رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ولن تجد لسنة الله تبديلا

نتوقف اليوم أمام قوله تعالى في سورة الفتح  (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا {23}) (سنة الله التي قد خلت من قبل) أي سن الله غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم (ولن تجد لسنة الله تبديلا) أي تغييراً. ● قوله (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً {24}) (وهو الذي كف أيديهم) أي أيدي سفار مكة (عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة) أي في داخلها (من بعد أن أظفركم عليهم) وذلك أن عكرمة بن أبي جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد وقيل كان يوم الفتح وبه استشهد الإمام  أبو حنيفة على أن مكة فتحت عنوة لا صلحاً (وكان الله بما تعملون) من مقاتلتهم وهزمهم أولا والكف عنهم ثانياً لتعظيم بيته الحرام  (بصيراً) أى ناظرا فيجازيكم بذلك أو  يجازيهم.  ● قوله (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفاً أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماَ {25}) (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى)أي ونحر الهدى  وقوله تعالى (معكوفاً) حال من الهدى أي محبوسا وقوله تعالى (أن يبلغ محله) أي محبوساً من أن يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره وبه استدل الإمام  أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - على أن المحصر محل هديه الحرم قالوا بعض الحديبية من الحرم وروى أن خيامه  - صلى الله عليه سلم - كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه - صلى الله عليه وسلم - والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم) لم تعرفوهم  بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة لرجال ونساء وقوله تعالى (أن تطؤوهم) أي توقعوا بهم وتهلكوهم  (فتصيبكم منهم) أي من جهتهم (معرة) أي مشقة ومكروه كوجوب الدية أو الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء قالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم وهي مفعله من عره إذا عراه ودهاه ما يكرهه (بغير علم) متعلق بأن تطؤهم أي غير عالمين بهم  والمعنى لولا كراهة أن تهلكوا ناساً مؤمنين بين الكافرين غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف أيديكم عنهم وقوله تعالى (ليدخل الله في رحمته) متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبة لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدي إلى الفتح بلا محذور في رحمته الواسعة بقسميها (من يشاء) وهم المؤمنون فإنهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التي من جملتها الأمن مستضعفين تحت أيدي الكفرة وأما الرحمة الأخروية فهم وإن كانوا غير محرومين منها بالمرة لكنهم كانوا قاصرين في إقامة مراسم العبادة كما ينبغي فتوفيقهم لإقامتها على الوجة الأتم إدخال لهم في الرحمة الأخروية وقد جوز أن يكون من يشاء عبارة عمن رغب في الإسلام من المشركين ويأباه قوله تعالى (لو تزيلوا) الخ فإن فرض التزيل وترتيب التعذيب عليه يقتضى تحقيق المباينة بين الفريقين بالإيمان والكفر قبل التزيل حتماً أي لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض وقرئ لو تزايلوا (لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً) بقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها.

1054

| 17 يوليو 2013

وكف أيدي الناس عنكم

نواصل معكم وقفات مع كتاب الله تعالى و سورة الفتح ونصل  الى قوله تعالى (ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً ) {19}) أى وآتاهم (ومغانم كثيرة يأخذونها) أي مغانم خيبر والالتفات إلى الخطاب على قراءة الأعمش وطلحة ونافع لتشريفهم في مقام الامتنان, (وكان الله عزيزاً) غالباً (حكيماً) مراعياً لمقتضى الحكمة في أحكامة وقضاياه. ● قوله (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون ءآية للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً {20}) (وعدكم الله مغانم كثيرة) هي ما يفيؤه على المؤمنين إلى يوم القيامة (تأخذونها) في أوقاتها المقدرة لكل واحدة منها (فعجل لكم هذه) أي غنائم خيبر (وكف أيدي الناس عنكم) أي أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد وغطفان حيث جاءوا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فنكصوا وقيل أيدي أهل مكة بالصلح (ولتكون آية للمؤمنين) أمارة يعرفون  بها صدق رسول-  صلى الله عليه وسلم - في وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من المغانم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام  أي ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل الكف أو بما تعلق به علة أخرى محذوفة من أحد الفعلين أي فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس لتغتنموها  (ويهديكم) بتلك الآية (صراطاً مستقيماً) هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وماتذرون. ● قوله (وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديراً {21}) (وأخرى)  أي فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى (لم تقدروا عليها) وهي مغانم هوزان في غزوة حنين ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها وقوله تعالى (قد أحاط الله بها) صفة أخرى لأخرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة إلى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة منالها بالنظر إلى قدرتهم أي قد قدر الله عليها واستولى وأظهركم عليها وقيل حفظها لكم ومنعها من غيركم هذا وقد قيل إن أخرى منصوب بمضمر يفسره قد أحاط الله بها أي وقضى الله أخرى ولا ريب في أن الإخبار بقضاء الله إياها بعد اندارجها في جملة المغانم الموعودة بقوله تعالى وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ليس فيه مزيد  فائدة وإنما الفائدة في بيان تعجيلها (وكان الله على كل شيء قدير) لأن قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشيء دون شيء. ● قوله (ولو قاتلكم الذين كفروا لولَّوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيراً {22}) (ولو قاتلكم الذين كفروا) أي أهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر (لولَّوا الأدبار) منهزمين (ثم لا يجدون ولياً) يحرسهم (ولا نصيراً) ينصرهم.  

3652

| 16 يوليو 2013

أنتم اليوم خير أهل الأرض

● قوله ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما (16) ( قل للمخلفين من الأعراب ) كرر ذكرهم بهذا العنوان مبالغة في ذمهم ( ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد ) هم بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب أو غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أو المشركون لقوله تعالى ( تقاتلونهم أو يسلمون ) أى يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أبدا أو الإسلام لا غير وأما من عداهم  فينتهي قتالهم بالجزية كما ينتهي بالإسلام  وفيه دليل على إمامة أبي بكر – رضى الله عنه – إذ لم تتفق هذه الدعوة لغيره إلا إذا صح أنهم ثقيف وهوازن فإن ذلك كان في عهد النبوة فيخص دوام نفى الاتباع بما غزوة خيبر كما قاله محى السنة  وقيل هم فرس والروم ومعنى يسلمون ينقادون فإن  الروم نصارى وفارس مجوس يقبل منهم الجزية ( فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة (وإن تتولوا) عن الدعوة (كما توليتم من قبل) في الحديبية (يعذبكم عذاباً إليماً) لتضاعف جرمكم (ليس على الإعمى حرج ولا على الأعرج حرج لا على المريض حرج) أي في التخلف عن الغزو لما بهم من العذر والعاهة فإن التكليف يدور على الاستطاعة وفي نفي الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد من اعتناء بأمرهم وتوسيع لدائرة الرخصة (ومن يطع الله ورسوله) فيما ذكر من الأوامر والنواهي (يدخله جنات تجري من تحتها الإنهار) (ومن يتول) أي عن الطاعة (يعذبه عذاباً إليماً). ● قوله ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل الله السكينة عليهم وأثبهم فتحاً قريباً {18}) لا يقدر قدره (لقد رضي الله عن المؤمنين) هم الذين ذكر شأن مبايعتهم وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقوله تعالى (إذ يبايعونك تحت الشجرة ) لاستحضار صورتها تحت الشجرة  روى أنه  - عليه الصلاة والسلام - لما نزل الحديبية بعث  خراش بن أمية الخزاعي رسولاً إلى أهل مكة فهموا به فمنعه الأحابيش فرجع فبعث عثمان بن عفان  - رضي الله عنه  - فأخبرهم أنه - عليه الصلاة والسلام-  لم يأت لحرب وإنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته فوقروه وقالوا إن شئت أن تطوف بالبيت فافعل فقال ما كنت لأطوف قبل أن يطوف رسول الله -  صلى الله عليه وسلم - واحتبس عندهم فأرجف بأنهم قتلوه فقال- عليه الصلاة والسلام - لا نبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة وكانت سمرة وقيل سدرة على أن يقاتلوا قريشاً ولا يفروا وروى على الموت دونه وأن لا يفروا فقال لهم رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - أنتم اليوم خير أهل الأرض وكانوا ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرين وقيل ألفاُ وأربعمائة وقيل ألفاً وثلثمائة وقوله تعالى (فعلم مافي قلوبهم) عطف على يبايعونك لما عرفت من أنه بمعنى بايعوك لا على رضى فإن رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص عند مبايعتهم له صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى (فأنزل السكينة عليهم)  أي فأنزل عليهم الطمأنينة والأمن وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح (وأثابهم فتحاً قريباً) هو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية.

2540

| 15 يوليو 2013

بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا

•  قوله ( بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا , وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ) أى ظننتم أن المشركين سوف يستأصلونهم بالمرة فخشيتم إن كنتم معهم أن يصيبكم ما أصابهم فلأجل ذلك تخلفتم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة  ( وزين ذلك في قلوبهم ) وقبلتموه واشتغلتم بشأن أنفسكم غير مبالين بهم  ( وظننتم ظن السوء ) وتكرير لفظ الظن اتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء وغيره من الظنون الفاسدة التي من جملتها الظن بعدم صحة رسالته عليه الصلاة والسلام  ( وكنتم قوما بورا ) أى هالكين عند الله مستوجبين لسخطه وعقابه . •  قوله (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ) (13) أى ومن لم يؤمن بهما – الله سبحانه ورسوله عليه الصلاة والسلام –كدأب هؤلاء المخلفين ( فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ) إيذانا بأن من لم يجمع بين الإيمان بالله وبرسوله فهو كافر ومستوجب للسعير بكفره نار مخصوصه وهذا من التهويل بشدة العذاب . •  قوله ( ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما ) (14) أى ولله ملك السماوات والأرض وما فيهما يتصرف في الكل كيف يشاء ( يغفر لمن يشاء ) أن يغفر له  ( ويعذب من يشاء ) أن يعذبه من غير دخل لأحد في شئ منهما وجودا وعدما  وفيه حسم لأطماعهم الفارغة في استغفاره عليه الصلاة والسلام لهم ( وكان الله غفورا رحيما ) أى مبالغا فى المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء إلا لمن تقتضي الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله  وأما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا . •  قوله ( سيقول لك المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ) (15 ) أى المذكورون سقولون عند انطلاقكم إلى مغانم خيبر لتحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا مما فاتكم من غنائم مكة ( ذرونا نتبعكم ) إلى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) بأن يشاركوا في الغنائم التي خصها بأهل الحديبية فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية في ذي الحجة من سنة ست وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما أمره الله عز وجل (قل لن تتبعونا ) إقناطا لهم لا تتبعونا فإنه نفى في معنى النهى للمبالغة ( كذلكم قال الله من قبل ) أى عند الانصراف من الحديبية  ( فسيقولون ) للمؤمنين عند سماع هذا النهى  ( بل تحسدوننا ) أى ليس ذلك النهى حكم الله  بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم ( بل كانوا لا يفقهون ) أى لا يفهمون  (إلا قليلا ) إلا فهما قليلا وهو فطنتهم لأمور الدنيا رد لقولهم الباطل ووصف لهم بما هو أعظم من الحسد وأطم من الجهل المفرط وسوء الفهم فى أمور الدين  .

2032

| 14 يوليو 2013

فمن نكث فإنما ينكث على نفسه

• قوله ( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) أى على أمتك لقوله تعالى  " ويكون الرسول عليكم شهيدا "  ( ومبشرا ) على الطاعة ( ونذيرا  )على المعصية  . • قوله ( لتؤمنوا بالله ورسوله ) الخطاب للنبى – عليه الصلاة والسلام – ولأمته ( وتعزروه ) أى تقووه بتقوية دينه ورسوله  ( وتوقروه )  وتعظموه  ( وتسبحوه ) وتنزهوه أو تصلوا له من السبحة  ( بكرة وأصيلا ) غدوة وعشيا , عن ابن عباس – رضى الله عنهما –صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر . • قوله ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) أى على قتال قريش تحت الشجرة ومبايعتك إنما هى مبايعة الله عز وجل لأن المقصود توثيق العهد بمراعاة أوامره ونواهيه . • وقوله ( يد الله فوق أيديهم ) المعنى لأن عهد الميثاق مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) كعقده مع الله تعالى من غير تفاوت بينهما كقوله تعالى " من يطع الرسول فقد أطاع الله " وإنما يبايعون الله لأجله ولوجهه . • وقوله ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) أى فمن نقض عهده فإنما يعود ضرر نكثه على نفسه  ( ومن أوفى بما عاهد عليه الله ) أى ومن وفى بعهده  ( فسيؤتيه أجرا عظيما ) هو الجنة . • قوله ( سيقول لك المخلفون من الأعراب ) وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة  وأشجع وأسلم واالديل تخلفوا عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين استنفر من حول المدينه من الأعراب  وأهل البوادي ليخرجوا معه عند إرادته المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت , وأحرم عليه الصلاة والسلام  وساق معه الهدى ليعلم أنه لا يريد الحرب , وتثاقلوا عن الخروج وقالوا نذهب الى قوم غزوه في عقر داره بالمدينة  وقتلوا أصحابه فنقاتلهم , فأوحى الله تعالى إليه عليه الصلاة والسلام  أنهم سيعتلون ويقولون ( شغلتنا أموالنا وأهلونا ) ولم يكن لنا من يخلفهم فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع  ( فاستغفر لنا ) الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك  حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار ( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) وهو استئناف لتكذيبهم في الاعتذار والاستغفار (قل ) ردا لهم عند اعتذارهم إليك بأباطيلهم  ( فمن يملك لكم من الله شيئا ) أي فمن يقدر لأجلكم من مشيئة الله تعالى وقضائه على شئ من النفع  ( إن أراد بكم ضرا) أى ما يضركم من هلاك الأهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما  ( أو أراد بكم نفعا ) أى ومن يقدر على شئ من الضرر إن أراد بكم ما ينفعكم من حفظ أموالكم وأهليكم فأى حاجة إلى التخلف لأجل القيام بحفظهما – وهذا تحقيق للحق ورد لهم بموجب ظاهر مقالتهم الكاذبة  وتعميم الضر والنفع لما يتوقع على تقدير الخروج من القتل والهزيمة والظفر والغنيمة يرده قوله تعالى ( بل كان الله بما تعملون خبيرا ) فإنه إضراب عما قالوا وبيان لكذبه بعد بيان فساده على تقدير صدقه  أى ليس الأمر كما تقولون  بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التي من جملتها تخلفكم وماهو من مباديه .

13988

| 13 يوليو 2013

ولله جنود السموات والارض

* قوله (ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) أى جميع ما فرط منك من ترك الأولى وتسميته ذنبا بالنظر إلى منصبه الجليل . * وقوله ( ويتم نعمته عليك ) بإعلاء  الدين وضم الملك إلى النبوة وغيرهما مما أفاضه الله عليه من النعم الدينية والدنيوية . * وقوله ( ويهديك صراطا مستقيما ) في تبليغ الرساله وإقامة مراسم الرياسة وأصل الاستقامة وإن كانت حاصلة قبل الفتح  لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق  واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل . * قوله ( وينصرك الله نصرا عزيزا ) إظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولإظهار كمال العناية بشأن النصر  وتأكيد ه أى نصرا فيه عزة ومنعة وقوة منيعة . * قوله ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) بيان لما أفاض الله عليهم من مبادئ الفتح من الثبات والطمأنينة التي أنزلها في قلوب المؤمنين بسبب الصلح والأمن إظهارا لفضله تعالى عليهم بتسيير الأمن بعد الخوف ويزدادو يقينا منضما إلى يقينهم أو انزل فيها السكون إلى ما جاء به عليه الصلاة والسلام  من الشرائع ليزدادوا إيمانا بها مقرونا مع إيمانهم بالوحدانية واليوم الآخر , عن ابن عباس ( رضى الله عنهما ) أن أول ما أتاهم به النبى ( صلى الله عليه وسلم ) التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد  فازدادوا إيمانا مع إيمانهم  أو أنزل فيها الوقار والعظمة لله تعالى ولرسوله ليزدادوا باعتقاد ذلك إيمانا إلى إيمانهم. * قوله ( ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ) أي يدبر أمرها كيفما يريد يسلط بعضها على بعض تارة , ويوقع بينهما السلم أخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح  ( وكان الله عليما ) مبالغا في العلم بجميع الأمور (حكيما) في  تقديره  وتدبيره . * قوله ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار  خالدين فيها ) أى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة  . * قوله ( ويكفر عنهم سيئاتهم ) أى يغطيها ولا يظهرها للمسارعة إلى بيان ما هو المطلب الأعلى . * ( وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) لا يقادر قدره لأنه منتهى ما يمتد إليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر أى في علم الله وقضائه . *( ويعذب المنافقين والمنافقات  والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء ) في تقديم المنافقين على المشركين مالا يخفى من الدلالة على أنهم أحق منهم بالعذاب لأنهم ظنوا ظن الأمر السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين  لكن ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم . * ( وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ) أى استحقوا العذاب في الدنيا والآخرة وهو وعيد متصل من العذاب في جهنم . * قوله ( ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما ) وإعادتها تنبيه على أن لله تعالى جنود الرحمة وجنود العذاب والمراد بالآية جنود العذاب .

2436

| 12 يوليو 2013

سورة الفتح

مع قدوم شهر رمضان تتأهب النفوس والأفئدة والعقول المؤمنة لاستقباله استقبالا يليق بحرمته وجلال قدره وتنعقد النيات على التخلص من الأدران والأمراض القلبية للرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة من الأفعال والأقوال التي تبعد الإنسان عن عبودية ربه عز وجل كما أنزلها سبحانه في كتابه العظيم وسنة نبيه الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) سيد الأولين والآخرين. فهو شهر القرآن وشهر الصيام عن الطعام والشراب والشهوات وشهر القيام في الصلوات فيه ليلة خير من ألف شهر وشهر الجهاد والانتصارات على الكفر والإلحاد والظلم والفسوق والعصيان. إنه شهر التوبة النصوح وطلب العفو والعافية والمغفرة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. قال عليه الصلاة والسلام: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة. وغلقت أبواب النار. وصفدت الشياطين". وقال عليه الصلاة والسلام " من صام رمضان إيمانا واحتسابا. غفر له ما تقدم من ذنبه " وقال عليه الصلاة والسلام: "الصيام جُنة وحصن حصين من النار " وبما أن أمتنا العربية والإسلامية تمر بظروف عصيبة وتكالبت عليها الأمم من الداخل والخارج وأطل المنافقون والخائنون والمرجفون والكافرون برؤوسهم وسمومهم ومكرهم وأحقادهم في المجتمعات العربية المسلمة فلا مخرج لها من هذه الفتن التي انهالت عليها كقطع الليل المظلم إلا اللجوء إلى الله سبحانه والتمسك بكتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) حين أوصى أمته بقوله " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي). وسوف نختار بعض سور القرآن الكريم لتفسيرها من كتب التفسير المعتمدة وتقديمها لقراء رمضان راجين من الله العلي القدير التوفيق والسداد وحسن الفهم وتدبر الآيات العظام عسى الله أن يفتح علينا من فتوحاته الإلهية ويفيض علينا من فيوضاته الربانية ويهدينا سبل الرشاد ويسلمنا إلى رمضان بقلوب صافية ونفوس راضية. ويعيننا على صيامه وقيامه. ويجعلنا من الفائزين برضوانه. • ومن السور التي تم اختيارها لعرض تفسيرها في هذا الشهر الكريم سورة الفتح وسورة محمد هاتان السورتان التي أرى أنهما تناسبان الظروف التي تمر بها أمتنا العزيزة الجريحة من أبنائها قبل أعدائها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. مع تهنئتي بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى أمتنا العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات ويقر عيوننا بثباتها على دينها وبنصرها على أعدائها اللهم آمين.

922

| 10 يوليو 2013

تسليم الأمانة من الكريم ابن الكريم إلى الكريم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد قائد الغر المحجلين، وعلى آله وصحبه وزوجاته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد... يقول الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة الأحزاب الآية (72) واصفا صفة الأمانة وصعوبتها ومشقتها " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " وقد اختلف العلماء فى ماهية الأمانة وما المقصود منها ولكنها لا تخرج عن هذا المعنى الذى سنورده: إنها أمانة الضرورات الخمس للإنسان وحاجياته وكمالياته فى كل زمان ومكان، إنها أمانة الفرائض التى فرضها الله عز وجل على عباده، من أمانة الأموال والأنفس والودائع والأعراض والعقول والدين والأخلاق والقيم والمبادئ والعدالة والمساواة، إنها أمانة الحقوق والواجبات على الإنسان لله والوطن وأخيه الإنسان، إنها أمانة الاستخلاف فى الارض عن الله عز وجل وفق ما أراد الله سبحانه. • قال ابن عباس (رضى الله عنهما ): قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): " قال الله تعالى لآدم: يا آدم إنى عرضت الأمانة على السماوات والأرض فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها، فقال: وما فيها يارب؟ قال: إن حملتها أجرت وإن ضيعتها عذبت، فاحتملها بما فيها، فلم يلبث فى الجنة إلا قدر ما بين صلاة الأولى إلى العصر حتى أخرجه الشيطان منها ". •      وفى رواية أخرى عن ابن عباس (رضى الله عنهما) أن الله — عز وجل — قال له: أتحمل هذه الأمانة بما فيها، قال وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قال: أنا أحملها بما فيها بين أذنى وعاتقي، فقال الله تعالى له: إنى سأعينك، قد جعلت لبصرك حجابا فأغلقه عما لا يحل لك، ولفرجك لباسا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك." •      وفى الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها " هذه هى الأمانة وعظم مسؤوليتها شاملة لنواحى حياة الإنسان باعتدال دون طغيان جانب على جانب ولذلك ختم الله سبحانه الآية بقوله (إنه كان ظلوما) لنفسه، (جهولا) بربه، وأنه سبحانه يكافئ على حسن اداء الأمانة ويعاقب على سوء أدائها. • لذلك كان من صدق حمل الأمانة عند القادة فى قطر تهيئة أبنائها وإعدادهم الإعداد الجيد ليتسنى لهم حمل أمانة الوطن فيما بعد والسير به على خطى الآباء الكرام والأسلاف العظام وهكذا قطر دائما تراهن على أبنائها وأجيالها فى التطلع نحو آفاق المستقبل بكل ثقة واقتدار. • ومن هنا جاءت نظرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى الثاقبة أنه قد آن الأوان لأن تنتقل دفة القيادة فى الوطن الغالى إلى جيل الشباب الذى أثبت جدارته وكفاءته خلال الفترة السابقة فاستحق أن يتولى زمام الأمورعلى عينه وفى أوج مجده وصحته حتى تتعانق رؤية الأبناء وخبرة الآباء لخير هذا الوطن وأجياله. •      لقد حمل صاحب السمو الأمير الوالد حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية أمانة الدولة ثمانية عشر عاما وضع خلالها أركان نهضة دولة قطر الحاضر والمستقبل بكل ما أوتى من جهد وقوة وعافية ومال مواصلا الجد والاجتهاد فى العمل ليلا ونهارا فى توفير الحياة الكريمة لشعبها ولمن يعيش على أرضها، بل امتد خير قطر إلى الإنسان خارج حدودها شرقا وغربا شمالا وجنوبا حمل خلالها أمانة الوطن بكل اقتدارحتى أصبحت قطر قبلة الأنظار وتاجا على رؤوس الأوطان وليس هذا بغريب على الكريم ابن الكريم ابن آل ثانى الكرام. •      لقد جاء تسليم الأمانة فى شهر كريم شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال وتقسم فيه الأرزاق جعله الله عز وجل رزقا طيبا مباركا صيبا نافعا غير ضار سحا دحا غدقا على الأمير الشاب وعلى أهل قطر الكرام والأمة قاطبة. •      لقد كان تسليم الأمانة بكل سلاسة وعن طيب نفس إلى الأمير الشاب ضربا من الإيثار على النفس وزهد فى السلطة فقد كانت فى يده وليست فى قلبه ومع ذلك تنازل عنها فى زمن الصراعات السياسية والتكتلات الاقتصادية وبادرة سياسية نادرة فى تاريخ الخليج والمنطقة العربية بل والعالم فى العصر الحديث زمن العض على السلطة بالنواجذ عافى الله قادتنا وأمراءنا منها. •      إن يوم الثلاثاء 16/ شعبان /1434 هجرية الموافق 25/ يونيو / 2013 ميلادية يوم مشهود وفاصل فى تاريخ قطر الحديث، يوم الانتصار على الذات والثقة الكاملة بجيل الشباب المتمثل بصاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر وفريق عمله من أعضاء مجلس الوزراء الكرام.. •      إن القول السديد لصاحب السمو الأمير الوالد والموجه إلى أفراد شعبه الكرام (إننى اليوم أخاطبكم كى أعلن عن تسليم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد آل ثانى وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية وجدير بالثقة وقادر على حمل الأمانة وتأدية الرسالة) فقد حدد سموه فى خطابه الهدف الذى سوف يتحقق بكل ثقة من هذا التسليم هو مصلحة الوطن ومصلحة المواطن حين أعرب عن ثقته بأن الأمير الشاب (سيضع مصلحة الوطن وخير أهله نصب عينيه، وستكون سعادة الإنسان القطرى غايته الأولى على الدوام ). • ولم يكتف سمو الأمير الوالد بتحديد الهدف للأمير الشاب، بل حمل الشعب أيضا مسؤولياته وجدد ثقته فيه، وأنهم بناة المستقبل مع القيادة الجديدة فلا بد من التلاحم والتكاتف بين القيادة والشعب حتى تسير دفة قطر نحو المستقبل بكل جدارة واقتدار بيد أبنائها فقال حفظه الله (ها هو المستقبل أمامكم إذ تنتقلون إلى عهد جديد ترفع الراية فيه قيادة شابة، تضع طموحات الأجيال القادمة نصب عينيها وتعمل دون كلل أو ملل من أجل تحقيقها ). •      إن القيام بالمسؤوليات الجسام تحتاج إلى قلوب واعية وعقول نيرة وأخلاق كريمة وسلوك قويم مستمد من الدين الحنيف ونظر رشيد يجمع بين تقوى الله والعلم النافع والعمل الصالح فكانت وصيته الأبوية الحانية بعد تقوى الله (فليكن العلم هو النبراس الذى ينير طريقكم، ويعينكم فى صناعة مستقبل الوطن على خير وجه، فبالعلم تتخرج الأجيال القادرة على تحمل المسؤولية وبه تسلك الطريق القويم، وليكن العمل الجاد المخلص ديدنكم فى خدمة وطنكم بعيدا عن الاتكالية والتراخى والركون إلى الواقع، فلا تبنى الأوطان لجيال الحاضر والمستقبل إلا بجهد أبنائها وسهرهم، ولا تصان من الأطماع وتحمى من المخاطر إلا بعرقهم وتضحياتهم ). •      هذه الوصية الصادقة الصادرة من قلب محب تؤكد على أن المرحلة القادمة مرحلة القيادة الشابة فكان التركيز عليهم فى توجيه الرعاية والاهتمام الشديد فهم عدة الحاضر وسند المستقبل، ولا بد من التركيز أكثر من ذى قبل على إعدادهم الإعداد المتميز والجيد والحازم لتقويم المعوج وتنبيه الغافل وتعليم الجاهل وإعادة الشارد إلى جادة الصواب ليكونوا رجالا صالحين ونساء  صالحات يبنون المجتمع ويحافظون على مكتسباته ويعبرون به إلى المستقبل بإيمان الواثق من ربه المتوكل عليه دون خوف أو وجل، وان يكونوا خير خلف لخير سلف. •      جزى الله صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى وفريق عمله الكريم خير الجزاء على ماقدم لوطنه ولشعبه وأمته فقد أدى المهمة ونصح لشعبه وأبنائه وسلم الأمانة بكل ثقة إلى من هو جدير بحملها وكفء لها إلى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطر درة الأوطان فهنيئا لقطر بأميرها وهنيئا للأمير بشعبه الذى بايعه على الولاء والطاعة فيما يرضى الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم ). اللهم احفظ بلادنا وأميرنا من كيد الكائدين وشماتة الشامتين وحسد الحاسدين ومكر الماكرين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التى تعينه على الخير وخير العمل وتنصح للوطن، اللهم اجعله سخاء رخاء لبلده وسائر بلاد المسلمين، " رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام " وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ولكم التحية والتهنئة بالعهد الجديد

1187

| 07 يوليو 2013

معجزة الإسراء والمعراج والتكريم الإلهى لسيد الأنبياء والمرسلين "3 — 3"

رؤية الانبياء (عليهم السلام):  قال صلى الله عليه وسلم: (ثم أصعدني الى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة: عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال: ثم أصعدني الى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا اخوك يوسف بن يعقوب. قال: ثم أصعدني الى السماء الرابعة، فاذا فيها رجل فسألته: من هو؟ قال: هذا إدريس — قال: يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ورفعناه مكانا عليا — قال: ثم أصعدني الى السماء الخامسة فاذا فيها كهل ابيض الرأس واللحية، عظيم العثنون(عظيم اللحية)، لم أر كهلا اجمل منه، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا المحبب في قومه هارون بن عمران. قال ثم أصعدني الى السماء السادسة، فاذا فيها رجل آدم( اسود) طويل اقنى (مرتفع قصبة الانف) كأنه من رجال شنوءة، فقلت له: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا اخوك موسى بن عمران. ثم اصعدني الى السماء السابعة، فاذا فيها كهل جالس على كرسي الى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون الف ملك، لا يرجعون فيه الى يوم القيامة. لم أر رجلا اشبه بصاحبكم، ولا صاحبكم اشبه به منه قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال هذا ابوك ابراهيم) 5 — بشارة زيد بن حارثة (رضي الله عنه): قال: (ثم دخل بي الجنه، فرأيت فيها جارية لعساء (اللعساء من لها حمرة في شفتيها تضرب الى السواد) فسألتها: لمن أنت؟ وقد أعجبتني حين رأيتها، فقالت: لزيد بن حارثة، فبشر بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة) 6 — فرض الصلاة واهميتها: عن ابن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (ان جبريل لم يصعد به الى سماء من السماوات الا قالوا له حين يستأذن في دخولها: من هذا يا جبريل؟ فيقول: محمد، فيقولون: أو قد بعث اليه؟ فيقول: نعم، فيقولون: حياه الله من أخ وصاحب، حتى انتهى به الى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (فأقبلت راجعا، فلما مررت بموسى بن عمران، ونعم الصاحب كان لكم، سألني كم فرض عليك من الصلاة؟ فقلت خمسين صلاة كل يوم، فقال: ان الصلاة ثقيلة، وان امتك ضعيفة، فارجع الى ربك، فاسأله ان يخفف عنك وعن امتك. فرجعت فسألت ربي ان يخفف عني وعن امتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك، فرجعت فسألت ربي ان يخفف عني وعن امتي، فوضع عني عشرا، ثم انصرفت فمررت على موسى، فقال لي مثل ذلك، فرجعت فسألت ربي فوضع عني عشرا، ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك، كلما رجعت اليه، قال: ارجع: فاسأل ربك، حتى انتهيت الى ان وضع ذلك عني، الا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت الى موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما انا بفاعل.. فمن أداهن منكم ايمانا بهن، واحتسابا لهن، كان له اجر خمسين صلاة) اما أهم الأحداث التى وقعت في رجب هذا الشهر الفضيل أحد الأشهر الحرم فى سنتنا الهجرية فهي كالتالي كما ورد في كتب السيرة النبوية ولخصت في تقويمنا الهجري القطري: — 1 — الهجرة الأولى إلى الحبشة: فحين اشتد البلاء بالمسلمين، أذن الله لهم بالهجرة إلى الحبشة.. وكان عثمان بن عفان أول من هاجر.. وكان أهل الهجرة الأولى عشرة رجال وأربع نسوة: عثمان بن عفان وزوجته رُقَيَّة بنت رسول الله — صلى الله عليه وسلم —، وأبو حُذَيْفة وامرأته، وأبو سلمة وامرأته، والزبير، ومصعب، وعبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن مَظْعُون، وعامر بن ربيعه وامرأته، وأبو سَبرة بن أبي رُهْم (ويقال حاطب بن عمرو)، وسُهَيل بن وهب، رضي الله عنهم جميعاً.. وكان مخرجهم في السنة الخامسة من المبعث.  — 2 — سرية عبدالله بن جحش الأسدي رضي الله عنه، إلى نخلة، على رأس 17 شهراً من الهجرة. وفي أحداث هذه السرية، نزل قول الله تعالى: (يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ..) (البقرة: 217).. وفيها كان أول خُمْسٍ وخُمِّس في الإسلام.. وأول غَنيمة.. وأول قتيل.. وأول أسير كان في الإسلام.. وفيها سُمِّيَ عبدالله بن جحش (أمير المؤمنين)، فهو أول من سُمي بذلك.  — 3 — غزوة تبوك، في غرة الشهر (9هـ).. وتُسمى غزوة العُسْرة.. فيها جاء أبوبكر بماله كله (أربعة آلاف درهم).. وجاء عمر بنصف ماله.. وجهز عثمان، رضي الله عنهم جميعاً، الجيش، فكان الأكثر نفقة، وفيه قال الرسول — صلى الله عليه وسلم — "ما ضرَّ عثمانَ ما عمل بعد اليوم" مرتين(أخرجه الترمذي).. وأتت النساءُ أيضاً بصَدَقَاتِهِنَّ.  — 4 — وجاء البَكَاءون يستحملون الرسول — صلى الله عليه وسلم —، وكانوا أهلَ حاجة، فقال: (لَآ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُم عَلَيْهِ)(التوبة:92).. وهم: أبوليلى المازِنِي، وسَلَمَة بن صَخْر الزُرْقي، وثَعْلبة بن غَنَمة السُّلَمي، وعُلْبة بن زيد الحارثي، والعِرْبَاضُ بن سارية السُّلَمي، وهَرَمي ابن عمرو الُمزني، وسالم بن عُمير.. وقد سار الرسول — صلى الله عليه وسلم — ومعه ثلاثون ألفاً، وعشرة آلاف فرس، واثنا عشر ألف بعير.  — 5 — وتَخَلَّف المنافقون.. كما تخلف نفر من المسلمين، منهم: كعب بن مالك، وهِلال بن أُمية، وأبو خَيْثمة، ومُرارة بن الرَّبِيع، غير أن أبا خَيْثمة أدرك الجيش بتبوك.. أما كعب بن مالك وهلال بن أمية فقد هجرهما الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون حتى تاب الله عليهما بعد أربعين يوما.  — 6 — الرسول — صلى الله عليه وسلم — ينعى النجاشي للمسلمين، ويُصلي عليه بمن معه، في اليوم الذي مات فيه، على بُعد ما بين الحجاز وأرض الحبشة، فكان ذلك عَلَماً من أعلام النُّبوة كبيراً (سنة 9هـ).  — 7 — فتح دمشق (14هـ — 635م) صُلحاً.. وكان أبو عبيدة وخالد، رضي الله عنهما، قد حاصرا المدينة منذ ربيع الآخر (14هـ).. وصالحَا أهلها على أنصاف كنائسهم، ومنازلهم، وعلى رؤوسهم، وألايُمْنَعُوا من أعيادهم.. وستعود منارة للاسلام بإذن الله بعد تطهيرها من النصيريين والكفرة الفجرة الملحدين.. وانتصار الاسلام والمسلمين المجاهدين الصابرين.  — 8 — معركة الزَّلاَّقَة: الزلاقة، اسم يطلق على واد فسيح، قرب مدينة بطليوس الأندلسية، التقى فيه المسلمون بقيادة "يوسف بن تاشفين"، قائد دولة المرابطين، و"المعتمد بن عباد" ملك أشبيلية، وبقية حكام الأندلس، في جيش يقدر بنحو ثمانية وأربعين ألفاً، بجيش من النصارى الصليبيين، يقدر بنحو ثمانين ألفاً بقيادة "ألفونسو السادس"، الذي يسانده حكام أسبانيا النصرانية والصليبيون، من فرنسا وغيرها من البلاد الأوروبية.. وفي فجر الجمعة (12 رجب 479هـ — 33\10\1086م) حاول "ألفونسو السادس" مفاجأة المسلمين غدراً، بعد مفاوضات مخادعة، إلا أن المسلمين تمكنوا من صد الهجوم، ومن ثم إِنزال الهزيمة بالصليبين، الذين وقعوا بين قتيل وأسير، ولاذ "ألفونسو" وحوالي خمسمائة من فرسانه بالفرار.. وقد مُنحت الأندلس بهذا الانتصار عمراً جديداً، بعد أن كادت تتهاوى تحت وقع ضربات "حركة الاسترداد" التي حرضت عليها الصليبية في أسبانيا وأوروبا.  — 9 — استرداد بيت المقدس، ودخول المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، القدس الشريف (يوم الجمعه 27 رحب 583هـ — 2\10\1187م)." - هذا المسجد الأقصى الذى شهد رحلة الإسراء والمعراج برسولنا الكريم وحافظ عليه المسلمون جيلا بعد جيل ودفع السلطان العثمانى الكريم عبد الحميد حياته وعرشه فى سبيل المحافظة عليه وعدم التفريط به وبقيت حامية القدس العسكرية العثمانية واقفة مرابطة على حراسته حتى مات آخر جندى منهم وللأسف جاء من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ونحن ننتظر جيل القرآن جيل متبعي محمد (صلى الله عليه وسلم) لاسترداد المسجد الأقصى وتحريره وإعادة الكرامة والعزة العربية والإسلامية لهذه الأمة المكلومة عسى ان يكو ن قريبا.. وقد بدأت بشائر جيل القرآن وجند محمد (صلى الله عليه وسلم) في الظهور والبروز في العالم وما ذلك على الله ببعيد.. اللهم انصر دينك وكتابك وجندك وافتح عليهم فتحا مبينا وانصرهم نصرا عزيزا — لا اله الا الله وحده صدق وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده لا شيء قبله ولا شيء بعده — وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

3578

| 13 يونيو 2012

معجزة الإسراء والمعراج والتكريم الإلهي لسيد الأنبياء والمرسلين "3 — 2"

  سنتقتصر في سرد المعجزة على بعض الروايات (التي إن جمعت وضحت لنا القصة كاملة) 1 — رواية ام هانئ بنت أبي طالب.. تقول: "ما أسري برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا وهو في بيتي: نائم عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا (أيقظنا) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما صلى الصبح وصلينا معه.. قال: (يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم صليت الغداة معكم الآن كما ترين)، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشف عن بطنه كأنه قبطية مطوية فقلت له: يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك! قال: (والله لأحدثنهموه)، قالت: فقلت لجارية لي حبشية: ويحك اتبعي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له، فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الى الناس اخبرهم، فعجبوا، وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط! قال: (آية ذلك اني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندَّ لهم بعير فدللتهم عليه، وأنا متوجه الى الشام، ثم أقبلت حتى اذا كان بضجنان (جبل يبعد عن مكة حوالي 40 كم) مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك ان عيرهم الآن يصوب (ينزل) من البيضاء (مكان قرب مكة) ثنية التنعيم، يقدمها جمل اورق، عليه غرارتان: احداهما سوداء، والاخرى برقاء...). قالت: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل (اي اول ما لقيهم الجمل) كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ولم يجدوا فيه ماء، وسألوا الاخرين وهم بمكة: فقالوا: صدق والله، لقد انفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير (اي شرد لنا بعير) فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه. 2 — رواية عبدالله بن مسعود.. يقول ابن مسعود (رضي الله عنه): "اتي الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالبراق — وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الانبياء قبله، فحمل عليها (تضع حافرها في منتهى طرفها)، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والارض، حتى انتهى الى بيت المقدس، فوجد فيه ابراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الانبياء قد جُمعوا له، فصلى بهم، ثم أتى بثلاثة آنية، اناء فيه لبن، واناء فيه خمر، واناء فيه ماء، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي: ان اخذ الماء غرق وغرقت امته، وان اخذ الخمر غوى وغوت امته، وان اخذ اللبن هدي وهديت امته. قال: "فأخذت اللبن فشربت منه" فقال لي جبريل عليه السلام: هديت وهديت امتك يا محمد. 3 — رواية الحسن بن ابي الحسن البصري: (وحرمت عليكم الخمر، ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة، فلما اصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر، فقال اكثر الناس: هذا والله الامر لبين (اي لعجيب) والله ان العير لتطرد شهرا من مكة الى الشام مدبرة وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع الى مكة، قال: فارتد كثير ممن اسلم، وذهب الناس الى أبي بكر، فقالوا له: هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم انه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة، فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، فقالوا: بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس، فقال أبو بكر: والله لئن قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فوالله انه ليخبرني ان الخبر ليأتيه من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم انك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: نعم، قال: يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته. يقول الحسن: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فرفع لي حتى نظرت اليه — فجعل رسول الله — صلى الله عليه وسلم — يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت أشهد انك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال: صدقت: اشهد انك رسول الله حتى انتهى، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر: وانت يا أبابكر الصديق، فيومئذ سماه الصديق.. السيرة النبوية لابن هشام جــ2 ص32 — 34. ⦁ وقد وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه ابراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) حين رآهم في تلك الليلة فقال (صلى الله عليه وسلم): (أما ابراهيم، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه، واما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى (الضرب: اي خفيف اللحم والجعد: المتكسر الشعر والأقنى: المرتفع الانف) كأنه من رجال شنوءة، واما عيسى بن مريم، فرجل احمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خيلان الوجه (والخيلان: الشامات السوداء)، كأنه خرج من ديماس (حمام) تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، وليس به أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي. ثانيا: — واقعة المعراج: وقد رويت عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) انه قال: (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، اتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط احسن منه: وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه اذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي الى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك — قال: يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين حدث بهذا الحديث: وما يعلم جنود ربك الا هو — فلما دُخل بي، قال: من هذا يا جبريل؟ قال: محمد قال: أوقد بعث؟ قال: نعم قال: فدعا لي بخير.. يتبع

1903

| 12 يونيو 2012

معجزة الإسراء والمعراج والتكريم الإلهي لسيد الأنبياء والمرسلين 1 — 3

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد... ونحن في شهر رجب.. من عام 1433من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها اشرف الصلاة واتم التسليم — تاريخنا الذي هجرناه — تمر علينا ذكرى عزيزة إنها ذكرى الإسراء والمعراج.. ذكرى يجب أن نذكرها ونتذكرها ونذكر بها أجيالنا التي نسيت تاريخها وعلى وشك نسيان هويتها وانتمائها خاصة أن تذكرنا لهذه المناسبة الجليلة ليس ترفا عقليا أو احتفالا مهرجانيا — يتشدق فيه المتشدقون ويصفق له المصفقون — إنما لنتذكر ونذكر بأن هذه المعجزة ترتبط ارتباطا وثيقا بأهم أركان الإسلام — ديننا العظيم — (الصلاة) العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء في هذه الليلة المباركة — وترتبط بأهم أركان الإيمان (الإيمان بالغيبيات) — وترتبط بأهم تكريم لنبي من الأنبياء سيدنا محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم — باطلاعه على بعض الغيبيات التي اختصها الله سبحانه لنفسه تكريما لنبينا وبيان فضله — إلى جانب الأمور الأخرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد — فقد ذهب جمع من الأمة أنها وقعت في السابع والعشرين منه غير أنه ليس بها عبادة خاصة بها — ولكن هذا لا يمنع من تذكر أهم الأحداث التي وقعت فيه لأنه تاريخنا وجهاد وعطاء سلفنا الصالح الواجب علينا السير على هداهم والاقتداء بهم فإن لم نكن مثلهم فلا أقل من أن نتشبه بهم فإن التشبه بالكرام كريم لاسيَّما وأنه قد نزلت سورة عظيمة باسم هذه المناسبة الكريمة انها سورة الإسراء التي نتعبد الله عز وجل بقراءتها وترتيلها والتفكر بوقائعها وأحداثها وغيبياتها. وهي من السور المكية — آياتها إحدى عشرة ومائة.. بدأت بقصة الإسراء.. بل معجزة الإسراء التي كانت مظهرا من مظاهر التكريم الإلهي.. لسيد البشر وخاتم النبيين، وآية باهرة تدل على قدرة الله عز وجل في تسيير شؤون الخلق والكون. • هذه السورة العظيمة اهتمت بشؤون العقيدة كأخواتها من السور المكية التي اعتنت بالعقيدة الصحيحة وتنقيتها من الشوائب التي علقت بها نتيجة الضلال البشري والفساد الفكري الذي انتشر في تلك الحقبة من الزمن، انها اهتمت بأصول العقيدة (الوحدانية، والرسالة، والبعث) وأكدت على تكريم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وإظهار شخصيته المؤيدة بالمعجزات الباهرة والحجج القاطعة والأدلة الدافعة على صدقه وأمانته. وقد ابتدأت بالتسبيح لله عز وجل وتنزيهه من كل سوء ونقص.. للتأكيد على ألوهيته سبحانه العلي القدير الذي انتقل بعبده ونبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) في جزء من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام (بعبده) أي كان الإسراء (لمحمد) صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد، على أرجح الروايات يقظة لا مناما ليلا لتقليل مدة الإسراء، وانه قطع به المسافات الشاسعة البعيدة في جزء من الليل وكانت مسيرة أربعين ليلة يقطعها الراكب على الإبل — وذلك أبلغ في القدرة والإعجاز — بالنسبة لذلك الزمن الذي لم تعرف فيه وسائل النقل الحديثة (كالطائرات) التي تقطع المسافات الشاسعة في بضعة ساعات — وقد يكون هذا إشارة إلى ما قد يصله الإنسان من العلم حتى يقطع هذه المسافات في أقل القليل من الزمن — وهذا من علم الله سبحانه الذي علمه لأبي البشر حين قال سبحانه (وعلم آدم الأسماء كلها).. ويدل ذلك على كمال القدرة الإلهية وبالغ الحكمة، ونهاية تنزهه تعالى عن صفات المخلوقين إلى المسجد الأقصى تلك البقعة الطاهرة ارض النبوات ومهد الرسالات (الذي باركنا حوله) أي أن المسجد الأقصى مبارك من الله عز وجل فقد بارك الله سبحانه فيه بأنواع من البركات الحسية والمعنوية، بالثمار والأنهار التي خص الله بها بلاد الشام، وبكونه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار (لنريه من آياتنا) أي لنرى محمدا (صلى الله عليه وسلم) آياتنا العجيبة العظيمة، ونطلعه على ملكوت السماوات والأرض فهو خاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات ولذا حاز من الرضا والتكريم الإلهي ما لم ينله أحد من الأنبياء قبله فقد رأى (صلوات الله وسلامه عليه) السماوات العلى والجنة والنار، وسدرة المنتهى، والملائكة والأنبياء وغير ذلك من العجائب والآيات التي تدل على قدرة الله تعالى (إنه هو السميع البصير) أي أن الله تعالى هو السميع لأقوال محمد (صلى الله عليه وسلم)، البصير بأفعاله، فلهذا خصه بهذه الكرامات والمعجزات احتفاءً وتكريما وتثبيتا لقلبه لما سيلقاه من إيذاء وصد وطغيان من قومه وغيرهم من الأمم لأنه مبعوث للعالمين جميعا إلى قيام الساعة. • وقد بدأت السورة بتمجيد الله سبحانه وتنزيهه وقدرته وتكريمه للمصطفى محمدا الذي أكرمه بالإسراء والمعراج بعد ما ناله من أذى من قومه.. ثم الحديث عن بني إسرائيل ومدى طغيانهم وإفسادهم في الأرض الذي فاق التصور وعقاب الله عز وجل لهم في كل مرة والعودة مرة أخرى إلى الحديث عن القرآن الكريم معجزة محمد (صلى الله عليه وسلم) الكريم على ربه وعظمة هذا القرآن في هداية البشر لأقوم الطرق وأوضح السبل ولما هو أعدل وأصوب مبشرا المؤمنين به بالأجر العظيم في جنات النعيم ومتوعدا الكافرين به بالعذاب الأليم . وللحديث بقية  

1988

| 11 يونيو 2012

عمرة هند والوداع الأخير

الحمدلله.. الذى لا يحمد على مكروه سواه.. والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله الرحمة المهداه وعلى آله وصحبه ومن اقتدى بهداه.. لك الحمد ربنا على ما أوليتنا من النعم.. ولك الحمد ربنا على ما قسمت لنا من المصاعب والمحن ولك الحمد ربنا على نعمة الإيمان بالقضاء والقدر نعم.. ان عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من أعظم النعم التى أنعم الله بها على المؤمن.. يتكل عليها الإنسان فيما يعتريه من مصاعب ونكبات فى حياته..فيجدها تنزل على قلبه بردا وسلاما ينهل من كأس الصبر ويرشف من مصابه إيمانا بربه وثقة بتقديره وعدله فيصبر طائعا صابرا حامدا شاكرا طامعا فيما عنده من خير وأجر مصدقا لقوله: (إنما يوفى الصابرون آجرهم بغير حساب) اللهم ارزقنا الصبر على فراق هند.. واجعل فراقها بردا وسلاما على قلوب والدتها وأخوتها وزوجها وأولادها وأهلها وأحبائها وأصدقائها وزملائها ومحبيها.. وكل من فاضت عيناه، وانفطر قلبه، واختلجت مشاعره وأحاسيسه، ولهج لسانه بذكرها والدعاء لها.. اللهم انهم شفعاؤك فى أرضك فاقبل شفاعتهم فيها. ولكن.. من هي.. هند؟.. التى رزقها الله كل ذلك الحب والثناء فى نفوس عباده، وكأن حديث الصادق المصدوق يتمثل فى هذا الموقف حين قال: (إذا أحب الله عبدا نادى أهل السماء، انى احب فلانا فأحبوه ثم ينادى أهل الأرض، أن الله وملائكته يحبون فلانا، فأحبوه فيحبه أهل الأرض) نحسبها كذلك.. ولا نزكى على الله أحدا.. ونعيد السؤال.. من هى هند؟.. انها تلك الطفلة التى أطلت على الدنيا فى سنة 1975 فأسمتها جدتها هندا، وكانت أحب أحفادها إليها.. انها بذرة هذه الارض الطيبة (قطر) ونبتتها التى تفتحت واينعت وازهرت وتغنت بحبها واجتهدت فى ان تقلع الأشواك التى نبتت لتحول دون رقيها وتقدمها وجاهدت فى تقزيم وصد كل من يحاول التسلق على أكتاف المخلصين من أبنائها، فساهمت بقلمها الرشيق فى الدفاع عن مكتسبات وطنها وأبنائه، والتفاخر بمآثره وعطائه، وأخلصت فى عملها حتى بكاها كل من تعامل معها من قريب أو بعيد رجل أو امرأة شاب أو شابه كانت اختا وبنتا وأما للجميع فلا عجب أن بكاها الجميع. تلك السيدة التى تشع عيناها بريقا وجسدها حيوية ونشاطا وعقلها دهاء وذكاء.. فقد جمعت حولها القلوب فى صغرها.. وفارقتهم وهم مجمعون على حبها واحترامها عند شبابها. انها هند.. التى فاجاءنا رقادها على السرير الابيض فى المستشفى وهى التى لم تشتك قط من مرض ولم يكن لها ملف صحى سوى بطاقة التطعيم فى صغرها، وملف ولاداتها بعد زواجها.. بل كانت دائمة الحيوية والنشاط عذبه الابتسامة الصافية.. وبعد بضعة أيام تغادرنا على السرير الأبيض بعدتها وأجهزتها الى بلد الضباب (لندن) فى سيارة الإسعاف مقيدة بالأجهزة الطبية يحيط بها الأطباء والممرضات والمسعفون لا تستطيع حراكا ولكن وجهها الشاحب ما زال مضيئا وابتسامتها الوادعة ما زالت صافية وان خفت صفاؤها قليلا حتى حملت إلى الطائرة فغابت عن ناظرى وكان ذلك الوداع الأخير والنظرة الأخيرة إلى هند بنت السادسة والثلاثين ربيعا.. وبعد بضعة أيام عادت إلينا جسدا بلا روح فقد فاضت روحها الطاهرة إلى ربها.. فلم ينفع معها دواء ولا دعاء.. ولا رجاء ولا بكاء.. فقد حان الأجل وأزفت ساعة الرحيل وصدق الله العظيم (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) للأسف.. رفعت الأقلام وجفت الصحف.. وسقطت ورقة حياتها وأصبحت ممن قال الله عز وجل فيهم (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتي) صدق الله العظيم. انها هند.. التى رفعت من أجلها الأكف العديدة، واغرورقت بالدموع العيون الحزينة،راجين متضرعين لله الواحد الأحد الفرد الصمد أن يشفيها ويعافيها ويعيد إليها نضارتها وحيويتها وابتسامتها فكم لهجت بالدعاء الألسن الكثيرة.. حتى فى الديار المقدسة فى المسجد الحرام.. بجوار البيت العتيق رفعت الأكف بالدعاء لها من محبيها بالشفاء لها وكأن تلك العمرة — عمرة هند — فقد كانت حاضرة فى قلوب الكثيرين ممن رزقهم الله زيارة بيته العتيق ولكن أمر الله نفذ، وقضاؤه وقدره قد سبق، والحمدلله رب العالمين على قضائه وقدره، فإن العين لتدمع، وان القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، إننا لله وإنا إليه راجعون، وإنا لفراقك ياهند لمحزونون، فلنصبر ولنحتسب الأجر من الله ولتصبرى يا أخيتى فقد عهدناك دائما صابرة محتسبة رزقك الله عز وجل أجر الصابرين الحامدين الشاكرين وحسبنا الله ونعم الوكيل. اللهم اغفرلها وارحمها، وعافها واعف عنها، ووسع مدخلها، وأكرم نزلها، واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها وأهلا خيرا من أهلها.. اللهم يمن كتابها ويسر حسابها، واجعلها فى جناتك جنات النعيم.. مع الأبرار والمتقين وحسن اولئك رفيقا. اللهم اجعلها ممن قلت فيهم (وجوه يومئذ ناعمة، لسعيها راضية، فى جنة عالية، لا تسمع فيها لاغية، فيها سرر مرفوعة، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابى مبثوثة) اللهم اجعلها ممن يفاخر باستلام كتابه بيمينه (وأما من أوتى كتابه بيمينه، فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه أنى ظننت أنى ملاق حسابيه). اللهم اجعلها ممن خاطبتهم فى كتابك العزيز (يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه، فأما من أوتى كتابه بيمينه، فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقلب إلى أهله مسرورا)... اللهم آمين.. وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

599

| 27 سبتمبر 2011

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7884

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6579

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3444

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2796

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2472

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1842

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1536

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1197

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1167

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1062

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

747

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

735

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية