رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اتفاقيات أوسلو المشؤومة، التي جرى توقيعها منذ عشرين عاماً. لم تزدْ إسرائيل إلا صلفاً وعنجهيةً وتنكراً للحقوق الوطنية الفلسطينية، زاد استيطانها حتى غطّى 80% من أراضي الضفة الغربية ولم يبق للفلسطينيين إلا 20% وهو ما يساوي 12% من مساحة فلسطين التاريخية: مدن وقرى ومناطق مقطعة الأوصال. بعضها محاط بجدار الفصل العنصري من الجهات الأربع. القدس ومنطقتها بالمعنى العملي يجري تهويدها. غور الأردن يجري نهب أراضيه. إسرائيل تزيد من اشتراطاتها على الفلسطينيين بما في ذلك "الاعتراف بيهوديتها"! صلاحيات السلطة الفلسطينية تزداد انحساراً. فلا يكفي أنها مقتصرة على الجانب الحياتي-الإداري للفلسطينيين ومع ذلك يجري تقليصها عاماً بعد عام، وفوق كل ذلك ما زال الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وغزة قائماً، الأمر الذي يؤدي بحصيلته مع اتفاقيات أوسلو إلى: تراجع المشروع الوطني الفلسطيني عقوداً إلى الوراء.
إسرائيل لم تقصد من الاتفاقيات المشؤومة سوى: أولاً: إرغام الجانب الرسمي الفلسطيني على التخلي عن الكفاح المسلح. كما حدث في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1996 وبحضور الرئيس كلينتون. حين تم التصويت على إسقاط كافة المواد المتعلقة بالكفاح المسلح في الميثاق الوطني الفلسطيني. ثانياً: حصر الثورة الفلسطينية في مناطق جغرافية محددة في الضفة الغربية وغزة. حتى تسهل مراقبتها والتحكم فيها. نذكر حواراً لرابين في الكنيست بُعيدْ توقيع الاتفاقيات المشؤومة عندما سأله أحد الأعضاء: عن أسباب توقيع إسرائيل للاتفاقية؟ قال رابين: لقد جمعنا الفلسطينيين المشكلين لمعظم الفصائل (الإرهابية) في منطقة جغرافية واحدة لتسهل علينا مراقبتهم! إيهود باراك وكان رئيساً للأركان حينها سُئلَ عن كيفية حل التناقض بين إسرائيل والفلسطينيين إذا ما وقع خلاف بين الجانبين وذلك في مؤتمر صحفي؟ قال: سيجري حل أي تناقض وفقاً للتفسير الإسرائيلي لموضوع الخلاف، لأننا الأقوى! ثالثاً: لقد أرادت إسرائيل من تشكيل السلطة الفلسطينية مسألتين:1- حل الإشكالات الإدارية والحياتية للفلسطينيين في المناطق المحتلة بعيداً عنها وعن ميزانيتها. وبذلك تتخلص من العبء الاقتصادي للاحتلال! تبقى تحتل الأراضي. أما ثمن الاحتلال فيتحمله المجتمع الدولي بما في ذلك العالم العربي. 2- إيجاد مؤسسات أمنية فلسطينية مُرغمة على التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال وبإشراف أمريكي بهدف منع العمليات العسكرية ضد إسرائيل. رابعاً: إسرائيل في الاتفاقيات لم تتحدث عن دولة فلسطينية كاملة السيادة وإنما عن حكم ذاتي إداري للفلسطينيين. ولذلك أجلّت المواضيع الأساسية: كالقدس والحدود واللاجئين والمياه وغيرها إلى ما أسمته: مباحثات الوضع النهائي. وقد كان من المفترض أن يجري الانتهاء من هذه المواضيع في عام 1999 لكن المواعيد مثلما قال رابين في تصريح له "ليست مقدّسة". لذلك ها نحن في العام 2013 ولم يجر بحث هذه القضايا! ولقد سبق لشامير وأن قال في تصريح له أثناء مؤتمر مدريد: "سنطيل المفاوضات مع الفلسطينيين عشرين عاماً" وبالفعل هذا ما حصل. خامساً: إسرائيل ولأن ميزان القوى بين الطرفين يميل إلى صالحها فقد فسرّت كافة بنود اتفاقيات أوسلو وفقاً لوجهات نظرها، ففي عام 2002 قامت إسرائيل بإعادة دخول واحتلال المناطق المحتلة في الضفة الغربية. وأعلن شارون "وفاتها" كذلك نتنياهو وائتلافه الحكومي، وبدلاً من قيام السلطة الفلسطينية بإلغائها. فإن مسؤوليها يعلنون يوماً بعد يوم تمسكهم بها!. سادساً: قضايا الوضع النهائي التي تم تأجيلها إلى مفاوضات الوضع النهائي امتلكت إسرائيل ولا تزال تمتلك وجهات نظر واضحة حولها، فلا عودة للاجئين ولا انسحاب من كل مناطق 67. ولا انسحاب من القدس الشرقية وستظل "القدس الموحدة العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل"! إسرائيل لا تزال وستظل تتمسك بهذه المواقف طالما بقي ميزان القوى يميل إلى صالحها.
أخطاء الجانب الرسمي الفلسطيني وإضافة إلى ما ورد في النقاط الست السابقة فتتمثل أولاً: في عدم قراءة الجانب الإسرائيلي والحدود القصوى للتسوية بالمفهوم الإسرائيلي قراءة دقيقة. وإلا لما قامت بتوقيع أوسلو المشؤومة. ثانياً: حصر النضال بالمقاومة الشعبية. وحصر أساليب الحل في المفاوضات كخيار الحل الاستراتيجي، وبذلك افتقدت الساحة الفلسطينية إلى الوسائل القادرة على تعديل موازين القوى مع إسرائيل من خلال: الكفاح المسلح وتحويل الاحتلال إلى مشروع إسرائيلي خاسر بالمعنى الديموغرافي (العمليات ضد الاحتلال وقواته) والاقتصادي (تحمل إسرائيل الاقتصادي لفعل الاحتلال) ثالثاً: القيادة المتنفذة في الساحة الفلسطينية اعتبرت تشكيل السلطة بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية. باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين في كل مواقعه: الوطن والشتات. وبذلك أهملت مؤسساتها وهيئاتها وتشكيلاتها الأمر الذي أشعر أبناء شعبنا في الشتات بتخلي القيادة الفلسطينية عن مسؤولياتها تجاههم، بمعنى آخر: تمسكت القيادة بالبناء الصغير الذي هو في حقيقته ليس أكثر من حكم ذاتي وتخلّت عن البنيان الكبير الذي هو منظمة التحرير الفلسطينية. رابعاً: تقديم التنازلات المتدرجة لإسرائيل مثل "وثيقة جنيف" التي تخلى فيها أمين سر القيادة في السلطة ياسر عبدربه عن حق عودة اللاجئين في محادثاته مع يوسي بيلين، ثم اتفاقية "جنيف الاقتصادية" التي تخلى فيها المفاوض الفلسطيني أحمد قريع عن استقلالية الاقتصاد الفلسطيني. ووافق على ربطه وتبعيته التامة للاقتصاد الإسرائيلي. كذلك المفاوضات التي تتم حاليا رغم الاستيطان الإسرائيلي وتهويد القدس وغيرها، والتخلي عن الاشتراطات الفلسطينية فللسنة العشرين (سوى انقطاع ثلاث سنوات كانت خلالها المفاوضات تتم في عمان فترة (استكشافية وعبر دبلوماسية الرسائل) على التوالي. لم ينقطع الجانب الفلسطيني عن المفاوضات رغم عقمها وعبثيتها ولا جدواها! أيضاً الاجتماعات التطبيعية التي تتم بين وفود فلسطينية وأخرى صهيونية سواء من الكنيست أو أحزاب إسرائيلية وغيرها. تخلي الرئيس عباس عن مدينته صفد وقضايا على هذه الشاكلة. خامساً: وضع الولايات المتحدة في صورة الوسيط النزيه. الذي من الممكن أن يقوم بضغوطات حقيقية على إسرائيل! وفي الواقع هذا رهان استراتيجي خاطئ تماماً، فالولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون إلا حليفاً لإسرائيل. ولا تستطيع إلا تبني المواقف الإسرائيلية للتسوية. ونقل المطالب الإسرائيلية إلى الفلسطينيين والعرب. والضغط عليهم من أجل القبول بها!. سادساً: إهمال البعد الشعبي القومي العربي للصراع مع العدو الصهيوني. وإهمال أهمية التحالف مع قوى المقاومة في الساحتين العربية والإقليمية وإلى حد ما البعد الأممي للنضال الفلسطيني. سابعاً: عدم تقييم حقيقي لطبيعة المرحلة، فالسلطة تنطلق من كونها مشروع دولة وستتحول إلى دولة قريباً. وهذا مجاف للواقع، والنضال الفلسطيني لا يزال في مرحلة التحرر الوطني. أي أننا بحاجة إلى كفاح طويل للوصول إلى وضع الدولة المستقلة والوصول إلى مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي.
عديدون من مؤيدي نهج أوسلو يرون فيه: إيجابيات كثيرة مثل: الاعتراف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني. الإقرار الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية. عودة قرابة نصف مليون فلسطيني إلى الأراضي المحتلة عام 1967. إقامة السلطة كمقدمة لإقامة الدولة، تم إنقاذ القيادات الفلسطينية. إقامة مؤسسات الدولة وفشل الرواية الصهيونية في تزوير الوقائع. وفي الرد نقول: الاعتراف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني جاء نتيجة الثورة الفلسطينية المسلحة وليس بفعل اتفاقيات أوسلو. ولو جرت المحافظة على الانتفاضة الأولى والسير بها حتى نهاياتها المظفرة. لتحول قيام الدولة المستقلة من إمكانيته النظرية إلى الأخرى الواقعية. أما عودة الثورة إلى الداخل فقد أوضحنا الأهداف الإسرائيلية من هذه الإعادة. السلطة الإدارية (الحكم الذاتي) هو الحد الإسرائيلي الأقصى في تصور إسرائيل. كان هذا ولا يزال وسيظل هكذا. والتجارب أثبتت صحة ذلك. أما بالنسبة للقيادات الفلسطينية فقد تم قتل ياسر عرفات بالسم، وتم اغتيال العديد من قادة فصائل الثورة. مؤسسات السلطة أقيمت بهدف إنجاح الحكم الذاتي بالفهم إسرائيلي. كذلك إسرائيل ما زالت تروج الأساطير والأضاليل وبخاصة شرطها الأخير بالاعتراف الفلسطيني والعربي "بيهودية دولتها".
هذا هو المستنقع الذي وضعتنا فيه أوسلو. ويمكن الخروج من ورطته: بإلغاء هذه الاتفاقية والانسحاب منها، تجاوز الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية. إعادة الاعتبار للكفاح المسلح وكل أشكال النضال. إعادة الاعتبار لمؤسسات م.ت.ف،.إجراء مراجعة شاملة منذ أوسلو وحتى اللحظة، وإن اقتضى الأمر حل السلطة فليجر حلها. بهذه الخطوات يمكن لشعبنا الخروج من المستنقع الذي وضعته قيادته المتنفذة فيه.
تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد
204
| 10 أكتوبر 2025
لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد
30
| 10 أكتوبر 2025
(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد
21
| 10 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8409
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4611
| 05 أكتوبر 2025