رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بين غزوة بدر ومجزرة رفح

في ليلة الفرقان كان النصر من الرحمن يوم التقى الجمعان من كتائب المجاهدين من الصحابة رضوان الله عليهم مع المشركين الذين كفروا بالله واضطهدوا المسلمين قتلا وتعذيبا وطردا بل تخلوا عن عروبتهم فقتلوا سمية بحربة في موضع عفتها فاستشهدت، ونهبوا أموال الصحابة وتاجروا وربحوا منها الكثير، وكانت النتيجة أن أخرج الله المؤمنين في غزوة بدر لملاقاة كفار قريش رغم ما قاله سبحانه: "كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" (الأنفال: 5-7)، وفعلا كانت غزوة بدر بداية لقطع دابر الكافرين فيما اكتمل بعد ذلك بفتح مكة في العاشر من رمضان، ومن العجائب القرآنية في كتابه قوله تعالى: "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام:45)، واليوم وما أدراك ما اليوم تأتي مجزرة رفح في ليلة الفرقان لجنودنا البواسل في ليلة الفرقان يوم السابع عشر من رمضان 1433هـ وفي وقت الإفطار حيث جاء في الحديث الذي رواه مسلم أن للصائم فرحتين: (فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)، فأراد الله تعالى أن تكون فرحة الشهادة أعظم من فرحة الإفطار ليختارهم الله تعالى عنده ونرجو أن يكونوا في أعلى عليين وأن يربط على قلوب أهلهم أجمعين وأن يشفي الجرحى ليعودوا لأهلهم سالمين، ولعل هذه المجزرة من المكر السيئ الذي سيرتد على فاعله بقطع دابره لقوله تعالى: "وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِين" (النمل: 50-51)، فقد أريد بهذه الحادثة اهتزاز موقع الرئاسة تمهيدا لتحطيمه، ويقيننا أن الله معه وسيحفظه لحفظه القرآن، ثم لحسن تدبيره وحكمة تصرفه، واتخاذه الشورى منهاجا في إدارته، وحزمه في قراراته، وعزمه على نهضة مصرنا، وسيرتد السحر على الساحر إن شاء الله، لتكون حسرتهم مضاعفة، كما أريد بهذه المجزرة العودة إلى خنق غزة وتشديد حصارها من جديد ولذا خرجت كل الأبواق الفارغة والنفوس المريضة، والحناجر البغيضة توجه الأنظار إلى خراب الديار المصرية بيد الأشرار من أهل غزة عامة وحماس خاصة، وصدق فيهم قول الشاعر الشيخ القرضاوي في حجم التدليس في نسبة كل مصيبة للإسلاميين خاصة: فوالله لولا خشية العزال      لقلت هم محركو الزلزال فأهل غزة وحماس هم في حبة العين بل فوق الرأس، هم من حموا مصر من تمدد بني صهيون في سيناء، هم من علّموا العالم أن سيْفهم لم يتوجه يوما واحدا لأي إنسان في العالم من شرقي أو غربي، عربي أو أجنبي لأنهم تجردوا لله في مهمة واحدة وهي جهاد ومقاومة الصهاينة، وتأريق مضاجعهم، وتحريق مواقعهم وتحرير الأقصى والأسرى والقدس وفلسطين من احتلالهم، فهل هناك قضية واحدة حقق فيها القضاء في أية دولة في العالم تثبت تورط غزة العزة أو حماس في قتل واحد من غير الصهاينة في الأرض المحتلة، مع حقهم في الرد بالمثل على قتل أبطالهم خارج فلسطين مثل المبحوح الذي قتل بدبي، ولم أجد شعبا وحكومة يثنون على مصر وأهلها، مثل شعب غزة وحكومتهم، ولم أجد شعبا وحكومة صبروا على أذى النظام السابق مبارك وعمر سليمان وأجهزة أمن الدولة مثل شعب وحكومة غزة، لكن الإعلاميين الذين يصدق فيهم قوله تعالى: "وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ" (الواقعة:82)، وكانوا أبواقا فارغة لمبارك وسليمان وأمن الدولة والصهاينة هم هم اليوم يطلقون حممهم وغضبهم على غزة العفيفة المحاصرة فلم يلوحوا باللائمة على بني صهيون أعداء الله ورسله وقتلة الأنبياء والشرفاء، وقد ورد القتل منسوبا إليهم في القرآن 43 مرة وقد قدر الله تعالى أن تكون أطول سورة في القرآن سورة "البقرة" وأطول مشهد فيها عن بني إسرائيل، وأوضح صفة لهم هي القتل، وكان أحد أسباب ذبح البقرة أن قوما من بني إسرائيل قتلوا ابن العم ليرثوا العم الغني ثم اتهموا الجيران بالقتل ثم طالبوا الجيران البرآء بالدية فكان قوله تعالى: "وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (البقرة:72-73)، والعجيب أن الله تعالى عدل عن التعبير بالفعل المضارع "والله أخرج" الذي يفيد الماضي فقط إلى اسم الفاعل "والله مخرج" لأنه يفيد الاستمرار ليقول لنا ليست قصة بني إسرائيل في الماضي بل سيكررونها  في كل زمان، وسوف يُخرج الله ما كتموه ودبَّروه ويرتد المكر عليهم فيقطع دابرهم من القدس وفلسطين كما قطع الله دابر المشركين من مكة، ويؤيد أن القتل من خصائص بني إسرائل التعبير بلفظ "كلما" الذي يفيد تكرار الجواب كلما تكرر الفعل ومن ذلك قوله تعالى: "أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" (البقرة: من الآية 87).  يا قوم سلوا هؤلاء الأُجراء من الإعلاميين هل لهم كلمة واحدة ضد الصهاينة الذين احتلوا قدسنا ودنسوا أرضنا وهجروا ستة ملايين فلسطيني قهرا وقتلوا وسفكوا واعتدوا وبغوا وظلموا ، هل انتصروا حتى لدماء المصريين الذين خرجت طائرات العدو الصهيوني يقتل سبعة من ضباطنا وجنودنا المصريين يوم 18/8/2011م على الحدود نفسها وعندما طالبت بالقصاص بكلمات على منبر مسجد الفتح حوَّلني بقايا النظام السابق للنيابة، لم تدافعوا عن شرف مصر لمّا أطلق الصهاينة الصواريخ مرارا على أهل رفح المصرية وهم في بيوتهم فأصابوا وقتلوا الأطفال والنساء، ولم يقل من قتلوهم بالمنطقة عن 150 مصريا من الجيش والشرطة والمدنيين، واليوم تخرجون بهذا الحقد الأسود زورا وبهتانا على أهلنا في غزة لتضللوا العدالة والقضاء والجيش والشرطة عن ملاحقة الجناة الحقيقيين الذين استفادوا من إغلاق معبر رفح وكرم أبي سالم، ووقف ضخ السولار القطري وإنهاك ضيوف الرحمن العائدين من العمرة لبلدهم فلسطين أو منع الذاهبين للعمرة للعشر الأواخر، وجعل أيام العيد جفافا ظلاما، هل هؤلاء هم الجناة على أنفسهم؟!، ولماذا لم تفعل حماس أي رد فعل على قتل الزهري وغيره أيام حسني باراك؟! وهم اليوم يجدون باب الرئاسة مفتوحا فيوصدونه؟!، يا قوم بقية من حمرة الخجل يا أهل الخسة والدجل فالمجزرة مفضوحة أن وراءها الصهاينة والعملاء المتصهينين وصدق الشاعر الأزهري محمود داوود حين قال : يا لعنة ضمي بقعر جهنم    عمدًا يهوديا على متهوِّد وأخشى أن يكون المتهودون ركاما من كارهي د مرسي وجماعته في مصر وغزة والعروبة وأهلها والأمة بأسرها. على كل نحن موعودون من الله أن يخرج أضغانهم، ويبطل مكرهم، ويزهق نفوسهم ويقطع دابرهم، والحمد لله أنها وقعت ليلة غزوة بدر لتجري على المشركين والمنافقين سنة الله فيهم، فتفاءلوا بالخير تجدوه، ويقيني أن الغد أفضل لمرسي ومصر وفلسطين والأمة كلها ولكن المنافقين لا يفقهون.

1228

| 09 أغسطس 2012

بين غزة قبل الحسم وبعده

غزة قبل الحسم الذي جرى في يوليو2007م كانت موطنا للصراع بين القوى الميدانية فمنهم من يخدم المقاومة ومنهم من يهدمها، أما غزة بعد الحسم فكل فصائلها تخدم المقاومة، وهي الأرض الأولى في العالم الآن للرباط في سبيل الله تعالى، كما أمر الله تعالى في خلاصة سورة آل عمران: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران:200)، وهم يقتربون اليوم نفسيا وميدانيا من أقرب نقطة إلى الفلاح، وكنت كلما وصلت إلى سورتي الأنفال والتوبة ومحمد والصف أجد البون شاسعا بين كتاب الله وأمتي، بين التأصيل الشرعي والتنزيل الواقعي حيث تقرأ نصوصا لا وجود لها في الواقع في أكثر بلاد الله تعالى التي تتحدث عن فريضة القتال في سبيل الله التي صاغها الله تعالى بالطريقة نفسها التي صاغ الله بها فريضة الصيام حيث قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: من الآية 183)، وهو هو سبحانه الذي قال: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة:216)، لكن أكثر الأمة جعلت القرآن عضين ففرقوا بين النصوص القطعيات، وتفاعلوا مع الظنيات والوهميات وتركوا ذروة سنام الإسلام، لذا عندما تقرأ هذه السور نفسها في غزة تشعر أن الأرض تقترب جدا من السماء، فأنت تصلي بجوار الشهيد الحي من أمثال الدكتور الزهار الذي استشهد أبناؤه خالد وحسام أمام ناظريه وأغشي عليه بصاروخ وزنه طن نزل على بيته وحوَّل الطوابق الأربع إلى كومة من التراب لكن الله تعالى اختار ولده خالد وحارسه شهداء، وأحيا الله الزهار العالم والمفكر والسياسي البارع ليكون أكبر نكاية في العدو الصهيوني فصار وزير الخارجية للحكومة الفلسطينية المنتخبة وليست المنتهِبة، وتجد بجوارك في كل صلاة والد الشهيد والشهيدين والشهداء، ومن فقد عينه أو عينيه، ومن بُترت رجله أو رجلاه، أو يده أو يداه أو بعض أصابعه، وغيرهم من الأصحاء بدنًا ممن يتلمظون على العدو الصهيوني، ويمتلئون ثقة وأملا أن يطهروا كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر من الاحتلال الصهيوني، ولا يشك لحظة أن ذلك قادم عما قريب بإذن الله، بل تجد في صفوف الصلاة من جاء بسيارة المعاقين كي يصف نفسه بين المصلين في الصف الأول، وعلى حين تجد في بلادنا يضع الناس أمامهم في الصلاة بعض ما خف وزنه وثقل ثمنه، تجد من أبناء غزة من يخلع رجله الصناعية ويضعها أمامه، وتسلم عليه فتجد كل أمارات الرضا عن الله تعالى، والصمود والتحدي لأعداء الله، ولم ينزوِ في ركن الضحية بل يواصل مشواره في الجهاد لتكون الأضاحي من الصهاينة المعتدين، بل عندما تخاطب النساء أو تزور أم الشهداء السيدة المجاهدة الصابرة المحتسبة "أم نضال " تفاجئ بهالة من النور الرباني يكسو وجهها، وكلمات الصبر تغمر قلبها، وآفاق النصر تسيطر عليها، وكذا أم الشهداء الثلاثة أيمن وخالد وحمد الدحدوح التي تزور المرابطين تثبتهم لإكمال طريق تحرير فلسطين، فتشعر أنك طفل صغير أمام صمودهم وصمودهن، وأن أمة فيها الكثير من أمثال أم نضال وأم أيمن لن تهزم أبداً أمام عدوها، غزة قبل الحسم كانت المقاومة تتحسب كثيرا من العملاء الذين وظفهم الصهاينة، وكان الخونة للأرض وللعرض يجوبون شوارع غزة متسلطين متسلحين على الشعب الصامد، وكانوا يتحركون بين المجتمع مسنودين من أكابر المجرمين الذين يمسكون بزمام الأمور، وكانت السجون تعج بالمجاهدين والمرابطين ويُقتَّلون أحيانا كي يقدم الخونة أبناء غزة البواسل قربانا للصهاينة المعتدين، بل إن هؤلاء الخونة كانوا هم السبب المباشر في التعقب والترصد لكبار المجاهدين، وقد قتل بسببهم خيرة الشهداء منهم الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش والرنتيسي وسعيد صيام ونزار ريان وإسماعيل أبو شنب، وأيمن وخالد عطا الله، وجمال منصور وجمال سليم، وجمال أبو سمهدانة، وأبو يوسف القوقة، وجهاد العمارين وعمر أبو شريعة، أما غزة بعد الحسم فقد قلمت أظافر الكثير من العملاء المتواصلين بالأخبار مع العدو الصهيوني، وصارت ميدانا خصيبا للتعليم والتدريب لعمليات التأديب للعدو اللدود، غزة قبل الحسم كان الأمن على النفس والمال شبه منعدم لكنك اليوم تسير بشوارع غزة ليلا أو نهارا صباحا أو مساء فتشعر بالأمن والأمان والهدوء والاطمئنان، والراحة والسكينة، والناس تبتسم ابتسامة أبي الوليد وأبي العبد في أمل متدفق يوحي بأنهم يحلمون بمستقبل أطيب خاصة بعد أن أكرمهم الله بجارتهم الكبرى مصر أو أمهم العظيمة – كما يعبرون عنها – بعد نجاح الثورة وانتخاب مرسي، وموت عمر سليمان مهندس المظالم من الحصار وضرب النار لغزة هاشم، واختيار رئيس وزراء شاب عالم واع، والتوجه نحو استكمال تثبيت مؤسسات الدولة واختيار الوزراء والمحافظين، والانتخابات البلدية وحل مشكلة مجلس الشعب والشورى والدستور الجديد لمصر، كل هذا سيفيض على غزة وفلسطين والأمة العربية والإسلامية بالكثير، وعندما عوتب قادة الأمريكان الذين زاروا حزب الحرية والعدالة عن سبب الانحياز الأمريكي الشديد للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني كان الرد واضحا " لقد كان رئيسكم مبارك مرتميا في أحضان اليهود أكثر مما نحتاج منه"، ولهذا يعود الأمل لأهل غزة وفلسطين الشرفاء بعد الحسم الديمقراطي السلمي من الثورة المصرية، والخلاصة أن وضعنا في مصر وغزة بعد الحسم العسكري والسلمي هو هو ما تنطبق عليه الآية الكريمة: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 257)، فتفاءلوا بالخير تجدوه، وتعاملوا مع نواميس الكون التي تُحَل فيها كل الأمور بالتدرج، "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: من الآية 105)، وأيقنوا أن بين النصر والهزيمة صبر ساعة، ويقيني أن ساعة النصر على رأس الحربة من الصهاينة المعتدين تقترب يوما بعد يوم بعد أن نجح الحسم العسكري والسلمي مع هؤلاء المأجورين في غزة هاشم ومصر الكنانة.

490

| 01 أغسطس 2012

بين نفحات رمضان ولفحات عمر سليمان

في الوقت الذي كان ينتظر فيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان، ضيفا كريما مفعما بالرحمات والبركات والخيرات والصلوات والزكوات والدعوات، أراد الله عز وجل أن يقدم للأمة بين يدي الشهر الكريم نفحات أكبر من كل الخيالات، وأعظم من كل التوقعات، حيث مات اللواء عمر سليمان "العقرب السام" لكل مصري أو فلسطيني أو عربي - كما يُسمى في عالم السياسة أو إن شئت عالم الخساسة والدياسة – أو "الصندوق الأسود" لحسني مبارك والكيان الصهيوني وأمريكا، ومهما قيل إنه لا شماتة في الموت فقد جاء نص القرآن يعبر عن الفرحة بهلاك الظالمين حيث يقول سبحانه: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:45)، وقد سجد أبو بكر سجدة شكر لما سمع بمقتل مسيلمة الكذاب، وكيف لا يفرح المسلمون بقدوم رمضان وهو شهر تُغسل فيه القلوب من الذنوب والأدران، والغفلة والعصيان، ولكن الله تعالى أراد أن تُغسل الأمة العربية والإسلامية كلها بهلاك عدد كبير من أكابر المجرمين في يوم واحد، ففي الوقت الذي يفكر فيه كل إنسان أن يغسل نفسه في رمضان، فإن الله تعالى يدبر للأمة قاطبة بأن يغسلها كل عام من كثير من الأدران ويطهرها من الرجس والأوثان، فتأتي في رمضان رحمات فردية لأشخاص الأمة، ورحمات أخرى جماعية لعموم الأمة، ومن هذه الرحمات الجماعية أكثر من 22 سرية وغزوة تمت إما قبل رمضان بأيام بشارة بين يدي الشهر أو رحمات متدفقة في رمضان، أو انتصارات بدأت في رمضان واكتملت في شوال ومنها: 1- سرية سيف البحر بقيادة سيدنا حمزة بن عبدالمطلب في رمضان سنة 1هـ. 2- غزوة بدر الكبرى في رمضان سنة 2هـ، ونصر الله فيها المؤمنين، وقُتل من قريش سبعون من أكابر مجرميها، مثل أبو جهل وعقبة بن أبي معيط وصناديد قريش الذين فعلوا الأفاعيل في المسلمين. 3- غزوة بني سليم ضد قبائل غطفان وبني سليم، وكانت في أول شوال بعد غزوة بدر. 4- غزوة بني قينقاع كانت بعد رمضان بأيام بعد العودة من غزوة بدر. 5- غزوة أحد في رمضان سنة3هـ. 6- غزوة حمراء الأسد بعد أحد مباشرة. 7- غزوة بدر الثانية بدأ التحرك لها من شعبان من السنة الرابعة من الهجرة وكان عدد الجيش الإسلامي ألفا وخمسمائة، وخرج أبو سفيان في ألفين من المشركين، ولكن الرعب دب في قلوبهم فعادوا ينتظرون عاماُ خصباً، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش في رمضان بعد أن أقام بالجيش ثمانية أيام ببدر. 8- عزوة الأحزاب سنة 5 هـ. 9- غزوة بني قريظة سنة 5هـ. 10- سرية سيدنا أبي بكر الصديق وقيل زيد سنة 6هـ. 11- سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين سنة 6هـ. 12- سرية غالب بن عبدالله الليثي في رمضان سنة 7هـ. 13- سرية عبدالله بن رواحه إلى خيبر في شوال سنة 7هـ. 14- سرية بشير بن سعد الأنصاري في شوال 7هـ. 15- فتح مكة في رمضان سنة 8هـ. 16- سرية خالد بن الوليد بعد فتح مكة. 17- سرية عمر بن العاص سنة 8هـ. 18- سرية سعد بن زيد الأشهلي سنة 8هـ. 19- سرية خالد بن الوليد في شوال سنة 8هـ. 20- غزوة حنين في شوال سنة 8 هـ. 21- غزوة الطائف في شوال 8هـ. 22- غزوة تبوك بدأت في رجب من السنة التاسعة من الهجرة وانتهت في رمضان. من هذا الاستقصاء يبدو لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حارب في رمضان بعد الإذن بالقتال في السنة الأولى من الهجرة في اثنتي عشرة غزوة وسرية في تسع سنوات، وحارب في شوال ورمضان والإعداد للجهاد من خلال شعيرة الصيام في إحدى عشرة غزوة وسرية وكانت رحمات رمضان تنزل تترى الأمة كلها. وهناك فتوحات ونفحات ربانية كثيرة في رمضان من تاريخ أمتنا منها: 23- فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد في يوم 28 رمضان سنة 92 هـ. 24- موقعة الزلاقة في الخامس والعشرين من رمضان سنة 479هـ. 25- موقعة عين جالوت يوم الجمعة 15 رمضان سنة 658 هـ. 26- حرب العاشر من رمضان سنة 1383 هـ، في أكتوبر سنة 1973م. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يقدم لنا بين يدي رمضان بموت أو قتل عمر سليمان في أمريكا أو سوريا في نفس التوقيت الذي قُتل فيه أكابر المجرمين في العالم العربي والإيراني والصهيوني في تفجيرات سوريا في هذه الضربة القاصمة القوية المؤثرة المغيرة لمسارات الثورة الشعبية الحرة في سوريا بل والأمة العربية والإسلامية حيث قُتل في ضربة واحدة وزير الدفاع السوري داوود راجحة ونائبه آصف شوكت، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني، ووزير الداخلية محمد الشعار، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام الاختيار، وحافظ مخلوف، ومحمد سعيد بخيتان، وعلي مملوك، وجُرح ماهر الأسد، وليس صدفة أبداً أن يقتل "بن عويز شامير" رئيس معلومات مخابرات الكيان الصهيوني، وقد يكون في بطن الأحداث من المخابرات الأمريكية والبريطانية اللذين يلعبان في المسرح السوري ألعابا قذرة و"يمططان" عمر نظام هالك بائد ظالم قاس عميل لم يطلق رصاصة واحدة منذ احتُلت الجولان من الكيان الصهيوني لاسترداد الجولان المحتل لكنه يُغرق شعبه بسيل من الصواريخ برا وبحرا وجوا فضلا عن التعذيب وهتك الأعراض وتمزيق الأجساد وسلخ الجلود وتشويه الجثث وتركيع الناس لصورة بشار، وأمرهم أن يقولوا: "لا إله إلا بشار" فإذا لم يستجيبوا ذُبحوا وقُتلوا كل هذه المظالم لا بد أن تؤدي إلى انتقام الله عز وجل من هذه الطغمة الأمنية الحاكمة القابضة على سلاسل البغي والعدوان، لقد أكرم الله الأمة بذهاب هذا العدد الهائل من أوغاد المخابرات أقصد المؤامرات أو النذالات الذين دنست حياتهم بدماء شعوبهم والتمكين لأعداء البلاد من رقاب العباد، هؤلاء لم يتعظوا بقتل هذا الصحفي المصري عادل الجوجري الذي مات على الهواء قبل رمضان بأيام وهو يدافع بالباطل عن نظام الأسد العميل، لكن الضحية الكبرى في هذه الأحداث هو رحيل رجل المخابرات الأول في العالم العربي عمر سليمان الذي أشرف على تعذيب وقتل أبناء مصر المعارضين لنظام مبارك أو أمريكا أو إسرائيل حتى إن أمريكا لما أرادت أن تتأكد أن إحدى عملياتها نجحت أم لا في قتل نائب رئيس تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بأن تؤخذ عينة من دم أخيه في مصر فتطوع عمر سليمان قائلا: "إذا أردتم أن أرسل ذراعه كله فعلت"، وكان يشرف بنفسه على عمليات تعذيب وتلفيق لانتزاع الأدلة لحساب المخابرات الأمريكية والصهيونية، فلا تعجبوا من قول "بن إليعازر": عمر سليمان أفضل من خدم إسرائيل وهو الذي أشرف على قتل عدد كبير من أبناء حماس في داخل مصر ومنهم شقيق مشير المصري، وهو الذي أشرف على تشقيق الشعب الفلسطيني وتمزيق فصائله وخطط ودبر وفكر وقدر لضرب غزة في موقعة الرصاص المصبوب، وطلب مندوبين عن حماس وبدا شامتا ضاحكا في الوقت الذي كانت فيه أشلاء الأطفال والنساء والأبرياء تتقاذف في غزة بالقذائف الصهيونية كان يبدو ضاحكا شامتا – كوكيل عن الكيان الصهيوني – أن يستسلم أهل غزة، وما درى سليمان أن في غزة أسودا رهبانا بالليل، فرسانا بالنهار أبناء المسجد والمصحف، أبناء البنا وياسين، أبناء العزة والكرامة، أبناء النخوة والشهامة، والقوة والإباء، والصبر والفداء، مضى عمر سليمان الذي حرم الشعب المصري من الغاز النقي وصدَّره بالجملة إلى الكيان الصهيوني، وبقي يلبس الثوب الخفي، وورط فيها حسين سالم الذي حكمت المحكمة المصرية بسجنه وتغريمه ملياري جنيه لإضراره بالاقتصاد المصري، مضى عمر سليمان إلى الجبار المنتقم الذي قال سبحانه: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وقال سبحانه: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) (طه: من الآية111)، مضى في أسبوع واحد مع الأيدي العابثة بدماء أبناء الشعب السوري، مضى وهو ركن ركين في تجميع الكيان الصهيوني مع المشروع الشيعي الأميركي لإنهاك أهل السنة في سوريا حتى لا تقع سوريا في أيدي الشعب الحر بعد أن أفلتت مصر من أيديهم رغم المغامرات والمليارات والتزييف الإعلامي الذي كان آخره هو اتهام عمر سليمان لجماعة الإخوان بقتل الثوار في ميدان التحرير! ألا ليت أبا جهل قد عاد لأنه قطعا أشرف من هؤلاء الذين كانوا يواجهون في العلن، وأبى أن يدخل بيت رسول الله ومعه أربعون من صناديد وفتيان العرب لما اقترح أحدهم ألا ينتظروا محمدا حتى يخرج في الصباح، فكان الرد من أبي جهل: "أتحبون أن يقول العرب أننا فزعنا بنات محمد؟!"، بل إن أبا سفيان استنكف أن تؤثر عنه العرب أنه كذب مرة عندما سأله هرقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أيغدر؟، ففكر في الكذب ثم استنكفه وخشي أن تلحق سيرته كذبة واحدة، أما هؤلاء فكأن منطقهم أخشى أن تؤثر عني العرب أني صدقت مرة. لك الحمد يا الله أن أكرمت أمتنا كرما بالجملة وليس بالقطاعي بقتل راجحة، وآصف، وتركماني، والشعار، واختيار، ومخلوف، وبخيتان، ومملوك، وسليمان، وأدعو الصائمين القانتين أن يجأروا بهذا الدعاء: "اللهم يا مجري السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، أكرم أمتنا بقتل بشار وأعوانه كما أكرمتنا بقتل القذافي في رمضان الماضي، وأكرمت أمتنا برحيل الظالمين من أوغاد المخابرات". وأرجوكم بالله ركزوا أن تكون هذه الدعوة في الأسحار وعند الإفطار للحديث الذي أورده السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث حق على الله أن لا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع" (حديث حسن). حمدا لله على نفحات رمضان وذهاب لفحات سليمان.

578

| 27 يوليو 2012

بين رمضان الأمس واليوم

رمضان الأمس كنا في عالم المجهول، ورمضان اليوم صرنا في عالم المعقول، رمضان الأمس كنا دولة يحكمنا العسكر مائة بالمائة، ورمضان اليوم انتخب لأول مرة رئيس مدني حافظ، أستاذ جامعي نابغ، وإداري وسياسي شجاع، وينازعه المجلس العسكري صلاحياته، واستعمل القضاء في إرباك المشهد السياسي، وإطالة عمر التحكم في مفاصل البلد، لكن الله تعالى لهم بالمرصاد، وسيُلحقون بمن اختارهم على منهاجه ومعاييره في الاستبداد والفساد، رمضان الأمس كان قصر العروبة خاويا على عروشه منذ خلع الشعب حسني باراك، وقبله كان القصر وكرا للمؤامرات على الشعب المصري عامة والإسلاميين خاصة، وعلى الشعوب العربية والإسلامية عامة وأهل غزة خاصة، وكان من يُضبط مصليًا "يروح وراء الشمس"، ورمضان اليوم يعمر القصر الرئاسي قائد منتخب، يرى نفسه عند الشعب خادما، عليه واجبات وليس له حقوق، يلتقي في عشرة أيام بقيادات شعبية من كل شرائح المجتمع العسكرية والشرطية والقضائية والمحافظين ورؤساء الجامعات ونوادي أعضاء هيئة التدريس والعلماء والقساوسة، والداخل يتوازى مع الخارج، والعمرة في السعودية والبكاء خلف إمام الحرم لما قرأ بآية إبراهيم: "وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ" (إبراهيم: 45)، وعاد يوما واحدا لمصر ليسافر إلى أديس أبابا ليرأس القمة الإفريقية في عزة تغير وجه التقزيم لمصر لتكون في صدارة الأمة الإفريقية والعربية والإسلامية، وغدا الدول العالمية بإذن الله. رمضان الأمس كان المصريون في الخارج يتوجسون خيفة من زيارات الرئيس للبلاد التي هاجروا أو فروا من ظلمه إليها، وصار الاعتقاد أن زيارة مبارك لبلد ما شؤم على المصريين بها بل والمواطنين، وأذكر أني لما ذهبت لسلطنة عمان سنة 1995م وجدتُ اعتقالات بالجملة لقضاة ووكلاء وزارات وسفراء ومديرين وكبار المهندسين والتجار بقضية لفَّقها ودبَّجها بل باشر الاعتقال والتعذيب أمن الدولة المصري، ولما جاء مبارك لعمان سنة 1998م اشتكى بعض المصريين من سوء معاملتهم في بعض الدوائر فقال الرئيس: "أنا معايا مقاعد ع الطيارة اللي مش عاجبه يرجع معايا"، وبعد عودته طلبت مني إدارة الجامعة مغادرة البلاد بناء على الملفات الأمنية التي كان مبارك يطارد فيها شعبه، فاضطررت للسفر لأمريكا عدة سنوات، ورمضان اليوم لا ينشغل الرئيس محمد مرسي بإفريقيا كلها عن شيماء الصحفية المعتقلة في السودان، فيطلب الإفراج عنها، ويفطر معها، ويسألها هل تعرضت لتعذيب أو أذى؟ ويأتي بها عزيزة إلى بلدها مصر الجديدة، مصر التي يجب أن تحترم كرامة المواطن في الداخل أو الخارج، والرسالة لكل بلاد العالم اليوم أن المصري ليس مكشوف الظهر، مكسوف القلب، مهيض الجناح، بل كرامته من كرامة مصر والرئيس نفسه. رمضان الأمس كان مبارك محبوسا على ذمة التحقيق ورمضان اليوم محكوم عليه جنائيا، رمضان الأمس كان القذافي يباشر القتل الرهيب والسفك الدنيء، والسب البذيء، ورمضان اليوم القذافي في قبره يلقى جزاءه الأوفى من الله الذي يحكم ما يريد، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. رمضان الأمس كان علي عبدالله فاسدا يمسك بخيوط العنكبوت، ويفسد في اليمن ويسفك الدماء، ورمضان اليوم علي عبدالله في ركن مع المتقاعدين البائسين وقد أنهكته الأمراض والتشوهات القلبية والجسدية. رمضان الأمس كان جزار الأسد يسيطر عن طريق أكابر المجرمين على مفاصل سوريا مع زبانيته من أخيه ووزرائه الظالمين، وشبيحته وأمنه الملاعين، واليوم قُتل أخوه ووزراء دفاعه وقادة قصره، وانشق الكثير من أحرار جيشه، وتدور المعارك في دمشق حول قصر الرئيس، وتُطرح فكرة الخروج الآمن، وسيرحل أو يقتل قريبا إن شاء الله تعالى بعد أن قُتل أخوه المجرم الكبير ماهر ووزير دفاعه وخمسة من كبار قادة جيش البغاة المفسدين بالسم من جندي من جنود الله هاله هذا الفجور في الإجرام، ولن يمر رمضان اليوم مع تضرع المظلومين والمخلصين دون أن يكون الأسد يغرق في دمه، أو يقبع في سجنه، أو يهرب من جلده، وأدعو مسلمي الأرض أن يخصوه وزبانيته بالدعاء مرتين واحدة في السحر عندما ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وينادي هل من سائل فأعطيه، والأخرى عند الفطر للحديث الذي أورده السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث حق على الله ألا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع" (حديث حسن). رمضان الأمس كان المالكي يكيل الاتهامات لكل خصومه، ومنهم نائب رئيس الجمهورية ويدبلج له تهمة تقصم ظهره، واليوم تخرج فضائح المالكي في قتل السنة والشيعة معا، ويطالب الكثير بمحاكمته وعزله من منصبه، وسيذهب إلى لعنة التاريخ بعد تجريمه على قتل فوق المليون إنسان. رمضان الأمس كانت أزمة إخواننا في بورما تحت الرماد، ورمضان اليوم يخرج بركان الحقد والغل والظلم والطغيان فتُحرق قرى بكاملها ومن فيها ولا يتحرك أحد في أمتي في خذلان لا يقل عما فعلناه مع أشقائنا العرب في سوريا، وأشعر بالخوف من الله أن يحبط أعمالنا لتخلينا عن إخواننا في فلسطين حصارا، وسوريا انشغالا، وبورما لا مبالاة، كما خذلنا شعبنا في العراق وأهلنا في أفغانستان، وأشقاءنا في الصومال، وقومنا في تركمنستان. أدعوكم أحبابي جميعا إلى التضرع أن يفيض على مصر وأمتنا العربية والإسلامية بالأمن والأمان، والعزة والاستقرار، وأن يصحب الدعاء الرجاء في الله والأمل مع العمل، مع اليقين التام أن اليوم خير من الأمس والغد أفضل من اليوم ما دمنا نفضنا عنا غبار الذل، وعاهدنا الله على أن نعيش بهذه الخماسية: لله عبادة، وللناس رعاية، وللأرض عمارة، وللقانون طاعة، وللسلطة معاونة فيما لا يخالف شرعه، قال تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج من الآية 40). ورمضان مبارك من غير مبارك بل بفخامة الرئيس محمد مرسي.

395

| 19 يوليو 2012

الرئاسة بين حسن التدبير وعش الدبابير (2)

أورد السيوطي في الجامع الصغير بسند حسن عن أبي ذر الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عقل كالتدبير)، وقد تساءل الكثير عن سر إبطاء فخامة الرئيس محمد مرسي في الإعلان عن موقفه من مجلس الشعب والمجلس الرئاسي ومجلس الوزراء، وهي ملفات في أعلى درجات السخونة والأهمية أيضا، ومن حسن التدبير التأني في البحث والدراسة والاستشارة والاستخارة، وتقييم الأمر على وجوهه من ناحية الإيجابيات والسلبيات، والمصالح والمفاسد، والمنافع والمضار فيختار أحسن المصلحتين إن كان الأمر صافيا للمصالح، وهو غير موجود في أي قرار سياسي بعد الثورة، وإنما يكون المنهج هو الترجيح بين المصالح والمفاسد، أو ارتكاب أخف الضررين لمنع الضرر الأشد، وهذا كله من الاجتهاد في السياسة الشرعية مما تكون فيه الإصابة بأجرين والخطأ بأجر واحد، فيمضي صاحب القرار وهو راسخ أنه طالما يخلص لبلده، ويدقق في الأمر، ويستشير ويستخير ثم يصدر هذا القرار الشجاع فإنه توفيق من الله تعالى، وهو قرار يدل على أن صمت فخامة الرئيس هو صمت العاقل العامل، الحكيم الأريب، الذي يسبق فعله قوله، وهذا ليس إلا من حسن التدبير وبُعد النظر والتروي، وانحياز إلى دولة القانون، ومنع تغول سلطة على أخرى، فهو بالدستور والقانون هو الحارس للتوازن بين السلطات، فكل الذي فعله أنه ألغى قرار المجلس العسكري الذي تغول كثيرا على كل السلطات التشريعية والقضائية؛ فحكم المحكمة الدستورية الذي استند إليه هو من عش التدابير الذي نصبه ترزية القوانين خاصة عندما هدد الجنزوري د.الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنتخب من ثلاثين مليونا قائلا: عندنا قرار حل المجلس في الدرج، وفي سابقة لا مثيل لها في تاريخ المحكمة الدستورية تم سلق الحكم في أربعين يوما على حين كان المحامون يطرقون كل أبواب القضاء لإسقاط عضوية شخص واحد فتصُمُّ السلطتان القضائية والتنفيذية آذانهما، وقد صرختْ في العالمين المستشارة العادلة الراقية نهى الزيني في انتخابات 2005م أنها سلمت نتائج الانتخابات بيديها أن د.جمال حشمت مرشح الإخوان المسلمين هو الفائز؛ لأنه قد حصل على ثلاثين ألف صوت، على حين حصل منافسه د.مصطفى الفقي سكرتير الرئيس المخلوع سابقا على سبعة آلاف صوت فقط، لكن بجاحة النظام وأدواته والإمعان في التزوير على يد بعض القضاة أعلنوا النتيجة عكسية تماما أن الفقي قد حصل على ثلاثين ألف صوت، وحشمت على سبعة آلاف صوت، وظل د.الفقي عضوا في مجلس الشعب مع المزورين والمفسدين خمس سنوات، ولم يستطع رئيس نادي القضاة الزند ولا غيره أن يضع يده على الزند ليطلق كلمة واحدة في وجه الرئيس المخلوع ولا رئيس مجلس الشعب المسجون الآن د.فتحي سرور، لكنه الآن يتطاول على الشعب الذي انتخب فخامة الرئيس د.محمد مرسي، ويرغي ويزبد ويثور ويفور ويعلن أن محمد مرسي ولم يذكر كلمة الرئيس في خطابه وتطاول فقال: إن الرئيس قد ضُلِّل، وأنه يحذره وينذره ويمهله 36 ساعة، وكأني به مثل قول الشاعر: أسد عليَّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر فأين كنت أيها الزند وأمثالك من المطبلين عندما زُوِّرت الانتخابات بالجملة طوال فترة مبارك؟! وكنت وأمثالك تشرفون وتبصمون على هذا التزوير الذي قال فيه أحمد عز قبل الانتخابات: لن ينجح واحد من الإخوان المسلمين، فقيل له: قل إن شاء الله، فقال: أنا الذي أكتب القدر في مصر، فلماذا أقول إن شاء الله! فكان هذا الطبال هو الذي يدير الحملة الانتخابية للحزب الوطني الغاشم الغادر، وكنتم معشر القضاة من أمثال الزند فقط أدوات هذا التزوير، ولم تخرجوا من عش الدبابير إلا للتزوير، واليوم تخرجون من عش الدبابير للتشهير، وأين كنتم أيها الثائرون الصارخون في القنوات الفضائية والجرائد والمجلات عندما تأخر الحكم بعدم دستورية المجلس أكثر من ثلاث سنوات في الثمانينات والتسعينات؟! وفي الوقت ذاته قام السادة القضاة في المحكمة الدستورية بسلق الحكم في أربعين يوما، ولطموا الشعب في يوم واحد لطمتين: الأولى حل مجلسه الذي قال الدكتور المستشار عبدالمعز إبراهيم: إنها أول انتخابات نزيهة شارك فيها الشعب بقرابة 60% وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر كله، واللطمة الثانية: الحكم بإبطال قانون العزل السياسي أملاً في استعادة النظام البائد كله بأسمائه وشخوصه ومناهجه على يد أحمد شفيق، ووقفت الملايين في الميادين تهتف بسقوط حكم العسكر والأحكام المسلوقة ضد الشعب، لكن المجلس العسكري في خرق واضح لسيادة الشعب وامتصاص غضبته قام بحل المجلس كله دون استفتاء أو عدم الاكتفاء على ما يسمى الثلث، والحقيقة أنه أقل من الخمس الذين ترشحوا على القوائم الفردية، وهم أعضاء في حزب من الأحزاب، والقاعدة الشرعية والقانونية أنه لا يجوز أن يعود الصحيح على الفاسد بالإبطال، فلو فسدت عضوية أحد لا تبطل العضوية الصحيحة من الناحية القانونية والشرعية، ولو فسد عقد نكاح لإحدى البنات لسبب شرعي لا يمكن أن يفسد عقد زواج أخواتها جميعا، وعلى كل فإن فخامة الرئيس من حسن تدبيره وقوة شخصيته أنه انحاز إلى الشعب الذي طالبه قبل أن يقسم اليمين أمامهم كرئيس ثوري جاءت به الثورة ودماء الشهداء والجرحى، ولم يأت به العسكر ولا المحكمة الدستورية ولا نادي القضاة، وبالتالي فقد كانت المطالب أمامه هتافا وخلفه كتابة، فأقسم اليمين، ودرس القوانين، واستشار المخلصين، والخبراء الحقيقيين لا الملونين، فخرج بهذا القرار الحكيم بإبطال قرار المجلس العسكري، وليس حكم المحكمة الدستورية، وسيرى القوم مجلسا للشعب رائدا في التزام أحكام القضاء رغم ما شابه من سرعة وتسييس، لكنه سيتعامل معها في حدودها الصحيحة، وليس مثل المجلس العسكري في الاستحواذ على السلطتين التشريعية والتنفيذية في تجبر على الشعب والسلطات الأخرى، مما يعد امتدادا للنظام البائد. نصيحتي لفخامة الرئيس قوله تعالى: (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) (الروم: من الآية60)، وقوله تعالى: (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) (الأحزاب:48)، وكن مثل عمر بن عبدالعزيز الذي أرسل له والي خراسان الجراح بن عبدالله قائلا: يا أمير المؤمنين إن أهل خراسان قد فسدت طويتهم فلا يصلح لهم إلا السيف والسوط فأذن لي فيهم، فأرسل إليه قائلا: من أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز إلى الجراح بن عبدالله والي خراسان، أمَّا ما ذكرت من فساد أهل خراسان ولا يصلح لهم إلا السيف والسوط فقد كذبت، وإنما لا يصلح للناس إلا العدل والحق. فامض فخامة الرئيس إلى العدل والحق، والرحمة والحكمة، والاستشارة والاستخارة وحسن التدبير في اتخاذ القرارات، ولا تصغ إلى أصحاب عش الدبابير الذين غرقوا قديما في التزوير، وخرجوا اليوم للتشهير دون وازع من أدب أو ضمير.

440

| 12 يوليو 2012

الرئاسة بين حسن التدبير وعش الدبابير

لقد جاء الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر بتدبير كامل من الله تبارك وتعالى الذي قال عن نفسه: (يُدَبِّرُ الأمر يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد: من الآية 2)، وقد هيأ الله تبارك وتعالى من الأسباب الأرضية ما جعل كيده سبحانه يهزم كيد الكائدين، ويسبق مكره سبحانه مكر الماكرين، لقوله تعالى: (قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا) (يونس: من الآية21)، وحفظ لنا في غيبه المكنون هذا الحدث الميمون الذي جاء على غير ما توقعه المؤمنون، كما قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق: من الآية2، 3)، ومن رحمته سبحانه بمصر وأهلها، وفلسطين وشعبها، وسوريا وثوارها، وأمة العرب وأبنائها، وأمة الإسلام وعزها، تم كل ذلك على غير ما خطط له المرجفون، وهيأ له المبطلون، وتحرك له الظالمون باستعادة النظام البائد بكل أركانه ورجاله وخصائصه وأسماء أكابر مجرميهم، لكن الله سلَّم، إنه عليم بذات الصدور، وإذا كان الحديث الذي أورده السيوطي في الجامع الصغير بسند حسن عن أبي ذر الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا عقل كالتدبير)، فإن المطلوب من فخامة الرئيس أن يحسن التدبير ويرمي حمله على القدير، يأخذ بالأسباب ويدع النتائج لرب الأرباب، يقبل النصيحة ويختار الزمان والمكان المناسبين لتنفيذها، لكن هذا كله لابد أن يكون في إطار الوعي بعش التدابير الذي يتربص به في الخارج والداخل، وهذه أمثلة لا تفيد الحصر، فإذا أراد أن يجعل حكمه قائما على الشورى ومراجعة أهل العلم والخبرة والحكمة فيجب أن يكون هذا مجردا عن الانتماءات الحزبية وهذا من حسن التدبير، لكنه إذا استشار مائة في قضية واحدة فكان منهم عشرة من الإخوان المسلمين أو السلفيين فستخرج الدبابير من أعشاشها ليقولوا ما قاله إخوة يوسف لأبيهم: (تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ) (يوسف: من الآية 95)، وإذا اختار رئيس الوزراء من غير حزب الحرية والعدالة – وهذا من حقه – ففي كل النظم الدستورية في العالم للرئيس الحق أن يختار رئيس حكومته من حزبه وتياره الذي خرج من رحمه وساعده للوصول إلى كرسي السلطة، لكن عش الدبابير ليس عنده من المعايير الشرعية أو العرفية ما يسمح له بذلك بل سيتربصون باسم كل وزير: لقد رأيناه يصلي يوم الجمعة، فهو إذا من الطابور الخامس والإخوان المسلمين حتى لو كان مسلما عادلا ذا خبرة وكفاءة ولم يعرف يوما واحدا انتماءً لأية جماعة، وإذا كان لسان النظام البائد قد واصل من الكذب والبهتان والافتراء في أدنى درجاته أن يقول عكاشتهم: إن الدكتور محمد مرسي لا يستحق أن نتخذه رئيسا لأنه ليس عنده إنسانية فقد رفض أن يكشف على مريض في عيادته الطبية إلا بعد أن يدفع 300 جنيه مصري وهو ما لا يقدر عليه الغلابة، ومات الولد بين يدي أبيه! مع العلم أن د.محمد مرسي مهندس وليس طبيبا!! هذا يبين لنا أن عش الدبابير عندنا ليس له سقف من الكذب ولا حدود من الافتراء، وقد أقسم بعضهم في الصفحات الرسمية أنهم رأوا أسامة محمد مرسي يقدم درع الجمهورية – أعلى وسام – للشيخ راشد الغنوشي، وقد زعموا أنهم قد رأوا ذلك رأي العين، وكتب ذلك في الجرائد الرسمية الحكومية في صفاقة نادرة لا تدع للرئيس فرصة من حسن التدبير حيث اختارت زوجته الحاجة أم أحمد أن تبقى بعيدة عن الأضواء وأن تسكن في شقته المستأجرة، ورفض العودة ولده الطبيب في السعودية الذي يعمل طبيبا في أحد  المستشفيات الصغيرة في مدينة الأحساء في السعودية تجنبا لجرائم النظام الماضي في تمطيط الاستبداد والفساد، والتحلل والتخلف بتوريث كل شيء لجمال وعلاء مبارك، ولم يجرؤ واحد من هؤلاء الدبابير أن ينبت ببنت شفه أو يقول كلمة حق عند سلطان جائر، بل خرجت الدبابير تنشر البخور، وتدق الطبول لكل جرائم النظام السابق، وكانوا يتسمون بأعلى درجات العمى والخرس والصم عن سوء التدبير، والتخبط الإداري، وتقزيم مصر عالميا، وتأزيم مصر داخليا، لكنهم اليوم قد شنفوا آذانهم لكل باطل، وسنوا سكاكينهم يريدون أن ينحروا كل خير، إن من حسن التدبير أن يذهب الرئيس ليقسم اليمين الأولى أمام الثوار الأحرار في ميدان التحرير بين الملايين دون أن يرتدي الدرع الواقية بشجاعة نادرة كما تقول العرب: "المروءة النادرة في الأثواب الطاهرة"، وخرج عن البروتوكول الرئاسي فتقدم حراسه وفتح سترته وقال: "إن الله هو الواقي ثم شعبي العظيم"، وأقسم في اليوم الثاني أمام المحكمة الدستورية حتى يجنب البلد "الكلاكيع" القانونية والفخاخ الشكلية التي نصبها له أساتذة دبلجة القوانين على مقاس التيارات المتسلطة بالحق أو بالباطل، ثم أقسم ثالثا أمام مجلسي الشعب والشورى والقيادات الشعبية والحكومية والعسكرية والدينية، وحضر الطلاب والأساتذة والرجال والنساء، والمتبرجات والمنتقبات، والعسكريون والشرطة والمدنيون في احتفال مهيب في قاعة جامعة القاهرة التي كان النظام البائد يحتكرها بالحزب الوطني وسوء تدبيره واستحواذ كل المناصب والمكاسب في البلد، ثم ذهب ليتسلم الحكم من جامعة القاهرة إلى ميدان الهايكستب حيث مقر التدريبات العسكرية ليتسلم الحكم رسميا من العسكر، وخلال 24 ساعة ألقى أربع كلمات اتسمت بالحكمة والمصالحة والمجاملة والاستيعاب والحزم والعزم والرقة والأدب والاعتذار، وقد زادت أسهمه من الخطاب الأول 18% حسب مؤسسات قياس مؤشرات الرأي العام، بل يقسم لي أحد الزملاء أن رجلا من قادة حملة شفيق بكى وقبَّل التليفزيون عندما سمع خطاب فخامة الرئيس في ميدان التحرير قائلا: أنا آسف يا دكتور مرسي لأن شعبنا الطيب يفهم من يحنو عليه ويسعى لخدمته أجيرا وخادما وليس مستكبرا متعاليا كما كان من قبل. لكن عش الدبابير في الخارج خرج بنقد لاذع للرئيس الذي تكلم في خطابه عن الشيخ المريض الضرير فوق السبعين الشيخ عمر عبد الرحمن السجين منذ عقود والذي حوكم بقوانين الظلم والطغيان في أمريكا، ومن واجب الرئيس أن يبحث حالته، وها هي أمريكا وظفت كل طاقاتها وخدامها وأولهم مبارك كي تفك الأسير العسكري المحتل للأرض شاليط الذي أُسر من دبابته المحتلة لقطاع غزة، وفي الداخل خرج علينا الدبابير عن سبب خروج شيخ الأزهر من حفل جامعة القاهرة غاضبا لأنه لم يدبر له مقعد يناسب مكانه، وهو أمر لم يكن حسنا من الحرس الجمهوري ألا يضع شيخ الأزهر في مكانه اللائق به، لكن حجم الهجوم على الرئيس يدل على أن الدبابير خرجت كلها من أعشاشها تنتظر كل فرصة لتسدد لدغتها. وأخيرا لك الله يا دكتور محمد مرسي بحسن التدبير الذي يرضي الله ويحفظ الوطن مصر الغالية، ولا تخش من عش الدبابير لأن الله تعالى يقول: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ) (فاطر: من الآية 43)، ويقول تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) (الرعد: من الآية17). فأكمل مشوارك في حسن التدبير ولا تخش من عش الدبابير.

494

| 04 يوليو 2012

بين القضاء والقاضية

القضاء حصن العدالة كما قال تعالى: "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" (ص:26)، وقد أوصى سيدنا عمر أبا موسى الأشعري عندما أرسله قاضيا على البصرة فقال: "آسِ بين الناس في نظرك ومجلسك و.... حتى لا ييأس ضعيف من عدلك، ولا يطمع شريف في حيفك"، والقاضية هي بالضبط ما قامت به المحكمة الدستورية المسيَّسة في الحكم المنحاز بامتياز للسلطة على حساب الشعب من خلال الحكم ببطلان قانون انتخاب ثلث أعضائه، وبطلان قانون العزل السياسي، في غزل سياسي للمجلس العسكري ومرشحه شفيق عدو الشعب، وضد المجلس الوحيد المنتخب وفق قانون لم يصنعه مجلس الشعب الذي ألقيت على عاتقه – إعلاميا كل شماعات الفشل السياسي من السلطة التنفيذية بدءًا من المجلس العسكري ومرورا بمجلس الوزراء وحتى المحافظين والمحليات مما عشش فيه و "كوش" عليه واحتكره النظام البائد، وفجأة وجدنا أنفسنا أمام الضربة القاضية على الثورة والثوار، والشهداء والجرحى، والدماء والأشلاء، وهو حكم يتجاوز مرحلة كان المجلس العسكري - الذي فقد مصداقيته وقدرته حاكما وحاميا معا- بسلب الشعب شيئا ويعطيه شيئا ولو قليلا، كما قدم عمر سليمان ليُخرج بحيله التي لا تنتهي خيرت الشاطر من سباق الرئاسة عندما تيقن أنه يكسب من الجولة الأولى، فأخرج خيرت وعمر سليمان مع بعضهما ؛ فتكون بالعبارة المصرية "بصرة"، أو هذه بتلك في فصيح العرب، لكن المجلس العسكري تجاوز هذه المرحلة ليستعمل القضاء في الضربة القاضية، ويأبى أن تنزل كلمة رئيس وزرائه الجنزوري عندما وعد أو توعد رئيس مجلس الشعب د.الكتاتني: بأن قرار حل المجلس عندنا في درج المحكمة الدستورية، وعندما صرح الكتاتني - المنتخب بكل نزاهة أشاد بها القاصي والداني - على قناة الجزيرة خرج الجنزوري مكذبا الكتاتني الذي تحلّى كعادته بأعلى درجات الأدب عندما سئل: ما ردك؟ فقال: إن رئيس مجلس الشعب لا يكذب، وها هي الأيام قبل شهرين من هذا التصريح يصدق الكتاتني ويكذب الجنزوري فليس حكم القضاء بل القاضية على الشعب وثورته، فيحل المجلس ويثبت شفيق في تحدٍ صارخ لكل الاعتبارات القانونية والسياسية والأخلاقية، وكأن كل من جاء من رحم الدكتاتورية والتزوير، والفساد والاستبداد لا يطيق أن يرى دائرة واحدة منتخبة بنزاهة، ولو كنا أمام قضاء عادل فلماذا تتأخر قضايا لسنوات عديدة أمام الدستورية وغيرها ولم يبتَّ فيها، وأُخذت هذه على وجه الاستعجال؟!! ولماذا مكثت المحكمة الدستورية أيام مبارك فوق ثلاث سنوات حتى تحكم في دستورية قانون انتخاب المجلس، وعندما حكمت ببطلان قانون انتخاب المجلس وصل الحكم للرئيس المخلوع كي يصدر قراره بعد أيام بحل المجلس، لكنا والله لسنا أمام قضاء عادل بل نحن أمام مصارعين يتدربون على الضربة القاضية للثورة والثوار والشهداء والجرحى، ولو رتبنا بعض الأحداث سنفهم جيدا: الضربة القاضية القريبة بدأت بالحكم المجامل لمجرمي مصر مثل مبارك وأولاده وأعوانه في قتل الثوار وبراءة من فرموا الأدلة الجنائية، ثم تدني أسلوب الزند على ممثلي الشعب كله بأسلوب لو نزلت إلى قاع المجتمع فربما تسمع لغة أرفع منه، وكان مجلس الشعب رفيعا ديانة وسياسة، عندما أكد احترام القضاء وانتظر من رئيس مجلس القضاء الأعلى أن يقول رأيه في لغة الزند، ومرت دون تعليق ولا تصعيد حفاظا على شعرة معاوية، ولكن هناك إصرارا على الاستمرار في الضربة القاضية للشعب والثوار والشهداء والجرحى، بل زاد الطين بلة بصدور قرار وزير العدل بقوة القانون، بإعطاء الحق لضباط الجيش وضباط الصف مع الشرطة سلطة الضبط القضائي، وسبحان الله مجلس الشعب الذي انتخبه ثلاثون مليونا ليس له حق إصدار قانون وهي أولى صلاحياته، ووزير العدل المعين من الجنزوري أو المجلس العسكري له الحق وحده في إصدار قانون وفقا لديمقراطية العسكري والجنزوري مما يدخل الجيش في صراع مع الشعب المسكين، في الوقت الذي يجب أن يحمي مصر من الصهاينة والمعتدين، ثم لا يمر يوم حتى جاءت ثالثة الأثافي والضربة القاضية للثوار والثورة والشهداء والجرحى ألا وهو حكم المحكمة الدستورية الذي أخذ أسوأ من الوصف العربي "أحَشَفًا وسوء كيلة" وهو مثل يُضرب لمن جمع سوأتين لا يجتمعان، لكن البلطجة الكبرى التي لم تحدث في تاريخ الشعوب وجانبت كل اللياقة والأناقة، آسف كل المبادئ الأخلاقية والسياسية في تطويق مجلس الشعب فورا بالجيش والشرطة ومنع أعضاء مجلس الشعب وهم ممثلو الشعب المصري من الدخول ودون انتظار حتى يصل الحكم لرئيس مجلس الشعب، ثم يتناقش ولو لم يعجب المشير يقوم هو بحل المجلس كما يمكن أن يكون لو كان القوم يحترمون أنفسهم أو الشعب الذي انتخب هؤلاء، وقد افتخر المجلس العسكري بكفاءته ونزاهته بإدارة انتخاب مجلس الشعب بكل شفافية، لكن القوم من الواضح أنهم قرروا تجريف الديقراطية والشورى والشعب، وأن الانتخابات هي مهزلة كبرى إذا جاءت بمن لا نريد فقد أعددنا القانون الأصلي مفخخا، يمكن به توجيه الضربة القاضية في الوقت الذي نراه، هذا ما يجري في الأرض في عالم الشهادة، أما ما يجري في السماء في عالم الغيب فهو قوله تعالى: "وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ" (إبراهيم: 46-47)، وقال تعالى: "وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ" (فاطر: من الآية 43)، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ" (يونس: من الآية81)، وقال تعالى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ" (الأنعام: من الآية59)، ونحن ماضون بكل إصرار في ثورتنا، وتوحيد صفنا، ومقاومة الحيل الخفية في تمزيق صف الثوار والنسيج الاجتماعي وشيطنة الثورة، والكلاكيع القانونية والفخاخ الدستورية، والأكاذيب الإعلامية، والاتهامات الشيطانية لأنه في النهاية كما قال تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ" (الرعد: من الآية 17)، وقال تعالى في نهاية سورة شيَّبت النبي صلى الله عليه وسلم وهي سورة هود: "وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (هود:123)، ولا يدري إلا الله فلعل السحر ينقلب على الساحر، ويكون حكم القضاء في الدستورية هو الضربة القاضية عليهم لا على الثورة والثوار والشهداء والجرحى الذين عاهدوا الله أن يحرروا مصر من نظام مبارك كله مهما كلفهم من تضحيات والعبرة بمن يضحك آخرا أو في الآخرة. أخشى أن يأتي هؤلاء جميعا يصرخون: "يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ" (الحاقة: 27-29)، فيجابون "خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ" (الحاقة:30-32)، يارب إنا بمصر نشكو إليك مجلسنا العسكري ومجلس الوزراء وقضاة الدستورية، والله وحده عليه التكلان وهو ولي الصالحين ومخزي الظالمين. ملحوظة: كتبت هذا المقال قبل النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة وإصدار الإعلان الدستوري المكبل لا المكمل، ولي عليه تعليق وتعليق.

531

| 22 يونيو 2012

مفارقات بين مصر مع مرسي أو شفيق

مصر مع مرسي سفينة تبحر بين أمواج متلاطمة ينجيها الله إلى شاطئ الأمان والاستقرار والنهضة والعزة والحرية والعدالة، وتعود حقوق الشهداء والجرحى، ومصر مع شفيق سفينة تبحر في بحر الثورة فتجرف القبطان، وتبقى تترنح حتى يعود للشهداء حقوقهم على يد قبطان آخر من أبناء الثورة وليس من نخاع النظام البائد، مصر مع مرسي سيكون هناك تناغم بين مؤسسات الدولة لتحقيق مشروع نهضة شعب مصر سواء بين مجلسي الشعب والشورى أو مجلس الوزراء أو مؤسسة الرئاسة، أما مصر مع شفيق فسوف يتربص بمجلس الشعب ويحلُّه – كما توعد شفيق صراحة - وتطلق حملة إعلامية للتشويه المنظم المدعوم من التجار والإعلاميين وأمن الدولة والمخابرات وستلفق تهم بالجملة للشرفاء، ويودعون السجون كما كان الأمر بعد 1954م، وستعود مصر إلى عصر الظلام والظلم، الاستبداد والفساد، التحلل والتخلف، " والكتاب باين من عنوانه " حيث اتهم شفيق – دون أية أدلة - في دعايته الفارغة من المضمون إلا الهجوم على الإخوان بأنهم هم الذين قتلوا الثوار في التحرير وغيره، وهي كذبة متأخرة شهرا كاملا ولو نصحه مستشاروه لجعلوها كذبة أبريل أو تلفيق شفيق للعام 2012 م، ولماذا يقدم الاتهام للإعلام دون القضاء وهو الذي كان رئيسا للوزراء أيام موقعة الجمل، بل لعله أشرف بنفسه على المجازر، ولو لم يفعل فرضا بعيدا فيجب أن يحاكم وفقا للنظرية القانونية:" مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه"، وهي جوهر المستند القانوني الذي حوكم به مثله الأعلى "مبارك والعادلي" حكما بالمؤبد، مصر مع مرسي سوف تتوسع فيها الحريات لأنه ضُيّق عليه، وتتحقق فيها العدالة لأنه ذاق مرارة الظلم، ويكون الولاء للميدان لأنه ابن الميدان، وكان من أوائل من اعتقلوا مع د /العريان، وضُرب أولاده الثلاثة من بلطجية النظام وأمن الدولة حتى كادوا أن يفارقوا الحياة، وعاش مع الميدان خطوة بخطوة، لكن مصر مع شفيق سوف يكون العدو اللدود للميدان الذي أخرجه من الوزارة، وفضح جرائمه في اعتصاماته، وطبعا المخابرات وأمن الدولة والقنوات الموالية لرجال السلطة والمال ترصد بدقة كل من دخل الميدان، وهمس بكلمة، وستفتح محاكم التفتيش ليكون شفيق أطغى وأظلم ألف مرة ومرة من مثله الأعلى مبارك، وستدخل مصر في مجازر ربما تفوق سوريا وليبيا لا قدر الله، مصر مع مرسي سيكون برنامج النهضة مفتوحا لكل مصري حر محب لمصر ولو كان من الليبراليين أو المسيحيين ليس تفضلا بل من حقوق المواطنة وربما يجور على الكفاءات الممتازة في الإخوان والسلفيين ليكونا في قطاع الخدمات لا الواجهات والمسؤوليات حتى لا يقال إنه وجماعته وحزبه " يكوشون " على كل شيء، وهذا يذكرني بالقاضي العادل الحنفي المشهور أبو يوسف لما جاءته المنية بكى طويلا، فقيل له كنت عالما قاضيا بالحق ففيم البكاء؟: فقال: والله ما حكمت إلا بالعدل في كل القضايا إلا في خصومة واحدة بين الخليفة ونصراني، وكان الحق للخليفة، فقضيت للنصراني خشية أن يقال قضى للخليفة لأنه اختاره للقضاء، أما مرسي مع شفيق فربما عاد جمال مبارك - البريء من دم الشهداء!- نائبا للرئيس ليس الآن طبعا فلابد من تمهيد من المحاكم والتشويه لكل من ناله بسوء، ثم يقدم وفاء لصديق عمره مبارك، وسوف يعود حسن عبد الرحمن يعربد في أمن الدولة، ويسخر وينتقم ممن اجترأ على تقديمه للمحاكمة، وسوف يعود ممولو الحملة بالمليارات الآن كي يستعيدوا ما أنفقوه وخسارتهم المليارية بعد الثورة، وسنجد ألف أحمد عز، ومئات الشاذلي، وعشرات صفوت الشريف، ونسخة واحدة من المخلوع في الاسم آخر"شفيق"، مصر مع مرسي سيعود الأمن والوئام، ويتم امتصاص الاحتقان بين المسيحيين والمسلمين أبناء الوطن الواحد، وفق ما قاله الله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم" (الممتحنة:8)، وقد ضرب الميدان والإخوان المثل الأعلى في الرقي في التعامل بين المسيحيين والمسلمين، وقامت اللجان الشعبية التي أسسها الإخوان بحراسة الكنائس أثناء الثورة، واحتفالاتهم بالميلاد، ولن يُقبل أي ابتزاز من أي طرف مسلم أو مسيحي يؤجج الصراع، بل الحق والعدل هما الميزان الرباني للسلام الاجتماعي، أما مصر مع أحمد شفيق فسوف يقتدي بسلفه يفجر كنيسة القديسين ويتهم الإسلاميين ليظل أبناء الوطن الواحد ضعافا وفقا لمنهجية اليهود: فرِّق تسد، وقد وعد شفيق النصارى في لقاء فضحته صفحات "المصريون" مع الأنبا باخوميوس حيث جاء فيه "وعلمت "المصريون" أن شفيق وعد قيادات الكنيسة بتقليم أظافر التيار الإسلامي، وقال لقيادات الكنيسة بالحرف الواحد "لا تقلقوا سيعودون إلى جحورهم كما كانوا في عهد الرئيس مبارك"، كما وعدهم بدراسة إمكانية تدريب وتسليح شباب الكشافة مع القوات الأمنية حتى يكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع على الكنائس أو الأديرة حال الهجوم عليها" هذا بالإضافة إلى الوعد القطعي بحذف آيات القرآن من مقررات اللغة العربية، أو إضافة آيات الإنجيل بجوارها، وهي أمور تسخن الأجواء وتؤجج الصراع الذي تخسر فيه مصر والمصريون جميعا فالمعارك داخل الوطن الواحد ليس فيها منتصر ومنهزم. مصر مع مرسي لن يرجع الغاز للكيان الصهيوني بل للشعب المصري، وسيراجع الصهاينة كل خططهم في هدم المسجد الأقصى ودولة من النيل إلى الفرات، ومصر مع شفيق سنُحرم من حقنا في أنبوبة الغاز حتى نساعد الكيان الصهيوني في قتل إخواننا الفلسطينيين، وحفر الأنفاق لهدم المسجد الأقصى. مصر مع مرسي بإذن الله الواحد الرزاق في الطريق إلى الإعمار والنهضة والاستقرار، وتعود مصر للقيادة والريادة اللائقة بها وبعلمائها، ومصر مع شفيق دولة صراع وخداع وظلم وطغيان، وتخلف وتحلل وتقزيم وتحجيم والأدهى اعتذار للمخلوع وإفراج رئاسي، وليذهب شهداء وجرحى الثورة إلى الجحيم. ولكن لا تنسوا الكريم القوي العزيز الحكيم: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"(يوسف:21). ومن يغالب الله يُغلب.

410

| 12 يونيو 2012

بين محاكمات العدل والإحسان أو الظلم والطغيان

محاكمات العدل والإحسان عنوانها قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، ومحاكمات الظلم والطغيان عنوانها: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) (غافر:26)، محاكمات العدل والإحسان فيها قضاة لا يخافون إلا الله، ويرتعشون وهم يكتبون الأحكام لأن هناك وقفة أمام الملك سبحانه وتعالى يوم القيامة كما يقول الله تبارك وتعالى: (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ) (ص: من الآية26)، وبين ناظريهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أورده الهيثمي بسنده عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (القضاة ثلاثة: واحد ناج، واثنان في النار، قاض قضى بالهوى فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة)1، ومحاكمات الظلم والطغيان في صدر الإسلام إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، لكن في مصر وعالمنا العربي ذهبنا مشوارا أبعد من هذا، إذا سرق فيهم الشريف أكرموه، وإذا لم يسرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، محاكمات العدل والإحسان بكى فيها القاضي أبو يوسف الحنفي الذي ولي القضاء مكرها فلما أتته المنية بكى، قالوا: ما يبكيك وقد كنت أعدل القضاة، فقال: أقسم بالله ثلاثا ما حكمت في قضية إلا بالعدل ما عدا قضية واحدة كانت بين الخليفة ونصراني، وكان الحق للخليفة، وقضيت فيها للنصراني مخافة أن يقال: حَكَم للخليفة تزلفا، وظل يبكي لأنه ظلم الخليفة لحساب نصراني، أما محاكمة الظلم والطغيان فقد حكمت على الشعب المصري الثائر كله لحساب مبارك والعادلي وجمال وعلاء مبارك وحسين سالم وحسن عبد الرحمن والشاعر و... فهؤلاء سلبوا الشعب المصري حرياتهم وصوبوا الرصاص الحي إلى صدورهم، وبالغوا ودققوا التصويب إلى عيونهم ورؤوسهم، ودهسوا الشعب بسياراتهم وبأقدامهم، وأجهزوا على كثير من جرحاهم، ونهبوا النقير والقطمير من أموالهم، واحتقروا علماءهم وعامتهم، وقهروا رجالهم ونساءهم، ومع هذا حصل على البراءة أكثرهم وتم الحكم على مبارك والعادلي فقط بسبب القرار السلبي في الامتناع عن إيقاف القتل الذي قام به "اللهو الخفي" في موقعة الخيل والبغال والجمال، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، والمجلس العلمي، وماسبيرو، والسويس، والإسماعيلية، والإسكندرية، وبور سعيد، وأخيرا وليس آخرا العباسية وهي التي عبر عنها الفريق أحمد شفيق بأنها مجرد "بروفة" للشعب المصري، وهذه توجب محاكمته حيث جرى سحل المعتصمين سلميا وضربهم وسبهم ولعنهم بأمهاتهم وأهلهم وذبح الكثير منهم، مما لا يتصور أن يفعله غير الصهاينة بالمصريين أو الفلسطينيين أو الأردنيين أو السوريين، أو ما يفعله شيعة العراق بأهل السنة، أو حزب البعث أو نظام صدام بالأكراد في حلبجة وغيرها، أو ما فعله ولا يزال الأسد بشعبه المسكين، أو ما فعله القذافي من تأجير المرتزقة لهتك أعراض بنات شعبه وقتل رجالهن، يعني أن الرئيس مبارك والأحكام الصادرة في محاكمة القرن كما سموها صدرت بسبب عدم التدخل لمنع "اللهو الخفي" من قتل الشعب وكأنه رئيس ليس عنده أجهزة مخابرات وأمن دولة ونيابة عامة يلزمها القانون أن تتحرك في اللحظة والتو مع كل حالة قتل أو اعتداء لتتحرى الأدلة وتقدمها للعدالة، ومن واجب القاضي أن يأمر بجمع الأدلة واستشهاد الشهود وتوثيق الشواهد، لكن الذين حصلوا على البراءة هم الذين أعدموا الأدلة ودفنوا الشهود، وأخرجوا القتلة من السجون، وقتلوا من اللواءات والعمداء والعقداء من رفضوا إخراج المجرمين من السجون، وتسليمهم أسلحة أقسام الشرطة ليقوموا بما سماه الرئيس المخلوع "الفوضى الخلاقة" وهي التي استمرت حتى اليوم في حوادث القتل والخطف والترويع، لدرجة أن صديقي العالم الأزهري الحافظ الألمعي خالد حنفي رئيس رابطة علماء المسلمين في ألمانيا وأستاذ الشريعة في جامعة الأزهر نزل إلى مصر أياما قبل أن يذهب إلى غزة هاشم مع رابطة علماء أهل السنة، وفي الليلة الأولى لنزوله نزل شقته لينام، فجاء لص ودخل من شباك المطبخ، وفتح الثلاجة وأكل ما فيها من عنب وتفاح وخوخ وما لذ وطاب، ثم تسلل إلى غرفته، وأخذ حقيبته الخاصة وجلس على طاولة في البلكونة، وفرز الأوراق والأموال وسطا على الأموال، وترك الأوراق "مفرودة" على الطاولة وبجوارها ساطور، ثم تبين في بلاغ الشرطة أنه فعل الشيء نفسه في الليلة ذاتها في بيوت أربعة، وطبعا إلى الآن لم يضبط اللص صاحب "السواطير" أو "الأساطير" أو إن شئنا اللص الإنسان، وآخر حادثة منذ أسبوع أعلمها أن مجموعة لصوص ركبوا سيارة أجرة من مصر إلى الإسكندرية وركب معهم أحد المهندسين من الموقف وفي الطريق أوقفوه بالسكاكين والمسدسات وقالوا له: أعطنا كل ما تملك وأنزلوه من السيارة وأعطوه عشرة جنيهات ليرجع إلى أهله، إننا شعب اللصوص عندهم إنسانية، ولعل هذا هو السبب الذي جعل القاضي يشفق على الرئيس المخلوع مبارك وطاغية الداخلية العادلي فيعطيهما فقط سجنا مؤبدا لا إعداما! أما علاء وجمال مبارك وحسن عبد الرحمن و... الذين تواترت شهرتهم في الإجرام وتعذيبهم خلق الله بلا هوادة، بل هتك الأعراض في مقرات أمن الدولة، ووصلت إلى حد هتك العرض أمام الزوج أو الأب أو الابن أو الأخ ومات البعض كمدا فيما يسمى الموت صبرا وهو من يموت ليس بطلقة رصاص واحدة، وإنما بعد تعذيب رهيب وانتزاع الاعتراف بجرائم لم يرتكبها إلا معذبوه، وكم من أبرياء اعترفوا بجرائم لم يرتكبوها، وهذا كله مما حدا بمجلس الشعب المصري العظيم بإقرار قانون عدم بطلان قضايا التعذيب بالتقادم ومن حق أي مصري أُهين أو عذب أن يتقدم ببلاغ مباشر إلى النيابة العامة مع الإلزام بالتحقيق فيها وهو عكس ما قام به النظام السابق لحامية ضباط التعذيب وجلادي الشعب، وكان من يتقدم بشكوى لمن عذبه يسجن أو يدفن ويُعتدى على أهله وماله حتى يندموا أنهم رفعوا شكواهم لغير الله عز وجل. حقا يجب على الشعب المصري أن يثور مرة أخرى في ميدان التحرير وميادين مصر، بل واجبهم أن يكملوا مشوارهم "الشعب يريد إسقاط النظام" وإلا لو استمر الحال فسينقلب السحر على الساحر، والمخلوع على شعبه وستقام لنا مذابح لم يشهد التاريخ لها مثيلا، وقد قدموا بدلا من "بروفة" العباسية عشرا، وعلى كل قال ابن القيم الجوزي: "أحكام الدنيا تجري على الإسلام، وأحكام الآخرة تجري على الإيمان"، فإذا حوكم مبارك وأعوانه محاكمات شكلية من أبشع أنواع الظلم والطغيان فإن المحكمة الربانية معقودة يقول فيها ربنا سبحانه: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) (طه: من الآية111)، وفي الحديث الذي رواه المنذري في الترغيب والترهيب بسند صحيح أن الله تعالى يقول لكل نفس مظلومة: "ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين".2 فيا دماء الشهداء ويا أمهاتنا الثكالى ويا آباءنا الموتورين وشعبنا المظلومين لابد من إكمال الثورة على الظالمين مع اليقين أن عين الله لا تنام وبطشه شديد، وعذابه أليم، والميزان في الآخرة ينتظر الناس جميعا. قال هاشم الرفاعي: وإلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.

776

| 07 يونيو 2012

بين الانتخابات ديانة وسياسة

الانتخابات ديانة تعني أن الإنسان يمارسها لصلاح دنياه وآخرته، والانتخابات سياسة تعني أن المهم هو الفوز في الدنيا وإن خسر الإنسان آخرته، الانتخابات ديانة تعني أن المنتخِب ذاهب إلى صندوق الاقتراع على أنه واجب شرعي يأثم الإنسان بتركه لقوله تعالى: "وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا" (البقرة: من الآية 282)، وقال تعالى: "وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ" (البقرة: من الآية 283)، ولا شك أن أجر الفريضة أكبر من أجر النوافل للحديث الذي رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه)، وهناك اتفاق بين فقهاء المجامع الفقهية وعلماء السياسة الشرعية أن الانتخاب شهادة، فلا يجوز أن يفرق المسلم بين قوله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ" (البقرة: من الآية 43)، وقوله تعالى: "وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ" (الطلاق: من الآية 2)، وإلا يكون كالذين " يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ" (النساء: من الآية 150) أو كالذين "جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ" (الحجر: من الآية 91)، أن قطع حبال الوصل بين النصوص فجعل بعضها للعلم والعمل، وأخرى للعلم دون العمل، أما الانتخاب سياسة في كل دساتير العالم فهو حق وليس واجبا، وهناك بعض الدول تفرض عقوبة رمزية لمن يتخلف عن الانتخاب بهدف حشد الناس للمشاركة الانتخابية، لكنه لن يتأثم ضميريا إذا لم يذهب لصندوق الاقتراع، الانتخاب ديانة يجعل الإنسان لا يختار إلا الأكثر رضا لله، والأصلح لما يُنتخب له، بحيث يدع وراءه ظهريا اعتبارات الانتماءات الحزبية، والعصبية القبلية، والأهواء الشخصية، والحملات الإعلامية، ويصفو قلبه لله تعالى، ويشهد الله على نفسه أن لن يختار لبلده إلا لله تعالى أصلح الناس كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء: 135)، فالآية تدعو المؤمنين إلى معالم وأسباب الاختيار، وهي التزام القسط وهو العدل وأن يكون الاختيار لله تعالى، ولو كانت هذه الشهادة على النفس أو الوالدين أو الأقربين، وسبحان الله تعالج الآية من يختار على أساس الغنى والثروة من الأغنياء لأنه سيحافظ على نفوذهم المادي أو له دعايات أكثر في الشوارع والطرقات أو الفضائيات أو الجرائد والمجلات، أو التعاطف من المرشحين الفقراء لأنهم سوف يواجهون أو يسحقون الأغنياء لأجلهم، أو يسعون لتكوين تيار ضد البرجوازيين الأغنياء فيقول سبحانه: "إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا" (النساء: من الآية 135)، أي لا تنتخبوا لأي معيار مادي بل تنظر لكفاءة المرشح نفسه، هل هو الأرضى لله؟ وهو الأصلح لما يُنتخب له أم لا؟، ولا تقف الآية ديانة عند هذا الحد بل تقتلع بذور الهوى والميل المريض نحو مرشح أقل صلاحا وقدرا أو لا يصلح بتاتا فيقول تعالى: "فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا" (النساء: من الآية 135)، وهو نَهي أن يكون الاختيار سياسة لا ديانة، وجورا لا عدلا، وعصبية لا تجردا، وحياء لا حزما، وطلبا لحظوة، لا عونا وتضحية لأجل بلدنا وأمتنا، ولا تختم الآية ديانة دون الوعيد من الله في قوله تعالى: "وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء: من الآية 135)، واللَّيّ والإعراض صفة رديئة حيث يكون الحق أمام ناظريك ساطعا أبلج كالشمس في رابعة النهار، فتحتار وتختار لغير وجه الله الواحد القهار، فتتضاعف الأوزار، ويزداد التراجع والانهيار، وتعلو كلمة الأغرار، ويتكالب حزب الأشرار، علانية أو من وراء ستار، ويتضاعف مكر الليل والنهار، لجني ثمار التدليس والتلبيس، ودفع فاتورة المساندة بلا أحقية، وتلك لعمري خيانة بل قاصمة الظهر لكل من ثار، وقدم الدم سخيا شهيدا أو جريحا أو مرابطا حتى تشرق على بلده شمس الحرية والعدالة والنهضة والحب والإيثار. الانتخاب ديانة يجعلك تقارن مرة بين الأخيار والأشرار، فتنفي العار عن نفسك أن تنتخب من كان يوما ما من بطانة السوء، أو وكلاء الحكام الذين حكمونا بالحديد والنار والسيف البتار، والسلب والنهب والاحتقار، وقد نهانا الله عن الركون إليهم حيث قال تعالى: "وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" (هود: 113)، فهل من وضوح في الديانة على حرمة الاختيار أو الركون إلى الذين ظلموا من الفلول وعملاء الفساد والاستبداد والتخلف والتحلل أكثر من هذا؟ وقد سُئل الإمام أحمد من رجل: إني أخيط أثوابا للظلمة فهل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال: معاذ الله! بل أنت من الظلمة أنفسِهم، وأما المرحلة الثانية فهي المفاضلة بين الأخيار، وهنا نجد ما يقرع القلب إذا كان بحق يخشى الله، ويهز النفس من أعماقها إن كان فيها بقية من عقل أو دين عندما نقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من ولَّى على المسلمين رجلا وهو يجد من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين". وأخيرا عندما تدخل وراء الأستار فإن الانتخاب ديانة يجعلك تتذكر فورا أن حولك ملائكة تكتب نسخة أخرى للحساب يوم الحساب، فكأنك تسمع قوله تعالى: "بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" (الزخرف: من الآية 80)، ولا تلبث أن تلحقها بالآية بعد توثيق شهادتك لك أو عليك في قوله تعالى: "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" (الزحرف: من الآية 19)، فلا يجد المنتخِب الذي يخشى الله بالغيب إلا أن يخط بقلمه ما قاله الشاعر التقي النقي: ولا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه فيكتمل المشهد لديك فتقول: نعم رباه لن أكتب سياسة فقط بل ديانة أولا، وسياسة ثانيا كي أسعد في الدنيا والآخرة، وأهدي لبلدي حبيبتي، ووطني حبة عيني خير أبنائه، وهنا فقط نكون قد حققنا أهداف ثورتنا كما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: "إن الثائر الحق الذي يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليصنع الأمجاد". إياكم من الانتخاب سياسة لا ديانة فنشقى في الدارين: "خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (الحج: من الآية11)، بل نذهب للصناديق ديانة لصلاح آخرتنا، وسياسة لصلاح دنيانا، لقوله تعالى: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (البقرة: من الآية 201).

541

| 24 مايو 2012

بين مكر الناس ومكر إله الناس

مكر الناس إلى سراب وبوار لقوله تعالى: (وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ) (فاطر: من الآية10)، ومكر إله الناس إلى سداد واستقرار لقوله تعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (آل عمران:54)، مكر الناس كما قال الله عز وجل: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) (إبراهيم:46)، ومكر إله الناس: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) (مريم:90)، فالكون كله يؤول إلى هلاك بكلمة منه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26)، مكر الناس محدود زمانا ومكانا، ومكر إله الناس ممدود زمانا ومكانا، مكر الناس مقصور على إمكانات وطاقات الماكرين، ومكر إله الناس لا حدود له حيث يتوازى مع قوة الملك التي لا تقهر قال سبحانه: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:18)، مكر الناس يكون في الفروع لا الجذور، ومكر إله الناس يكون في الجذور والقواعد، قال تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) (النحل: 26)، مكر الناس يعلمه إله الناس، ومكر إله الناس من الغيب المكنون، قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا) (الجن:26)، مكر الناس لا يغير من قدر الله شيئا، ومكر رب الناس هو من القدر الرباني الذي قال عنه: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (الرعد: من الآية8و9)، ولا يجري في ملكه سبحانه شيء لا يريده، بل هو كما قال عن نفسه سبحانه: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (البروج:15-16)، وإذا ضاق بالإنسان صدره من كثرة مكر الناس، فلنذكر قوله تعالى: وقال تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِين) (النمل:50-51)، أقول للذين يرتعشون من مكر الناس في أمريكا وأوروبا وإسرائيل وروسيا وأذنابهم وأزلامهم وعملائهم من الأنظمة العربية في سوريا والسلطة الفلسطينية والمجلس العسكري في مصر الذي يسير بسيرة مبارك في قتل المتظاهرين والأبرياء في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد وأخيرا في العباسية مع زيادة الإهانة للفتيات وضرب وبصق على المحجبات ونزع الحجاب وشد بعضهن من شعورهن، واقتحام مسجد النور بالأحذية تماما كما يفعل الصهاينة في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ومساجد عدة في القدس والضفة، ويؤسفني أن أقول إن آخر ما أعلم من دخول قوات الجيش بالأحذية وهتك حرمة المساجد في مصر كان من جيش نابليون بونابرت الغازي الفرنسي وقد قام المجلس العسكري من خلال الشرطة العسكرية بترويع المصلين، واعتقال المئات من الإخوة والأخوات، والضرب على القفا وبالعصي وتوجيه أقذع الشتائم بل واعتقال غير المصريين من طلاب العلم بالأزهر السودانيين والماليزيين وغيرهم ممن جاؤوا إلى المسجد مصلين لكن مكر الماكرين وغدر الظالمين وبقايا فلول المجرمين الذين يحكمون مصر بنفس المنهجية الرديئة في احتقار وامتهان وظلم وضرب واعتقال وجرح وقتل الأبرياء كل هذا من المكر السيئ الذي خطط له، كما قال تعالى: (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) (الأنعام: من الآية112)، فليس من أخلاق جيشنا العظيم أن يهين أبناء بلده إلى هذا الحد، وأن يعتقل الفتيات وأن يقبض على الصحفيين والإعلاميين وأن يكيل هذا الكيل الرديء من مخزون الشتائم الفاحشة، وأذكر أمتي أولا، وإخواننا المنكوبين في مصر وسوريا بأن مكر إله الناس سوف يسحق ويمحق مكر الناس، كما أخبرنا الله تعالى عن مكر قوم نوح وقوم إبراهيم وإخوة يوسف ونساء القصر وفرعون موسى، واليهود الذين أرادوا قتل سيدنا عيسى، وأبرهة مع أصحاب الفيل الذين جعل الله كيدهم ومكرهم في تضليل، وكفار قريش الذين قال الله فيهم: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30)، وزاد المكر من كفار قريش مع يهود بني قريظة وبني النضير وقينقاع وخيبر وكفار العرب، لكن الله تعالى قال: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا) (الأحزاب: 25-27)، ورد الله مكر الصليبيين بقيادة أوروبان الثاني فارتدوا خائبين على يد صلاح الدين، كما رد الله تعالى القوة الهائلة لهولاكو قائد المغول فبعد أن قتل بالسيف والحجر 2 مليون في العراق والشام، لكن الله تبارك وتعالى أهلكه وقتل في موقعة عين جالوت، واليوم لم يغنِ مكر شاوشيسكو وحزبه شيئا فقُتل على أيدي الثوار، وانهار الاتحاد السوفيتي بشكل مفاجئ في 26/12/1996م وعادت روسيا وبلاد القوقاز بعد قتل 20 مليونا من الناس وهدم 150 ألف مسجد وكنيسة، ورفعوا شعار: (إله والحياة مادة)، و(الدين أفيون الشعوب)، وقتل كل من يحفظ أو يحفِّظ القرآن، وها هي اليوم تعود روسيا إلى الإسلام، لكن القرآن يعود الآن في مسابقات للقرآن الكريم دولية دعيت لها مرات، وها هي أمريكا تزداد فيها المراكز الإسلامية من ثمانية مراكز سنة 1950م والآن فيها أكثر من 3 آلاف مركز إسلامي رغم الحملة الإعلامية الرهيبة التي تتحدث عن "إسلاموفوبيا"، والمكر الرهيب على الإسلام والمسلمين. ها هو الخوف يدب في مفاصل بني صهيون رغم كل المكر والدهاء الرهيب في القتل والترويع والأسر، لكن الله تعالى لهم بالمرصاد، ولولا مكر الله تعالى ما هرب بن علي، وما سجن مبارك، وما قتل القذافي، وما أزيح علي عبدالله الفاسد عن منصبه، والبقية تأتي وأولهم بإذن الله بشار والفجار من المجلس العسكري، قال تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء: من الآية 227). أقول لكل ذي قلب لا تخشوا مكر الناس وثقوا في مكر إله الناس بشرط واحد أن نكون أهلا أن يمكر الله لنا لا أن يمكر بنا.

4589

| 10 مايو 2012

بين عالمي الغيب والشهادة في المشهد المصري

عالم الشهادة في المشهد المصري اليوم مزر وموجع ومؤرق، وعالم الغيب مع الأمل والعمل لله مثمر ومزهر ومورق، عالم الشهادة فيه استماتة واحتيال بالجملة من النظام البائد أن يجر عقارب الساعة للخلف، وأن يرد الزمان إلى ما قبل اليوم الميمون25 يناير 2011م؛ ليعود لنا أقطاب النظام البائس الذي حطم مصر بالاستبداد السياسي والفساد المالي والتحلل الأخلاقي والتخلف الحضاري، وعالم الغيب فيه تدبير آخر يقول فيه رب العزة سبحانه: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ" (الأنعام: من الآية 59)، ومن يدير مصر ليس المجلس العسكري وعمر سليمان الذي يعود حاملا كل خصائص النظام البائد من كبر وعنجهية وظلم وطغيان، بل الذي يدير العالم هو الملك سبحانه فهو وحده الذي يعلم حقيقة ما يجري وما سيجري في عالمي الغيب والشهادة؛ لأنه الكبير المتعال، فإن قيل إن عمر سليمان قادم يعلم دخائل الأمور من خلال منصبه الرفيع رئيس جهاز المخابرات للمخلوع حسني "باراك"، قلنا نحن نركن إلى علام الغيوب الذي قال عن نفسه سبحانه: "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ" (الرعد:9)، فنحن الفقراء إلى الله، الموقنون بنصر الله لأنا لا نحمل إلا الخير لعباد الله، بل لخلق الله، لأن ربنا سبحانه استعمرنا في هذه الأرض، لكن نائب المخلوع في عالم الشهادة قد باشر تقزيم مصر مع رئيسه المخلوع، ومزَّق علائقنا مع الأشقاء العرب والجيران إلا الكيان الصهيوني المحتل فقد جيَّر له كل خيرات مصر وحرم أهلها وأهلنا بغزة، وأشرف معهم على ضرب غزة وقتلِ أطفالنا ونسائنا ورجالنا وعلمائنا ومساجدنا ومدارسنا، وهو إلى اليوم من خلال جهازه يجيع أهلنا في غزة ويحرمهم من الوقود والسولار ولقمة الغذاء، وعلبة الدواء، ويقدم للكيان الصهيوني الغاز والبترول، وكان ولا يزال الصديق الحميم للمجرمين من قادة الصهاينة، وحتى يزيدك من الدست مغرفة يعتذر عن انتخابات الرئاسة اليوم ويغير رأيه في الغد، وبدا المشهد الإعلامي من بقايا النظام السابق في غاية اللطف مع رجوع الباشا نائب المخلوع في رأيه، أما الإخوان الذين اختارهم الشعب في النقابات ومجلسي الشعب والشورى فقد فتحوا عليهم النار والسُّعار بأنهم لا يوفون بوعدهم، ولا يثبتون على مواقفهم، رغم مرور أكثر من عام وظهور متغيرات هائلة ونكوص من المجلس العسكري في تلبية مطالب الثورة، وتعمد إزاحة الإخوان والسلفيين من المشهد التنفيذي مما أوجب أن ينتزع الإخوان المواقع التي يفسد منها بقايا النظام الحياة السياسية والاقتصادية، حتى وصل بهم الأمر إلى إراقة البترول والسولار في الصحراء لخنق الناس وافتعال الأزمات، عقابا لهم على اختيار الإسلاميين، تماما كما علَّموا عباس أن يعاقب الشعب الفلسطيني على اختيار حماس، لكن هذا المكر السيئ في عالم الغيب يقابله المكر الإلهي كما جاء في قوله تعالى: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ" (إبراهيم:46-47)، وقال تعالى: "وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ" (فاطر: من الآية43)، وقد دبَّروا مع كل عرس ديمقراطي حوادث ماسبيرو ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، والمجمع العلمي، وبورسعيد، وارتد ذلك عليهم، ونفذت إرادة الملك سبحانه بما لم يكن أحد في عالم الشهادة أن يتصوره أن يدفع القدر بنائب المرشد لينافس على الرئاسة نائب المخلوع لتكون المسألة في علم الله تعالى الذي نوقن أنه سبحانه الذي قال عن نفسه: "ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (السجدة:6) فهو سبحانه عزيز على المجرمين رحيم بالمؤمنين، وأشهد الله أنني مع جولاتي في أرض الله تعالى من شرقها لغربها وشمالها لجنوبها لم أجد مثل أهل مصر إيمانا ويقينا وعزما وتصميما، ورجولة وتضحية، وصبرا ودأبا، وحمية وغيرة، وعلما وخلقا، وهؤلاء سيرحمهم الله من هذا الكيد الرهيب، والمكر الشديد المستند إلى الخارج اللدود، لكن علام الغيوب لن يرضَ لمصر وأهلها بعد كل هذه التضحيات، والدماء والجراح، والرقي الحضاري في ثورتهم أن يعود فلول وأزلام النظام اللعين الذي حكمنا بالحديد والنار والسيف البتار، لأن قوة الملك الجبار هي التي ستذل هؤلاء الأشرار، كما توعدهم بقوله سبحانه: "وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" (إبراهيم: 15). نحن بمسيس الحاجة أن نتضرع إلى الله لمصر وأمتنا بدعاء الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يطيل التضرع بقوله: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" رواه مسلم. فيا قومي من أهل مصر لا تركنوا إلى تلبيس وتدليس عالم الشهادة، وأيقنوا – مع الأمل والعمل – أن علام الغيوب لن يقدر لمصرنا إلا كل خير فهو القائل سبحانه: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: من الآية47) بل أسألكم بالله! هل يوجد خطاب طمأنة لأهل مصر ومحبي مصر آكد من وعد عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. قوموا – لأجل مصر وأمتنا - بالليل تذللا وتضرعا، وتحركوا - لأجل مصر وأمتنا - بالنهار فريضة وتطوعا. وثقوا في قوله تعالى: "أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" (البقرة: من الآية214(

563

| 11 أبريل 2012

alsharq
وزارة التربية.. خارج السرب

هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...

10920

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
تصحيح السوق أم بداية الانهيار؟

وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...

2454

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1659

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...

1344

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
عمان .. من الإمام المؤسس إلى السلطان| هيثم .. تاريخ مشرق وإنجازات خالدة

القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...

1125

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
حديث مع طالب

كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...

924

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
وزيرة التربية والتعليم.. هذا ما نأمله

الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...

885

| 16 نوفمبر 2025

alsharq
العزلة ترميم للروح

في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...

852

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
ارفع رأسك!

نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...

804

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
المغرب يحطم الصعاب

في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...

744

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
إستراتيجية توطين «صناعة البيتومين»

يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت...

681

| 17 نوفمبر 2025

alsharq
اليوم العالمي الضائع..

أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...

633

| 20 نوفمبر 2025

أخبار محلية