رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من الناس يشكون من مشكلة "وقت الفراغ" ويصفونها بأنها أعقد مشكلة واجهتهم أو تواجههم، وقد يكون المرء مطالباً بإنجاز بعض الأعمال فيهملها ويجلس للثرثرة مع الآخرين شاكياً متألماً من "وقت الفراغ" الذي لا يعرف كيف يزجيه؟! والذين يكثرون من شكوى وقت الفراغ هم في الحقيقة أناس ضعاف القدرات، ليست لديهم القدرة على الإبداع، فما أكثر الحيل التي يمكن للمرء أن يقضي بها وقته مفيداً للآخرين أو مستفيداً من الوقت الزائد عن حاجته. ومهما يكن نوع العمل الذي نلجأ إليه كوسيلة لقضاء وقت الفراغ، فإنه – وإن كان بالنسبة إلينا هواية – من جهة أخرى "عمل" أو وسيلة الحياة لأناس آخرين، فالرياضة البدنية يلجأ إليها الهواة لتجديد نشاطهم، وتحريك عضلاتهم، وتنشيط دوراتهم الدموية، وإراحة أعصابهم، فهي بالنسبة للهواة عملية مزاجية ممتعة تخفف عن هواتها عناء أعمالهم التقليدية التي غالباً ما تكون ذات طابع عقلي كالكتابة والقراءة والعمل في دواوين الحكومة. ولكن هذه الرياضة البدنية نفسها بالنسبة لمزاوليها المحترفين هي بدورها "عمل تقليدي" ممل، مرهق، يحتاج إلى البحث عن "هواية" أخرى تخفف من عنائه ولتكن هذه الهواية هي القراءة مثلاً أو المسرح أو الصيد أو التمثيل أو التجارة... إلخ. وأحياناً يلجأ بعض الناس إلى الرحلات، وركوب القطارات أو السفن أو وسائل النقل المختلفة والسفر لمسافات طويلة بغرض التنزه أو الفسحة، والمتعة في مثل هذا السفر تنبع من كون المسافر مختلياً بنفسه أو بمن يحب مرافقتهم متحللاً من المسؤولية الرسمية التي تأخذ بخناقه طوال وقت العمل الرسمي. ولكن هذه الرحلة الترفيهية بالنسبة للسائقين وطاقم الخدمة في السفينة أو القطار، أو الباصات، أو غيرها عذاب ومشقة وعمل رسمي ممل، يتطلعون بلهفة إلى الانتهاء منه، حتى يخلدوا إلى الراحة! والقراءة متعة، أو هي أكبر متعة لأنها المصدر الأكثر شيوعاً للمعرفة، والإنسان الناجح يجب أن يسعى في بداية شبابه إلى تكوين مجموعة من " الأصدقاء " الصامتين من المؤلفين فيدقق في اختيارهم كما يدقق في اختيار أصدقائه الأحياء، ويعود إليهم في أوقات فراغه ليدير معهم حواراً من طرف واحد ينتهي بفائدة محققة له دون شك. وإذا نظر الإنسان إلى القراءة على أنها " وجبة غذائية " عقلية، كان عليه أن يحسن اختيار مفردات هذه الوجبة، فلا يرهق نفسه بالأغذية – الكتب – الدسمة عسيرة الهضم، ولا يضيع وقته في النشويات التي تستقر في الكرش ولا تصل إلى الدم.. وأعني بها الكتب الفارغة الضئيلة القيمة، وكما يتناول الإنسان وجبته الغذائية التقليدية في جو من الاحترام هيئة وجلوساً وإضاءة وتهوية، يجب عليه أن يعامل وجبته الغذائية العقلية ذات المعاملة من الاحترام والوقار فلا يقرأ وهو متكئ أو مستلق على بطنه أو ظهره حتى لا يرهق عينيه وتصبح القراءة بالنسبة له عملاً شاقاً سرعان ما يمله وينفر منه ولا ينبغي للعاقل أن يخلط بين الغث والسمين فيقفز من مجلة إلى صحيفة إلى كتاب بلا تخطيط أو تنظيم حتى لا يتشتت ذهنه بل عليه أن يتخير الوقت الهادئ.. وليكن الليل المتأخر – ليخلو إلى كتاب بعينه وذهنه متفتح للاستفادة. ومتعة القراءة قد تصبح عملاً رسمياً مملاً بدوره وشاقاً وذلك بالنسبة للباحثين والعلماء الذين يقضون ثلاثة أرباع وقتهم مع الكتب فهم في أمس الحاجة إلى التخلص منها من حين لآخر وترويض أجسادهم بالرياضات البدنية المنشطة للدم والعضلات حتى يعودوا مرة ثانية إلى عذابهم اللذيذ الممتع! إن النظرة إلى العمل – أي عمل – على أنه " فن " تيسر على كل إنسان يتبنى هذه النظرة أداء عمله، إن المرأة العاملة أو الموظفة حين تحصل على إجازة من عملها يوماً أو يومين تجد نفسها مثقلة بأعباء منزلية أكثر جسامة من أعباء عملها وتؤديها ببراعة وحب وألفة لأنها " تتفنن " في خدمة بيتها، ولا يمكنها أن تمارس أعمالها المنزلية بشكل رتيب لا أثر فيه للفن ولا فرصة فيه للمتعة. وكلما استشعر الإنسان أن العمل فن، زادت لذة العمل عنده وأصبح مدمناً لهذه اللذة التي تجلب إليه مزيداً من الراحة النفسية والرزق أيضاً. واليابانيون في هذا العصر أصدق مثال على ذلك، فهم يقبلون على العمل بحب وروح عالية، حتى ضجت حكوماتهم مراراً من عدم قدرتها على خفض الإنتاج !! لأن اليابانيين لا يحصلون على أي إجازات، بل إن الحكومة لجأت منذ سنوات إلى إعطاء حوافز مالية لمن يطلب إجازة دون جدوى!! إن العمل – أي عمل – مهما يكن بسيطاً أو معقداً يمكن أن يكون فناً ومصدراً للمتعة أو اللذة إذا أداه صاحبه أداءً متقناً. والعمل – بوصفه فناً – لا يبعث على الراحة النفسية فقط، بل إنه يثمر ثماراً أخرى، فهو ينقذ صاحبه من آفات الكسل وأهم هذه الآفات الخمول، والخمول بدوره يستدعي الشعور بالصداع والآلام الجسدية الأخرى، فضلاً عن أن العمل إذا ما أحبه الإنسان ينقي صدره من آفات نفسية كثيرة كالحسد والبغضاء والنفاق والرياء وذلك لأن الإنسان إذا أحب عمله ووضع كل اهتمامه فيه، لم يجد وقتاً للتفكير في شؤون الآخرين ولا الاهتمام بتفاهات التافهين. ويتأتى ذلك بأن ينظم الإنسان وقته بحيث يستثمر ما يزيد على ساعات عمله الرسمي، في هوايات أخرى يعطيها نفس القدر من الاهتمام فتصبح هي بدورها مجالاً للإتقان والكسب إلى جانب وظيفتها الأصلية وهي الترفيه والمتعة والحصول على اللذة،،،.
663
| 30 ديسمبر 2013
كثير من الناس يشكون من مشكلة "وقت الفراغ" ويصفونها بأنها أعقد مشكلة واجهتهم أو تواجههم، وقد يكون المرء مطالباً بإنجاز بعض الأعمال فيهملها ويجلس للثرثرة مع الآخرين شاكياً متألماً من "وقت الفراغ" الذي لا يعرف كيف يزجيه؟! والذين يكثرون من شكوى وقت الفراغ هم في الحقيقة أناس ضعاف القدرات، ليست لديهم القدرة على الإبداع، فما أكثر الحيل التي يمكن للمرء أن يقضي بها وقته مفيداً للآخرين أو مستفيداً من الوقت الزائد عن حاجته. ومهما يكن نوع العمل الذي نلجأ إليه كوسيلة لقضاء وقت الفراغ، فإنه – وإن كان بالنسبة إلينا هواية – من جهة أخرى "عمل" أو وسيلة الحياة لأناس آخرين، فالرياضة البدنية يلجأ إليها الهواة لتجديد نشاطهم، وتحريك عضلاتهم، وتنشيط دوراتهم الدموية، وإراحة أعصابهم، فهي بالنسبة للهواة عملية مزاجية ممتعة تخفف عن هواتها عناء أعمالهم التقليدية التي غالباً ما تكون ذات طابع عقلي كالكتابة والقراءة والعمل في دواوين الحكومة. ولكن هذه الرياضة البدنية نفسها بالنسبة لمزاوليها المحترفين هي بدورها "عمل تقليدي" ممل، مرهق، يحتاج إلى البحث عن "هواية" أخرى تخفف من عنائه ولتكن هذه الهواية هي القراءة مثلاً أو المسرح أو الصيد أو التمثيل أو التجارة... إلخ. وأحياناً يلجأ بعض الناس إلى الرحلات، وركوب القطارات أو السفن أو وسائل النقل المختلفة والسفر لمسافات طويلة بغرض التنزه أو الفسحة، والمتعة في مثل هذا السفر تنبع من كون المسافر مختلياً بنفسه أو بمن يحب مرافقتهم متحللاً من المسؤولية الرسمية التي تأخذ بخناقه طوال وقت العمل الرسمي. ولكن هذه الرحلة الترفيهية بالنسبة للسائقين وطاقم الخدمة في السفينة أو القطار، أو الباصات، أو غيرها عذاب ومشقة وعمل رسمي ممل، يتطلعون بلهفة إلى الانتهاء منه، حتى يخلدوا إلى الراحة! والقراءة متعة، أو هي أكبر متعة لأنها المصدر الأكثر شيوعاً للمعرفة، والإنسان الناجح يجب أن يسعى في بداية شبابه إلى تكوين مجموعة من " الأصدقاء " الصامتين من المؤلفين فيدقق في اختيارهم كما يدقق في اختيار أصدقائه الأحياء، ويعود إليهم في أوقات فراغه ليدير معهم حواراً من طرف واحد ينتهي بفائدة محققة له دون شك. وإذا نظر الإنسان إلى القراءة على أنها " وجبة غذائية " عقلية، كان عليه أن يحسن اختيار مفردات هذه الوجبة، فلا يرهق نفسه بالأغذية – الكتب – الدسمة عسيرة الهضم، ولا يضيع وقته في النشويات التي تستقر في الكرش ولا تصل إلى الدم.. وأعني بها الكتب الفارغة الضئيلة القيمة، وكما يتناول الإنسان وجبته الغذائية التقليدية في جو من الاحترام هيئة وجلوساً وإضاءة وتهوية، يجب عليه أن يعامل وجبته الغذائية العقلية ذات المعاملة من الاحترام والوقار فلا يقرأ وهو متكئ أو مستلق على بطنه أو ظهره حتى لا يرهق عينيه وتصبح القراءة بالنسبة له عملاً شاقاً سرعان ما يمله وينفر منه ولا ينبغي للعاقل أن يخلط بين الغث والسمين فيقفز من مجلة إلى صحيفة إلى كتاب بلا تخطيط أو تنظيم حتى لا يتشتت ذهنه بل عليه أن يتخير الوقت الهادئ.. وليكن الليل المتأخر – ليخلو إلى كتاب بعينه وذهنه متفتح للاستفادة. ومتعة القراءة قد تصبح عملاً رسمياً مملاً بدوره وشاقاً وذلك بالنسبة للباحثين والعلماء الذين يقضون ثلاثة أرباع وقتهم مع الكتب فهم في أمس الحاجة إلى التخلص منها من حين لآخر وترويض أجسادهم بالرياضات البدنية المنشطة للدم والعضلات حتى يعودوا مرة ثانية إلى عذابهم اللذيذ الممتع! إن النظرة إلى العمل – أي عمل – على أنه " فن " تيسر على كل إنسان يتبنى هذه النظرة أداء عمله، إن المرأة العاملة أو الموظفة حين تحصل على إجازة من عملها يوماً أو يومين تجد نفسها مثقلة بأعباء منزلية أكثر جسامة من أعباء عملها وتؤديها ببراعة وحب وألفة لأنها " تتفنن " في خدمة بيتها، ولا يمكنها أن تمارس أعمالها المنزلية بشكل رتيب لا أثر فيه للفن ولا فرصة فيه للمتعة. وكلما استشعر الإنسان أن العمل فن، زادت لذة العمل عنده وأصبح مدمناً لهذه اللذة التي تجلب إليه مزيداً من الراحة النفسية والرزق أيضاً. واليابانيون في هذا العصر أصدق مثال على ذلك، فهم يقبلون على العمل بحب وروح عالية، حتى ضجت حكوماتهم مراراً من عدم قدرتها على خفض الإنتاج !! لأن اليابانيين لا يحصلون على أي إجازات، بل إن الحكومة لجأت منذ سنوات إلى إعطاء حوافز مالية لمن يطلب إجازة دون جدوى!! إن العمل – أي عمل – مهما يكن بسيطاً أو معقداً يمكن أن يكون فناً ومصدراً للمتعة أو اللذة إذا أداه صاحبه أداءً متقناً. والعمل – بوصفه فناً – لا يبعث على الراحة النفسية فقط، بل إنه يثمر ثماراً أخرى، فهو ينقذ صاحبه من آفات الكسل وأهم هذه الآفات الخمول، والخمول بدوره يستدعي الشعور بالصداع والآلام الجسدية الأخرى، فضلاً عن أن العمل إذا ما أحبه الإنسان ينقي صدره من آفات نفسية كثيرة كالحسد والبغضاء والنفاق والرياء وذلك لأن الإنسان إذا أحب عمله ووضع كل اهتمامه فيه، لم يجد وقتاً للتفكير في شؤون الآخرين ولا الاهتمام بتفاهات التافهين. ويتأتى ذلك بأن ينظم الإنسان وقته بحيث يستثمر ما يزيد على ساعات عمله الرسمي، في هوايات أخرى يعطيها نفس القدر من الاهتمام فتصبح هي بدورها مجالاً للإتقان والكسب إلى جانب وظيفتها الأصلية وهي الترفيه والمتعة والحصول على اللذة،،،.
737
| 30 ديسمبر 2013
تعددت التعريفات العلمية للذكاء على أساس السلوك أو التصرف الصادر من الفرد استجابة للمحيط، وتبعا لذلك تعددت تعريفات الذكاء، كما تعددت نظريات الذكاء، فهناك الذكاء اللغوي والذكاء الموسيقي، والذكاء المنطقي والذكاء المكاني، والذكاء الجسمي، والحركي والشخصي والذكاء بين الشخصين الاجتماعي والذكاء الطبيعي. ومع أن نسبة الذكاء تبقى ثابتة، فإن العلماء وجدوا أن هناك بعض العوامل التي ترفع نسبة من نسبة الذكاء أو تقلل منها، مثل عامل الوراثة وعامل البيئة ثم عامل الوراثة والبيئة معاً وكذلك عامل دافعية الفرد. ولأهمية اكتشاف الأفراد الذين يتمتعون بقدرات عقلية عالية، بدأت محاولات عدة لإيجاد اختبارات تقيس القدرات العقلية سميت باختـبارات الذكاء، ومن أهم تلك الاختبارات اخـتبار "ستانفورد بينيه" واختبار "وكسلر". والقياس العقلي يفيد في تشخيص التأخر العقلي كما يفيد في تشخيص الموهبة والابتكار وتصنيف التلاميذ إلى مجموعات ومساعدتهم في فهم قدراتهم وميولهم إلى أقصى حد ممكن. ومن الفئات الأخرى التي تهتم بها الدول فئة الأفراد المبدعين وذلك لأثر هذه الفئة في رقي وتقدم الأمم. ويتكون من الإبداع مهارات وقدرات متعددة هي المرونة والطلاقة والأصالة والتحليل والتركيب والحساسية للمشكلات... إلخ. وقد وجد العلماء أن العملية الإبداعية تمر بمراحل مختلفة، من هذه المراحل، مرحلة الإعداد ومرحلة الاحتضان ومرحلة الإلهام ومرحلة التحقق. كما يرى العلماء أنه لابد من توافر مقومات أساسية لظهور القدرات الإبداعية. من هذه المقومات الذكاء والدافعية والتعلم والتخيل الإبداعي. كذلك تعددت العوامل التي تؤثر في تنمية الإبداع ومن هذه العوامل الأسرة وشخصية الفرد وأساليب التعليم والمنهاج وثقافة المجتمع. أما أساليب الكشف عن المبدعين، فتمر بمراحل مختلفة، منها مرحلة الترشيح من قبل الأسرة والأقران، ثم مرحلة الاختبارات، مثل اختبارات الذكاء الفردية والجمعية واختبارات الإبداع والتفكير الإبداعي. ورعاية الموهوبين والمبدعين يجب أن تكون قضية التربية الأولى، وبخاصة في عصرنا هذا، عصر الانفجار المعرفي والثقافي والمعلومات والاتصالات، أضف إلى ذلك أن أمتنا تواجه تحديا كبيراً، إذ لابد أن يكون العرب مشاركين بشكل فعال في دعم التقدم الحاصل في كل أصقاع الدنيا. وكل هذا يتطلب منا تحسين نوعية التعليم بتحسين مدخلاته وعملياته ومخرجاته، ولتكون التربية منسجمة مع التنمية ومتطلباتها. ولن تتوافر هذه النماذج إلا إذا وضعنا الطلاب في مناخات تؤدي إلى تنمية قدراتهم وتشجيعهم على الإبداع، وهذا الكتاب يساهم للوصول إلى هذا الهدف النبيل. وقد اهتمت الدول المبدعة كما اهتمت الدول النامية بموضوع الإبداع وبالمبدعين وترتيبهم وذلك لما للإبداع من أهمية في تقدم هذه الأمم، وباعتباره أداة أساسية لمساعدة الإنسان في مواجهة المشكلات الحياتية والعالمية، سواء في أيام السلم أو أيام الحرب ومن تلك المشكلات التي يحاول العلم حلها والتغلب عليها. ومنها الأمراض المختلفة مثل السرطان، والإيدز والجمرة الخبيثة وغيرها من الأمراض العصرية والقديمة، ومشكلة الطاقة وضرورة توفيرها، ومشكلة الانفجار السكاني، ومشكلة نقص الغذاء ومشكلة الاستعمار بأشكاله القديمة أو الحديثة، غيرها العديد من التحديات والمشاكل الكثيرة التي تواجه الإنسان، فمن أجل مثل هذه المشاكل وغيرها كثير، بدأ العالم اهتمامه بالمبدعين وذلك للتغلب على الصعوبات التي يواجهها جراء هذه المشكلات. ومن هنا تظهر أهمية هذا الكتاب الذي يساعد في الوصول إلى المبدعين والكشف عنهم في محاولة للاستفادة من طاقاتهم وإبداعهم، من أجل رقي المجتمع وتقدم الأمة، وإضافة إلى هذا الهدف النبيل، يضاف إليه كل ما ألفه السابقون في المجال نفسه، وهو خطوة في نشر ثقافة جديدة تدعونا جميعاً إلى تفهم الخطر الذي يلم بنا إذا نحن لم نبدأ برعاية الصفوة المفكرة الذكية المتميزة والمبدعة. والكتاب من القطع المتوسط ويضم الكتاب تسعة فصول تعقبها ثمانية ملاحق، وقد جاء الكتاب في حوالي 405 صفحات، ومؤلفا هذا الكتاب هما د. (محمد جهاد جمل)، ود. (زيد الهويدي)، وقد راجع هذا الكتاب وقدم له د. أحمد بن دانية، وصدر الكتاب في طبعته الأولى عن دار الكتاب الجامعي، في الإمارات العربية المتحدة. وقد تناول مؤلفا الكتاب في الفصل الأول الذكاء مفهومه وتعريفه وخصائصه، وعرضا للعديد من التعريفات المختلفة للذكاء، فمفهوم الذكاء مفهوم تصف به السلوك والتصرفات التي تصدر عن الفرد. وهناك تعريف آخر يرى أن الذكاء في اللغة يعني سرعة الفهم وحدته، مما يؤدي إلى نمو الإبداع لدى المتسمين بالذكاء. وقد عرض الكتاب لأهم أساليب التدريب لتنمية الإبداع، منها استخدام طريقة التقصي والاكتشاف وكذلك استخدام الأسئلة المتباعدة، والألغاز والألعاب التربوية وجلسات إمطار الدماغ. وبوجه عام، تشير الدراسات التربوية ودراسات علم النفس إلى تعدد تعريفات الإبداع التي قد تزيد على 50 تعريفاً، وقد يعود ذلك إلى مناهج الباحثين واختلافهم واهتماماتهم العلمية، والتربوية وإلى مدارسهم الفكرية، كما قد يعود إلى تعدد مجالات الظاهرة الإبداعية، ويمكن إجمال هذه التعريفات في أربعة مجالات: أولا: الشخص المبدع: ومفهوم الإبداع عند الآخذين بهذا التوجه، يرتكز على سمات الشخص المبدع نفسه، فقد عرف (سمبسون Simpson) الإبداع بأنه:" المبادأة التي يبديها الفرد في التخلص من سياق التفكير العادي والانتقال إلى نمط جديد من التفكير"، أي أن الشخص المبدع هو يبحث ويستقصي ويكتشف ويؤلف، ومن السمات ذات العلاقة بالشخص المبدع حب الاستطلاع، والاكتشاف. أما (جيلفورد Guilford) فيعرف الإبداع بأنه تفكير مفتوح يتميز بإنتاج إجابات متنوعة، ومن السمات التي يذكرها جيلفورد ولها علاقة بهذا التعريف: الطلاقة والمرونة، والقدرة على التفكير المنطقي، وتوظيف المعرفة المتوفرة لتوليد أفكار جديدة، ومن الصفات التي ذكرتها الباحثة (كلاركClark): الانضباط الذاتي والاستقلالية وكراهية السلطة، ومقاومة الضغوط الاجتماعية والميل إلى المؤامرة، وتفضيل المسائل المعقدة، كما وجد أنهم يميلون إلى قراءة الكتب ويجدون متعة في قراءتها ويقرأون بفهم، كما أنهم يبذلون جهودا كبيرة في مجال تخصصهم. ثانياً الإنتاج: وفي هذا المجال يعرف (روجرز Rogers) الإبداع بأنه ظهور لإنتاج جديد نتيجة تفاعل الفرد مع الخبرة. ثالثاً: البيئة الإبداعية: ويقصد بها الظروف أو المواقف المختلفة التي تيسر ظهور الإبداع أو تحول دون ظهور قدرات الأفراد الإبداعي، فقد توصل تورانس نتيجة زيارته إلى اليابان إلى أن معظم سكان اليابان مبدعون، ويعود ذلك إلى المناخ الثقافي الذي يسهل ظهور الإبداع الذي من مظاهره الجد والنظام وبذل الجهد الكبير في العمل والانتماء للجماعة واحترام روح الفريق والتدريب الذاتي على حل المشكلات وتنمية مهارة الإنتاج ومهارة التعاون منذ الصغر. كما يشمل المناخ النظام التربوي والمدرسة بما فيها من مديرين ومعلمين ومشرفين وأخصائيين وأدوارهم في تهيئة البيئة الصغيرة الملائمة للإبداع. رابعاً البيئة العلمية الإبداعية: لتحديد مفهوم الإبداع وفق هذا المنحنى يعرف (ميدنك Mednick) الإبداع بأنه عملية مزج عناصر في قالب جديد يحقق فائدة معينة. أما (بول تورانس Torrance) فيعرف الإبداع بأنه عملية الإحساس بالمشكلات وتحديد مواطن الضعف والثغرات فيها ثم صياغة الفروض واختبار صحة الفروض للوصول إلى نتائج. وفي هذا التعريف يُلاحَظ التركيز على المراحل التي تمر بها العملية الإبداعية والتي ما زالت هذه الخطوات موضع خلاف بين الباحثين. كما تناول مؤلفا الكتاب المعالم الرئيسية للإبداع: وذلك من خلال الدراسات والأبحاث ذات الصلة بالإبداع، ومن التعريفات السابقة يمكن تحديد بعض المعالم الرئيسية للإبداع وخلاصتها أن هناك اختلافا وتباينا في تحديد مراحل عملية الإبداع، واختلافا أيضاً في تعريف الإبداع، فوفقاً لما يراه مؤلفا هذا الكتاب: ليس من الضروري أن تمر عملية الإبداع بمراحل محددة، كما يؤكدان إمكانية أن ينتقل الفرد المبدع من المرحلة الأولى إلى المرحلة الأخيرة أثناء تكوين الفكرة الإبداعية دون المرور ببقية المراحل، وقد تناول مؤلفا الكتاب عدة نماذج انتهيا منها إلى أن مراحل الإبداع هي: 1- مرحلة تكوين الفرضيات: وهي المرحلة التي يقوم فيها الفرد المبدع باقتراح حلول الفرضيات، أي تكوين أفكار جديدة. 2- مرحلة اختبار الفرضيات: وفيها يقوم المبدع باستخدام الأساليب والوسائل والأدوات المتاحة بفحص الفرضية أو الفكرة للتأكد من صحة الفرضيات أو الأفكار. 3- مرحلة الوصول إلى النتائج: وفي هذه المرحلة يتأكد الفرد المبدع من صحة إحدى الفرضيات فيقوم الشخص بتعميمها وعرضها على الآخرين، وذلك لمعرفة مدى فائدتها وقبولها من الآخرين. وهناك نموذج المرحلتين، أي أن العملية الإبداعية تتكون من مرحلتين هما: - مرحلة الفكرة الأساسية. - مرحلة التوسع التفصيلية. ففي مرحلة الفكرة الأساسية يحاول المبدع البحث عن فكرة جديدة مثيرة أو (حل المشكلة)، ويستخدم لتحقيق ذلك تقنيات التفكير الإبداعي. أما مرحلة التوسع التفصيلية فتتضمن تطوير الفكرة وتوسيعها وتطبيقها. مثلا يبدأ الفنان برسومات تمهيدية ثم ينتقل للإنتاج الإبداعي، كذلك الروائي يكتب الكلمات على الصفحة ثم يقوم بالتنقيح والتصحيح ويكرر ذلك، كذلك رجل الأعمال الذي عليه تنظيم التفاصيل وتنفيذ العمل الضروري لتنفيذ الفكرة الأساسية بخطوات متسلسلة. أما أساليب الكشف عن المبدعين فهي تعد خطوة مهمة للغاية في أي مشروع يهدف إلى تربية ورعاية المتفوقين والمبدعين. وإذا تمت عملية اكتشاف المتفوق أو الموهوب بأسس علمية صحيحة فإنه يمكن وضعه في البرنامج الذي يناسبه، كما أن عملية الاكتشاف تجعل المجموعة التي نرعاها ونعد لها البرامج الإثرائية خالية من الطلبة المتفوقين. حيث لا يجوز أن يكون طالب غير متفوق موجودا في فئة المتفوقين، ويخضع لبرامجهم ومناهجهم، لأن ذلك يؤدي إلى إحباطه وزيادة ضعفه، وكذلك الحال فإن الطالب المتفوق يفضل أن يلتحق في فصول المتفوقين ولا يترك في الفصول العادية مما قد يؤثر فيه سلبا، لذلك لابد أن تكون هذه الخطوة موجودة في مشروعات المتفوقين والموهوبين، وأن نجاح أي مشروع يعتمد على مدى دقة عملية الكشف التي استخدمت وعلى صحة الخطوات التي اتخذت للكشف عنهم. وقد تعددت وسائل الكشف عن المبدعين، فقد يكون منها: السيرة الذاتية ومقاييس التقدير وقد تكون الاختبارات العقلية، ويمكن التحدث عن خطوات الكشف عن المبدعين بإيجاز، فالخطوة الأولى هي الترشيح، والخطوة الثانية هي خطوة الاختبارات والمقاييس وهذه بدورها تصنف إلى فئات خمس، وهي اختبارات الذكاء الفردية، واختبارات الذكاء الجمعية، واختبارات الاستعداد المدرسي والأكاديمي، واختبارات التحصيل الدراسي، واختبارات الإبداع والتفكير الإبداعي. ويشدد المؤلفان على أهمية وجود ضوابط التعرف إلى المبدعين، لأن هذه المرحلة من أهم المراحل في أي برنامج لتنمية الإبداع وتأتي أهميتها من حيث اكتشاف التلميذ المبدع وأن أي خطأ في اختبار التلميذ قد يضر بالتلميذ، لأن وضع أي تلميذ في فصل على أنه مبدع قد يؤدي إلى إحباط التلميذ وعدم قدرته على السير بمستوى التلاميذ المبدعين، كما أن عدم اختيار التلميذ المبدع ووضعه في فصل المبدعين يؤدي إلى تأثره نفسيا، فيفقد البرنامج عنصراً أساسياً وهو التلميذ المبدع والذي يمكن أن تنمي البرامج الإبداعية قدراته، لذلك لابد من الاهتمام بالتلميذ المبدع والتعرف عليه، ويمكن أن تمر هذه العلمية بمرحلتين، حيث تتضمن كل مرحلة عدة خطوات. ولم يغفل الكتاب الاهتمام بالطفل المبدع، فقد خصص المؤلفان الفصل الخامس لهذا الغرض، والذي أفرد عرضا لعدد من البرامج التي تعمل على تدريب الأطفال وتنمية إبداعهم مثل برنامج (مايروتورس) وبرنامج (بيردو) للتفكير الإبداعي. وكذلك الفصل السادس الذي تناول التفكير مفهومه وتعريفه لغة واصطلاحاً، وأورد التعريفات المتعددة للتفكير، مع إيضاح لعناصر التفكير وتبيين مهاراته. وتبقى الإشارة إلى أن هذا الكتاب بسلاسة عرضه، وصرامة منهجه العلمي، ودقة توثيق معلوماته، يسد ثغرة كبيرة في المكتبة التربوية العربية.
15137
| 27 ديسمبر 2013
لقد كانت النظرة السائدة لأصحاب الإعاقات حتى وقت قريب وفي معظم المجتمعات الإنسانية تتمثل بأنهم أفراد غير أسوياء ويختلفون عن الأفراد العاديين ولا يتساوون معهم وتمت معاملتهم باعتبارهم فئة غير جديرة بالعيش لأنها غير منتجة ويعاني أفرادها من قصور أو تدن يعوقهم ويجعلهم غير مساوين للأفراد العاديين. ونتيجة هذه النظرة السلبية ضد الأفراد المعاقين والتي تحمل التمييز ضدهم فقد منعوا من الظهور والاختلاط مع بقية الأفراد وإخفائهم لتجنب الشعور بالخجل لوجودهم وتم عزلهم ووضعهم في أماكن إيوائية كوسيلة لإبعادهم عن بقية أفراد المجتمع، وتغيرت النظرة السلبية تجاه هذه الفئة من الإفراد وبما أن الأسرة هي الوحدة التي يعتمد عليها في تربية الطفل وتعليمه وإدماجه في الحياة يجب أن يكون لأفرادها دور فاعل في مثل هذه البرامج والأنشطة كما تعتبر عملية إشراك الأسرة في تربية الطفل واجبا اجتماعيا وأخلاقيا فقد نصت التشريعات والقوانين على ضرورة إشراك أولياء الأمور في تربية أطفالهم المعاقين ويجمع المختصون المهتمون على أهمية هذه المشاركة الفاعلة في إنجاح البرامج العلاجية والتربوية والتأهيلية المقدمة للطفل. والتربية الخاصة شهدت تغيرات جذرية تعكس تأثير قوى التغير المختلفة ففي الثلاثينيات من القرن العشرين كان التوجيه نحو التربية الخاصة قائما على الاعتقاد بعدم ملاءمة المدارس العادية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومع الحرب العالمية الثانية بدأ الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ووضع تصنيف محدد لهم ومن ثم تجهيزهم لنوع من التربية مختلف عن تربية العاديين أما التربية الخاصة في الوقت الحالي المعاصر فقد أصبحت تربية تقوم على الوصل لا الفصل بين مجتمع العاديين ومجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة. يتبين مما سبق أن هناك تباينا حول الاهتمام بالتربية الخاصة الأمر الذي دفع إلى عقد عديد من المؤتمرات والندوات التي تتناول هذه القضية سواء على المستوى العالمي أو على المستوى القومي فعلى المستوى العالمي بدا الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ممثلا فيما تصمنه مواثيق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان وميثاق الثمانينيات للمعوقين والذي يشير إلى ضرورة توفير الرعاية التربوية الكاملة لذوى الاحتياجات الخاصة واعتبار ذلك مؤشرا من المؤشرات التي تقاس بها تقدم المجتمعات. لذا فقد أصبح الاهتمام بتقديم خدمات مناسبة لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير رعاية مستمرة لهم بصورة لا تجعلهم عالة على المجتمع ضرورة ملحة. بل تسعى لجعلهم على درجة كبيرة من الاستقلالية الذاتية بما يجعل منهم أفرادا منتجين يعملون في إطار قوى متناسق يتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم واستعداداتهم بما يمكنهم من الاندماج في المجتمع بفاعلية ونشاط. ومع التطور السريع الذي حدث في نهاية القرن العشرين في المجالات الطبية والتربوية والاجتماعية فضلا عن التطور التكنولوجي المذهل والذي انعكس بشكل مباشر على الخدمات التي تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة تطورت الوسائل التربوية وأصبح تعليم هؤلاء والوصول بهم إلى أقصى درجة من النمو ممكنة بما تسمح به قدراتهم وإمكاناتهم واستعداداتهم ومواهبهم وميولهم. والواقع أن الدول المتقدمة تهتم بالأطفال غير العاديين بصرف النظر عما تتكلف برامج رعايتهم وإرشادهم، حيث يقاس تقدم أي مجتمع بمدى اهتمامه ورعايته وتوجيه وإرشاد فئاته الخاصة، كما قامت حركات تربوية وإنسانية حاولت تغير الاتجاهات القديمة غير الإنسانية في النظر إلى الأطفال المعاقين. وهذا التقدم قاصر على المجتمعات المتقدمة ويرجع هذا الاقتناع المتزايد بأن المعوقين كغيرهم من أفراد المجتمع يملكون الحق في الحياة وفي النمو وفي التعليم والتدريب على مهنة من المهن ليكونوا منتجين في المجتمع واستغلال ما لديهم من قدرات وإمكانات واستعدادات إلى أقصى حد ممكن. وينظر للخدمات الاجتماعية على أنها جهود منظمة وموجهة نحو الأفراد أو أساليب للتدخل من شأنها مساعدة الأفراد والجماعات أو أحداث تعديلات في البيئة الاجتماعية لتحقيق التوافق الإيجابي ولقد ظهرت هذه الخدمات لمقابلة احتياجات الأفراد بالمجتمع نظراً لاحتياجاتهم إليها نتيجة عدم كفاية أو فعالية موارد الفرد وأسرته الخاصة فهي تمثل البرامج أو الإجراءات التي يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون نحو تحقيق أهداف الرعاية الاجتماعية. وتعرف الخدمات الاجتماعية على أنها نظام اجتماعي متقدم وفقا لمسؤوليه جماعية تسعى نحو ظروف الأفراد وحاجتهم للاعتماد على الغير، وهناك العديد من الأنشطة والخدمات التي تندرج تحت مفهوم الخدمات الاجتماعية وتكون ذات مردود اجتماعي ونفسي واقتصادي وسياسي وتعليمي وصحي ورياضي وفني وتدريب مهني فهي مجموعة الخدمات التي توفرها الدولة بصفة عامة وأنها تستهدف تحسين مستوى المعيشة، أي أن عائدها المباشر هو تحسين ظروف الحياة الاجتماعية للأفراد وليس زيادة الإنتاج الاقتصادي أو تحقيق فوائد اقتصادية فقط، ومن أهم الخدمات التي تندرج تحت هذا المفهوم، برامج الرعاية الاجتماعية للفئات الخاصة ومن أمثلتها المجالس والاتحادات ورعاية الطفولة والخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي والبرامج الخاصة بتعديل السلوك. فالمعوق يجب ألا تحرمه إعاقته من الاستمتاع ببرامج المؤسسة، فمن خلال المؤسسة وبرامجها يكتسب المعوق كثيراً من مظاهر السلوك الاجتماعي السليم كالتدريب على العمل الجماعي والقيادة والتبعية وتحمل المسؤولية والتعاون وتكوين العلاقات مع الزملاء في الجماعة المدرسية والتقليل من الصعوبات التي تواجه وشعور المعوق بالراحة والسرور والحرية نتيجة المشاركة في أوجه النشاط المختلفة. ويحتاج ميدان التربية الخاصة إلى المزيد من الجهود التي تبذل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة لأننا نتعامل مع فئات تفتقر إلى أحد منافذ الحياة والذي يترتب عليه قصور في بلوغ بعض المعارف والمهارات اللازمة للحياة العادية لذا كان تكثيف الجهود أمراً لأبد منه خصوصا مع تزايد أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة مع تزايد عدد السكان وزيادة معدلات التلوث في البيئة وانتشار الحوادث وقصور الخدمات المقدمة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة. إن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة - شأنهم في ذلك شأن ذويهم من العاديين - يحتاجون لأن تتاح لهم فرص التعليم المناسبة في ضوء احتياجاتهم وإمكاناتهم بهدف الاستفادة من طاقاتهم كأفراد منتجين في المجتمع ليسوا عالة عليه ويعني ذلك إتاحة الفرص لهؤلاء الأطفال لكي يعيشوا حياة كريمة في ظل الظروف الحياتية التي يعيش فيها أقرانهم العاديين مع توفير فرص المشاركة الوظيفية التامة معهم.
1266
| 23 ديسمبر 2013
خامساً: تناول الكتاب التوجهات السياسية للجامعة، فقد اتضحت توجهات الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ البداية، وذلك من خلال العرض التاريخي لنشأتها. وهذه التوجهات: هي التوجه الديني وقد أوضحت إحدى وثائق الجامعة أن الهدف هو ضمان الشخصية المسيحية للجامعة وتنمية الولاء المسيحي لدى المدرسين والطلاب، وكذلك التوجه الاجتماعي والتوجه الأكاديمي، وقد تم اجتماع في 11 يوليو 1919م "بواشنطون" أسفر عن إصدار بنود قوانين الجامعة الأمريكية بالقاهرة كما يلي: أولاً الاسم: الجامعة الأمريكية بالقاهرة (The American University at Cairo). ثانيا الهدف:" تقديم التربية المسيحية لشباب مصر والأراضي المجاورة لها، وذلك عن طرق إقامة معهد للتعليم على أعلى المستويات التربوية الفعالة، لتظهر للعالم الإسلامي السمات الخلقية للسيد المسيح، التي باستطاعتها وحدها تنشيط الحياة الفكرية وبعث روح التجديد في المجتمع، وإصلاح حياة الفرد". سادساً: أقسام الجامعة كالتالي: كلية الآداب والعلوم، ومدرسة الدراسات الشرقية، وقسم الدراسات الممتدة، وكلية التربية، ومركز البحث الاجتماعي، ومعهد اللغة الإنجليزية. ويتجه اهتمام الفصل الرابع للوقوف على العلاقة بين الأهداف المعلنة للجامعة والممارسات الداخلية في المدة من 1920م حتى عام 1956م، حيث قد ظلت الوجهة التبشيرية خلال هذه المدة هي المحور الذي تدور حوله بقية الأهداف المعلنة من إعداد النخبة، ونشر الثقافة الأمريكية، وخدمة المجتمع المصري وكانت الجامعة تسعى لتحقيق أهدافها من خلال أقسامها المختلفة. وكان الهدف الديني أن تمثل الجامعة قمة الهرم التعليمي التبشيري في وادي النيل وأن تقوم بتقديم دروس لطلاب المرحلة الجامعية ودراسة مهنية لكل من المسلمين والمسيحيين في مصر والأراضي المجاورة. وكانت هذه الدروس تشمل تعليم الإنجيل وعلومه، وإعداد النخبة الحاكمة وفقاً للمبادئ المسيحية وقد طورت الجامعة عل هذا الأساس ما تمارسه من وسائل لتحقيق أهدافها وذلك من خلال الاجتماع الديني، المحاضرات العامة، المناهج الدراسية، اختيار أعضاء هيئة التدريس، وأنشطة الجامعة الأخرى. ويمكن القول بأن الجامعة قامت بدور خطير في كشف دقائق الأمور والمشكلات الاجتماعية في مصر ودول الشرق الأوسط، بحيث تستطيع أمريكا من خلاله بسط الهيمنة الثقافية على المجتمع المصري. ومما سبق نستطيع أن نلمس الأهداف الحقيقة للجامعة، وهي السعي لتنصير المجتمع المصري، وإيجاد تبعية ثقافية أيضاً، وقد جاءت التبعية في إطار الجانب الديني. واهتم الفصل الخامس برصد واقع المجتمع المصري، وتحليل أوضاعه في النواحي الفكرية والسياسية والاقتصادية والوقوف على مدى ما أسهمت به تلك الأوضاع في إيجاد مناخ مهيأ للجامعة مكنها من الاستمرار في تبني أهدافها، وقد تناول هذا الفصل الأوضاع الفكرية في الواقع المصري وركزت المؤلفة على الفكر الليبرالي، والفكر الاشتراكي، والفكر الإسلامي التجديدي. ثم الأوضاع السياسية في الواقع المصري، ثم الأوضاع الاقتصادية في الواقع المصري وقد أظهر هذا الفصل أوضاع المجتمع المصري الفكرية وما أحدثته من تغيرات على الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، كما تأثر المجتمع المصري أيضاً بالمتغيرات العالمية في تلك المرحلة من الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي والتنافس بين الدول الكبرى على بسط نفوذها على العالم، وقد انعكست كل هذه الأوضاع على الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأهدافها، لذا نجد في أعقاب ثورة يوليو حتى عام 1963م تغييراً في الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية لكي تتواءم مع النظام الجديد، كما نلمس نوعاً من الكياسة والحذر في الإفصاح عن المضامين الدينية التنصيرية وظهر ذلك أيضاً في ممارسات الجامعة الداخلية. وعام 1963م له دلالة حيث لم يظهر التغيير في الأهداف المعلنة للجامعة إلا في هذا العام. وبرغم كل الاحتياطات التي وضعتها الجامعة في تلك المرحلة، فإن دافع الجامعة للحفاظ على إعداد نخبة تعمل لصالح الغرب، والتركيز على التقرب من الحكومة والطبقة الحاكمة الجديدة في المجتمع، جعل الجامعة تستثني أبناء مجلس قيادة الثورة الجديدة، من شرط الحصول على مجموع الدرجات المطلوب للقبول. وتناولت المؤلفة في الفصل السابع وضع الجامعة الأمريكية بالقاهرة في الستينيات، والأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية بالقاهرة في ظل التحول الاشتراكي، فقد انعكست الأوضاع والظروف في المجتمع المصري والعلاقات المصرية الأمريكية المضطربة خلال فترة التحول الاشتراكي في مصر على الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية. وتبنت الجامعة أهدافاً جديدة، لكي تتناسب مع الأوضاع المجتمعية والعالمية المتغيرة، ولكي تحاول إثبات أنها تعمل لخدمة المجتمع المصري حتى تتمكن من الاستمرار في وقت كانت الاتجاهات العدائية تتعاظم نحو كل ما هو أمريكي. والممارسات والأنشطة المتعلقة بتحقيق الأهداف المعلنة والذي تمثل في صورة المسؤوليات التعليمية وخدمة المجتمع المصري ومواجهة تحديات التنمية والطباعة والنشر وأيضاً تعامل الجامعة مع النخبة. ويلقى الفصل الأخير الضوء على وضع الجامعة الأمريكية مع بداية التوجه الجديد للنظام السياسي المصري – في عهد السادات - نحو إقامة علاقات وطيدة مع الغرب ومع أمريكا على وجه الخصوص والذي بدأت مؤشراته مع بداية السبعينات وتبلور بصورة واضحة عام 1974م مع تبني مصر سياسة الانفتاح الاقتصادي. وقد سارت الأحداث بخطى سريعة لتدعيم مصالح الجامعة الأمريكية، فقد اعتمد الرئيس "السادات" البروتوكول الرسمي للجامعة في عام 1976م، الذي تضمن أهداف الجامعة الأمريكية ونظام العمل فيها، وقد تناول هذا الفصل وضع الجامعة في السبعينيات، ثم بروتوكول عام 1976م، وتأكيده استقلالية الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأخيراً الأهداف المعلنة والممارسات الداخلية التي تمثلت في المسؤوليات التعليمية والثقافية، وخدمة المجتمع المصري وإعداد الصفوة. وفي النهاية نستطيع استشراف دور الجامعة الأمريكية (AUC) من خلال التوضيح الرائع الذي ظهر به هذا الكتاب المهم وما قام به أيضاً من تحليل لأهدافها الأولى وما طرأ عليها من تغيير وامتداداتها في الواقع الراهن، ويمكننا القول أنه بفضل ما تقدمه من القيم والثقافة الأمريكية تمثل هذه الجامعة أحد آليات الهيمنة الأمريكية والتبعية وبخاصة في عصر العولمة التي تسعى فيه أمريكا للسيطرة على العالم وذلك لكون خريجي هذه المؤسسة روادا لهذا المجتمع وطليعة هذا العصر بما يحملونه من قيم وثقافة الدولة المسيطرة عالمياً. وهناك قيمة إضافية لهذا الكتاب الخطير تتمثل فيما حواه من وثائق سرية استطاعت المؤلفة الحصول عليها لتوثيق رؤاها وتدعيم تحليلاتها. فتحية لها وللناشر على هذا الجهد المحمود.
3225
| 09 ديسمبر 2013
هذا كتاب خطير يأتي في إطار محاولة للكشف عن الدور الثقافي للجامعة الأمريكية بالقاهرة في دعم تبعية المجتمع المصري للمجتمعات الغربية وبصفة خاصة أمريكا وذلك عندما نقف على الأهداف المعلنة التي تبنتها الجامعة كأساس لعملها وكذلك الممارسات المرتبطة بتلك الأهداف من جانب ومدى علاقتها بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي مر بها المجتمع المصري منذ نشأت الجامعة عام 1920م وحتى عام 1980م من جانب آخر. وعلى هذا فقد استهدف الكتاب محاولة الوصول إلى حقيقة الأهداف المعلنة للجامعة والأهداف غير المعلنة في المدة التاريخية السابق تحديدها. والكتاب من القطع المتوسط وقد جاء في 310 صفحات مشتملاً على ثمانية فصول بخلاف المقدمة والخاتمة، وقد صدر عن دار "فرحة" للنشر والتوزيع بالمنيا مؤخرا، ومن الجدير بالذكر أن الكتاب قد أعد أساساً كرسالة ماجستير للدكتورة "سهير حسين البيلي" وهي مدرّسة بكلية التربية جامعة طنطا. ترى المؤلفة في بداية الفصل الأول أن أي ظاهرة تحكمها مجموعة من العوامل المتفاعلة. بحيث لا يكون هناك عامل واحد مسؤول عن ظهورها، والظاهرة موضوع الدراسة هي انتشار التعليم الأجنبي في مصر. وهي ظاهرة تحكم نشأتها وتطورها عوامل داخلية وعوامل خارجية متفاعلة. وتركز المؤلفة في هذا الفصل اهتمامها الرئيسي على عدة عوامل أولها العوامل الداخلية: كالسياق الاجتماعي؛ فقد كان المجتمع المصري مهيئاً داخلياً لتقبل الهيمنة الاستعمارية، والتي كان من مؤشراتها نمو التعليم الأجنبي في البلاد. ومن جملة الأوضاع الاجتماعية في مصر الانهيار الاقتصادي فلم يكن هدف محمد علي – في بداية مشروعه النهضوي - الأخذ بالأساليب العصرية وتنظيم الدولة فقط، وإنما كان يسعى إلى استقلال مصر في مواجهة الدول الأخرى وثاني هذه العوامل تقديم حكام مصر المساعدة للأجانب فلم يعارض محمد علي الوجود الأجنبي في البلاد فقد استعان بهم في بناء دولته الحديثة وبدأت البعثات الدينية التبشيرية تظهر في مصر مع سياسة محمد علي التي اتسمت بالتسامح الديني معهم لدرجة أنه أتاح لهم حرية الدعاية الدينية، ثم تلا ذلك عهد سعيد والذي شجع الإرساليات الأجنبية عن طريق المساعدات التي قدمها لها وكان ذلك عهد بداية التغلغل الأجنبي في البلاد، ثم عهد إسماعيل الذي شجع الإرساليات في البلاد وذلك لإرضاء الدول الأوروبية التي كانت تمده بالقروض وثالث هذه العوامل هو تغلغل الثقافة الأوروبية التي بدأت مع حملة نابليون ثم تبني محمد علي مشروع إنهاض مصر على أسس من النموذج الغربي، والبعثات التي أرسلها محمد علي للخارج ثم ظهور الصحافة ومنها صحافة الجاليات الأجنبية والصالونات الأدبية، وأخيراً مقاومة أقباط مصر نشاط الإرساليات. وترى المؤلفة أن العوامل الداخلية سالفة الذكر قد هيأت مصر للخضوع للهيمنة الأجنبية وأن العوامل الخارجية قد عجلت بتحقيقها ومنها: الامتيازات الأجنبية، والتنافس الاستعماري على مصر متمثلاً في الحملات العسكرية والتحالفات السياسية والهيمنة الاقتصادية ثم تدفق الأجانب على مصر، ثم الإرساليات التبشيرية، والاستشراق، والواقع أن مفهومي: التبشير والاستشراق يتضمنان نفس الأهداف ولكن التبشير تنحصر دعوته في حدود التأثير المباشر في عقول الناس من خلال التعليم المدرسي والعمل الاجتماعي في المستشفيات والملاجئ أما الاستشراق فقد اتخذ لنفسه صورة البحث وادعى لنفسه الطابع الأكاديمي. وآخر العوامل الخارجية هي رحلات "السان سيمونيين"، والرحالة الأوروبيون الذين وفدوا على مصر. ونتيجة للعوامل الداخلية والخارجية السالفة تهيأت البلاد لبسط الهيمنة الأجنبية من خلال تغلغل التعليم فكثرت بذلك المدارس الأجنبية ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي: مدارس الطوائف غير الإسلامية ويندرج تحتها مدارس الأقباط واليهود، ثانياً: مدارس الجاليات الأجنبية وتضم مدارس الأرمن ومدارس الجاليات الإيطالية واليونانية والألمانية ثالثاً: مدارس الإرساليات والفرق الدينية وتضم الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية ومن المدارس الأخيرة الإرساليات الأمريكية. ثم يأتي الفصل الثاني والذي تركز فيه المؤلفة الاهتمام على التعليم الأمريكي بصفة خاصة، منذ بداية تغلغل نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في البلدان العربية مع مطلع القرن التاسع عشر. وقد مثلت الإرسالية الأمريكية أول شكل من أشكال التغلغل الثقافي الأمريكي في البلدان العربية وفي مصر وقد تناولت المؤلفة ذلك من خلال استعراضها لبدء تغلغل النفوذ الأمريكي في الوقت الذي كانت فيه مصر قبلة للإرساليات والبعثات الدينية والتبشيرية من كل الطوائف، وكانت الولايات المتحدة مشغولة بأمورها الداخلية. وحتى بداية القرن التاسع عشر لم يكن لها أي مصالح تجارية في مصر أو أي تمثيل قنصلي في الدولة العثمانية بأكملها، وقد ظل هذا الوضع حتى عام 1930م، عندما عقدت الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاق الودي التجاري أو" المعاهدة التجارية" مع السلطان العثماني. ولفتت الإرسالية الأمريكية أنظار القناصل الأمريكيين إلى أهمية رسالتها المقدسة، فأصبح من واجبهم معاونة أعضاء الإرسالية وحمايتهم في مهامهم التبشيرية. وقد بدأ وجود الإرسالية في مصر مع بداية عام 1851م، وكان غرض الإرسالية في البداية، تحويل أقباط مصر إلى المذهب البروتستانتي، وأيضاً التبشير بالمسيحية بين المسلمين، وتم تسخير التعليم لخدمة الغرض التبشيري، ففي البداية استمر التوسع في مدارس الإرسالية على مستوى مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي فقط. وأدرك المبشرون الأمريكيون أن التأثير في قادة الرأي العام في البلاد، وفي الجيل الناشئ في الشرق، لا يمكن أن يتحقق إذا لم يكن ثمة تعليم عال، وعلى هذا الأساس أوجد المبشرون الأمريكيون الجامعة الأمريكية في بيروت والقاهرة، وكان لهم وجهة نظر في إقامة الكليات في المراكز الإسلامية، لذلك لم يكتفوا ببيروت وإنما أرادوا أن يكون لهم وجود في القاهرة بجوار الجامع الأزهر. وفي الفصل الثالث يلقي الكتاب الضوء على نشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة والعوامل التي واكبت هذه النشأة، على النحو التالي: أولاً: بداية التفكير في إنشاء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد تشكلت لجنة من مبشري الإرسالية الأمريكية والتي وصلت في تقرير لها إلى أن مصر مؤهلة في هذا الوقت لإقامة هذا المشروع، وتشكلت لجنة ثانية عام 1912م قام أعضاؤها بفحص شامل للأنظمة التعليمية وقد قررت اللجنة ضرورة إقامة جامعة مسيحية بمصر، بسبب سوء التعليم العالي بمصر متمثلاً في الأزهر أو الجامعة الأهلية الوليدة. ثانياً: ظروف مهيأة لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة بسبب أوضاع مصر الداخلية لكونها خاضعة للاحتلال البريطاني وكذلك استمرار التيار المسيحي العالمي في نشاطه. ثالثاً: الخطوات العملية لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة: وقد تناولت المؤلفة جهود "تشارلز واطسون" لدعم مشروع الجامعة، واختيار القاهرة كأفضل مكان للجامعة من حيث كونها مركزاً فكرياً للعالم الإسلامي، أما عن الموقف البريطاني من فكرة إنشاء الجامعة فغير واضح من البداية حتى عام 1914م فقد قوبل الطلب الأمريكي بالرفض لأن تحديد مكان الإنشاء بالقرب من أهرام الجيزة غير مناسب لأنه يشوه الشكل الجمالي وكذلك الاعتراض على تسمية الجامعة باسم "الجامعة المسيحية"، ثم وقع أخيراً اختيار "تشارلز" على قصر "نيستور جانكليس" بشارع القصر العيني بجوار ميدان الإسماعيلية [ التحرير حاليا ] بالقاهرة، ولكن وقت الحرب العالمية الأولى حولت جميع المباني الحكومية إلى مستشفيات لصالح مصابي الحرب، وعقب انتهاء الحرب في محاولة للتودد للقوة الأمريكية الصاعدة وافقت بريطانيا على مشروع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وسهلت لها الحصول على المبنى الذي كانت تشغله كمستشفى أثناء الحرب. رابعاً: الجامعة الأمريكية بالقاهرة والمؤسسات المدنية والدينية وتناولت المؤلفة في هذا الجزء موقف السلطات البريطانية الذي تحسن عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى وكذلك موقف السلطات المصرية المؤيد للجامعة لكونها تجربة جديدة في الحياة التعليمية في البلاد، وقد حدثت بعض المشاكل بين الإرسالية والجامعة لأن الاعتمادات المالية توجه للجامعة مباشرة بعد أن كانت تذهب للإرسالية ومنها للجامعة وكذلك ارتفاع راتب مدرسي الجامعة مقارنة بمدرسي الإرسالية في حين ترى الإرسالية وجوب حدوث العكس لتشجيع المبشرين، فعقد مجلس الجامعة في عام 1923م اجتماعاً وفيه تقرر استقلال الجامعة الكامل عن الإرسالية.
2022
| 06 ديسمبر 2013
العلاوة الدورية السنوية لمن يشغل درجة (مساعد أستاذ) هي ستة جنيهات مصرية لا غير ، فإذا جد واجتهد ، وقام وقعد ، وأمضى خمس سنوات في عناء وكَبد، وتقدم للترقي لدرجة أستاذ – وهي نهاية درجات الترقي العلمية – قفزت علاوته السنوية الدورية من ستة جنيهات إلى ستة وربع، وهذا الوضع سائد في مصر من نصف قرن تقريبا توالت فيه الحكومات، وتعددت فيه الطروحات، وتغيرت أسعار العملات، وتأخرت المعارف وتطاولت النكرات، ولم يخطر ببال أحد أن يلتفت إلى هؤلاء البائسين الذين تلفعوا بالاستعفاف، ونفروا من الاستجداء، ورفضوا الابتزاز طوال خمسين عاما، وهم على الفقر صابرون وبالعفة مستمسكون. وليت الحكومات المتعاقبة اكتفت بتجاهلهم، وإهمالهم، ونبذهم عمدا خلافا لكل فئات المجتمع التي يحق لها اختيار من يقودها ويمثلها إلا أساتذة الجامعات لأنهم قاصرون فإن الحكومة وهي (الرشيدة !!) وصية عليهم في شرعها وليس في شرع الله، فهي تختار لهم قياداتهم في مناصب الجامعة جميعها، حتى لا يسيئوا الاختيار لأنهم قاصرون عابثون لا يفرقون بين الألف وكوز البوظة !! وهي لا تتدخل في شؤونهم بتعيين قياداتهم فقط، ولكنها تبث عيونها بينهم إذا قاموا وإذا قعدوا وإذا هموا بما لم ينالوا، وتبث عيونها بين الناشطين منهم خاصة، لكي تحول بينهم وبين أنفسهم إذا أرادوا بأنفسهم شرا وهم لا يشعرون. لست – ولم أكن يوما – متعاطفا مع أولئك السبعينيين الذين يثورون – الآن - وهم في سن اليأس على أوضاع هم صنعوها وشاركوا فيها بالفعل أو بالصمت. فليقفوا احتجاجا إن شاءوا، أو فليقعدوا انتظارا إن شاءوا، فلن يسمع بوقوفهم ولا بقعودهم أحد، ولن تجيرهم حكومة بلَتْهم فأحسنتْ بلاءهم، وعلمت منهم مَنْ وافقها ومن نافقها ومن "رافقها" !!، وستتخذ من أولئك (الرفاق) القدامى سيوفا تقطع بهم رقاب إخوانهم ممن يشاركونهم (الآن !!) الوقوف، فهذه سياستها، وذلك ديدنها، وتلك شنشنتها التي اصنعتْها مع القضاة، فقرَّبتْ منهم بعض السبعينيين فيما أسمته لجان التصالح ومحاكم الأسرة، لتضرب بهم المتشددين من إخوانهم. ولست – ولم أكن يوما – متعاطفا مع أولئك السبعينيين الذين يثورون وهم في سن اليأس بعد أن رأيتُ بعضهم يسكتون على سرقات علمية، ورأيت بعضهم يبيعون الدرجات العلمية بيعا، ورأيت بعضهم يبيعون الترقيات العلمية بيعا، ورأيت بعضهم يرى نفسه إلها صغيرا فيُعِزّ ويُذِل من طلابه، ويخفض ويرفع من مرؤوسيه، حتى إذا خَلَتْ به الحكومة أو خلا بها رأيناه يسقط ويركع، ويسجد ويذل، ويعطِّر بأحذية صغار المخبرين والمرشدين وجهَه الوقور، ورأيت بعضهم يسرق رسالة طالب فقير فيهديها لزوجة رئيسه فيرتقي حتى يصبح نجما يلمع لحظاتٍ، ثم يخور ويحور، فيافل، فيسقط في مزبلة التاريخ، مخلِّفاً وراءه كلَّ ما اجترح من سيئات وكل ما اقترف من آثام، وتاركا لتلاميذه أسوةً عفنة وقدوةً نتنة. قفوا يا أساتذتنا أو اقعدوا، فقد ذبحتم أنفسكم حين سكتّم عن علاوة ربع الجنيه نصف قرن!!
1031
| 28 نوفمبر 2013
برزت في الثلاثين عاما الماضية، في جميع الدول العربية، حاجة ماسة لإعادة النظر في تدخل الحكومات في معظم المجالات الخدمية، وظهر أن هناك إيمانا متزايدا بضرورة تقليص تدخل الدولة في الخدمات بوجه عام، ومن هذه الخدمات التعليم والصحة، والملحوظ أن التعليم بصفة خاصة – بوصفه مجالا خدميا واسعا تنهض الدولة بأعباء تمويله- تضخم وتضاعفت تبعاته المالية في العقود الخمسة الماضية، وأصبح التفكير في إجراء أي تعديل تمويلي، أو حتى إصلاح فني فيه، يتطلب حذرا شديدا وخطوات متأنية حتى لا يحدث احتكاك بقاعدة المتعاملين الضخمة من المواطنين. وقد حدث تغير ملحوظ خلال ربع القرن الأخير في معظم الدول حيث تغيرت الأهداف التعليمية وأصبحت تركز على احتياجات السوق بعد أن كانت تركز على نوعية الحياة وعلى المجتمع، كما تحولت المناهج التي تدور حول المتعلم إلى مناهج تدور حول الاقتصاد، وعند صياغة التخطيط تم تجاهل المفهومات الإنسانية المعروفة مثل: التعليم بوصفه حقا، والعدالة الاجتماعية... وغيرهما، وتبني مفهومات أخرى مثل التنافسية والجودة والإنتاجية، وفي ظل تلك الظروف تم التخلي تدريجيا عن "دور الدولة" وواجباتها، وتورطت نظم عديد من الدول في تبني سياسات تتجاوز فكرة العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص التعليمية وبدأت هذه الدول تركز على مفاهيم الكفاءة الاقتصادية. وفي هذا السباق تزايدت الدعوة إلى خصخصة التعليم، و"تسليع" الخدمة التعليمية بمعنى أن الآباء مستهلِكون- بكسر اللام - والمعلمين منتجون والمعرفة سلعة والطالب المتعلم المُنتَج – بفتح التاء - والعملية التعليمية "عملية إنتاجية"!! كما تعالت نداءات المثقفين بضرورة تخلي الدولة عن بعض مسؤولياتها الاجتماعية بحجة محدودية مواردها مع تزايد نفقاتها وتضاعف التزاماتها المالية الناجمة عن الزيادة السكانية، فضلا عن "تغول" الرأسمالية المتوحشة من خلال الدعوة إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص ورجال الأعمال في دعم تمويل التعليم لتقليل الإنفاق على التعليم العام ومشاركة التعليم الخاص التعليمَ العام في تقديم الخدمات التعليمية وتقديم تعليم متميز ربما لا يستطيع التعليم العام تحقيقه. وأصبحت مساهمة القطاع الخاص في التعليم ضرورية كمصدر من مصادر غير حكومية لتمويل التعليم بما يتناسب مع حاجة المجتمع وطموحات أفراده ومن أهم الركائز الأساسية التي يمكن أن تسهم في تمويل التعليم وزيادة فاعليته. وفي رأي كثير من التربويين أن ازدهار التعليم الخاص يمكن أن يسهم في علاج الكثير من المشكلات التي تواجه السياسة التعليمية في مصر ويدعو أصحاب الآراء المؤيدة لخصخصة التعليم أن تسعى الدولة لإزالة أي عوائق من شأنها إعاقة القطاع الخاص عن المشاركة في تمويل التعليم في ضوء أن التعليم الخاص ضرورة تفرضها ظروف المرحلة التي تمر بها البلاد حاليا، ويتحتم بقاؤها لتؤدي مع الدولة بعض التزاماتها في التعليم وضرورة العمل على قيام التعليم الخاص بأداء الخدمة التعليمية بصورة مرضية جنبا إلى جنب مع التعليم العام للنهوض بمستوى التعليم والارتقاء به. ومن التربويين من يرى أنه يمكن أن يتكامل التعليم الخاص مع التعليم العام في تحقيق أهداف العملية التعليمية خاصة في ظل التخفيضات الكبيرة في الإنفاق على التعليم ضمن حركة تخفيض الإنفاق الحكومي في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الدولة. وهذا يعني أن التعليم الخاص جزء من التعليم العام، ويمكن أن ينافس التعليم العام في استيعاب الطلاب، وفي تقديم خدمة تعليمية متميزة وتحقيق الأهداف التربوية للسياسة التعليمية العامة. وإذا نظرنا إلى العلاقة بين التعليم العام والتعليم الخاص من حيث جودة العملية التربوية فسنجد أن تخفيض الإنفاق على التعليم العام وتشجيع التعليم الخاص سينتج سلبيات كثيرة من بينها ما ظهر في التجربة المصرية حيث وضح أن تخفيض الدعم المتضمن في برنامج الإصلاح الاقتصادي أثر سلبيا في التعليم العام من خلال الزيادة في تكلفة التعليم التي انعكست في تخفيض حجم الخدمات والإمكانات، وهذا أثر بالطبع في جودة العملية التربوية في التعليم العام، وبمعنى آخر تخفيض الإنفاق على التعليم العام كان على حساب جودة التعليم، في حين ينفق على التعليم الخاص بسخاء وتتوافر به كل الإمكانات مما أظهره بأنه يفوق التعليم العام في جودة العملية التربوية. ومن جهة ثانية أظهر تحليل نتائج امتحانات الشهادات (بوصفها من ثمار الجودة) أن نتائج الامتحانات بالتعليم الخاص تفوق بنسبة عالية نتائج الامتحانات بالتعليم العام في كل المراحل التعليمية مما يظهر أن التعليم الخاص له من الكفاءة والفاعلية وتحقيق أهداف العملية التربوية أكثر من التعليم الحكومي. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن نتائج الامتحانات تعد عاملا مهما من عوامل جودة التعليم في أي نوع من أنواع التعليم، ويرجع الكثيرون انخفاض جودة العملية التربوية مقارنة بجودة التعليم الخاص إلى وجود مشكلات كثيرة يعاني منها التعليم العام منها المرتبط بالمعلم وأخرى بالإمكانات والتجهيزات وثالثة بالمباني وكثافة الفصول وغير ذلك مما كان له الأثر السلبي على جودة العملية التربوية في التعليم العام، ولا يعني ذلك أن التعليم الخاص لا توجد به مشكلات فهو أيضا يعاني كثيرا من المشكلات، وإن اختلفت عن مشكلات التعليم العام مثل العجز في بعض التخصصات للمعلمين، وعدم تأهيل كثير منهم، وتأخر استيفاء الكتب، ولذلك لا تظهر دائما جودة التعليم الخاص أفضل منها في التعليم الحكومي. وهناك مشكلات مشتركة بين التعليم العام والتعليم الخاص، تؤثر سلبيا في جودة العملية التربوية في كلا النوعين من التعليم العام والخاص. وقد اتضح من خلال الدراسات التي تناولت جودة التعليم العام والتعليم الخاص أنه ليس ضروريا أن يتفوق التعليم الخاص على التعليم العام في جودة العملية التربوية، فالأمر يختلف من مدرسة إلى مدرسة، ومن منطقة جغرافية إلى منطقة أخرى سواء أكان ذلك بالنسبة للتعليم الخاص أو التعليم العام، لأن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في جودة العملية التربوية اجتماعية واقتصادية وثقافية قد تظهر جودة التعليم مرتفعة في قطاع تعليمي عن الآخر، وهناك أيضا اهتمام ومتابعة الوالدين في المدارس الخاصة، ومستواهم الثقافي والاقتصادي المرتفع له تأثير في إظهار جودة العملية التربوية في التعليم الخاص.
2265
| 22 نوفمبر 2013
وردت إلينا في الجامعات مكاتبات من التكية الهلالية تتحدث عن رغبة المقام العالي في تأليف اللجان العلمية الدائمة للترقيات في ثوب جديد، والمقام العالي مغرم جدا ومفتون جدا بمصطلح (رؤية) تماما كغرام الأخ معتز الدمرداش بمصطلح (cool)!! وكغرام أبو مازن بمصطلح "خارطة الطريق"!! و(الرؤية) الجديدة مؤداها أن يكتب كل أستاذ سيرته العلمية/العملية مفصلة ويرسلها عبر موقع المجلس ولأعلى للجامعات إلى (من يهمه الأمر)!! فتتألف من هؤلاء المرسلين – بكسر السين – قوائم المحكّمين، من الأساتذة القدامى المستوفين للشروط التي يجب أن تتحقق للأستاذ حتى يصبح محكَّما، في موعد كان معلَنا أنه ينتهي بغروب شمس الحادي والثلاثين من شهر مايو المبارك، ثم – لأسباب لم تُعلَن – تم تمديد الموعد إلى نهاية شهر يونيو 2008. فإذا اكتملت القوائم لدى (من يهمه الأمر) قام معاليه أو سموه أو فخامته أو سيادته أو جنابه أو دولته – بأساليب لم تُعلَن – باختيار بضعة نفر من تلك القوائم لتتألف منهم اللجنة العلمية الدائمة لكل تخصص على حدة. وكانت تتألف منذ خلق الله الجامعات بالأقدمية المطلقة فتتحقق بها العدالة جهد الطاقة، ولكن هذا النظام القديم القائم على الأقدمية خلا من السر الجديد الباتع الموسوم بـ (الرؤية)!! ونظرا لكوني مواطنا صالحا غِرًّا متفائلا مقبلا على الحياة بكل ما يليق بصعيدي من حسن ظن وسذاجة!!، فقد تقدمت بأوراقي عبر الشبكة (النت) إلى الموقع المذكور إلى (من يهمه الأمر)!! لأظفر بحقي الذي سلبوني إياه منذ سنوات طوال –لأسباب لم تُعلَن – ظلما وعدوانا ولأسباب لما يحن بعد أوان فتح ملفاتها حتى لا تفسد (الرؤية)!! وكانت المكاتبة الواردة إلينا من التكية قد قالت إن من أراد أن يطمئن قلبه فليرسل سيرته عبر (النت) ثم يرسل منها نسخة ورقية مسحوبة مما أرسل على (النت)، ونظرا لكوني مواطنا صالحا غِرًّا متفائلا يتلقى تصريحات المسؤولين بوسواس شديد، فقد استنسخت مما (نتَّتُ) نسخة ورقية وأرسلتها مع مواطن لا يقل عني صلاحا وتفاؤلا وابتساما للحياة، وكانت المفاجأة لذلك البريء صادمة، وكانت الصدمة لذلك البريء قاتلة، فبعد سفر سبع ساعات بقطار الصعيد، وصل المواطن إلى المجلس الأعلى لتسليم أوراقي لـ (من يهمه الأمر) فوجد امرأة طروبا متفائلة أقبلت عليه بروح رياضية عالية قائلة في شخطة أوقعت قلب مبعوثنا البريء: "أين ختم النسر؟"، ارجع يا فتى من حيث أتيت وأبلغ من أرسلك أن (البلد مش سايبة) وأننا هنا في المجلس الأعلى للجامعات نتحدث عن الجودة والاعتماد والتطوير وتطوير التطوير وتجويد الجودة ولكن هذا كله لمجرد استدرار الملايين من الجهات الدولية التي تعجبها هذه اللغة، ويستهويها هذا الفكر، فإذا خلا بعضنا إلى بعض، فالتوقيع باهت، والخط غير واضح، وختم النسر غير موجود، والتمغة سابقة الاستعمال، وإيصال السداد غائب، والرسوم غير مكتملة.. إلى آخر هذا التراث البيروقراطي المجيد!! - ألم تقولوا إنكم يمكن أن تكتفوا بما أرسل عبر النت؟ سأل الفتى الغر الصالح المبعوث - بلى!! – أجابت المزمزيل ضاحكة ثم أضافت – وهل يرضيك أن نتسلم ورقاً خالية من ختم النسر؟ ونصدّق ما كتبه أستاذكم هو وزملاؤه (كده من غير اعتماد!!)؟ أليس من الجائز أنهم كذابون مدلسون يريدون أن يغرروا بنا؟ - إن معظمهم شيوخ أجلاء ولولا أن يُتهموا بالتقاعس عن واجباتهم لما تقدم منهم أحد إلى لجانكم هذه التي تؤلفونها بهذا الشكل المهين – بضم الميم – المذل (بضمها أيضا) ولاسيَّما أنهم يشاركون – كما هو حال من بعثني إليكم - في أعمال تلك اللجان منذ أربع عشرة سنة فيفحصون عشرة أبحاث في شهرين متتابعين أو يزيد مثلا، ثم يتقاضون عن فحصها ثمانية وسبعين جنيها وثلاثة قروش (وبعض الكليات تريح نفسها وتريح الفاحصين فلا ترسل هذا المبلغ أصلا خوفا على كبار الأساتذة من الفساد إذا ألهاهم التكاثر في مكافآت الفحص!!). - ولكن الحق أحق أن يتبع، والحق الذي لا يدانيه حق، هو أن الأصل في المواطن في بلادنا أنه كذابٌ نصابٌ مفترٍ مزوِّرٌ مدلسٌ غشاشٌ، يُكِنّ للحكومة كل بغض ويتربص بها الدوائر، ويريد أن يأخذ ما ليس له فيه حق، وخاتم النسر – وحده - هو الذي يميز الحق من الباطل، وشهادة الكلب (البوليسي) مقدمة في المحاكم والتحقيقات [كما لا يخفى على فطنتكم] على شهادة المواطن ولو كان هذا المواطن شيخا جليلا من شيوخ الأزهر، أو قسًّا كبيرا من جلة القساوسة. - فماذا عن الذين سيرسلون سيرهم (إلكترونيا) ولا يرسلون نسخة ورقية ممهورة بخاتم النسر؟ - هؤلاء سيظلون حيث هم مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء إلى أن تُرسل سيرهم لجامعاتهم فتراجع وتعود مزينة بالخاتم العزيز!! نقل إلينا المواطن الصالح الذي بعثنا به إلى العاصمة بالأوراق هذا الحوار، الذي أثار في النفس كثيرا من الشجن، المتعلق بهذا المستوى المتدني من الفكر الذي لا أجد له وصفا أبلغ من وصف الراحل الفنان يوسف إدريس بأنه لون من (فقر الفكر) وله شواهد أخرى خذ منها مثلا: - حين أثيرت مسألة (أن تبحث الجامعات لنفسها عن موارد ذاتية) لم تترجم جامعاتنا هذا المفهوم كما ينبغي أن تكون الترجمة، بحيث تلتحم كلياتها بالمجتمعات المجاورة لها، فتقدم استشاراتها العلمية وخدماتها البحثية وبرامجها التدريبية المتطورة لترتفع بوسائل الإنتاج كما هو الحال في كل الجامعات في الدول الأكثر تقدما، بل قعدت بجامعاتنا قدراتها الفقيرة، وتمخض فكر الفقر فيها عن أساليب بهلوانية لتنمية مواردها تصب كلها في خانة بائسة وحيدة هي (فقر الفكر)، فتبادلت عدم الاعتراف بشهادات التويفل لتتخذ منه موردا ذاتيا. - وقامت جامعات بتأجير الحرم الجامعي لشركات عرضت قمصان نوم ومشدات أثداء نسائية بصور واضحة فاضحة مهينة لكرامة أي آنسة أو سيدة تريد الشراء، وقامت جامعات بتأجير الحرم الجامعي لشركات تبيع خطوط الهواتف المحمولة، وقامت جامعات بتأجير الحرم الجامعي لشركات تبيع البدل الرجالي الجاهزة، وقامت جامعات بتأجير الحرم الجامعي لشركات تبيع أجهزة كهربية، أو دواجن، وغدا ستوجد جامعات تقوم بتأجير الحرم الجامعي لشركات تبيع الفياغرا وملخصات كتب الثانوية العامة وأنواع اللبان المثير وأحجبة الحصن الحصين. - وقامت جامعات بالتفنن في امتصاص دماء آباء الطلاب بالمغالاة في أثمان الكتب، أو بفرض تبرعات على كل – حتى!! - من يتثاءب من الطلاب!! - ومع ذلك فنحن إلى الأمام سائرون، في ظل سيادة (الرؤية) و(التطوير) وستصرف الزيادات – لمن يريدها - مشروطة بالولاء والخضوع وإلا فلا، وإن رغمت أنوف أدعياء حرية الجامعات واستقلالها، ومرضى حماية مجانية التعليم. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
541
| 18 نوفمبر 2013
الحوار حول ضرورة وجود حرس جامعي ينتمي لجهاز الشرطة... حوار قديم، ويتجدد مع كل أحداث تخريب، ففي عام 1953 نشرت مجلة روزاليوسف تحقيقا حول الموضوع وسألت – ضمن من سألت – أستاذ الأجيال د. طه حسين الذي كان يعارض بشدة تبعية الحرس للداخلية، وسألت مدرسا في كلية العلوم بجامعة عين شمس وقتها فأيَّد بشدة تبعية الحرس للداخلية، كان اسم هذا المدرس د. مصطفى كمال حلمي الذي صار فيما بعد وزيرا معمَّرا للتعليم ثم رئيسا لمجلس الشورى!! وإذاً فالحوار قديم، والجديد فيه هذه الأيام أن معظم من يشاركون فيه يتجاهلون نقاطا جوهرية ويرفعون شعارات حماسية لا تمس صميم أصل القضية وهو: مدى تدخل الحرس الشرطي في الجامعات سياسيا. ومن يُنكرْ أن الحرس كان يتدخل سياسيا يضحكْ على نفسه وحدها ولن يصدقه أحد. كما يتجاهل المتحاورون أن فئة من قيادات الجامعات كانت منبطحة أقبح الانبطاح في تعاملها مع الحرس، حتى إن بعضهم كان يسمح لقائد حرس كليته بحضور اجتماعات مجلس الكلية، وكان الوزير المختص باختيار رؤساء الجامعات يأخذ برأي أمن الدولة وحده ويتجاهل تقارير بقية الأجهزة الرقابية. وسأذكر في هذه الصفحات نماذج عايشتها في التعامل مع الحرس الجامعي. منذ ثمانية عشر عاما وتحديدا في أكتوبر 1995 كنت عميدا لكلية التربية بسوهاج وافتتحتُ بها – لأول مرة- شعبة للغة الفرنسية، فدعوتُ (مع بدء العام الدراسي الأول لهذه الشعبة) أحد تجار الكتب بسور الأزبكية ليقيم معرضا للكتب داخل الجامعة بإيجار رمزي شريطة أن يوفر للطلاب قواميس فرنسية رخيصة الثمن. وفي اليوم المخصص لافتتاح المعرض جاءني قائد حرس الكلية منزعجا وكان برتبة رائد فقال إن طالبا تشاجر مع موظف بالكلية فضربه فشجَّ رأسه ومع الطالب زميل له من العلوم، وإن الموظف تلفظ بألفاظ لا تليق نتيجة انفعاله ونحن – الحرس – نستأذنكم في تحويل الطالب لقسم الشرطة لتحرير محضر تمهيدا لعرضه على النيابة. فقلت له: انتظرني أنت وقائد حرس الجامعة – وكان عميدا – ووكيل الكلية لشؤون الطلاب وأمين الكلية أمام المعرض الذي سأنزل لافتتاحه بعد قليل. فتذمر قائد حرس الكلية وبدا عليه الامتعاض وذكَّرني بأن رأس الموظف تنزف... الخ فلم أرد. فانصرف ساخطا ولكنه لم يملك سوى التنفيذ. وأمام المعرض كان الطلاب متجمهرين ينتظرون الافتتاح فقصصت الشريط وأذنت لهم بالدخول أولا، ثم وقفت مع من ذكرتهم قريبا من باب المعرض، نظرت في البداية إلى الموظف فوجدت أن البطحة التي في جبهته في حجم سن قلم الرصاص ونزفت عدة نقاط من الدم على قميصه لوكانت سُمّاً ما قتلتْ فأرا. في حين أن العبارات التي تلفَّظ بها تُخرِج المسلم من دينه، فقلت لأمين الكلية: اكتب لي مذكرة بإحالة هذا الموظف للتحقيق بتهمة كذا وكذا، وقلت للوكيل: يحال طالب التربية لتحقيق تمهيدا لمجلس تأديب. وخاطب زميلك وكيل العلوم للتحقيق مع زميل الطالب المتعدي. وأما أنت يا سيادة الرائد وسيادة العميد فنشكركما على حُسن تعاونكما. فتغير وجه العميد وأمسك بيدي لينتحي بي جانبا وقال لي منزعجا هامسا: "احنا كده منظرنا وحش أوي قدام الطلبة " قلت: لماذا؟ قال: "احنا في الحالات دي – في كل الكليات – بنعمل محاضر للطلاب" قلت له: أنا توليت مهام وظيفتي منذ ثلاثة أشهر، وإلى أن تنتهي مدتي لن أسمح لكم بهذا في كلية التربية لأن قانون تنظيم الجامعات يتضمن عقوبات لجميع من هم داخل أسوار الجامعة من الطالب إلى رئيس الجامعة. وحين نرى (نحن لا أنتم) أن الأمر يحتاج للتحقيق في النيابة العامة سنقوم نحن باتخاذ اللازم ومن خلالكم. منذ هذا اليوم ولمدة ست سنوات تالية كان كل قائد كلية جديد يأتي لكليتنا يسمع من سابقه نصيحة عني فحواها: هذا الرجل تعاملْ معه بالورق كأي مدير إدارة آخر. ولا تحاول أن تتجاوز حدود القانون. في تلك الأعوام كنت أسمع أن بعض قادة حرس كليات أخرى يتدخلون في تغيير أسماء ملاحظي اللجان الامتحانية ومراقبيها حسب وجود أقارب لهم يؤدون الامتحانات ويكون التغيير حسب سمعة الملاحظين والمراقبين تساهلا وتشديدا. وخلاصة القول: إن مواجهة أية أخطاء تحدث في الجامعات لا تتطلب بالضرورة استدعاء التدخل الأمني الشرطي، وإنما يجب أن تقوم على أساس تفعيل قانون تنظيم الجامعات، وهذا يتطلب قبله إحسان اختيار القيادات الجامعية القوية القادرة على الاستناد إلى قوة المنطق وليس إلى منطق القوة.
1222
| 06 نوفمبر 2013
هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد الفصول الدراسية التي تضم ستين تلميذا ومساحات الغرف التي يدرسون بها وحالتها من حيث التهوية والتدفئة والإضاءة ؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المدارس التي تعمل فترتين ، وتلك التي تعمل ثلاث فترات؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المعلمين الذين يعانون من حالات صحية تبلغ حد العجز وما تزال القوانين تلزمهم المواظبة وممارسة المهنة – على الورق – في مدارسهم؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد مئات الآلاف من الجنيهات التي صرفت كمكافآت وأجور وحوافز لثلة معينة تحيط بكل من الوزيرين؟ وهل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد المرات التي قام فيها أي أستاذ أو باحث مصري في أي من تلك المؤسسات البحثية التابعة للوزارة بدراسة ميدانية حقيقية حول وضع من الأوضاع السابقة أو ما يشابهها ؟ ويرينا كيف استعانت الوزارة بنتائج دراسته في حل مشكلة بعينها؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد التلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة لعدم قدرة أسرهم ماديا على مواجهة مصروفات التعليم؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد كبار موظفي وزارة التعليم العالي الذين يتقاضون (إكراميات !!!!!!) من مستشفيات جامعية تابعة لوزارتهم ؟ ومن معاهد عليا خاصة تابعة لوزارتهم؟ أو أولئك الذين عينوا ذويهم في تلك المعاهد الخاصة (ولو على الورق) لتسويغ تقاضي ال.... إكراميات !!! ؟ و هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد النواب والوزراء وكبار المسؤولين الذين يستصدرون التراخيص التجارية والتوكيلات بأسماء زوجاتهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتهم اللائي خلفنهم ؟ وحلائل أبنائهم ؟ لن يستطيع أحد – وأتحدى – أن يجيب سؤالا واحدا مما سبق . لأسباب كثيرة قد نفصلها في مقالات لاحقة . ولكنني ....إلى هؤلاء وهؤلاء أقدم النص الآتي المقتبس من افتتاحية صحيفة هاآرتس الصهيونية يوم 5/11/2007 : واجه المدرسون المتظاهرون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في مفترقات الطرق الرئيسية في أنحاء البلاد والذين يحتجون على وضع التعليم – واجهوا ظاهرة جديدة في الفترة الأخيرة، ألا وهي انضمام أولياء أمور وطلاب وغيرهم كثيرون إليهم، والإعراب عن التضامن معهم. صحيح أن بداية الاحتجاج كانت في الإضراب الذي اندلع في العاشر من أكتوبر، إلا أنه يشمل الآن جمهوراً غفيراً ومتنوعاً. حتى الآن شارك آلاف عديدة في عمليات الاحتجاج، التي لم تعد تتركز فقط في التظاهر ضد سياسة الحكومة في التعليم، وإنما تأخذ طابع النقاش المعمق حول وضع الهيئة التعليمية ووضع المدرسين في إسرائيل. يبرز الأمر بوجه خاص في المخيم الذي أقيم في "حديقة الورود" أمام الكنيست والذي يتركز فيه جانب كبير من الاحتجاج في القدس. يملأ مدرسون المخيم بالتناوب، حيث يلقون دروسا حول التضامن العمالي والمواطنة. ويجرون نقاشات واعية حول التعليم.. صحيح أن الأمر يتعلق بنتيجة جانبية للوهلة الأولى للإضراب. لكنها في حقيقة الأمر مهمة للغاية: فهذه هي المرة الأولى، منذ فترة كبيرة التي يجرى فيها في إسرائيل حوار "تربوي – قيمي" حول غايات التعليم، وحول طرق تحقيقها، وحول صعوبة التعليم في فصول تضم 40 تلميذا، وحول تأثير الاستقطاعات المالية الكبيرة على الساعات التدريسية في السنوات الماضية، وكذلك حول وضع المدرس. تجرى عمليات احتجاجية مماثلة في أماكن أخرى هي، في معظمها، ثمرة مبادرة محلية من المدرسين وأولياء الأمور على السواء، مما لاشك فيه أن الإضراب كشف عن عدم ارتياح للحالة التي وصلت لها الهيئة التعليمية. ويبدو أيضا أن الجمهور يعي أن الأمر لا يتعلق فقط بكفاح نقابة مهنية من أجل الأجور، وإنما القضية المحورية في هذا الكفاح تتعلق بالمجتمع كله. وعلى خلاف تخوفات مسئولين كبار في وزارتي المالية والتعليم، فإن الاحتجاج ليس موجهاً من فوق. صحيح أن نقابة مدرسي المرحلتين الإعدادية والثانوية تحاول التنسيق بين العمليات، لكنها لا تهيمن عليها ولا تملي جوهرها ، غير ذلك، لا يتردد المدرسون الذين ينظمون الاحتجاج في أنحاء البلاد في انتقاد كبار مسؤولي النقابة، ويبدو أنهم سيردون حتى بحدة إذا هم أبدوا استعداداً للتنازل عن مطالب من قبيل تقليص عدد التلاميذ في الفصول.. الحقيقة أن مسئولي النقابة يدركون ذلك، ولذا تعهدوا علنا بألا يقبلوا أي اقتراح لا يتضمن اهتماماً بمطالب تقليل عدد التلاميذ وإعادة الساعات التدريسية. حتى الآن ترفض الحكومة التعهد بذلك، رغم أن إضراب المدرسين في المدارس الثانوية، وفي جزء من المدارس الإعدادية، دخل أسبوعه الرابع، واستمراره منوط بقدر كبير بقرار محكمة العدل. ومهما يكن قرارها، فإن النتيجة البديهية للإضراب هي تفجر الحوار العام حول التعليم اللائق. ولكي ينتهي الإضراب، فإنه يتعين أيضا على وزارتي المالية والتعليم أن تعترفا بأن الأمر لم يعد يتعلق بكفاح حول زيادة في الأجر. لقد فهم الجمهور أن الهيئة التعليمية غارقة في أزمة عميقة تفوق قضية النسب التي ستضاف إلى أجور المدرسين. وبعد قراءة هذا النص: هل يستطيع أحد في مصر أن يقدم لنا إحصائية (دقيقة وصحيحة وموثوقا بها) بعدد من يهمهم أمر المقارنة بيننا وبين الصهاينة في شأن التعليم؟ إنهم يتظاهرون من أجل تخفيض عدد التلاميذ عن أربعين تلميذا!!! وأنا أعرف مدارس (يتكوم) فيها سبعون تلميذا في غرف ليست معدة لتكون فصولا بل لتكون مخازن!! ومع ذلك فإن معدل إنشاء المدارس الجديدة في تراجع مخيف منذ جاءنا عاطف ومن بعده نظيف. إن تعليم الصهاينة (بهذا الوعي الجماهيري وبهذا الحس الحكومي الذي لديهم) سيظل ولودا ودودا وستتبوأ جامعاتهم المراكز الأولى بأي مقاييس عالمية كما حدث عام 2003، وسيظل تعليمنا (بهذه الغفلة الجماهيرية وبهذا التبلد والغباء الحكومي المتوطن) عقيما.. عقيما.. عقيما !!!
454
| 06 أغسطس 2013
"الاستعباط " في العامية المصرية الحديثة مأخوذ من لفظ " العَبَط " بمعنى : الغفلة والجهل، ولهذا المصدر مرادف مكافئ له في الدلالة بدرجة كبيرة وهو " الاستهبال " مأخوذ من لفظ " الهَبَل " فالأهبل والعبيط : بنو عَلاَّت في أصل الدلالة على الغفلة التي تلد الخيبة!! ودخول الألف والسين والتاء على المصدر الأصلي يعني أن الشخص الذي يستعبط ليس عبيطا في الأصل وإنما هو واعٍ كل الوعي، ولكنه يدعي أنه أبله مغفل، وهدفه من الاستعباط أو الاستهبال استغفال من يسمعه أو من يصدِّقه.!! والنهي عن " الإفراط " سمة من سمات لغتنا المعاصرة، فحين يحدث قصف واجتياح صهيوني بشع لمنطقة سكنية فلسطينية، ويموت العشرات ويصاب أمثالهم، وتُزال منازل، وتُدمر مزارع، و.. و... يخرج مجلس وزراء خارجية الدول العربية يتمخطر ثم يدعو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الذي ينعقد أحيانا بناء على طلبهم ثم يخرج بتوصية موجهة للصهاينة مفادها [ عدم الإفراط في استعمال القسوة!! ] وبعض اللغويين الغربيين المعاصرين تحدثوا عن ظاهرة أسموها ( نفاق اللغة) واستشهدوا لها بأمثال تلك التصريحات التي تفيض براءة وتلطفا وخفة وظرفا، وهي تصف أبشع ما يمكن وصفه من عنف وتدمير بأنه مجرد ( إفراط في استعمال القسوة! )، ولكنني لست معهم فيما ذهبوا إليه، فاللغة ما هي إلا أداة تعكس فكر ناطقها ومشاعره ونياته ورغباته المكبوتة. فالذي ينافق هو المتحدث لا اللغة ذاتها. والكذاب هو المتحدث لا ألفاظه. والقضية هي أن حكوماتنا العربية الرشيدة – منذ وجدت الحكومات – هبة إبليس للشعوب!! فهي في حالة صدق مع مصالح الكبار الخاصة فقط!! وفيما عدا ذلك فهي تتقلب في مستنقعات من الكذب الأصلع " اللمِّيع "!! فمثلا : - يسمي الإعلام الحكومي الفقراء تلطفا وتخفيفا : محدودي الدخل، ولو أنهم فطنوا إلى دلالة هذه التسمية لأدركوا أنهم بها يعترفون ( بمفهوم المخالفة وهو أحد مفهومات اللغة عند علماء أصول الفقه والنحاة والبلاغيين ) بوجود طبقة أخرى لا حدود لدخلها، والذي لا حدود لدخله لا يمكن محاسبته أصلا، فالمحاسبة تعتمد على ضبط المقبوض والمدفوع فمن أين لمحاسب أن يحاسب دخلا غير محدود؟ - ويسمي الإعلام الحكومي رفع الأسعار المفاجئ تلطفا وتخفيفا : "تحريك الأسعار " والتحريك في أصل معناه اللغوي قد يكون لأعلى ولأسفل وذات اليمين وذات الشمال، ولكنهم يقصرونه – لا مؤاخذة – على الرفع فقط. - ويمنعون موظفي الدولة الكبار كالوزراء من ممارسة الأعمال التجارية والاستثمارية ماداموا في وظائفهم، ثم يمنحونهم الترخيص بممارسة كل ما حرموه عليهم بأسماء زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم وبنات الأخ وبنات الأخت وأخواتهم من الرضاعة وأمهات نسائهم وآبائهن وإخوانهن وأخواتهن. وهم يعلمون علم اليقين أن المال مال الوزير وأن الشركة شركته، وأن الضرائب ستمر على أملاكه وأمواله تلك " مر السحابة : لا ريثٌ ولا عَجَل!!" - كما يقول الأعشى - ولكنها إذا مرت على بقال صغير، أو محل للعصير، تريثت كل التريث وحاسبته حساب منكر ونكير، وقدَّرت عليه من المال ما ينوء به قارون!! ثم توحي إليه أن يتظلم ويطعن، وتؤلف له لجانا لتنظر في طعنه فتخفض له ما سبق تقديره، وتغرق اللجان والمقدرون السابقون لها ورؤساؤهم ومؤلفو اللجان وملحنوها ومخرجوها في سيول من المكافآت المالية تندق لها ظهور أصحاب محال العصير وبائعي الفطير وقصاصي الحمير وينجو الوزير وأصهار الوزير.!! - ويصرحون بأنهم مع حرية الصحافة.. ويفتكون بالصحافيين. - ويدافعون في كلامهم عن مجانية التعليم، ثم يتفننون في فرض الرسوم وزيادة تكاليف التعليم على كواهل الأسر والتلاميذ والمعلمين.ويتفننون في تحويل المدارس الحكومية المجانية البائسة إلى مسمًّى غريب مريب هو ( المدارس التجريبية) أي التي تتقاضى رسوما باهظة وتعلم الرياضيات والعلوم بالإنجليزية، فهي في الحقيقة مدرس تخريبية - بالخاء- وليست تجريبية. - إن في مصر قوانين متجمدة كثيرة كقانون حظر تصنيع واستعمال الطوب الأحمر الذي صدر عام 1984 وهناك أجزاء من قوانين لا ترى النور، فمثلا في قانون تنظيم الجامعات الحالي 49لسنة 1972مايقرب من ثمان وستين مادة لم تطبق أي منها ولو مرة واحدة من تاريخ صدور القانون حتى اليوم.! أفليست هذه مفارقة لا تحدث إلا في مصر؟ والدول العربية جمعاء. حين تصدر القوانين ثم تجمد.
8031
| 25 يوليو 2013
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4308
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2100
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1797
| 04 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
1641
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
966
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
687
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
672
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
648
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
567
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية