رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مثلما كان متوقعاً، تم الاتفاق بين إيران ومجموعة دول 5+1 على الموضوع النووي الإيراني، الاتفاق هو الخطوة الأولى ويمتد إلى ستة شهور، جاء الاتفاق ليثبّت: الاعتراف الغربي بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، مقابل تخفيضها لنسبة اليورانيوم المخّصب حتى 5%، هذا مقابل البدء في تخفيض العقوبات المفروضة على إيران تدريجياً، الاتفاق يبقي لإيران كل أجهزة الطرد المركزي التي تسمح لها بإنتاج المادة المشعة لسلاح نووي، كما أنه لا يقود إلى تفكيك مفاعل "آراك"، الاتفاق، مثلما قلنا، كان متوقعاً بعد وصول الليبرالي حسن روحاني إلى سدة الرئاسة الإيرانية، بما هو معروف عنه من اعتدال وواقعية، أيضاً فإن الجانب الغربي كان أمْيَل إلى الوصول لاتفاق، فالبديل حرب ضروس طاحنة يمكن بدؤها ولكن لا يستطيع مطلقا مراقب توقع تداعياتها أو نهايتها، إيران كسبت الاعتراف الغربي بحقها النووي نتيجة لإصرارها اللامحدود على حقها في ذلك، الولايات المتحدة وحلفاؤها اضطروا للاعتراف بهذا الحق، وبذلك استطاعت إيران فرض سياسة الأمر الواقع، تماماً مثل السابقة الكورية، التي انتهت بدخول كوريا الشمالية إلى النادي النووي، في هذه القضية تحديداً يمكن أخذ النموذجين: الكوري والإيراني كمثل يُحتذى به لدول نامية عديدة، ليس في المجال النووي فحسب وإنما أيضاً بالنسبة للسياسات الأخرى. نقول ذلك، في ظل قبول دول كثيرة بممارسة الضغوطات عليها، فتراها تنصاع للإدارة الأمريكية بما تطلبه منها، بغض النظر عن أن هذه الطلبات قد تتعارض في أحيان كثيرة مع مصالح هذه الدول، ومصالح شعوبها، على سبيل المثال وليس الحصر السلطة الفلسطينية مثلاً، استجابت للضغوط الأمريكية في الذهاب إلى المفاوضات مع إسرائيل، في ظل تعزيز الأخيرة للاستيطان، ولتهويد القدس، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ليس على صعيد الضفة الغربية فحسب، وإنما حتى في مناطق النقب المحتلة، منذ عام 1948، مثال آخر يبين الفرق بين صلابة التفاوض والاستجابة للضغوط، ليبيا إبّان الحقبة القذافية، عندما وافق الرئيس الليبي على تفكيك بداية مشروع مفاعل نووي، مقابل الرضا الأمريكي عنه، ورغم ذلك وقفت الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً مع الحراكات الجماهيرية الليبية ضد حكم العقيد. المنزعج الوحيد من هذا الاتفاق هي إسرائيل التي لا تريد لإيران أي نشاطات نووية سواء لأغراض سلمية، وبالطبع لأي أغراض عسكرية، فلم يكد يجف حبر الاتفاق حتى كان مصدر مسؤول إسرائيلي، يصرّح بأن "الرئيس أوباما كرّس إيران كدولة حافة نووية"، معتبراً أن الاتفاق هو فشل أمريكي ذريع لا يمكن لإسرائيل التعايش معه! وابتدأت الآلة الإعلامية الإسرائيلية في مهاجمة أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، أما ديوان نتنياهو فشدد على القول بأن الاتفاق يمنح إيران تخفيفاً جوهرياً للعقوبات، وأيضاً الحفاظ على الأجزاء الأشد جوهرية في مشروعها النووي، نتنياهو من جانبه وبعد التنفيس عن غضبه صرّح بأن الاتفاق غير مُلزم لإسرائيل، لذا ليس من البعيد أن يلجأ ذوو الرؤوس الحامية في تل أبيب إلى القيام بخطوة أشبه ما تكون بالانتحارية، من خلال الشروع في قصف المشروع النووي الإيراني، ومع استبعاد قيام إسرائيل بهذه الخطوة، إلا أنه لا يمكن نفيها بصورة إطلاقية، إسرائيل وإذا ما قامت بضربتها، فإن الضربة تكون فاقدة لغطائها الشرعي دوليا بالمعنى السياسي، وستمتلك إيران الحق المطلق في الرد، سواء من قبلها أو من قبل حلفائها. بالنسبة للقلق العربي من إيران النووية، فبإمكان دول عربية كثيرة البدء في إنشاء مفاعلات نووية للأغراض السلمية، بالطبع فإن إسرائيل ستمانع أن تقوم مثل هذه المفاعلات في أي دولة عربية، والدليل على ذلك ما قامت به إسرائيل من ضربة للمفاعل النووي العراقي، تبديد المخاوف من إيران يكون بامتلاك ما تمتلكه من وسائل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد أكدّ الرئيس الإيراني روحاني على حرص طهران على علاقاتها مع الدول العربية، وخاصة مع الدول الخليجية، لا نعتقد أن إيران ستخلق تناقضاً مع جاراتها العربيات، لأن توقيع اتفاقها مع الدول الغربية يعني فيما يعينه اعترافاً دولياً بدورها الإقليمي في المنطقة، ومن المنتظر أن تحرص الدول الغربية على مشاركة إيران في أي جهود دولية لتفكيك ملفات المنطقة، وبالطبع على رأسها الملف السوري. إن أحد الدروس المستفادة من التجربة الإيرانية أيضا هو: القدرة العالية على تطبيق قانون تفاوضي، يمزج ما بين الصلابة، والمرونة، فحتى في عهد الرئيس أحمدي نجاد المشهور عنه بأنه غاية في التشدد، فإن شعرة معاوية بين إيران والدول الغربية، لم تنقطع بكافة المعاني، صحيح أن هناك حصارا غربيا لإيران، لكنها صمدت أمام هذا الحصار، من ناحية ثانية فإن الاتفاق الأخير يؤسس لمرحلة جديدة من اتفاقيات عديدة قد تكون مستقبلاً حول البرنامج النووي الإيراني. بالنسبة لإيران وإنتاج القنبلة النووية، فإن طهران لم تطرح مثل هذا الهدف على صعيد برنامجها النووي، لكن بالمعنى الفعلي حتى لو أرادت إنتاج مثل هذه القنبلة، فإنه وبرغم موافقتها على فتح منشآتها النووية بشكل أفضل من السابق أمام التفتيش الدولي، ففي التقدير أنها ستكون قادرة بالمعنى النظري على إنتاج مثل هذا السلاح، فهي ومثلما أجبرت الغرب على الاعتراف بحقوقها النووية، ستكون قادرة مستقبلاً على إجباره بالاعتراف بحقها في إنتاج السلاح النووي تحت سياسة الأمر الواقع، رغم كل هذه الممانعة التي يبديها الغرب لهذه المسألة وخاصة إسرائيل، التي ما زالت تعد لتوجيه ضربة عسكرية للمشروع، مع العلم أن نتنياهو تعهد في موسكو بعدم السماح مطلقا لإيران بامتلاك القنبلة النووية.
508
| 28 نوفمبر 2013
استقالة الوفد التفاوضي الفلسطيني هي تعبير عن الأزمة التي وصلت إليها مفاوضات السلطة مع العدو الصهيوني. فما يقارب العشرين جلسة منذ 30 يوليو الماضي غاصت في الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، فالعدو الصهيوني يعرف كيف يدير المفاوضات لصالحه، ويتقن ممارسة الابتزاز على الفلسطينيين! كيف لا؟ وقد جاءوا إلى المفاوضات دون وقف استيطانه، وقد ارتفعت وتائره بعد بدء المفاوضات التي وفقاً للأجندة الأمريكية ستظل تسعة أشهر وتنتهي في مايو المقبل. لقد أقرت الحكومة الإسرائيلية التوسع في المستوطنات ببناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة فيها. قرار ننتنياهو على ضوء ردود الفعل الفلسطينية والدولية بتجميد القرار مؤقتاً، لا يعني العدول عنه وإنما انتظاراً لكي تهدأ العاصفة، وتعود المفاوضات إلى مجاريها وكأن شيئاً لك يكن. القضية لا تكمن في استقالة الوفد التفاوضي: لأن أعضاءه وإذا ما أصروا على مواقفهم، فيمكن للرئيس عباس استبدالهم بوفد جديد، هذا إذا قبل استقالاتهم، ونشك في ذلك؟ فرئيس الوفد صائب عريقات هو صاحب مقولة "الحياة مفاوضات"! بل تكمن في خيار المفاوضات من الأساس، فهو قد جاء عامّاً ومطاطياً، ولم يقم على أساس قبول إسرائيل بالحقوق الوطنية الفلسطينية في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. مبدأ المفاوضات لم يستند إلى قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن. ولم يقم على وقف الاستيطان، والاستناد إلى حدود عام 1967، والتفاوض على القضايا الأساسية المتعلقة بجوهر الحقوق الفلسطينية. للأسف تنازل المفاوض الفلسطيني تدريجياً إلى أن وصل الأمر بتحكم إسرائيلي مطلق في أجندة المفاوضات وتسييرها، باتجاه الرياح التي لا يريدها المفاوض الفلسطيني، الذي قبل بممارسة الضغوطات الأمريكية عليه. الأهم من كل ما سبق هو: أن السلطة الفلسطينية حددت خيارها الرئيس والأساس بالمفاوضات فقط، وهذا خطأ استراتيجي يُفقد الجانب الفلسطيني كثيراً من أوراق القوة، التي يستطيع التأثير بها. السلطة الفلسطينية لا تتعلم من تجاربها للأسف، ولم تُأخذ بتجارب حركات التحرر الوطني على صعيد آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، والأدق أنها لا تريد أن تأخذ هذه الدروس بعين الاعتبار. عباس يعتبر المقاومة "إرهاباً" أو "عنفاً غير مشروع"، حتى الانتفاضة لا يريدها باعتبار ما تستعمله من حجارة "عنفاً غير مبرر". هو يريد مقاومة شعبية سلبية على غرار المهاتما غاندي ومقاومته العصيانية في الهند ضد الاحتلال البريطاني، ناسياً أو متناسياً الفروقات الكبيرة بين طبيعة كل عدو منهما، فإذا كان البريطانيون احتلوا الهند ليرحلوا فيما بعد، فإن الصهاينة جاءوا ليستقروا في فلسطين وليقتلعوا شعبها من أرضه. ثم طبيعة اختلاف فهم العنف لكل من الاحتلال البريطاني والطبيعة الصهيونية، والأخيرة لا حدود لفاشيتها، فقد تفوقت في جرائمها وفي عنصريتها ومذابحها على النازية. لم يدرك عباس وهذه مصيبة (وإن كان يدرك فالمصيبة أعظم) طبيعة العدو الصهيوني، والحدود التي يمكنه الوصول إليها في أية تسوية مع الفلسطينيين أو مع العرب. اعتقد المرحوم ياسر عرفات: أنه بتوقيعه لاتفاق أوسلو المشؤوم، سيطرق باب دخول الدولة الفلسطينية التي سيقيمها في القريب العاجل. لم يدرك الأهداف الإسرائيلية من قبول تجميع المقاتلين الفلسطينيين في بقعة جغرافية محدودة، للحد من حركتهم كثوار ومقاتلين ضد العدو! للأسف أيضاً لم يدرك محمود عباس ولا حتى القائمين على السلطة في غزة: أن الانقسام الفلسطيني يفجّر الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهذه تعتبر العمود الأبرز في مقاومة العدو، ومجابهة مخططاته، فالسلطة في رام الله تلاحق المقاومين، وكذلك السلطة في غزة بعد توقيع هدنتها غير المباشرة مع إسرائيل. الوحدة الوطنية الفلسطينية هي أحد شروط الانتصار في معركة الشعب ضد مغتصبي إرادته، وهي تشكل مركز الجذب للشعب الفلسطيني في مسيرته الثورية، من أجل نيل وإنجاز حقوقه الوطنية. رغم الصورة السوداوية لوضع السلطة الفلسطينية، فقد قبلت بالتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، الذي يريد السلطة في هذا الموقع. يريدها حامية لأمنه، في الاحتلال غير المباشرة للضفة وإلى حد ما في إقطاع غزة. إسرائيل بقيام السلطة أزاحت عن كاهلها عبء الاحتلال المباشر للأراضي الفلسطينية بالمعنيين الاقتصادي والديموغرافي، ولم يعد الاحتلال الإسرائيلي مشروعاً خاسراً في الضفة وفي غزة. بعد توقيع الاتفاقية المشؤومة أصبحت السلطة لجماهيرنا في الشتات عاملاً كابحاً لاندفاعاته الثورية في مقاومة محتليه. وبدلاً من أن تكون عوناً لجماهيرنا في إكمال الطريق نحو نيل الحقوق الوطنية، أصبحت عبئاً على هذه الجماهير! السلطة وبدلاً من العمل على تحرير الاقتصاد الفلسطيني ضمن الإمكانات المتاحة، ربطت هذا الاقتصاد بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك وفقاً لاتفاقية باريس الاقتصادية سيئة الصيت والسمعة، والتي غضب عرفات بشأنها أشد الغضب حين عاد الوفد الفلسطيني من توقيعها. السلطة الفلسطينية نسيت أو تناست واجباتها أمام الفلسطينيين في الشتات، وذلك بإهمالها وعدم تفعيلها لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. هي اعتقدت أن السلطة بديلاً للمنظمة وهذا خطأ فادح اقترفته وما تزال. بالتالي قزّمت من أوراق الضغط، التي بإمكانها التأثير على العدو الصهيوني. وإجباره عنوةً بالاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية: في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. السلطة الفلسطينية لم تقم بمراجعة شاملة لمسيرتها منذ اتفاقيات أوسلو وحتى اللحظة! استجابت للضغوط الإسرائيلية من خلال الوسيط الأمريكي، فمثلاً عادت إلى المفاوضات في ظل الاستيطان، وقبلت بعدم الذهاب للمنظمات الدولية والتسجيل فيها،وقبلت بعدم رفع قضايا جنائية على إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، ذلك مقابل إطلاق سراح المعتقلين ما قبل اتفاقيات أوسلو.الإسرائيليون ما زالوا يماطلون في إطلاق سراح المتبقين منهم، فمقتل أحد الإسرائيليين في العفولة مؤخرا، حدا بالعديد من الوزراء الإسرائيليين في الائتلاف القائم إلى المناداة بعدم إطلاق سراحه المعتقلين. مع إدراكنا لأهمية المعتقلين إلا أن هناك أساليب أخرى لتحريرهم. والدليل على صحة ما نقول هي صفقة شاليط! إسرائيل أطلقت سراح حوالي خمسين معتقلاً فلسطينياً إلا أنها اعتقلت ما يزيد على 400 فلسطيني في ذات الفترة. السلطة الفلسطينية تناست أهمية التلاحم العضوي بين الخاص الوطني والعام القومي، فبتوقيع اتفاقيات أوسلو سلخت القضية الفلسطينية عن بعدها القومي الجماهيري العربي. الأمة العربية تقف في العادة مع القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر. بمواقف السلطة الفلسطينية المترددة في التسوية والمفاوضات أبعدت الجماهير العربية عن قضيتها المركزية. لذا فإن السلطة الفلسطينية اقترفت وما تزال أخطاء إستراتيجية وبالضرورة فإن ذلك سينعكس أخطاء أكبر في التكتيكيات السياسية. نراها في حياتنا اليومية من خلال قرارات السلطة البعيدة عن الواقع، والتي تأتي خالية من الروح الثورية اللازمة تماماً لمعركة الجماهير المغتصبة إراداتها والمحتلة أراضيها. كل الخشية من قبول فلسطيني بضغوط أمريكية تحمل في طياتها مشروعاً وسيطاً أمريكياً بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية. حل يعتمد على مقترحات الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون التي طرحها في طابا في عام 2001. السلطة لم تدرك حتى اللحظة طبيعة الدور الأمريكي في المنطقة وفي الصراع الفلسطيني العربي- الصهيوني تحديداً. هي تعتقد بأن الولايات المتحدة وسيط نزيه في هذا الصراع.وهذا يعتبر جهلاً بالواقع. فالولايات المتحدة لا يمكنها إلا أن تكون إلى جانب الأطروحات الإسرائيلية. صحيح أن هناك بعض التعارضات حول هذه القضية أو تلك في بعض الأحيان، لكن ذلك لن يؤثر على الحقيقة الأكيدة وهي أن واشنطن هي الحليف الاستراتيجي للدولة الصهيونية، وهي الناقل (الأمين) للأطروحات الإسرائيلية في التسوية، وهي الضاغط الأكبر على الفلسطينيين للقبول بهذا الحل. يبقى القول: إن خيار المفاوضات مع إسرائيل هو خيار خاطئ بامتياز. يتوجب على السلطة الانسحاب نهائياً من المفاوضات فاستقالة الوفد المفاوض لا تعتبر كافية.
875
| 21 نوفمبر 2013
تصاعدت وتائر الهجرة العربية مؤخراً إلى الغرب، الآلاف يجوبون البحر وبتنظيم من المهربين ينقلونهم في قوارب صغيرة، ويحمّلونها أكثر من طاقتها، فيكون الغرق نهايتها. العشرات إن لم نقل المئات من الرجال والنساء والأطفال يدفعون حياتهم في رحلة إلى المجهول. وبعد أن يدفعوا للمهربين أموالاً هي حصيلة شقاء أعمارهم! عائلات بأكملها تغرق مع أطفالها بهدف الهجرة إلى الدول الغربية. رحلة من العذابات القاسية والطويلة والمكلفة وغير المضمونة نهايتها، إن نجح الرّسو على شواطئ أحد هذه البلدان، تجمعهم سلطاتها وتضمهم إلى أمثالهم في معسكرات وتكون العذابات والمساومة. يبقون سنوات في هذه المعسكرات إلى أن تنظر سلطات البلد المعني، إعطاءهم حق اللجوء إليها، هذا إن لم تقم بتسفيرهم إلى بلدانهم الأصلية. في أوروبا والدول الغربية عموماً ظهرت العديد من الأحزاب القومية الشوفينية، التي تعمل على محاربة الأجانب المقيمين فيها،فكيف باللاجئين الجدد؟! أصبح من الصعوبة بمكان إعطاء الهاربين إلى هذه الدول، حق اللجوء إليها، والذي يتم تحت مبررات عديدة.في كثير من الأحيان تقوم سلطات هذه البلدان بتسهيل هجرة جنسية معينة إليها.الحالة المحددة التي نقصدها هي: تسهيل هجرة الشباب الفلسطيني سواء منهم من يعيشون في فلسطين أو الذين يقيمون في الشتات.هذه الهجرة تحديداً تتم من أجل أهداف سياسية، فالذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية يتم التسهيل لهم من أجل إفراغ فلسطين من العنصر الشبابي الحيوي. أما الذين يقيمون في الشتات فيأتي بهدف: إنقاص عدد المطالبين بحق العودة إلى الأرض الفلسطينية. لذلك فإن سفارات وقنصليات الدول الغربية في رام الله وفي العديد من العواصم في البلدان الأخرى عربية وغيرها، تقدم التسهيلات والإغراءات للشباب الفلسطيني من أجل الهجرة. على هذه القاعدة هاجر عشرات الآلاف من فلسطينيي لبنان وفلسطينيون من الأرض الفلسطينية. وحتى اللحظة،فإن عشرات الآلاف من فلسطينيي سوريا تمكنوا من الوصول إلى هذه البلدان ولا يزال موسم الهجرة مستمراً. وفي أسباب الهجرة للشباب العربي والتي أخذت تتصاعد في الآونة الأخيرة، وبخاصة من العراق ولبنان وسوريا والدول العربية في شمال إفريقيا يمكن القول: بداية لو كانت الأوضاع في بلدان المهاجرين مستقرة بالمعنيين الاقتصادي والسياسي وبالضرورة الاجتماعي، لما حصلت الهجرة. فالبطالة بين الخريجين وضعف الرواتب إن وجدت الوظائف، وعجزها عن تلبية أهم القضايا الحياتية للشباب، كل هذه الظروف تدفعهم إلى الهجرة. وفي كثير من الأحيان يقدم الغرب تسهيلات كبيرة للكفاءات من الدول العربية والتي لا تقدر كفاءة أبنائها، فيكون مستقرهم في البلدان الأجنبية! فما أكثر الكفاءات العربية في الطب والهندسة وحتى في علم الذرة وغيرها من التخصصات الأخرى والتي تعمل في الدول الغربية. لو وجدت هذه الكفاءات ظروفاً مماثلة للعمل في بلدانها لاستقرت فيها، ولكن للأسف: فإن العديد من الدول العربية أصبحت طاردةً لأبنائها.بالمعنى السياسي فالحروب والأحداث الداخلية في هذا البلد العربي أو ذاك، هي بحد ذاتها عامل مساعد على هجرة الشباب منها،لذلك وفي أثناء الأحداث في العراق زادت الهجرة منه، ونتيجة للأحداث في سوريا زادت نسبة المهاجرين منها وهكذا دواليك. المسألة الأهم من كل ما سبق: هي شعور المهاجر العربي بأنه ليس ذا قيمة في بلده.من حيث الحرية التي هي عامل حاسم في التقليل من الهجرة، تماماً مثل ممارسة الحياة الديمقراطية، وافتقادها مما يؤثر على زيادة أسباب الهجرة. بالنسبة لهجرة الفلسطينيين في الشتات، فإن وضع العراقيل أمام العمل للفلسطيني (فمثلاً في لبنان يُحظر على الفلسطيني العمل في (72) مهنة ووظيفة)، هو بحد ذاته دعوة إلى الهجرة، ولذلك ولأسباب أخرى أيضاً فإن العديدين من الشباب والخريجين الفلسطينيين، وعندما لا يجدون عملاً في هذه الدولة العربية أو تلك، فإنهم يُدفعون دفعاً إلى الهجرة،وبخاصة أن العائلات الفلسطينية في الشتات تعتمد في سد تكاليف متطلبات حياتها على رواتب أبنائها المتخرجين من الجامعات، فبالفعل فإن الفلسطينيين ونتيجة لظروف وأسباب كثيرة يفتقدون إلى مصادر دخل أخرى. فأيضاً التملك للفلسطيني في العديد من الدول غير مسموح به. للأسف نتيجة للخلافات البينية العربية فإن هناك افتقاداً للتنسيق بينها فيما يتعلق بملء الوظائف التي تحتاج إليها هذه الدولة أو تلك. أيضاً فالوطن العربي غني بثرواته الكثيرة، لكن مجال التصنيع فيه قليل إلى الحد الذي يستورد فيه العالم العربي كل السلع، ولو كانت هناك خطة تصنيعية تكاملية عربية، واستيعاب للكفاءات من الأقطار الشقيقة الأخرى لما هاجر شاب عربي واحد إلى الغرب، فرغم الثروات ورغم مساحات الأرض الكثيرة والواسعة (في السودان على سبيل المثال لا الحصر) فإن الوطن العربي يعتمد على الغير في استيراد الاحتياجات الحياتية. ولو أخذنا دولة مثل الصين أو كوريا الجنوبية وغيرهما. فمن الصعب أن يخلو بيت عربي من أحد منتوجات هذين البلدين.رغم فقرهما المدقع في الأربعينيات والخمسينيات، فإن بلداً مثل الصين أصبحت عملاقاً اقتصادياً على الساحة الدولية تنافس أعرق الدول في التصنيع، وفي الكثير من القضايا الاقتصادية، وهي دولة دائنة (وليسن مدينة) للعديد من دول العالم. إن من أسباب هجرة الشباب العربي أيضاً هي التناقضات الطائفية والمذهبية والإثنية التي بدأ النفخ في كيرها مؤخراً، فالعالم العربي وبمختلف أقطاره، لم يعرف يوماً هذه التناقضات، وفجأة احتلت سلّم الصراع، الأساس التناحري في بلدان عربية كثيرة، إلى الحد الذي وصلت فيه إلى المرحلة الرئيسية في درجات التناقض بمعنى أنها أصبحت التناقضات الأهم في هذا البلد العربي أو ذاك، بمعزل عن أن التناقض الرئيسي هو بين العالم العربي وبين العدو الصهيوني.للأسف وصلت هذه التناقضات إلى مرحلة خطيرة، حيث أصبحت تهدد بعض الدول العربية بالتفتيت والتقسيم والاحتراب الداخلي فيها. إن هذه التناقضات تعتبر بيئة خصبة لهجرة الشباب من العديد من الدول العربية.
532
| 14 نوفمبر 2013
أغرب من الخيال وأبعد من التوقع وحدث لا يتصوره العقل، أن تقوم الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية (بغزو) مخيم جنين واقتحامه. هذا المخيم الذي ارتبط اسمه بمدينة ستالينغراد السوفياتية في الحرب العالمية الثانية. اقترن بالصمود في عام 2002 في وجه جحافل القوات الصهيونية. صمد مدة أسبوعين من 1 أبريل إلى 15 منه إلى أن نفدت الذخيرة البسيطة بين أيدي مقاتليه الذين يعدون بمائتين. حوصر بقوات النخبة من الجيش الإسرائيلي، شارون تابع معركته ورئيس الأركان أشرف على القوات التي حاصرته. وفقاً للمصادر العسكرية ومنها الإسرائيلية، فإن عدد الجنود الإسرائيليين الذين حاصروه 5000 جندي و400 دبابة و125 جّرافة و50 طائرة كانت تقصفه ليلاً ونهاراً. باختصار مخيم جنين الذي ضُربت الأمثال بصموده وشجاعة مقاتليه اقتحمته قوات السلطة في أواخر أكتوبر الماضي! جيّشت له السلطة 200 دورية من الأمن الوطني والقوة 101، والمعروفة بأنها الأعلى تدريباً في الجهاز، إضافة إلى دوريات أمنية من أجهزة المخابرات والاستخبارات والأمن الوقائي وحرس الرئيس. اقتحموا المخيم عند الساعة الواحدة ليلاً وأغلقوا جميع مداخله. السلطة مارست تضليلاً كبيراً في تبرير الاقتحام، بأنه جرى لمحاسبة الفاسدين والخارجين عن القانون! وحول هذه المسألة نقول: قد يكون البعض من ساكنيه فاسدين وخارجين عن القوانين، لكن من المستحيل أن يكون ساكنوه جميعاً من هؤلاء. الحملة الجماعية في حقيقتها جاءت لإرهاب المخيم ضمن عملية استعراضية عسكرية أمنية، وتخويف ساكنيه. كنا نتمنى لو أن هذا الاستعراض جرى في مستوطنة صهيونية من المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية انتشار النار في الهشيم، وما أكثرها!. الاقتحام أتى من أجل اعتقال المقاومين, وكي لا تنطلق عملية مقاومة واحدة للإسرائيليين منه!. ليس معقولاً ولم يكن متوقعاً، ولا يمكن التصور، أن إسرائيل والسلطة تشتركان في قاسم مشترك أعظم وهو اقتحام المخيم. كان المخيم عصياً على الجيش الإسرائيلي وظلّ عصياً على اقتحام القوات الأمنية التابعة للسلطة، والتي لم تستطع التجول إلا في أطرافه وليس في عمقه. أجهزة السلطة اعتقلت أكثر من 70 مواطناً. أدّعت أنهم من المطلوبين لديها، على قضايا جنائية وأعمال مخالفة للقانون، كإطلاق النار على مقر المقاطعة في جنين, وإلقاء زجاجات حارقة عليها، وإحداث انفلات أمني بالمدينة. كما اقتحمت هذه الأجهزة منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والمطلوب لقوات الاحتلال الشيخ بسام السعدي، وقامت بعملية تفتيش منزله، نثروا خلالها محتويات دواليب الملابس على الأرض، وقاموا بالاستيلاء على الحاسوب، وتحطيم بعض محتويات البيت. كما داهمت منزل شقيق القيادي في حركة الجهاد محمود السعدي واعتقلوا اثنين من أبنائه. مع العلم أن الشيخ بسام السعدي هو والد شهيدين وعم شهيد وابن شهيدة وزوج أسيرة في سجون العدو الصهيوني. المخيم اشتهر بالصمود في وجه الاقتحامات الإسرائيلية وآخر اقتحام له كان في عام 2011. الآن للأسف يُضاف إليها الاقتحام الذي نفذته السلطة الفلسطينية من خلال القوى الأمنية التي أشرف على تدريبها دايتون وخليفته، وهو المشرف العام أيضاً على التنسيق الأمني بين المخابرات الإسرائيلية وأجهزة الأمن الفلسطينية. منذ قدوم محمود عباس إلى السلطة كان همه الوحيد التخلص من المقاومة والمقاومين (المقاومة أصبحت في نظره إرهاباً!) فأصدر الفرمانات السلطانية باعتبار الأجهزة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية, تنظيمات غير مشروعة. قامت أجهزته بملاحقة المقاومين واعتقالهم, ولا يزال الكثيرون من المقاومين والنشطاء من كافة التنظيمات الفلسطينية معتقلين من قبل السلطة. دعا عباس أيضاً المقاومين إلى تسليم أسلحتهم مقابل عدم اعتقالهم وضمان عدم ملاحقتهم من قبل الإسرائيليين. الذي حصل أن البعض ممن سلّم أسلحته تم اعتقاله من قبل السلطة، وآخرين لاحقتهم إسرائيل وقامت بتصفيتهم. المقاومة بالنسبة لعباس والسلطة أصبحت أيضاً (عنفاً غير مبرر) والأسلوب الوحيد للمقاومة الذي يشّرعه عباس هو "المقاومة الشعبية" التي هي الأخرى مفروض عليها أنها لا تستعمل الأسلحة حتى الأحجار! وإلا لكانت انتفاضة وهو ما صرّح عنها عباس مراراً، بأنه لن يسمح مطلقاً بقيام انتفاضة جديدة. هذا كان جزءا أساسيا من الأهداف (التي كانت في مخيلة أبو مازن عندما أعطى الأمر باقتحام مخيم جنين ولربما الذي أعطى الأمر هو خليفة دايتون) لاقتحام مخيم جنين. للعلم أيضاً فإن أجهزة السلطة اقتحمت بيت بسام السعدي للمرة الثالثة على التوالي خلال 48 ساعة إلى جانب اقتحامها لبيت والدته، وبيت ابن عمه وزوج أخته، وبيوت أشقائه واعتقال 3 منهم وكذلك اقتحام بيت الشهيد قائد سرايا القدس في منطقة جنين أشرف السعدي. ليست مصادفة أن يجري استهداف المخيمات في الوطن والشتات في ذات الوقت, فقبل بضعة أشهر وتحديداً في السادس والعشرين من أغسطس الماضي, اقتحمت قوات الاحتلال الصهيونية مخيم قلنديا وقتلت ثلاثة من أبنائه، استشهدوا وهم يقاومون, ومن ثم جرت اقتحامات لمخيم جنين كما ذكرنا، وفي الفترة نفسها يجري استهداف المخيمات الفلسطينية في سوريا على أيدي الأصوليين بهدف دفع شباب المخيمات الفلسطينية إلى الهجرة، وبالفعل هاجر عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الدول الأوروبية, مع العلم أن كثيرين منهم ماتوا غرقى في "موسم الهجرة إلى الشمال" (مع الاعتذار للروائي السوداني الرائع المرحوم الطيب صالح). المخيم هو دلالة واضحة على المعاناة الفلسطينية, وهي أيضاً دليل راسخ على العذابات والظلم التاريخي الذي تعرّض له الفلسطينيون على مدى قرن زمني ولا يزالون، السلطة تقترف خطيئة كبيرة في اقتحامها للمخيمات ومنها مخيم جنين, وتقترف خطيئة أكبر في مفاوضاتها مع العدو الصهيوني الذي يسعى جاهداً إلى زرع 95% من أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات والتي في أي حل تسوية سيتم ضمها إلى إسرائيل التي تنتهج سياسة فرض الأمر الواقع! السلطة ومحمود عباس يصران على التفاوض، ليس ذلك فحسب، وإنما اقتحام المخيمات الفلسطينية في عملية "تطهير" واضحة لها من المقاومين!.
466
| 07 نوفمبر 2013
التجسس على المواطنين والعالم في داخل الولايات المتحدة وخارجها:هو الشعار الذي ترفعه وكالة الأمن القومي الأمريكية.لم يسلم من التجسس. الأصدقاء القريبون من أمريكا بمن فيهم الرئيس الفرنسي هولاند والمستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل ولا الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. إضافة الى35 زعيما من مختلف أنحاء العالم.التنصت الأمريكي كان على كل شيء:الكومبيوتر والرسائل المطبوعة عليه. الهواتف بما فيها الشخصية وغيرها وغيرها واستعملت أحدث الأجهزة بما فيها الكاميرات المثبتة والمربوطة بالأقمار الصناعية الأمريكية.منذ يونيو الماضي عندما كشف إدوارد سنودن المستشار السابق في الوكالة المكلفة مراقبة الاتصالات حقيقة التجسس الأمريكي على العالم والفضائح تتكشف واحدة بعد الأخرى والحبل على الجرار. لقد اهتمت واشنطن بما كشفه سنودن.وخوفاً من الفضائح التي يتم كشفها الآن حاولت تسلمه من روسيا قلم تقبل الأخيرة بدعوى أنه يرفض العودة إلى بلده.أثّرت هذه الحادثة على العلاقة بين البلدين إلى الحد الذي ألغى فيه أوباما زيارة رسمية إلى روسيا،على هامش قمة سانت بطرسبرغ الاقتصادية التي عُقدت منذ بعض الوقت.المحاولة الأمريكية الحثيثة لاسترجاع المستشار السابق في الوكالة(التجسسية)دليل فاقع على تورط الإدارة الأمريكية في هذه المهمة القذرة، ودليل على كم المعلومات التي يملكها سنودن. ودليل على أن في جعبته بعد. الشيء الكثير مما تخشى واشنطن نشره.لقد عطّلت الولايات المتحدة اللجوء السياسي الذي طلبه المستشار السابق. من دول عديدة وقامت بالتدخل والاتصال بهذه الدول من أجل منعها الاستجابة لطلبه. إلى أن أعلنت روسيا: أنها أعطته الإقامة في موسكو. إن علاقة أمريكا مع كل دول العالم بما فيها الدول الصديقة لها مبنية على الشك. فلا مجال للثقة والكل تحت المراقبة. هذا جزء من العنجهية والصلف الأمريكي المبنيين تجاه كل الآخرين.بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تبنى الكونغرس الأمريكي قانوناً سمّي بــ القانون الوطني(باتريوت أكت)لتوسيع عمل الاستخبارات في مجال مكافحة الإرهاب.لكن القانون لم يبق في الحدود التي جرى سنه من أجلها،بل توّسع إلى الحد الذي طال فيه كل المجالات وكافة الأفراد بمن فيهم الأصدقاء الحميمون لواشنطن. في الذكرى الثانية عشرة لإقرار القانون: جرت مظاهرة حاشدة في واشنطن احتجاجاً على التجسس الأمريكي على الحياة الخاصة للأمريكيين. وكان من جملة الشعارات التي جرى رفعها"أوقفوا التجسس على الجماهير"وهي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يتجمع فيها الناس من أجل حياتهم الخاصة.هذا ما قاله في الحشد رئيس مجموعة الإعلام والتكنولوجيا الحرة كريغ أهرون الذي ذكر أيضا"إن الرأي العام الأمريكي غيّر كثيراً في نظرته إلى وكالة الأمن القومي والخصوصية".ومع كشف المعلومات عن عمليات التنصت اضطرت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاتخاذ إجراءات في أغسطس الماضي من أجل ضمان شفافية أكبر في عمليات المراقبة!لكن من الواضح أن لا شفافية فيما تمارسه وكالة الأمن القومي على الأمريكيين حتى في أدق خصوصياتهم الحياتية. لطالما كشفت الأحداث عن الدور القذر لوكالة المخابرات الأمريكية(السي.أيْ.إيه)في إسقاط العديد من رؤساء الدول الذين لا يتفقون وسياسات واشنطن. تجاه العديد من المسائل السياسية على الصعيد العالمي،ومن بين هؤلاء محاولة إسقاط الزعيم الوطني جمال عبدالناصر.لقد لعبت الوكالة دوراً في إسقاط ثورة مصدّق في إيران. والرئيس التشيلي الشرعي سلفادور الليندي وغيرهم وغيرهم.لقد لعبت الوكالة دوراً في إحداث اضطرابات كثيرة في العديد من الدول ومن بينها دولنا العربية. وذلك في إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والإثنية وتحويلها فيما بعد إلى حروب طاحنة أدت في إحدى حلقاتها إلى تفتيت الدولة. لقد كشف فرانسيس ستونر سسوندرز في كتابه القيم"الحرب الباردة الثقافية، المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب" (المجلس الأعلى للثقافة. القاهرة 2003.) محاولة الولايات المتحدة الأمريكية غزو العالم ثقافياً من خلال تسييد الثقافة الأمريكية على كل مناطق العالم بما في ذلك أوروبا. من أجل الاستفراد بزعامة العالم،واستعملت تعبيرات شتى لتبرير هذا المفهوم ومنها: تحصين العالم ضد ما كان يسمى بــ(وباء الشيوعية).لقد ابتدأت المخابرات المركزية منذ عام 1947 في بناء كونسيرتيوم(اتحاد)من أجل تمهيد الطريق أمام مصالح السياسة الخارجية الأمريكية!المقصود القول أنه في مفهوم الولايات المتحدة"فإن الغاية تبرر الوسيلة"لذلك لا تتوانى الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية عن استعمال كل الوسائل في سبيل خدمة هذه السياسات. حتى لو كان منها:التجسس على الأمور الحياتية والشخصية للأمريكيين وغيرهم في بلدان العالم المختلفة. إن المبدأ الأمريكي"من ليس معنا فهو ضدنا"الذي كان يردده بوش مراراً. لم يكن من اختراعه بل هو شعار أمريكي تم اختراعه في عهد الرئيس الأمريكي روزفلت. وهو يعني:إن لم تكن مطلق دولة ومطلق نظام ببغاء لما تريده الولايات المتحدة من سياسات ومواقف. فبالحتم فإن هذه الدولة وهذا النظام يقفان في صف أعدائها. ولذلك يجوز التآمر وخلق المشكلات للدول المعارضة.كما يجوز إسقاط النظام بكافة الوسائل والسبل.لذا فإن الأجهزة الأمنية الاستخباراتية الأمريكية العديدة تتواءم والسياسات الداخلية والخارجية للإدارات الأمريكية المختلفة.الأمر الذي يعني أن ما تقوم به هذه الأجهزة من تجسس على الدول والرؤساء والبشر. ليس اختراعاً خاصاً بها وإنما تكراراً لأوامر تتلقاها من المعنيين في الإدارات الأمريكية وتحديداً من الرؤساء الأمريكيين. يبقى القول: إن الفضائح الأمريكية في التجسس لن تتوقف عند الحدود التي وصلت إليها. فعلى شاكلة وثائق ويكليكس وملاحقة أسانج. ها هي فضائح جديدة تتكشف وتجري ملاحقة سنودن. والحبل على الجرار.
1057
| 02 نوفمبر 2013
يصعبُ مرور يوم دون إجراء مناقشة مصطلح "تطبيع" في تقييم هذه الخطوة أو تلك. المقصود بالطبع هو التطبيع مع إسرائيل.البعض من الناس يذهب للسفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية من أجل تحصيل سمة دخول إلى بلده: فلسطين. يذهبون لأسباب شتى: الشوق لرؤية فلسطين، زيارة الأماكن المقدسة، زيارة الأهل في الضفة الغربية أو في منطقة 48.يستغرب هؤلاء من يصف حصولهم على الفيزا من السفارة الصهيونية بأنها"تطبيع" فيبدؤون الدفاع عن خطوتهم ويثيرون التساؤل:هل الذهاب إلى الوطن وزيارة الأهل يُعتبر تطبيعاً؟وهكذا دواليك! بداية ما هو التطبيع وما المقصود به؟ من بين عشرات التعريفات لمؤسسات مختلفة ومنها: الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل التي تعرّف التطبيع بما يلي: المشاركة في أية مبادرة أو نشاط محلي أو دولي مصمم خصيصاً للجمع (سواء بشكل مباشر/أو غير مباشر) بين فلسطينيين و/أو عرب وإسرائيليين (أفراداً كانوا أو مؤسسات)، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني، وأهم أشكال التطبيع هي: تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو المهني أو النسوي أو الشبابي أو إزالة الحواجز النفسية. أما عبدالوهاب المسيري فيعتبر التطبيع: بأنه التغيير في ظاهرة ما بحيث تتفق في بنيتها وشكلها واتجاهها مع ما يعده البعض طبيعياً. مثلما قُلنا عشرات التعريفات لكن في كل منها تجد نقصاً ما. أما التطبيع من وجهة نظر كاتب هذه السطور فيمكن اعتباره كالتالي: هو ممارسة أية خطوة أو حضور لقاء/لقاءات أو المشاركة في نشاط/نشاطات أو تعاون بين فلسطينيين وعرب مع صهيونيين أو إسرائيليين يُفهم منه/منها: اعتراف بشرعية المشروع الصهيوني في المنطقة، أو شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة،بما في ذلك كل ما يكرّس الاعتراف بهذا الوجود الاستعماري الغريب، أيّاً كانت المبررات والأسباب. وقبل الخوض في الظواهر والأحداث التطبيعية، حرّي القول: أن للقضية الفلسطينية خصوصياتها فهي ليست معاناة من احتلال عادي، بل هو احتلال اقتلاعي للشعب الفلسطيني والحلول اليهودي محله، ومصادرة الأرض الفلسطينية، والادعاء التضليلي الكاذب بوجود الارتباط التاريخي بين اليهود وفلسطين.كذلك فإن حالة الاشتباك اليومي العسكري معه غير قائمة، بمعنى أنه احتلال ينوي البقاء الدائم وليس استعمار الوطن الفلسطيني لبضع سنوات، أي أنه احتلال مقيم، بالتالي فإن خصوصية هذا الوضع تُنشئ بالضرورة علاقات تعامل بين سلطات الاحتلال، والفلسطينيين مثل أنماط التعامل اليومي التي نشأت بين إسرائيل وأهلنا في منطقة 1948، ثم الأنماط التي نشأت مع أهلنا في مناطق 1967 بعد احتلال إسرائيل لباقي فلسطين وبعض مناطق من الدول العربية المجاورة. لو كانت الحرب دائرة على مدار الساعة، مثلاً: عند اجتياح القوات النازية للعديد من الدول في الحرب العالمية الثانية ومنها أراضي الاتحاد السوفيتي، فإن حالة الاشتباك اليومي مع المحتلين تكون قائمة ومستمرة، فلا يجوز والحالة هذه التعامل بكافة الأشكال والوسائل مع السلطات المحتلة الحاكمة، غير لغة المقاومة، وإلا سيعتبر أي تعامل هو تطبيع. نذكر في هذا الصدد حادثة امرأة في قرية روسية احتلها الألمان: أنها كانت تجمع البيض يومياً من سكان القرية وتدوسه بقدميها، الأمر الذي أدّى إلى افتقاد البيض في القرية. وصل الخبر إلى السلطة الألمانية الاستعمارية الحاكمة. فتم استدعاء المرأة وسؤالها عن سبب جمعها للبيض من الأهالي والدوس عليه؟ أجابت المرأة الضابط العسكري:أنا أضمن نفسي بألا أبيعك بيضاً، لكنني لا أضمن أن غيري لن يبيعكم بيضاً، لذلك أجمعه وأدوس عليه حتى تنتهي الحرب وإن بقيت حياً أنت وجنودك (وأشك في هذا) وعندما تخرجون، كي لا تقولوا يوماً بأنكم أكلتم من بيض قرية روسية! هكذا تكون اللغة مع الأعداء وليست لغة غيرها! ولكن عند احتلال الضفة الغربية وغزة في عام1967، وقد شاهدت ذلك بأم عيني، فإن الصناعات الفلسطينية المتواجدة كانت بسيطة وقليلة، حينها انتبه الناس إلى ضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية والاستعاضة عنها بالفلسطينية. انطبق ذلك على السلع الغذائية والحياتية الأخرى والأدوية وغيرها. فترة وجيزة وانتهت تلك السلع التي كانت موجودة في المخازن. بعدها اضطر الناس إلى شراء البضائع الإسرائيلية والتي لم يكن غيرها موجوداً في الأسواق، سوى بضائع قليلة فهل يمكن وصف آنذاك بأن من يشترون البضائع والأدوية الإسرائيلية أو التي دخلت عن طريق إسرائيل واستوفت عليها الجمارك، بأنهم مطبّعون؟ لا نعتقد ذلك لأن الناس كانوا مكرهين على هذا الأمر. أيضاً فإن إسرائيل ضربت الصناعات الوطنية والزراعة الفلسطينية و80% من اقتصاد الضفة الغربية وغزة كان زراعياً. الأمر الذي دفع المزارعين إلى الفاقة، ذلك أن الإنتاج من الخضار والفواكه لم يكن بيعه يغطي تكاليف فلاحة الأرض والاعتناء بها! وهو ما أدّى إلى فقد %90 من العمال لمصادر دخلهم، في الوقت الذي فتحت فيه إسرائيل أسواق العمل لديها، فهل نسمي والحالة هذه العامل الذي ذهب للعمل في إسرائيل بأنه مُطبّع؟ لا نعتقد ذلك وبخاصة أن التنظيمات المقاومة الفلسطينية كانت في بداية تشكليها فكان من الصعوبة مطالبتها بتوفير البديل! حتى بعد ما ينوف عن الأربعين عاماً ومع تشكيل السلطة أيضاً فلم يجر إيجاد البدائل حتى نطلب من العمال الفلسطينيين الامتناع عن الذهاب لسوق العمل الإسرائيلي. بالطبع العمل في المستوطنات. هو أكثر حتى من التطبيع. كذلك شراء منتجاتها فما بالك بموّرد الاسمنت القيادي في السلطة الفلسطينية الذي كان يمدها به من أجل بناء الوحدات السكنية الاستيطانية؟! هذا إجرام وليس فقط تطبيع؟! ينطبق ذلك على العديد من الظواهر الأخرى. يبقى القول: بأنه لا يجوز القول على كل حدث بأنه تطبيع قبل معرفة كنهه وجوهره، تماماً مثلما هو خارج العلمية القول:بأن كل يهودي صهيوني، فكثيرون من اليهود ضد الصهيونية وإسرائيل، منهم جماعة (ناتوري كارتا) ومنهم الكتّاب: إسرائيل شاحاك، نورمان فلنكشتاين، إيلان بابيه وغيرهم والموضوع برمته مطروح للنقاش وإبداء وجهات النظر حوله.
442
| 31 أكتوبر 2013
المتتبع للسياسة الروسية بالنسبة للشرق الأوسط. يلحظ بلا أدنى شك: اندفاعاً قوياً لموسكو في المنطقة. وبخاصة بعد عوامل عديدة ساعدت على هذا الاندفاع. وأبرزها:النجاح الكبير للدبلوماسية الروسية فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية السورية.لقد كان من الواضح أن التهديد الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا اصطدم بعقبات كثيرة منها ما هو داخلي ويتعلق: بالأزمة المالية التي تعيشها أمريكا حتى قبل إعلاق (ومن ثم فتح) بعض المؤسسات الأمريكية. بفعل عدم تصديق الجمهوريين في مجلس النواب على ميزانية عام 2014. التي تقدّمت بها إدارة أوباما.ومنها ما هو خارجي متعلق بحذر واشنطن من تبعات خوض معركة عسكرية جديدة بعد حربي العراق وأفغانستان. وتكاليفهما الباهظة على الخزينة الأمريكية.الحصيلة أن المبادرة الروسية - الأمريكية لعبت دورا في إنقاذ إدارة أوباما من تبعات هذه الضربة. فمن السهل بدء الحرب لكن من الصعب إنهاءها وهذا مالم يفهمه أوباما عندما أعلن تهديده. هذا الوضع فتح آفاقاً جديدة للدبلوماسية الروسية للعودة إلى مصر. وبخاصة مع المتغيرات الجديدة فيها:الموقف الأميركي مستاء من خطوات الجيش المصري. فواشنطن لا ترى بأن هذه التغييرات ستخدم العملية الديمقراطية في مصر لا على الصعيد الآني ولا المستقبلي أيضاً. هذا أولاً. ثانياً:لقد قامت الولايات المتحدة بتجميد بعض المساعدات العسكرية إلى الجيش المصري. الأمر الذي دعا بأحد الدبلوماسيين المصريين للقول:بأن القاهرة ستتجه إلى البديل. وقام بتسمية روسيا.في الاعتقاد بأن الأخيرة سترحب بالخطوة المصرية. ولن تُفشل هذا اللجوء المصري إليها،فموسكو ليس لها فيتو على إرسال أسلحة متطورة إلى المنطقة وبخاصة إلى سوريا،فهي كانت قد أبدت الاستعداد لإرسال صواريخ إس 300 إلى دمشق. ووفقاً لتصريحات العديدين من المسؤولين الروس فإن روسيا ماضية في صفقتها التسليحية مع سوريا.بالنسبة لمصر تدرك موسكو: التأثير الاستراتيجي المصري عربياً وإقليمياً وإفريقياً ودولياً. وهي ستسعى بكل ما أوتيت من قوة للتعامل إيجابياً مع مصر في أوضاعها الجديدة،ففي عهدي السادات ومبارك والفترة الرئاسية القليلة لمرسي. فإن موسكو غابت عن الساحة المصرية بشكل تام. وهي المهمة كثيراً لأية قوة دولية تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لديها في المنطقة. ثالثاً: الانفتاح الإيراني المباشر على الغرب بعد تسلم الرئيس روحاني لمنصبه في طهران. يقلل من الحاجة الإيرانية إلى الدبلوماسية الروسية للعمل كوسيلة اتصال بينها وبين الغرب.أيضاً على صعيد العلاقات الروسية-التركية فإن تركيا قبلت للناتو أن ينصب صواريخ باتريوت على أراضيها تحت دعاوي"حماية أمنها من سوريا". كذلك الموقف التركي من الصراع في سوريا،وتناقضه الاستراتيجي مع الموقف الروسي.فقدان موسكو لهذين العاملين شجعها على الإسراع في مد الخيوط الجاذبة مع القاهرة. التي رحبّت بدورها بهذا التقارب.روسيا أيضاً تدرك التراجع الأمريكي المتدرج في المنطقة وهي تحاول ملء هذا الفراغ.لقد كانت واشنطن قصيرة النظر في تجميد مساعداتها العسكرية إلى الجيش المصري. وذلك لأن هذه الخطوة التراجعية ستحمل في طياتها آثاراً إستراتيجية في صراع قوى النفوذ في المنطقة.روسيا في فترات الرئاسة البوتينية هي غيرها في المراحل الميدفيدفية. رابعاً:موسكو تنطلق في حساباتها السياسية من إحساسها وإدراكها بنظام عالم الأحادية القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ومنظومة الدول الاشتراكية. والتي وصلت خلالها العنجهية والتفرد الأمريكي إلى أقصى مدياته. روسيا تدرك أهمية أن تكون قطباً عالمياً آخر في مواجهة الولايات المتحدة. لذا فإن أية ساحة جديدة لنفوذ لها. هي مسألة ذات أهمية فائقة بالنسبة إليها. إبّان فترتي رئاسة بوش الابن ومقولته الشهيرة "من ليس معنا فهو ضدنا" وشعاره "بالحرب ضد الإرهاب" فإن الاستفزاز الأمريكي لروسيا كان كبيراً.فقد أحاطت واشنطن الحدود الروسية بسوار من الصواريخ الإستراتيجية (في بولندا وجمهوريات البلطيق وغروزيا وغيرها) الأمر الذي اعتبرته موسكو استفزازاً لها. وعدواناً سافراً عليها. وفي الذهن أزمة الصواريخ في كوبا في منتصف الستينيات: عندما هدد الرئيس كينيدي بالحرب النووية إذا لم تقم روسيا بسحب صواريخها من الأراضي الكوبية.اضطر خروتشوف أيامها إلى سحب الصواريخ السوفيتية. مقابل تعهد من واشنطن بعدم غزو كوبا. المقصود القول:أن أميركا هددت بحرب نتيجة لوجود صواريخ سوفيتية على مقربة من حدودها. بينما تسمح لنفسها ولحلفائها الناتويين بنصب صواريخ على حدود روسيا،لو كانت الأخيرة قطباً عالمياً ثانياً لما تجرأت واشنطن والعواصم الغربية على نصب هذه الصواريخ. بالطبع كثيرون يعتقدون:بأن روسيا وحدها غير قادرة على تشكيل قطب عالمي ثاني في مواجهة واشنطن. في هذا القول نمط من الصحة. لكن اهتمام الصين منصب بشكل أساس على تحقيق قفزات كبيرة اقتصادياً. وبالفعل هي أصبحت الآن عملاقاً اقتصادياً عالمياً.ربما في مرحلة قريبة(ولكن ليس على المدى المنظور)ستبدأ اهتماماتها في تشكيل هذا القطب. ولكنها الآن هي عامل مساعد مهم لتبوأ موسكو هذا الموقع. فقضايا سياسية دولية عديدة توحد موقفي روسيا والصين منها،والبلدان عضوان مهمان فيما يعرف"بدول البريكس". كل هذه العوامل وغيرها تؤكد أهمية أية ساحات نفوذ بالنسبة للدبلوماسية الروسية،فمن المقرر أن يصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى القاهرة أوائل شهر نوفمبر القادم. للمباحثات ولترتيب زيارة يقوم بها الرئيس بوتن إليها، الأمر الذي يشي بأن العلاقات الروسية-المصرية تشهد انفتاحاً ملحوظاً. وهذا الأمر الذي يلقي بظلاله على المتغيرات السياسية في المنطقة وعلى الصعيد الدولي. العلاقات بالطبع مرهونة بطبيعتها أولاً. وبالعوامل المؤثرة فيها ثانياً. والمتغيرات السياسية في بنيتي كل من روسيا ومصر ثالثاً. بالطبع مؤسف هذا التطور في العلاقات الروسية-الإسرائيلية. ولكن ما دام الفريق المتنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية قد عقد اتفاقية أوسلو مع الكيان الصهيوني. وما دامت بعض الدول العربية قد عقدت ما يسمى باتفاقيات سلام مع إسرائيل. فهل نلوم روسيا؟يبقى القول إننا على أعتاب مرحلة جديدة من الاهتمام الروسي بالمنطقة من خلال النافذة المصرية.
496
| 24 أكتوبر 2013
بداية، من الضروري الإيضاح بأن إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين والعرب بشكل عام، تنطلق منذ قيامها وحتى اللحظة من منطق القوة والإخضاع والابتزاز على قواعد وأسس من العنجهية والاستعلاء والتفوق، وهذه ليست صفات مُكتسبة إسرائيلياً لكنها محددات أساسية , مرتكزات لأبعاد تربوية للحركة الصهيونية في خلق الأجيال المتتابعة التي تزداد تطرفاً والتصاقاً بهذه المرتكزات في تعاملها مع العرب (الأغيار). هذه قضية أساسية يجب استيعابها من قبل كافة الأطراف المتضررة (والفلسطينيون والعرب متضررون) من الوجود الصهيوني الإسرائيلي!هذه المسألة لابد من معرفتها وإدراكها كسمة وجودية في العقلية الإسرائيلية , وعدم إدراكها يؤدي بأصحاب من لا يدركونها إلى خلل بنيوي تحليلي بالمعنيين الإستراتيجي والتكتيكي في مجابهة المشروع الإسرائيلي في المنطقة، وبالتالي إلى مزيد من الهوّة في ميزان القوى القائم مع إسرائيل, والتي باعتمادها على هذه الأسس كسبت المزيد من التنازلات الفلسطينية والعربية المتدرجة على طريق الصراع التاريخي القائم في المنطقة. وللتوضيح نقول: في كل تاريخها فإن إسرائيل ارتكبت كافة أشكال العدوان ضد الفلسطينيين والعرب بشكل عام. وبدلاً من أن تؤدي هذه الطريقة بهم إلى اعتماد أساليب القوة والرد بنفس النهج, نراهم يتبنون ما يسمى بــ(إستراتيجية السلام) مع إسرائيل، ولكن كيف قابلت الأخيرة التنازلات الرسمية الفلسطينية , والتي عبّرت عن نفسها في اتفاقيات أوسلو, وتحول إستراتيجي لدى القيادة المتنفذة الفلسطينية، من تحرير كامل التراب الفلسطيني إلى دولة يجري إنشاؤها على حدود عام 1967, وكيف قابلت التنازلات الرسمية التي عبرّت عن نفسها في اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة، وفيما بعد ما سمي "بإستراتيجية السلام العربية" المعبّر عنها في "مبادرة السلام العربية" التي اقترحتها قمة بيروت في عام 2002؟ إسرائيل قابلت كل ذلك بالمزيد من التشدد والمزيد من ابتزاز التنازلات الفلسطينية والعربية بشكل لا تنطفئ معه شهية الاشتراطات الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال لا الحصر نقول: بعد كل التنازلات الفلسطينية، يشترط نتنياهو على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية "دولة إسرائيل" كثمن حتى للتسوية الإسرائيلية معهم (وليس قيام الدولة العتيدة بالمفهوم الفلسطيني، وإنما بالمفهوم الإسرائيلي لها) ورغم مبادرة "السلام العربية" التي أظهرت الدول العربية استعدادها للاعتراف الرسمي بإسرائيل , ورفع أعلامها في عواصمها , والتطبيع معها, ومن دون حق العودة للفلسطينيين مقابل الانسحاب من حدود عام 1967 والقبول بإنشاء دولة فلسطينية. كان الرد الإسرائيلي بالرفض "فالسلام مع العرب هو مقابل السلام" ودون أي أثمان تدفعها إسرائيل. تطور الأمر إلى مقايضة إسرائيلية: حقوق الفلسطينيين مقابل حقوق اليهود الذين عاشوا في الدول العربية، وإنشاء هياكل للمطالبة بحقوقهم حتى على صعيد الأمم المتحدة. تطور الأمر أيضاً إلى المطالبة والمزاوجة بين العقلية اليهودية والأموال العربية, وكأن العرب لا عقول لهم، إنما فقط يمتلكون الأموال (تصوروا العنصرية؟!) مؤخراً طرح نتنياهو ضرورة التحالف الإسرائيلي - العربي في مواجهة قضايا كثيرة وفي مقدمتها المشروع النووي الإيراني. بالتأكيد لو أن الفلسطينيين والعرب استجابوا للاشتراطات الإسرائيلية بكاملها فسيتفتق الذهن الإسرائيلي الصهيوني الشايلوكي عن اشتراطات جديدة عليهم قبل إنجاز أي تسويات معهم. القضية الثانية المحددة للوجود الإسرائيلي, والتي هي عبارة عن محدد ومرتكز رئيسي آخر لهذا الوجود، هي استحالة أن تتواجد إسرائيل في المنطقة دون حروب، لأن السلام وإسرائيل خطّان متوازيان لا يلتقيان. في التاريخ اليهودي كما يؤرخه العديد من المؤرخين اليهود (منهم إسرائيل شاحاك في كتابه "التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، ثلاثة آلاف سنة") فإن الحاخامات حرصوا على ربط مصالح القيادات اليهودية بمصالح الطبقات الحاكمة في كل الدول التي عاشوا بين ظهراني شعوبها , وكانوا جزءاً من أدوات القمع لهذه الشعوب. فيما بعد ظهرت الحركة الصهيونية وحرص قادتها منذ مؤتمرها الأول في بازل عام 1897 وفيما بعد في مؤتمر كامبل - بنزمان في عام 1908 على ربط وجود هذه الحركة مع المصالح الاستعمارية على صعيد العالم أجمع وبخاصة في المنطقة العربية (بسبب أن الرأي استقر على إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين). وبالفعل مثّلت الحركة الصهيونية هذه المصالح وكانت جزءاً رئيسياً منها (بريطانيا من قبل وكذلك مع الولايات المتحدة وفرنسا فيما بعد ومع كافة الدول الاستعمارية الأخرى). المنظمات الإرهابية الصهيونية (قبل إنشاء إسرائيل) كانت حريصة على ربط مصالحها بالمصالح الاستعمارية، كما إسرائيل فيما بعد، جعلت من وجودها جسراً متقدماً للمخططات الإمبريالية للمنطقة، وشرطياً ضارباً باسم تلك المصالح فيها. الدليل على صحة ما نقوله هو التاريخ الإسرائيلي نفسه، الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد الدول العربية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن العدوان الثلاثي الإسرائيلي - البريطاني - الفرنسي على مصر في عام 1956 لم يكن له أي مبررات، سوى أن الزعيم الوطني عبد الناصر قام بتأميم شركة قناة السويس العالمية، ومصرّها تماماً. كذلك هو عدوان عام 1982 على لبنان واحتلال جزءٍ كبير من أراضيه. إسرائيل بررت عدوانها بمحاولة الفلسطينيين اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا موشيه أرغوف, ليتبين من الكتابات والوثائق الإسرائيلية بعد مرور 30 عاماً على الحادثة، أن الفلسطينيين لم يكن لهم دخل بمحاولة اغتياله, وأن الحادثة تمت في ظروف غامضة وربما إسرائيل قامت بمحاولة قتل سفيرها، فتاريخها والمنظمات الإرهابية الصهيونية والحركة الصهيونية حافل بالاعتداء وقتل يهود من أجل كسب العطف العالمي واستعمال ذلك كمبررات لتنفيذ اعتداءات إسرائيلية. إسرائيل وقفت مع الولايات المتحدة في حربها العدوانية على فيتنام , ووقفت مع الدكتاتور التشيلي بينوشيت بعد انقلابه على حكومة الليندي الشرعية والمنتخبة شعبياً, وامتلكت أفضل الوشائج مع حكم الفصل العنصري في جنوب إفريقيا, وعلى ذلك قِسْ. القضية الثالثة المتوجب إدراكها فلسطينياً وعربياً أن إسرائيل لا تستجيب سوى إلى لغة القوة. لقد ثبتت دقة هذا المفهوم، فلولا الثورة الفلسطينية المسلحة لما اعترفت بالوجود الفلسطيني, ولولا حرب أكتوبر في عام 1973 لم تتزحزح عن متر من الأراضي العربية، ولولا المقاومة الوطنية اللبنانية لما انسحبت من الأراضي اللبنانية في عام 2000، ولولا صمود هذه المقاومة لأعادت احتلال الجنوب اللبناني بكامله في عدوان 2006، ولولا صمود المقاومة الفلسطينية وامتلاكها لصواريخ تطال أهدافاً إسرائيلية لما وافقت على وقف إطلاق النار. القضية الرابعة، في السابق أيضاً فإن إسرائيل تطورت باتجاه المزيد من العنصرية والتطرف، هذا ما لا نقوله نحن وإنما استطلاعات الرأي الإسرائيلية نفسها، والتي تؤكد أنه في العام 2025 فإن غالبية الإسرائيليين 65% سيكونون من المتدنيين الدينيين, وهؤلاء ما زالوا يتمسكون "بأرض إسرائيل الكبرى" ودولة إسرائيل في أذهانهم من النيل إلى الفرات. يبقى القول: إن هذه القضايا الأربع هي غيض من فيض الأسس والمرتكزات للوجود الإسرائيلي، بالتالي فإن العرب والفلسطينيين مطالبون بوضع نهج إستراتيجي جديد في التعامل مع إسرائيل، فبالمعنى الإستراتيجي فإن الدولة الصهيونية هي التي تقوم بتضييق الخيارات أمامهم.
388
| 17 أكتوبر 2013
رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية بعد مداولات دامت سنوات، طلب مجموعة من اليهود في إسرائيل تسجيل أنفسهم في بند القومية على أنهم إسرائيليون، مؤكدة عدم وجود ما يثبت وجود "قومية إسرائيلية" وهو القرار الذي كان قد صدر قبل 41 عاما من المحكمة المركزية في تل أبيب.بالمعنى الفعلي فإن إشكالية الهوية ما تزال تثير جدلا حاميا في الكيان الصهيوني. وحتى اللحظة لم يجر حل هذه الإشكالية. بالطبع رفض المحكمة الإسرائيلية يثير تساؤلات لدى القراء العرب عن أسباب الرفض؟ في إسرائيل ما زالوا يكتبون لليهود في بند القومية: يهودي. وللفلسطيني في منطقة 1948: عربي. وعلى هذا الأساس يجري التفريق بين اليهودي والعربي الفلسطيني هذا أحد أسباب رفض المحكمة لاقتراح وجود "القومية الإسرائيلية". أي للتفرقة بين اليهودي وغير اليهودي بكل ما تحمله هذه النظرة من عنصرية (تفرقة بين المواطن اليهودي والمواطن غير اليهودي). ومن حقوق أعلى وأكثر بكثير لليهود بالمقارنة مع غيرهم. هذا أولا. السبب الثاني: فإن إسرائيل ما زالت تبلور مفهوم أنها دولة "يهودية" أي أنها دولة اليهود في كل أنحاء العالم وليس للإسرائيليين (الذين يعيشون في إسرائيل ) ولذلك فان كل قرارات الأساس (بديل الدستور) التي سنتها الكنيست الإسرائيلي منذ إنشاء الدولة الصهيونية في عام 1948 حتى هذه اللحظة، أكدت على أن إسرائيل هي دولة اليهود.قرار المحكمة الإسرائيلية يدلل على أهمية المصطلحات التي يستعملها العدو. هذه المسألة التي لا يهتم بها كثيرون من الفلسطينيين والعرب وهذا نقوله بأسف كبير، إضافة إلى بعض أجهزة الإعلام العربية التي اعتادت على إطلاق مصطلح: الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على الصراع في الشرق الأوسط. من جانب آخر، شطح البعض بعيداً في اختزال هذا الصراع إلى كلمة (نزاع)، وبدأ في التسمية من خلال مصطلح: النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي أو حتى تسميته بــ (الخلاف). إضافة بالطبع إلى ترديد المصطلحات التي تريدها الصهيونية وإسرائيل واستخدامها مثل تعبيرات: الدولة العبرية ( وهذا من اخطر المصطلحات فقد أثبت التاريخ والدراسات عدم وجود أية روابط بين اليهود والعبرية، التي هي لغة آرامية لا علاقة لها باليهود لا من قريب أومن بعيد. بل حرصوا على ربطهما لتعميق الوجود اليهودي في التاريخ ) ومثل: "الدولة اليهودية "للدلالة على الأرض الفلسطينية. ومثل تعبير "الشعب اليهودي" و"الأمة اليهودية" و"القومية اليهودية" للدلالة على اليهود بينما لأهم شعب ولا هم أمة ولا هم قومية، فاليهودية ديانة مثل الإسلام والمسيحية يعتنقها الأمريكي والروسي والأفريقي والهندي وغيرهم.بدايةً، فإن المصطلحات لا تأتي عفويةً، وهي مقصودة ثم إنها من ناحية أخرى مهمة للتوصيف، الأمر الذي ينزع العفوية عن التسمية.في هذه المقالة سنركز على توصيف الصراع.مصطلح الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي خاطئ تماماً، فرغم أن الفلسطينيين هم الواجهة في هذا الصراع، لكن الخطر الإسرائيلي لا يطال الفلسطينيين وحدهم، وإنما كل العرب من المحيط إلى الخليج. هذا ما لا نقوله نحن، بل تقوله حقائق الصراع، والأحلام الصهيونية، والأهداف الإسرائيلية، وتاريخ إسرائيل منذ ما قبل قيامها حتى هذه اللحظة.إسرائيل ما زالت تحتل هضبة الجولان العربية السورية، ولقد سبق وان ضمّتها إلى إسرائيل، بقرار اتخذته الكنيست، وهي لاتزال تعتبر الهضبة أرضاً إسرائيلية.إسرائيل ما تزال تحتل مزارع شبعا اللبنانية، وسبق أن احتلت أراضْ مصرية، وهي تلاحق الفلسطينيين في الدول العربية، مثلما حدث في تونس من عملية اغتيال لخليل الوزير، وفي دبي من اغتيال لمحمود المبحوح، ومحاولة اغتيال خالد مشعل في عمان، رغم ارتباط الأردن باتفاقية وادي عربة مع إسرائيل، واغتالت كثيرين من القادة الفلسطينيين في قلب بيروت.إسرائيل قامت بتفجير وتدمير المؤسسة النووية العراقية، واغتالت عالم الفيزياء النووية، المصري العربي يحيى المشد في باريس، والذي كان يعمل في بغداد، وقامت بتفجيرات في سوريا قديماً وحديثاً.وزير خارجية العدو الفاشي ليبرمان، هدد بقصف السد العالي، هذا عدا عن الحلم الذي يلامس شغاف قلوب بعض الأحزاب الدينية اليمينية، في إنشاء دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. كثيرون من الساسة والقياديين العسكريين الإسرائيليين بمن فيهم نتنياهو رئيس الوزراء الحالي، ما زالوا يعتقدون بأن الأردن جرى اقتطاعه عنوةً من الوطن الإسرائيلي، ولذلك يؤمنون بإقامة الفلسطينيين دولتهم، فيه، من بين هؤلاء رئيس الكنيست الحالي وأعضاء كثيرون فيه.هذا غيض من فيض من رؤية الحركة الصهيونية للعالم العربي. إضافة بالطبع إلى أن التصور الإسرائيلي للعلاقة مع العرب، يتمثل في إقامة علاقات مع دولهم دون شروط مسبقة، بعيداً عما يسمى بـ مبادرة السلام العربية التي أطلقتها قمة بيروت، والتي ما زالت موضوعة على الطاولة.الإسرائيليون لا يفصلون بين الصراع مع الفلسطينيين والصراع مع العرب، ويأتي البعض منّا للأسف ليفصل بين المسألتين.الحركة الصهيونية وفي مؤتمر بنرمان في عام 1908، اتفقت مع الدول الاستعمارية الغربية، على إنشاء دولتها، في المنطقة التي تفصل الجزء الآسيوي من الوطن العربي عن جزئه الآخر في أفريقيا، لتمنع توحيد الجزأين مستقبلاً، وهذا ما كررته معاهدة سايكس بيكو.الإسرائيليون يتآمرون على الجبهات الداخلية في الأقطار العربية، وصولاً إلى الدعم العسكري لبعض الأطراف المنادية بتجزئة الدولة الواحدة، صدّروا آفة القطن لمصر، وهم وراء تهريب المخدرات إليها وإلى بعض الدول العربية الأخرى أيضاً، وهم يشكلون فرقاً للتجسس على هذه الأقطار. والدليل على تدخلهم التخريبي في العالم العربي، الدور في كل من العراق والسودان والصومال وغيرها من الأقطار العربية الأخرى. ولن ننتهي من تعداد آلاف الأدلة الأخرى على تآمر إسرائيل وجرائمها، وتدخلاتها السافرة في الأقطار العربية، ومع ذلك يأتي البعض علينا بإطلاق مصطلح الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.أما كلمتي (النزاع) و(الخلاف) التي يطلقها البعض على الحالة الفلسطينية - الإسرائيلية، فهو تسطيح للحقيقة وجهل كبير في حقيقة الصراع، فما بين الطرفين ليس نزاعاً أو خلافاً على قضية بسيطة، بل هو صراع أزلي ما بين الفلسطينيين والعرب من جهة، وبين إسرائيل والحركة الصهيونية من جهة أخرى.تسمية الصراع مع إسرائيل بأنه محدود بالفلسطينيين، هي إغراق في القطرية الكريهة، وهي تجاوب مع الاتهامات الصهيونية وبعض الغربية الأخرى بأن ما من جامع بين الأقطار العربية، وتجاوب مع مقولة انعدام وجود الأمة العربية، وانعدام وجود الثقافة والتاريخ والاقتصاد، وغيرها بين الدول العربية.الأدق تعبيراً في استعمال المصطلحات هو التسمية بـ الصراع العربي - الإسرائيلي الصهيوني. أما استخدام المصطلحات التي تريدها إسرائيل فيجري استخدامها للأسف بشكل واسع للدلالة على إسرائيل. الذي نسأله لهؤلاء : ألا تستطيعون التوصيف بتعبيرات مثل : إسرائيل. الكيان الصهيوني؟ ثم أين هي حقيقة وجود (المجتمع) الإسرائيلي الذي ترددونه؟ أليس من الأفضل استعمال كلمة : الشارع بدلا من مجتمع لا يملك مقومات بناء المجتمع فالإسرائيليون هم غزاة لفلسطين جاءوا من أقطار متعددة لا تجانس بينهم ولا تاريخ ولا عادات مشتركة... إلى آخر مكونات المجتمع، فلا "قومية يهودية"" ولا "قومية إسرائيلية" وهم أيضا لا "شعب" ولا"مجتمع" ولا "أمة"! موضوع المصطلحات هو حرب دائرة بيننا وبين إسرائيل...ألا تتفق معي عزيزي القارئ؟ والقضية مطروحة برسم النقاش.
716
| 10 أكتوبر 2013
يولي الكيان الصهيوني أهمية كبرى لمدينة القدس، فبعيْد احتلال الجزء الشرقي منها في 5 يونيو 1967 وفي نفس اليوم أقام الجنود الإسرائيليون حلقات الدبكة، وجاء المتطرفون للصلاة عند حائط البراق. كيف لا؟ وهم في صلواتهم ينشدون شعار "شُلّت يميني إن نسيتك يا أورشليم". مباشرة تم حل مجلسها البلدي وكافة هيئاتها، وقالت إسرائيل جملتها المشهورة: "إن القدس ستبقى العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل". في 17 يونيو من نفس العام أعلن الكيان الصهيوني "بدء تطبيق القانون الإسرائيلي على المدينة المقدسة، وفي 31 يوليو جاء قرار الكنيست بضم القدس إلى إسرائيل لتكون "عاصمته إلى الأبد". للعلم جرى احتلال الجزء الأكبر من القدس في عام 1948. منذ تلك اللحظة بدأت إسرائيل بتطوير عمليات تهويدها. إن ميزانية الاستيطان الإسرائيلية بما في ذلك تهويد القدس تبلغ 1.7 مليار دولار سنوياً (تصوروا!) هذا بالإضافة إلى المبالغ الآتية من المنظمات الصهيونية في جميع أنحاء العالم (وبخاصة من الولايات المتحدة) على شكل مساعدات (هبات)، ومن المنظمات الحليفة من الصهيو-مسيحية! عملياً بدأ تهويد القدس مع دخول القوات البريطانية إلى فلسطين في عام 1917. إذ قام المندوب السامي بتعيين مهندس بريطاني اسمه ماكلين، وكلفه بوضع هيكل مخطط تنظيمي للقدس، وخلال الفترة من 1922-1925 أقيم 11 حيا استيطانيا فيما اصطلح على تسميته فيما بعد "القدس الغربية". هذه أقيمت على أملاك عربية تمت مصادرتها من قبل سلطات الانتداب، وتقديمها للمنظمات الصهيونية مثل أحياء: "روميما" و"تلبيون" و"سان هادريا". كانت مساحة مدينة القدس سنة 1931، 4800 دونم، وفي عام 1948 وقبيل إنشاء إسرائيل بلغت 20131 دونما. أما الآن فإن مساحة القدس الكبرى تبلغ 600 ألف دونم. التوسيع الإسرائيلي في مدينة القدس الشرقية هي في الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية (وليس الغربية) أي في الاتجاهات الشاملة للأراضي العربية الفلسطينية. بالمعنى الفعلي فإن المدينة المقدسة تعيش المرحلة الأخيرة من التهويد، وفعلياً بعد عشر سنوات لن يتبقى منها أي ملامح عربية. مؤخراً صدر قرار إسرائيلي بالاستيلاء على أسطح المحلات التجارية، وقرارات أخرى: بتطبيق المنهج الإسرائيلي في المدارس العربية، وانتزاع الهويات من المقدسيين وإعطاؤهم بطاقات إقامة لمدة عشر سنوات (بهدف مسح المواطنة وتحويلهم إلى مقيمين). الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي سوف يتقدم إلى الكنيست الإسرائيلي بمشروع قرار (خلال شهر من تاريخه) ينص على، أولاً: تحويل المسجد الأقصى إلى مقدس يهودي. ثانياً: إلحاق المسجد الأقصى بوزارة الأديان الإسرائيلية. ثالثاً: فتح جميع أبواب المسجد الأقصى أمام اليهود والمستوطنين والمتطرفين. رابعاً: تحويل 70% من ساحات المسجد الأقصى إلى ساحات عامة. اليهود كانوا يملكون في البلدة القديمة للقدس في عام 1948، 5 دونمات فقط، أما الآن فهم يمتلكون 200 دونم. لقد هُدمت أحياء في البلدة القديمة: حي المغاربة هدم وتحول ساحة للمبكى، كما جرى هدم حارة الشرف (وتحولت إلى حي استيطاني)، إضافة إلى مصادرة عقارات كثيرة داخل البلدة. لقد بدأت إسرائيل بانتزاع حجارة من أسوار القدس القديمة واستبدالها بحجارة نقشوا عليها رموزا دينية يهودية لإثبات الحق التاريخي لليهود في فلسطين. الاقتحامات الإسرائيلية الحالية التي تتم للأقصى هي عملياً اختبارات لردود الفعل العربية والإسلامية، وإذا بقيت ردود الفعل باردة كما هي عليه الآن فستجري إقامة ما يسمونه "بالهيكل الثالث" بعد هدم المسجد الأقصى (بفعل الأنفاق التي حفروها تحته). الإسرائيليون يعملون وفقاً لحقيقة "من يمتلك القدس بالضرورة يمتلك كل فلسطين". انطلاقاً من هذه الحقيقة فإن صلاح الدين الأيوبي وبعد انتصاره في معركة حطين في 4 يوليو 1187م، انتقل مباشرة إلى تحرير القدس وكان ذلك في 2 أكتوبر عام 1187م ولم يذهب قبلها إلى تحرير أي بقعة أخرى. مثلما قلنا سابقاً: فإلى جانب الميزانية الكبيرة التي خصصتها إسرائيل لتهويد المدينة المقدسة والاستيطان، هناك الدعم الصهيوني الذي يقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الملياردير الأمريكي اليهودي الصهيوني ايرفنج موسكوفيتش يمول لوحده أحياء استيطانية بكاملها، إضافة إلى الاستيلاء على عقارات جديدة للمقدسيين بطرق التفافية خداعية. مؤخراً قام بتمويل الاستيلاء على 70 عقاراً في البلدة القديمة من القدس و40 عقاراً في سلوان وغيرها. في إسرائيل جمعيات استيطانية كثيرة تعمل على تمويل المستوطنات وتتلقى الدعم الخارجي، وأشهرها "عطيرات كهانيم" و"شوفوبنيم" و"ألعاد" وغيرها. المشروع الأهم الذي مولهُ موسكوفيتش قبل عدة أعوام هو: بناء حي استيطاني في رأس العمود. الفلسطينيون والعرب والمسلمون دائمو التغني بالقدس ولكن نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.
603
| 03 أكتوبر 2013
رفض المؤتمر العام الثالث للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انعقد مؤخراً في العاصمة النمساوية فينا، مشروع قرار قدمته دول عربية، ينتقد ترسانة إسرائيل النووية، فقد صوتت إلى جانب القرار 43 دولة مقابل 51 دولة رفضته فيما امتنعت 32 دولة عن التصويت. إنها المرة الثالثة على التوالي، فقد جرت في عامي 2009 - 2012 محاولتان أيضاً، لكنهما فشلتا. نائب السفير الإسرائيلي دانيال دانيالي اعتبر "أن مشروع القرار يشكل تشويهاً لسمعة إسرائيل ويسهم - فيما لو نجح - في تسييس الوكالة الدولية للطاقة الذرية".. واستطرد: إن الدول العربية تتكلم كما لو أن المسألة الوحيدة المطروحة للنقاش هي إسرائيل، وليس الكميات الكبرى من الأسلحة الكيميائية لدى سوريا، أو التحدي الجوهري الذي يطرحه سعي إيران إلى حيازة أسلحة نووية". السفير الأمريكي في الوكالة الدولية صرّح "بأنه لم يكن هناك فائز اليوم. لا نرى أن هذا الموضوع له مكان وسط نقاشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية". غريب أمر هذا المجتمع الدولي! الذي يتعامل بمكيالين مع الدول، فممنوع على بعضها امتلاك أي أسلحة دمار شامل: نووية، كيميائية، بيولوجية، بينما مسموح لدول أخرى مثل "الدولة المدّللة" للغرب إسرائيل، مسموح لها امتلاك كافة هذه الأسلحة! الأغرب أن المجتمع الدولي ينادي بشرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل. إن مجموع الدول التي صوّتت ضد المشروع والأخرى التي امتنعت عن التصويت يبلغ 83 دولة، وهو حجم كبير من الدول. ندرك الضغوطات التي مورست على دول عديدة من قبل الولايات المتحدة على مسؤولي هذه الدول لرفض المشروع. رفض مشروع القرار ضد إسرائيل هو تشجيع لها على الاعتداء على الفلسطينيين والعرب وحتى استعمال هذه الأسلحة في عدوانها عليهم، فقد استخدمت في العدوان على قطاع غزة 2008-2009 الأسلحة المحرمة دولياً من: فوسفورية وقنابل عنقودية، ووفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في العدوان على غزة برئاسة القاضي غولدستون، فإن إسرائيل اقترفت جرائم حرب في ذلك العدوان. إنها ليست المرة الأولى التي استعملت إسرائيل فيها هذه الأسلحة، فقد استخدمتها ضد لبنان في عدوان عام 1982 وعدوان 2006: قصفت مستشفيات ومدارس وسيارات إسعاف وملاجئ، واستعملت القنابل الفراغية. للعلم، فإن منظمات حقوقية فلسطينية وعربية رفعت على بعض القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، قضايا تتهمهم بارتكاب جرائم حرب (استناداً إلى التقرير الدولي) في محاكم كثيرة في العديد من الدول الأوروبية ودول العالم الأخرى. معروف أيضاً ومنذ فترة طويلة وباعتراف خبراء تسليح عسكريين وبضمنهم إستراتيجيون أمريكيون أن لدى إسرائيل ما يقارب 400 رأس نووي وصواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل هذه الرؤوس، ولديها مخزون هائل من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية. إسرائيل ترفض التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وترفض الانضمام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وترفض إخضاع أي من منشآتها النووية إلى التفتيش الدولي! لقد ساعدت فرنسا إسرائيل في بناء مفاعلات نووية، ومن ثم الولايات المتحدة أسهمت في تطوير هذه المفاعلات، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (عن طريق العملاء الذين جندّتهم إسرائيل في أمريكا من الخبراء في الأسلحة النووية). الولايات المتحدة هي الحامي الأول للترسانة النووية الإسرائيلية، وإبقائها خارج نطاق الانصياع للقرارات الدولية. يبقى القول: إن الدول العربية بادرت إلى ما أسمته إستراتيجية السلام مع إسرائيل واقترحت ما أسمته "مبادرة السلام العربية" في قمة بيروت عام 2002، والسؤال للسلطة الفلسطينية والدول العربية هو: هل تمكن إقامة سلام مع إسرائيل؟ وهذا بدوره يقود إلى أسئلة أخرى: هل يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطا نزيهاً بين العرب وإسرائيل؟ هل تصلح الإستراتيجية العربية والرسمية الفلسطينية في مواجهة الإستراتيجية الأمريكية-الإسرائيلية؟ أسئلة نطرحها برسم الإجابة! إن رفض مشروع القرار العربي هو بمثابة ترخيص دولي للنووي الإسرائيلي ولاعتداءات إسرائيل على الفلسطينيين وعلى الدول العربية.
367
| 26 سبتمبر 2013
اتفاقيات أوسلو المشؤومة، التي جرى توقيعها منذ عشرين عاماً. لم تزدْ إسرائيل إلا صلفاً وعنجهيةً وتنكراً للحقوق الوطنية الفلسطينية، زاد استيطانها حتى غطّى 80% من أراضي الضفة الغربية ولم يبق للفلسطينيين إلا 20% وهو ما يساوي 12% من مساحة فلسطين التاريخية: مدن وقرى ومناطق مقطعة الأوصال. بعضها محاط بجدار الفصل العنصري من الجهات الأربع. القدس ومنطقتها بالمعنى العملي يجري تهويدها. غور الأردن يجري نهب أراضيه. إسرائيل تزيد من اشتراطاتها على الفلسطينيين بما في ذلك "الاعتراف بيهوديتها"! صلاحيات السلطة الفلسطينية تزداد انحساراً. فلا يكفي أنها مقتصرة على الجانب الحياتي-الإداري للفلسطينيين ومع ذلك يجري تقليصها عاماً بعد عام، وفوق كل ذلك ما زال الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وغزة قائماً، الأمر الذي يؤدي بحصيلته مع اتفاقيات أوسلو إلى: تراجع المشروع الوطني الفلسطيني عقوداً إلى الوراء. إسرائيل لم تقصد من الاتفاقيات المشؤومة سوى: أولاً: إرغام الجانب الرسمي الفلسطيني على التخلي عن الكفاح المسلح. كما حدث في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1996 وبحضور الرئيس كلينتون. حين تم التصويت على إسقاط كافة المواد المتعلقة بالكفاح المسلح في الميثاق الوطني الفلسطيني. ثانياً: حصر الثورة الفلسطينية في مناطق جغرافية محددة في الضفة الغربية وغزة. حتى تسهل مراقبتها والتحكم فيها. نذكر حواراً لرابين في الكنيست بُعيدْ توقيع الاتفاقيات المشؤومة عندما سأله أحد الأعضاء: عن أسباب توقيع إسرائيل للاتفاقية؟ قال رابين: لقد جمعنا الفلسطينيين المشكلين لمعظم الفصائل (الإرهابية) في منطقة جغرافية واحدة لتسهل علينا مراقبتهم! إيهود باراك وكان رئيساً للأركان حينها سُئلَ عن كيفية حل التناقض بين إسرائيل والفلسطينيين إذا ما وقع خلاف بين الجانبين وذلك في مؤتمر صحفي؟ قال: سيجري حل أي تناقض وفقاً للتفسير الإسرائيلي لموضوع الخلاف، لأننا الأقوى! ثالثاً: لقد أرادت إسرائيل من تشكيل السلطة الفلسطينية مسألتين:1- حل الإشكالات الإدارية والحياتية للفلسطينيين في المناطق المحتلة بعيداً عنها وعن ميزانيتها. وبذلك تتخلص من العبء الاقتصادي للاحتلال! تبقى تحتل الأراضي. أما ثمن الاحتلال فيتحمله المجتمع الدولي بما في ذلك العالم العربي. 2- إيجاد مؤسسات أمنية فلسطينية مُرغمة على التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال وبإشراف أمريكي بهدف منع العمليات العسكرية ضد إسرائيل. رابعاً: إسرائيل في الاتفاقيات لم تتحدث عن دولة فلسطينية كاملة السيادة وإنما عن حكم ذاتي إداري للفلسطينيين. ولذلك أجلّت المواضيع الأساسية: كالقدس والحدود واللاجئين والمياه وغيرها إلى ما أسمته: مباحثات الوضع النهائي. وقد كان من المفترض أن يجري الانتهاء من هذه المواضيع في عام 1999 لكن المواعيد مثلما قال رابين في تصريح له "ليست مقدّسة". لذلك ها نحن في العام 2013 ولم يجر بحث هذه القضايا! ولقد سبق لشامير وأن قال في تصريح له أثناء مؤتمر مدريد: "سنطيل المفاوضات مع الفلسطينيين عشرين عاماً" وبالفعل هذا ما حصل. خامساً: إسرائيل ولأن ميزان القوى بين الطرفين يميل إلى صالحها فقد فسرّت كافة بنود اتفاقيات أوسلو وفقاً لوجهات نظرها، ففي عام 2002 قامت إسرائيل بإعادة دخول واحتلال المناطق المحتلة في الضفة الغربية. وأعلن شارون "وفاتها" كذلك نتنياهو وائتلافه الحكومي، وبدلاً من قيام السلطة الفلسطينية بإلغائها. فإن مسؤوليها يعلنون يوماً بعد يوم تمسكهم بها!. سادساً: قضايا الوضع النهائي التي تم تأجيلها إلى مفاوضات الوضع النهائي امتلكت إسرائيل ولا تزال تمتلك وجهات نظر واضحة حولها، فلا عودة للاجئين ولا انسحاب من كل مناطق 67. ولا انسحاب من القدس الشرقية وستظل "القدس الموحدة العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل"! إسرائيل لا تزال وستظل تتمسك بهذه المواقف طالما بقي ميزان القوى يميل إلى صالحها. أخطاء الجانب الرسمي الفلسطيني وإضافة إلى ما ورد في النقاط الست السابقة فتتمثل أولاً: في عدم قراءة الجانب الإسرائيلي والحدود القصوى للتسوية بالمفهوم الإسرائيلي قراءة دقيقة. وإلا لما قامت بتوقيع أوسلو المشؤومة. ثانياً: حصر النضال بالمقاومة الشعبية. وحصر أساليب الحل في المفاوضات كخيار الحل الاستراتيجي، وبذلك افتقدت الساحة الفلسطينية إلى الوسائل القادرة على تعديل موازين القوى مع إسرائيل من خلال: الكفاح المسلح وتحويل الاحتلال إلى مشروع إسرائيلي خاسر بالمعنى الديموغرافي (العمليات ضد الاحتلال وقواته) والاقتصادي (تحمل إسرائيل الاقتصادي لفعل الاحتلال) ثالثاً: القيادة المتنفذة في الساحة الفلسطينية اعتبرت تشكيل السلطة بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية. باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين في كل مواقعه: الوطن والشتات. وبذلك أهملت مؤسساتها وهيئاتها وتشكيلاتها الأمر الذي أشعر أبناء شعبنا في الشتات بتخلي القيادة الفلسطينية عن مسؤولياتها تجاههم، بمعنى آخر: تمسكت القيادة بالبناء الصغير الذي هو في حقيقته ليس أكثر من حكم ذاتي وتخلّت عن البنيان الكبير الذي هو منظمة التحرير الفلسطينية. رابعاً: تقديم التنازلات المتدرجة لإسرائيل مثل "وثيقة جنيف" التي تخلى فيها أمين سر القيادة في السلطة ياسر عبدربه عن حق عودة اللاجئين في محادثاته مع يوسي بيلين، ثم اتفاقية "جنيف الاقتصادية" التي تخلى فيها المفاوض الفلسطيني أحمد قريع عن استقلالية الاقتصاد الفلسطيني. ووافق على ربطه وتبعيته التامة للاقتصاد الإسرائيلي. كذلك المفاوضات التي تتم حاليا رغم الاستيطان الإسرائيلي وتهويد القدس وغيرها، والتخلي عن الاشتراطات الفلسطينية فللسنة العشرين (سوى انقطاع ثلاث سنوات كانت خلالها المفاوضات تتم في عمان فترة (استكشافية وعبر دبلوماسية الرسائل) على التوالي. لم ينقطع الجانب الفلسطيني عن المفاوضات رغم عقمها وعبثيتها ولا جدواها! أيضاً الاجتماعات التطبيعية التي تتم بين وفود فلسطينية وأخرى صهيونية سواء من الكنيست أو أحزاب إسرائيلية وغيرها. تخلي الرئيس عباس عن مدينته صفد وقضايا على هذه الشاكلة. خامساً: وضع الولايات المتحدة في صورة الوسيط النزيه. الذي من الممكن أن يقوم بضغوطات حقيقية على إسرائيل! وفي الواقع هذا رهان استراتيجي خاطئ تماماً، فالولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون إلا حليفاً لإسرائيل. ولا تستطيع إلا تبني المواقف الإسرائيلية للتسوية. ونقل المطالب الإسرائيلية إلى الفلسطينيين والعرب. والضغط عليهم من أجل القبول بها!. سادساً: إهمال البعد الشعبي القومي العربي للصراع مع العدو الصهيوني. وإهمال أهمية التحالف مع قوى المقاومة في الساحتين العربية والإقليمية وإلى حد ما البعد الأممي للنضال الفلسطيني. سابعاً: عدم تقييم حقيقي لطبيعة المرحلة، فالسلطة تنطلق من كونها مشروع دولة وستتحول إلى دولة قريباً. وهذا مجاف للواقع، والنضال الفلسطيني لا يزال في مرحلة التحرر الوطني. أي أننا بحاجة إلى كفاح طويل للوصول إلى وضع الدولة المستقلة والوصول إلى مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي. عديدون من مؤيدي نهج أوسلو يرون فيه: إيجابيات كثيرة مثل: الاعتراف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني. الإقرار الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية. عودة قرابة نصف مليون فلسطيني إلى الأراضي المحتلة عام 1967. إقامة السلطة كمقدمة لإقامة الدولة، تم إنقاذ القيادات الفلسطينية. إقامة مؤسسات الدولة وفشل الرواية الصهيونية في تزوير الوقائع. وفي الرد نقول: الاعتراف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني جاء نتيجة الثورة الفلسطينية المسلحة وليس بفعل اتفاقيات أوسلو. ولو جرت المحافظة على الانتفاضة الأولى والسير بها حتى نهاياتها المظفرة. لتحول قيام الدولة المستقلة من إمكانيته النظرية إلى الأخرى الواقعية. أما عودة الثورة إلى الداخل فقد أوضحنا الأهداف الإسرائيلية من هذه الإعادة. السلطة الإدارية (الحكم الذاتي) هو الحد الإسرائيلي الأقصى في تصور إسرائيل. كان هذا ولا يزال وسيظل هكذا. والتجارب أثبتت صحة ذلك. أما بالنسبة للقيادات الفلسطينية فقد تم قتل ياسر عرفات بالسم، وتم اغتيال العديد من قادة فصائل الثورة. مؤسسات السلطة أقيمت بهدف إنجاح الحكم الذاتي بالفهم إسرائيلي. كذلك إسرائيل ما زالت تروج الأساطير والأضاليل وبخاصة شرطها الأخير بالاعتراف الفلسطيني والعربي "بيهودية دولتها". هذا هو المستنقع الذي وضعتنا فيه أوسلو. ويمكن الخروج من ورطته: بإلغاء هذه الاتفاقية والانسحاب منها، تجاوز الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية. إعادة الاعتبار للكفاح المسلح وكل أشكال النضال. إعادة الاعتبار لمؤسسات م.ت.ف،.إجراء مراجعة شاملة منذ أوسلو وحتى اللحظة، وإن اقتضى الأمر حل السلطة فليجر حلها. بهذه الخطوات يمكن لشعبنا الخروج من المستنقع الذي وضعته قيادته المتنفذة فيه.
306
| 19 سبتمبر 2013
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4557
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3387
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1356
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1095
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
762
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
678
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
627
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
615
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية