رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مدرسة رقية الإعدادية والدرس المميز في الانتماء الأسري

الحمدلله رب العالمين.. الذي علم بالقلم..علم الإنسان مالم يعلم.. وأنزل على رسوله الكريم (ن والقلم وما يسطرون).. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.. سيدنا محمد بن عبدالله.. معلم الناس الخير.. وعلى آله وزوجاته وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..وبعد..▪ تنتسب مدرسة رقية الإعدادية إلى صاحبة هذا الاسم الكريم رقية، فمن هي رقية؟ إنها رقية بنت محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمية القرشية بنت رسول الله — عليه الصلاة والسلام — أمها السيدة خديجة بنت خويلد.. أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين.. انها ابنة أسرة كريمة سليلة حسيبة نسيبة في الجاهلية والإسلام وإلى يوم الدين.▪ رقية: ثانية أربع شموس ولدتهن السيدة خديجة لرسول الله — صلى الله عليه وسلم — خير الأزواج وخير الآباء وخير الرسل وخير البشرية إنها رقية الجميلة المدللة كما وصفها الواصفون (بارعة الجمال، والحسن والدلال ).. ذات الهجرتين.. كان يقال عنها وعن زوجها الصحابى الجليل، ثالث الخلفاء الراشدين (ذي النورين) عثمان بن عفان — رضي الله عنه — أحسن زوجين رآهما إنسان.▪ كانت رقية وعثمان — رضي الله عنهما — أول أسرة مسلمة هاجرت في سبيل دينها — بعد ابراهيم ولوط — عليهما السلام — الذين هاجروا بأهليهما فراراً بدينهما.▪ كانت خير زوجة، هاجرت مع زوجها عثمان بن عفان (رضى الله عنهما) إلى الحبشة مع أول فوج مسلم مهاجر من أذى قريش، يقول عليه الصلاة والسلام عن هجرتهما: ‹‹والذي نفسي بيده إنه لأول من هاجر بعد ابراهيم ولوط — صلى الله عليه وسلم›› وعند وداعهما قال: "صحبهما الله، إن عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط".▪ وعن قصة زواجهما الطريفة.. يقول عثمان بن عفان (ذي النورين) في بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ‹‹كنت بفناء الكعبة، إذ أتينا فقيل لنا: ان محمداً قد أنكح عتبة بن أبي لهب رقية ابنته، وكانت ذات جمال بارع، فلما سمعت ذلك دخلتني حسرة ألا أكون سبقت إليها، فلم ألبث أن انصرفت إلى منزلي››.. ثم لم ألبث أن تزوجت رقية ‹‹وكان ذلك بعد طلاقها من عتبة بعد نزول سورة (تبت يدا أبي لهب وتب) كرامة من الله لها ولأبيها.. فأكرمه الله عز وجل بزواجه منها وحقق له رغبة دفينة في نفسه وحلما بعيد المنال وقد كاد يفقد الأمل.▪ هذه.. رقية بنت محمد رسول الله — صلى الله عليه وسلم.. التي هاجرت مع زوجها إلى أرض الحبشة فراراً بدينها وتركت أعز أحبائها أباها وأمها وأخواتها في سبيل الله.. وعندما عادت.. لم تر أمها الغالية لوفاتها ولما تنعم بحبها وحنانها، فحزنت حزنا شديدا، ثم ما لبثت أن هاجرت إلى المدينة لحوقاً بأبيها في دار الهجرة، فكانت ذات الهجرتين.▪ ونحن اليوم حين نذكر رقية التي تميزت من بنات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بالهجرتين.. وسميت بذات الهجرتين — التي سميت المدرسة باسمها إنما أردنا أن نظهر تميز المدرسة بهذا الاسم الكريم وتميز إدارتها وهيئتها التدريسية وطالباتها اقتداء بهذه السيدة العظيمة.. والزوجة الكريمة.. والإبنة المطيعة.▪ كنا من بين المدعوات الفضليات لحضور درس من دروس التربية الاجتماعية للمستوى التاسع في المدرسة اللاتي حظين بدعوة كريمة من إدارة المدرسة لمعلمة من معلمات مادة الاجتماعيات خريجة من خريجات جامعة قطر الشامخة بخريجيها من البنين والبنات وقد تميزت باللباقة والفصاحة والأناقة والخلق القويم ما يفوق الوصف والتعبير.. وقد ظهر لنا من المشاهدة أنها بذلت من الجد والاجتهاد والجهد والتفاني ما يستحق الشكر والتقدير.. إنها المعلمة الفاضلة نادية رامس.. وقد استمر الدرس أربع ساعات متواصلات بفقراته وتقنياته المتنوعة من الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً لم يظهر على أحد من الحاضرات من المدعوات والأمهات والمدرسات والطالبات أي ملل أو فتور أو ضجر أو شرود.. بل كان هناك تفاعل عجيب بين الجميع والاستمتاع بالفقرات المتنوعة للدرس الذي تزامن مع احتفالات الوطن العزيز باليوم الوطني.. فكان الدرس عن الانتماء الأسري.. الذي نأمل ألا نفقده كما فقدنا كثيرا من المعاني الجميلة في حياتنا وأعمالنا ومدارسنا وعلاقاتنا الاجتماعية.. إننا بحاجة إلى التماسك والتعاضد والتعاون والتراحم والتكافل.. ولن يتأتى ذلك إلا بالأسر المتماسكة فهي نواة الوطن فبتكاتفها وتعاونها ا لصادق يتكاتف الوطن ويتعاون أفراده رجالاً ونساء وشباباً وشيبانا فتياتٍ وفتياناً على النهوض به، وبتعاضدها وعطائها تقوى لحمة الوطن، ويسعد أبناؤه، وينجو المجتمع من فتنة التفكك والتشرد وضياع الهوية.وختاما لا يسعنا إلا أن نقول..انه يوم جميل.. استمتعنا بحضوره مع ثلة من المربيات الفاضلات.. والامهات القديرات تتقدمهن المربية الفاضلة والإدارية الناجحة مديرة المدرسة.. وأخواتها من الإداريات المتميزات، مع تمنياتنا القلبية بتعميم مثل هذه التجربة بين أرجاء مدارسنا.. ليتعرف الطالب على حقيقة انتمائه للمدرسة التي يحمل اسمها في مختلف مراحل حياته وحتى اعتاب الجامعة التي يختارها.. وحقيقة انتمائه لأسرته ووطنه وأمته.. فلمثله تسعى المجتمعات، وعلى أكتافه تبنى الأوطان.. فالتحية والتقدير لكل من غرس غرسا طيبا في أرجاء الوطن.. وتعهد بنموه وانتمائه.. بالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

2038

| 01 يناير 2014

حرب عالمية لإقتلاع الإسلام من جذور أوطانه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد الأمم المتحدة منظمة عالمية، تأسست عام 1945م، بعد فشل منظمة عصبة الأمم التي فشلت في مهامها بعد قيام الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء، والمضحك المبكي أن عضويتها مفتوحة أمام كل الدول المحبة للسلام واهم شروطها قبول ميثاقها وحكمها والالتزام به دون اعتراض، في حين أن مؤسسيها دول استعمارية استعمرت العالم ونهبت خيراته وثرواته وسخرت سكان العالم لخدمتها، بل وقضت على كل هوية وثقافة تميزت بها معظم تلك البلاد، فأصبحوا عبيدا لها، وتحكموا في معظم دول العالم ومقدراتها، أما قراراتها فإنها لا تسري إلا على الدول الضعيفة أما الدول الكبرى الاستعمارية فقد حصنت نفسها بالفيتو الكاذب حسب المصالح الخاصة بكل دولة والمستثناة من قرارت الامم المتحدة بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية والحيل الأممية والعنجهية العنصرية التي تتشدق بالقضاء عليها وهى كاذبة. وبالرغم من انتساب الدول الإسلامية لها والتزامها بدفع حصتها المالية خصوصا الدول العربية، فلم نجد مسلما واحدا تولى منصب أمين عام الأمم المتحدة، حتى العربى الوحيد كان من الديانة المسيحية، مما يدل على أن هذه المنظمة تضحك على الدول خاصة الدول الإسلامية وخاصة العربية التي استعمرتها زمنا طويلا وقطعتها دولا وقوميات بعد أن كانت أمة واحدة، وغيرت معالمها الجغرافية وهويتها ولغتها العربية وبرامجها الوطنية المنبثقة من تاريخها العريق وحضارتها الإسلامية. ولم تكتف بذلك بل تدخلت في شؤونها الداخلية وصدّرت لها من السياسات والبرامج الاجتماعية والسكانية والاقتصادية والقانونية والتعليمية، بل وفرضت عليها أنماطا من التعليم الذي لا يمس حاجة تلك المجتمعات الحقيقية بحجة التنوير والتطوير، حتى بات ابناء الأمة من خريجي هذا النمط من البرامج والتعليم ممن تولوا دفة القيادة في مجتمعاتهم وما يبثونه من افكار واطروحات ومبادرات وسياسات هى في الحقيقة ترجمة لما اكتسبوه من مثل هذه الخبرات التعليمية، كانوا أخطر على مجتمعاتهم وقيمها ومبادئها وهويتها ولغتها من المستعمرين، لثقة الأمة بهم واطمئنانها إلى علمهم، فكانوا كما وصفهم الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كالذئاب في صورة الحملان. ولا أدل على ذلك مما يحدث للأمة على يد بعض أبنائها المتنورين والمتقدمين من التدمير والتنكيل والتقتيل والتشريد وقطع أوصال الوطن الواحد والتفريق بين أبنائه، بإثارة الفتن والنعرات الدينية والطائفية والقبلية والقومية والحزبية في البلاد العربية والإسلامية، وهيئة الأمم تتشدق بإيجاد الحلول لوقف نزيف الانتحار في هذه البقعة الحيوية من العالم، وزعماؤها الكذبة يتسابقون في تحقيق مصالحهم الخاصة بهم وبشعوبهم بالإجهاز على كل من حلم بالحرية وصدق ان هذه المؤسسة الكاذبة سوف تحقق لهم الحرية والمساواة والإخاء كما جاء بذلك ميثاقهم الكاذب. إن هذه الأحداث العظيمة المؤلمة القاسية التي لا يتصورها عقل ولا دين ولا خلق ولا منطق إنسانى وغيرها من الأحداث الجسام، التي تعرضت له هذه الامة منذ سقوط الخلافة الاسلامية سنة 1917م وتوزيع حصص القصعة على أكلتها من المستعمرين وتغلغلهم في شرايين الأمة واستعبادهم لشرذمة من أبنائها من ذوي الاهواء والملل، والتي قد كشفت مدى حقد وبغض وحسد اليهود والنصارى والملحدين والوثنيين والمجوس من الكفار على هذه الأمة، واليوم تصدق الأحداث هذه الحقيقة التي لا يريد أن يصدقها الجهلاء واهل الغفلة والاهواء والشهوات من أبناء هذه الأمة المكلومة بأبنائها، من أذناب اليهود والنصارى الذين غدوا كلابا مسعورة تنهش في عرض الامة وكرامتها وعزها وكبريائها، حين سقطت ورقة التوت عنهم وانكشفت سوءاتهم القبيحة التي طالما حاولوا سترها بدعاوى التنوير والتقدم والقومية الكاذبة، فظهروا بحقيقتهم الآسنة أمام بقية باقية من الملأ الحر الإنسانى والضمير العالمى المرهق بالمناورات الدولية الكاذبة. إن القلب ليحزن على انطلاق وحشية الإنسان دون قيد من عقل أو دين أو خلق، وإن القلم ليعجز عن تدوين هذه المجازر البشرية وان العقل ليشت من هول ما يرى ويسمع من الفظائع الاجرامية في حق الأبرياء من البشر، خاصة المسلمين من اهل السنة والجماعة وممن قالوا رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وزوجاته وأصحابه صلاة وتسليما) نبيا ورسولا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وصدق الله سبحانه في قوله (ليس لها من دون الله كاشفة) رددوا معي (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون). إنها حرب عالمية لاقتلاع الإسلام قلعا من نفوس أتباعه، إنها حرب عالمية لاقتلاع الإسلام من جذور أوطانه، إنها حرب عالمية لاقتلاع الإسلام من هواء وتراب بلدانه. إنها حرب عالمية على أهل السنة والجماعة من المسلمين السائرين على نهج سيد المرسلين محمد بن عبدالله (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) والصالحين من أهل الكتاب أصحاب الضمائر الحية والأخلاق الكريمة. إنها حرب عالمية على كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (القرآن الكريم) دستور الأمة والسنة النبوية الشريفة شارحة هذا الدستور الكريم. إنها حرب عالمية ضد الأخلاق الإنسانية والفضيلة البشرية والقيم والمبادئ الصحيحة التي يرتضيها العقل السليم والفطرة السوية. إنها حرب عالمية ضد مبادئ المساواة والإخاء والحرية والعدالة التى تتشدق بها مواثيق حقوق الإنسان واتفاقيات العنف ضد النساء والأطفال والشيوخ الزائفة. إنها حرب عالمية ضد الشورى والإصلاح والديموقراطية العادلة. إنها حرب عالمية ضد العقل الرشيد والضمير الحي والإنسانية الصادقة. إنها يا سادة يا كرام، حرب عالمية بين الحق والباطل بين الإيمان والكفر بين الإسلام دين نبيكم وحبيبكم محمد (صلى الله عليه وسلم) سيد المرسلين وخاتم النبيين، وبين الصهيونية النصرانية والصهيونية اليهودية الكافرة والوثنية الكافرة والمجوسية الحاقدة والشيوعية الملحدة إنهم (حزب الشيطان) وصدق الله العظيم "ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون". إنها قضية وجود كريم على أرض الله لاستحقاق الخلافة على أرضه سبحانه (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده) ولا بأس أن نستلهم قول الفيلسوف والأديب البريطاني شكسبير (أكون اولا أكون ذلك هو السؤال) وكما قال الشاعر الجاهلي (لنا الصدر دون العالمين أو القبر) فكيف نحب أن نكون؟ وكيف يريد الله ربنا عز وجل لنا أن نكون؟ بل كيف نجعل سيدنا محمدا (عليه الصلاة والسلام) يفتخر بنا في الدنيا قبل الآخرة؟ وهو القائل: "وددت لو رأيت إخواني" فكيف تحبون أن يراكم رسولكم وحبيبكم في موعده معكم؟ بعد أن انكشفت السرائر وسقطت الأقنعة وبرزت الأنياب وسلت السيوف وطعنت الخناجر الخواصر وتكالبت عليكم الأمم، فماذا أنتم فاعلون يا أمة محمد (صلى الله عليه وسلم )؟ فماذا أنتم فاعلون؟ ذلك هو التحدي، قد يكون لنا لقاء قادم لنتدارس كيف يكون قبول التحدي والله المستعان.

764

| 04 أكتوبر 2013

ويمنعون الماعون

أحببت أن أختتم هذه الوقفات مع سور القرآن الكريم مع سورة الماعون حيث القيم الاجتماعية التي حرص على تعزيزها الاسلام . ﴿ أَرَءَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾. وفي تفسير العلامة ابن عثيمين اشارات احب ان نتوقف معها ، فيقول الله تبارك وتعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين} {أرأيت} الخطاب هل هو للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه الذي أنزل عليه القرآن؟ أو هو عام لكل من يتوجه إليه الخطاب؟ العموم أولى فنقول: {أرأيت الذي} عام لكل من يتوجه إليه الخطاب، {أرأيت الذي يكذب بالدين} أي بالجزاء، وهؤلاء هم الذين ينكرون البعث ويقولون: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة: 47]. ويقول القائل منهم: {من يحيي العظام وهي رميم} [يس: 78]. هؤلاء يكذبون بيوم الدين أي: بالجزاء. {فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين} فجمع بين أمرين:   الأمر الأول: عدم الرحمة بالأيتام الذين هم محل الرحمة؛ لأن الأيتام هم الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا، وهم محل الشفقة والرحمة؛ لأنهم فاقدون لآبائهم فقلوبهم منكسرة يحتاجون إلى جابر. ولهذا وردت النصوص بفضل الإحسان إلى الأيتام. لكن هذا ـ والعياذ بالله ـ {يدع اليتيم} أي: يدفعه بعنف، لأن الدع هو الدفع بعنف كما قال الله تعالى: {يوم يدعون إلى نار جهنم دعًّا} [الطور: 13]. أي: دفعاً شديداً، فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه بشدة فلا يرحمه.   الأمر الثاني: لا يحثون على رحمة الغير {ولا يحض على طعام المسكين} فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة. إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.   ثم قال عز وجل: {فويل للمصلين} ويل: هذه كلمة وعيد وهي تتكرر في القرآن كثيراً، والمعنى الوعيد الشديد على هؤلاء، {الذين هم عن صلاتهم ساهون} هؤلاء مصلون يصلون مع الناس أو أفراداً لكنهم {عن صلاتهم ساهون} أي: غافلون عنها، لا يقيمونها على ما ينبغي، يؤخرونها عن الوقت الفاضل، لا يقيمون ركوعها، ولا سجودها، ولا قيامها، ولا قعودها، لا يقرأون ما يجب فيها من قراءة سواء كانت قرآناً أو ذكراً، إذا دخل في صلاته هو غافل، قلبه يتجول يميناً وشمالاً، فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذموم، الذي يسهو عن الصلاة ويغفل عنها ويتهاون بها لا شك أنه مذموم. أما الساهي في صلاته فهذا لا يُلام، والفرق بينهما أن الساهي في الصلاة معناه أنه نسي شيئاً، نسي عدد الركعات، نسي شيئًا من الواجبات وما أشبه ذلك. ولهذا وقع السهو من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أشد الناس إقبالاً على صلاته بل إنه قال عليه الصلاة والسلام: «جعلت قرة عيني في الصلاة»(222)، ومع ذلك سهى في صلاته لأن السهو في الشيء معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه. أما الساهي عن صلاته فهو متعمد للتهاون في صلاته، ومن السهو عن الصلاة أولئك القوم الذين يدعون للصلاة مع الجماعة، فإنهم لا شك عن صلاتهم ساهون فيدخلون في هذا الوعيد. {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يرآءون} أيضاً إذا فعلوا الطاعة فإنما يقصدون بها التزلف إلى الناس، وأن يكون لهم قيمة في المجتمع، ليس قصدهم التقرب إلى الله عز وجل، فهذا المرائي يتصدق من أجل أن يقول الناس ما أكرمه، هذا المصلي يحسن صلاته من أجل أن يقول الناس ما أحسن صلاته وما أشبه ذلك. هؤلاء يراءون، فأصل العبادة لله، لكن يريدون مع ذلك أن يحمدهم الناس عليها، ويتقربون إلى الناس بتقربهم إلى الله، هؤلاء هم المراءون. أما من يصلي لأجل الناس بمعنى أنه يصلي بين يدي الملك مثلاً أو غيره يخضع له ركوعاً، أو سجوداً فهذا مشرك كافر قد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. لكن هذا يصلي لله مع مراعاة أن يحمده الناس على عبادته، على أنه عابد لله عز وجل. وهذا يقع كثيراً في المنافقين. كما قال الله تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} [النساء: 142]. انظر إلى هذا الوصف إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، إذاً هم عن صلاتهم ساهون. يراءون الناس. وهنا يقول الله عز وجل: {الذين هم يراؤن} فهل الذين يسمّعون مثلهم؟ يعني إنسان يقرأ قرآنًا ويجهر بالقراءة ويحسن القراءة، ويحسن الأداء والصوت من أجل أن يقال ما أقرأه. هل يكون مثل الذي يرائي؟ الجواب: نعم كما جاء في الحديث، «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به»(223)، المعنى من سمّع فضحه الله وبين للناس أن الرجل ليس مخلصاً، ولكنه يريد أن يسمعه الناس: فيمدحوه على عبادته، ومن راءى كذلك راءى الله به، فالإنسان الذي يرائي الناس، أو يسمّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبين أمره إن عاجلاً أم آجلاً. {ويمنعون الماعون} أي: يمنعون ما يجب بذله من المواعين وهي الأواني، يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية. يقول: أنا محتاج إلى دلو، أو محتاج إلى إناء أشرب به، أو محتاج إلى مصباح كهرباء وما أشبه ذلك، فيمنع. فهذا أيضاً مذموم. ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: قسم يأثم به الإنسان. القسم الثاني: قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير. فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني ماءً أشربه، فإن لم أشرب مت، فبذل الإناء له واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول: لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه. فيجب على المرء أن ينظر في نفسه هل هو ممن اتصف بهذه الصفات أو لا؟ إن كان ممن اتصف بهذه الصفات قد أضاع الصلاة وسها عنها، ومنع الخير عن الغير فليتب وليرجع إلى الله، وإلا فليبشر بالويل ـ والعياذ بالله ـ وإن كان قد تنزه عن ذلك فليبشر بالخير، والقرآن الكريم ليس المقصود منه أن يتلوه الإنسان، ليتعبد لله تعالى بتلاوته فقط، المقصود أن يتأدب به ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان خلقه القرآن».(224) خُلقه يعني أخلاقه التي يتخلق بها يأخذها من القرآن. وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة. إنه على كل شيء قدير.

32448

| 08 أغسطس 2013

قل هو الله أحد ثلث القرآن

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}. ذكر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في سبب نزول هذه السورة ماروي أن المشركين أو اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلّم: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة. {قل} الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وللأمة أيضاً و{هو الله أحد} {هو} ضمير الشأن عند المعربين. ولفظ الجلالة {الله} هو خبر المبتدأ و{أحد} خبر ثان. {الله الصمد} جملة مستقلة. {الله أحد} أي هو الله الذي تتحدثون عنه وتسألون عنه {أحد} أي: متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة عز وجل. {الله الصمد} جملة مستقلة، بين الله تعالى أنه {الصمد} أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. فقد روي عن ابن عباس أن الصمد هو الكامل في علمه، الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته، إلى آخر ما ذكر في الأثر. وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل، وورد أيضاً في تفسيرها أن الصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه، وعلى هذا فيكون المعنى الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. {لم يلد} لأنه جل وعلا لا مثيل له، والولد مشتق من والده وجزء منه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة: «إنها بضْعَةٌ مني»، والله جل وعلا لا مثيل له، ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل. والله عز وجل مستغنٍ عن ذلك. فلهذا لم يلد لأنه لا مثيل له؛ ولأنه مستغنٍ عن كل أحد عز وجل. وقد أشار الله عز وجل إلى امتناع ولادته أيضاً في قوله تعالى: {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} [الأنعام: 101]. فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده، وكذلك هو خالق كل شيء، فإذا كان خالق كل شيء فكل شيء منفصل عنه بائن منه. وفي قوله: {لم يلد} رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى، لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وقالوا: إن الملائكة بنات الله. واليهود قالوا: عزير ابن الله. والنصارى قالوا: المسيح ابن الله. فكذبهم الله بقوله: {لم يلد ولم يولد} لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟! {ولم يكن له كفواً أحد} أي لم يكن له أحد مساوياً في جميع صفاته، فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً ، أو له مثيل، وهذه السورة لها فضل عظيم . قال النبي صلى الله عليه وسلّم : « إنها تعدل ثلث القرآن»، لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، فهي تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن. بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزئ عنه، ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزئ عنه. فها هو النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل»، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء. هذه السورة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف وكذلك يقرأ بها في الوتر، لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.

1677

| 07 أغسطس 2013

وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم

بسم الله الرحمن الرحيم نصل اليوم إلى خواتيم سورة الحجرات ونتوقف مع قوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (14) (قالت الأعراب آمنا) نزلت في نفر من بني أسد قدموا المدينة في سنة جدب فأظهروا الشهادتين وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان يريدون الصدقة ويمنون عليه الصلاة والسلام ما فعلوا (قل) ردا لهم (لم تؤمنوا) إذ الإيمان هو التصديق المقارن للثقة وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك وإلا لما مننتم على ما ذكرتم كما ينبئ عنه آخر السورة (ولكن قولوا أسلمنا) فإن الإسلام انقياد ودخول في السلم وإظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به وإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال إلا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا أولم تؤمنوا ولكن أسلمتم للاحتراز من النهي عن التلفظ بالإيمان وللتفادي عن إخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) حال من ضمير قولوا أي ولكن قولوا أسلمنا حال عدم مواطأة قلوبكم لألسنتكم وما في لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد (وإن تطيعوا الله ورسوله) بالإخلاص وترك النفاق (لا يلتكم من أعمالكم) لا ينقصكم (شيئا) من أجورها من لات يليت ليتا إذا نقص أو شيئا من النقص (إن الله غفور) لما فرط من المطيعين (رحيم) بالتفضل عليهم. • قوله تعالى (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) (15) (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) لم يشكو من ارتاب مطاوع رابه إذا أوقعه في الشك مع التهمة وفيه إشارة إلى أن فيهم ما يوجب نفي الإيمان عنهم وثم للإشعار بأن اشتراط عدم الارتياب في اعتبار الإيمان ليس في حال إنشائه فقط بل وفيما يستقبل فهي كما في قوله تعالى ثم استقاموا (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) في طاعته على تكثر فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليها معا كالحج والجهاد (أولئك) الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة (هم الصادقون) أي الذين صدقوا في دعوى الإيمان لا غيرهم - روى أنه لما نزلت الآية جاءوا وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم • قوله تعالى (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم)(16) (قل أتعلمون الله بدينكم) أي أتخبرونه بذلك بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم (والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) حال مؤكدة لتشنيعهم وقوله تعالى (والله بكل شيء عليم) تذييل مقرر لما قبله أي مبالغ في العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ما أخفوه من الكفر عند إظهارهم الإيمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم. • قوله تعالى (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين)(17) (يمنون عليك أن أسلموا) أي يعدون إسلامهم منة عليك وهي النعمة التي لا يطلب موليها ثوابا بمن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لأن المقصود بها قطع حاجته وقيل النعمة الثقيلة من المن (قل لا تمنوا علي إسلامكم) أي لا تعدوا إسلامكم منة علي أو لا تمنوا علي بإسلامكم فنصب بنزع الخافض (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) على ما زعمتم مع أن الهداية لا تستلزم الاهتداء وقرئ أن هداكم وإذ هداكم (إن كنتم صادقين) في ادعاء الإيمان وجوابه بحذوف يدل عليه ما قبله أي فلله المنة عليكم وفي سياق النظم الكريم من اللطف ما لا يخفي فإنهم لما سموا ما صدر عنهم إيمانا ومنوا به فنفى كونه إيمانا وسمي إسلاما قيل يمنون عليك بما هو في الحقيقة إسلام وليس بجدير بالمن بل لو صح ادعائهم للإيمان فلله المنة عليهم بالهداية إليه لا هم. • قوله تعالى (إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون) (18) (إن الله يعلم غيب السماوات والأرض) أي ما غاب فيهما (والله بصير بما تعملون) في سركم وعلانيتكم فكيف يخفي عليه ما في ضمائركم وقرئ بالياء (عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الحجرات أعطي من الأجر بعدد من أطاع الله وعصاه.) والحمد لله رب العالمين

1289

| 06 أغسطس 2013

إن بعض الظن إثم

مازلنا في رحاب سورة الحجرات ونصل إلى قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) (12) (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) أي كونوا على جانب منه وإبهام الكثير لإيجاب الاحتياط والتأمل في كل ظن حتى يعلم أنه من أي قبيل فإن من الظن ما يجب اتباعه كالظن فيما لا قاطع فيه من العمليات وحسن الظن بالله تعالى ومنه ما يحرم كالظن في الإلهيات والنبوات وحيث يخالفه قاطع وظن السوء بالمؤمنين. ومنه ما يباح كالظن في الأمور المعاشية (إن بعض الظن إثم) تعليل للأمر بالاجتناب أو لموجبه بطريق الاستئناف التحقيقي والإثم الذنب الذي يستحق العقوبة عليه وهمزته منقلبة من الواو كأنه يثم الأعمال أي يكسرها (ولا تجسسوا) أي ولا تبحثوا عن عورات المسلمين تفعل من الجس لما فيه من معنى الطلب كما أن التلمس بمعنى التطلب في قوله تعالى (وأنا لمسنا السماء) وقريء بالحاء من الحس الذي هو أثر الجس وغايته ولتقاربهما. يقال للمشاعر الحواس بالحاء والجيم. وفي الحديث (لا تتبعوا عورات المسلمين فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته). (ولا يغتب بعضكم بعضا) أي لا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في غيبته. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة (فقال أن تذكر أخاك بما يكره فإن كان فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فقد بهته) وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) " الغيبة إدام كلاب الناس " (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) تمثيل وتصوير لما يصدر عن المغتاب من حيث صدوره عنه ومن حيث تعلقه بصاحبه في أفحش وجه وأشنعه طبعا وعقلا وشرعا مع مبالغات من فنون شتى الاستفهام التقريري وإسناد الفعل إلى أحد إيذانا بأن أحدا من الأحدين لا يفعل ذلك وتعليق المحبة بما هو في غاية الكراهة وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان وجعل المأكول أخا للآكل وميتا وإخراج تماثلها مخرج أمر بين غني عن الإخبار به وقريء ميتاً بالتشديد وانتصابه على الحالية من اللحم وقيل من الأخ والفاء في قوله تعالى (فكرهتموه) لترتيب ما بعدها على ما قبلها من التمثيل كأنه قيل وحيث كان الأمر كما ذكر فقد كرهتموه وقريء كرهتموه أي جبلتم على كراهته (واتقوا الله) بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما صدر عنكم من قبل (إن الله تواب رحيم) مبالغ في قبول التوبة وإفاضة الرحمة حيث يجعل التائب كمن لم يذنب ولا يخص ذلك بتائب دون تائب بل يعم الجميع وإن كثرت ذنوبهم (روي أن رجلين من الصحابة رضي الله عنهما بعثا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغي إداما وكان أسامة على طعامه عليه الصلاة والسلام فقال ما عندي شيء فأخبرهما سلمان فقالا لو بعثنا سليمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها فلما راحا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما فقالا ما تناولنا لحما فقال عليه الصلاة والسلام إنكما قد اغتبتما) فنزلت. • قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير) (13) (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) من آدم وحواء أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم فالكل سواء في ذلك فلا وجه للتفاخر بالنسب وقد جوز أن يكون تأكيدا للنهي السابق بتقرير الإخوة المانعة من الاغتياب (وجعلناكم شعوبا وقبائل) الشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة تجمع البطون والبطن يجمع الأفخاذ والفخذ يجمع الفصائل فخزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب (لتعارفوا) ليعرف بعضكم بعضا بحسب الأنساب فلا يعتزي أحد إلى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت والتفاضل في الأنساب وقريء لتتعارفوا على الأصل ولتعارفوا بالإدغام ولتعرفوا (إن أكرمكم عند الله اتقاكم) تعليل للنهي عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقي كأنه قيل إن الأكرم عنده تعالى هو الأتقى فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى. كأنه قيل لم لا تتفاخروا بالأنساب فقيل لأن أكرمكم عند الله اتقاكم لا أنسبكم فإن مدار كمال النفوس وتفاوت الأشخاص هو التقوى فمن رام نيل الدرجات العلا فعليه بالتقوى(قال عليه الصلاة والسلام من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله). (وقال عليه الصلاة والسلام يا أيها الناس إنما الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله تعالى وفاجر شقي هين على الله تعالى). وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) " كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى " (إن الله عليم) بكم وبأعمالكم. (خبير) ببواطن أحوالكم.

42514

| 05 أغسطس 2013

فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا

مازلنا في رحاب سورة الحجرات ونصل إلى قوله تعالى: (فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم) (8). (فضلا من الله ونعمة) أي وإنعاما تعليل لحبب أو كره وما بينهما اعتراض، أي جرى ذلك فضلا، وقيل يبتغون فضلا (والله عليم) مبالغ في العلم فيعلم أحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل (حكيم) يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة. قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا  إِنَّ الله يحب المقسطين) (9). (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) أي تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى (فأصلحوا بينهما) بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى (فإن بغت) أي تعدت (إحداهما على الأخرى) لم تتأثر بالنصيحة (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء)، أي ترجع (إلى أمر الله) إلى حكمه، أو إلى ما أمر به (فإن فاءت) إليه وأقلعت عن القتال حذارا من قتالكم (فأصلحوا بينهما بالعدل) بفصل ما بينهما على حكم الله تعالى ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى أن يكون بينهما قتال في وقت آخر وتقييد الإصلاح بالعدل لأنه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وقد أكد ذلك حيث قيل: (وأقسطوا) أي واعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون (إن الله يحب المقسطين) فيجازيهم أحسن الجزاء، والآية نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده (عليه الصلاة والسلام) بالعسف والنعال وفيها دلالة على أن الباغي لا يخرج بالبغي عن الإيمان وأنه إذا أمسك عن الحرب ترك لأنه فيء إلى أمر الله تعالى انه يجب معاونة من بغى عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة. قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) (10) (إنما المؤمنون إخوة) استئناف مقرر لما قبله من الأمر بالإصلاح، أي أنهم منتسبون إلى أصل واحد هو الإيمان الموجب للحياة الأبدية والفاء في قوله تعالى: (فأصلحوا بين أخويكم) للإيذان بأن الآخرة الدينية موجبة للإصلاح ووضع المظهر للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بالطريق الأولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه وقيل المراد بالأخوين الأوس والخزرج وقرئ بين إخوتكم وإخوانكم (واتقوا الله) في كل ما تأتون وما تذرون ومن الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح (لعلكم ترحمون) راجين أن ترحموا على تقواكم. • قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) (11). (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم) أي منكم (من قوم) آخرين أيضا منكم وقوله تعالى: (عسى أن يكونوا خيرا منهم) تعليل للنهي أو لموجبه، أي عسى أن يكون المسخور منهم خيرا عند الله من الساخرين والقوم مختص بالرجال لأنهم القوام على النساء وهو في الأصل إما جمع قائم كصوم وزور في جمع صائم وزائر أو مصدر نعت به فشاع في الجمع وإما تعميمه للفريقين في مثل قوم عاد وقوم فرعون فإما للتغليب أو لأنهن توابع واختيار الجمع لغلبة وقوع السخرية في المجمع والتنكير إما للتعميم أو للقصد إلى نهي بعضهم عن سخرية بعض لما أنها مما يجري بين بعض وبعض (ولا نساء) أي ولا تسخر نساء من المؤمنات (من نساء) منهن (عسى أن يكن) أي المسخور منهن (خيرا منهن) أي من الساخرات، فإن مناط الخيرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والأشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور أمر السخرية غالبا، بل إنما هو الأمور الكامنة في القلوب.

5480

| 04 أغسطس 2013

إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا

مازلنا مع سورة الحجرات ومع قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (6) ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) أي فتعرفوا وتفحصوا روى أنه - عليه الصلاة والسلام - بعث الوليد ابن عقبة أخا عثمان - رضي الله عنه -  لأمه مصدقا إلى بني المصطلق كان بينه أحنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسب أنهم مقاتلوه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فهم - عليه الصلاة السلام  - بقتالهم فنزلت وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين فسلموا إليه الصدقات فرجع وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر إشارة إلى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد وقرئ  - فتثبتوا -أي توقفوا إلى أن يتبين لكم الحال (أن تصيبوا) حذارا أن تصيبوا (قوما بجهالة) ملتبسين بجهالة حالهم (فتصبحوا) بعد ظهور براءتهم عما أسند إليهم ( على ما فعلتم) في حقهم ( نادمين) مغتمين غما لازما متمنين أنه لم يقع فإن تركيب هذه الأحرف الثلاثة يدور مع الدوام. • قوله تعالى (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) (7) ( واعلموا أن فيكم رسول الله) اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى ( لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) فإنه حال من أحد الضميرين في فيكم والمعنى أن فيكم رسول الله كائنا على حاله يجب عليكم تغييرها, وهي أنكم تريدون أن يتبع - عليه الصلاة والسلام - رأيكم في كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهد والهلاك وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -الإيقاع ببني المصطلق تصديقا لقول الوليد وأنه عليه الصلاة والسلام لم يطع رأيهم وأما صيغة المضارع فقد قيل إنها للدلالة على أن امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته - عليه الصلاة والسلام - لهم لأن عنتهم إنما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال أمر أو انقلاب الرئيس مرؤوسا لابد من إطاعته في بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة وقيل إنها للدلالة على أن امتناع عنتهم لاستمرار امتناع طاعته - عليه الصلاة والسلام - لهم في ذلك فإن المضارع المنفي قد يدل على استمرار النفي بحسب المقام كما في نظائر قوله تعالى ولا هم يحزنون والتحقيق أن الاستمرار الذي تفيده صيغة المضارع يعتبر تارة بالنسبة إلى ما يتعلق بالفعل من الأمور الزمانية المتجددة وذلك بأن يعتبر الاستمرار في نفس الفعل على الإبهام ثم يعتبر تعلق ما يتعلق به بيانا لما فيه من الاستمرار وأخرى بالنسبة إلى ما يتعلق به من نفس الزمان المتجدد وذلك إذا اعتبر تعلقه بما يتعلق به أولا ثم اعتبر استمراره فيتعين أن يكون ذلك بحسب الزمان فإن أريد باستمرار الطاعة استمرارها وتجددها بحسب تجدد مواقعها الكثيرة التي يفصح عنها قوله تعالى في كثير من الأمر فالحق هو الأول ضرورة أن مدار امتناع العنت هو امتناع ذلك الاستمرار سواء كان ذلك الامتناع بعدم وقوع الطاعة في أمر ما من تلك الأمور الكثيرة أصلا أو بعدم وقوعها في كلها مع وقوعها في بعض يسير منها حتى لو لم يمتنع ذلك الاستمرار بأحد الوجهين المذكورين بل وقعت الطاعة فيما ذكر من كثير من الأمر في وقت من الأوقات وقع العنت قطعا وإن أريد به استمرار الطاعة الواقعة في الكل وتجددها بحسب تجدد الزمان واستمراره فالحق هو الثاني فإن مناط امتناع العنت حينئذ ليس امتناع استمرار الطاعة المذكورة ضرورة أنه موجب لوقوع العنت بل هو الاستمرار الزماني لامتناع تلك الطاعة الواقعة في تلك الأمور الكثيرة بأحد الوجهين المذكورين حتى لو لم يستمر امتناعها بأن وقعت تلك الطاعة في وقت من الأوقات وقع العنت حتما واعلم أن الأحق بالاختيار والأولى بالاعتبار هو الوجه الأول لأنه أوفق بالقياس المقتضي لاعتبار الامتناع واردا على الاستمرار حسب ورود كلمة لو المفيدة للأول على صيغة المضارع المفيدة للثاني على أن اعتبار الاستمرار  أو لم يكن فيه مزيد مزية كما في مثل قوله تعالى " ولا هم يحزنون " حيث حمل على استمرار نفي الحزن عنهم إذ ليس في نفي استمرار الحزن مزيد فائدة أما وقوله تعالى ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان) إلخ تجريد للخطاب وتوجيه له إلى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبراءتهم عن أوصاف الأولين وإحمادا لأفعالهم أي ولكنه تعالى جعل الإيمان محبوبا لديكم (وزينه في قلوبكم) حتى رسخ حبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والأفعال ( وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) ولذلك اجتنبتم عما يليق بها مما لا خير فيه من آثارها وأحكامها ولما كان في التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وإيصالها إليهم استعملا بكلمة إلى وقيل هو استدراك بيان عذر الأولين كأنه قيل لم يكن ما صدر عنكم في حق بني المصطلق من خلل في عقيدتكم بل من فرط حبكم للإيمان وكراهتكم للكفر والفسوق والعصيان والأول هو الأظهر لقوله تعالى ( أولئك هم الراشدون) أي السالكون إلى الطريق السوي الموصل إلى الحق والالتفات إلى الغيبة كالذي في قوله تعالى وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون.

43915

| 03 أغسطس 2013

ولو أنهم صبروا

مازلنا مع سورة الحجرات ونتوقف مع قوله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم) (3) وقوله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) الخ، ترغيب في الانتهاء عما نهوا عنه بعد الترهيب عن الإخلال به أن يخفضوها مراعاة للأدب أو خشية من مخالفة النهي (أولئك) إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مرارا من تفخيم شأنه (الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) أي جربها للتقوى ومرنها عليها أو عرفها كائنة للتقوى خالصة لها فإن الامتحان سبب المعرفة واللام صلة لمحذوف أو للفعل باعتبار الأصل أو ضرب قلوبهم بضروب المحن والتكاليف الشاقة لأجل التقوى فإنها لا تظهر إلا بالاصطبار عليها أو أخلصها للتقوى من امتحن الذهب إذا أذابه وميز إبريزه من خبثه وعن عمر- رضي الله عنه- أذهب عنها الشهوات (لهم) في الآخرة (مغفرة) عظيمة لذنوبهم (وأجر عظيم) لا يقادر قدره والجملة لبيان جزائهم إحمادا لحالهم وتعريضا بسوء حال من ليس مثلهم. • قوله تعالى (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) (4) (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) أي من خارجها أو من خلفها أو قدامها ومن ابتدائية دالة على أن المناداة نشأت من جهة الوراء وأن المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة بخلاف مالو قيل ينادونك وراء الحجرات وقرئ الحجرات بفتح الجيم وبسكونها وثلاثتها جمع حجرة وهي القطعة من الأرض المحجورة بالحائط ولذلك يقال لحظيرة الإبل حجرة وهي فعلة من الحجر بمعنى مفعول كالغرفة والقبضة والمراد بها حجرات أمهات المؤمنين مناداتهم من ورائها إما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه- عليه الصلاة والسلام- من ورائها أو بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له- عليه الصلاة والسلام - فنادوه بعض من وراء هذه وبعض من وراء تلك فأسند فعل الأبعاض إلى الكل وقد جوز أن يكونوا قد نادوه من وراء الحجرة التي كان- عليه الصلاة والسلام- فيها ولكنها جمعت إجلالا له- عليه الصلاة والسلام- وقيل إن الذي ناداه عيينه بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس وفدا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سبعين رجلا من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا. وإنما أسند النداء إلى الكل لأنهم رضوا بذلك أو أمروا به أو لأنه وجد فيما بينهم. (أكثرهم لا يعقلون) إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب. • قوله تعالى (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم) (5) (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم) أي ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم فإن تفيد بنفسها التحقق والثبوت وحتى تفيد أن الصبر ينبغي أن يكون مغيا بخروجه- عليه الصلاة والسلام- فإنها مختصة بما هو غاية للشيء في نفسه. وفي إليهم إشعار بأنه لو خرج لا لأجلهم ينبغي أن يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام أو يتوجه إليهم (لكان) أي الصبر المذكور (خيرا لهم) من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب والإسعاف بالمسؤول. إذ روى أنهم وفدوا شافعين في أسارى بني العنبر فأطلق النصف وفادى النصف (والله غفور رحيم) بليغ المغفرة والرحمة وأسعهما فلن يضيق ساحتهما عن هؤلاء أن تابوا وأصلحوا.

3542

| 02 أغسطس 2013

لا تقدموا بين يدي الله ورسوله

نتوقف اليوم أمام سورة أخرى اخترت أن نتأمل معانيها ونطبقها على واقعنا المعاصر وهي سورة الحجرات. وهي سورة مدنية نزلت في المدينة المنورة وهي ثماني عشرة آية يقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) (1) (يا أيها الذين آمنوا) تصدير لخطاب بالنداء لتنبيه المخاطبين على أن ما في حيزه أمر خطير يستدعي مزيد اعتنائهم عليه ووازع عن الإخلال به (لا تقدموا) أي لا تفعلوا التقديم بحق المقام لإفادته النهي عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهاني. وقوله تعالى (بين يدي الله ورسوله) تهجينا لما نهوا عنه والمعنى لا تقطعوا أمرا قبل أن يحكما به وقيل المراد بين يدي رسول الله وذكر الله تعالى لتعظيمه والإيذان بجلالة محله عنده عز وجل، قيل نزل فيما جرى بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لدى النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد (واتقوا الله) في كل ما تأتون وما تذرون من الأقوال والأفعال التي في جملتها ما نحن فيه (إن الله سميع) لأقوالكم (عليم) بأفعالكم فمن حقه أن يتقي ويراقب. • قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (2) (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) شروع في النهي عن التجاوز في كيفية القول عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد النهي عن التجاوز في نفس القول والفعل وإعادة النداء مع قرب العهد به للمبالغة في الإيقاظ والتنبيه والإشعار باستقلال كل من الكلامين باستدعاء الاعتناء بشأنه أي لا تبلغوا بأصواتكم وراء حد يبلغه عليه الصلاة والسلام بصوته (ولا تجهروا له بالقول) إذا كلمتموه (كجهر بعضكم لبعض) أي جهرا كائنا كالجهر الجاري فيما بينكم بل اجعلوا صوتكم اخفض من صوته عليه الصلاة والسلام وتعهدوا في مخاطبته اللين القريب من الهمس كما هو الدأب عند مخاطبة المهيب المعظم وحافظوا على مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها، وقيل معنى لا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض لا تقولوا له يا محمد يا أحمد وخاطبوه بالنبوة قال ابن عباس رضي الله عنهما " لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر يا رسول الله والله لا أكلمك إلا السرار أو أخا السرار حتى ألقى الله تعالى " وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يكلمه عليه الصلاة والسلام كأخي السرار لا يسمعه حتى يستفهمه. وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم -الوفود -أرسل إليهم من يعلمهم كيف يسلمون ويأمرهم بالسكينة والوقار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى (أن تحبط أعمالهم) إما علة للنهي أي لا تجهروا خشية أن تحبط أو كراهة أن تحبط كما في قوله تعالى " يبين الله لكم أن تضلوا "أو للمنهي أي لا تجهروا لأجل الحبوط فإن الجهر حيث كان بصدد الأداء إلى الحبوط فكأنه فعل لأجله على طريقة التمثيل كقوله تعالى " ليكون لهم عدوا وحزنا " وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فإن ذلك كفر بل ما يتوهم أن يؤدي إليه مما يجري بينهم في أثناء المحاورة من الرفع والجهر حسبما يعرب عنه قوله تعالى " كجهر بعضكم لبعض " خلا أن رفع الصوت فوق صوته عليه الصلاة والسلام لما كان منكرا محضا لم يقيد بشيء ولا ما يقع منهما في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو أو نحو ذلك. وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر وكان جهوري الصوت وربما كان يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتأذى بصوته وعن أنس رضي الله عنه أنه لما نزلت الآية - فقد ثابت وتفقده عليه الصلاة والسلام - فأخبر بشأنه فدعاه فسأله فقال يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية وإني رجل جهير الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط فقال له - صلى الله عليه وسلم - (لست هناك أنك تعيش بخير وتموت بخير وأنك من أهل الجنة) وأما ما يروى عن الحسن من أنها نزلت في بعض المنافقين الذين كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوته عليه الصلاة والسلام فقد قيل محمله أن نهيهم مندرج تحت نهي المؤمنين بدلالة النص (وأنتم لا تشعرون) حال من فاعل تحبط أي والحال أنكم لا تشعرون بحبوطها وفيه مزيد تحذير مما نهوا عنه.

43480

| 01 أغسطس 2013

ولله خزائن السموات والأرض

نواصل وقفاتنا مع كتاب الله تعالى في سورة "المنافقون" ونتوقف مع قول الله تعالى: ( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون) (7) ( هم الذين يقولون) أي للأنصار (لا تنفقوا على من عند رسول الله) صلى الله عليه وسلم (حتى ينفضوا) يعنون فقراء المهاجرين استئناف مجرى التعليل لفسقهم أو لعدم مغفرته تعالى لهم وقرئ حتى ينفضوا من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم وحقيقته حان لهم أن ينفضوا ازاودهم وقوله تعالى (ولله خزائن السماوات والأرض) رد وأبطال لما زعموا من ان عدم إنفاقهم يؤدي إلى انفضاض الفقراء من حوله ( صلى الله عليه وسلم ) ببيان أن خزائن الأرزاق بيد الله تعالى خاصة يعطي من يشاء ويمنع من يشاء (ولكن المنافقين لا يفقهون) ذلك لجهلهم بالله تعالى وبشؤونه ولذلك يقولون من مقالات الكفر ما يقولون. • قوله تعالى ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) (8) ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) روى أن جهجاه بن سعيد أجير عمر رضي الله عنه نازع سنان الجهنى حليف ابن أبي واقتتلا فصرخ جهجاه بالمهاجرين وسنان يا للأنصار فأعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين ولطم سنانا فاشتكى إلى ابن أبي فقال للأنصار لا تنفقوا الخ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل عنى بالأعز نفسه وبالأذل جانب المؤمنين وإسناد القول المذكور إلى المنافقين لرضاهم به فرد عليهم ذلك بقوله تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) أي ولله الغلبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم (ولكن المنافقين لا يعلمون) من فرط جهلهم وغرورهم فيهذون ما يهذون. روي أن عبدالله بن أبي لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبدالله بن عبدالله بن أبي وكان مخلصا وقال لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربن عنقك فلما رأى منه الجد قال أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لابنه جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا. • قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) (9) ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم آموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) أي لا يشغلكم الاهتمام بتدبير أمورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره عز وجل من الصلاة وسائر العبادات المذكورة للمعبود والمراد نهيهم عن التلهي بها وتوجيه النهي إليها للمبالغة كما في قوله تعالى ولا يجرمنكم شنئان قوم الخ (ومن يفعل ذلك) أي التلهي بالدنيا من الدين (فأولئك هم الخاسرون) أي الكاملين في الخسران حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني. • قوله تعالى ( وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين) (10) ( وأنفقوا مما رزقناكم ) أي بعض ما أعطيناكم تفضلا من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخارا للآخرة (من قبل أن يأتي أحدكم الموت) بأن يشاهد دلائله ويعاين أماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل لما مر مرارا من الاهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر (فيقول) عند تيقنه بحلوله (رب لولا أخرتني) أي أمهلتني (إلى أجل قريب) أي أمد قصير (فأصدّق) بالنصب على جواب التمني وقرئ فأتصدق (وأكن من الصالحين) بالجزم عطفا على لفظه وقرئ وأكون بالرفع أي وأنا أكون عدة منه بالصلاح. قوله تعالى ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) (11) (ولن يؤخر الله نفسا) أي ولن يمهلها (إذا جاء أجلها) أي اخر عمرها وانتهى ان أريد بالأجل الزمان الممتد من أول العمر إلى آخره (والله خبير بما تعملون) فمجاز لكم عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر فسارعوا في الخيرات واستعدوا لما هو آت, عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) "من قرأ سورة المنافقين برئ من النفاق" .. ونختم بالدعاء الجامع المانع { اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق}.  

6218

| 31 يوليو 2013

وإن يقولوا تسمع لقولهم

نواصل حديثنا حول سورة "المنافقون" ونصل إلى قوله تعالى: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)(4) (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم (وإن يقولوا تسمع لقولهم) لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم. وكان ابن أبي جسيما فصيحا يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أمثاله وهم رؤساء المدينة وكان (عليه الصلاة والسلام) ومن معه يعجبون بهم كلهم ويسمعون إلى كلامهم وقيل الخطاب لكل أحد ممن يصلح للخطاب. وقوله تعالى (كأنهم خشب مسندة) وقد شبهوا في جلوسهم في مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستندين فيها بخشب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحا خالية عن العلم والخير وقرئ "خشب" على أنه جمع خشبة كبدن جمع بدنة وقيل هو جمع خشباء وهي الخشبة التي دعر جوفها، أي فسد، شبهوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم وقرئ "خشب" كمدرة ومدر (يحسبون كل صيحة عليهم) أي واقعة عليهم ضارة لهم لجبنهم واستقرار الرعب في قلوبهم وقيل كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم (هم العدو)، أي هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادي العدو المكاشر الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي. والفاء في قوله تعالى (فاحذرهم) لترتيب الأمر بالحذر على كونهم أعدى الأعداء (قاتلهم الله) دعاء عليهم وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم ويخزيهم أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك وقوله تعالى (أنى يؤفكون) تعجيب من حالهم أي كيف يصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من الكفر والضلال. • قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون) (5) (وإذا قيل لهم) عند ظهور جنايتهم بطريق النصيحة (تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم) أي عطفوها استكبارا (ورأيتهم يصدون) يعرضون عن القائل أو عن الاستغفار (وهم مستكبرون) عن ذلك. • قوله تعالى (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) (6) (سواء عليهم استغفرت لهم) كما إذا جاءوك معتذرين من جناياتهم وقرئ "استغفرت" بحذف حرف الاستفهام ثقة بدلالة أم عليه وقرئ "استغفرت" بإشباع همزة الاستفهام لا بقلب همزة الوصل ألفا (أم لم تستغفر لهم) كما إذا أصروا على قبائحهم واستكبروا عن الاعتذار والاستغفار (لن يغفر الله لهم) أبداً لإصرارهم على الفسق ورسوخهم في الكفر (إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) الكاملين في الفسق، الخارجين عن دائرة الاستصلاح المنهمكين في الكفر والنفاق والمراد أما هم بأعيانهم والإظهار في موقع الإضمار لبيان غلوهم في الفسق أو الجنس وهم داخلون في زمرتهم دخولا أوليا – فهم متواجدون في كل زمان ومكان – خاصة في ديار الإسلام.

4107

| 30 يوليو 2013

alsharq
العدالة التحفيزية لقانون الموارد البشرية

حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...

8853

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

5397

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

4995

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

2613

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2508

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1785

| 10 أكتوبر 2025

1737

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1716

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1413

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...

1110

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

966

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...

954

| 09 أكتوبر 2025

أخبار محلية