رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
غزة قبل الحسم الذي جرى في يوليو2007م كانت موطنا للصراع بين القوى الميدانية فمنهم من يخدم المقاومة ومنهم من يهدمها، أما غزة بعد الحسم فكل فصائلها تخدم المقاومة، وهي الأرض الأولى في العالم الآن للرباط في سبيل الله تعالى، كما أمر الله تعالى في خلاصة سورة آل عمران: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران:200)، وهم يقتربون اليوم نفسيا وميدانيا من أقرب نقطة إلى الفلاح، وكنت كلما وصلت إلى سورتي الأنفال والتوبة ومحمد والصف أجد البون شاسعا بين كتاب الله وأمتي، بين التأصيل الشرعي والتنزيل الواقعي حيث تقرأ نصوصا لا وجود لها في الواقع في أكثر بلاد الله تعالى التي تتحدث عن فريضة القتال في سبيل الله التي صاغها الله تعالى بالطريقة نفسها التي صاغ الله بها فريضة الصيام حيث قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: من الآية 183)، وهو هو سبحانه الذي قال: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة:216)، لكن أكثر الأمة جعلت القرآن عضين ففرقوا بين النصوص القطعيات، وتفاعلوا مع الظنيات والوهميات وتركوا ذروة سنام الإسلام، لذا عندما تقرأ هذه السور نفسها في غزة تشعر أن الأرض تقترب جدا من السماء، فأنت تصلي بجوار الشهيد الحي من أمثال الدكتور الزهار الذي استشهد أبناؤه خالد وحسام أمام ناظريه وأغشي عليه بصاروخ وزنه طن نزل على بيته وحوَّل الطوابق الأربع إلى كومة من التراب لكن الله تعالى اختار ولده خالد وحارسه شهداء، وأحيا الله الزهار العالم والمفكر والسياسي البارع ليكون أكبر نكاية في العدو الصهيوني فصار وزير الخارجية للحكومة الفلسطينية المنتخبة وليست المنتهِبة، وتجد بجوارك في كل صلاة والد الشهيد والشهيدين والشهداء، ومن فقد عينه أو عينيه، ومن بُترت رجله أو رجلاه، أو يده أو يداه أو بعض أصابعه، وغيرهم من الأصحاء بدنًا ممن يتلمظون على العدو الصهيوني، ويمتلئون ثقة وأملا أن يطهروا كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر من الاحتلال الصهيوني، ولا يشك لحظة أن ذلك قادم عما قريب بإذن الله، بل تجد في صفوف الصلاة من جاء بسيارة المعاقين كي يصف نفسه بين المصلين في الصف الأول، وعلى حين تجد في بلادنا يضع الناس أمامهم في الصلاة بعض ما خف وزنه وثقل ثمنه، تجد من أبناء غزة من يخلع رجله الصناعية ويضعها أمامه، وتسلم عليه فتجد كل أمارات الرضا عن الله تعالى، والصمود والتحدي لأعداء الله، ولم ينزوِ في ركن الضحية بل يواصل مشواره في الجهاد لتكون الأضاحي من الصهاينة المعتدين، بل عندما تخاطب النساء أو تزور أم الشهداء السيدة المجاهدة الصابرة المحتسبة "أم نضال " تفاجئ بهالة من النور الرباني يكسو وجهها، وكلمات الصبر تغمر قلبها، وآفاق النصر تسيطر عليها، وكذا أم الشهداء الثلاثة أيمن وخالد وحمد الدحدوح التي تزور المرابطين تثبتهم لإكمال طريق تحرير فلسطين، فتشعر أنك طفل صغير أمام صمودهم وصمودهن، وأن أمة فيها الكثير من أمثال أم نضال وأم أيمن لن تهزم أبداً أمام عدوها، غزة قبل الحسم كانت المقاومة تتحسب كثيرا من العملاء الذين وظفهم الصهاينة، وكان الخونة للأرض وللعرض يجوبون شوارع غزة متسلطين متسلحين على الشعب الصامد، وكانوا يتحركون بين المجتمع مسنودين من أكابر المجرمين الذين يمسكون بزمام الأمور، وكانت السجون تعج بالمجاهدين والمرابطين ويُقتَّلون أحيانا كي يقدم الخونة أبناء غزة البواسل قربانا للصهاينة المعتدين، بل إن هؤلاء الخونة كانوا هم السبب المباشر في التعقب والترصد لكبار المجاهدين، وقد قتل بسببهم خيرة الشهداء منهم الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش والرنتيسي وسعيد صيام ونزار ريان وإسماعيل أبو شنب، وأيمن وخالد عطا الله، وجمال منصور وجمال سليم، وجمال أبو سمهدانة، وأبو يوسف القوقة، وجهاد العمارين وعمر أبو شريعة، أما غزة بعد الحسم فقد قلمت أظافر الكثير من العملاء المتواصلين بالأخبار مع العدو الصهيوني، وصارت ميدانا خصيبا للتعليم والتدريب لعمليات التأديب للعدو اللدود، غزة قبل الحسم كان الأمن على النفس والمال شبه منعدم لكنك اليوم تسير بشوارع غزة ليلا أو نهارا صباحا أو مساء فتشعر بالأمن والأمان والهدوء والاطمئنان، والراحة والسكينة، والناس تبتسم ابتسامة أبي الوليد وأبي العبد في أمل متدفق يوحي بأنهم يحلمون بمستقبل أطيب خاصة بعد أن أكرمهم الله بجارتهم الكبرى مصر أو أمهم العظيمة – كما يعبرون عنها – بعد نجاح الثورة وانتخاب مرسي، وموت عمر سليمان مهندس المظالم من الحصار وضرب النار لغزة هاشم، واختيار رئيس وزراء شاب عالم واع، والتوجه نحو استكمال تثبيت مؤسسات الدولة واختيار الوزراء والمحافظين، والانتخابات البلدية وحل مشكلة مجلس الشعب والشورى والدستور الجديد لمصر، كل هذا سيفيض على غزة وفلسطين والأمة العربية والإسلامية بالكثير، وعندما عوتب قادة الأمريكان الذين زاروا حزب الحرية والعدالة عن سبب الانحياز الأمريكي الشديد للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني كان الرد واضحا " لقد كان رئيسكم مبارك مرتميا في أحضان اليهود أكثر مما نحتاج منه"، ولهذا يعود الأمل لأهل غزة وفلسطين الشرفاء بعد الحسم الديمقراطي السلمي من الثورة المصرية، والخلاصة أن وضعنا في مصر وغزة بعد الحسم العسكري والسلمي هو هو ما تنطبق عليه الآية الكريمة: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 257)، فتفاءلوا بالخير تجدوه، وتعاملوا مع نواميس الكون التي تُحَل فيها كل الأمور بالتدرج، "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: من الآية 105)، وأيقنوا أن بين النصر والهزيمة صبر ساعة، ويقيني أن ساعة النصر على رأس الحربة من الصهاينة المعتدين تقترب يوما بعد يوم بعد أن نجح الحسم العسكري والسلمي مع هؤلاء المأجورين في غزة هاشم ومصر الكنانة.
حرمة الميت بين توجيه السنة وخطاب الإعلام
في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت فيه المنابر الإذاعية والتلفزيونية والرقمية أصبحت قصص الموتى تُروى على الهواء... اقرأ المزيد
105
| 27 نوفمبر 2025
خذلنا غزة ولا نزال
(غزة تواجه الشتاء بلا مأوى وهي تغرق اليوم بنداءات استغاثة جديدة في حين توقفت أصوات القصف وجاءت أصوات... اقرأ المزيد
75
| 27 نوفمبر 2025
الغائب في رؤية الشعر..
شاع منذ ربع قرن تقريبا مقولة زمن الرواية. بسبب انتشارها الأكبر في كل العالم. عام 1985 كتبت مقالا... اقرأ المزيد
87
| 27 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13749
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1296
| 25 نوفمبر 2025