رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عن عائشة ( رضي لله عنها ) قالت : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الجوامع من الدعاء ويدع مابين ذلك ) وخرجه البزار وغيره من حديث عائشة ( رضي الله عنها ) أيضا ("أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة عليك بجوامع الدعاء: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ماعلمت منه ومالم أعلم , وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه ومالم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه محمد عبدك ونبيك ,وأعوذ بك من شر ماعاذ منه عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وماقرب إليها من قول و عمل، وأعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول وعمل، وأسألك ماقضيت لي من قضاء أن تجعل عاقبته رشدا" )وخرجه الإمام احمد وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وليس عندهم ذكر جوامع الدعاء.. . وعند الحاكم "عليك بالكوامل" وذكره. وخرجه أبو بكر الأثرم وعنده ( "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ما منعك أن تأخذي بجوامع الكلم وفواتحه" ) وذكر هذا الدعاء. وخرجه الترمذي من حديث أبي لبابة قال : ( "دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، فقلنا يا رسول الله دعوت بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، قال: ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله؟ تقولون: اللهم إنا نسألك خير ما سألك منه نبيك - صلى الله عليه وسلم - ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك -صلى الله عليه وسلم - وآنت المستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" ). وخرجه الطبراني وغيره من حديث أم سلمة : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعاء له طويل "اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه وجوامعه وأوله وآخره وظاهره وباطنه" ) . وفي المسند ( أن سعد بن أبي وقاص سمع ابنا له يدعو ويقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال:لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية – ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) - وإن حسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وماقرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول وعمل" ) وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال : ("كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : السلام على الله ، السلام على جبريل وميكائيل ، السلام على فلان وفلان، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض. اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليتخير من المسألة ما يشاء ) . وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم مفاتح الخير وجوامعه أو جوامع الخير وفواتحه وخواتمه وإن كنا لا ندري مانقول في صلاتنا حتى علمنا فقال "قولوا التحيات لله " فذكره إلى آخره .
21294
| 21 يوليو 2014
خرّج البزار نحوه من حديث أبي الدرداء وخرج ابن أبي الدنيا بإسناد له ( "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ: يا معاذ كم تذكر ربك كل يوم؟ تذكره كل يوم عشرة آلاف؟ قال: كل ذلك افعل، قال: أفلا أدلك على كلمات هن أهون عليك من عشرة آلاف وعشرة آلاف أن تقول: لا إله الا الله عدد ما احصاه علمه، لا اله الا الله عدد كلماته، لا إله إلا الله عدد خلقه، لا إله إلا الله زنة عرشه، لا إله إلاالله ملء سماواته، لا إله إلا الله ملء أرضه، لا إله الا الله مثل ذلك معه، والله أكبر مثل ذلك معه، والحمدلله مثل ذلك معه") . وبإسناده ( "أن ابن مسعود ذكر له امرأة تسبح بخيوط معقدة، فقال: ألا أدلك على ماهو خير لك منه؟ سبحان الله ملء البر والبحر ، سبحان الله ملء السماوات والأرض، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، فإذا أنت قد ملأت البر والبحر والسماوات والأرض" ) , وبإسناده عن المعتمر بن سليمان التيمي قال: كان أبي يحدث خمسة أحاديث ثم يقول: أمهلوا سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله عدد ما خلق وعدد ماهو خالق، وزنة ماخلق وزنة ماهو خالق ، وملء ما خلق وملء ماهو خالق ، وملء سماواته وملء أرضه ومثل ذلك وأضعاف ذلك، وعدد خلقه وزنة عرشه ومنتهى رحمته ومداد كلماته ومبلغ رضاه وحتى يرضى وإذا رضى، وعدد ماهم ذاكرونه فيما بقى، في كل سنة وشهر وجمعة ويوم وليلة وساعة من الساعات وتنسم وتنفس من الأبد الى الأبد أبد الدنيا والاخره أبدا من ذلك لا ينقطع أولاه ولا ينفد أخراه. وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يعجبه من الدعاء جوامعه. . .ففي سنن ابي داوود عن عائشة ( رضي لله عنها ) قالت : ( "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الجوامع من الدعاء ويدع مابين ذلك" ) وخرجه البزار وغيره من حديث عائشة ( رضي الله عنها ) أيضا ("أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة عليك بجوامع الدعاء: اللهم إني اسألك من الخير كله عاجله وآجله ماعلمت منه ومالم أعلم , واعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه ومالم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه محمد عبدك ونبيك ,وأعوذ بك من شر ماعاذ منه عبدك ونبيك، اللهم اني أسألك الجنة وماقرب إليها من قول و عمل، وأعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول وعمل، وأسألك ماقضيت لي من قضاء أن تجعل عاقبته رشدا" )
4005
| 20 يوليو 2014
ذكرنا في أول المقالات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث بجوامع الكلم، فكان -صلى الله عليه وسلم - يعجبه جوامع الكلم ويختاره على غيره من الذكر كما في صحيح مسلم عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن جويرية بنت الحارث: ("أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه واله وسلم -: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته") وخرجه النسائي ولفظه ("سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته")... وخرجه أبو داوود والترمذي والنسائي من حديث سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة وبين يديها نواة أو قال حصا تسبح به، فقال: ("ألا أخبرك بما هو أيسر من هذا وأفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك") وخرج الترمذي من حديث صفية قالت: (دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح الله بها فقال: (لقد سبحت بهذه؟ فقال: ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقلت علمني، فقال "قولي سبحان الله عدد خلقه"). وخرج النسائي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة: ("أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو يحرك شفتيه، فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة؟ قال: اذكر ربي، قال: ألا أخبرك بأكثر أو أفضل من ذكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل؟ أن تقول سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملء الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه. وسبحان الله عدد ملء ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول الحمد لله مثل ذلك").
112226
| 19 يوليو 2014
في الترمذي عن أبي إمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ("من آوى إلى فراشه طاهرا يذكر الله حتى يدركه النعاس لم تمض ساعة من الليل يسأل الله فيها شيئا من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه"). وخرج أبو داوود معناه من حديث معاذ. وخرجه النسائي من حديث عمر بن عبسة والإمام أحمد من حديث عمر بن عبسة في هذا الحديث وكان أول ما يقول: (" إذا استيقظ سبحانك لا إله إلا أنت فاغفر لي إلا انسلخ من خطاياه كما تنسلخ الحية من جلدها"). وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استيقظ من منامه يقول: ("الحمدلله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور"). ثم إذا قام إلى الوضوء والتهجد أتى بذلك كله على ماورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويختم تهجده بالاستغفار في السحر كما مدح الله المستغفرين بالأسحار، وإذا طلع الفجر صلى ركعتي الفجر ثم صلى الفجر واشتغل بعد صلاة الفجر بالذكر المأثور إلى أن تطلع الشمس على ما تقدر وذكره، فمن كان حاله على ما ذكرنا لم يزل لسانه رطبا من ذكر الله، فيستصحب الذكر في يقظته حتى ينام عليه، ثم يبدأ به عند استيقاظه، وذلك من دلائل صدق المحبة كما قال بعضهم: - وآخر شيء أنت في كل هجعة وأول شيء أنت وقت هبوب - وأما ما يفعله الإنسان في أناء الليل وأطراف النهار من مصالح دينه وبدنه ودنياه فعامة ذلك يشرع ذكر اسم الله عليه، * فيشرع له ذكر اسم الله وحمده على أكله وشربه ولباسه وجماعه لأهله ودخوله منزله وخروجه منه ودخوله الخلاء وخروجه منه وركوبه دابته، ويسمى على ما يذبحه من نسك وغيره. * ويشرع له حمد الله على عطاسه وعند رؤية أهل البلاء في الدين أو الدنيا وعند التقاء الإخوان وسؤال بعضهم بعضا عن حاله، وعند تجدد ما يحبه الإنسان من النعم واندفاع ما يكرهه من النقم، وأكمل من ذلك أن يحمد الله على السراء والضراء والشدة والرخاء ويحمده على كل حال. * ويشرع له دعاء الله عند دخول السوق وعند سماع أصوات الديكة بالليل، وعند سماع الرعد وعند نزول المطر وعند اشتداد هبوب الرياح وعند رؤية الأهلة وعند رؤية باكورة الثمار، * ويشرع أيضاً ذكر الله ودعائه عند نزول الكرب وحدوث المصائب الدنيوية، وعند الخروج للسفر، وعند نزول المنازل في منامه، وعند سماع أصوات الكلاب والحمير بالليل. * ويشرع استخارة الله عند العزم على ما يظهر الخيرة فيه، وتجب التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها كما قال تعالى – (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) - فمن حافظ على ذلك لم يزل لسانه رطبا بذكر الله في كل أحواله.
2929
| 18 يوليو 2014
يقول تعالى : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) - وقوله – ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) - وأفضل ما فعل في هذين الوقتين من الذكر صلاة الفجر وصلاة العصر وهما أفضل الصلوات. وقد قيل في كل منهما أنها الصلاة الوسطى وهما البردان اللذان من حافظ عليهما دخل الجنة، ويليهما من اوقات الذكر الليل والنهار , ولهذا يذكر بعد هذين الوقتين في القرآن تسبيح الليل وصلاته، والذكر المطلق يدخل فيه الصلاة وتلاوة القرآن وتعلمه وتعليمه والعلم النافع، كما يدخل فيه التسبيح والتكبير والتهليل , ومن أصحابنا من رجح التلاوة على التسبيح ونحوه بعد الفجر والعصر , وسئل الأوزاعي عن ذلك فقال: كان هديهم ذكر الله، فإن قرأ فحسن، وظاهر هذا أن الذكر في هذا الوقت أفضل من التلاوة، وكذا قال اسحاق في التسبيح عقيب المكتوبات مائة مرة إنه أفضل من التلاوة حينئذ , والأذكار والادعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء كثيرة جدا. . . ويستحب أيضا إحياء مابين العشاءين بالصلاة والذكر , وقد تقدم حديث أنس أنه نزل في ذلك قوله تعالى – ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) - ويستحب تأخير العشاء إلى ثلث الليل كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وهو مذهب الإمام أحمد وغيره حتى يفعل هذه الصلاة في أفضل وقتها وهو آخره، ويشتغل منتظر هذه الصلاة في الجماعة في هذا الثلث الاول من الليل بالصلاة أو بالذكر أو انتظار الصلاة في المسجد، ثم إذا صلى العشاء وصلى بعدها مايتبعها من سنتها الراتبة أو أوتر بعد ذلك أن كان يريد أن يوتر قبل النوم، فإذا أوى إلى فراشه بعد ذلك للنوم فانه يستحب له أن لا ينام إلا على طهارة وذكر فيسبح ويحمد ويكبر تمام مائة، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة وعليا ( رضي الله عنهما ) أن يفعلاه عند منامهما ويأتي بما قدر عليه من الأذكار الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند النوم ، وهي أنواع متعددة من تلاوة القرآن وذكر الله، ثم ينام على ذلك... فإذا استيقظ من الليل وتقلب على فراشه فليذكر الله كلما تقلب , ففي صحيح البخاري عن عبادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( "من تعارّ من الليل، فقال: لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير، سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله , ثم قال: رب اغفر لي، أو قال ثم دعا استجيب له، فإن عزم فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته" ) . " يتبع"
899
| 17 يوليو 2014
معلوم ان الله فرض على المسلمين أن يذكروه كل يوم وليلة خمس مرات بإقامة الصلوات الخمس في مواقيتها المؤقته، وشرع لهم مع هذه الفرائض الخمس أن يذكروه ذكرا يكون لهم نافلة، والنافلة الزيادة، فيكون ذلك زيادة على الصلوات الخمس وهي نوعان: أحدهما ماهو من جنس الصلاة : - فشرع لهم أن يصلوا مع الصلوات الخمس قبلها أو بعدها أو قبلها وبعدها سننا، فتكون زيادة على الفريضة، فإن كان في الفريضة نقصٌ جُبِر نقصها بهذه النوافل، وإلا كانت النوافل زيادة على الفرائض وأطول مايتخلل من مواقيت الصلاة مما ليس فيه صلاة مفروضة مابين صلاة العشاء وصلاة الفجر ومابين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فشرع مابين كل واحدة من هاتين الصلاتين صلاة تكون نافلة لئلا يطول وقت الغفلة عن الذكر، فشرع ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر صلاة الوتر وقيام الليل، وشرع ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر صلاة الضحى وبعض هذه الصلوات آكد من بعض، فآكدهما الوتر، ولذلك اختلف العلماء في وجوبه ثم قيام الليل , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليه حضرا وسفرا , ثم صلاة الضحى وقد اختلف الناس فيها وفي استحباب المداومة عليها، وفي الترغيب فيها أحاديث صحيحة , وورد الترغيب أيضا في الصلاة عقيب زوال الشمس , وأما الذكر باللسان فمشروع في جميع الأوقات ويتأكد في بعضها , فما يتأكد فيه الذكر عقيب الصلوات المفروضات وأن يذكر الله عقيب كل صلاة منها مائة مرة ما بين تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل , ويستحب أيضا الذكر بعد الصلاتين اللتين لا تطوع بعدهما وهما الفجر والعصر، فيشرع الذكر بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وهذان الوقتان أعني وقت الفجر ووقت العصر هما أفضل أوقات النهار للذكر، ولهذا أمر الله تعالى بذكره فيهما في مواضع من القرآن كقوله – ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) - وقوله – ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا )- وقوله – (وسبح بالعشي والإبكار) - وقوله – (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) - وقوله – ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) - وقوله – ( وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) - وقوله – ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ) - وقوله – ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) .
1126
| 16 يوليو 2014
- المحبون يستوحشون من كل شاغل يشغل عن الذكر فلا شيء أحب إليهم من الخلوة بحبيبهم (. قال عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين كلموا الله كثيرا، وكلموا الناس قليلا، قالوا: وكيف نكلم الله كثيرا؟ قال: اخلوا بمناجاته، اخلوا بدعائه. وكان بعض السلف يصلى كل يوم ألف ركعة حتى أقعد من رجليه، وكان يصلي ألف ركعة جالسا، فإذا صلى العصر جثا واستقبل الكعبة ويقول: عجبت للخليقة كيف أنست بسواك ، بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك .. وكان بعضهم يصوم الدهر، فإذا كان وقت الفطور قال أخشى بنفسي تخرج لاشتغالي عن الذكر بالأكل .. قيل لمحمد بن النضر : أما تستوحش وحدك ؟ قال: كيف استوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني. - فإذا قوى حال المحب ومعرفته لم يشغله عن الذكر بالقلب واللسان شاغل، فهو بين الخلق بجسمه وقلبه معلق بالمحل الأعلى.. كما قال علي في وصفهم: صحبوا الدنيا بأجساد أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، وفي هذا المعنى قيل: - جسمي معي غير أن الروح عندكم فالجسم في غربة والروح في وطن - وقال غيره: - ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي- فالجسم مني للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي وهذه كانت حال الرسل والصديقين كما قال تعالى – (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا ) - وفي الترمذي مرفوعا ( يقول الله " إن عبدي .. كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه ) وقال تعالى – ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم ) - الآية. وقال تعالى – ( فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) - يعني الصلاة في حال الخوف، ولهذا قال – ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) - وقال تعالى في ذكر صلاة الجمعة - ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) - فأمر بالجمع بين الابتغاء من فضله وكثرة ذكره , ولهذا ورد: فضل الذكر في الأسواق ومواطن الغفلة كما في المسند والترمذي وسنن ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعا ( "من دخل سوقا يصاح فيه ويباع فيه فقال: لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهوعلى كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة" ) .وفي الحديث الشريف ( "ذاكر الله في الغافلين كمثل المقاتل عن الفارين ، وذاكر الله في الغافلين كشجرة خضراء في وسط شجر يابس" ) . قال أبو عبيدة ابن عبدالله بن مسعود: مادام قلب الرجل يذكر الله فهو في صلاة وان كان في السوق وان حرك به شفته فهو افضل، وكان بعض السلف يقصد السوق ليذكر الله فيها بين أهل الغفلة , والتقى رجلان منهم في السوق فقال أحدهما لصاحبه: تعال حتى نذكر الله في غفلة الناس، فخلوا في موضع فذكرا الله ثم تفرقا ثم مات أحدهما فلقيه الآخر في منامه، فقال له: أشعرت أن الله غفر لنا عشية التقينا في السوق ؟
4171
| 15 يوليو 2014
إن أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. (قال أبو الجلد: أوحى الله إلى موسى: إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قلبك). وصف علي (رضي الله عنه) يوما الصحابة فقال: كانوا إذا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجرة في اليوم الشديد الريح، وجرت دموعهم على ثيابهم... قال زهير البابي: إن لله عبادا ذكروه فخرجت نفوسهم إعظاما واشتياقا، وقوم ذكروه فوجلت قلوبهم فرقا وهيبة، فلو حرقوا بالنار لم يجدوا مس النار، وآخرون ذكروه في الشتاء، فارفضوا عرقا من خوفه، وقوم ذكروه فحالت ألوانهم غيرا، وقوم ذكروه فجفت أعينهم سهرا... صلى أبو يزيد الظهر، فلما أراد أن يكبر لم يقدر إجلالا لاسم الله وارتعدت فرائصه حتى سمعت قعقعة عظامه... كان أبو حفص النيسابوري إذا ذكر الله تغيرت عليه حاله حتى يرى جميع ذلك من عنده، وكان يقول: ما أظن أن محقا يذكر الله عن غير غفلة ثم يبقى حيا إلا الأنبياء، فإنهم أيدوا بقوة النبوة، وخواص الأولياء بقوة ولايتهم. - إذا سمعت باسم الحبيب تقعقعت مفاصلها من هول ما يتذكر.- وقف أبو يزيد ليلة إلى الصباح يجتهد أن يقول - لا إله إلا الله. - فما قدر إجلالا وهيبة، فلما كان عند الصباح نزل فبال الدم. - وما ذكرتكم إلا نسيتكم نسيان اجلال لا نسيان اهمال- إذا تذكرت من أنتم وكيف أنا أجللت مثلكم يخطر على بالي. - الذكر لذة قلوب العارفين، قال الله تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، قال مالك بن دينار: ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله... (وفي بعض الكتب السالفة يقول الله: معشر الصديقين بي فافرحوا، وبذكري فتنعموا، وفي أثر آخر سبق ذكره: وينيبون إلى الذكر كما تنيب النسور إلى وكورها). وعن ابن عمر قال: (أخبرني أهل الكتب أن هذه الأمة تحب الذكر كما تحب الحمامة وكرها، ولهم أسرع إلى ذكر الله من الإبل إلى وردها يوم ظمئها. قلوب المحبين لا تطمئن إلا بذكره وأرواح المشتاقين لا تسكن إلا برؤيته). قال ذو النون: ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته.- أبدا نفوس الطالبين إلى طلولكم تحنّ- وكذا القلوب بذكركم بعمد المخافة تطمئن- حنت بحبكم ومن يهوى الحبيب ولا يحن
4057
| 14 يوليو 2014
كان بعض السلف يقول في مناجاته: إذا سئم الباطلون من بطالتهم فلن يسأم محبك من مناجاتك وذِكرك. وقال أبو جعفر المحولي: ولي الله المحب لله لا يخلو قلبه من ذكر ربه ولا يسأم من خدمته. وقد ذكرنا قول عائشة: ("كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه") والمعنى في حال قيامه ومشيه وقعوده واضطجاعه، وسواء كان على طهارة أو على حدث. وقال مسعر: (كانت دواب البحر في البحر تسكن ويوسف عليه السلام في السجن لا يسكن عن ذكر الله)، وكان لأبي هريرة خيط فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح به. وكان خالد ابن معدان يسبح كل يوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات وضع على سريره ليغسل فجعل يشير بإصبعه يحركها بالتسبيح. وقيل لعمير بن هانئ: مانرى لسانك يفتر فكم تسبح كل يوم؟ قال مائه ألف تسبيحة إلا أن تخطئ الأصابع: يعني أنه يعد ذلك بأصابعه. وقال عبدالعزيز أبو رواد: كانت عندنا امرأه بمكة تسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحه فماتت، فلما بلغت القبر اختلست من أيدي الرجال. وكان الحسن البصري كثيرا ما يقول: إذا لم يحدّث ولم يكن له شغل سبحان الله العظيم، فذكر ذلك لبعض فقهاء مكة، فقال: إن صاحبكم لفقيه ما قالها أحد سبع مرات إلا بني له بيت في الجنة. وكان عامة كلام ابن سيرين: سبحان الله العظيم. سبحان الله وبحمده. وكان المغيرة بن حكيم الصنعاني إذا هدأت العيون نزل إلى البحر وقام في الماء ويذكر الله مع دواب البحر. نام بعضهم عند إبراهيم بن أدهم قال: فكنت لما استيقظت من الليل وجدته يذكر الله فأغتم ثم أعزّي نفسي بهذه الآية – { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } - المحب اسم محبوبه لا يغيب عن قلبه. فلو كلف أن ينسى ذكره لما قدر، لو كلف أن يكف عن ذكره بلسانه لما صبر. كيف ينسى المحب ذكر حبيب اسمه في فؤاده مكتوب- كان بلال كلما عذبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول: أحد أحد، فإذا قالوا له قل واللات والعزى، قال: لاأحسنه. يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل - كلما قويت المعرفة صار الذكر يجري على لسان الذاكر من غير كلفة حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه الله الله، ولهذا يلهم أهل الجنة التسبيح كما يلهمون النفس، وتصير لا إله إلا الله لهم كالماء البارد لأهل الدنيا. - إذا سمع المحب ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه وتضاعف قلقه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود (" اقرأ علي القران، قال: اقرأ عليك وعليك أنزِل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عليه ففاضت عيناه"). سمع الشبلي قائلا يقول: يا الله يا جواد فاضطرب.
4074
| 13 يوليو 2014
خرّج الإمام أحمد من حديث سهل بن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم– ("أن رجلا سأله فقال: أي الجهاد أعظم أجرا يا رسول الله؟ قال: أكثرهم لله ذكرا، ثم قال: أي الصائمين أعظم؟ قال: أكثرهم لله ذكرا، فقال أبوبكر: ذهب الذاكرون بكل خير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل"). وقد خرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا من وجوه مرسلة بمعناه أو في صحيح مسلم عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: ("كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل حيانه") وقال أبو الدرداء: الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك، وقيل له أن رجلا أعتق مائة نسمة، فقال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار، وأن لا يزال لسان أحدكم رطبا من ذكر الله. وقال معاذ: لأن أذكر الله من بكرة إلى الليل أحب إلى من أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله من بكرة إلى الليل. وقال ابن مسعود في قوله تعالى – (اتقوا الله حتى تقاته) - قال: إن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، خرجه الحاكم مرفوعا وصححه والمشهور وقفه، ولم يرفعه الحاكم وإنما رواه موقوفا على عبدالله وصححه على شرطهما. وقال زيد بن اسلم: (قال موسى عليه السلام: يا رب قد أنعمت علي كثيرا فدلني على أن أشكرك كثيرا، قال: اذكرني كثيرا، فإن ذكرتني كثيرا فقد شكرتني، وأن نسيتني فقد كفرتني) . قال الحسن: أحب عباد الله إلى الله أكثره له ذكرا وأتقاهم قلبا. وقال أحمد بن أبي الحواري حدثني أبو المخارق قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مررت ليله أسرى بي برجل مغيب في نور العرش فقلت من هذا .. أملك؟ قيل لا، قلت .. أنبيّ؟ قيل لا، قلت .. فمن هو؟ قال: هذا رجل كان لسانه رطبا من ذكر الله وقلبه معلق بالمساجد ولم يستسبّ والديه قط") وقال ابن مسعود: (قال موسى عليه السلام: ربّ أي الأعمال أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكرا) . قال كعب: من أكثر ذكر الله برئ من النفاق. ورواه مؤمل عن حماد ابن سلمة عن سهيل عن ابيه عن أبي هريرة مرفوعا. وخرج الطبراني بهذا الإسناد مرفوعا "من لم يكثر ذكر الله فقد برئ من الإيمان" ويشهد لهذا المعنى أن الله وصف المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، فمن أكثر ذكر الله فقد باينهم في أوصافهم، ولهذا ختمت سورة المنافقين بالأمر بذكر الله، وأن لا يلهى المؤمن عن ذلك مال ولا ولد , وأن من ألهاه ذلك عن ذكر الله فهو من الخاسرين. قال الربيع بن انس عن بعض أصحابه: علامة حب الله كثرة ذكره، فإنك لن تحب شيئا إلا أكثرت ذكره. قال فتح الموصلي: المحب لله لا يغفل عن ذكر الله طرفة عين. وقال ذو النون: من اشتغل قلبه ولسانه بالذكر قذف الله في قلبه نور الاشتياق إليه. وقال إبراهيم الجنيد: كان يقال من علامة المحب لله دوام الذكر بالقلب واللسان، وقلما ولع المرء بذكر الله الا أفاد منه حب الله.
12891
| 12 يوليو 2014
عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال: كان عابد يتعبد في غار وكان غراب يأتيه كل يوم برغيف يجد فيه طعم كل شيء حتى مات ذلك العابد ). وعن سعيد بن عبدالعزيز عن بعض مشيخه في دمشق قال: ( أقام إلياس هاربا من قومه في جبل عشرين ليلة، أو قال أربعين تأتيه الغربان برزقه ). وقال سفيان الثوري: ( قرأ واصل الأحدب هذه الآية – { وفي السماء رزقكم وما توعدون } - فقال: ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض، فدخل خربه فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا، فلما كان اليوم الرابع إذا هو بدوخلة من رطب، وكان له أخ أحسن نية منه فدخل معه فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الموت بينهما) . ومن هذا الباب من قوى توكله على الله ووثوقه به فدخل المفاوز بغير زاد فإنه يجوز لمن هذه صفته دون من لم يبلغ هذه المنزلة وله في ذلك أسوة بإبراهيم الخليل (عليه السلام ) حيث ترك هاجر وابنها اسماعيل بواد غير ذي زرع وترك عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، فلما تبعته هاجر وقالت له: إلى من تدعنا؟ قال لها: إلى الله، قالت: رضيت بالله، وهذا كان يفعله بأمر الله ووحيه ، فقد يقذف الله في قلوب بعض أوليائه من الإلهام الحق ما يعلمون أنه الحق ويثقون به. قال المروزي: قيل لأبي عبدالله أي شيء صدق التوكل على الله قال أن يتوكل على الله ولا يكون في قلبه أحد من الآدميين يطمع أن يجيبه بشيء، فإذا كان كذلك كان الله يرزقه وكان متوكلا، قال: وذكرت لأبي عبدالله التوكل فأجازه لمن استعمل فيه الصدق، قال: وسألت أبا عبدالله عن رجل جلس في بيته ويقول: أجلس وأصبر ولا أطلع على ذلك أحدا وهو يقدر أن يحترف، قال: لو خرج فاحترف كان أحب إلي، وإذا جلس خفت أن يحوجه إلى أن يموت يتوقع أن يرسلوا إليه بشيء. قلت: فإذا كان يبعث إليه بشيء فلا يأخذه، قال هذا جيد، قلت لأبي عبدالله: إن رجلا بمكة قال: لا آكل شيئا حتى يطعمني ربي، ودخل في جبل أبي قبيس، فجاء إليه رجلان وهو متزر بخرقه، فألقيا إليه قميصا وأخذا بيده، فألبساه القميص ووضعا بين يديه شيئا فلم يأكل حتى وضعا مفتاحا حديدا في فيه وجعلا يدسان في فمه، فضحك أبوعبدالله وجعل يتعجب. قلت لأبي عبدالله: أن رجلا ترك البيع والشراء وجعل على نفسه أن لا يقع في يده ذهب ولا فضة وترك دوره فلم يأمر فيها بشيء، وكان يمر في الطريق فإذا رأى شيئا مطروحا أخذ بيده مما قد ألقى. قال المروزي: فقلت للرجل: مالك حجة على هذا غير أبي معاوية الأسود، قال: بل أويس القرني، وكان يمر بالمزابل فيلتقط الرقاع، فصدقه أبو عبدالله، وقال: قد شدد على نفسه ثم قال: لقد جاءني البقلي ونحوه، فقلت لهم لو تعرضتم للعمل تشهرون أنفسكم، قال: وايش ينالني من الشهرة؟. وروى أحمد بن الحسين بن حسان عن أحمد : أنه سئل عن رجل يخرج إلى مكة بغير زاد فقال: إن كنت تطيق وإلا فلا تخرج إلا بزاد وراحلة لا تخاطر . قال أبو بكر الخلال: يعني أن أطاق وعلم أنه يقوى على ذلك ولا يسأل لا يستشرف نفسه لا يأخذ أو يعطي فيقبل فهو متوكل على الصدق. وقد أجاز العلماء التوكل على الصدق، قال: وقد حج أبو عبدالله وكفاه في حجته أربعة عشر درهما. وسئل اسحاق بن راهوية: هل للرجل أن يدخل المفازة من غير زاد؟ فقال: إن كان الرجل مثل عبدالله بن جبير فله أن يدخل المفازة بغير زاد، وإلا لم يكن له أن يدخل، متى كان الرجل ضعيفا وخشي على نفسه ألا يصبر أو يتعرض لسؤال أو أن يقع في الشك والسخط لم يجز له ترك الأسباب حينئذ، وأنكر عليه غاية الإنكار كما أنكر الإمام أحمد وغيره على من ترك الكسب وعلى من دخل المفازة بغير زاد وخشي عليه التعرض للسؤال .
3026
| 11 يوليو 2014
كان كثير من السلف لهم من القوة على ترك الطعام والشراب ما ليس لغيرهم ولا يتضررون بذلك. وكان ابن الزبير يواصل ثمانية أيام . وكان أبوالجوزاء يواصل في صومه بين سبعة أيام ثم يقبض على ذراع الشاه فيكاد يحطمها. وكان أبو إبراهيم التيمي يمكث شهرين لا يأكل شيئا غير أنه يشرب شربة حلوى. وكان حجاج بن فرافصه يبقى أكثر من عشرة أيام لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وكان بعضهم لا يبالي بالحر ولا بالبرد , كما كان علي ( رضي الله عنه ) يلبس لباس الصيف في الشتاء ولباس الشتاء في الصيف، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا له أن يذهب الله عنه الحر والبرد، فمن كان له قوة على مثل هذه الأمور فعمل بمقتضى قوته ولم يضعفه عن طاعة الله فلا حرج عليه، ومن كلف نفسه ذلك حتى أضعفها عن بعض الواجبات فإنه ينكر عليه ذلك. وكان السلف ينكرون على عبدالرحمن ابن غنم حيث كان يترك الأكل مدة حتى يعاد من ضعفه. - القسم الثالث : ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعم والأغلب، وقد يخرق العادة في ذلك لمن يشاء من عباده وهو أنواع: - منها ما يخرقه كثيرا ويغني عنه كثيرا من خلقه كالأدوية بالنسبة إلى كثير من البلدان وسكان الوادي ونحوها. وقد اختلف العلماء هل الأفضل لمن أصابه المرض التداوي أم تركه لمن حقق التوكل على الله؟ فيه قولان مشهوران، وظاهر كلام أحمد أن التوكل لمن قوى عليه أفضل لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ("يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب، ثم قال: هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" ) - ومن رجح التداوي قال: إنه حال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يداوم عليه وهو لا يفعل إلا الأفضل وحمل الحديث على الرقى المكروهة التي يخشى منها الشرك بدليل أنه قرنها بالكي والطيرة وكلاهما مكروه ومنها ما يخرقه القليل من العامة كحصول الرزق لمن ترك السعي في طلبه، فمن رزقه الله صدق يقين وتوكل وعلم من الله أن يخرق له العوائد ولا يحوجه إلى الأسباب المعتادة في طلب الرزق ونحوه جاز له ترك الأسباب ولم ينكرعليه ذلك، وحديث عمر (رضي الله عنه ) هذا الذي نتكلم عليه يدل على ذلك. ويدل على أن الناس إنما يؤتون من قلة تحقيق التوكل ووقوفهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم ومساكنتهم لها، فلذلك يتعبون أنفسهم في الأسباب ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد ولا يأتيهم إلا ما قدر لهم، فلو حققوا التوكل على الله بقلوبهم لساق إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح، وهو نوع من الطلب والسعي ولكنه سعي يسير، وربما حرم الإنسان رزقه أو بعضه بذنب يصيبه كما في حديث ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه") وفي حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ("لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم" ) , وقال عمر (رضي الله عنه) : (بين العبد وبين رزقه حجاب فإن قنع ورضيت نفسه أتاه الله رزقه، وإن اقتحم وهتك الحجاب لم يزد فوق رزقه). وقال بعض السلف: (توكل تسق إليك الأرزاق بلا تعب ولا تكلف ). قال سالم بن أبي الجعد: ( حدثت أن عيسى عليه السلام كان يقول: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم، وإياكم وفضول الدنيا، فإن فضول الدنيا عند الله رجز، هذا طير السماء يغدو ويروح ليس معه من أرزاقه شيء لا يحرث ولا يحصد ويرزقه الله. فإن قلتم إن بطوننا أعظم من بطون الطير فهذه الوحوش من البقر والحمير تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء لا تحرث ولا تحصد يرزقها الله ). خرجه ابن أبي الدنيا.
3773
| 10 يوليو 2014
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...
8853
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...
5421
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...
4995
| 13 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...
2613
| 12 أكتوبر 2025
في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...
2508
| 12 أكتوبر 2025
مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...
1785
| 10 أكتوبر 2025
قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن...
1737
| 08 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...
1716
| 08 أكتوبر 2025
قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....
1413
| 14 أكتوبر 2025
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...
1110
| 09 أكتوبر 2025
حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...
966
| 10 أكتوبر 2025
سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...
954
| 09 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية