخفي دموعه. ورغم ذلك إلا أن الميكرفون لم يسقط من يده فكان يتنقل به بين شوارع وأحياء غزة التي اختفت ملامحها الجميلة وأصبحت ركاما فوق رؤوس ساكنيها، فكان يعمل لساعات طويلة في الليل والنهار تحت وابل القصف الشديد. وارتداء جسده السترة الزرقاء التي تحمل كلمة (Press) لم تشفع له أمام صواريخ الاحتلال التي استهدفته واستهدفت زملاءه بشكل متعمد وهو في داخل سيارة تحمل الكلمة ذاتها صحافة. مشهد حرق أيمن وزملائه كان مؤلما حيث رأته والدته والنار تلتهم جسده فلم يكن لها حيلة أن تطفئها فصواريخ الاحتلال كانت أكبر بكثير من أن تفعل والدته شيئا لإنقاذه.استشهاد أيمن كان أمام مستشفى العودة وسط قطاع غزة هو ذاته المستشفى الذي كان ينتظر فيه لحظات ميلاد زوجته. كثير ما كان يراوده الخوف بأن لا يستطيع أن يرى طفله خاصة أنه يعلم مدى خطورة عمله الصحفي في التنقل واستهداف الاحتلال لكل ما هو إعلامي. فالسترة الزرقاء التي تعرف بمثابة الحصانة للصحفي إلا أن هذا الأمر مختلف في غزة فالاحتلال لم يتجاوز خطوطه الحمراء فحسب؛ بل تجاوز كل الخطوط بكل الألوان ودرجاته فكل شيء في نظره مستهدف. ما أصعب أن تصدر شهادة الوفاة وشهادة الميلاد في يوم واحد؛ ليكون ميلاد «أيمن الابن» هو ذاته استشهاد «أيمن الأب». والدة أيمن رغم فاجعة قلبها على فراق نجلها إلا أنها تحلت بالصبر ووعدت نجلها أنها ستربي حفيدها «أيمن الصغير» كما ربته؛ ستحفظه القرآن كما حفظه والده، وتعلمه حب الخير والأخلاق الطيبة؛ ليكون محبوبا بين الناس التي أحبت والده. «أيمن الصغير»لم يكن الجنين الوحيد في قطاع غزة الذي يولد يتيما فهنالك الكثير في غزة من الحكايات التي شابهت حكايته لأطفال حرموا منذ يومهم الأول من حضن والدهم الدافئ، كما حرموا من لهفة آبائهم بلقبهم الأول للأبوة «بابا».
219
| 17 يناير 2025
الأطفال في غزة يخوضون أشرس الحروب رغم صغر حجم أجسادهم الهزيلة الجائعة في معركة ظالمة خالية من الأخلاق والإنسانية لعدو تجرد من آدميته في استهدافه وقتله للأطفال بشكل متعمد. فهو يرى انتصاره المزعوم على حساب الأطفال بأعدادهم الكبيرة التي كانت تشكل بنك أهداف للعدو الصهيوني. الطفل الذي لم يمزق جسده الصاروخ ويجعله أشلاء متناثرة لا يعني ذلك أنه قد نجا من القتل؛ بل إن أمامه العديد من المعارك التي يخوضها فمنها معركة النزوح وفقدانه لأبسط حقوقه في الأمان، ومعركة الخوف التي كثيرا ما أسقطت شعر رأسها وأدخلته في صدمة نفسية بعد أن شاهد كل أفراد أسرته عبارة عن أشلاء. وكذلك معركة المرض فظروف الحرب غير الإنسانية خلفت العديد من الأمراض التي عجز من خلالها الأطباء عن علاجها بعد أن نفدت المستلزمات الطبية والأدوية. وكثير من عمليات البتر كانت تتم لهم بدون مادة تخدير قد لايتصور العقل ذلك لكنه في غزة قد حصل بعد نفاد مادة التخدير. الطفل في غزة جسده أصغر بكثير أن يتحمل حربا طاحنة لم تحرمه من مدرسته، وبيته، واللعب فحسب؛ بل حرمته من عائلته التي ارتقت جميعها. والأمر لم يتوقف بذلك فعليه أن يخوض معركة الجوع التي نالت من صحته ووزنه فقد هزل جسده وضعفت قوته. كثير من الأطفال قتلهم الاحتلال في معركة الجوع وسوء التغذية فالعديد منهم كان يتمنى تناول خبزة أو قطعة لحمة أو حلوى. واليوم تزداد المعارك التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي في قتله للأطفال من خلال هدم بيوتهم ومنع دخول المساعدات إليهم الأمر الذي يجعلهم مع عائلاتهم يفترشون الأرض في هذا الشتاء ذات البرد القارس. من الصعب أن أجد كلمات تواسي «أم يوسف» التي حملت رضيعها ونزحت به مرات عديدة من منطقة لأخرى تحت وابل الصواريخ والجوع والقهر، وما إن وقفت لتلتقط أنفسها تحت خيمة مهترئة حتى تشعر في برد ليس في جسدها فحسب؛ بل في قلبها. ذلك القلب الذي يعتصر وجعا على طفلها الذي توفى بردا فقد تجمدت أطرافه وزرق وجهه، وتوقف قلبه عن النبض ولم يعد للشهيق والزفير حركة للنفس أو حتى صوت خافت، الأمر الذي جعله جثة متجمدة من البرد. كيف للكلمات أن تواسيها؟! فالألم كبير والجرح غائر فقد حملته في شهور حملها التسعة تحت وابل الصواريخ والجوع والتعب والمعاناة والخوف كانت تعد الأيام التي نجت منها من موت كان يلاحقها في كل صاروخ يطلق. كان حملها في ظلم الحرب مظلما، لكنها تحملت كثيرا لأجل أن تبصر عيناها الجاحظتان طفلها. ميلادها كذلك لم يكن سهلا ليس لوجع المخاض فحسب؛ بل اجتمع عليها الخوف والجوع وقصف المستشفى أثناء ولادتها ومع ذلك نجت في أعجوبة كبيرة وهي تحمل رضيعها. تم إجبارها على النزوح من شمال قطاع غزة تحت تهديد القصف العنيف ومحاصرة الدبابات لها، ورغم كل ذلك فقد نجت وهي تحمل رضيعها. كانت أمومتها أكبر من كل هذا التعب والوجع والخوف فكانت بمثابة جيش تحمي بها طفلها إلا أنها حاولت تكرارا أن تجد مكانا يصلح لطفلها لكن دون جدوى فلم يكن أمامها إلا خيمة أو بالأصح قطع من القماش والنايلون شكلتها أيديها المتعبة لتأوي إليها. كل ذلك الوجع كان يبلسمه صوت رضيعها التي كانت تجد من صوته شيئا من القوة لأمومتها بالوقف مجددا رغم كل المعاناة التي هزمتها في هذه الحرب الظالمة. هذا الصوت قد اختفى ولم يعد له وجود فقد تجمد رضيعها وتوقف قلبه فكان متجمدا باردا جدا أشبه ما يكون بقطعة ثلج. كل محاولاتها بأن تمنحه الدفء كانت تبوء بالفشل مع انخفاض درجات الحرارة وخاصة في ليالي برد غزة القارس.
327
| 10 يناير 2025
كان الطبيب سعيد جودة يسرع بخطواته للوصول إلى مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة فالحاجة ملحة حيث وصل العشرات من الجرحى والشهداء، الأمر الذي جعله قدر الإمكان يزيد من سرعة قدميه رغم التعب الشديد الذي أرهق جسده بعد شهور طويلة من العمل، والتنقل بين المستشفيات جراء النقص الحاد بعددهم بسبب استهدافهم من قبل صواريخ الاحتلال الظالمة. ورغم أنه كان يرتدي المعطف الأبيض الذي يؤكد على حصانته بأنه طبيب إلا أن ذلك لم يشفع له أمام تعمد الاحتلال إعدام الأطباء. الاستهداف كان متعمدا حيث إن إصابته من قبل «الكواد كابتر» المزودة بأجهزة مراقبة قادرة أن تعلم بأنه طبيب ولا يحمل شيئا بيده. طبيعة الإصابة في الرأس أكدت على قصد إعدامه رغم أنه لا يوجد أي مبرر يمكن أن يتقبله العقل لإعدام طبيب كان يسرع في خطواته لإنقاذ الجرحى. الطبيب سعيد ليس الأول ولن يكون الأخير في الإعدامات المتكررة من قبل صواريخ الاحتلال للطواقم الطبية حيث تم استهداف أكثر من (١٠٦٠) شهيدا من الطواقم الطبية، واعتقال أكثر من (٣١٩) من الكوادر الطبية تم إعدام عدد منهم في سجون الاحتلال الظالمة. إعدامات الكوادر الطبية مخطط لها خاصة أن الاحتلال كان يتعمد قتل الأطباء أصحاب التخصصات النادرة، الأمر الذي سبَّبَ عجزا كبيرا في الكثير من التخصصات الطبية. الطبيب مدحت صيدم من الأطباء النادر جدا تخصصه في قطاع غزة فهو أحد مؤسسي قسم الحروق في مستشفى الشفاء بمدينة غزة. كان بلسما لجروح غزة خاصة في الحروب لما ينتج عنها من أضرار كبيرة للجرحى يكون عدد منهم بحاجة لعملية صعبة ترتبط بتخصصه الحروق والتجميل. الاحتلال لم يقتصر على إعدامه فحسب، بل أعدم زوجته وأبناءه وأكثر من (٢٥) من أقاربه. المعطف الأبيض لم يشفع له كذلك رغم أنه يمتلك حصانة بكافة القوانين الدولية والإنسانية بالحياد التام عن استهداف الأطباء إلا أن غزة خارجة عن هذه الحصانة في نظر الاحتلال الظالم. حقيقة لا أعلم حجم الضغوط التي يعيشها الطبيب والممرض وكافة أفراد الطاقم الطبي فهم ليسوا مجهدين فحسب بسبب الأعداد الهائلة التي تصلهم خلف كل مجزرة من الشهداء والجرحى؛ بل إنهم يعملون تحت قصف الصواريخ للمستشفيات المتهالكة واستهدافهم داخل أروقتها. ورغم ذلك إلا أنهم يواصلون عملهم فلم يترك أي منهم الجرحى إلا إن أصبح مثلهم جريحا أو شهيدا. والأمر لا يتوقف على ذلك؛ بل يزداد كلما وصل شهداء وجرحى كانوا أبناء وعائلة الطبيب فالمصاب كبير لكن مع ذلك يكمل عمله وقلبه موجوع والدموع تغرق ملامح وجهه المنهكة من التعب والخوف والحزن. كل ذلك الجهد بدون أدنى مقوماته من الطعام فكل الذي يحصل عليه الطاقم الطبي بعد ساعات طويلة قطعة صغيرة من الخبز إن وجدت، لتحافظ على بقائه على قيد الحياة. سيارات الإسعاف ذات اللون الأبيض الواضحة بكل معالمها أنها «إسعاف» إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام صواريخ الاحتلال في استهدافها وارتقاء من فيها من مسعفين وجرحى. تواصل الحرب الظالمة لأكثر من عام أنهك القطاع الصحي وطواقم العمل بها خاصة بعد نفاد المستلزمات والأدوات الصحية والأدوية حتى مادة التخدير لم يعد لها وجود وكثير من العمليات تقام بدون تخدير. وهنالك العديد من الإصابات التي حيرت الأطباء في فهمها خاصة أن الاحتلال يستخدم أسلحة متطورة صنفت بأنها محرمة دوليا لا تعمل على إذابة اللحم فحسب؛ بل العظم كذلك الأمر الذي جعل العثور على الكثير من الجثامين أمرا محالا. وعدد من الجرحى تكون إصابتهم ليست بالخطيرة لكن نظرا لمنع الاحتلال وصول الإسعاف إليهم فإن الجريح ينزف لساعات حتى يرتقي شهيدا. حقيقة الكلمات عاجزة أمام أن تصف الوضع الطبي في قطاع غزة وفي أثناء كتابة المقال تم استهداف مستشفى كمال عدوان لمرات متوالية، وقطع التيار الكهربائي عنه واستهداف خزانات المياه الأمر الذي أدى إلى توقف أجهزة الأوكسجين عن المرضى، وارتقاء عدد منهم، والأمر ذاته لقسم الحضانة للأطفال الخدج... فآخر كلمات صدح بها مديرها والطاقم الطبي والمرضى: «نحن نموت».
195
| 27 ديسمبر 2024
رغم الظروف الصعبة التي تعصف بقطاع غزة إلا أن يد التكافل فيما بينهم تحاول قدر المستطاع أن تخفف حدة الجوع ولو كان التصدق برغيف واحد. قد ينظر البعض بأنه شيء قليل لكن بالنسبة لأهل غزة فإنه كبير جدا خاصة بعد فقدان الطحين وارتفاع أسعاره بأرقام غير معقولة، وكثير من الوقت يكون ثمنه استشهاد الأب الذي حاول تكرارا أن يخاطر بنفسه من أجل حفنة طحين لأطفاله الجوعى فكانت له صواريخ الاحتلال بالمرصاد. ومع ذلك فلا زالت صورة التكافل بين أبناء غزة عملا بقول النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ». هذا دفع سالم الذي وعد أطفاله بشراء بعض الكيلوات من الطحين أن يقدمه تكافلا للأيتام رغم أن كل الذي حصل عليه هو ثلاثة كيلو فقط. ورغم أنه أخبر أطفاله وزوجته قبل الخروج من خيمته بأنه سيعود بشيء من الطحين، الأمر الذي جعل الفرحة تعم بينهم وانتظار الشوق الكبير لذلك فالطحين يعني أنهم سيأكلون خبزا هذا اليوم. وبالفعل لقد استطاع شراء رطلا منه، الأمر الذي جعل خطواته تسرع حتى يعود به لأطفاله، لكن في طريق العودة كانت امرأة برفقة أطفالها الأيتام الذين ارتسمت عليهم ملامح الجوع بشكل واضح. أخبرته بأن أيتامها لم يأكلوا منذ أيام إلا الشيء اليسير جدا فما كان منه بدون أدنى تردد أن يعطيها الطحين. رجع مرة أخرى للبائع لعله يجد شيئا لكن المفاجأة كانت أن الكمية نفدت، الأمر الذي أحزن قلبه أثناء طريق عودته لأطفاله الذين ينتظرون الطحين بلهفة كبيرة. الذي كان يطمئن قلبه أن الله - تعالى- سيضيعه حيث قدم قوت أطفاله للأيتام، وبالفعل كان العوض سريعا فقد كان صديقه ينتظره بفارغ الصبر؛ ليخبره بأن الله -تعالى- رزقه كيس طحين وبمجرد حصوله عليه لم يخطر في ذهنه إلا صديقه سالم بأن يعيطه منه عشر كيلوات. هذا الأمر أسعد سالم الذي ظهرت عليه ملامح الفرح مثل فرحة أطفاله حينما عاد إليهم وهو يحمل عشر كيلوات طحين بدلا من ثلاثة. أما ابتسام فكانت لا تقبل أن تأكل رغيف خبز إلا وتعطي الرغيف الآخر لغيرها حتى وإن كانت كل الذي تملكه رغيفين. وإذا كان لديها طحين فلابد أن تقتسمه كذلك تكافلا مع غيرها، وكثير من الوقت تعطي كل ما تملك رغم قلته لغيرها فكانت تجد بركة في ذلك بأن يعوضها الله الرزاق خيرا مما أعطت. هذا التكافل رغم السعر المرتفع جدا له فحمد الذي كان يسكن جنوب قطاع غزة حيث مدينة رفح الصامدة الصابرة اضطر للنزوح القسري إلى مكان آخر تجردت فيها أدنى مقومات الحياة لشهور فلا طعام يؤكل ولا ماء يروي. وإن توافر القليل من الطعام فالأسعار عالية جدا تجعل من المحال على الإنسان الغزي مجرد التفكير بالشراء فالأشياء ارتفعت أسعارها أضعافا كثيرة يصعب تقبلها على العقل الجائع الفقير. بكاء الأبناء والأحفاد والجوع الذي كان يمزق أمعاءهم جعل حمد لا يفكر إلا في وسيلة واحدة من أجل إحضار كيس من الطحين أو حتى حفنة منه أو أي شيء يسكت وجعه وهو ينظر إلى فلذات أكباده وأطفالهم يتضورون جوعا أنهك أجسادهم وأنزل أوزانهم كثيرا. كان يعلم مسبقا خطر الخطوة التي سيقدم عليها فالأمر سيكون مقابله روحه، ورغم ذلك إلا أنه لم يفكر في نجاة نفسه بقدر ما صب تفكيره في العودة إلى بيته حيث الركام الذي اعتلى فوق كيس طحين كان قد أحضره سابقا ولم يستطع أخذه معه في نزوحه الأخير. بالفعل نجح في الحصول عليه لكنه لم يفلح بإكمال خطواته بالعودة إلى أحفاده الصغار فقد كانت صواريخ الاحتلال له بالمرصاد فاختلط دمه الأحمر الطاهر بالطحين الأبيض. لم يكن وحده ليدفع هذا الثمن الباهظ فقد فعلها الكثير غيره رغم ادراكهم الخطر، ومنهم الشاب علاء الذي كانت تؤلمه أصوات بكاء أطفال إخوته من الجوع الشديد. فكانت محاولته لإحضار كيس طحين ثمنها غال جدا دفعه حينما رصدته طائرات الاحتلال وأصابته إصابة مباشرة ادت إلى ارتقائه.
264
| 20 ديسمبر 2024
أصبحت الكلمات ثقيلة وعاجزة عن وصف الإبادة والحصار والقصف والجوع والنزوح. هي ليست معركة واحدة؛ بل معارك غير متكافئة العتاد، فالاحتلال تدفق له أسلحة بالمليارات صنفت بأنها محرمة دولية، في المقابل قطعت أبسط الإمدادات من المساعدات الغذائية الشحيحة بالأصل عن غزة. لا أعلم كم ينبغي لأهل غزة أن يخوضوا من المعارك في هذه الحرب الظالمة!!!. لم ينقطع الطعام والمساعدات الإنسانية فحسب؛ بل حتى الأكفان فقد نفدت ولم يعد لها وجود بعد الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء فتارة يكون البديل بطانية أو أكياس النايلون. المجازر متوالية، والقصف لا يعرف الهدنة أو حتى استراحة مقاتل، الشمال يباد، والمجاعة انتشرت بكافة أنحاء غزة من شمالها إلى جنوبها فالأجساد منهكة. لم يعد تعداد الشهداء بمنازل الآحاد فقد تجاوز ذلك بكثير فهم في منازل المئات والأقرب إلى الآلاف. فقد مسحت عائلات بأكملها من السجل المدني فأصبحت ذكرى لأفعال (كان). والكثير منها لازالت جثامينهم الطاهرة تحت ركام منازلهم منذ شهور الأولى للحرب وإلى الآن فكانت بيوتهم بمثابة قبور احتضنتهم بعد أن فشلت محاولات الإنقاذ لهم. لم يعد الحديث عن جثامين، إنما أوزان لأشلاء تحسب بالكيلو اختلطت مع ركام الحجارة الشاهدة على الإبادة!. لم يعد للعين قدرة على البكاء فقد جف دمعها فما كان للقلب إلا أن يذرف عنها دما فارتقاء القادة واحد خلف الأخر يكون فيه الوجع كل مرة غائرا وليس بآخره القائد البطل يحيى السنوار الذي خاض معارك كثيرة جندتها سياسة الاحتلال الظالمة ضده. الحال الذي وصلت له غزة المكلومة جعل الكثير من أهل غزة في حيرة من أمرهم ولا عجب في ذلك فقد اجتمع عليهم القهر والظلم والخوف والجوع والفقد وارتقاء القيادة. هذا الوجع أشعر غزة بوجع الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والصحابة من حوله في معركة أحد حيث أصيب (عليه أفضل الصلاة والسلام) بجروح عديدة فقد كسرت رباعيته، وشج وجهه، وجرحت شفتيه، وارتقى عدد من كبار الصحابة.وأوجع ذلك قلب النبي (صلى الله عليه وسلم) في المعركة ذاتها بارتقاء عمه حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) والتمثيل بجثمانه. كان الوضع مؤلما على فؤاد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومن حوله الصحابة. لكن هل هزم الإسلام؟! هل توقفت الدعوة إلى الله (تعالى)، هل ترك المؤمنون إيمانهم، ودينهم ؟! بالتأكيد لم يحدث ذلك؛ إنما انتشر الإسلام في العالم وأصبح للمسلمين شأن عظيم وبقاء راية (لا إله إلا الله ) عالية يجاهد اليوم أهل غزة في سبيلها، وتنتقل الراية من قائد إلى قائد ومن جيل إلى جيل. المقاومة التي بوصلتها الجهاد في سبيل الله (تعالى) من المحال أن تهزم، وذلك وعدا من الله (عز وجل) بشر به عباده في كتابه العزيز: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (محمد:٧). الله (عز وجل) القادر على كل شيء فهو لا يعجزه المشركون في معركة أحد ولن يعجزه المشركون كذلك في «طوفان الأقصى»؛ فكل الذي حدث ويحدث هو لحكمة أرادها سبحانه وتعالى قد يكون من الصعب أن يدركها العقل البشري بمحدوديته فكل شيء لا نعلم حكمة الله به نستذكر قوله (سبحانه وتعالى) في كتابه الكريم: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ «(البقرة:٢٤٦).
906
| 06 ديسمبر 2024
كثير من الشهداء لم يعرف لهم هوية، فقد دفنت جثامينهم الطاهرة في غياب عائلاتهم خاصة من أصبحت جثامينهم أشلاء فقدت من خلالها كل الملامح التي أصبح من المحال التعرف عليها. فمنهم من دفن في الطرقات وكتب على قبره "شهيد مجهول الهوية"، وآخر دفن في مقبرة جماعية، والبعض منهم كتب على قبره "الشهيد كان يلبس قميصاً أحمر". كل شهيد إن كان مجهول الهوية إلا أنه بالحقيقة ليس مجهولا فهو يمتلك عائلة ما زالت تبحث عنه، يشفق الناظر على أفراد عائلته وهم يبحثون بكل الوسائل عن أي شيء يخبرهم إن كان على قيد الحياة أو أن شهيدهم دفن في هذا المكان. ومنطقة المواصي في خان يونس كانت شاهدة على مجزرة أبيدت بها عائلات اختفت كل ملامح وجودهم بعد أن ابتلع الصاروخ أجسادهم في حفر عميقة جدا أخفت كل تواجدهم. لم يعرف من استشهد ومن تبقى على قيد الحياة، لكن بعض قطع الملابس الملطخة بالدماء التي تناثرت بإحدى الأشجار القريبة من مكان الاستهداف كانت تؤكد بأن هنالك أطفالا من ضمن الشهداء الذين اختفى وجودهم فلم تظهر لهم جثامين لتؤكد شهادتهم ولم يعثر عليهم بين الجرحى. وسياسة الاحتلال الظالمة في حربها الطاحنة ضد قطاع غزة تجاوزت كل الخطوط الحمراء بعيدا عن معنى الإنسانية أو أدنى مستوى من الأخلاق. والتي كان من ضمن عنجهيته قهر أهالي الشهداء في تضليلهم عن أي معلومة للتعرف على أبنائهم والتي كان آخرها إرسال شاحنة تحمل على متنها جثامين ما يقارب (٨٨) شهيدا تم قتلهم في مناطق مختلفة من قطاع غزة قبل شهور وتم إرسالهم للقطاع مجددا بدون أدنى معلومة عن أسمائهم أو أماكن استشهادهم أو أي شيء يساعد أهاليهم في التعرف عليهم. الأمر الذي جعل أهالي غزة في حيرة من أمرهم في معرفة أصحاب هذه الجثامين فما كان لهم باليد حيلة إلا دفنهم في مقبرة جماعية إكراما لجثامينهم الطاهرة. لكن الألم المضاعف كيف ستعلم أم كل شهيد من هذه الجثامين أن نجلها متواجد في هذه المقبرة؟!. و"شهيد مجهول الهوية" لا يقتصر على تلك المقبرة؛ بل هنالك المئات من الأشخاص بالأصل مفقودون في الحرب أي أن والدته لا تعلم إن كان نجلها شهيدا أو معتقلا لدى زنازين الاحتلال أو جريحا؟!. وما زالت قريبتي وجارتي عبير تبحث بين جثامين الشهداء تارة، وبين ملامح الأحياء مرة أخرى لعلها تجد في أحدهم ملامح نجلها حسن الذي فقدته خلال الحرب منذ شهور طويلة. فلم ترَه منذ أن خرج من البيت على دراجته الهوائية وانتظرت عودته إلا أن الساعات أخذت تمر سريعا بدون عودة، فقد غابت شمس اليوم الأول والثاني والأيام تسارعت في رحيلها لكن بدون جدوى. لم تترك مستشفى أو حيا من الأحياء المدمرة في مدينة غزة إلا وبحثت عنه كثيرا حتى أنهكها التعب وبدأت ملامح الحزن واضحة من بعيد على خطوط وجهها المنهكة. ومن الصعب أن تعرف الأم المكلومة مصير ابنها حتى وإن بحثت بين القبور التي كتبت عليها "شهيد مجهول الهوية". الأعداد كثيرة، ومناطق الدفن مختلفة فمنها في ملعب، والبعض منها في ساحة المستشفيات وكذلك في الطرقات، وغير ذلك وزادت المعاناة بعد استهداف صواريخ الاحتلال للمناطق التي دفنت بها الشهداء، وبذلك لم تبق للعديد منهم قبور أو حتى لافتة مكتوب عليها "شهيد مجهول الهوية".
498
| 15 نوفمبر 2024
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4536
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3387
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1350
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1095
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
843
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
735
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
669
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
627
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
612
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية