رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ريما محمد زنادة - غزة

مساحة إعلانية

مقالات

330

ريما محمد زنادة - غزة

أطفال غزة جثامين «مثلجة»!

10 يناير 2025 , 02:00ص

الأطفال في غزة يخوضون أشرس الحروب رغم صغر حجم أجسادهم الهزيلة الجائعة في معركة ظالمة خالية من الأخلاق والإنسانية لعدو تجرد من آدميته في استهدافه وقتله للأطفال بشكل متعمد.

فهو يرى انتصاره المزعوم على حساب الأطفال بأعدادهم الكبيرة التي كانت تشكل بنك أهداف للعدو الصهيوني.

الطفل الذي لم يمزق جسده الصاروخ ويجعله أشلاء متناثرة لا يعني ذلك أنه قد نجا من القتل؛ بل إن أمامه العديد من المعارك التي يخوضها فمنها معركة النزوح وفقدانه لأبسط حقوقه في الأمان، ومعركة الخوف التي كثيرا ما أسقطت شعر رأسها وأدخلته في صدمة نفسية بعد أن شاهد كل أفراد أسرته عبارة عن أشلاء.

وكذلك معركة المرض فظروف الحرب غير الإنسانية خلفت العديد من الأمراض التي عجز من خلالها الأطباء عن علاجها بعد أن نفدت المستلزمات الطبية والأدوية.

وكثير من عمليات البتر كانت تتم لهم بدون مادة تخدير قد لايتصور العقل ذلك لكنه في غزة قد حصل بعد نفاد مادة التخدير.

الطفل في غزة جسده أصغر بكثير أن يتحمل حربا طاحنة لم تحرمه من مدرسته، وبيته، واللعب فحسب؛ بل حرمته من عائلته التي ارتقت جميعها.

والأمر لم يتوقف بذلك فعليه أن يخوض معركة الجوع التي نالت من صحته ووزنه فقد هزل جسده وضعفت قوته.

كثير من الأطفال قتلهم الاحتلال في معركة الجوع وسوء التغذية فالعديد منهم كان يتمنى تناول خبزة أو قطعة لحمة أو حلوى.

واليوم تزداد المعارك التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي في قتله للأطفال من خلال هدم بيوتهم ومنع دخول المساعدات إليهم الأمر الذي يجعلهم مع عائلاتهم يفترشون الأرض في هذا الشتاء ذات البرد القارس.

من الصعب أن أجد كلمات تواسي «أم يوسف» التي حملت رضيعها ونزحت به مرات عديدة من منطقة لأخرى تحت وابل الصواريخ والجوع والقهر، وما إن وقفت لتلتقط أنفسها تحت خيمة مهترئة حتى تشعر في برد ليس في جسدها فحسب؛ بل في قلبها.

ذلك القلب الذي يعتصر وجعا على طفلها الذي توفى بردا فقد تجمدت أطرافه وزرق وجهه، وتوقف قلبه عن النبض ولم يعد للشهيق والزفير حركة للنفس أو حتى صوت خافت، الأمر الذي جعله جثة متجمدة من البرد.

كيف للكلمات أن تواسيها؟! فالألم كبير والجرح غائر فقد حملته في شهور حملها التسعة تحت وابل الصواريخ والجوع والتعب والمعاناة والخوف كانت تعد الأيام التي نجت منها من موت كان يلاحقها في كل صاروخ يطلق.

كان حملها في ظلم الحرب مظلما، لكنها تحملت كثيرا لأجل أن تبصر عيناها الجاحظتان طفلها.

ميلادها كذلك لم يكن سهلا ليس لوجع المخاض فحسب؛ بل اجتمع عليها الخوف والجوع وقصف المستشفى أثناء ولادتها ومع ذلك نجت في أعجوبة كبيرة وهي تحمل رضيعها.

تم إجبارها على النزوح من شمال قطاع غزة تحت تهديد القصف العنيف ومحاصرة الدبابات لها، ورغم كل ذلك فقد نجت وهي تحمل رضيعها.

كانت أمومتها أكبر من كل هذا التعب والوجع والخوف فكانت بمثابة جيش تحمي بها طفلها إلا أنها حاولت تكرارا أن تجد مكانا يصلح لطفلها لكن دون جدوى فلم يكن أمامها إلا خيمة أو بالأصح قطع من القماش والنايلون شكلتها أيديها المتعبة لتأوي إليها.

كل ذلك الوجع كان يبلسمه صوت رضيعها التي كانت تجد من صوته شيئا من القوة لأمومتها بالوقف مجددا رغم كل المعاناة التي هزمتها في هذه الحرب الظالمة.

هذا الصوت قد اختفى ولم يعد له وجود فقد تجمد رضيعها وتوقف قلبه فكان متجمدا باردا جدا أشبه ما يكون بقطعة ثلج.

كل محاولاتها بأن تمنحه الدفء كانت تبوء بالفشل مع انخفاض درجات الحرارة وخاصة في ليالي برد غزة القارس.

مساحة إعلانية