رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

التربية الدينية في مدارسنا

منذ وضع كرومر منذ مائة عام ونيف خطته الجهنمية لإبعاد المصريين عن دينهم، بدأ بتهميش مقرر التربية الدينية في المناهج والخطط الدراسية، وانتهى الأمر بما يظهر حاليا في واقع مجتمعنا المصري الآن، وما يعانيه الشباب من تخبط فكري، وتمزق نفسي، واستعداد للاستقطاب هنا وهناك. وهذا الواقع المأساوي يجعل من أهم واجبات وزارة التربية والتعليم – تماشيا مع أهداف ثورة يناير من الشفافية والوضوح - أن تُعيد النظر في سياستها المتبعة منذ مائة عام في تدريس التربية الدينية، فالذي لا شك فيه أن هناك علاقة ما، بين التخصص العلمي من جهة، والثقافة الدينية من جهة أخرى، فأكثر الشباب الذين يتحمسون للدين، ويتمسكون بظواهر النهوض، ويلجأون إلى الحدّة في الفهم، والشدة في التعبير هم أبعد الشباب عن دراسة الدين دراسة عميقة، وأكثر المتشددين -كما نلاحظ- من دارسي الطب والهندسة والعلوم الطبيعية، وقلّة قليلة جداً منهم من الأزهريين أو من دارسي العلوم العربية والشرعية، ونحن نمرّ بهذه الظاهرة دون أن نُوليها ما يليق بها من الاهتمام والتأمل. إن واقع التربية الدينية في مدارسنا بدءاً بمعلمها ومنهجها ومروراً بطرائق تدريسها، ومكانها من الجدول الدراسي، وانتهاء بكيفية الامتحان والنجاح فيها.. كل ذلك يضعنا أمام حقيقة يندى لها الجبين، وهي أن الواقع أليم كل الألم، قبيح غاية القبح، فظيع أشد الفظاعة، فمعلّم التربية الدينية هو نفسه معلم اللغة العربية المُثقل أصلاً بفروع كثيرة هي: النحو، والقراءة، والنصوص والبلاغة والإملاء والتطبيق والخط والتعبير وتاريخ الأدب.. فهو يقوم بما يقوم به عدة معلمين، وهو المثقل إلى جانب ذلك بالإذاعة المدرسية، والصحافة المدرسية، وجماعة المسرح، وجماعة التمثيل والغناء، وربما الرحلات في بعض الأحيان، فأي هذه الهموم أحقّ بالإهمال؟! يشهد الواقع أن هذا المعلم إن أراد أن يتخفف من شيء، فإنه يتخفف من الدين اتكالاً على الأسرة واعتماداً على دور العبادة ووسائل الإعلام التي تقدم الدين للناس، كما تراه هي، لا كما يريدونه هم. والمعلم حين يفعل ذلك يجد من الناظر عوناً كبيراً، فالنظار بطبيعتهم يضعون حصص الدين آخر اليوم المدرسي حتى إذا أراد الطلاب "التزويغ" من المدرسة، لم يجد الناظر حرجاً في ذلك، لأنه يرى الحرج كل الحرج في أن يقصر الطلاب في الهندسة أو الجبر أو اللغة الأجنبية، ومعلم الجبر والهندسة إذا قدم للمدرسة نتيجة امتحان مادته وكانت خمسين بالمائة لم يستطع الناظر أن يلفت نظره إلى انخفاض نسبة النجاح، ولكن معلم الدين إذا قلت نسبة النجاح عنده عن مائة بالمائة فإن الناظر يستنكر، والوكيل يشجب، والمعاون يحتج، والمراقب يُدين، والمُوجّه يتهكم، والمدير العام يرفض، والمعلم بين هذا كله يضحك ثم يرفع النسبة "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله". والمعلم حين يفعل ذلك لا يستشعر في نفسه إثماً؛ لأنه لم يوفِ هذه المادة حقها من التدريس، ويذكر في نفسه أنه كان يستغل حصة الدين لتصحيح كراسات الإملاء والتعبير والتطبيق والخط مرة، ولمراجعة دروس النحو والصرف مرة ثانية، قبل مرور الموجه، وليلحق بالمنهج الطويل في حصص النصوص مرة ثالثة، وهو لا يستشعر في نفسه ذنباً لأنه يعلم أنه هو نفسه لا يحفظ إلا الآيات التي يطلب من الطلاب تكملتها في الامتحان؛ لأنه لم يكلف بحفظ شيء من القرآن في الجامعة، فبرامج إعداد معلم اللغة العربية في كليات التربية والآداب لا تتضمن أن يحفظ الطلاب شيئاً من القرآن الكريم أو الحديث الشريف، بل إن الإملاء وطرق الكتابة والخط وهي من أهم أدوات معلم اللغة العربية ليست مما يدخل في برنامج إعداد معلم العربية في الجامعات المصرية اللهم إلا إذا تطوع أحد الأساتذة وأشار إليها في ثنايا مقرراته من أجل ذلك كله ينشأ ناشئ الفتيان من شبابنا، وهو ينظر إلى الدين نظرة خاصة، فالدين هو مادة نجاح ورسوب، كما تقول وزارة التربية والتعليم إذا خاطبت الناس في الصحف والتلفزيون، ولكنه مادة نجاح إجباري كما تعلم وزارة التعليم إذا خلت إلى نفسها، والدين في نظر فتياننا مادة يسيرة الدرجة إذا قيست بالجغرافيا، ويسيرة النجاح إذا قيست بالفيزياء والجبر، ويسيرة التدريس إذا قيست بالكيمياء والمنطق والنحو، وحصتها آخر الحصص ينتهي إليها الفتيان بعد أن يتسرب إليهم الكلَل والملَل طوال يوم دراسي شبعوا فيه صياحاً ولعباً وتحصيلاً، فما الذي يجعلهم يهتمون بمادة هذه شأنها؟! ومن جهة أخرى يتلقف هؤلاء الفتيان كلماتٍ يسمعونها من طرق خفية تتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم ينكرون بينهم وبين أنفسهم كثيراً مما يرون داخل بيوتهم وخارجها، وتستفز مشاعر المراهقة فيهم مسلسلات يومية وأفلام شبه يومية تداعب فيهم أحطّ الغرائز وأدناها، فهم بين سبيلين لا ثالث لهما: إما الاستسلام للانحراف أو الاستسلام للتشدد ضد الانحراف وليس لديهم في كلتا الحالين: خط دفاعي ديني" يمنحهم القدرة على الصمود والتصدي ويعصمهم من الزلل إلى أحد السبيلين. والذي نراه خلاصاً من هذا الانهيار المتتابع أن تنهض كليات الجامعات بإعداد معلم مختص بالتربية الدينية دون سواها، وأن ترفع الوزارة درجة الدين، وأن تكون حصص الدين كغيرها من المواد الدراسية، وأن يكون الامتحان فيها جاداً لا هازلاً، وأن تكون نتيجتها جادة لا هازلة، فلم يعد المجتمع قادراً على تحمّل المزيد من هذا الهزل.

689

| 09 يونيو 2012

متى نقيِّم تجربة التعليم الأساسي؟

حين تم تسويق فكرة (التعليم الأساس) منتهى السبعينيات ومفتتح الثمانينيات من القرن الماضي، وصدر القانون الخاص بفرض هذا النوع من التعليم عام 1981أفرغ البعض حماسهم في الإشادة بهذا النوع من العليم وكان لي – وقتها - رأي آخر نشرته في جريدة الجمهورية ثم واصلت تفصيله في جريدة كان يصدرها حزب الأحرار اسمها (النور) كان يرأس تحريرها المرحوم الحمزة دعبس. واليوم وقد بدأت التجربة تؤتي ثمارها ظهر لجميع من يعملون في حقل التعليم مرارة تلك الثمار التي أثمرها هذا النوع من التعليم. وكما هو الحال في نقل "شتلات النبات" فإن لكل نبات أرضا تلائمه وطقسا يناسبه وظروفا طبيعية ينمو فيها. وقد كان "شتل" هذا النوع من التعليم في التربة المصرية خطأ فادحاً، وجناية عظيمة الخطر، والعجيب أن الكثيرين من أهل الحل والعقد يعلمون هذه الحقيقة، ويمرون عليها وهم عنها معرضون. وقد كان ذلك لعدة أسباب، أهمها: ➊ المسار الخاص: طبقا لقانون التعليم الأساس يُحدَد مسار خاص للطلاب الذين ينقلون آليا أي ينتقلون إلى الفرق الأعلى بعد تكرار رسوبهم – وفصول المسار الخاص، الآن، هي مثار تندر المعلمين والموجهين، فالتلميذ في السنة التاسعة من التعليم الأساس أو الثالثة الإعدادية بالتعبير القديم لا يحسن قراءة عناوين الصحف، فكيف يدرس كتبا للعلوم تبحث في تشريح النبات والحيوان؟ وتبحث في الكهرباء والمغناطيسية وتبحث في الكيمياء العضوية وغير العضوية؟ وكيف يدرس كتبا في اللغة تتناول الصرف والمنع من الصرف، والجامد والمشتق والمجرد والمزيد؟ بل كيف يدرس نصا شعرياً يقوم فهمه واستيعابه على قراءته صحيحة، ويطلب منه فهم مواطن الجمال في التعبير الجميل وهو لا يحسن قراءة – لا فهم – التعبير الدارج في الصحف؟ أما إذا قيل إن هؤلاء يمنحون شهادة إتمام الدراسة، فهذا لغو من القول، وكلمة حق أريد بها باطل لأن الحديث عن هذه الشهادة ينقلنا إلى فلسفة هذا التعليم وهو حديث غير شائق. ➋ فلسفة التعليم الأساسي: وهذا الحديث غير الشائق مرده إلى أن بعض الأهداف التي قيلت في تبرير "شتله" يوم شتلوه في مصر ذهبت إلى أن مد سن الالتزام من 12 سنة إلى 15 سنة من شأنه أن يضمن عدم ارتداد المتم لهذا التعليم إلى صفوف الأميين. والذي حدث الآن يشير إلى تهاوى هذا المبدأ، ففصول المسار الخاص تشهد بأن من فيها أميون بالفعل، بل إنهم شر من الأميين، لأن الأمي بالطبع يعرف أنه أمي، ويتصرف على هذا الأساس، وتقبل منه سلوكياته على أساس أنه أمي، أما من قضى في التعليم بضع سنين فلا هو يعترف بأنه أمي، ولا المجتمع يقبل منه سلوكه على أنه أمي بل يظل، في "منزلة بن المنزلتين" كما يقول المعتزلة. ➌ الجانب العملي: يتصل أيضا بهذا الحديث وضع الجوانب العملية في مرحلة التعليم الأساسي، سواء أكانت تلك الجوانب ضمن المناهج الدراسية التقليدية (كالعلوم والرياضيات والجغرافيا مثلا) أم كانت ضمن برامج المجالات العلمية.. في كلتا الحالتين لا يدرس التلاميذ دراسة عملية ناجحة لأسباب عديدة منها نقص الإمكانات ومنها ضعف للتلاميذ أنفسهم. وذات مرة وجدت كتابا في يد ابنتي وكانت حينئذ في السنة السادسة عن المجالات فقالت لي: إن هذا كتاب لا يستخدمونه في المدرسة، ولا مدرس لهذه المادة، ولما تقصيت حول وضع مادة المجالات بصفة عامة استبان لي أنها عبء على التلميذ وعلى المعلم معا. وبذلك يفقد التلميذ في هذا التعليم جزءاً غالبا من وقته، ويفقد المعلم كثيرا من جهده في مادة لا تدرس عليه أن يشغل حصصها بآية أعمال أخرى، وفي النهاية يفقد التعليم الأساس أهم قاعدة يستند إليها وهي قاعدة "التعليم المنتج الذي ينص المهارة اليدوية" وهو كلام عام يصح أن يقال عن كثير من أنواع التعليم. ➍ ثم الحاسوب: وفيما كان المختصون يبكون على ما آل إليه الحال إذا ببدعة جديدة تخرج بها علينا الصحف، وهي أن القوم جادون في تطوير التعليم، وأنهم يفكرون في إدخال الحاسوب إلى المدارس لأن العصر عصر العلم والعلم يتطلب أن نواكب أحدث "موضة" في مجال التعليم في الغرب عامة، وفي أمريكا خاصة. ولاشك في أن الاعتراض على الفكرة من حيث هي فكرة، خطأ جسيم، فهي فعلا فكرة طيبة.. أن نطور التعليم. ولكنها خطيئة أن ننفق أموالا – ونحن مدينون- على التجريب. قلت وقتها فيما كتبت: لنكن واقعيين كيف ندخل الحاسوب مدارس لا كهرباء بها؟ كيف نجرب إدخال الحاسوب في بعض مدارس القاهرة مثلا؟ ونحن نعلم مسبقا أن من المستحيل تماماً وأكررها وأؤكدها: من رابع المستحيلات أن يتم تعميم هذه التجربة لعوامل كثيرة.. منها أننا لم نعدّ المعلم حتى الآن، فكيف نستورد الأجهزة فنضيف إلى أعباء مصر عبئا جديداً ثم نكتفي بدورات عاجلة لبعض المعلمين في بعض المدارس في بعض أحياء القاهرة.. ونقف عند هذا وننادي الصحفيين والإعلاميين: هلمّوا... يا حملة الأقلام.. نحن نطور التعليم، نحن نستخدم الحاسوب.. نحن نشكر الظروف! ثم لنكن صادقين: إن كثيراً من مدارس مصر، بصفة خاصة مدارس الريف لا توجد بها مقاعد ولا دورات مياه، وأحيانا توجد بها فصول طائرة أي لا مكان لها، وأحيانا توجد مدارس آيلة للسقوط، وفي حالات كثيرة جداً تكاد تكون عامة، تعمل المدرسة فترتين. فكيف نجد إزاء هذه المشكلات وقتا تخلو فيه إلى أنفسنا، ونفرك أيدينا جذلا وفرحا وترفع حواجبنا بهجة، ونضحك ونصفق في طفولية عبيطة ونقول: هيا إلى الحاسوب. هلموا – أيها المسؤولون- أولادنا القراءة أولا، وبعدها الكتابة الصحيحة وتكونون إذا فعلتم قد أديتم رسالتكم واتقوا الله.. وكونوا مع الصادقين.

819

| 31 مايو 2012

من أخطاء الأسرة في تربية أبنائها

من الأسباب الرئيسية لانحراف الأبناء وإقدامهم على العنف هو التفكك الأسري الذي تعاني منه الأسرة العربية لأن انحرافات الأبناء تعود في جزء كبير منها إلى غياب الأب حيث اللامبالاة من رب الأسرة تجاه أسرته وغيابه معظم الأوقات خارج منزله وانشغاله بجمع المال لدرجة قد تصل إلى عدم معرفة أسماء المدارس التي يدرس بها أبناؤه أو الصفوف الدراسية التي وصلوا إليها أو التقديرات والدرجات التي يحصلون عليها. فانهيار البناء الأسري يؤدي في أحيان كثيرة إلى ارتفاع نسب الطلاق مما يتسبب بدوره في انحراف الأبناء إلى جانب الانحراف من الداخل حيث تنعدم القدرة كنتيجة طبيعية لإدمان الأب مثلا حيث تبين أن معظم جرائم السرقات بالنسبة للأطفال تتم بدافع المغامرة وتمثل انعكاساً للنزعة العدوانية والحرمان العاطفي الذي يعاني منه الطفل وليس الحاجة المادية. * غياب التواصل بين الآباء والأبناء يرى التربويون أن غياب التواصل الجيد بين جيل الأبناء وجيل الآباء من أبرز المشكلات المجتمعية التي ينعكس أثرها في سلوكيات الأبناء فالتواصل الحالي أصبح مادياً في حين اختفى التواصل المبني على علاقات وثيقة دائمة تتضمن الثقة بين الطرفين والتراحم والتعاطف والسبب في ذلك يرجع إلى العولمة ووسائل الاتصال الحديثة التي باعدت بين الأبناء وأسرهم إضافة إلى غلاء المعيشة واختلاف الأسس والنظم التعليمية. * تقييد حرية الأبناء والتسلط في تربيتهم يقصد بـ التسلط – المنع والرفض الدائم لرغبات الطفل من جانب الأسرة أو المحيطين به والوقوف حائلاً أمام قيامه بسلوك ما ومن مظاهر التسلط القسوة والصرامة والعنف والغضب والحرمان والأمر والنهي والعقاب المستمر عند تربية الطفل ومعاملته ويتصف الآباء بأنهم يكثرون من إبداء النصائح والتوجيه المستمر للأبناء وفي مواقف غير ممارسة خاصة إذا كانت أمام أفراد من خارج الأسرة أو بالشارع كما قد يعظمون صغائر الأمور التي قد يرتكبها الطفل بسبب قلة خبرته الحياتية. ومن أشكال التسلط الوالدي تنشئة الأبناء على غرار نوع التربية التي تعرض لها الآباء في الصغر فقد يلجأ الآباء إلى تحديد طريقة نوم أولادهم وطريقة استذكار دروسهم ونوعية أصدقائهم وكذلك ملابسهم وهذا الأمر يسبب للأبناء الحرمان من ممارسة حقوقهم. طموحات الآباء وزيادة تسلطهم طموحات الآباء الزائدة تجعلهم يفرضون على أبنائهم نوعاً من التعليم أو المعيشة التي كانوا يتمنونها لأنفسهم من قبل ولم يتمكنوا من الوصول إليها، والواضح أن هذا النوع من (الطموح الزائد) يأتي بنتائج عكسية حيث يرغم الطفل على نوع معين من التعليم لا يرغب فيه ولا يتناسب مع ميوله وقدراته ولا يشبع حاجاته ورغباته مما يؤدي إلى الفشل في القيام بالدور المطلوب بالإضافة إلى شعور الأبناء بالنقص والتحطيم. الحماية الزائدة وأثرها في تنشئة الأبناء الحماية الزائدة مثل التسلط يسلب شخصية الطفل ويؤدي إلى إصابته بالاضطرابات النفسية والسلوكية ومن أشكال الحماية الزائدة مثلاً أن يقوم أحد الوالدين أو كلاهما بالقيام بأدوار الطفل التي يجب أن يؤديها بنفسه دون تدخل من الآخرين مثل عمل الواجبات المدرسية أو مرافقته عند ذهابه إلى المدرسة وهذه الحماية الزائدة تخلق عند الطفل متاعب وصراعا في حياته المستقبلية كالقلق وعدم الثقة بالنفس أو القدرة على اتخاذ القرارات. الإهمال والتمييز من أشكال التسلط هناك عدد من الآباء ينبذون أطفالهم ويهملونهم ويتركونهم دون رعاية أو متابعة أو تشجيع ودون غرس للقيم والمبادئ ومن صور الإهمال عدم الاهتمام بنظافة الطفل أو نظامه الغذائي وإهمال حالته الصحية وعدم مدحه أو إثابته عندما ينجز عملاً ما والسخرية منه ومن أعماله مما يقتل داخله روح المبادأة والابتكار والتنوع. التدليل والقسوة وأثرهما في تربية الطفل يقوم بعض الآباء بإشباع حاجات الطفل في الوقت الذي يريده مهما تكن هذه الأشياء مشروعة أو غير مشروعة، ويكون أفراد الأسرة في طاعته، ومن هنا ينشأ الطفل على الأخذ دون العطاء والأمر والنهي دون معرفة مسؤولياته وينشأ على اللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية والاعتماد على الآخرين في تصريف أمور حياته. بعض الآباء يلجأون إلى استخدام القسوة في تربية الأبناء وكذلك العقاب البدني، والنفسي، ومن مظاهر هذا الأسلوب في التربية عدم الابتسامة في وجه الطفل والتقليل من شأنهم والميل إلى العقاب والخشونة والغلظة دون هوادة أو تسامح وهذا يجعل الطفل يفقد الثقة في نفسه ويخاف من تحمل المسؤولية ويشعر بالعجز. آثار أساليب التسلط على شخصية الطفل يتفق التربويون على أن الأطفال ضحايا العنف التربوي فالأطفال الذين يعانون عنف السلطة يصبحون سلبيين ومحبطين وتنعدم لديهم القدرة على المبادرة وقد يؤدي العنف الذي يتعرضون له إلى انتحارهم وإلى حالة عدمية من البرودة النفسية ويؤدي أيضاً إلى نزعة عدوانية عند الأطفال كما تؤدي الأساليب التسلطية إلى بناء شخصيات انطوائية انسيابية غير واثقة من نفسها وتوجه عدوانها نحو ذاتها – فعلاً الأساليب التسلطية في تربية الطفل تؤدي إلى بناء شخصية متمردة خارجة على قواعد السلوك وقواعد القانون لتفجير مكبوتات القهر والمعاناة الناجمة عما تعرضت وتتعرض له من قسوة والواقع أن هذا الأسلوب يشعر الأبناء بالقصور والدونية والعجز والنقص وعدم القدرة على إبداء الرأي أو المناقشة أو المشاركة.

4531

| 23 مايو 2012

هل التنمية حقٌّ للمرأة أم.. واجبٌ عليها؟

لم يسأل أحد من علماء التربية والاجتماع والاقتصاد نفسه مرة: هل التنمية حق من حقوق المرأة يجب أن تتكفل به الدولة؟ أو.. هي واجب يتعين على كل امرأة – بحكم مواطنتها – أن تنهض بأعبائه؟ إن لدينا فائضا ضخما من كتابات تبدأ وتنتهي في حديثها عن التنمية من كونها مفهوما شاملا يتسع لجميع مجالات الحياة، وتتعدد أبعادها فهي لا تقتصر على التنمية الاقتصادية، وإنما تمتد لتشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية للتنمية والتنمية لا تتحقق فقط بتنمية الموارد الطبيعية وزيادة الإنتاج، وإنما تمتد لتشمل الموارد البشرية، فالإنسان عماد التنمية وهدفها وبدونه يستحيل تحقيق الشق الاقتصادي من التنمية. ومن هنا فقد ظل مفهوم التنمية – لفترة طويلة يعني نموا متوسطا لدخل الفرد، أو لزيادة الدخل0 ثم تطور هذا المفهوم وأصبح يعني: التغيير المقصود والمنظم بهدف الوصول بالمجتمع إلى المستوى الأمثل للإنتاج باستغلال موارده الطبيعية وطاقاته البشرية، وإشباع الحاجات الأساسية للإفراد ورفع مستوى معيشتهم وقدراتهم على المشاركة 0 وبذلك اتسع مفهوم التنمية ليشمل نوعية الحياة التي يستطيع أن يحياها البشر. وأصبحت التنمية البشرية تعنى بأمرين مرتبطين: أولهما، تدعيم القدرات البشرية من خلال الاستثمار في البشر أنفسهم (التعليم، والصحة، والثقافة العامة ...) لتطوير إنتاجهم وقدراتهم الإبداعية الخلاقة، وثانيهما: تأمين الاستخدام الكامل والكفء لهذه القدرات في إطار واسع من العدالة والمساواة في الفرص والاختيارات بين كافة أبناء المجتمع، وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتزايد الاهتمام العالمي بقضايا تنمية المرأة باعتبارها جزءا لا ينفصم من المجتمع الإنساني، وشريكا في إنجاح عمليات التنمية. فمشاركة المرأة في مختلف مناحي الأنشطة المجتمعية تضيف مورداً بشريا يسهم في تقدم المجتمع. وقد أسهمت المؤتمرات العالمية في إلقاء الضوء على المعوقات التي تحول دون المشاركة التنموية للمرأة في مختلف الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكان لاشتراك مصر في هذه المؤتمرات أكبر الأثر في تزايد الاهتمام المجتمعي بقضايا تمكين المرأة، وتعظيم مشاركتها التنموية في مختلف مجالات الحياة وتبني القيادة السياسية قضية إدماج المرأة في التنمية. وتم إدراج مكون المرأة ضمن الخطط الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها الشريك الأساسي والمتكافئ مع الرجل في تحمل المسؤولية والأعباء بكافة إبعادها وجني ثمارها. ومع الاعتراف بالجهود العلمية لتلك المؤتمرات، فلا مفر من الاعتراف بوجود تحديات تواجه مسيرة التنمية يعود بعضها إلى واقع البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة في بعض المجتمعات العربية، ويعود بعضها الآخر إلى الموقف السلبي للمرأة العربية نفسها بوجه خاص. ومن هنا يجب علينا ككتاب ومثقفين في رؤيتنا المستقبلية للتنمية البشرية لتحسين جودة الحياة أن نطرح التساؤل الذي وضعناه عنوانا لهذا المقال، لأننا إذا اعتبرنا التنمية حقا للمرأة فلابد لنا من المطالبة الدؤوب بضرورة توفير مكانة عادلة، ونصيب كاف من الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وفرص لعمل للمرأة لتمكينها من إدارة شؤونها الخاصة، والمشاركة بفاعلية في المشروعات التنموية. الأمر الذي يستلزم ضرورة تعزيز الآليات المنوط بها مواجهة هذه التحديات خاصة ما يتعلق بتعبئة الموارد البشرية، وإعادة تقييم دور المرأة العربية وتوظيف طاقاتها، وتعظيم قدراتها ووضعها في مكانها الصحيح على خريطة العمل والمشاركة لتمكينها من مواجهة هذه التحديات والمساهمة بفاعلية في تحقيق التنمية. وفي ضوء ما سبق يتعين طرح الأسئلة التالية: - ما واقع تمكين المرأة العربية في مجالات الحياة المختلفة (اقتصاديا. واجتماعيا. وثقافيا. وسياسيا) في ضوء مشاركاتها التنموية؟ - ما التحديات التي تواجه تمكين المرأة العربية وتحول دون تفعيل وتعزيز مشاركاتها التنموية؟ - ما الإستراتيجية المجتمعية المقترح طرحها في كل دولة عربية لتمكين المرأة وتفعيل مشاركتها التنموية؟ إن وضع إجابات للتساؤلات السابقة من شأنه إلقاء الضوء على مشكلات المرأة التي تعرقل مسيرتها التنموية في كثير من المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. من ناحية ومن ناحية أخرى يتوجب النظر في وضع الخطط والسياسات والبرامج الرامية إلى تنمية قدرات المرأة. ومساندتها في التغلب على المعوقات التي تحد من مشاركتها بفاعلية في المشروعات التنموية مما يحقق الاستغلال الأمثل للموارد والطاقات البشرية من القوى العاملة، ويعظم نواتج قوة العمل. لاسيَّما مع حلول قرن جديد يحمل الكثير من المتغيرات والتحديات العالمية والإقليمية والمحلية التي تهدد انعكاساتها السلبية مسيرة التنمية - في الوقت – الذي يسعى فيه المجتمع العربي للانطلاق نحو أهدافه التنموية.

1598

| 17 مايو 2012

كيف تنهض أمة "اقرأ" ؟

لا سبيل لنهوض الأمة العربية والإسلامية (أمة " اقرأ ") إلا باعتبار محو الأمية وتعليم الكبار محورا من محاور المنظومة التعليمية وجزءا لا يتجزأ من المشروع القومي للتعليم وقضية تمس الأمن القومي والأمن الاجتماعي وتؤثر على جهود التنمية الشاملة، وفي هذا الإطار يجب على جميع المؤسسات المعنية المضي بسرعة وقوة نحو تحقيق الأهداف الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار والسعي لتعبئة الرأي العام حول قضية تعليم وتعلم الكبار وحشد الموارد البشرية والطاقات لتخفيض حقيقي في أعداد الأميين حتى عام 2020 مع تنسيق الجهود الوطنية والدولية نحو رؤية موحدة لإحداث نقلة في رؤية ومفهوم وأهداف محو الأمية إضافة إلى مراجعة السياســات والممارسات الحالية في تعليم الكبار. ويمكن بناء الشراكات، وتشجيع الحلول الإبداعية غير التقليدية لمشكلة محو الأمية من خلال: ـ تطوير أدوات تنفيذ تضمن الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ. ـ وجوب بلورة رؤية موسعة حول مستقبل محو الأمية وتعليم الكبار تتناسب والمستقبل الجديد الذي نتطلع إليه جميعا. ـ نريد تعليما يغرس القيم والسلوك وأساليب الحياة اللازمة للمستقبل. ـ نريد أهدافا تعليمية محددة كما حددتها اللجنة الدولية لليونسكو تعلم لتكون ـ تعلم لتعرف ـ تعلم لتعمل ـ تعلم لتعيش مع الآخرين. ـ إنشاء صندوق شعبي لتمويل مشروعات محو الأمية. - العمل من أجل إكساب مهارات الحياة ومهارات العمل الأساسية. - حشد الطاقات وتعبئة الموارد المتاحة - التنسيق والتشبيك بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني من خلال تشاركات تؤمن بما تأمل تحقيقه. - أن تسير مشروعات محو الأمية جنبا إلى جنب مع برامج تحقيق تعليم أساسي للجميع وبرامج تحسين وتجويد التعليم الأساسي - العمل على خفض أو منع التسرب، فالتسرب يبدأ من المدرسة والأمية تبدأ من التسرب، وحملات محو الأمية في وجود التسرب كالحرث في البحر. إن توفير التعليم يقع على عاتق المؤسسات الحكومية إلا أن أعباءه ومتطلباته البشرية والمادية تتطلب شراكة كبيرة مع المؤسسات الأهلية. ضوابط نجاح مشروعات محو الأمية: 1. الإيمان بأن تعليم الكبار يعد جزءا من التعليم لا يمكن الاستغناء عنه. 2. ألا تكون هناك هوة بين الأقوال والأفعال وبين الطرق المنهجية التي يضعها المفكرون في تعليم الكبار وتطبيقها خلال عمليات التخطيط العملي. 3. تأكيد بناء القدرات والجودة من خلال إعادة هندسة العمليات الفنية والإدارية لتحقيق رضا الدارسين وإقبالهم على برامج محو الأمية. 4. تنظيم محو الأمية وتعليم الكبار للإيفاء بالحاجات التي ظهرت جديدة في هذه الأيام مع عدم إغفال المجتمع المدني وما يمكن أن يضيف في هذا المجال. 5. محاولة تقليل الفجوة الرقمية للتعليم بين الإناث والذكور وبين الريف والحضر. 6. إدماج تقنيات النظم والمعلومات في برامج ومؤسسات محو الأمية وتعليم الكبار والاستفادة منها في عمليات التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم.

522

| 10 مايو 2012

إسرائيل وعمرو موسى.. جدٌّ أم هزْل؟

بدأ لمعان نجم السيد/ عمرو موسى في سماء الدبلوماسية المصرية، واتخذ لمعانه بريقا جماهيريا بعد تقلده منصب وزير خارجية مصر 1991 وما تلا ذلك من عقد مؤتمر مدريد الذي كان خطاب موسى فيه أقوى بكثير من خطابي مبارك وشامير مما رفع أسهم عمرو موسى شعبيا بدرجة كبيرة، فغنى المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم أغنيته التي انتشرت على نطاق واسع ولاسيَّما جملة (أحب عمرو موسى. وأكره إسرائيل) وتحت عنوان (عمرو موسى.. تاريخ من المواجهات مع الإسرائيليين) نشرت صحيفة معاريف الصهيونية مقالاً بتاريخ 27/4/201 جاء فيه: عمرو موسى وإن كان لا يزال لم ينتخب رئيسا لمصر إلا أن السياسة المناهضة لإسرائيل المعلنة لديه تحتل منذ الآن مكانا محترما في السياسة المصرية. ففي بداية الأسبوع أعلنت الحكومة المصرية المؤقتة عن إلغائها اتفاق الغاز بين إسرائيل ومصر. وهكذا حققت أحد البنود في برنامج موسى السياسي وهو الذي كان وزير الخارجية المصري والأمين العام للجامعة العربية ويعتبر الآن المتنافس المتصدر في السباق للرئاسة المصرية والذي يعنى بإعادة النظر لاتفاق الغاز بين الدولتين. 'إذا انتخب موسى رئيسا فقد يستخدم ضدنا وسائل لم نرها بعد'، يقول البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون. 'من ناحيته، اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر ليس أمرا مقدسا ويمكن إدخال تعديلات فيه كالتواجد الأمني في سيناء. وهو كفيل بأن يوجه انتقادا حادا ومستمرا لإسرائيل في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، يخفض مستوى العلاقات وينقل مساعدة مدنية لحماس في قطاع غزة، الأمر الذي لم نره من قبل'. وذكرت صحيفة معاريف أن لعمرو موسى تاريخا طويلا من الصدامات مع إسرائيل. لدرجة أن دافيد ليفي وصفه بأنه "رامبو " المصري. فموسى لم يخفِ قط عداءه لإسرائيل. زمن كلمات عمرو موسى التي لا تنساها إسرائيل قوله: "إن موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية يعانون من تخلف عقلي" وقوله: "مجنون فقط أو جاهل من يؤمن بالسلام مع إسرائيل". وقوله: "لا يمكن الثقة ببنيامين نتنياهو" كما يعرف عنه أنه سخر من شمعون بيرس، ودعا إلى مقاطعة أرئيل شارون. وقال عمرو موسى كما تدعي الصحيفة للصحفيين الإسرائيليين في المؤتمر الاقتصادي في دافوس: "استخباراتكم ليست ذكية جدا'. بل إن موسى تساءل بصوت عال " " لماذا لا ينبغي أن يكون لإيران قنبلة ذرية. 'لماذا نوقفهم؟'، وكان ذلك في مؤتمر في لندن. في أعقاب أحداث أسطول مرمرة حين قال موسى إن إسرائيل هي السبب في الثقب الأسود في المنطقة وأعلن بأن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر والذي وقع في كامب ديفيد لم يعد ذا صلة في عصرنا، بعد التغييرات التي مرت بها مصر. وحتى من يميل إلى الاتفاق مع موسى على طريقة حل سياسي يتضمن تنازلا عن القدس وعودة إلى خطوط 67، يصعب عليه أن يقبل أسلوبه. 'صعبة عليه إسرائيل'، يقول يوسي بيلين، الذي يعرف موسى جيدا. 'صعب عليه التطبيع الكامل. فهو إنسان مرير بطبعه، وبعض من هذه المرارة موجهة لإسرائيل'. البروفيسور ايتمار رابينوفتش، الذي عرف موسى عندما كان سفيرا لإسرائيل في الولايات المتحدة، يضيف 'بأنه أقام معنا حوارا ونقاشا، ولكنه عرف كيف يكون حازما وبالتالي ليس لطيفا أيضا'. ويتذكر دافيد سلطان الذي كان سفير إسرائيل في مصر. أن عمرو موسى يتمتع بسرعة بداهة ولغة. جوابه جاهز على لسانه حتى قبل أن تنتهي من طرح السؤال. في اتصالاته مع إسرائيل كان هو الذي فاقم غير مرة المشاكل بين الدولتين. أحد سفراء الولايات المتحدة في مصر اشتبه به بأنه حتى لا يريد أن يدفع العلاقات مع إسرائيل إلى الأمام'. السفير السابق، البروفيسور شمعون شمير، يقول إن موسى وإن كان 'شخصا كفأ، سياسيا ودبلوماسيا ممتازا، ولكنه لا يستطيب إسرائيل على نحو خاص'. وتسفي مزال، الذي عمل هو أيضاً كسفير في مصر يضيف بأن 'شعبيته نبعت من مواقفه المتصلبة تجاه إسرائيل. فقد كان هو الذي إلى جانب الرئيس مبارك الذي قرر أن يكون السلام مع إسرائيل سلاما باردا'. في الأيام الأخيرة تتصاعد قوة موسى في الاستطلاعات قبيل الانتخابات للرئاسة المصرية والتي ستعقد في نهاية مايو. في الأسبوع الماضي رفضت لجنة الانتخابات العليا في مصر ثلاثة مرشحين كبار: عمر سليمان، نائب الرئيس المصري السابق، خيرت الشاطر، ممثل الإخوان المسلمين وحازم أبو إسماعيل، مرشح السلفيين. ومن بين المرشحين الـ 13 للرئاسة، يعتبر موسى المرشح المتصدر. لا أدري هل أرادت الصحيفة الإسرائيلية بهذا المقال الترويج لعمرو موسى لدى الأوساط المعادية للصهيونية في مصر؟ أم أرادت حرقه أمام القوى المتشبثة ببقايا فكر النظام البائد الذي دأب على ممالأة إسرائيل؟ الأيام القادمة ستكشف لنا – من خلال ما ستنشره صحف إسرائيل عن النية الحقيقية من نشر مثل هذه التحليلات في هذا الوقت.

1106

| 01 مايو 2012

لا تغيير إلا بالتعليم

لا يماري أحد في كون التربية وسيلة كل مجتمع لتحقيق فردية المواطن لأنها تساعده على تنمية قدراته وميوله واكتسابه المهارات العامة في جميع نواحي الحياة المختلفة. إذ من خلالها يتسنى تحويل الأفكار إلى سلوك ملموس في الحياة اليومية لأن مهمة التربية الأولى هي تغيير سلوك الأفراد ومساعدتهم على التفاعل في المجتمع بإيجابياته، ومواجهة سلبياته. ولأن التربية هي الوسيلة الوحيدة الفعالة في إعداد الأفراد وتنميتهم في جميع نواحي الحياة، يتوجب عليها أن تغير نظرتها إلى الطالب في هذا العصر، فلم يعد معيار الحكم في الوقت الحالي على نجاح الطالب وتفوقه هو ما حفظه من المعلومات وما دوَّنه في كراسة إجابته، فاعتماد هذا المعيار حوَّل عملية التعليم إلى معاناة، وحوَّل عقول الطلاب إلى آنية فارغة يصب فيها المعلم كلماته دون أن يترك للطالب فرصة للتفكير والتساؤل والنقد والإبداع الذي نحتاجه في عصرنا هذا الذي نعيشه. ولن يتأتى تغيير هذا المعيار [ أعني الحفظ والاسترجاع] إلا من خلال تطوير المناهج الدراسية، فمستقبل الأمة العربية محكوم بنوعية من المناهج التي تشكل أبناء الأمة وتعدهم للتفاعل الناجح مع ديناميات المستقبل التي توجه المجتمع وتوفر له تربية جديدة وسليمة في عصر مملوء بالمتغيرات والتحديات والتلاقح الثقافي. وقد انعقدت – على المستوى العربي - عدة مؤتمرات محلية وعربية من أجل تطوير التعليم منها: ما أوصى به المؤتمر العلمي الرابع لكلية التربية جامعة حلوان عام 1996 من: "ضرورة الاهتمام بتطوير المناهج بمفهومها الشامل،مع تحقيق المواءمة الدينامية والمستمرة بين ما توفره للمتعلم من معارف ومعلومات وأساليب البحث والتفكير ومهارات وقيم وأخلاقيات تتفق مع المتغيرات العالمية والمحافظة على الهوية العربية في ذات الوقت" كما أشار المؤتمر الأول لوزراء التربية والتعليم والمعارف العرب بطرابلس بليبيا عام 1998 إلى: "ضرورة أن يبقى التعليم عرضة للمراجعة والمقارنة باستمرار مع الأمم الأخرى المتقدمة". والمنهج الدراسي، مهما تكن مزاياه وقت بنائه، يصبح منهجاً جامداً ومتخلفاً، وعائقا من عوائق تطور الأمة، إذا لم يكن فيه من المرونة ما يسمح بإدخال التعديلات التي تتطلبها قدرات الطلاب وحاجاتهم المتجددة جيلا بعد جيل، أو التعديلات التي يتطلبها المحتوى المعرفي للمنهج نتيجة ما يستجد من تغييرات وحاجات رئيسية في المجتمع أو ما يستجد من نتائج بحوث التربية وعلم النفس وتجاربه. لذلك يتعين الاهتمام بمراجعة المناهج وتقويمها من حين لآخر بهدف تطويرها في ضوء الجديد من الظروف السياسية والاقتصادية، والمتغيرات العلمية الحديثة. لذلك لا يماري أحد في أن التطوير والتغيير من لوازم العملية التعليمية والتربوية، ومن أحد النتائج المترتبة على الوعي بحقيقة هذا التغيير هو مواصلة الجهود بصفة مستمرة من أجل تطوير التعليم، ليواكب الأحوال المتغيرة اجتماعياً، واقتصادياً، وثقافياً، وسياسياً، ومن أجل أن يسهم في توجيهها وتشكيلها بما يؤدي إلى تقدم الإنسان ورقي المجتمع. وأي متابع للشأن التربوي عالميا يلحظ بسهولة اهتمام الدول المتقدمة والنامية على حد سواء بالتعليم وضرورة تطويره، فالدول المتقدمة رأت في تطوير التعليم وسيلتها للتقدم إيماناً منها بأن الدولة التي تملك المعرفة المتطورة هي التي يكون لها السبق في مجالات الحياة،وهي التي يمكنها أن تحقق معدلات أفضل من التنمية البشرية، أما الدول النامية فتطوير التعليم فيها يشكل الأمل المنشود – وربما الوحيد – في التغيير المجتمعي والحضاري، لكونه أضمن السبل لتحقيق النهضة والرقي. ويتضح مما سبق: أن التطوير هو الركيزة الأساسية في نجاح العملية التعليمية. فالنظام التعليمي الناجح، يعد رائداً للتطوير والإبداع والتنمية في المجتمع، وصاحب المسؤولية الكبرى في تنمية أهم ثروة يمتلكها مجتمع وهي الثروة البشرية. ويرى التربويون أن مناهج التعليم يمكن أن تعد الطلاب كمواطنين إيجابيين من خلال: 1- تمكين الطلاب من أن يحللوا ويفسروا ويكتشفوا ويتعاملوا مع بيئة سريعة التغير. 2- التنمية الشاملة للطلاب، لإكسابهم – عبر المناهج وطرائق التدريس- قدرات تساعدهم على التعامل مع متغيرات العصر 3- أن تتيح المناهج الدراسية للطلاب والمعلمين معا فرصا مناسبة لتعليم يحافظ على انتمائهم الوطني وهويتهم وقيمهم. 4- لا بد للمناهج من استيعاب القضايا والمشكلات المستحدثة. 5- أن تنمية المواطنة لدى الطلاب من أهم سبل مواجهة تحديات المستقبل. 6- أن هوية المتعلم/ المواطن تتحقق عن طريق نشر معظم قضايا المواطنة الأساسية سواء أكان ذلك في المدرسة من المنهج الدراسي (المحتوى، الأساليب، الاستراتيجيات، الأنشطة والمناخ الدراسي) أم خارجها (في مؤسسات المجتمع) وفق مخططات علمية مدروسة لتنمية الطلاب اجتماعيا وسياسيا. [email protected]

522

| 27 أبريل 2012

رؤية لتطوير مجال محو الأمية وتعليم الكبار

لم يعد مقبولا أن يكون هناك ثمانون مليونا من الأمة العربية (أمة " اقرأ ") لا يعرفون القراءة والكتابة، يجب أن توضع فورا برامج جادة وجديدة لمحو هذا العار القومي الرهيب: عار الأمية، ويجب التركيز في المرحلة القادمة على: 1- التنمية المهنية المستديمة لمعلمي الكبار 2- بناء نظام معلومات قوي للمتابعة وضبط الجودة 3- توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عمليات التدريب التنمية المهنية المستديمة لمعلمي الكبار: يجب أن تكون هناك خطة علمية في هذا الخصوص تتضمن: أ – انتقاء معلم الكبار ب- إعداد معلم الكبار وتدريبه أثناء الخدمة. ج- تقويم أداء معلم الكبار. أ – انتقاء معلم الكبار: ينبغي اختيار معلم الكبار في ضوء مجموعة من الخصائص والسمات الشخصية التي يجب أن يتصف بها هذا المعلم وبما يتفق مع مجتمع المعرفة ومتطلباته وخصائصه وذلك من خلال اجتيازه لعدة اختبارات ومقاييس لتعرف مدى توافر الخصائص والسمات الشخصية اللازمة لمعلم الكبار. ب- إعداد معلم الكبار وتدريبه: ربط برامج التدريب قبل الخدمة مع برامج التدريب أثنائها. - إكساب المدربين مهارات التعلم الذاتي. - تأهيل المدربين المحترفين في إعداد معلمي الكبار وفقا للمعايير الدولية. - فتح أقسام بكليات التربية تختص بإعداد معلم الكبار ترتكز على إعداده. مهنيا وثقافيا. - توفير برامج التنمية المهنية لمعلم الكبار التي تقوم على حاجاتهم الأساسية وتتيح لهم فرص التعليم المستمر - استخدام طرق وأساليب تدريبية حديثة ومتنوعة. - تطوير البرامج التدريبية لمعلمي محو الأمية. ج – تقويم أداء معلم الكبار من خلال مجموعة من المعايير والمؤشرات يجب أن تتحقق عند تقييم أداء المعلم مثل: - قدرته على استخدام استراتيجيات التعلم النشط. - قدرته على توفير بيئة جاذبة للمعلم. - التخطيط الجيد للعملية التعليمية. - امتلاك المعرفة والمهارات الأساسية. 2- بناء نظام معلومات قوي للمتابعة وضبط الجودة ويكون هذا النظام مسؤولا عن: - توفير البيانات والمعلومات من خلال إنشاء قاعدة بيانات كاملة للمعلمين والمدربين المشرفين والمتابعين مع تحديثات بياناتها باستمرار. - إدخال جميع البرامج التدريبية وخطط تنفيذها على قاعدة البيانات. - تقديم تقارير إحصائية دورية عن البرامج وإعداد المتدربين. - متابعة تقييم البرامج التدريبية وإعداد التقارير عن مستوى الإنجاز. - متابعة تقييم أداء المدربين. - متابعة تقويم أداء المتدربين. - تقديم التقارير السنوية عن البرامج والأنشطة التدريبية 3: توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عمليات تعليم التدريب. - استخدام شبكات المعلومات في تطوير نظم إعداد وتدريب المعلمين. - استخدام برامج التعليم عن بعد لتقليل الفجوة بين المعلم والمتعلم. - استخدام الكمبيوتر من خلال الغرف التدريبية الموجودة على شبكة الإنترنت. استخدام صيغ تدريبية مستحدثة مثل: - التدريب القائم في أماكن عمل المتدربين. - التدريس المصغر. - التعلم الذاتي.

6302

| 30 مارس 2012

افتكاسات إعلامية مثيرة للضحك والبكاء

يحتوي إعلامنا على عناكب خفية لا يراها الناس كما يرون البغال والجمال والذباب ومندوبي المبيعات ومحصلي التذاكر، ولكن آثارها تظهر وتتجلى فيما تهجم به علينا هذه القناة أو تلك من تلك القنوات التي تكاثرت تكاثر الشياطين الزرق في الحمامات العامة، وتفاجئنا تلك العناكب من حين لآخر بضيوف على الفضائيات ذوي ألسنة مِراض وأقفاءٍ عِراض، يخوضون في الشأن العام بكل بجاحة وهم أجهل من الجهل نفسه، ومن أفكار هؤلاء المرضى المتخلفين يتخلق رأي عام زائف حول كثير من قضايا الأمة، ولست أفتقر إلى شجاعة عرض أسمائهم ولكني أضن بوقتي وقلمي أن أنشغل به بأمثال تلك الشرذمة من المرتزقة البلهاء.على أنني لا أقف بهذا المصطلح الشبابي الساخر (افتكاسات) عند حدود ما يتقيأ أزلام الضيوف في برامجهم الضحلة وأمام مذيعين ومذيعات جُوف يحاورونهم بانبهار كما لو كانوا يفهمون!!وإنما أنطلق بمصطلح الافتكاس هذا إلى جانبٍ فنّيٍ، يحيرني كثيرا ولا تسيغه النفس، وهو هذا المنظر السخيف لمذيع ومذيعة يقفان جنبا إلى جنب حين بدآ قراءتهما لنشرة الأخبار في القناة الأولى، ويقرآن العناوين وبعض الأخبار وقوفا ثم يجلسان!! أريد أن يتكرم أحد علينا بشرح (الفلسفة) العميقة التي يعتمد عليها (الفكر الجديد) الذي افتكس هذه الافتكاسة؟ وماذا عليهم وماذا على مشاهديهم من بأس لو أنهم كانوا جالسين طوال القراءة؟ وما الذي يضير قارئ (فشرة) الأخبار لو قرأها جالسا؟ الناحية الثانية أن لنشرة الأخبار في القناة الأولى أهمية كبرى لدى تسعين بالمائة من شعب مصر، ويجب ألا يزيد مداها الزمني عن ربع ساعة حتى ينصرف الناس إلى أشغالهم، أو إلى ما يتابعونه هنا وهناك. أما أن تُثقَل بهذه التقارير الفضفاضة المملة الموغلة في التفاصيل، وأما أن يستضاف لها ضيوف يسرفون في التحليل والتعليق والحوار في أواسط النشرة، فهذا كله عبثٌ عابث، وافتكاسات غريبة مريبة لا مسوِّغ لها.فمثلا شاهدت في نشرة التاسعة يوم الشهيد (الجمعة 9 مارس 2012) أحد أعضاء المكتب الفني لشيخ الأزهر، وقد جيء به ليقرأ صفحة مكتوبة – في وسط النشرة!! – فتحدث الرجل فأخطأ في اللغة مرتين حين قال (في هذا اليوم نَهدي للشهداء.....) قرأها مرتين بفتح النون والمضارع (نهدي) إذا فتحت نونه صار من الهداية، وهو يقصد (نُهدي) بضم النون من الإهداء. ثم استشهد الشيخ للتدليل على منزلة الشهداء بقوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) [ آل عمران / 140].وقصد الشيخ بهذا أن كلمة (شهداء) في الآية مقصود بها جمع شهيد بمعنى المجاهد حتى الموت. والسياق أريد به أن تكون جمعا لشاهد، وجاء في تفسير الألوسي لهذه الآية: "... وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ جمع شهيد وهو قتيل المعركة وأراد بهم شهداء أحد كما قاله الحسن وقتادة وابن إسحاق، و«من» ابتدائية أو تبعيضية متعلقة- بيتخذ- أو بمحذوف وقع حالا من شُهَداءَ، وقيل: جمع شاهد أي ويتخذ منكم شهودا معدلين بما ظهر من الثبات على الحق والصبر على الشدائد وغير ذلك من شواهد الصدق ليشهدوا على الأمم يوم القيامة، و«من» على هذا بيانية لأن تلك الشهادة وظيفة الكل كما يشير إليه قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة: 143] ". وبائقة أخرى من بوائق الفضائيات في فشراتها الإخبارية، وهي بائقة شديدة الوطأة على نفوس الشرفاء من كل أنحاء مصر، فحين يراد أخذ رأي الناس في موضوع من الموضوعات أو موقف من المواقف أو قضية من القضايا، يخرج المراسلون بآلات التصوير فيعمدون إلى عينة من البشر تضم الفئات المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ممن يستسهل المراسلون مقابلتهم، ثم يتركون أولئك يتحدثون ولا يظهر لنا سؤال المراسل ولا كيف سأله فتنفجر تلك الفئات منفعلة مرة ومنفلتة مرة فيكون منظرها مضحكا حينا ومبكيا حينا آخر، فهل ظهور المراسلين عورة يجب أن تُستَر؟ وهل هذه الفئات – في كل مرة- هي كل المجتمع المصري؟ إنهم جميعا من سكان القاهرة، ومن سكان قطعة من شارع واحد بالقاهرة؟ أفهذه هي مصر؟ أم أن هذا تدليس خائب، وجهل وراؤه مصائب؟لماذا يجب أن نضحك؟ إذا كانت اجتهادات العلماء في محاولة تفسير الضحك قد باءت بالازدراء، فإن الحجج التي قدموها لإقناعنا بأهمية الضحك والفكاهة في حياتنا حظيت بالقبول لأنها تلبي الحاجات النفسية والفسيولوجية للإنسان، ولا حاجة بنا هنا لاستعراض " الحجج " الطبية التي قدمها علماء الصحة في هذا الصدد من حيث فائدة الضحك في تنشيط الدورة الدموية وما يتصل بذلك من انقباض وانبساط عضلات الوجه في حالتي السرور والحزن فكل ذلك مبسوط في المقالات والأبحاث العلمية المتخصصة. ولكننا هنا نتوقف أمام تفسيرين غريبين لأهمية الضحك: الأول: مستقى من الفلكلور الصيني الذي يحتفظ بأقصوصة ملخصها أن أحد العلماء بعد أن بلغ السبعين من عمره رزقه الله تعالى بطفل فكأنه رأى فيه مكافأة له على جهاده طوال عمره المديد فأسماه (العمر) وفي العام التالي رزق بمولود آخر تبدو عليه أمارات الذكاء فأسماه (التعليم) ولم يكد العام يمر حتى رزق بمولود ثالث فضحك كثيراً من عجائب القدر الذي أتاح له أن يكون أباً لثلاثة أطفال وهو في مرحلة توديع الحياة وخطرت له – وهو يضحك – خاطرة عجيبة هي أن يسمي ابنه الثالث هذا (الفكاهة). وتقدمت السن بالعالم الكبير حتى كبر أولاده، وذات يوم خرجوا جميعاً إلى الجبال ليحتطبوا فلما عادوا سأل الرجل زوجته عن كمية الحطب التي أحضرها كل منهم فقال زوجته: "لقد عاد "العمر " بحفنة من الحطب، أما " التعليم " فلم يعد بأي شيء، ولكن " الفكاهة " عاد بكومة كبيرة من الحطب ". ومغزى هذه القصة/الأسطورة واضح فهي تشير إلى أن الحياة العادية الرتيبة (العمر) ذات عائد قليل، وأن (التعليم) في ذاته لا طائل من ورائه وأن الحياة المرحة (الفكاهة) هي الأكثر جدوى وحيوية. وبتعبير العالم السويدي كريستوفر شبير أستاذ الدراسات الصينية الشعبية بجامعة باريس، فإن هذه القصة الصينية " تصوير للحكمة الصينية الشعبية التي تنادي بأن قليلاً من الفكاهة في الحياة يمكن أن يكون أكثر فائدة من الخبرة أو من التعليم ".والتفسير الثاني لأهمية الضحك للعالم السوفيتي يوري بورييف الذي يقول: " في عصرنا الحاضر – عصر الطاقة الذرية – يعتبر الضحك السلاح الوحيد النافع المفيد، وذلك لأنه سلاح للبناء والتعمير، لا التدمير والتخريب ". والقارئ العربي الذي يتابع أي صحيفة عربية اليوم يجدها مكتظة بأخبار الحروب والنزاعات والزلازل والفيضانات والكوارث الطبيعية كالسيول والبراكين، والكوارث المفاجئة كحوادث تصادم القطارات وسقوط الطائرات وجنوح السفن والاغتيالات والإرهاب.. إلخ. ولا يوجد في أية صحيفة عربية من المحيط إلى الخليج صفحة للفكاهة تخفف من عناء بقية صفحاتها التي تزرع الكآبة في الصفحة الأولى وترويها ببقية الصفحات فإذا وصل القارئ إلى الصفحة الأخيرة ارتفع عنده ضغط الدم واختلت نسبة السكر، وبدأت علامات السعال ومقدمات الإمساك بصفحة الوفيات ورسوم الكاريكاتير التي تمثل – غالباً – النافذة الوحيدة التي تطل على عالم المرح. وماذا يبتغي المواطن من صحافته غير أن تُضحكه على نفسه حين يرى من اختارهم لتمثيله ليصلحوا الشأن العام قد تفرغوا لإصلاح أنوفهم؟؟

834

| 24 مارس 2012

حب العمل.. فن!

كثير من الناس يشكون من مشكلة " وقت الفراغ " ويصفونها بأنها أعقد مشكلة واجهتهم أو تواجههم، وقد يكون المرء مطالباً بإنجاز بعض الأعمال فيهملها ويجلس للثرثرة مع الآخرين شاكياً متألماً من " وقت الفراغ " الذي لا يعرف كيف يزجيه؟! والذين يكثرون من شكوى وقت الفراغ هم في الحقيقة أناس ضعاف القدرات، ليست لديهم القدرة على الإبداع، فما أكثر الحيل التي يمكن للمرء أن يقضي بها وقته مفيداً للآخرين أو مستفيداً من الوقت الزائد عن حاجته. ومهما يكن نوع العمل الذي نلجأ إليه كوسيلة لقضاء وقت الفراغ، فإنه – وإن كان بالنسبة إلينا هواية – من جهة أخرى " عمل " أو وسيلة الحياة لأناس آخرين، فالرياضة البدنية يلجأ إليها الهواة لتجديد نشاطهم، وتحريك عضلاتهم، وتنشيط دوراتهم الدموية، وإراحة أعصابهم، فهي بالنسبة للهواة عملية مزاجية ممتعة تخفف عن هواتها عناء أعمالهم التقليدية التي غالباً ما تكون ذات طابع عقلي كالكتابة والقراءة والعمل في دواوين الحكومة. ولكن هذه الرياضة البدنية نفسها بالنسبة لمزاوليها المحترفين هي بدورها " عمل تقليدي " ممل، مرهق، يحتاج إلى البحث عن " هواية " أخرى تخفف من عنائه ولتكن هذه الهواية هي القراءة مثلاً أو المسرح أو الصيد أو التمثيل أو التجارة... إلخ. وأحياناً يلجأ بعض الناس إلى الرحلات، وركوب القطارات أو السفن أو وسائل النقل المختلفة والسفر لمسافات طويلة بغرض التنزه أو الفسحة، والمتعة في مثل هذا السفر تنبع من كون المسافر مختلياً بنفسه أو بمن يحب مرافقتهم متحللاً من المسؤولية الرسمية التي تأخذ بخناقه طوال وقت العمل الرسمي. ولكن هذه الرحلة الترفيهية بالنسبة للسائقين وطاقم الخدمة في السفينة أو القطار، أو الباصات، أو غيرها عذاب ومشقة وعمل رسمي ممل، يتطلعون بلهفة إلى الانتهاء منه، حتى يخلدوا إلى الراحة! والقراءة متعة، أو هي أكبر متعة لأنها المصدر الأكثر شيوعاً للمعرفة، والإنسان الناجح يجب أن يسعى في بداية شبابه إلى تكوين مجموعة من " الأصدقاء " الصامتين من المؤلفين فيدقق في اختيارهم كما يدقق في اختيار أصدقائه الأحياء، ويعود إليهم في أوقات فراغه ليدير معهم حواراً من طرف واحد ينتهي بفائدة محققة له دون شك. وإذا نظر الإنسان إلى القراءة على أنها " وجبة غذائية " عقلية، كان عليه أن يحسن اختيار مفردات هذه الوجبة، فلا يرهق نفسه بالأغذية – الكتب – الدسمة عسيرة الهضم، ولا يضيع وقته في النشويات التي تستقر في الكرش ولا تصل إلى الدم.. وأعني بها الكتب الفارغة الضئيلة القيمة، وكما يتناول الإنسان وجبته الغذائية التقليدية في جو من الاحترام هيئة وجلوساً وإضاءة وتهوية، يجب عليه أن يعامل وجبته الغذائية العقلية ذات المعاملة من الاحترام والوقار فلا يقرأ وهو متكئ أو مستلق على بطنه أو ظهره حتى لا يرهق عينيه وتصبح القراءة بالنسبة له عملاً شاقاً سرعان ما يمله وينفر منه ولا ينبغي للعاقل أن يخلط بين الغث والسمين فيقفز من مجلة إلى صحيفة إلى كتاب بلا تخطيط أو تنظيم حتى لا يتشتت ذهنه بل عليه أن يتخير الوقت الهادئ.. وليكن الليل المتأخر – ليخلو إلى كتاب بعينه وذهنه متفتح للاستفادة. ومتعة القراءة قد تصبح عملاً رسمياً مملاً بدوره وشاقاً وذلك بالنسبة للباحثين والعلماء الذين يقضون ثلاثة أرباع وقتهم مع الكتب فهم في أمس الحاجة إلى التخلص منها من حين لآخر وترويض أجسادهم بالرياضات البدنية المنشطة للدم والعضلات حتى يعودوا مرة ثانية إلى عذابهم اللذيذ الممتع! إن النظرة إلى العمل – أي عمل – على أنه " فن " تيسر على كل إنسان يتبنى هذه النظرة أداء عمله، إن المرأة العاملة أو الموظفة حين تحصل على إجازة من عملها يوماً أو يومين تجد نفسها مثقلة بأعباء منزلية أكثر جسامة من أعباء عملها وتؤديها ببراعة وحب وألفة لأنها " تتفنن " في خدمة بيتها، ولا يمكنها أن تمارس أعمالها المنزلية بشكل رتيب لا أثر فيه للفن ولا فرصة فيه للمتعة. وكلما استشعر الإنسان أن العمل فن، زادت لذة العمل عنده وأصبح مدمناً لهذه اللذة التي تجلب إليه مزيداً من الراحة النفسية والرزق أيضاً. واليابانيون في هذا العصر أصدق مثال على ذلك، فهم يقبلون على العمل بحب وروح عالية، حتى ضجت حكوماتهم مراراً من عدم قدرتها على خفض الإنتاج !! لأن اليابانيين لا يحصلون على أي إجازات، بل إن الحكومة لجأت منذ سنوات إلى إعطاء حوافز مالية لمن يطلب إجازة دون جدوى!! إن العمل – أي عمل – مهما يكن بسيطاً أو معقداً يمكن أن يكون فناً ومصدراً للمتعة أو اللذة إذا أداه صاحبه أداءً متقناً. والعمل – بوصفه فناً – لا يبعث على الراحة النفسية فقط، بل إنه يثمر ثماراً أخرى، فهو ينقذ صاحبه من آفات الكسل وأهم هذه الآفات الخمول، والخمول بدوره يستدعي الشعور بالصداع والآلام الجسدية الأخرى، فضلاً عن أن العمل إذا ما أحبه الإنسان ينقي صدره من آفات نفسية كثيرة كالحسد والبغضاء والنفاق والرياء وذلك لأن الإنسان إذا أحب عمله ووضع كل اهتمامه فيه، لم يجد وقتاً للتفكير في شؤون الآخرين ولا الاهتمام بتفاهات التافهين. ويتأتى ذلك بأن ينظم الإنسان وقته بحيث يستثمر ما يزيد على ساعات عمله الرسمي، في هوايات أخرى يعطيها نفس القدر من الاهتمام فتصبح هي بدورها مجالاً للإتقان والكسب إلى جانب وظيفتها الأصلية وهي الترفيه والمتعة والحصول على اللذة.

5437

| 13 مارس 2012

رؤية مستقبلية لمحو الأمية وتعليم الكبار في الوطن العربي

في إطار الربيع العربي والتحول إلى ممارسة الديمقراطية في المنطقة العربية ككل نرى الجميع يسارع في شتى أنحاء العالم خاصة العالم العربي لتوفير فرص التعليم للجميع إيماناً منهم بأن التعليم أصبح حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان بل أصبح ضرورة حياة في مجتمعات تنشد الديمقراطية والمساواة والعدل الاجتماعي.. فالتنافس بين الدول، وإن أخذ أشكالاً عديدة سياسية واقتصادية أو حتى عسكرية، فهو- أي التنافس - في جوهره تنافس على العلم والتعلم، فنحن نرى كافة الدول التي أحرزت تقدماً ملحوظاً كان المدخل وراء ذلك الرقي والنهوض بالمجتمعات مدخل اهتمام بالتعليم فقضاياه والذي تقع عليه مسؤولية كبيرة في تحقيق التنمية الشاملة بمعناها الواسع. لقد أصبحت القضية التي تواجه الوطن العربي بصفة عامة هي كيفية توظيف المفاهيم والاتجاهات الحديثة في التعليم والتنمية لتحريك المجتمعات نحو التقدم والرقى. وفيما يلي ملامح لرؤية مستقبلية للإصلاح التربوي في مجال محو الأمية وتعليم الكبار: 1. تأكيد الأهداف التنموية للتعليم: وذلك من خلال ربط أهدافه بالأهداف القومية للأمة العربية ونضالها المستقبلي نحو التحرير والوصول إلى الديمقراطية، ومن هنا يسعى التعليم إلى خلق الوعي العربي القومي بقضايا الأمة العربية لترسيخ قيم العمل وصولا إلى التنمية الشاملة. * مشاركة مجتمعية كاملة تدعمها إرادة سياسية قوية ومتواصلة. * توظيف الدعم الدولي والخارجي للجهود في هذا المجال. * توظيف البعد الديني (التوجه النفسي لفعل الخير) نحو زيادة الدافعية للتعلم عند الفئات المستهدفة. 2 – تنوع صيغ التعلم المستمر: لم تصبح المدرسة هي المصدر الرئيسي للمعرفة والتعلم، فالتعلم بكافة أشكاله ومضامينه عملية مستمرة مدى حياة الإنسان: ‌أ. حدوث ثورة في المناهج التعليمية لمواكبة المستجدات المجتمعية ‌ب. إنشاء مراكز قومية للتقنيات التربوية تتضمن شبكات المعلومات التربوية ومعامل اللغات ودوائر تليفزيونية مفتوحة ومغلقة. ‌ج. استخدام استراتيجيات التدريب الفعالة كالتعلم الذاتي / النشط / التعاوني / التعلم عن طريق الأقران / عن طريق حل المشكلات /* المجموعات الصغيرة والكبيرة لتنمية الإبداع لدى المتعلم. ‌د. تطبيق معايير الجودة في العملية التعليمية. ‌ه. تنسيق الجهود بين الجمعيات المعنية بتعليم الكبار عن طريق تبادل المعلومات والخبرات والمهارات وتمكن الأعضاء من التواصل والاتصال لضمان تدفق المعلومات. ‌و. استحداث آليات جديدة للمتابعة وتقييم البرامج والرصد. ‌ز. إنشاء مراكز (بيوت للخبرة) لتقديم المشورة الفنية للجهات والهيئات المعنية بتعليم الكبار ‌ح. إجراء البحوث والدراسات العلمية في مجال محو الأمية وتعليم الكبار وربطها بمجالات التنمية لحل المشكلات مع التركيز على المرأة العربية والمجتمعات الفقيرة والمهمشة. ‌ط. حملة إعلانية وتسويقية مباشرة يشارك فيها كافة رموز المجتمع يتواكب معها برامج غير مباشرة (دراما متلفزة – ملصقات إعلانية – قوافل تستهدف المناطق العشوائية والمحرومة – برامج إذاعية جذابة – مسابقات عبر الهواتف المحمولة -) لزيادة الدافعية. 3- تنويع مصادر تمويل التعليم: تصميم الخطط للمشاركة في كلفة التعليم بين القطاع الحكومي والأهلي بحيث يأخذ تعليم الكبار حقه من الإنفاق العام مع الارتفاع بكافة إدارة الموارد المالية المخصصة للإنفاق عليه مع تتبع أشكال الهدر والقضاء عليها عن طريق: ‌أ. تشجيع المبادرات الشعبية والجهود الذاتية للمشاركة في تمويل تعليم الكبار عن طريق الهيئات والمنح وعمل صندوق لجميع التبرعات ‌ب. إنشاء صندوق عربي لدعم التعليم يساهم فيه كافة الأقطار العربية يتلقى المساعدات الخارجية والدعم من المنظمات والهيئات العالمية ويخضع للمحاسبية ويلتزم بالشفافية. ‌ج. إنشاء صناديق تمويل غير حكومية (محلية / إقليمية) لدعم مجانية التعلم لمجابهة الفقر المدقع، وذلك تيسيرا لإتاحة التعليم للفئات المهمشة والفقيرة وغير القادرة. 4 - إنشاء مراكز إقليمية للتدريب المهني: * تهدف هذه المراكز إلى تعليم الفئات المستهدفة مهن متنوعة تناسب متطلبات سوق العمل. * تبني مهن عديدة منها (صيانة المحمول / الحاسب الآلي / البرمجة / السباكة / النجارة / صيانة الأجهزة الكهربائية / عمل الإكسسوارات وأدوات الزينة...). * التدريب على مهن حديثة تواكب متطلبات السوق لإيجاد فرص عمل مناسبة لحل مشكلة البطالة وإعداد قوى بشرية ماهرة تساهم في عمليات التنمية مع تحقيق التعاون مع وبين المؤسسات المالية والجهات المانحة. * تدريب الفئات المستهدفة على أنشطة متخصصة وإكسابهم مهارات حياتية (مهارات الاتصال / التواصل / التنمية البشرية /.... الخ) * ابتكار موارد جديدة غير تقليدية لمشروعات تعليم الكبار (برامج مدرة للدخل). * إيجاد موارد بديلة مساندة للدعم الحكومي. * حدوث تغيرات تشريعية تكفل تحويل مؤسسات تعليم الكبار إلى وحدات إنتاجية (تحويل فصول محو الأمية وتعليم الكبار وورش التدريب إلى مراكز خدمة مجتمع). 5 - الاهتمام بمرحلة ما بعد محو الأمية: * هذه المرحلة مكون أساس في برامج تعليم الكبار مع ضرورة التركيز على تقديم برامج التوعية والتثقيف المتنوعة مستهدفة تحقيق وضمان دمج تلك الفئات في المجتمع كعناصر فاعلة. * توفير مواد قرائية مناسبة للمتحررين ضماناً لاستمرارية التعليم والتعلم مدى الحياة من خلال إنشاء مكتبات متنقلة (كرفانات) في شتى مجالات الحياة. * إنتاج مواد تعليمية مدمجة باستخدام الوسائط المتعددة (توظيف التكنولوجيا الحديثة في تعليم الكبار). * إدخال نظام التعلم عن بعد التعليم الذاتي / التعلم النشط في مجال تعليم الكبار. * برامج خاصة لصغار السن متضمنة أنشطة ترفيهية ومرتبطة باستخدام الكمبيوتر لجذبهم للتعلم ومساعدتهم للدمج في التعليم. * إنشاء منتدى إقليمي لتعليم الكبار يهدف إلى تعبئة الموارد اللازمة لدعم الجهود الوطنية المساندة لتحقيق هذا التعليم شرط أن يتسم هذا المنتدى بالشفافية والديمقراطية وأن يشكل إطارا للتنفيذ على المستويات المحلية. * ومن ثم علينا جميعاً مجابهة هذه القضية في إطار وطني إقليمي وإعادة النظر في منظومة التعليم بصفة عامة ومحو الأمية وتعليم الكبار بصفة خاصة من خلال العمل على المحاور السابقة في إطار من الدعم السياسي في كل قطر عربي. [email protected]

10469

| 06 مارس 2012

مناهجنا وهويتنا.. مخاطر ومحاذير

يرى كثير من المفكرين التربويين وعلى رأسهم الإمام أبو حامد الغزالي ضرورة الاهتمام بالطفولة لأن المتعلم في هذه السن يكون مستعدًا لقبول العلم بمجرد الإيمان به ولا يطلب عليه برهانًا أو إثباتًا.وعلى ذلك فإن التعليم الناجح في تلك المرحلة هو الذي يعكس ملامح الثقافة في الدولة التي نشأ فيها والذي يعزز التفرد الثقافي من خلال محتواه. كما أنه يساعد المتعلمين على تمثل القيم والمعتقدات والمهارات الاجتماعية والثقافية لمجتمعاتهم ويعمل على تنمية القيم السائدة فيها ورفع مستوى وعي المتعلمين بثقافتها. كما أنه يثري قيم المواطنة والمشاركة الفعالة في مجتمعاتهم.وتأسيسًا على ذلك فإنه يتوجب على واضعي المناهج الدراسية أن يضعوا في حسبانهم هذه المعايير للتعلم الناجح ويضعوا نصب أعينهم أهداف المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية فلا يجب التركيز على نوع واحد من الأهداف وإغفال الأنواع الأخرى.ورغم اعتراف المسؤولين بأهمية تطبيع أطفال المرحلة الابتدائية بثوابتنا الثقافية التي تمكنهم من المشاركة الإيجابية في مجتمعاتهم وتكوين اتجاهات إيجابية نحو هويتهم الثقافية؛ إلا أن هذه الفكرة لا تزال غير مطبقة عمليًا في مناهج هذه المرحلة.فالمناهج الدراسية هي مناط تقدم الأمم ومناط تخلفها والبحث فيها جزء لا يتجزأ عن البحث في أسباب التخلف وأسباب التقدم أيضًا. وإذا كان دور المناهج له فاعلية في الأوقات العادية فإنه يصبح أكثر فاعلية في أوقات التغيير الثقافي.وقد أكدت دراسات تربوية عدة أن للمدرسة دورا مهما في تنمية الوعي بالمخاطر التي تهدد الثقافة العربية بوصفها المسؤولة عن النمو الثقافي واللغوي والتأكيد على معرفة الذاتية الثقافية وتنمية الانتماء والولاء والحفاظ على القيم والعادات لدى الطلاب.كما أكدت دراسات أخرى ضرورة تضمين المناهج التعليمية التراث الثقافي والإنجازات الثقافية وبصورة مقبولة ومفهومة، فالمناهج الدراسية هي الإدارة الأكثر تأثيرًا على البنى الثقافية للأجيال القادمة من أبنائنا، لأن وظيفتها تحولت من مجرد أداة لتلقين المعرفة إلى وسيلة لصناعة البشر.وعلى قدر أهمية المناهج الدراسية تعظم الأخطار التي تواجهها ومن أهم هذه الأخطار خطر العولمة الثقافية حيث تسعى الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية إلى قولبة الثقافات العربية والإسلامية وصبغها بملامح الثقافة الغربية لضمان تبعيتها لها. ولا يخفى على أحد أن الهوية الثقافية العربية تواجه هجمات غربية متتالية للتشكيك فيها ومحاولة طمس معالمها ودفع المسلمين والعرب إلى التنكر لها والسعي نحو إحلال الهوية الثقافية الغربية محل العربية وتهدف أيضًا إلى وضع تحديات تربوية تهدم كيان المجتمع العربي حتى يدور في فلك التبعية.وقد وجهت الدول الغربية أسلحتها صوب المؤسسات التعليمية والعربية والإسلامية تحت ذريعة أن مدارس هذه الدول هي البيئة الخصبة التي ينمو فيها الإرهاب الذي يهدد سلامتها وأمنها فبدأت هذه الدول خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تعقد مؤتمرات وتطرح مبادرات تملي من خلالها المسؤولين في الدول العربية والإسلامية أفكارًا وأطروحات تعكس تدخلاً سافرًا في مناهجنا التعليمية خصوصا فيما يتعلق بمناهج الدراسات الاجتماعية والتربية الدينية وغيرها من المناهج التي تظهر فيها ملامح هويتنا الثقافية وترسخها.وساعد التطور التكنولوجي المتسارع على ذلك فقد أصبحت الثقافات القومية منفتحة على بعضها البعض وازدادت قابليتها للتغيير وأصبحت جميعها تسعى نحو ثقافة القرية الكونية مما قد يؤدي إلى ذوبان الهويات الثقافية لبعض من بلادنا في مقابل طغيان ثقافات الدول الأكثر قوة ويعتمد هذه على مدى قوة الثقافة وقدرتها على مقاومة التغير وإيمان أبنائها بها.وتعد العولمة الاقتصادية من أهم أسباب التغريب الثقافي في المجتمعات الشرقية وتحليل الهوية الثقافية بها، وآثار العولمة والتغريب الثقافي تظهر من خلال ما تمارسه القوى الدولية المهيمنة من ضغوط مباشرة وغير مباشرة على الدول العربية فيما يخص تعليم أبنائها والمناهج المقدمة لهم وأنواع الإنتاج الثقافي.وكان من أهم نتائج العولمة الاقتصادية في بلادنا ظهور فكرة الخصخصة وبروز الدعوة إلى تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وتخليها عن بعض وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وساعد على ذلك انتشار الشركات العالمية عابرة القارات - والتي تعمل بمبادئ النظرية المادية الدارونية التي ترى الحياة ميدانًا للتنافس والصراع يحاول فيها القوى السيطرة على الضعيف والبقاء للأقوى في ذلك الكون.وهذا ما أدى إلى ازدياد الإقبال على المدارس الخاصة والتي تدرس فيها اللغات الأجنبية بكثافة خصوصا اللغة الإنجليزية، ويرجع ذلك إلى اعتقاد أولياء الأمور بأنها تقدم تعليمًا مطورًا لأبنائها وتساعدهم على تعلم اللغات الأجنبية ومن ثم تزيد من فرصة حصولهم على وظائف مرموقة في المستقبل.ومع تحول أهداف مالكي هذه المدارس إلى الاستثمار والربحية أصبحت المناهج فيها تعكس الرغبة في جذب أكبر عدد من الملتحقين ويكون ذلك عن طريق تحسين الخدمة التعليمية عن تلك التي تقدمها المدارس الحكومية، وتقديم مناهج إضافية في اللغة الإنجليزية تهتم بالأهداف المعرفية على حساب هويتنا الثقافية. مما نتج عنه قصور في الاهتمام بالجانب الثقافي بمناهجنا التعليمية وإصابتها بحالة من الاجترار الفكري الثقافي للغرب حتى وصلنا إلى مشارف مرحلة من الإفلاس الفكري والثقافي والمعرفي واكتفينا بكل ما هو مستورد من الغرب وتضمينه في مناهجنا.وقد أثبتت دراسات تربوية أجريت في الغرب أن من آثار تغريب المناهج في الشرق الأوسط إدخال ألفاظ غربية على اللغة العربية الفصحى خصوصا الكلمات التي تتعلق بمجالات التكنولوجيا والأعمال والاقتصاد والسياسة كما أثر ذلك على الحديث بين عامة الناس وخاصتهم من خلال استجلاب كلمات غربية أثناء حديثهم اليومي مع بعضهم البعض.ويعتقد الأفراد الذين ينتمون إلى النخبة الاقتصادية والاجتماعية في أن ذلك درب من دروب الأرستقراطية والتمدن.كما أكدت دراسات أخرى أنه مع ارتفاع المستوى الاجتماعي والاقتصادي يميل الأفراد إلى تقليد أنماط الحياة الغربية الاستهلاكية ويميلون إلى شراء الكماليات بشكل مفرط.ورغم ذلك فلا تزال الطفولة هي التربة الخصبة لكل بذرة نفيسة لم تمسسها كيماويات العصر ولم تتغير جيناتها الوراثية وبإمكاننا أن نجعلها تتشبع بالمبادئ والقيم الأصيلة حتى نستطيع مواجهة هذه الهجمة الشرسة على ثقافتنا العربية بعقل واع وهوية راسخة، ويكون ذلك من خلال مراجعة المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية خصوصًا، والتدقيق فيما تحويه من مكونات أخلاقية وثقافية نظرًا لما تحدثه من تأثير غائر على البنى الأخلاقية والثقافية لأبنائنا[email protected]

561

| 14 فبراير 2012

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2493

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1467

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1149

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

918

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الكلمة.. حين تصبح خطوة إلى الجنة أو دركاً إلى النار

في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...

651

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

594

| 30 نوفمبر 2025

528

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
التوافد الجماهيري.. والمحافظة على السلوكيات

كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...

501

| 30 نوفمبر 2025

495

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

492

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

474

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
المقاومة برصاص القلم

ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...

471

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية