رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سأل التلميذ الفتى أستاذه الشيخ: من هو الدكتور يحيى المشد؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: الدكتور يحيى أمين المشد من مواليد عام 1932. قضى حياته في الإسكندرية، وتخرج في كلية الهندسة قسم كهرباء، جامعة الإسكندرية عام 1952، بُعث إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة هندسة المفاعلات النووية عام 1956، ثم أسند إليه القيام ببعض الأبحاث في قسم المفاعلات النووية بهيئة الطاقة النووية في مصر، وسافر إلى النرويج عامي 1963 و1964 لعمل بعض الدراسات، ثم انضم بعد ذلك للعمل كأستاذ مساعد. ثم كأستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية. وأشرف الدكتور المشد في فترة تدريسه بالكلية على أكثر من 30 رسالة دكتوراه، ونُشر باسمه خمسون بحثاً علميًّا، تركز معظمها على تصميم المفاعلات النووية ومجال التحكم في المعاملات النووية، وفي مطلع العام1975 كان صدام حسين نائب الرئيس العراقي وقتها يملك طموحات كبيرة لامتلاك أسباب القوة؛ فوقّع في 18 نوفمبر عام 1975 اتفاقاً مع فرنسا للتعاون النووي. من هنا جاء عقد العمل للدكتور يحيى المشد العالم المصري. والذي يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية وقتها، ووافق المشد على العرض العراقي لتوافر الإمكانيات والأجهزة العلمية والإنفاق السخي على مشروعات البرنامج النووي العراقي، وفي الثالث عشر من يونيو عام 1980 وفي حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس وقُيدتْ القضية ضد مجهول!! قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هي الدكتورة سميرة موسى؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: هي عالمة مصرية في أبحاث الذرة وتلميذة للدكتور علي مصطفى مشرفة سافرت لأمريكا أواخر الخمسينيات وكانت تنوي العودة لمصر لكي تستفيد بلدها من أبحاثها حيث إنها كانت تستطيع إنتاج القنبلة الذرية بتكاليف رخيصة، وقد تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت بقولها: " ينتظرني وطن غالٍ يسمى مصر ". وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس 1962. وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق. قفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد. وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسماً مستعاراً. وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها. وقيدت القضية ضد مجهول كالعادة.!! قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هو الدكتور سمير نجيب؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: العالم سمير نجيب عالم الذرة المصري من طليعة الجيل الشاب من علماء الذرة العرب، فقد تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة في سن مبكرة، وتابع أبحاثه العلمية في الذرة. ولكفاءته العلمية المميزة تم ترشيحه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة، وعمل تحت إشراف أساتذة الطبيعة النووية والفيزياء وسنه لم تتجاوز الثالثة والثلاثين. وأظهر نبوغاً مميزاً وعبقرية كبيرة خلال بحثه، فعرضت عليه إغراءات كثيرة بالبقاء في أمريكا ولكنه قرر العودة إلى مصر، وفي مدينة ديترويت كان الدكتور سمير يقود سيارته والآمال الكبيرة تدور في عقله ورأسه، يحلم بالعودة إلى وطنه لتقديم جهده وأبحاثه ودراساته على المسؤولين، ثم يرى عائلته بعد غياب طويل. وفي الطريق العام فوجئ الدكتور سمير نجيب بسيارة نقل ضخمة، ظن في البداية أنها تسير في الطريق شأن باقي السيارات. حاول قطع الشك باليقين فانحرف إلى جانبي الطريق لكنه وجد أن السيارة تتعقبه. وفي لحظة مأساوية أسرعت سيارة النقل ثم زادت من سرعتها واصطدمت بسيارة الدكتور الذي تحطمت سيارته ولقي مصرعه على الفور. وانطلقت سيارة النقل بسائقها واختفت، وقُيّد الحادث ضد مجهول! قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هو الدكتور نبيل القليني؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: قصة هذا العالم غاية في الغرابة، فقد اختفى منذ عام 1975 وحتى الآن!! وكان هذا العالم قد أوفدته كلية العلوم في جامعة القاهرة إلى تشيكوسلوفاكيا للقيام بعمل المزيد من الأبحاث والدراسات في الذرة. وقد كشفت الأبحاث العلمية الذرية التي قام بها عن عبقرية علمية كبيرة تحدثت عنها جميع الصحف التشيكية. ثم حصل على الدكتوراه في الذرة من جامعة براغ. وفي صباح يوم الإثنين الموافق 27/1/ 1975 دق جرس الهاتف في الشقة التي كان يقيم فيها الدكتور القليني. وبعد المكالمة خرج الدكتور ولم يعد حتى الآن! قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هو الدكتور نبيل أحمد فليفل؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: الدكتور نبيل أحمد فليفل عالم ذرة عربي شاب، استطاع دراسة الطبيعة النووية. وأصبح عالماً في الذرة وهو في الثلاثين من عمره، ورغم أنه كان من مخيم "الأمعري" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد رفض كل العروض التي انهالت عليه - وفي الخفاء وعن طريق الوسطاء– للعمل في الخارج. وكان يشعر أنه سيخدم وطنه بأبحاثه ودراساته العلمية. وفجأة اختفى الدكتور نبيل. ثم في يوم السبت الموافق 28/4/1984 عثر على جثته في منطقة "بيت عور".. ولم يتم التحقيق في شيء. قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هو الدكتور العلامة علي مصطفى مشرفة؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: هو أحد أهم علماء مصر المعاصرين، تولى عمادة كلية العلوم جامعة القاهرة أواخر الأربعينيات، وكان تتلمذ على ألبرت أينشتاين وكان أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية وأُطلق عليه "أينشتاين العرب " وقد عثر – فيما يروى - على د. مصطفى مشرفة مقتولا في 16 يناير عام 1950 بطريقة بدائية للغاية.. بالسم. قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هو الدكتور جمال حمدان؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: هو أهم جغرافي مصري، وصاحب كتاب "شخصية مصر ". عمل مدرسا في قسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة القاهرة، وأصدر عدة كتب إبان عمله الجامعي. تنبأ بسقوط الكتلة الشرقية قبل 20 عاما من سقوطها، وألف كتاب " اليهود أنثروبولوجيا" يثبت فيه أن اليهود الحاليين ليسوا أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين. وفي سنة 1993 عثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقا. واعتقد الجميع أن د. حمدان مات متأثراً بالحروق. ولكن د. يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز. كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته. لأنها لم تصل لدرجة إحداث الوفاة، واكتشف المقربون من د. حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها. وعلى رأسها كتابه "اليهودية والصهيونية"..مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق د. حمدان. مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل. وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة ولا أين اختفت مسودات الكتب التي كانت تتحدث عن اليهود. قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: فمن هي الدكتورة سلوى حبيب؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: د. سلوى حبيب كانت أستاذة بمعهد الدراسات الإفريقية – جامعة القاهرة، وكان عنوان كتاب الدكتورة سلوى حبيب الأخير " التغلغل الصهيوني في إفريقيا ".. والذي كان قيد النشر. مبرراً كافياً للتخلص منها.. فقد عُثر عليها مذبوحة في شقتها. وفشلت جهود رجال المباحث في الوصول لحقيقة مرتكبي الحادث ليظل لغز وفاتها محيراً. وبخاصة أنها بعيدة عن أي خصومات شخصية وأيضاً لم يكن قتلها بهدف السرقة. ولكن إذا رجعنا لأرشيفها العلمي سنجد ما لا يقل عن ثلاثين دراسة لها عن التدخل الصهيوني في دول إفريقيا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبشهادة الجميع كانت هذه النقطة من الدراسة ملعبها الذي لا يباريها أحد فيه. قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: كفاك اليوم أسئلة فإني أراك اليوم ثقيل الظل؟ قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ: ولِمَ تراني ثقيلَ الظل اليوم يا شيخنا؟ قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: لأنك سألت عن هؤلاء، ولم تسألني عن الجَمَلُوش والهلالوش والمصيلحوش والدرووش والزقزوش. أفليس الحي أبقى من الميت؟ يا نافورة الجهل؟ قال الراوي: " وما إن نطق الشيخ بأسماء هؤلاء الجن حتى طارت عمامته في الهواء وتحول التلميذ الفتى إلى حية تسعى بين يدي الشيخ وتفوح منها رائحة كامب ديفيد!
1849
| 12 أبريل 2013
وسط هذا الركام من الانتكاسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ووسط هذه المشاعر العامة بالإحباط والخمول والتردي في مهاوي التشاؤم، تلمع بين الحين والحين أشعة من نور هادٍ مبهج مشبع بالأمل، وغالبا ما تكون تلك الأنوار منبعثة من مجلس الدولة: معقل قضائنا الإداري العتيد ذي التاريخ المجيد، وقد كنت من زمن طويل أشعر بالفخر والاعتزاز لأنني أنتمي إلى طهطا التي قدمت للعالم العربي كله رفاعة الطهطاوي رائد التنوير، فإنني اليوم أزداد فخرا واعتزازا بهذه المدينة التي قدمت لمصر وللعالم العربي كله مؤسس مجلس الدولة الفقيه القانوني العلامة الدكتور محمد كامل مرسي رحمه الله. أقول هذا بمناسبة تلك الأحكام المتفردة التي صدرت مؤخرا عن محاكم القضاء الإداري بخصوص قضايا تمس حرية التعبير لمصلحة فرع قناة الجزيرة بالقاهرة، ولمصلحة رئيس تحرير جريدة الجمهورية جمال عبدالرحيم الذي تم استبعاده من موقعه بقرار من مجلس الشورى وغيرهما من الأحكام المتعلقة بحرية التعبير والتي ورد بها تأصيل علمي موثق لأسس مبدأ حرية تدفق المعلومات وحق الناس في المعرفة. كما في نص الحكم الخاص بقناة الجزيرة حين تقول المحكمة: [.... وحيث إن حرية التعبير تقتضي ألا يكون غلق القنوات الفضائية أو وقف بثها، إلا ملجأ أخيراً عندما تتوفر ظروفه وأسبابه، فهو أمر يتصادم ـ بحسب طبيعته ـ مع قيد التعددية الإعلامية المتعلق بمراعاة حق المشاهد والمستمع في استقبال رسالة اتصالية تعددية من خلال برامج متنوعة وإفساح المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية المختلفة للتعبير عن نفسها للتفاعل في إطار مشترك، فلا يكون جزاء إلغاء الترخيص وغلق وسائل التعبير سبيلاً لمواجهة الاختلاف في الرأي، وإنما تكون حماية حرية التعبير وحرية الاتصال وحرية تدفق المعلومات هي الأولى بالحماية حتى لا يفقد المستمع والمشاهد حقوقه في تلقي البرامج المنوعة الجادة والمسؤولة، وإلا كان في القول بغير ذلك تمكيناً للمنحرف والمخطئ من أن يوقع بفعله ما من شأنه الإضرار بالحرية المسؤولة، وغلق نوافذ النور والحرية التي هي حق خالص للمشاهد والمستمع في انتقال الأفكار والمعلومات إليه داخل نسق معين يختلف من حيث الحجم والمحتوى...]. وقد استندت المحكمة في أحكامها الخاصة بقضايا الرأي إلى ما استقرت عليه أدبيات الإعلام خاصا بنظريات الإعلام الأربع الشهيرة وأهمها نظرية المسؤولية الاجتماعية [ وهو ما توسعت في شرحه في كتابي: الإعلام التربوي في مصر، هيئة الكتاب 1989] فقد تبنت المحكمة التوجه القاضي بأن حرية الاتصال السمعي والبصري لا يحكمها (نظرية السلطة) وهي الصحافة والإعلام الداعم للسلطة وأقوال وأفعال الحاكم أياً ما كانت، ولا يحكمها كذلك (نظرية الحرية) القائمة على إطلاق حق الفرد في المعرفة بحسبانه حقاً طبيعياً لا يخضع لرقابة أو قيد من أي نوع، ومن ثم حق الفرد في إنشاء الصحف والقنوات الفضائية دون ترخيص أو تصريح، وإنما يحكمها (نظرية المسؤولية الاجتماعية) وهي النظرية التي قامت لتواجه نظرية الحرية المطلقة بما قدمته من مواد الجريمة والجنس والعنف واقتحام خصوصيات الأفراد والتشهير بهم ونشر الشائعات والأكاذيب، ولتنبذ إعلام الابتذال والابتزاز والمبالغة، ومن ثم ارتكزت نظرية المسؤولية الاجتماعية على أن (للإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي وظيفة اجتماعية، وأنه يتعين إقامة التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية)، فالحرية وفقاً لهذه النظرية (حق) و(واجب) و(مسؤولية) في وقت واحد، والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة، وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير، وعدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية الحاكمة للعمل الإعلامي. وميثاق الشرف الإعلامي ووثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الإذاعي والتليفزيوني المعتمدة من وزراء الإعلام العرب في 20/ 6/ 2007 ـ إنما تحكمه مجموعة من المبادئ أخصها: أولاً: الحق في التعبير عبر البث السمعي والبصري وفقاً لحكم المادة (19) من ميثاق حقوق الإنسان. ثانياً: (الحق في التعددية ودعم المنافسة وعدم الاحتكار). ثالثاً: (الحق في الشفافية). رابعاً: (مبدأ استقلال مشروعات البث السمعي والبصري في مواجهة الخارج). ومع ذلك لم تغفل المحكمة القيود الأخلاقية التي تحكم حرية التعبير وأولها ـ قيد مراعاة اعتبارات المصلحة العامة، وثانيها ـ قيد التعددية الإعلامية بمراعاة حق المشاهد والمستمع في استقبال رسالة اتصالية تعددية من خلال برامج متنوعة وإفساح المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية المختلفة للتعبير عن نفسها للتفاعل في إطار مشترك. وثالثها ـ قيد الحق في الرد، فإذا كان للإعلامي حرية العرض والتعليق على الأحداث أو إثارة الموضوعات الهادفة ومناقشتها، فإن للمستمع وللمشاهد الحق في الرد وإيضاح حقيقة ما تم بثه وإذاعته متعلقاً به ورابعها ـ قيد الحق في الخصوصية، بمعنى أنه لا يجوز أن يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أقواله أو أفعاله، ولكل شخص وفقاً لما قررته المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل، وخامسها ـ قيد التزام الموضوعية والدقة، بمعنى أنه يجب على مراكز ومحطات وقنوات البث السمعي والبصري تجنب اتخاذ موقف أو رأي في مسألة محل خلاف، وعدم توجيه النقاش لبلوغ نتيجة بذاتها يسعى الإعلامي لترويجها بغير حق، والبعد عن استخدام وسائل المونتاج للمشاهد المصورة. وسادسها ـ قيد عدم الخلط بين الإعلام والدعاية، فالإعلام سرد للوقائع والحقائق دونما تبديل أو تحريف أو ترتيب يحمل التوجيه بوجهة نظر مغرضة، وهو يكون بالنشر أو بالإذاعة أو التليفزيون أي باستعمال الكتابة أو القول أو الرؤية، ومن ثم فهو توضيح وتفسير للوقائع بالحقائق والأرقام، بينما الدعاية فهي العمل بكل الأساليب والوسائل لتأييد فكرة أو عقيدة معينة، فالغاية هنا تبرر الوسيلة لدى رجل الدعاية في كثير من الأحيان. فالتحية والتقدير واجبان لقضائنا الإداري العظيم معقل الحريات وحامي حماها، ومن حقنا أن نفاخر به وأن نتمسك بالأمل في مستقبل أفضل تحت حمايته.
407
| 16 نوفمبر 2012
(1) غموض وجمود الأنظمة واللوائح: حيث تلعب الأنظمة واللوائح دوراً هاماً في تنظيم وضبط العلاقات بين أفراد الجهاز الإداري لتمكينه من ممارسة نشاطه وتحقيق أهدافه، والأنظمة التعليمية بكل جوانبها تعتمد على أسس دستورية وتشريعية وقانونية، فقد أصدرت الدساتير وسنت القوانين وشرعت من اللوائح والأنظمة ما يكفل للمؤسسات التعليمية قيامها بمسؤولياتها خير قيام، إلا أنه ينبغي ألا ننسى أن القوانين ليست قوة خارجية ولا يمكن أن نفصلها عن التأثر بالواقع الفردي والاجتماعي، ويمكننا أن نغيرها وأن طورها أو ننشئها من جديد حسب الأحوال والظروف، وهي ليست غاية بل وسيلة للضبط الاجتماعي وتنظيم أمور المجتمع. ومن أهم المشكلات والمعوقات النابعة من الأنظمة واللوائح التي تواجه القيادات الإدارية التربوية هي وقوف بعض التشريعات حائلا دون تطوير الإدارة التربوية بسبب جمود وتعقد الأنظمة واللوائح وعدم مرونتها مما يشكل عقبة رئيسية تحد من سلطة المدير وتعيق استخدامه الفعال لسلطته في مواجهة المواقف الصعبة التي تعترضه واتخاذ القرارات المناسبة لحلها، فضلا عن كثرة التعديلات والتفسيرات والإفراط في تعديل وتفسير النصوص والأنظمة بما يؤدي إلى الاجتهاد في إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجهه وعدم الدقة والمرونة والوضوح عند صياغة الأنظمة واللوائح ودون مراعاة الأنظمة واللوائح للواقع البيئي الذي وضعت لخدمته. (2) القواعد والقوانين الإدارية التي تكفل حسن سير العمل بنظام لا يتم فهمها بطريقة صحيحة، ولا توجد تفسيرات موحدة لتنفيذها. (3) ضعف معرفة كل فرد في الإدارة التعليمية ما يقوله القانون عن دوره وفهمه لهذا الدور جيدا والعمل به. (4) هناك ضعف وقصور في إعلام العاملين بالجهاز التعليمي بالأهداف والسياسة التعليمية المراد تحقيقها والبرامج والخطط والمسؤوليات والسلطات على كافة المستويات، وكذلك قصور في إعلام المعلمين بتعليمات الوزارة أو إعلام القياد العليا بالمشكلات التي تظهر في تنفيذ الخط التعليمية أو التجاوزات التي لم تكن في الحسبان. (5) ضعف وجود إعلام قوي أو صحافة متخصصة تهتم بالتجديد في التربية ونشر البحوث التربوية وأخبار ونشاطات وفعاليات التربية. (6) عدم الاستفادة من التقدم العلمي التكنولوجي في مجال الإدارة التعليمية: ويقصد بالتكنولوجيا الإدارية في التعليم التركيز على الأساليب والوسائل الحديثة التي تستخدم في مواجهة المشكلات الإدارية بجانب النظريات والبحوث الأساسية التي تستهدف التوصل للمبادئ والمفاهيم العامة، ويعد عدم الاستفادة من الأساليب والوسائل الحديثة في الإدارة التعليمية من المشكلات الكبرى في الإدارة التعليمية بسبب ضعف إمكانية قيام الإدارة التعليمية بإنشاء بنيتها الأساسية ومقدرتها الإدارية بما يكفل لها التطبيق الأمثل للعلم والتكنولوجيا الذي يتفق وأسلوب التنمية المناسبة. (7) تقليدية طرائق العمل المعتمدة وعدم مواكبتها للتطور العلمي والتكنولوجي العالمي على صعيد جمع ومعالجة المعلومات وتصريف المعاملات الإدارية. (8) مشكلات نابعة من وضع القيادات الإدارية: حيث لا توجد معايير صحيحة لاختيار القادة التربويين في الإدارة التعليمية، وأيضا عدم توافر الأكفاء للكوادر القيادية حيث تعاني الأجهزة الإدارية من مشكلة ترك القيادات الإدارية الناجحة والكوادر الفنية المتميزة للعمل في الإدارات التعليمية بحثا عن مغريات خارجية. (9) غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة فيما يتصل بتنفيذ الفلسفة التربوية للدولة وهذا يؤدى بدوره للخلل الناتج عن ضعف التنسيق بين المؤسسة التربوية والمؤسسات الأخرى، وتشتت أقسام ووحدات المنظمة الإدارية في أكثر من موقع على النطاقين المحلي والإقليمي. (10) النقص الشديد في القيادات الإدارية المؤهلة كما ونوعا أو تردد بعض الإداريين في ممارسة السلطة الممنوحة لهم تخوفا من تحمل المسؤولية. (11) عدم سلامة طرق وأساليب اختيار القيادات حيث يتم اللجوء إلى ملء المناصب القيادية بذوي الخبرة فقط أو من المقربين من القيادات العليا، لذا فإن معايير اختيار القيادات تتحكم فيها عوامل نابعة من طبيعة أنماط السلوك الاجتماعي السائد مثل المحسوبية السياسية والاجتماعية، أو طبيعة النظم العائلية والتركيب الوظيفي. (12) تأثر الإدارة التربوية بالمركزية الشديدة مما يعيق سير العملية التربوية ويجعل هذه البنية مثقلة في رأسها وضعيفة في أطرافها ويضاعف مسؤوليات الدوائر التربوية. (13) تشتت وتضارب الصلاحيات بين القيادات، مما ينعكس سلبا على العاملين بالإدارة التعليمية، أو السيطرة المفروضة من قبل شخص معين على الإدارة التعليمية. (14) قلة الاتصالات بين الوحدات والأقسام وبينها وبين الإدارة المركزية دون تفويض بعض الاختصاصات لرؤساء الأقسام والوحدات التابعة لمنظمتها. (15) كثرة النشرات التي تصدر من الإدارات التعليمية دون متابعة تنفيذها الأمر الذي يؤدي إلى الارتباط والعشوائية. (16) عدم قبول التغيير سواء في السياسات أو الخطط أو البرامج والأنشطة مما يبعث بالجمود وعدم التطوير. (17) انعدام الحافز المادي أمام المجددين والمبتكرين التربويين وإحساس عام بين العاملين في حقل التعليم بأن الإدارة التعليمية لا تشجع التجديد والابتكار والتطوير. (18) عملية اتخاذ القرارات التي تجرى في الأوساط التعليمية من ناحية تبني الأساليب المستحدثة والابتكارات ليست قرارات إيجابية لصالح البيئة المحلية غالبا بمعنى أن المؤسسة التعليمية لا تستطيع أن تقرر بنفسها ولنفسها تبني أسلوب تربوي أو تنظيم تربوي إلا في حدود ضيقة جدا. (19) تدني الروح المعنوية عند كثير من العاملين بسبب قلة الحوافز المادية والمعنوية، أو المساواة في الحوافز المادية بين من يعمل ويجتهد ومن يضعف عمله. (20) الافتقار للبحوث والدراسات العلمية الموجهة نحو حاجات المجتمع ومتطلبات التنمية الشاملة فيه واقتصار البحوث على الجوانب النظرية دون النفاذ إلى عمق العملية التربوية والجوانب التطبيقية لها. (21) العجز في التمويل يمثل عقبة كبرى دون تطوير أنظمة التعليم وتحسينها، وتعد الميزانية أداة للرقابة لأنها تحدد الأنشطة التي تدور في نطاقها، فالميزانيات الخاصة بالإدارة التعليمية جامدة وغير مرنة، وهي ميزانية أبواب وبنود وليست ميزانية أداء. (22) سيطرة سلطة العرف والتقاليد وكذلك سلطة الميول والنزعات الشخصية على تشكيل العلاقات الاجتماعية داخل الأجهزة الإدارية في مصر وبخاصة الإدارة التعليمية، كما أنها تلعب دورا في تكوين القرار الذي يصدره الفرد. (23) عدم التخطيط الجيد وعدم الرقابة وعدم التنسيق والتنظيم الجيد، وضعف وضوح الهدف والاعتماد على العشوائية والتخبط والصدفة في تحقيق الغايات. (24) البيروقراطية الإدارية، بمعنى هيمنة الروتين على طبيعة وإيقاع العمل ضمن مختلف مستويات الإدارة التربوية. (25) ضعف وجود آلية سليمة وتعتمد على معايير جيدة للإعداد والتدريب على المهارات القيادية والفنية المتنوعة وغياب الحوافز المادية والمعنوية لتشجيع هذا التوجه على صعيد الإدارة التربوية عامة، والمدرسية خاصة. (26) ارتباط التعيينات الإدارية والمسارات المهنية لبعض الإداريين بمصالح خاصة مما يعرقل أحيانا تطبيق القوانين العادلة واحترام معيار الكفاءة. (27) عدم وجود أسلوب إداري يتم من خلاله ممارسة الإدارة بشكل منظم وقلة الرقابة والمتابعة لسير العمل مع عدم وجود خطة منظمة لسير العمل. (28) عدم توزيع الأدوار على العاملين في الإدارة التعليمية بما يحقق أو يكفل المساواة وتساوي الفرص والعدالة. (29) انتشار الفساد والمحسوبية والرشوة من قبل بعض الأفراد في الإدارة التعليمية. (30) عدم التدريب والخبرة والدراسة والكفاءة الكافية للإداريين بالإدارات التعليمية، وعدم حضور دورات وندوات أو مؤتمرات التطبيق العملي للإدارة. (31) سوء توزيع الموارد المالية وعدم المساواة في الإنفاق، ونقص الموارد المالية. الحـلول: 1- مراعاة الدقة والمرونة والوضوح عند صياغة الأنظمة واللوائح ومراعاة أن تكون هذه الأنظمة واللوائح انعكاسا للواقع البيئي الذي وضعت لخدمته، ومن المهم أن يعرف كل فرد في الإدارة التعليمية ما يقوله القانون عن دوره وأن يعيه ويفهمه جيدا وأن يعمل به. 2- وضع التشريعات والقوانين والنظم التي تحرر الإدارة القائمة من المعوقات التي تحول دون انطلاقها وإيجاد الصيغ الملائمة للتنظيم الإداري الجديد وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات بما يكفل اطلاع كل وحدة بعملها على الوجه الأكمل. 3- العمل على أن تكون الإدارة التعليمية أداة لتحقيق أهداف مجتمعها وتطلعاته ويتم هذا من خلال: * إعادة النظر في السياسات العامة للتعليم وتنظيمات الإدارة التعليمية بما يناسب متطلبات العصر، ومستقبل مجتمعنا الجديد، ومبادئ التحولات الثورية الجديدة. * تبني أهداف تربوية واضحة ورؤى مستقبلية جديدة ووسائل وتقنيات تتناسب مع الأهداف التنموية المجتمعية. * وضع التشريعات والتنظيمات التي تحررها من المعوقات التي تحول دون التنمية الإدارية. * وضع الخطط الإعلامية المتكاملة لتوعية العاملين داخل التربية وخارجها بخططها التنموية لخلق الجو الملائم لتقبلها والمساهمة في تحقيقها بحماس. 4- اعتماد منهج التخطيط العلمي في الإدارة التعليمية من خلال: * التخطيط العلمي السليم لإحداث تطورات نوعية في العملية التربوية والمؤسسات التربوية العاملين فيها. * الفهم الواعي لحاجات المجتمع واتخاذ القرارات التي تستند إلى تقديرات دقيقة للنتائج المحتملة وإلى معرفة سليمة للإمكانات المادية والبشرية المتوافرة. 5- وجود صحافة تربوية متخصصة تهتم بالجديد في التربية في العالم وتنشر البحوث التربوية وتغطي أخبار ونشاطات وفعاليات التربية بشكل كامل لاسيَّما الورش والندوات التي تقيمها الوزارة بحيث يستفيد منها عدد كبير جدا من المهتمين والمدرسين وتنشر أصول التدريس، والتربية المقارنة وفلسفة التربية والإدارة التربوية وكل البحوث التربوية حول النتائج والضرب والعنف والاختبارات والتحصيل.. إلخ ويتم ذلك من خلال إنشاء نظام إعلامي يعمل على إحصاء أنظمة المعلومات التربوية بمختلف مستعمليها، والإعلام بخطط التنمية الإدارية وتوعية العاملين في التعليم والذين يعدّون لمهنتهم بأبعادها والنتائج المتوخاة فيها. 6- استخدام الحاسبات الآلية لتوفير الوقت والجهد والمال ومعالجة البيانات والمعلومات بدقة وسرعة والاحتفاظ بها وتخزينها بطرق سريعة مما يحافظ على دقة القرارات والتوصل لبدائل الحلول في المشكلات المختلفة. 7- القيام بجمع المعلومات والمعطيات والإحصاءات والنظريات التي تخدم تطور العملية التربوية وإنشاء جهاز لتنسيق الأنشطة المختلفة للمعلومات على المستوى المحلي والإقليمي. 8- أن تحاول الإدارة التعليمية استثمار الوقت من خلال: * الحرص على توزيع السلطات وتنظيم المسؤوليات والالتزام بذلك. * تدريب العاملين على توظيف الوقت لإنجاز المهام الأساسية المتصلة بدور كل منهم. 9- يجب أن تكون الإدارة التعليمية أداة تطوير وتغيير ويتم ذلك عن طريق: * وضع الاستراتيجيات المناسبة لإحداث التغيير والتطوير في الاتجاهات المرغوب فيها. * أن تكون الإدارة التعليمية ذات نظرة شمولية عن طريق الإلمام الشامل بالكفاءات والمهارات الإدارية والتنظيمية والفكرية اللازمة لعمليات التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والتنفيذ والرقابة والتقويم والتطوير وإضافة إلى إلمامها بالمهارات الإنسانية والاجتماعية. 10- أن تتبنى الإدارة مبدأ الأصالة والمعاصرة من خلال التوفيق بين الأصالة والتجديد في أهدافها وأساليبها. 11- أن تكون الإدارة التعليمية علمية المنهج من خلال اعتماد المنهج العلمي في تشخيص الواقع التربوي. 12- أن تتحلى الإدارة التعليمية بمبدأ الإنسانية من خلال مراعاة الجوانب الإنسانية لدى العاملين فيها بهدف مساعدتهم على التوفيق بين أهدافهم الشخصية وأهداف الجماعة. 13- أن تكون الإدارة التعليمية رشيدة من خلال الإدراك العميق للبيئة التي تعمل في إطارها وتحليلها بسعة الأفق والمعرفة والخبرة. 14- أن تعمل الإدارة على تأهل وتدريب جميع العاملين فيها. 15- أن تكون الإدارة التعليمية عملية تعاونية وتستعين الإدارة في عملها وقراراتها بالمعلومات الدقيقة وتسترشد بنتائج البحوث التربوية في رسم وتوضيح صورة المستقبل. 16- أن تستخدم الإدارة التعليمية التقنيات الإدارية الجديدة والتقنيات الآلية. 17- تولي جهاز التخطيط والبحوث في الوزارة دراسة تطوير العمل في الإدارة التعليمية مستندا لأسلوب البحث العلمي وتقديم تحليل مفصل للموضوعات التي يعتمد عليها المسؤولون في الوزارة لاختيار السياسة الملائمة أو نوع التغيير المطلوب في الإدارة التربوية. 18- ينبغي التعرف على التجارب العالمية وبخاصة في الدول المتقدمة لتطوير عمليات الإدارة التعليمية في ضوئها. 19- تفويض بعض الاختصاصات من قبل الإدارة العليا لرؤساء الأقسام والوحدات التابعة لمنظمتها.
33865
| 30 أكتوبر 2012
نخع: النُّخاع: عِرْقٌ يمتد من أسفل العنق فيتخلل فقرات الظَّهْر حتى يبلغ عَجَبَ الذَّنَب، ونَخَع الشاةَ: ذَبَحها. والمنخع: موضع قطع النخاع، والمنخاع: هو الرجل الذي تكثر على لسانه كلمة (الإنجازات). والنخَّاع: مثله، والنخُّاعة – على وزن النخامة-: مقالة رئيس تحرير الصحيفة القومية، جمعها: نُخاعات. قال الشيخ شهلوب: إن لجهنم باباً عريضاً يُسمّى: الناخوعاء، لا يدخل منه إلا الوزراء الذين (ينخعون) التصريحات الوردية، ومقدمو البرامج النخَّاعون. ورؤساء صحف الحكومات الأفاقون. قال سيبويه: ويقال للرجل إذا انضم إلى اللجنة إياها: انتخع الرجل، أي طلب التّدرُّب على النخع. وقد اخترع الدكتور محمد غنيم دواءً ناجحاً للنخع على أيام سيف الدولة الحمداني، وجرَّبه على الشاعر المتنبي فإذا به يقول بعد تناوله: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم! فقامت الهيئة الحمدانية للرقابة على الدواء بسحبه من السوق!! نَخَخَ: النُّخَّة- بضم النون وفتحها- اسم جامع لكل أنواع الحمير، وقيل: بل هو للبقر الحوامل وحدها. واختار ابن الأعرابي القول الأول، والإناخة: هي إبراك البعير- يقال نخّ البعير إذا بَرَك. ونخّ الوزير: إذا لحس تهديداته، واعتذر عن عنترياته. ونخنخ رئيس التحرير القومي: إذا عدّد الإنجازات الوهمية، ومثلها: مخمخ. قال الكسائي: كان العرب يقولون: كل من تنخنخ تمخمخ، يعنون به كتّاب السلطة حين يكيلون المديح نهاراً، ويكيلون مكافآتهم ليلاً. قال ابن أبي الصلت: عرفت الحزب مهجوراً سنينا فإما تسألي عني الغوازي بإنجازاتهم أشدو، وأشدو أنخنخهم إذا هم مخمخوني إلى أن جئتُ أمنحه الجفونا وعن قلمي، أخبِّرْكِ اليقينا وأجعل كِدْبَهم عِنَباً وتينا وإلا، شُفْتُ قوماً آخرينا نَخَرَ: النخير: صوت يخرج من الأنف في اليقظة، فإذا خرج أثناء النوم سُمِّي شخيراً. والمنخر: ثقب الأنف، ويقال له في لسان العامة: المنخار على وزن مفعال مثل المنشار والمسمار. والشموخ بالمنخار معروف في لغة العرب كما في المثل القديم: "ركب عمرو الناقة وشمخ": أي تفاخر ورفع منخاره. وقصته أن بغلة ضاعت من قبيلة التامريين أبناء تامر بن حسني الخثعمي، فطلبوها، حتى عثروا عليها بأرض الزغاية فدقوا طبول الحرب، فلما تواجه الفارسان: تامر بن حسني متسلحاً بهاتفه المحمول، وعمرو بن دياب بن غانم الزغبي متسلحاً بسيف ورمح، طلب عمرو بن دياب من تامر المبارزة بالسيف أو بالرمح كيفما شاء، فنكص تامر على عقبيه، وقال إنه إنما جاء للتبارز بنغمات المحمول!!، وفرّ هارباً، فتراقص عمرو بناقته في الميدان، فقال الشبرقان بن مرداس " ركب عمرو الناقة وشمخ" يشير إلى انتصاره، ولكن الصحف القومية الخثعمية حرّفت المثل وجعلته " ركب الناقة وشرخ: أي ولَّى هارباً، وفي هذا يقول زهير بن أبي سلمى: فأقسمت بالبيت الذي في وشُنْطُنٍ يميناً لنعم الفارسان وُجِدْتُما أتشمخُ بالمنخارِ يا عمرو هادئاً؟ وقَطار الصعيدِ الهالكِ المتفحِّم بفكرٍ جديدٍ في الحروب مُسَمَسم فأين مناخير ابن فوزي المطمطم؟ وابن فوزي هذا صحفي كان مذيعاً يُضرب بغتاتته المثل في قناة بني عبس يظهر منخاره بعرض الشاشة، ثم يظهر جسده في الحلقة القادمة!! وهو يكبس على أنفاس ضحاياه.!!
977
| 28 أكتوبر 2012
المتأمل في وضعية فرع ( القراءة) بوصفها إحدى مهارات اللغة الأربع [ القراءة – الكتابة – الاستماع – التحدث] في مدارسنا العربية يلمس بوضوح ، إهمالا جسيما ، وتقصيرا شديدا في إيلاء هذه المهارة ما يليق بها من رعاية واهتمام . وقد يكون السبب في ذلك قصورا حقيقيا في إعداد معلمي اللغة العربية من ناحية ، وتقصيرا من جانب الأسرة أيضا ، فضلا عما حاق بأجيال شبابنا من حالة ( بَكَم) حقيقي بسبب إدمان الجلوس إلى الحاسوب وممارسة الحوارات كتابيا . مما أضعف قدرتهم على النطق والارتجال والتعبير الواضح عما يريدون . ولا شك في إدراك جميع أطراف العملية التربوية المؤكد لكون القراءة هي الأساس الذي يقوم عليه بناء شخصية التلميذ، ومن خلالها يتمكن من تحصيل مختلف المواد الدراسية طوال سنوات دراسته ، والتمكن من مهاراتها يؤدي إلى التقدم السريع في أنواع المعرفة المختلفة، كما أنها وسيلة للإبداع والابتكار . فالقراءة مطلب أساسي من متطلبات العصر الحالي لاكتساب خبرات جديدة ومعرفة حديثة متجددة ، بل إنها الوسيلة لتطوير قدرات القارئ الفعلية ولأنماط تفكيره ، فهي عملية يتم من خلالها إعادة بناء النص بصورة فكرية من خلال التواصل الفكري والوجداني والثقافي بين القارئ وكاتب النص، فهي عملية تفكيرية هدفها الخلق والإبداع. ويرى التربويون أن ليس هناك ما يعلو القراءة شأنًا في رقي الأمم وحضارتها ، وما من عالم كبير أو مخترع عظيم إلا كانت وسيلته إلى العلم والاختراع القراءة الناقدة والقراءة الإبداعية . ويتفق التربويون على أن أهداف القراءة بالنسبة للتلاميذ وبخاصة في نهاية المرحلة الابتدائية لبنائهم لغوياً وثقافياً هي : - 1- تزويد التلاميذ بالثروة اللغوية المناسبة وغرس الميول القرائية في نفوسهم ومساعدتهم على تذوق النصوص الأدبية ومعرفة ما بها من جمال . 2- القدرة على النطق الصحيح والقدرة على التعبير السليم في وضوح . 3- القدرة على فهم المقروء فهماً دقيقاً واستنباط ما فيه من معلومات وخبرات تفيد التلميذ . 4- القدرة على دراسة الأفكار والمقارنة بينها وبين غيرها من الأفكار الأخرى وإصدار الأحكام عليها . 5- كذلك نمو إدراك التلاميذ العقلي وارتقاء أذواقهم الأدبية وذلك بإطلاعهم على النصوص الأدبية . والقراءة ، كلما كانت متعمقة مخططا لها بعناية، تنمي قدرات الفرد العقلية ، وتوسع تفكيره ، فهي أحد أساليب ترقية سلوك المتعلم في التفكير ، ومن خلالها يصل التربويون بالمتعلم إلى أعقد مستويات الفهم وهو ما يسمونه " التركيب " ويراد به أن يفكر المتعلم بطريقة تباعدية فيتعمق في النص المقروء، ويكتشف المشكلات ، ويبحث عن الأسباب ، ويحور ويبدل في المادة الدراسية مما يقوده إلى أصالة التفكير وامتلاك التعدد في وجهات النظر، وجمع خبرات النص المقروء في نسق كلي جديد ، فالقراءة هي المسبب للتفكير الابتكاري، وبذلك يتعذر فصلها عنه. ولذلك، أكدت بحوث كثيرة وجود علاقة وثيقة موجبة بين قدرة الطلاب على التفكير الإبداعي وأدائهم لمهارات القراءة الإبداعية؛ ذلك لأن القراءة عملية عقلية يحتل التفكير معظم جوانبها، وليست مهارة آلية بسيطة . ومن هنا يجب على مدارسنا العربية أن تتحمل مسؤوليتها في تنشئة جيل يجيد التفكير قادر على النقد والإبداع من خلال استخدام إستراتيجيات وتقنيات حديثة تتيح الفرصة لاستخدام أساليب تفكيرية متعددة، وتشجع التلاميذ على الوصول إلى مستويات أعلى في قدراتهم التفكيرية والإبداعية. نخلص مما سبق إلى أن الاهتمام بالقراءة – في مدارسنا العربية - أصبح من أهم متطلبات العصر الحالي ؛ فهي منهل المعرفة ، وكنز العلوم ، بل إنها المدخل الصحيح الواقعي للتعلم ورقي الشعوب؛ ولذا احتلت القراءة مركزًا مرموقًا في مجال الدراسات التربوية ، ولم يكتف الباحثون في مجال القراءة بالوقوف عند مستوى النقد والاستنتاج بل تطور الأمر إلى مستوى الإبداع والابتكار. ولا خلاف بين التربويين على أن تعليم القراءة للتلاميذ في المراحل الأولى من تعليمنا العربي يتم على عدة مراحل هي : - 1- مرحلة الاستعداد للقراءة : - وهي مرحلة ما قبل المدرسة حيث يتحمل المنزل مسؤولية تهيئة الفرصة لتنمية عادة القراءة وحبها لدى الطفل وذلك بتقديم الكتب والقصص المصورة للطفل وقراءة القصص وحكايتها له بطريقة تجعله متشوقا لقراءتها ويستطيع الوالدان غرس حب القراءة في الطفل وذلك بأن يقوموا بالقراءة أمام الطفل بشكل شبه دائم والمحافظة على الكتب في مكتبة المنزل وتعويد الطفل على ثراء الكتب والاهتمام بها . وبعد ذلك ينتقل الطفل إلى مجتمع آخر وهو رياض الأطفال أو دور الحضانة وفيها يلتقي الطفل بالمعلم الذي ينمي فيه الاستعداد لتعلم القراءة وذلك في خلال تحبيبهم في القراءة وحثهم على الاطلاع وقراءة القصص والأناشيد . 2- مرحلة بدء تعليم القراءة :- وتبدأ حين يدخل الطفل المدرسة ويبدأ المعلم معه في معرفة مدى استعداده لتعلم القراءة حيث يعمل على تشجيعهم وتنمية اتجاههم نحو حب القراءة وأن يساعد التلاميذ الذين ليس لديهم استعداد للقراءة وذلك لتنمية حب القراءة وغرسها في نفوسهم حتى يكونوا مؤهلين للبدء في تعلم القراءة . والاستعداد للقراءة يشمل النمو العقلي حيث يجب أن يصل العمر العقلي للطفل إلى ست سنوات حتى يتمكن من القراءة وكذلك يشمل الاستعداد للقراءة النمو الجسمي وهو الخلو من الأمراض وسلامة السمع والبصر وسلامة الصحة العامة وكذلك النمو الانفعالي. وفي هذه المرحلة وهي الصف الأول الابتدائي غالبا يتعلم الطفل القراءة وكيفية نطق الحروف وفهم معانيها وفي خلال هذه المرحلة يصبح الطفل شغوفا بالقراءة والموضوعات التي يقرأها ونجد أن الطفل الذي يتميز بمستوى عال من الذكاء يحرز تقدماً في القراءة عن غيره من باقي التلاميذ ويكون الاعتماد الأكبر في هذه المرحلة على القراءة الجهرية دون الصامتة حتى يتعود الطفل النطق السليم ومعرفة الحروف وأصواتها ونطقها الصحيح . 3- مرحلة التوسع في القراءة : - وهذه المرحلة تضم الصفين الثاني والثالث من المرحلة الابتدائية وتتميز بالتقدم السريع في القراءة والتلميذ فيها يكون شغوفا بالقراءة ودقة الفهم وكذلك الانطلاق في القراءة الجهرية وسرعة القراءة الصامتة حيث تزيد سرعتها عن القراءة الجهرية ويستطيع التلميذ قراءة القصص والمعلومات وقطع الأدب السهلة . 4-مرحلة توسع خبرات القراءة : - وهي تشمل نهاية المرحلة الابتدائية وبداية المرحلة الإعدادية وفيها تتميز بالقراءة الواسعة التي تزيد من خبرات القارئ وتزيد من قدرته على الفهم والنقد والتفاعل وزيادة الكفاءة في سرعة القراءة وخاصة الصامتة لما لها من أهمية قصوى في هذه المرحلة ونجد أن القراءة الجهرية في هذه المرحلة تتحسن بشكل ملحوظ وكذلك تتسع ميول التلاميذ في القراءة ويرتفع ذوقهم وتنمو لديهم مهارة استخدام الكتب ومصادر المعلومات . وعودة إلى مهارات اللغة العربية السابقة ذكرها نجد أن القراءة تحتل مركزاً مهما في المرحلة الابتدائية وذلك لكثرة تداولها واعتماد اللغة العربية عليها في جميع فروعها ففي المراحل الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية تعمل القراءة على تثبيت العادات القرائية الصحيحة حتى يتعود التلاميذ القراءة والنطق الصحيح مع فهم المقروء والقراءة كذلك في المرحلتين الرابعة والخامسة لها أهمية حيث يتم التركيز على القراءة الصامتة التي تناسب التلاميذ في هاتين السنتين من المرحلة الابتدائية .
4146
| 12 أكتوبر 2012
سلم المثقفون والمفكرون تسليماً مطلقاً بما آل إليه حال البشرية من انتقال حضاري فاصل، ميز المعتقدات والسلوكيات الإنسانية مع حلول القرن الحادي والعشرين الميلادي. بحيث أصبح مستقراً في أذهانهم بأن ما تعيشه البشرية حالياً من تغيرات هو " الموجة الثالثة" من موجات التغير الحضاري البارز في حياة الإنسان. بعد موجتي الزراعة والصناعة. وأطلقوا على الموجة الثالثة تسميات مختلفة، تدور كلها حول "المعلومات" و" الثورة الرقمية"، وتكنولوجيا الاتصالات المعاصرة التي حققت بدورها نوعاً من التفاهم الذي مثل أرضية لهذا "التسليم المطلق" بهذا التقسيم الثلاثي الذي قوبل باعتراف عام من معظم البشر. غير أن مكمن الخطر في هذا التسليم المطلق ببداية عصر المعلومات يظهر بوضوح في الدول النامية والأقل نمواً، والدول المتخلفة، لأسباب اقتصادية تتعلق بعدم قدرتها على مجاراة التنافس الدولي المحموم في مجال إنتاج المعلومات وتداولها. ومن جهة ثانية تتعالى مشاعر الخطر المتوقع من هذه الموجة، ومن التسليم المطلق بها في رحاب العالمين العربي والإسلامي لأسباب عقائدية أولاً، واقتصادية ثانياً. أما الأسباب الاقتصادية فمعروفة تتعلق بضعف الموارد المالية والبشرية. وأما الأسباب العقائدية فترتبط بالدين الإسلامي الذي يمثل الإطار المرجعي لأيديولوجية الدول العربية والإسلامية من حيث: 1- إن الإسلام لا يمثل لدى معتنقيه مجرد شكل أو حلية أو نمط ثقافي.. وإنما يمثل ضابطاً سلوكياً في حياة كل مسلم. 2- إن الإسلام به ثوابت عقائدية وعباداتية ومعاملاتية لا يسع المسلم الخروج عليها ما دام معتنقاً الإسلام. فإن خرج عليها وجب عليه الخضوع للعقاب الديني أو الاجتماعي. على أن تلك الثوابت تقل وتكثر وتتسع وتضيق من بلد إلى بلد ومن مذهب إلى مذهب ومن زمن إلى زمن. فلا يجب التذرع بكونها "ثوابت" والانطلاق من هذا الفهم إلى رمي الإسلام بالجمود والتحجر. فهذه الثوابت موجودة في كل الأديان والمعتقدات، وإذا كانت تسمية الخارج على الثوابت في الإسلام هي "الفسوق" فهي تسمى في المسيحية "الهرطقة" والتجديف. 3- إن الإسلام تختلف معايير السلوك فيه عنها لدى الفكر الرأسمالي والشيوعي المهيمن على أكثرية الدول المنتجة لتكنولوجيا المعلومات. فمعايير السلوك الإنساني في ظل الإسلام معايير أخلاقية، أما عند أصحاب الفكر الشيوعي أو الرأسمالي فقد تكون معايير السلوك [ في جانب منها] إنسانية، وكلها في الأعم الأغلب معايير مادية تستمد مصداقيتها من مفاهيم الحرية واللذة والمصلحة. سواء أكانت المصلحة فردية أم مجتمعية. وتأسيساً على ما سبق، يمكننا القول بأن (الثقافة) بوصفها "ذلك الركام /المعرفي/الديني/الاجتماعي/الاقتصادي، الحاكم لسلوكيات أمة بعينها، أو جماعة بعينها. والمعبر عن خصوصيتها بين بني البشر". تحتاج دائماً إلى رقابة مجتمعية قوية. لكونها دائماً عرضة للتغير والتأثر بتلك السيولة المعرفية التي أنتجتها تكنولوجيا الاتصالات. بحيث أصبح ميسوراً لأي أمة تبغي السيطرة والهيمنة، أن تبدأ رحلة فرض نفوذها بخلخلة "الهواء الثقافي" الذي تتنفسه وتحيا به وعليه الأمم المستهدفة. فإذا تخلخل ذلك الهواء، أمكن للقوى باغية السيطرة أن تشبع ذلك الهواء الثقافي بما تملك من "ملوثات" و"فيروسات". وإذا كانت الثقافة هي مرجعية السلوك ووسيلة ضبطه، فإن تغييرها واستهدافها لن يتحقق له النجاح إلا بمحاولة السعي لتغيير سلوكيات معتنقي تلك الثقافة المستمسكين بها، الحراص عليها. والحقيقة الملموسة أن هذا العصر الذي نعيشه يشهد تغول الرأسمالية وتحولها إلى نظام عالمي مستبد يسعى للهيمنة والسيطرة السياسية مستعينا بسياسة إدماج مختلف اقتصادات بلدان العالم في منظومة واحدة، ومن هنا فإن الغزو الثقافي للدول العربية والإسلامية من الدول الرأسمالية المتغولة ولاسيَّما الولايات المتحدة الأمريكية يصبح حقيقة واقعة لا تهدد فقط العالم الإسلامي بل تهدد أي نمط – ولو كان حليفا- يسعى للحفاظ على هويته الثقافية وخصوصيته الحضارية، وهذا ما دعا جاك لانج وزير الثقافة الفرنسي الأسبق إلى المطالبة "بضرورة العمل على إيجاد مقاومة ثقافية في مواجهة الإمبريالية الثقافية التي تستلب الوعي وتستولي على أنماط التفكير والحياة، وضرورة تحرير قنوات الإذاعة والتليفزيون". وهناك بعض المقترحات تجاه دور مؤسساتنا التربوية في مواجهة الغزو الثقافي أهمها: (1) ضرورة إدخال الموضوعات المتعلقة بالهوية الثقافية ضمن مناهج المراحل التعليمية المختلفة عامة والتعليم الأساسي خاصة. (2) ضرورة إدخال مقررات في الهوية الثقافية ضمن برامج كليات التربية وتضمينها في الدورات التدريبية التي تعقد للمعلمين والموجهين والنظار، مع الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال. (3) إعداد دليل للمعلم لتدريس الهوية الثقافية، وتزويد المكتبات المدرسية بالمراجع والكتب التي تناسب التلاميذ والمعلمين في مجال الهوية الثقافية. (4) التركيز في دراسة موضوعات الهوية الثقافية على الأوضاع والمشكلات الثقافية الراهنة والمستقبلية، وأيضاً على القضايا وثيقة الصلة ببيئة التلاميذ المحلية وحياتهم، ثم على المستوى القومي فالدولي، كما ينبغي الاهتمام بمبدأ تفاعل التلميذ مع بيئته، وتأكيد مبدأ انفتاح المدرسة على البيئة. (5) ينبغي أن تعتمد عمليات التدريس والدراسة على أساس الحوار والمناقشة والنقد البناء والتجريب والدراسات الميدانية والرحلات والزيارات والإسهام في مشروعات خدمة البيئة. (6) ضرورة فهم أن الهوية الثقافية لا تعني تلقين أبناء المجتمع معارف ومفاهيم تتصل بالتاريخ فقط، بل تكوين الوعي الثقافي الإيجابي نحو البيئة والمجتمع ومشكلاتهما، والعمل على اكتساب التلميذ المعارف الوظيفية والقيم والاتجاهات والمهارات والتفكير العلمي وأساليب السلوك التي تجعل التلميذ فرداً مسؤولاً تجاه بلده وذلك لصيانتها والحفاظ عليها. (7) المحافظة على مرافق المدرسة نظيفة وصالحة حتى تكون مثالاً لصيانة البيئة والحفاظ عليها وضرورة إسهام جميع العاملين في تحقيق ذلك الهدف والإسهام في مشروعات خدمة البيئة. فهل نأمل أن تكون منا فئة تنهض بعبء الدفاع عن هويتنا إزاء هذا الاكتساح الطاغي المستمر لاغتيال تاريخنا وقيمنا وثوابت حضارتنا؟
595
| 09 أكتوبر 2012
ليت الإعلام الألكتروني والفضائي يرحمنا – مؤقتا – من تحليلاته التافهة لكلمة هنا أو هناك تصدر عن الرئيس أو رئيس الوزراء أو بعض هواة الثرثرة من قيادات الإسلام السياسي . فالرئيس – ولأول مرة منذ تأسيس مصر الحديث قبل مائتي عام – شخصية علمية جاءت من مدرجات الجامعة لمقاعد الحكم وهو أستاذ جامعي في كلية الهندسة ( مثل أحمدي نجاد ) وكانت رسالته للماجستير عن الطاقة الشمسية . ويدرك الرئيس – بحكم تخصصه – تجربة العالِم الأميريكي شومان الذي جاء لمصر قبل مائة عام بعد أن درس بتعمق درجة سطوع الشمس في عدة بلدان ، وتقدم لحكومة مصر أيام الخديوي عباس حلمي الثاني بمقترح إنشاء معامل لتوليد الطاقة الشمسية بأقل تكلفة وتصديرها لدول الغرب.. الباردة !! وتشير دراسات ذلك العالِم إلى أن مصر أفضل دولة في العالم يمكن على أرضها توليد أكبر كمية من الطاقة الشمسية بأقل تكلفة . وبالفعل ووفق له على البدء في تطبيق تجربته في منطقة حلوان ، غير أن الظروف التي استجدت مع نشوب الحرب العالمية الأولى وتواكب معها غضب بريطانيا على الخديوي عباس حلمي الثاني ونفيه وتعيين حسين كامل سلطانا ثم تغييره بفؤاد الأول، تلك الظروف أعاقت الاستمرار في تنفيذ مشروع توليد الطاقة الشمسية ، ومايزال المرصد الذي أقامه ذلك العالِم موجودا يطوف حوله العشاق !! ويعلم فخامة الرئيس بحكم كونه أستاذا لهندسة المواد بكلية الهندسة أن تصدير الطاقة الشمسية يمكن أن تفوق إيراداته جميع ما تصدره دول المنطقة من البترول الخام للدول الباردة . مع الأخذ في الاعتبار ما سيترتب على دخول مصر هذا المعترك من تغيير اجتماعي ونفسي واقتصادي بمجرد استيعاب مئات الآلاف من الشباب العاطل للعمل في هذه الميادين . ويعلم فخامة الرئيس بحكم كونه أستاذا لهندسة المواد بكلية الهندسة أن الكيلو متر الواحد من صحراء مصر الشاسعة ينتج من الطاقة الشمسية سنويا ما يعادل مليون طن من النفط . وأن مصر لديها صحراء تكفي لتوليد طاقة شمسية تغطي احتياجات قارة أفريقية كاملة من الكهرباء . إننا بحاجة إلى بناء مشروع نهضوي قومي لاستبدال مصادر الطاقة التقليدية ( البترول والطاقة النووية ولهما مخاطرهما البيئية الملموسة عالميا) بمصدر آمن بيئيا وهو الشمس التي تغطي الصحراء التي تمثل 97% من مساحة مصر. وسوف يحقق هذا لمصر مزايا عدة : 1- ترشيد الاستخدام المنزلي للطاقة من خلال استخدام ألواح توليد الطاقة منزليا 2- تفعيل شراكة حقيقية مع دول الاتحاد الأوربي التي بدأت تتجه للبحث عن طاقة بديلة أكثر أمنا بالنظر إلى قرب نضوب البترول وما سيصاحب ذلك من ارتفاع في تكلفته 3- توفير طاقة يمكن استخدامها مستقبلا كقوة تفاوضية مع دول حوض النيل بمعادلة ( الكهرباء مقابل المياه) 4- فتح ملايين فرص العمل في إنتاج تلك الطاقة وتخزينها وتوزيعها وتصديرها محليا وأفريقيا ودوليا إنني أعلم أن تعثر التفكير في هذا المشروع القومي مرجعه إلى ارتفاع تكلفته ، لكن الخبراء يؤكدون أن هذه التكلفة ستسترد سريعا جدا بعد التشغيل ، وفي هذا السبيل يمكننا أن نقترح اتخاذ قرارات جريئة بوقف الدعم الموجه للمنشآت السياحية الخاصة والمصانع الثقيلة الخاصة بأفراد وكذلك توجيه أكثر الموارد لخدمة هذا المشروع باعتباره استثمارا مضمون الربح . فيا فخامة الرئيس المحترم . أرجوك : انظر إلى القمة ، ودعك من القمامة ... بما فيها القمامة الإعلامية الفضائية والورقية والألكترونية فشعبنا لم يعد قاصرا ولم يعد لتلك الترهات تأثير لديه . والله من وراء القصد .
528
| 07 أكتوبر 2012
منذ أيام قامت السلطات المحلية بالإسكندرية بتدمير تسعة محال لبيع الكتب القديمة في شارع دانيال الذي أصبح مزارا سياحيا ثقافيا ينافس سور الأزبكية بالقاهرة، وكانت الحجة السخيفة لهذا العدوان: منع التعديات، وتنظيم الشارع – مع أنه شارع جانبي وليس رئيسيا – وظاهرة بيع الكتب القديمة موجودة في أعرق مدن العالم المتقدم وأكثرها اهتماما بالسياحة، وهذا التصرف يعيدنا إلى حادث مماثل قريب، وفي الإسكندرية أيضا! - حين نشرت صحيفة اليوم السابع خبرا عنوانه " جامعة الإسكندرية تطرد "عم جمعة" أقدم بائع جرائد لأنه لم يدخل المزاد " وجاء في الخبر أن محمد جمعة (59سنة) أنشأ كشكا لبيع الجرائد داخل الحرم الجامعي لكلية الطب بجامعة الإسكندرية منذ عام 1977 ويدفع للجامعة إيجارا عن هذا الكشك 210جنيهات شهريا. وبعد اثنين وثلاثين عاما استقرت فيها حياة الرجل وأسرته على دخله الثابت المحدود من هذه المهنة، عاصر فيها خمسة وعشرين عميدا ووكيلا لكلية طب إسكندرية، فوجئ الرجل بعميد الكلية الحالي يطلب منه ترك الكشك، بحجة أعمال التجديد، وأفادت إدارة العقود بالجامعة بأن عقد "عم جمعة" مدته عام واحد ويتم تجديده برضا الطرفين.. إلى أن ورد [ باسم الله ما شاء الله!!] تقرير من الجهاز المركزي للمحاسبات يتضمن عدة (مخالفات) ارتكبها المستأجر خارج بنود العقد، حيث مارس أنشطة أخرى بخلاف بيع الجرائد!! مما يستوجب عمل مزايدة جديدة للتأجير. انتهى الخبر. وتبدأ التساؤلات... ما "الأنشطة الأخرى" التي (مارسها) هذا العربيد الفاجر المجاهر بمعصية مخالفة العقد؟ أكان يبيع الهيروين أو البانجو؟ لو فعل ذلك لاستتر حتما ولما طالته تلك العيون (المفنجلة!!) لديوان المحاسبات!! أكان يبيع حبوب الهلوسة التي يحكي عنها سيادة "الحقيد القذافي". لو فعل ذلك لظهرت ثورة الشباب على التوريث الذي يمارسه أساتذة جامعتهم منذ عقود جهارا نهارا!! لابد أن الرجل كان يستعين على ملاليم مكسب بيع الجرائد ببيع بعض البسكويت أو علب العصير للشباب. وهذا – في عرف الجهاز النبيه الصاحي – إثمٌ كبير لا كفَّارة له إلا بالتنكيل بالرجل وطرده (مع أنه يدفع إيجار المكان)؟ أين كان الجهاز المركزي للمحاسبات (الفتوة) وإدارة العقود بالجامعة حين كانت الندوات تُعقد للوريث العريس بالجامعة ويُنفَق عليها ملايين الجنيهات لا يجرؤ أحد من أكبر الكبار على مجرد السؤال عن جنيه واحد منها؟ ألم يكن البحث في هذه الناحية أهم من ممارسة الفروسية والبطولة على أسرة فقيرة ترتزق من ملاليم مكسب بيع الجرائد لتستر أعراض بناتها وتستر بطالة أبنائها؟ أين كان الجهاز المركزي للمحاسبات (الفتوة) وإدارة العقود بالجامعة حين تولى رياسة تلك الجامعة رجلٌ لم يحصل إلا على الماجستير وتم تزوير شهادته على أنها تعادل الدكتوراة لأن (خاله) كان رئيسا للجنة العليا للبعثات فأفتى بأن شهادة الماجستير من جامعة كولومبيا المبتعث لها المحروس ابن أخته تعادل شهادة الدكتوراة من أي جامعة على كوكب الأرض! وسرعان ما عاد الفتى يركض بماجستيره ليصبح الدكتور ثم المساعد الأستاذ ثم الأستاذ ثم العميد ثم الرئيس لتلك الجامعة العريقة؟ ألم يكن البحث في هذه الناحية أهم من ممارسة الفروسية والبطولة على أسرة فقيرة ترتزق من ملاليم مكسب بيع الجرائد لتستر أعراض بناتها وتستر بطالة أبنائها؟
435
| 03 أكتوبر 2012
أما أحدهما فقد اعتقل حين كان شابا أواسط السبعينيات، لأنه تجرأ وسجل موضوعا لدراسة الدكتوراه في التاريخ بجامعة عين شمس عن حركة الإخوان المسلمين ودورها في السياسة المصرية، فتم التنكيل به، وسجنه بلا تهمة، وبعد حصوله على الدرجة حورب في رزقه في كل جامعة تقدم للتعيين بها، فهرب بأهله إلى السعودية وعاش فيها سنين طوالا، إلى أن هيأ الله له فرصة فعُيِّن مدرسا للتاريخ بكلية التربية بجامعة المنصورة، وظل بوظيفته حتى بلغ درجة الأستاذية، ثم امتحنه الله تعالى بمرض زوجته واحتياجها للعلاج في بريطانيا فلم يجد بديلا للاستقالة ليتوفر له من مكافأة نهاية الخدمة ما يعالج به زوجته، وينفق على إقامته معها في أوروبا حتى شفاها الله وعاد معها ليبقى حبيس بيته وهو في الثامنة والخمسين. وأعيد تعيينه في كليته ندبا بنظام المكافأة، وطوال سنوات حياته تلك ومعاناته، لم يتوقف صدور كتبه التي يعد كل منها فريدا في بابه لا نظير له في المكتبة التاريخية العربية. ثم عنَّ لجامعته – في عهد رئيس ممن كان أمن الدولة يختارهم – أن تتخلص منه فبقي في بيته حبيس مكتبته إلى يومنا هذا ليدفع ثمن دفاعه عن الإخوان المسلمين [وهو ليس عضوا في جماعتهم] وليؤكد بمأساته كيف يمكن للمؤرخ الموضوعي المحايد المدقق أن يكون ضحية متجددة (في كل العصور!!) للظلم الذي عاش يحاربه بقلمه. كنت أتحدث عن المؤرخ الرائع المتعمق الصعيدي الأصل المنوفي المولد والنشأة الأستاذ الدكتور زكريا سليمان بيومي أستاذ ورئيس قسم التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية بجامعة المنصورة. وأما الآخر فهو باحث شاب من محافظة قنا عرفته قبل ربع قرن حين قمت بتقييم بحث له وهو طالب في كلية الآداب بسوهاج، فتنبأت له بمستقبل علمي مشرق وكتبت ذلك على غلاف البحث، ويبدو أن هذه النبوءة عززت ما عنده من استعداد فواصل طريقه بعد التخرج باحثا دؤوبا فأصدر عدة موسوعات وكتب منها: * أعلام قنا في القرن العشرين * تاريخ نواب قنا من عصر إسماعيل وحتى الوقت الحاضر * رجال من صعيد مصر "أعلام سوهاج" * نساء من صعيد مصر * شهداء قنا.. بطولات وتضحيات * أسوان حضارة وجمال "من 250 ص"* **** وله تحت الطبع: * من أبطال مدينة قنا في حرب أكتوبر المجيدة "سيرة 20 بطلا من أبطال أكتوبر" * من أعلام الإخوان المسلمين في صعيد مصر "370 ص" * من شهداء قنا في حرب أكتوبر وفي 25 يناير * يوميات محارب قنائي في حرب أكتوبر "هذه المذكرات تخرج إلى النور بعد 39 سنة وهذا المحارب مسيحي بروتستانتي يقوم بعمل إفطار للمسلمين في رمضان منذ 12 سنة داخل فيلته وإحياء الليلة بالقرآن والأحاديث داخل الفيلا. * تاريخ محافظة قنا من العصر الحجري حتى العصر الحديث * من أعلام محافظة الأقصر في العصر الحديث * من أعلام محافظة الأقصر في العصر المعاصر كنت أتحدث عن المؤرخ الشاب الرائع / بحبح فكري الحباظي / مدرس دراسات اجتماعية بمدرسة دندرة الزراعية التابعة لإدارة قنا والذي لم يحظ برعاية أي محافظ من محافظي تلك المحافظات التي أفنى شبابه وقضى ليله ونهارها باحثا لاهثا ليؤرخ لأعلامها ويوثق روايات أهلها. فهل نطمع في أن تهتم وزارة الثقافة بتكريم هذين الرجلين؟ وهل نطمع في أن يتدخل وزير التعليم العالي في إعادة الأستاذ الدكتور زكريا سليمان بيومي أستاذ ورئيس قسم التاريخ الحديث والمعاصر إلى عمله بكلية التربية بجامعة المنصورة. وهل نطمع في أن يهتم محافظو قنا والأقصر وسوهاج بتكريم الأستاذ بحبح؟.
2025
| 28 سبتمبر 2012
نعرض في هذه السطور شهادات دولية موثقة عن جرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية في حق الفلسطينيين يجب ألا تمر بدون حساب من المجتمع الدولي، فمن ذلك ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية بعددها الصادر يوم 21/3/2009 حسبما ورد في تقرير هيئة تحرير موقع www.walla.co.il من أن صحيفة الجارديان البريطانية تمتلك توثيقاً مفصلاً لشهادات، يتضح منها أن الجيش الإسرائيلي قد ارتكب عدداً من جرائم الحرب خلال عملية الرصاص المنصهر في قطاع غزة. ومن بينها شهادات تفيد بأن الجنود الإسرائيليين استخدموا الأطفال الفلسطينيين دروعاً بشرية، وأطلقوا النار عن عمد على الطوائف الطبية والمستشفيات وأطلقوا النار من المروحيات على المدنيين. وكانت أكثر الشهادات خطورة تلك التي أدلى بها ثلاثة من الشباب من أبناء أسرة العطار، وصفوا فيها كيف تم اقتيادهم من منزلهم تحت تهديد السلاح، وإجبارهم على السير أمام دبابات الجيش الإسرائيلي في محاولة لمنع حماس من إطلاق النار على القوة خلال دخولها على الأحياء الفلسطينية. وقال علاء البالغ من العمر 12 عاماً: "لقد أجبرونا على السير في المقدمة حتى إذا ما أطلقوا النار عليهم تصيبنا نحن". كما يتضح من الشهادات أن الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف تحولوا إلى هدف مشروع عندما كانوا يحاولون نقل الجرحى، حيث قتل 16 مسعفاً. أفادت منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 27 مستشفى و44 عيادة أضيرت نتيجة القصف الإسرائيلي. كما تهدمت عيادتان تماماً، وروى المسعفون أنه في إحدى الوقائع أطلقت دبابة النار عليهم في الوقت الذي كانوا ينقلون فيه أحد المصابين إلى المستشفى. كما يتضح من التحقيق الإسرائيلي أطلق النار على الأهداف مدينة رغم أنه لم يكن هناك احتمال الخطأ في تمييزها. وفي إحدى الوقائع قتلت أسرة مكونة من ستة أفراد بعد أن أصاب صاروخ فناء منزلهما. وبينما قالت الصحيفة إنها جمعت هذه الشهادات على مدار شهر، رفض الجيش الإسرائيلي من جانبه الرد مباشرة على تلك الاتهامات، ولكن المسؤولين أنكروا ارتكاب جرائم حرب، وقالوا إن الجنود التزموا بالقانون الدولي. ويأتي نشر الصحيفة لهذا التحقيق بعد أن تم يوم الخميس الماضي نشر شهادات لجنود إسرائيليين كشفوا فيها عن حوادث تم فيها انتهاك القانون الدولي. وفي تقرير نشرته منظمة "أطباء لحقوق الإنسان" في إسرائيل، ورد أن الجيش الإسرائيلي ارتكب "بالتأكيد" مخالفات للقانون الدولي الإنساني خلال العملية التي تمت في شهر يناير، حيث هاجم طواقم طبية، وأصاب مبان طبية، وهاجم مدنيين، وعرقل نقل المساعدات الطبية للمصابين. ومن ذلك أيضا ما ورد في تقرير خطير نشرته منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية يوم 25/3/2009 ونقلته عن موقعها صحيفة يديعوت أحرونوت في اليوم نفسه تحت عنوان مثير هو [" استخدام الفسفور الأبيض في حرب غزة جريمة حرب " ] وجاء فيه أن استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل الفوسفور الأبيض بين المدنيين خلال عملية "الرصاص المنصهر" يشير إلى ارتكاب جرائم حرب. ويشمل التقرير الذي نشر تحت عنوان "وابل من النار.. استخدام إسرائيل غير القانوني للفوسفور في غزة" شهادات حول التأثيرات الخطيرة لقنابل الفوسفور الأبيض على المصابين من القصف. وكان ناشطو المنظمة قد بدأوا في التحقيق في إطلاق النار في غزة فور خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع. وعثروا على قذائف وعبوات محروقة تحتوي على الفوسفور في الشوارع وأسطح المنازل والأفنية وفي مدارس الأمم المتحدة في القطاع. وتم إخضاع ما تم العثور عليه للاختبارات المعملية التي ضمت نتائجها إلى التقرير وأرفقت معها صورا التقطت بالأقمار الصناعية، بالإضافة إلى وثائق من الجيش الإسرائيلي والحكومة. وتستخدم قوات الجيش الإسرائيلي قنابل الفوسفور للتغطية على العمليات البردية، نظراً لأن هذه القنابل تثير الضباب بعد إطلاقها، ومع ذلك فإن هذا يعتبر سلاحا خطيرا يشتعل عندما يلامس الأكسجين. وعندما يلامس الجلد يتسبب الفوسفور الأبيض في حروق شديدة ومستمرة. وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل الفوسفور بشكل متكرر على الأحياء السكنية متسبباً في قتل وإصابة مدنيين. وفي إحداث أضرار بالمباني المدنية بما في ذلك المدارس والأسواق ومخازن المواد الإنسانية والمستشفيات. وقال فريد أبراهامز، أحد كبار الباحثين في المنظمة وأحد معدي التقرير: إن "الجيش الإسرائيلي لم يستخدم الفوسفور في غزة في المناطق المفتوحة فقط كغطاء دخاني لإخفاء عملياته، ولكنه أطلق الفوسفور الأبيض بشكل متكرر على مناطق مأهولة ومزدحمة حتى بينما لم تكن قواته في المنطقة، وكان يمكن استخدام قنابل دخان أكثر أمناً. ونتيجة لذلك، عانى ومات مدنيون بلا طائل". وقالت المنظمة إن إطلاق النار المتتابع يحتاج إلى تصديق من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي. وأضافت: "تجنب محاكمة كبار القادة بسبب الموت غير المبرر للمدنيين الذي تسبب فيه الفوسفور الأبيض". وتشير نتائج التقرير إلى أنه خلال العمليات الأخيرة في قطاع غزة أطلقت القوات الإسرائيلية قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض يبلغ قطرها 155مم، وأحياناً كان يتم إطلاق القذائف على مناطق مأهولة أو بالقرب منها، وكانت كل قذيفة تفجر في الجو، تطلق 116 كتلة لهب من الفوسفور الأبيض في نطاق يصل إلى 125 متراً من نقطة الانفجار. وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي كان على علم بأن الفوسفور الأبيض يشكل خطراً على الحياة، حيث ذكر تقرير طبي أعدته وزارة الصحة خلال العملية أن "الفوسفور الأبيض" في حالة النجاة من الموت، له القدرة على التسبب في أمراض خطيرة في حالة ما لامس الجلد المكشوف أو ما تم استنشاقه أو بلعه" ويشير التقرير إلى أن الحروق التي تصيب أقل من 10% من الجسم يمكنها أن تكون قاتلة بسبب ضررها على الكبد والكلى والقلب. وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن تقريراً مبدئياً للجيش بشأن استخدام الفوسفور الأبيض في قطاع غزة، قد أكد أن الجيش التزم بقواعد القانون الدولي، واستخدم هذا السلاح في مسائل محددة تقتضيها العمليات العسكرية وبما يتفق وقواعد القتال. وذكر التقرير، الذي يتم عرضه قريباً على رئيس هيئة الأركان العامة، أنه لم يتم استخدام تلك القنابل بشكل عشوائي أو بهدف تهديد المدنيين. وكان علي الخشان، وزير العدل الفلسطيني، قد تقدم في شهر يناير 2009 بشكوى رسمية ضد إسرائيل أما المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي متهمها باستخدام قنابل الفوسفور في مناطق مأهولة ومزدحمة بالسكان.. في البداية، عندما توجه الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية وكان هناك ادعاء بعدم إمكانية فتح ملف ضد إسرائيل نظراً لأنها لم توقع على وثيقة تأسيس المحكمة؛ أي ميثاق روما، ولكن فيما بعد ظهرت إمكانية فتح ملف لكون الجريمة حدثت في المناطق الخاضعة للسيادة الفلسطينية، وهو ما يمكن أن تصفه بأنه لا يقع تحت السيادة الإسرائيلية. فهل تتبنى الجامعة العربية فتح هذا الملف أمام محكمة العدل الدولية؟ نتمنى ذلك.
713
| 21 سبتمبر 2012
بعد هذا الموقف المتشدد للصين في دعم نظام بشار الأسد الذي تدينه جميع دول العالم، يتعين العودة إلى جذور قوة الصين: كيف بدأت؟ وإلام سوف تنتهي؟ وهل سوف تتحقق تنبؤات هنتجتون بدعم الصين للدول الإسلامية في مواجهة الولايات المتحدة؟ التاريخ ينبئنا أن جمهورية الصين الشعبية قامت في عام 1949، متبنية الماركسية اللينينية في بيئة مهيأة لانتشار الفكر الاشتراكي، حيث إن الصين منذ بداية القرن العشرين عانت من تدهور الأوضاع على الصعيد الداخلي، من تدهور مستويات معيشة الفلاحين الصينيين فكان الريف بذلك هو نواة الحركة الاشتراكية والأساس لها، خلافاً لفكر الاتحاد السوفيتي الذي كان يعوّل على البروليتاريا الصناعية وليس على الفلاحين مما عُد أحد أسس الخلاف الأيديولوجي الصيني - السوفيتي حول التطبيق الاشتراكي وأسلوب الثورة، ولاسيَّما بعد هجوم "خروتشوف" على سياسات ستالين (1956). فالصين لم تكن لتوافق على ذلك و"ستالين" هو الداعم الأساسي للحزب الشيوعي الصيني، فرأت الصين أن الاتحاد السوفيتي خرج عن المبادئ اللينينية الماركسية، حتى أطلقت عليه: "الدولة التحريفية" إشارة إلى أنه حرّف مبادئ لينين وستالين. وترى عزة جلال هاشم (السياسة الدولية - ع132- أبريل 1998) أن أهم ملامح الاشتراكية الصينية مبدأ "ديكتاتورية الشعب الديمقراطية" الذي قصد -كما شرحه ماوتسي تونج- ديمقراطية للشعب بمختلف فئاته، أما الديكتاتورية فهي ليست موجهة للشعب وإنما هي موجهة إلى أعداء الشعب داخل الصين وخارجها، فهي ديمقراطية تخدم مصالح الشعب، وديكتاتورية في مواجهة أعداء الثورة، وكذلك مبدأ "المركزية الديمقراطية" وهي تعني أن تتم مناقشة القضايا في المستويات الدنيا المختلفة داخل الحزب الشيوعي ثم ترفع نتائج المناقشات إلى المستويات العليا فيتخذ القرار من القادة، وبعد اتخاذ القرار يصبح الجميع مُلزماً بطاعته، أي لا يسمح بالمعارضة بعد اتخاذ القرار. بالإضافة إلى البراجماتية (الواقعية) وهي صفة قديمة اتصف بها الصينيون وتعني: سرعة تكيفهم مع الأوضاع، ولعل أبرز الأدلة على ذلك أن الصين عندما اعتنقت الفكر الماركسي لم تقبله كما هو، وإنما أدخلت عليه تعديلات لكي يتناسب مع طبيعة مجتمعها، حتى أصبح هناك ما عُرف بالنموذج الاشتراكي الصيني، الذي عملت الصين على نشره في مواجهة النموذج الاشتراكي السوفيتي، وبرغم حدة الصراع الأيديولوجي بين الصين والولايات المتحدة إلا أن المصلحة الصينية دعت إلى تقاربهما في 1971 - 1972 وعُد ذلك ملمحاً لواقعية الصين في التعامل مع الأحداث، وهو ما أسفر عنه احتلال الصين لموقعها في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وكذلك يعود الفضل للواقعية الصينية في التركيز على الإصلاح الاقتصادي منذ بداية الثمانينيات، فإدخال تعديلات هامة على النظام الاقتصادي القائم وجدها البعض تتعارض مع المبادئ الاشتراكية، فكان رد "دينج شياوبنج" أن الاقتصاد أهم من الأيديولوجيا، أي أن مصلحة الصين تأتي أولاً. ويتساءل "محمد فايز فرحات" (السياسة الدولية -ع132–أبريل 1998) عن كيفية قيام إصلاح اقتصادي في الصين دون حدوث تحولات سياسية موازية، أو انهيار سياسي على نحو ما شهدته دول أوروبا الشرقية، ثم يجيب عن هذا التساؤل بقوله: إن الإصلاح الاقتصادي في الصين جاء بمبادرة من الحزب الشيوعي الحاكم نفسه، أي أنها تتم في إطار مظلة الحزب الشيوعي وليس انقلاباً على مبادئ الحزب نفسه، وذلك في ظل إدراك مجموعة من الإصلاحيين داخل الحزب الشيوعي بضرورة إجراء هذا الإصلاح من أجل الحفاظ على معدلات النموّ الاقتصادي، وتعظيم الكفاءة الاقتصادية والمنافسة الاقتصادية الصينية في الأسواق الخارجية؛ ومن ثمّ لم يكن الإصلاح الاقتصادي هذا نتيجة لحدوث انهيار اقتصادي أو في مواجهة أزمات اقتصادية حادة بقدر ما كان سعياً من جانب القيادات الإصلاحية إلى الاستفادة من إمكانات وآليات نظام اقتصاد السوق في تحقيق معدلات كبرى من التنمية الاقتصادية. ويرى د. محمد نعمان جلال (السياسة الدولية – ع152- أبريل 2003) أن العقلية السياسية الصينية تمتلك فلسفة فريدة من نوعها، فماوتسي تونج عندما بلغ به الكبر ترك كثيراً من الأمور للقائد الصيني المتواضع والبالغ الكفاءة "شوان لاي" ولم يمانع في إعادة الاعتبار لقائد صيني آخر هو "دنج سياوبنج" وهذا الأخير عندما بلغ به الكبر ترك القيادة لجيانج زيمين، واكتفى بمنصب شرفي هو رئيس اللجنة العليا للرياضة، ولكنه كان بمثابة الأب الروحي للقيادات الجديدة، وجيانج عندما واجه نفس الاختيار اكتفى بالاحتفاظ برئاسة اللجنة العسكرية المركزية، وترك القيادة الجديدة بزعامة "هوجينتاو" تضطلع بدور قيادة الصين وإدارتها في بداية القرن الحادي والعشرين. ويرأس "هوجينتاو" -59 عاماً- اللجنة الدائمة وهو القائد الأعلى للصين، وينتمي للجيل الرابع، وقد تم إعداده لخلافة "جيانج" منذ تم اختياره من قبل دينج قبل حوالي عشر سنوات، وينظر إليه بصفة عامة على أنه محافظ وقد انضم للحزب في عام 1964 وترقى ليصبح رئيس رابطة الشباب الشيوعي في عام 1948 وفي العام التالي أصبح أصغر زعيم إقليمي سناً في الصين وهو في الثالثة والأربعين من عمره. ويبدو عليه أنه زعيم بيروقراطي هادئ، ويقول النقاد إنه يفتقر للكاريزما، ويعرفه غالبية الصينيين بصورة أساسية لقيادته حملة الترويج لنظرية "جيانج" المعروفة باسم التمثيل الثلاثي خلال العامين الماضيين. ويتضح من العرض السابق أن القيادات الصينية المتعاقبة تولي اهتماماً خاصاً بالإصلاح الاقتصادي وذلك في ظل النظام الاشتراكي الذي يحدده الحزب الشيوعي الحاكم، وقد أدى هذا النظام السياسي الفريد في إدارة شؤون الدولة إلى تبوء الصين مكانة عالمية في السوق الدولية حيث شهدت في السنوات الأخيرة طفرة واسعة في تطورها الاقتصادي بحيث استطاعت تحقيق معدلات نموّ اقتصادي تفوق ما حققته بعض الدول الصناعية المتقدمة، مما يرشحها لتصبح قوة عظمى اقتصادياً خلال السنوات المقبلة. وقد قال مسؤول صيني إن بلاده ستصبح ثاني أكبر قوة تجارية في العالم بعد الولايات المتحدة في بضع سنين إذا ما تمكنت من الحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادي وهي وتيرة قوية وسريعة للغاية. وقد كانت الصين في عام 1989 تحتل المرتبة الـ 15 في قائمة أكبر القوى التجارية في العالم، لكنها تقدمت العام الماضي لتصبح سادس أكبر مصدر ومستورد على مستوى العالم. فنجد أن التجارة الخارجية في الصين – وهي أكبر دولة من حيث عدد السكان- قد نمت في السنوات الـ 12 الماضية بوتيرة كبرى من متوسط النموّ العالمي. فالصين حالياً هي المصدر الأول لعديد من السلع مثل: الملابس والأحذية والساعات والدراجات الهوائية. وتشير تقديرات رسمية إلى أن إجمالي حجم التجارة الصينية بلغ العام الحالي 600 مليار دولار مقارنة مع أقل من 510 مليارات العام الماضي، فالصادرات ارتفعت في الشهور التسعة الماضية بنسبة 19.4% وهو ما رفع الفائض التجاري بنسبة 49.4% أي بقيمة 20 مليار دولار. ويستعرض د. سيار الجمل مظاهر النمو الاقتصادي في حقبة التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة في ملف البيان السياسي (ع 602 – 30 نوفمبر 2002) قائلاً: إن المعدل الوسطي لنمو الاقتصاد الصيني بلغ خلال التسعينيات أكثر من 10% سنوياً، وهو باستثناء ما سجلته التنانين الآسيوية الأخرى، وهو أعلى معدل للنمو في العالم، وأنه مقارنة مع ذلك الذي تسجله الدول المتقدمة، مثل: الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، يتفوق بخمس مرات أو أكثر، ففي حين سجل الاقتصاد الأمريكي عام 1995 نمواً بلغ معدله 2% والألماني 2.1% والفرنسي 2.2% سجل الاقتصاد الصيني نمواً بمعدل 10.2% وهو أمر أثار ولم يزل يثير المزيد من التساؤلات في العالم أجمع، وارتفعت الصادرات في الصين من 18 مليار دولار أمريكي عام 1980 ولم يزل في حالة من الارتفاع، ولقد احتلت الصين عام 1994 مكانها في لائحة الدول الثلاثين المهيمنة على التجارة الدولية بالمرتبة الحادية عشرة، ورشحت حين ذلك للقفز إلى المرتبة السادسة عام 2000 وقد حصل ذلك فعلاً، إذ كانت الصين قد حققت رقماً إجمالياً لتجارتها الخارجية بلغ 280ميار دولار أمريكي عام 1995 وراكمت في العام نفسه مبلغاً قدره 74 مليار دولار من العملات الصعبة، وبلغ فائض ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية 40 مليار دولار، ويقدر الخبراء بأن حصة الصين من الاقتصاد العالمي ستصل في العام 2020 إلى 20%، وهو رقم يعادل الوزن الذي تحتله الولايات المتحدة الأمريكية في الاقتصاد العالمي في تسعينيات القرن الماضي. وتشير آخر المعلومات الإحصائية الصادرة عن مصلحة الدولة في الصين إلى أن إجمالي الناتج الوطني ازداد 7.9% في التسعة شهور الأولى من العام 2002 مقارنة بما كان عليه الحال خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وشهد الاقتصاد الصيني ازدياداً سريعاً خلال السنوات الثلاث عشرة، إذ بلغ معدّل الزيادة في إجمالي الناتج الوطني 9.3% سنوياً في حين بلغ المعدل في الاقتصاد العالمي 2.5% فقط في تسعينيات القرن العشرين، وبلغ معدل الزيادة في إجمالي الناتج الوطني وللفترة 1990–1997 يقدر بـ11.2% سنوياً، لقد بلغ النمو الاقتصادي في الصين العام 1997 رقماً قدره 8.8% في حين ارتفعت أسعار المبيعات للسلع بالتجزئة 0.8% فقط عن العام 1996 مقارنة بمطلع عقد التسعينيات من القرن العشرين. لقد قفزت زيادة حجم إجمالي ذلك الناتج من 100 مليار يوان إلى أكثر من 900 مليار يوان على أثر التغيرات التي أصابت بنية الاقتصاد الصيني في عقد التسعينيات. ولعل الثورة الصناعية التي تشهدها الصين اليوم وارتفاع نسب الصناعات الأولى والثانية والثالثة بأرقام كبرى قد جعل الصين وقد ارتفعت فيها نسبة الواردات والصادرات من إجمالي الناتج القومي 44% في العام 2001 بعد أن كان 24.6% في العام 1989، ولقد أدى ذلك كله إلى زيادة دخل المواطنين في الصين، فضلاً عن الأرباح الخيالية التي حققتها الشركات والمؤسسات الصينية وما حققته الدولة من إيرادات مالية، لقد تكللت الخطة الاقتصادية الخمسية في الصين عن إنجاز انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية رسمياً في 10 نوفمبر 2001. ونحن العرب نتعاطف مع صمود الصين الواثق والخارق إلى مكانة القوة العظمى في غضون عقد واحد قادم من السنين على الأرجح، ذلك أننا نعرف أن تعدد القطبية في عالمنا الجديد قد يحمي شعوبنا من سطوة الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت عصراً إمبريالياً جديداً ولم تعد تكتفي بالهيمنة السياسية والأمنية والعسكرية والثقافية في مناطق المصالح الحيوية الأمريكية، وفي مقدمتها الشرق الأوسط بوجه عام، والمنطقة العربية بصفة خاصة. بل تركز حالياً على التغلغل الاقتصادي وتطمع في بترول العرب ودول آسيا الوسطى الإسلامية، وفي أسواقها التجارية، ثم في استثماراتها ومدخراتها، ومواقعها الجيواستراتيجية المتحكمة في التجارة العالمية وفي الإستراتيجية الكوكبية، ويدرك كثير من المثقفين العرب تلك التناقضات الحادة بين الثقافتين الأمريكية والإسلامية التي تغذيها أفكار"صموئيل هنتيغتون" عن الصدام القادم بعد نهاية العقد الأول من القرن الحالي بين الحضارة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وتحالف الصين الكونفوشوسية مع بعض الدول الإسلامية.
697
| 18 أغسطس 2012
شهد يوم 30 يونيوعام 1989 انقلابا عسكريا بقيادة الرئيس السوداني عمر البشير، وبمساعدة الدكتور حسن الترابي، وتم فرض النظام الإسلامي وإعلان الهوية الإسلامية للسودان مما ترتب عليه تغييرات جذرية في الموقف الاستراتيجي السوداني ومنذئذ والولايات المتحدة لم يهدأ لها بال وهي تحاول بشتى الطرق، إقحام نفسها في القضايا الداخلية للسودان؛ حيث أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً تأسف فيه للإطاحة بحكومة منتخبة انتخاباً ديمقراطياً في إشارة إلى حكومة الصادق المهدي. وخلال شهري أغسطس وديسمبر من العام 1989 أجريت مباحثات في كل من أديس أبابا ونيروبي بهدف وضع حدّ للحرب الأهلية والصراعات في السودان تحت رعاية أمريكية في عهد الرئيس "كارتر"، ولكن هذه المباحثات باءت بالفشل بسبب تمسك الخرطوم بتطبيق الشريعة. ويرى أشرف راضي (السياسة الدولية ع 128–أبريل 1997) أن التوتر في العلاقات السودانية الأمريكية ازداد كثيراً بعد اللقاء الذي تم بين الرئيس البشير وهريمان كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الخارجية، وفي8 مارس1990 أوقفت الحكومة الأمريكية المساعدات العسكرية والاقتصادية للسودان وذلك تنفيذاً للقرار الذي ينص على عدم تقديم مساعدات للنظم العسكرية التي وصلت إلى الحكم من خلال الانقلابات، ما لم تبد استعدادها لإعادة النظام الديمقراطي خلال ثمانية أشهر. ثم جاءت حرب الخليج وضاعت معها آخر فرصة للتقارب بين الخرطوم وواشنطن حيث أعلن النظام الجديد في السودان انحيازه الواضح للرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفي منتصف فبراير 1991 أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في الخرطوم، وبررت هذه الخطوة بالخوف من تعرضها لهجوم إرهابي بسبب حرب الخليج، ثم يأتي العام 1993 وتضع الولايات المتحدة، السودان على رأس قائمة الدول التي تنتهك فيها حقوق الإنسان وأدارت الولايات المتحدة هذه القضية من خلال منظمة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والكنيسة، ورغم محاولة السودان تطبيق إستراتيجية مضادة للحملة على انتهاكات حقوق الإنسان والتي تنظمها الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة، إلا أنه لم يفلُح في منع مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من اتخاذ قرار في 10 مارس 1993 بتعيين مراقب لحقوق الإنسان في السودان وظل السودان موضع انتقاد للجلسات التي تناقش فيها انتهاكات حقوق الإنسان في المفوضية. ومنذ شهر أغسطس 1993 تضع الولايات المتحدة السودان على رأس قائمتها السوداء للدول التي ترعى الإرهاب، وبالتالي فهو غير مؤهل للحصول على مساعدات إنسانية أمريكية. وفي الأول من يوليو عام 1999 في ظل إدارة الرئيس كلينتون أصدر الكونجرس الأمريكي قراراً يدين فيه الحكومة السودانية، بل إنه دعا مجلس الأمن لإدانة ما أسماه بغارات اصطياد العبيد وبفرض حظر جوي كامل على جنوب السودان. وقد طالب الكونجرس إدارة الرئيس كلينتون بدعم التنظيمات التي تعمل خارج نطاق الأمم المتحدة من أجل التنسيق في مجهودات الإغاثة ودعم الديمقراطية والإدارة المدنية والبنية الأساسية في المناطق السودانية التي تخضع لسيطرة المعارضة. ويرى د. حمدي عبد الرحمن حسن (السياسة الدولية-ع147- يناير 2002) أن الهدف من هذه الضغوط الأمريكية هو تدويل المسألة السودانية، مما أثار المخاوف من جانب النظام السوداني من محاولة تطبيق النموذج الدولي في أزمة كوسوفا على الوضع في السودان في الوقت الذي خضعت فيه إدارة الرئيس بوش لضغوط من بعض قادة الكونجرس المعنيين بالشأن السوداني والذين يخضعون لنفوذ بعض المنظمات الكنسية الإنجيليكية وإرسالياتها التبشيرية، حيث يتم تصوير الوضع في السودان بعيداً عن حقائق الواقع على أنه صراع أيديولوجي له طابع ديني بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي. ويعتبر اتفاق "مشاكوس" (20يوليو2002)هو أحدث الصور التي تبرهن على التدخل الأمريكي السافر في الشؤون السودانية؛ حيث نص على عدة نقاط بالغة الأهمية بالنسبة للجنوب، لعل من أبرزها عدم تطبيق الشريعة الإسلامية والنص على حق تقرير المصير لهؤلاء بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات، وتضمن الاتفاق بعد الأطروحات من جانب حركة "قرنق" في أن يتم التناوب بين قرنق والبشير على حكم البلاد خلال الفترة الانتقالية بحيث يتولى قرنق الحكم في الفترة الأولى ومدتها ثلاث سنوات ثم البشير بعد ذلك. وعندما لاقت الفكرة اعتراضاً من الحكومة السودانية تم اقتراح فكرة الرئيس ونائب الرئيس بحيث يتولى قرنق منصب نائب الرئيس على أن يكون له الحق في الاعتراض على القرارات الرئاسية الخاصة بالجنوب، وبالطبع تولى الحكم في حالة غياب الرئيس أو وفاته، ولكن تم العدول عن هذا الاقتراح أيضاً بعد اعتراض الحكومة. وتم الاتفاق على أن يتولى قرنق منصب نائب الرئيس وفي حالة غياب الرئيس يتم اختيار رئيس من خلال المؤتمر الوطني الحاكم، ورغم أن هذا الاقتراح لا يتماشى مع طموحات قرنق إلا أنه يعدّ مكسباً كبيراً إذ صار لا ينظر إليه على أنه قائد تمرد أو أنه يمثل الجنوبيين فقط، بل صار جزءاً هاماً في الكيان السوداني. ورغم هذه السياسة الجارحة من قبل الإدارة الأمريكية تجاه النظام السوداني إلا أن الواضح أن واشنطن تسعى نحو تحسين علاقاتها مع السودان بعد سنوات من التوتر، حيث اتضح أن السلطات السودانية ساعدت المحققين الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر، بل إن التعاون الأمني بين البلدين قد بدأ منذ أكثر من عامين تقريباً حيث إن السودان يمثل هدفاً استخباراتياً مهماً للولايات المتحدة؛ لأن أسامة بن لادن قد عاش فيه خلال الفترة من 1991 و1996، وتفيد بعض المصادر أن السلطات السودانية قامت بتسليم الفرق الأمنية الأمريكية مجموعة كبيرة من الوثائق والخرائط عن أسامة بن لادن وعن تنظيم القاعدة الذي أسسه في بداية التسعينيات. بالإضافة لما سبق يرى "بدر حسن شافعي" (السياسة الدولية –ع153-يوليو2003) أن اهتمام الإدارة الأمريكية بالسودان يرجع لأسباب أخرى أهمها: النفط، حيث تؤكد الإدارة الأمريكية أن لها حقاً في بترول السودان على خلفية أن أول شركة اكتشفته كانت شركة أمريكية، ثم عندما دبّ الخلاف بين واشنطن والخرطوم بسبب توجهات النظام الإسلامية قام الأخير بإعطاء حق التنقيب لشركات أخرى منافسة ماليزية– صينية مما سبب إزعاجاً لواشنطن وهي ترغب في الحصول على مزايا اقتصادية لشركاتها خاصة أن السودان تعدّ من الدول البكر في مجال الإنتاج النفطي ولديها احتياطات لا بأس بها، وإن كان هناك اتجاه آخر يقلل من احتمال التدخل لأسباب نفطية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين؛ حيث سيتم توجيه الشركات الأمريكية العاملة في مجال النفط صوب العراق. ورقة الرق وحقوق الإنسان وهي ورقة ضغط هامة في أيدي الحكومة الأمريكية ضد أي دولة خارجة عن القانون الأمريكي، وقد وضع السودان ضمن قائمة الدول التي يتصدرها التقرير السنوي للخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان على مستوى العالم؛ وكان آخرها التقرير الذي صدر أوائل أبريل من العام الحالي، حيث اتهم الخرطوم بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. العامل الاقتصادي، حيث تشكل السودان مورداً هاماً للموارد الطبيعية – بخلاف البترول- حيث تزخر الأراضي السودانية بالخامات المعدنية (النحاس، الذهب، الخامات المشعة)، هذا فضلاً عن الأراضي الزراعية الخصبة والمترامية الأطراف والتي جعلت خبراء الزراعة يطلقون على السودان اسم "سلة غلال الدول العربية"، فوجود الأراضي الزراعية وما يترتب عليه من المنتجات الغذائية الوفيرة يمكن أن يشكل عاملاً هاماً في الصراع العالمي القادم الذي يصفه البعض بأنه سيكون صراعاً على الطعام. مياه النيل، وهي مرتبطة بالنقطة السابقة، حيث إن أي حرب قادمة قد تكون بسبب مصادر المياه.
2112
| 14 أغسطس 2012
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4308
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2100
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1797
| 04 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
1641
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
966
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
687
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
672
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
648
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
567
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية